نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
الإدارة العامة للتعليم بمنطقة القصيم
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
کلیة التربیة
کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم
إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)
=========
أخلاقیات مهنة الإدارة التربویة عند المسلمین
( دراسة مکتبیة )
إعــــــــــداد
الدکتور/ حسین بن علی محسن الفریدی
الإدارة العامة للتعلیم بمنطقة القصیم
} المجلد الخامس والثلاثون–العدد الثانی عشر-جزء ثانى-دیسمبر2019م{
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
المستخلص
تناول الباحث فی هذه الدراسة المکتبیة أخلاقیات الإدارة التربویة عند المسلمین لتحدید ما هو أخلاقی وما هو غیر أخلاقی فی عرف المهنة کما استعرض مفهوم أخلاقیات المهنة مع الترکیز على اخلاقیات المهنة فی الإدارة التربویة عند المسلمین . والتعرف على مفهوم و أخلاقیات ومصادر مهنة الإدارة التربویة عند المسلمین , من أجل تحقیق الوعی بأهمیة البعد القیمی الأخلاقی فی مجال التربیة ودعم الارتباط بالمؤسسة والحفاظ على سمعتها وتفعیل دورها ، من خلال ثلاثة مباحث هی مفهوم أخلاقیات مهنة الأدارة التربویة عند المسلمین و أهمیة أخلاقیات مهنة الأدارة التربویة عند المسلمین وخصائص أخلاقیات مهنة الأدارة التربویة عند المسلمین وفلسفة اخلاقیات مهنة الإدارة التربویة عند المسلمین و مصادر أخلاقیات مهنة الإدارة التربویة فی الإسلام . وقد خلصت هذه الدراسة المکتبیة الى عدد من التوصیات من أهمها:
مقدمة :
إن التحلی بالأخلاق الحسنة یعد فضیلة عند کل المجتمعات، وفی مجال العمل والوظیفة , لا یعتمد على مدى التزام العاملین بأخلاقیات العمل بناء على قناعاتهم الشخصیة بل إن التزامهم بالأخلاقیات جزء من متطلبات المهنة، ولأن عدم الالتزام بالأخلاقیات الأساسیة تؤثر على الأداء وبالتالی فلابد من الحرص على تطبیقها . فکلُّ صفةٍ تظهر فی القلب یَظهَر أثرُها على الجوارح، ورسول الله صلى الله علیه وسلم قدوتنا ومعلمنا فی هذا الشأن: ﴿ لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا﴾ سورة الأحزاب . کما إنَّ صَلاح أفعال الإنسان مُرتَبِطٌ بصَلاح أخلاقِه؛ لأنَّ الفرع بأصله؛ فإذا صلَح الأصل صلَح الفرع، وإذا فسَد الأصل فسَد الفرع؛ یقول - تعالى -: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِی خَبُثَ لَا یَخْرُجُ إِلَّا نَکِدًا ﴾ [الأعراف: 58حیث تُمثِّل الأخلاق رکنًا أساسًا فی حیاة الإنسان فردًا وجماعة، وضرورةً إنسانیَّة لازمة لحیاة المجتمعات، وبدونها یُصبِح الإنسان ذئبًا یعدو على أخیه الإنسان، ولا یمکن عندئذٍ إقامة حیاة اجتماعیة سلیمة. وکما عُنِی الإسلام بالأخلاق عُمومًا، فقد عُنِی أیضًا بأخلاق العمل خصوصًا کما سیتبیَّن - إن شاء الله - من خِلال النصوص الشرعیَّة التی ستَرِدُ معنا لاحِقًا.
وفی هذه الدراسة المکتبیة سیتناول الباحث أخلاقیات الإدارة التربویة عند المسلمین ,والتی یجب أن تحیط بمختلف مجالات النشاط العملی للإنسان بحیث تستبعد کل صور الممارسات غیر الأخلاقیة و لتشمل هذه الاخلاقیات کل ما یتعلق بالجوانب التی تبع من ذات المنتمی للعمل فی الإدارة التربویة والتی تؤثر على الأداء وما یتطلبه من الإتقان والإحسان والأمانة والوفاء بالوعد وبالعقود حسث قال تعالى: ( یَاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ )( سورة المائدة:1 ) فالأخلاقیات تنبع من دیننا الإسلامی الحنیف حیث یحث الإسلام على تأدیة الواجبات الوظیفیة وإتقان العمل بکل أمانة وإخلاص، کما یعد العمل الذی یقوم به الموظف أمانة یجب علیه الإتقان والإخلاص فی أدائه قالﷺ : " إن الله U یحب إذا عمل أحدکم عملا أن یتقنه"
مشکلة الدراسة :
ان الأخلاق الإسلامیة نابعة من الدین، وهی جزء منه ولا دین بلا خلق, فأخلاقیات المهنة تتضمن مجموعة من القیم والسلوکیات التی یجب أن یتصف بها الموظف فیما بینه وبین زملائه، وبین الذین یتعامل معهم للحصول على مخرجات إیجابیة، قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَى اللَّهُ عَمَلَکُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ التوبة(105)، وقال صلى الله علیه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مکارم الأخلاق تعد الإدارة التربویة حجر أساس ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ؛ ﻓﻬﻲ ﺘﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼـﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ جمیع العملیات الإداریة والتربویة ، وﻴﻌﺩ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻅﻬـﺭﺕ ﻓـﻲ ﺤﻘـﻭل ﺍﻟﻌﻠـﻭﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻜﺎﻓﺔ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ، ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﺯﺍﻴﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴـﺘﻤﺭ ﻓـﻲ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻌﻠـﻭﻡ، ﻓﺎﻷﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﻤﻥ الرکائز ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ؛ ﻭﺤﺴﻥ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ، ﻻ ﺒﱠﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺴﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺒﺼﻔﺎٍﺕ ﻤﻨﻬﺎ، ﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﻭﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﻨﺔ، ﻷﱠﻥ ﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﻓـﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻡ ﻤﺭﺩﻩ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺯﺍﻤﻬﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ، ﺃﻤﻼ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺸـﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤـﺔ .
وبناءا علیه فإنه من الضروری تحدید ما هو أخلاقی وما هو غیر أخلاقی فی عرف المهنة لکی یلتزم به الجمیع. وسوف یتم فی هذا البحث استعراض مفهوم أخلاقیات المهنة التی یجب أن یتحلى بها الشخص فی أی عمل من الأعمال مع الترکیز على اخلاقیات المهنة فی الإدارة التربویة عند المسلمین .
وذلک بالإجابة على الأسئلة التالیه :
أهداف الدراسة:
یسعى هذا البحث الى الآتی :
أهمیة الدراسة:
تتجلّى أهمیة دراسة موضوع أخلاقیات مهنة الإدارة التربویة فی تعزیز الممارسات الأخلاقیة التی ینبغی أن تنعکس بشکل أکثر إیجابیة على أداء العاملین فی کل مهنة ، ومن أهمها الأدارة و العلاقات التربویة بین مختلف مکوّنات الوسط التربوی من أجل تحقیق الوعی بأهمیة البعد القیمی الأخلاقی فی مجال التربیة ودعم الارتباط بالمؤسسة والحفاظ على سمعتها وتفعیل دورها الإشعاعی، هذا فضلاً عن تنمیة روح التواصل والتعاون والاحترام المتبادل بین العاملین .
حدود الدراسة :
ستقتصر هذه الدراسة المکتبیة على :
مصطلحات الدراسة :
الأخلاقیات :
هی مجموعة القیم المشروعة التی یتحلى بها الشخص المسؤول والتی لها تأثیر واضح على السلوک " ( المزجاجی ، 1415 هـ ، ص ٢١٥ )
" ویعرف الخُلُق بأنه المروءة ، ویقال فلان خُلیق لکذا أی جدیر به ، وتقول للذی قد ألِف شیئاً صار ذلک له خُلُقا أی مرن علیه ، ومن ذلک الخُلُق الحسن" ( ابن منظور ، 1410 هـ ، ص٩١ مجلد ١٠)
المهنة :
هی عملٌ یشغَله العامل بعد أنْ یتلقَّى دراسةً نظریة کافیة وتدریبًا عملیًّا طویلاً فی مراکز علمیَّة أو معاهد وجامعات متخصِّصة، فالمهنة تتطلَّب مجموعةً من المهارات والمعارِف النظریَّة والقواعد التی تُنظِّم العمل بها]، کمهنة الطب والهندسة والتعلیم ( الحیاری ، 1984م، ص9) .
المبحث الأول : مفهوم أخلاقیات مهنة الأدارة التربویة عند المسلمین
ان مفهوم الأخلاق فی الإسلام یرتبط بمفهوم الإیمان نفسه حیث یقول المصطفى علیه الصلاة والسلام الذی هو أکمل الناس إیمانا وأخلاقا حین سئل عن أکثر من یدخل الناس الجنة قال ( تقوى الله وحسن الخلق) لان الأخلاق فی نظر الإسلام عبارة عن مجموعه المبادئ والقواعد المنظمة لسلوک الإنسان التی یحددها الوحی لتنظیم حیاه الإنسان وتحدید علاقته بغیره على نحو تتحقق فیه الغایة من وجوده فی هذا العالم على أکمل وجه
ولقد عرف ) الحیاری ، ١٩٨٤ م ) أخلاقیات المهنة بأنها" المبادئ والمعاییر التی تعتبر أساساً لسلوک أفراد المهنة المستحب ، والتی یتعهد أفراد المهنة بالتزامها ، حتى یتکون هذا السلوک من مجموعة من القواعد التی تبین للأفراد کیف یجب أن یتصرفوا فی الحالات والمواقف التی تعرض لهم دون أن یخالفوا فی ذلک ضمائرهم أو العرف السائد فی مجتمعهم" .
کما یعرف اللوزی أخلاقیات الإدارة بأنها : " التصرفات أو السلوکیات المهنیة الوظیفیة المثالیة الواجب على القائد أن یسلکها فی سبیل أداءه لواجباته بإتقان لتحقیق المصلحة العامة دون التأثیر على کفایة العملیات الإداریة، ویشمل من بین الجوانب الأخرى الکثیرة الإخلاص فی العمل والولاء للدستور والقوانین، واحترام کل ما هو خیر و حق و عدل فی تنظیم أمور العمل" ( اللوزی ،1998، ص28)
وقد تناول الباحثون تعریف أخلاقیات الإدارة من جوانب متعددة مع ترکیزهم على الجوانب الأخلاقیة للمدیر حیث اشار) العثیمین ١٤١٤ هـ ، ص: ٤١،٤٠ ( إن بعض کتاب الإدارة یتناولون تعریفات أخلاقیات الإدارة من زوایا متعددة من أهمها أنها جزء من مفهوم المسؤولیة .وأن المسؤولیة لیست مقتصرة على المدیرین ، بل على جمیع الموظفین من حیث علاقتها بالقیم وتأثیرها على سلوک الموظفین
ویرى الباحث أنه من خلال التعاریف السابقة لمفهوم الاخلاقیات بأنها تتحد فی المعنى بید أنها تختلف فی الألفاظ وتدور حول القیم والمبادئ وسلوک الأفراد ، وهی تتعلق بما هو صحیح وخطأ ، وأن التمسک بها وممارستها یؤدی إلى النجاح. وعلیه فان الأخلاق تعد مرتکزاً أساساً لسعادة الأفراد والمجتمعات وهی منطلق مهم لحیاة الأمم والشعوب. وتبرز أهمیة الأخلاق فی استمرار الحیاة الإنسانیة وتوفیر السعادة لها.
أهمیة أخلاقیات مهنة الأدارة التربویة عند المسلمین
لقد اهتم الإسلام بالجانب الأخلاقی، وحدد قیماً وقواعد أخلاقیة لکل جانب من جوانب الحیاة، واهتم المسلمون بتلک التعالیم الأخلاقیة الإسلامیة، وعملوا على تطبیقها فی کافة جوانب حیاتهم، فکانت من أهم عوامل ازدهار حضارتهم، کما واکب ذلک الاهتمام اهتمام مماثل من جانب المفکرین عامة والتربویین خاصة، فصنفوا العدید من الرسائل والدراسات التی عنیت بأخلاق المعلمین والمتعلمین وآدابهم على السواء، تلک الأخلاق التی تستمد من الإسلام ونظرته الشاملة للإنسان والکون والحیاة ( الفقیه، 2008)
وبما أننا نعیش فی مجتمع إسلامی، فإن الفکر الذی یعکس حیاتنا الثقافیة فی المجال التعلیمی، هو الفکر التربوی الإسلامی بکل أصوله ورکائزه ومحدداته ومقوماته وأسالیبه ؛ ذلک أن الفکر الإسلامی مبنی على هدی القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة، ولکی یحقق الفکر الإسلامی أهدافه، یجب أن یصاحبه تطبیق تربوی، وهذا التطبیق إنما یکون بالتربیة التی تعتمد على منطلقات هذا الفکر ومسلماته ومبادئه وتترجمه إلى واقع حی؛ ولذلک فقد رفع الإسلام من التربیة والتی تعد الإدارة التربویة من أهم رکائزها ویقابل تلک المنزلة المسئولیات الجسام على من یعمل فی الإدارة التربویة
ومن هذا المنطلق فإن الفکر التربوی الإسلامی قد أوجب الالتزام بأخلاق وآداب مثالیة عالیة على کل من ینتمی للتربیة والتعلیم وکل من امتهنها ذلک أن الجانب الخلقی فی شخصیة االمدیر شرط ضروری لنجاحه فی تأثیره على من یعمل معه ، فمن أهم مسئولیاته تجاههم غرس القیم الخلقیة الحسنة فی نفوسهم. فالتلامیذ لا یأخذون العلم والمعلومات فحسب، بل إنهم یقتبسون من أخلاقهم ویتأثرون بسلوکهم . لذلک تبرز أهمیة الاخلاقیات للاعتبارت التالیة :
ومن هذا المنطلق فإن الفکر التربوی الإسلامی قد أوجب الالتزام بأخلاق وآداب مثالیة عالیة على کل من ینتمی للتربیة والتعلیم وکل من امتهنها ذلک أن الجانب الخلقی فی شخصیة االمدیر شرط ضروری لنجاحه فی تأثیره على من یعمل معه ، فمن أهم مسئولیاته غرس القیم الخلقیة الحسنة . فالتلامیذ لا یأخذون العلم والمعلومات فحسب، بل إنهم یقتبسون من أخلاقهم ویتأثرون بسلوکهم .لان التربوی فی حاجة ماسة إلى الصفات الخلقیة الطیبة حتى یؤثر فی وینجح فی مهنته، ، وکذلک تجاه المسئولین وأولیاء الأمور والمجتمع بشکل عام کما تعد الأخلاق أساساً لتقدم الشعوب ورقیها، وهی ضرورة فردیة واجتماعیة، فالأخلاق الحسنة تنمی الإحساس بالواجب وإیقاظ الضمیر .
خصائص أخلاقیات مهنة الأدارة التربویة عند المسلمین
أن المتأمل فی شریعة الإسلام یجد أنها تقوم على أساس من الأخلاق ، ولهذا جاءت بعثة النبی محمد صلى الله علیه وسلم متمة لمکارم الأخلاق یقول صلى الله علیه وسلم " إنما بعثت لا تمم صالح الأخلاق". ( مسند أحمد رقم ٨٩٣٩ ) وجاء الإسلام بنشر مبادئ العدل والحق بین الناس. وتتمیز الأخلاق الإسلامیة بخصائص انفردت بها عن غیرها ؛ مما یجعلها صالحة لکل زمان ومکان ولکل الأفراد ومن أهم هذه الخصائص ما یلی :
ربانیة المصدر:
أی أن مصدرها من الله سبحانه وتعالى، وهذا یعنى أنها ملائمة تماما للإنسان ؛لأنها من وضع حکیم علیم ( أَلَا یَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ ) (الملک : أیة 14) .وعلى ذلک ینظر الإنسان إلى هذه الأوامر الأخلاقیة التی أمر الله بها فیعظمها وینفذها طلباً لرضا الله سبحانه وتعالى
واقعیة التطبیق:
من خصائص الأخلاق الإسلامیة أنها أخلاق واقعیة تخاطب بشراً یمشون على الأرض ، لهم مطامع وآمال ، ولهم مصالح وحاجات.
تتسم بالشمول والعموم:
ومن خصائص الأخلاق الإسلامیة أنها أخلاق شاملة مستوعبة لم تدع جانباً من جوانب الحیاة الإنسانیة ؛ روحیة أو جسمیة ، دینیة أو دنیویة ، عقلیة أو عاطفیة ، فردیة أو جماعیة إلا رسمت له المنهج الأمثل للسلوک الرفیع .
تهتم بالنیة :
جعل الإسلام للنیة الجانب الأکبر فی تقویم العمل الأخلاق ، ولذلک یتقبل الله من الإنسان عمله ما دام قد أخلص النیة فیه حتى ولو لم یتحقق له فی الظاهر ما کان یسعى إلى تحقیقه فعلاً.
تتسم بالایجابیة :
الأخلاق الإسلامیة لا ترضى من المتحلی بها مسایرة الرکب ، أو العجز والاستسلام للأحداث ؛ إنما تحث على القوة والکفاح ، ومواصلة السعی فی ثقةٍ وأمل ، وتقاوم العجز والیأس والکسل ، وکل أسباب الضعف.
تتسم بالتوازن:
من خصائص الأخلاق الإسلامیة ، التوازن الذی یجمع بین الشیء ومقابله فی تناسق بلا غلو ولا تفریط. من ذلک التوازن بین حق الجسم وحق الروح، والتوازن بین الدنیا والآخرة. ( نصار ، 1425 هـ ،ص: ٤٣،٤١،٣٩،٣٧
المبحث الثانی : فلسفة اخلاقیات مهنة الإدارة التربویة عند المسلمین :
لقد شغل موضوع الأخلاق الکثیر من الفلاسفة الیونان والغربیین وقدماء المصریین والصینیین. وتبعهم العلماء والمفکرین المسلمین الذین تأثروا بالفکر الیونانی. ویلاحظ غزارة فی الفکر الأخلاقی المتعلق بالقیم الدینیة والاجتماعیة. ولکن لا زالت بعض المواضیع الأخلاقیة بحاجة إلى المزید من الدراسة مثل أخلاقیات القرارات الإداریة ,أخلاقیات المهنة بشکل خاص. ومنذ بدایة الثمانینات من القرن الماضی بدأت موجة فکریة ترکز على الجانب الأخلاقی للعمل, وبدأت التشریعات تحدد النمط الأخلاقی للسلوک الوظیفی. وتکاد لا تخلو تشریعات العمل من الإشارة بوضوح إلى واجبات الموظف وضرورة الالتزام فیها وإتقان العمل وعم استغلاله لمنافع شخصیة.
وکان ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺍالمسلمون ﺒﺎﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺴﺒﻘﻭﺍ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻜﺎﻨﻭﺍ ﺃﻭل ﻤﻥ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ علیها تقوم المهنیة ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﻴﻥ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻤﻬﻨﺘﻬﻡ ﻭکانت الإدارة التربویة والتربیة والتعلیم بشکل عام تعد من أکثر المجالات ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺜﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻑ ﺤﻭل ﺃﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻥ ( عبد الرحیم , 1993. ص 177 )
وتتضح مکانة الأخلاق فی الإسلام من خلال کثرة النصوص الواردة فیها فی الکتاب والسنة التی تحث على الفضائل الخلقیة صراحةً ، مع وجود الآیات الکریمة التی تعرضت للأخلاق فی ثنایا القصص القرآنیة ، والأحکام الشرعیة. مثل قوله تعالى فی قصة موسى علیه السلام ) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَا أَنزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ( القصص ) وهو خلق الإحسان إلى الناس بلا مقابل مادی. وقوله سبحانه فی قصة یوسف علیه السلام ( قَالَ لاَ تَثْرَیبَ عَلَیْکُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللّهُ لَکُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ ) (یوسف: 92) وهو خلق العفو ، وغیرها الکثیر من الآیات.کما وفی السنة الشریفة العدید من الاحادیث النبویة التی تدعو الى الفضائل الخلقیة .
بالإضافة الى ما سبق ,فان أهمیة الأخلاق تتجلى من خلال المنزلة التی جعلت لها فی میزان الدین الإسلامی :حیث مدِح بها النبی فی قوله سبحانه ( وَإِنَّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِیمٍ ) وأمر بها المؤمنون فی القرآن الکریم أمراً ملزماً لا مخیَّراً أو مستحباً ، فالأخلاق الحسنة مأمورٌ بها ، والأخلاق السیئة منهیٌّ عنها ، وأمثلة ذلک کثیرة ، منها قوله تعالى ( إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُکُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَکَمْتُم بَیْنَ النَّاسِ أَن تَحْکُمُواْ بِالْعَدْلِ( النساء ) وجعل النبی أعلى درجة فی الجنة لمن حسُن خلقه ، وبیَّن أن رسالته جاءت لتکمِّل مکارم الأخلاق ، فقال " إنما بعثت لأتمم مکارم الأخلاق" وهذا تأکید على مکانة الأخلاق فی رسالة الإسلام. وبیَّن أن أکمل المؤمنین إیماناً أحسنهم خلُقاً کما ﺃﻥ ﺃﻭل ﺍﻟﻤﺅﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺕ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﻤﻬﻨﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻜﺎﻥ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﻷﺒﻲ ﺤﻨﻴﻔﺔ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ ( ت 150هـ ) ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ " ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ والمتعلم "
کما أن هناک سلسلة من المؤلفات منها
"إن مسؤولیة مدیر المدرسة لم تعد مجرد حفظ النظام فی المدرسة ، والإشراف على عملیة التلقین فیها ، ومخاطبة الجهات الرسمیة التی یتبعها ، بل أصبحت هذه المسؤولیات تتعدى المسائل الإداریة ...،وأن یکون مدیر المدرسة مطبقا لمعاییر أخلاقیة عالیة فی سلوکه التربوی " ( السعود 1996 م ، ص: ٣٠٢ ) . والالتزام الأخلاقی لمدیر المدرسة یعد عاملا مهما فی تحقیق أهداف العملیة التربویة ، حیث ینظر إلیه بأنه قدوة لجمیع العاملین معه ، فی الالتزام بأخلاقیات العمل لما لها من أهمیة فی تحقیق الأهداف التربویة .
ویؤکد الباحث على أن فلسفة أخلاقیات المهمة عند المسلمین تتمیز فی کونها شمولیة هادفة تدعو إلى تفعیل السلوک الإداری قبل التوظیف وبعده وتنمیة الإحساس لدى الموظف بأهمیة الالتزام بالشعائر الدینیة التی تسهم فی تهذیب السلوک وتزکیته، وکذا ضرورة إیقاظ الضمیر الدینی الذی یوجه الخطوات ویسدد التصرفات إلى حد ما، هذا فضلا عن التأکید على أهمیة الإحساس بالمسؤولیة الذی یعتبر الأساس وقطب الرحى الذی یبنى علیه مفهوم تخلیق الإدارة. ذلک لأن مسؤولیات العمل فی الإدارة التربویة قد زادت عن السابق فلم یعد مدیر المدرسة او مدیر المکتب التعلیمی او إدارة التعلیم فی الاشراف فقط على سیر العمل التربوی فحسب بل یتعدى ذلک إلى توفیر بیئة تربویة تسودها المحبة والعلاقات الإنسانیة الحسنة .
أهمیة الأخلاقیات فی مهنة الإدارة التربویة عند المسلمین .
تمثل الأخلاق الحسنة أهمیة بالغة فی النهوض والارتقاء بالعمل التربوی سیما وأن مدیر المدرسة یمثل القدوة للمجتمع المدرسی إضافة إلى ذلک أهمیة دور المدرسة باعتبارها مؤسسة تربویة لأجیال المستقبل ، وإذا کانت الأخلاق المهنیة ضروریة لکل فرد یعمل فی مهنة فإنها أکثر ضرورة للشخص الذی یعمل فی إدارة المدرسة ، وذلک ینبع من حقیقتین :
١- خطورة المهنة ذاتها التی تهدف إلى صیاغة الشخصیة الإنسانیة
٢- أهمیة الدور الذی تؤدیه المدرسة .
" والمدرسة بوصفها مؤسسة تعلیمیة تقوم بواجبها ، یجب أن تقود المجتمع إلى نحو التقدم والقیادات التربویة تحتاج إلى المهارات ( الذاتیة -الفنیة الإنسانیة – الإدراکیة ). " ( السعود ، ١٩٩٦ م ، ص ٣٠٥ )
کما تحدد العقیدة الإسلامیة التی ینشأ علیها الفرد المسلم سلوکه فی علاقته معخالقه عز وجل وفی جمیع شؤون حیاته، لأن الفرد المسلم فی حیاته العامة أوالخاصة یسعى إلى تحقیق هدف أسمى وهو مرضاة الله عز وجل قال تعالى: ) قُلْ إِنَّ صَلاَتِی وَنُسُکِی وَمَحْیَایَ وَمَمَاتِی لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ( (الأنعام :162) . وبالتالی فإن العقیدة الإسلامیة التی ینشأ علیها الموظف المسلم تحدد سلوکه الأخلاقی فی موقعه التنظیمی الإداری أو الاجتماعی وتتعامل مع هذا السلوک بمعیار واحد ألا وهو الالتزام بالإطار الخلقی المنبثق عن عقیدته.
" أن الجانب التعبدی والمتمثل فی مخافة الله عز وجل فی الإدارة فی الإسلام یملی على الشخص المسؤول - المدیر المسلم - طابعاً ممیزاً من السلوک الإداری فی کل تصرفاته الکبیرة والصغیرة، فما وقر فی القلب یصدقه العمل ، وبهذا یکون المسلم عابداً عاملاً" ( المزجاجی ، 1994م ، ص ٢٥٦)
مبادئ أخلاقیات مهنة الإدارة التربویة .
فی ضوء الاهتمام بالبعد الأخلاقی لمهنة الإدارة التربویة یمکن إبراز المنطلقات الأخلاقیة الآتیة ومنها کما ذکر (الطویل ، ٢٠٠١ م ، ص ٢٤،٢٥ )
" أن الجانب التعبدی والمتمثل فی مخافة الله عز وجل فی الإدارة فی الإسلام یملی على الشخص المسؤول - المدیر المسلم - طابعاً ممیزاً من السلوک الإداری فی کل تصرفاته الکبیرة والصغیرة، فما وقر فی القلب یصدقه العمل ، وبهذا یکون المسلم عابداً عاملاً" ( المزجاجی ، 1994م ، ص ٢٥٦)
ویؤکد الباحث أن العقیدة الإسلامیة هی المرتکز التی یبنی علیها الفرد المسلم سلوکه فی علاقته مع الخالق سبحانه وتعالى وفی جمیع شؤون حیاته، وأن تحقیق الأهداف التی یسعى إلیها الموظف المسلم مرتبطة بمدى التزامه بالإطار الخلقی المستمد من عقیدته الإسلامیة لأن الفرد المسلم فی حیاته العامة أو الخاصة یسعى إلى تحقیق هدف أسمى وهو مرضاة الله عز وجل قال تعالى: ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِی وَنُسُکِی وَمَحْیَایَ وَمَمَاتِی لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ ) (الأنعام :162) . وبالتالی فإن العقیدة الإسلامیة التی ینشأ علیها الموظف المسلم تحدد سلوکه الأخلاقی فی موقعه التنظیمی الإداری أو الاجتماعی وتتعامل مع هذا السلوک بمعیار واحد ألا وهو الالتزام بالإطار الخلقی المنبثق عن عقیدته.
العوامل التی تؤثر على أخلاقیات مهنة الإدارة التربویة عند المسلمین :
" هناک العدید من العوامل والمتغیرات – التی یصعب حصرها – فی تأثیر وتکوین هذه الأخلاقیات لدى الفرد , ولعل من أهم العوامل المؤثرة التی تساعد فی تکوین الاتجاهات محو سلوک معین " ( یاغی , 1995م) ویمکن عرضها کالتالی :
1- البیئة الاجتماعیة :
یمکن تعریف البیئة الاجتماعیة بأنها البیئة التی تجمع بین المنزل والحی والعمل والمجتمع الذی یعیش فیه الفرد , وما یسودها من تقالید وعادات ومعتقدات وأحوال اقتصادیة واجتماعیة وسیاسیة , والتی تساهم مساهمة کبیر فی تشکیل سلوک الفرد وتکوین اتجاهاته , إذ تنمو هذه الاتجاهات والممارسات السلوکیة وتتطور بتطور مراحل النمو التی یمر بها الفرد
2- البیئة الاقتصادیة :
تلعب الأوضاع الاقتصادیة فی المجتمع الذی یعیش فیه الموظف – من غنى وفقر وارتفاع مستوى المعیشة مقابل تدنی مستوى الرواتب والأجور – دورا کبیرا فی تکوین أخلاقیات الوظیفة من مبادئ واتجاهات وسلوک .کما أنها تؤدی إلى نشوء طبقات اقتصادیة متعددة داخل المجتمع الواحد الأمر الذی یؤدی بأن تعتنق کل جماعة مجموعة من المبادئ والاتجاهات حول الجماعة الأخرى ونوع السلوک الذی یجب اتخاذه حیال کل طبقة .
3- البیئة السیاسیة :
لا شک فی أن البیئة السیاسیة التی یعیش الموظف العام فی ظلها تعلب دورا مهما فی تکوین اتجاهاته وأنماط سلوکیاته . إذ أن نمط سلوکه – أخلاقیا أو لا أخلاقیا – یتأثر بدون شک بطبیعة وخصائص تلک البیئة السیاسیة السائدة ومدى فعالیة الرقابة على أنماط السلوک الإداری للموظف العام بحیث تحفز السلوک الإداری الأخلاقی وتردع او تعاقب السلوک الإداری اللا أخلاقی.
وقد ذکر زکی غوشة بأن " نرى انه من الضروری أن تتضمن أنظمة الخدمة المدنیة الإشارة إلى البدائل الموجودة فی الإجراءات والعقوبات المسلکیة فی أثناء مراحل خدمته وان تطبع فی ( دلیل الموظف ) لکی یعلم الموظف ماله من حقوق وما علیه من واجبات , ولا شک أن بإمکان الموظف الذی یطلع على مزایا السلوک الایجابی والانضباطیة فی العمل , وحسن المعاملة من قبل الموظف لزملائه ولأفراد الجمهور , وعلى النتائج السلبیة التی تنعکس علیه عند ارتکابه المخالفات أو تقصیره فی العمل , أن یختار بلا شک النزوع إلى الخیر والفضیلة ویتجنب ارتکاب المخالفات التی تؤدی به إلى العقوبة والعاقبة الوخیمة. ( یاغی , 1995م , ص166 )
المبحث الثالث : مصادر أخلاقیات مهنة الإدارة التربویة فی الإسلام .
المصدر الدینی
یُمثِّل هذا المصدر أهم مصادر أخلاقیات المهنة؛ إذ أنه یوفِّر لأخلاقیات المهنة خلق الرقابة الذاتیة فی الفرد؛ فالمهنی یمکن أن یتهرب من الرقابة السیاسیة، أو الاجتماعیة، أو القانونیة لکنه لا یستطیع أبدًا أن یتهرب من رقابة الله سبحانه وتعالى ویشتمل هذا المصدر على المبادئ والتنظیمات التی تحقق سعادة الإنسان والمجتمع فی کل المجالات، وعلى القواعد العامة الصالحة لهدایة الناس، وتنظیم حیاتهم فی کل زمان ومکان، ویشتمل أیضًا على القوانین الوضعیة، وهی الأوامر والنواهی التی وضعها البشر أنفسهم، لتنظیم حیاتهم بالمحافظة على حقوق الناس، وتحدید واجباتهم لنشر العدالة والمساواة بینهم، لذلک تعَد التشریعات والقوانین والأنظمة المعمول بها مصدرًا من المصادر الأخلاقیة، ویُقصد بالتشریعات دستور الدولة والقوانین کافة المنبثقة عنه، ونظام الخدمة المدنیة، واللوائح والتعلیمات الأخرى على أنواعها المختلفة التی تحتوی على أخلاقیاتٍ کثیرة، من حیث الانضباط بالوقت، والتقید به والاحترام، والابتعاد عن المحسوبیة، وتقدیم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، وعدم إفشاء أسرار العمل، وعدم قبول الرشوة (البشری، 2006 ،ص29 )
کما تُعد الأدیان السماویة من أهم مصادر الأخلاق للإنسان حیث یستمد منها تصرفاته وتکون له منهاجاً فی حیاته ، وفی الشریعة الإسلامیة والتی تتمیز بالشمولیة حیث تحوى مبادئها کل ما یتعلق بصلاح الإنسان فی حیاته وآخرته یقول سبحانه وتعالى ( ما فرطنا فی الکتاب من شیء ) (سورة الأنعام : ٣٨)
ویقول الکیلانی" یتمیز المصدر الإسلامی من بین المصادر الإنسانیة کلها فی أنه یمد بقواعد أخلاقیة ونماذج سلوک محددة تشمل میادین السلوک عامة ، فالقرآن الکریم والسنة الشریفة یحتویان على تفاصیل سلوکیة وقواعد محددة ترشد إلى الصالح وتحد من السیئ فی جمیع میادین الحیاة. فالقرآن الکریم یربط الحیاة بالأخلاق ، والإداری یستمد مبادئ أخلاقة وسلوکه فی حیاته من مصدرین أساسیین هما القرآن الکریم ، والسنة النبویة المطهرة. وأخرى فرعیة ، ویمکن تقسیمها کالأتی :
القرآن الکریم:
یعتبر القرآن الکریم خاتم الکتب السماویة أنزله الله عز وجل على نبیه محمد صلى الله علیه وسلم، فهو دستور للحیاة ومعجزة الله الخالدة على مر العصور وقد وردت آیات کثرة فی الحث على مکارم الأخلاق حیث یقول تعالى : ( فبمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ ) (آل عمران :159) حیث یخاطب الله سبحانه وتعالى رسوله ممتنا علیه وعلى المؤمنین فیما ألان له قلبه على أمته المتبعین لأمره ( فبما رحمة من الله لنت لهم ) أی : أی شی جعلک لینا ، (لولا رحمة الله بک وبهم ... ( ولو کنت لهم فظا غلیظ القلب لانفضوا من حولک والفظ : الغلیظ والمراد به ههنا غلیظ الکلام لقوله بعد ذلک " غلیظ القلب " أی لو کنت سیء الکلام ، قاسی القلب علیهم لانفضوا من حولک وترکوک ولکن الله جمعهم علیک وألان جانبک لهم تألیفا لقلوبهم
وقد أمر الله تعالى بالقران الکریم بالشورى والعمل بها حیث قال تعالى " فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فی الأمر " ولذلک کان الرسول صلى الله علیه وسلم یشاور أصحابه فی الأمر إذا حدث ، تطییبا لقلوبهم ؛ لیکون أنشط لهم فیما یفعلونه .وقال تعالى " فإذا عزمت فتوکل على الله " أی إذا شاورتهم فی الأمر وعزمت علیه فتوکل على الله . وتشیر الآیة السابقة إلى معالم وأسس مهمة للإداری فی أخلاقیات العمل الإداری والحث على الالتزام بها عند تعامله مع الآخرین کما وتحدد هذه الآیة معالم السلوک الإنسانی والإداری للمسلمین من خلال توجیه العنایة إلى العدید من الأسس الإنسانیة والإداریة والتی تتمثل فیما یلی:
الرقة واللین فی المعاملة – العفو عند المقدرة – المشاورة فی الأمر –والتوکل على الله عند اتخاذ القرارات " ( نشوان و آخر ، 2004م ، ص ٨٩ )
قال تعالى: ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِینَ ) ( الأعراف: آیة١٩٩ ) وقوله تعالى ( خذ العفو ) لما عدد الله ما عدده من أحوال المشرکین وتسفیه رأیهم وضلال سعیهم : أمر رسوله صلى الله علیه وسلم بأن یأخذ العفو من أخلاقهم ، یقال أخذت حقی عفوا : أی سهلا ، وهذا نوع من التیسیر الذی کان یأمر به رسول الله صلى الله علیه وسلم .. ٠ ( وأمر بالعرف ) أی بالمعروف والعرف والمعروف والعارفة : کل خصلة حسنة ترتضیها العقول وتطمئن إلیها النفوس .( وأعرض عن الجاهلین ) أی إذا أقمت الحجة فی أمرهم بالمعروف فلم یفعلوا ، فأعرض عنهم ولا تمارهم ولا تسفههم مکافأة لما یصدر منهم من المراء والسفاهة . ( الشوکانی ، ١٤١٥هـ ، ص ٣٥٥ )
الأصول التی تضمنتها الآیة :
ضمنت الآیة الکریمة ، وهی قوله تعالى ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلین ) ثلاثة أصول عظیمة جامعة لمقام الدین ، وقواعد الشریعة فی المأمورات والمنهیات .
الأصل الأول : یتناول جانب الرفق واللین ورفع الحرج فی الأخذ والإعطاء ،
وهو المراد من قوله تعالى - : ( خذ العفو )
الأصل الثانی : یتناول جمیع المأمورات والمنهیات ، وهو المراد من قوله سبحانه : ( وأمر بالعرف ).
الأصل الثالث : یتناول جانب الصفح والصبر والاحتمال ، وهو المراد من قوله
تعالى : ( وأعرض عن الجاهلین ) ( الشثری ، ١٤٢٢هـ ، ص : ٢٠ )
السنة النبویة الشریفة :
تعد السنة النبویة مصدرا أساسیا من مصادر الشریعة فی الإسلام بعد القرآن الکریم ، وهی تعنی قول أو فعل أو تقریر الرسول - صلى الله علیه وسلم – وقد وصف الله سبحانه وتعالى قول النبی - صلى الله علیه وسلم – بقوله تعالى : ( وَمَا یَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحَى ) (النجم : 3-4) ویبین النبی - صلى الله علیه وسلم - منزلة الأخلاق فی الإسلام بقوله : " إنما بعثت لأتمم مکارم الأخلاق " (مسند الإمام أحمد م ٢، ص: ٣٨١ رقم ٨٩٣٩) ویقول ابن عباس_ رضی الله عنه _ وکثیر من التابعین إلى أن الدین هو الخلق العظیم ، وذلک فی تفسیر قوله تعالى: (وَإِنَّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِیمٍ ) (القلم : آیة 4 ) حیث قال ابن عباس _ رضی الله عنه: أی وإنک على دین عظیم ، وهو الإسلام . ( تفسیر ابن کثیر ص ٥١٧ )
المصدر السیاسی
ویقصد به نمط النظام السیاسی الذی یُسیِّر المجتمع، وانعکاس توجهات هذا النظام على أخلاقیات الأفراد؛ فإذا کان النظام السیاسی یؤمن بالتعددیة، والمشارکة، والحوار، واحترام الرأی الآخر؛ فإنه سوف یتأثر إیجابیًا فی قیم الأفراد وقناعاتهم المهنیة، وإذا کان النظام السیاسی دکتاتوریًا فاسدًا لا یتورع عن النهب، ویشجع القیم البالیة؛ فإن تأثیره سیکون سلبیًا فی توجهات الأفراد فی کل مؤسسة .(بنی خالد، 2007 ، ص 32)
وحین یقوم المهنی بأداء واجباته فی ظل أوضاع سیاسةٍ قائمة؛ فإن سلوکه یتأثر بطبیعة هذه الأوضاع وخصائصها؛ فالنظام السیاسی الذی یتخذ من الصالح العام غایة له، یتعین علیه الإیمان بالحریة، والشفافیة، والدیمقراطیة، والمساءلة، ومن هنا فإن النظام یؤدی إلى ازدهار الأخلاق المهنیة، أما النظام السیاسی الذی یفتقر إلى الرقابة القضائیة، والإداریة، والشعبیة، ویمیل نحو الاستبداد والظلم؛ فیؤدی إلى تغذیة السلوک اللا خلقی على مستوى الأفراد بعامة، ومستوى أفراد المهنة بخاصة. (الحورانی، 2005 ، ص.)
المصدر الاجتماعی
إن لکل مجتمع ثقافته الخاصة به، التی تنظم حرکته، وُتحدد قیمه ومعتقداته وعلاقاته، وولاء وانتماء أفراده، ومن المعروف أن أهم ما یُکوِّن ثقافة المجتمع الجوانب الاجتماعیة المتمثلة فی القیم، والمعتقدات، والعادات، ونمط العیش، وممارسات الحیاة الاجتماعیة. وقد یحمل المهنیون إلى أی مؤسسةٍ یعملون فیها عادات المجتمع الأکبر الذی یعیشون فیه، وتقالیده وأعرافه، سواءً کانت هذه العادات والتقالید أمراضًا اجتماعیة ، أم قیما وتقالید إیجابیة؛ فالمجتمع الذی یتمسک أفراده بمصالحهم الضیقة؛ فإن ذلک یؤثِّر فی السلوک المهنی؛ فینقل هذه الأنماط من السلوک إلى مؤسسة العمل (الحورانی، 2005 ، ص39)
المصدر الاقتصادی
تتحکم الظروف الاقتصادیة السائدة فی المجتمع، فی جمیع أفراده ومن بینهم المهنیون والإداریون؛ إذ أن الظروف الاقتصادیة الصعبة، تدفع بأفراد المجتمع غالبًا إلى أنماطٍ من السلوک بعیدًة عن المعاییر الخلقیة (الحورانی، 2005 ، ص 40)
فإذا کان الشخص یعیش فی وضع اقتصادی مریح، ویمکنه العیش بکرامة مع أفراد أسرته؛ فإنه من السهل أن تتوقع منه أخلاقیاتٍ رفیعة والتزامًا أکیدا، أما إذا کان وضعه الاقتصادی لا یمکنه من الوفاء بالتزاماته المتعددة تجاه أسرته ومجتمعه؛ فیتوقع منه الانحراف ، والغش، والارتشاء، واستغلال الوظیفة، ولعل أهمیة البعد الاقتصادی قد تتضاعف بشکل کبیر فی الوقت الحاضر، إذ تطرح التکنولوجیا فی کل یوم الکثیر من المغریات، وإذ تسود النزعة الاستهلاکیة بین الناس (بنی خالد، 2007 ، ص 32)
مصادر أخرى :
الأسرة:
إن الأسرة التی تربی أبناءها على المبادئ والمثل الدینیة والاجتماعیة یظل أفرادها متمسکین بتلک المبادئ فی بیئة عملهم وعند تعاملهم مع الآخرین .
المؤسسات التعلیمیة :
بإمکان تلک المؤسسات التعلیمیة المشارکة بدور مهم فی إعداد طلبتها لدخول المجال الوظیفی عن طریق توجیههم وتوعیتهم ببعض القضایا فی الدین والأخلاق .
المجتمع :
تسود المجتمع قیم اجتماعیة أو فکریة ، تنتقل تلک القیم إلى المؤسسات الإداریة ,والتربویة عن طریق الأفراد الذین یعملون بها لانهم یتأثرون ویؤثرون فی المجتمع و قیمه ومُثله .
القیادة :
تصنع القیادة الإداریة التربویة قدوة حسنة عندما تشعر کل موظف بأنه عضو فی الجماعة وفی امتثالها للمثل العلیا فی الإدارة والعدل والمساواة ووضع الفرص أمام الجمیع .
الخاتمة والتوصیات :
إن الموظف بشکل عام والمنتمی للإدارة التربویة بشکل خاص یجب أن یدرک بأنه فرد یقوم بعمل لصالح المجتمع المسلم ورعایة مصالحة ، والمصلحة الأولى للمجتمع الإسلامی هی الالتزام بالحکم الشرعی الذی شرعه الله سبحانه وتعالى والتأکد من تنفیذ هذا وذلک امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: ( کُنْتُمْ خَیْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ ) ( سورة آل عمران: الآیة ١١٠) کما إن طبیعة العلاقات بین الموظف العام والدولة هی علاقة تعاقدیة قد رضی بأعباءها ویقولالله سبحانه وتعالى: " ( یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) (سورة المائدة : الآیة 1). لذا یجب علیه أن یؤدی العمل بأقصى الامکانات المتوفرة لدیه وفاء بهذا العقد. کما یجب أن یکون الأداء مستوفیا لجمیع الشروط الفنیة استناداً لقوله سبحانه وتعالى :( وَأَوْفُواْ الْکَیْلَ وَالْمِیزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُکَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ کَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ( ( سورة هود ، الآیة ٨٥ ) کما یجب أن یکون أمیناً فی أدائه لوظیفته ، وأن یترفع عن کل ما ینتقص من کیانه کخادم للأمة ، فوظیفته التی یشغلها لیست ملکاً له ، بل هی تکلیف لا تشریف . وبناء علیه یجب ألا یستخدمها لتحقیق مصالح خاصة سواء له أم لأقاربه أم لمعارفه ، لأن فی ذلک استغلالا لها ، والاستغلال خیانة . ویحذرنا الله سبحانه وتعالى من الخیانة فیقول : ( یَا أَیّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّه وَالرَّسُول وَتَخُونُوا أَمَانَاتکُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (سورة الانفال : الآیة ٢٧)
ولقد أولت وزارة التعلیم اهتماما کبیرا بأخلاقیات المهنة لمنسوبی التعلیم بشکل عام حیث أصدرت کتاب اخلاقیات مهنة التعلیم وهو یشمل منسوبی التربیة والتعلیم و أن المعلم یعنی : المعلم والمعلمة والقائمون والقائمات على العملیة التربویة من مشرفین ومشرفات ومدیرین ومدیرات ومرشدین ومرشدات ونحوهم , کما یتضح أن مدیر المدرسة أحد المعنین بالالتزام بمیثاق مهنة التعلیم و السجایا الحمیدة والسلوکیات الفاضلة التی یتعین أن یتحلى بها العاملون فی حقل التعلیم العام فکراً وسلوکاً أمام الله ثم أمام ولاة الأمر وأمام أنفسهم والآخرین ، ویترتب علیهم واجبات أخلاقیة وان التعلیم رسالة تستمد أخلاقیاتها من هدی شریعتنا ومبادیء حضارتنا ، وتوجب على القائمین بها أداء حق الانتماء إلیها إخلاصاً فی العمل ، وصدقاً مع النفس والناس ، وعطاءً مستمراً لنشر العلم وفضائله . کما یجب ان تبذل القیادات التربویة المزید من الجهود لابراز أهمیة أخلاقیات المهنة فی العمل التربوی من خلال الاتی :
المصادر المراجع
المصادر المراجع