نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
أستاذ مساعد بقسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية – جامعة المنيا
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
كلية التربية
إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)
=======
فاعلية برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم
في تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى طلاب المرحلة الثانوية
إعــــــــــــــــــــــداد
د/ احمد عمر احمد محمد
أستاذ مساعد بقسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية – جامعة المنيا
}المجلد التاسع والثلاثون– العدد السادس– يونيو 2023م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
ملخص الدراسة:
هدفت الدراسة إلى إعداد برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم؛ لتنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي. وقد اُستخدم المنهج الوصفي في تحليل الأدبيات المُرتبطة بمُتغيرات الدراسة، كما اُستخدم التصميم شبه التجريبي ذو المجموعتين؛ للكشف عن فاعلية البرنامج في تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء. وقد تكوّنت عينة الدراسة من (68) طالبًا من طلاب الصف الأول الثانوي بمنطقة الرياض، قُسّموا إلى مجموعتين، إحداهما: تجريبية (36) طالبًا استخدمت البرنامج في دراسة محتوى فصلي "دراسة الحياة" و"تنظيم تنوّع الحياة"، المُعاد صيغتهما من مقرر الأحياء، والأخرى: ضابطة (32) طالبًا، درست محتوى الفصلين نفسيهما بالطريقة المعتادة. وأُعدّ اختبار لفهم طبيعة العلم، ومقياس لتقدير جهود العلماء، طُبّقا قبليًّا وبعديًّا على مجموعتي الدراسة. وأظهرت نتائج الدراسة فاعلية البرنامج في تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي.
الكلمات المفتاحية: طبيعة العلم – قائمة ليدرمان لطبيعة العلم – مدخل تكاملي – الجوانب العامة لطبيعة العلم – التشابه العائلي – تقدير جهود العلماء.
Abstract:
The study aimed at preparing a program based on integrated approach to the nature of science to develop the 1st secondary class students understanding the nature of science and the appreciation of scientists efforts. The descriptive method was used to analyze the related literature to the study variables. The two groups quasi-experimental design was used to determine the effectiveness of the program in developing students understanding the nature of science and the appreciation of scientists efforts. The sample consisted of (68) students in Riyadh region, divided into two groups: the experimental group (n=36) used the program in studying the reformulation subject material of "the study of life" and "organizing life's diversity" chapters. And the control group (n=32) studied the same subject material following the traditional method. A test of understanding the nature of science and scale of the appreciation of scientists efforts were prepared. Both instruments were administered pre and post the intervention. The results indicated the effectiveness of the program in developing both understanding the nature of science and the appreciation of scientists efforts of the 1st secondary class students.
Keywords: Nature of Science "NOS" – Lederman NOS List - Integrated Approach - General Aspects of NOS - Family Resemblance – Appreciation of Scientists Efforts
مقدمة:
أظهرت جائحة فيروس كورونا المُستجدّ COVID-19 وتداعياتها الدور المهم للعلم والعلماء في خدمة البشرية، ومدى الحاجة إلى معرفة موثوقة عن الأوبئة وطرق مواجهتها، كما أكّدت أهمية امتلاك الفهم اللازم للتمييز بين العلم والخرافة أو العلم الزائف، وقد ظهر الكثير من الادّعاءات المُثيرة للجدل في سياق هذه الجائحة، مثل: تبني نظرية المؤامرة حول ظهور الجائحة وتفشيها، أو ارتباط الجائحة بتكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات، أو الشك في سلامة اللقاحات وآثارها الجانبية قريبة المدى وبعيدته، أو إنكار وجود الجائحة، ومقاومة الادّعاءات العلمية الراسخة، أو وصف الإجماع العلمي بأنه مجرد رأي، وغيرها من الأمثلة. وقد أظهرت أغلب هذه الادّعاءات العواقب الوخيمة لرفض الإجماع العلمي بدون دليل كافٍ، وخطورة مقاومة العلم وضعف الثقافة العلمية لدى أفراد المجتمع. ومن المداخل الواعدة لمواجهة ذلك: اهتمام تدريس العلوم والتربية العلمية بتنمية فهم المتعلمين "لكيفية عمل المشروع العلمي" (McComas & Clough, 2020, p. 5)، أو فهم المتعلمين "لخصائص المعرفة العلمية المُشتقة من الطرق التي يستخدمها العلماء في إنتاج هذه المعرفة" (Lederman et al., 2020, p. 296): أي تنمية فهم طبيعة العلم Nature of Science "NoS".
ويُمثّل تنمية فهم طبيعة العلم لدى المتعلمين هدفًا مهمًّا من أهداف تدريس العلوم والتربية العلمية (الشياب، 2020؛Brunner & Abd-El-Khalick, 2020; Kaya et al., 2019 )، وهدفًا لتدريس الأحياء بشكل محدد (Archila et al., 2020)، حيث إن فهم طبيعة العلم يمثّل مكوّنًا مركزيًّا للثقافة العلمية (McComas & Clough, 2020)، ومصطلحًا مشتركًا بين العديد من تعريفاتها (Duruk, 2020). ولما كانت هذه الثقافة العلمية تُعدّ هدفًا رئيسًا للتربية العلمية؛ فإن الباحثين (مثل: Hopkins, 2021; Zhuang et al., 2021; Lederman et al., 2020) يتفقون على أن دمج طبيعة العلم في تدريس العلوم والاهتمام بتنمية فهمه لدى المتعلمين؛ يُمثّل شرطًا أساسيًّا لإعداد أفراد مثقّفين علميًّا، وأمرًا بالغ الأهمية لإعدادهم للمستقبل.
وقد انعكست هذه الأهمية على الجهود البحثية التي تناولت أفضل ممارسات تدريس طبيعة العلم، ومدى تضمين جوانبه في مناهج العلوم من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر في جميع أنحاء العالم (Hopkins, 2021; Zhuang et al., 2021). كما انعكست أيضًا على اهتمام حركات إصلاح التربية العلمية في مختلف دول العالم بتنمية فهم طبيعة العلم لدى المتعلمين في جميع المستويات التعليمية، على سبيل المثال: جعلت معايير تعليم العلوم للجيل القادم NGSS([1]) من فهم طبيعة العلم هدفًا لتدريس العلوم (Zhuang et al., 2021; Brunner & Abd-El-Khalick, 2020; Schellinger et al., 2019)، ففي الملحق "H" من هذه المعايير (NGSS)، حُدّدت مصفوفة من ثمانية مفاهيم أساسية لطبيعة العلم، وهي (NGSS, 2013, Appendix H): 1- الاستقصاء العلمي يستخدم طرقًا متنوّعة، 2- المعرفة العلمية قائمة على الأدلة التجريبية، 3- المعرفة العلمية مفتوحة للمراجعة في ضوء ما يُستجدّ من أدلّة، 4- النماذج والقوانين والنظريات العلمية تُفسّر الظواهر الطبيعية، 5- العلم طريقة للمعرفة، 6- تفترض المعرفة العلمية وجود تناغم واتساق في النظم الطبيعية، 7- العلم مسعى بشري، 8- يتناول العلم أسئلة حول العالم الطبيعي والمادي. وترتبط العناصر الأربعة الأولى من هذه المصفوفة بالممارسات، والأربعة الثانية بالمفاهيم الشاملة، كما تضمّنت هذه المصفوفة وصفًا لمخرجات تعلّم طبيعة العلم المناسبة لكل مرحلة على حدة، من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية.
وعلى الرغم من هذا الاتفاق بين المهتمين (مثل: العلماء، وفلاسفة العلم ومؤرخيه، والعاملين في ميدان التربية العلمية) على أهمية فهم المتعلمين لطبيعة العلم؛ لكنهم اختلفوا حول مفهوم طبيعة العلم وجوانبه([2]) (Emran et al., 2020; Upahi et al., 2020)؛ لعدم اتفاقهم على ما يميّز العلم عن غيره من المساعي البشرية، والذي يرتبط بالنقاش الفلسفي حول ما يُسمّى بـ"مشكلة التمييز"، وهي قضية تتناول تمييز العلم عن "اللاعلم أو العلم الزائف أو الخرافة"، أو الفرق بينهما (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; McComas & Clough, 2020). وبعبارة أخرى، لم يتفق المهتمون على ملامح الحدود الفاصلة بين ما هو علمي وما هو غير علمي. وقد قدّم فلاسفة العلم رؤى مختلفة لحلّ هذه القضية، مثل: معيار قابلية التكذيب أو التفنيد الذي استخدمه كارل بوبر Karl Popper؛ لتمييز العلم عن العلم الزائف.
وهناك العديد من التصوّرات والمدارس الفكرية([3]) حول طبيعة العلم، التي قدمت حلًّا لمشكلة التمييز، ومن أشهر هذه الحلول أو المداخل لطبيعة العلم وأكثرها استخدامًا وتأثيرًا في تدريس العلوم؛ مدخل الجوانب العامة الذي صاغه ليدرمان Lederman وطلابه وزملاؤه ومؤيدوه([4])، وأُطلق على هذا التصوّر أيضًا سبعة ليدرمان Lederman 7 أو Lederman Seven (كما في: Hopkins, 2021; Matthews, 2012)، كما أُطلق عليه قائمة أو مدخل الإجماع، حيث اقترح ليدرمان Lederman "قائمة" بجوانب طبيعة العلم، "اتفق" عليها أغلب الباحثين المؤيدين لتصوّره؛ حتى وُصف هذا "الاتفاق" بأنه "إجماع" عليها؛ لذلك أُطلق على هذا التصوّر مسمى قائمة أو مدخل الإجماع لـطبيعة العلم (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; Lederman & Lederman, 2019). ولكنّ بعض الباحثين (مثل: Leung, 2022) أكّدوا فقدان هذا التصوّر للإجماع الكافي بين المهتمين؛ ومن ثمّ امتنع بعضهم (مثل: Kampourakis, 2016) عن استخدام مصطلح "الإجماع"، وفضّل استخدام "الجوانب العامة لطبيعة العلم"، بدلًا منه لوصف هذا المدخل، وهو ما اُستخدم في الدراسة الحالية.
وقد صاغ مؤيدو تصوّر ليدرمان Lederman قوائم بالجوانب العامة مفتوحة للتعديل، حيث تتكوّن من عبارات تصف الجوانب الرئيسة لطبيعة العلم أو "طبيعة المعرفة العلمية" وعمليات إنتاجها الرئيسة حسب هذا التصور، الذي ينظر إلى طبيعة العلم بوصفه أبستمولوجيا العلم. وتتراوح مكوّنات هذه القوائم بين الجوانب السبعة التي اقترحها ليدرمان Lederman (1- تجريبية، 2- مؤقتة، 3- ذاتية وتتأثر بالتوجهات النظرية، 4- نتاج الخيال والإبداع البشري، 5- للعلم طرق متعددة، 6- تتأثر بالعوامل الاجتماعية والثقافية، 7- تختلف القوانين عن النظريات العلمية)، وبين عشرة جوانب وأكثر تصف المسعى العلمي في إصدارات مختلفة من هذه القوائم، وذلك بحسب رؤية كل باحث وطبيعة دراسته (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; Hopkins, 2021; Saritas & Polat, 2020; Lyu, 2019).
وفي تدريس العلوم، فإن مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman هو الأكثر استخدمًا، فقد تبنّته معظم الدراسات التجريبية، واستندت إليه وثائق حركات إصلاح التربية العلمية في مختلف دول العالم (Zhuang et al., 2021; Saritas & Polat, 2020). واعتمدت عليه أدوات تقييم فهم طبيعة العلم الأكثر شيوعًا للمستويات التعليمية المختلفة (Lyu, 2019)، وكذلك الدراسات التي استهدفت تقييم مدى توافر جوانب طبيعة العلم في مناهج العلوم (مثل: Zhuang et al., 2021; Li et al., 2020; Upahi et al., 2020). وبشكل عام؛ فمن المناسب تدريس هذه الجوانب لطلاب المرحلة الثانوية (Cheung, 2020).
وعلى الرغم من ذلك؛ فقد تعرّض مدخل الجوانب العامة لطبيعة العلم لليدرمان Lederman إلى انتقادات واسعة، وصفته بالضعف والبساطة المُفرطة، والغموض، والتضليل، والافتقار إلى الوحدة المنهجية، وأنه يمثّل رؤية ضيقة وغير متجانسة تتجاهل الفروق بين التخصّصات العلمية؛ حتى وصُف بأنه تصوّر غير مُمثّل للعلم (انظر: Leung, 2022; Zhuang et al., 2021; Erduran & Dagher, 2014). وقد أظهر بعض مؤيدوه اقتناعًا بهذا النقد، وبضرورة إعادة النظر في هذا التصوّر (مثل: Kampourakis, 2016)، ودافع بعضهم عن هذا التصور، من حيث إن هدفه "تعليمي": أي أن هدفه تدريس طبيعة العلم في فصول العلوم فقط، وليس إعداد فلاسفة للعلم، وذلك على غرار نسخة "محتوى العلوم" المُبسطة والمُعدَّة لكتب العلوم المدرسية؛ ويُفسّر هذا كونه تصوّرًا مرفوضًا من معظم فلاسفة العلم، في حين يتبناه معظم متخصصي التربية العلمية (Lederman & Lederman, 2019; Kampourakis, 2016)؛ ومن ثمّ نادى الباحثون (انظر: Lyu, 2019) بضرورة صياغة رؤى جديدة، ومداخل حديثة بفهم أدق وأعمق وأشمل لطبيعة العلم.
وبناء على ذلك؛ اُقترحت حديثًا العديد من التصوّرات والمداخل لطبيعة العلم، التي سعت إلى تقديم حلول لمشكلة التمييز التي سبق الإشارة إليها، مثل: مدخل العلم الكلي (الذي اقترحه: Allchin, 2011)، ومدخل سمات العلم ([5])FOS (الذي اقترحه: Matthews, 2012)، ومدخل التشابه العائليFRA([6]) لطبيعة العلم، الذي اقترحه فلاسفة العلم أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2011; 2014)، ومدخل التشابه العائلي المُعدل أو المُنقح RFN([7]) الذي قدّمه أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014) لميدان تدريس العلوم.
ومدخل التشابه العائلي FRA هو تصوّر حديث لطبيعة العلم، قدّمه فلاسفة العلم أرزيك Irzik ونولا Nola في 2011م، من خلال تطبيق أفكار فيتجنشتاين Wittgenstein العامة عن التشابه العائلي في صياغة تصوّرهم عن طبيعة العلم (Erduran et al., 2020; Kaya et al., 2019)، ثم عَدّل أرزيك ونولا تصوّرهم في 2014م. وفي مدخل التشابه العائلي، وصف أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2011; 2014) العلم بأنه مُكوّن من: نظام معرفي-أبستمولوجي Cognitive-Epistemic، ونظام اجتماعي–مؤسسي Social-Institutional System، يتفاعل النظامان باستمرار، ويندرج تحت النظامان (8) فئات لطبيعة العلم، بحيث يشتمل النظام المعرفي-الأبستمولوجي على أربع فئات، وهي: 1- الأنشطة العلمية (استُبدلت بـ"عمليات الاستقصاء" في إصدار 2014م، ثم بـ"الممارسات العلمية" في الإصدار المُعدَّل من المدخل RFN لاحقًا)، 2- الأهداف والقيم، 3- الطرق والقواعد المنهجية، 4- المُخرجات (استُبدلت بـ"المعرفة العلمية" في 2014م)، ويشتمل النظام الاجتماعي-المؤسسي على أربع فئات (أضُيف هذا النظام في إصدار 2014م)، وهي: 5- الأنشطة المهنية، 6- الروح العلمية، 7- التصديق الاجتماعي والنشر العلمي، 8- القيم الاجتماعية للعلم.
ووسّع أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014) – المتخصّصانِ في تدريس العلوم والتربية العلمية – وعدّلا مُقترح أرزيك ونولا Irzik & Nola وطبّقاه في مجال التربية العلمية، ليقترحا بذلك مدخل التشابه العائلي المُعدّل RFN، حيث انتقدا محدودية الجوانب الاجتماعية-المؤسسية في تصور أرزيك ونولا Irzik & Nola، ومن ثمّ أضافا ثلاث فئات جديدة لبُعد النظام الاجتماعي-المؤسسي للعلم، تتعلّق بالسياقات السياسية والاقتصادية والمؤسسية للعلم، وهي: 9- المنظّمات والتفاعلات الاجتماعية، 10- هياكل السلطة السياسية، 11- الأنظمة المالية، ليشتمل المدخل في صيغته المُعدّلة على (11) فئة تدمج الجوانب المعرفية والأبستمولوجية والاجتماعية والمؤسسية للعلم. وأشار كايا وآخرون (Kaya et al., 2019) إلى أن مدخل التشابه العائلي المُعدّل RFN استوعب المجالين العام والخاص لطبيعة العلم، كما اشتمل على جميع الجوانب المُقترحة في المداخل الحديثة لطبيعة العلم خلال العقد الماضي، مثل: مدخل العلم الكلي لألشن (Allchin, 2011)، ومدخل سمات العلم لماثيوز (Matthews, 2012)، فيما عدا بعض السمات التي اقترحها ماثيوز Matthews، مثل: النسوية والواقعية.
ويُعدّ مدخل التشابه العائلي المُعدّل RFN تصوّرًا ديناميكيًّا لطبيعة العلم، واعدًا في دمج تدريس طبيعة العلم في التربية العلمية (Gandolfi, 2021). وقد اُستخدم في دراسات تناولت إعداد المعلم (مثل دراسة: Kaya et al., 2019)، وتقييم مدى تضمين جوانب طبيعة العلم في مناهج الأحياء (مثل دراسة: Cheung, 2020)، وتدريس طبيعة العلم لطلاب المرحلة الثانوية (مثل دراسة: Erduran et al., 2020). وعلى الرغم من القبول الواسع لهذا المدخل الحديث، ونجاحه في تقديم تصوّر شامل لطبيعة العلم؛ لكن الدراسات التي اهتمت به مازالت محدودة، وبصفة خاصة الدراسات التجريبية (Kaya et al., 2019)، كما يُلاحظ غيابه عن الدراسات والبحوث العربية في مجال تدريس العلوم.
وقد أكّد عدد من الباحثين (مثل: Emran et al., 2020; Kampourakis, 2016) ضرورة تكامل واستمرارية مداخل طبيعة العلم المختلفة في سياق تدريس العلوم، وعدّوا أنها تصوّرات غير متنافسة، وبصفة خاصة مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman في مقابل مدخل التشابه العائلي؛ على الرغم من اختلاف كلا المدخلين في أفكار جوهرية حول طبيعة العلم، مثل: موقفهم من الاستقصاء([8]). فقد أكّد كامبوراكيس (Kampourakis, 2016) ضرورة تكامل كلا التصورين واستمراريتهما، واقترح أن يبدأ مسار التعلم بالجوانب العامة لـطبيعة العلم، ثم ينتقل إلى الاهتمام بالتخصّص العلمي من هذه الجوانب، مع إضافة فئات مدخل التشابه العائلي، والاهتمام بربط مفاهيم كلا التصورين. وهذا ما تبنّته الدراسة الحالية في المدخل التكاملي لطبيعة العلم.
وعلى الجانب الآخر، يرتبط فهم المتعلمين لطبيعة العلم بتقديرهم لجهود العلماء، حيث إن فهمهم لطبيعة العلم يرتبط بتصوّرهم لكيفية توليد المعرفة وإنتاجها والتصديق عليها وإعادة إنتاجها، ولأن العلماء هم منتجو هذه المعرفة العلمية؛ فإن المهتمين بطبيعة العلم يستهدفون فهم طريقة عمل العلماء وتفاعلهم مع بعضهم ومع المجتمع؛ ومن ثمّ فإن عدم تحقيق المتعلمين لفهم مناسب لطبيعة العلم، وعدم توافق وجهات نظرهم مع الفهم المعاصر للمشروع العلمي؛ يرتبط بتكوينهم لتصورات نمطية سلبية عن العلماء، وبضعف تقديرهم لجهود العلماء (Kaynak et al., 2020; McComas & Clough, 2020). ولما كان إعداد أفراد مثقفين علميًّا وراغبين في العمل بمهن علمية وأكثر ميلًا لاتخاذ قرارات قائمة على أدلّة علمية يتطلّب تنمية أوجه تقدير العلماء؛ بدعم تصوّرات المتعلمين الإيجابية عن العلماء – خاصة المتعلّقة بالثقة فيهم – (Besley et al., 2021; Memiş et al., 2020)، فإن هناك اهتمامًا متزايدًا بتصوّرات المتعلمين عن العلماء وتقدير جهودهم.
ويعدّ تنمية تقدير جهود العلماء لدى المتعلمين أحد الأهداف الوجدانية المهمة لتدريس العلوم والتربية العلمية في مختلف المراحل التعليمية (الحايك والبلطان، 2021؛ فؤاد، 2018؛ سراج، 2018؛ سليمان، 2017؛ زكي، 2016؛ الزعانين، 2015؛ Besley et al., 2021; Paul & Kumari, 2020). وقد اشتملت قوائم أهداف تدريس العلوم على هذا الهدف في معظم دول العالم؛ سعيًا إلى تزويد المتعلمين بصورة ذهنية إيجابية عن العلماء، وتقدير دورهم في خدمة المجتمع والبشرية، وليكونوا مثالًا وقدوة للمتعلمين يشجّعهم على النبوغ والتفوّق في دراستهم للعلوم (الزعانين، 2015)؛ إذ من الصعب تخيّل مجتمع يهتم بالعلم ولا يُقدّر العلماء وجهودهم.
وقد تبيّن مما سبق؛ أهمية تنمية فهم طبيعة العلم لدى المتعلمين، وكونه رافدًا أساسيًّا لتحقيق الثقافة العلمية؛ ومن ثمّ اهتمت المشروعات العالمية لتطوير التربية العلمية بتنمية هذا الفهم. كما تبيّن تنوّع المدارس الفكرية في تصوّر طبيعة العلم، من مدخل الجوانب العامة إلى مدخل التشابه العائلي، وضرورة تكامل هذه التصوّرات، وأخيرًا ارتباط فهم طبيعة العلم بتقدير المتعلمين لجهود العلماء، الذي يُمثّل أحد الأهداف الوجدانية المهمة للتربية العلمية.
الإحساس بمشكلة الدراسة:
اتضح من العرض السابق أن تنمية فهم طبيعة العلم لدى المتعلمين يُمثّل هدفًا مهمًّا لتدريس العلوم، ولتدريس الأحياء بشكل محدد؛ وعلى الرغم من ذلك فقد أكّد عدد كبير من الباحثين (مثل: الشياب، 2020؛ Kaynak et al., 2020; McComas & Clough, 2020) قصور فهم طبيعة العلم، وتدني استيعاب المتعلمين لمفاهيمه الرئيسة، وامتلاكهم لتصوّرات لا تتفق مع الفهم المعاصر للمشروع العلمي، وذلك لدى المتعلمين في مختلف المراحل التعليمية، وطلاب المرحلة الثانوية بشكل محدد (مثل: عبداللطيف، 2013)، وعلى سبيل المثال، يصف عبدالخالق وآخرون (Abd-El-Khalick et al., 2017) مستوى تحقيق أهداف تدريس العلوم المرتبطة بتعليم طبيعة العلم وتعلمها بأنه: مُحبط، مع شيوع التصوّرات الخاطئة للعديد من مفاهيم طبيعة العلم الرئيسة لدى أغلب المتعلمين في مراحل التعليم قبل الجامعي.
وأرجع بعض الباحثين هذا التدني في فهم المتعلمين لطبيعة العلم إلى تركيز طرق تدريس العلوم التقليدية على الجانب المعرفي وإهمال جوانب طبيعة العلم (مثل: الحلواني، 2018؛ Kapsala & Mavrikaki, 2020)، كما عزى بعضهم ذلك إلى كثرة معوّقات تدريس طبيعة العلم في فصول العلوم؛ ومن ثمّ أكدوا ندرة تدريس طبيعة العلم في فصول العلوم بصفة عامة (مثل: Lederman & Lederman, 2019)، أو ندرة تدريس التصوّرات المختلفة حول طبيعة العلم (مثل: Yacoubian, 2020). وأرجع أكرسون وآخرون (Akerson et al., 2019) هذا التدني إلى ضعف فاعلية تدريس طبيعة العلم – إن وُجد – وعدّد أسباب هذا الضعف، وذكر منها: نقص تضمين جوانب طبيعة العلم في مناهج العلوم، أو حسب وصف مكوماس وكلوف (McComas & Clough, 2020)؛ فإنه غالبًا ما تُقدّم بعض الموضوعات في محتوى مناهج العلوم بشكل مُضلّل وخاطئ على أنها دروس في الطريقة التي يعمل بها العلم (مثل: موضوعية العلماء، أو خطوات الطريقة العلمية)؛ مما أكد الحاجة إلى صياغة برامج تستهدف تدريس طبيعة العلم في فصول العلوم، وفصول الأحياء بشكل محدد.
واتضح من المقدمة أيضًا أن تقدير جهود العلماء لدى المتعلمين؛ يُمثّل أحد الأهداف المهمة للتربية العلمية؛ لكنَّ عددًا كبيرًا من الباحثين أكّدوا ضعف أوجه التقدير لدى المتعلمين بصفة عامة (مثل: الحايك والبلطان، 2021؛ فؤاد، 2018؛ سراج، 2018؛ سليمان، 2017؛ زكي، 2016)، ولدى طلاب المرحلة الثانوية بشكل محدد (مثل: عبداللطيف، 2013؛ عبدالفتاح، 2013؛ Paul & Kumari, 2020)، كما أكّدوا امتلاك المتعلمين لصورة نمطية سلبية عن العلماء (مثل: الزعانين، 2015)، والحاجة إلى تنمية التقدير العلمي بصفة عامة لدى طلاب المرحلة الثانوية (Paul & Kumari, 2020). وأرجع الباحثون ضعف تقدير جهود العلماء لدى المتعلمين إلى أن تدريس العلوم بصورته التقليدية لم يُهمل تقدير جهود العلماء فحسب؛ بل أهمل الجوانب الوجدانية بصفة عامة، وأوجه التقدير بشكل محدد (سراج، 2018)، وعزى بعضهم هذا الضعف إلى قصور في فهم المتعلمين للمشروع العلمي (مثل: Kaynak et al., 2020). وفي الوطن العربي تُهمل مناهج العلوم هذا الهدف، وتقتصر على الإشارة إلى مساهمات موجزة لبعض العلماء العرب والمسلمين (سليمان، 2017)؛ ومن ثمّ أصبح تقدير العلماء وجهودهم هدفًا غير متحقّق في تدريس العلوم، وبعدًا غائبًا من أبعاد التربية العلمية (زكي، 2016).
وقد أكّدت الدراسة الاستطلاعية التي قام بها الباحث قصور فهم طبيعة العلم، وتدني تقدير جهود العلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي؛ حيث أُجريت هذه الدراسة إلكترونيًّا باستخدام نماذج ميكروسوفت Microsoft Forms على عينة من (34) طالبًا من طلاب الصف الأول الثانوي بمدرسة عرقة الثانوية بنين بالرياض، خلال شهر مايو من الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2020 – 2021م، والتي هدفت إلى الكشف عن مدى فهمهم لطبيعة العلم، وتقديرهم لجهود العلماء، وطُبّق اختبار فهم طبيعة العلم المُكوّن من (41) مفردة (ملحق "6")، كما طُبّق مقياس تقدير جهود العلماء المُكوّن من (52) مفردة (ملحق "10")، ويُستجاب لها وفقًا لطريقة ليكرت Likert الثلاثية([9]): (أوافق – أحيانًا – لا أوافق)، وتقابله درجات تتدرّج من (3 إلى 1) على الترتيب للمفردات الموجبة، والعكس للسالبة. وقد أظهرت النتائج أن متوسط الدرجة التي حصل عليها الطلاب في اختبار فهم طبيعة العلم تساوي (16.32)، من درجة عظمى تساوي (41) درجة، بنسبة مئوية قدرها (39.80%)، مع انحراف معياري قدره (5.49): أي أنهم لم يصلوا إلى 50% من الدرجة؛ بما يُشير إلى تدني فهم طبيعة العلم لديهم. وفيما يتعلّق بنتائج تطبيق مقياس تقدير جهود العلماء؛ فقد جاءت معظم إجابات الطلاب ما بين "أحيانًا" و"لا أوافق"، وكان متوسط الدرجة التي حصل عليها الطلاب (103.82) من درجة عظمى تساوي (260) درجة للمقياس، بنسبة مئوية قدرها (39.93%)، وانحراف معياري قدره (13.60)؛ مما أكّد ضعف تقدير جهود العلماء لديهم.
وقد ارتبطت جائحة فيرس كورونا المستجدّ بانتشار الشكوك حول استقلالية العلماء، والمؤسسة العلمية ككل، وتصاعد خطاب عالمي يتبني فكرة المؤامرة، مثل: الاعتقاد أن هذا الفيروس مُصنّع معمليًّا، وأُطلق عمدًا بوصفه سلاحًا بيولوجيًّا، وكان "العلماء" في قلب هذه الشكوك. وفسّر كوسوفسكا وآخرون (Kossowska et al., 2021) ضعف الثقة بالعلماء خلال هذه الجائحة بتصوّر العلماء ضمن النخبة المستفيدة مما فرضته الجائحة من إجراءات، مع الشك في وجود مصلحة فاسدة خلف كل إجراء حتى لو دعّمه العلماء، وشمل ذلك ما أوصى به خبراء وعلماء الجهات الصحية المتخصّصة؛ مما أدّى إلى ضعف إدراك المخاطر المرتبطة بالوباء، وشيوع السلوكيات الخاطئة، مثل: إهمال الإجراءات الاحترازية. وأظهر ذلك بوضوح: "ضعف الثقة في العلماء"، مثل: علماء الأوبئة والفيروسات، وضعف الثقة في "نتائج بحوثهم"، و"الصورة النمطية السلبية عن العلماء": أي ظهر بوضوح ضعف أبعاد تقدير جهود العلماء. كما أظهرت الجائحة الكثير من رفض الإجماع العلمي والمعلومات المدعومة بالأدلة، وعدم فهم أفراد المجتمع لكيفية بناء معرفة علمية موثوقة؛ في إشارة واضحة إلى ضعف فهمهم لطبيعة العلم وما يرتبط به من مفاهيم. إذًا فقد أظهرت المستجدّات العالمية المُتعلّقة بهذه الجائحة وإجراءات الحدّ من انتشارها وجود ضعف في "فهم طبيعة العلم"، وفي "تقدير جهود العلماء"؛ مما أظهر الحاجة إلى برامج تدعم هذه المُتغيرات المهمة؛ وهو ما سعت إليه الدراسة الحالية.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه على الرغم من القبول الواسع النطاق الذي لاقته تصوّرات طبيعة العلم التي ظهرت حديثًا، ونجاحها في تقديم تصوّرات شاملة وأكثر تمثيلًا للعلم، مثل: مدخل التشابه العائلي؛ لكن من الملاحظ غياب هذه التصوّرات عن البحوث والدراسات العربية، ومن ثمّ سعت الدراسة الحالية إلى تقديم برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم في ضوء هذه التصوّرات ومداخل دمجها في محتوى الأحياء وتدريسها. وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن هناك نقصًا في الدراسات التي اهتمت بطرق تنمية فهم طبيعة العلم في المرحلة الثانوية بشكل عام، وفي التعليم العام السعودي بشكل محدد (الأحمد والقشعمي، 2020). كما أكّد عدد من الباحثين (مثل: سليمان، 2017؛ محمد، 2017) وجود نقص في الدراسات التي اهتمت بتنمية تقدير جهود العلماء؛ وبناء على ذلك، سعت الدراسة الحالية إلى تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى طلاب المرحلة الثانوية.
مشكلة الدراسة:
بناء على ما سبق؛ يمكن تحديد مشكلة الدراسة الحالية في قصور فهم طبيعة العلم لدى طلاب المرحلة الثانوية، مع ندرة تبني التصوّرات الحديثة والشاملة حول طبيعة العلم، وتدني تقدير جهود العلماء لدى طلاب المرحلة الثانوية، وللتصدي لهذه المشكلة؛ تحاول الدراسة الحالية الإجابة عن السؤال الرئيس الآتي: كيف يُمكن إعداد برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم؛ لتنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي؟
ويتفرّع عن هذا السؤال الرئيس الأسئلة الآتية:
أهداف الدراسة:
هدفت الدراسة إلى بناء برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم؛ وذلك لتنمية:
حدود الدراسة:
اقتصرت الدراسة الحالية على:
تحديد مصطلحات الدراسة:
عرّف ليدن وآخرون (Leden et al., 2020, p. 6) التعلُّم حول طبيعة العلم بأنه: "التّعرُّف على ماهية العلم، وكيفية إنتاج المعرفة العلمية، وطرق المُشاركة في هذه العمليات". كما عرّف بورك وآخرون (Burke et al., 2018, p. 1152) فهم طبيعة العلم بأنه: "فهم كيفية إنتاج المعرفة العلمية، وتقدير خصائص تلك المعرفة، والوعي بالقيم المتأصلة في التخصّص العلمي".
ويُعرّف فهم طبيعة العلم إجرائيًّا في الدراسة الحالية بأنه: استيعاب طلاب الصف الأول الثانوي لخصائص المعرفة العلمية وطرق إنتاجها (المستوى الأبستمولوجي للعلم)، وللممارسات العلمية (المستوى الشخصي للعلم)، وللتفاعلات بين العلماء، وبينهم وبين المجتمع (المستوى الاجتماعي للعلم). ويُقاس بالدرجة الكلية التي يحصل عليها الطالب في اختبار فهم طبيعة العلم، الذي أعدّه الباحث لهذا الغرض.
ويُعرّف البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم إجرائيًّا في الدراسة الحالية بأنه: تدريس جوانب طبيعة العلم في سياق محتوى مُعاد صياغته من فصلي "دراسة الحياة" و"تنظيم تنوّع الحياة" من مقرر الأحياء لطلاب الصف الأول الثانوي، في ضوء "تكامل واستمرارية" كل من مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman ومدخل التشابه العائلي لطبيعة العلم، وذلك في سياق تدريس "يُكامل" بين المدخل الصريح-التأملي والضمني والتاريخي؛ بهدف تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى هؤلاء الطلاب.
إذًا يتضمّن المدخل التكاملي في الدراسة الحالية مستويين، وهما: "تصوّر" و"تدريس" طبيعة العلم: أي أن المستوى الأول يتعلّق بتصوّر طبيعة العلم القائم على تكامل مدخلي الجوانب العامة والتشابه العائلي، بحيث يتم تكامل تقديم طبيعة المعرفة العلمية والجوانب الاجتماعية المؤسسية للعلم. أما المستوى الثاني فيتعلّق بتكامل مداخل دمج طبيعة العلم في محتوى الأحياء وتدريسها.
عرّف سليمان (2017، ص 7) تقدير العلم وجهود العلماء بأنه: "الثقة في الجهود التي يقوم بها العلماء من أجل التغلّب على الصعاب، وثقتهم في قدرة العلم على التوصّل إلى حلول للمشكلات التي تعاني منها البشرية، وكذلك تقدير معاناة العلماء، ومعرفة المشاق والمتاعب التي يمرّون بها من أجل التوصّل إلى اكتشافات جديدة وحلول للمشكلات، ومتابعة سير العلماء ومعرفة أخبارهم ونشأتهم وأبحاثهم". وعرّف عبدالفتاح (2013، ص 237) تقدير العلم والعلماء بأنه: "الإدراك والوعي بأهمية العلم ودوره في الحياة، وإدراك دور العلماء، والصعوبات التي يواجهونها والتضحيات والإسهامات التي يقدّمونها في تقدّم المجتمع وحلّ مشكلاته".
ويُعرّف تقدير جهود العلماء إجرائيًّا في الدراسة الحالية بأنه: ثقة طلاب الصف الأول الثانوي في دور العلماء في خدمة المجتمع، وبناؤهم صورة إيجابية عن العلماء، والثقة في جهودهم ونتائج بحوثهم وإنجازاتهم العلمية، والرغبة في دعمهم، ومتابعة أخبارهم وتاريخهم، ويُقاس بالدرجة الكلية التي يحصل عليها الطالب في مقياس تقدير جهود العلماء، الذي أعدّه الباحث لهذا الغرض.
فروض الدراسة:
سعت الدراسة الحالية إلى التحقّق من صحة الفروض الآتية:
منهج الدراسة:
استخدمت الدراسة الحالية المنهج الوصفي، وذلك في دراسة الأدبيات والدراسات السابقة؛ بهدف تحديد أسس البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم، وبنائه، وإعداد أدوات الدراسة. كما اُستخدام المنهج التجريبي ذو التصميم شبه التجريبي؛ للتحقّق من فاعلية البرنامج (المُتغيّر المستقل) في تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء (المُتغيرات التابعة)، لدى طلاب الصف الأول الثانوي (عينة الدراسة)، عن طريق اختيار مجموعتين متكافئتين من الطلاب، إحداهما تجريبية استخدمت البرنامج في دراسة محتوى مُعاد صياغته من فصلي "دراسة الحياة" و"تنظيم تنوع الحياة"، والأخرى ضابطة درست محتوى الفصلين بالطريقة المعتادة، وتطبيق اختبار فهم طبيعة العلم ومقياس تقدير جهود العلماء قبليًّا وبعديًّا، ثم تحليل البيانات؛ للوقوف على النتائج، والتحقّق من صحة فروض الدراسة، والإجابة عن أسئلتها.
خطوات الدراسة وإجراءاتها:
سارت الدراسة وفق الخطوات الآتية:
أهمية الدراسة:
تتمثّل أهمية الدراسة الحالية فيما قد تقدّمه لكل من:
الإطار النظري: تنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء في فصول الأحياء:
هدف الإطار النظري إلى إلقاء الضوء على التصوّرات المختلفة لطبيعة العلم، ومداخل دمجه في تدريس الأحياء؛ وصولًا إلى تحديد أسس البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم، وإلقاء الضوء على المتغيّرات التابعة في الدراسة الحالية (فهم طبيعة العلم، وتقدير جهود العلماء)؛ لتحديد ماهيتها وطرق تنميتها، وبناء أدوات قياسها. ولتحقيق ذلك يستعرض الإطار النظري المحاور الآتية: أولًا: طبيعة العلم: ويشتمل على: (1) مدخل الجوانب العامة (أو قائمة الإجماع) لليدرمان Lederman، وأوجه نقدها. (2) مدخل سمات العلم لماثيوز Matthews. (3) مدخل التشابه العائلي، وفئاته، وتعديلات أردوران وداغر Erduran & Dagher على هذا المدخل. (4) أمثلة من نماذج لطبيعة العلم مشتقة من التصوّرات السابقة (نموذج مكوماس McComas - نموذج بيترز بيرتون Peters-Burton). ثانيًا: دمج طبيعة العلم في محتوى الأحياء وتدريسها. ثالثًا: تقدير جهود العلماء.
أولًا: طبيعة العلم:
يُعرّف العلم بشكل مُبسط بأنه "مسعى بشري موجّه لاستكشاف العالم الطبيعي؛ بهدف إنتاج معرفة صالحة وموثوقة (تفسيرات وتعميمات)، مدعومة بالأدلة والاستدلال، ومتاحة لمراجعة الجميع" (McComas & Clough, 2020, p. 4). وهذا المسعى البشري (أي العلم) تجمعه قواسم مشتركة مع غيره من المساعي البشرية؛ لكنْ له طبيعة خاصة أو خصائص تميّزه عن غيره من المساعي البشرية، وتشتمل هذه الخصائص على: خصائص معرفية، واجتماعية، وتجارية، وثقافية، وسياسية، وهيكلية، وأخلاقية، ونفسية (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; Matthews, 2012). وهذه الطبيعة الخاصة أو طبيعة العلم ليست وصفًا لكيفية عمل العالم الطبيعي، فهذا هو العلم نفسه، حيث يستهدف "العلماء" تحقيق أفضل فهم لهذا العالم. أما طبيعة العلم فإنها تمثّل وصفًا لكيفية عمل المؤسسة العلمية، وهو ما يسعى المهتمون بطبيعة العلم إلى فهمه، مثل: طريقة إنتاج العلماء للمعرفة، وطريقة تفاعلهم مع بعضهم ومع المجتمع، وتفاعل العلم والمجتمع (McComas & Clough, 2020). وهناك العديد من التصوّرات عن طبيعة العلم، وفيما يأتي عرض موجز لأهمها (وهي المداخل التي يُكامل بينها برنامج الدراسة الحالية):
أحد أبرز المدارس الفكرية حول طبيعة العلم، وأكثرها شيوعًا في تدريس العلوم خلال العقود الثلاثة الماضية، فقد اعتمدت معظم معايير تدريس العلوم على هذا المدخل في صياغة تصوّرها عن طبيعة العلم وتدريسه، واستند إليه أغلب الباحثين في تصوّرهم لجوانب طبيعة العلم المُستهدَفة في بحوثهم. وفسّر سيليك (Celik, 2020) هذا الشيوع بأن هذا المدخل يُقدّم تصوّرًا لدمج طبيعة العلم في تدريس العلوم دون الخوض في مناقشات فلسفية متعمّقة.
ومن وجهة نظر مؤيدي هذا التصوّر؛ فإن طبيعة العلم هي أبستمولوجيا العلم، فهي طبيعة المعرفة العلمية ([10])NOSK وعمليات إنتاجها الأساسية (انظر: Lederman & Lederman, 2019): أي طريقة المعرفة أو القيم والافتراضات المُتضمّنة في إنتاج المعرفة العلمية والتحقّق منها (Zhuang et al., 2021; Lyu, 2019). وحسب ما جاء في مقدمة الدراسة؛ فقد أجمع مؤيدو هذ المدخل على قوائم مترابطة بشكل مُعقد لجوانب طبيعة العلم العامة؛ لذلك أُطلق عليه مدخل الإجماع، وقد امتنع كامبوراكيس (Kampourakis, 2016) عن استخدام مصطلح "الإجماع"، على أساس فقدان هذه القائمة لإجماع المهتمين عليها، واستخدم مصطلح مدخل "الجوانب العامة" لطبيعة العلم، وأشار إلى أن هذه الجوانب العامة تشتمل على طبيعة المعرفة العلمية، وطرق الاستقصاء والعمليات المُستخدَمة في إنتاج هذه المعرفة. وتتمثّل هذه الجوانب في (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; Brunner & Abd-El-Khalick, 2020; Celik, 2020; Duruk, 2020; Li et al., 2020; Upahi et al., 2020; Kaya et al., 2019; Abd-El-Khalick et al., 2017; Matthews, 2012):
وقائمة الجوانب العامة لليدرمان Lederman ومؤيدوه ليست ثابتة، بل مفتوحة للتعديل، تبعًا لأهداف كل دراسة، وطبيعة العينات المُستهدفة. ولكن هناك بعض الجوانب المهمة المشتركة في أغلب القوائم، مثل: التجريبية، والطبيعة المؤقتة للمعرفة العلمية، ودور الإبداع (Archila et al., 2020; Kampourakis, 2016). وعلى سبيل المثال، فقد استهدفت دراسة باريش وآخرين (Parrish et al., 2020) ستة جوانب تتمثّل في أن المعرفة العلمية: 1- مؤقتة، وتصحح نفسها ذاتيًّا، 2- تجريبية، 3- ذاتية، 4- توجد طرق مشتركة، ولا توجد طريقة واحدة متسلسلة، 5- نتاج للإبداع البشري والاستدلال. وقد حدّدت دراسة لي وآخرين (Li et al., 2020) سبعة جوانب لطبيعة العلم يجب توافرها في كتب العلوم للمرحلة المتوسطة، وهي: 1- المعرفة العلمية مؤقتة، 2- التجريبية، 3- الذاتية، 4- الاستدلالية، 5- الإبداع، 6- النظريات العلمية، 7- القوانين العلمية. واستخدمت دراسة دوروك (Duruk, 2020) ستة مكوّنات لطبيعة العلم، وهي: 1- التجريبية، 2- المعرفة العلمية مؤقتة، 3- الاستدلال، 4- تأثير الخلفية النظرية، 5- الإبداع، 6- تأثير العوامل الاجتماعية-الثقافية.
وقد تعرّض مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman لانتقاد عدد كبير من فلاسفة العلم، حيث أشار ألشن (Allchin, 2011) إلى أن هذا التصوّر لا يقدم صورة كاملة للعلم، واتفق معه عدد من الباحثين (مثل: Leung, 2022; Kampourakis, 2016) في أن قوائم الجوانب العامة قدّمت نظرة ضيّقة لا تصف الطبيعة المُعقّدة للعلم، ولا تُعبّر بدقة عن ممارساته في بعض المجالات. ووصف ماثيوز (Matthews, 2012) بعض جوانب هذا المدخل بالغموض، وبعضهم الآخر وصفه بالتبسيط المُخلّ، وتجاهل المكوّن غير التجريبي للعلم أو تشويهه. وشكك بعض الباحثين في مدى الإجماع على هذه القائمة، وصعوبة تحديد طبيعة واحدة للعلم، وافتقارها إلى بعض الخصائص الرئيسة للعلم، كما أن العديد من هذه الجوانب العامة ليست خصائص مميزة للعلم؛ بل إنها خصائص للمساعي البشرية عمومًا: أي أنها جوانب غير مميّزة للعلم عن غيره، أي أن هذا المدخل لم يقدّم حلًّا لمشكلة التمييز التي سبق الإشارة إليها في مقدمة الدراسة (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; Kampourakis, 2016). وبعبارة أخرى، فإن قوائم الجوانب العامة لم تحقّق الغرض منها، وهو تمييز العلم بوصفه مسعى بشريًّا عن غيره من المساعي البشرية.
ودافع كامبوراكيس (Kampourakis, 2016) عن تصوّر ليدرمان Lederman، في دفاع هو الأقوى من وجهة نظر الباحث، وعلى الرغم من اتفاقه مع بعض أوجه نقد هذا المدخل، وفي الحاجة إلى تقديم تصوّر حقيقي عن طبيعة العلم للمتعلمين وتنمية فهمهم له؛ لكنه وصف تصوّر الجوانب العامة بأنه وسيلة مناسبة لتقديم طبيعة العلم للمتعلمين، فالهدف منه ليس تغطية جميع جوانب طبيعة العلم؛ بل تعليم طبيعة العلم وتعلّمها، ومعالجة الأفكار المُسبقة لدى المتعلمين حول طبيعة العلم. وقد حدّد كامبوراكيس (Kampourakis, 2016) أربعة أوجه قصور رئيسة في مدخل الجوانب العامة لطبيعة العلم تم تناولها في الأدبيات، وردّ عليها، وهي:
قدّم ماثيوز (Matthews, 2012) هذا التصوّر في 2012م، الذي يشبه مدخل الجوانب العامة لليدرمان، من حيث اهتمامه بطبيعة المعرفة العلمية؛ لكن هذا المدخل اهتم بالسياق الثقافي والاجتماعي الذي تُنتج فيه هذه المعرفة العلمية، وأكّد أن طبيعة العلم ليست قائمة من الشروط الضرورية لوصف الممارسة بأنها علمية؛ بل هي "تشابه عائلي" مع مجموعة علمية، كما رفض استخدم مصطلح "طبيعة العلم" لوصف "طبيعة المعرفة العلمية"، واقترح استبدال مفهوم طبيعة العلم بمفهوم "سمات العلم"، ووسّع قائمة ليدرمان السباعية Lederman 7 (التي تضمّ: 1- التجريبية، 2- المعرفة العلمية مؤقتة، 3- الذاتية والتأثر بالتوجّهات النظرية، 4- الإبداع والخيال البشري، 5- للعلم طرق متعددة، 6- التأثيرات الاجتماعية والثقافية، 7- تختلف القوانين عن النظريات العلمية). وأضاف إليها (11) سمة جديدة؛ لتصبح قائمة ماثيوز Matthews لسمات العلم مكوّنة من (18) سمة، وهي: 8- التجريب، 9- المثالية، 10- النماذج، 11- القيم، والقضايا العلمية المجتمعية، 12- الرياضية، 13- التكنولوجيا، 14- التفسير، 15- وجهات النظر العالمية والدين، 16- الاختيار النظري والعقلانية، 17- النسوية، 18- الواقعية والبنائية، والقائمة مفتوحة للمُقترحات الجديدة (Romero-Maltrana & Duarte, 2022; Matthews, 2012).
وقد تعرّض تصوّر ماثيوز Matthews للنقد، على أساس أنه قدّم مبررات جيدة لتوسيع أفكار ليدرمان Lederman وتعديلها؛ ولكنه لم يقدّم أساسًا منطقيًّا واضحًا لتبرير هذه السمات التي أضافها إلى القائمة دون غيرها، كما أن السمات التي اقترحها تمثّل مجموعة غير متجانسة من الأفكار، بحيث يمثّل بعضها جوانب أبستمولوجية للعلم، ويمثّل بعضها الآخر موقفًا فلسفيًّا (مثل: النسوية، والواقعية، والبنائية)، وهي موضوعات من الصعب تصوّر دمجها في تدريس العلوم (Lyu, 2019; Erduran & Dagher, 2014).
صاغ فلاسفة العلم أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2011; 2014) مدخل التشابه العائلي لطبيعة العلم، من خلال تطبيق فكرة التشابه العائلي للفيلسوف لودفيج فيتجنشتاين Ludwig Wittgenstein على طبيعة العلم، ووصفا العلم بأنه مُكوّن من نظام معرفي-أبستمولوجي ونظام اجتماعي–مؤسسي يتفاعلان باستمرار؛ بوصف ذلك ردة فعل للنقد الموجّه إلى تصوّر ليدرمان Lederman ومؤيديه عن طبيعة العلم؛ ليستهدفا تقديم مدخل التشابه العائلي بديلًا عن أفكار ليدرمان ومؤيديه المنفصلة، وإطارًا واسعًا وشاملًا وموحّدًا لجوانب طبيعة العلم (Irmak, 2020; Erduran & Dagher, 2014). ويؤكد كذلك أهمية العوامل المجتمعية والثقافية في طريقة عمل العلم (Kaya et al., 2019).
واقترح فيتجنشتاين Wittgenstein فكرة التشابه العائلي على أساس أنه من غير الممكن تعريف جميع المصطلحات من خلال تحديد جوهر أو ماهية أو طبيعة، أو من حيث الشروط الضرورية والكافية، ولشرح الأمر، قارن بين "المثلث" و"اللعبة"؛ إذ يمكن تعريف المثلث بشكل صريح يحدّد جوهره وخصائصه والشروط الضرورية والكافية لكونه مثلثًا، في حين لا يمكن تعريف مصطلح "لعبة" بهذه الطريقة، حيث يجب أن يتضمّن تعريفها ألعابًا مختلفة، مثل: ألعاب الكرة والعصا والورق، ولا توجد مجموعة ثابتة من الشروط الضرورية والكافية التي تحدّد معنى مصطلح لعبة؛ وبالتالي لا توجد مجموعة من "الخصائص" التي تغطي جميع الألعاب؛ ومع ذلك، فإن جميع الألعاب تُشكّل "تشابهًا عائليًّا"، وشبكة معقّدة من أوجه التشابه والتداخل، وأوجه التشابه هذه هي التي تبرر استخدام مصطلح "لعبة" لوصف هذه الأنشطة المتنوّعة (Irzik & Nola, 2014).
وعند نقلهم لفكرة التشابه العائلي إلى طبيعة العلم، نظر أرزيك ونولا Irzik & Nola إلى فروع العلم المختلفة بوصفها "عائلة" لها خصائص مشتركة يتشابهون فيها، وخصائص أخرى يختلفون فيها: أي خاصة بكل فرد من العائلة، فالعلوم تُجمّع معًا وتُوصف بأنها "علم"؛ لأنها تتشارك مجموعة من الخصائص، وعلى سبيل المثال: فعلم الأحياء والكيمياء والفيزياء يشتركون في أهداف وقيم معينة تحدّد ماهية المعرفة الموثوقة، كما أن لكل تخصّص منها خصائص مختلفة، مثال: يكون الدليل مهمًّا في جميع العلوم؛ لكن هناك "دليل مُفضل" يختلف من علم لآخر، ففي علم الفلك يكون الدليل تاريخيًّا، بينما في الكيمياء يكون الدليل المُفضل تجريبيًّا (Erduran et al., 2020; Kaya et al., 2019; Lyu, 2019; Kampourakis, 2016).
فئات طبيعة العلم في مدخل التشابه العائلي:
في العام 2011 قدّم فلاسفة العلم أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2011) مدخل التشابه العائلي FRA لطبيعة العلم في أربع فئات، وهي:
1- الأنشطة. 2- الأهداف والقيم. 3- الطرق والقواعد المنهجية. 4- المُخرجات.
وفي العام 2014، أعاد أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2014) صياغة تصوّرهم السابق وتوسيعه؛ ليصبح في (8) فئات، مع استبدال "الأنشطة" في الفئة الأولى بـ"عمليات الاستقصاء"، و"المُخرجات" في الفئة الرابعة بـ"المعرفة العلمية"، بحيث أصبح أربع من فئات هذا التصوّر تندرج تحت بُعد النظام المعرفي-الأبستمولوجي للعلم، وهي: 1- عمليات الاستقصاء. 2- الأهداف والقيم. 3- الطرق العلمية والقواعد المنهجية. 4- المعرفة العلمية. كما أُضيفت أربع فئات جديدة في بُعد النظام الاجتماعي-المؤسسي للعلم، وهي: 5- الأنشطة المهنية. 6- الروح العلمية. 7- التصديق الاجتماعي والنشر العلمي. 8- القيم الاجتماعية للعلم.
وفي العام 2014 أيضًا، انتقد متخصّصو تدريس العلوم أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014) محدودية الجوانب الاجتماعية-المؤسسية في مدخل التشابه العائلي FRA الذي اقترحه أرزيك ونولا Irzik & Nola في 2014 (والمُشار إليه في الفقرة السابقة)، ومن ثمّ أدخل أردوران وداغر Erduran & Dagher تعديلات على المدخل؛ ليصيغا مدخل التشابه العائلي المُعدّل RFN))؛ بهدف جعله أكثر توازنًا وشمولًا ومناسبة لأهداف التربية العلمية وقابلية للتطبيق في سياق تدريس العلوم. وقد أستبدل أردوران وداغر مصطلح "عمليات الاستقصاء" التي استخدمها أرزيك ونولا في 2014 بمصطلح "الممارسات العلمية"، وظلت باقي فئات بُعد العلم بوصفه نظامًا معرفيًّا-أبستمولوجيًّا كما هي. وبالإضافة إلى ذلك وسّع أردوران وداغر Erduran & Dagher بُعد العلم بوصفه نظامًا اجتماعيًّا-مؤسسيًّا بإضافة ثلاث فئات جديدة، وهي: 1- المنظّمات والتفاعلات الاجتماعية. 2- بنية السلطة السياسية. 3-الأنظمة المالية؛ ليصبح إجمالي فئات طبيعة العلم (11) فئة وفق تصوّرهما.
واستخدم أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014) مصطلح "فئة" للإشارة إلى المكوّنات الرئيسة للعلم بوصفه نظامًا معرفيًّا-أبستمولوجيًّا ونظامًا اجتماعيًّا–مؤسسيًّا، وعند الإشارة إلى التطبيقات التربوية للمدخل استخدما مصطلح "الجوانب" المعرفية والأبستمولوجية والاجتماعية المؤسسية. وفئات طبيعة العلم وفق هذا المدخل ليست كيانات منفصلة؛ بل متكاملة في صياغة أبعاد المشروع العلمي، وقد فُصلت بهدف تسهيل دراستها، وفيما يأتي عرض لفئات طبيعة العلم في مدخل التشابه العائلي المُعدّل حسب أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014)، مع دمج مفاهيم أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2011; 2014) في هذا العرض.
أولًا: فئات العلم في بُعد النظام المعرفي-الأبستمولوجي:
يشتمل بُعد النظام المعرفي-الأبستمولوجي للعلم على أربع فئات كما يأتي:
1- الممارسات العلمية Scientific Practices:
في الإصدار المبكر لمدخل التشابه العائلي في العام 2011م استخدم أرزيك ونولا Irzik & Nola مصطلح "الأنشطة"، للإشارة إلى العمليات المُستخدَمة في الاستقصاء العلمي. ولاحقًا في 2014م، استبدلا مصطلح الأنشطة بمصطلح "عمليات الاستقصاء". واشتملت عمليات الاستقصاء وفق أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2014) على: صياغة المشكلات، والملاحظة، وجمع البيانات وتصنيفها، وتصميم التجارب، وصياغة الفروض، وبناء النماذج والنظريات، ومقارنة النظريات والنماذج البديلة. ووفق أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014)، فإن عمليات الاستقصاء تختلف عن مهارات عمليات العلم الشائعة في تدريس العلوم؛ ومن ثمّ استبدل أردوران وداغر مصطلحي "الأنشطة" و"العمليات" بـ"الممارسات العلمية"؛ وذلك لعدة أسباب، منها: 1- منعًا للتداخل بين المعاني الضيقة المرتبطة بمهارات عمليات العلم والمعنى الشامل للأنشطة العلمية أو عمليات الاستقصاء، 2- لاستخدام مصطلح "الممارسات العلمية" في أدبيات تدريس العلوم للإشارة إلى الممارسات الأبستمولوجية، 3- لشيوع استخدام مصطلح "الممارسات العلمية" في وثائق حركات إصلاح التربية العلمية، مثل: معايير تعليم العلوم للجيل القادم (للمقارنة بين الأنشطة والعمليات والممارسات انظر: Erduran & Dagher, 2014).
وقد ركّز أردوران وداغر Erduran & Dagher على الممارسات العلمية التي تتضمّن إنتاج النماذج والتفسيرات، وتناولا ثلاثة أمثلة للممارسات العلمية السائدة في تدريس العلوم والمُساهمة في توليد المعرفة العلمية، وهي: التصنيف والملاحظة والتجريب، التي يمارسها العلماء لتوليد البيانات التي تُنمذج لاحقًا؛ ليمكنهم تفسير الظواهر والتنبؤ بها، في حين تتوسّط الممارسات الاجتماعية (مثل: المناقشة) هذه العمليات المعرفية والأبستمولوجية (Erduran et al., 2020; Erduran & Dagher, 2014).
2- الأهداف والقيم Aims and Values:
تعدّ الأهداف المعرفية والأبستمولوجية الرئيسة للعلم (مثل: الدقة والموضوعية) قيمًا معرفية-أبستمولوجية، حيث يقدرها العلماء، ويسعون إلى تحقيقها في نماذجهم ونظرياتهم؛ بهدف إنتاج معرفة موثوقة، وقد تعمل بوصفها معايير لمقارنة النظريات، وتتضمّن أهدافًا وقيمًا متفق عليها في الأدبيات، مثل: التنبؤ والتفسير والاتساق والبساطة، بجانب أهداف أخرى للعلم، مثل: الموثوقية، والقابلية للاختبار (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014). ومن أمثلة القيم التي ينبغي تعزيزها في تعليم العلوم وتعلّمها: الاتساق، والبساطة، والموضوعية، والجِدّة (Erduran & Dagher, 2014).
3- الطرق والقواعد المنهجية Methods and Methodological Rules:
العلم نشاط مُنظّم يحكمه عدد من الطرق والقواعد المنهجية، حيث يستخدم العلماء طرقًا علمية متنوّعة لتحقيق أهداف العلم وإنتاج معرفة علمية موثوقة، مثل: الاستدلال الاستقرائي والاستنباطي والاستنتاجي، ويصاحب هذه الطرق العلمية عادة مجموعة من القواعد المنهجية التي توجّه استخدامها، والتي يهتم بها فلاسفة العلم ولا تحظى بالقدر نفسه من الاهتمام في أدبيات تدريس العلوم (Erduran et al., 2020; Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014)، ومن أمثلة القواعد المنهجية: "مع تساوي العوامل الأخرى، يتم اختيار النظرية الأكثر تفسيرًا"، و"تُقبل النظريات الأبسط، بينما تُرفض النظريات الأكثر تعقيدًا"، و"تُقبل النظرية إذا كانت تفسّر كل النجاحات التي حقّقها أسلافها" (Irzik & Nola, 2014, p. 1009).
ويُشير أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2014) إلى أمرين مرتبطين بالطرق العلمية والقواعد المنهجية، وهما: 1- الطرق المستخدَمة في العلم تمثّل بنيات معرفية مثالية، لا تُعبّر عن أنشطة العلماء اليومية؛ بل توضّح منطقية إجراءاتهم، وتُفسّر جزئيًّا موثوقية المعرفة العلمية، 2- القواعد المنهجية تحتاج إلى الضبط بطريقتين: (أ) يمكن التخلي عن بعضها في ضوء ظروف محددة، كما أن بعضها يتضمّن قيمًا، (ب) القواعد المنهجية مرتبطة بالأهداف؛ لذا يجب اتباع قاعدة منهجية محدّدة لتحقيق هدف محدد. ويؤكد أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014) أهمية هذا الارتباط، فالقواعد المنهجية تخدم الأهداف العلمية، وبالمثل، فإن الأهداف والقيم العلمية تؤثر في اختيار القواعد المنهجية وتطبيقها.
4- المعرفة العلمية:
وهي المُنتج أو المُخرج النهائي للنشاط العلمي، فعندما تحقّق الممارسات العلمية أهدافها باستخدام الطرق والقواعد المنهجية؛ تُنتج المعرفة التي تشتمل على: القوانين والنماذج والبيانات التجريبية والنظريات وغيرها (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014).
ثانيًا: فئات العلم في بُعد النظام الاجتماعي-المؤسسي:
العلم ليس نظامًا معرفيًّا فحسب؛ بل هو مؤسسة تاريخية واجتماعية تتطور باستمرار، فهو نظام اجتماعي مدمج في المجتمع الأكبر، وهو ممارسة مجتمعية تعاونية وتنافسية، لها روحها الخاصة: أي معاييرها الاجتماعية والأخلاقية، ونظامها الخاص بتصديق المعرفة ونشرها، ويربطه علاقات معقّدة مع المجتمع والتكنولوجيا، كما يعمل العلماء في مجموعات اجتماعية تحت مظلة مؤسسات اجتماعية، ويشاركون في أنشطة مهنية، ويمارسون قيمًا وأنشطة اجتماعية في تفاعلهم مع بعضهم والمجتمع (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014).
وقد تحوّل أرزيك ونولا Irzik & Nola من التركيز على الفئات المعرفية-الأبستمولوجية للعلم في نسختهم المُبكرة من مدخل التشابه العائلي في 2011، إلى تضمين أربع فئات للعلم كنظام اجتماعي-مؤسسي في 2014؛ لتحقيق التوازن بين الجانبين، وإبراز طبيعة العلم المُعقّدة، وللمساعدة في ربطهما بأهداف تدريس العلوم (Erduran & Dagher, 2014). واقترح أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2014) أربع فئات في بُعد النظام الاجتماعي-المؤسسي للعلم، وهي (دُمج في العرض الآتي ما ذكره أردوران وداغر حول هذه الفئات الأربع):
5- الأنشطة المهنية Professional Activities:
تتناول هذه الفئة البُعد المهني لعمل العلماء، الذين يشاركون في أنشطة مهنية، بالإضافة إلى عملهم في البحث وإنتاج المعرفة، مثل: حضور المؤتمرات، وإعداد خطط ومشروعات بحثية، والبحث عن مصادر تمويل لها، وتقديم استشارات للهيئات العامة والخاصة .. إلخ. فالسياق الاجتماعي والمهني للعَالم يتطلّب أكثر من القدرة على إجراء استقصاء علمي؛ بل يتطلّب مهارات التواصل والعرض والكتابة العلمية، والفهم المالي، والتفكير الناقد، وغيرها (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014). وهذا البُعد غالبًا يُتجاهل في تدريس العلوم، حيث يمكن دمج المتعلمين في أنشطة مصمّمة على غرار الأنشطة المهنية للعلماء؛ بما ينمي مهاراتهم في: التحدّث وممارسة العلم، وتقديم النتائج، ومناقشة الادّعاءات، التي يمكن تنفيذها باستخدام التكنولوجيا الرقمية والأنشطة اللاصفية (مثل: المعارض العلمية) (Erduran & Dagher, 2014).
6- الروح العلمية The Scientific Ethos:
الروح العلمية هي مجموعة المعايير الاجتماعية المؤسسية الأخلاقية التي يجب على العلماء تبنيها في أنشطتهم وتفاعلاتهم الاجتماعية، وتشتمل هذه المعايير الميرتونية Mertonian Norms على أربعة معايير (نسبة إلى عالم الاجتماع روبرت ميرتون Robert Merton، بوصفه من أوائل من درسوا المعايير المؤسسية للعلم في ثلاثينيات القرن الماضي)، وهي: 1- العالمية: فالعلم عالمي، والادّعاءات العلمية تُقيّم في ضوء معايير موضوعية ومنطقية لا تتأثر بالعوامل الشخصية، مثل: عِرق أو جنس أو دين العلماء، 2- الشك المنظّم: أي إخضاع الادعاءات للتحقّق المنطقي والتجريبي على أساس إجراءات محددة، 3- عدم التحيّز: تُشير إلى استقلال العلماء عن اهتماماتهم وتحيزاتهم ومصالحهم الشخصية وأيديولوجياتهم؛ ومن ثمّ فقد يصلون إلى استنتاجات تتعارض مع تفضيلاتهم الخاصة، 4- المشاعية: أي المِلكية المشتركة للمعرفة العلمية والاكتشافات، والانفتاح على المناقشة وحرية تبادل الأفكار والمعلومات، ولا تقتصر الروح العلمية على معايير ميرتون Merton، بل هناك معايير أخلاقية أخرى، مثل: النزاهة، واحترام عينات البحث والبيئة، والحرية، والانفتاح .. إلخ (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014). وبمرور الوقت ظهرت قواعد السلوك الأخلاقي في المجتمع العلمي، التي يهتم بها مجال فرعي يسمّى بأخلاقيات العلم؛ ومع ذلك فقد يظهر انتهاك لهذه القواعد من جانب بعض العلماء، مثل: الاحتيال أو البيانات المُلفّقة أو منع للبيانات؛ وهو ما يُواجه غالبًا بالعقوبات (Irzik & Nola, 2014).
وهذه الروح العلمية يجب أن تكون جزءًا من تدريس العلوم، بحيث تجسّد الممارسات الأخلاقية التي يجب مراعاتها لبناء معرفة علمية موثوقة، كما تمثّل المبادئ الأربعة الميرتونية Mertonian قيمًا أبستمولوجية واجتماعية يجب ممارستها وتنميتها في فصول العلوم، وفي سياق التدريس القائم على الاستقصاء، وتأكيد أن عملية إنتاج المعرفة العلمية ليست خالية من القيمة، فهي مكوّن رئيس لطريقة صياغة العلماء للادّعاءات الصحيحة وتقييمها، ولا يعني ذلك إنكار وجود انتهاكات لهذه الأخلاق (Erduran & Dagher, 2014).
7- التصديق الاجتماعي والنشر العلمي:
يُشير التصديق الاجتماعي إلى الآليات الاجتماعية التي يستخدمها العلماء لمراجعة المعرفة العلمية وتقييمها، مثل: مراجعة الأقران في المجلات. ويُمثّل هذا التصديق نظامًا لمراقب الجودة الاجتماعية والضبط الأبستمولوجي، فعندما ينتهي العلماء من بحوثهم؛ فإنهم يقومون بالنشر العلمي بعد مراجعة المجتمع العلمي للعمل من خلال مراجعة الأقران، وبعد النشر يصبح العمل العلمي متاحًا للتقييم والمراجعة الناقدة من جانب مجتمع خبراء التخصّص، وهذا تصوّر مُبَسط عن التصديق الاجتماعي للمعرفة العلمية وآلياته، فبعض ممارسات العلماء ونتائج بحوثهم تظلّ سرية وبعيدة عن تدخّل المجتمع العلمي، بما يُمثّل انتهاكًا للمعايير الأخلاقية والاجتماعية (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014). وفي فصول العلوم، يجب دمج المتعلمين في ممارسات للاتصال والتصديق الاجتماعي وعمليات النشر العلمي؛ بهدف عرض طريقة قيام العلماء بهذه الممارسات، مع تأكيد مبدأ نشر العلم وتجنّب السرية (Erduran & Dagher, 2014).
8- القيم الاجتماعية للعلم Social Values of Science:
لا يجسّد العلم القيم المعرفية-الأبستمولوجية فحسب؛ بل هناك قيم اجتماعية تعمل بوصفها مبادئ أخلاقية، مثل: 1- الحرية: ضرورية لمتابعة البحث العلمي، وبدونها يختنق التطور العلمي، 2- احترام البيئة: وتشتمل على واجب سلبي، وهو عدم الإضرار بالبيئة، وواجب إيجابي، وهو حمايتها من خلال الحفاظ على التنوّع الحيوي، وتقليل انبعاثات الكربون المُسببة للتغير المناخي، 3- المنفعة الاجتماعية: تُشير إلى تحسين صحة البشر، وجودة الحياة، والمساهمة في التنمية الاقتصادية، ويعتمد دعم المجتمع والشرعية الاجتماعية للعلم على فائدته الاجتماعية إلى حد كبير (Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014).
وفيما يأتي الفئات الثلاث التي أضافها أردوران وداغر لبُعد النظام الاجتماعي-المؤسسي للعلم:
أضاف أردوران وداغر (Erduran & Dagher, 2014) ثلاث فئات جديدة لبُعد العلم بوصفه نظامًا اجتماعيًّا-مؤسسيًّا على الفئات التي اقترحها أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2014)؛ بهدف تحقيق فهم أشمل للعلم، حيث تتناول الفئات الإضافية التمويل والسياسة والمؤسسات الاجتماعية، وهي مكوّنات مهمة في المجتمع الأكبر الذي يُمارس فيه العلم، مثل أي نشاط بشري منظم آخر. وأشارا إلى أن هذه الفئات يجب مراعاتها في تدريس العلوم، وأنها مفتوحة للتعديل، ولإضافة قضايا أخرى، وهذه الفئات الثلاثة الإضافية هي (Erduran & Dagher, 2014):
9- المنظمات والتفاعلات الاجتماعية:
ترتبط هذه الفئة بطبيعة التفاعلات الاجتماعية في المؤسسات التي يعمل بها العلماء، وتفاعلاتهم مع مجموعة الداعمين والمستفيدين خارجها، حيث يعمل العلماء في مؤسسات منظمة اجتماعيًّا (مثل: الجامعات ومراكز البحوث)، وداخل كل مؤسسة يعملون على مشروعات في مجموعات بحثية لها تسلسل تنظيمي هرمي يحدّد طبيعة التفاعلات الاجتماعية ومستواها بينهم. كما يرتبط المشروع العلمي بالصناعة ومصادر التمويل؛ مما ينتج عنه مستويات تنظيمية أكثر تعقيدًا. وفي تدريس العلوم، يجب تناول هذا البُعد؛ بهدف تنمية الوعي بدور العلماء في مجموعاتهم، وطريقة تقسيم العمل والأنشطة الاجتماعية المحيطة بهم، وتقديم صورة للعلماء وللسياسات والتفاعلات بينهم داخل المؤسسات العلمية وعبرها.
10- بنية السلطة السياسية Political Power Structures:
تتناول هذه الفئة علاقة العلم بالأنظمة السياسية والدول. فالعلم له تراث سياسي وتاريخي، وارتباط مع الحكومات، فمثلًا: جاليليو أعدّ تلسكوبه في البداية للكشف عن أساطيل العدو البعيدة. كما اُستخدام العلم بوصفه أداة أيديولوجية لأغراض بعيدة عن الأهداف المثالية المعلنة. وفي تدريس العلوم، يُركّز غالبًا على فوائد وعالمية المعرفة العلمية ومساهمتها في تحسين حياة البشر، بما يتجاهل علاقة العلم القوية بالسياسة؛ ومن ثمّ يجب تناول التراث السياسي للعلم، وتعزيز فهم المتعلمين لهذه العلاقة، وما تضمّنه تاريخ العلم من غايات سياسية تتعدّى الهدف المثالي للعلم؛ بما يدعم التفكير الناقد لدى المتعلمين دون تقويض أهمية المعرفة العلمية وقيمتها، كما يدعم تحقيق فهم أكثر نضجًا لكيفية إنتاج المعرفة العلمية واستخدامها، وإساءة استخدامها أحيانًا.
11- الأنظمة المالية Financial Systems:
ترتبط هذه الفئة بالبُعد المالي والاقتصادي للعلم، حيث يحتاج العلماء إلى تمويل بحوثهم، كما أنهم يعملون في إطار توقّعات جهات التمويل ومعاييرها، التي قد تكون تابعة للدول. وفي سياق الحديث عن اقتصاديات العلم، هناك أمر يرتبط بالعلاقة بين العلم والتكنولوجيا؛ إذ يقوم العالِم بدور مُنتِج المعرفة العلمية، التي تُمثّل سلعة قد تُطرح للبيع في صورة ابتكار علمي أو منتجات تكنولوجية. وبالإضافة إلى ذلك، ترتبط الطبيعة التجارية للعلم بإنتاج المعرفة العلمية بوصفها ملكية خاصة، بما يخالف المعايير العلمية. وهذا البُعد وما يتضمنه من عدّ العلم سلعة تُسوّق من القضايا التي تجذب اهتمامًا متزايدًا في مجال تدريس العلوم، حيث إن تناول التصوّر الاقتصادي للعلم في فصول العلوم لتنمية فهم بُعده المالي يُعزّز وعي المتعلمين بكون العلم مؤسسة معرفية لا تعمل بمعزل عن غيرها، وكذلك وعيهم بأهمية دور ممولي البحوث العلمية.
حوّل أردوران وداغر Erduran & Dagher مدخل التشابه العائلي المُعدل إلى تمثيل بصري يوضّح العلاقة بين مكوّنات بُعدي العلم، ويعكس تفاعلهما المستمر، وذلك على شكل دائرة متحدة المركز، يحتوي الجزء الداخلي على الفئات الأربع للنظام المعرفي-الأبستمولوجي، وتحتوي الدائرة الخارجية على الفئات الأربع للنظام الاجتماعي-المؤسسي، والحدود بين الدائرتين ومكوّناتها الفردية مسامية؛ مما يسمح بالحركة عبرها، كما أُضيفت الفئات الثلاث الإضافية للنظام الاجتماعي-المؤسسي في دائرة خارجية ثالثة؛ لتصبح فئات طبيعة العلم (11) فئة في نموذج التشابه العائلي المُعدّل (انظر: Erduran & Dagher, 2014, p. 28).
(4) أمثلة من نماذج لطبيعة العلم مشتقة من التصوّرات السابقة:
قدّم مكوماس نموذجه لطبيعة العلم (انظر النموذج: McComas, 2020, p. 40)، مكوّنًا من تسعة عناصر فرعية لـطبيعة العلم، أوصى بتضمينها في تدريس العلوم، وتندرج هذه العناصر التسع تحت ثلاث مجموعات كما يأتي:
أولًا: أدوات العلم ومنتجاته، وتضمّ: 1- للدليل أهمية كبيرة في العلم. 2- القوانين والنظريات بينهما علاقة؛ لكنهما مختلفان. 3- الطرق المشتركة، وتشتمل على: أ- الاستقراء والاستنباط والاستدلال والاستقصاء والجدل .. إلخ، ب- لا توجد طريقة علمية خطية متسلسلة.
ثانيًا: العناصر البشرية في العلم، وتضمّ: 4- الإبداع في كل مكوّنات العلم. 5- للذاتية والتحيز مكان في العلم. 6- التأثيرات الاجتماعية-الثقافية في العلم، والعكس.
ثالثًا: مجال العلم وحدوده: ويضمّ: 7- للعلم حدود: العلم محدود في قدرته على الإجابة عن جميع الأسئلة. 8- العلم مؤقت، ومستمر، ويصحّح نفسه بنفسه. 9- العلم و"الهندسة/التكنولوجيا" مرتبطان؛ لكن مختلفان، فلكل منهما خصائصه المميزة.
وقد صنّف بيترز بيرتون في نموذجه (انظر النموذج: Peters-Burton, 2016, p. 150) جوانب طبيعة العلم إلى ثلاثة مستويات: شخصية واجتماعية وأبستمولوجية، ووصفها كما يأتي:
1- المستوى الشخصي لجوانب طبيعة العلم: هي جوانب تصف الممارسات العلمية اليومية للعلماء التي يشاركون فيها على المستوى الشخصي، مثل: عادات عقل العلماء، وحاجة الادعاءات إلى أدلة تجريبية تدعمها، والتحقّق من صحة المعرفة العلمية، والإبداع، وتعدّد الطرق العلمية. وهذه الجوانب ضرورية لإجراء الاستقصاء العلمي، مثل: يجب على العلماء استخدام الإبداع لصياغة الأسئلة وتفسير النتائج.
2- المستوى الاجتماعي لجوانب طبيعة العلم: في هذا المستوى يستمر استخدام جوانب طبيعة العلم من المستوى الشخصي، بالإضافة إلى التفاعل بين العلماء، حيث تتداخل المستويات الشخصية والاجتماعية من جوانب طبيعة العلم وتتفاعل مع بعضهما؛ لإنتاج المعرفة العلمية، وتتم مراجعة ادّعاءات العلماء من قِبل علماء آخرين يستخدمون عادات العقل نفسها؛ للتحقّق من صلاحية الأدلّة التجريبية، وصحة الادّعاءات في ضوء هذه الأدلة.
3- المستوى الأبستمولوجي لجوانب طبيعة العلم: هي أفكار حول المعرفة العلمية لا يستخدمها العلماء في عملهم اليومي، ويتضمّن هذا المستوى أفكارًا مثل: الطبيعة المؤقتة للمعرفة العلمية، والذاتية، والاختلاف بين القانون والنظرية. ولا تتفاعل جوانب هذا المستوى الأبستمولوجي بشكل مباشر مع جوانب المستويين الشخصي والاجتماعي؛ ولكنها تمثّل نظرة أوسع لجسم المعرفة الذي يُسمّى بالعلم وطرق بناءه. والأفكار على المستوى الأبستمولوجي لا يلزم العلماء معرفتها للمساهمة في جسم المعرفة – أي العلم – فهذا المستوى يصف الخلفية النظرية للأفكار حول طبيعة المعرفة العلمية، وليس ممارسات العلم. وقد تم تبني هذا النموذج في أداة قياس فهم طبيعة العلم بالدراسة الحالية، حيث يتكامل فيه مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman ومدخل التشابه العائلي؛ بما يتفق مع المدخل التكاملي في الدراسة الحالية.
ثانيًا: دمج طبيعة العلم في محتوى الأحياء وتدريسه:
إن تبني أي من المداخل أو النماذج في تصوّر طبيعة العلم لا يُعالج قضية كيفية دمج طبيعة العلم في تدريس العلوم (Gandolfi, 2021). وبعبارة أخرى؛ فإن تبني أيّ من التصوّرات المعروضة في المحور السابق حول طبيعة العلم يتعلّق بالمحتوى الذي يُقدّم للمتعلمين عن طبيعة العلم، وليس كيفية دمجه في محتوى العلوم وتدريسه. وبناء على ذلك؛ يسعى هذا المحور إلى تحديد أفضل طرق دمج جوانب طبيعة العلم في محتوى الأحياء، وتدريس هذه الجوانب في سياق تدريس الأحياء بالبرنامج المُستخدم في الدراسة الحالية.
وجوانب طبيعة العلم لا تتناولها مقررات منفصلة؛ ومن ثمّ يجب الاهتمام بطرق دمج جوانب طبيعة العلم في محتوى العلوم وتدريسه – سواء أكان ذلك في الأحياء، أم الكيمياء، أم الفيزياء، أم علوم الأرض والفضاء – ومن ثمّ يسعى القائمون على تدريس العلوم إلى تحديد الجوانب المناسب دمجها في محتوى العلوم وتدريسه، وطريقة هذا الدمج (Lederman & Lederman, 2019). وقد حدّدت الأدبيات ثلاثة مداخل رئيسة لدمج جوانب طبيعة العلم في محتوى العلوم وتدريسه، وهي (Zhuang et al., 2021; Archila et al., 2020; Parrish et al., 2020; Saritas & Polat, 2020; Upahi et al., 2020; Williams & Rudge, 2019):
وقد تعرّض المدخل الضمني للكثير من النقد، وذلك من حيث الافتراض الذي يقوم عليه، بأن مشاركة المتعلمين في أنشطة استقصائية كافٍ لفهم طبيعة العلم، على سبيل المثال: يُشير ليدرمان وآخرون (Lederman et al., 2020) إلى أن افتراض فهم المتعلمين لطبيعة العلم – بمجرد إجراء استقصاء علمي – يماثل توقّع تعلّمهم موضوع التنفس الخلوي بمجرد مشاهدة حيوان يتنفس. كما أكّد ليدرمان وليدمان (Lederman & Lederman, 2019) وجود علاقة تربوية منطقية بين قيام المتعلمين بالاستقصاء العلمي وتعلّمهم حول طبيعة العلم؛ لكن من الخطأ افتراض تنمية فهمهم لطبيعة العلم لمجرد إجرائهم استقصاء علمي. ويتفق معهم ليدن وآخرون (Leden et al., 2020) في رفض فكرة أن مشاركة المتعلمين في الأنشطة العلمية كافٍ لتنمية فهمهم لطبيعة العلم.
وعلى سبيل المثال، ففي نشاط استقصائي قد يتبع الجميع الإجراءات نفسها، لكنّ النتائج التي يتوصّل إليها الطلاب تختلف بين المجموعات، وهو ما يعزوه المعلم في الطريقة المعتادة إلى إجراءات خاطئة قام بها الطلاب، أما في المدخل الصريح-التأملي فيُسأل الطلاب عن تفسيرهم لحدوث ذلك، وحصر الأسباب المحتملة، وإمكانية حدوث ذلك بين العلماء، وفي النهاية تؤدي المناقشة إلى أن العلماء أو الطلاب يفسّرون البيانات بشكل مختلف؛ مما يؤدي إلى مناقشة حول الذاتية والإبداع في العلم، ومن ثمّ تُبرز جوانب طبيعة العلم من خلال الأسئلة المُخطط لها. وقد استعرض ليدرمان وليدرمان (Lederman & Lederman, 2019) أمثلة توضيحية للتدريس الصريح-التأملي لطبيعة العلم في سياق تدريس الأحياء، وعلى سبيل المثال: ففي نشاط معملي للانقسام الميتوزي، يلاحظ الطلاب خلايا جذر البصل تحت المجهر، ويحدّدون مرحلة الانقسام الميتوزي لكل خلية، ثم يستخدمون البيانات لحساب الوقت المستغرَق لإتمام كل مرحلة من مراحل الانقسام. وفي أثناء استخلاص المعلومات بهذا النشاط تُوجّه عدة أسئلة للطلاب، مثل: 1- ما مدى صعوبة تحديد طور الخلايا؟ 2- ما مدى دقة فصل كل مرحلة عن الأخرى؟ 3- ما الفرق بين قيام طالب واحد أو عدة طلاب بالملاحظة؟ وهذه الأسئلة وغيرها تحفّزهم على مناقشة جوانب طبيعة العلم، مثل: الذاتية والطبيعة المؤقتة للمعرفة العلمية، والتي تُسمّى وتوضّح في نهاية النشاط، فهي ليست محاضرة عن طبيعة العلم.
وقد دعم الكثير من الباحثين استخدام المدخل الصريح-التأملي في تدريس طبيعة العلم، وقدّموا أدلة تجريبية على فاعليته في تنمية فهم طبيعة العلم (مثل:Hopkins, 2021; Archila et al., 2020; Parrish et al., 2020; Brunner & Abd-El-Khalick, 2020)، كما اتفق الكثير منهم على كون التدريس الصريح-التأملي لطبيعة العلم أكثر فاعلية مقارنة بالتدريس الضمني في تنمية فهم طبيعة العلم لدى المتعلمين بالصفوف الدراسية المختلفة (مثل: Khishfe, 2021; Zhuang et al., 2021; Brunner & Abd-El-Khalick, 2020; Leung, 2022; Parrish et al., 2020; Upahi et al., 2020; Lederman & Lederman, 2019). وفي هذا السياق، يشير باريش وآخرون (Parrish et al., 2020) إلى أن استخدام مدخل صريح-تأملي في تدريس طبيعة العلم؛ يعدّ من أكثر المداخل فاعلية في تنمية فهمه. ويُشير برونر وعبد الخالق (Brunner & Abd-El-Khalick, 2020) إلى أن التدريس الصريح-التأملي هو الأكثر فاعلية في تغيير مفاهيم المتعلمين حول طبيعة العلم. ويصف وليامز ورودج (Williams & Rudge, 2019) استخدام مدخل صريح-تأملي لطبيعة العلم بأنه أحد طرق معالجة المشكلات الناتجة عن عدّ تدريس طبيعة العلم هدرًا لوقت التدريس.
ويكامل البرنامج في الدراسة الحالية بين المداخل: الصريح-التأملي، والضمني، والتاريخي.
كما قدّم الباحثون الكثير من المُقترحات لدمج طبيعة العلم في محتوى العلوم، فقد استعرض نيومان وآخرون (Neumann et al., 2020) نموذجًا لتدريس موضوع الطاقة، وأشاروا إلى أن دمج طبيعة العلم في محتوى هذا الموضوع يشتمل على التنسيق بين ثلاثة مكوّنات: 1- أفكار عامة عن طبيعة العلم. 2- المحتوى العلمي. 3- أفكار طبيعة العلم الخاصة بالمحتوى الدراسي. واقترحوا ثلاث طرق لدمج هذه المكوّنات في سياق تدريس العلوم: (1) الطريقة الأولى: البدء من المحتوى العلمي، ثم الانتقال إلى أفكار طبيعة العلم العامة أو الخاصة بالمحتوى، حيث يبدأ التدريس بأنشطة علمية استقصائية تستهدف المحتوى العلمي، ثم يتبعها "تأمل" المتعلمين لما قاموا به خلال الأنشطة العلمية، واستخدام هذا السياق لفهم الجوانب العامة والخاصة من طبيعة العلم، مع ربط النشاط بعمل العلماء؛ حتى يصل المتعلمون إلى أن العلم قائم على الأدلة، وأن هناك طرقًا مشتركة؛ ولكنها لا تسير بشكل خطي .. إلخ. (2) الطريقة الثانية: البدء بأفكار طبيعة العلم الخاصة بالمحتوى، ثم ربطها بالعامة والمفاهيم العلمية للمحتوى العلمي، وتناسب هذه الطريقة معالجة جوانب طبيعة العلم المرتبطة مباشرة بالمعرفة العلمية، مثل: تعريفات القوانين والنظريات، أو الطبيعة الذاتية للمعرفة العلمية. (3) الطريقة الثالثة: البدء من أفكار طبيعة العلم العامة، ثم ربطها بالمحتوى العلمي أو جوانب طبيعة العلم الخاصة بالمحتوى، ويمكن استخدام القصص التاريخية حول الاستقصاء العلمي؛ لتوضيح جوانب طبيعة العلم، مثل: دور الإبداع في العلم، أو استخدام هذه القصص لمناقشة ما تعنيه جوانب طبيعة العلم العامة المرتبطة بمفاهيم علمية محددة.
وقدّم أرزيك ونولا (Irzik & Nola, 2014) العديد من المُقترحات لدمج تدريس طبيعة العلم في محتوى العلوم وفق مدخل التشابه العائلي لطبيعة العلم، وهو ما رُوعي في برنامج الدراسة الحالية، ومنها ما يأتي:
كما تزخر الأدبيات بإستراتيجيات وطرق لتدريس العلوم استُخدمت لتنمية فهم طبيعة العلم لدى المتعلمين في مختلف المراحل التعليمية، مثل: الجدل العلمي (في دراسة:Khishfe, 2021)، والأمثلة العلمية (في: Hopkins, 2021)، وطريقة قائمة على تاريخ العلم للمرحلة الثانوية (في:Gandolfi, 2021)، والقصص العلمية المستمدّة من تاريخ العلم (في: Kapsala & Mavrikaki, 2020; Williams & Rudge, 2019)، وإعادة التجارب العلمية التاريخية (في: Alisir & Irez, 2020)، وأنشطة الاستقصاء المعزّزة بالتكنولوجيا (في: Schellinger et al., 2019)، والقصص العلمية القائمة على الوسائط المتعددة (في: الحلواني، 2018). وعلى سبيل المثال، اقترح باريش وآخرون (Parrish et al., 2020) استراتيجية مُكوّنة من أربع خطوات، استُخدمت خلالها أدلّة سابقة الإعداد عن طبيعة العلم، ثم قُيّمت أفكار المتعلمين، ونُوقشت أمثلة لتعزيز التأمل، وخطواتها كالآتي: 1- إنشاء أو استخدام أدلّة طبيعة العلم سابقة الإعداد. 2- تحديد أمثلة لمفاهيم طبيعة العلم الشائعة. 3- مناقشة المعلم والمتعلّم في إجابات الأمثلة. 4- مناقشة المجموعة بأكملها. واقترح بيترز بيرتون وبورتون (Peters-Burton & Burton, 2020) إستراتيجية ما وراء معرفية قائمة على التعلّم المنظّم ذاتيًّا والاستقصاء والنمذجة؛ لتنمية فهم طبيعة العلم، وهي إستراتيجية اعتمدت على المدخل الصريح-التأملي في تدريس طبيعة العلم، وتكوّنت من أربع خطوات نُفّذت في بيئة قائمة على الاستقصاء: 1- النمذجة. 2- المحاكاة. 3- التحكّم الذاتي. 4- التأمل الذاتي.
ثالثًا: تقدير جهود العلماء:
التقدير Appreciation هو "إدراك أن شيئًا ما ذو قيمة أو مُميز"، وذلك وفق تعريف قاموس أكسفورد Oxford للعام 2010 (as cited in Mugaloglu & Erduran, 2012, p. 102)، ويُعرّف ستوكر وآخرون (Stocker et al., 2018, p. 8-9) التقدير بأنه: "إعطاء قيمة لفرد، وقد يُشير المصطلح إلى: (أ) الشكر غير المشروط للفرد، أو (ب) الاعتراف بأدائه أو سلوكه أو صفاته، ويمكن دمج كلا الجانبين في تقييم التقدير بشكل عام". وقد أشار فيستر وآخرون (Pfister et al., 2020) إلى تناول الباحثين لمفهوم "التقدير" بالتوازي مع عدد من المصطلحات؛ بوصفها متماثلة أو متكافئة، مثل: الاحترام Respect، أو التقدير Esteem، أو الشكر والاعتراف والعرفان، أو إدراك أو تمييز، بحيث يركّز كل منها على جانب مختلف من مفهوم التقدير، مع اختلافات دقيقة بينها؛ لكن النواة المشتركة بينها تتمثّل في "حالة تقييم شخص ما". وأشار ستوكر وآخرون (Stocker et al., 2018) أيضًا إلى ارتباط مفهوم التقدير بالاتجاهات، وقربه من المُكوّن العاطفي للدعم الاجتماعي، الذي يعني الاحترام والرعاية والتعاطف.
ويعني تقدير العلم "إدراك قيمة أو تميُز العلم؛ وبالتالي اختيار التفسير العلمي من بين رؤى مختلفة" (Mugaloglu & Erduran, 2012, p. 102). فهو مدى إدراك الفرد لأهمية العلم، وقيمة البحث العلمي واحترمه، وكذلك متخذي القرار في المجال العلمي: أي العلماء (Paul & Kumari, 2020). ويُعرّف عبداللطيف (2013، ص 113) تقدير العلماء بأنه: "قدرة المتعلم على تكوين صورة إيجابية عن العلماء، وتقدير الدور الاجتماعي للعلم والعلماء، ودعم البحث العلمي والعلماء ومتابعة أخبارهم". كما يُعرّف زكي (2016، ص 27) تقدير جهود العلماء بأنه: "إدراك ووعي بقيمة العلماء، والنظر إليهم بما يستحقونه من الاعتبار والاحترام والإحساس بمدى ما بذلوه من جهد وتعب وصعوبات؛ اعترافًا وعرفانًا بما قدّموه من اكتشافات واختراعات ساعدت على سعادة البشرية ورفاهيتها".
وقد تناول الباحثون العديد من أبعاد تقدير جهود العلماء، حيث حدّد الحايك والبلطان (2021) أبعاد أوجه تقدير العلماء في: 1- الصورة الإيجابية عن العلماء، 2- الدور الاجتماعي للعلم والعلماء، 3- متابعة أخبار العلماء. وعدّد فؤاد (2018) أبعاد تقدير العلم وجهود العلماء في: 1- الثقة في المنفعة الاجتماعية للعلم، 2- متابعة سير العلماء ومعرفة أخبارهم، 3- الثقة في نتائج العلم وجهود العلماء، 4- الاستثمار في مشروعات البحوث العلمية. وحدّد سليمان (2017) أبعاد تقدير العلم وجهود العلماء في: 1- الثقة في جهود العلماء ونتائج العلم، 2- تقدير معاناة العلماء، 3- الثقة في المنفعة الاجتماعية للعلم، 4- متابعة سير العلماء ومعرفة أخبارهم، كما حدّد محمد (2017) أبعاد تقدير العلم والعلماء في: 1- المنفعة الاجتماعية للعلم، 2- تكوين صورة إيجابية عن العلماء، 3- تقديم الدعم للعلم والعلماء، 4- متابعة سير وأخبار العلم. وحدّد زكي (2016) أبعاد تقدير جهود العلماء في: 1- صفات العلماء، 2- تكوين صورة إيجابية عن العلماء، 3- تقدير منجزات العلماء. كما حدّد عبدالفتاح (2013) أبعاد تقدير طلاب المرحلة الثانوية للعلم والعلماء في: 1- الثقة في العلم ونتائجه، 2- الاعتقاد في المنفعة الاجتماعية للعلم، 3- تكوين صورة إيجابية عن العلماء، 4- الاستعداد لتقديم الدعم للعلم والعلماء، 5- الرغبة في متابعة سير وأخبار العلماء. وحدّد عبداللطيف (2013) تقدير العلماء في أبعاد: 1- الصور الإيجابية عن العلماء، 2- الدور الاجتماعي للعلم والعلماء، 3- دعم العلماء والبحث العلمي، 4- متابعة أخبار العلماء.
ومن أبعاد تقدير جهود العلماء: الثقة في نتائج بحوثهم وإنجازاتهم العلمية (فؤاد، 2018؛ سليمان، 2017؛ زكي، 2016؛ عبدالفتاح، 2013)، وعلى الرغم من كون العلماء هم الخبراء، وأحد أكثر المهن موثوقية حول العالم؛ لكن هذه الثقة لا تُترجم إلى ثقة في جهودهم ونتائج بحوثهم في العديد من القضايا العلمية، فالأفراد قد لا يتبنون الآراء المُتفق عليها بين العلماء، أو المُجمع عليها علميًّا، وقد أظهرت نتائج استطلاع أجراه مركز بيو Pew الأمريكي للأبحاث عدم تطابق إجماع العلماء وآراء الجمهور، ففي حين يتفق معظم عينة العلماء بنسبة (88٪) على أن الأغذية المُعدّلة وراثيًّا آمنة؛ يتفق (37٪) من الجمهور فقط على هذا الرأي، كما يعتقد (87٪) من عينة العلماء أن تغير المناخ ناتج عن النشاط البشري، في حين أن نصف الجمهور فقط يتفق مع هذا الإجماع؛ مما يُظهر عدم تبني الأفراد للآراء التي يُجمع عليه العلماء، وضعف قدرة العلماء على إقناع المجتمع بالرأي العلمي؛ مما ترتب عليه ظهور فروق كبيرة بين الإجماع العلمي لدى العلماء وآراء الجمهور فيما يتعلّق بالعديد من القضايا العلمية (Besley et al., 2021; Beckett, 2017)، وهو ما يرتبط بضعف الثقة في العلماء؛ ومن ثمّ ضعف تقدير جهودهم.
كما أن تكوين المتعلمين لصورة إيجابية عن العلماء يعدّ أحد أبعاد تقدير جهود العلماء (الحايك والبلطان، 2021؛ محمد، 2017؛ زكي، 2016؛ عبدالفتاح، 2013؛ عبداللطيف، 2013)، حيث يرتبط اتخاذ الأفراد لقرارات قائمة على أدلّة علمية بصورة العلماء لديهم؛ وبناء عليه فهناك اهتمام كبير بصورة العلماء لدى المتعلمين؛ بل إن دعم بناء صورة إيجابية عن العلماء يعدّ أحد أهداف تدريس العلوم والتربية العلمية (Besley et al., 2021)، حيث أكّد الباحثون أهمية امتلاك المتعلمين لصورة إيجابية عن العلماء وجهودهم؛ بوصفه أحد العوامل المؤثرة في رغبتهم بالعمل في المجال العلمي أو خططهم المهنية المستقبلية للعمل في هذا المجال (Karaçam et al., 2020; Memiş et al., 2020)، ولأثره الكبير في اتجاههم نحو العلم (Bozdoğan et al., 2018). بل إن أحد أسباب قلة أعداد دارسي العلوم في المستويات التعليمية العليا؛ يتمثّل في الصورة النمطية السلبية غير الجاذبة عن العلماء والمهن العلمية لدى المتعلمين (Ruiz-Mallén et al., 2018; Shin et al., 2015).
وقد تناولت العديد من الدراسات صورة العلماء لدى المتعلمين في مختلف المراحل الدراسية، حيث أظهرت دراسة بوزدان وآخرين (Bozdoğan et al., 2018) امتلاك طلاب المرحلة الإعدادية صورة نمطية عن العلماء؛ ولكنها ليست سلبية دائمًا، حيث يعتقدون أن للعلماء خصائص إيجابية، مثل: الذكاء والخيال، ولديهم أيضًا صور سلبية عن العلماء، مثل: الملل، كما أظهرت أن الملامح الجسدية لصورة العلماء تتمثّل في كونهم ذكورًا في الثلاثينيات من العمر أو أكبر، ولديهم شَعَر غريب ومظهر عادي، ويرتدون نظارات، ولهم لحية أو شارب، ومعطف مختبر، كما قد تظهر عليهم سمات شخصية غير جاذبة، من حيث كونهم جادين وغير ودودين. واستخدمت دراسة ميميس وآخرين (Memiş et al., 2020) اختبار رسم العالم Draw-A-Scientist (DAST)، الذي طوّره شمبرز Chambers في 1983م؛ لتحديد صورة العلماء لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية في ثلاث مدارس ابتدائية تركية، وأظهرت نتائج الدراسة أن التلاميذ رسموا صورًا لعلماء ذكور، لهم شَعَر جيد المظهر، ويعملون في بيئات مختلفة (الطبيعة، والفضاء .. إلخ). كما توصّلت دراسة الزعانين (2015) إلى أن طلاب مرحلة التعليم الأساسي العليا في غزة لديهم صورة ذهنية محايدة حول العلم والعلماء؛ لكنهم يحملون صورة سلبية عن العلماء.
وبالإضافة إلى ما سبق؛ فإن ثقة المتعلمين وإدراكهم لدور العلماء في خدمة المجتمع؛ تعدّ أحد أبعاد تقدير جهود العلماء (الحايك والبلطان، 2021؛ فؤاد، 2018؛ سليمان، 2017؛ محمد، 2017؛ عبداللطيف، 2013)، ومن ثمّ يجب على تدريس العلوم إبراز مساهمة العلماء في تحقيق رفاهية المجتمع، ودورهم المهم في تحسين الخدمات الصحية وجودة الحياة، والاندماج في قضايا المجتمع ومواجهة مشكلاته، فالدور الاجتماعي للعلماء له أهمية كبيرة؛ حيث إن كسب دعم المجتمع ومؤسساته للعلماء مرهون بدورهم في خدمة المجتمع (Paul & Kumari, 2020; Erduran & Dagher, 2014; Irzik & Nola, 2014).
وهناك الكثير من الممارسات التي اقترحها الباحثون لتنمية تقدير جهود العلماء لدى المتعلمين، وعلى سبيل المثال فقد أكد بول وكوماري (Paul & Kumari, 2020) ضرورة مشاركة المتعلمين في الممارسات العلمية، ومناقشة مغامرات العلماء الاستكشافية، وتشجيع المتعلمين على الملاحظة والاستقصاء والتفكير الناقد؛ بما يُحفّز حبّ الاستطلاع العلمي لديهم، ويدعم تقديرهم للعلماء، وللكيفية التي تُنتج بها المعرفة العلمية. وأشار سراج (2018) إلى أهمية استخدام القصص العلمية وسير العلماء والأفلام التعليمية، وربط التدريس بالبيئة. وأشار فؤاد (2018) إلى ضرورة تناول مناهج العلوم لمساهمات العلماء في المجالات المختلفة وإنجازاتهم التي أسهمت في حلّ المشكلات المختلفة. وأوصى بوزدان وآخرون (Bozdoğan et al., 2018) بإبراز السمات الإيجابية للعلماء في محتوى العلوم، وتناول سيرتهم وبحوثهم ومنجزاتهم من مختلف التخصّصات والثقافات؛ بما يدعم بناء المتعلمين لصورة إيجابية عن العلماء، تشتمل على صفات مثل: حب الاستطلاع، والعمل الجاد، والمثابرة. كما أكد شين وآخرون (Shin et al., 2015) أهمية توفير تفاعل مباشر للمتعلمين مع العلماء من خلال الرحلات الميدانية إلى الجامعات، ودعوة العلماء لزيارة المدارس؛ بما يدعم صورة العلماء الإيجابية لدى المتعلمين.
وقد اُستخدمت العديد من البرامج والطرق لتنمية تقدير العلماء وجهودهم، مثل: التدريس بالاستقصاء (في دراسة: الحايك والبلطان، 2021)، وبرنامج في ضوء توجّهات الاقتصاد المبني على المعرفة (في دراسة: فؤاد، 2018)، وبرنامج قائم على المستجدّات العلمية (في دراسة: سليمان، 2017)، وبرنامج في علوم وتكنولوجيا النانو (في دراسة: محمد، 2017)، وبرنامج في تاريخ العلماء باستخدام نموذج ثيلين واستراتيجية لعب الأدوار (في دراسة: زكي، 2016).
وقد استفاد الباحث من الإطار النظري بالدراسة الحالية في تحديد مشكلة الدراسة، وصياغة فروضها، والتّعرُّف على التصوّرات المختلفة لطبيعة العلم، ومداخل تدريسه، وأبعاد تقدير جهود العلماء، وتحديد أسس البرنامج، وبنائه، وإعداد اختبار فهم طبيعة العلم، ومقياس تقدير جهود العلماء، واختيار الأساليب الإحصائية، وتفسير النتائج.
إجراءات الدراسة:
أولًا: بناء برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم:
تطلّبت الدراسة إعداد برنامج قائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم؛ لتنمية فهم طبيعة العلم وتقدير جهود العلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي، وقد سار بناء البرنامج وفق ما يأتي:
1) تحديد الأسس التي يقوم عليها البرنامج:
حُدّدت أسس البرنامج من خلال استقراء الأدبيات التي تناولت طبيعة العلم وتدريسه في فصول العلوم عامة، وفصول الأحياء بشكل محدد، وتنمية تقدير جهود العلماء، التي عُرض بعضها في الإطار النظري. حيث صيغت قائمة أولية من (15) أساسًا، وعُرضت القائمة على مجموعة من المحكّمين (ملحق "1")، الذين أشاروا بإجراء تعديلات في صياغة بعض الأسس، وأُجريت هذه التعديلات، وأصبحت القائمة في صورتها النهائية مكّونة من (15) أساسًا كما يأتي:
وتمثّل الأسس (4)، و(5)، و(6) "المستوى الثاني" من فكرة المدخل التكاملي، التي يقوم عليها البرنامج في الدراسة الحالية، من حيث مدخل دمج جوانب طبيعة العلم في محتوى الأحياء وتدريسها، بتكامل المدخل الصريح-التأملي والضمني والتاريخي.
وبذلك تكون قد تمت الإجابة عن السؤال الأول من أسئلة الدراسة، والمُتعلّق بأسس البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم.
2) صياغة أهداف البرنامج: واشتملت على:
3) محتوى البرنامج: أُعيدت صياغة محتوى فصلي "دراسة الحياة"، و"تنظيم تنوّع الحياة" مع دمج محتوى طبيعة العلم، ونُظم المحتوى؛ بما يحقّق أهداف البرنامج، ورُوعي في صياغته مناسبته للأهداف ولطلاب الصف الأول الثانوي، ودقته، وتضمينه صورًا لعلماء ومعلومات عنهم، وتاريخ اكتشافاتهم، والجوائز التي حصلوا عليها، وتوفير مهام تعرض المشكلات التي واجهها العلماء وكيفية التغلب عليها، وأوراق عمل يسجّل بها الطلاب ملاحظاتهم واستنتاجاتهم. وقد استعان الباحث في صياغة بعض أجزاء المحتوى بعدد من المراجع في مجال تاريخ العلم والاكتشافات العلمية، وبعض مواقع الإنترنت المتخصصة. وتمثّلت موضوعات المحتوى في (7) موضوعات، خُصّص لكل منها عدد من الحصص، حسب ما يوضحه الجدول (1).
جدول (1): الخطة الزمنية لتنفيذ موضوعات البرنامج |
||
م |
الموضوع |
عدد الحصص |
1 |
العلم في حياتنا اليومية: علم الأحياء. |
2 |
2 |
ماهية العلم وطبيعته. |
3 |
3 |
طرائق العلم. |
2 |
4 |
اكتشافات مهمة في علم الأحياء: علماء الأحياء. |
4 |
5 |
تصنيف الكائنات الحية. |
2 |
6 |
التصنيف الحديث. |
2 |
7 |
مستجدّات في علم الأحياء. |
3 |
إجمالي عدد الحصص |
18 حصة |
4) استراتيجيات تنفيذ البرنامج: استُخدمت مجموعة متنوّعة من الاستراتيجيات في تدريس البرنامج، بحيث تناسب طبيعته وأهدافه، مثل: المحاضرة، والمناقشة، والعصف الذهني، والقصص العلمية، والتعلّم التعاوني، والتجارب التاريخية المستمدّة من تاريخ العلم، وحلّ المشكلات.
5) أنشطة البرنامج: اُستخدمت أنشطة فردية وجماعية، وُزّعت على الموضوعات المختلفة، من خلال أوراق عمل تتناول قضية ما، مثل: أنشطة استقصائية، وأنشطة قائمة على مشكلات حقيقية مرتبطة بالبيئة، وأنشطة تبرز الأبعاد المهنية والأخلاقية لعمل العلماء، ثم يقوم الطلاب بالبحث والتعاون في تنفيذها – سواء في المصادر الإلكترونية المتاحة أو المراجع – وكتابة تقرير عنها، ثم مناقشة وتأمل ما توصّلوا إليه، والوصول إلى المفاهيم المُراد تعلمها. وقد استُخدمت مجلة الفصل لنشر أبحاث الطلاب ومقالتهم.
6) المصادر التعليمية: اشتملت على عروض تقديمية، ومقاطع فيديو، ورسوم، وصور، ونماذج توضيحية، ومواقع الإنترنت التي اُستعين بها في تنفيذ البرنامج.
7) أساليب التقويم: اُستخدمت مجموعة متنوّعة من أساليب التقويم رُوعي فيها الاستمرارية، مثل:
8) إعداد دليل المُعَلَّم: (ملحق "3") أُعدّ دليل المُعَلَّم؛ للاسترشاد به في تدريس موضوعات البرنامج، واشتمل على: أ- مُقدمة: تتضمّن وصفًا للدليل ومكوّناته، وتوضيحًا لأهمية تدريس طبيعة العلم، وتقدير جهود العلماء، وتوجيهات وإرشادات عامة لتدريس البرنامج. ب- الخطة الزمنية لتنفيذ موضوعات البرنامج، التي يُبينها جدول (1). ج- أهداف البرنامج العامة. د- موضوعات محتوى البرنامج: وقد قُسّمت الموضوعات إلى (7) دروس، وحُدد عدد الحصص اللازمة لتدريسها، وعددها (18) حصة، لمدة أربعة أسابيع تقريبًا، بواقع خمس حصص أسبوعية، وحُدّد لكل درس أهدافه الإجرائية، واستراتيجيات التدريس، والأنشطة والمصادر التعليمية، وأساليب التقويم، وبعض المراجع التي يُمكن الاستعانة بها.
9) إعداد كتاب الطالب: (ملحق "4") أُعدّ وأُخرج بصورة تربوية وفنية مناسبة، بحيث اشتمل على: مُقدمة توضّح أهداف البرنامج، والتعليمات التي يجب أن يتبعها الطلاب في أثناء التطبيق، وأهداف كل درس، وأنشطته، وأساليب تقويمه، مع توافر الصور والرسوم التوضيحية بشكل مناسب وجاذب لتقديم موضوعات محتوى البرنامج.
10) ضبط البرنامج: للتحقّق من صلاحية البرنامج ومكوّناته؛ فقد عُرض على مجموعة من المحكّمين المتخصّصين في المناهج وطرق التدريس (ملحق "1")؛ لإبداء آرائهم في (ملحق "2") مدى وضوع الأهداف التعليمية ودقتها وارتباطها بمحتوى البرنامج وإمكانية تحقيقها، وسلامة المحتوى من الناحية العلمية واللغوية، ومناسبة موضوعاته لطلاب الصف الأول الثانوي. وبعد إجراء التعديلات في ضوء آراء المحكّمين؛ أصبح البرنامج في صورته النهائية صالحًا للتطبيق.
وبذلك تكون قد تمت الإجابة عن السؤال الثاني من أسئلة الدراسة، والمُتعلّق بإعداد البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم.
ثانيًا: إعداد أدوات الدراسة: واشتملت على:
أ- اختبار فهم طبيعة العلم:
جدول (2): مُعامِلات الارتباط لمحاور الاختبار بالدرجة الكلية |
||
المحور |
معاملات الارتباط |
الدلالة |
الجوانب الشخصية |
0.82 |
دالة عند مستوى (0.01) |
الجانب الاجتماعية |
0.79 |
|
الجوانب الأبستمولوجية |
0.89 |
جدول (3): موصفات اختبار فهم طبيعة العلم |
||||
م |
أبعاد الاختبار |
رقم المفردة |
عدد المفردات |
النسبة المئوية |
1 |
الجوانب الشخصية لطبيعة العلم |
1 - 12 |
12 |
29.3% |
2 |
الجانب الاجتماعية لطبيعة العلم |
13 - 26 |
14 |
34.1% |
3 |
الجوانب الأبستمولوجية لطبيعة العلم |
27 - 41 |
15 |
36.6% |
|
المجموع |
|
41 |
100% |
ب- مقياس تقدير جهود العلماء:
جدول (4): مُعاملات الارتباط لمحاور المقياس بالدرجة الكلية ودلالتها |
||
المحور |
مُعاملات الارتباط |
الدلالة |
متابعة أخبار العلماء وتاريخهم. |
0.76 |
دالة عند مستوى (0.01) |
الشعور بأهمية دور العلماء في خدمة المجتمع. |
0.65 |
|
بناء صورة إيجابية عن العلماء. |
0.78 |
|
الثقة في نتائج بحوث العلماء وإنجازاتهم العلمية، والرغبة في دعمهم. |
0.54 |
جدول (5): مواصفات مقياس تقدير جهود العلماء |
|||
أبعاد المقياس |
رقم المفردة |
عدد المفردات |
النسبة المئوية |
متابعة أخبار العلماء وتاريخهم. |
1 - 12 |
12 |
23% |
الشعور بأهمية دور العلماء في خدمة المجتمع |
13 - 23 |
11 |
21.2% |
بناء صورة إيجابية عن العلماء. |
24 - 41 |
18 |
34.6% |
الثقة في نتائج بحوث العلماء وإنجازاتهم العلمية، والرغبة في دعمهم. |
42-52 |
11 |
21.2% |
المجموع |
|
52 |
100% |
تطبيق تجربة الدراسة:
أ- التصميم التجريبي للدراسة:
اعتمدت الدراسة على التصميم شبه التجريبي ذي المجموعتين المتكافئتين: تجريبية وضابطة؛ لكونه التصميم المناسب لطبيعة الدراسة وأهدافها.
ب- اختيار عينة الدراسة:
اُختيرت عينة الدراسة من (68) طالبًا من طلاب الصف الأول الثانوي بمدرسة عرقة الثانوية بنين بمنطقة الرياض، خلال الفصل الدراسي الأول 2021-2022؛ لتطبيق البرنامج عليهم، ويرجع اختيار هذه العينة للأسباب التي ذُكرت في حدود الدراسة.
ج- التطبيق القبلي لأدوات الدراسة:
طبّق اختبار فهم طبيعة العلم ومقياس تقدير جهود العلماء على المجموعتين: التجريبية والضابطة قبل التعرّض للمعاملة شبه التجريبية، وذلك بتاريخ 29/8/2021م، وحُسبت دلالة الفروق بين متوسطات درجات أفراد المجموعتين؛ للتأكد من تكافؤهما قبل بدء تجربة الدراسة.
نتائج التطبيق القبلي: اُستخدم اختبار (ت)؛ لحساب دلالة الفروق بين متوسطات درجات أفراد المجموعتين: التجريبية والضابطة في التطبيق القبلي لاختبار فهم طبيعة العلم، ومقياس تقدير جهود العلماء، وكانت النتائج على النحو الذي يوضّحه الجدول (6).
جدول (6): المتوسط، والانحراف المعياري، وقيم (ت) لنتائج التطبيق القبلي لاختبار فهم طبيعة العلم، ومقياس تقدير جهود العلماء للمجموعتين |
|||||||
الأداة |
المجموعة |
العدد |
المتوسط |
الانحراف المعياري |
درجة الحرية |
قيمة (ت) |
مستوى الدلالة |
اختبار فهم طبيعة العلم |
التجريبية |
36 |
10.33 |
2.69 |
66 |
0.23 |
غير دالة |
الضابطة |
32 |
10.19 |
2.52 |
||||
مقياس تقدير جهود العلماء |
التجريبية |
36 |
113.22 |
18.29 |
66 |
1.23 |
غير دالة |
الضابطة |
32 |
118.41 |
16.57 |
يتبيّن من الجدول (6)؛ عدم وجود فروق دالة إحصائيًّا بين متوسطات درجات أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة في التطبيق القبلي لاختبار فهم طبيعة العلم ومقياس تقدير جهود العلماء؛ مما يُشير إلى تكافؤ المجموعتين، وأن أي فروق مستقبلية يمكن إرجاعها إلى المُتغيّر المستقل.
ج- تنفيذ البرنامج: نُفّذ البرنامج في الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2021–2022م، خلال الفترة من 29/8/2021م، وحتى 26/9/2021م بمدرسة عرقة الثانوية للبنين بمنطقة الرياض، للمجموعتين التجريبية والضابطة، حيث استغرق أربعة أسابيع تقريبًا، بواقع خمس حصص أسبوعيًّا، وقام أحد معلمي الأحياء بالمدرسة بالتدريس للمجموعتين التجريبية والضابطة، وسارت التجربة الميدانية على النحو الآتي:
نتائج الدراسة:
أولًا: اختبار صحة الفرض الأول:
ينصّ الفرض الأول على: "توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.05)، بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية والضابطة في القياس البعدي لاختبار فهم طبيعة العلم؛ لصالح المجموعة التجريبية". ولاختبار صحة هذا الفرض، اُستخدم اختبار (ت)؛ لحساب دلالة الفروق بين متوسطات درجات أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة في التطبيق البعدي لاختبار فهم طبيعة العلم، كما حُسبت قيمة مربع إيتا (η2)، وقيمة (d) المقابلة لها؛ للتّعرّف على حجم تأثير المُتغيّر المستقل في المُتغيّر التابع، وكانت النتائج على النحو الموضح في الجدول (7).
جدول (7): المتوسط، والانحراف المعياري، وقيمة (ت) لنتائج التطبيق البعدي للمجموعتين، وقيمة مربع إيتا (η2)، وقيمة (d)، وحجم تأثير البرنامج في فهم طبيعة العلم |
||||||||||
المتغيّر التابع |
المجموعة |
العدد |
المتوسط |
الانحراف المعياري |
درجة الحرية |
قيمة (ت) |
مستوى الدلالة |
قيمة (η2) |
قيمة (d) |
حجم التأثير |
فهم طبيعة العلم |
التجريبية |
36 |
29.64 |
3.49 |
66 |
7.66 |
دالة عند مستوى (0.01) |
0.47 |
1.89 |
كبير |
الضابطة |
32 |
21.91 |
4.80 |
يتبيّن من الجدول (7) وجود فروق دالة إحصائيًّا بين متوسطات درجات طلاب المجموعتين التجريبية والضابطة في التطبيق البعدي لاختبار فهم طبيعة العلم؛ لصالح طلاب المجموعة التجريبية، حيث بلغت قيمة (ت) المحسوبة (7.66)، وهي قيمة دالة إحصائيًّا عند مستوى (0.01). كما يتضح أن حجم تأثير المُتَغِيَّر المستقل (البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم)، في المُتَغِيَّر التابع (فهم طبيعة العلم) كبير؛ إذ بلغت قيمة مربع إيتا (0.47)، وهي قيم أكبر من (0.14)، وبلغت قيمة (d) المقابلة لها (1.89)، وهي قيم أكبر من (0.8)؛ مما يُشير إلى أن حجم التأثير كبير (محمد، 2013)، وأن (47%) من التباين الكلي في درجات المُتَغِيَّر التابع (فهم طبيعة العلم) يرجع إلى تأثير المُتَغِيَّر المستقل (البرنامج). وبناء عليه؛ تتحقّق صحة الفرض الأول من فروض الدراسة، وتكون قد تمت الإجابة عن السؤال الثالث من أسئلة الدراسة، المُتعلّق بفاعلية البرنامج في تنمية فهم طبيعة العلم لدى الطلاب.
ثانيًا: اختبار صِحة الفرض الثاني:
ينصّ الفرض الثاني على: "توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.05)، بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية والضابطة في القياس البعدي لمقياس تقدير جهود العلماء؛ لصالح المجموعة التجريبية". ولاختبار صحة هذا الفرض؛ اُستخدام اختبار (ت) لحساب دلالة الفروق بين متوسطات درجات أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة في التطبيق البعدي لمقياس تقدير جهود العلماء، كما حُسبت قيمة مربع إيتا (η2)، وقيمة (d) المقابلة لها؛ للتّعرّف على حجم تأثير المُتَغِيَّر المستقل في المُتَغِيَّر التابع، وكانت النتائج على النحو الذي يبيّنه الجدول (8).
جدول (8): المتوسط، والانحراف المعياري، وقيمة (ت) لنتائج التطبيق البعدي للمجموعتين، وقيمة مربع إيتا (η2)، وقيمة (d)، وحجم تأثير البرنامج في تقدير جهود العلماء |
||||||||||
المتغير التابع |
المجموعة |
العدد |
المتوسط |
الانحراف المعياري |
درجة الحرية |
قيمة (ت) |
مستوى الدلالة |
قيمة (η2) |
قيمة (d) |
حجم التأثير |
تقدير جهود العلماء |
التجريبية |
36 |
169.53 |
27.43 |
66 |
5.07 |
دالة عند مستوى (0.01) |
0.28 |
1.25 |
كبير |
الضابطة |
32 |
139.16 |
21.08 |
يتضح من الجدول (8) وجود فروق دالة إحصائيًّا بين متوسطات درجات طلاب المجموعتين التجريبية والضابطة في التطبيق البعدي لمقياس تقدير جهود العلماء؛ لصالح طلاب المجموعة التجريبية؛ إذ بلغت قيمة (ت) المحسوبة (5.07)، وهي قيمة دالة إحصائيًّا عند مستوى (0.01). كما يظهر أن حجم تأثير المُتَغِيَّر المستقل (البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم)، في المُتَغِيَّر التابع (تقدير جهود العلماء) كبير؛ إذ بلغت قيمة مربع إيتا (0.28)، وهي قيمة أكبر من (0.14)، وبلغت قيمة (d) المقابلة لها (1.25)، وهي قيمة أكبر من (0.8)؛ مما يُشير إلى أن حجم التأثير كبير (محمد، 2013)، وأن (28%) من التباين الكلي في درجات المُتَغِيَّر التابع (تقدير جهود العلماء) يرجع إلى تأثير المُتَغِيَّر المستقل (البرنامج). وبناء عليه؛ تتحقّق صِحة الفرض الثاني من فروض الدراسة، وتكون قد تمت الإجابة عن السؤال الرابع من أسئلة الدراسة، المُتعلّق بفاعلية البرنامج في تنمية تقدير جهود العلماء لدى الطلاب.
تفسير نتائج الدراسة:
أظهرت النتائج فاعلية البرنامج في تنمية فهم طبيعة العلم لدى طلاب الصف الأول الثانوي، حيث تفوّق طلاب المجموعة التجريبية على طلاب المجموعة الضابطة في اختبار فهم طبيعة العلم: أي أن البرنامج أتاح لطلاب المجموعة التجريبية بناء تصوّر أفضل حول طبيعة المسعى العلمي، وفهم طبيعته الديناميكية، ومكوّناته الأبستمولوجية-المعرفية والاجتماعية-المؤسسية وتفاعلهما. وتتفق هذه النتائج مع ما توصّلت إليه دراسة جاندولفي (Gandolfi, 2021)، من حيث فاعلية دمج تدريس طبيعة العلم في تدريس أربعة موضوعات من محتوى العلوم، وهي: الأدوية، والمغناطيسية، والتطور، وموارد الأرض في سياق تاريخ العلم في تنمية فهم طبيعة العلم، وبصفة خاصة الجوانب الاجتماعية-المؤسسية لدى طلاب الصف الثامن في إحدى مدارس لندن. كما تتفق مع نتائج دراسة الشياب (2020)، من حيث وجود أثر إيجابي للممارسات العلمية والهندسية في تنمية فهم طبيعة العلم لدى طلاب الصف الثالث المتوسط. وتتفق كذلك مع ما أظهرته نتائج دراسة ساريتاس وبولات (Saritas & Polat, 2020)، من حيث فاعلية استخدام الأفلام المقتبسة من تاريخ العلم في تدريس طبيعة العلم ببيئة غير رسمية في تعديل معتقدات طبيعة العلم لدى معلمي العلوم قبل الخدمة. وتتفق مع نتائج دراسة شيلنجر وآخرين (Schellinger et al., 2019) من حيث فاعلية استخدام أنشطة استقصائية معزّزة بالتكنولوجيا في بيئات تعلم رسمية وغير رسمية في سياق تدريس صريح لطبيعة العلم، قائم على بناء المعرفة الاجتماعية وما وراء المعرفية في تنمية فهم طبيعة العلم لدى تلاميذ الصفين الرابع والخامس الابتدائي. وتتفق مع نتائج دراسة الحلواني (2018)، من حيث فاعلية مدخل القصص العلمية القائم على الوسائط المتعددة في تنمية فهم طبيعة العلم لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية. ويمكن تفسير هذه النتائج كما يأتي:
أظهرت النتائج فاعلية البرنامج القائم على مدخل تكاملي لطبيعة العلم في تنمية تقدير جهود العلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي، حيث تفوّق طلاب المجموعة التجريبية على طلاب المجموعة الضابطة في درجات مقياس تقدير جهود العلماء. وتتفق هذه النتائج مع ما توصّلت إليه دراسة سليمان (2017)، من حيث فاعلية برنامج قائم على المستجدّات العلمية في تنمية تقدير العلم وجهود العلماء. وتتفق كذلك مع دراسة زكي (2016) فيما يتعلّق بفاعلية برنامج في تاريخ العلماء في تنمية تقدير جهود العلماء لدى طلاب كلية التربية. كما تتفق مع نتائج دراسة عبدالفتاح (2013) فيما يخصّ فاعلية وحدة مُقترحة في النانوبيولوجي في تنمية تقدير العلم والعلماء لدى طلاب الصف الأول الثانوي. ويمكن تفسير هذه النتائج كما يأتي:
التوصيات والبحوث المُقترحة:
المراجع:
([1]) Next Generation Science Standards.
([2]) استخدمت الأدبيات مصطلحات مختلفة لوصف "أبعاد" طبيعة العلم، مثل: مكوّنات طبيعة العلم (كما في: Duruk, 2020)، وعناصر (في: Matthews, 2012)، و"فئات" في مدخل التشابه العائلي (في: Erduran & Dagher, 2014)، و"جوانب" طبيعة العلم (في: Celik, 2020; Li et al., 2020; Upahi et al., 2020)، ومصطلح "جوانب" هو الأكثر استخدامًا، وهو المُستخدم في الدراسة الحالية؛ ماعدا فئات طبيعة العلم في مدخل التشابه العائلي.
([3]) استخدمت الأدبيات مصطلحات: مدخل، أو تصوّر، أو نموذج، أو منظور، أو وجهة نظر؛ للإشارة إلى هذه المدارس الفكرية التي تناولت طبيعة العلم. وقد استُخدمت الثلاث الأولى في الدراسة الحالية.
([4]) في الدراسة الحالية، استُخدم "مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman" أو "تصور ليدرمان"؛ للإشارة إلى هذا التصور الذي قدّمه ليدرمان وطلابه وزملاؤه ومؤيدوه عن طبيعة العلم خلال العقود الثلاثة الماضية.
(1( Features of Science "FOS".
(2) Family Resemblance Approach "FRA".
(3 ( Reconceptualised Family Resemblance Approach "RFN".
([8]) اختلف مؤيدو مدخل الجوانب العامة لليدرمان Lederman فيما بينهم في تحديد موقع الاستقصاء من طبيعة العلم، واستبعد أغلبهم الاستقصاء من طبيعة العلم (انظر: Emran et al., 2020; Lyu, 2019)، في حين عدّ أصحاب مدخل التشابه العائلي أن الاستقصاء جزءًا مهمًّا من طبيعة العلم، بحيث تُمثّل "عمليات الاستقصاء" مُكوّنًا من مكوّنات طبيعة العلم. وبحسب أردوران وداغر Erduran & Dagher؛ فإن المقصود بعمليات الاستقصاء في طبيعة العلم يختلف اختلافًا جوهريًّا عن "مهارات عمليات العلم" الشائعة في تدريس العلوم (للتفاصيل انظر: Erduran & Dagher, 2014).
([9]) اُستخدمت طريقة ليكرت Likert الثلاثية عند استخدام المقياس في هذه الدراسة الاستطلاعية، في حين استُخدمت الخماسية عند استخدامه في تجربة الدراسة (قبليًّا وبعديًّا).
المراجع: