دور الأسرة في استقبال المولود الجديد في ضوء القرآن الکريم والهدي النبوي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 کلية دار العلوم – جامعة المنيا

2 کلية التربية – جامعة أسيوط


 

 

                                     کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

                       =======

 

دور الأسرة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء

القرآن الکریم والهدی النبوی

 

إعــــــــــداد

 د/علی عبد السلام محمد علی

دکتوراه فلسفة العلوم الإسلامیة

    کلیة دار العلوم – جامعة المنیا

د/محمد عبد الرحیم علی عبد العال

دکتوراه أصول التربیة

کلیة التربیة – جامعة أسیوط

 

}     المجلد السادس والثلاثون– العدد الثالث -  مارس 2020م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

مقدمة:

   لقد اهتم الاسلام بتنظیم حیاة الناس وحرص على حل مشاکلها ، حیث شرع لها من الأحکام والتشریعات والنظم ما تحافظ به على تماسکها وترابطها ، ویوصلها إلى السعادة والطمأنینة والأمان فی الدنیا ، ویحمیها من الشقاء الأبدی فی الآخرة بإذن الله تعالى ، وینبع هذا الاهتمام من الوعی بمکانة الأسرة التربویة ، حیث أنها أصل راسخ من أصول الحیاة البشریة ، وضرورة لا یستغنی عنها شعب ولا جیل ، وهی الحصن الطبیعی الذی یتولى حمایة البراعم الناشئة ورعایتها، وتنمیة أجسادها وعقولها وأرواحها ، کما أنه فی ظلها تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتکافل ، وتنطبع بالطابع الذی یلازمها مدى الحیاة ، وهی الصورة الطبیعیة للحیاة المستقرة التی تلبی رغبات الإنسان ، وتفی بحاجاته ، والقلب النابض للمجتمع إذا صلحت صلح المجتمع ، وإذا فسدت فسد المجتمع.  

   فقد اعتنى القرآن الکریم بهدایة الإنسان منذ طفولته بل من قبل وجوده , ولذلک یحث الآباء على الدعاء بالولد الصالح , ویأمرهم بالاقتداء بالأنبیاء والصالحین فی تربیة أولادهم. ؛ فقد دعا سیدنا براهیم علیه السلام فقد دعا الله أن یرزقه من الصالحین, فقال تعالى على لسان إبراهیم: ﴿رَبِّ هَبْ لِی مِنَ الصَّالِحِینَ﴾  سورة الصافات: الآیة100.

     وکان المربی الأعظم الذی أخرج هذا الجیل بعون من الله من الظلمات إلى النور ومن الشرک إلى التوحید جاء بهذا الدین الذی ربى الإنسان وزکا خلقه وهذب سلوکه وأبهر بنظامه وترتیبه الأمم الأخرى ، إن التربیة وفق هذا المنهج الذی سطره محمد () لأتباعه هی أعظم تربیة عرفتها البشریة وهی التربیة القادرة على جعل الإنسان سویاً متزناً مستقراً شمولیاً عالمیاً وهذه هی خصائص التربیة الإسلامیة . فالتربیة الإسـلامیة هـی الأقدر على البقاء وهی الأجدر بالاعتناء وذلک لربانیة مصدرها فهی من عند الله العظیم المتعال رب العالمین الذی ربى جمیع العالمین بنعمه وفضله وعنایته سبحانه وتعالى وهذه أیضاً من خصائص تربیتنا الإسلامیة.

   وتعد الأسرة أول مؤسسة تربویة تتولى المخلوق البشری ، حیث یفتح عینیه على النور فیها، وهی الوعاء الذی تتشکل فی داخله شخصیة الطفل تشکیلا فردیا واجتماعیا ، کما أنها المکان الأنسب الذی تطرح ً أفکار الآباء لیطبقها الصغار فی الحیاة المستقبلیة ، لذا أصبح دور الأسرة فی تربیة الأطفال محط اهتمام متزاید ومضطرد من قبل الباحثین ورجال التربیة فی جمیع مجالات الحیاة ، المعرفیة والثقافیة والأخلاقیة والاقتصادیة وغیرها، لأنهم یرون ً صلاح أفراد الأسرة هو صلاح للمجتمع.

   حیث تمثل الأسرة وحدة البناء فی جسم أمتنا ، ومجمع فکرها وقیمها ، وعنوان هویتها ونموذجها الحضاری ، فهی اللبنة الأولى التی یقوم علیها المجتمع ، والکیان الصحی الذی ینشأ فیه الفرد ویتربى فی ظله ، ویبدأ اهتمام الإسلام بالأسرة المسلمة من وقت مبکر جدًّا قبل إنشائها ، حیث یحث على اختیار الصالح من الأزواج والزوجات ، وتغلیب جانب الصلاح والخلق على سائر الجوانب.

    وتعد نعمة الأولاد نعمة کبیرة وفضل عظیم على الإنسان من الله ، یعطیه لمن یشاء ویمنعه عمن یشاء ، وهم زینة الحیاة الدنیا، کما قال تعالى: ﴿المال والبنون زینة الحیاة الدنیا﴾ سورة الکهف: الآیة46 ، وهم کذلک قرة عین للوالدین ، فقد قال تعالى: ﴿والذین یقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذریاتنا قرة أعین﴾ سورة الفرقان: الآیة74 ، وکی یکون الأبناء زینة الحیاة الدنیا وقرة عین لوالدیهم فلابد من تربیتهم تربیة حسنة وتنشئتهم تنشئة سلیمة ، منذ بدایة خروجهم إلى الدنیا ونشأتهم علیها ، وعلى الأسرة دور کبیر فی استقبال ذلک الابن المولود الجدید ورعایته والعنایة به منذ خروجه من رحم أمه ، واستنشاقه لهواء الدنیا ، فالرعایة والعنایة بالطفل تکون منذ البدایة.

    لذا فقد أرشد النبی الکریم محمد() إلى بعض الأمور والنصائح والتوجیهات التی تلتزم بها الأسرة مع الطفل منذ ولادته ، واستقباله بها ؛ فالنبی محمد() ما ینطق عن الهوى ، ولا یفعل مثل هذه الأمور ویحث على هذه التوجیهات التی ینبغی فعلها للمولود ، ما یفعلها النبی() من تلقاء نفسه ، إنما کل ذلک وحی من العلی القدیر جل وعلا ، فالله تعالى یقول: ﴿وما ینطق عن الهوى* إن هو إلا وحی یوحى﴾ سورة النجم: الآیات3-4 ، والله تعالى یقول: ﴿وإن تطیعوه تهتدوا﴾ سورة النور: الآیة54

مشکلة البحث وتساؤلاته:

    لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن القرآن الکریم فیه صلاح البشریة وتحقیق سعادتها ؛ حیث یقول تعالى﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ وَیُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا کَبِیرًا﴾ سورة الإسراء: الآیة9.  کما صرح القرآن بالحکمة من التعرف على الهدی النبوی فی قوله تعالى: ﴿لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ سورة الأحزاب: الآیة21 ، فقد منّ الله تعالى على هذه الأمة ببعثة نبیه محمد () لیقوم بأداء الرسالة وتزکیة النفوس المؤمنة بالأعمال الصالحة وواجبات الإیمان ، قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ إِذْ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِهِ وَیُزَکِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمُ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ﴾ سورة آل عمران: الآیة164، فکان () معلما هادیا داعیا یعلم الناس الحلال والحرام ، ویعالج ما فی نفوسهم من میل وانحراف ، وضعف واستکبار ، ولم یقف () فی دعوة الناس إلى المنهج الأقوم والطریق الأمثل عند أمور العقیدة والعبادات ، بل ربط ذلک بجمیع شؤون حیاتهم ودقائق         أمورهم وخصائصها.

   وقد جعل الإسلام الأسرة هی المحضن الطبیعی الذی یقوم على رعایة الطفل ، واعتبر کل انحراف یصیب الناشئة مصدره الأول الأبوان ؛ لأنه یولد صافی السریرة ، سلیم الفطرة ؛ حیث إن الأسرة تحقق حفظ النوع الإنسانی بإنجاب النسل ، ثم تتحمل المسؤولیة بتربیتهم وتوجیههم ، بما یُسهم فی بناء شخصیتهم السویة.

    إلا أن الواقع یشیر عکس ذلک ؛ حیث إن معظم أطفال العالم یعانون من مشکلات عدیدة فی حیاتهم الیومیة نتیجةً لضعف دور المؤسسات التربویة بما فیها الأسرة بالاهتمام بهم منذ الصغر(دارزی أوف دینام & لایارد،2015م:5-6).

   وتمثل الأسرة الأساس الذى تقوم علیه تربیة الإنسان فی المراحل العمریة التالیة ،             فنرى فی عالمنا المعاصر مقدار ما یعانیه الإنسان فی العصر الحدیث من اضطرابات  مختلفة ، الأمر الذى یجعله کالمعلق بین السماء والأرض لأنه یفتقد الأساس المتین الراسخ             الذى یرکن إلیه ، والبعد عن تعالیم الدین الإسلامی والهدی النبوی فی مرحلة المیلاد                        (محمود حمدی زقزوق،2004م:38).

   کذلک أهملت الاتفاقیات الدولیة بعض الحقوق المهمة للطفل التی أکد علیها الإسلام ، فی حین أثبتت العدید من البحوث التربویة والطبیة أهمیة هذه الحقوق على الجوانب النفسیة والاجتماعیة والعقلیة وکذلک الحیاة المستقبلیة للطفل ومنها: التحنیک والعقیقة والحلق والختان والأذان فی أذن المولود بعد ولادته(سمر خلیل عبد الله، 2003م:176).

    حیث أشارت دراسة(عبد الحکیم یاسین حجازی، وائل سلیم الهیاجنة ، 2018م) إلى       ابتعاد کثیر من الأسر العربیة عن الالتزام بمبادئ التربیة الإسلامیة فی تربیة أطفالهم وربما یعود ذلک لعدم المعرفة الکافیة بمبادئها العظیمة ، واعتمادهم على التربیة المستمدة من الفلسفات الأخرى بالرغم من وجود بعض المیزات الحسنة فیها إلا أنها لا تخلوا من مبادئ ضروریة    تسببت فی فقد الأسرة هدفها الفعال فی التربیة واهتز دورها الأساسی فی تربیة الطفل             (عبد الحکیم یاسین حجازی، وائل سلیم الهیاجنة ، 2018م:345).

    کما أشار أحد الباحثین إلى أن تسمیة المولود بالأسماء التی فیها تمیع وتشبه وغرام تتسبب فی فقدان الشخصیة والذاتیة المتمیزة للطفل المسلم فی حیاته المستقبلیة ، وفیها انحدار لاعتبارها وتقدیرها وتحطیم معنویاتها(عبد الله قاسم الوشلی، 2002م:81).

      کذلک أثبتت الدراسات والأبحاث أن الرضاعة الصناعیة من جهة تتسبب فی هجمات متعددة الجوانب للمیکروبات والفیروسات والطفیلیات بسبب تلوث الماء أو الرضاعة غیر المعقمة فی غیاب وسائل الحفظ الصحی ، ومن جهة ثانیة قد یؤدی الأمر إلى توسع سوء التغذیة بسبب زیادة کمیة الماء الممزوج به مسحوق الحلیب ، کما أن الرضاعة الصناعیة عملیة باهظة وخطرة ، ینجم عنها مشکلات لا تحصى،إنه سلوک خطر بتهدید الأسر ویعرض الأطفال لمخاطر التلوث الغذائی ،والإفراط فی غش الألبان ومزجها بالماء ، لذا من الأهمیة بمکان ألا تحرم الأم طفلها من حقه فی الرضاعة الطبیعیة إذا کانت صحتها على ما یرام ، ولو فکرنا ملیـًا فی الأضرار الناجمة عن استخدام البدائل لحلیب الأم لتغیر هذا الأمر فضلاً عن أن الإقبال والاعتماد على الرضاعة الصناعیة یعرض المجتمعات للتفکک ویعرض فلذات أکبادنا لأمراض خطیرة.

    وفی ضوء ما سبق یرى الباحثان أن المجتمع المسلم بحاجة إلى إبراز دور الأسرة المسلمة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء هدی النبی ، ومن ثم یحاول الباحثان فی هذا البحث الإجابة عن التساؤلات التالیة:

  • ما دور الأسرة فی العنایة بالطفل فی ضوء الأدبیات والکتابات العلمیة؟
  • ما التوصیات التی تساعد الأسرة المسلمة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء القرآن الکریم وهدی النبی()؟

أهداف البحث

 یهدف البحث إلى تحقیق الأهداف التالیة:

  • تحدید علاقة القرآن الکریم والهدی النبوی باستقبال المولود الجدید.
  • تحلیل دور الأسرة فی ضوء الأدبیات والکتابات العلمیة.
  • تقدیم توصیات تساعد الأسرة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء القرآن الکریم وهدی النبی().

أهمیة البحث

  تکمن أهمیة البحث فی مدى الاستفادة التی یحققها للمستفیدین والمسئولین ، ویمکن تحدید أهمیة هذا البحث فی النقاط التالیة:

  • إبراز دور المنهج التربوی القرآنی فی العنایة بالمولود الجدید من خلال استنباط الآیات القرآنیة التی تناولت الطفل وکیفیة التعامل معه فی الأیام الأولى من حیاته.
  • الاقتداء بالمربی والمعلم للبشریة جمیعًا وهو النبی() ، حیث أمرنا الله عز وجل باتباع هدیه فی کل أمور الحیاة ، حیث یقول الحق تبارک وتعالى ﴿ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ سورة النور: الآیة56؛
  • یساعد البحث الأبوین فی حسن استقبال طفلهم الجدید من خلال تقدیم بعض التوصیات التی تم استنباطها من هدی النبی()؛
  • إمکانیة التعامل مع الطفل الجدید لها تأثیر مهم على حیاته فی المستقبل؛
  • ندرة الدراسات التی تناولت الطفل فی هذه المرحلة بالذات ، وبالتالی یمهد البحث لعدید من الدراسات فی هذا المجال؛
  • یعد البحث إضافة جدیدة للمکتبة الإسلامیة مما یسهم فی حل عدید من المشکلات التی تواجه المجتمع الإسلامی.

دراسات سابقة

أولاً: دراسات عربیة

    هدفت دراسة(إنعام محمد صالح ، 2018م) إلى تعرف واقع الاستفادة من الهدی النبوی فی استثارة القدرة الإبداعیة ، ودور المعلم فی تعزیز الهدی فی استثارة القدرة الإبداعیة عند الطبة ، وتحلیل المقررات الدراسیة عند الصفین الحادی والثانی عشر لتحدید الشواهد المتعلقة بالهدی النبوی ، واستخدمت الباحثة المنهج الوصفی ، وتم استخدام الاستبانة ، وتوصلت الدراسة إلى أن السنة النبویة تمثل مرجعیة علیا للتربیة والتعلیم لاشتمالها على الأسالیب التربویة المتنوعة التی تثری التعلیم وتثیر الإبداع ، کما أن دور المعلم کان إیجابیًا فی تعزیز الهدی النبوی فی استثارة الإبداع لدى الطلبة(إنعام محمد صالح ، 2018م).

     وهدفت دراسة(عبد الحکیم یاسین حجازی، وائل سلیم الهیاجنة ، 2018م) إلى الکشف عن حقوق الطفل التربویة فی التربیة الإسلامیة والفلسفة البراجماتیة والتعرف إلى أوجه التشابه والاختلاف بینهما ، ولتحقیق أهداف الدراسة قام الباحثان بمراجعة الآیات القرآنیة بالإضافة إلى الأحادیث النبویة والمراجع المتضمنة للفلسفة البراجماتیة لاستخلاص الآراء المتعلقة بحقوق الطفل التربویة ، من خلال استخدام المنهج الوصفی الاستنباطی ، وقد خلصت الدراسة إلى النتائج الآتیة:

  • أن للطفل حقوقا تربویة فی التربیة الإسلامیة تتمثل فی حقه فی الحیاة ، والأبوة والأمومة ، الإنفاق ، العدالة ، تنمیة القدرات الفردیة، ومراعاة مستوى نضج العقل فی تربیته وتعلیمه ، والحریة الواعیة.
  • أن للطفل حقوقا تربویة فی الفلسفة البراجماتیة تتمثل فی الحریة، الاهتمام بمیوله ومراعاة قدراته والتعامل مع الطفل فی جو دیمقراطی و مراعاة الفروق الفردیة.
  • کما بینت الدراسة أن هناک أوجها للتشابه والاختلاف بین حقوق الطفل فی التربیة الإسلامیة وحقوقه فی الفلسفة البراجماتیة. ، وفی ضوء نتائج الدراسة قدم الباحثان مجموعة من التوصیات أهمها: ضرورة أخذ المربین المسلمین بهذه الحقوق وتطبیقها، والابتعاد عن الأخذ بالأفکار المنحرفة المتعلقة بحقوق الطفل، عقد المؤتمرات والندوات للمختصین فی الشأن التربوی(عبد الحکیم یاسین حجازی، وائل سلیم الهیاجنة ، 2018م:343-353).

    بینما هدفت دراسة(مراد علی رشدی ، 2016م) إلى تعرف حقوق الطفل فی الإسلام لأن الأطفال هم شباب المستقبل ، واستخدم الباحث المنهج الوصفی ، وتوصلت الدراسة إلى أن الإسلام سبق جمیع الهیئات والمنظمات فی تحدید حقوق الطفل فی جمیع مراحل نموه(مراد علی رشدی ، 2016م:110-121).

    وهدفت دراسة ( فتحیة عبد الصمد عبید،2014م ) إلى بیان اهتمام الإسلام بالطفل فی جمیع أطواره من قبل أن یکون شیئًا مذکورًا إلى أن یکون جنینًا إلى أن یکون ولیدًا حتى یأتیه الیقین ، وبیان اهتمام الإسلام بالأسرة لیس فقط من حین وجودها ، بل قبل تکوینها ، ومسئولیة الآباء عن تربیتهم تربیة إسلامیة ، واستخدمت الباحثة منهج برایدی القائم على الوصف والتفسیر ، وتوصلت الدراسة إلى أن الشریعة الإسلامیة وضعت القواعد والأسس التی تحمی الطفل منذ أن یکون نطفة فی بطن أمه إلى یخرج إلى الحیاة ، أن التربیة الإسلامیة تربیة عامة وشاملة تلازم الإنسان فی جمیع أطوار حیاته من المیلاد إلى الشیخوخة ، وفی ضوء تلک النتائج أوصت الدراسة بضرورة التطبیق العملی للتربیة الإسلامیة لکل المراحل العمریة (فتحیة عبد الصمد عبید،2014م:204-308).

   وهدفت دراسة (أمانی فریز إبراهیم ، 2006م) إلى بیان أنواع العلوم التی أشار إلیها الهدی النبوی ، وبیان المجالات التی تطرق إلیها الهدی النبوی فی العلوم الطبیعیة ، واستخدمت الباحثة کلاً من المنهج الاستقرائی ، والاستنباطی والتحلیلی ، وتوصلت الدراسة إلى أنه توجد هدایات نبویة لدراسة العلوم الطبیعیة مما یؤکد شمول الهدی النبوی ، جاءت الهدایات النبویة مجملة وعامة وترکت التفصیلات للاجتهاد البشری ، وتشجیع الانفتاح على الأخرین بشرط المحافظة على الإطار المرجعی للأمة الإسلامیة العریقة(أمانی فریز إبراهیم ، 2006م).

ثانیًا: دراسات أجنبیة

  جاءت دراسة(Asim Abdelmoneim Hussein et al,2019) بعنوان "الطب النبوی ، الطب الإسلامی ، الطب التقلیدی العربی والإسلامی: إعادة النظر فی المفاهیم والتعریفات" ، وهدفت إلى الکشف عن مفاهیم الطب النبوی ، الطب الإسلامی ، الطب التقلیدی العربی والإسلامی ، حیث یکتسب الطب النبوی  والطب الإسلامی  أهمیة بالغة ؛ وذلک للاقتداء بالرسول محمد وسنته ، ویشیر الطب النبوی إلى العلاج الوقائی الوارد فی الهدی النبوی ،        فقد حدثت بعض الالتباسات والتساؤلات بعد وفاة النبی() وتطور الفکر الإسلامی ، والتی منها: هل الطب النبوی والطب الإسلامی هو نفس الشیء؟ ما هذا المصطلح الجدید         "الطب التقلیدی العربی والإسلامی"؟ کیف ترتبط هذه الممارسات ، إذا کانت متمیزة ،        ببعضها البعض؟ وکیف یرتبط الطب البدیل والتکمیلی؟ فقد أصبحت مسألة کیفیة فهم الطب النبوی موضوع اهتمام المسلمین فی مواجهة الآخرین فی مجالات العلوم الطبیة الحدیثة ، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی ، وأوضحت نتائج الدراسة إلى أن هناک اهتمام متزاید          نحو أنظمة الصحة الطبیعیة فی العدید من الدول العربیة والإسلامیة ، مما یعمل                 على إحیاء مفاهیم الطب النبوی والطب الإسلامی ، وأن الأمة الإسلامیة فی حاجة               إلى تکییف المنظورات الثقافیة والدینیة مع الاحتیاجات الیومیة الحدیثة والممارسة الطبیة ،  وکیفیة إدراج التدریب فی الطب التقلیدی والنبوی فی المناهج الطبیة فی الجامعات               (Asim Abdelmoneim Hussein et al,2019:62-69).   

    وجاءت دراسة(Indrayani et al,2017) بعنوان "کیف یطبق المجتمع المسلم التحنیک على الأطفال؟" ، وهدفت إلى الکشف عن کیفیة تطبیق التحنیک الذی یجریه المسلمون          لأطفالهم الجدد ، وتم استخدام المنهج الوصفی وتم جمع البیانات من خلال إجراء          مقابلات شاملة فی یونیو 2016 فی حی (Bojong Kulur).. وتوصلت نتائج الدراسة        إلى أهمیة وقت إجراء التحنیک للمولود الجدید ، الشخص الذی أجرى التحنیک ، والمادة المستخدمة ، والاستعداد قبل إجراء التحنیک ، وکیفیة مضغ التمر ، ومقدار التواریخ التی یجب إعدادها للطفل ، واستخدام الیدین والأصابع ، وکیفیة إجراء التحنیک ، والرضاعة الطبیعیة بعد إجراء التحنیک ، کما أن هناک بعض الاختلافات فی إجراء التحنیک فی المجتمع المسلم (Indrayani et al,2017:18-25).

التعلیق على الدراسات السابقة

من حیث الموضوع

   تناولت الدراسات السابقة واقع الاستفادة من الهدی النبوی ، وبیان أنواع العلوم التی أشار إلیها الهدی النبوی ، وعلاقة الطب النبوی ، الطب الإسلامی ، الطب التقلیدی العربی والإسلامی  بالهدی النبوی وکیفیة تطبیق التحنیک الذی یجریه المسلمون لأطفالهم الجدد ، کما تناولت الدراسات السابقة حقوق الطفل فی ظل منهج الإسلام ، واهتمام الإسلام بالطفل فی جمیع أطواره وکذلک دور الوالدین فی تکوین شخصیة أطفالهم.

من حیث المنهج

  جمعت الدراسات السابقة بین المنهج الوصفی والاستنباطی والاستقرائی على حسب نوع وطبیعة المشکلات التی تناولتها تلک الدراسات.

من حیث الشبه والاختلاف

    تتشابه الدراسة الحالیة مع الدراسات السابقة فی أنها تتطرق إلى مجال الطفولة فی ضوء منهج قویم وهو منهج النبی() ، بینما تختلف الدراسة عن الدراسات السابقة فی أنها تتناول مؤسسة تربویة مهمة ومرحلة طفولة معینة لم تتطرق إلیها الدراسات السابقة.

مصطلحات البحث

الهدی النبوی

   یمکن تعریف الهدی النبوی: بأنه سیرة المصطفى () وما سنه لنا من الأقوال والأفعال ، والحاجة إلى ذلک لا تنفک فی أی جانب من حیاة المسلم ، فالسنة هی المصدر الثانی للتشریع الإسلامی بالاتفاق بین العلماء ، والتحاکم إلى السنة النبویة من علامات الإیمان ، قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّکَ لَا یُؤْمِنُونَ حَتَّى یُحَکِّمُوکَ فِیمَا شَجَرَ بَیْنَهُمْ ﴾ سورة النساء: الآیة65.

المولود

   یعرف الباحثان المولود إجرائیًا بأنه الکائن البشری حدیث الولادة ، ویتضمن الذکر أو الأنثى من أبناء المجتمع المسلم.

الإطار النظری للبحث

دواعی الاهتمام باستقبال المولود الجدید فی ضوء القرآن الکریم والهدی النبوی

  یعرض الباحثان أهم المبررات للرجوع إلى القرآن الکریم والهدی النبوی فی مجال التربیة بصفة عامة والتربیة الإسلامیة بصفة خاصة ، ویمکن عرض المبررات کالتالی:

  • أن القرآن کلام رب العالمین , والله یعلم کیف یربی مخلوقه , وما هی الأسالیب والطرق المناسبة لتربیة الإنسان طوال حیاته العمریة.
  • یمثل النبی() القدوة الحسنة للمسلمین ، وهدیه أفضل الهدی حیث أمرنا الله تبارک وتعالى باتباعه والاقتداء به ؛ یقول تعالى: ﴿لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآَخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا﴾ سورة الأحزاب: الآیة21،
  • یدل اتباع هدی النبی() على محبة العبد المؤمن لربه ، یقول تعالى: ﴿قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ﴾ سورة آل عمران: الآیة31.، ویقول الطبری "فجعل اتباع هدی نبیه() علمًا لحبه ، وعذابًا لمن خالفه".
  • یکمن الاهتمام بالأسرة والانتماء لها فی قوله عز وجل واصفاً أنبیاءه الکرام بأنـًه جعل لهم أزواجًا وذریةَ ، حیث یقول تعالى: ﴿لقدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِکَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّیَّةً﴾ سورة الرعد: الآیة38،
  • تکوین الأسرة والإنجاب له من الفوائد العظیمة والمصالح الشرعیة المعتبرة بدءاً من الاستقرار النفسی والعاطفی للزوجین ومروراً بإنجاب الذریة وما فی ذلک من الأجر العظیم لمن أحسن تربیتهم واحتسب الأجر فی إدخال السرور علیهم والنفقة علیهم .

أهداف تکوین الأسرة فی الإسلام

 لقد شرع الإسلام تکوین الأسرة الصالحة لتحقیق عدید من الأهداف من أهمها:

أولاً: إقامة حدود الله

   أی: تحقق شرع الله فی کلِّ شؤونها ، وفی العلاقة الزوجیة ، وهذا معناه إقامة البیت المسلم الذی یَبنی حیاتَه على تحقیق عبادة الله ، وهذا یحقِّق الهدفَ الأسمى للتربیة الإسلامیة.

ثانیًا: تحقیق الأثر التربوی

   ینشأ الطفلُ ویترعرع فی بیتٍ أُقیم على تقوى من الله، ورغبة فی إقامَة حدود الله ، وتحکیم شریعته ، فیتعلم بل یقتدی بذلک من غیر کبیرِ جُهد أو عناء ؛ إذ یمتصُّ عادات أبویه بالتقلید، ویقتنع بعقیدتهما الإسلامیة حین یصبح واعیًا.

ثالثًا: تحقیق السکون النفسی والطمأنینة

   قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِیَسْکُنَ إِلَیْهَا﴾ سورة الأعراف:الآیة189.

رابعًا: تحقیق أمر رسول الله () بإنجاب النسل المؤمن الصالح

   قال النبی(): "تناکَحوا تناسَلوا ، أُباهی بکم الأممَ یوم القیامة"(المقاصد الحسنة: 350)، وهذا دلیلٌ واضحٌ على أن البیت المسلم یجب علیه أن یربِّی أبناءَه تربیةً تحقِّق هدفَ الإسلام؛ لأن المباهاة إنما تکون بکثرة النسل الصالح.

خامسًا: صون فطرة الطفل عن الزَّلَل والانحراف

  قال رسول الله(): "ما من مولودٍ إلاَّ یولد على الفطرة؛ فأبواه یهوِّدانه وینصِّرانه ویمجِّسانه ، کما تُنتَج البهیمة بهیمةً جمعاء ، هل تحسُّون فیها من جدعاء؟"(صحیح مسلم، رقم6926).

دور الأسرة فی تربیة الطفل فی ضوء القرآن الکریم والهدی النبوی

     لقد ورد فی القرآن الکریم ما یؤکد على دور الأبوین المؤثر فی عقیدة الأبناء الصـغار "کل مولود یولد على الفطرة ، فأبواه یهودانه أو ینصرانه أو یشرکانه قیل : یا رسول الله ، فمن هلک قبل ذلک قال : الله أعلم بما کانوا عاملین به"(الترمذی ، ب. ت ، جـ٣ : ص ٣٠٣ . ( ومن الجدیر ذکره فی هذا المقام ، أن الأبوین یندفعان بقوة وحماس نحو أداء واجبهما تجاه تربیة أطفالهما منذ لحظة میلادهما ، من منطلقین ، أولهما وجود عاطفة الأبوة لدیهما ، وعبر عن ذلک قوله تعالى على لسان زکریا (u): ﴿هُنَالِکَ دَعَا زَکَرِیَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّکَ سَمِیعُ الدُّعَاءِ﴾ سورة آل عمران: الآیة٣٨ ، وأما المنطلق الثانی ، فهو الإحساس بالمسئولیة أمام الله عز وجل والخوف من عواقب التقصیر فی تربیة الأبناء ، کما جاء فی قوله تعالى﴿یاأَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَکُمْ وَأَهْلِیکُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَیْهَا مَلَائِکَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا یَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَیَفْعَلُونَ مَا یُؤْمَرُونَ﴾ سورة التحریم: الآیة٦ . وجاء فی الحدیث الشریف" ألا کلکم راع وکلکم مسئول عن رعیته ".(مسلم ، ب. ت، جـ٣ : ص1459). کما جاء فی الحدیث الشریف أیضًا: " إن أحدکم یجمع خلقه فی بطن أمه أربعین یوماً، ثم یکون علقةً مثل ذلک ، ثم یکون مضغةً مثل ذلک، ثم یبعث الله ملکاً فیؤمر بأربع کلمات ، ویقال له أکتب عمله ورزقه وأجله وشقی أو سعید"(البخاری، ١٩٨٧ ، جـ٣ :١٠٧٤).،لذا یقوم الباحثان بتوضیح دور الأسرة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء القرآن الکریم والهدی النبویعلى النحو التالی:

المحور الأول: دور الأسرة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء القرآن الکریم

   تمثل الأسرة المکوَّنة من الأبوین أقدم مؤسَّسة اجتماعیة للتربیة عرفها الإنسان ، ولا زالَت الأسرةُ فی المجتمعات المختلفة هی مصدر التربیة والمعرفة بالنسبة لأبنائها ، وقد أدَّى تطور الحیاة البشریة واستقرار الإنسان وبِناء المجتمعات المدنیة والقرویة وزیادة الخبرات البشریة وتعدُّد أنواع المعرفة البشریة إلى أن تشارِک مؤسساتٌ أخرى الأسرةَ فی واجب الرعایة ، والاهتمام ، والتربیة ، والتوجیه ، وتخلَّت الأسرةُ عن بعض ما کانت تقوم به ، ورغم ذلک تظلُّ المؤسسة الأولى فی حیاة المجتمع الحدیث أیضًا فی التربیة ، وقد نص القرآن الکریم على القواعد التربویة الخاصة بالمولود نستعرضها فیما یلی:

أولاً: البشارة والتهنئة بالمولود

   لقد ورد ذکر البشارة بالمولود فی أکثر من موضع فی القرآن: قال تعالى عن إبراهیم ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ﴾ سورة الصافات: الآیة 112 ، وهنا کانت البشارة من الله سبحانه لسیدنا إبراهیم(u) بابنه إسحاق ، وقال تعالى: ﴿هَلْ أَتَاکَ حَدِیثُ ضَیْفِ إِبْرَاهِیمَ الْمُکْرَمِینَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَیْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْکَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِینٍ* فَقَرَّبَهُ إِلَیْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْکُلُونَ* فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِیفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِیمٍ﴾ سورة الذاریات: الآیات24-28 ، أما البشارة من خلال استقراء هذه الآیات فکانت من ضیف إبراهیم بأنهم بشروه بغلامٍ علیمٍ.

    وقال تعالى عن زکریا: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِکَةُ وَهُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُکَ بِیَحْیَى مُصَدِّقًا بِکَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَیِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِیًّا مِنَ الصَّالِحِینَ﴾ سورة آل عمران: الآیة39 ،حیث وردت البشارة هنا من الله تعالى لسیدنا زکریا من خلال الملائکة ، وکذلک قال: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِکَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ یَعْقُوبَ﴾ سورة هود: الآیة71. هنا جاءت البشارة من الله تعالى لامرأة سیدنا إبراهیم ، وقال: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِکَةُ یَا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُکِ بِکَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِیحُ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ وَجِیهًا فِی الدُّنْیَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ﴾  سورة آل عمران: الآیة45. جاءت البشارة من الله لمریم ابنة عمران.

     وفی هذا الصدد قال ابن کثیر: "هذه بشارة من الملائکة لمریم، علیها السلام، بأن سیوجد منها ولد عظیم، له شأن کبیر. قال الله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِکَةُ یَا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُکِ بِکَلِمَةٍ مِنْهُ﴾ أی: بولد یکون وجوده بکلمة من الله، أی: بقوله له: "کن" فیکون ، وهذا تفسیر قوله: ﴿مُصَدِّقًا بِکَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ سورة آل عمران: الآیة39 ، کما ذکره الجمهور على ما سبق بیانه ﴿اسْمُهُ الْمَسِیحُ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ﴾ أی یکون مشهورًا بهذا فی الدنیا، یعرفه المؤمنون بذلک"  (ابن کثیر: تفسیر القرآن العظیم، ج2: 42).

    وقد جعل الحق تعالى الإخبار بمیلاد الأنثى من البشارة ، إذ یقول تعالى ، مستنکرا على هؤلاء الذین کانوا یحزنون عند البشارة بالأنثى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ کَظِیمٌ * یَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَیُمْسِکُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا یَحْکُمُونَ﴾ سورة النحل: الآیتان58-59.

     قال القرطبی: "قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى﴾ أی أخبر أحدهم بولادة بنت ،        ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً﴾ ؛ أی متغیرا، ولیس یرید السواد الذی هو ضد البیاض، وإنما هو کنایة عن غمه بالبنت. والعرب تقول لکل من لقی مکروها: قد اسود وجهه غما وحزنا ؛ قال الزجاج ، وحکى الماوردی أن المراد سواد اللون قال: وهو قول الجمهور. ﴿وَهُوَ کَظِیمٌ﴾ أی ممتلئ من الغم. وقال ابن عباس: حزین. وقال الأخفش: هو الذی یکظم غیظه فلا یظهره. وقیل: إنه المغموم الذی یطبق فاه فلا یتکلم من الغم؛ مأخوذ من الکظامة وهو شد فم القربة          (القرطبی: 10/116).

المضامین التربویة للبشارة والتهنئة بالمولود الجدید

   لعل المضمون التربوی للبشارة یکمن فی قیام المجتمع المسلم بتهنئة الأسرة بالمولود الجدید بشرط ألا تکون هناک تفرقة بین ولد أو بنت حیث أن هذا المولود یعد عضوًا جدیدًا یقوم       علیه المجتمع الإسلامی فی حاضره ومستقبله ، وذلک حتى یسود التفاعل وتعم الألفة بین          أفراد المسلمین.

ثانیًا: التسمیة باسم حسن

    لقد أرشدنا القرآن الکریم إلى کثیر من الأسماء التی یمکن الاختیار من بینها للمولود ؛ حیث  قال تعالى عن زکریا: ﴿یَا زَکَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُکَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ یَحْیَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا﴾ سورة مریم: الآیة7، هنا ارتبط اختیار الاسم بالبشارة ؛ فقد اختار المولى عز وجل اسم یحیى للغلام وکان أول اسم لم یسمیه أحد من قبل.  

    وقد ذکر القرطبی: "وأما قوله: "بیحیى"، فإنه اسم، أصله "یفعل"، من قول القائل:" حیی فلانٌ فهو یحیَى" ، وذلک إذا عاش. "فیحیى" "یفعل" من قولهم "حیی". وقیل: إن الله جل ثناؤه سماه بذلک، لأنه یتأوّل اسمه: أحیاه بالإیمان." (الطبری: 6/370).

    وقال تعالى عن امرأة عمران: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّی نَذَرْتُ لَکَ مَا فِی بَطْنِی مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّی إِنَّکَ أَنْتَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّی وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَیْسَ الذَّکَرُ کَالْأُنْثَى وَإِنِّی سَمَّیْتُهَا مَرْیَمَ﴾  سورة آل عمران: الآیتان35-36 ، وهنا نذرت امرأة عمران الجنین الذی فی بطنها لله سبحانه وتعالى ، وعندما تمت عملیة الوضع اختارت امرأة عمران اسم مریم للمولودة الجدیدة.  

   وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِکَةُ یَا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُکِ بِکَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِیحُ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ وَجِیهًا فِی الدُّنْیَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ﴾ سورة مریم: الآیة45 ، وهنا کانت الکلمة من الله حیث إن الکلمة أشمل من الاسم بأنه المسیح عیسى ابن مریم.

 المضامین التربویة للتسمیة

  یتضح مما سبق أن دور الأسرة المسلمة هو اختیار اسم من الأسماء التی وردت فی القرآن الکریم لطفلهم ، والابتعاد عن الأسماء التی بها سخریة واستهزاء بالإنسان ؛ حیث إن الاسم من حق المولود على والدیه.

ثالثًا: الدعاء للمولود وإعاذته من الشیطان

    قال تعالى على لسان امرأة عمران: ﴿وَإِنِّی أُعِیذُهَا بِکَ وَذُرِّیَّتَهَا مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ﴾ سورة آل عمران: الآیة36. ، وفی ضوء ذلک قال ابن کثیر: "وقوله إخبارًا عن أم مریم أنها قالت: ﴿وَإِنِّی أُعِیذُهَا بِکَ وَذُرِّیَّتَهَا مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ﴾ أی: عَوَّذتها بالله عز وجل  من شر الشیطان ، وعوذت ذریتها ، وهو ولدها عیسى (u) فاستجاب الله لها ذلک کما قال عبد الرزَّاق: أنبأنا مَعْمَر ، عن الزهری ، عن ابن المسیب، عن أبی هریرة() قال: قال رسول الله () "مَا مِن مَوْلُودٍ یُولَدُ إلا مَسَّه الشَّیْطَانُ حِینَ یُولَدُ، فَیَسْتَهِلّ صَارخًا مِنْ مَسِّهِ إیَّاهُ، إلا مَرْیَم َوابْنَهَا".           ثم یقول أبو هریرة: اقرأوا إن شئتم: ﴿وَإِنِّی أُعِیذُهَا بِکَ وَذُرِّیَّتَهَا مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ﴾"           (ابن کثیر: 2/34).

     ومن خلال قراءة سورتی الفلق والناس على المولود فإنه یُعوَّذ بذلک من شر الإنس والجن ، وکذلک قال: ﴿وَالَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّیَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْیُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِینَ إِمَامًا﴾ سورة الفرقان: الآیة74 ، حیث إن الدعاء للذریة من صفات عباد الرحمن المؤمنین فهنا الارتباط وثیق بین الأزواج والذریة وذلک لأن اختیار الزوج أو الزوجة یتوقف علیه صلاح أو فساد الطفل فی حیاته المستقبلیة.

 المضامین التربویة للدعاء

  من هنا وجب على الأسرة الدعاء للمولود بالخیر والصلاح ؛ حیث إن الأطفال هم قرة الأعین وزینة الحیاة الدنیا ، وبقدوم المولود الجدید فإنه یعم الفرح والسعادة داخل الأسرة.

رابعًا: العقیقة عن المولود یوم السابع

    قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِینِ* وَنَادَیْنَاهُ أَنْ یَا إِبْرَاهِیمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیَا إِنَّا کَذَلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِینُ* وَفَدَیْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ﴾ سورة الصافات: الآیات103-107.

     فمن أهل العلم من ذکر بأن سنة العقیقة للمولود عن النبی محمد () هی سنة کذلک عن نبی الله إبراهیم حیث فدى الله تعالى ابنه إسماعیل بکبش عظیم فصارت العقیقة سنة للمولود من عهد نبی الله إبراهیم(u) ، فقد قال ابن القیم: ومن فوائدها، أی العقیقة ، أنها فدیة یفدى بها المولود کما فدى الله سبحانه إسماعیل الذبیح بالکبش وقد کان أهل الجاهلیة یفعلونها ویسمونها عقیقة ویلطخون رأس الصبی بدمها فأقر رسول الله() الذبح وأبطل اسم العقوق ولطخ رأس الصبی بدمها فقال لا أحب العقوق وقال "لا یمس رأس المولود بدم"(ابن قیم الجوزیة: تحفة المودود:70).

  المضامین التربویة للعقیقة

   فی ضوء ما سبق یمکن القول فی مشارکة الأسرة لأفراد المجتمع المسلم فی عقیقة المولود الجدید ، سواء بالإهداء لهم أو الصدقة على فقرائهم أو دعوتهم إلیها ، فرصة لکی یحوز المولود من أول أیامه دعاء هؤلاء الناس له بالبرکة والصلاح وفی العقیقة تربیة للمسلم على مخالفة المشرکین وترک التشبه بهم.

خامسًا: الرضاعة من لبن الأم

   قال تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ یُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کَامِلَیْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ یُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُکَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِکَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَیْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَکُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَیْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ﴾ سورة البقرة: الآیة233 ، وفی هذه الآیات نجد أن الله عز وجل أکد على إرضاع المولود من لبن الأم الطبیعی ، والإنفاق على المولود وکسوته من المال الحلال .

    وقال تعالى: ﴿وَوَصَّیْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَیْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِی عَامَیْنِ أَنِ اشْکُرْ لِی وَلِوَالِدَیْکَ إِلَیَّ الْمَصِیرُ﴾ سورة لقمان: الآیة14 ، کما قال تعالى: ﴿وَوَصَّیْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَیْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ کُرْهًا وَوَضَعَتْهُ کُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْکُرَ نِعْمَتَکَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَعَلَى وَالِدَیَّ وَأَنْ          أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی إِنِّی تُبْتُ إِلَیْکَ وَإِنِّی مِنَ الْمُسْلِمِینَ﴾ سورة         الأحقاف: الآیة15.

    وقد قال الإمام السعدی فی قوله تعالى: ﴿ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ "للحمل تسعة أشهر ونحوها والباقی للرضاع هذا هو الغالب ، ویستدل بهذه الآیة مع قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کَامِلَیْنِ﴾ أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاع -وهی سنتان- إذا سقطت منها السنتان بقی ستة أشهر مدة للحمل"(السعدی: 1/781).

   وقال تعالى: ﴿وَأَوْحَیْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِیهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَیْهِ فَأَلْقِیهِ فِی الْیَمِّ وَلَا تَخَافِی وَلَا تَحْزَنِی إِنَّا رَادُّوهُ إِلَیْکِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِینَ﴾ سورة القصص: الآیة7. 

    وقد أجاز القرآن إرضاع الطفل من غیر أمه إذا تعسر الإرضاع من الأم ، وذلک حفاظا على إمداد الطفل بالغذاء اللازم له متمثلا ذلک فی اللبن الذی أوجده الله تعالى له، حتى ولو کان من غیر أمه ؛ فقد قال تعالى: ﴿أَسْکِنُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ سَکَنْتُمْ مِنْ وُجْدِکُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَیِّقُوا عَلَیْهِنَّ وَإِنْ کُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَیْهِنَّ حَتَّى یَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَیْنَکُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ سورة الطلاق: الآیة6.

المضامین التربویة للرضاعة

  من هنا یکمن دور الأم فی الرضاعة الطبیعیة  خلال الأشهر السّتة الأولى من حیاة الطفل ، على أن یبدأ ذلک خلال الساعة الأولى بعد الولادة ، حیث إن الاستمرار فی الرضاعة الطبیعیة یعزّز  النمو الحسّی والإدراکی للطفل ، ویقیه من الأمراض المعدیة والمزمنة.

سادسًا: العنایة بالمولود ورعایته والاهتمام به

   أما عن العنایة بالمولود ورعایته والاهتمام به ؛ فقد قال تعالى عن أم موسى:                ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ کَادَتْ لَتُبْدِی بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَکُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ* وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّیهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا یَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَیْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّکُمْ عَلَى أَهْلِ بَیْتٍ یَکْفُلُونَهُ لَکُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ کَیْ تَقَرَّ عَیْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لَا یَعْلَمُونَ﴾ سورة القصص: الآیات10-13. ، وقال: ﴿إذْ تَمْشِی أُخْتُکَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّکُمْ عَلَى مَنْ یَکْفُلُهُ فَرَجَعْنَاکَ إِلَى أُمِّکَ کَیْ تَقَرَّ عَیْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾ سورة طه: الآیة40.، کما قال: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ سورة البقرة: الآیة233.

     وقد قال الإمام الطبری: "القول فی تأویل قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
قال أبو جعفر: یعنی تعالى ذکره بقوله:"وعلى المولود له"، وعلى آباء الصبیان للمراضع "رزقهن"، یعنی: رزق والدتهن. ویعنی ب"الرزق": ما یقوتهن من طعام ، وما لا بد لهن من غذاء ومطعم. و"کسوتهن"، ویعنی: ب"الکسوة": الملبس. ویعنی بقوله:"بالمعروف" ، بما یجب لمثلها على مثله، إذ کان الله تعالى ذکره قد علم تفاوت أحوال خلقه بالغنى والفقر ، وأن منهم الموسع والمقتر وبین ذلک. فأمر کلا أن ینفق على من لزمته نفقته من زوجته وولده على قدر میسرته، کما قال تعالى ذکره: ﴿لِیُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا﴾ سورة الطلاق: الآیة7 (الطبری: جامع القرآن، 5/35).

 المضامین التربویة للعنایة بالمولود ورعایته

  من هنا یتضح أن دور الأسرة المسلمة فی العنایة بالمولود وعایته والاهتمام به من خلال إعطاء المولود الجدید اهتماماً خاصاً ، عن طریق مراقبته وحمله والنظر فی عینیه بشکلٍ مباشر ، فمن شأن هذه الأمور تعزیز نمو دماغ الطفل والنمو العاطفی والجسدی والعقلی بشکلٍ سلیمٍ.

المحور الثانی: دور الأسرة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء الهدی النبوی

  یمکن توضیح بعض الأمور التی تقوم بها الأسرة عند استقبال المولود الجدید ، وهی مستمدة من هدی وتوجیه النبی الکریم صلوات الله علیه ، ومنها:

أولاً: البشارة والتهنئة بالمولود

    على الأسرة أن تستبشر وتفرح بقدوم الأنثى کما یکون الفرح بقدوم المولود الذکر ، فمن الملاحظ أن بعض الأسر إذا کانت المولودة أنثى ، فإن الفرح والاستبشار بها لا یکون کما یکون فی حال إذا کان المولود ذکر ، ویکاد یکون هذا الأمر جبلی وفطری عند معظم البشر ، فالنفس البشریة مجبولة فی الغالب على حب الولد الذکر ، ولکن من المؤسف أننا نرى أنه إذا کانت المولودة أنثى فإنَّه فی الغالب تکون هناک حالة من الحزن والأسى تخیم على البیت وعلى الأسرة ، ولا سیما إذا کانت هذه الأنثى قد جاءت بعد أنثى أولى أو ثانیة للأسرة.

  حیث إن حال هذه الأسرة یشبه حال من ذکرهم الله تعالى فی القرآن الکریم ، مستنکرا جل وعلا سلوکهم وفعلهم عندما یُبشر أحدهم بالأنثى ، إذ یقول تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ کَظِیمٌ * یَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَیُمْسِکُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا یَحْکُمُونَ﴾ سورة النحل: الآیات58-59.

     وفی هذا الصدد یقول ابن کثیر: "إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا أی کئیبا من الهم وهو کظیم ساکت من شدة ما هو فیه من الحزن. یتوارى من القوم أی یکره أن یراه الناس من سوء ما بشر به أیمسکه على هون أم یدسه فی التراب أی إن أبقاها أبقاها مهانة لا یورثها ولا یعتنی بها ، ویفضل أولاده الذکور علیها أم یدسه فی التراب أی یئدها وهو أن یدفنها فیه حیة کما کانوا یصنعون فی الجاهلیة" (ابن کثیر: 1419هـ:496).

   نعم ساء ما یحکم به أمثال هؤلاء وساء ما یفعلونه عند تبشیرهم بالأنثى ، إنهم ما علموا أن الأنثى رزق الله وعطاء الله وهبة الله ، فالله تعالى یقول: ﴿لِلَّهِ مُلْکُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ یَخْلُقُ مَا یَشَاءُ یَهَبُ لِمَنْ یَشَاءُ إِنَاثًا وَیَهَبُ لِمَنْ یَشَاءُ الذُّکُورَ * أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُکْرَانًا وَإِنَاثًا وَیَجْعَلُ مَنْ یَشَاءُ عَقِیمًا إِنَّهُ عَلِیمٌ قَدِیرٌ﴾ سورة الشورى: الآیات49-50.

    ویدعو النبی () إلى العدل بین الأبناء (أولادا وبنات) ولو فی القُبل ، فقد جاء فی بعض الآثار عن الصحابی الجلیل ابن جریج أنَّه قال: أخبرنی من لا أتهم أن النبی (): دعاه رجل من الأنصار فجاء ابن له فقبله وضمه وأجلسه إلیه ثم جاءته ابنة له فأخذ بیدها فأجلسها، فقال النبی (): "لو عدلت کان خیرا لک قاربوا بین أبنائکم ولو فی القبل" ( أبوبکر عبدالرازق الصنعانی،1403هـ:99).

   کما یضرب النبی الکریم() المثل الأعلى فی حب البنات والعنایة بهن ، فقد کانت فاطمة() ، ریحانة قلبه ، یفرح لفرحها ویحزن لحزنها ویتألم لألمها ، ویقول الکاتب عبدالرحمن رأفت الباشا: "کانت فاطمة رضوان الله علیها إذا دخلت على رسول الله () أخذ بیدها ورحَّب بها وأجلسها فی مجلسه ... وکان إذا دخل علیها قامت له ورحَّبت به وأخذت بیده فقبَّلتها"( عبدالرحمن رأفت الباشا،1996م:44).

المضامین التربویة للبشارة والتهنئة بالمولود الجدید

   فالبنت هبة الله تعالى للإنسان ورزق من الله للأسرة ، فلا ینبغی أن تحزن الأسرة  لمجیئها ، بل لابد من الاستبشار والفرح بها ، فلعل الخیر فیها ، وکم من بنت قد صارت مصدر سعادة لأسرتها ، وموضع تکریم وتشریف لأهلها بثقافتها وعلمها وأدبها وأخلاقها وتفوقها الدراسی! ولعل البنت کذلک تکون مصدر سعادة لأبیها فی الآخرة ، فالنبی () یقول: "من عال ثلاث بنات، فأدبهن ، وزوجهن ، وأحسن إلیهن ، فله الجنة" (أبو داود، رقم الحدیث5147).

ثانیًا: الأذان فی أذن المولود الیمنى

       وهذا هدی نبوی عظیم ، إذ أنه مما ینبغی على الأسرة فعله أن یؤذن أحد الأفراد فی أذن المولود الیمنى ، وذلک بصیغة الأذان المعروفة ، والتی یؤذَّن بها لکل صلاة من الصلوات الخمس ، فعن الصحابی الجلیل أبی رافع الأنصاری أنه قال: "رأیت رسول الله () أذن فی أذن الحسن بن علی حین ولدته فاطمة بالصلاة"(الترمذی، رقم الحدیث1514).

المضامین التربویة للأذان فی أذن المولود

   وحول سر الأذان فی أذن المولود عند الولادة یقول ابن القیم فی کتابة تحفة المودود:"وسر التأذین والله أعلم أن یکون أول ما یقرع سمع الإنسان کلماته المتضمنة لکبریاء الرب وعظمته والشهادة التی أول ما یدخل بها فی الإسلام فکان ذلک کالتلقین له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنیا کما یلقن کلمة التوحید عند خروجه منها وغیر مستنکر وصول أثر التأذین إلى قلبه وتأثیره به وإن لم یشعر.

    حیث أکد عدید من الأطباء المتخصصین فی طب الأطفال أن هذا التأثیر یلازم الطفل وینمو معه ، حیث إن الطفل الذی أذن له فی أذانه متى سمع نداء الأذان توقف عن لعبه وأصغى إلى الأذان ، ولربما یردده مع المؤذن.

   مع ما فی ذلک من فائدة أخرى وهی هروب الشیطان من کلمات الأذان وهو کان یرصده حتى یولد فیقارنه للمحنة التی قدرها الله وشاءها فیسمع شیطانه ما یضعفه ویغیظه أول أوقات تعلقه به ، وفیه معنى آخر وهو أن تکون دعوته إلى الله وإلى دینه، الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشیطان کما کانت فطرة الله التی فطر علیها سابقة على تغییر الشیطان لها ونقله عنها ولغیر ذلک من الحکم"(ابن قیم الجوزیة ،1391هـ/1971م:31).

   لذا فالسنَّة إذا هی فعل الأذان فی أذن المولود الیمنى دون الإقامة، ویکون الأذان فی الیوم الأول من ولادة الطفل، وبالأحرى بعد ولادته مباشرة، لیکون الأمر، کما قال ابن القیم ، أول ما یقرع أذن المولود هی الکلمات الدالة على تعظیم الله تعالى وإجلاله وکبریائه.

ثالثًا: تحنیک الطفل بالتمر

   عن أسماء بنت أبی بکر أنها حملت بعبد الله بن الزبیر بمکة قالت: فخرجت وأنا متم، فأتیت المدینة فنزلت بقباء فولدته بقباء ، ثم أتیت رسول الله () «فوضعه فی حجره ، ثم دعا بتمرة فمضغها ، ثم تفل فی فیه ، فکان أول شیء دخل جوفه ریق رسول الله () ، ثم حنکه بالتمرة ، ثم دعا له وبرک علیه ، وکان أول مولود ولد فی الإسلام" (صحیح مسلم، رقم الحدیث2146).

    وعن أبی موسى الأشعری أنه قال: "عن أبی موسى ()، قال: "ولد لی غلام ، فأتیت به النبی ()، فسماه إبراهیم ، فحنکه بتمرة ، ودعا له بالبرک ة، ودفعه إلی" ، وکان أکبر ولد أبی موسى"(صحیح البخاری، رقم الحدیث5150).

   وعن أنس بن مالک () قال: "غدوت إلى رسول الله () بعبد الله بن أبی طلحة ، لیحنکه ، فوافیته فی یده المیسم یسم إبل الصدقة" (فتح الباری، رقم الحدیث1431) ، وهکذا فأحادیث تحنیک المولود صحیحة عن النبی () ولا جدال فیها ولا اختلاف بین أهل العلم.

المضامین التربویة لتحنیک المولود الجدید

   یرى الباحثان أن تقوم الأسرة بتحنیک الطفل ، وذلک عن طریق وضع شیء حُلو فی فم الطفل ، وأفضل الحلو هو التمر (من الممکن أن یتم الاستعاضة عن التمر بشیء حلو آخر کعسل النحل أو السکر) ، وهذا الأمر ثابت فی هدی النبی () وفی السنة المطهرة.

   ویستحب أن من یقوم بتحنیک المولود رجل من أهل الفضل والصلاح ، ففی الأحادیث المتقدمة نجد أنَّ الصحابة کانوا یذهبون بأبنائهم عند الولادة إلى النبی () ، وتکون عملیة تحنیک الطفل فی الیوم الأول من ولادته ، وکیفیتها تکون بأن یأخذ الذی یقوم بعملیة التحنیک تمرة لزجة([1]) ، ویحرکها فی فم الطفل ثم یخرجها منه ، ففی روایة أخرى لحدیث أنس المتقدم ، عن أنس () أنَّ أم سلیم ولدت ابنها عبد الله لیلا فکرهت أن أحنکه ، حتى یکون رسول الله () یحنکه ، فغدوت ومعی تمرات عجوة ، فأتیت النبی () یهنأ أباعر له أو یسمها ، فقلت: رسول الله ولدت أم سلیم فکرهت أن أحنکه حتى تکون أنت تحنکه، فقال: " أمعک شیء؟ " قلت: تمرات عجوة ، فأخذ من بعض ذلک التمر فمضغه فجمعه بریقه فأوجره([2]) إیاه فتلمظ([3]) الصبی، فقال رسول الله (): "حب الأنصار للتمر"( الطحاوی، 1415هـ/1994م:63).

   وقد ذکر بعض أهل الطب أنَّ لتحنیک الطفل فی صغره عند الولادة فوائد طبیة، حیث منها ، أولاً: تهیئة الطفل لأن یکون فصیحا عند کبره وبلوغه مرحلة الکلام([4])، وثانیا: أنَّ لعملیة التحنیک هذه فائدة بإذن الله فی الوقایة من مرض (الیرقان) والذی ینشأ فی الغالب عند الأطفال حدیثی الولادة، والذی یسمى بمرض الصفراء عند العامة، وعند بعض أهل الطب کذلک.

   ویقول ابن حجر العسقلانی: "والتحنیک هو مضغ الشیء ووضعه فی فم الصبی ، وذلک حنکه به ، یُصنع ذلک بالصبی لیتمرن على الأکل ویقوى علیه"( ابن حجر العسقلانی:588).

   ویعلق جمال عبدالرحمن على قول ابن حجر العسقلانی هذا فیقول: "وإنما المقصود ما شرع الله تعالى بهدی رسوله () من تحنیک الطفل عند ولادته بشیء من التمر بعد مضغه وترطیبه ، ولعل فی ذلک مع کونه سنَّة ما یُطمئن الطفل ویجعله آمتا على استمرار غذائه والعنایة به وبخاصة تحنیکه بالتمر الذی ترتفع فیه نسبة الحلاوة التی یتلذذ بها الطفل ، وفیه کذلک تمرین على استعمال وسیلة غذائه الجدیدة، وهی المص بالفم لیألفها"(جمال عبدالرحمن1425هـ/2004م:21-22).

رابعًا: التسمیة باسم حسن

    یلازم الاسم الذی یسمى به الطفل له على طول الدوام ، من الحیاة حتى الممات ، بل وفیما بعد الممات ، فی المرحلة التی تُسمى بالحیاة البرزخیة ، وفی یوم القیامة عند البعث والنشور، فقد أخبرنا النبی() أن الملائکة عندما تصعد بروح العبد بعد موته وتستفتح ملائکة السماء للعروج فیقال عندها روح من؟ فتقول الملائکة (أی التی تحمل الروح): روح فلان بن فلان (بأحب أسمائه التی کان یسمى بها فی الدنیا) ، هذا بالنسبة للروح إن کانت طیبة وصالحة، أما إن کانت الأخرى فیقال: روح فلان بن فلان "بأخبث أسمائه التی کان یسمى بها فی الدنیا" (الترمذی، رقم الحدیث2325).

  أما بالنسبة لملازمة الاسم لصاحبه یوم القیامة فدلیله ما أخبرنا به النبی() عندما قال فی الحدیث الصحیح: "إنکم تدعون یوم القیامة بأسمائکم ، وأسماء آبائکم، فأحسنوا أسماءکم" (أبوداود، رقم الحدیث4948) ؛ لذا یمکن القول أن الاسم ملازم لصاحبه فی الدنیا منذ التسمیة وحتى الممات ، وکذلک ملازم لصاحبه فی القبر (فی الحیاة البرزخیة) یُدعى ویُسمى به ، والاسم ملازم لصاحبه یوم القیامة کذلک فیدعى الإنسان بصاحبه یوم المحشر.

   فهذا کله دلیل على أهمیة الاسم لصاحبه ، والأسرة لها دور کبیر فی اختیار الاسم الحسن لمولودهم ، وذلک وفْق الهدی النبوی حیث لقوله (): "أحسنوا أسماءکم وأسماء أبنائکم" ؛ حیث إن الاسم مؤشر لشخصیة وثقافة من قام بالتسمیة ، کما أنه إیضاح مختصر جدًا للشیء الذی أطلق علیه.

   ومن الملاحظ أن بعض الناس یسمون أبناءهم أسماء مشینة ، مما یجعل ذلک بعض الأبناء  یستحیی من اسمه عندما یکبر ، وفی القصة المشهورة والمعروفة عن أمیر المؤمنین عمر بن الخطاب، () ، أن رجلا قد أتى یشکو إلیه عقوق ابنه له ، فقال له ائتنی بابنک ، فلما أتاه به، قال له عمر إن أباک یشکوک أنک تعقه ، فقال الابن: یا أمیر المؤمنین ألیس للأبناء حق على الآباء کما للآباء حق على الأبناء؟! فقال بلى ، إن للأبناء حق على الآباء ، فقال الابن فما حق الابن على أبیه؟ فقال أمیر المؤمنین عمر: أن یحسن اختیار أمه ، ویحسن اختیار اسمه ، ویعلمه القرآن ، فقال الشاب عند ذلک: ما أعطانی أبی واحدة من الثلاث ، فقد اختار لی أما مجوسیة، وسمانی جُعلا([5]) ، وما علمنی حرفا من القرآن ، فقال أمیر المؤمنین عمر للأب: لقد عققت ابنک قبل أن یعقک.

   ویقول النبی():"خیر الأسماء: عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدق الأسماء: همام وحارث ، وشر الأسماء: حرب ومرة" ( ابن وهب) ؛ فخیر الأسماء ما کان مُعبَّدا لله ، کعبدالله وعبدالرحمن ، وعبدالرحیم...، وکذلک من خیر الأسماء أسماء الأنبیاء وأسماء الصحابة الکرام ، فقد قال النبی، ()، فیما رواه أبو داود: "تسموا بأسماء الأنبیاء ، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام ، وأقبحها حرب ومرة"( أبو داود، رقم الحدیث4950).

المضامین التربویة لتسمیة المولود الجدید

   فواجب على الأسرة أن تسمی أبناءها باسم حسن کأسماء الأنبیاء وأسماء الصحابة الکرام وأسماء الصالحین فی کل زمان ، وکذلک تسمیة البنات فمن الخیر تسمیة البنت باسم جمیل حسن کأسماء الصحابیات الجلیلات وأسماء أمهات المؤمنین وأسماء بنات النبی () ،         کزینب وفاطمة ورقیة، وجدیر بالأسرة البعد عن الأسماء المشینة والأسماء التی بها شیء من المیوعة والخلاعة کاسم هیام وشوق وحنین ، وکذلک البعد عن أسماء المشهورین من المجرمین وأهل الفسق والفجور ، فمن الأفضل التأسی بالصالحین والتسمیة بأسمائهم ، والتسمیة بأسماء تدل على الخیر ، فکما یُقال (لکل من اسمه نصیب) فقد قال النبی (): "أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها ، وعصیّة عصت الله ورسوله" ( صحیح مسلم، رقم الحدیث2518)،           ولما جاء سهیل بن عمرو القرشی یصالح النبی () فی عام الحدیبیة قال النبی ()             (لقد سهل لکم من أمرکم)( صحیح البخاری، رقم الحدیث2583).

    ویقول ابن القیم: "وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبیحة تستدعی أسماء تناسبها وأضدادها تستدعی أسماء تناسبها وکما أن ذلک ثابت فی أسماء الأوصاف فهو کذلک فی أسماء الأعلام وما سمی رسول الله() محمدا وأحمد إلا لکثرة خصال الحمد فیه ولهذا کان لواء الحمد بیده وأمته الحامدون وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى ولهذا أمر رسول الله () بتحسین الأسماء فقال حسنوا أسماءکم فإن صاحب الاسم الحسن قد یستحی من اسمه وقد یحمله اسمه على فعل ما یناسبه وترک ما یضاده ولهذا ترى أکثر السفُّل أسماؤهم تناسبهم وأکثر العلیة أسماؤهم تناسبهم"( ابن قیم الجوزیة:147).

   من هنا فقد حدد لإسلام نوع الاسم الذی یستحسن تسمیة المولود به لما للاسم من دلالة على المسمى فإذا کان الاسم جمیلا متفائلا ذا دلالة طیبة سر به صاحبه وإن کان قبیحا متشائما کان مثار سخریة واستهزاء بصاحبه، ولهذه الدلالة النفسیة للأسماء على أصحابها غیر الرسول () أسماء کثیر من أصحابه أمثال حزن وحرب بسهل وسلم وغیرهما والرسول () یقول: "إنکم تدعون یوم القیامة بأسمائکم وبأسماء آبائکم فأحسنوا أسماءکم" کما دعا الإسلام أن لا یسمى بأسماء الله کالملک والوهاب والصمد وغیر ذلک ولا الأسماء الدالة على تعظیم غیر الله أو المعبودة غیره کعبد یغوث وعبد العزى وعبد الرسول وعبد النبی وغیرها ویدخل فی هذا ما نرا5 فی بلاد العرب من یسمون أبناءهم بأسماء لینین وخرشوف وقاقارین وغاندی وأتاتورک أو من یسمون بأسماء النصارى والیهود مثل جوزیف وألین وماریة وغیرها أو التسمیات المائعة التی یسمى بها کثیر من الأولاد والبنات. ویحض الإسلام على اختیار أسماء الأنبیاء وما یدل على العبادة لله.." ( عباس محجوب:1401هـ:116-117).

  إلا أنه من المؤسف أن بعض الناس یسمون بعض أبنائهم باسم قبیح لیمنع عنه الحسد ، أو لیعیش الولد ولا یموت وهو صغیر، وهذا الصنیع فیه جهل مرکب ، ففوق قبح الاسم ، فهی عقیدة فاسدة لا تغنی عن الولد شیئا، إضافة إلى أن العادة جرت أن یأخذ المسمی نصیبا من اسمه، فإذا کان اسمه کئیبا کانت الکآبة فیه، وإذا کان اسمه ذمیما رأیت من ذلک فیه...ألا فلیعلم المربون أنَّ ثمة ارتباطا بین معنى الاسم والمسمى، فالاسم الجمیل معه الفأل الجمیل والعکس، قال الشاعر:

وقل ما أبصرت عیناک ذا لقب          إلا ومعناه إن فکرت فی لقبه( جمال عبد الرحمن:28)

   ومما هو جدیر بالذکر أنه إذا اختلف الأب مع الأم فی تسمیة المولود فإن حق التسمیة یکون من نصیب الأب، فقد جاء فی (تحفة المودود): "مما لا نزاع فیه بین الناس أن الأبوین إذا تنازعا فی تسمیة الولد فهی للأب والأحادیث المتقدمة کلها تدل على هذا وهذا کما أنه یدعى لأبیه لا لأمه فیقال فلان ابن فلان قال تعالى ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله﴾ سورة الأحزاب: الآیة5 ، والولد یتبع أمه فی الحریة والرق ویتبع أباه فی النسب والتسمیة... ویتبع فی الدین خیر أبویه دینا (ابن قیم الجوزیة:135)...وقد قال النبی () "ولد لی اللیلة مولود فسمیته باسم أبی إبراهیم"(صحیح مسلم، رقم الحدیث2315).

خامسًا: العقیقة عن المولود یوم السابع

      تعبر العقیقة عن الولیمة التی یتم إعدادها بعد سبعة أیام من میلاد الطفل أو الطفلة ، وهی سنة عن النبی() ، قد حث علیها ودعى إلیها ، فقد جاء فی الحدیث الصحیح الذی رواه البخاری عن سلمان بن عامر الضبی: "مع الغلام عقیقة ، فأهریقوا عنه دمًا ، وأمیطوا عنه الأذى"(صحیح البخاری، رقم الحدیث5154) وروى الترمذی وغیره من أصحاب السنن عن سمرة بن جندب أن النبی() قال: "الغلام مرتهن بعقیقته یذبح عنه یوم السابع ، ویُسمَّى ، ویحلق رأسه"(سنن الترمذی، رقم الحدیث1522).

   وقیل (مرتهن) أی مرهونة شفاعته لوالدیه یوم القیامة بالذبح عنه ، قال الإمام ابن الأثیر رحمه الله: "کل غلام رهینة بعقیقته" ، الرهینة: الرهن ، والهاء للمبالغة ، کالشتیمة والشتم ، ثم استعملا بمعنى المرهون، فقیل: هو رهن بکذا ، ورهینة بکذا، ومعنى قوله(): (رهینة بعقیقته) أن العقیقة لازمة له لا بد منها، فشبهه فی لزومها له ، وعدم انفکاکه منها بالرهن فی ید  المرتهن ، قال الخطابی: تکلم الناس فی هذا ، وأجود ما قیل فیه ما ذهب إلیه أحمد بن حنبل ، قال: هذا فی الشفاعة، یرید أنه إذا لم یعق عنه فمات طفلا لم یشفع فی والدیه، وقیل: معناه           أنه مرهون بأذى شعره، واستدلوا بقوله: "فأمیطوا عنه الأذى" ، وهو ما علق به من دم الرحم  (ابن الأثیر: ص285).

     ویقول ابن القیم فی (زاد المعاد) تعلیقًا على حدیث (کل مولود رهینة بعقیقته): "وظاهر الحدیث أنه رهینة فی نفسه ، ممنوع محبوس عن خیر یراد به ، ولا یلزم من ذلک أن یعاقب على ذلک فی الآخرة ، وإن حبس بترک أبویه العقیقة عما یناله من عق عنه أبواه ، وقد یفوت الولد خیر بسبب تفریط الأبوین وإن لم یکن من کسبه ، کما أنه عند الجماع إذا سمى أبوه لم یضر الشیطان ولده ، وإذا ترک التسمیة لم یحصل للولد هذا الحفظ ، وأیضا ؛ فإن هذا إنما یدل على أنها لازمة لا بد منها ، فشبه لزومها وعدم انفکاک المولود عنها بالرهن ، وقد یستدل بهذا من یرى وجوبها: کاللیث بن سعد، والحسن البصری، وأهل الظاهر ، والله أعلم"(ابن القیم الجوزیة ، جـ2، ص 326).

   وعن عائشة ، قالت: "أمرنا رسول الله () أن نعق عن الجاریة شاة، وعن الغلام شاتین"          ( الإمام أحمد فی المسند) ، وقد قال ابن القیم: "القرى طعام الضیفان - والمأدبة طعام الدعوة - والتحفة طعام الزائر - والولیمة طعام العرس - والخرس طعام الولادة  - والعقیقة الذبح عنه یوم حلق رأسه فی السابع - والغدیرة طعام الختاان - والوضیمة طعام المأتم - والنقیعة طعام القادم من سفره - والوکیرة طعام الفراغ من البناء"(ابن القیم: تحفة المودود، ص76).

المضامین التربویة للعقیقة للمولود

  إنه من الأمور التی تقوم بها الأسرة فعلها إذا ولد لها مولود أن تذبح عنه عقیقة والأفضل والمستحب أن یکون الذبح یوم السابع ، ففی حدیث سمرة المتقدم الغلام مرتهن بعقیقته تذبح عنه یوم السابع.

  وتحت عنوان (فی الوقت الذی تستحب فیه العقیقة) قال ابن قیم الجوزیة: " قال أبو داود فی کتاب المسائل سمعت أبا عبد الله یقول العقیقة تذبح یوم السابع وقال صالح بن أحمد قال أبی فی العقیقة تذبح یوم السابع فإن لم یفعل ففی أربع عشرة فإن لم یفعل ففی إحدى وعشرین وقال المیمونی قلت لأبی عبد الله متى یعق عنه قال أما عائشة فتقول سبعة أیام وأربعة عشرة ولأحد وعشرین قال أبو طالب قال أحمد تذبح العقیقة لأحد وعشرین یوما"(ابن القیم الجوزیة:62).

      ولا یجوز لولی الأمر أو للوالد أن یشتری لحما ویطبخه ویکون بذلک قد فعل العقیقة، کما لا یجوز له التصدق بثمنها ولو زاد ، یقول ابن القیم "الذبح فی موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد کالهدایا والأضاحی فإن نفس الذبح وإراقة الدم مقصود فإنه عبادة مقرونة بالصلاة کما قال تعالى "﴿فصل لربک وانحر﴾ سورة الکوثر: الآیة2 ، وقال تعالى ﴿قل إن صلاتی ونسکی ومحیای ومماتی لله رب العالمین﴾ سورة الأنعام: الآیة162 ، ففی کل ملة صلاة ونسیکة لا یقوم غیرهما مقامهما ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقران بأضعاف أضعاف القیمة لم یقم مقامه وکذلک الأضحیة"(ابن قیم الجوزیة:65).

  وحول بیان الغرض من العقیقة وحکمها وفوائدها یقول ابن القیم "العقیقة إحیاء لسنة النبی ()... لخلف أحیا سنة من سنن رسول الله واتبع ما جاء عنه ، ومن فوائدها أنها قربان یقرب به عن المولود فی أول أوقات خروجه إلى الدنیا والمولود ینتفع بذلک غایة الانتفاع کما ینتفع بالدعاء له وإحضاره مواضع المناسک والإحرام عنه وغیر ذلک ومن فوائدها أنها تفک رهان المولود فإنه مرتهن بعقیقته قال الامام أحمد مرتهن عن الشفاعة لوالدیه وقال عطاء بن أبی رباح مرتهن بعقیقته قال یحرم شفاعة ولده ، ومن فوائدها أنها فدیة یفدى بها المولود کما فدى الله سبحانه إسماعیل الذبیح بالکبش وقد کان أهل الجاهلیة یفعلونها ویسمونها عقیقة ویلطخون رأس الصبی بدمها فأقر رسول الله الذبح وأبطل اسم العقوق ولطخ رأس الصبی بدمها فقال لا أحب العقوق وقال "لا یمس رأس المولود بدم" (الطبرانی فی الأوسط) ، وأخبر أن ما یذبح عن المولود إنما ینبغی أن یکون على سبیل النسک کالأضحیة والهدی فقال من "أحب أن ینسک عن ولده فلیفعل" (النسائی) فجعلها على سبیل الأضحیة التی جعلها الله نسکا وفداء لإسماعیل (u) وقربه إلى الله عز و جل وغیر مستبعد فی حکمة الله فی شرعه وقدره أن یکون سببا لحسن إنبات الولد ودوام سلامته وطول حیاته فی حفظه من ضرر الشیطان حتى یکون کل عضو منها فداء کل عضو منه ولهذا یستحب أن یقال علیها ما یقال على الأضحیة فالذبیحة عن الولد فیها معنى القربان والشکران والفداء والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شکرا لله وإظهار لنعمته التی هی غایة المقصود من النکاح فإذا شرع الإطعام للنکاح الذی هو وسیلة إلى حصول هذه النعمة فلأن یشرع عند الغایة المطلوبة أولى وأحرى"( ابن قیم الجوزیة: تحفة المودود:69-70).

سادسًا: حلق رأس المولود والتصدق بزنة شعره فضة

  قال الشیخ عبد العزیز ابن باز: "...السنة حلق رأس الطفل الذکر عند تسمیته فی الیوم السابع فقط ، أما الأنثى فلا یحلق رأسها ؛ لقوله (): "کل غلام رهینة بعقیقته تذبح عنه یوم سابعه، ویسمى فیه، ویحلق رأسه"(مجموع فتاوى ابن باز).

   حیث شرع الإسلام أن یحلق رأس الطفل یوم سابعه إیذانا بالعنایة به وإزالة ما یؤذیه ، بل وشرع التصدق عنه بوزن شعر رأسه فضة ، وکأن فی ذلک إشارة إلى فدائه بالمال وعدم التفریط فیه ، وأن شعر رأسه الذی یؤذیه بقاؤه فیحلقونه لیس رخیصا عند أسرته ، بل یوزن بالمال الذی یحرص علیه الناس... وبعض الناس یعجبهم جمة الطفل وکثافة الشعر علیه ، فیترددون فی الحلق لأن رأسه سیصیر أجلح أقرع، والبعض یزیدهم ترددا بقوله: رأس الولد طری لا یتحمل الحلاقة! ومما لا شک فیه أن هذا إما جهل بالشرع ، وإما ضعف فی الالتزام بالشرع"              (جمال عبدالرحمن:31).

المضامین التربویة لحلق رأس المولود

   حیث تقوم الأسرة بحلق رأس الطفل أو الطفلة یوم السابع ، وهذه سنة عن النبی()،  ودلیله بعض الأحادیث المتقدم ذکرها عن النبی() ، کحدیث "الغلام مرتهن بعقیقته یذبح        عنه یوم السابع ، ویُسمَّى ، ویحلق رأسه"، وقول النبی() "وأمیطوا عنه الأذى" قیل أی      حلق رأسه ، وعن علی بن أبی طالب قال: عق رسول الله() عن الحسن بشاة، وقال:        یا فاطمة ، احلقی رأسه ، وتصدقی بزنة شعره فضة، قال: فوزنته فکان وزنه درهما أو بعض درهم" (سنن الترمذی، رقم الحدیث1519).

      ویتبین من ذلک أنه من الأمور التی یشرع على الأسرة فعلها إزاء مولودها الجدید حلق شعر رأسه ، ولدا کانت أم بنتا ، والتصدق بزنة شعره فضة أو ذهب ، حیث یبلغ زنة شعر الطفل غالبًا ربع جرام أو خمس جرام ، أی بما یعدل فی وقتنا الحالی مائتی جنیه أو مائة وخمسین جنیها تقریبا، حیث أن جرام الذهب یعدل 700 جنیه فی الغالب.، ویمکن القول أنه من فوائد ذلک ما یلی:

(1) إحیاء لسنة النبی ()،

(2) إزالة للأذى عن الطفل کما أخبر النبی ()،

(3) کما أخبر بعض الأطباء وأهل العلم أن فی حلق رأس المولود یوم السابع إزالة للطبقة الشمعیة التی تکون على فروة الرأس ، ومن ثَمَّ یکون هناک تفتیح لمسام الفروة مما یعمل على تنشیط الدورة الدمویة فی رأس المولود،

(4) کذلک من فوائد هذا الأمر أن فیه إظهار لشکر الله تعالى بالتصدق بزنة الشعر فضة أو ذهبا على الفقراء والمساکین.

   وهناک من ذکر بأن الحلق یکون للولد دون البنت، قال العلامة المرداوی رحمه الله:            ((تنبیه: الظاهر أن مراده بالحلق: الذکر، وهو الصحیح وعلیه الأکثر، وقدمه فی الفروع ... إذ الإناث یکره فی حقهن الحلق"(علی بن سلیمان المرداوی).

سابعًا: ختان المولود یوم السابع

   الختان کما قال النبی () من سنن الفطرة ، أو من خصال الفطرة ، فقد جاء فی الحدیث الصحیح عن أبی هریرة: "الفطرة خمس ، أو خمس من الفطرة: الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقلیم الأظفار ، وقص الشارب" (صحیح البخاری) ، وقد أخبرنا رسول الله () أن نبی الله إبراهیم(u) قد اختتن وهو ابن ثمانین عاما ، فقال: "اختتن إبراهیم (u) وهو ابن ثمانین سنة بالقدوم" ( البخاری).

  ومما یُذکر فی الختان أن "قال ابن عباس: کانوا لا یختنون الغلام حتى یدرک ، قال المیمونی : سمعت أحمد یقول: کان الحسن یکره أن یختن الصبی یوم سابعه ، وقال حنبل : إن أبا عبد الله قال: وإن تن یوم السابع فلا بأس ، وإنما کره الحسن ذلک لئلا یتشبه بالیهود ، ولیس فی هذا شیء ، قال مکحول: ختن إبراهیم ابنه إسحاق لسبعة أیام ، وختن إسماعیل لثلاث عشرة سنة"          ( جمال عبدالرحمن:34).

     وتحت عنوان (الاختلاف فی وجوبه واستحبابه) أی الختان ، قال ابن القیم: "اختلف الفقهاء فقال الشعبی وربیعة والأوزاعی ویحیى بن سعید الأنصاری ومالک والشافعی وأحمد هو واجب وشدد فیه مالک حتى قال من لم یختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته ونقل کثیر من الفقهاء عن مالک أنه سنة حتى قال القاضی عیاض الاختتان عند مالک وعامة العلماء سنة ولکن السنة عندهم یأثم بترکها فهم یطلقونها على مرتبة بین الفرض وبین الندب وإلا فقد صرح مالک بأنه لا تقبل شهادة الأقلف ولا تجوز إمامته وقال الحسن البصری وأبو حنیفة لا یجب بل هو سنة وکذلک قال ابن أبی موسى من أصحاب أحمد هو سنة مؤکدة"(ابن قیم الجوزیة:162-163).

    والقول الصحیح کما قال الخطابی: "الختان فإنه وإن کان مذکورا فی جملة السنن فإنه عند کثیر من العلماء على الوجوب وذلک أنه شعار الدین وبه یعرف المسلم من الکافر وإذا وجد المختون بین جماعة قتلى غیر مختونین صلى علیه ودفن فی مقابر المسلمین... الختان علم الحنیفیة وشعار الإسلام ورأس الفطرة وعنوان الملة وإذا کان النبی قد قال من لم یأخذ شار به فلیس منا فکیف من عطل الختان ورضی بشعار القلف عباد الصلبان ومن أظهر ما یفرق بین عباد الصلبان وعباد الرحمن الختان وعلیه استمر عمل الحنفاء من عهد إمامهم إبراهیم إلى عهد خاتم الأنبیاء فبعث بتکمیل الحنیفیة وتقریرها لا بتحویلها وتغیرها"(جمال عبد الرحمن:166).

المضامین التربویة للختان

    یقول ابن القیم: "الختان من محاسن الشرائع التی شرعها الله سبحانه لعباده ویجمل بها محاسنهم الظاهرة والباطنة فهو مکمل للفطرة التی فطرهم علیها ولهذا کان من تمام الحنیفیة ملة إبراهیم وأصل مشروعیة الختان لتکمیل الحنیفیة فإن الله عز و جل لما عاهد إبراهیم وعده أن یجعله للناس إماما ووعده أن یکون أبا لشعوب کثیرة وأن یکون الأنبیاء والملوک من صلبه وأن یکثر نسله وأخبره أنه جاعل بینه وبین نسله علامة العهد أن یختنوا کل مولود منهم ویکون عهدی هذا میسما فی أجسادهم فالختان علم للدخول فی ملة إبراهیم وهذا موافق لتأویل من تأول قوله تعالى ﴿صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة﴾ سورة البقرة: الآیة138على الختان ، فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعمید لعباد الصلیب فهم یطهرون أولادهم بزعمهم حین یصبغونهم فی المعمودیة ویقولون الآن صار نصرانیا فشرع الله سبحانه للحنفاء صبغة الحنیفیة وجعل میسمها الختان فقال ﴿صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة﴾ سورة البقرة: الآیة138 ، وقد جعل الله سبحانه السمات علامة لمن یضاف منها إلیه المعلم بها ولهذا الناس یسمون دوابهم ومواشیهم بأنواع السمات حتى یکون ما یضاف منها إلى کل إنسان معروفا بسمته ثم قد تکون هذه السمة متوارثة فی أمة بعد أمة، فجعل الله سبحانه الختان علما لمن یضاف الیه وإلى دینه وملته وینسب الیه بنسبة العبودیة والحنیفیة حتى إذا جهلت حال إنسان فی دینه عرف بسمة الختان ورنکه وکانت العرب تدعى بأمة الختان ولهذا جاء فی حدیث هرقل إنی أجد ملک الختان قد ظهر فقال له أصحابه لا یهمنک هذا فإنما تختتن الیهود فاقتلهم فبینما هم على ذلک وإذا برسول رسول الله قد جاء بکتابه فأمر به أن یکشف وینظر هل هو مختون فوجد مختونا فلما أخبره أن العرب تختتن قال هذا ملک هذه الأمة" (ابن القیم الجوزیة:185-186).

ثامنًا: رضاعة المولود من لبن الأم

   تضرب الشریعة المثل الأعلى فی العنایة بالطفل ، والعمل على صیانته وحفظه، فلقد قرر الخلیفة الراشد عمر بن الخطاب() عطاء للأطفال من بیت المال یبدأ بعد الفطام، ولما علم أن الأمهات تسارع إلى فطام أطفالهن استعجالا لهذا العطاء ، أفزعه ذلک وأقض مضجعه وحرمه النوم ولم یکد المصلون یتبینون صوته فی القرآن من شدة تأثره وبکائه ، فسارع بعد الصلاة بإصدار قراره بأن العطاء لکل طفل من حین ولادته، وما ذلک إلا للحفاظ على الطفولة وحمایتها ، وإقناع الأمهات باستمرارهن فی الإرضاع"(سعید بن علی بن وهف القحطانی:110).

المضامین التربویة لرضاعة المولود من لبن الأم

    من الأمور التی ینبغی على الأسرة فعلها إزاء مولودها الجدید والقیام بها وفق الهدی النبوی والشرع الربانی هو إرضاع الطفل من لبن الأم، فبعض الأمهات، من منطلق الحفاظ على صحتها أو کما یُقال (الإبقاء على رشاقة الجسد)، ترضع ابنها لبنا صناعیا وتحرمه من لبنها الذی خلقه الله له، وأوجب الله علیها إرضاعه منه، فالله تعالى یقول: ﴿وَالْوَالِدَاتُ یُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کَامِلَیْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ یُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ سورة البقرة: الآیة233، وقال تعالى:             ﴿وَوَصَّیْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَیْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِی عَامَیْنِ أَنِ اشْکُرْ لِی وَلِوَالِدَیْکَ إِلَیَّ الْمَصِیر﴾ سورة لقمان: الآیة14، فحق للمولود أن یرضع من لبن أمه ذلک اللبن الذی هو دافئ فی الشتاء بارد فی الصیف ، والذی تکون نسبة الدسم فیه والبروتینات للذکر ضعف ما یکون للأنثى.

     حیث إن الرضاعة حق للمولد على والدته فی المقام الأول، أی حقه علیها أن ترضعه من ثدیها، والأم أحق بإرضاع ولدها من سواها مطلقا... ولکن لا تجبر الأم على إرضاع ولدها إلا إذا تعینت ؛ بأن لم یقبل طفلها غیر ثدیها ، أو کان ولیه فقیرا لا یستطیع استئجار مرضع له ، أو تأمین بدیل عنها ولو عن طریق تغذیته بالحلیب المجفف ، ویجوز للأب أن یسترضع ولده ویطلب له أیة مرضع له غیر أمه ، وقد کان ذلک معروفا عند العرب قبل الإسلام ، وکانت حلیمة السعدیة مرضعة لرسول الله ( جمال عبدالرحمن:38) ، فالله تعالى یقول: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَکُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَیْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ سورة البقرة: الآیة233.

  ویشیر أحد الباحثین قائلاً: "وقد بات معروفا مشهورا مدى المنافع والفوائد التی تعود على المرضع والرضیع على السواء من فوائد صحیة ونفسیة ...أیتها الأم ، امنحی طفلک حنانک ، وأرضعیه لبنک لتستکملی معنى الأمومة ولتحظی بالأجر والمثوبة ، وتولی أنت أیتها الأم تربیة طفلک بنفسک وفق المنهج النبوی ، ولا تلقیه إلى الخادم وإلى دور الحضانة ، وتذکری أن الأمومة مسئولیة کبیرة فلا تتخلی عنها. ثم هل رأیت أیتها الأم طائرا أو حیوانا أو أی أم من سائر المخلوقات ترکت طفلها فی مهده وتخلت عنه فی صغره ؟ إنه من الجفاء ألا تتخلى الأم العجماء من الحیوانات والطیور عن صغارها، وتتخلى الأم الآدمیة صاحبة العقل والإدراک!!"         ( جمال عبدالرحمن:38).

    کما یشیر أخر: "والرضاعة تمثل جانبا مهما فی حیاة الطفل ولذلک جعلها الإسلام من وظیفة المرأة وحدد لها مدة ﴿وَالْوَالِدَاتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کَامِلَیْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ یُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ سورة البقرة: الآیة233 ، وقد أثبتت الدراسات الحدیثة أن للرضاعة أثراً کبیراً فی تربیة المولود وأخلاقیاته ، فالمرأة السیئة الخلق الکثیرة الانفعال تؤثر فی المولود ، وقد اشترط کثیر من علماء المسلمین اختیار المرضع للطفل لأن اللبن یعدى کما رأوا أن تکون المرضع صالحة تأکل من الحلال لأن طباع الطفل تتأثر باللبن ، وقد نهى الرسول() عن إرضاع الحمقاء ، ولأن الرضاع وظیفة خاصة بالمرأة فلا یجب استبدال الرضاع الطبیعی بالصناعی لأن اللبن الصناعی لا یعطی الأطفال القیمة الغذائیة الکاملة التی یحتاجون إلیها ولأن له تأثیراً على العواطف والطباع" ( عباس محجوب:117).

نتائج البحث وتوصیاته

     وفی نهایة العرض والتحلیل توصل الباحثان إلى مجموعة من النتائج التی یمکن أن تساعد الأسرة فی استقبال المولود الجدید فی ضوء القرآن الکریم وتعالیم المصطفی() وهی کما یلی:

  • أن الإسلام سبق جمیع الهیئات والمنظمات فی تحدید حقوق الطفل فی جمیع مراحل نموه.
  • ·      یدل اتباع هدی النبی() على محبة العبد المؤمن لربه ، یقول تعالى: ﴿قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ﴾ سورة آل عمران: الآیة31.
  • ·      جاءت الهدایات النبویة مجملة وعامة وترکت التفصیلات للاجتهاد البشری ، وتشجیع الانفتاح على الأخرین بشرط المحافظة على الإطار المرجعی للأمة الإسلامیة العریقة.
  • ·      تعد الأسرة أول مؤسسة تربویة تتولى المخلوق البشری ، حیث یفتح عینیه على النور فیها، وهی الوعاء الذی تتشکل فی داخله شخصیة الطفل تشکیلا فردیا واجتماعیا.
  • ·      وتعد نعمة الأولاد نعمة کبیرة وفضل عظیم على الإنسان من الله ، یعطیه لمن یشاء ویمنعه عمن یشاء، وهم زینة الحیاة الدنیا، کما قال تعالى: ﴿المال والبنون زینة الحیاة الدنیا﴾ سورة الکهف: الآیة46.
  • ·       یتضمن دور الأسرة المسلمة فی اختیار اسم من الأسماء التی وردت فی القرآن الکریم ، الدعاء للمولود بالخیر والصلاح.
  • ·      تسمیة المولود بالأسماء التی فیها تمیع وتشبه وغرام تتسبب فی فقدان الشخصیة والذاتیة المتمیزة للطفل المسلم فی حیاته المستقبلیة.
  • ·      یمثل الهدی النبوی مرجعیة علیا للتربیة لاشتماله على الأسالیب التربویة المتنوعة.
  • یلازم الاسم الذی یسمى به الطفل له على طول الدوام ، من الحیاة حتى الممات ، بل وفیما بعد الممات.
  • ·      أن الختان من محاسن الشرائع التی شرعها الله سبحانه لعباده ویجمل بها محاسنهم الظاهرة والباطنة فهو مکمل للفطرة التی فطرهم علیها.

وفی ضوء النتائج السابقة یوصی الباحثان بالآتی:

  • ·      ینبغی على الأسرة المسلمة أن تستبشر وتفرح بقدوم الأنثى کما یکون الفرح بقدوم المولود الذکر.
  • ·      نبغی على الأسرة فعله أن یؤذن أحد الأفراد فی أذن المولود الیمنى ، وذلک بصیغة       الأذان المعروفة.
  • ·      ینبغی على الأسرة فعله مع المولود الجدید ، فی ضوء الهدی النبوی، هو أن یُحنَّک الطفل، والتحنیک هو وضع شیء حُلو فی حنک المولود أی (فمه) ، وأفضل الحلو هو التمر (من الممکن أن یتم الاستعاضة عن التمر بشیء حلو آخر کعسل النحل أو السکر).
  • ·      على الأسرة أن تسمی ابنها باسم حسن کأسماء الأنبیاء وأسماء الصحابة الکرام وأسماء الصالحین فی کل زمان.
  • ضرورة قیام المجتمع المسلم بتهنئة الأسرة بالمولود الجدید بشرط ألا تکون هناک تفرقة بین ولد أو بنت.
  • ینبغی على أفراد المجتمع المسلم مشارکة الأسرة فی عقیقة المولود الجدید.
  • ·      ینبغی على الأسرة فعلها إذا ولد لها مولود أن تذبح عنه عقیقة والأفضل والمستحب أن یکون الذبح یوم السابع، وکذلک حلق شعره.
  • ینبغی على الأم أن ترضع طفلها من ثدییها دون الاستعانة بالرضاعة الصناعیة.

 

 

 

 

 


مراجع البحث

1)       ابن حجر العسقلانی ، فتح الباری فی شرح البخاری، طبعة جدیدة ومنقحة ومصححة ومطبوعة عن الطبعة التی حقق أصلها عبد العزیز بن باز ، محمد فؤاد عبد الباقی ، دار مصر، 1421هـ/2001م.

2)       أبو الفداء إسماعیل بن عمر بن کثیر القرشی البصری ثم الدمشقی ، تفسیر القرآن العظیم ، تحقیق: محمد حسین شمس الدین ، الجزء(4)، بیروت: دار ابن حزم ، 1419هـ.

3)       أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملک بن سلمة الأزدی الحجری المصری المعروف بالطحاوی (المتوفى: 321هـ) ، شرح مشکل الآثار، تحقیق: شعیب الأرناؤوط ، الجزء(3) ، بیروت: مؤسسة الرسالة ، 1415 هـ/ 1994م.

4)       أبو داود سلیمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشیر الأزدی ، سنن أبو داود ، تحقیق شعیب الأرناؤوط وأخرین بیروت: دار الرسالة العالمیة ، 1430هـ/2009م.

5)       أبو عبد الرحمن أحمد بن شعیب بن علی الخراسانی (المتوفى: 303هـ) ، سنن النسائی " من أحب أن ینسک عن ولده ، فلینسک عنه عن الغلام شاتان مکافأتان، وعن الجاریة شاة" (النسائی "4212"، کتاب (العقیقة).

6)       أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبی بکر بن فرح الأنصاری الخزرجی شمس الدین القرطبی (المتوفى : 671هـ) ، الجامع لأحکام القرآن ، تحقیق: هشام سمیر البخاری ، الریاض: دار عالم الکتب ، 1423هـ/ 2003م ، ص116.

7)       أبو عیسى الترمذی ، الجامع الکبیر، تحقیق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامی ، 1992م.

8)       أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصری القرشی ، الجامع (53) باب النسب.

9)       أبوبکر عبدالرازق الصنعانی: المصنف، ت.حبیب الرحمن الأعظمی، المکتب الإسلامی، بیروت، الطبعة الثانیة، 1403هـ، ج9، ص 99، رقم (16501).

10)   أحمد بن الحسین بن علی بن موسى أبو بکر البیهقی ، شعب الإیمان (8620)، ورواه ابن السنی فی عمل الیوم واللیلة (623)، وأم الصبیان هی التابعة من الجن.

11)   الإمام أحمد فی المسند (2634) کتاب (الملحق المستدرک مسند الأنصار) باب (مسند الصدیقة عائشة).

12)   الإمام أحمد: المسند، حدیث رقم (18534) من حدیث البراء بن عازب.

13)   الإمام شمس الدین أبی عبد الله محمد بن أبی بکر ابن القیم الجوزیة ، ت 751 هـ ، تحفة المودود بأحکام المولود ، تحقیق: عبد القادر الأرناؤوط ، دمشق: مکتبة دار البیان ، 1391هـ/1971م.

14)   الإمام شمس الدین أبی عبد الله محمد بن أبی بکر ابن القیم الجوزیة ، ت 751 هـ ، زاد المعاد فی هدی خیر العباد ، تحقیق: شعیب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط ، الجزء(2) ، بیروت: مؤسسة الرسالة ، 1399هـ.

15)   أمانی فریز إبراهیم ، الهدی النبوی فی العلوم الطبیعیة: دراسة موضوعیة ، رسالة ماجستیر ، کلیة الدراسات الفقهیة والقانونیة ، جامعة آل البیت ، 2006م.

16)   إنعام محمد صالح ، الهدی النبوی ودور المعلم فی استثارة القدرة الإبداعیة عند الطبة فی مادة التربیة الإسلامیة )صفی الحادی عشر والثانی عشر( ، رسالة ماجستیر ، عمادة الدراسات العلیا ، جامعة القدس، 2018م.

17)   جمال عبدالرحمن: أطفال المسلمین کیف رباهم النبی الأمین ، مکة: دار طیبة الخضراء ، ط7، 1425هـ، 2004م.

18)   دارزى أوف دینام & لایارد: " عقول صحیة شابة: تغییر صحة الطفل النفسیة "، تقریر منتدى الصحة لنفسیة ورفاه الأطفال التابع لمؤتمر ویشن، ترجمة: حمد الإبراهیمی،  2015م.

19)   سعید بن علی بن وهف القحطانی ، الهدی النبوی فی تربیة الأولاد فی ضوء الکتاب والسنة، الریاض: مطبعة سفیر.

20)   سلیمان بن أحمد بن أیوب الطبرانی ، "یعق عن الغلام ، ولا یمس رأسه بدم" (الطبرانی فی "الأوسط").

21)   سمر خلیل عبد الله ، حقوق الطفل فی الإسلام والاتفاقیات الدولیة: دراسة مقارنة ، رسالة ماجستیر، جامعة النجاح الوطنیة ، 2003م.

22)   عباس محجوب ، التربیة الإسلامیة ومراحل النمو ، الجامعة الاسلامیة بالمدینة المنورة ، السنة(13) ، العدد(52) ، 1401هـ.

23)   عبد الحکیم یاسین حجازی، وائل سلیم الهیاجنة ، حقوق الطفل التربویة فی ضوء التربیة الإسلامیة والفلسفة البراجماتیة: دراسة مقارنة ، مجلة دراسات العلوم التربویة تصدر عن جامعة الیرموک ، المجلد(45) ، العدد(4) ، ملحق(7) ، 2018م ، ص ص343-353.

24)   عبد الله قاسم الوشلی ، الأحکام الفقهیة ذات العلاقة بتربیة الطفل من المیلاد حتى السنة السادسة ، مجلة العلوم التربویة والنفسیة تصدر عن کلیة التربیة بجامعة صنعاء ، المجلد(1) ، العدد(1) ، 2002م ، ص ص70-110.

25)   عبدالرحمن رأفت الباشا، صور من حیاة الصحابیات، دار الأدب الإسلامی، بیروت ، 1417هـ / 1996م.

26)   علی بن سلیمان المرداوی ، الإنصاف لمعرفة الراجح من الخلاف ، المطبوع مع المقنع والشرح الکبیر، تحقیق الدکتور عبد الله بن عبد المحسن الترکی، دار هجر للطباعة والنشر، ج9، ص 439.

27)   فتحیة عبد الصمد عبید ، المنظور الإسلامی للعنایة بالطفولة : دراسة وثائقیة تحلیلیة ، مجلة مستقبل التربیة العربیة تصدر عن المرکز العربی للتعلیم والتنمیة ، المجلد(21) ، العدد(91) ، 2014م ، ص ص204-308.

28)   مجد الدین أبو السعادات المبارک بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الکریم الشیبانی الجزری ابن الأثیر (المتوفى: 606هـ) ، النهایة فی غریب الحدیث والأثر ، تحقیق: محمود محمد الطناحی وطاهر أحمد الزاوی ، الجزء(2) ، بیروت: المکتبة العلمیة ، 1399هـ / 1979م.

29)   مجموع فتاوى ابن باز، جمع عبد الله الطیار، وأحمد الباز، الطبعة الأولى 1416هـ، الریاض: دار الوطن، الریاض، المملکة العربیة السعودیة، ج10، ص48

30)   محمد بن إسماعیل البخاری الجعفی، صحیح البخاری ، بیروت: دار طوق النجاة ، 1422هـ /2001م.

31)   محمد بن جریر بن یزید بن کثیر بن غالب الآملی ، أبو جعفر الطبری (المتوفى : 310هـ) ، جامع البیان فی تأویل القرآن ، تحقیق: أحمد محمد شاکر ، بیروت: مؤسسة الرسالة ، 1420هـ / 2000م.

32)   محمود حمدی زقزوق ، حریة العقیدة ، مجلة التربیة الأخلاقیة ، العدد(3) ، 2004م ، ص38.

33)   مراد علی رشدی ،  الإسلام وحقوق الإنسان فی مرحلة الطفولة ، مجلة هدی الإسلام تصدر عن وزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامیة ، المجلد(60) ، العدد(2) ، 2016م ، ص ص110-121.

34)   مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشیری النیسابوری (المتوفى: 261هـ  ، صحیح مسلم (679)، کتاب (المساجد ومواضع الصلاة) باب (استحباب القنوت فی جمیع الصلاة إذا نزلت بالمسلمین نازلة).

35)                         Asim Abdelmoneim Hussein et al, Prophetic Medicine, Islamic Medicine, Traditional Arabic and Islamic Medicine (TAIM): Revisiting Concepts and Definitions, Acta Scientific Medical Sciences (ISSN: 2582-0931) Volume 3 Issue 8 August 2019,P.P.62-69.

36)                         Indrayani et al, How does Moslem Community Apply the Tahneek to the Babies?, P J M H S, Vol. 11, No. 1, Jan – Mar, 2017,P.P.18-25.

 

 

 



([1]) من الممکن أن یمضغ المحنک التمرة ثم یخرجها من فمه ویضعها فی فم الطفل ، ولکن إن خُشی على الطفل من انتقال میکروبات أو عدوى إلیه فیمکن البحث عن تمرة لزجة أو یتم فرکها بین الأصابع ثم تُوضع فی فم الطفل، ثم تٌخرج منه.

([2]) أی وضعه فی فم الصبی.

([3]) تَلَمَّظ: أی أدار لسانه فی فیه وحرکه متتبعا أثر التمر.

([4]) وفی المثل الدارج یُقال: هذا رجل مُحنَّک ، أی دلالة على فصاحنه وبلاغته، فمعنى محنّک أی تم تحنیکه فی الصغر، فأدى به هذا إلى کونه فصیحا بلیغا ومخارج الحروف عنده صحیحة.

([5]) الجعل هو حشرة (الخنفساء) أو حشرة تشبه الخنفساء.

مراجع البحث
1)       ابن حجر العسقلانی ، فتح الباری فی شرح البخاری، طبعة جدیدة ومنقحة ومصححة ومطبوعة عن الطبعة التی حقق أصلها عبد العزیز بن باز ، محمد فؤاد عبد الباقی ، دار مصر، 1421هـ/2001م.
2)       أبو الفداء إسماعیل بن عمر بن کثیر القرشی البصری ثم الدمشقی ، تفسیر القرآن العظیم ، تحقیق: محمد حسین شمس الدین ، الجزء(4)، بیروت: دار ابن حزم ، 1419هـ.
3)       أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملک بن سلمة الأزدی الحجری المصری المعروف بالطحاوی (المتوفى: 321هـ) ، شرح مشکل الآثار، تحقیق: شعیب الأرناؤوط ، الجزء(3) ، بیروت: مؤسسة الرسالة ، 1415 هـ/ 1994م.
4)       أبو داود سلیمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشیر الأزدی ، سنن أبو داود ، تحقیق شعیب الأرناؤوط وأخرین بیروت: دار الرسالة العالمیة ، 1430هـ/2009م.
5)       أبو عبد الرحمن أحمد بن شعیب بن علی الخراسانی (المتوفى: 303هـ) ، سنن النسائی " من أحب أن ینسک عن ولده ، فلینسک عنه عن الغلام شاتان مکافأتان، وعن الجاریة شاة" (النسائی "4212"، کتاب (العقیقة).
6)       أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبی بکر بن فرح الأنصاری الخزرجی شمس الدین القرطبی (المتوفى : 671هـ) ، الجامع لأحکام القرآن ، تحقیق: هشام سمیر البخاری ، الریاض: دار عالم الکتب ، 1423هـ/ 2003م ، ص116.
7)       أبو عیسى الترمذی ، الجامع الکبیر، تحقیق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامی ، 1992م.
8)       أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصری القرشی ، الجامع (53) باب النسب.
9)       أبوبکر عبدالرازق الصنعانی: المصنف، ت.حبیب الرحمن الأعظمی، المکتب الإسلامی، بیروت، الطبعة الثانیة، 1403هـ، ج9، ص 99، رقم (16501).
10)   أحمد بن الحسین بن علی بن موسى أبو بکر البیهقی ، شعب الإیمان (8620)، ورواه ابن السنی فی عمل الیوم واللیلة (623)، وأم الصبیان هی التابعة من الجن.
11)   الإمام أحمد فی المسند (2634) کتاب (الملحق المستدرک مسند الأنصار) باب (مسند الصدیقة عائشة).
12)   الإمام أحمد: المسند، حدیث رقم (18534) من حدیث البراء بن عازب.
13)   الإمام شمس الدین أبی عبد الله محمد بن أبی بکر ابن القیم الجوزیة ، ت 751 هـ ، تحفة المودود بأحکام المولود ، تحقیق: عبد القادر الأرناؤوط ، دمشق: مکتبة دار البیان ، 1391هـ/1971م.
14)   الإمام شمس الدین أبی عبد الله محمد بن أبی بکر ابن القیم الجوزیة ، ت 751 هـ ، زاد المعاد فی هدی خیر العباد ، تحقیق: شعیب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط ، الجزء(2) ، بیروت: مؤسسة الرسالة ، 1399هـ.
15)   أمانی فریز إبراهیم ، الهدی النبوی فی العلوم الطبیعیة: دراسة موضوعیة ، رسالة ماجستیر ، کلیة الدراسات الفقهیة والقانونیة ، جامعة آل البیت ، 2006م.
16)   إنعام محمد صالح ، الهدی النبوی ودور المعلم فی استثارة القدرة الإبداعیة عند الطبة فی مادة التربیة الإسلامیة )صفی الحادی عشر والثانی عشر( ، رسالة ماجستیر ، عمادة الدراسات العلیا ، جامعة القدس، 2018م.
17)   جمال عبدالرحمن: أطفال المسلمین کیف رباهم النبی الأمین ، مکة: دار طیبة الخضراء ، ط7، 1425هـ، 2004م.
18)   دارزى أوف دینام & لایارد: " عقول صحیة شابة: تغییر صحة الطفل النفسیة "، تقریر منتدى الصحة لنفسیة ورفاه الأطفال التابع لمؤتمر ویشن، ترجمة: حمد الإبراهیمی،  2015م.
19)   سعید بن علی بن وهف القحطانی ، الهدی النبوی فی تربیة الأولاد فی ضوء الکتاب والسنة، الریاض: مطبعة سفیر.
20)   سلیمان بن أحمد بن أیوب الطبرانی ، "یعق عن الغلام ، ولا یمس رأسه بدم" (الطبرانی فی "الأوسط").
21)   سمر خلیل عبد الله ، حقوق الطفل فی الإسلام والاتفاقیات الدولیة: دراسة مقارنة ، رسالة ماجستیر، جامعة النجاح الوطنیة ، 2003م.
22)   عباس محجوب ، التربیة الإسلامیة ومراحل النمو ، الجامعة الاسلامیة بالمدینة المنورة ، السنة(13) ، العدد(52) ، 1401هـ.
23)   عبد الحکیم یاسین حجازی، وائل سلیم الهیاجنة ، حقوق الطفل التربویة فی ضوء التربیة الإسلامیة والفلسفة البراجماتیة: دراسة مقارنة ، مجلة دراسات العلوم التربویة تصدر عن جامعة الیرموک ، المجلد(45) ، العدد(4) ، ملحق(7) ، 2018م ، ص ص343-353.
24)   عبد الله قاسم الوشلی ، الأحکام الفقهیة ذات العلاقة بتربیة الطفل من المیلاد حتى السنة السادسة ، مجلة العلوم التربویة والنفسیة تصدر عن کلیة التربیة بجامعة صنعاء ، المجلد(1) ، العدد(1) ، 2002م ، ص ص70-110.
25)   عبدالرحمن رأفت الباشا، صور من حیاة الصحابیات، دار الأدب الإسلامی، بیروت ، 1417هـ / 1996م.
26)   علی بن سلیمان المرداوی ، الإنصاف لمعرفة الراجح من الخلاف ، المطبوع مع المقنع والشرح الکبیر، تحقیق الدکتور عبد الله بن عبد المحسن الترکی، دار هجر للطباعة والنشر، ج9، ص 439.
27)   فتحیة عبد الصمد عبید ، المنظور الإسلامی للعنایة بالطفولة : دراسة وثائقیة تحلیلیة ، مجلة مستقبل التربیة العربیة تصدر عن المرکز العربی للتعلیم والتنمیة ، المجلد(21) ، العدد(91) ، 2014م ، ص ص204-308.
28)   مجد الدین أبو السعادات المبارک بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الکریم الشیبانی الجزری ابن الأثیر (المتوفى: 606هـ) ، النهایة فی غریب الحدیث والأثر ، تحقیق: محمود محمد الطناحی وطاهر أحمد الزاوی ، الجزء(2) ، بیروت: المکتبة العلمیة ، 1399هـ / 1979م.
29)   مجموع فتاوى ابن باز، جمع عبد الله الطیار، وأحمد الباز، الطبعة الأولى 1416هـ، الریاض: دار الوطن، الریاض، المملکة العربیة السعودیة، ج10، ص48
30)   محمد بن إسماعیل البخاری الجعفی، صحیح البخاری ، بیروت: دار طوق النجاة ، 1422هـ /2001م.
31)   محمد بن جریر بن یزید بن کثیر بن غالب الآملی ، أبو جعفر الطبری (المتوفى : 310هـ) ، جامع البیان فی تأویل القرآن ، تحقیق: أحمد محمد شاکر ، بیروت: مؤسسة الرسالة ، 1420هـ / 2000م.
32)   محمود حمدی زقزوق ، حریة العقیدة ، مجلة التربیة الأخلاقیة ، العدد(3) ، 2004م ، ص38.
33)   مراد علی رشدی ،  الإسلام وحقوق الإنسان فی مرحلة الطفولة ، مجلة هدی الإسلام تصدر عن وزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامیة ، المجلد(60) ، العدد(2) ، 2016م ، ص ص110-121.
34)   مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشیری النیسابوری (المتوفى: 261هـ  ، صحیح مسلم (679)، کتاب (المساجد ومواضع الصلاة) باب (استحباب القنوت فی جمیع الصلاة إذا نزلت بالمسلمین نازلة).
35)                         Asim Abdelmoneim Hussein et al, Prophetic Medicine, Islamic Medicine, Traditional Arabic and Islamic Medicine (TAIM): Revisiting Concepts and Definitions, Acta Scientific Medical Sciences (ISSN: 2582-0931) Volume 3 Issue 8 August 2019,P.P.62-69.
36)                         Indrayani et al, How does Moslem Community Apply the Tahneek to the Babies?, P J M H S, Vol. 11, No. 1, Jan – Mar, 2017,P.P.18-25.