نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلفون
1 جامعة الملك سعود
2 قسم التربية الخاصة، كلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض.
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
مركز أ . د . احمد المنشاوى
للنشر العلمى والتميز البحثى
مجلة كلية التربية
=======
واقــع تطبيــق الاستجابــة للتدخـــل مــع الأطفال المعرضيــن لصعوبــات التعلــم مــن تجــارب معلمــات ريــاض الأطفــال: دراســـة نوعيـــة
إعــــــــــــــــــــــداد
أ/ أبرار السلمان د/ إبراهيم الحنو
باحثة دكتوراه بجامعة الملك سعود أستاذ مشارك بقسم التربية الخاصة
ab220sa@gmail.com ialhano@ksu.edu.sa
}المجلد الأربعون– العدد الثانى عشر– ديسمبر 2024م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
الملخص
هدفت الدراسة الحالية إلى معرفة واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال. وقد شملت الدراسة تسعة من معلمات رياض الأطفال في ثمانٍ من الروضات الحكومية والأهلية التابعة لوزارة التعليم. ولتحقيق أهداف الدراسة تم استخدام أحد تصاميم البحث النوعي المتمثل في منهج تحليل المفاهيم النوعي الانعكاسي، وتم جمع البيانات باستخدام أداة المقابلة الفردية شبه المنظمة لجمع المعلومات ذات العلاقة بهدف الدراسة. بناءً على هذه الإجراءات أظهرت نتائج الدراسة تطبيق بعض الممارسات التي تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل والمتمثلة في تفعيل الاستراتيجيات الحديثة، والتعرف على الطفل المُعرض لصعوبات التعلم، ومتابعة التقدم ومراقبته. كما أكدت الدراسة وجود عدد من العوامل التي تعيق تطبيق الاستجابة للتدخل كضعف الوعي، ومعوقات إدارية ومادية، وكذلك التوصل إلى عوامل تعزز تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل والمتمثلة في نشر الوعي بأهمية تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، وإيجاد فريق عمل متعدّد التخصصات، وتوفير الموارد المادية. وفي ضوء نتائج هذه الدراسة، فقد أوصت الدراسة بإجراء مزيد من الدراسات حول الوعي وتقييم الاحتياجات التدريبية لمعلمات رياض الأطفال فيما يتعلّق بنموذج الاستجابة للتدخل في التعامل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، بالإضافة إلى العمل على إجراء مزيد من الدورات التدريبية التي تتناول تطبيقًا عمليًا واضحًا حتى يسهل على المعلمات تفعيلها بالشكل الصحيح، كما أوصت الدراسة بنشر الوعي بأهمية نموذج الاستجابة للتدخل لكافة المجتمع سواءً كانوا معلمين أو إداريين أو قادة أو أولياء أمور؛ بالإضافة إلى إيجاد فريق عمل متخصص للتخطيط والتنفيذ والإشراف على نموذج الاستجابة للتدخل.
الكلمات المفتاحية: واقع، صعوبات التعلم، نموذج الاستجابة للتدخل، معلمات رياض الأطفال، المنهج النوعي.
The reality of applying response to intervention with children at risk of learning difficulties from the experiences of kindergarten teachers: a qualitative study
A/ Abrar Al-Salman
PhD researcher at King Saud University
Dr. Ibrahim Al-Hano
Associate Professor, Department of Special Education
ialhano@ksu.edu.sa
Abstract
The current study aimed to know the reality of applying response to intervention with children at risk of learning difficulties from the experiences of kindergarten teachers. The study included nine kindergarten teachers in eight government and private kindergartens affiliated with the Ministry of Education. To achieve the objectives of the study, one of the qualitative research designs was used, represented by the qualitative represented by the qualitative reflexive thematic analysis, and data were collected using the semi-structured individual interview tool to collect information related to the study objective. The results of the study showed the application of some practices that are consistent with the response to intervention model, represented in activating modern strategies, identifying the child at risk of learning difficulties, and following up and monitoring progress. The study confirmed the existence of a number of factors that hinder the application of the response to intervention, such as lack of awareness, administrative and material obstacles, as well as reaching factors that enhance the application of the response to intervention model, represented in spreading awareness of the importance of applying the response to intervention model, creating a multidisciplinary team, and providing material resources. Accordingly, the study recommended conducting more studies on awareness and evaluating the training needs of kindergarten teachers regarding the response to intervention model in dealing with children at risk of learning difficulties, in addition to working on conducting more training courses that address a clear practical application so that it is easy for teachers to activate it correctly.
Keyword: Reality, learning difficulties, response to intervention model, kindergarten teachers, Qualitative methodology.
مقدمة
تحظى مرحلة الطفولة المبكرة باهتمام متزايد من قِبل المختصين في مجالات التربية والنفس والصحة؛ نظرًا لما لها من أهمية في المراحل الحياتية للفرد، والتي يحدث بها نمو وتطور سريع في جميع جوانب شخصية الطفل الجسدية والعقلية والاجتماعية والانفعالية، بينما يتعرض الطفل إلى عديد من المشكلات منها صعوبات التعلم، والتي تؤثر على تحصيل الطفل وتفاعله مع الآخرين.
تُعتبر صعوبات التعلم من أكثر المشكلات التعليمية شيوعًا بين الأطفال، والتي تتطلب تدخلات مبكرة وخاصة للتغلب عليها؛ لأنها تؤثر على قدرة الطفل على الاستيعاب والتعلم، لذلك انصب الاهتمام على هؤلاء الأطفال بهدف التعرف عليهم وتشخيصهم ومعرفة مشكلاتهم وتقديم الحلول والبرامج التي تساعد على تنمية قدراتهم وتحسين إمكاناتهم؛ والتعرف المبكر على الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم في مرحلة رياض الأطفال كما هو معروف يوفر كثيرًا من الجهد والوقت ويمنع تفاقم المشكلات مستقبلًا (المرزوق، 2021).
لذا اهتمت اللجنة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلم The National Joint Committee for Learning Disabilities (NJCLD) بالبحث عن الأطفال بمرحلة رياض الأطفال، وذلك في القانون العام 102-119، من أجل تحديد الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم في مرحلة رياض الأطفال، حيث يمكن من الاعتماد عليه في التعرف، والتخطيط، والتدخل للأطفال في هذه المرحلة المبكرة. كما تضمن القانون وصفًا لأنماط القصور لدى الأطفال، والتي يمكن وصفها بمؤشرات مبكرة لصعوبات التعلم في مرحلة رياض الأطفال، وتتمثل في الأبعاد الآتية: الأداء الوظيفي (الحسي)، والأداء الحركي، والقدرات المعرفية، والتواصل، والسلوك (NJCLD,1986)؛ لذلك يعتبر التعرف المبكر على الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم في مرحلة رياض الأطفال خطوة تمهيدية لخطوات لاحقة تشتمل على التقييم الشامل لأداء الطفل في مجالات النمو المهمة، مثل: مجال النمو المعرفي، والنمو الحركي، والنمو اللغوي، والنمو الاجتماعي الانفعالي (الشافعي، 2017).
استنادًا إلى ما سبق في أهمية التعرف على الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، فقد أولت وزارة التعليم تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 المساهمة في التعليم الجيد المنصف والشامل، وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع. بما فيها مرحلة رياض الأطفال، ويتضح ذلك من خلال التوسع في افتتاح صفوف رياض الأطفال، إلى جانب تطوير طرق التدريس والمناهج المبتكرة، وبناء منظومة تقويم متكاملة للطفل، وبرامج تدريبية نوعية متزامنة لمنسوبات رياض الأطفال، إلى جانب تطوير اللوائح والاشتراطات في مرحلة رياض الأطفال، كما نفذت الإدارة العامة للطفولة المبكرة عددًا من المبادرات والمشاريع في السنوات الأخيرة، منها: معايير التعلّم المبكر النمائية لمرحلة رياض الأطفال للفئة العمرية (3-6) سنوات (وزارة التعليم، 1442).
وفي ظل التطورات وعصر التكنولوجيا والاهتمام بالطفل وقدراته ومشكلاته وخاصة ممن هم عرضة لصعوبات التعلم أصبح من المهم إيجاد طريقة للتشخيص والكشف عن الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، علاوةً على ذلك تُعد عملية القياس والتشخيص في مجال صعوبات التعلم عملية دقيقة، وتستغرق وقتًا طويلًا نسبيًا، وتبدو معقدة في بعض الأحيان؛ لأنها تنطوي على كثير من الإجراءات التي قد تتطلب استخدام أكثر من أداة من أدوات القياس والتشخيص (المرزوق، 2021). كل ذلك أدَّى إلى استمرار البحوث العلمية والتربوية والطبية التي تعنى بطبيعة صعوبات التعلم، والتي كان لها أثر واضح في ظهور عدد من الأساليب في التعرف على صعوبات التعلم، وكذلك معرفة طبيعة صعوبات التعلم. نتيجةً لما سبق؛ ظهر نموذج حديث في الكشف عن الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم وهو نموذج الاستجابة للتدخل، ففي عام 2004م تم اعتماد نموذج الاستجابة للتدخل في قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة (IDEA)، والذي يعدُّ أكبر تغيير مرَّ على مجال صعوبات التعلم في الولايات المتحدة الأمريكية مطلقًا (أبو نيان، 2021).
كما يُمثّل نموذج الاستجابة للتدخل نموذجًا وأسلوبًا مبتكرًا من أساليب التدخل الحديثة مع الأطفال المُعرضين إلى صعوبات التعلم، وغيرهم ممن هم في خطر مشكلات تعلمية وسلوكية؛ فهو وسيلة لتوفير التدخل المبكر لجميع الأطفال، بما فيهم الأطفال المعرضون للفشل الدراسي، وخصوصًا مما يصعب تحديد صعوبات التعلم لديهم كالأطفال في مرحلة رياض الأطفال (Bauer, 2016). علاوة على ذلك سمح قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقات (Individuals with Disabilities Education Improvement Act-IDEA, 2004) باستخدام نموذج الاستجابة للتدخل في عملية التعرف على صعوبات التعلم وتحديدها ضمن إجراءات التقييم، وخصوصًا في ظل تزايد صعوبات التعلم بما يمثل 200% منذ تأسيس فئة صعوبات التعلم في عام 1977م، وأصبحت صعوبات التعلم أكبر شريحة متزايدة من الأطفال الذين يتلقون خدمات التربية الخاصة منذ صدور قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة في عام 1975م (Cottrell, 2014).
كذلك يمكن تعريف نموذج الاستجابة للتدخل بأنه إجراء يتكون من عدة مستويات من التدريس، أو التدخل تتفاوت في كثافتها تبعًا لاحتياجات الأطفال، وتستخدمه المؤسسات التعليمية بهدف تجويد نوعية التدريس لتلبية احتياجات جميع الأطفال، وكمصدر للمعلومات التي تساعد في التعرف على الأطفال المعرضين للفشل الدراسي، وكذلك الإعاقات، وخاصة صعوبات التعلم. في حين أن المركز الوطني (في أمريكا) للبحوث في مجال صعوبات التعلم (NACLD) (٢٠٠٦) يصف نموذج الاستجابة للتدخل بأنها نموذج من التقييم المتمركز حول الطفل يستخدم أساليب حل المشكلات، والأساليب المبنية على البحوث العلمية للتعرف على صعوبات التعلم عند الأطفال والعناية بهم (أبو نيان، 2021)؛ لذلك فإن تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل يقوم بشكل أساسي على تقييم قدرات الأطفال وأدائهم، علاوة على ذلك يهتم بأداء جميع الأطفال بغية الرقي بمستوى تعلمهم، بجانب أنه يهدف إلى التعرف على صعوبات التعلم.
في هذا السياق، أشارت عديد من الدراسات (إدريس، 2032؛ الأنصاري وآخرون، 2009؛ بوصخر وآخرون، 2014) إلى فاعلية نموذج الاستجابة للتدخل في تنمية المهارات الأكاديمية والمعرفية واكتشاف جميع العوامل المؤثرة على الطفل سواءً كانت بيئية أو اجتماعية أو فسيولوجية؛ في حين أوضحت دراسة مفضل وآخرين (2019) أن نموذج الاستجابة للتدخل يساعد على التدخل المبكر وتحديد صعوبات التعلم النوعية وتشخيصها، والتعرف علي الطلاب المٌعرضين لصعوبات التعلم، وتقديم تدخلات مكثفة من خلال نظام التدخل متعدد المستويات لتقييم احتياجات الأطفال الأكاديمية والسلوكية، ومراقبة تقدمهم ومتابعته؛ وذلك لتحقيق أكبر قدر من التحصيل مع دعم سلوكي إيجابي للتكيف والاندماج مع الآخرين؛ وبالتالي تقليل عدد المحالين للتربية الخاصة.
من هنا، يعتبر تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل جديدًا في تحديد الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، بالإضافة إلى أنه نموذج من النماذج الحديثة الفعالة التي سمحت بها القوانين التربوية، التي بدأت تُستخدم بشكل واسع لتلبية احتياجات الأطفال الأكاديمية والسلوكية ودعمها؛ علاوةً على أنه يساعد على التعرف المبكر للأطفال وخاصة من هم في مرحلة رياض الأطفال والمُعرضين لصعوبات التعلم، الذين تصدر عنهم سلوكيات وأوجه قصور في العمليات المعرفية المختلفة والتي تُعدُّ مؤشرات تنبئ باحتمالية تعرضهم لصعوبات تعلم لاحقًا، لذلك فإن ملاحظة أوجه القصور إجراء في غاية الأهمية والتي تتطلب تفعيل وتطبيق النماذج الحديثة التي أثبتت فاعليتها كنموذج الاستجابة للتدخل، والذي يساعد في وقاية الأطفال من تعقد المشكلات لديهم. بناءً على ذلك يأتي دور هذه الدراسة لمعرفة واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال.
مشكلة الدراسة:
نال نموذج الاستجابة للتدخل كثيرًا من الاهتمام كعملية للتدخلات الوقائية والعلاجية، والتي تساعد على تكوين بيانات مهمة لتوجيه الأطفال وإرشادهم بشكل صحيح من خلال التعرف الدقيق على الطف.(Davidoff, 2012) وتشير الدراسات والبحوث التي اهتمت بتطبيق هذا النموذج إلى أن قابلية الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم لإحراز أي تقدم أو نجاح تتضاءل مع تأخر التعرف عليهم واكتشافهم، وهذا التعرف المبكر والوقائي يؤثر تأثيرًا إيجابيًا على فاعلية استجابتهم للبرامج والأنشطة المقدمة لهم، وعند تأخّر التعرف عليهم تتداخل أنماط الصعوبات وتصبح أقل قابلية للتشخيص (المرزوق، 2021). كما يقدم هذا النموذج إجراءات فحص واكتشاف تحدد الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم من خلال تطبيق عدد من المكونات الأساسية لهذا النموذج، والتي تتمثل في المسح الشامل لجميع الأطفال، ومراقبة تقدمهم في نظام وقاية متعدد المستويات والكثافة من أجل اتخاذ القرار بناءً على البيانات للأطفال، ويكون القرار استمرار الأطفال في التعليم العام أو إحالتهم إلى برامج التربية الخاصة (أبو نيان، 2021)
لهذا، سمح قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقات، النسخة الحديثة (IDEA, 2004) في استخدام نموذج الاستجابة للتدخل باتخاذ قرار التشخيص والتعرف على صعوبات التعلم؛ وذلك بسبب أن مجال صعوبات التعلم أسرع وأكبر شريحة متزايدة من الأطفال الذين يتلقون خدمات التربية الخاصة منذ صدور قانون التعليم لجميع الأطفال المعوقين (القانون العام 94-142) في عام 1975، والذي ارتفعت به نسبة ذوي صعوبات التعلم الذين يتلقون خدمات التربية الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية منهم ما يقارب 40% من ذوي صعوبات التعلم؛ ولهذا يعدُّ التدخل المبكر والتقييم الدقيق والصحيح للأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم في غاية الأهمية من أجل المبادرة بالوقاية وإجراء عمليات التدخل الهادفة إلى تحسين المخرجات للأطفال الذين قد يعانون منها. علاوةً على أن له آثارًا إيجابية على كل من المعلمين والآباء في ظل نظام التربية العامة، والتربية الخاصة على حدٍّ سواء (الزيات، 2006).
من هنا، رأى الباحثان أن تطبيق الاستجابة للتدخل يساعد في التعرف المبكر على الأطفال، وخاصة من هم عرضة لصعوبات التعلم، كما أنه يُحد من مشكلة انتشار صعوبات التعلم، ويساعد من تحسين فرص نجاح الأطفال في التعليم وتحقيق تقدم ملموس في مهاراتهم (2014 Cottrell, )؛ كما يعد هذا التطبيق في اكتشاف صعوبات التعلم من النماذج المهمة التي لم تحظ بالاهتمام وخصوصًا في مرحلة رياض الأطفال في المملكة العربية السعودية قياسًا إلى أهمية هذه المرحلة، وذلك بحسب ما تؤكده الدراسات التي تناولت واقع الاستجابة للتدخل في عدد من مناطق المملكة العربية السعودية (الزارع والحسيني، 2020؛ البلوي، 2019؛ الجهني والصياد، 2020)؛ مع قصور معلومات المعلمات ووعيهن حول نموذج الاستجابة للتدخل. علاوة على ندرة الدراسات العربية التي تناولت تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل في مرحلة رياض الأطفال، الأمر الذي يتطلب مزيدًا من البحث حول واقع تطبيق الاستجابة للتدخل، والتعرف على الطفل منذ بداية مرحلة الروضة من تجارب معلمات رياض الأطفال. من هنا، يمكن بلورة مشكلة الدراسة في التساؤل الرئيس الآتي: ما واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال؟
أسئلة الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة عن السؤال الرئيس الآتي: ما واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال؟ ويتفرع من السؤال الرئيسي الأسئلة الفرعية التالية:
1- ما واقع الممارسات التي تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل؟
2- ما العوامل التي تعيق تطبيق الاستجابة للتدخل؟
3- ما العوامل التي تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل؟
هدف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى الكشف عن واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال، وتحديدًا فيما يتعلق بمكونات نموذج الاستجابة للتدخل وهي: المسح الشامل، ومراقبة التقدم، ونظام الوقاية المتعدد المستويات، واتخاذ القرار على أساس البيانات من خلال التعرف على واقع الممارسات التي تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل، والعوامل التي تعيق تطبيق الاستجابة للتدخل، والعوامل التي تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل.
أهمية الدراسة:
الأهمية النظرية:
تُعَدُّ هذه الدراسة من الدراسات الأولى – وذلك في حدود علم الباحثين- والتي تهتم بالدراسة النوعية لمعرفة واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال في مجتمع البيئة العربية والسعودية. كما قد تسهم هذه الدراسة في الكشف عن أوجه الضعف في برامج رياض الأطفال، وهذا يساعد على تطوير برامج رياض الأطفال وتحسينها وفق أسس وأهداف واضحة لهذه المرحلة المهمة في إعداد الطفل لمستقبل تعليمي مناسب؛ ورُبَما تساعد هذه الدراسة في إثراء الأدبيات في مجال التربية الخاصة، ومجال صعوبات التعلم، وتزويد المكتبة والمؤسسات التربوية والتعليمية بإحدى الدراسات المتخصصة في تطبيق الاستجابة للتدخل في مرحلة رياض الأطفال. كذلك توجه نظر التربويين والباحثين وأصحاب القرار حول تطبيق الاستجابة للتدخل في مرحلة رياض الأطفال، وتوفر معلومات تفيدهم في هذا المجال.
الأهمية التطبيقية:
من المحتمل أن تسهم النتائج في تزويد صناع القرار والتربويين بفهم واضح وعميق من تجارب معلمات رياض الأطفال لواقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم. كما قد توجه اهتمام المسؤولين والباحثين والمهتمين بمرحلة رياض الأطفال ودعم المعرضين لصعوبات التعلم إلى التركيز على توفير برامج تدريبية لتطوير مهارات معلمات رياض الأطفال اللازمة لتطبيق الاستجابة للتدخل، وتنظيم الخدمات المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة والمعرضين لصعوبات التعلم وأسرهم.
حدود الدراسة:
الحدود الموضوعية: اقتصرت حدود هذه الدراسة في معرفة واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال.
الحدود البشرية: تمثلت الحدود البشرية لهذه الدراسة في معلمات رياض الأطفال التابعة لوزارة التعليم.
الحدود الزمانية: تم تطبيق هذه الدراسة خلال الفصل الدراسي الأول من العام 1445هـ.
الحدود المكانية: تم تطبيق الدراسة في عدد من روضات رياض الأطفال (الأهلية والحكومية) في مدينة الرياض.
مصطلحات الدراسة:
الاستجابة للتدخل (Response to Intervention):
التعريف العلمي: مجموعة من أنماط التدخلات العلاجية التي يمكن أن تساعد على توفير بيانات دقيقة عن الأطفال ذوي صعوبات التعلم وتحديدهم، ومدى حاجتهم إلى التربية الخاصة والخدمات المرتبطة بها متضمنةً التدخلات العلاجية بمراحلها المختلفة (NJCLD, 2005).
التعريف الإجرائي: معرفة واقع معلمات رياض الأطفال حول تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، ومكوناته، ومستوياته، وكيفية تطبيقه في مرحلة رياض الأطفال من خلال تجاربهن؛ عن طريق التدخلات التدريسية المباشرة والمكثفة بجودة عالية تسهم في الكشف المبكر عن ذوي صعوبات التعلم، وتتضمن مراقبة مدى التقدم للأطفال بانتظام مع استخدام البيانات الخاصة باستجابة الطفل لاتخاذ القرارات التعليمية المهمة.
الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم (Children Exposed to Learning Disabilities)
التعريف العلمي: "هم الأطفال الذين يظهرون أوجه القصور في عدد من السلوكيات التي تعتبر ذات أهمية بالنسبة للطفل قبل أن يبدأ تعليمه النظامي، مثل: التعرف على الأرقام، والحروف، والأشكال، والألوان؛ كذلك إتقان مهارة الوعي الصوتي، وترتبط أوجه القصور هذه بصعوبات التعلم الأكاديمية ارتباطًا مباشرًا حيث تمثل الأساس للتعليم اللاحق" (محمد وسليمان، 2005، ص. 26).
التعريف الإجرائي: هم أطفال الروضة الذين تصدر عنهم سلوكيات تُعد بمنزلة مؤشرات مثل ضعف المهارات الحركية العامة والدقيقة، والعمليات السمعية والبصرية، ومهارات التواصل واللغة، ومشكلات الانتباه فهي مؤشرات تنبئ بإمكانية تعرضهم اللاحق لصعوبات التعلم في المرحلة الابتدائية في حال عدم التدخل المبكر.
الإطار النظري:
يُعدُّ التعرف على الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم خطوة مهمة وجوهرية في تقديم الخدمات اللازمة لهم في وقت مبكر ومناسب للتدخل، ولعل أبرز التدخلات الحديثة التي شغلت اهتمام الباحثين والمهتمين هو نموذج الاستجابة للتدخل؛ ومن هذا المنطلق سيتم التعرف على مفهوم نموذج الاستجابة للتدخل وأهميته وأهدافه، وكذلك التعرف على الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، والمؤشرات الدالة على صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية في رياض الأطفال.
مفهوم الاستجابة للتدخل:
عرفت اللجنة الوطنية الأمريكية المشتركة لصعوبات التعلم (NJCLD) نموذج الاستجابة بأنه: "مجموعة مـن أنمـاط التدخلات العلاجية التي يمكن أن تساعد في توفير معلومـات دقيقـة عـن التلاميـذ ذوي صعوبات التعلم وتحديدهم، ومدى حاجتهم إلى التربية الخاصة والخدمات المرتبطـة بهـا متضمنة التدخلات العلاجية بمراحلها المختلفة" .(NJCLD, 2005.p.2)
كما يعرِّف أبونيان (2021) الاستجابة للتدخل بأنها إجراء يتكون من عدة مستويات من التدريس، أو التدخل، تتفاوت في كثافتها تبعًا لاحتياجات الأطفال، وتستخدمه المدارس بهدف تجويد نوعية التدريس لتلبية احتياجات جميع الأطفال، وكمصدر للمعلومات التي تساعد في التعرف على الأطفال المعرضين للفشل الدراسي، وكذلك الإعاقات، وخاصة صعوبات التعلم.
أهمية الاستجابة للتدخل وأهدافها:
تتضح أهمية نموذج الاستجابة للتدخل في الكشف المبكر للأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم فيما يلي (كاظم وآخرون، 2016):
تهيئة البيئة السليمة الخالية من التوترات والإحباطات، والتي تؤثر على شخصية الأطفال، التقليل من شعور الأطفال بعد النجاح الذي قد يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية مع الآخرين، العمل على الوقوف على الأسباب المؤدية إلى صعوبات التعلم، وبالتالي علاجها قبل تفاقم الصعوبات لدى الطفل، الوقوف على الخصائص السلوكية التي ترتبط بالصعوبات النمائية وتؤثر عليها، معرفة الاضطرابات الانفعالية والمعرفية المصاحبة لصعوبات التعلم والعمل على تقليلها.
كما تهدف الاستجابة للتدخل إلى تطوير فاعلية التدريس بهدف رفع مستوى تحصيل جميع الأطفال، والحد من تزايد الأطفال الملتحقين ببرامج التربية الخاصة، والتعرف المبكر على الأطفال المعرضين للفشل الأكاديمي (الزيات، 2008).
الأطفال المُعرضون لصعوبات التعلم:
إن التعرف على الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم يبدأ في مرحلة الروضة، وذلك عندما تنمو قدراتهم ويبدؤون بالتفاعل مع الآخرين خارج نطاق الأسرة، إلا أن بعض الأطفال تظهر لديهم مؤشرات نمائية وأكاديمية تحول من نجاحهم مستقبلًا. وقد عرَّف كلٌّ من الباز والبتال (2016) الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم بأنهم ممن يعانون من مشكلات نمائية تظهر لديهم في مرحلة رياض الأطفال، وتتمثل في مؤشرات تظهر في النمو المعرفي واللغوي والسلوك الانفعالي والاجتماعي وأيضًا في الانتباه والمهارات الحركية، والتي تكون غير مناسبة لعمرهم العقلي والزمني مقارنة بأقرانهم من العاديين؛ مما قد ينبئ بصعوبة تعلم قد تواجههم في مراحل أكاديمية لاحقة.
المؤشرات الدالة على صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية في رياض الأطفال:
تشير ليرنر وآخرون ((Lerner et al., 2003 إلى أن المؤشرات النمائية عبارة عن علامات مبكرة لوجود مشكلات أو صعوبات تعلم لدى الأطفال في مرحلة رياض الأطفال. ويمكن ملاحظتها من خلال نمو الطفل الحركي، والعمليات السمعية والبصرية، ونمو الكلام واللغة، وقدرات الانتباه. وغالبًا ما يُظهر الطفل تفوقًا في بعض المهارات النمائية، بينما يواجه صعوبات كبيرة في مجالات أخري. كما يمكن التنبؤ بهذه العلامات بوجود صعوبات تعلم مستقبلية في الإنجاز أو التحصيل الأكاديمي، ولكن من خلال التدخل المبكر يمكن مساعدة الأطفال في مرحلة رياض الأطفال من خفض مستوى هذه الصعوبات أو التغلب عليها. هذا، ويرى كلٌّ من تايلور وآخرين (2000 (Taylor et al., أن المؤشرات النمائية في مرحلة رياض الأطفال يمكن أن تظهر كصعوبات في المجالات الآتية:
(المهارات الحركية العامة، والمهارات الحركية الدقيقة، والعمليات السمعية والبصرية، ومهارات التواصل واللغة، ومشكلات الانتباه)؛ أما المؤشرات الدالة على صعوبات التعلم الأكاديمية فإنها تتمثل في: (مشكلات الوعي أو الإدراك الصوتي، والتعرف على الحروف الهجائية، والأشكال، والأرقام، والألوان). وكذلك مؤشرات النمو الاجتماعي والانفعالي وتتمثل في: (الذات والتطور العاطفي، العلاقات والتطور الاجتماعي).
منهجية الدراسة:
اتبعت هذه الدراسة المنهج النوعي، وهو: عملية بحث يقوم بها الباحث لغرض استكشاف وفهم متعمق للظواهر الاجتماعية في سياقها ومحيطها الطبيعي عن طريق جمع البيانات، أو الكلمات، أو الصور، ثم تحليلها بطريقة استقرائية واستنباطية، حيث يقدم فيها الباحث التفسيرات الشاملة لموضوع أو مشكلة البحث العلمي، ويعتمد على المعاني والتجارب المباشرة للمشاركين (Merriam & Tisdell, 2015). وتحديدًا، استخدمت هذه الدراسة طريقة تحليل المفاهيم النوعي الانعكاسي (reflexive thematic analysis) (2021 (Byrne,؛ فهذه الطريقة هي الأنسب لهدف الدراسة في استكشاف واقع معلمات رياض الأطفال حول تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من خلال تجاربهن.
المشاركات في الدراسة:
تم تحديد المشاركات في هذه الدراسة بطريقة قصدية من المشاركات اللاتي لديهن تجارب وخبرات، وهذا ما يميز البحث النوعي عن الكمي بعدم اشتراطه العشوائية في الاختيار، لذلك تم اختيار تسع من معلمات رياض الأطفال في ثمانٍ من الروضات (الحكومية والأهلية) التابعة لوزارة التعليم: (4) منها حكومية و(4) منها أهلية؛ لأنه غالبًا في البحث النوعي يكون هناك عدد قليل من المشاركين في الدراسة، يتراوح ما بين ثلاثة إلى تسعة مشاركين (كريسول، 2014/2019). كان هذا الاختيار القصدي من مكاتب تعليم متفرقة من إدارة التعليم بناءً على المعايير الآتية: (أ) الرغبة والاستعداد في المشاركة وإجراء المقابلات. (ب) ألا تقل الخبرة في تدريس الأطفال عن سنة دراسية. (ج) أن تحمل المعلمة درجة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه في تخصص رياض الأطفال أو التربية الخاصة. وذلك من أجل الحصول على بيانات متنوعة بحسب سنوات الخبرة والمؤهلات العلمية.
أداة الدراسة:
استخدمت الدراسة أداة المقابلة الفردية شبه المنظمة المتعمقة، والتي تشتمل على عدد من الأسئلة المفتوحة المتعلقة بأسئلة الدراسة وأهدافها. كما ذكر كريسول (2014/2019) أن أسئلة المقابلة المفتوحة شبه المنظمة تتيح الفرصة للمشاركين بالتعبير بحرية تامة، وتحقق التفاعل بين الباحث والمشاركين. كما تم بناء أدوات الدراسة بعد الاطلاع على الدراسات السابقة، والأدبيات ذات العلاقة ومن ثم عرضها على عدد من المحكِّمين والخبراء في المجال من أجل الحصول على ملاحظات مدى مناسبة الأسئلة لهدف الدراسة. وعند الانتهاء من تعديل أسئلة المقابلة بناءً على ملاحظات الخبراء، تم إعداد دليل المقابلة، والذي يحتوي على برتوكول المقابلة، والهدف من المقابلة، وأسئلة المقابلة، وأخلاقيات البحث عند تطبيق الأداة، والإقرار بالموافقة على المشاركة بهذه الدراسة، وللتحقق من ضمان موثوقية الأداة تم القيام بتجربة أداة المقابلة ميدانياً مع معلمة رياض أطفال غير مشاركة في الدراسة؛ للتأكد من صلاحيتها كأداة، وتمت تغطية جميع الملاحظات ومدى وضوح الأسئلة لهذه المقابلة، إضافة إلى التأكد من صحة النتـائج وتفـسيرها من خلال الرجوع للمشاركات للتأكد من صحة البيانات.
إجراءات المقابلة:
تم أخذ موافقة لجنة أخلاقيات البحث العلمي، وأخذ موافقة كلية التربية لإجراء البحث. كذلك تم تحديد الروضات ومخاطبتها من قبل كلية التربية بجامعة الملك سعود لأخذ الموافقات الرسمية، بالإضافة إلى مقابلة المشاركات وجهًا لوجه من أجل طلب موافقتهن، مع الحرص على عدم إظهار هوياتهن بأي حال من الأحوال، وعدم تعرضهن لأي مخاطر، مع إيضاح حق المشاركات في طرح أي سؤال، وأيضًا توضيح حقهن في الانسحاب في أي مرحلة من مراحل الدراسة، وتوضيح أهمية مشاركتهن واطلاعهن على نتائج الدراسة. كما تم إجراء مقابلات شخصية لاستعراض وجهات النظر وجهًا لوجه، واستمرت فترة المقابلات ما بين (45) دقيقة إلى (50) دقيقة. حتى توصل الباحثان إلى مرحلة التشبع وتكرار البيانات؛ وكان ذلك في مكتب مخصص يمتاز بالهدوء وتأمين وضعية مريحة لجلوس المشاركة، وأثناء ذلك تم تسجيل المقابلات بواسطة التسجيل الصوتي الموجود على الهاتف المحمول، والتدوين اليدوي لتلافي أي خلل يحدث في جهاز التسجيل، ثم تفريغ البيانات كتابيًا بعد الانتهاء من كل مقابلة باستخدام برنامج مايكروسفت وورد ((Microsoft word لحفظ العمل والرجوع إليه في أي وقت عند الحاجة، كما أنه تم حفظ البيانات بتنسيق نصي وتخزينها للتحليل، حيث تم الاحتفاظ بها في ملفات إلكترونية مغلقة بكلمات مرور سرية خاصة على جهاز الحاسوب لمدة كافية بعد الانتهاء من البحث، كذلك تم اختيار عدد من الروضات الحكومية والأهلية، مع الأخذ بالاعتبار تنويع الحالات بناءً على الخبرة، وموقع الروضة.
تحليل البيانات:
استخدمت هذه الدراسة منهج تحليل المفاهيم النوعي الانعكاسي (reflexive thematic analysis) (Byrne, 2021)؛ وهو أحد المناهج المستخدمة في تحليل البيانات النوعية، ويتضمن تلخيص استجابات المشاركات في رموز ومن ثم فئات، وقد رأى برايمان Bryman (2004) أن أسلوب تحليل المفاهيم النوعي ربما يكون الأكثر انتشارًا بين أساليب تحليل البيانات النوعية، وأنه يتضمن بحثًا عن المفاهيم الأساسية في المواد التي جرى تحليلها؛ كما تكمن قوة هذا الأسلوب كما ذكر كولباشر Kohlbacher (2006) في أنه أسلوب بحثي يتميز بالانضباط بشكل منطقي، وأن المادة التي يتعامل معها يجرى تحليلها خطوة بخطوة، فالأساس المركزي فيها هو نظام المفاهيم Category System الذي يستخدمه الباحث أثناء إجراء عملية التحليل، فضلًا عن اتباعه نظام الترميز، والتصنيف؛ لتحويل المفاهيم الواردة في البيانات إلى فئات أكثر تحديدًا، وأصغر من حيث الكمية، وعلاوة على ذلك، فإنها تقدم للباحثين طريقة، وأسلوبًا مرنًا، وعمليًا، لتطوير المعرفة بالتجربة الإنسانية وتوسيعها ((Hsieh& Shannon,2005. هذا، وقد شرح بيرنByrne, 2021) ) طريقة تحليل المفاهيم النوعي الانعكاسي (reflexive thematic analysis) في ستّ مراحل، هي:
إجراءات الموثوقية:
تمت مراعاة الأمانة والدقة خلال جمع البيانات، وذلك بعد أخذ الموافقات من المشاركات لتسجيل المقابلة، والاستماع لها وإسماع المشاركة للمقابلة بعد الانتهاء منها، وتفريغها وقراءتها، ومراجعة الملاحظات قبل المقابلة وأثنائها وبعدها؛ للتأكيد على الموثوقية، وتتبع الأثر. كذلك تدوين ما لاحظه الباحثان بشكل دقيق من التعبيرات الجسدية أو ما سمعته أثناء جمع البيانات، والحرص على كتابة ألفاظ المشاركات كما وردت بلهجتهم المحلية؛ توخيًا للدقة. ثم تمت مراجعة هذه الدراسة على بعض الزميلات المختصات في المجال فيما يخص تطابق النتائج والتفسيرات من الدراسة، والاستعانة بالتدقيق من قِبل المشاركات، للتأكد من صحة البيانات التي تم نقلها ومدى انعكاس استجاباتهن حول هدف الدراسة، كذلك الحرص على سؤالهن بعد التفسير الأولي للبيانات، وذلك للتأكد من أنه يتفق مع استجاباتهن التي ذكرنها في المقابلة، إضافة إلى تضمين اقتباسات استجابات المشاركات أثناء تحليل البيانات في النتائج، وربط الأدبيات والدراسات السابقة بالنتائج.
نتائج الدراسة ومناقشتها:
بعد تدوين البيانات وتحليلها باستخدام طريقة تحليل المفاهيم النوعي الانعكاسي بهدف الإجابة عن سؤال الدراسة الرئيس، وهو: ما واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال؟ كشفت نتائج تحليل البيانات عن بروز ثلاثة مفاهيم رئيسية تنظم تجارب المشاركين فيما يتعلق بواقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم؛ هذه المفاهيم هي: (1) ممارسات تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل، (2) عوامل تعيق تطبيق الاستجابة للتدخل، (3) عوامل تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل؛ حيث أكد عدد من المشاركات على وجود ممارسات تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل تتمثل في تفعيل الاستراتيجيات الحديثة، والتعرف المبكر على الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم، ومتابعة تقدم الطفل ومراقبته. في الجانب الآخر أوضحت المشاركات وجود عوامل تعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل تتمثل في: ضعف الوعي، ومعوقات إدارية ومادية؛ في المقابل ذكرت غالبية المشاركات وجود بعض العوامل التي قد تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل، وتتضمن نشر الوعي، وإيجاد فرق عمل متعددة التخصصات، وتوفير الموارد المادية. وفيما يلي عرضٌ مفصل لتحليل استجابات المشاركات في سياق المفاهيم التي تم التوصل إليها وتحديدها في الشكل (1).
واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم
ممارسات تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل عوامل تعيق تطبيق الاستجابة
تفعيل الاستراتيجيات الحديثة ضعف الوعي
التعرف على الطفل المُعرض لصعوبات التعلم معوقات إدارية ومادية
متابعة التقدم للطفل ومراقبته
عوامل تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل
نشر الوعي بأهمية نموذج الاستجابة للتدخل
إيجاد فريق عمل متعدد التخصصات
توفير الموارد المادية
الشكل (1) المفاهيم الرئيسية والفرعية
ممارسات تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل:
تضمّن مفهوم ممارسات تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل عددًا من المفاهيم الفرعية، وهي تفعيل الاستراتيجيات الحديثة، والتعرف على الطفل المعرض لصعوبات التعلم، ومتابعة التقدم للطفل ومراقبته؛ وسيتم استعراض هذه المحاور فيما يلي:
أولا: تفعيل الاستراتيجيات الحديثة:
توصلت استجابات المشاركات إلى وجود عدد من الممارسات التي تتوافق مع تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم في واقعهن داخل روضات رياض الأطفال، وهي: استخدام عدد من الأساليب والاستراتيجيات الحديثة ومن بينها إعطاء المهام والذي يعتبر من الأساليب التربوية الفعّالة التي تسهم في تنمية الاستقلالية والمسؤولية لدى الأطفال، والتوجيهات من خلال توجيه سلوكيات الأطفال في الروضة وتعزيز تطورهم الشخصي والاجتماعي والعاطفي، كذلك استخدام أسلوب التكرار الذي يعمل على تثبيت المفاهيم، وتعزيز التفاعل، وتطوير المهارات، وبناء الثقة، واستخدام أسلوب التحفيز والتعزيز الذي يستعمل للتعامل مع الأطفال من أجل التعزيز والتحفيز الإيجابي، ويكون عن طريق إظهار القبول من خلال الابتسامة والتربيت، كذلك استخدام الوقت الخاص؛ وتستخدم طريقة الوقت الخاص مع الطفل المنشغل بشكل مفرط في السلوك المثير للاهتمام، ولوحة النجم، حيث تعتبر لوحة النجم لوحة تعزيز فاعلة مع الأطفال؛ لأنها تساعد الطفل في الحصول على سجل مرئي وملموس يظهر تقدمه نحو السلوك المرغوب (جودة، 2014).
كما أوضحت استجابات المشاركات أن الاستراتيجيات والأساليب المستخدمة هذه تختلف بحسب مشكلة كل طفل أو الصعوبة التي لديه، وكذلك يختلف تطبيقها بحسب الحالة من مكان إلى مكان؛ مثلًا إذا كانت مشكلة إدراكية تكون عن طريق توجيه الأسئلة له ضمن برنامج الحلقة، أما إذا كانت مشكلة مسك قلم فيكون التركيز على الطفل في برنامج الأركان، وإذا كان الطفل لديه تشتت انتباه يستخدم معه أسلوب إعطاء المهام. يتضح ما سبق من خلال ما أكدت عليه المعلمة (ه.ب) من حيث إنه "إذا كان الطفل عنيفًا أجي أهديه أجلس معه، أنزل له وأقول إيش فيك وش مضايقك وبنحل المشكلة اتحدث معه صديقك ضايقك ما تسحب منه اللعبة تستأذن منه يضايقك شيء تعال كلمني واللي يستحي مثلا أشاركه وأقول له تعال جنبي وتكلم كلم أصدقائك مع الوقت مع التدريس يبدون يتعلمون الكلمات"؛ كذلك ذكرت المعلمة (ع.هـ): "نشتغل على الطفل أصلًا ونوكله مهام وهو عنده تشتت ولا يتكلم ويردد الكلام في أثناء الحلقة وصرنا نوجهه حتى تحسن"، وأشارت المعلمة (س.ل) بقولها: "فأكثر الإجراءات اللي نستخدمها مع الأطفال في روضتنا اللي هي التحفيز وهي اللي فادت معنا من ناحيه الانضباط للأطفال مثل التاج الأمير والأميرة كل أسبوع نسويها آخر يوم".
علاوة على ذلك، استخدمت المعلمات الأساليب والاستراتيجيات الحسية كالصلصال، والدمى، والقصة داخل الأركان، كما أنهن اعتمدن على خبراتهن واجتهاداتهن الشخصية في اختيار الأسلوب المناسب في التعامل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم؛ حيث ذكرت المعلمة (هـ.ن): "أنا من نفسي أخذه في الأركان أو في مراكز التعلم على جنب في المكتبة مثلًا وصرت أعامله بشكل فردي وأجيب له بطاقات مثلًا أشجعه على النطق"؛ وذكرت المعلمة (ر.ي): "نستخدم البروجكتر في التعليم ونستخدم في الأركان الأدوات المعتادة، مثل: المكعبات، وفريق الاكتشاف مثلًا نحط بوكس تجربة نضع داخله برتقالة والطفل يدخل يده ويستكشف الموجود داخل البوكس، ومن هذه الأدوات"، وذكرت أيضًا: "وركن القصص الحيوانات وركن الدراما في أدوات مثل: الطبخ، سرير النوم، والملابس، والأطفال يقومون بدور الأم والأب الأم تلبس العباية والأب يلبس شماغ هذه كلها تطبق في الركن الدرامي".
إضافة إلى تفعيل التقنيات الحديثة والمتمثلة في استخدام التكنولوجيا، مثل: تفعيل تطبيقات التواصل، وذلك بحسب ما ذكرته المعلمة (س.ل): "عندنا تطبيق باونتس يجمع كل أم والمديرة والوكيلة والمعلمة الثانية فيجتمعون في هذا التطبيق وأي شيء يصير يكون في هذا الجروب حلقة وصل وتطبيق شرائي بعض الروضات تستخدمه"، وقالت المعلمة (م.و): "إذا كان الطفل مثلًا عنده تشتت أحاول أني أخلي البيئة تناسب له وأجهزها له بطريقة مناسبة أخلي طريقه كلامي بطيئة معه حتى الأدوات اللي أستخدمها معاه أستخدم مثلًا أدوات ملموسة عشان يستوعب مثل هذه الأشياء وأحاول أني أستخدم التقنية بعد فلها دور". يتضح مما سبق استخدام بعض الممارسات المتوافقة مع تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل كتفعيل بعض الاستراتيجيات والأساليب الحديثة في التعامل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم؛ وهذا يتفق مع دراسة الحسيني والزارع (2020) والتي هدفت إلى معرفة مدى توافر متطلبات نموذج الاستجابة للتدخل في المدارس الحكومية بمحافظة جدة، حيث خلصت الدراسة إلى أن المستوى الثالث هو الأكثر توافرًا، والذي يتضمن تقديم الأساليب والتدخلات التربوية بشكل أكبر وأكثر تنوعًا مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم، وتفسر هذه النتيجة إلى أن استخدام الاستراتيجيات الحديثة وخصوصاً في رياض الأطفال له أهمية على التعلم الذاتي وتنمية مهارات البحث والاكتشاف، كما تعزز استقلالية الأطفال وقدراتهم على التعلم بشكل مستمر.
ثانيًا: التعرف على الطفل المٌعرض لصعوبات التعلم:
ويتمثل التعرّف على الطفل المُعرض لصعوبات التعلم في هذه المرحلة على إجراء الفحص على الأطفال الذين يحتاجون اهتمامًا إضافيًّا، حيث يكون التركيز في هذه المرحلة على الطرق التي يتم من خلالها مسح أكبر عدد ممكن من الأطفال لمعرفة من يحتاج منهم إلى خدمات التربية الخاصة، وغالبًا يشمل الفحص السمع والبصر، والكلام واللغة، بالإضافة إلى المهارات الحركية، ومهارات الاعتماد على الذات، والمهارات الاجتماعية والانفعالية، والنمو الإدراكي ومستوى النضج كذلك (المرزوق، 2021).
كما يتضح التعرف على الطفل المُعرض لصعوبات التعلم من خلال استقبال الأطفال داخل الروضة، ومن ثم القيام بمقابلة الأطفال الأولية بداية من دخوله الروضة، وتختلف من روضة إلى روضة بعضها تكون المقابلة بين المعلمة والطفل ووالدته، وبعضها الآخر بين الطفل والإدارة كالمشرفة، وبعد ذلك تتم ملاحظة الطفل أول أسبوع من قِبل المعلمة داخل الفصل، كما أشارت المعلمة (ه.ن) بقولها: "أغلب اللي يجون نسوي لهم أول ما يجون مقابلة فردية ومقابلة ثنائية مع الطفل لحاله أو ثلاثية تكون مع ولي الأمر والطفل إذا حسينا أن الطفل في شيء لازم نعطي خبر للإدارة"؛ وفي ذات السياق قالت المعلمة (ع.هـ): "أول شي نبدأ بمقابلة شخصية عن طريق المعلمات وعادة تكون تتحدث مع الطفل وتجيب له كذا لعبة، مثل: الألعاب الإدراكية وتشوف مستواه اللغوي والإدراكي أكثر شيء"؛ وذكرت المعلمة (أ.ر): "في البداية للمقابلة الطفل أول شيء يأخذون الأم ويقابلون معها إذا تعرف عن حاله الطفل تسجل حالة طفلها فيسألون اسم الطفل ويجربون طريقة كتابة اسمه ومهارات الطفل وهكذا"؛ وذكرت إحدى المشاركات أن الروضة تقوم بمقابلة الطفل وأخذ التقارير اللازمة سواء حالته الاجتماعية أو الطبية، والتعرف على الطفل وملاحظته أول أسبوع في جميع الأماكن، لذلك تعتبر مقابلة الطفل عند التحاقه بالروضة فرصة مهمة لتهيئته والأهل والمعلمات لبداية ناجحة وسلسة في رحلة التعليم والنمو الأولى للطفل، وكذلك مهمة في تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل؛ لأنها تساعد في فهم الاحتياجات التربوية، وتقييم التقدم، وعلى الرغم من وجود مسح ومقابلات للتعرف على الطفل إلا أن بعض الروضات تعاني من التعرف على الطفل والحصول على التقارير الطبية الصحيحة بسبب عدم تعاون الأهل مع المعلمة وعدم اعترافهم بمشكلة أو إعاقة الطفل، لذلك يصعب على المعلمة التعرف على الطفل إلا بعد ملاحظته ومتابعته؛ ومن ثم التصرف في حدود معرفتها وخبرتها، وليس بإمكانها تقديم التدخلات المناسبة لحالة الطفل بسبب عدم تعاون الأهل، كما ذكرت المعلمة (ه.ب): "وبعض الأطفال نساعدهم تدخل فردي يعني ضمن الأركان أطفال نسوي معهم خطة علاجية ونبدأ نتواصل أول شيء مع الأم ونبدأ هذه الخطة مع بعض في البيت وفي المدرسة فهذا في ورقه تسويها المرشدة الطلابية إذا كان عند الطفل تأخر مثلًا نمائي وأكاديمي ولكن نلقى كثير فيها عدم تعاون من الأم فما نقدر نكمل الخطة ولا نقدر نسأل فمثلًا عندها تأخر نطق تقول هي عندها تأخر لكن ما تسوي كشف ولا في تقرير ولا شيء ولا تجاوب معنا، فإذا رفضت الام نجتهد في المدرسة يعني نبدأ نساعد الطفل والأهل يرفضون التواصل مع الأخصائية النفسية أو الاجتماعية أو المراكز المتخصصة"؛ وقد ترجع صعوبة التعرف على الطفل إلى إنكار الأهل لمشكلة طفلهم كما ذكرت المعلمة (ه.ب): "الأم ما توضح لنا ما تقول أن الطفل أنه ما يتكلم أو ما ينطق تقول أنه مدلع في البيت وهو أصلا يكون في عنده مشكله عنده تأخر". لذلك لا بد من وجود جهات تساعد في تشخيص الأطفال والتعرف عليهم، حتى يتمكن الطفل من تلقي التعليم المناسب لحالته واحتياجه، ويمكن تفسير اهتمام الروضات بوجود مقابلة في التعرف على الطفل؛ بسبب أهميتها قبل قبوله في الروضة؛ لإنها تساعد في ضمان جاهزية الطفل العقلية والاجتماعية والعاطفية للالتحاق بالبيئة التعليمية المناسبة له، كذلك فهم احتياجات الطفل يساعد في توجيه البرامج التعليمية وتخصيص الموارد والدعم بشكل مناسب، إضافة إلى بناء علاقات إيجابية بين الطفل والمعلمة.
ثالثاً: متابعة التقدم للطفل ومراقبته:
يجب إجراء المتابعة والمراقبة بشكل فردي لكل طفل، والتي تكون في البيئات الطبيعية للطفل، وعلى فترات وسياقات متعددة، بهدف جمع معلومات وبيانات دقيقة حول مظاهر النمو لدى الطفل ((NJCLD.2006. وفيما يخص واقع متابعة الطفل ومراقبة التقدم فإن بعض المعلمات يستخدمن التقارير التي تحوي على وصف المشكلة للطفل المُعرض لصعوبات التعلم وملاحظتها، ومن ثم وضع الحلول، وبعد ذلك يتم التواصل مع الأهل، ومن ثم تسليم الملف لإدارة المدرسة، وهذا ما يتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل في متابعة الطفل ومراقبته، حيث ذكرت المعلمة (هـ.ن): "جاني طفل وكان ما يتجاوب معي وصرت أعامله بشكل فردي وأجيب له بطاقات مثلًا أشجعه على النطق؛ لأن كان نطق مو بواضح أبدًا أبدًا فصرت أركز عليه من هذه الناحية فانتبهت للمشكلة وصرت أركز عليه أكثر من الأطفال الثانيين" نلاحظ هنا بأنه يتم التعامل مع الأطفال بشكل فردي والتركيز عليه وعلى الصعوبة التي يعاني منها، وهذا يكون حسب خبرة المعلمة وتجربتها كاستخدام البطاقات مثلًا والتركيز على الطفل في الأركان، ومراكز التعلم كالمكتبة لمعالجة مشكلة النطق، وهذا يعتبر من الممارسات التي تتوافق مع مكون نموذج الاستجابة للتدخل، وهو المتابعة ومراقبة التقدم مع كل طفل بشكل فردي ضمن البيئات الطبيعية له، وعلى فترات وسياقات متعددة، بهدف جمع معلومات وبيانات دقيقة حول مظاهر النمو لدى الطفل، وذلك من خلال ملاحظة الطفل ووضع خطة علاجية حسب مشكلته، وغالبًا يتم التركيز على المشكلات السلوكية، وهذا بحسب ما أشارت إليه المعلمة (ع.هـ): "المعلمة تكتب ملاحظات إذا كانت مشاكل سلوكية من أجل تسجيل التطورات". كما تتم متابعة الأطفال من خلال ملفات الإنجاز لديهم، حيث ذكرت المعلمة (ر.ي): "بالنسبة لمتابعه الطفل في ملف لكل طفل خاص فيه لعمله ونضع كل عمل لكل طفل سواء كان عمل فني أو أي أعمال أخرى مثل الأعمال الحرة"، كما يوجد لها متابعة من قِبل المعلمة ومراقبة من قِبل المشرفة نهاية الترم.
إضافةً إلى وجود تدخلات من المعلمة لتعديل السلوك، وفي حالة عدم تحسن سلوك الطفل يتم إرساله إلى إدارة الروضة والتواصل مع أسرة الطفل للمناقشة حول الحلول الممكنة لعلاج الطفل، ممكن يتم إرساله إلى مركز خاص أو ترشيح أخصائية نفسية وغيرها، وتقوم إدارة الروضات بالنظر في مشكلات أو تأخر الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم من خلال ما ذكرته المعلمة (هـ.ن): "إذا صار فيه مشكله أكيد أن الإدارة بتسوي اجتماع وفريق"، كذلك حرص بعض المشاركات من المعلمات على تطوير نفسها لمساعدة الأطفال ومراقبتهم ومتابعتهم، من خلال إظهار الحاجة إلى وجود استراتيجيات واضحة ومناسبة لملاحظة ومتابعة الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، ويتضح ذلك من خلال ما أشارت إليه المعلمة (ه.ب): " لو يكون فيه مثلًا استمارات أو نماذج نقدر نسويها ونطبقها على الأطفال يا ليت يكون فيه توزع على الروضات وتكون واضحة أو يعطونا دورات على النموذج"، وكذلك حرصهن على الاستجابة والتقبل لكل من يساندهن ويُقومهن أثناء تطبيق وتفعيل هذه النماذج الحديثة كنموذج الاستجابة للتدخل، حيث قالت المعلمة (م.ن): "فأنا دائمًا أقول إن شاء الله نسعى للتطوير في هذا الجانب أتمنى أن كل شيء يصير صح"؛ كما أن إيمان المعلمة وإخلاصها وإصرارها في العمل على تعلم الطفل، يعطي نتائج إيجابية، وهذا ما يتفق مع ما ذكره فوكس وفوكسFuchs& Fuchs, 2010)) من حيث إن تطبيق الاستجابة للتدخل يحتاج إلى معلم واعٍ يسعى للتغير والتشجيع ويتبنى أساليب متطورة؛ وأن إجراء الممارسات المتوافقة مع نموذج الاستجابة للتدخل، وحل المشكلات تفترض خبرة كبيرة بين الممارسين في عمليات تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، وما يتضمنه من مكونات كالتعرف على الطفل، ومتابعة التقدم ومراقبته، ونظام الوقاية المتعدد المستويات، واتخاذ القرار على أساس البيانات، حيث يجب أن يكونوا على مستوى مهاري مرتفع في عديد من أنواع التقييم والتدخل والمراقبة.
وتفسر نتيجة متابعة التقدم للطفل ومراقبته في مساعدة المعلمات في تحديد نقاط القوة والضعف للطفل، وتوجيه البرامج التعليمية وضبطها فيما يتناسب مع احتياجات وقدرات الطفل، كذلك المساعدة في إشراك أهل الطفل في عملية تعلم أطفالهم وفهم تطوراتهم ومساهمتهم في تقديم الدعم المناسب، كذلك يساعد في تحقق الأهداف التعليمة.
عوامل تعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل:
تضمن مفهوم عوامل تعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل مفهومين فرعيين، وهما: ضعف الوعي، ومعوقات إدارية ومادية، وسيتم استعراض هذه المحاور فيما يلي:
أولا: ضعف الوعي:
أكدت معظم استجابات المعلمات على قلة وعيهن واستيعابهن بمتطلبات تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل بشكله الشامل ومكوناته على الرغم من تقديم تعريف له، وذكر نبذة مختصرة عن مكوناته للمعلمات، حيث اتضح ذلك من خلال استجاباتهن بعدم سماع مسمى نموذج الاستجابة للتدخل من قبل، كذلك نقص معرفة المعلمات ومعلوماتهن حول النموذج ومدى مناسبته للطفل، وقلة وعيهن في التعامل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، حيث ذكرت المعلمة (ع.ه): "لم أسمع بهذا المسمى"؛ وأشارت المعلمة (ر.ي): "ما عندي فكره ولا خلفية عن الاستجابة للتدخل ولم أسمع به من قبل"؛ وقالت المعلمة (و.ف): "لم أسمع من قبل عن مفهوم الاستجابة للتدخل"؛ وذكرت المعلمة (ه.ن): " لا ما عندنا هذا النموذج"، وقالت المعلمة (أ.ر): "لم أسمع عن نموذج الاستجابة للتدخل"؛ كذلك غياب إدراج البرامج والنماذج الحديثة كنموذج الاستجابة للتدخل إلى المعلمات، حيث لا يوجد أي وثائق أو دورات تحث عليه، بالرغم من وجود عدد من الدراسات التي أوضحت فعاليته.
علاوة على ذلك، قلة وعي الأهل وتعاونهم مع المعلمات، ويظهر ذلك في عدم اعتراف الأهل بمشكلة طفلهم حيث ذكرت المعلمة (هـ.ب): "فالمشكلات اللي عندنا أغلب الأمهات ما تجي تقول أن طفلي عنده مشكله"؛ نلاحظ وجود معاناة كبيرة مع استجابة الأهل لمشكلات أطفالهم وإنكارهم لها، كذلك الاكتفاء بالتشخيص الطبي فقط والذي لا يعكس المشكلة الحقيقية التي يعاني منها الطفل، فيتم تشخيصه بناءً على تعاطف الطبيب مع رغبة الأهالي، وبالتالي يتضرر من عدم الاستفادة في التعليم، فالأطفال الذين يعانون من مشكلات سلوكية وبطء تعلم، وإعاقة فكرية وغيرها من الإعاقات والمُلتحقين ضمن الروضات غير المهيئة لتدريب هذه الإعاقات، يتأثرون بشكل كبير من جانب التشخيص الصحيح وتلقي التعليم المناسب، حيث ذكرت إحدى المعلمات (م.ن): "هنا نعامل مرحلة رياض الأطفال معاملة زي الإيواء نستقبل كل الأطفال وما لنا علاقه بالصعوبة وصلنا لهذه القناعة مع الأسف"؛ وأوضحت المعلمة (م.ن) "نستقبل كل الأطفال وما لنا علاقة بالصعوبة"؛ نلاحظ هنا عدم وجود تقييم وتشخيص صحيح ومناسب لهذه المرحلة، وقد يرجع هذا إلى ضعف الوعي ووجود تحديات في تخصيص الوقت والموارد اللازمة لتقديم التقييم الشامل للطفل، كذلك التحفظ أو الخوف من التسميات السلبية والتي قد تؤثر على الأطفال، كذلك نقص التواصل مع الأهل يؤدي إلى عدم جمع معلومات كافية عن الطفل لإجراء تقييم وتشخيص صحيح للطفل.
كما أن تعاطف المعلمات مع الأهل فيما يخص استقبال أطفالهم ذوي الإعاقات المختلفة في الروضات التي خدماتها لا تلائم هؤلاء الأطفال من ذوي الإعاقات؛ يتعارض مع مصلحة الطفل في تلقي خدمات لا تناسب إعاقته، بالإضافة إلى تعامل بعض المعلمات مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم بشكل غير مرن بسبب ضغوط المعلمة، وقلة وعي المعلمات بوجود مراكز متخصصة قد تناسب بعض الحالات التي تتعامل معها، كذلك ندرة وجود دورات للمعلمات فيما يخص تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، وذلك بحسب استجابات المعلمات في احتياجهن إلى الدورات وخاصة الدورات العملية أكثر من النظرية، وذكرت المعلمة (ع.ه): "الدورات العملية مفيدة والاطلاع مفيد"؛ وقالت المعلمة (ه.ب): "أحس نحتاج دورات نروح نشوف كيف يتعاملون مع الطفل وعشان نقدر نطبق يعني البيئة الصفية بعد أحس تحتاج توفير أدوات وسائل تناسب المنهج الجديد اللي صار المنهج الوطني"؛ وقالت المعلمة (أ.ر): "أحس الدورات هي اللي تطور من المعلمة وفتره تدريبية تطبيقية تطلع فيها على الأطفال وتشوفهم من حولها قبل التوظيف"؛ وذكرت المعلمة (م.ن): "الدورات أكيد لو في دورات إحنا نحرص نلتحق فيها وأنا أرى أن الممارسة هي أهم شيء ممارسة الشيء هي أهم شيء فهي اللي تطور الشخص إحنا لو نطبق مثلًا ممارسة أو أي شيء تطبيق فعلي، فنتعلم منه أكثر من دراسته نظري"، نلاحظ مما سبق أهمية الدروات للمعلمات وأن الاستفادة منها عالية.
إضافة إلى ذلك، ضعف الوعي بعدم تقبل معلمات رياض الأطفال لرأي معلمة التربية الخاصة، وهذا يظهر بحسب إفادة المعلمة (م.ن): "الى الآن حاسين أن مالنا علاقه التعليم العام بالتربية الخاصة فأنتم تأخذون بدل وأحنا ما نأخذ بدل"؛ كذلك ضعف فكر المعلمات وعدم إيمانهن وتصورهن بأن النموذج قد يحسن من الطفل فعلًا ويرون أنه عبء إضافي، إضافة إلى ضعف وعي الإدارة وبالتالي عدم دعم الإدارة للمعلمات فيما يخص تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، واعتقاد بعض معلمات رياض الأطفال بأن استخدام الأدوات والوسائل التقليدية كافية، مما يؤدي في عدم السعي نحو التطوير. إضافة إلى ضيق الوقت، ويتضح هذا من خلال ما أشارت إليه المعلمة (هـ.ن): "إحنا روضة قديمة مكتفية من ناحية الإجراءات والوسائل والبيئة فما أحس في شيء أحتاجه يدعمنا أساسي"، ويتفق هذا مع ما ذكره الحسين (2017) في مقاومة التغيير وضيق الوقت؛ كذلك ضعف التعاون بين فريق العمل، وغياب التنسيق والتواصل فيما بين المراكز ومؤسسات التعليم، وغياب الأدلة الإجرائية، حيث لا توجد وثائق أو أدوات يتم الاعتماد عليها فيما يخص تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، لذلك نلاحظ مما سبق وجود ضعف وقلة الوعي من قبل الأهل والمعلمات نحو هذا النموذج، وحاجة الميدان إلى وجود أدوات تتمتع بكفاءة فنية لرصد التقدم؛ وهذا يتفق مع دراسة كلٍّ من (الخوفي،2021؛ أباحسين والشويعر، 2019؛ المالكي،2017) في وجود معوقات كبيرة في التقييم والتشخيص والتدخل المبكر والأنظمة الإدارية، وآلية تقييم طلاب التربية الخاصة، والقبول والأهلية، وقلة فرص التطوير المهني للمعنيين، وقد تفسر نتيجة ضعف الوعي بمتطلبات الاستجابة للتدخل إلى نقص التدريب والتأهيل، وارتفاع الأعباء الوظيفية للمعلمة، عدم وجود دعم ومتابعة من قِبل الإدارة في الروضة أو الجهات المعنية، وجود صعوبة لدى بعض المعلمات في فهم تعقيدات متطلبات نموذج الاستجابة للتدخل وتطبيقها بفعالية، وذلك بسبب اختلاف مستويات الاستيعاب والخبرة الفردية، أما ضعف وجود فريق عمل متعدد التخصصات قد يرجع إلى قلة الموارد المالية، نقص الكفاءات المتخصصة، عدم الإدراك الكافي للفوائد المترتبة على وجود الفريق، وجود تحديات في التنظيم وإدارة الفرق بشكل فعال، قد تكون الروضة مشغولة بضغوط الجدول الزمني والتنظيم اليومي مما يجعل من الصعب توفير الوقت الكافي للتعاون بين فريق متعدد التخصصات رغم أهميته.
ثانيًا: معوقات إدارية ومادية:
أوضحت المشاركات بعض المعوقات الإدارية والمادية لتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل في واقعهن داخل روضات رياض الأطفال، والتي تتضح في ضعف البنية التحتية اللازمة لتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، وقلة الموارد المادية في عدم التنوع في الوسائل والأدوات المستخدمة، وعدم تناسب عدد الأدوات مع عدد الأطفال؛ حيث قالت المعلمة (ر.ي): "أحتاج دعم المواد الحسية للأطفال، وتكون كافية تكون مهيئة أني أقدمها كمعلمة على حسب الخطة والأفكار اللي أود طرحها على الأطفال". نلاحظ وجود ضعف في تهيئة الفصول وتجهيزها بالأدوات التعليمية، مما يعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، ولا يتوافق مع أهم مبادئ النموذج في تقديم تعليم عالي المستوى، وهذا يتفق مع دراسة الحسيني، والزارع (2020) في نتائجها من حيث إن المدارس تفتقر وبشكل ملحوظ إلى متطلبات المستوى الأول (تعليم فعال مستند على الأدلة والبراهين)، وهذا بلا شك يتسبب في ضعف تفعيل الاستراتيجيات والأساليب المناسبة والمتوافقة مع نموذج الاستجابة للتدخل. كذلك من المعيقات المادية التي تعيق تطبيق الاستجابة للتدخل صغر الفصول الدراسية مقارنة مع كثرة أعداد الأطفال داخل الصف الواحد خاصة في الروضات الحكومية، وذلك بحسب ما ذكرته المعلمة (ع.ه): " الحين الأعداد الحكومية عددها كبير مرة وصلت ال 60 إذا ما كنت تعرفين وصار ينقسمون أ و ب"؛ وهذا يتفق مع دراسة أبو الرب (2016) التي أوضحت عدم تهيئة البيئة بشكل عام في المؤسسات التعليمية السعودية، ويقصد بها: عدم تعاون معلمي الصف العام، وأيضًا الأعداد الكبيرة للأطفال. وقد تفسر هذه النتيجة إلى وجود تحديات في البنية التحتية مثل الصيانة وتوفير المرافق اللازمة، تكاليف التشغيل والرواتب للموظفين في الروضات، ارتفاع تكاليف المواد التعليمية، والاعتماد على التمويل الخاص، فبعض الروضات قد تعتمد بشكل كبير على التمويل الخاص، وهذا قد يكون محدودًا ولا يكفي لتلبية جميع الاحتياجات.
أما المعيقات الإدارية، فتتمثل في قلة دعم إدارة الروضة للمعلمات في متابعة الأطفال، وضعف تصرف الإدارة في حال غياب المعلمة، ويتضح ذلك في عدم وجود بديل لغياب المعلمة، وبالتالي انقطاع الطفل عن الجلسات الخاصة به ومتابعته من قِبل المعلمة، مما يؤثر على نتائج تقييم الطفل، ويتضح ذلك بحسب ما أشارت إليه المعلمة (أ.ر) في قولها: "التطبيق عندنا دائمًا يبدأ تطبيق من البداية لكن لا يستمر يعني ما في متابعة على الطفل بشكل مستمر وبشكل دقيق ويتابعون تحسن الطفل حتى إذا كان فيه غياب ما يجيبون بديل"؛ وهذا يتعارض مع مكونات نموذج الاستجابة الأساسية للتدخل في مراقبة تقدم الطفل باستمرار من أجل اتخاذ القرار على أساس البيانات والمعلومات التي يتم التوصل إليها، وبالتالي تساعد تلك المعلومات في معرفة احتياج كل طفل، والذي قد ينتهي إما باستمرار التدخل أو تغيير مستواه.
كذلك هناك محدودية عمل المعلمة بملاحظة الطفل وسلوكياته داخل الصف، وعدم القدرة على ملاحظته في البيئات الأخرى كالمنزل؛ لمعرفة الأسباب المؤدية إلى المشكلات لدى الطفل، وضعف وجود فريق متعدد التخصصات رغم وجود حالات تستدعي وجود الأخصائيين، وهذا يتفق مع ما ذكره كلٌّ من (أبو الرب، 2016؛ البلوي، 2019؛ الجهني والصياد، 2020) في نقص مهارات العمل، وضعف الوعي بأهمية التنسيق بين فريق العمل المتعدد التخصصات، وعدم وجود الوقت الكافي واللازم لتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، ويتضح هذا بحسب ما ذكرته المعلمة (ع. هـ): "أشوف هذا النموذج يحتاج معلمة تربية خاصة أو صعوبات تعلم تصير هي تلاحظ الصعوبات، وتسعى لها لأنها هي تكون متفرغة وتركيزها على هؤلاء الأطفال لأن هذا يبذل جهدًا ووقتًا لهذه الصعوبات".
نستنتج مما سبق وجود عدد من العوامل التي تعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، والذي اتضح من خلال ما أشارت إليه معلمات رياض الأطفال من واقع تجاربهن، ولعل أبرزها هي: ضعف وعي المجتمع بداية من الأهل، ثم معلمة رياض الأطفال، ثم الإدارة القائمة على الروضة، وعدم التقبل لما هو جديد؛ وقد يرجع عدم التقبل بسبب كثرة الأعباء على المعلمة، والخوف من التغيير، فبعض المعلمات قد تكون متمسكة بالطرق التقليدية للتدريس والتعلم، ويمكن أن يثير أي تغيير جديد لديهن شعورًا بعدم اليقين والقلق، أو عدم فهم واضح للمعلمات حول فوائد التحسينات الجديدة كنموذج الاستجابة للتدخل، مما يؤدي إلى عدم قبولهن للتغيير؛ ويتفق هذا مع كلٍّ من دراسة العقيل والدغمي (2016)، والبلوي (2019) من حيث ضعف الوعي والاستعداد لتطبيق الاستجابة للتدخل، وأن مستوى تطبيق أسلوب الاستجابة للتدخل مع الطلبة المعرضين لخطر صعوبات التعلم كان منخفضًا، وهذا يقف عائقًا أمام تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل بشكله الصحيح، كما جاء في الأدبيات العلمية التي طبقته في عدد من المؤسسات التعليمة وأثبتت فاعليته (أبو نيان، 2021).
عوامل تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل:
تضمن مفهوم عوامل تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل عدد من المفاهيم الفرعية، وهي نشر الوعي بأهمية نموذج الاستجابة للتدخل، وإيجاد فريق عمل متعدد التخصصات، وتوفير الموارد المادية؛ وسيتم استعراض هذه المحاور فيما يلي:
أولًا: نشر الوعي بأهمية نموذج الاستجابة للتدخل:
أفرزت المقابلات الشخصية مع معلمات رياض الأطفال في الروضات (الحكومية والأهلية) وجود بعض العوامل المعززة لتطبيق الاستجابة للتدخل، والتي يمكن أن تساعد في تطبيقه من أجل التعامل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم، منها: استجابات المعلمات نحو نشر الوعي والذي اتضح بوجود اتجاه إيجابي لديهن نحو نشر الوعي حول تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، كذلك حثّ المعلمات على الوعي بوجود دورات متاحة للمعلمين سواء دورات من وزارة التعليم أو دورات خاصة بموضوعات تخص التعامل مع الأطفال، ووجود إقبال من المعلمات ورغبة في التوعية والتطوير من أنفسهن من خلال هذه الدورات؛ ويتضح ذلك فيما ذكرت المعلمة (م. ن): "الدورات أكيد لو في دورات إحنا نحرص نلتحق فيها وأنا أرى أن الممارسة هي أهم شيء"؛ كذلك رغبة المعلمات في نشر الوعي حول التوجه إلى التعامل مع التعليم الإلكتروني في تحضير الدروس والمتابعة؛ حتى يسهل من تطبيق نماذج حديثة وجديدة كالاستجابة للتدخل، إضافة إلى ذلك أوضحت المعلمات أن نشر الوعي يسهم في وجود المعلمات الخبيرات في التعامل مع الأطفال عن طريق نقل المعرفة والخبرات والتجارب، كذلك نشر الوعي ساعد في حصول أغلب المعلمات على دورات في عدد من البرامج، مثل: التعلم بالاستقصاء في مرحلة الطفولة المبكرة، وتصميم الألعاب الإلكترونية، والتدخل المبكر لذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ومعايير التعلم المبكر النمائية للفئة العمرية (3-6) سنوات، ودورة التغذية الراجعة ضمن دورة مشروع معايير التعلم المبكر النمائية للفئة العمرية (3-6) سنوات، ومقياس هيرمان، ومقياس الجودة في رياض الأطفال، وكيف نحاور أطفالنا، ووجود ورقة التطوير المهني لكل معلمة تحوي اسم البرنامج والدورات الملتحقة بها، واستخدام عدد من الاستراتيجيات والممارسات المبنية على الأدلة، ومنها: التعزيز والتعلم بالقصة والتعلم المرئي والتدريب على المهارات الاجتماعية والنمذجة، واستخدام التكنولوجيا، مثل: أجهزة البروجكتر، والفيديو، والتدخلات بواسطة الوالدين.
كما أن وعي وزارة التعليم ومبادرتها في تطوير برامج الحضانات ورياض الأطفال والتوسع في خدماتها في جميع أنحاء المملكة ضمن مبادرات برنامج التحول الوطني؛ يسهم بشكل كبير في تحقيق جودة الخدمات المقدمة في مجال رياض الأطفال في مسارها النوعي من خلال بناء المنهج والمعايير ونظام الجودة وتطوير الأنظمة والسياسات، وتطوير المنهج في الروضات إلى المنهج الوطني، وكذلك الاعتماد على المنصات الإلكترونية في تحضير الدروس وعرضها يسهم في نشر الوعي بأهمية تطبيق الأساليب الحديثة والمقاييس الفعالة لدعم الأطفال، وهو ما ذكرته المعلمة (م.ن) في قولها: "أستخدم الخطط الفردية فقط لأطفال التربية الخاصة أستخدم مقياس البورتج". نلاحظ استخدام بعض المعلمات المقاييس مثل: مقياس بورتاج وهو من المقاييس التي أثبتت فاعليتها في تنمية مهارات الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم كما جاء في دراسة صبرة (2017)، والتي أوضحت فاعلية مقياس بورتاج في تنمية المهارات اللغوية لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم في مرحلة الروضة.
استنتاجًا مما سبق يوصي الباحثان بأنه يجب الحرص على التوعية بتفعيل التقنية من خلال المواقع الإلكترونية واستغلالها في التواصل مع فريق العمل المتعدد التخصصات والتواصل مع الأسرة، حيث اتضح من تجربة التعليم عن بُعْد تواصل الأهل بشكل كبير مع المدرسة، لذا ينبغي استغلالها بطريقة إيجابية في مناقشة الأهل في أي وقت يسمح لهم ومن المنزل، مما يسهل العملية التواصلية وخاصة للأهل غير المتفرغين أو لديهم التزامات في مسؤولياتهم اليومية، والتي تشكل تحدي في الالتزام بأدوارهم الوالدية نحو أطفالهم، حيث ذكرت إحدى المعلمات بانشغال الأهل عن الطفل، مما أثر عليه سلبًا، ومما يدلل على ذلك ما أشارت إليه المعلمة (ع.ه) في قولها: "نحتاج أخصائية نفسية تلاحظ الطفل وتتعايش معه وتلاحظه على الأقل لو مدة قصيرة يعني وبعدين تتواصل هي مع الأهل وخصوصًا للأهل غير المستجيبين وهذا أكثر شيء نعاني منه بشدة"، كذلك نشر الوعي حول أهمية تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، حيث ذكرت المعلمة (م.ن) بضرورة التوعية في تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل بشكله الصحيح كما جاء في الدراسات، بقصد الصدق والإخلاص في التنفيذ؛ كذلك ذكرت أغلب المشاركات من المعلمات ضرورة التوعية بتفعيل الفريق المتعدد التخصصات، والعمل كذلك على التطوير المهني لقادة المدارس وإداراتها، حيث إن وعي القادة بأهمية الاستجابة للتدخل يُشكل دورًا كبيرًا في تطبيقه بشكل فعال، وهذا بحسب ما ذكرته المعلمة (م.و): "الوعي صراحة بيحل المشاكل حتى الوعي في الروضة مو بس من جانب الأهل سواء من الإدارة من المعلمات خصوصًا الإدارة لو كانت واعية هي راح توعي المعلمات لأن هي لها سلطة "؛ وأكدت المعلمة (م.و) أن "أهم شيء التثقيف والوعي يعني لو وعوا وفهموا خلاص"؛ لذلك يجب العمل على التوعية ونقل التجارب الناجحة فيما يخص تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل لإقناع المجتمع وأهالي الأطفال على المساعدة في تطبيقها، إضافة إلى تفعيل الدورات العملية التطبيقية وعدم الاكتفاء بالدورات النظرية، وتدريب الطاقم التعليمي والإداري في المدارس لتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل.
ثانيًا: إيجاد فريق عمل متعدد التخصصات:
يُعدُّ فريق العمل المتعدد التخصصات أساسيًا في نموذج الاستجابة للتدخل؛ لأنه يسهم في تقديم خدمات متكاملة، ولذلك فقد أكدت استجابات معلمات رياض الأطفال على أهمية الفريق المتعدد التخصصات، حيث قالت المعلمة (و.ف): "وأحس الأخصائي النفسي مهم"؛ وتابعت المعلمة (و.ف) قائلة: "ما عندنا أخصائية تساعدنا لو صار الطفل عنده مشكله أو شيء لأن مثلا جتنا مشاكل أطفال مثلًا أهله مطلقين فيدخلونا مع الطفل في مشاكلهم فأنا معلمة ماني متخصصة فالمشاكل هذي"؛ وقالت المعلمة (س.ل): "أحس المعلمة صعب أنها تكون لحالها صعب أنها تمسك الطفل اللي عنده صعوبة مع الأطفال الآخرين، ففعلًا نحتاج فريق ومعلمات مساعدات على أساس نقدر نعلم جميع الأطفال"؛ وقالت المعلمة (ع.ه): "أنا أرى على الأقل يكون لكل روضة توظف معلمة تربية خاصة بتطلع نتيجة رائعة صراحة"؛ وقالت المعلمة (أ.ر): "كثير الصدق أحس نحتاج متخصصين بشكل عميق وكفء ويأخذون الموضوع بجدية لأن في أطفال صدقًا صدقًا يعانون زي ما قلت في البداية في أطفال أهلهم ما يعرفون عن حالتهم لكن أنا كمعلم متخصص أو فريق متخصص أشخص الحالة وأبدأ أسوي علاج حتى يقدر الطفل يتأقلم مع الأطفال من حوله، فمفروض يكون فيه فريق ومختصون بشكل أكبر ومفروض يكون فيه نشاطات خارجية أكثر حتى الوسائل تكون موجودة في الفصل وما يضطر أنه ينعزل ويقوم من الفصل معهم"، إضافة إلى ذلك أكدت المعلمة (أ.ر) على أهمية الفريق المتعدد التخصصات، والتشخيص الجيد من قِبل متخصص كفء وصادق، مع الحرص على الجدية والإخلاص في العمل، كما أن ضرورة توفير فريق متعدد التخصصات يتفق مع دراسة الخوفي (2021)، ودراسة الجهني (2019) في أهمية توفير فريق العمل المتعدد التخصصات الذي يساعد في نجاح تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل.
لذلك يجب إيجاد فريق عمل متخصص للتخطيط والتنفيذ والإشراف على برامج الاستجابة للتدخل، ووضع الحلول للمشكلات التي تواجه المدارس والمعلمين، ولتطوير تطبيق النموذج، كذلك متابعة تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل ونشر الوعي، وذلك من خلال المشرفين التربويين التابعين لوزارة التعليم على أهمية تعاون فريق العمل المتعدد التخصصات في تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، ومدى فاعلية النموذج وفريق العمل في عملية التدخل المبكر، وأيضًا في التعرف على الأطفال المتعثرين دراسيًا، وتقديم الاستشارة للمعلمين والمعلمات والروضات أو المدارس بشكل عام، ليسهل عليهم تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل بشكله الصحيح، وحثّ وزارة التعليم ممثلة بإدارة التربية الخاصة على وضع أساس قانوني وتشريعي يُلزم بالتنسيق بين فريق العمل المتعدد التخصصات اللازم لتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، وذلك للتعرف على الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم، والعمل على وجود معلمات بديلات في حال حصول ظروف أو تغيب معلمة الطفل، وذلك حتى لا يتأخر الطفل ويتعثر نتيجة عدم انتظام فترات التدريب والتعليم.
ثالثًا: توفير الموارد المادية:
أجمعت أغلب الاستجابات على ضرورة تهيئة البيئة وتوفير الموارد المادية كالأدوات والوسائل، حيث أكدت المعلمة (أ.ر): "حتى الوسائل تكون موجودة في الفصل وما يضطر أنه ينعزل ويقوم من الفصل معهم"؛ وتابعت قائلة: "في طفل من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة عنده حالة تقزم ما شاء الله هو ذكي ويستوعب فما تجذبه الوسائل ولا الأدوات فيحس أن الكلاس ممل ويتجنب دائمًا اللعب ويجلس لحاله حتى في فترة الأركان والألعاب لازم يكون في تحدي ووسائل تجذبه"؛ وقالت المعلمة (س.ل): "الروضة تحتاج تحسينات من الناحية الصفية والإدارية"، وقالت المعلمة (م.ن): "أكثر شيء ينقصنا الدعم المادي بالنسبة للفصول فهي الفصول غير مجهزة كما يجب عدم توفر معظم الوسائل فأنت عارفة أن معظم الوسائل إحنا نوفرها المعلمات هم اللي قاعدين يوفرونها إحنا لما نطالب تجينا أشياء غير اللي نطلبها فيقولون هذا الموجود بكيفكم الأشياء المادية هي الأساس لو وفرت تمام"؛ كذلك قالت المعلمة (ر.ي): "أحتاج دعم المواد الحسية للأطفال وتكون كافية، تكون مهيئة أني أقدمها كمعلمة على حسب الخطة والأفكار اللي أود طرحها على الأطفال"؛ وقالت المعلمة (و.ف): "وطبعًا أكيد يعني الفصول مو مهيئة مرة يعني تحتاج تهيئة وصغيرة مرة على الأطفال وعددهم". هكذا تتضح مما سبق حاجة المعلمات إلى وجود دعم من جانب الموارد المادية وتهيئة البيئة بشكل يناسب احتياجات جميع الأطفال، حيث تشمل الموارد المادية الأدوات التعليمية المتنوعة مثل: الكتب، والألعاب التعليمية، والمواد اللازمة لتنفيذ الأنشطة التعليمية، وهذا يسهم في تعزيز تفاعل الأطفال وفهمهم؛ كذلك البنية التحتية، وتشمل: الفصول الدراسية المجهزة بشكل مناسب لعدد الأطفال، والمساحات الخارجية للعب، والمناطق الهادئة للتعلم، وهذا يسهم في خلق بيئة ملائمة لتطبيق الاستجابة للتدخل؛ أيضًا توفير التكنولوجيا المناسبة، وتشمل: أجهزة الحاسوب، والأجهزة اللوحية، والبرامج التعليمية التي تساعد في تعزيز التفاعل والاستفادة من التكنولوجيا في عملية التعلم؛ بالإضافة إلى توفير الموارد المادية لتدريب المعلمين على استخدام وتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، والذي يساعد في تحسين جودة التدريس والتعلم. في السياق ذاته ذكرت المعلمة (ه.ب): "عشان نقدر نطبق يعني البيئة الصفية بعد أحس تحتاج توفير أدوات وسائل تناسب المنهج الجديد اللي صار المنهج الوطني"؛ كذلك توفير الموارد التعليمية كالكتب المرجعية للمعلمات، وذلك بسبب وجود احتياج من المعلمات لمعلومات ومراجع علمية توجيهية كافية حول تطبيق النموذج، حيث ذكرت المعلمة (هـ. ب): "لو يكون فيه مثلًا استمارات أو نماذج نقدر نسويها ونطبقها على الأطفال يا ليت يكون فيه توزع على الروضات وتكون واضحة أو يعطونا دورات على النموذج لو شيء بسيط يعني لو صادفت مشكلة مثلًا أعرف أحلها، ويكون عندي استمارة موحدة أقدر أعتمد عليها وأرجع لها"؛ إضافة إلى توفير الدعم الإداري من المسؤولين وأصحاب القرار من جانب توفير الموارد المادية لتحسين وتسهيل تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل بشكل عام؛ كما أن توفير الموارد المادية المناسبة يساعد في خلق بيئة تعليمية غنية ومحفزة تسهم في نجاح وفاعلية تطبيق استجابة للتدخل في مرحلة رياض الأطفال. هذا، وتتفق أهمية توفير الموارد المادية مع دراسة الخوفي (2021) في أن الموارد المادية تؤدي دورًا حيويًا في تقديم الخدمات وتحقيق الأهداف، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة ومشوقة للأطفال، وتفسر هذه النتيجة بوجود حاجة في الميدان إلى توفير الموارد المادية المتنوعة؛ لإنها تساعد في تنمية مهارات الأطفال بمختلف المجالات مثل الإبداع، التفكير النقدي، والمهارات الحركية، كذلك تسهم في تحفيز الاستقلالية لدى الأطفال وتشجيعهم على استكشاف وتجربة العالم من حولهم، وتحسين بيئة التعلم وجعلها أكثر جاذبية وفعالية في تحفيز الفهم والاستيعاب.
الخاتمة والتوصيات:
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على واقع تطبيق الاستجابة للتدخل مع الأطفال المعرضين لصعوبات التعلم من تجارب معلمات رياض الأطفال، فيما يتعلق بواقع استخدام المعلمات لمكونات نموذج الاستجابة للتدخل، وهي: المسح الشامل من خلال التعرف على الطفل المُعرض لصعوبات التعلم، ومراقبة التقدم، ونظام الوقاية المتعدد المستويات، واتخاذ القرار على أساس البيانات. بناءً على ذلك توصلت نتائج هذه الدراسة إلى عدد من المفاهيم الرئيسية، وهي أولًا: ممارسات تتوافق مع نموذج الاستجابة للتدخل والمتمثلة في تفعيل الاستراتيجيات الحديثة، والتعرف على الطفل المُعرض لصعوبات التعلم، ومتابعة التقدم للطفل ومراقبته؛ ثانيًا: عوامل تعيق تطبيق الاستجابة للتدخل والمتمثلة في ضعف الوعي، ومعوقات إدارية ومادية؛ ثالثًا: عوامل تعزز تطبيق الاستجابة للتدخل والمتمثلة في نشر الوعي بأهمية نموذج الاستجابة للتدخل، وإيجاد فريق عمل متعدد التخصصات، وتوفير الموارد المادية.
هذا، وقد تم استعراض هذه النتائج بطريقة تحليل المفاهيم النوعي الانعكاسي (reflexive thematic analysis) (Byrne, 2021)؛ وهو إحدى الطرق لتحليل البيانات النوعية، ويتضمن تلخيص استجابات المشاركات في رموز ومن ثم فئات، وعلى الرغم من وجود عدد من الممارسات المتوافقة من النموذج، وعدد من العوامل التي تعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل إلا أن هناك عوامل تعزز تطبيق النموذج وينبغي الاستفادة منها، إضافة إلى وجود المبادرات القائمة ضمن الرؤية التعليمية (2030) والتي تعكس فرصًا غنية بإمكانات عالية الجودة يمكن استثمارها لتطوير مجال التربية الخاصة، وتجويد بعض الممارسات المطبقة والمتوافقة مع مكونات نموذج الاستجابة للتدخل، وتحقيق نتائج إيجابية في المستقبل القريب. بناءً على ذلك نوصي بمزيدٍ من البحث حول تقييم الوعي والاحتياجات التدريبية لمعلمات رياض الأطفال فيما يتعلق بتطبيق نموذج الاستجابة للتدخل في التعامل مع الأطفال المُعرضين لصعوبات التعلم؛ وذلك للتغلب على العوامل التي تعيق تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، والتي قد تواجههم أثناء تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل، باعتبارها فجوة بحثية ظاهرة بشكل جلي خلال هذا التحليل، وبحسب الدراسات التي تم الوصول إليها خلال هذه الدراسة. كذلك إجراء عديد من الدراسات والأبحاث والاستفادة من نتائج البحوث، والعمل على دراسات وأبحاث مستمرة لمراقبة النتائج وتجاوز العقبات، حتى ينجح تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل؛ بالإضافة إلى إجراء مزيد من الدورات التدريبية التي تتناول تطبيقًا عمليًا واضحًا حتى يسهل على المعلمات تفعيلها وتطبيقها بالشكل الصحيح. أيضًا، توصي الدراسة بنشر الوعي بأهمية نموذج الاستجابة للتدخل، مع إيجاد فريق عمل متخصص للتخطيط والتنفيذ والإشراف على نموذج الاستجابة للتدخل؛ وذلك لوضع الحلول للمشكلات التي تواجه الروضات أو المؤسسات التعليمية والمعلمين والمعلمات؛ الأمر الذي يسهم في تطوير تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل وتجويده.
المراجع العربية:
أبو نيان، إبراهيم. (2021). صعوبات التعلم من التاريخ إلى الخدمات. الرياض: دار الموسوعة للنشر والتوزيع.
أبا حسين، وداد، والشويعر، شروق. (2019). آراء أعضاء هيئة التدريس نحو استخدام نموذج الاستجابة للتدخل في برامج صعوبات التعلم. مجلة التربية الخاصة والتأهيل، 8(28)، .32-1
الباز، نورة، والبتال، زيد. (2016). مستوى الوعي بمؤشرات صعوبات التعلم لدى معلمات رياض الأطفال بمدينة الرياض. مجلة التربية الخاصة والتأهيل، 4 (15)، 38 .75-
أبو الرب، محمد. (2016). مشكلات تشخيص الطلبة لذوي صعوبات التعلم من وجهة نظر اختصاصي صعوبات التعلم في المملكة العربية السعودية. مجلة الشمال للعلوم الإنسانية: جامعة الحدود الشمالية - مركز النشر العلمي والتأليف والترجمة، 1(2).
الأنصاري، علي، اليماني، سعيد، والزيات، فتحي. .(2009) مدى فاعلية نموذج الاستجابة للتدخل في تنمية مهارة تعرف الكلمة لذوي صعوبات التعلم من تلاميذ المرحلة الابتدائية بدولة الكويت (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة الخليج العربي، المنامة. مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/727864
إدريس، نيفين. (2023). فاعلية استراتيجية الاستجابة للتدخل في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائي. مجلة التربية، 198 (2)، 573 .617-
بو صخر، حوراء، اليماني، سعيد، والعدل، عادل. .(2014) فاعلية برنامج قائم على نموذج الاستجابة للتدخل في تحسين الأداء المعرفي لأطفال الروضة المعرضين لخطر صعوبات التعلم (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة الخليج العربي، المنامة. مسترجع من:
http://search.mandumah.com/Record/1013123
البلوي، فيصل. (2019). مستوى تطبيق أسلوب الاستجابة للتدخل من قبل معلمي المرحلة الابتدائية مع الطلبة المعرضين لخطر صعوبات التعلم، وفاعلية برنامج تدريبي في تحسينها. مجلة التربية الخاصة والتأهيل: مؤسسة التربية الخاصة والتأهيل، 9(31)، 0-36.
جودة، جيهان. (2014). أساليب التعامل مع المشكلات السلوكية والنفسية للأطفال. مكتب التربية العربي لدول الخليج.
الجهني، بيان، والصياد، وليد. (2019). المعرفة بنموذج الاستجابة للتدخل المبكر ومعوقات تطبيقه: دراسة مقارنة بين مشرفي صعوبات التعلم ومشرفي الصفوف الأولية. مجلة مركز الخدمة للاستشارات البحثية،21 (59)، 1 .25-
الحسين، عبد الكريم. (٢٠١٧). الممارسات المبنية على الأدلة في التربية الخاصة الطريقة المثلى للتعامل مع الطلبة ذوي الاعاقات. مجلة التربية الخاصة والتأهيل، 6(21)، 52-91.
الخوفي، أمل. (2021). أنسب الآليات التطبيقية المستمدة من نموذج الاستجابة للتدخل. مجلة التربية الخاصة والتأهيل، 12(40)، 74 .100 -مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1130991
الزارع، أحمد، والحسيني، عبد الناصر. (2020). مدى توافر متطلبات نموذج الاستجابة للتدخل في المدارس الابتدائية الحكومية بمحافظة جدة من وجهة نظر معلمي ومعلمات صعوبات التعلم. المجلة السعودية للتربية الخاصة، 13، 19 .50-
الزيات، فتحي. (2006). القيمة التنبؤية لتحديد وتشخيص صعوبات التعلم ين نماذج التحليل الكمي ونماذج التحليل الكيفي. المؤتمر الدولي لصعوبات التعلم، الرياض.
الزيات، فتحي. (2008). قضايا معاصرة في صعوبات التعلم. القاهرة: سلسة علم النفس المعرفي وصعوبات التعلم. القاهرة: دار النشر للجامعات.
الشافعي، رباب. (2017). برنامج تدريب إلكتروني مقترح لتنمية كفايات معلمات رياض الأطفال لتنمية قدرات الأطفال ذوي صعوبات التعلم في ضوء أهداف التدخل المبكر. المجلة العلمية لكلية التربية للطفولة المبكرة، 3(4)، 635 .756 -مسترجع من:
http://search.mandumah.com/Record/1094923
صبرة، محمد. (2017). فعالية برنامج تدريبي باستخدام طريقة بورتاج لتنمية المهارات اللغوية لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم. المجلة العربية لعلوم الإعاقة والموهبة، 1، 176 .209- مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/1276027
العقيل، أروى. الدغمي، عهود. (2016). وعي واستعداد العاملات في برامج صعوبات التعلم باستراتيجية الاستجابة للتدخل في منطقة الجوف، 196 (2)، .670 - 699استرجعت من:
file:///C:/Users/New%20User/Downloads/0790-169-002-020.pdf كاظم، علي، والشوربجي، سحر، والمعمرية، ثرياء. .(2016) مدى صعوبة الصعوبات النمائية للأطفال العمانيين حسب اختلاف الجنس والبرنامج التعليمي. مجلة اتحاد الجامعة العربية للتربية وعلم النفس، (4) 14، .78-39
كريسويل، جون. (2019). تصميم البحوث الكمية، النوعية، المزجية (عبد المحسن القحطاني، مترجم). دار المسيلة. (العمل الأصلي نُشر عام 2014).
المالكي، نبيل. (2017). معوقات تطبيق الدليل التنظيمي والإجرائي لمعاهد وبرامج التربية الخاصة كما يدركها العاملون فيها. مجلة التربية الخاصة والتأهيل، 5 (17)، 49-81.
محمد، عادل، وسليمان، سليمان. (2005). قصور بعض المهارات الأكاديمية لأطفال الروضة كمؤشرات لصعوبات التعلم. المجلة المصرية للدراسات النفسية، 15(48)، 15 .50-
مفضل، مصطفى، وزيري، نهى، خليل، هدي، وحفني، علي. (2019). الاستجابة للتدخل كنموذج لعلاج صعوبات التعلم. مجلة العلوم التربوية، 39، 485 .506-مسترجع من:
http://search.mandumah.com/Record/1021711
المرزوق، نهلاء. (2021). التعرف المبكر على صعوبات التعلم لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة "رياض الأطفال". مجلة التربية، 190(3)، 341. 372 -
وزارة التعليم. (1442). وزارة التعليم تصدر دليل العمل في مرحلة رياض الأطفال ذوي الإعاقة من خلال تطبيق الروضة الافتراضية: https://www.moe.gov.sa/ar/mediacenter/MOEnews/Pages/WG-1442-876.aspx
المراجع الأجنبية:
Bauer, M. E. (2016). Response to intervention in the kindergarten classroom. School of Education and Leadership Student Capstone Theses and Dissertations.
https://digitalcommons.hamline.edu/hse_all/4091
Bryman, A. (2004). Social research methods (2nd ed.). New York: Oxford University Press.
Byrne, D. (2021). A worked example of Braun and Clarke’s approach to reflexive thematic analysis. Quality & quantity, 56(3), 1391-1412.
Cottrell, J. M. (2014). The Definition, Identification, and Cause of Specific Learning Disabilities: A Literature Review. https://doi.org/10.26076/12a3-9b70
Davidoff, L. J. (2012). A case study of the use of response to intervention in a public school district. Rutgers The State University of New Jersey, School of Graduate Studies.
Fuchs, D., & Fuchs, L. S. (2006). Introduction to response to intervention: What, why, and how valid is it? https://pdfs.semanticscholar.org/cc97/226199632f5b5b5094e723828e0489b6afe5.pdf
Hsieh, H.-F., & Shannon, S.E. (2005). Three approaches to qualitative content analysis. Qualitative Health Research, 15(9), 1277-1288.
Kohlbacher, F. (2006). The Use of Qualitative Content Analysis in Case Study Research. Forum: Qualitative Social Research, 7(1), Art. 21.
Lerner, J., Lowenthal, B., & Egan ,R.(2003). Preschool children with special needs: Children at-risk and children with disabilities. Boston: Allyn & Bacon.
Merriam, S. & Tisdell, E. (2015). Qualitative Research: A Guide to Design and Implementation- (4thEd). Jossey-Bass.
National Joint Committee on Learning Disabilities (NJCLD). (2005). Responsiveness to Intervention and Learning Disabilities.A report representing eleven national and international organizations.
http://www.nrcld.org/mission.shtml.
National Joint Committee on Learning Disabilities. (2006). Learning Disabilities and Young Children: Identification and Intervention. A Report from the National Joint Committee on Learning Disabilities, (October 2006) (pp. 63-72). https://doi.org/10.2307/30035516
National Joint Committee on Learning Disabilities. (1986). Learning Disabilities and the Preschool Child. A Position Paper of the National Joint Committee on Learning Disabilities, February 22, 1986. Learning Disability Quarterly, 158-163.
Taylor, H. G., Anselmo, M., Foreman, A. L., Schatschneider, C., & Angelopoulos J. (2000). Utility of kindergarten teacher judgments in identifying early learning problems. Journal of Learning Disabilities, 33(2), 200–210