Document Type : Original Article
Author
United Arab Emirates, Abu-Dhabi
Abstract
Main Subjects
مركزأ.د/ أحمد المنشاوى
للنشر العلمى والتميز البحثى
(مجلة كلية التربية)
=======
تمكيـــن البحـــث العلمـــي بالذكـــاء الاصطناعـــي: تحقيـــق التـــوازن بيـــن الابتكـــار والمسؤوليـــة الأخلاقيـــة
إعـــداد
د/ وفاء شحادة زغبر
جامعة زايد
الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي
}المجلد الأربعون– العدد الحادى عشر- جزء رابع– نوفمبر 2024م {
عدد خاص بالمؤتمر العلمى الدولى التاسع (دور التعليم العربى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة)
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
إن دمج الذكاء الاصطناعي (AI) في البحث العلمي يُحدث ثورة في أساليب البحث ومنهجياته. توفر أدوات الذكاء الاصطناعي إمكانيات لتعزيز كفاءة استكشاف المواضيع وتحليل البيانات وكتابة البحوث للنشر والحصول على رؤى أعمق في عملية القراءة والتحليل والتوصل للنتائج. ومع ذلك، فإن التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي يطرح أيضًا تحديات، مثل القضايا الأخلاقية المتعلقة بخصوصية البيانات والشفافية والحفاظ على النزاهة الأكاديمية ومشاركة البيانات. يهدف العرض إثراء رؤية الباحثين لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في البحث وكيفية توظيف تلك الأدوات بفاعلية والعقبات المرتبطة باستخدامها بما في ذلك الاعتبارات الأخلاقية وتوظيف الأدوات بشكل مسؤول في مساعيهم البحثية.
Empowering Research with AI: Balancing Innovation and Ethical Responsibility
Dr. Wafa Shahada Zoghbor,
Zayed University,
United Arab Emirates, Abu-Dhabi
The integration of Artificial Intelligence (AI) in research is revolutionizing scholars' approaches to their research projects. The increasing adoption of AI tools offers the potential to enhance the efficiency of exploring topics, analyzing data, composing manuscripts, and gaining deeper insights into the research process. Nevertheless, the rapid progress of AI also brings about challenges, such as ethical issues related to data privacy, transparency, and upholding academic integrity. The intended presentation will enrich scholars' comprehension of the application of AI in research while tackling the obstacles linked to the implementation of AI tools, including ethical considerations. The audience will explore how AI can streamline research procedures and will acquire practical knowledge and ethical principles for responsibly integrating AI into their research endeavors.
مقدمة
تُعد الثورة التكنولوجية التي أطلقها الذكاء الاصطناعي (AI) من أبرز التغيرات التي شهدها عالم البحث العلمي في الآونة الأخيرة. فمع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان القيام بالعديد من المهام في فترة وجيزة وكفاءة قد تكون عالية مقارنة بأساليب البحث التقليدية. بإمكان أدوات الذكاء الاصطناعي تحسين كفاءة الباحثين في استكشاف المواضيع، وتحليل البيانات، وكتابة النتائج والمقالات الأكاديمية. تستخدم هذه الأدوات تقنيات متقدمة مثل التعلم الآلي، مما يعزز قدرة الباحثين على الحصول على رؤى أعمق وتحليل دقيق للبيانات الكبيرة. ومع ذلك، فإن هذا التقدم السريع لا يخلو من التحديات. تثير الاستخدامات المتزايدة للذكاء الاصطناعي في البحث العلمي قضايا أخلاقية متعددة، تشمل خصوصية البيانات، والشفافية، والحفاظ على النزاهة الأكاديمية. يجب على الباحثين أن يكونوا واعين لهذه القضايا وأن يتبنوا ممارسات مسؤولة في استخدام الأدوات الذكية، لضمان تحقيق التوازن بين الابتكار والاعتبارات الأخلاقية. يسلط هذا المقال الضوء على كيفية توظيف بعض أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال في البحث العلمي، وكذلك العقبات المرتبطة باستخدامها، بما في ذلك الاعتبارات الأخلاقية. من خلال فهم هذه الجوانب، يمكن للباحثين تعزيز كفاءاتهم مع الحفاظ على المسؤولية الأخلاقية في مساعيهم البحثية.
أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي
يوفر الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من الأدوات التي تساعد الباحثين في تسهيل وتحسين عمليات البحث والتحليل. في هذا القسم، سنستعرض ثلاث فئات رئيسية من أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في البحث العلمي: أدوات استكشاف المواضيع والتوصل إلى مشكلة البحث، والفجوات في الأدبيات وتبرير أهمية البحث، وتحليل البيانات الكمية والكيفية، وأدوات كتابة البحث وتنقيحه وإعداده للنشر.
أدوات استكشاف المواضيع وفهمها والتعمق فيها
تساعد أدوات استكشاف المواضيع الباحثين في تحديد الاتجاهات البحثية الحالية والعثور على المعلومات ذات الصلة بسهولة. تستخدم هذه الأدوات تقنيات مثل تحليل الكلمات الرئيسية والتعلم الآلي (Machine Learning). فضلاً عن استكشاف الموضوعات، يمكن للباحث الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة وإثراء الموضوعات التي يتطرق إليها في الدراسات السابقة والإطار النظري. كما تمنح هذه الأدوات فرصة لتغطية شاملة لموضوع البحث، مثل البحث في نطاق جغرافي معين أو البحث في فترة زمنية معينة. تمنح أدوات الذكاء الاصطناعي الباحث فرصة تغطية شاملة للبحوث والمقالات وكافة المواد المكتوبة. فيما يلي بعض الأدوات المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف:
تُعتبر أداة ResearchRabbit من الأدوات الفعالة التي تدعم الباحثين في مجالات متعددة، حيث توفر مجموعة من الميزات التي تسهل عليهم الوصول إلى المعلومات والموارد اللازمة. أحد الجوانب البارزة لأداة ResearchRabbit هو قدرتها على تتبع الأدبيات، حيث تقوم الأداة بتحليل مجموعة واسعة من الأبحاث والمقالات العلمية، مما يتيح للباحثين الاطلاع على أحدث الدراسات ذات الصلة بمجالهم. هذا يمكن الباحثين من البقاء على اطلاع دائم بالتطورات الحديثة والمساهمة في النقاشات العلمية الجارية. بالإضافة إلى ذلك، توفر ResearchRabbit الوقت المستغرق في البحث اليدوي عن المعلومات، وتساعد الباحثين في تحليل الشبكات العلمية، حيث يمكنهم رؤية كيفية ارتباط الأبحاث ببعضها البعض، مما يسهل فهم السياق الأكاديمي العام. هذا يعزز من قدرة الباحثين على تحديد الفجوات في المعرفة وتوجيه أبحاثهم وفقًا لذلك.
تُسهم أداة Litmaps في تعزيز تجربة البحث العلمي من خلال تقديم حلول فعّالة لإدارة الأدبيات الأكاديمية. تتمثل إحدى الميزات الأساسية لـ Litmaps في إنشاء خرائط مرئية للأبحاث، حيث تقوم الأداة بتحليل المقالات والدراسات وتقديم تمثيلات بصرية توضح العلاقات بين مختلف الأبحاث. تساعد هذه الخرائط الباحثين على فهم كيفية تفاعل الأفكار والنظريات المختلفة، مما يسهل عليهم تحديد الاتجاهات الرئيسية والفجوات في المعرفة. تساعد Litmaps أيضًا في تنظيم المراجع، حيث يمكن للباحثين حفظ المقالات المهمة وتنظيمها في مكتبات شخصية، مما يسهل عليهم الوصول السريع إلى المعلومات الضرورية عند الحاجة.
قدم أداة Humata الدعم للباحثين من خلال تحسين تجربة البحث وتحليل البيانات. تم تصميم هذه الأداة لتكون بمثابة مساعد ذكي يمكنه التعامل مع كميات كبيرة من المعلومات، مما يسهل على الباحثين الوصول إلى المحتوى المهم واستخلاص النتائج بسرعة. تتمثل إحدى الميزات الرئيسية لأداة Humata في قدرتها على معالجة اللغة الطبيعية (NLP) القائم على فهم لغة النص المكتوب، وتوليد اللغة (أو إنتاج النصوص) وتحليل النصوص، إذ يمكن للباحثين إدخال استفسارات أو أسئلة ذات طابع محدد، وتقوم الأداة بتحليل النصوص المتاحة وتقديم إجابات مباشرة. يساعد هذا الأمر الباحثين على توفير الوقت والجهد، حيث يمكنهم الحصول على المعلومات الضرورية دون الحاجة إلى قراءة العديد من المقالات أو الصفحات. بالإضافة إلى ذلك، تتيح Humata للباحثين إجراء تحليلات عميقة للبيانات، حيث يمكنها استخراج الأنماط والتوجهات من كميات ضخمة من المعلومات. تعزز هذه الخاصية من قدرة الباحثين على فهم السياقات المختلفة واستخلاص الاستنتاجات التي يمكن أن تؤثر على مجالات دراستهم. بالتالي، من خلال القيام بهذه الوظائف، تساهم Humata في تنظيم وإدارة المعلومات بشكل فعّال، مما يساعد الباحثين في الحفاظ على تنظيم مشاريعهم البحثية ومتابعة تقدمهم.
تسهل أداة ChatPDF تجربة البحث العلمي من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات الموجودة ضمن مستندات PDF. تستفيد الأداة من تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لتوفير وسيلة فعالة للباحثين لتحليل النصوص والبيانات المعقدة. تتمثل إحدى الوظائف الأساسية لـ ChatPDF في القدرة على استخراج المعلومات بشكل ديناميكي، حيث يمكن للباحثين إدخال استفسارات تتعلق بالمحتوى الموجود في مستندات PDF، وتقوم الأداة بتقديم إجابات بناءً على النص الموجود في تلك المستندات. يساعد هذا الباحثين على تجنب الحاجة إلى قراءة الوثائق بشكل كامل، مما يوفر الوقت والجهد في البحث عن المعلومات المهمة. بالإضافة إلى ذلك، يتيح ChatPDF فهم السياقات الأكثر تعقيدًا من خلال تحليل النصوص بشكل أعمق. يمكن للباحثين استخدام الأداة لفهم المفاهيم الرئيسية والعلاقات بين الأفكار المختلفة داخل المستندات، مما يعزز من قدرتهم على تحليل الأدبيات بشكل أكثر شمولية. كما تدعم الأداة تنظيم المعلومات، حيث يمكن للباحثين حفظ المحتويات المستخلصة أو الملاحظات المرتبطة بمشاريعهم البحثية، مما يسهل عليهم إدارة البيانات والمراجع بشكل أكثر فعالية.
تدعم أداة SciSpace الباحثين في تسهيل وتحسين تجربة البحث من خلال توفير مجموعة من الميزات التي تسهم في تنظيم وإدارة المعرفة الأكاديمية بشكل فعال، مثل توفير مكتبة شاملة من المقالات والدراسات العلمية. حيث يمكن للباحثين الوصول إلى مجموعة واسعة من المصادر الأكاديمية، مما يسهل عليهم البحث عن الأدبيات المتعلقة بمجالاتهم الدراسية. هذه الخاصية تعزز قدرة الباحثين على البقاء على اطلاع دائم بأحدث التطورات في مجالاتهم. علاوة على ذلك، تُسهل SciSpace تنظيم وإدارة المراجع، حيث يمكن للباحثين إنشاء مكتبات شخصية لحفظ وتنظيم المقالات المهمة. هذا يساعد في تسهيل عملية الاستشهاد وحفظ المعلومات الضرورية بشكل منظم، مما يقلل من الفوضى ويزيد من كفاءة العمل البحثي. كما تتيح للمستخدمين فرصة مشاركة الأفكار والملاحظات بسهولة. هذا التعاون يسهم في تعزيز النقاشات الأكاديمية وتبادل المعرفة بين فرق البحث المختلفة.بشكل عام، تسهم نماذج الأدوات المذكورة أعلاه في المساعدة في العمل في أدبيات البحث وفي التغطية الشاملة للبحوث والنصوص ذات العلاقة، وإنشاء المكتبات الشخصية والوصول إلى المراجع فيها للاستشهاد بالمقالات بسهولة وفاعلية، ومشاركة محتوياتها مع فريق العمل من الباحثين، وفهم وتحليل النصوص والكشف عن العلاقة بين الأفكار ومحتويات النصوص من خلال المعالجة الآلية. ومن شأن ذلك إثراء تجربة البحث وتعزيز الإنتاجية الأكاديمية.
أدوات تحليل البيانات
تُعتبر من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، حيث تساعد الباحثين على معالجة كميات كبيرة من البيانات بكفاءة. تستخدم هذه الأدوات تقنيات مثل التعلم الآلي والتحليل الإحصائي لاستخراج الأنماط والمعلومات القيمة من البيانات. بعض الأدوات الشائعة في هذا المجال تشمل:
تُسهل أداة Julius AI عملية فهم وتحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة، وتقديم رؤى قيمة تساعد الباحثين في اتخاذ قرارات مستنيرة. بالإضافة إلى تحليل البيانات، توفر Julius AI خاصية تصور البيانات وإنشاء مخططات ورسوم بيانية تساعد في فهم الأنماط والاتجاهات، وبإمكان الباحث استخدامها في مرحلة لاحقة لتقديم النتائج بشكل واضح. ويتبع ذلك قدرة Julius AI على توليد تقارير شاملة بناءً على التحليلات التي أجرتها، مما يوفر للباحثين مستندات جاهزة تحتوي على المعلومات الأساسية والنتائج.
تساعد أداة Tableau في القيام بعدد من المهام، وهي:
أدوات كتابة البحث
تساعد أدوات كتابة البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي الباحثين في تنظيم أفكارهم وتقديم نصوص أكاديمية منظمة، كما تساعد في عملية الكتابة النهائية للبحث من خلال التدقيق اللغوي والتنقيح وتصحيح الأخطاء اللغوية وتحسين الأسلوب. نماذج من تلك الأدوات:
يُسهل Zotero عملية جمع وتنظيم واستشهاد المصادر البحثية، إذ إنه يعمل كمعاون شخصي للباحثين، مما يساعدهم على إدارة المعلومات بشكل أكثر فعالية. وتقوم آلية عمل Zotero بالآتي:
تُساعد أداة Intellippt الباحثين من خلال تيسير عمليات تحليل البيانات، وتوليد الأفكار، ودعم اتخاذ القرار، وتوفير التوصيات، وتعزيز التعاون بين الباحثين. باستخدام هذه المنصة، يمكن للباحثين تحقيق نتائج من المفترض أن تكون على قدر عالٍ من الدقة، مما يساهم في دعم قيمة البحث المعني وزيادة جودته في صورته النهائية.
يمكن أن يُسهم QuillBot بشكل كبير في كتابة مشاريع البحث من خلال تحسين جودة الكتابة وتسهيل عملية الصياغة. يعد QuillBot أداة فعالة لإعادة صياغة النصوص و تحسين التعبيرات اللغوية وزيادة وضوح الأفكار المقدمة، مما يعزز من دقة وجودة المحتوى الأكاديمي. كما يمكن استخدامه لتلخيص النصوص والمعلومات المعقدة، مما يسهل على الباحثين تنظيم أفكارهم بشكل أكثر فعالية أثناء إعداد تقاريرهم البحثية.
الفوائد الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
لا يخفى على الباحثين ومستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي الدور البارز والهام والحيوي والفوائد التي تعود على التجربة البحثية عند استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ تسهم تلك الأدوات بشكل كبير في تسريع عمليات البحث والتحليل، والتوصل إلى النصوص وتغطيتها بشكل أكثر فعالية وشمولية، وإثراء العمق والتحليل والنقد للنصوص المستشهد بها وللنتائج التي يتم التوصل إليها. بشكل عام، بإمكان أدوات الذكاء الاصطناعي إثراء خبرة الباحث مع إمكانية زيادة كفاءته بشكل تتزايد فيه جودة المشروع البحثي. تساعد توظيف تلك الأدوات في رفع مستوى البحث العلمي، مما يسمح للباحثين بالتوصل إلى استنتاجات مدعومة بأدلة قوية وتعزيز تأثير أبحاثهم في المجتمع الأكاديمي.
على الرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجال البحث العلمي، إلا أنه يواجه مجموعة من التحديات المهمة التي يسببها عدم الاستخدام الواعي أو المشروع للذكاء الاصطناعي بما يتعارض مع أسس ومبادئ المجتمع الأكاديمي في إبرام البحوث. تشمل هذه التحديات القضايا الأخلاقية المتعلقة بخصوصية البيانات والشفافية في استخدام البيانات، بالإضافة إلى النزاهة الأكاديمية. سنستعرض هذه الجوانب بالتفصيل في ما يلي.
التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي - القضايا الأخلاقية
مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في الأبحاث العلمية، تبرز الحاجة إلى التفكير الأخلاقي كعنصر أساسي يعتبر التفكير الأخلاقي في البحث العلمي أمرًا حيويًا، حيث يؤثر بشكل مباشر على مصداقية البحث وموثوقيته. فالباحثون الذين يتبنون ممارسات أخلاقية قوية يساهمون في تعزيز الثقة بين المجتمع الأكاديمي والجمهور العام، كما يدعم التأثير الأكبر للبحث نظراً للمصداقية التي ينطوي عليها وبالتالي أهمية تطبيق ما جاء فيه واتخاذ مشكلاته البحثية على وجه الجدية وأخذ التوصيات التي تمخض عنها على محض الجد والمسؤولية وإعطائها حيز التطبيق. ولعله من الصعب أخذ نفس الموقف إن انطوى أي من أجزاء البحث على شيء من المصداقية والجدية من قبل الباحث. ويمكن مناقشة البعد الأخلاقي في استخدام استخدام أدوات الذكاء في المشاريع البحثية من خلال: خصوصية البيانات، الشفافية في استخدام المعلومات، النزاهة الأكاديمية، و السرقات الأدبية
خصوصية البيانات:
يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات، والتي غالبًا ما تحتوي على معلومات شخصية تتواجد البيانات في السحب (Cloud) عند استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتستخدم تلك البيانات في عمليات التدريب الآلي (Machine Learning) ولا يُكتفى باستخدامها لأغراض البحث المعني، مما يزيد من صعوبة ضمان الخصوصية. هذا الأمر يثير مخاوف جدية بشأن كيفية حماية هذه البيانات من الانتهاكات. عدم ضمان خصوصية البيانات يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة من قبل المشاركين في الأبحاث، مما قد يدفعهم إلى الامتناع عن المشاركة، وبالتالي يؤثر سلبًا على استكمال البحوث وإجراءاتها، ويؤثر على جودة البيانات المقدمة ومصداقيتها.. على النقيض من ذلك، فإن أدوات مثل SPSS وNVivo تُعتبر برامج يتم تنزيلها على الأجهزة الشخصية، حيث يتم إضافة كلمة سر لأجهزة الحاسب الآلي لحماية البيانات، مما يوفر مستوى أعلى من الخصوصية مقارنة بأدوات الذكاء الاصطناعي. في مجال تحليل البيانات، شاع استخدام هات تطوير النص مع إضافة الأفكار المقترحة
في مجال البحوث الإنسانية، من الضروري التوقف عند نقطة هامة تتمثل في موثوقية المعلومات وخصوصيتها. كما هو متعارف عليه في هذا المجال، يتعين على المشاركين تقديم توقيعهم وإقرارهم بعدم الممانعة للمشاركة في البحث (Informed Consent Form). تظل هويات المشاركين وتفاصيلهم محفوظة في أماكن موثوقة، ولا يُشارك منها إلا المعلومات المتفق على نشرها. ومع ذلك، يتعارض هذا مع كيفية وآلية عمل أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تستخدم كافة المعلومات المدخلة فيها في خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (Machine Learning)، مما يثير تساؤلات حول الحفاظ على الخصوصية.
الشفافية في استخدام المعلومات:
تُعتبر الشفافية عنصرًا أساسيًا عند استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث، حيث تلعب دورًا حيويًا في تعزيز موثوقية النتائج وفاعلية العمليات البحثية (Tang et al., 2024) من الممارسات التي تضمن الشفافية، يتوقع من الباحثين تقديم معلومات واضحة حول الدور الذي لعبته أدوات الذكاء الاصطناعي في إجراءات البحث، وكيفية توظيف الباحث لتلك الأدوات. يتعين شرح كيفية جمع البيانات، ومعالجتها، وتحليلها، بالإضافة إلى الأدوات المستخدمة في هذه العمليات. هذا الوضوح يساعد في بناء الثقة بين الباحثين والمجتمع العلمي، ويضمن أن النتائج يمكن أن تُفهم وتُقيّم بشكل صحيح. تعتبر عملية شرح كيفية تحليل البيانات والتوصل إليها ذات أهمية بالغة في إعادة "إنتاج النتائج"، إذ إن إعادة إجراءات البحث في سياقات متعددة أو في ذات السياق على مدار فترات مختلفة تُعتبر جزءًا أساسيًا من العملية العلمية. إذا افتقرت إجراءات البحث للشفافية، وكانت العمليات غير واضحة، فإن الباحثين الآخرين قد يجدون صعوبة في تكرار التجارب أو الدراسات، مما يؤثر سلبًا على مصداقية البحث وعلاقاته بالدراسات الأخرى حول نفس الموضوع .تساعد الشفافية في تقييم جودة الإجراءات البحثية وتقييم موثوقية البيانات المستخدمة في البحث. عندما تكون المعلومات حول كيفية جمع البيانات ومعالجتها متاحة، يمكن للباحثين الآخرين تقييم مدى دقة وموثوقية النتائج. ولعل البحث الذي يفتقر للشفافية لا يجد طريقه للنشر والوصول إلى الفئة المستهدفة من القراء، إذ إن وضوح الإجراءات البحثية يُعتبر إحدى الخصائص التي تُقيم بناءً عليها لجان التحكيم في الدوريات والمجلات العلمية.
النزاهة الأكاديمية
يعتبر الحفاظ على النزاهة الأكاديمية (Academic Integrity) في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إجراءات البحث أمرًا بالغ الأهمية، إذ تُعتبر أدوات الذكاء الاصطناعي تهديدًا كبيرًا لنزاهة الأكاديمية في مجالات إجراء وكتابة المشاريع البحثية إن لم تُستخدم بشكل سليم وصحيح ومسؤول (Limongi, 2024). تظهر هذه التهديدات من خلال عدة جوانب: تنتج أدوات الذكاء الاصطناعي نصوصًا وأبحاثًا تبدو أصلية، مما يسهل على الباحثين الاستعانة بها دون الالتزام بمعايير الأمانة العلمية. هذا يمكن أن يؤدي إلى تقديم أعمال بحثية غير أصيلة، مما يضر بمصداقية البحث. كما أنه عند استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، قد يكون من الصعب تحديد المصادر الأصلية للمعلومات. إذا اعتمد الباحث على هذه الأدوات لتجميع البيانات أو المعلومات، فإنه قد يفشل في توثيق المراجع بشكل صحيح، مما يعيق إمكانية التحقق من صحة المعلومات .أما على مستوى استخدام الأدوات لتحليل البيانات، فقد يؤدي الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي إلى إغفال الباحثين عن أهمية تقييم النتائج بشكل نقدي. حيث يمكن أن تتسبب هذه الأدوات في إنتاج نتائج غير دقيقة أو مضللة إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح، مما يؤدي إلى فقدان النزاهة في النتائج البحثية. هذا يُضعف من إمكانية إعادة إنتاج الدراسات ويؤثر على سمعة الأبحاث ومصداقيتها، وبالتالي يقلل من أهميتها والاستشهاد بها.
السرقات الأدبية
على الرغم من إمكانية أدوات الذكاء الاصطناعي في تقوية البحث والتغلب على الثغرات التي قد تضعفه، مثل التغطية الشاملة لكافة جوانب موضوع معين من حيث المحتوى والمساحة الجغرافية، وتوفير الدقة والسهولة في تحليل البيانات وكتابتها وزيادة الإنتاجية، لا يخلو الأمر من ممارسات خاطئة تقع ضمن فئة السرقة الأكاديمية. يعتبر الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على طريقة إجراء الأبحاث وكتابة المحتوى، ولكنه أيضًا يمثل تحديًا كبيرًا في مجال السرقة الأدبية التي لها أثر سيء داخل المجتمع العلمي و عواقب تؤثر على مصداقية الفرد وتضعف من مكانة المؤلفين والباحثين الشرفاء (Elali & Rachid, 2023) . تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي توليد نصوص وأعمال أدبية بشكل تلقائي، مما يسهل على الأفراد إنتاج محتوى قد يبدو أصليًا. هذا الأمر يزيد من احتمالية السرقة الأدبية، حيث يمكن للباحثين استخدام هذه النصوص دون الإشارة إلى مصدرها، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
ولا تقتصر السرقات الأدبية واستغلال الأفكار على الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي في إنشاء وكتابة المقالات، وإنما تشمل أيضًا الاستعانة ببعض تلك الأدوات. مع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يسهل الوصول إلى المعلومات بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى تكرار الأعمال السابقة دون إعطاء الفضل للمصادر الأصلية. بوجه عام، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي، يصبح من الصعب التحقق من أصالة الأعمال المقدمة.
تظهر تحديات جديدة في تحديد ما إذا كانت الأعمال مستندة إلى مجهود شخصي أو تم إنتاجها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. يجب على المجتمع الأكاديمي أن يكون واعيًا للتحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وأن يعمل على تطوير استراتيجيات للتغلب عليها. من خلال تعزيز الشفافية والحفاظ على الخصوصية والنزاهة الأكاديمية، يمكن تحقيق أقصى استفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي.
كيفية التعامل مع القضايا الأخلاقية بفعالية ومسؤولية:
لمعالجة القضايا الأخلاقية بفعالية، يمكن اتباع مجموعة من الاستراتيجيات:
ولتعزيز وضمان الاستخدام المسؤول لأدوات الذكاء الاصطناعي، يُوصى بما يلي:
الخاتمة
تبرز أدوات الذكاء الاصطناعي كأحد المحركات الرئيسة لتحسين فعالية البحث العلمي وتعزيز إنتاجيته، حيث تمكّن الباحثين من استكشاف الأفكار بعمق، وتحليل البيانات بدقة، وكتابة النصوص بسرعة وكفاءة. ومع ذلك، فإن هذا التقدم لا يخلو من تحديات تتعلق بالقيم الأخلاقية الأساسية التي يجب أن تحكم العمليات البحثية. تعد قضايا مثل خصوصية البيانات، الشفافية، والنزاهة الأكاديمية من أبرز المخاوف التي تطرحها هذه الأدوات، مما يتطلب تبني استراتيجيات شاملة للتعامل معها.
لمعالجة هذه التحديات، يجب تعزيز الشفافية في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي من خلال الإبلاغ الواضح عن دور هذه الأدوات في العمليات البحثية، وتطوير سياسات مؤسسية تدعم الاستخدام المسؤول. علاوة على ذلك، يمكن للمؤسسات الأكاديمية أن تسهم بشكل فعّال في هذا السياق من خلال توفير برامج تدريبية تهدف إلى توعية الباحثين بأهمية الممارسات الأخلاقية وأفضل السبل لاستخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أنه قد تم الاستعانة بأدوات الذكاء اصطناعي ChatGPT وGemini و You.com لدعم عمليات استكشاف وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي لإدراجها والمساهمة في صياغة هذا المقال. إن هذا الإقرار يمثل التزامًا بالشفافية في استخدام مثل هذه التقنيات ويؤكد دورها الإيجابي في تطوير البحث العلمي، مع الحرص على الممارسات المسؤولة.
إن دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في عمليات البحث العلمي يمثل فرصة ذهبية لتحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية الأخلاقية. تحقيق هذا التوازن ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة ملحّة لضمان استدامة البحث العلمي كمحرك رئيس للتقدم ومصدر موثوق للمعرفة. ومع ذلك، فإن الاستخدام الواعي والمدروس لهذه الأدوات يتطلب التزامًا أخلاقيًا صارمًا لضمان الشفافية، وتجنب الانتهاكات المتعلقة بالخصوصية والملكية الفكرية، والمحافظة على النزاهة الأكاديمية. ومن خلال هذا الالتزام، يمكننا توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال ومسؤول لمواجهة التحديات البحثية، مع تعزيز الثقة في مخرجات البحث العلمي ومصداقيته.
المراجع
Elali, F. R., & Rachid, L. N. (2023). AI-generated research paper fabrication and plagiarism in the scientific community. Patterns, 4 (3).
GDPR.EU (2024) General Data Protection Regulation. https://gdpr.eu/what-is-gdpr/
Limongi, R. (2024). The use of artificial intelligence in scientific research with integrity and ethics. Future Studies Research Journal: Trends and Strategies, 16(1), e845-e845.
Tang, A., Li, K. K., Kwok, K. O., Cao, L., Luong, S., & Tam, W. (2024). The importance of transparency: Declaring the use of generative artificial intelligence (AI) in academic writing. Journal of nursing scholarship, 56(2), 314-318