نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مدرس الصحة النفسية کلية التربية ـــ جامعة المنيا
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
کلیة التربیة
کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم
إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)
=======
الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة
إعـــداد
د/مصطفى خلیل محمود عطا الله
مدرس الصحة النفسیة
کلیة التربیة ـــ جامعة المنیا
} المجلد الخامس والثلاثون– العدد الثانی – فبرایر 2019م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
ملخص الدراسة:
هدفت هذه الدراسة إلى الکشف عن الاختلاف بین التأثیر المباشر وغیر المباشر لصعوبات التنظیم الانفعالی فی خداع الذات عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط، واستکشاف العلاقة الارتباطیة بین هذه المتغیرات، وتکونت عینة الدراسة الاستطلاعیة (180) طالبًا وطالبة من طلاب الجامعة، لتقنیین أدوات الدراسة، فی حین بلغ عدد أفراد الدراسة الأساسیة (414) طالبًا وطالبة، بعد استبعاد حالات عدم الجدیة فی الأداء على أدوات الدراسة المتمثلة فی: مقیاس الیقظة العقلیة، ومقیاس صعوبات التنظیم الانفعالی، ومقیاس خداع الذات.
وأسفرت نتائج الدراسة عن وجود تأثیر غیر مباشر للصعوبات التنظیم الانفعالی (عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط) على خداع الذات لدى عینة الدراسة المستهدفة، وأن انخفاض القدرة على صعوبات التنظیم الانفعالی یرتبط إیجابیًّا بکل من: خداع الذات، وتم تفسیر النتائج فی ضوء الأدبیات النظریة لمتغیرات الدراسة والدراسات ذات الصلة، وبالاعتماد على هذه النتائج وتفسیرها تم صیاغة عدد من التوصیات.
الکلمات المفتاحیة:
الیقظة العقلیة.......................... |
Mindfulness |
صعوبات التنظیم الانفعالی............. |
Emotion Regulation Difficulties |
خداع الذات ................................. |
Self-deception |
Abstract:
The study's main objective has been devoted to uncover the difference between direct and indirect impact of Emotion Regulation Difficulties on Self-deception via Mindfulnessas an intervening variable, and to see if these concoets are correlated as variables.
The pilot study included (180) university students just to standardize the tools of the study, where as the study sample comprised (414) students as a whole. The research has designed three scales for measuring Mindfulness, Emotion Regulation Difficulties, and Self-deception.
Findings of the study have revealed an indirect impact of Emotion Regulation Difficulties on Self-deception among the sudjects of the study, and that there is a positive correlation between the little capacity of Regulation Difficulties and Self-deception. Interpretation of findings has been inspired in the light of the review of literature of the study variables as well as the related studies. A number of recommendations have been submitted thereupon.
Key Words: Mindfulness, Emotion Regulation Difficulties, Self-deception.
أولاً- مقدمة الدراسة:
تعد المرحلة الجامعیة مرحلة نمو حرجة لدى بعض الطلاب؛ فهی تقابل مرحلة المراهقة المتأخرة من شأنها أن تولد لدیهم بعض بالتوترات المرتفعة، والسلوکیات المحفوفة بالمخاطر المتزایدة، والاضطرابات النفسیة والانفعالیة، إذ یتعرضون لضغوط متعددة المصادر، سواء أکانت نفسیة أو اجتماعیة أو مادیة أو أکادیمیة، کما تتمیز تلک المرحلة بعدم القدرة على تعدیل الانفعالات والسیطرة علیها فی المواقف المثیرة لدى الطلاب الجامعیین، وهو ما یعرف بصعوبات التنظیم الانفعالی، حیث یشیر کلاً من(2012)Perez, Venta, Garnaat, & Sharp إلى أن مفهوم صعوبات التنظیم الانفعالی لدى المراهقین یتمثل فی عدم قدرة المراهق علی فهم وإدراک الانفعالات، والعجز فی السیطرة على السلوک الاندفاعی عند مواجهة الانفعالات السلبیة، مما یؤدی إلى سوء تنظیم الانفعالات.
وقد یسهم سوء تنظیم الانفعالات فى الصورة السلبیة للمراهق، وبدایة ظهور الاضطرابات النفسیة لدیه، حیث تتمیز انفعالات المراهق بالحدة، والتذبذب، والتناقض، ونقص القدرة على التحکم والتعبیر عنها، کما یثور لإنتقاده أو حرمانه من بعض الامتیازات، أو التدخل فى أموره الشخصیة، وتشبه هذه الانفعالات إلى حد کبیر انفعالات الطفل، إلا أن الإختلاف بینها یکون فى نوع المثیرات (Bardeen, Fergus, & Orcutt, 2012)، وتظهر صعوبات التنظیم الانفعالی عندما تکون متطلبات الموقف لتنظیم الفرد لانفعالاته أعلى من قدراته، وبالتالی توجد فجوة بین أهداف واستجابات الفرد وأسلوب تعبیره عن انفعالاته(Neumann, Van Lier, Gratz & Koot, 2010؛Bardeen, Kumpala & Orcutt, 2013)، وبالتالی یوضح کلاً من (2013)Mihalca & Tarnavska أن التنظیم الانفعالی یتمثل فی قدرة الفرد على إدارة الخبرة الذاتیة للانفعالات فیما یتعلق بشدتها واستمراریتها، والتحکم فی التعابیر الانفعالیة فی مواقف التفاعل الاجتماعی.
وأوضحت نتائج العدید من الدراسات إلى أن ذوی صعوبات التنظیم الانفعالی أکثر فی بعض المشکلات السلوکیة ممن لا یعانون من صعوبات التنظیم الانفعالی (Bardeen, et al., 2013 ؛Cho, & Hong, 2013)، حیث تعد صعوبات التنظیم الانفعالی من العوامل المؤثرة على عدم قدرة الفرد على التواصل الاجتماعی والمشارکة فی المواقف الاجتماعیة والاهتمام بالعلاقات الاجتماعیة والتوافق الاجتماعی والانفعالی(Neumann, et al., 2010) ، کما ترتبط الصعوبات فی التنظیم الانفعالی بالعدید من الاضطرابات النفسیة کالأعراض الاکتئابیة، واضطراب الشخصیة الحدیة، والقلق الاجتماعی، والإدمان(McDermott, Tull, Gratz, Daughters, & Lejuez,2009؛Roemer, Lee, Salters-Pedneault, Erisman, Orsillo, & Mennin, 2009؛ أبو زید، 2017).
وتستمد صعوبات التنظیم الانفعالی أهمیتها من تأثیرها المتعاظم على مجمل حیاة الفرد، فبینما تؤثر الصعوبات الانفعالیة على مرکز الفرد فی المجالات الأکادیمیة، فإن المشکلات الانفعالیة فی تنظینها ذات تأثرات متباینة ومتعددة على جوانب شخصیة الفرد من حیث توافقه النفسی والاجتماعی (Rosenstein, Ellison, Walsh, Chelminski, & Dalrymple, 2018)، مما قد لا یمنع طلاب الجامعة من الوقوع تحت تأثیر الظروف الانفعالیة القاسیة التی یمر بها مجتمعهم على وجه العموم سببًا فی لجوئهم إلى ممارسة العملیة الوظیفیة التکیفیة لخدمة الذات من أجل التوافق والتکیف مع ظروف ومنطلبات الواقع الخارجی الذی یواجهونه، وهو ما یسمى بخداع الذات Self-deception.
فالشخص الخادع لنفسه یتبنى معتقدات متعاکسة أو متناقضة، وأحد هذه المعتقدات لا یکون موضوعًا للإدراک، فعلى الرغم من النضج النفسی لطلاب الجامعة إلا أن هذا لا یمنع من وقوعهم تحت تأثیر الظروف القاسیة التی یمر بها مجتمعهم على وجه العموم، وقد تکون هذه الظروف القاسیة سببًا فی لجوئهم إلى ممارسة عملیة خداع الذات للتکیف مع ظروف ذلک الواقع ، وذلک لکی یحصل ویوفر له نفع ما أو لتحقیق هدف نفسی (Jiménez & Ruiz, 2014 ؛Chance, Gino, Norton, & Ariely,2015).
وقد اتجهت الدراسات النفسیة الحدیثة إلى الکشف عن العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات وأحداث الحیاة الضاغطة، وبین أشکال المعاناه والمحن النفسیة لدى طلاب الجامعة (Baxter, & Norman,2011؛ Lyvers, Makin, Toms, Thorberg, & Samios, 2014 ؛ Lauria, Preissmann, & Clément, 2016)، إلا أنهم لاحظوا أن بعض الطلاب یتم الترکیز من جانبهم على الخبرات الحاضرة أکثر من الانشغال بالخبرات الماضیة أو الأحداث المستقبلیة، ومواجهة الأحداث بالکامل کما هی فی الواقع، وبدون إصدار أی أحکام تقییمیه علیها، ویترتب على ذلک تقلیل حدة الاضطرابات النفسیة فی أثناء التفکیر فی أداء مهمة بعینها، بحیث لا یجری التفکیر خارج إطار تلک المهمة، وهو ما یسمى بالیقظة العقلیةMindfulness.
ونظرًا لأهمیة ممارسة الیقظة العقلیة فی ترکیز الانتباه، والوعی بالطریقة التی یوجه بها الفرد انتباهه، فقد تناولتها عدید من الدراسات السابقة کمتغیر یستطیع الفرد التخلص من مرکزیة الأفکار، ویفهمها على أنها أحداث عقلیة مؤقتة ولیست تمثیلاً للواقع ، وهذا یؤدی إلى استبصاره بالموقف(Cardaciotto, Herbert, Forman, Moitra, & Farrow,2008 ؛Howell & Buro,2011)، لذلک من الضروری أن یتمتع الطالب الجامعی بالیقظة العقلیة التی تمکنه من خفض الشعور بعدم القدرة على تنظیم الانفعالات، وتحسین الحالة المزاجیة السلبیة، وتقلیل الفجوة بین أهداف الفرد واستجاباته وأسلوب تعبیره عن انفعالاته، والتقلیل من استخدام الآلیات الدفاعیة، والحد من إنکاره للأحداث المتناقضة غیر المرغوبة وجعلها مقبوله لحمایة الذات من مختلف التهدیدات (Carmody & Baer,2008؛ الضبع، وطلب،2013؛Lyvers, et al., 2014).
یتضح مما سبق أن معظم صعوبات التنظیم الانفعالی لدى المراهقین وبصفة خاصة طلاب الجامعة ذات صلة وثیقة بنقص ممارسة الیقظة العقلیة، وانعکاس ذلک على استخدامهم الآلیات الدفاعیة ومنها خداع الذات، ورغم ذلک لم تلق العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی والیقظة العقلیة وخداع الذات الاهتمام الکافی بالبحث والدراسات، فندرة من الدراسات ذات الصلة تناولت صعوبات التنظیم الانفعالی وعلاقته ببعض المتغیرات النفسیة، ولم توجد دراسة عربیة ــــــ فی نطاق إحاطة الباحث ــــــ تناولت المتغیرات الوسیطة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لطلاب الجامعة؛ لذا جاءت هذه الدراسة لاختبار نموذج بنائی افتراضی للیقظة العقلیة کمتغیر وسیط بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لطلاب الجامعة، والذی تم اقتراحه فی ضوء نتائج الدراسات الأجنبیة ذات الصلة التی أکدت وجود علاقة ارتباطیة بین هذه المتغیرات، إلا أن هذه الدراسات لم تتناول هذه المتغیرات بصورة إجمالیة فی نموذج واحد کما فی هذه الدراسة، وهذا ما قد یتضح ویتبلور فی مشکلة هذه الدراسة.
ثانیًّا - مشکلة الدراسة:
ظهرت مشکلة الدراسة الحالیة مما لاحظه الباحث أثناء التدریس لطلاب الجامعة على بعض السلوکیات التی کانت تتمثل فی: عدم قدرتهم على إدارة الخبرة الذاتیة للانفعالات لدیهم، وعلى الأخص مما یتعلق منها بشدة هذه الانفعالات واستمراریتها، وعدم التحکم فی التعابیر الانفعالیة فی مواقف التفاعل الاجتماعی، وعدم قدرتهم على التکیف مع الآخرین أو مع أنفسهم، ویؤثر على علاقات الفرد مع من حوله، وبالتالی یکون له تأثیر على نتاجه وعلی صحته، وعند سؤالهم عن أسباب تلک السلوکیات کانت الإجابة تشیر إلى ممارساتهم مجموعة من التصرفات التی تعیقهم عن فهم هویتهم، وتقییم أنفسهم بشکل مجرد، واستخدامهم لبعض الحیل النفسیة اللاشعوریة التی یلجأ لها لتبریر بعض سلوکیاتهم، وتقلیل القلق والتوتر المتبع لهذه السلوکیات، وبالتالی تشیر إلى هذه السلوکیات إلى أن خداع الذات سبب وراء ذلک.
وللوقوف على حجم المشکلة، وإبراز أهمیة تناولها بالبحث والدراسة، تمت مقابلة(40) طالبًا جامعیًّا، وطبق علیهم استبانه مفتوحة تتناول بعض مسببات صعوبة التنظیم الانفعالی لطلاب الجامعة، وتمحورت استجابات الطلاب حول الافتقار إلى التنظیم الانفعالی عندما تکون متطلبات الموقف لتنظیم الفرد لانفعالاته أعلی من قدراته ووجود فجوة واسعة بین أهداف الفرد واستجاباته وأسلوب تعبیره عن انفعالاته، وبین متطلبات البئیة الاجتماعیة والثقافیة، وکذلک عجزهم عن إدارک وفهم وقبول انفعالاتهم، مما قد یؤدی إلى تبنیهم بعض المعتقدات المتعاکسة أو المتناقضة لحمایة ذاتهم من مختلف التهدیدات، ویوضح جدول (1) نتائج نحلیل استبانة مفتوحة لصعوبات التنظیم الانفعالی لطلاب الجامعة.
جدول (1)
نتائج تحلیل استبانة مفتوحة لصعوبات التنظیم الانفعالی لطلاب الجامعة (ن=40)
م |
النسب المئویة لاستجابات طلاب الجامعة على مفردات استبانة صعوبات التنظیم الانفعالی |
||||
الأسئلة |
العدد |
النسبة % |
مظاهر الاستجابة |
||
1 |
أهتم بمشاعری.......... |
32 |
80% |
- لا اندم أبدا على قرراتی اخذتها بمشاعری. |
- أنا لست أمینًا مع مشاعری . |
2 |
عندما أصاب بالقلق والکدر................... |
36 |
90% |
-تستولى علیَّ انفعالاتی ومشاعری - أعجز عن التحکم فی سلوکی. -التوتر. |
-أشعر بالذنب. -أغضب على نفسی. -الشعور بالذنب. |
3 |
أکثر ما یؤلمنی ........ |
30 |
75% |
- عدم قدرتی على التعرف على انفعالاتی. |
- صعوبة التفکیر فیما حولی. |
5 |
أفتقد إلى............... |
31 |
75,7% |
التنظیم الانفعالی. قلة تحکمی فی سلوکی نتیجة للانفعال السلبی. |
رؤیة واضحة فیما ینازعنی من انفعالات. |
6 |
ماذا تفعل فی عدم قدرتک علی تنظیم انفعالاتک.... |
35 |
87,5% |
-اشعر بالاکتئاب. |
-استخدم الهروب . اشعر بضیق التنفس. |
ومن المسوغات التی حدت بالباحث لإجراء هذه الدراسة، ما أشارت إلیه نتائج الدراسات ذات الصلة والأطر التنظریة عن معاناه طلاب الجامعة من صعوبات التنظیم الانفعالی، وما یترتب علیها من خداع للذات، حیث أشار کلاً من (2018) Rosenstein, Ellison, Walsh, Chelminski, & Dalrymple إلى أن عدم قدرة الفرد على التنظیم الانفعالی یرجع إلى التکثیف المفروط فی شدة الانفعالات أو التعطیل المفرط لها، وتبنی معتقدات متعاکسة ومتناقضة، وما أوضحه (2004)Gratz & Roemer بأن العدید من المراهقین یشعرون بصعوبة فی التنظیم الانفعالی ویؤثر ذلک بصورة فعالة فی تحقیق النمو الانفعالی للمراهقین، فیلجأ إلى ترکیز انتباه إلى الخبرات الماضیة، واللجؤ إلى ممارسة عملیة خداع الذات للتکیف مع هذه الخبرات، وما أکد علیهBerking &Wupperman (2012) أن عدم القدرة على تنظیم الانفعالات یشکل معضلة للمراهقین سواء فی تکیفهم مع الآخرین أو مع أنفسهم ویؤثر على علاقات الفرد مع من حوله، وبالتالی یکون له تأثیر على نتاجه وعلی صحته، کما أشارت بعض الدراسات التی اهتمت بفحص العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی والیقظة العقلیة إلى أن الأفراد ذوی صعوبات التنظیم الانفعالی یمیلون إلى تجنب الوعی بالمواقف والأحاسیس والانفعالات، وکما یمیلون إلى کبت الخبرات الحالیة، وعدم القدرة على الحکم على الخبرة التی یمرون بها، وبذلک یکونون أقل قدرة على الیقظة العقلیة(Carmody, J & Baer, 2008؛Roemer, Lee, Salters-Pedneault, Erisman, Orsillo, & Mennin, 2009 ؛ Hill & Updegraff, 2012).
وعلى الرغم من تنامی الاهتمام لبیان دینامیة العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة بالبحث علی الأدبیات البحثیة والأطر النظریة من ناحیة، إضافة إلى ما أشارات إلیه نتائج عدد من الدراسات ذات الصلة بازیادة انتشار صعوبات التنظیم الانفعالی لدى طلاب الجامعة (Bardeen, Kumpala, & Orcutt,2013 ؛Davis & Humphrey,2014)، وما أوضحته نتائج الدراسات ذات الصلة بأن القصور أو الصعوبات فی التنظیم الانفعالی یؤدی إلى زیادة احتمال استخدام الفرد لعملیة خداع الذات کوظیفة تکیفیة تقوم بعملیة خدمة الذات من أجل التوافق مع ظروف ومتطلبات الواقع الخارجی الذی یواجهه (Surbey,2010, حمد،2010؛ Roemer, Lee, Salters-Pedneault, Erisman Orsillo, & Mennin,2009)، والافتقار للدراسات التی تناولت الیقظة العقلیة کمنتغیر وسیط بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لطلاب الجامعة.
بناءً على ما سبق عرضه فی المقدمة من أطر نظریة ودراسات سابقة، وفی ضوء عدم وجود دراسات عربیة – فی حدود علم الباحث - اهتمت ببحث العلاقة بین الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة، وهذا ما دفع الباحث إلى دراسة الیقظة العقلیة وعلاقتها بصعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات فی محاولة بحثیة لاستکشاف ودراسة الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط فی العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة، مستخدمًا المنهج الوصفی التنبؤی فی محاولة لوصف الظاهرة من خلال فهمها وتفسیر العلاقات المسببة لها بدقة، ومن ثم التنبؤ بالتغیرات الحادثة فی بعض المتغیرات التابعة فی ضوء متغیرات أخرى مستقلة، وفی ضوء العرض والتحلیل السابق یمکن تحدید مشکلة الدراسة فی الأسئلة التالیة:
أ- ما العلاقة الارتباطیة بین الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی لدى طلاب الجامعة؟
ب- ما العلاقة الارتباطیة بین الیقظة العقلیة وخداع الذات لدى طلاب الجامعة؟
ج- ما العلاقة الارتباطیة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة؟
د- ما الاختلاف بین التأثیر المباشر للصعوبات التنظیم الانفعالی فی خداع الذات والتأثیر غیر المباشر عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط لدى طلاب الجامعة؟
ثالثًا- أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى:
أ- فحص العلاقة بین الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی لدى عینة من طلاب الجامعة.
ب- فحص العلاقة الارتباطیة بین الیقظة العقلیة وخداع الذات لدى طلاب الجامعة.
ج- فحص العلاقة العلاقة الارتباطیة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة.
د- التحقق من صحة النموذج المفترض الخاص بالتأثیر غیر المباشر للصعوبات التنظیم الانفعالی فی خداع الذات عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط، وذلک للکشف عن المیکانیزم الذی یؤثر من خلاله للصعوبات التنظیم الانفعالی فی تطور خداع الذات لدى طلاب الجامعة.
رابعًا- أهمیة الدراسة:
تتمثل أهمیة الدراسة فی:
أ- الأهمیة النظریة:
1- أهمیة مرحلة المراهقة فی حیاة الفرد، وما تتمیز به من عدید من الضغوط النفسیة فی المجالات الأکادیمیة والاجتماعی والأسریة، وما تتصف به مرحلة المرهقة من الحدة والتوتر والتقلب الانفعالی.
2- المتغیرات التی تتناولها هذه الدراسة، حیث إن الاهتمام بمصطلح الیقظة العقلیة کأحد جوانب موضوعات علم النفس الإیجابی من العوامل المؤثرة على التنظیم الانفعالی؛ نظرًا لأن افتقار الطلاب الجامعیین إلى التنظیم الانفعالی یؤدی ذلک إلى التفکک وتجنب الخبرات، وعدم إصدار أحکام تقییمیة على الأفکار والمشاعر الداخلیة، وعدم السیطرة على السلوک الاندفاعی عند مواجهة الانفعالات السلبیة، إضافة إلى العلاقة الارتباطیة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات، وأن العلاقات السببیة بین تلک المتغیرات قد یسهم فی تحدید العوامل المهیئة لصعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات، مما یحقق التوافق النفسی والاجتماعی للطلاب، مما ینعکس على العملیة التربویة.
3- ندرة الدراسات العربیة ـــــ فی حدود علم الباحث ــــــ التی تناولت الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط فی العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات، وکذلک ندرة الدراسات التی تناولت دور صعوبات التنظیم الانفعالی فی استخدام الآلیات الدفاعیة، مثل: خداع الذات.
4- لعل اختیار مفهوم الیقظة العقلیة وهو مصدر من مصادر مقاومة الضغوط ینعکس بشکل إیجابی على کافة الأنشطة والسلوکیات وعملیات التعلم لدى طلاب الجامعة، ویؤدی ذلک إلى زیادة معدلات توافقهم النفسی والدراسی والاجتماعی، واستغلال تنمیة الیقظة العقلیة فی کثیر من البرامج والأنشطة التربویة.
5- تتناول هذه الدراسة مفهوم خداع الذات وهو من المفاهیم الهامة فی مجال میکانزمات الدفاع، حیث صنف الفرد الخادع لنفسه على کونه ذلک الفرد الذی یتبنى معتقدات متعاکسة أو متناقضة، وأحد هذه المعتقدات لا یکون موضوعًا للإدراک التهدیدات المختلفة.
ب- الأهمیة التطبیقیة:
1- تقدم هذه الدراسة صورة لصعوبة تنظیم الانفعالات وخداع الذات لمرتفعی ومنخفضی الیقظة العقلیة، للإفادة منها عند تصمیم البرامج الإرشادیة لطلاب الجامعة الذین یعانون من الافتقار إلى الیقظة العقلیة.
2- یمکن أن تفید نتائج هذه الدراسة فی مجال الإرشاد النفسی للأفراد الذین یتعرضون باستمرار لصعوبات التنظیم الانفعالی التی تؤثر على أدائهم النفسی وتوافقهم الاجتماعی والتحصیلی، حیث أن هؤلاء الأفراد یحتاجون إلى خطط وبرامج إرشادیة تستند إلى ما لدیهم من خصائص الشخصیة بهدف تطویرها إلى أعلى مستوى ممکن من الفاعلیة وتوظیفها توظیفًا هادفًا من أجل رفع کفاءتهم فی مواجهة صعوبات التنظیم الانفعالی، وکذلک تدریبهم على مهارات الیقظة العقلیة لتقلیل من خداع الذات لدیهم.
خامسًا - محددات الدراسة:
تحددت الدراسة الحالیة موضوعیًّا بدراسة الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة، ومکانیًّا بکلیات: التربیة، والتربیة النوعیة، والأداب، والتربیة الفنیة، والألسن بجامعة المنیا، وزمانیًّا بالفصل الدراسی الأول والثانی من العام الجامعی 2017/2018م.
سادسًا - مصطلحات الدراسة وتعریفاتها الإجرائیة:
أ- الیقظة العقلیة:Mindfulness
یمکن تعریف الیقظة العقلیة کمفهوم نفسی بأنها: "المراقبة المستمرة للخبرات، وترکیز الانتباه عن قصد فی اللحظة الحاضرة أکثر من الانشغال بالخبرات الماضیة أو الأحداث المستقبلیة، وقبول الخبرات والتسامح نحوها، ومواجهة الأحداث بالکامل کما هى فی الواقع ودون إصدار أحکام على الخبرات أو الانفعالات أو الأفکار، والوعی بالطریقة التی یوجه بها الفرد انتباهه بحیث تجعله یتخلص من مرکزیة الأفکار، ویفهمها على أنها أحداث عقلیة مؤقتة، ولیست تمثیلاً للواقع، وهذا یؤدی استبصاره بالموقف"(Cardaciotto, et al., 2008, 205). ویقاس إجرائیًّا بالدرجة التی یحصل علیها الطالب الجامعی على مقیاس الیقظة العقلیة ترجمة وتقنین البحیری والضبع وطلب والعواملة (2014) المستخدم فی هذه الدراسة.
ب- صعوبات التنظیم الانفعالی: Emotion Regulation Difficulties
اعتمد الباحث على تعریف (Gratz & Roemer,(2004, 42 لصعوبات التنظیم الانفعال، وهو: "عجز قدرة الفرد على فهم وإدراک انفعالاته وتقبلها، والعجز فی القدرة على الحفاظ على التوازن الانفعالی فی علاقاته الانفعالیة مع ذاته والآخرین وفقًا للأهداف المطلوبة أثناء الانفعالات السلبیة، وعدم قدرته الاندماج فی السلوکیات الموجهة الهادفة عند مرورة بالانفعالات السلبیة، وعجزه عن التحکم بعواطفه أثناء مواجهة أحداث التوتر والتهدید". ویقاس إجرائیًّا بالدرجة التی یحصل علیها الطالب الجامعی على مقیاس صعوبات التنظیم الانفعالی المستخدم فی هذه الدراسة تعریب وتقنین الباحث.
ج- خداع الذات: Self-Deception
مفهوم خداع الذات من المفاهیم الهامة ضمن الآلیات الدفاعیة، ویتبنی الباحث تعریفPaulhus (2007) لخداع الذات وهو: "عملیة غرضیة قصدیة تعمل على تشویة المعتقدات وجعلها مقبولة لحمایة الذات من مختلف التهدیدات من أجل التوافق مع ظروف ومتطلبات الواقع الخارجی الذی یواجهه الفرد". ویقاس إجرائیًّا بالدرجة التی یحصل عیها الطالب الجامعی على مقیاس خداع الذات، الذی قام الباحث بتعریبه وتقنینه علی البیئة المصریة.
سابعًا- الإطار النظری:
أ- الیقظة العقلیة:
الیقظة العقلیة اقترحت کعامل مهم فی الابتکار المستمر للأفکار الجدیدة، والانفتاح على المعلومات الجدیدة، والوعی بأکثر من منظور واحد، وکذلک تسمح الیقظة العقلیة بمواجهة الانفعالات أو الأفکار التی تبعث على الکآبة وقبولها، وتقلیل الانفعال السلبی وتحسن الصحة النفسیة(البحیری وأخرون، 2014؛Gustafsson, Davis, Skoog, Kenttä & Haberl, 2015)، بالإضافة إلى أن الیقظة العقلیة تجعل الفرد أکثر وعیًا بکل جوانب الذکریات الشخصیة، ولیس الانتباه ببساطة إلى تلک الجونب التی قد تثیر الانفعالات التی تؤدی إلى إحساس الفرد بالفشل والیأس ثم الاکتئاب؛ فالیقظة العقلیة تتیح للفرد الفرصة لإخراج کل ما هو غیر شعوری إلى شعوری، وتساعده على خلق طرق جدیدة لإدراک الحیاة بشکل إیجابی( Baer, Carmody & Hunsinger, 2012؛ Evans, Eisenlohr-Moul, Button, Baer, & Segerstrom,2013).
لذا تستعمل کلمة الیقظة العقلیة للدلالة على النشاط فی إعادة العقل الکامل أو الاهتمام أو الانتباه الکامل على کل ما یقوم به الفرد، وهو یشبة إلى حد کبیر عمل شیء معین فی وقت معین(Burgess, Beach & Saha,2017؛ Hill & Updegraff, 2012)، وذلک ما جعل الیقظة العقلیة مجالاً خصبًا للبحث المستمر والتنظیر والممارسة، ومنذ ذلک الحین نشط الحافز إلى البحث فی هذا المجال، حیث رکزت الدراسات على تناول الیقظة العقلیة فی مجال علم النفس مع بدایة التسعینیات من خلال زاویتین:
الأولى: مفهوم نفسی ضمن جوانب القوی فی علم النفس الإیجابی، حیث بحث محمود (2013) دور الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط للعلاقة بین مظاهر اضطراب الشخصیة الحدیة والتعلق العاطفی لدى عینة غیر إکلینیکیة من الجنسین، وأظهرت نتائج الدراسة العلاقة الارتباطیة السالبة بین الیقظة العقلیة وکلاً من التعلق العاطفی ومظاهر الشخصیة الحدیة، وعلى هذه النتیجة جاءت الیقظة العقلیة متغیرًا وسیطًا للعلاقة بین مظاهر اضطراب الشخصیة الحدیة والتعلق العاطفی، وأوصت الدراسة بضرورة دراسة العلاقة بین الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی لدى طلاب الجامعة.
والثانیة : أنها تدخل علاجی ضمن إجراءات عدید من التدخلات العلاجیة الحدیثة نسبیًّا، حیث بحث کلاً من الضبع وطلب (2013) فاعلیة الیقظة العقلیة فی خفض أعراض الاکتئاب النفسی لدى طلاب الجامعة، کما هدفت دراسة أبو زید (2017) بحث فاعلیة العلاج السلوکی الجدلی القائم على التدریب على الیقظة العقلیة فی علاج اضطراب الشخصیة الحدیة لدى الطالبات الجامعة.
وتتناول هذه الدراسة المفهوم النفسی للیقظة العقلیة، فقد کان من الطبیعی أن یهتم العدید من الباحثین النفسیین بتحدید هذا المفهوم، والذین لم یختلفوا کثیراً حول الأصول فی ذلک، بل کانت غالبیة اختلافاتهم حول الفروع أو جوانب الاهتمام. فرکز بعض الباحثین فی تحدیدهم لمفهوم الیقظة العقلیة على اعتبارها مفهومًا نفسیًّا یشیر إلى"الوعی والانتباه والترکیز على الأحداث الإیجابیة والسلبیة فی اللحظة الحالیة دون تفسیر أو إصدار أحکام تقییمیة علیها، بحیث تجعلنا نتلخص من مرکزیة الأفکار، فنفهمها على أنها أحداث عقلیة مؤقتة، ولیست تمثیلاً للواقع، وهذا یؤدی إلى الاستبصار"(Baer,2011؛Baer, Lykins & Peters, 2012؛Campanella, Crescentini, Urgesi, & Fabbro,2014).
فی حین تم تحدید الیقظة العقلیة باعتبارها "حالة عابرة من الوعی الحسی الذی یتمیز بصورة مختلفة وفعالة، وتحدث عندما یکون الانتباه مستقرًا وحاضرًا من دون أی ارتباط استثنائی نحو الآراء، وهذا یتحقق من خلال التأمل(Dicharry, 2016)، بینما یراها غیرهم على أنها سمة من سمات الشخصیة تنشئ عن التنظیم الذاتی للانتباه فی اللحظة الحالیة، والانفتاح والاستعداد والوعی بالتجارب فی اللحظة الحالیة (Hill, & Updegraff, 2012).
وقد تعددت وجهات نظر الباحثین فی الهیکل الأساسی للیقظة العقلیة وفقًا لتوجهاتهم النظریة؛ فقد افترض بعض الباحثین مکونین أساسیین للیقظة العقلیة، وهما: "الوعی Awareness کما هی فی اللحظة الراهنة بالإضافة إلى الشعور الواعی الهادف، وأما الأخر :التقبل Acceptance(Baer,,2011)، وفی محاولة لتحلیل الیقظة العقلیة إلى بناء مبسط قام بعض الباحثین بتجسید ثلاث مسلمات أساسیة للیقظة العقلیة، وتتمثل هذه المسلمات وحدات البناء الأساسیة التی تنبثق منها الأشیاء الأخرى، وهى: القصد أو العمد Intention, وتوجیه الانتباه Attention، والاتجاه Attitude (Shapiro, Carlson, Astin, & Freedman, 2006, 375)، والبعض الأخر ذکر أربعة مکونات للیقظة العقلیة، وهى: الانتباه، والوعی، والتکیز على الخبرة فی اللحظة الحاضرة، والتعایش مع الخبرات والأفکار بدون إصدار أحکام(Kang, Gruber, & Gray, 2012, 194)، بینما تناول کلا من Baer, Smith, Hopkins, Krietemeyer, &Toney(2006, 28) دراسة مفهوم للیقظة العقلیة من خلال مقیاس متعدد الأبعاد ـــــ وهو المقیاس موضوع هذه الدراسة ــــــ وهى: الملاحظةObserve ، والوصف Describing، والتصرف بوعی Acting with Awareness، وعدم الحکم على الخبرات الداخلیةNonjudging ، وعدم التفاعل مع الخبرات الداخلیة Nonreactivity.
یستخلص الباحث مما سبق أن الیقظة العقلیة کمفهوم نفسی یتضمن الوعی والانتباه والترکیز والمراقبة المستمرة على الخبرات الحاضرة، مع تقبل تلک الخبرات کما هی فی الواقع، دون إصدار أحکام تقییمیه علیها؛ أی أن یکون الفرد واعیًّا بــ"هنا والأن" وتقبل کل خبرات الحیاة الإیجابیة والسلبیة. کما یمکن القول أن التدریب على الانتباه فی ممارسة الیقظة العقلیة یؤدی إلى تعزیز الترکیز، وأن التنظیم المقصود للانتباه للخبرة فی اللحظة الحاضرة قد یسهل المراقبة ما وراء المعرفیة لهذه الخبرة، کا یلاحظ مما سبق تعدد المقاییس التی طورها الباحثون للیقظة العقلیة، وجمیعها من نوع التقریر الذاتی، وتراوحت للیقظة العقلیة من مفهوم أحادی البعد (عامل واحد) إلى مفهوم متعدد الأبعاد (خمسة عوامل) وهو ما تم استخدامه فی هذه الدراسة.
مع تراکم ثمار الأدلة البحثیة على أن الیقظة العقلیة أظهرت تأثیرات مفیدة من النتائج التی من شأنها المحافظة على الأداء النفسی، وذلک من خلال مساعدة الفرد على إدراک الواقع بشکل واضح، وتمکین الطلاب من فهم أنفسهم، والترکیز على حل المشکلات، والتمتع بحیاة أکثر بهجة، وإعادة تجمیع الخبرات بکفاءة دون نسیان وتشتت، وعدم إطلاق أحکام سلبیة على الأفکار والمشاعر، ولکن التعایش معها والبحث عن الأفکار والمشاعرة السلبیة والتعامل معها بموضوعیة من جمیع جوانبها المتعدد بدلاً من النظر إلیها من زاویة أو رؤیة واحدة، والاعتراف بالمشاعر والأفکار مهما کانت سلبیة ومؤلمة، ویتضح ذلک من خلال دراسات کلا من:(Gustafsson, et al., 2015؛ Chang, Huang &Lin, 2015؛ Soysa &Wilcomb, 2015).
کما أکد کلاً من Heeren, Van Broeck, & Philippot (2009) أن الأفراد الذین لدیهم مستوى عال من القدرة على الترکیز یمیلون إلى سلوکیات تقودهم إلى الترکیز على الخبرات الحاضرة أکثر من الانشغال بالخبرات الماضیة أو الأحداث المستقبلیة، لأن القدرة على الترکیز ترتبط ارتباطًا إیجابیًّا بالیقظة العقلیة. وتساعد الیقظة العقلیة الفرد على الترکیز، وذلک من خلال منحه القدرة على الترکیز بشیء واحد فی المرة الواحدة، بحیث لا یقوم بتشتیت نفسه من خلال التفکیر بکل المهام التی علیه إنجازها دفعة واحدة(Black, Sussman, Johnson& Milam, 2012)، فضلاً عن هذا فإن الیقظة العقلیة تساعد الفرد على تجنب المشتتات والابتعاد عما یعرف بـ"القیام بأمور متعددة فی الوقت نفسه" هذه الطریقة التی کان یعتقد فائدتها لیتبین لاحقا بأنها مدمرة للابتکاریة لدى الفرد(Weinstein, Brown& Ryan,2009)، کما تعمل الیقظة العقلیة على کبح تلک الأفکار السلبیة وتحریر قدرات الفرد الإبداعیة، وما یساعدها على هذا هو قدرتها على جعل الفرد یرکز فقط على اللحظة التی یعیشها بدون أن یسمح لمخاوف سابقة أن تکبل أفکاره وإبداعاته(Greco, Baer & Smith, 2011 ؛ Mandal, Arya, & Pandey, 2012,).
وذکر کلاً منHowell & Buro (2011) أن الیقظة العقلیة عامل مهم وحیوی فی الشخصیة یجب التأکید علیها فی البحوث المستقبلیة حتى تتضح أکثر وتطور من مستوى الأشخاص إلى مستوى استخدامه فی المؤسسات والمراکز العلاجیة والإرشادیة حتى یستخدم على نطاق واسع فی التطویر، لأن الیقظة العقلیة أصبحت من المفاهیم الهامة فی مراقبة الفرد لأفکاره ومشاعره السلبیة، والانفتاح علیها ومعایشتها بدلاً من احتجازها فی الوعی، إضافة إلى التنظیم الذاتی المرتبط بالإنجازAchievement-Related Self-Regulation, وعدم إطلاق أحکام سلبیة للذات أو التوحد المفرط مع الذات بشکل منفصل مع ترسیخ وحدة الذات، ویجب کذلک بحث تطور الیقظة العقلیة عبر فترات الحیاة وربطها بتحقیق الأهداف.
ب- صعوبات التنظیم الانفعالی:
یعد تنظیم الانفعال من العوامل المؤثرة على قدرة الفرد على التواصل الاجتماعی والاهتمام بالعلاقات الاجتماعیة والتوافق الاجتماعی والانفعالی فی مختلف المراحل النمائیة وخاصة فی مرحلة المراهقة والتی تعتبر إحدى المراحل الحرجة فی النمو الإنسانی، حیث یرى کل من (2009) Koole أن الأفراد الذین لا یستطیعون إدارة انفعالاتهم بصورة فعالة حینما یتعرضون للأحداث الحیاتیة السلبیة الیومیة یکونون أکثر عرضة للقلق والاکتئاب. وقد کشفت نتائج بعض الدراسات أن القدرة على التنظیم الانفعالی یرتبط بأداء الوظائف النفسیة الإیجابیة والصحة النفسیة، کما ارتبط التنظیم الانفعالی غیر الفعال بانخفاض الصحة النفسیة والعدید من الاضطرابات النفسیة کالاکتئاب واضطراب الشخصیة الحدیة، والقلق العام، والقلق الاجتماعی، والإدمان (McLaughlin, Hatzenbuehler, Mennin, & Nolen-Hoeksema,2011 ؛Davis & Humphrey,2014؛ أبو زید،2017).
ویشیر مصطلح التنظیم الانفعالی إلى تنظیم وتوافق دینامی للعملیات الشعوریة واللاشعوریة المعرفیة والسلوکیة التی یستخدمها الأفراد لضبط انفعالاتهم، وزیادة واستمرار وخفض واحد أو أکثر من مکونات الاستجابة الانفعالیة، وطبقًا لذلک فإن صعوبة التنظیم الانفعالی تشیر إلى العجز فی القدرة على خبرة الانفعالات والتعبیر عنها واستخدامها، فقدان السیطرة على الاستثارة الانفعالیة والاستخدام المقید للانفعال (Gross, & Feldman Barrett, 2011).
کما اتضح أن مفهوم التنظیم الانفعالی یرتبط بمجموعة من القدرات، وهی: الوعی الانفعالی وفهمه، وقبول الانفعالات، والسیطرة على السلوکیات المتهورة والتصرف وفقًا للأهداف المرجوة عند التعرض للانفعالات السلبیة، والاستخدام الموقفی والمرن لاستراتیجات التنظیم الانفعالی، ویکشف العجز فی أی واحد من هذه القدرات أو جمیعها عن صعوبات فی التنظیم الانفعالی(Compare ,Zabro, Shonin, Gordon, & Marconi, 2014؛ Duarte, Matos & Marques, 2015) ، کما تظهر صعوبات التنظیم الانفعالی عندما تکون متطلبات الموقف لتنظیم الفرد لانفعالاته أعلى من قدراته وتوجد فجوة واسعة بین أهداف الفرد واستجاباته وأسلوب تعبیره عن انفعالاته، وبین متطلبات البیئة الاجتماعیة والثقافیة (Kuo, Khoury, Metcalfe, Fitzpatrick, & Goodwill, 2015؛ Rosenstein, et al., 2018).
وقد ترجع صعوبات التنظیم الانفعالی إلى خبرات الطفولة، ومنها: تعرض الطفل للإساءة، والافتقار إلى الترابط الانفعالی، والعلاقات والظروف السیئة التی یمر بها الأفراد، کما یتعرض المراهقین باستمرار لمجموعة واسعة من المحفزات ذات الإثارة المحتملة، ویمکن لردود الفعل الانفعالیة غیر المناسبة أو المتطرفة تجاه مثل هذه المحفزات أن تعیق التناسب الوظیفی داخل المجتمع؛ وبالتالی یؤدی إلى صعوبة فی التنظیم الانفعالی (Macklem, 2008 ؛ Kim, & Cicchetti, 2010).
ونظرًا لأهمیة مفهوم صعوبات التنظیم الانفعالی فقد تناولته بعض الدراسات المختلفة حیث اتضح أن صعوبات التنظیم الانفعالی یرتبط بالاستراتیجیات غیر التکیفیة عند التعامل مع الانفعالات(Koole, 2009؛ Vahedi, Hashemi, & Einipour,2013؛ Compare et al ,2014)، وأن صعوبات التنظیم الانفعالی تظهر لدى الفرد عندما یکون أقل استعدادًا فی تحمل العجز الانفعالی فی تأمل السلوک الموجه نحو الهدف، وأیضًا التقرب من الموقف المؤلم(O’Toole, , Jensen, , Fentz, Zachariae, & Hougaard, 2014)، وأن الشعور بصعوبه فی التنظیم الانفعالی میز الأفراد الذین لدیهم تجنب للأفکار والانفعالات والمشاعر، والکبت المدرک للإثارة الانفعالیة (Hofmann, Sawyer, Fang, & Asnaani, 2012)، وأن کثیر من الأفراد یقودهم هذا الکبت والتجنب إلى حالة مزاجیة مضطربة وزیادة الأفکار السلبیة. کما اتضح أن من لدیهم صعوبات فی التنظیم الانفعالی یمارسون عملیة التأمل بطریقة متکررة بالترکیز على خبراتهم الانفعالیة السلبیة وأسبابها وعواقبها(Koole, 2009).
ویستنتج الباحث من مما سبق أن صعوبات التنظیم الانفعالی هى القضیة التی تواجه کل فرد فی وقت ما فی حیاته بحیث یکون علیه أن یتحمل المعاناة العمیقة خلال فترة من فترات حیاته یدرک فیها عدم التنظیم المتدنی أو التنظیم المفرط فی التعبیر عن انفعالاته والوعی بها. کما اتضح أن صعوبات التنظیم الانفعالی ترتبط سلبیًّا بالصحة النفسة لدى الفرد، وأن شعور الفرد بعدم قدرته على التنظیم الانفعالی یعد مدخلاً مهما للعدید من الاضطرابات الانفعالیة، ومن أهمها الغضب والاکتئاب(Tan, Forbes, Dahl, Ryan, Siegle, Ladouceur, & Silk, 2012)، فضلاً عن ذلک فإن المیل لتجنب الخبرات الداخلیة غیر المرعوبة ربما یکون لها تأثیرات متعاکسة وقد ترتبط مع الاستثارة الفسیولوجیة المتزایدة، وبالتالی یتمیزون هؤلاء الأفراد باستخدام صرف الانتباه عن الانفعالات لعدم قدرته على تحملها، ویکون صرف الانتباه حیلة دفاعیة لا شعوریة للتخلص من انفعالات الغضب والحزن والقلق وغیرها من الانفعالات التی لا یتحملها، کما یُظهر الأفراد الذین یعانون من الاضطرابات الانفعالیة أنماط من الاستجابة التی یوجد فیها عدم تطابق بین أهدافهم، وردودهم، أو وضع التعبیر، ومتطلبات البیئة الاجتماعیة.
ج- خداع الذات:
یشیر (2013, 1070)Triandis إلى أن خداع الذات یمکن أن یفهم من خلال ثلاثة طرق قابلة للتمیز والاستعمالات، حیث تعکس کل واحدة من هذه الطرق حافزًا مختلفًا لخداع الذات؛ وبالتالی یتوقع وجود سمات مختلفة للأفراد فی ضوء هذه الطرق تؤثر على ذاته. فخداع الذات هو نمط من الدفاع الذی یظهره الفرد من خلال الضعف الأخلاقی لإنکار بعض أشکال الحقیقیة غیر المرغوبة ، أما الاستعمال الآخر فهو حالة لعلاقة ضمنیة فی آلیات الدفاع(Jiménez & Ruiz, 2014) ، بینما الاستعمال الثالث یستخدم بصورة نهائیة لتغطیة الإدراکات الخاطئة حول الذات(Bandura, 2011)، ومن خلال ما سبق استنتج الباحث أن خداع الذات هو توهم الفرد لحقیقة نفسه وإمکانیاته وظروفة علی نحو یخالف الواقع، ولکن یتفق مع هواه ورغبته، والفرد بطبیعة الحال لا یکون متعمدًا ذلک بل إنه یقوم بخداع نفسه دون وعی بذلک کأن تکون إمکاناتة العقلیة والعلمیة ضعیفة ویری هو عکس ذلک. وبالتالی تکون عملیة الخداع عملیة غرضیة قصدیة تعمل على تشویة المعتقدات وجعلها مقبولة لحمایة الذات من مختلف التهدیدات(بهنام، 2016، 79).
ونظرًا لأهمیة مفهوم خداع الذات فقد تناولته بعض الدراسات الأجنبیة المختلفة حیث اتضح أن خداع الذات یرتبط بنقص فی إدراک العملیات النفسیة الداخلیة للفرد فی تعامله الاجتماعی(Von Hippel & Trivers,2011)، وأن خداع الذات له علاقة بالمعتقدات غیر المدرکة وذات الغرض أو له دافعیة Bachkirova, 2016))، ولا یقتصر خداع الذات على إخفاء الحقیقة الداخلیة، بل یطال محاولة تزییفها، حیث یحاول الفرد أن یقدم نفسه فی صورة لا تتفق مع حقیقته، بل أحیاناً تتناقض معها، وقد یکون انتحال صورة زائفة، أو إخفاء صورة حقیقیة نابعًا عن وعی وقصد وتصمیم (Fernbach, Hagmayer, & Sloman, 2014)، وأن کثیر من الأفراد یقدمون صورة زائفة بدون وعی، أو باقتناع کامل بحقیقتها، والعمل على تسویق هذه الصورة على الأخرین(Triandis, 2011).
وأوضحت نتائج العدید من الدراسات کدراسة (Chance, et al., (2015 التی اهتمت بخداع الذات وتصنیف الفرد الخادع لنفسه على أنه یتبنى معتقدات متعاکسة أو متناقضة، ومن بین تلک المعتقدات أنه لا یکون موضوعًا للإدراک وذلک لیوفر لنفسه نفعًا ما أو تحقیق هدف نفسی ما وهو غیر مفرح بالنسبة إلیه فیلجأ إلى ممارسة عملیة خداع الذات على أثر ذلک، وقد بین کلاً منSmith, Trivers, & Hippel (2017) المحکات الضروریة للتعرف على حالة خداع الذات ومن بین تلک المحکات التناقض فی بنیة المعتقدات التی یحملها الفرد فی مجاله یبقى قائمًا لأن له هدفًا نفسیًّا هو حمایة الذات من أنماط التهدید المختلفة سواء من داخل الفرد نفسه ومن خارج الفرد.
ثامنًا- فروض الدراسة:
فی ضوء الإطار النظری ونتائج الدراسات ذات الصلة، یمکن صیاغة فروض الدراسة على النحو التالی :
أ- توجد علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا بین أبعاد الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی لدى طلاب الجامعة.
ب- توجد علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا بین أبعاد الیقظة العقلیة وخداع الذات لدى طلاب الجامعة.
ج- توجد علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة.
د- یختلف التأثیر المباشر للصعوبات التنظیم الانفعالی فی خداع الذات وعن التأثیر غیر المباشر ـــــــ عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط ـــــــ لدى طلاب الجامعة.
تاسعًا- إجراءات الدراسة:
اشتملت إجراءات الدراسة على المنهج والعینة والأدوات:
أ- منهج الدراسة:
استخدم الباحث فی هذه الدراسة المنهج الوصفی الارتباطی الذی یعمل على وصف الظاهرة، وتصنیف المعلومات وتنظیمها؛ لملاءمته لطبیعة الدراسة وأهدافها فی إیجاد العلاقات الارتباطیة بین الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة، وأیضًا التحقق من التأثیرات المباشرة وغیر المباشرة بین متغیرات الدراسة.
ب- عینة الدراسة:
1- العینة الاستطلاعیة:
اختار الباحث عددًا من طلاب الجامعة بجمیع الفرق الدراسیة لیمثلوا أفراد الدراسة الاستطلاعیة؛ بهدف التحقق من کفاءة أدوات الدراسة السیکومتریة، وقد اشتملت هذه العینة على (180) طالبًا جامعیًّا، بمتوسط للعمر الزمنی(18,31)عامًا، وانحراف معیاری (0,58).
2- العینة الأساسیة:
بعد التحقق من کفاءة أدوات الدراسة السیکومتریة: مقیاس الیقظة العقلیة ترجمة وتقنین عبد الرقیب البحیری وآخرون(2014)، ومقیاس صعوبات التنظیم الانفعالی ترجمة وتقنیین الباحث، ومقیاس خداع الذات تعریب وتقنیین الباحث، قام الباحث بتطبیقها على أفراد العینة الأساسیة، والتی قوامها(414) طالبًا وطالبة جامعیًا، بمتوسط للعمر الزمنی(19,6)عامًا، وانحراف معیاری (3,82)عامًا، ویوضح جدول(2) خصائص أفراد العینة الأساسیة.
جدول (2)
الخصائص الدیموجرافیة لأفراد الدراسة الأساسیة (ن=495)
م |
الکلیة |
الفرقة الدراسیة |
الجنس |
إجمالی العینة |
|
الذکور |
الإناث |
||||
1 |
التربیة |
الثالثة |
92 |
95 |
187 |
2 |
التربیة النوعیة |
الثانیة |
27 |
38 |
65 |
3 |
الألسن |
الثالثة |
20 |
30 |
50 |
4 |
الأداب |
الرابعة |
24 |
30 |
54 |
5 |
التربیة الفنیة |
الثانیة |
27 |
31 |
58 |
إجمالی عدد المشارکین |
190 |
224 |
414 |
ج- أدوات الدراسة:
1- مقیاس العوامل الخمسة للیقظة العقلیة:
أعد هذا المقیاس Baer, et al. (2006) وقام البحیری والضبغ وطلب والعواملة (2014) بترجمته، ویتکون المقیاس فی صورته النهائیة من(39) عبارة صنفت فی خمس عوامل لتقیس الیقظة العقلیة، وهى: الملاحظة، والوصف، والتصرف بوعی، وعدم الحکم على الخبرات الداخلیة، وعدم التفاعل مع الخبرات الداخلیة، وتتنوع بدائل الإجابة المتاحة للأفراد (تنطبق تمامًا، تنطبق بدرجة کبیرة ، تنطبق بدرجة متوسطة ، تنطبق بدرجة قلیلة ، لا تنطبق تمامًا)، وللتأکد من ملائمة المقیاس لعینة هذه الدراسة قام الباحث بإعادة تقنین المقیاس على عینة الدراسة من طلاب الجامعة.
ثبات المقیاس:
قام معدو المقیاس ومقننیه بحساب ثباته بعدة طرق، ومنها: ألفا کرونباک، والتجزئة النصفیة للعوامل الخمسة والمقیاس ککل، واتضح أن المقیس یتمتع بقدر عال من الثبات، وقد قام الباحث فی الدراسة الحالیة بحساب ثبات المقیاس بالطریقتین أنفسهما، وأشارت النتائج إلى أن معاملات ثبات ألفا کرونباخ للعوامل الخمسة والمقیاس ککل تراوحت بین(0,598، 0,829)، وهى جمیعها ذات دلالة إحصائیة عند مستوى(0,01)؛ مما یشیر إلى اتساق عالی للعوامل الخمسة والمقیاس ککل لدى طلاب الجامعة، کما تم حساب معاملات الثبات بطریقة التجزئة النصفیة لسبیرمان برواون للعوامل والمقیاس ککل، وأشارت النتائج إلى أن معاملات الثبات بطریقة التجزئة النصفیة لسبیرمان برواون للعوامل الخمسة والمقیاس ککل تراوحت بین (0,612، 0,777)، وهى جمیعها ذات دلالة إحصائیة عند مستوى(0,01)؛ مما یشیر إلى ثبات عالی للعوامل الخمسة والمقیاس ککل لدى طلاب الجامعة.
صدق المقیاس:
قام معدو المقیاس ومقننیه بحساب صدق المقیاس بعدة طرق، ومنها: الاتساق الداخلی، وذلک بحساب معاملات الارتباط بین درجة کل فقرة من فقرات المقیاس ودرجة البعد المنتمیة إلیه، وکانت جمیعها دالة عند مستوى (0,01)، کما تم حساب الاتساق الداخلی بین درجة کل بعد من أبعاد المقیاس والدرجة الکلیة للمقیاس، وکانت جمیعها دالة عند مستوى (0,01)، وکذلک التحلیل العاملی التوکیدی، حیث تشبعت جمیع العبارات المقیاس تشبعًا جوهریًّا على العامل المنتمیة إلیه من العوامل الخمسة، واتضح أن المقیاس یتمتع بقدر عالٍ من الصدق، وفی الدراسة الحالیة قام الباحث باستخدام الصدق التلازمی للمقیاس مع مقیاس المرونة النفسیة إعداد عثمان (2010)، وذلک على أفراد العینة الاستطلاعیة (ن= 60) عن طریق إیجاد معامل الارتباط بین درجاتهم على المقیاسین، وقد تم اختیار مقیاس المرونة النفسیة کمحک؛ للإرتباط المرونة بالیقظة العقلیة کما إشارت إلیها دراسة إسماعیل(2017)، ودراسة (2014) Pidgeon & Keye ، وقد بلغ معامل الارتباط بین المقیاسین(0,82) وهی دالة عند مستوى (0,01).
2- مقیاس صعوبات التنظیم الانفعالی: تعریب الباحث
یهدف مقیاس صعوبة تنظیم الانفعالات إعداد کل منGratz & Roemer (2004) إعطاء تقدیر شامل لصعوبة الترکیز والتعرف على الانفعالات، وصعوبة تحکم الفرد فی سلوکه نتیجة للانفعال السالب، وقد قام الباحث بتعریب عبارات المقیاس وعدها(36) عبارة، وتم عرضها على متخصصین فی اللغة الإنجلیزیة لمراجعة الترجمة (1) ، ثم عرضت العبارات بعد استیفاء التعدیلات على بعض من المتخصصین فی الصحة النفسیة(2) ولم تسفر المراجعة عن أی حذف للعبارات.
ویتکون المقیاس فی صورته النهائیة من(36) عبارة صنفت فی ستة أبعاد، وهى: عدم تقبل الاستجابة الانفعالیة، وصعوبة التوجة نحو الهدف، وصعوبة التحکم فی الدافعیة، وقلة الوعی الانفعالی، القصور فی تنظیم الانفعالات، وقلة وضوح الانفعالات.
وللتأکد من ملائمة المقیاس لعینة هذه الدراسة قام الباحث بإعادة تقنین المقیاس على عینة هذه الدراسة من طلاب الجامعة.
ثبات المقیاس:
قام معدا ومقننا المقیاس بحساب ثباته بطریقتی إعادة التطبیق المقیاس وبلغت قیمة معامل الثبات (0,723) وألفا کرونباک وبلغت قیمة معامل الثبات (0,93)، وقام الباحث بحساب الثبات فی هذه الدراسة بنفس الطریقیتین، حیث تم حساب ثبات المقیاس بفاصل زمنی (20) یوم على عینة بلغت (60) طالبًا وطالبة من طلاب الجامعة، وقد تبین وجود درجة ثبات عالیة بین التطبیق الأول والثانی حیث تراوحت معاملات الثبات بین(0,69، 0,82)، وهى جمیعها ذات دلالة إحصائیة عند مستوى(0,01). کما أشارت النتائج إلى أن معاملات ثبات ألفا کرونباخ للأبعاد الستة والمقیاس ککل تراوحت بین(0,499، 0,882)، وهى جمیعها ذات دلالة إحصائیة عند مستوى(0,01)؛ مما یشیر إلى اتساق عالی للأبعاد الستة والمقیاس ککل لدى طلاب الجامعة.
صدق المقیاس:
قام الباحث بحساب الصدق التلازمی للمقیاس مع مقیاس الألکسیثیمیا إعداد الخولی (2005)، وذلک بعد تطبیق المقیاسین على عینة قوامها (60) طالب وطالبة وبلغ معامل الارتباط بین المقیاسین (0,62)، وهو معامل دال عند مستوى(0,05).
3- مقیاس خداع الذات: تعریب الباحث
صمم مقیاس خداع الذات لقیاس المیل لإعطاء الاستجابات المرغوبة اجتماعیًّا وهو من تصمیم Paulhus (2007)، وتتکون القائمة المتوازنة للاستجابات المرغوبیة الاجتماعیة من مقیاسین فرعیین هما إدارة الانطباع وخداع الذات ومکونه من (40) عبارة، وتم استخدام المقیاس الثانی من هذه القائمة لقیاس خداع الذات وعدد فقراته (20) عبارة فقط، وبالتالی فهو یقتصر على درجة کلیة واحدة للتعبیر عن أوصاف الذات المنتفخة التی تعکس نقصًا قی الاستبصار والانحیاز اللاشعوری لصورة الذات المفضلة.
ولقد حظى مقیاس خداع الذات بسعة الانتشار، حیث تم استدامه فی جمیع البحوث والدراسات ذات الصلة (Triandis,2013؛ بهنام،2016؛Chance & Norton, 2016 ؛ Smith, Trivers & Hippel, 2017)، نظرًا لقلة عدد عبارته واقتصادیة الوقت وسهوله التعلیمات الخاصة به، وقد قام الباحث بتعریب عبارات المقیاس وعددها (20) عبارة، وتم عرضها على متخصصین فی اللغة الإنجلیزیة لمراجعة الترجمة (*)، ثم عرضت العبارات بعد استیفاء التعدیلات على بعض من المتخصصین فی الصحة النفسیة(**) ولم تسفر المراجعة عن أی حذف للعبارات.
وتکون الاستجابة لهذه الفقرات على مقیاس من طریقة لیکرت خماسی التدریج، بحیث یمثل أبدا ویعطی له درجة واحدة، ونادرًا ویعطى له درجتان، وأحیانًا ویعطى له ثلاث درجات، ودائمًا ویعطی له أربعة درجات، ودائما حتما ویعطی له خمسة درجات، وتجمع الدرجات لتکون أقل درجة (20) درجة بینما أعلى درجة (100) درجة، ولذلک تکون قیمة المتوسط الفرضی هی (60) درجة فقط، وفقرات المقیاس التی تصحح بصورة متعاکسة هى على النحو التالی: (2، 4، 6، 8، 10، 12، 14، 16، 18، 20) وهى فقرات إیجابیة، (1، 3، 5، 7، 9، 11، 13، 15، 17، 19) وهى فقرات سلبیة.
ثبات المقیاس:
تم حساب ثبات المقیاس بطریقة ألفا کرونباک واتضح أن المقیاس یتمتع بمعاملات قبات دالة إحصائیًّا، حیث بلغت قیمة ألفا کرونباک للمقیاس ککل (0,69)، حیث یشیر ارتفاع معامل ألفا إلى أن عبارات البعد الواحد تمثل وتعبر عن مضمون واحد، مما یؤکد على أن المقیاس یتمتع بمعامل ثبات مرتفع، کما تم حساب ثبات المقیاس باستخدام طریقة إعادة التطبیق بفاصل زمنی ثلاثة أسابیع على عینة بلغت(60) طالبًا وطالبة، وقد تبین وجود درجة ثبات عالیة بین التطبیق الأول والثانی حیث بلغ معامل الثبات (0,72) للدرجة الکلیة لخداع الذات.
صدق المقیاس:
تم حساب صدق المقیاس بطریقة الصدق المرتبط بالمحک؛ وذلک بحساب معامل الارتباط بین درجات العینة على المقیاس ودرجاتهم على اختبار السلبیة فی الشخصیة لآمال باظة (2002)، وکان معامل الارتباط مساویًا (0,74) وهو دال عند مستوى (0,01).
عاشرًا- نتائج الدراسة:
أ- نتائج الفرض الأول:
ینص الفرض الأول: "توجد علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا بین أبعاد الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی لدى طلاب الجامعة".
وللتحقق من صحة هذا الفرض تم استخدام معاملات الارتباط، ویوضح جدول (3) معاملات الارتباط بین أبعاد الیقظة العقلیة وصعوبة تنظیم الانفعالات.
جدول(3)
معامل الارتباط بین الیقظة العقلیة ودرجاتهم على مقیاس صعوبات
التنظیم الانفعالی (ن=333)
المتغیرات |
صعوبات التنظیم الانفعالی (الدرجة الکلیة) |
الملاحظة |
-0,011 |
الوصف |
-0,297** |
التصرف بوعی |
-0,557** |
عدم الحکم على الخبرات الداخلیة |
-0,354** |
عدم التفاعل مع الخبرات الداخلیة |
-0,096 |
الیقظة العقلیة (الدرجة الکلیة) |
-0,527 ** |
**دالة عند مستوى (0,01) *دالة عند مستوى (0,05)
ویتضح من جدول (3) وجود علاقة ارتباطیة سالبة دالة عند مستوى (0,01) بین أبعاد الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی، حیث أظهرت النتائج أن قیمة معامل الارتباط بلغ (-0,527)، ومعنى ذلک أن هناک تغیرًا ارتباطًا بینهما، إذ أن صعوبات التنظیم الانفعالی ترتبط بضعف الیقظة العقلیة والدلالة (0,01) تعطی مستوى عالیًا من الثقة.
ب- نتائج الفرض الثانی:
ینص الفرض الثانی: "توجد علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا بین أبعاد الیقظة العقلیة وخداع الذات لدى طلاب الجامعة".
وللتحقق من صحة هذا الفرض تم استخدام معاملات الارتباط، ویوضح جدول (4) معاملات الارتباط بین أبعاد الیقظة العقلیة وخداع الذات.
جدول(4)
معاملات الارتباط بین درجات أفراد العینة على مقیاس الیقظة العقلیة
ودرجاتهم على مقیاس خداع الذات السلبی (ن=232)
المتغیرات |
معامل الارتباط |
الملاحظة |
-0,036 |
الوصف |
- 0,253** |
التصرف بوعی |
-0,429** |
عدم الحکم على الخبرات الداخلیة |
-0,248** |
عدم التفاعل مع الخبرات الداخلیة |
- 0,159** |
الیقظة العقلیة (الدرجة الکلیة) |
-0,441** |
**دالة عند مستوى (0,01) *دالة عند مستوى (0,05)
ویتضح من جدول (4) وجود علاقة ارتباطیة سالب دالة عند مستوى (0,01) بین أبعاد الیقظة العقلیة وخداع الذات السلبی، حیث أظهرت النتائج أن قیمة معامل الارتباط بلغ (0,441)، ومعنى ذلک أن هناک تغیرًا ارتباطًا بینهما، إذ أن خداع الذات ترتبط بضعف الیقظة العقلیة والدلالة (0,01) تعطی مستوى عالیًا من الثقة.
ج- نتائج الفرض الثالث:
ینص الفرض الثالث: "توجد علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة".
وللتحقق من صحة هذا الفرض تم استخدام معاملات الارتباط، ویوضح جدول (5) معاملات الارتباط بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات.
جدول(5)
معاملات الارتباط بین درجات أفراد العینة على مقیاس صعوبات التنظیم
الانفعالی ودرجاتهم على مقیاس خداع الذات(ن=232)
المتغیرات |
معامل الارتباط |
عدم تقبل الاستجابة الانفعالیة |
0,283** |
صعوبة التوجة نحو الهدف |
0,253** |
صعوبة التحکم فی الدافعیة |
0,349** |
قلة الوعی الانفعالی |
0,056 |
القصور فی تنظیم الانفعالات |
0,358** |
قلة وضوح الانفعالات. |
0,299** |
صعوبات التنظیم الانفعالی (الدرجة الکلیة) |
0,396** |
**دالة عند مستوى (0,01) *دالة عند مستوى (0,05)
ویتضح من جدول (5) وجود علاقة ارتباطیة دالة موجبة عند مستوى (0,01) بین أبعاد صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات، حیث أظهرت النتائج أن قیمة معامل الارتباط بلغ (0,396)، ومعنى ذلک أن هناک تغیرًا ارتباطًا بینهما، وهذا یعنی أنه کلما ارتفعت صعوبات التنظیم الانفعالی ارتفع خداع الذات لدى أفراد عینة الدراسة من طلاب الجامعة.
د- نتائج الفرض الرابع:
ینص الفرض الرابع: "یختلف التأثیر المباشر للصعوبات التنظیم الانفعالی فی خداع الذات وعن التأثیر غیر المباشر ــــ عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط ــــ لدى طلاب الجامعة".
وللتحقق من صحة النموذج المقترح الذی یتضمن المتغیرات الثلاثة: الیقظة العقلیة، وصعوبات التنظیم الانفعالی، وخداع الذات، فقد تم حساب المصفوفة الارتباطیة لهذه المتغیرات، ثم استخدمت المصفوفة التی تتضمن هذه الارتباطات الجزئیة فی اختبار النموذج، وذلک باستخدام الانحدار الخطی ، ویوضح شکل(1) النموذج المفترض ومعاملات المسار.
الجزء الأول
خداع الذات (متغیر مستقل) |
B= 0,254** |
صعوبات التنظیم الانفعالی (متغیر تابع) |
|
|
|
|
المسار المباشر لتأثیر المتغیر المستقل على المتغیر التابع بدون المتغیر الوسیط |
|
الجزء الثانی
a= -0,212** قیمة معامل الانحدار للعلاقة بین المتغیر المستقل والمتغیر الوسیط. Sa=0,036** فیمة الخطأ المعیاری للعلاقة بین المتغیر المستقل والمتغیر الوسیط. |
|
a= -0,291** قیمة معامل الانحدار للعلاقة بین المتغیر المستقل والمتغیر الوسیط Sa=0,051** فیمة الخطأ المعیاری للعلاقة بین المتغیر المستقل والمتغیر الوسیط. |
|
||
|
|
||||
|
الیقظة العقلیة (متغیر وسیط) |
|
|
||
|
|
|
|
||
خداع الذات (متغیر مستقل) |
B= 0,184** |
صعوبات التنظیم الانفعالی (متغیر تابع) |
|
||
|
|
|
|
||
|
المسار غیر المباشر لتأثیر المتغیر المستقل على المتغیر التابع مع وجود المتغیر الوسیط |
|
|||
قیمة (Z) المحسوبة= 3,39 والقیمة الاحتمالیة P=0, 0002*
شکل(1) دور الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط
ویتضح من العرض السابق أن القیمة الاحتمالیة (P) جاءت أقل من (0,05) فهی تساوی (0,0002)، وهو ما یشیر إلى أن الیقظة العقلیة متغیر وسیط للعلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات، کما تبین أن الدرجة بالجزء الأول من مسار العلاقة کان(0,254)، وبعد ان توسطت الیقظة العقلیة قلت الدرجة وأصبحت (0,184)، وذلک فی الجزء الثانی.
حادی عشر- مناقشة النتائج وتفسیرها:
وبالرجوع إلى نتیجة الفرض الأول فی جدول(3) یتضح أن هناک ارتباطًا سالبًا ودالاً إحصائیًّا عند مستوى (0,01) بین أبعاد الیقظة العقلیة والدرجة الکلیة لصعوبات التنظیم الانفعالی، ووجود ارتباط سالب دال إحصائیًّا عند مستوى دلالة (0,01) بین صعوبات التنظیم الانفعالی وأبعاد الیقظة العقلیة المتمثلة فی: الوصف، والتصرف بوعی، وعدم الحکم على الخبرات الداخلیة، والدرجة الکلیة للیقظة العقلیة، ولم تصل معاملات الارتباط إلى مستوى الدلالة الإحصائیة مع الأبعاد: الملاحظة، وعدم التفاعل مع الخبرات الداخلیة. وهذه النتائج فی جملتها تحقق – جزئیًّا – صحة الفرض الأول. وفقًا لمعنى الدرجة علی مقیاس الیقظة العقلیة، وصعوبات التنظیم الانفعالی(حیث یشیر ارتفاع متوسط زمن الرجع) على مهمة التداخل إلى انخفاض القدرة على صعوبات التنظیم الانفعالی، بینما یشیر انخفاض متوسط زمن الرجع على مهمة التداخل إلى ارتفاع القدرة على صعوبات التنظیم الانفعالی، وهذا یفسر معاملات الارتباطات السالبة بین درجات أفراد لبعینة على الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی.
وتتفق هذه النتیجة مع ما ورد فی الإطار النظری هذه الدراسة، وأیدیه نتائج دراساتها السابقة التی تناولت العلاقة بین أبعاد الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی، ومن أمثلتها دراسة (2011) Mihalca, et al.التی أشارت نتائجها إلى أن الصعوبة فی التنظیم الانفعالی ترتبط بالوصف، وعدم الحکم على الخبرات الداخلیة، والتصرف بوعی، فالمیل إلى السماح للأفکار والمشاعر والانفعالات لتأتی وتذهب دون أن تشتت تفکیر الفرد أو ینشغل بها، وتفقده ترکیزه فی اللحظة الحاضرة وتنظیمه للانفعالاته، ویمکن تفسیر هذه النتیجة فی ضوء ما أشارت إلیه دراسة Soysa &Wilcomb(2015)من أن الیقظة العقلیة تتیح للفرد الفرصة لإخراج کل ما هو غیر شعوری إلى الشعور، وتساعده على خلق طرق جدیدة لإدراک الحیاة، ودون إصدار أحکام تقییمیة على الخبرات أو الانفعالات أو الأفکار، حیث یمکن افترض أن هذا یؤدی إلى التنظیم الانفعالی لدى الفرد، وعلى العکس من ذلک یؤدی إلى صعوبة فی التنظیم الانفعالی.
وتتماشی العلاقة الارتباطیة السالبة بین أبعاد الیقظة العقلیة وصعوبات التنظیم الانفعالی مع ما أسفرت عنه أدبیات البحث ونتائج العدید من الدراسات ذات الصلة کدراسة Hill& Updegraff (2012) والتی أوضحت أن ظهور صعوبة التنظیم الانفعالی عندما تکون متطلبات الموقف لتنظیم الفرد لانفعالاته أعلى من قدراته وتوجد فجوة واسعة بین أهداف الفرد واستجاباته وأسلوب تعبیره عن انفعالاته، ولذا فإن الیقظة العقلیة تسمح بمواجهة الانفعالات، وتجعل الفرد أکثر وعیًّا بکل جوانب الذکریات الشخصیة، وبالتالی فإن قلة الفاعلیة فی تنظیم الانفعالات، وصعوبة الانتباه والتعرف علی الانفعالات، قد ترجع إلى نقص فی المراقبة المستمرة للخبرات، وعدم الترکیز على الخبرات الحاضرة وانشغال بالخبرات الماضیة، والابتعاد عن مواجهة الأحداث بالکامل کما هی فی الواقع، وبدون إصدار أحکام، ویدعم ذلک ما أشارت إلیه نتائج دراسات (Mandal, et al., 2012 ؛ Roemer, et al., 2009) من أن الیقظة العقلیة تسمح بمواجهة الانفعالات أو الأفکار التی تبعث على الکآبة وقبولها، وتقلل الانفعال السلبی وتحسن الصحة النفسیة، وهذا یوضح أنه کلما انخفضت الیقظة العقلیة ارتفعت صعوبة التنظیم الانفعالی لدى الفرد.
وبالنظر إلى نتیجة الفرض الثانی بشأن العلاقة الارتباطیة بین أبعاد الیقظة العقلیة وخداع الذات، فقد أشارت النتائج الموضحة فی جدول (4) إى وجود علاقة ارتباطیة دالة إحصائیًّا عند مستوى(0,01) بین أبعاد الیقظة العقلیة والدرجة الکلیة لخداع الذات، ولم تصل معاملات الارتباط إلى مستوى الدلالة الإحصائیة مع بعد الوصف من أبعاد الیقظة العقلیة مع الدرجة الکلیة لخداع الذات. وتتفق هذه النتیجة مع نتائج الدرسات السابقة فی هذا المجال، ومنها نتائج دراسة Soysa &Wilcomb(2015) ، ودراسة Smith, et al.(2017) ، ودراسة (2011) Von Hippel & Tiversالتی أکدت على العلاقة الارتباطیة بین أبعاد الیقظة العقلیة والدرجة الکلیة لخداع الذات.
ویمکن تفسیر هذه النتیجة فی ضوء ما ذکرهLauria, Preissmann, & Clément(2014) من أن عملیة خداع الذات هی عملیة غرضیة قصدیة تعمل على تشویة المعتقدات وجعلها مقبوله لحمایة الذات من مختلف التهدیدات، وبالتالی یتضح من نتائج العدید من الدراسات ارتباط الیقظة العقلیة وخداع الذات بالعدید من المخرجات الإیجابیة على الصحة العقلیة والنفسیة والجسمیة منها الشعور بحسن الحال وتنظیم الذات والرضا عن التفاعلات الاجتماعیة، وتنظیم الانفعالات عند الاستجابة لجمیع المواقف الحیاتیة والتقلیل من رودود الفعل المقلقة، والمیل إلى السماح للأفکار والمشاعر لتأتی وتذهب دون ان تشتت تفکیر الفرد؛ فیلجأ إلى خداع نفسه، ویفقده ترکیزه فی اللحظة الحاضر(Fernbach, et al.,2014؛ Arndt, Hoglund & Fujiwara, 2013؛ Baxter & Norman, 2011).
وجاءت نتیجة الفرض الثالث لتؤکد على العلاقة الموجبة عند مستوى دلالة(0,01) بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات، ویمکن تفسیر معنى الارتباط الموجب بأن ارتفاع أزمنة الرجع على مهمة التدخل یعنی زیادة صعوبات التنظیم الانفعالی تؤدی إلى ارتفاع خداع الذات تبعًا لذلک.
ونظرًا لندرة الدراسات ذات الصلة للعلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات لدى طلاب الجامعة، یمکن تفسیر العلاقة الارتباطیة لصعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات استنادًا إلى الإطار النظری لطبیعة صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات ودینامیة العلاقة بینهما. حیث یؤدی تجنب الانفعالات أو ردود الفعل السلوکیة الحادة والشدیدة بما یتناسب مع متطلبات الموقف ــــــ إلى استخدام الفرد للآلیة وردو الفعل المباشرة للمثیرات، حیث لا تکون هذه الردود موضوعًا للإدراک؛ فیلجأ الفرد إلى ممارسة عملیة خداع الذات لتحقیق هدف نفسی ما(Correia, 2014)؛ بالإضافة إلى تبنی الفرد لبعض الأفکار الخاطئة کما لو کانت صادقة وصحیحة ویتعامل معها، مما تؤدی إلى تغطیة الإدراکات الخاطئة حول ذاته، ونقص فی إدراک العملیات النفسیة الداخلیة للفرد فی تعاملته الاجتماعیة، مما یؤدی ذلک إلى لجوئهم إلى ممارسة عملیة خداع الذات للتکیف مع ظروف ذلک الواقع(Lopez & Fuxjager, 2012؛ Surbey, 2011).
ویمکن تفسیر نتیجة الفرض الرابع والتی أکدت وجود تأثیر غیر مباشر لصعوبات التنظیم الانفعالی عن طریق الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط على خداع الذات فی ضوء ما افترضته البحوث من أن النموذج التوسطی المعرفی ربما یتناسب أکثر فی تفسیر خداع الذات، وکذلک فی ضوء العلاقة الارتباطیة بین خداع الذات والیقظة العقلیة ، ومن ناحیة أخرى فإن الیقظة العقلیة ترتبط بشکل مباشر بخداع الذات یوضح فکرة توسط الیقظة العقلیة.
ومن الملاحظ أن الدراسات التی تناولت علاقة صعوبات التنظیم الانفعالی وخداع الذات رکزت على الخلل فی ضعف التماسک الانفعالی والتحکم فی الدافعیة لدى الفرد، ولم ترکز على الخلل فی الوعی الانفعالی، حیت تسیر نتائج الدراسات إلى أن عملیات صعوبة التنظیم الانفعالی تؤدی إلى ظهور الاستجابات غیر التکیفیة التی تعتمد على عملیة خداع الذات (Rosenstein,2018؛ Lindsay, 2013).
ویمکن تفسیر هذه النتیجة فی ضوء الدور الأساسی الذی یلعبه خداع الذات فی التنظیم الانفعالی، حیث یوضح أن مشاعر الفرد تجعله متحیز فی تفکیریه، ولا یشغله التفکیر فی أراء الآخرین، وبدوره یسهم فی الخلل فی التنظیم الانفعالی، وهذه النتیجة تؤکد أهمیة الیقظة العقلیة کمکون حیوی وفعال فی تخفیف خداع الذات، حیث یرتبط خداع الذات بانخفاض النزعة إلى الیقظة العقلیة، والقدرة الضعیفة على مواصلة الفرد للوعی بالخبرة الحالیة، وهذا ینخفض یرتبط بشکل دال مع عملیة خداع الذات لدى الفرد، ویدعم هذه النتیجة ما أشارت إلیه نتائج بعض الدراسات من أن الیقظة العقلیة تتوسط فی العلاقة بین صعوبات التنظیم الانفعالی ومتغیرات أخری (Roemer, et al., 2009).
ثانی عشر: توصیات الدراسة ومقترحاتها:
فی ضوء ما توصلت إلیه هذه الدراسة من نتائج، توصل الباحث للتوصیات الآتیة:
- ضرورة الاهتمام بتوعیة وتدریب طالبات الجامعة بالأسالیب الصحیحة للتفاعل الاجتماعی، وتدریبهم على الیقظة العقلیة متغیر هام وحیوی وبارز فی الشخصیة یجب التأکد علیه فی البحوث الشخصیة.
- یجب على الأبوین تقدیم الحب والاهتمام والرعایة للأبناء؛ حتى یکونوا أصحاء نفسیًّا ولدیهم ثقة بأنفسهم، ولا یقومون بسلوکیات اندفاعیة خاطئة یترتب علیها عواقب سیئة للفرد نفسه.
- إجراء المزید من البحوث للتحقق من فاعلیة برامج إرشادیة وقائیة علاجیة ترکز على الوعی الکامل بالخبرات التی من شأنها زیادة الیقظة العقلیة لدى طلاب الجامعة، ورفع کفاءتهم فی الأنشطة والسلوکیات وعملیات التعلم لدیهم، ویؤدی إلى زیادة معدلات توافقهم الدراسی والنفسی والاجتماعی.
- إجراء دراسة لتخفیف صعوبات التنظیم الانفعالی لدى طلاب الجامعة باستخدام التدریب على الیقظة العقلیة وأثره على عملیات خداع الذات لدیهم.
المــراجع
أبو زید، أحمد محمد جاد الرب. (2017). فاعلیة التدریب على الیقظة العقلیة کمدخل سلوکی جدلی فی خفض صعوبات التنظیم الانفعالی لدى الطالبات ذوات اضطراب الشخصیة الجدیة وأثره على أعراض هذا الاضطراب. مجلة الإرشاد النفسی، مرکز الإرشاد النفسی، کلیة التربیة، جامعة عین شمس، 51، 1-67.
إسماعیل، هالة خیر سناری.(2017). المرونة النفسیة وعلاقتها بالیقظة العقلیة لدى طلالاب کلیة التربیة (دراسة تنبؤیة). مجلة الإرشاد النفسی، مرکز الإرشاد النفسی،50،288-334.
باظة، آمال عبد السمیع. (2002). اختبار السلبیة فی الشخصیة. القاهرة: مکتبة الانجلو المصریة.
البحیری، عبد الرقیب أحمد؛ الضبع، فتحی عبد الرحمن؛ طلب، أحمد علی؛ والعواملة، عائدة أحمد.(2014). الصورة العربیة لمقیاس العوامل الخمسة للیقظة العقلیة دراسة میدانیة على عینة من طلاب الجامعة فی ضوء أثر متغیری الثقافة والنوع. مجلة الإرشاد النفسی، مرکز الإرشاد النفسی، کلیة التربیة، جامعة عین شمس، 39، 119-166.
بهنام، شوقی یوسف. (2016). قیاس مستوى خداع الذات فی ضوء متغیری (الجنس والتخصص) لدى طلبة کلیة التربیة الحمدانیة- جامعة الموصل. مجلة علم النفس، (109)، السنة التاسعة والعشرون، 77-94.
حمد، کریم حسین.(2010). خداع الذات وعلاقته بالخجل الاجتماعی وقلق الشعور المعرفی لدى طلبة الجامعة. رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة المستنصریة، بغداد.
الضبع، فتحی عبد الرحمن؛ وطلب، أحمد علی. (2013). فاعلیة الیقظة العقلیة فی خفض أعراض الاکتئاب النفسی لدى عینة من طلاب الجامعة. مجلة الإرشاد النفسی، مرکز الإرشاد النفسی، 34، 1-75.
عثمان، محمد سعد.(2010). الخصائص السیکومتریة لمقیاس المرونة الإیجابیة لدى الشباب الجامعی. مجلة کلیة التربیة، جامعة عین شمس، 2(34)، 539-573.
محمود، شرین عبد القادر.(2013). الیقظة العقلیة کمتغیر وسیط للعلاقة بین مظاهر اضطراب الشخصیة الحدیة والتعلق العاطفی. حولیات مرکز البحوث والدراسات النفسیة،الحولیة التاسعة، الرسالة الثامنة، 1-61.
Arndt, J. & Fujiwara, E. (2014). Interactions between Emotion Regulation and Mental Health. Austin Journal Psychiatry BehavSci, 1(5), 1021.
Arndt, J., Hoglund, W., & Fujiwara, E. (2013).Desirable responding mediates the relationship between emotion regulation and anxiety. Personality and Individual Differences, 55, 147–151.
Bachkirova, T. (2016). A new perspective on self-deception for applied purposes. New Ideas in Psychology, 43, 1-9.
Baer, R. (2011). Measuring mindfulness. Contemporary Buddhism: An Interdisciplinary Journal, 12, 241-261.
Baer, R., Carmody, J., & Hunsinger, M. (2012). Weekly change in mindfulness and perceived stress in a mindfulness-based stress reduction program. Journal of Clinical Psychology, 68, 755-765.
Baer, R., Lykins, E., & Peters, J. (2012). Mindfulness and self-compassion as predictors of psychological wellbeing in long-term meditators and demographically matched no meditators. Journal of Positive Psychology, 7, 230-238.
Baer, R., Smith, G., Hopkins, J., Krietemeyer, J., & Toney, L. (2006). Using self-report assessment methods to explore facets of mindfulness. Assessment, 13, 27- 45.
Bandura, A. (2011). Self-deception: a paradox revisited. Behavioral and Brain Sciences, 34, 16–17.
Bardeen, J., Fergus, T., & Orcutt, H. (2012). An examination of the latent structure of the Difficulties in Emotion Regulation Scale. Journal of Psychopathology and Behavioral Assessment, 34, 382-392.
Bardeen, J., Kumpala, M., & Orcutt, H. (2013). Emotion regulation difficulties as a prospective predictor of posttraumatic stress symptoms following a mass shooting. Journal of Anxiety Disorders, 27, 188–196.
Baxter, P., & Norman, G. (2011). Self-assessment or self deception? A lack of association between nursing students’ self assessment and performance. Journal of Advanced Nursing, 67(11), 2406–2413.
Berking, M., &Wupperman, P. (2012). Emotion regulation and mental health: recent findings, current challenges, and future directions. Current Opinion in Psychiatry, 25(2), 128-134.
Black, D., Sussman, S., Johnson, C., & Milam, J. (2012). Trait Mindfulness Helps Shield Decision-Making From Translating Into Health-Risk Behavior. Journal of Adolescent Health, 51(6), 588-592.
Burgess, D., Beach, M. & Saha, S. (2017). Mindfulness practice: A promising approach to reducing the effects of clinician implicit bias on patients. Patient Education and Counseling. 100(2), 372–376.
Campanella, F, Crescentini, C, Urgesi, C & Fabbro, F. (2014).Mindfulness-oriented meditation improves self-related character scales in healthy individuals. Comprehensive Psychiatry, 55(5), 1269–1278.
Cardaciotto, L., Herbert, T., Forman, E., Moitra, E & Farrow, V. (2008). The assessment of present-moment awareness and acceptance: the Philadelphia Mindfulness Scale. Assessment. 15(2), 204-223.
Carmody, J & Baer, R. (2008). Relationships between mindfulness practice and levels of mindfulness, medical and psychological symptoms and well-being in a mindfulness-based stress reduction program. Journal of Behavioral Medicine, 31, 23-33.
Chance, Z., & Norton, M. (2016). The what and why of self-deception. Current Opinion in Psychology, 6, 104-107.
Chance, Z., Gino, F., Norton, M., & Ariely, D. (2015). The slow decay and quick revival of self-deception. Frontiers in Psychology, 6, 1-6.
Chang,J., Huang,C.,& Lin,Y.(2015).Mindfulness, basic psychological needs fulfillment, and well-being. Journal of Happiness studies, 16, 1149-1162.
Cho, Y., & Hong, S. (2013). The new factor structure of the Korean
version of the Difficulties in Emotion Regulation Scale (K-DERS) incorporating method factor. Measurement and Evaluation in Counseling and Development, 46, 192-201
Compare, A., Zabro, C., Shonin, E., Gordon, W. & Marconi, C. (2014). Emotional Regulation and Depression: A Potential Mediator between Heart and Mind. Cardiovascular Psychiatry and Neurology, 1-10.
Correia, V. (2014). From Self-Deception to Self-Control: Emotional Biases and the Virtues of Precommitment. Croatian Journal of Philosophy, 3(42), 309-323.
Correia, V. (2014).From Self-Deception to Self-Control: Emotional Biases and the Virtues of Precommitment. Croatian Journal of Philosophy, 42,309-323.
Davis, S., & Humphrey, N. (2014). Ability versus trait emotional intelligence: Dual influences on adolescent psychological adaptation. Journal of Individual Differences, 35(1), 54-62.
Dicharry, C. (2016). Meditation and Mindfulness: Combating Negative Mindsets and Mental Health Afictions While Promoting Positives such as Confdence and General Well-Being. Doctorate in Educational Psychology, Portland State University.
Donahue, J., Mcclure, K., & Moon, S. (2014). The Relationship Between Emotion Regulation Difficulties and Psychopathic Personality Characteristics. Personality Disorders: Theory, Research, and Treatment, 5(2), 186–194.
Duarte, A., Matos, A., & Marques, C. (2015). Cognitive emotion regulation strategies and depressive symptoms: gender's moderating effect. Social and Behavioral Sciences, 165, 275– 283.
Evans, D., Eisenlohr-Moul, T., Button, D., Baer, R., & Segerstrom, S. (2013). Self-regulatory deficits associated with unpracticed mindfulness strategies for coping with acute pain. Journal of Applied Social Psychology, 44(1), 23-30.
Fernbach, P., Hagmayer, Y., & Sloman, S. (2014) .Effort denial in self-deception. Organizational Behavior and Human Decision Processes, 123, 1-8.
Gratz, K. & Roemer, L. (2004). Multidimensional Assessment of Emotion Regulation and Dysregulation: Development, Factor Structure, and Initial Validation of the Difficulties in Emotion Regulation Scale. Journal of Psychopathology and Behavioral Assessment, 26(1), 41-55.
Greco, L., Baer, R., & Smith, G. (2011). Assessing mindfulness in children and adolescents: Development and validation of the Child and Adolescent Mindfulness Measure (CAMM). Psychological Assessment, 23(3), 606–14.
Gross, J., & Feldman Barrett, L. (2011). Emotion generation and emotion regulation: One or two depends on your point of view. Emotion Review, 3, 8-16.
Gustafsson, H., Davis, P., Skoog, T., Kenttä, G., Haberl, P. (2015) Mindfulness and its Relationship with Perceived Stress, Affect and Burnout in Elite Junior Athletes. Journal of Clinical Sport Psychology, 9(3), 263-281.
Heeren, A., Van Broeck, N., & Philippot, P. (2009). The effects of mindfulness on executive processes and autobiographical memory specificity. Behaviour Research and Therapy, 47, 403–409.
Hill, C., & Updegraff, J. (2012). Mindfulness and its relationship to emotional regulation. Emotion, 12(1), 81-90.
Hofmann, S., Sawyer, A., Fang, A., & Asnaani, A. (2012). Emotion dysregulation model of mood and anxiety disorders. Depression and Anxiety, 29, 409-416.
Howell, A., & Buro, K. (2011). Relations among mindfulness, achievement-related selfregulation, and achievement motivations. Journal of Happiness Studies, 12, 1007-1022.
Jiménez, M., & Ruiz, C. (2014). Evaluation of Self-Deception: Validation of the IAM-40 Inventory. International Journal of Psychology and Psychological Therapy, 14(2), 203-216.
Kang, Y., Gruber, J., & Gray, J. (2013). Mindfulness and De-Automatization. Emotion Review, 5(2), 192–201.
Kim, J., & Cicchetti, D. (2010). Longitudinal pathways linking child maltreatment, emotion regulation, peer relations, and psychopathology. Journal of Child Psychology and Psychiatry, 51(6), 706-716.
Koole, S. L. (2009). The psychology of emotion regulation: An integrative review. Cognition & Emotion, 23(1), 4-41.
Kuo, J., Khoury, J., Metcalfe, R., Fitzpatrick, S. & Goodwill, A. (2015). An examination of the relationship between childhood emotional abuse and borderline personality disorder features: The role of difficulties with emotion regulation. Child Abuse & Neglect, 39, 147-155.
Lauria, F., Preissmann, D., & Clément, F. (2014). Self-deception as affective coping. An empirical perspective on philosophical issues. Consciousness and Cognition, 41, 119–134.
Lauria, F., Preissmann, D., & Clément, F. (2016). Self-deception as affective coping. An empirical perspective on philosophical issues. Consciousness and Cognition, 41, 119–134.
Lindsay, B. (2013). Double Standards in Self-Deception: The
Development of the Self-Other Double Standards
Scale. Master of Science, Eastern Kentucky University.
Lyvers, M., Makin, C., Toms, E., Thorberg, F. A., & Samios, C. (2014). Trait mindfulness in relation to emotional self-regulation and executive function. Mindfulness, 5(6), 619- 625.
Macklem, G.L. (2008). Practitioner's Guide to Emotion regulation in School-Aged Children. New York: Springer.
Mandal, S., Arya, Y., & Pandey, R. (2012). Mental health and mindfulness: Mediational role of positive and negative affect. SIS Journal of Projective Psychology & Mental Health, 19(2), 150-159.
McDermott, M. Tull, M. Gratz, K. Daughters, S. & Lejuez, C. (2009). The role of anxiety sensitivity and difficulties in emotion regulation in posttraumatic stress disorder among crack/cocaine dependent patients in residential substance abuse treatment. Journal of Anxiety Disorders, 23, 591–599.
McLaughlin, K., Hatzenbuehler, M., Mennin, D., & Nolen-Hoeksema, S. (2011). Emotion dysregulation and adolescent psychopathology: a prospective study. Behaviour Research Therapy, 49(9), 544-554.
Mihalca, A., & Tarnavska, Y. (2013). Cognitive Emotion Regulation Strategies and Social Functioning in Adolescents. Procedia- Social and Behavioral Sciences, 82, 574 – 579.
Neumann, A., Van Lier, P., Gratz, K., & Koot, H. (2010). Multidimensional assessment of emotion regulation difficulties in adolescents using the Difficulties in Emotion Regulation Scale. Assessment, 17, 138-149.
O’Toole, M., Jensen, M., Fentz, H., Zachariae, R., & Hougaard, E. (2014). Emotion differentiation and emotion regulation in high and low socially anxious individuals: An experience sampling study. Cognitive Therapy and Research, 38, 428-438.
Perez, J., Venta, A., Garnaat, S., & Sharp, C. (2012). The difficulties in Emotion Regulation Scale: Factor structure and association with nonsuicidal self-injury in adolescent inpatients. Journal of Psychopathology and Behavioral Assessment, 34, 393–404.
Pidgeon, A., & Keye, M. (2014). Relationship between resilience, mindfulness, and psychological well-being in University students. International Journal of Liberal Arts and Social Science, 2(5), 27-32.
Roemer, L., Lee, J. K., Salters-Pedneault, K., Erisman, S. M., Orsillo, S. M., & Mennin, D. S. (2009). Mindfulness and emotion regulation difficulties in generalized anxiety disorder: Preliminary evidence for independent and overlapping contributions. Behavior Therapy, 40, 142–154.
Rosenstein, L., Ellison, W., Walsh, E., Chelminski, I., & Dalrymple, K. (2018). The Role of Emotion Regulation Difficulties in the Connection between Childhood Emotional Abuse and Borderline Personality Features. Personality Disorders, 1, 1-20.
Shapiro, S., Carlson, L., Astin, J., & Freedman, B. (2006). Mechanisms of mindfulness. Journal of Clinical Psychology, 62(3), 373-386.
Smith, M., Trivers, R., & Hippel, W. (2017). Self-deception facilitates interpersonal persuasion. Journal of Economic Psychology, 63, 93-101.
Soysa, C., & Wilcomb, C. (2015).Mindfulness, self –compassion, self-efficacy, and gender as predictors of depression, anxiety, stress, and wellbeing. Mindfulness, 6, 217-225.
Surbey, M. (2011). Adaptive significance of low levels of self-deception and cooperation in depression. Evolution and Human Behavior, 32(1), 29–40.
Surbey, M. K. (2010). Adaptive significance of low levels of self-deception and cooperation in depression. Evolution and Human Behavior, 32, 29-40.
Tan, P., Forbes, E., Dahl, R., Ryan, N., Siegle, G., Ladouceur, C., & Silk, J. (2012). Emotional reactivity and regulation in anxious and nonanxious youth: A cell-phone ecological momentary assessment study. Journal of Child Psychology and Psychiatry, 53, 197-206.
Triandis, H. (2011). Culture and self-deception: A theoretical perspective. Social Behavior and Personality, 39, 3-14.
Triandis, H. (2013). Self-deception: An Introduction. Acta de Investigation Psicológica, 3 (2), 1069 – 1078.
Vahedi, S., Hashemi, C., & Einipour, J. (2013). Investigation of Relationship among Emotional control, Cognitive emotional regulation and Obsessive beliefs in high school girl students of Rasht. Advances in Cognitive Science, 15(2), 63- 71.
Van Hippel, W., & Trivers, R. (2011). The evolution and psychology of self-deception. Behavioral and Brain Sciences, 34(1), 1–56.
Weinstein, N. Brown, K. & Ryan, R. (2009).A multi-method examination of the effects of mindfulness on stress attribution, coping, and emotional wellbeing. Journal of Research in Personality, 43, 374–385.
(1) أ.د. محمد عبد الغنی طلب أستاذ المناهج وطرق التدریس اللغة الإنجلیزیة ـــــ کلیة التربیة ـــــ جامعة المنیا.
(2) أ.د. إبراهیم علی إبراهیم أستاذ الصحة النفسیة ــــ کلیة التربیة ــــ جامعة المنیا.
أ.د.مشیرة عبد الحمید الیوسفی أستاذ الصحة النفسیة ــــ کلیة التربیة ــــ جامعة المنیا.
أ.د. فضل إبراهیم عبد الصمد أستاذ الصحة النفسیة ــــ کلیة التربیة ــــ جامعة المنیا.
(*) أ.د. محمد عبد الغنی طلب أستاذ المناهج وطرق التدریس اللغة الإنجلیزیة ـــــ کلیة التربیة ـــــ جامعة المنیا.
(**)أ.د. إبراهیم علی إبراهیم أستاذ الصحة النفسیة ــــ کلیة التربیة ــــ جامعة المنیا.
أ.د.مشیرة عبد الحمید الیوسفی أستاذ الصحة النفسیة ــــ کلیة التربیة ــــ جامعة المنیا.
أ.د. فضل إبراهیم عبد الصمد أستاذ الصحة النفسیة ــــ کلیة التربیة ــــ جامعة المنیا.