Document Type : Original Article
Author
Assistant Professor of Education Faculty of Education - Benha University
Abstract
Keywords
Main Subjects
مركز الأستاذ الدكتور/ احمد المنشاوى
للنشر العلمى والتميز البحثى
مجلة كلية التربية
=======
استثـــمار الإنتاج المعرفــى الأكاديمــى لأعضاء هيئـة التدريس مدخل لتحقيق الميزة التنافسية لجامعــة بنها
(تصــور مقتــرح)
إعــــــــــــــــــــــداد
أ.م.د/ ولاء محمود عبد الله محمود
أستاذ أصول التربية المساعد
كلية التربية - جامعة بنها
drwalaamahmoud@gmail.com
}المجلد الأربعون– العدد الخامس– مايو 2024م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
مستخلص البحث:
إن الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الركيزة الأساسية لامتلاك الجامعات الميزة التنافسية، حيث أصبحت الكفاءات البشرية الأكاديمية المؤهلة للإبداع والتجديد المعرفي ـــ وما تملكه من معرفة ـــ مصدرًا جديدًا لتحقيق الميزة التنافسية للجامعات، فمؤسسات التعليم الجامعي لا تختلف عن بعضها من حيث ما تمتلكه من إمكانات مادية وبشرية؛ فالسياسات الحاكمة واحدة، ولكنها تختلف في كيفية امتلاك ميزة تنافسية عبر المرتكزات التي يمكن من خلالها الاستثمار فى الإنتاج المعرفي لأعضاء هيئة التدريس، وهي: تسويق الإنتاج المعرفي، والشركات البحثية مع القطاعات المجتمعية، ورسملة الموارد البشرية الأكاديمية. ومن ثم هدف البحث الحالي إلى استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس؛ لتحقيق الميزة التنافسية بالجامعات المصرية، ولتحقيق ذلك استخدم البحث المنهج الوصفي لتشخيص واقع استثمار جامعة بنها لإنتاجها المعرفي، وبيان موقعها في التصنيفات العالمية، والذي أوضح انخفاض مكانة جامعة بنها في التصنيفات العالمية، وفي الاستثمار في الإنتاج المعرفي، ومن ثم انتهى البحث بوضع تصور مقترح لاستثمار جامعة بنها الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية.
الكلمات المفتاحية: الإنتاج المعرفي الأكاديمي، الميزة التنافسية، التصنيفات العالمية.
Investing in the academic knowledge production of faculty members for Competetive Advantage to Benha University
(a proposed Perspective)
Walaa Mahmoud Abdullah Mahmoud
Assistant Professor of Education
Faculty of Education - Benha University
Investing in the academic knowledge production of faculty members in universities is the basic foundation for universities to have a competitive advantage, as academic human competencies qualified for creativity and cognitive renewal and the knowledge they possess have become a new source for achieving a competitive advantage for universities. University education institutions do not differ from each other in terms of the knowledge they possess. Material and human capabilities; The governing policies are the same, but they differ in the way in which a competitive advantage is achieved through the foundations through which investment can be made in the knowledge production of faculty members, which are: marketing knowledge production, research companies with societal sectors, capitalization of academic human resources, Hence, the current research aimed to invest in the academic knowledge production of faculty members to achieve competitive advantage in Egyptian universities. To achieve this, the research used the descriptive approach to diagnose the reality of Benha University’s investment in its knowledge production and to indicate its position in international classifications, which explained the low position of Benha University in international classifications and in investment in Knowledge production, and then the research ended by developing a proposed scenario for Benha University to invest in the academic knowledge production of faculty members to achieve competitive advantage.
Keywords: academic knowledge production, competitive advantage, international classifications
مقدمة:
شهد العالم منذ مطلع الألفية الثالثة موجة من التغيرات والتحولات الشاملة والمتلاحقة في شتى الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية التي تركت آثارها الواضحة على التعليم عامة، والتعليم الجامعي بصفة خاصة، ومن أبرز هذه التغيرات: التقدم العلمي والتكنولوجي، وثورة المعرفة والاتصالات، وهيمنة النظام العالمي الجديد، والتغيرات الاقتصادية، والتحول نحو اقتصاد المعرفة، الأمر الذي يؤدي إلى ضرورة إعادة النظر في دور الجامعة في الإنتاج المعرفي، حيث تعتمد قدرة المجتمعات على مواجهة تلك التحديات بصفة أساسية على فكر الإنسان ومعارفه المتطورة، وخاصة في ميدان البحث العلمي، كما يتوقف ذلك إلى حدٍّ كبير على قدرة الجامعات على أداء وظيفتها في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
فللجامعة دور كبير في استكمال رسالتها ومسئوليتها الكبيرة في دعم النهضة الحديثة والتقدم التكنولوجي بالمجتمعات من خلال وظائفها الثلاثة، المتمثلة في: التدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، واهتمام الجامعة بأحدهما على حساب الآخر، واقتصار دورها على منح الشهادات يؤثر سلبًا على باقي وظائفها، وقد يؤدي بها إلى طريق التدهور والضعف، فالبحث العلمي ليس عملية خدمية، ولكنه عملية إنتاجية تعطي مخرجات معرفية لها مردود إيجابي على مستويات الحياة كافة، فلا قوة اقتصادية ولا مشاركة عالمية، ولا وجود في الأسواق الخارجية والقدرة على المنافسة إلا من خلال التقدم العلمي (خضر، 2011، 7) المعتمد على المخرجات المعرفية للجامعات، والقدرة على تنفيذها ووضعها موضع التطبيق.
ومن ثم تفرض تحديات المستقبل حتمية تطوير دور الجامعة في إنتاج المعرفة الأكاديمية، واستثمارها لمواجهة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية؛ فهو كوظيفة من وظائف الجامعة في حاجة إلى مراجعة شاملة لكل مقوماته، بحيث يراعي تجديد أنماط المعرفة الأكثر استحقاقًا للمجتمع، وكيفية استثمار الإنتاج امعرفي الأكاديمي بالجامعات؛ لتحقيق طموحات المجتمع في التنمية الشاملة في جميع المجالات (القصبي، 2003، 10).
فقد أصبحت المعرفة الأكاديمية المتمثلة في البحوث العلمية من السلع المعرفية المهمة التي تتنافس الدول في الإنفاق عليها؛ حيث تسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للمجتمعات، إذا ما تم تحويل نتائج البحوث إلى سلع إنتاجية يمكن تسويقها واستثمارها، أي تحويل الأفكار إلى منتجات تسويقية تخدم المجتمع (الخليفة، 2014، 16).
حيث يؤدي الاستثمار في الإنتاج المعرفي البحثي بالجامعات دورًا كبيرًا في حياة الأمم والشعوب، مما يجعل نظرة المجتمع للمؤسسات والهيئات البحثية نظرة تقدير واحترام في المجتمعات المتقدمة، إيمانًا منها بأن هذه المؤسسات الأكاديمية هي التي تحدد مستقبل تلك المجتمعات؛ حيث يعتمد عليها في العديد من الدراسات والبحوث العلمية المختلفة، فلا تستطيع المجتمعات مواصلة نشاطها وبرامجها العلمية والأكاديمية بدون البحث العلمي الذي هو عماد الحياة الحديثة في مسايرة الركب الحضاري العالمي والإسهام في تقدم البشرية (القحطاني، 2008، 35).
ويعد إنتاج المعرفة الأكاديمية حكرًا على الجامعات ومن أهم الأدوار المنوطة بها؛ حيث تضم الجامعات في أكنافها عددًا لا بأس به من الباحثين والأكاديمين الذين يقومون بإنتاج المعرفة الأكاديمية، وعلى الرغم من ذلك يظل هذا الإنتاج المعرفي الأكاديمي حكرًا على منتجيه إذا ما لم يتم استثماره بالطريقة المناسبة التي تضمن تسويقه وتطبيقه بأساليب فعالة تضمن تحقيق الميزة التنافسية للجامعات.
وذلك انطلاقًا من أن الجامعات مؤسسات إبداع علمي ومعرفي، ووسيلة أساسية لتقدم المجتمعات ورقيها، فقد أشارت دراسة (الدمنهوري، 2008، 8-9) إلى أن الجامعات هي طلائع أي مجتمع يسعى نحو التقدم، فهي ذات تأثيرات عميقة في مجتمعاتها؛ إذ أنها تقود عمليات التطوير والتغيير من خلال إنتاجها المعرفي، لذا يجب أن تتسم بالتطوير والتحديث المستمر؛ حتى تجدد أدوارها، وتزيد من فاعلية إسهاماتها في خدمة المجتمع من خلال التطوير المعرفي لأفكارها.
وعليه قد أكدت دراسة (مقرى، 2015، 54) أن للجامعة دورًا مجتمعيًا مرتبطًا بربط نتائج إنتاجها المعرفي البحثي باحتياجات مجتمعها الخارجي، إذ تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في إحداث التنمية المجتمعية، فالجامعة هي المجتمع العلمي المناسب لصقل المهارات والقدرات لطلابها وباحثيها من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، ولا يمكن إغفال أن مجتمع الأعمال يمارس نشاطه الاقتصادي المحقق للربحية، من خلال تطبيق واستثمار نتائج أبحاث أكاديمية سابقة، أعدت واختبرت وطبقت على مستوى القطاعات الاقتصادية، ورسخت جدواها بشكل يؤكد عدم إمكانية الفصل بينها وبين الجامعة.
وفى إطارٍ متصل، أشارت دراسة (عسيري، 2017، 2) إلى أن الجامعة مؤسسة منتجة، تعمل على زيادة رصيد المعرفة والاستفادة من التراث العلمي والإنتاج الفكري، وذلك من خلال البحث العلمي من أجل تنمية الثروة البشرية، ورفع كفاءتها الإنتاجية وبناء مجتمع المعرفة، وتسعى إلى زيادة إنتاجيتها، وتهيئة الفرص للنمو الاقتصادي داخلها من خلال العمل في مشاريع بحثية إنتاجية، والمشاركة في التطوير التقني والانفتاح على المجتمع، وتكوين علاقات متبادلة مع المؤسسات الخارجية المحيطة بها، وكذلك تعد مؤسسة لتسويق المعارف والبرامج والأبحاث المرتبطة بالسوق.
ولذا فإن الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات يمثل موضوعًا حيويًّا لأعضاء هيئة التدريس والباحثين على حدٍّ سواء؛ وذلك لكونها مدخلا لزيادة القدرة الإبداعية للموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات، وتعزيز وضعها التنافسي من خلال تقديم المزيد من الخدمات التعليمية والبحثية والاستشارية المتطورة والجديدة، التي تعمل على تحسين قدرتها التنافسية (مصطفى، 2004، 16).
ومن هذا المنطلق، أكدت دراسة (طلبة، 2016، 333) أن الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات من المعايير الرئيسة التي يتم الاعتماد عليها في التصنيفات العالمية للجامعات، والتي تهتم بالبحث العلمي كمعيار رئيس للمفاضلة بين الجامعات، الأمر الذي دفع العديد من الجامعات نحو الاهتمام بالمخرجات البحثية للأكاديميين، والحرص على وضع خطط استراتيجية في مجال البحث العلمي؛ لتتمكن الجامعات من إحراز مراكز متقدمة وفق التصنيفات الأشهر على المستوى العالمي.
وعليه أشارت دراسة (محمود، 2018، 47) إلى أن عملية الإنتاج المعرفي الأكاديمي من العمليات المهمة التي يتم من خلالها تنمية رأس المال الفكري في ضوء مدخل المعرفة، حيث تتعدى مرحلة اكتساب المعارف وتشخيصها إلى مرحلة توليد المعارف وإنتاج معارف جديدة لم تكن من قبل؛ من أجل إثراء المعرفة العلمية وتحقيق الإبداع المعرفي في عصر المعلوماتية كمصدر لتحقيق ميزة تنافسية بالجامعات المصرية.
كما أكدت دراسة (Jalal, 2020,6) وجود علاقة ارتباطية بين الإنتاجية المعرفية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس وتصنيف الجامعات، حيث تعد إنتاجية البحث مؤشرًا رئيسًا في زيادة التصنيف المهني لهم، مما يؤثر على ترتيب الجامعات بالتصنيفات العالمية؛ حيث إن الأساتذة ذوي الكفاءة الكاملة لديهم في الغالب إنتاجية بحثية أكبر من غيرهم.
فمستوى الإنتاجية للبحوث الأكاديمية متطلبًا مهمًا من متطلبات الاعتماد، وضمان الجودة بالجامعات؛ حيث تعد الإنتاجية المعرفية للأكاديميين بالجامعات مؤشرًا حقيقيًا لمدى فاعلية المؤسسة التعليمية، بحيث تستطيع المنافسة على المستوى المحلى والعالمي من خلال تفعيل الإنتاجية البحثية لأعضاء هيئة التدريس بشقيها الكمي والمعرفي لتحقيق التميز والقدرة على المنافسة في ظل التقدم العلمي والمعرفي اللامحدود.
ولكن على الرغم من ذلك، فقد أكدت دراسة (محمد، 2015، 33) أن هناك قصورًا واضحًا في قدرة الجامعات على تحقيق ميزة تنافسية من خلال إنتاجها المعرفي الأكاديمي؛ نتيجة الافتقار إلى تخصيص ميزانية مستقلة للبحوث العلمية، إضافة إلى صعوبة إجراءات الحصول على المنح البحثية، مع قلة الجهات المانحة، علاوة على أن الغالبية العظمى من أساتذة الجامعات يركزون على النشاط التدريسي أكثر من النشاط البحثي، وعند إجراء النشاط البحثي من قبل أعضاء هيئة التدريس فهي بحوث فردية بغرض الترقي، دون الاهتمام بكفاءتها، بحيث تصبح ميزة تنافسية للجامعة.
وفي نفس السياق أكدت (بسطويسي، 2017، 391) أن هناك قصورًا واضحًا في قدرة الجامعات على تحقيق ميزة تنافسية، من خلال الاهتمام بدورها البحثي والإنتاجي للمعارف الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، نتيجة ضعف الاستفادة من إنتاجهم البحثي بصورة حقيقية، نظرا لضعف الثقة فيها من قبل متخذي القرار، والاعتماد على الخبرات الخارجية، وضعف التمويل المقدم لتطبيق تلك الأبحاث لخدمة التنمية المجتمعية.
وفي إطارٍ متصل أكدت دراسة (حسانين، 2021، 2- 3) أن التعليم الجامعي يعاني من معوقات تحول دون وصوله للتنافسية في التصنيفات العالمية، حيث إن الأهمية لا تكمن في مجرد امتلاك رأس مال بشري معرفي فحسب، وإنما في الكيفية التي يمكن من خلالها استثمار الإنتاج المعرفي، وتطبيق المعارف والأفكار؛ لتكون بمثابة الإطار الذي يمكن الجامعات من البقاء في البيئة شديدة التنافسية.
مما سبق يتضح أن قدرة الجامعات على صناعة المستقبل وصياغته، مرهونة بالتركيز على عملية الإبداع والتنافسية في المجال البحثي، والاتجاه نحو الجودة، ومن ثم يتضح أن الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الركيزة الأساسية التي يمكن من خلالها تحقيق التنمية في المجتمع، ومن أهم العوامل المسئولة عن امتلاك الجامعات للميزة التنافسية، حيث أصبحت الكفاءات البشرية الأكاديمية المؤهلة للإبداع والتجديد المعرفي وما تملكه من معرفة، مصدرًا جديدًا لتحقيق الميزة التنافسية للجامعات، فمؤسسات التعليم الجامعي لا تختلف عن بعضها من حيث ما تمتلكه من إمكانات مادية وبشرية، فالسياسات الحاكمة واحدة، ولكنها تختلف في الكيفية التي يتم من خلالها امتلاك ميزة تنافسية، من خلال الإنتاج المعرفي لأعضاء هيئة التدريس.
مشكلة الدراسة:
يعد الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات الركيزة الأساسية التي يمكن من خلالها تحقيق التنمية في المجتمع، فالبحث العلمي لم يعد درسًا نظريًا، بل وسيلة لتحقيق القوة الاقتصادية للمجتمع، وذلك من خلال الربط بين البحث العلمي في الجامعات ومشروعات التنمية، وتسويق نتائجه بالجامعات إلى كل قطاعات ومؤسسات المجتمع، مما يعد مرحلة الانطلاق لزيادة القدرة الإنتاجية وتطوير وسائل الإنتاج.
ولكن تواجه الجامعات المصرية ـــ ومن بينها جامعة بنها ـــ العديد من المشكلات التي تواجه الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية لها، حيث تشير دراسة (عبدالمطلب، 2016، 255) إلى ضعف الإنتاجية العلمية لأعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها؛ نتيجةً لضعف العملية البحثية بها، وقلة الاهتمام بالتخطيط للبحوث العلمية وتوفير المخصصات المالية اللازمة لها، علاوة على الافتقار إلى وجود شراكات حقيقية بين الجامعة ومؤسسات المجتمع لتسويق المخرجات البحثية، ومن ثم تنمية القدرة التنافسية لجامعة بنها.
وفى إطارٍ متصل تؤكد دراسة (محمد، 2019، 244) ضعف الجهود الاستثمارية للأنشطة البحثية بجامعة بنها، متمثلة في ضعف الجهود التسويقية، والافتقار إلى وجود خطة استراتيجية لتسويق المخرجات البحثية، الأمر الذي أدى إلى ضعف المركز التنافسي لجامعة بنها في التصنيفات العالمية للجامعات.
كما تشير دراسة (إبراهيم، 2023، 367-376 ) إلى أن هناك معوقات تحول دون الميزة التنافسية لجامعة بنها وتحقيق ترتيب معين في التصنيفات العالمية للجامعات، ومن بينها غياب التسويق السليم للمخرجات البحثية، وقلة الإمكانات المادية، ومعوقات ذات صلة ببيئة العمل الداخلية، وغياب الحوافز المادية والمعنوية، ومن ثم تواجه جامعة بنها تحدياتٍ غير مسبوقة نتيجة للتغيرات التي حدثت على الصعيدين المحلي والعالمي، في مجال التطور المعرفي غير المسبوق وزيادة حدة المنافسة؛ مما يدفع جامعة بنها إلى ضرورة التوجه نحو إرساء الأسلوب العلمي في التخطيط لأنشطة البحث العلمي، وتشجيع الابتكار، ودعم براءات الاختراع، والتعاون البحثي مع الجامعات المناظرة والقطاعات المجتمعية.
ومن ثم فهناك حاجة ملحة إلى توجه جامعة بنها نحو الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي، وذلك من خلال تسويق هذا الإنتاج، والشراكات البحثية مع القطاعات الإنتاجية، ورسملة الموارد البشرية الأكاديمية، بما يضمن استثمار نتائجه، وتوجيهها للقطاعات الإنتاجية، وتوظيفها لخدمة التنمية الاقتصادية، خاصة مع التوجه العالمي نحو اقتصاد المعرفة.
وبناءً على ما سبق، يمكن بلورة مشكلة البحث في السؤال الرئيس الآتي:
كيف يمكن استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية بجامعة بنها؟
وقد تفرع منه مجموعة من الأسئلة الفرعية، هي كما يلي:
أهداف البحث:
تمثل الهدف الرئيس البحث الحالي في:
استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية بالجامعات المصرية، وقد استلزم ذلك التوجه نحو مجموعة من الأهداف الفرعية التي تمثلت فيما يلي:
أهمية البحث:
نبعت أهمية البحث مما يلي:
منهج البحث:
لتحقيق أهداف البحث الحالي، فإنه قد اعتمد على المنهج الوصفي” Descriptive Analysis” الذي يعد من أكثر المناهج ملاءمةً لطبيعة هذا البحث؛ فهو لا يقف عند مجرد الوصف، بل يمتد لتحليل البيانات وتفسيرها، واستخلاص دلالات ذات مغزى (عبدالحميد وكاظم، 2011، 134)؛ وذلك من خلال تحليل الإطار المفاهيمى للإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات وتحديد المرتكزات المهمة للاستثمار في الإنتاج المعرفي، لتحقيق الميزة التنافسية للجامعات، والتي تمثلت في: تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي، والشراكات البحثية مع القطاعات المجتمعية، ورسملة الموارد البشرية الأكاديمية، وتشخيص واقع جامعة بنها في الاستثمار لإنتاجها المعرفي وكذلك مكانتها في التصنيفات العالمية، ووضع تصور مقترح للاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية بجامعة بنها.
حدود البحث:
اقتصر البحث الحالي على:
مصطلحات البحث:
ارتكز البحث الحالي على المصطلحات الآتية:
يقصد باستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي: تلك الجهود المبذولة من قبل الجامعات لمساعدة عضو هيئة التدريس في نشر إنتاجه العلمي والبحثي، سواء الأبحاث الأكاديمية، أو المقالات العلمية، أو الكتب المؤلفة، أو الحصول على براءات اختراع، وكذلك الإشراف على الأبحاث العلمية والرسائل وتحكيمها؛ بهدف تطوير وتنمية المجتمع المحيط بالجامعة لتحقيق الميزة التنافسية للجامعة في مختلف المجالات العلمية على المستوى المحلي أو العالمي (بسطويسي، 2017، 327).
ووفقًا للبحث الحالي، يعرف استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي بأنه: العملية التي تتضمن مجموعة من الجهود الموجهة للاستفادة من الإنتاج المعرفي لأعضاء هيئة التدريس، والمتمثلة في: مجمل البحوث العلمية وأوراق العمل المنشورة في المؤتمرات المحلية والدولية، وكذلك المنشورة في المجلات العلمية المحكمة، والمشاركة في تحكيم البحوث العلمية للباحثين، والإشراف على طلاب الدراسات العليا، وعدد الاستشهادات المرجعية، وبراءات الاختراع التي يحصل عليها، والمشاركة في المشروعات البحثية، والمساهمة في تحويل ذلك الإنتاج العلمي لمنتجات ذات قيمة تعود بالنفع على المجتمع والعملية التنموية.
تعرف الميزة التنافسية على أنها: الأشياء التي تميز المنظمة عن المنافسين في السوق، والناتجة عن المواهب النادرة للعاملين، بما يضمن تحقيق المرونة والإبداع والأداء المتفوق والإنتاجية العالية، كما تشتمل على المجال الذي تتمتع فيه المنظمة بقدرة أعلى من قدرة منافسيها في استغلال الموارد البشرية والمادية بالمنظمة؛ بهدف إيجاد ميزة فريدة بالمقارنة مع المنافسين الآخرين (الربيعاوي، وعباس، 2015، 561).
ووفقًا للبحث الحالي تعرف الميزة التنافسية بأنها: القدرة التي تمتلكها الجامعة في استخدام مواردها المعرفية والبشرية بشكل أكثر كفاءة من منافسيها، وتتضمن المهارات والكفاءات والإنتاج المعرفي الأكاديمي الذي يميز الجامعة عن غيرها من المنافسين، والقدرات التي تمكن الجامعة من استثمار إنتاجها العلمي بفاعلية أكبر من المنافسين.
خطوات البحث:
سعيًا لتحقيق أهداف البحث الحالي، فقد سارت خطواته على النحو الآتي:
الخطوة الأولى: تحديد الإطار النظري لاستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس.
الخطوة الثانية: استجلاء الإطار الفكري للميزة التنافسية بالجامعات المصرية.
الخطوة الثالثة: تبيان مرتكزات الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية.
الخطوة الرابعة: تحليل واقع استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها.
الخطوة الخامسة: وضع التصور المقترح للاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية بجامعة بنها.
ولتنفيذ خطوات البحث، فقد انتظمت محاوره كما يلي:
المحور الأول: الإطار النظري لاستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس:
أولًا: الإطار المفاهيمي للإنتاج المعرفي الأكاديمي:
ظهر مفهوم الإنتاجية في المؤسسات الصناعية والتجارية، ويشير إلى نسبة المدخلات ونسبة المخرجات، وتتمثل المدخلات في تكاليف الآلات، وتكاليف الإنتاج، وأجور العمل، بينما تتضمن المخرجات: العائد المادي، ونسبة المبيعات، وقد انتقل مفهوم الإنتاجية إلى مجال التعليم؛ لقياس الجانبين الكيفي والكمي لما يقوم به عضو هيئة التدريس من أعمال في قطاعات البحث العلمي، والتدريس، وخدمة المجتمع (البدوي، 2019، 312).
وقد حظي مفهوم الإنتاج المعرفي الأكاديمي باهتمام العديد من الباحثين والمؤسسات في سائر دول العالم المتقدم والنامي على حدٍ سواء، وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، حيث قام العديد من الهيئات والمؤسسات الدولية بتدعيم البحوث والدراسات في هذا الميدان، وإن كانت ركزت على الإنتاجية الخاصة بالجامعات والمؤسسات البحثية في المجتمع، بصورة تفوق تركيزها على الإنتاجية الفردية للباحثين (مصطفى، 2011، 396-370).
وتعد الدراسات المتصلة بالإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات من الدراسات الحديثة نسبيًا، حيث بدأ العلماء في إجراء دراسات عن الإنتاجية العلمية في ضوء الإنتاج الفكري منذ بداية أربعينيات القرن العشرين، وقد تعرضت تلك الدراسات في بداياتها لإنتاجية الفزيائيين، وعلماء الاجتماع، والمبدعين في الدراسات الإنسانية، وهناك عاملان أساسيان لازدهار الدراسات التي تناولت الإنتاجية المعرفية، هما: إجراء معظم الأكاديميين عددا قليلا من البحوث، والقياس غير الموضوعي للإنتاج المعرفي الذي يعتمد إلى احتساب الإنتاج الفكري على إنه متساو من حيث القيمة والكيف؛ مما يعكس عدم المعيارية عند مقارنة البحوث موضوعيًا (محمد، 2015، 26).
هذا، ولم يعد مفهوم الإنتاجية مرتبطًا بالفكر الاقتصادي، بل تجاوزه لتصبح الإنتاجية تمثل مضامين ومعاني مختلفة، بين أيدولوجية واقتصادية واجتماعية وسيكولوجية وإدارية وعلمية، لذا يعرف الإنتاج المعرفي الأكاديمي بمجموع الأنشطة العلمية الأكاديمية التي يقوم بها عضو هيئة التدريس خلال فترة زمنية معينة، ويتضمن البحوث العلمية وأوراق العمل في المؤتمرات المحلية والدولية، والمجلات العلمية المحكمة، كما يشتمل على الكتب العلمية المؤلفة أو التي يتم ترجمتها، والإشراف على رسائل الماجيستير والدكتوراه، وتحكيم البحوث، والمشاركة في المشروعات البحثية، ومدى إسهام هذا الإنتاج المعرفي في إثراء المعرفة العلمية وتنمية المجتمع (تهامي، 2014، 70).
وفي نفس الإطار يعرف الإنتاج المعرفي الأكاديمي بأنه: جملة ما يبذله عضو هيئة التدريس من جهد بحثي متمثلًا في نشر بحوث ودراسات علمية أو كتب متخصصة، أو نشر مقالات عامة أو تخصصية، أو براءات اختراع، وذلك عن طريق نقل وتبادل المعلومات والأفكار بواسطة الاتصالات الشخصية بين الزملاء، والمراسلات الفردية عبر الهاتف والمناقشات الحرة، وكذلك عن طريق الزيارات العلمية، وحضور الاجتماعات العلمية المتمثلة في: (المؤتمرات – الندوات- الحلقات العلمية)، والإشراف على الرسائل العلمية (إبراهيم، 2009، 42- 43)، ويلاحظ أن هذا التعريف يركز على الإنتاجية العلمية وطرق الاتصال الأكاديمي المتنوعة سواء الفردية أو الجماعية.
ويقصد بالإنتاج المعرفي أنه نواتج الجهود التي يؤديها عضو هيئة التدريس لتطوير العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية، من خلال مجموعة المنشورات العلمية التي ينشرها، سواء تمثلت في إعداد البحوث والدراسات العلمية أو إجراء التجارب في المعمل بهدف إجراء البحوث، أو الحصول على براءات اختراع، أو تأليف الكتب المتخصصة، أو نشر مقالات عامة وتخصصية، علاوة على الإشراف على رسائل الماجيستير والدكتوراه (محمد، 2015، 24).
وفي نفس الإطار، يعرف الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بأنه مجمل الأنشطة العلمية الأكاديمية التي يقوم بها أساتذة الجامعات خلال فترة زمنية معينة، وتتضمن البحوث العلمية وأوراق العمل المنشورة في المؤتمرات المحلية والدولية، وكذلك المنشورة في المجلات العلمية المحكمة، والمشاركة في تحكيم البحوث العلمية للباحثين، وعدد الاستشهادات المرجعية، والمشاركة في المشروعات البحثية وجميع الأنشطة العلمية التي تسهم في إثراء المعرفة وتطوير المجتمع (السماحي وآخرون، 2022، 333).
وبالنسبة للإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، يلاحظ أن هناك اتجاهين رئيسين لتحديد الإنتاجية العلمية لعضو هيئة التدريس (مصطفى، 2011، 375):
الاتجاه الأول: إنتاجية عضو هيئة التدريس، من خلال وظائف الجامعة الثلاث: ويرى أن الإنتاجية العلمية تعني الجهود التي يبذلها عضو هيئة التدريس في مجالات (التدريس- البحث العلمي- خدمة المجتمع)، والتي يمكن بواسطتها الاستدلال على ما يقرره عضو هيئة التدريس نفسه، من خلال ما يؤديه بالفعل في هذه المجالات، وقد يختلف حجم وكفاءة الجهود التي يقوم بها من نشاط لآخر، وتتكامل محصلة هذه الأنشطة لتبين مدى فاعلية عضو هيئة التدريس في المجتمع الجامعي.
الاتجاه الثاني: إنتاجية عضو هيئة التدريس كمرادف لأدائه في المجال البحثي: وينظر هذا الاتجاه للبحث العلمي على أنه أساس الإنتاج المعرفي الأكاديمي، من خلال ما يقدمه أعضاء هيئة التدريس للمجتمع من نظريات وأفكار علمية يتوصل إليها بذاته، وتسهم في حل مشكلات المجتمع، ويرى هذا الاتجاه أن اكتفاء الأستاذ الجامعي بالتدريس دون القيام بالبحث العلمي، يعد تجميدًا لفكره وقدراته المعرفية، وتكون وظيفته مقتصرة على إلقاء المعلومات دون نمو علمي.
ووفقًا للبحث الحالي، يعرف استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي بأنه: العملية التي تتضمن مجموعة من الجهود يتم من خلالها الاستفادة من الإنتاج المعرفي لأعضاء هيئة التدريس، والمتمثلة في: مجمل البحوث العلمية وأوراق العمل المنشورة في المؤتمرات المحلية والدولية، وكذلك المنشورة في المجلات العلمية المحكمة، والمشاركة في تحكيم البحوث العلمية للباحثين، والإشراف على طلاب الدراسات العليا، وعدد الاستشهادات المرجعية، وبراءات الاختراع التي يحصل عليها، والمشاركة في المشروعات البحثية، والمساهمة في تحويل ذلك الإنتاج العلمي لمنتجات ذات قيمة تعود بالنفع على المجتمع والعملية التنموية.
ثانيًا: أهمية الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
تعد الجامعات المصدر الرئيس لإنتاج المعرفة الأكاديمية، كونها تضم في كنفها الباحثين والأكاديميين الذين يعدون بمثابة منتجين للمعرفة البحثية الأكاديمية المتجددة في عصر أصبحت تقاس فيه الأمم بمدى قدرتها على توليد المعرفة الجديدة وتوظيفها لخدمة الأغراض الأكاديمية، ومن ثم تتمثل أهمية الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي فيما يلي:
ثالثًا: طرق قياس الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
إن الهدف من قياس الإنتاجية المعرفية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو وسيلة هامة تتمكن من خلالها الجامعات من تحسين الإنتاجية البحثية لباحثيها وتمكينهم من الوصول إلى مراكز متقدمة يمكن للجامعة من خلالها الوصول إلى مراتب عالية في التصنيفات العالمية، وقد يكون من الصعب في كثير من الأحيان تقييم الإنتاجية المعرفية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ولكن هذه الإجراءات مهمة بالنسبة للمؤسسات الجامعية؛ من أجل تخصيص مصادر التمويل اللازمة للحكم على الموارد العلمية المحدودة اللازمة للإنتاج المعرفي.
وقد تم استخدام أساليب مختلفة لقياس إنتاجية البحوث، ولكن لا يمكن تطبيق أي منها بشكل منفصل، حيث إن قياس إنتاجية البحث ليس دقيقًا في جميع الأحوال، كما أنه ليس بالمهمة السهلة؛ حيث يقوم معظم مؤسسات التعليم العالي بقياس الأبحاث الإنتاجية وفقًا للعمل المنشور، والأموال الممنوحة، والاستشهادات التي تحتوي عليها الأبحاث المنشورة، وتعد أفضل طريقة لقياس إنتاجية البحث هي من خلال النظر إلى نوعية وكمية البحوث والمنشورات (مقالات المجلات أو الكتب أو الفصول أو أوراق المؤتمرات أو المقترحات البحثية) المقدمة، المقبولة (في الصحافة) أو المنشورة، فعندما ينشر أحد الباحثين ورقة بحثية، قد يستخدم باحثون آخرون نتائج البحث لأوراقهم الخاصة، ويستشهدون بها كمراجع في مقالاتهم اللاحقة، حيث يعد عدد الاستشهادات لمقالة معينة مؤشرًا واضحًا على تأثيرها في المجال العلمي(Jalal, 2020,4) ، ومن ثم فإن هناك اتجاهين رئيسين في قياس الإنتاجية المعرفية الأكاديمية، هما:
الاتجاه الأول: القياس المادي: يتوجه هذا القياس إلى مساواة الإنتاجية العلمية للأكاديميين بالجامعات بجميع المنتجات الصناعية، ويخضع إلى التعاملات المالية في المناخ التجاري، إذ أن كل شيء يخضع لنظرية المدخلات والمخرجات؛ حيث يعتمد القياس على تحديد الكيفية التي ينفق بها الباحث وقته (أي عدد الساعات في الأسبوع أو الشهر)، ثم يقسم عدد الساعات وتقاس ماليًا مثل (حضور مؤتمر أو ندوة علمية، العمل بالمعمل، كتابة مقال أو كتاب)، ويوضع مقابل مالي في جانب المدخلات، ثم تكون المخرجات هي حجم الإنتاج الفكري الذي أنتجه الباحث(Middaugh, 2001, 140- 141).
الاتجاه الثاني: القياس غير المادي: ويعتمد هذا التوجه على قياس عدد الأبحاث التي أنجزها الباحث، بغض النظر عن المدخلات التي تم صرفها ماديًّا على هذه الأبحاث، ويختلف عدد هذه الأبحاث من مجال علمي لآخر، ويمكن إضافة بعض المعادلات الإحصائية إلى هذا الأسلوب غير المادي، بحيث تضاف إلى جانب الإحصاء الكمي جودة ونوعية الإنتاج المعرفي، ومن ثم تنشأ علاقة إيجابية بين الكم والكيف (Middaugh, 2001, 192- 193).
وهناك العديد من التحديات التي تواجه قياس الإنتاجية المعرفية في التخصصات المختلفة داخل المؤسسات الجامعية، فهناك مجموعة متنوعة من الطرق التي يتم من خلالها الحصول على البيانات الخاصة بالإنتاج المعرفي البحثي للأكاديميين، فعلى سبيل المثال: التقرير الذاتي للأكاديميين، أو الإحصاءات المنشورة بواسطة أنواع مختلفة من المقاييس، مثل أعداد النشر على مدى عمر الباحث أو خلال فترة معينة، واستخدام الاستشهادات المرجعية، وأنواع المنشورات التي يتم حسابها، وكيفية التعامل مع التأليف المزدوج، أضف إلى ذلك مشكلة مقارنة النتائج عبر التخصصات أو عبر البلدان؛ نظرًا لاختلاف ممارسات النشر التخصصية والوطنية (Brew & et al, 2015, 4).
ومما سبق يتضح أنه لا يمكن الاعتماد على أسلوب واحد في قياس الإنتاجية المعرفية لأعضاء هيئة التدريس؛ فلا يمكن للقياس المادي أو غير المادي أن يعطي معيارًا دقيقًا للإنتاجية المعرفية، بل لا بد من تكامل الاتجاهين؛ حيث إنه يمكن أن تتحدد جودة الإنتاجية المعرفية على عدد الأعمال العلمية التي أنتجها عضو هيئة التدريس، بل لابد من وجود معايير يمكن من خلالها الحكم كيفيًا على مدى جودة تلك الأبحاث، وإضافتها في المجال العلمي للباحث، ومدى مساهمتها في حل مشكلات المجتمع.
رابعًا: العوامل المؤثرة على الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
إن العديد من العوامل تتصل بأعضاء هيئة التدريس، فالإنتاجية العلمية للأكاديميين يقع على عاتقها تحقيق الميزة التنافسية للجامعات؛ حيث تمتلك رأس المال المعرفي المتمثل في أعضاء هيئة التدريس، القادرين على الإبداع والابتكار وإيجاد قيمة مضافة لإنتاجيتهم المعرفية، وهنالك العديد من العوامل التي تؤثر على الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات، هي كما يلي:
(3)الدوافع (الداخلية – الخارجية): يعد الدافع الداخلي من العوامل المؤثرة على الإنتاج المعرفي لأعضاء هيئة التدريس والتي بمثابة مؤثرات محفزة لرضاهم عن نشاطهم البحثي، فهو ضروري لاستمرارية حالة التعلم واكتساب المزيد من المهارات والمعارف، من خلال التدريب، وورش العمل في مجال البحث العلمي الذي ينتمي إليه الباحث، مما يدفع أعضاء هيئة التدريس إلى المزيد من الإنتاجية المعرفية، وهناك ستة عوامل للدوافع الداخلية، ولكل منها دور رئيس في الإنتاجية المعرفية للأكاديميين، وهذه العوامل هي: تحقيق الاعتراف بهم بين الأقران، وكسب احترام الطلاب، وإشباع حاجة الشخص للمساهمة في هذا المجال، وإشباع حاجة الشخص للإبداع أو الفضول، وإشباع حاجة الشخص للتعاون مع الآخرين، وإشباع حاجة الشخص للبقاء في الميدان، أما الدوافع الخارجية فمرتبطة بالتأثيرات الخارجية، والتي هي في الغالب مالية بطبيعتها، هذا النوع من الدوافع يحفز أعضاء هيئة التدريس في زيادة نوعية وكمية أبحاثهم في المجال العلمي، وتشجع الدوافع الخارجية أعضاء هيئة التدريس على إكمال أبحاثهم من أجل الحصول على المكافأة، وقد تمثل الدوافع الداخلية الاختلافات الفريدة بين أعضاء هيئة التدريس كأفراد، بينما الدوافع الخارجية ترتبط بخصائص البيئة والقيادة(Jalal, 2020,5).
(4) الثقافة المؤسسية: إن ثقافة مؤسسات التعليم العالي عاملا رئيسا في التحقق من الإنتاجية البحثية لأعضاء هيئة التدريس. فالثقافة التي تركز على البحث سوف توجه وتلهم وتحفز أعضاء هيئة التدريس لتحقيق إنتاجية بحثية عالية، وبذلك يعد تضمين السياق الثقافي المؤسسي الذي يتم خلاله إنجاز الإنتاج المعرفي الأكاديمي من العوامل الرئيسية التي لها تأثير كبير على إنتاجية البحث، وتتضمن الثقافة المؤسسية الداعمة تخفيف العبء التدريسي، وتشجيع التدريب على المهارات البحثية من خلال ورش العمل والندوات، وتقديم الحوافز المالية لإجراء البحوث، وتمويلها، وتقديم العون والمساعدة من قبل القيادة الأكاديمية، علاوة على دعم التسويق الأكاديمي، وتخصيص الموارد لوظيفة البحث الجامعي(Jalal, 2020,7)
(5) التلمذة البحثية: هو نوع من العلاقات الشخصية، حيث يعمل الفرد الأكثر خبرة كدليل ونموذج يحتذى به ومعلم لمن هم أقل خبرة، مما سيوفر أيضًا الدعم اللازم لمتابعة المتطلبات اللازمة للمهنة، وقد أصبحت برامج التوجيه شائعة بشكل متزايد في الأوساط الأكاديمية، حيث يساهم التعاون بين المرشد والمتدرب في تحسين إنتاجية النشر للمتدرب، وتتضمن عملية التلمذة البحثية التوجيه المهني البحثي لأعضاء هيئة التدريس، من خلال تطوير مهارات البحث التخصصية، ومواءمة توقعات المجتمع من الإنتاجية المعرفية للأكادميين، والتحفيز، وتسهيل فعالية التكيف، وتعزيز المساواة والشمول، وتعزيز التطوير المهني(Ocampo & et al, 2022, 5).
(6) ديناميات الحياة المهنية: في العديد من البلدان، تخصص المؤسسات قدرًا كبيرًا من الموارد للتدريب على البحث والتطوير المصمم، لتزويد الأكاديميين بالمهارات والكفاءات اللازمة لزيادة إنتاجية عملهم الأكاديمي، وتشمل هذه الفاعليات ورش العمل البحثية، والدروس التمهيدية، والندوات، والدورات القصيرة، وخاصة للباحثين في بداية حياتهم المهنية، الأمر الذي ينعكس بشكلٍ إيجابي على الأكاديميين في صورة نتائج عمل مرغوبة، ومع ذلك فإن ممارسات التدريب والتطوير لا تؤثر بشكل مباشر فقط على التطوير المهني في ظل التطورات المعرفية المتلاحقة، ولكن تعتمد أيضًا على الكفاءة الذاتية للأكاديميين، حيث إن ممارسات التدريب والتطوير تزيد من الكفاءة الذاتية للأكاديميين، من خلال زيادة ثقتهم الأكاديمية في إنتاجهم المعرفي، علاوة على أن الكفاءة الذاتية للأكاديميين تؤدى إلى المزيد من التعاون البحثي، وتمكنهم من إدارة اتجاهاتهم البحثية، وتسهل مناخًا تنظيميًا إيجابيًا(Ocampo & et al, 2022, 5).
ومما سبق يتضح أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، فالبيئة البحثية التي يتم فيها البحث العلمي، وما توفره من إمكانات مادية ومالية، وكذلك الثقافة الداعمة للعملية البحثية، والدوافع الداخلية النابعة من الفرد، وكذلك الخارجية التي تدفعه للإنتاج العلمي، ونموذج التلمذة البحثية التي يوجه الباحثين في إنتاجهم العلمي، وتبني منهجيات محددة، كل ذلك يؤثر على شكل وحجم الإنتاج المعرفي ومدى فاعليته في خدمة المؤسسة الجامعية والمجتمع الذي ينتمي إليه.
المحور الثاني: الإطار الفكري للميزة التنافسية بالجامعات المصرية.
أولًا: مفهوم الميزة التنافسية:
ظهر الاهتمام بمفهوم التنافسية مع بداية التسعينيات من القرن العشرين، كنتاج للنظام الاقتصادي العالمي وعولمة السوق، وتمثل التنافسية تحديًا لا يقتصر تأثيره على المؤسسات في قطاع الأعمال، بل امتد ليؤثر على المؤسسات التعليمية ومن بينها الجامعات، لذا فقد تعامل الفكر الإداري المعاصر مع قضية التنافسية من خلال تحفيز المؤسسات على استثمار ما لديها من قدرات لإيجاد ميزة تنافسية، عبر تقديم منتجات ذات طبيعة مختلفة عما تقدمه المؤسسات المنافسة لها في نفس المجال (Srtvastava & et al, 2013, 48)
ومن ثم يعد مفهوم التنافسية لنظام التعليم العالي مفهومًا معقدًا (متعدد المستويات)، ويشير إلى الفرص الحالية والواعدة لاحتلال أفضل مراكز التنافسية إقليميًا وعالميًا، من خلال تسويق الخدمات التعليمية والبحثية جنبًا إلى جنب مع الاستجابة للتحديات الحالية والمحتملة للديناميكية في البيئة الداخلية والخارجية، ويعتمد هذا المفهوم على الحصول على المزايا التي تمثل الخصائص التي تسمح للجامعات بتحقيق ما يلي: (Djakona & et al, 2021, 13)
الوظائف الاقتصادية والاجتماعية، ... وما إلى ذلك).
وينقسم مصطلح الميزة التنافسية لغويًا إلى مصطلح الميزة (Advantage) والذي يعرف بأنه التفوق في حالة ما من أجل تحقيق بعض الإجراءات، ومصطلح (Competitive) الذي يعرف على أنه الاتصاف بأمرٍ ما يجعل المؤسسة قادرة على المنافسة، من خلال تقديم خدمات تتعلق بالنطاق الذي تتواجد فيه، ومن ثم تعرف الميزة التنافسية بأنها قدرة المؤسسة الجامعية على تحقيق التميز والتفوق في تقديم خدماتها بجميع المجالات، سواء التعليمية أو البحثية أو المجتمعية بجودة عالية؛ حتى تتمكن من تحسين جودة مخرجاتها، وذلك من خلال الإدارة الاستراتيجية للموارد والقدرات البشرية، بما ينعكس على تقديم خدمات للمجتمع وفق تطلعات المستفيدين منها، بما يحقق للجامعات تفوقًا وتميزًا على غيرها من الجامعات على المستويين المحلي والعالمي (بسطويسي، 2017، 327- 328).
كما تعرف الميزة التنافسية بقدرة الجامعة على تحقيق التفوق المستمر في أدائها، وتحقيق نتائج متميزة وإنجازات على المستويين الفردي والمؤسسي، من خلال إيجاد تنظيم فعال قائم على الإبداع والابتكار والمبادأة والمنافسة في تطوير مهارات وقدرات الأفراد لدعم التميز المؤسسي للجامعة (المفطرى، ومقبل، 2022، 365).
ووفقًا للبحث الحالي تعرف الميزة التنافسية بأنها: القدرة التي تمتلكها الجامعة في استخدام مواردها المعرفية والبشرية بشكل أكثر كفاءة من منافسيها، وتتضمن المهارات والكفاءات والإنتاج المعرفي الأكاديمي الذي يميز الجامعة عن منافسيها، والقدرات التي تمكن الجامعة من استثمار إنتاجها العلمي بفاعلية أكبر من المنافسين.
ثانيًا: أهمية الميزة التنافسية في الجامعات:
يدخل معظم المنظمات في شكل من أشكال المنافسة، للحصول على الموارد النادرة؛ من أجل زيادة قدرتها التنافسية في ظل عولمة السوق، بما في ذلك قطاع التعليم العالي، فمعظم الجامعات تمتلك ملفات تعريف مماثلة، حيث تمتلك نفس الخصائص أو المنتجات أو الخدمات، كما هو الحال في مؤسسات التعليم العالي، ومن ثم فهناك حاجة ماسة لأن تمتلك الجامعات مزايا تنافسية تمكنها من التنافس مباشرة مع غيرها من الجامعات، وذلك من خلال الاعتماد على إستراتيجيات مبتكرة ومتقنة بهدف الاكتساب والاحتفاظ بالعملاء، لضمان أو توسيع مشاركتها في السوق(Mainardes & et al, 2011, 146- 147) ، ومن ثم تتحدد أهمية الميزة التنافسية لمؤسسات التعليم العالي من خلال ما يلي:
ومما سبق يتضح أهمية الميزة التنافسية في تحديد الوضع التنافسي للجامعات، وتمكينها من تبني نماذج ذات طبيعة ابتكارية وتجديدية، تمكن الجامعة من امتلاك القدرات التنافسية لمواجهة البيئة شديدة التنافسية والتغيُّر، وسهولة التكيف مع المستجدات في احتياجات المستثمرين والعملاء بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.
ثالثًا: مصادر الميزة التنافسية بالجامعات:
تتحقق الميزة التنافسية بالجامعات من خلال الاستثمار الأمثل للموارد البشرية والمادية والتنظيمية التي تمتلكها الجامعة، علاوة على الكفاءات والقدرات والمعرفة، وغيرها من الإمكانات الخاصة بها، والتي تمكنها من المنافسة (أبو بكر، 2004، 13)، وتتحدد مصادر الميزة التنافسية في الجامعات فيما يلي:
تمثل الاستراتيجيات التي تتبناها الجامعة أحد مصادر تحقيق الميزة التنافسية، وينبغي على الجامعة أن تتبنى استراتيجيات فاعلة، تمكنها من تطوير مواردها وقدراتها التنافسية، ويتطلب ذلك مجهودًا ثنائي الاتجاه، من خلال سعي الجامعة وراء الاستراتيجيات التي تساعد في دعم مواردها وقدراتها، بالإضافة إلى الاستراتيجيات التي تساعد في بناء موارد وقدرات إضافية (هل، وجونز، 2001، 213- 214)، وهي الاستراتيجيات التسويقية والتنافسية الناجحة التي يمكن للجامعة أن تتبنى إحداها أو تدمج أكثر من استراتيجية معًا؛ من أجل تدعيم وتطوير الكفاءات المتميزة لتحقيق الميزة التنافسية (محمد، 2019، 126).
وتتمثل في الإمكانات المالية والمادية والبشرية والمعلومات والمعارف التي تمتلكها المنظمة، وتعد مصدرًا مهمًّا وأساسيًّا لتحقيق الميزة التنافسية للجامعة، ويجب أن تتسم موارد الجامعة ـــ لتحقيق ميزة تنافسية لها ـــ بالقدرة على توليد وتحقيق التميز، وأن تكون غير قابلة للإحلال، وأن تكون هذه الموارد نادرة وذات قيمة بالنسبة للجامعة ومجتمعها المحيط (عبداللطيف، 2021، 662).
وتتمثل في مهارة الجامعة في تنسيق مواردها، ووضعها قيد الاستخدام الإنتاجي، وتلك المهارة تكمن في الطريقة التي تعتمد عليها الجامعة في اتخاذ القرارات وإدارة عملياتها الداخلية والخارجية؛ من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، كما تتمثل في قدرة الجامعة على فهم العوامل التي تؤدي إلى الكفاءة، فقد تمتلك الجامعة موارد متفردة ذات قيمة، ولكنها لا تمتلك القدرة على استغلال الموارد بفاعلية، ومن ثم تخفق في تحقيق الميزة التنافسية (هل، وجونز، 2001، 212- 213).
تعد الكفاءات المتميزة أحد أهم مصادر تحقيق الميزة التنافسية في الجامعات، وهي وليدة كلٍّ من الموارد والقدرات، وتكون الكفاءات المتميزة للجامعة في أفضل حالاتها عندما يتوافر لدى الجامعة الموارد المتفردة والمتميزة ذات القيمة العالية، بالإضافة إلى القدرة على إدارة تلك الموارد لتحقيق الميزة التنافسية للجامعة (محمد، 2019، 130).
مما سبق يتضح تعدد مصادر تحقيق الميزة التنافسية، فالاستراتيجيات الفعالة والموارد، والقدرات والكفاءات المتميزة هي مصادر لتحقيق الميزة التنافسية لا يمكن الفصل بينها أو الاعتماد على أحدها، بل لابد من التكامل بينها، فلابد من توافر الموارد المادية والبشرية والمعرفية، وكذلك القدرات اللازمة لإدارة تلك الموارد، وتبني استراتيجيات كفؤة لتلك الإدارة، وبذلك تتحول الموارد إلى كفاءات جوهرية للمؤسسة الجامعية، يمكن استغلالها لتحقيق الميزة التنافسية المتفردة لها عن باقي المؤسسات الجامعية.
رابعًا: مؤشرات قياس الميزة التنافسية وفقًا للتصنيفات العالمية للجامعات:
تواجه الجامعات العديد من التحديات التي يفرضها الواقع الدولي والتحولات العالمية الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والمعرفية، ومن ثم عليها مواكبة التطورات العالمية واللحاق بركب التقدم والتنمية؛ للتغلب على نقاط الضعف والقصور بداخلها، مقارنةً بالمعايير العالمية، من أجل ذلك وجدت التنافسية بين جامعات العالم فيما يعرف بالتصنيف الدولي للجامعات، وتعد التصنيفات العالمية للجامعات أداة قيّمة لبيان ما يحدث من تطورات وتغيرات، وكذلك لتعرُّف مستوى جودة أداء المؤسسة التعليمية، وتحديد جوانب النقص والقصور التي تحتاج إلى تطوير (سيد،2017، 16).
ومن ثم تعد التصنيفات العالمية للجامعات من أبرز المؤشرات التي يمكن من خلالها الاستدلال على وجود الجامعة وتطورها ومدى كفاءتها وتميزها، وتحديد موقعها بين الجامعات العالمية (محمد، 2024، 1012)، وبذلك تمد التصنيفات العالمية الجامعات بمؤشر عن موقعها بين الجامعات العالمية، وفق مجموعة من المعايير التي بنيت عليها، مثل تلك التصنيفات المتصلة بتحسين البيئة التعليمية، أو تمكين الطلاب من الإجادة في جميع المجالات والمسابقات الدولية، وتحسين أداء أعضاء هيئة التدريس (شعبان، 2022، 599).
وتتعدد أنظمة التصنيفات العالمية للجامعات وتتنوع على حسب أهدافها وشمولية معاييرها، ومن ثم تعرف التصنيفات العالمية للجامعات بأنها نظام لترتيب الجامعات ومؤسسات التعليم العالي وتصنيفها عالميًا، وذلك من خلال الاعتماد على مجموعة من المنهجيات التي تعتمد على القياس الكميّ لمجموعة محددة والمعايير والمؤشرات، والتي تصدر عن هيئات وجهات مستقلة، وذلك في صورة تقارير سنوية دورية (سيد، 2017، 25).
وتكمن أهمية التصنيفات العالمية للجامعات في أنها مؤشر للميزة التنافسية التي تمتلكها الجامعة، حيث يمكن من خلاله تعرُّف المركز التنافسي الذي تشغله في ترتيب الجامعات، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، في ضوء مجموعة من المعايير والمؤشرات المرتبطة بأداء الجامعة في مختلف أنشطتها التعليمية، والبحثية، والمجتمعية (محمد وآخرون، 2020، 500).
وتتعدد التصنيفات المعتمدة عالميًا لتصنيف الجامعات والمؤسسات التعليمية، والتي تعتمد على عدد كبير من المعايير المختلفة، بعد أن يتم وضع وزن معين لكل معيار أو مؤشر، وعليه يتم التصنيف في ضوء الجامعات التي تحصل على أعلى درجة لمجموع المعايير المستخدمة (بخيت، 2011، 10)، ويوجد نوعان من تصنيفات الجامعات، هما كما يلي: (مغاورى، 2016، 356)
ويتضح من ذلك أن تصنيف الجامعات وتحديد الميزة التنافسية لها، يتم في ضوء عدة تصنيفات عالمية، وأخرى محلية، وسيركز البحث الحالي على التصنيفات العالمية التي تسعى لتحقق الميزة التنافسية من خلال البحث العلمي؛ وذلك نظرًا لأهمية البحث العلمي بالجامعات، وما يتضمنه من إنتاج معرفي بحثي للأكاديميين بالجامعات، ونظرًا لأنه محور البحث الحالي، فإنه سيتم عرض المؤشرات الخاصة بالبحث العلمي، ومن أشهرها في هذا المجال:
يعتمد هذا التصنيف على قياس أداء الجامعات من خلال مواقعها الإلكترونية، حيث يهدف إلى تشجيع نشر الأبحاث العلمية مجانًا على الإنترنت، من خلال تقييم مدى توفر نتائج الأبحاث العلمية على صفحة كل جامعة، وتصنيف الجامعات وفقًا لهذا المعيار تحديدًا؛ فالهدف من التصنيف ليس تقييم الجامعات حسب الجودة أو المكانة العلمية، بل هو مؤشر تنافسي لالتزام الجامعة بالاستفادة من شبكة الإنترنت في عرض ما لديها من إنتاج بحثي، وما تقدمه تلك الجامعات من خدمات بحثية عبر مواقعها الإلكترونية (صائغ، 2011، 26- 27).
وتعتمد منهجية تصنيف ويبوميتركس العالمي للجامعات على أربعة مؤشرات أساسية لقياس الميزة التنافسية للجامعات، وهى كالآتى (جامعة بنها (ب)، 2023، 8-9)، (محمد، 2019، 180):
تصدر QS تقريرًا سنويًا تصنف فيه أكثر من 30 ألف جامعة حول العالم، مرتبةً حسب معايير أكاديمية وعلمية. كما تقوم بعمل مقارنة لأكبر 500 جامعة في إصدار دليل للجامعات، وذلك من خلال الاعتماد على معايير تقييم تتناول الهيكلية البنيوية لكل من هذه الجامعات، وما يميز هذا التصنيف أنه لا يتناول مؤشرات سطحية قد تخفي أكثر مما تبدي من الأوضاع المركبة داخل كل جامعة، حيث يتعمق في تناوله تحليل مقومات هذه الجامعات إلى تقييم مستوى التعليم الذي تقدمه الجامعات المصنفة، وجودة بحوثها الأساسية والتطبيقية التعليمية الأساسية والعليا، بالإضافة أيضًا إلى موقعها الدولي، وفي سبيل وضع هذه المعايير في شكل متغيرات يمكن قياس مؤشراتها، وتعتمد منهجية التصنيف على عدة معايير(جامعة بنها (ب)، 2023، 12-14)، و(محمد، 2019، 172- 173):
هو تصنيف سنوي للجامعات على مستوى العالم، يصدر من مجلة التايمز منذ عام 2004، ويغطي المجالات الرئيسة الثلاثة للنشاط الجامعي: البحث العلمي، والتأثير، والتدريس، حيث يصدر تصنيف التايمز البريطاني العالمي للجامعات قائمة بأفضل الجامعات في العالم في ضوء منهجية متوازنة وشاملة، ويقوم هذا التصنيف على منهجية واضحة تقوم بدورها على 13 مؤشرًا تحت خمس فئات، هي: الاستشهادات العملية، والأبحاث، والبيئة التعليمية (التدريس)، والنظرة العالمية، والدخل، ويختلف الوزن النسبي لكل محور كما يلي: (جامعة بنها (ب)، 2023، 17-22)
1- الاستشهادات العلمية Citations Research Influence: وهو دلالة على التأثير البحثي للجامعة، والذي يشغل ثقلًا في التصنيف بنسبة تبلغ 30%، حيث يتم من خلال هذا المؤشر حساب العدد الكلي للاستشهادات الخاصة في أبحاث الجامعة المنشورة والموثقة، وتحديد مجالات تلك الأبحاث لتكوين صورة شمولية عن نوعية الأبحاث الأكثر استشهادًا من قبل الباحثين في العالم.
2-الأبحاث (العدد، السمعة، الدخل المتأتي منها) Research (Volume, Income, Reputation): ويشغل هذا المؤشر بجزيئاته ما نسبته 30% من مجموع المؤشرات، ويضم التقييم على النحو التالي:
3-البيئة التعليمية Teaching : The Learning Environment : ويتم من خلالها تقييم واقع البيئة الجامعية باستخدام عدة مؤشرات فرعية بنسبة 30% من نقاط التصنيف، وتأتي على النحو التالي:
4-النظرة العالمية للجامعة International Outlook: يشكل هذا المؤشر ما نسبته 7.5% من مجموع النقاط الكلي للتصنيف، ويحدد كفاءة الجامعة في استقطاب الطلبة والباحثين والمدرسين الأجانب وفقًا للتفصيل التالي:
5-الدخل المالي الناتج عن التعاون مع القطاع الصناعي Industry Income: Innovation : ويشكل ما نسبته 2.5% من مجموع النقاط الكلي للتصنيف، ويحمل هذا المؤشر مدلولات مهمة حول نشاط وفاعلية نقل المعلومات في الجامعة، وتوافر عناصر الربط مع الصناعة؛ مما يعزز رغبة الجهات الصناعية في الدولة في استقاء المعرفة من الجامعة، ومقدرتها على استقطاب الدعم المادي من القطاع الصناعي، ويتم حساب هذا المؤشر من خلال معادلة تدخل فيها نسبة دخل الجامعة من الدخل الصناعي إلى عدد أعضاء هيئة التدريس فيها، ويوجد عدد من التصنيفات الفرعية تتبع نفس معايير التصنيف العالمي للجامعات، ولكنها تختلف وفقًا للتخصص والفئة.
هو تصنيف يصدر من قبل مجلة يو إس نيوز آند وورد ريبورت بشكل سنوي للجامعات العالمية، بداية من عام 2014م، ويعتمد هذا التصنيف على 13 مؤشرا تقيس أداء البحوث الأكاديمية وسمعتها العالمية والإقليمية، ويعد من التصنيفات التي تعتمد على البيانات الببليومترية والمعايير البحثية المقدمة من سكوبوس Scopus ، والتي هي جزء من مؤسسة آل سفير للبحوث Elsevier Research Intelligence حيث تركز على مخرجات وأداء البحث الأكاديمي للمؤسسة، وليس برامجها المنفصلة الخاصة بالبكالوريوس (جامعة بنها (ب)، 2023، 31-33):
مؤشرات تصنيف يو إس نيوز والوزن والنسبي لها
مؤشر التصنيف |
النسبة |
المنشورات |
30 |
المنشورات المستشهد بها |
5 |
الاقتباسات |
5 |
النسبة المئوية للمنشورات التي تم اقتباسها |
20 |
تأثير الاقتباس الموزون على المجال |
10 |
عدد المنشورات التي تم اقتباسها بكثرة في أعلى 10 في المائة. |
5 |
النسبة المئوية لإجمالي المنشورات في أعلى 10 في المائة |
5 |
عدد المنشورات التي تم اقتباسها بكثرة في أعلى 25 في المائة. |
10 |
النسبة المئوية لإجمالي المنشورات في أعلى 25 في المائة. |
10 |
يعتمد هذا التصنيف على معدل الإنتاج العلمي للجامعة، ويستند إلى مؤشرات الاستشهادات والاقتباسات العلمية بنسبة 20%، وكذلك عدد المقالات المنشورة للجامعة في مجلتي نينشر Nature وساينس Science العلميتين الشهيرتين بنسبة تقييم 20%، بالإضافة إلى وجود أساتذة بالجامعة تم الاستشهاد بأبحاثهم ضمن أعلى 100 عالم، وهذا المؤشر يعطي 20% لدرجات تقييم الجامعة، ثم حصول أحد خريجي الجامعة على جائزة نوبل (10%)، وحصول أحد باحثي الجامعة على جائزة نوبل( جامعة بنها (ب)، 2023، 47)، ويعتمد التصنيف على أربعة معايير رئيسة، هي كما يلي: (صائغ،2011، 30)
مما سبق تتضح أهمية التصنيفات العالمية في قياس الميزة التنافسية للجامعات في جميع المجالات التعليمية والبحثية والمجتمعية، وقد ركز البحث الحالي على التصنيفات التي اهتمت بقياس الأنشطة البحثية والإنتاجية المعرفية والاستشهادات المرجعية، باعتبارها مؤشرات للعملية البحثية، مما يسهم في تحسين الأداء التنافسي للجامعات في هذا المجال.
المحور الثالث: مرتكزات الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لتحقيق الميزة التنافسية بالجامعات المصرية.
أولًا: تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
(1) مفهوم تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
يعرف تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي بأنه العملية التي يتم من خلالها تحويل نتائج الأبحاث العلمية في القطاع الأكاديمي إلى منتجات وخدمات وعمليات مناسبة للسوق، حيث يتم تطويرها إلى منتجات وتقنيات جديدة يمكن بيعها في جميع أنحاء العالم، وهو عملية إنتاج المعرفة في الجامعات، حيث يتم تطويرها في العمليات الصناعية إلى منتجات يمكن للسوق الاستفادة منها، ويتطلب تعاونًا جادًّا بين الجامعات والشركات الصناعية والمستثمرين من رجال الأعمال، وتتضمن عملية تسويق نتائج البحوث العلمية الإفصاح عن نتائج البحوث، وتقييم هذه النتائج، والأمن القومي لها، وتسويقها، ثم الحفاظ على الأنشطة التسويقية (Maktabi& Pazhakh, 2010,1-2).
ويقصد بتسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي أنه العملية التي يتم من خلالها مساهمة الجامعات بطريقة مباشرة في التنمية الاقتصادية للمجتمع، من خلال الأبحاث الأكاديمية التي يجريها أعضاء هيئة التدريس، وذلك من منطلق أنه يجب على الجامعات كمؤسسات بحثية أن تنشر المعرفة المنتجة داخل الحرم الجامعي؛ لتوسيع نطاق التغطية التي تمتد لخدمة المجتمع، وليس الاقتصار على إنتاج المعرفة في البيئة الأكاديمية فقط (Odei, 2017, 751).
كما يعرف تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي بأنه عملية متعددة المستويات، تنطوي على التفاعلات التي تتم بين أعضاء هيئة التدريس والباحثين بالجامعات والبيئة الخارجية، ويمكن التمييز بين نوعين من التفاعلات، هما: الوضع المؤسسي الذي يتمثل في التفاعل بين الجامعة وأصحاب المصلحة في النظام الإيكولوجي (الصناعة، الحكومة، المستثمريين غير الربحيين)، والتفاعل التعاقدي الشخصي، وهو تعاون رسمي أو غير رسمي بين أصحاب المصلحة في النظام الإيكولوجي والعلماء، دون تدخل مباشر من الجامعة (Belitski & et al, 2019,2)
ولا شك أن تعزيز قدرة الجامعات على استثمار إنتاجها المعرفي الأكاديمي لخدمة الجامعة والمجتمع، وتعزيز علاقتها البحثية بمؤسسات المجتمع المستفيدة من هذه البحوث، يتطلب اتباع أساليب وآليات حديثة ومتطورة في التسويق الفعال لمشاريع البحوث؛ حتى تلائم احتياجات ومتطلبات مؤسسات المجتمع المستفيدة منها، فالتسويق اليوم لم يعد حكرًا على منظمات الأعمال الصناعية والتجارية، بل أصبح مجالًا مهمًّا للجامعات، فهي تعمل في بيئة شديدة التغيير بفعل التطور الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتكنولوجيا التعليم والبحث العلمي، وتنامي أعداد المؤسسات العلمية والبحثية، وتطور احتياجات ومتطلبات سوق العمل، وأصبحت الجامعات العالمية تسوق لنفسها كعلامة(Brand) في مجال التسويق؛ لمساعدتها في تعزيز ونشر علامتها، ووضع خطط استراتيجية، وتبني أساليب فعالة لتسويق نتائجها من البحوث العلمية (الحريري، والمخلافي، 2017، 148).
وينطوي تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات على المشاركة الأكاديمية التي يتم بموجبها نقل المعرفة الأكاديمية التي يتم إجراؤها من خلال البحوث الجامعية، وجعلها متاحة للاستخدام في المجال الصناعي، وبذلك يتجسد الاندماج بين الأكاديميين ومنظمات الأعمال والتفاعل والتعاون بينهم، والذي يعد بمثابة جسر يربط بين الجامعات والشركات الاقتصادية يمكّن الأوساط الأكاديمية بالجامعات من تبادل معارفهم مع الصناعة والعالم غير الأكاديمي، وبذلك يتم توسيع نطاق التعاون بينهم، وإعطاء نظرة أكثر شمولية لمشكلات المجتمع (Odei, 2017, 751).
(2) طرق تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
على الرغم من أن عملية تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي ونتائجه، تشترك مع عملية تسويق السلع الاستهلاكية بشكل عام في بعض المبادئ الأساسية، فإن لها خصوصيتها التي ينبغي مراعاتها بدقة، ومن هذه الخصوصيات أن البحث العلمي مكلف، وقد يكون باهظ التكاليف في بعض الأحيان، وليس سلعة بالمعنى المتعارف عليه للسلع الاستهلاكية التي تباع وتشترى فتحقق الربح أو الخسارة خلال مدة زمنية قصيرة نوعًا ما، كما أنه قد يحتاج إظهار المردود الإيجابي للتوصيات التي يطرحها البحث العلمي إلى استثمارات مالية إضافية (عساف، 2016، 9).
وتستند الجامعات إلى مجموعة من الطرائق والأساليب المختلفة للحفاظ على العملاء الحاليين، وجذب أكبر عدد ممكن من العملاء الجدد؛ لذا ينبغي على الجامعة معرفة الطريقة المناسبة واختيارها؛ لكي تتم عملية تسويق البحوث العلمية الأكاديمية على نحو فعال، ومن هذه الطرق: (نايل، 2015، 329-330)
وهي تتم عن طريق الجامعات، من أجل بناء الوعي بالعلامة التجارية للجامعة، فتصبح المنافسة في تسويق البحث العلمي أقوى عامًا بعد عام، ويرجع ذلك إلى اتجاه الجامعات نحو العولمة، وتتنوع الدعاية التقليدية لتشمل وسائل الإعلام العامة مثل الراديو والتليفزيون والصحف والمجلات والمعارض المهنية التي تتبناها الجامعات؛ بهدف زيادة الوعي القومي بالجامعة، وتكوين صورة إيجابية تؤثر على اختيار العملاء وأصحاب المصالح لها.
ويقوم على مبدأ العلاقات بين البشر داخل الجامعة، كالإدارة وأعضاء هيئة التدريس والعاملين، والعلاقات خارج الجامعة كالعملاء والمستفيدين من الخدمة، ويتم من خلاله بناء علاقات قوية وصلات وطيدة بين الجامعة وجمهور عملائها، وتهتم الجامعات بطريقة التسويق بالعلاقات لأنه يمكن الجامعة من أن تمنع سوء الفهم المؤدي إلى تراجع الرضا، مثل تلبية احتياجات العملاء من المعلومات، وعليه ينبغي أن يبدأ من خلال عملية جذب العملاء واستمرار الحفاظ عليهم، وينتهي بانتهاء الخدمة المقدمة؛ من أجل جذب المزيد من العملاء المحتملين.
(جـ) التسويق الإلكتروني:
ويتم من خلال استخدام شبكة الإنترنت، حيث يعتمد التسويق الإلكتروني على البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي التي لديها إمكانية إنشاء تأثير إيجابي عندما تتواصل الجامعات مع جمهورها، ومن ثم جذب عملاء جدد غير تقليديين، حيث يريد العملاء مرونة في الحصول على الخدمات، فهم يطلبون الحصول عليها عن بعد، أو عن طريق الإنترنت لتلبية رغباتهم، ومن ثم يتيح التسويق الإلكتروني الوصول إلى الأسواق العالمية؛ حيث لا توجد حدود جغرافية تقيد حركة المعلومات.
ويتضح مما سبق أنه لا يوجد طريقة واحدة يمكن أن تعتمد عليها الجامعات في تسويق إنتاجها المعرفي الأكاديمي، ولكنها تتعدد وفق احتياجات العملاء والخدمات المقدمة من الجامعة، فلا توجد طريقة أفضل من الأخرى ولكن يمكن للجامعات أن تدمج أكثر من طريقة معًا، من أجل جذب المزيد من العملاء، ومن ثم تؤتي طريقة التسويق ثمارها المرجوة.
كما يتطلب تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات ونتائجه أسلوبًا خاصًا، حيث لا يوجد نمط واحد في مجال تطبيق نتائج البحث العلمي في حقول العمل والإنتاج، سواء من خلال التعاقد بين طرفين لإنجاز بحث محدد، أو من خلال تسويق نتائج البحث العلمي غير المتعاقد عليه مسبقًا، ومن الأساليب المتبعة في تسويق البحث العلمي بالجامعات:
وبذلك فإن نقل المعرفة الناتجة عن البحوث العلمية بالجامعات إلى الممارسة والتطبيق يأخذ أشكالًا مختلفة، حيث يمكن إدخال الأبحاث مباشرة إلى السوق من خلال العروض التي تقدمها الجامعات للشركات الإنتاجية، أو من خلال الاستشارات والتراخيص التي تقدمها الجامعة للمستفيدين من خدماتها، كما أن تسويق البحوث العلمية بالجامعات قد يتخذ الطابع الفردي عبر التعاقدات الفردية مع باحثين في تخصصات معينة لإجراء أبحاث أكاديمية حول نقاط محددة، أو تكون في شكل تعاقدات بين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية والصناعية في المجتمع، أو تتخذ الطابع الرسمي الذي تتدخل من خلاله الحكومة من أجل إنجاز خطط التنمية بالمجتمع.
إن قطاع الجامعة كمركز للإنتاج المعرفي له دور مهم في تطوير المجتمعات، حيث يهتم برفع كفاءة البحث العلمي عن طريق تحسين جودة البحوث الأكاديمية المنتجة بواسطة أعضاء هيئة التدريس والباحثين بالجامعات، ومن ثم القدرة على تسويق المعارف المنتجة على نطاق أوسع داخل المجتمع في القطاعين الاجتماعي والاقتصادي بوجه عام والقطاع الصناعي بوجه خاص، وذلك من منطلق أن تسويق البحث العلمي ونتائجه يقدم الحلول المناسبة للتحديات والمشكلات التي تواجه المجتمع، وتتم عملية تسويق البحوث الجامعية على عدة مراحل.
وتتضمن عملية تسويق نتائج البحوث العلمية بالجامعات ثلاث مراحل، الأولى هي مرحلة تنفيذ البحوث وفق احتياجات العملاء والمستفيدين، والثانية مرحلة التحول التي يتم من خلالها تحويل نتائج البحوث إلى تطبيقات عملية، وتشتمل على تقييم القدرة على تسويق تلك النتائج، وتقييم القدرة على تسجيل النتائج والحفاظ عليها من الناحية القانونية، وتعرُّف المنتجات والعمليات الجديدة، وتقدير حالة السوق ومدى استيعابه لنتائج البحوث العلمية، ونقل النتائج إلى السوق للاستفادة منها، والثالثة هي مرحلة تطبيق نتائج البحوث العلمية والعلاقة التبادلية بين الجامعات والسوق الصناعي، وهي مراحل تسلسلية وذات تأثير متبادل، تعتمد كل منها على الأخرى(Maktabi& Pazhakh, 2010,,3-4).
وهناك نموذج ثنائي المستوى للتسويق البحثي بالجامعات، يربط هذا النموذج بسلوك العلماء، والهياكل التنظيمية وعوامل النظام البيئي، ويركز المستوى الأول منه (النظام البيئي) على الأعمال والبيئة الاجتماعية والاقتصادية وأنشطة الابتكار الوطني والملكية الفكرية والإصلاحات المؤسسية والدور الذي يمكن أن يقوم به صناع القرار في تسويق الأنشطة الجامعية، مما يوجِد روابط قوية بين العلماء والجامعة، حيث يتم تسويق أبحاثهم في المجال الصناعي، أما المستوى الثاني فيركز على الجامعة والهياكل الإدارية بداخلها في دعم تسويق البحوث الأكاديمية، ويوضح هذا المستوى الجهود التي تبذلها الجامعة للبحث عن سبل جديدة لتسويق البحوث، من خلال تيسير التقييم المبكر لاستراتيجيات حقوق الملكية الفكرية، واستغلال البنية التحتية، وتحفيز المبادرات والمشاريع الناجحة التي تسهم في دعم نتائج البحوث وتنظيم المشاريع الأكاديمية عالية الجودة (Maksim & et al, 2018,2) .
ويعد المزيج التسويقي أساسًا لتسويق للبحوث الجامعية، وهو يشتمل على أربعة عناصر أساسية لوضع الاستراتيجيات التسويقية موضع التنفيذ، هي: المنتج، والتسعير، والتوزيع، والترويج، وهذه العناصر مترابطة مع بعضها، ويمكن التحكم فيها؛ بهدف إشباع حاجات العملاء ورغباتهم، وتتمثل عناصر المزيج التسويقي في الآتي:
(أ)المنتج:
إن المنتج في تسويق البحوث الجامعية عبارة عن البحوث التي تقدمها الجامعات للجهات المستفيدة، كخدمة من خدماتها بعد تحديد احتياجات ومشكلات المستفيدين، ثم تنفيذ البحوث والوصول إلى نتائج تسهم في تحقيق الاحتياجات وحل المشكلات (عسيري، 2017، 52).
(ب)التسعير:
يعد تسعير البحث العلمي من العناصر المهمة في المزيج التسويقي، وهو يعني ما يدفعه المستفيد مقابل نتائج البحوث الأكاديمية، والتسعير هو أصعب عمليات التسويق في المؤسسات البحثية؛ نظرًا لصعوبة تقدير قيمة نتائج البحث العلمي؛ بسبب طبيعته والجهد المبذول فيه (القصبي، 2009، 123).
(ج)الترويج:
يهدف الترويج في البحث العلمي بالجامعات إلى تزويد المستفيدين بمعلومات عن البحوث العلمية والإمكانات البشرية المتمثلة في الباحثين الموجودين بالجامعة، ويتم الترويج للبحوث الأكاديمية من خلال الاتصال المباشر مع المستفيدين، والإعلان من خلال المعارض والمؤتمرات واللقاءات، وإصدار نشرات علمية تعريفية بالبحوث الجامعية (عسيري، 2017، 55).
(د)التوزيع:
يعد توزيع نتائج البحث العلمي الطريقة التي يتم من خلالها إيصال الناتج من المؤسسات البحثية إلى المستفيد، وهو الهدف النهائي للجامعات، ويتم إما بالتوزيع المباشر دون تدخل الوسيط، ومن مميزاته سرعة توصيل نتائج البحث العلمي وانخفاض تكاليفه، أما التوزيع غير المباشر فيتم من خلال الوسطاء أو بنقل الملكية إلى شركات، ثم بيع نتائج البحث في السوق لتحقيق الربح، ويتميز هذا النوع بالتخصص في النشاط البحثي، كما أنه يخفف العبء عن المؤسسة البحثية، ويسهل الحصول على المردود المالي، ويحقق التفرغ للنشاط البحثي (القصبى، 2009، 124).
ويتضح مما سبق أن عملية تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات ليست بالعملية اليسيرة، ولكنها تتم على عدة مراحل، تبدأ بعملية إنتاج البحوث الأكاديمية لها مواصفات محددة، أهمها أن تكون تلك النتائج مرتبطة بواقع المجتمع ومشكلاته، وأن تكون قابلة للقياس والتطبيق، وأن تتسم بالجودة والكفاءة، ثم مرحلة التحويل التي يتم فيها الحكم على مدى جودة تلك النتائج البحثية وقابليتها للتطبيق في القطاعات الإنتاجية وفي المجتمع، ثم المرحلة الأخيرة التي يتم فيها تطبيق النتائج في قطاعات المجتمع المناسبة، والتي يترتب عليها تطوير المجتمع ومساهمة القطاع الأكاديمي في الجامعات في دفع عملية التنمية بالمجتمع.
يعد تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات من الأمور الضرورية لأي مجتمع، والتي تشير إلى العلاقة بين الجامعات كمؤسسات أكاديمية والقطاع الإنتاجي للمجتمع، والدور الذي يمكن أن تقوم به الجامعات في توسيع نطاق المعرفة بالمجتمعات، وتتضح أهمية تسويق البحوث الجامعية في أنه:
(ه) تأتي أهميته من أهمية الاتجاه العالمي لرسالة الجامعات اليوم نحو الخروج من نطاق التركيز على حفظ المعرفة ونشرها عن طريق التدريس والبحوث الأكاديمية، إلى مجال أرحب يتيح للبحث العلمي بالجامعات المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع (الحريري؛ والمخلافي، 2017، 149).
(و) يساعد الجامعة في توفير إلى مدخل لبناء قدرات تسويقية تضم المعرفة التراكمية للتسويق، وكذلك ينمي مهارات وموارد الجامعة من أجل الاستجابة لمتطلبات السوق، مما ينعكس على إيجاد قيمة مضافة للأبحاث الجامعية، وبالتالي حصول الجامعة على ميزة تنافسية تمكنها من زيادة قدرتها على مواجهة التهديدات التنافسية (قنديل، 2009، 150).
(ز) يسهم في تحقيق الشراكة البحثية بين الجامعات والقطاع الخاص، والتي تعود بالعديد من المنافع والفوائد المشتركة لأطرافها، فالجامعات تستفيد من الشراكة في توفير موارد مالية إضافية لتمويل مشروعاتها البحثية، وتسويق خدماتها ونتائج بحوثها، وربط برامجها وأبحاثها باحتياجات المجتمع ومتطلباته، وفي ذات الوقت يستفيد القطاع الخاص من نتائج البحوث العلمية في تطوير منتجاته وحل مشكلاته، والحصول على المعرفة والتقنية التي يحتاج إليها (محمد، 2017، 243).
مما سبق يتضح أن تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي الذي تنتجه الجامعات له دورٍ مهم في النهوض بالمجتمع وزيادة قدرتها التنافسية، وذلك من خلال قدرتها على تحويل المعارف الأكاديمية المتمثلة في المخرجات البحثية لأعضاء هيئة التدريس إلى منتجات قائمة على المعرفة، ومن ثم التوجه نحو مجتمع المعرفة الذي يعتمد على المعلومات كقاعدة أساسية للانطلاق نحو التقدم والتطور في مختلف المجالات الصناعية والإنتاجية، حيث إن ربط نتائج البحوث الأكاديمية ببرامج وخطط التنمية، يعد الأساس لتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي بالمجتمع.
ثانيًا: الشراكات البحثية مع القطاعات المجتمعية:
تعد الشراكات البحثية هي الطريقة الأكثر أهمية التي تستفيد بها الشركات من الخبرة الجامعية، حيث تستفيد الشركات من الخبرة الموجودة في الجامعات بعدة طرق، بما في ذلك استشارات أعضاء هيئة التدريس وعقود الخدمات، والعقود الاستشارية التي يتم إنشاؤها مباشرة بين عضو هيئة تدريس وشركة ما، عندما لا تكون هناك حاجة إلى معدات ومختبرات وموارد جامعية، وعقود الخدمة التي يتم استخدامها عندما تريد شركة ما من موظفي الجامعة القيام بأداء متخصص عن طريق استخدام أحدث المعدات في الجامعة.
بدأت الشراكة كأحد المفاهيم التربوية في الظهور منذ نهاية الستينيات من القرن العشرين، وذلك تحت مسميات عديدة، كالتشارك، والتعاون، والمقاسمة، وتبادل المصالح، حيث تمثل صيغًا جديدة لأشكال التعاون والتفاعل بين مختلف المؤسسات على كل المستويات؛ بغرض الاستغلال الأمثل للإمكانات والموارد المتاحة، وتعظيم الفوائد المشتركة لكلٍّ منها (معتوق، السويح، 2022، 486).
ويتداخل مفهوم المشاركة مع مفهوم الشراكة، حيث يتفقان في أنهما يقومان على الإسهامات والمبادرات التطوعية، إلا أن المشاركة لا تحمل جانب الالتزام بأداء العمل مثلما ينطوي مفهوم الشراكة، فالشراكة هي الخطوة التالية للمشاركة، وهى أقوى تأثيرًا، وعوائدها النفعية أكبر من المشاركة، من حيث الاستفادة التي تعود على الشركاء من خلال العمل التشاركي (عمار، 2006، 94).
كما أن هناك فرقًا بين الشراكة والتحالف، فالشراكة عملية مؤقتة ومحددة بمدى زمنى قصير، وتركز على قضايا آنية وملحة، أما التحالف فيعد نوعًا من الارتباط الذي يعبر عن التعاون لمدى زمني طويل، ويركز على قضايا مستقبلية تعود بالنفع على طرفي العلاقة معًا (محمد، 2017، 251).
ومن ثم يقصد بالشراكات البحثية الجهود المتضافرة لصياغة أنواع جديدة ومختلفة من العلاقات بين الباحثين والممارسين؛ لتطوير نوع جديد من الشراكة مع الباحثين وقطاعات الأعمال في المجال البحثي، وتعد الشراكات البحثية تعاونًا طويل الأمد، يتم تنظيمه لتحقيق العديد من الأهداف لكلا الطرفين، وتنتج الشراكات البحثية أبحاثًا وابتكارات علمية في مجال بحثي معين.(Coburn & et al, 2013, 1).
كما تعرف الشراكة البحثية بين الجامعات والمؤسسات البحثية في البلدان المتقدمة والنامية بأنها العلاقات التعاونية التبادلية لتوليد المعرفة المفيدة، حيث تتفق المؤسسات المختلفة للعمل معا، لدراسة مجموعة من القضايا من خلال إجراء البحوث المشتركة، وقد تنطوي الشركات البحثية على مؤسستين توافقان على التصرف في بحث مشترك في بلد واحد، أو قد تشمل العديد من المؤسسات في عدة بلدان، وقد تركز على تخصص أكاديمي واحد أو تشمل مختلف التخصصات، وتشمل الأنشطة البحوث المشتركة، وتبادل الموظفين والطلاب، والتدريب، وإقامة الشبكات والمؤتمرات .(Mundy, & Hirschbühl, 2014, 1- 2)
وفي نفس السياق يقصد بالشركات البحثية مشاريع بحثية تعاونية بين الباحثين الأكاديميين ومقدمي الخدمات وصانعي السياسات والمستثمرين؛ بغرض الترويج لها، وتحسين البحث وتطوير الممارسات، وتعتمد العناصر الأساسية في الشراكة البحثية على مشاركة العديد من أصحاب المصلحة في تحمل المسئولية المشتركة تجاه الأفكار والعمليات والنتائج الخاصة بالبحوث، بحيث تخدم أهدافهم المشتركة، وتقوم العلاقة غير الهرمية بين أصحاب المصلحة والأكاديميين بالجامعات على مجموعة من الأسس، هي: عمق المشاركة، وديناميكية القوة الفاعلة بين أصحاب المصلحة والأكاديميين في إنجاح الشركات البحثية Numans & et al, 2019, 1)) .
كما تعرف الشراكات البحثية الفعالة بأنها عملية تعاونية ديناميكية بين المؤسسات التعليمية (الجامعات) التي تحقق فوائد متبادلة، وإن لم تكن بالضرورة متكافئة بالنسبة للأطراف المشارِكة، وفي إطارها يتقاسم الشركاء ملكية المشاريع والأدوار المنوطة بكل طرف، وتقوم العلاقة بين أطراف الشراكة على الاحترام والثقة والشفافية والمعاملة بالمثل، مع الفهم الواضح للبيئة الثقافية والعملية التي يتم في نطاقها العمل، علاوة على اتخاذ القرارات بشكل مشترك بعد مفاوضات حقيقية تتم بين الشركاء، بالإضافة إلى فهم كل شريك بشكلٍ واضح للتوقعات المطلوبة منه لإنجاح الشراكة، وتميل الشراكات البحثية الناجحة إلى التغير والتطور مع مرور الوقت، وفق تحديات بيئة العمل(Wanni & et al, 2010, 18).
ويشار إلى الشراكات البحثية بأنها علاقات تعاونية مقصودة، تتسم بالتنظيم والتخطيط في مجال البحث العلمي، وتتم بين المؤسسات الجامعية (كبيوت خبرة)، وبين مؤسسات القطاع الخاص في إطار تعاقدي يتحقق من خلاله فوائد ومنافع مشتركة للطرفين، ومن ثم تقوم الشركات البحثية على عدة أسس، هي كما يلي: (محمد، 2017، 250- 252)
تهدف الشراكات البحثية إلى:
(أ) استثمار الشركات في الأبحاث في إحدى الجامعات لحل المشكلات المعقدة، من خلال الاستفادة من الخبرات والمرافق الموجودة في الجامعات ومن ثم يتحقق الاستثمار في البحوث الأساسية (الإنتاج المعرفي الأكاديمي) التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
(ب) تطوير المنتجات والخدمات الرائدة بالقطاع الصناعى، حيث يقوم أعضاء هيئة التدريس الرواد بالجامعة بإجراء أبحاث أساسية، وغالبًا ما تكون هذه الأبحاث في مرحلة مبكرة وليست جاهزة عادة للاستخدام التجاري. يمكن للشركات استخدام الشراكات البحثية لتحويل تلك الأبحاث إلى منتجات رائدة.
(ج) تقديم الفرص للشركات لتطوير منتج جديد، من خلال الحصول على الخبراء الأكاديميين بالجامعات، والذين يجرون البحوث التطويرية للمنتجات وفق تطلعات العملاء والمستثمرين، الأمر الذي يؤدي لاستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي للخبراء الأكاديميين، وحصول الجامعة التي ينتمون إليها على ميزة تنافسية. (Business Higher Education,2021, 7)
(د) التغلب على هجرة العقول، والسعي نحو استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، والبحث عن آليات مناسبة تمكنهم من إجراء بحوث هادفة تعود عليهم بالنفع المادي، وتوفير الدعم المناسب والبيئة المواتية لإجراء البحوث العلمية، وفي نفي الوقت مساعدة المجتمع وقطاعاته الحيوية المتعددة في معالجة مشاكله الاقتصادية، وإكسابه القدرة على مواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية ( Mundy, & Hirschbühl, 2014, 3).
(ه) تجديد المعرفة بما يتناسب مع الميدان، حيث يتم إتاحة الفرص لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات لإعادة تأهيلهم، من خلال عملية تبادل الخبرات بين أطراف الشراكة البحثية، وتحسين معرفتهم العلمية التي تتم داخل أسوار الجامعة، لتتخطاها إلى ميدان التطبيق الفعلي، فقد يقوم الأساتذة بالجامعات بتقديم مناهج واتباع أساليب لا تتناسب مع طبيعة الميدان بشكلٍ متقن (يوسف، 2020، 121).
(و) تحقيق التعاون من أجل تنفيذ مشروعات التعاون البحثي التي تتبناها تلك الشراكات، وتشمل العديد من المجالات البحثية ذات الاهتمام العالمي المشترك، انطلاقًا من أن البحوث العلمية تمثل نشاطًا عالميًا مشتركًا، بحيث يتحقق النجاح والانتشار لها، وتصبح ذات قيمة تنافسية، فضلًا عن إجراء البحوث التطبيقية التي تخدم الأغراض المحلية والعالمية(نقادي، 2014، 37- 38)، فلكي تحقق الشراكات البحثية مزايا تنافسية للجامعات التي تنتمي إليها، يجب أن تتضمن البعد العالمي إلى الجانب البعد المحلي، بحيث تصبح ذات طابع إنساني عالمي لا يقف عند حدود الدولة القومية، ويصبح الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات ذا بعد عالمي.
مما سبق يتضح أن الجامعات تدخل في شراكات بحثية، سواء على مستوى الأفراد أو الأقسام الأكاديمية (Micro Level)، أو على مستوى الكليات والمؤسسة (Macro Level)، لتحقيق العديد من الفوائد، منها: (عبدالمتجلي، 2021، 573)
(3) مقومات بناء الشركات البحثية:
(أ)أهداف مشتركة: تعد الأهداف المشتركة بين الأطراف في الشركات البحثية أمرًا مهمًّا لتحقيق العمل التعاوني، وبناء الثقة المتبادلة بين الشركاء الذين قد يكونون مختلفين تمامًا، ومن ثم فالأهداف المشتركة تحفز قدرة الشركاء على العمل التعاوني البحثي من أجل تنفيذها.
(ب)التجارب الإيجابية: تعزز التجارب الإيجابية في الماضي الثقة بين الشركاء في المجال البحثي؛ لذلك يعد الاتصال مرة أخرى مع العاملين في مجال البحوث والمؤسسات البحثية والهيئات الحكومية والمجتمعات التي كان التعاون السابق معها ناجحًا فكرة جيدة؛ حيث يساعد هذا على تجنب التقييمات الخطأ والتوقعات المبالغ فيها، ويسهل من عملية اتخاذ الإجراءات بسرعة؛ لتجنب العواقب السلبية.
(ج)الاتصال الفعال: يعد نظام الاتصال الذي يعمل بشكل جيد أمرًا حاسمًا لتحقيق تعاون مرضٍ بين الشركاء الذين غالبًا ما يكونون متباعدين جغرافيًا، فمن المهم جدًا أن تكون قادرًا على تبادل المعلومات بشكل منتظم وشامل – لإنشاء «شبكة» فاعلة، ولكن بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك «فجوة ثقافية» كبيرة بين الشركاء، لذا فمن الضروري أن يكون هناك مستوى مماثل من المعلومات والمعرفة حول الأنشطة البحثية المشتركة والبيئة التي يتم تنفيذها، حتى يتم التنسيق بينهم بشكلٍ فعال. (Swiss Commission for Research Partnership
with Developing Countries, 1998. 11- 12)
(د)التبادلية: تعد التبادلية أمرا مهمًّا؛ لأنها تساعد في التوفيق بين اختلاف وجهات نظر الممارسين ووجهات نظر الباحثين، مما يسهم في تحديد محور العمل الذي تقوم عليه الشراكات البحثية وكذلك الممارسات التي تقوم عليها، بحيث تشترك جميع الأطراف في التعلم من بعضها البعض من خلال الاشتراك بشكل وثيق في العمل البحثي، مما يثمر مخرجات بحثية جادة تسهم في تنفيذ السياسات والبرامج البحثية.( Coburn & et al, 2013, 3)
(ه)الثقة: تعد الثقة مبدأً مهمًا لتحقيق الشراكات البحثية، لا سيما خلال المرحلة الأولى من بناء الشراكة، والتي يسعى خلالها كل طرفٍ إلى التأكد من مدى جدارة واستحقاق الطرف الآخر للثقة، وتزداد الثقة تدريجيًّا من خلال مراحل الشراكة البحثية، وتقوم القيادة بدورٍ مهم في تعزيز الثقة بين الأطراف المشتركة في الشراكة، وتقليص أسباب فقدها التي يمكن أن تسهم في تهديد الشراكة.
(و)القيادة: تعد القيادة أحد المقومات الرئيسة لنجاح الشراكات البحثية، فالممارسات القيادية الواعية تعزز من درجة الثقة بين الأطراف المتشاركة، علاوة على قدرتها على بناء اتصالات فعالة، وتخصيص الموارد المتاحة، وتوجيه الأطراف نحو الأهداف المشتركة، من خلال توفير البيئة والمناخ المواتي لتحقيق ذلك (عبدالمتجلي وآخرون، 2021، 573).
(4) مستويات الشراكة البحثية بين الجامعة وقطاع الأعمال:
يتم استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات على عدة مستويات، وتتمثل هذه المستويات في المشاريع البحثية المشتركة، والبحوث التعاقدية، والدعم المادي المقدم من قبل القطاع الخاص مقابل الخدمات الاستشارية التي تقدمها الجامعات، وتبادل الخبراء، ويتم توضيح ذلك في الجدول التالي (يوسف، 2020، 118- 119):
جدول (1)
مستويات الشراكة البحثية بين الجامعات وقطاع الأعمال
م |
المستوى |
الأشكال |
العمليات |
1 |
مستوى عالٍ |
بحوث الشراكة |
· عمليات الشراكة بين الجامعة وقطاع الصناعة في المجال البحثي. |
الخدمات البحثية |
· تسويق الخدمات البحثية بما فيها العقود البحثية والاستشارات إلى القطاع الصناعي. |
||
2 |
مستوى متوسط |
الريادة الأكاديمية |
· ترتيبات مشتركة تعاونية بين الجامعات والمؤسسات الصناعية لمتابعة العمليات البحثية. · الاستغلال التجاري للتكنولوجيا التي ينتجها المخترعون من خلال شركات يمتلكونها جزئيًا. |
تدريب الموارد البشرية |
· تدريب العاملين في المجال الصناعي على المستجدات في المجال البحثي بما يخدم تطوير الصناعات. · تدريب الخريجين في المنشآت الصناعية على متطلبات العمل في تلك المنشآت. |
||
3 |
مستوى منخفض |
التفاعلات غير الرسمية |
· تكوين العلاقات الإنسانية الاجتماعية بين الخبراء في الجامعات والمستثمرين في المجال الصناعي عن طريق الندوات والمؤتمرات. |
تسويق حقوق الملكية الفكرية |
· نقل الملكية الفكرية المتولدة في المؤسسات الجامعية، مثل: براءات الاختراع إلى الشركات في المجال الصناعي، من خلال التراخيص والبحوث التعاقدية. |
||
المنشورات العلمية |
· استخدام القطاع الصناعي للإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات. |
المصدر: (يوسف، 2020، 119)
ويتضح من الجدول السابق أن هناك عدة مستويات لاستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات من خلال الشراكات البحثية مع قطاع الأعمال حيث تمثل التفاعلات غير الرسمية، وتسويق حقوق الملكية الفكرية والمنشورات العلمية أدنى مستوى، وتمثل الريادة الأكاديمية وتدريب العناصر البشرية المستوى المتوسط منها، بينما تمثل بحوث الشراكة والخدمات البحثية أعلى مستويات الشراكة في المجال البحثي.
(5) أهمية الشراكات البحثية في تحقيق ميزة تنافسية للجامعات:
في ظل التحولات المختلفة التي يشهدها العالم، أصبحت الجامعات تواجه العديد من التحديات المرتبطة بشدة المنافسة، من أجل البقاء على الساحة العلمية على المستوى العالمي، ومن ثم تقدم الشراكات البحثية مع قطاع الأعمال الفرص للجامعات لتحقيق مزايا تنافسية في المجال البحثي، ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية: (إبراهيم، 2018، 387)
(أ) تحسين البيئة التعليمية بالجامعات، من خلال توفير البيئة التقنية المتطورة القائمة على التكنولوجيات الحديثة.
(ب) ربط البحوث التطبيقية التي يجريها الأكاديميون بالجامعات بالمشكلات المتعددة التي تواجه المجتمع في المجالات المختلفة.
(ج) تطوير المجتمع والارتقاء بالعملية التنموية، من خلال زيادة قدرة الجامعات على إنتاج المعرفة الأكاديمية المتطورة والموجهة نحو مجتمعها المحلي.
(د) مساعد قطاع الأعمال والقطاعات الإنتاجية في الحصول على الاستشارات البحثية والعلمية في معالجة مشكلات العمل والإنتاج.
(ه) تحقيق أعلى معدلات النشر العلمي للبحوث العلمية في المجلات والدوريات العالمية، مما يسهم في وصول الجامعات للتنافسية على المستوى العالمي.
(و) تحسين الأداء الأكاديمي والبحثي لأعضاء هيئة التدريس، ودفعهم نحو الابتكار والإبداع لتعزيز المركز التنافسي للجامعات التي ينتمون إليها.
(ز) الارتقاء بسمعة الجامعة في الأوساط الجامعية العالمية في المجالات العلمية المختلفة، مما يسهم في تطوير البحوث العلمية في إطار نظم الابتكار الوطنية.
(ح) استثمار الشراكات البحثية في تعزيز التقدم التقني الذي يمكن من خلاله تحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية، مما يعزز الدور التنافسي للجامعة في المجال الخدمي.
(ط) تعزيز وصول الجامعة إلى الشبكات الجامعية، من خلال الروابط مع الجامعات والمراكز البحثية، والعلاقات مع كبار الأكاديميين في التخصصات العلمية؛ مما يعزز الوضع الأكاديمي للجامعة.
يتضح مما سبق أن الشراكات البحثية بين الجامعات وقطاع الأعمال والقطاعات الخدمية، تمكن الجامعة من الحصول على العديد من المزايا التنافسية، من خلال النقل الفعال للتكنولوجيا الناتجة عن التطبيقات البحثية بين القطاعات الأكاديمية والقطاع الصناعي، كما يساعد الجامعة في الحصول على مزيد من الدعم الذي يهيئ الفرص أمام الجامعة لتطوير بنيتها التحتية لتنفيذ البحوث العلمية بصورة أكثر دقة، مما ينتج عنه مخرجات بحثية عالية التميز، تمكن الأكاديميين من دعم ابتكاراتهم البحثية.
ثالثًا: رسملة الموارد البشرية الأكاديمية:
إن عملية الرسملة في الجامعات تمثل قيمة رأس المال الذي تدعو الضرورة إلى امتلاكه، بما يدر دخلًا على المؤسسة الجامعية، وبالتالي فإن المورد البشري الأكاديمي بالجامعات ـــ المتمثل في أعضاء هيئة التدريس ـــ له قدرة كبيرة على توليد المعارف والمعلومات التي تؤدي إلى زيادة كفاءتهم؛ من أجل مواكبة الاقتصاد المعرفي، حيث يعد الأكاديميون بالجامعات بمثابة العنصر الإيجابي بين عناصر الإنتاج الأخرى من أموال وأدوات، فهو المسئول عن تطوير التكنولوجيا التي تحتاجها، مما يستوجب اعتباره رأس مال غير ملموس معتمدًا على معارفهم وأفكارهم، ومن ثم يجب الاهتمام بهم وتوفير الفرص المواتية للإنتاج المعرفي الأكاديمي لهم (عنصر، 2018، 29).
تعرف الرسملة بأنها العملية التي تهدف إلى تشكيل رأس المال من خلال المعلومات والمعارف المتاحة في المؤسسة الجامعية، وجعلها في متناول الجهات المهتمة بها بغرض الاستفادة منها، بحيث لا تقتصر الخبرة الشخصية على الفرد فقط، وإنما تكون في صالح الجماعة في بيئة تشجع على تقاسم المعرفة، مما يضفي جانب المشاركة في عملية تطويرها عن طريق الاحتفاظ بها، ونقلها بما يسهل تطبيق المشاريع وقيادة الأنشطة الجديدة (عنصر، 2018، 29).
وتتمثل عملية رسملة المورد البشري في مختلف العمليات التي يمكن القيام بها؛ من أجل تكوين رأس المال الذي يتمثل في المهارات والمواهب والكفاءات والمعارف المخزونة لدى الأفراد، وفي ذات الوقت يمكن تقاسمها بين مختلف الأفراد من أجل العمل على تحقيق الأهداف الخاصة بالمنظومة الجامعية (زهري، 2022، 22).
ويتضمن مصطلح رسملة المورد البشري المهارات والخبرات والقدرات التي لا تتأتى إلا من خلال المعرفة، ومن ثم فهي عامل أساسي في تكوين رأس المال البشري، ومن ثم تتمثل رسملة الموارد البشرية في مختلف العمليات التي يتم القيام بها من أجل تكوين رأس مال يتمثل في مخزون المهارات والكفاءات التي يتم تقاسمها بين مختلف الأفراد من أجل تحقيق الأهداف الخاصة بالمنظمة (عنصر، 2018، 33).
وتتضمن رسملة الموارد البشرية الأكاديمية عملية تحديد وقياس البيانات المتعلقة بالموارد البشرية الأكاديمية، وتوصيل هذه المعلومات للأطراف المعنية، وتشير محاسبة الموارد البشرية إلى العملية التي يتم من خلالها القياس الكمي وقياس وإعداد التقارير للموارد البشرية في المنظمة، والهدف هو تسهيل فعالية وكفاءة إدارة الموارد البشرية الأكاديمية، وتتضمن محاسبة الموارد البشرية محاسبة النفقات المتعلقة بالموارد البشرية كأصول، بدلًا من المحاسبة التقليدية التي تتعامل مع هذه التكاليف على أنها نفقات تقلل الربح، لذا عرفت محاسبة الموارد البشرية بأنها تحديد وتراكم ونشر المعلومات عن المورد البشري؛ للحكم من خلالها على التغيرات الحادثة في الاستثمارات التي تمت في الموارد البشرية، وتقديم تقارير بهذه المعلومات إلى مديري التشغيل؛ لمساعدتهم في اتخاذ قرارات أفضل مما كانوا سيتخذونها بدون هذه المعلومات الإضافية عن الموارد البشرية (Adeyinka & et al, 2019, 16).
تكمن أهمية رسملة الموارد البشرية الأكاديمية في الجامعات فيما يلى:
(أ) تعد الجامعات منذ نشأتها مؤسسات تعليمية بحثية، يقع على عاتقها مهمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ لكونها مستودعًا للموارد البشرية الأكاديمية المؤهلة لتوليد المعرفة وإنتاجها، ومن ثم فالجامعات مؤسسات منتجة بطبيعتها، ولكن تحتم الاقتصاديات الحديثة الاستثمار الأمثل لمواردها البشرية الأكاديمية، وتحفيزهم للإنتاج المعرفي البحثي لتعزيز قدرتها التنافسية، وإكسابها ميزة تنافسية من خلال استثمار إنتاجيتهم المعرفية وتحويلها إلى عوائد تفوق المعتاد.
(ب) تحقق رسملة الموارد البشرية الأكاديمية الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، باعتباره الوسيلة التي يمكن بواسطتها تحويل المعلومات إلى معرفة مفيدة قابلة للاستخدام، وعادة ما يتم الخلط بين مصطلح المعرفة ومصطلحين آخرين، هما (البيانات، والمعلومات)، فالبيانات تستخدم للتعبير عن الحقائق المجردة عن الأحداث أو الظواهر، بينما تستخدم المعلومات للتعبير عن الرسالة المستفادة من الحقائق المجردة، أي أن المعلومات تحلل البيانات، وتستخرج معاني أكثر وضوحًا مما تعرضه البيانات المجردة، أما المعرفة فهي تحويل المعلومات إلى خبرة عملية أو معيار، وبالتالي يمكن استخدامها في توجيه من تصل إليه للقيام بعمل معين أو تفاديه (السلمي، 2002، 209).
(ج) تطوير النشاط البحثي للأكاديميين بالجامعات؛ حيث يعتمد النشاط البحثي على إنتاج معرفة جديدة، فالنشاط البحثي هو عملية إنتاج تتكون فيها المدخلات الملموسة التي تتمثل في(الأدوات العلمية، والمواد، ... وغيرها)، وغير الملموسة التي تتمثل (المعرفة المتراكمة، وأس المال الفكري)، ومن ثم تكون المخرجات في صورة المعرفة الجديدة لها طابع معقد ذو طبيعة ملموسة (المنشورات، براءات الاختراع، العروض التقديمية في المؤتمرات، قواعد البيانات، وما إلى ذلك) وطبيعة غير ملموسة (المعرفة الضمنية، والنشاط الاستشاري، وما إلى ذلك)، وبالتالي فإن وظيفة إنتاج المعرفة لها طابع متعدد المدخلات ومتعدد المخرجات(Lewis, 2014, 417- 419).
(د) إدارة الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات، حيث يقع على عاتق الجامعة ضرورة تنمية رأس مالها الفكري من خلال مدخل إدارة المعرفة ، ومن ثم فهي مسئولة عن تنمية رأس مالها المعرفي، وكذلك القدرات الفكرية للأكاديميين باعتبارهم منتجين للمعرفة؛ حتى يتمكنوا من إنتاج الأفكار الجديدة وتطوير الموجودة منها، بما يضمن تحقيق الجامعة لأهدافها، ورفع مستوى الأداء بها، والوصول إلى نواتج تعلم عالية لدى خريجيها، وهذا يعكس قيمة وأهمية احتضان الجامعات لرأس مالها الفكري، فتنميته أصبحت من الأولويات التي تبني الأمم وتحقق تقدمها (محمود، 2018، 8).
(ه) تعد رسملة الموارد البشرية مصدرًا رئيسًا للميزة التنافسية في في بيئة الأعمال الحالية، حيث تنظر المؤسسات الجامعية إلى مواردها البشرية الأكاديمية كمورد مهم؛ فتكمن قيمة الموارد البشرية فى الإبلاغ عن رأس المال البشري بشكل كافٍ لأصحاب المصلحة والمعنيين بالخدمات الجامعية، ومن ثم تمكن عملية رسملة الموارد البشرية الجامعات من الاعتراف بالموارد البشرية الأكاديمية كأصول مهمة للمؤسسة، تعود بالنفع عليها وتحقق ربحية لها، وذلك بدلًا من المعايير التي لا تسمح بالاعتراف بالأصول غير الملموسة، على الرغم من أن الموارد البشرية الأكاديمية هي الجزء الأكثر حيوية في أي منظومة جامعية، فهي المحرك الذي يصهر الموارد المالية وجميع العناصر المادية الأخرى، بغرض تحقيق الأهداف والغايات التنظيمية، ومن ثم يؤثر التصنيف الخطأ لقيمة الموارد البشرية على الأرباح الخاصة بالمنظمة.( Adeyinka & et al, 2019, 15)
(3) العمليات الخاصة برسملة الموارد البشرية الأكاديمية:
يعد مصطلح رسملة المورد البشري من المصطلحات الحديثة لتسيير الموارد البشرية، والتي تتطلب تطبيق مجموعة من العمليات والإجراءات الأكثر فاعلية، من خلال تبني الجامعات لمجموعة من العمليات التي تقوم بدورٍ مهم في تنميتها وتطويرها واستمراريتها، وفيما يلي توضيح لتلك العمليات:
(أ)تمكين الموارد البشرية الأكاديمية: وتعني تطوير قدرة الموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات على حل المشكلات المتعلقة بالعمل، أو اتخاذ قرارات محددة، فهي عملية تهدف إلى تنمية قدرات الأفراد وإشباع حاجاتهم النفسية وتحسين أدائهم، بما يتفق وأهداف الجامعة والسياسات التي ترنو إلى تحقيقها، ويتحقق تمكين الموارد البشرية الأكاديمية من خلال تكوين فرق العمل في المجال الأكاديمي، وتوفير المعلومات، والتدريب، والاتصال مع الشركاء في نفس المجال، علاوة على توفير بنية تحتية تمكن من تنمية رأس المال البشري وتعزيز أدائه (عنصر، 2018، 189).
(ب) التنظيمي: وتتمثل في جميع المعارف والأفكار والممارسات التي تهدف إلى تحسين أداء الموارد البشرية الأكاديمية، من خلال نشر الثقافة التنظيمية الداعمة للتعلم، وتهيئة المناخ المناسب لنشر المعرفة الأكاديمية وتطوير العمليات والأنشطة والإجراءات التي تتبعها الجامعة حتى تتمكن الموارد البشرية الأكاديمية من العمل في فريق وتبادل المعرفة فيما بينهم وعلى كافة المستويات التنظيمية داخل الجامعة (حباكة، 2020، 415).
(ج)التدريب: يتم رسملة الموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات من خلال التدريب الذي يمكّن الجامعة من زيادة إنتاجيتها المعرفية، من خلال تحسين مهارات ومعارف العنصر البشري؛ بما يعزز قدراتهم على العمل بكامل قدراتهم، والتكيف مع المستجدات في المجال العلمي والبيئة الخارجية للمؤسسة الجامعية، لضمان الوصول إلى الاحترافية في الأداء الأكاديمي خاصة فيما يتعلق بالإنتاجية المعرفية (عبدالمنعم وآخرون، 2019، 187)، ويتضمن التدريب هنا التدريب على المستجدات في المجال المعرفي الذي تنتمي إليه الموارد البشرية الأكاديمية، والتدريب على الممارسات التجارية التي تؤهلهم لتحويل إنتاجيتهم المعرفية لمنتجات تطبيقية يمكن الانتفاع بها في تطوير المجتمع وقطاعاته المتعددة.
(د)السلامة المهنية: وتعني حماية الموارد البشرية الأكاديمية من جميع المخاطر التي قد يتعرضون لها أثناء العمل، وتهدف السلامة المهنية إلى تطوير الجامعات، وتوفير التسهيلات المادية الداعمة التي تؤمن حياة الأكاديميين من التهديدات أثناء العمل، وذلك وفق الاتفاقيات الدولية الخاصة بتشريعات العمل، وتجسيد مختلف مرتكزاتها وأهدافها التي تسعى بشكلٍ أساسي إلى تنمية رأس المال البشري الأكاديمي (عنصر، 2018، 190).
مما سبق يتضح أن رسملة الموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات تتضمن مجموعة من العمليات، هي: عملية تمكين أعضاء هيئة التدريس في مجالهم المعرفي؛ الأمر الذي ينعكس على زيادة إنتاجيتهم العلمية وتميزها، ويساعدهم على اتخاذ قرارات رشيدة تتعلق بعملهم البحثي، وعملية التعلم التنظيمي التي تساعد أعضاء هيئة التدريس على التشارك المعرفي المستدام ليكوّنوا معارف جديدة تثري إنتاجيتهم البحثية، وعملية التدريب التي تطور من المهارات البحثية للأكاديميين، علاوة على تدريبهم على ممارسات التسويق التجاري لإنتاجهم المعرفي مما يعظم من قيمته، وعملية السلامة المهنية؛ فلكي يطور أعضاء هيئة التدريس إنتاجهم المعرفي الأكاديمي، لابد من توافر البيئة المواتية لذلك، والتي تحميهم من مخاطر بيئة العمل والتهديدات التي تؤثر على رضاهم الوظيفي عن عملهم.
(4) الأبعاد الخاصة برسملة الموارد البشرية الأكاديمية:
إن عملية رسملة الموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات تتطلب الاستفادة من الإمكانات البشرية، كعامل حاسم في تطوير الابتكار بالجامعة، من خلال الاستثمار الفعال في المعرفة والمهارات والقيم، والقدرات التي تتراكم مع مرور الوقت أثناء تأدية العمل الأكاديمي، وتتم عملية الرسملة في: الإمكانات البشرية، والإمكانات العلمية، والإمكانات الإبداعية، والإمكانات الفكرية، والإمكانات الريادية، وإمكانات الابتكار، ومن ثم فإنها مرتكز مهم في الاستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعات، يقوم على الأبعاد التالية: رسملة المعرفة الأكاديمية، وإدارة رأس المال البشري الأكاديمي، وإدارة الإبداع والابتكار، وسيتم تناولها فيما يلي:
(أ)رسملة المعرفة الأكاديمية:
يعد مصطلح رسملة الموارد البشرية أكثر شمولية من مصطلح رسملة المعرفة التي تعرف بأنها عملية تنظيم وترتيب وتطوير المعارف من خلال إدارتها، وتحويلها من مجموعة مهارات فردية متواجدة في المنظومة الجامعية التي تحتوى على خبرات ومواهب مميزة، إلى رأس مال من المهارات والقدرات التي يمكن مشاركتها من خلال دمج المعارف في أدوات معلوماتية، وتصنيفها وتجهيزها للاستخدام لاحقًا، وبالتالي فهي عملية استخراج وتنظيم المعارف المتحصل عليها من الممارسات اليومية للأنشطة المختلفة داخل الجامعة، والاحتفاظ بها (عنصر، 2018، 31).
ومن هذا المنطلق وجب على الجامعات التوجه نحو رسملة المعرفة وإدارتها؛ من أجل تحقيق ميزة تنافسية للجامعة، فالتوجه نحو رسملة المعرفة يؤدي إلى الاستفادة من الأفكار المبتكرة والمعارف الإبداعية التي يمتلكها الأكاديميون بالجامعات، بحيث تستطيع الجامعة استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لديها؛ بما يحقق لها عوائد مالية ومعنوية ضخمة، تنعكس على أدائها العام بين الجامعات، حيث تعد مؤسسات التعليم الجامعي أحد أهم مؤسسات المجتمع التي تمتلك رأس مال معرفيًّا ضخمًا، يفوق ما هو موجود في منظمات الأعمال (الزهراني، الشريف، 2016، 592- 593).
هذا؛ وتتضمن عملية رسملة المعرفة استخدام المعرفة الأكاديمية بالجامعات، وتوظيفها في تنمية المجتمع، والتي أصبحت أكثر أهمية في بيئة العولمة التنافسية؛ فسابقًا، لم تهتم سياسات الحكومات وجهودها الاجتماعية إلا بابتكار المعرفة وإنتاجها، ولكن الزيادة الكمية في إنتاج المعرفة لا يرافقها النمو النوعي والنفعي للمعرفة، ومن ثم فإنتاج معرفة مفيدة وفهم سياق رسملة المعرفة من أجل تنمية المجتمع، أصبح أكثر أهمية من الاقتصار على إنتاجها، وبذلك أصبحت العلاقات بين الجامعات والصناعات والحكومات ضرورية لحساب رسملة المعرفة، وكذلك "نموذج الحلزون الثلاثي" من خلال التركيز على ديناميات وفائدة المعرفة في المجتمع القائم على المعرفة بجانب المهام التقليدية مثل التعليم والبحث، فتستطيع الجامعات الآن تنظيم نقل التكنولوجيا وأنشطة ريادة من خلال نموذج الحلزون الثلاثي الذي يوفر إطارًا مرنًا لتوجيه الجهود من أجل الهدف المشترك المتمثل في تحفيز التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة(Lee & Ngo, 2011, 161).
وعليه، فإن الانفتاح الاقتصادي والتطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات، أثر بشكلٍ كبير في الدور الذي يمكن أن تقوم به المعرفة الأكاديمية المنتجة في توليد الثروة ورفع معدلات النمو للجامعة في إطار اقتصاد المعرفة، والذى يركز على القدرات الفكرية لدى الأفراد، بوصفهم منتجين للمعرفة الأكاديمية، التي تعد موردًا رئيسًا للجامعات ومصدرًا للميزة التنافسية، فرسملة المعرفة تهيئ الفرص للجامعات في الكشف عن المعرفة واستثمارها لتحقيق أهدافها، وضمان البقاء في بيئة تمتاز بالمنافسة القوية (بوران،2016، 15).
وهنا تتضح أهمية إدارة المعرفة في بناء رأس المال المعرفي غير الملموس، واستثماره من قبل الجامعات لتوفير الموارد المالية الملموسة، ومن ثم يتم تحويل رأس المال المعرفي في رؤوس الأكاديميين إلى إنتاج معرفي أكاديمي متمثل في البحوث العلمية والاستشارات والتراخيص، وبذلك تكتسب المعرفة العلمية المنتجة أهمية كبيرة في تلبية المتطلبات الإبداعية للجامعة، والتي تسهم في دعم نظم الابتكار وتحقيق أهدافها الاستراتيجية لمواكبة المستجدات العلمية وتلبية الحاجة المتزايدة نحو الاستثمار في الموارد البشرية الأكاديمية من خلال رسملة المعرفة.
(ب)إدارة رأس المال البشري الأكاديمي:
تشير التيارات المحدثة في الفكر الاقتصادى على أهمية رأس المال البشري الأكاديمي في التنمية الاقتصادية، حيث يحتل مكانة مهمة بين عناصر الإنتاج، ويقوم بدورٍ أساسي في بناء القدرة الكبيرة على إنتاج الثروات، وتطبيق نتائج البحث العلمي الموجه نحو مشكلات الإنتاج، ومشكلات تنظيم المشروعات الاقتصادية، ومن ثم تتضح أهمية إدارة رأس المال البشري الأكاديمي لتكوين الطاقات الفكرية الخلاقة (العبادي، الطائي،2014، 41).
ويتمثل رأس المال البشري في رصيد المعرفة الضمنية المتواجدة في عقول الموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات، والمتولد من المقدرة العقلية البشرية، تلك المقدرة التي تكونها محفظة متفاعلة من الموجودات اللا ملموسة المتمثلة في (المعارف، الخبرات، المهارات، التعليم، الإرث التاريخي) التي يمكن استثمارها؛ لأن منحنى الإنتاج المعرفي الأكاديمي يتزايد بتقدم العمر، ولا يخضع لقانون الغلة المتناقصة، فضلًا عن الاستخدام المتعدد والمتزامن لها، على العكس من الموجودات الأخرى، ومن ثم فإن الاستثمار يحول المعرفة الضمنية إلى منتجات واقعية للانتفاع منها، مما يحقق الميزة التنافسية للجامعات من خلال تطوير الأفكار الإبداعية، ومن ثم يتحقق الاستثمار الكفء في رأس المال البشري الأكاديمي، من خلال إدارة رأس المال البشري، التي تعد منهجية فكرية ذات مقاصد استراتيجية للاستثمار، تتضمن عمليات تحليل ضرورات الاستثمار، وتشخيص العوامل الطاردة له (صالح، 2018، 16- 17).
ومن ثم تعرف إدارة رأس المال البشري الأكاديمي بأنها مدخل إداري، تعتمد عليه مؤسسات التعليم الجامعي في صياغة استراتيجية مناسبة؛ بقصد إدارة رأس المال البشري بطريقة إيجابية وفعالة، من خلال مجموعة من الجهود والأنشطة والعمليات المخطط لها (سلمى، 2017، 354) بما يسهم في تحقيق الأهداف التي تسعى المؤسسات الجامعية لتحقيقها، فضلًا عن المساهمة في النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية البشرية؛ من خلال الاستثمار في الطاقات الفكرية والذهنية التي تمثل القيمة السوقية للجامعات، إذا ما تم استثمارها بفاعلية، بما ينسجم مع التطورات والتحديات المستقبلية.
فالاستثمار في رأس المال البشري بإدارته بشكل كفؤ، يمكن الجامعة من الحصول على الميزة التنافسية، حيث إن الاستثمار في العنصر البشري يفوق جميع عمليات الاستثمار في العناصر الإنتاجية الأخرى إذا ما تم بشكل جيد، ويتكون رأس المال البشري الأكاديمي بالجامعات من أربعة مكونات مهمة، يمكن تحديدها فيما يلي: (الطويل، واليونس،2023، 40- 43)
(ج)إدارة الابتكار والإبداع:
تعد الجامعات أكثر المؤسسات احتضانًا لرأس المال البشري المعرفي؛ فهي مؤسسات معرفية تزخر بما تضمه من أعضاء هيئة تدريس وباحثين، وبذلك تعد مخازن ضخمة للمهارات والقدرات الكامنة، حيث تكمن القيمة الحقيقية للجامعات في مقدرتها على إدارة الإبداع والابتكار للموارد البشرية الأكاديمية، من خلال توليد أفكار جديدة تتمتع بمستوى عالٍ من الجودة، والقدرة على توظيف أفكارهم بتحويلها إلى منتجات وخدمات ذات قيمة، بحيث تؤدي إلى تحقيق مركز تنافسي جيد للجامعة، فرأس المال الفكري من أهم الموارد التي يمكن أن تحقق للجامعات الميزة التنافسية المطلوبة(اليوبي وآخرون، 2019، 26).
ولا تتوقف عملية إدارة الابتكار بالجامعات عند حد النشر العلمي لنتائج المخرجات البحثية، بل تدعم الباحثين لحماية مبتكراتهم، ووضعها في المسار الصحيح للتسويق التجاري، بما يمكّن الأكاديميين المبتكرين من تطبيق إنتاجهم المعرفي الأكاديمي، ومن ثم تتميز عملية إدارة الابتكار بالجامعات بنقل نواتج الأبحاث العلمية من المختبرات نحو التطبيق والتسويق؛ من خلال إضافة المزيد من القيمة للابتكار عبر فهم متطلبات السوق، وتحليل الملكية الفكرية، وربطها بالاحتياجات الصناعية؛ من أجل التحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، وبناء ثقافة الأعمال المعتمدة على المعرفة، وجذب الشركات الصناعية لدعم البحوث الأكاديمية (السلامي، والقحطاني، 2019، 49- 50).
ومن هذا المنطلق، تؤثر البيئة الاجتماعية والثقافية المحيطة بالجامعات على إدارة الابتكار بالجامعات، من خلال توجيه قدراتهم الابتكارية للأكاديميين بها، وهناك العديد من النماذج التي توضح تلك العلاقة بين الأكاديميين بالجامعات والقطاعات المجتمعية، والتي تؤثر على إنتاجيتهم المعرفية الأكاديمية، بحيث تصبح ذات طبيعة مبتكرة، ومنها:
وتهتم الجامعات المبتكرة بتأسيس الشركات الناشئة (Starts – ups) التي توفر التسهيلات اللازمة لإدارة الإبتكار، مما يجعل أعضاء هيئة التدريس بها روادًا للأعمال، بحيث تساعدهم في تطبيق ابتكاراتهم، من خلال التركيز على البحث العلمي، وتوفير الخدمات اللازمة للابتكار، والمساعدة في رعاية وتنمية الابتكار والتنافسية في المجال الصناعي، علاوة على توفير الفرص للأفراد الذين يتمتعون بالكفاءة والتميز في تحويل إنتاجهم المعرفي إلى منتجات ذات قيمة تطبيقية في مجالات الأعمال ذات التقنيات العالية (اليوبي وآخرون، 2019، 36).
مما سبق يتضح أن إدارة الابتكار عملية مهمة في دعم رسملة الموارد البشرية الأكاديمية، حيث تساعد الأكاديميين بالجامعات في تطبيق إنتاجهم المعرفي الأكاديمي المبتكر، بدلًا من الاقتصار على نشره، وتتم عملية إدارة الابتكار من خلال العلاقة الوطيدة والتكاملية بالمؤسسات الصناعية، وتلبية متطلباتهم من المخرجات البحثية، بحيث يقوم البحث العلمي بالجامعات على قاعدة مهمة، هي التوجه بالابتكار نحو المجتمع ومشكلاته، وتطوير منتجاته النابعة من احتياجات المستفيدين؛ لتحقيق التناغم مع متطلبات عصر العولمة التي تفرض تغييرا في وظائف الجامعة، وخاصة البحثية منها، فإدارة الابتكار تمكّن الجامعات من تحسين الوضع التنافسي لها على المستويين المحلي والعالمي.
(5) رسملة الموارد البشرية الأكاديمية وتحقيق الميزة التنافسية:
يشهد العالم المعاصر العديد من التحولات والتغيرات في مختلف مجالات الحياة، الأمر الذي انعكس على الجامعات بوجه خاص، ومن ثم ألقى العبء عليها لرسملة مواردها البشرية الأكاديمية، والحفاظ على الأصول المعرفية بداخلها لتحقيق الميزة التنافسية، ويتضح ذلك من خلال ما يلي: (مركز الدراسات الاستراتيجية، 2012، 63- 129)
مما سبق يتضح أن عملية الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ترتكز على عملية رسملة الموارد البشرية الأكاديمية؛ باعتبارهم عمال للمعرفة، والتي تسهم في تطوير معارفهم الضمنية والظاهرة وتعظيم قيمتها، بالتوجه من الاقتصار على إنتاج المعارف البحثية إلى تحويلها إلى منتجات ملموسة مادية، تسهم في عملية التطوير الاقتصادي، في ظل محيط يتسم بالتغير السريع والمنافسة الشديدة، فقد تغيرت النظرة للاستثمار في رأس المال البشري من النظرة الاستهلاكية، إلى كونه استثمارًا يعود بمنافع اقتصادية كبيرة، من خلال العائد الذي يوجِده للمؤسسة الجامعية، الأمر الذي يسهم في زيادة القدرة التنافسية للجامعات.
المحور الرابع: واقع استثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها:
تعد جامعة بنها أحد أهم الجامعات المصرية الحكومية وأقدمها، وترجع جذور إنشائها لعام 1911 ، وهو تاريخ إنشاء أول كيان علمي بمحافظة القليوبية، متمثل في المدرسة الزراعية بمشتهر التي تطورت بمرور السنوات، لتصبح كلية الزراعة بمشتهر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 143 بتاريخ 25/11/1976 بضم الكلية لجامعة الزقازيق/ فرع بنها، ويمكن توضيح التطور التاريخي لنشأة جامعة بنها فيما يلي: (جامعة بنها (أ)، 2023، 20- 21)
وسيتناول هذا المحور الواقع الخاص باستثمار جامعة بنها للإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بها؛ وذلك من خلال تعرُّف المؤشرات الخاصة بالاستثمار بجامعة بنها، وتحديد موقع جامعة بنها من التصنيفات العالمية.
أولًا: المؤشرات الخاصة باستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي بجامعة بنها:
تعد أعداد رسائل الماجستير والدكتوراه التي يتم الإشراف عليها ومناقشتها من قبل أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها، من المؤشرات الدالة على الإنتاج المعرفي الأكاديمي بالجامعة، حيث يتضمن الإنتاج العلمي لعضو هيئة التدريس الرسائل العلمية التي يشرف عليها ويشارك في مناقشتها.
جدول (2)
جملة رسائل الماجستير والدكتوراه الممنوحة بجامعة بنها
العام الجامعي |
ماجستير |
دكتوراه |
الإجمالي |
2017/2018 |
1120 |
446 |
1566 |
2018/2019 |
955 |
408 |
1363 |
2019/2020 |
1021 |
422 |
1443 |
2020/2021 |
891 |
364 |
1345 |
2021/2022م |
640 |
337 |
797 |
الإجمالي |
4627 |
1987 |
6614 |
المصدر: (جامعة بنها (أ)، 2023، 31)
يتضح من جدول (2) السابق، الانخفاض المتتالي لأعداد رسائل الماجستير والدكتوراه الممنوحة بجامعة بنها من عام 2017- 2022، مما يؤثر على الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة
التدريس بالجامعة، ويدل على ضعف إقبال طلاب الدراسات العليا على التسجيل بها، وقد يرجع الأمر إلى زيادة مصروفات التسجيل للدراسات العليا؛ مما يدفع الطلاب إلى الإحجام عنها.
اكتسب النشر الدولي أهمية كبرى؛ حيث أصبح ركيزة وأساسًا لتصنيف الجامعات عالميًا، كما أصبح تمويل المشروعات البحثية في معظم أنحاء العالم يعتمد أيضًا على عدد الأبحاث الدولية المنشورة للباحثين والمجموعات البحثية، ومجالات النشر الدولي، وجوائز النشر الدولي، وفيما يلي توضيح لذلك:
2/1 أعداد الأبحاث المنشورة دوليًا في الفترة من 2017/2022:
تمكن أعضاء هيئة التدريس والباحثون بالجامعة من نشر 6624 بحثا دوليا خلال الخمس السنوات من 2017 إلى 2022 ، حيث تم نشر عدد 1726 بحثا علميا بالمجلات المصنفة دوليًا خلال عام 2022 مقابل نشر 1866 بحثا خلال عام 2021 ، في حين كان عدد البحوث المنشورة 1361 عام 2020، ووزعت البحوث المنشورة بالمجلات العالمية طبقًا لتصنيفها خلال هذا العام، حيث تم نشر 230 بحثا علميا في مجلات الفئة الأولى Q1 و451 بحثا في المجلات العلمية بالفئة الثانية Q2 و 229 بحثا بمجلات الفئة الثالثة Q3 و111 بحثا بمجلات الفئة الرابعة Q4 (جامعة بنها (أ)، 2023، 34).
شكل (1)
عدد البحوث المنشورة دوليًا في الفترة من 2017 – 2022
يتضح مما سبق زيادة أعداد الأبحاث المنشورة دوليًا، الأمر الذي يعد مؤشرًا مهمًا على معدل الإنتاجية العلمية لأعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها، وحرصهم على النشر الدولي؛ مما يؤثر على الوضع التصنيفي لجامعة بنها، وقد يرجع ذلك ليس لاهتمام الجامعة بهذا، ولكن للجهود الفردية لأعضاء هيئة التدريس، ولرغبتهم في الارتقاء بأدائهم البحثي للحصول على درجات عليا في الترقية مما يؤثر على مستقبلهم المهني.
2/2 مجالات النشر الدولي في الفترة من 2017/2022:
يأتي في مقدمة النشر الدولي للجامعة تخصصات قطاع العلوم الأساسية، وقطاع العلوم الهندسية والتكنولوجية، وقطاع علوم الحاسب، وقطاع علوم الحياة، وفي الوقت نفسه ارتفع معامل تأثير الاستشهادات المرجعية على مستوى التخصص Field weight citation impact ليصل إلى 2.01 هذا العام مقابل 1.47 خلال عام 2020 ، في حين وصل معامل جودة مخرجات البحث العلمي إلى (h5 index 48) خلال 5 سنوات، ووصل عدد الاستشهادات المرجعية لجامعة بنها إلى 27342 استشهادا خلال تلك الفترة (جامعة بنها (أ)، 2023، 34).
شكل (2)
النشر العلمي الدولى طبقًا للتخصصات بجامعة بنها
يتضح مما سبق اقتصار مجالات النشر الدولي على المجالات العلمية التطبيقية، وقلة النشر الدولي في التخصصات النظرية، وقد يرجع ذلك إلى أن طبيعة العلوم التطبيقية تتطلب التوافق مع المستجدات العلمية في المجال العلمي الذي ينتمي إليه الباحث؛ مما يؤثر على الكيفية التي تكون عليها إنتاجه العلمي، أما التخصصات النظرية فمعظم باحثيها ليسوا على علم ودراية بمتطلبات النشر الدولي وأهميته.
2/3جوائز النشر الدولي في الفترة من 2017/2022:
اتجهت جامعة بنها منذ عدة سنوات إلى تحفيز باحثيها وعلمائها للنشر الدولي، بمنحهم جوائز مالية تعتمد على تصنيف الدوريات العلمية، ومعامل تأثير impact factor كل مجلة، وعدد الاستشهادات المرجعية لإجمالي عدد البحوث المنشورة طبقًا للحسابات المعلنة من جوجل اسكولر Google scholar، مما أدى إلى زيادة واضحة في معدل النشر الدولي للباحثين بالجامعة، وتحسين مؤشر البحث العلمي بها، وبلغ ما اعتمدته الجامعة لتحفيز أعضاء هيئة التدريس والباحثين على النشر الدولي إلى أكثر من 18 مليون جنيه خلال الفترة من 2017 إلى 2022 على النحو التالي: (جامعة بنها (أ)، 2023، 40)
جدول (3)
بيان بمكافآت النشر الدولي والاستشهادات من يناير 2017 حتى يوليو 2022
الدورة |
عدد البحوث المنشورة دوليًا في Impacted Journals |
مكافأة النشر الدولي للأبحاث بالجنيه Impacted Journals |
مكافأة الاستشهادات المرجعية بالجنيه Citations |
يناير 2017 |
150 |
241.749 |
21034 |
يوليو 2017 |
181 |
337.630 |
19824 |
يناير 2018 |
214 |
1.113.001 |
76750 |
يوليو 2018 |
121 |
649.834 |
52000 |
يناير 2019 |
316 |
1.000.904 |
34250 |
يوليو 2019 |
342 |
1.611.145 |
57250 |
يناير 2020 |
333 |
1.534.564 |
58000 |
يوليو 2020 |
391 |
1.809.666 |
129000 |
يناير 2021 |
399 |
2.015.000 |
48000 |
يوليو 2021 |
464 |
2.037.400 |
96000 |
يناير 2022 |
504 |
2.580.236 |
96750 |
يوليو 2022 |
537 |
2.736.348 |
130000 |
الإجمالي |
3952 |
1.667.477 |
818858 |
المصدر:(جامعة بنها (أ)، 2023، 40)
يتضح من جدول (3) السابق اهتمام جامعة بنها بتحفيز أعضاء هيئة التدريس على النشر الدولي في المجلات العالمية، وقد يرجع ذلك لرغبة جامعة بنها في الحصول على ترتيب أعلى في التصنيفات الدولية، مما يعزز سمعتها الأكاديمية، ويجعلها تحقق ميزة تنافسية.
2/4تطور المجلات العلمية التي تصدرها جامعة بنها وكلياتها:
يعد تصنيف المجلات العلمية التي تصدرها جامعة بنها من المؤشرات المهمة على التصنيف الجيد لها، والذي يدفع الباحثين من مختلف الجهات إلى النشر بها؛ نظرًا لحصول معظم مجلاتها على تصنيفات عالية، مما يدل على حجم الإنتاجية العلمية لأعضاء هيئة التدريس، والمسجل في قواعد البيانات العالمية (جامعة بنها (أ)، 2023، 64).
جدول (4)
تصنيف المجلات العلمية التي تصدرها جامعة بنها طبقًا لتقييم المجلس الأعلى للجامعات في الفترة من 2020-2022م
المجلة |
القطاع |
2020 |
2021 |
2022 |
مجلة كلية الآداب |
الدراسات الأدبية |
7.0 |
7.0 |
7.0 |
مجلة الدراسات والبحوث المحاسبية |
الدراسات التجارية |
4.5 |
6.5 |
6.5 |
الدراسات والبحوث التجارية |
الدراسات التجارية |
- |
6.0 |
6.0 |
مجلة كلية التربية |
الدراسات التربوية |
3.5 |
5.0 |
5.0 |
المجلة العلمية للتربية البدنية وعلوم الرياضة |
التربية الرياضية |
6.5 |
7.0 |
7.0 |
مجلة علوم وبحوث التربية البدنية والرياضية3.0 |
التربية الرياضية |
6.5 |
6.5 |
7.0 |
المجلة العلمية للدراسات والبحوث التربوية والنوعية |
التربية النوعية والاقتصاد المنزلي |
6.5 |
6.5 |
6.5 |
مجلة الفكر القانوني والاقتصادي |
الدراسات القانونية |
2.0 |
3.5 |
5.5 |
Journal of Nursing Science |
التمريض |
4.0 |
5.5 |
7.0 |
Annals of Agricultural Science |
الدراسات الزراعية |
5.5 |
6.5 |
6.5 |
Benha Journal of Applied Sciences |
العلوم الأساسية |
- |
40 |
6.0 |
Journal of Basic and Environmental Sciences |
العلوم الأساسية |
3.5 |
3.5 |
3.5 |
Benha Medical Journal |
الدراسات الطبية |
5.5 |
6.5 |
7.0 |
Engineering Research Journal (shoubra) |
الدراسات الهندسية |
5.5 |
5.5 |
6.5 |
Banha Veterinary Medical Journal |
الطب البيطري |
7.0 |
7.0 |
7.0 |
مجلة بنها للعلوم الإنسانية |
الدراسات الإنسانية |
- |
- |
- |
المصدر: (جامعة بنها (أ)، 2023، 64)
مما سبق يتضح تطور تصنيف المجلات العلمية الخاصة بجامعة بنها، وحصولها على درجات أعلى ــ خاصة في عام 2022، مما يدل على استكمال معظم المجلات للمتطلبات الخاصة للحصول على هذه الدرجات، كأن يكون للجامعة موقع إلكتروني، إلى غير ذلك؛ مما يسهل عملية النشر للإنتاج العلمي لأعضاء هيئة التدريس، سواء داخل جامعة بنها أو خارجها، مما يجذب المزيد من البحوث المتميزة لها، ويؤثر على استثمار الجامعة للإنتاج المعرفي الأكاديمي.
اهتمت جامعة بنها بدعم المبتكرين والنوابغ من طلاب الدراسات العليا والباحثين من هيئة التدريس، وشجعت على تسجيل براءات الاختراع كأحد المؤشرات المهمة في تصنيف الجامعة، وربط البحث العلمي بالصناعة ومشاكل المجتمع، وتوطين ثقافة ريادة الأعمال في مجال البحث العلمي، وقد تم إيداع طلبات لعدد 8 براءات اختراع بالشراكة مع جامعة بنها، هي كالآتي: (جامعة بنها (أ)، 2023، 41)
جدول (5)
عدد طلبات إيداع براءات الاختراع في الفترة من 2017 إلى 2022 بالمكتب المصري لحقوق الملكية الفكرية
م |
اسم البراءة |
رقم الطلب |
تاريخ تقديم الطلب |
الكلية |
1 |
PCR. Components 14-with labeled TKY microsatellites primermix for genolyping of horses |
2019081344 |
25/8/2019 |
الطب البيطري |
2 |
جهاز محلل رياضات المضرب |
1191/2020 |
16/8/2020م |
التربية الرياضية |
3 |
حوامة تعمل بالنظامين الجوي والأرضي |
1007/2020 |
12/7/2020م |
الهندسة |
4 |
Fatty acids binding protein 1 In alcoholic fatty liver. |
1955/2019 1956 /2019 |
8/12/2019 إضافة جامعة بنها 11/3/2020 |
الطب البشري |
5 |
المجموعة الهرمية المتكاملة للأشعة تحت الحمراء |
1520/2017 |
28/9/2017 إضافة جامعة بنها 22/12/2002 |
الفنون التطبيقية |
6 |
ابتكار كرات بروتين أنتوسيائين وظيفية وغنية بالطاقة |
1894/2020 |
29/11/2020 |
الزراعة |
7 |
نظام ذكي لعلاج مرضى الصدمات الحرارية/ الشمسية |
1630/2022م |
8/11/2022 |
الهندسة الطبية |
7 |
اكتشاف البكتيريا المسئولة عن عدم استجابة مرضى فيروس سي للعلاج (16إس آران إيه جين) |
1955L2019 |
|
الطب البشري |
المصدر: (جامعة بنها، 2023، 41)
يتضح من خلال جدول (5) قلة عدد براءات الاختراع بجامعة بنها، على الرغم من أنها تعبر عن النشاط الابتكاري في الجامعة، الأمر الذي يتضح معه ضعف جامعة بنها في تطوير إنتاجها المعرفي الأكاديمي ليرتبط بالعملية التنموية في المجتمع، ليدل على قدرة المنظومة البحثية بجامعة بنها على الابتكار والتجديد.
بلغ عدد المشروعات البحثية الممولة خلال الفترة من 2017 إلى 2022 (63) مشروعا بحثيا، موزعين تبعًا لجهات تمويل مختلفة منها (34) مشروعا بحثيا ممولا من صندوق حساب البحوث العامة بالجامعة، والذي يهدف إلى بناء قدرات شباب الباحثين بالجامعة في التخصصات المختلفة و(17) مشروعا ممولا من هيئة والتكنولوجيا والابتكار (STDF) ، و(11) مشروعا ممولا من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ومشروع واحد ممول من مكتبة الإسكندرية وبيان ذلك على النحو التالي: (جامعة بنها (أ)، 2023، 55)
جدول (6)
عدد المشروعات البحثية الممولة وجهات تمويلها وقيمة التمويل
م |
الجهة الممولة |
عدد المشروعات |
قيمة التمويل بالجنيه |
1 |
صندوق حساب البحوث العلمية بالجامعة |
عدد (34) مشروعا |
5.565.831 |
2 |
هيئة العلوم والتكنولوجيا والابتكار (STDF) |
عدد (17) مشروعا |
41.416.019 |
3 |
أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا |
عدد (11) مشروعًا |
24.130.000 |
4 |
مشروعات ممولة من جهات أخرى |
عدد (1) مشروع |
250.000 |
5 |
مشروعات تطوير التعليم العالي |
عدد (21) مشروعا |
25004.425 |
الإجمالي |
84 |
96.366.275 |
المصدر: (جامعة بنها (أ)، 2023، 55)
يتضح من جدول (6) السابق أن عدد المشروعات البحثية التي حظيت على اعتماد مالي من الجامعة والهيئات الأخرى لتمويلها واستكمالها من قبل أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها عدد مقبول، وهو من المؤشرات الدالة على الكفاءة النسبية للأداء البحثي للأكاديميين بالجامعة، كمخرجات مهمة للعملية البحثية.
إن 59.4% من إجمالي الإنتاج الفكري المنشور لجامعة بنها في الفترة من 2017 إلى 2022 ناتج عن التعاون الدولي بين الجامعة وغيرها من الجامعات حول العالم، وقد تمكن أعضاء هيئة التدريس والباحثون بالجامعة من نشر 1634 بحثا علميا بالمجلات المصنفة دوليًا، بالتعاون مع باحثين آخرين حول العالم(جامعة بنها (أ)، 2023، 71).
شكل (3)
تطور التعاون الدولي في النشر العلمي
مما سبق يتضح تطور التعاون في النشر العلمي الدولي من قبل أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها، حيث حظي النشر الدولي بنسبة 59.4% % من إجمالي الإنتاج الفكري المنشور للجامعة في الفترة من 2017 إلى2022، مما يدل على تطور الشراكات البحثية بين أعضاء هيئة التدريس جامعة بنها مع نظرائهم في الجامعات العالمية؛ وهو ما يؤثر على جودة الإنتاجية العلمية ومستوى كفاءة الأداء البحثي، الأمر الذي ينعكس على ترتيب جامعة بنها في التصنيفات العالمية.
تعد الشراكات البحثية من المرتكزات المهمة التي تؤثر على قدرة الجامعة في الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بها، وقد سعت جامعة بنها إلى عقد العديد من اتفاقيات التعاون مع الجامعات الدولية في إطار تطوير الشركات البحثية مع الجامعات العالمية (جامعة بنها (أ)، 2023، 73- 72) وهذا ما يوضحه الجدول التالي:
جدول (7)
الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون بين جامعة بنها وبعض الجامعات الدولية
|
م |
الجامعة/ المؤسسة |
الدولة |
تاريخ موافقة مجلس الجامعة |
||||
|
1 |
نينغشيا |
الصين |
23/11/2017م |
||||
|
2 |
معهد وينتورث للتكنولوجيا |
أمريكا |
20/3/2018م |
||||
|
3 |
جامعة ووهان للتكنولوجيا |
الصين |
26/6/2018م |
||||
|
4 |
مركز الدراسات الأفريقية – جامعة ووهان |
الصين |
26/6/2018م. |
||||
|
5 |
جامعة كاجوشيما |
اليابان |
7/8/2018م |
||||
|
6 |
كلية علوم النبات والتكنولوجيا – جامعة وسط الصين الزراعية |
الصين |
25/11/2018م |
||||
|
7 |
كلية العلوم الصحية – جامعة ووهان |
الصين |
26/6/2019م |
||||
|
8 |
جامعة رأس الخيمة للطب والعلوم الصحية |
الإمارات |
26/9/2019م. |
||||
|
9 |
كلية الهندسة الميكانيكية – جامعة ووهان للتكنولوجيا |
الصي ن |
17/7/2019 والممتدة حتى 31/7/2019م. |
||||
|
10 |
جامعة بكين للغابات (سلامة الغذاء) |
الصين |
17/7/2019 والممتدة حتى 31/7/2019م. |
||||
|
11 |
جامعة ليفربول |
إنجلترا |
8/1/2020م |
||||
|
12 |
جامعة بريستول |
إنجلترا |
7/6/2020م |
||||
|
13 |
جامعة فارنا |
بلغاريا |
30/6/2020م |
||||
|
14 |
جامعة موسكو الحكومية |
روسيا |
22/7/2020م |
||||
|
15 |
المركز الدولي للأسماكWorld Fish |
ماليزيا |
28/10/2020م |
||||
|
16 |
جامعة Shri Venkateshwara |
الهند |
27/1/2020م |
||||
|
17 |
جامعة Wyzsza Szkola Bankowa School of Banking) WSB |
بولندا |
27/1/2020م |
||||
|
18 |
جامعة ووهان للتكنولوجيا (4 برامج علمية مزدوجة) : 1-الهندسة المدنية. 2-التجارة الدولية والاقتصاديات. 3-إدارة الأعمال. 4-علوم الحاسب والتكنولوجيا. |
الصين |
6/4/2021م |
||||
19 |
اتفاقية تحالف في مجال العلوم التقنية -جامعة ووهان للتكنولوجيا. - الجامعة التكنولوجية. - المعهد الوطني للعلوم التثقيفية - جامعة إسطنبول التقنية. |
الصين ماليزيا المكسيك تركيا |
28/7/2021م |
|
||||
20 |
جامعة كيل |
إنجلترا |
9/29/2021م |
|
||||
21 |
اجمعة بانونيا Pannonia |
المجر |
29/12/2021م |
|
||||
22 |
اتفاقية تحالف مع جامعة لويزفيل وجامعة العلمين |
أمريكا |
2/2/2022م |
|
||||
23 |
جامعة Saint – Petersubr Electrotechnical University EU (ET1) |
روسيا |
28/6/2022م |
|
||||
يتضح من جدول (7) السابق عقد جامعة بنها عددًا مقبولا من الشراكات البحثية مع العديد من الجامعات العالمية في دول مختلفة، مما يثري العملية البحثية بها، ويرتقي بالإنتاج المعرفي الأكاديمي، ويحسن الأداء البحثي لأعضاء هيئة التدريس بها، ويدفعهم نحو الابتكار والتجديد في المجال البحثي الذي ينتمون إليه، حيث ينتج عنها تدعيم المشروعات والبرامج البحثية المشتركة، وتحقيق أعلى معدلات للنشر العلمي للمخرجات البحثية في المجلات العالمية.
اتخذت جامعة بنها عددًا من الإجراءات للمساهمة في تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس المنتسبين إليها، وذلك كما يلي:
فقد وافق مجلس جامعة بنها على إنشاء وحدة لتسويق البحوث العلمية بناءً على قرار المجلس رقم (889) بتاريخ 27/2/2018م (جامعة بنها، 2018)، ومن أهم أنشطة الوحدة: (الموقع الإلكتروني لجامعة بنها، 2023، https://bu.edu.eg/e-services/SMR_Unit.php)
وهو أحد مشروعات التعاون بين جامعة بنها وأكاديمية البحث العلمي، ويهدف إلى تشجيع روح ريادة الأعمال والابتكار بين طلاب الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والمجتمع المحلي، ويقدم "تايكو" دعمًا شاملًا لأفكار الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، بما في ذلك الدعم المالي والتقني والتدريب والإرشاد وحماية حوق الملكية الفكرية وتسجيل براءات الاختراع، ويقوم بتسويق المنتجات والخدمات المبتكرة، ويساعد في تحول الأفكار إلى منتجات ناجحة، وينظم فعاليات وورش عمل لتعزيز الروح الريادية والابتكارية، ويمثل "تايكو" مصدرًا مهمًا لدعم روح لابتكار والتفكير الريادي بين طلاب الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والمجتمع المحلي، ويتكون تياكو جامعة بنها من عدة مكونات مختلفة، تعمل على تحقيق هذه الأهداف الرئيسة: (جامعة بنها (أ)، 2023، 52):
(ج) ربط البحث العلمي بالصناعة واحتياجات المجتمع:
قامت جامعة بنها بإنشاء حاضنات تكنولوجية، باعتبار أن الحاضنات أحد أهم الأدوات الداعمة للتنمية المستدامة، حيث تهدف إلى تقديم خدمات الأعمال والتسهيلات الداعمة الفنية والعلمية لمشروعات البحث العلمي؛ بغرض تسويقها والوصول بمخرجات البحث العلمي إلى نماذج أولية قابلة للتصنيع التجاري، من خلال تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع صناعية وإنتاجية ناجحة، ولجامعة بنها حاضنتان تكنولوجيتان، هما: (جامعة بنها (أ)، 2023، 50- 51)
مما سبق يتضح أن جامعة بنها اتخذت العديد من الإجراءات المهمة في إطار اهتمامها بتسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي، حيث أنشأت وحدة تسويق البحوث العلمية، ومكتب دعم الابتكار ونقل وتسويق التكنولوجيا (التايكو)، وعدد من الحاضنات التكنولوجية؛ في سبيل الربط بين الجامعة ومخرجاتها البحثية والقطاعات المجتمعية، بحيث لا تنعزل جامعة بنها عن المجتمع المحلي المحيط بها، وهي في ذات الوقت تهتم بالبعد الدولي في تسويق الأبحاث.
ثانيًا: موقع جامعة بنها من التصنيفات العالمية:
تعد التصنيفات العالمية للجامعات من أبرز المؤشرات التي يمكن الاستدلال بها على جودة الخدمات التي يتم تقديمها في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع ومدى تطورها، لذا تسعى جامعة بنها كغيرها من الجامعات إلى الوصول إلى ترتيب متقدم في التصنيفات العالمية الأكثر شهرة للجامعات؛ والتي تعد حاليًا من ضمن المعايير المهمة التي يُعتمد عليها في إعطاء مؤشرات عن ترتيب الجامعة بين الجامعات العالمية، لذلك أصبح السعي وراء تحقيق مركز مرموق ضمن هذه التصنيفات هدفًا أساسيا لكل جامعة وليس جامعة بنها فقط.
جدول (8)
ترتيب جامعة بنها في تصنيف ويبومتركس للجامعات
الإصدار |
التصنيف |
|||
محليًا |
الوطن العربي |
إفريقيًا |
عالميًا |
|
2017 |
7 |
21 |
22 |
1857 |
2018 |
6 |
18 |
25 |
1759 |
2019 |
6 |
21 |
27 |
1728 |
2020 |
7 |
22 |
25 |
1613 |
2021 |
8 |
23 |
26 |
1450 |
2022 |
7 |
23 |
22 |
1225 |
2023 |
7 |
22 |
21 |
1141 |
المصدر: (جامعة بنها (أ)، 2023، 75)
جدول (9)
ترتيب جامعة بنها بتصنيف QS للمنطقة العربية في الفترة من 2017-2023م
العام |
العالم العربي |
مصر |
2017 |
18-90 |
14 |
2018 |
18-90 |
12 |
2019 |
18-90 |
13 |
2020 |
91-100 |
15 |
2021 |
91-100 |
12 |
2022 |
101-110 |
11 |
2023 |
101-110 |
11 |
المصدر:www.topunlversitles.com
جدول (10)
ترتيب جامعة بنها بتصنيف التايمز البريطاني
العام |
محليًا |
عالميًا |
2017 |
ــــــــــ |
ـــــــــــــ |
2018 |
ــــــــــ |
ــــــــــــ |
2019 |
1 |
601- 800 |
2020 |
4 |
801- 1000 |
2021 |
4 |
801- 1000 |
2022 |
4 |
801- 1000 |
2023 |
3 |
601- 800 |
المصدر: (جامعة بنها (أ)، 2023، 77)
جدول (11)
ترتيب جامعة بنها بتصنيف يو أس نيوز(U.S news)
العام |
محليًا |
إفريقيًا |
عالميًا |
2017 |
ــــــــــ |
ــــــــــ |
ـــــــــــــ |
2018 |
ــــــــــ |
ــــــــــ |
ــــــــــــ |
2019 |
ـــــــــ |
ــــــــــ |
ــــــــــ |
2020 |
12 |
37 |
1162 |
2021 |
13 |
41 |
1182 |
2022 |
13 |
39 |
1068 |
2023 |
12 |
36 |
943 |
المصدر : www.usnews.com
جدول (12)
ترتيب جامعة بنها في تصنيف شنغهاي للعلوم البيطرية، والطاقة والهندسة والعلوم الزراعية
العام |
عالمي |
مصر |
2017 |
ــــــــــــــــــــــــــــ |
ـــــــــــــــــــــــــــ |
2018 |
ـــــــــــــــــــــــــــ |
ـــــــــــــــــــــــــــ |
2019 |
151-200 |
2 |
2020 |
201-300 |
3 |
2022 |
151-200 |
3 |
العام |
العلوم الزراعية |
الطاقة والهندسة |
||
مصر |
عالمي |
مصر |
عالمي |
|
2022 |
4 |
401-500 |
2 |
301-400 |
المصدر: (جامعة بنها (أ)، 2023، 85)
وتأسيسًا على ما سبق يتضح ما يلى:
المحور الخامس: التصور المقترح للاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس لتحقيق الميزة التنافسية بالجامعات المصرية.
انطلاقًا من نتائج الدراسة النظرية التي تضمنت تحليلًا نظريًا لاستثمار الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس، من حيث المفهوم، والأهمية، وطرق القياس، والعوامل المؤثرة في الإنتاج المعرفي الأكاديمي، وتحديد الإطار الفلسفى للميزة التنافسية، وأهم مرتكزات الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لتحقيق الميزة التنافسية، واستنادًا إلى الوضع الراهن الذي تم التوصل إليه من خلال توضيح واقع جامعة بنها في الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بها، وتدني مكانتها في التصنيفات العالمية، يمكن وضع تصور مقترح للاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس، كمدخل لتحقيق الميزة التنافسية وفقًا للخطوات التالية:
أولًا: أهداف التصور المقترح:
هدف التصور المقترح إلى الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس؛ لتحقيق الميزة التنافسية لجامعة بنها من خلال مجموعة من المرتكزات، هي كما يلي:
ثانيًا: منطلقات التصور المقترح:
انطلق التصور المقترح من عدة منطلقات، هي كما يلي:
ثالثًا: أسس التصور المقترح:
تتحدد أسس التصور المقترح فيما يلي:
رابعًا: محاور التصور المقترح:
انطلاقًا من فلسفة التصور المقترح وأسسه، وفي ضوء ما توصل إليه البحث من نتائج بشقيها النظري والتحليلي لواقع جامعة بنها في الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بها، يقدم البحث الحالي بعض الآليات المقترحة التي يمكن من خلالها الاستثمار في الإنتاج المعرفي الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس كمدخل لتحقيق الميزة التنافسية، وذلك في المرتكزات التالية:
(1) تسويق الإنتاج المعرفي الأكاديمي:
(2) الشراكات البحثية مع القطاعات المجتمعية:
(3) رسملة الموارد البشرية الأكاديمية:
خامسًا: معوقات تحقيق التصور المقترح وسبل التغلب عليها:
تتمثل معوقات تحقيق التصور المقترح فيما يلى:
وللتغلب على هذه المعوقات وغيرها يجب مراعاة الآتى:
سابعًا: ضمانات نجاح التصور المقترح:
الخاتمة:
تعد الموارد البشرية الأكاديمية بالجامعات والمتمثلة في أعضاء هيئة التدريس بها، من أهم عناصر الإنتاج الدائمة التي لا تنضب بالمنظومة الجامعية، على عكس عناصر الإنتاج المادية الأخرى، وذلك إذا ما تم استغلال قدراتهم البشرية، وتوجيههم نحو الاستثمار الفاعل في إنتاجهم المعرفي الأكاديمي، حيث ترتكز عملية التنمية في أي مجتمع على رأس مالها البشري الذي يمتلك المعارف والقدرات التي ينبغي النظر إليها على أنها سلعة ذات منفعة، يمكن تحويلها إلى منتجات ذات قيمة تدعم الاقتصاديات والعمليات التنموية بالمجتمع، الأمر الذي يسهم في تعظيم الإنتاج العلمي وجعله مصدرًا لتحقيق الميزة التنافسية للجامعات.
المراجع
أولًا: المراجع العربية:
ثانيًا: المراجع الأجنبية:
المراجع
أولًا: المراجع العربية:
ثانيًا: المراجع الأجنبية: