تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج في مرحلة الدراسات العليا قائم على رؤية ويليام دول

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

كلية التربية ، جامعة القصيم

المستخلص

يهدف هذا البحث إلى تقديم تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج لطلاب وطالبات الدراسات العليا باستخدام رؤية المنهّج الأمريكي المعاصر ويليام دول التي جاءت كبديل لنموذج رالف تايلر الذائع الصيت والذي سيطر على نظرية المنهج لأكثر من سبعين عاما ولا زال تأثيره حاضراً في المدرسة المعاصرة. هذه الرؤية التي عُرفت باسم الراءات الأربع 4R'S وهي هنا الثراء Richness، والتواتر Recursion، والارتباط (العلاقات) Relations، والصراحة Rigor تستخدم مفاهيم جديدة هي التنظيم الذاتي والمجاز أو السرد والتركيب complexity . استخدم الباحث منهجاً وصفياً تحليلياً في إعداد قائمة بأهم المواضيع التي يمكن تضمينها في هذا المقرر المقترح واستخدام استبانة تم تطبيقها على طلاب وطالبات الدراسات العليا في مرحلة الدكتوراه حيث جاءت رغبات الطلاب في دراسة هذه الموضوعات بمتوسطات ذات قيم مرتفعة ومتوسطة. وانتهت الدراسة بوضع تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج باستخدام رؤية ويليام دول يتم تدريسه لطلاب وطالبات الدراسات العليا.
This research aims to present a proposed conception of a course on curriculum theory for postgraduate students using the perspective of the contemporary American curricularist William Doll. His vision came as an alternative to Ralph Tyler's widespread model which dominated curriculum theory for over seventy years and its influence is still present in the contemporary school. This vision, known as the 4R's - Richness, Recursion, Relations, and Rigor - uses new concepts like self-organization, metaphor/narrative, and complexity. The researcher used a descriptive analytical methodology in preparing a list of the most important topics that could be included in this proposed course. A questionnaire was used which was administered to male and female postgraduate students at the doctoral level. The students' desires to study these topics came with averages of high and moderate values. The study concluded with the main outcome of the study which proposing a conception for a curriculum theory course using William Doll's vision to be taught to postgraduate male and female students.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

                            كلية التربية

    إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)

                       =======

 

تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج في مرحلة الدراسات العليا قائم على رؤية ويليام دول

 

 

إعـــــداد

د/خالد بن عبد الرحمن العوض

أستاذ مشارك ، قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية ، جامعة القصيم

 

    

 

 

 

   }المجلد التاسع والثلاثون– العدد العاشر- جزء ثانى اكتوبر 2023م {

عدد خاص بالمؤتمر العلمى الدولى الثامن(تطوير التعليم: اتجاهات معاصرة ورؤى مستقبلية)

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

ملخّص

يهدف هذا البحث إلى تقديم تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج لطلاب وطالبات الدراسات العليا باستخدام رؤية المنهّج الأمريكي المعاصر ويليام دول التي جاءت كبديل لنموذج رالف تايلر الذائع الصيت والذي سيطر على نظرية المنهج لأكثر من سبعين عاما ولا زال تأثيره حاضراً في المدرسة المعاصرة. هذه الرؤية التي عُرفت باسم الراءات الأربع 4R'S وهي هنا الثراء Richness، والتواتر Recursion، والارتباط (العلاقات) Relations، والصراحة Rigor تستخدم مفاهيم جديدة هي التنظيم الذاتي والمجاز أو السرد والتركيب complexity . استخدم الباحث منهجاً وصفياً تحليلياً في إعداد قائمة بأهم المواضيع التي يمكن تضمينها في هذا المقرر المقترح واستخدام استبانة تم تطبيقها على طلاب وطالبات الدراسات العليا في مرحلة الدكتوراه حيث جاءت رغبات الطلاب في دراسة هذه الموضوعات بمتوسطات ذات قيم مرتفعة ومتوسطة. وانتهت الدراسة بوضع تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج باستخدام رؤية ويليام دول يتم تدريسه لطلاب وطالبات الدراسات العليا.

كلمات رئيسة: منهج، نظرية المنهج، تصور مقترح، ويليام دول.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Abstract

This research aims to present a proposed conception of a course on curriculum theory for postgraduate students using the perspective of the contemporary American curricularist William Doll. His vision came as an alternative to Ralph Tyler's widespread model which dominated curriculum theory for over seventy years and its influence is still present in the contemporary school. This vision, known as the 4R's - Richness, Recursion, Relations, and Rigor - uses new concepts like self-organization, metaphor/narrative, and complexity. The researcher used a descriptive analytical methodology in preparing a list of the most important topics that could be included in this proposed course. A questionnaire was used which was administered to male and female postgraduate students at the doctoral level. The students' desires to study these topics came with averages of high and moderate values. The study concluded with the main outcome of the study which proposing a conception for a curriculum theory course using William Doll's vision to be taught to postgraduate male and female students.

Key words: curriculum, curriculum theory, postgraduate studies, William Doll.

                                                          

 

 

 

 

 

 

مقدمة

لقد مضى على مرور النموذج الذي وضعه رالف تايلر في بناء المنهج أكثر من سبعين سنة دون أن يتمكّن أي منهّج في العالم من الإتيان بنموذج بديل له يساهم في إحداث نقلة نوعية في المناهج وطرق التدريس، الأمر الذي يعني تأخر حقل المناهج وطرق التدريس في الاستجابة للمتغيرات الكثيرة التي عصفت بالعالم وانعكست على التربية، خاصة مع سيطرة التقنية مع بداية القرن الحادي والعشرين فأصبح التعليم موجّهاً نحو الاختبار فقط مع إهمال كبير للعملية التربوية التعليمية داخل المدرسة، وهذا محصّلة طبيعية لاستخدام نموذج رالف تايلر الذي يسيطر            على المنهج.

تزامن انتشار هذا النموذج، والذي نشره تايلر في كتابه الموسوم المبادئ الأساسية للمنهج وطرق التدريس (Tyler, 1949) وبالعربية تحت عنوان أساسيات المناهج                 (تايلر، 1982)، مع شيوع استخدام النظرية السلوكية التي يمكن القول بأنها الفلسفة التي يعتمد عليها هذا النموذج حيث يضم الأهداف والتقويم كعنصرين أساسيين في بناء أي منهج بالإضافة إلى العنصرين الآخرين وهما اختيار المحتوى وتنظيمه. هذه الحقيقة جعلت رالف تايلر الأب الروحي للتقويم التربوي (Stufflebeam & Madaus, 1984)  .

ورغم أن هناك محاولات كثيرة للإتيان بنموذج بديل، مثل نموذج هيلدا تابا                    (Taba, 1962) وويلر (Wheeler, 1967) ووكر (Walker,1971) ونموذج جونسون (Johnson,1967)، ونموذج جودلاد في النظام المفاهيمي (Goodlad,1977) وغيرهم كثير؛ إلا إن هذه المحاولات لم يُكتب لها النجاح والتأثير بالمنهج كما فعل نموذج تايلر لأنها كانت           تدور في فلك هذا النموذج ولا تستطيع الابتعاد عن عناصره الأربعة، حيث يعتقد بوزنر (Posner, 1998) أن السبب الرئيس في شيوع هذا النموذج هو عدم اصطدامه مع الأفكار المسبقة التي يؤمن بها المنهّجون حول أساسيات المنهج وطرق التدريس المستخدمة.

وقد ذهب البعض من هؤلاء المنهّجين إلى اتهام رالف تايلر بأنه أنكر الحقوق الفكرية لعالمة المنهج هيلدا تابا في اشتقاق النموذج الذي عرفه التربويون على أنه نموذج تايلر              ونسب هذا النموذج لنفسه؛ في حين أن تابا قد سبقته إلى هذه العناصر الأربعة في كتاب لها (Taba, 1932) صدر  قبل سبعة عشر عاماً من صدور كتاب تايلر في 1949؛ الأمر الذي يعني ارتكاب سرقة أدبية في حق هذه المنهّجة التي آثرت عدم الكشف عنها لأسباب لم تذكرها                   (العوض، 2023).

أصبحت الحاجة ملحة للبحث عن خيارات جديدة في بناء المنهج وطرق التدريس المستخدمة بعيداً عن التركيز على الأهداف التي بدأت مع فرانكلين بوبيت، الذي يعتبر مؤسس حقل المناهج من خلال كتابه كيف تصنع منهجاً (Bobbit, 1924)، والتقطها بعده رالف تايلر فانعكست على نموذجه الذي يجعل من الأهداف العنصر الأكثر أهمية على الإطلاق في بناء المنهج، كما يقول آيزنر (Eisner, 2002) الذي انتقد بشدة هذا النموذج حيث الغايات تسبق الوسائل، كما أن دور الطالب غائب في بناء المنهج، ويتعامل هذا النموذج مع المنهج بشكل بسيط وخطي في حين أنه مركّب ومرن.

هذه الحقيقة تفرض على المنهّجين محاولة الخروج من هذا المأزق الذي وضعهم فيه تايلر والبحث عن رؤية جديدة تساعدهم على الابتعاد عن النماذج السلوكية التي تركّز على الاختبارات المعيارية وحفظ المعلومات دون تجاوزها إلى آفاق أوسع كما قال جيروم برونر (Bruner1973)، والتفاعل مع المعطيات الجديدة من خلال منهج حيوي يناسب القرن            لحادي والعشرين.

ومع اقتراب الألفية الثالثة حاول ويليام دول، المنهّج الأمريكي المعاصر، في كتابه المنهج في عصر ما بعد الحداثة (دول، 2016) وضع رؤية بديلة لنموذج تايلر يمكن من خلالها التعاطي مع المنهج وطرق التدريس بأسلوب بنائي تحويلي يسمح للطلاب بالتفاعل مع معلمهم عبر نظام مفتوح يستخدم فيها دول التنظيم الذاتي ورياضيات الفوضى والمجاز والسرد استمدّها من جون ديوي، وجان بياجيه، وجيروم برونر، وألفرد نورث وايتهيد.

إذن، هذه الدراسة تحاول استخدام رؤية ويليام دول الجديدة في بناء تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج لطلاب وطالبات الدراسات العليا لمرحلة الدكتوراه في قسم المناهج وطرق التدريس في جامعة القصيم.

مشكلة الدراسة

تتلخص مشكلة الدراسة الحالية في الإجابة عن الأسئلة الثلاثة التالية:

  • ما موضوعات المقرر المقترح لمقرر نظرية المنهج لطلاب وطالبات الدراسات العليا في جامعة القصيم في ضوء رؤية ويليام دول؟
  • ما مدى رغبة طلاب وطالبات الدراسات العليا في جامعة القصيم في دراسة موضوعات مقرر نظرية المنهج في ضوء رؤية ويليام دول؟
  • ما التصور المقترح لمقرر نظرية المنهج لطلاب وطالبات الدراسات العليا في جامعة القصيم في ضوء رؤية ويليام دول؟

هدف الدراسة

الهدف الرئيس من هذه الدراسة هو وضع تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج لطلاب وطالبات الدراسات العليا في جامعة القصيم في ضوء رؤية ويليام دول بواقع ساعتين معتمدتين بالأسبوع. ويمكن تلخيص ذلك بما يلي:

  • تحديد موضوعات مقرر نظرية المنهج التي يحتاج طالب الدراسات العليا دراستها
  • تحديد مدى رغبة الطلاب والطالبات في الدراسات العليا في دراسة هذه الموضوعات.
  • وضع التصور المقترح لمقرر نظرية المنهج في مرحلة الدراسات العليا بجامعة القصيم.

أهمية الدراسة

  • تفتح هذه الدراسة آفاقا واسعة بعيداً عن النماذج السلوكية التي تركز على النواتج المعيارية واستظهار المعلومات، وتقدّم بدلا من ذلك تصورا حيوياً بنائياً جديداً للمنهج.
  • تجابه هذه الدراسة المفهوم الضيق للمنهج الذي يهتم فقط بتغطية المنهج وحفظ الحقائق أن يتجاوز ذلك إلى الثراء والتواتر والفهم العميق.
  • تقدّم هذه الدراسة بدائل وخيارات أخرى في بناء المنهج تتناسب مع المتغيرات الكبيرة التي يتميز بها العصر الذي نعيشه.
  • تبحث هذه الدراسة في بدائل لنماذج جديدة قد تفتح الطريق للمنهّجين العرب في اشتقاق نماذجهم الخاصة التي تتناسب مع بيئاتهم الثقافية المحلية.
  • تشكّك هذه الدراسة بالاعتماد على الاختبارات المعيارية التي تجعل التعليم موجها نحو الاختبارات test-oriented والأهداف المحدّدة مسبقاً، وتقدم بدلاً من ذلك تعليماً يستمر مدى الحياة lifelong ويعتمد في تقويم التعلم على أساليب نوعية في قياس الأداء.

الإطار النظري

توفّر نظرية المنهج إطارا نظرياً يساعد التربويون على اختيار أفضل السبل في توفير خبرات تعلّم يحتاجها الطلاب، وأحد هذه النماذج المؤثرة في التربية التي تخدم هذا الهدف هو رؤية ويليام دول البنائية التحويلية التي تتعامل مع المنهج على أنه عملية مستمرة من العلاقات اصطلح على تسميته الراءات الأربع 4R'S وهي هنا الثراء Richness، والتواتر Recursion، والارتباط (العلاقات) Relations، والصراحة Rigor (دول، 2016). ساعدت هذه الرؤية على فتح آفاق أوسع في التعامل مع المنهج خارج إطار النماذج المنطقية الخطية وغيّرت المفاهيم السائدة حول عمليات المنهج مثل طرائق التدريس والتقويم وغيرها                من العمليات.

نجح ويليام دول في تقديم هذه الرؤية من خلال مزجه الاستفادة من المفكّين الذين سبقوه وقدموا الكثير من الأفكار البنائية بعيدا عن المدرسة السلوكية مثل جان بياجيه، وإيليا بريغوجن، وجون ديوي، وألفرد نورث وايتهيد، وجيروم برونر؛ لأن هؤلاء، كما يقول دول، يفضّلون عملية بناء مفتوحة النهاية وليس نظاما مغلقاً كما هو عند السلوكيين الذين يفضّلون النهايات المغلقة حيث الأهداف معدة مسبقاً والتقويم النهائي يكون بحسب هذه الأهداف مع إهمال كامل لما يمكن أن يطرأ خلال تنفيذ عملية التعلم.

يعتقد ويليام دول على أن الرؤية البنائية التي جاء بها ليست نموذجاً model؛ لأنها لو كانت كذلك لأصبحت نموذجا حداثياً يسعى إلى تحقيق أهداف مسبقة كتلك التي يدعو إليها نموذج تايلر؛ هذا بالإضافة إلى أن كلمة نموذج هي مصطلح حداثي يتنافى مع الرؤية التي يقدمها على أنها ما بعد حداثية فالرؤية عبارة عن خطوط عامة يمكن أن يسترشد بها المعلم في موقفه الصفي (Doll, 2012). يقول دول عن منهجه البنائي العملياتي: "سوف أتكلم عن الاحتمالات المنهجية الممكنة على شكل رؤية، وليس نموذجاً" (دول، ص43، 2016).

ويمكن الوقوف عند المكونات الأربعة التي استخدمها ويليام دول في صياغة رؤيته الجديدة في المنهج والتي ذكرها في كتابه المنهج في عصر ما بعد الحداثة (دول، 2016) والذي يستخدمها الباحث في دراسته كأساس لبناء تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج كما يلي:

1-الثراء: الثراء يعني عمق المنهج أو تعدد المعنى والتأويلات والتفسيرات المتعددة له بحيث يحتوي على "الكمية الكافية" من عدم التوازن (كما عند بياجيه) وعدم التحديد و والشواش والخبرة الحية لكي يقوم الطلاب والمعلمون بعملية التحول.

"للمواد الأكاديمية سياقاتها التاريخية الخاصة ومفاهيمها الأساسية ومفرداتها النهائية. وعليه فإن كل مادة ستفسّر القراء بطريقتها الخاصة ."(ص251). فمثلاً، ثراء اللغة يكون من خلال المجاز والأسطورة والقصة حيث يكون التأويل متعدداً  ومتكاملاً مع الثقافة، و في مجال الرياضيات يكون اللعب بالنماذج، والفيزياء والأحياء بالحدس والبناء والبحث والإثبات لفرضيات حول العالم الذي نعيش فيه.

2-التواتر: من الفعل يتواتر أي يتكرّر لكن مع إضافات جديدة في كل مرة، وقد استمد دول هذه الفكرة من برونر في المنهج الحلزوني (Bruner,1977)، أي استعادة الأفكار والعودة لها من جديد أكثر من مرة في مراحل المقرر.  يختلف التواتر عند ويليام دول عن التكرار كما يراه تايلور فالأخير ذو نهاية مغلقة يهدف إلى تحسين الأداء الذي سبق تحديده؛ أما التواتر فهو ذو نهاية مغلقة يستهدف التطوير. الاختلاف بينهما يكون في الدور الوظيفي الذي يؤديه التأمل في كليهما إذ يكون سلبياً في التكرار وإيجابياً في التواتر لأن الأفكار تعود راجعة فوق نفسها مع إضافة في المعنى في كل مرة.

3-الارتباط (العلاقات): العلاقات مهمة في منهج دول التحويلي من خلال البعد التربوي أي العلاقات داخل المنهج من خلال المصفوفة أو الشبكة التي تمنحه الثراء، ومن خلال البعد الثقافي الذي يعني العلاقات الثقافية التي توجد خارج المنهج من خلال المصفوفة الكبيرة التي يقع المنهج داخلها.

من المهم في مثل هذا المنهج بناء علاقات وروابط بين مكونات المنهج المختلفة بعضها ببعض داخل المنهج ثم مع السياقات الثقافية الأوسع من خلال السرد والحوار كأدوات مهمة في عملية التأويأي أن تكون الثقافة محلية في نشأتها وعالمية في علاقاتها .

4-الصرامة:  هي الحاجة إلى الدقة في تطوير المنهج وتقويمه من خلال الكشف عن الاحتمالات التي يمكن أن توجد في أي حدث أو موقف أو لحظة تدريسية. هذا المبدأ هو الأهم من بين الأربعة عند دول لأنه يشملها جميعاً. ولتوضيح ذلك،  يمكن النظر إلى القصة بل من خلال الشخصيات المختلفة فيها: أي مشاعرها وانفعالاتها وقيمها وأفكارها. الصرامة هي النظر على نحو متعمّد إلى البدائل والعلاقات والارتباطات المختلفة. الحوار بين القارئ والنص، كما يقول دول،  هو عملية ذات اتجاهين بحيث يكون لكل منهما صوته الخاص وفي هذا الحوار يندمج العنصر النهائي (المحدد) بالعنصر اللانهائي (غير المحدد) حيث هذا الأخير لا يعني العشوائية بل هو يسمح بمجموعة من الاحتمالات التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور إنجازات متعددة. إذن الصرامة عند ويليام دول هي الدمج بين عنصري اللانهائية والتفسير فهي بذلك تحافظ على المنهج من السقوط في "النسبية المفرطة"(ص258) أو الأنانية العاطفية. ولكي تنجح الصرامة في مثل هذا النوع الجديد من المنهج فلابد من تأسيس مجتمع ناقد وفي الوقت نفسه يقدم الدعم، وهو ما ينبغي أن تكون عليه المدرسة.

إذن، هذه المكونات الأربعة لرؤية ويليام دول في نظرية المنهج جاءت كثورة ضد النموذج الفني technical الذي يجعل من المعلم منفّذاً للمنهج بحسب ما تم إعداد دون أن يكون له دور في إبداع شيء جديد أو بنائه لدى طلابه وإنما الالتزام فقط بالأهداف وتقويم تحقيقها، بحسب نموذج رالف تايلر سابق الذكر.

منهج الدراسة

تقدّم هذه الدراسة قراءة وصفية تحليلية يستخدم فيها الباحث رؤية المنهّج المعروف ويليام دول التي جاءت كثورة ضد نموذج رالف تايلر وقدّمها من خلال انتاجه الفكري وخاصة كتابه الموسوم المنهج في عصر ما بعد الحداثة (دول، 2016) الذي قدّم فيه رؤيته التربوية في بناء المنهج، في بناء تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج الذي يدرسه الطلاب والطالبات في الدراسات العليا.

مجتمع وعينة الدراسة

عينة البحث هي جميع أفراد مجتمعه إذ تم اختيار كل طلاب وطالبات الدراسات العليا الذين يدرسون مقرر نظرية المنهج في مرحلة الدكتوراه في الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 2023 والبالغ عددهم 20 طالبا وطالبة.

أداة الدراسة

يستخدم الباحث استبانة المواضيع التي يرغب الطلاب تضمينها في مقرر نظرية المنهج، وهي بحسب رؤية ويليام دول تمثّل ثلثي المقرر، ويكون الثلث المتبقي بحسب الظروف التي تفرضها عملية التفاعل داخل القاعة وما يراه أستاذ المقرر وطلاّبه. وقد توصّل الباحث لهذه القائمة من المواضيع بالاعتماد على الأدب التربوي والإطار النظري ووجهة نظر المتخصصين في المناهج وطرق التدريس والطلاب، بالإضافة إلى خبرة الباحث في تدريس هذا المقرر            لعدة سنوات.

أولاً: صدق الأداة: صدق الاتساق الداخلي

معاملات ارتباط سبيرمان لقياس العلاقة بين بنود الاستبانة، بالدرجة الكلية للمجال المنتمية إليه:

تم التأكد من صدق الأداة بعرضها على مجموعة من المحكمين لمراجعة الموضوعات وإضافة ما يعتقدون أنه يقع ضمن الموضوعات التي يمكن أن تتضمن هذا المقرر، كما تم التأكد من صدق الاتساق الداخلي الذي كان على النحو التالي:

جدول رقم (1)

معاملات ارتباط بنود الاستبانة بالدرجة الكلية للمجال المنتمية إليه

المجال

م

معامل الارتباط

م

معامل الارتباط

المدخل إلى المقرر

1

0.6634**

4

0.7083**

2

0.5247*

5

0.8788**

3

0.6634**

 

 

منهّجون مؤثرون

1

0.6850**

3

0.6496**

2

0.6496**

4

0.6549**

فلسفات مؤثرة

1

0.7949**

3

0.9342**

2

0.6269**

4

0.7127**

نظريات مؤثرة

1

0.7229**

2

0.8522**

منظرون مؤثرون

1

0.7726**

9

0.6571**

2

0.6863**

10

0.7977**

3

0.4988*

11

0.8472**

4

0.5464*

12

0.6318**

5

0.5330*

13

0.8844**

6

0.7945**

14

0.8773**

7

0.8889**

15

0.8931**

8

0.7937**

 

 

     * دالة عند مستوى 0.05*                * دالة عند مستوى 0.01

ثانياً: ثبات الاستبانة

جدول رقم (2)

معاملات ثبات ألفا كرونباخ لمجالات الاستبانة

المجال

عدد البنود

معامل ثبات ألفا كرونباخ

المدخل إلى المقرر

5

0.78

منهّجون مؤثرون

4

0.54

فلسفات مؤثرة

4

0.81

نظريات مؤثرة

2

0.64

منظرون مؤثرون

15

0.95

الثبات الكلي للاستبانة

30

0.94

يتضح من خلال الجدول السابق أن الثبات الكلي للاستبانة بلغ  0.94وهي نسبة مرتفعة مما يعني  تمتع الاستبانة بثبات عال.

ولتسهيل تفسير النتائج استخدم الباحث الأسلوب التالي لتحديد مستوى الإجابة على بنود الأداة حيث تم إعطاء وزن للبدائل: (كبيرة=3، متوسطة=2، ضعيفة=1)، ثم تم تصنيف تلك الإجابات إلى ثلاثة مستويات متساوية المدى من خلال المعادلة التالية:

طول الفئة = (أكبر قيمة- أقل قيمة) ÷ عدد بدائل الأداة = (3-1) ÷ 3 = 0.67

لنحصل على التصنيف التالي:

جدول رقم (3)

توزيع للفئات وفق التدرج المستخدم في أداة البحث

الوصف

مدى المتوسطات

كبيرة

2.34 – 3.00

متوسطة

1.68 – 2.33

ضعيفة

1.00 – 1.67

النتائج

في الأجزاء التالية من هذه الورقة، سيحاول الباحث الإجابة عن أسئلة الدراسة الثلاثة بحيث يكون الجزء الأول مخصّصاً للإجابة على السؤال الأول الذي يتناول المجالات أو موضوعات المقرر التي سيدرسها الطلاب والطالبات ، ثم في الجزء الثاني ستتناول هذه الورقة الإجابة عن السؤال الثاني وهو الحديث عن رغبة هؤلاء الطلاب في دراسة هذه الموضوعات، ثم في الجزء الثالث سيتناول الباحث الإجابة عن السؤال الثالث، الجزء الرئيس من هذه الدراسة ، وهو التصور المقترح لمقرر نظرية المنهج للطلاب والطالبات في مرحلة الدراسات العليا في ضوء رؤية ويليام دول.

الجزء الأول: موضوعات مقرر نظرية المنهج

من خلال مراجعة الإطار النظري والدراسات السابقة وآراء المتخصصين تم التوصّل إلى أهم المجالات والمواضيع التي يمكن تضمينها في المقرر المقترح في نظرية المنهج.

تدور موضوعات مقرر نظرية المنهج حول خمسة مجالات أساسية هي (1) مدخل إلى المقرر، (2) فلسفات مؤثرة، (3) منهّجون مؤثرون، (4) نظريات مؤثرة، (5) منظّرون مؤثرون. وفي الجدول التالي (4) تفصيل لكل منها

المجال

المواضيع

المجال الأول : المدخل إلى المقرر

 

1

مفهوم النظرية

تحرير المصطلح

2

مفهوم المنهج

تحرير المصطلح

3

مفهوم التربية

تحرير المصطلح

4

مفهوم التعليم

تحرير المصطلح

5

مفهوم البيداغوجيا

تحرير المصطلح

المجال الثالث: فلسفات مؤثرة

 

1

الإدارة العلمية

فريدريك تيلر

2

البراغماتية

جون ديوي

3

ما بعد الحداثة

ويليام دول

4

الفلسفة الإسلامية

القرآن الكريم والسنة

المجال الثاني: منهّجون مؤثرون

 

1

ظهور حقل المنهج

فرانكلين بوبيت

2

المبادئ الأساسية في المناهج وطرق التدريس

رالف تايلر

3

بناء المنهج

هيلدا تابا

4

نظرية المنهج

جورج بوشامب

المجال الرابع: نظريات مؤثرة

 

1

السلوكية

السمات العامة

2

البنائية

السمات العامة

المجال الخامس: منظّرون مؤثرون

 

1

السلوكية كعلم

جون واتسون

2

الاشتراط الكلاسيكي

بافلوف

3

التعليم المبرمج

ب.ف. سكنر

4

إحياء علوم الدين

أبو حامد الغزالي

5

البنائية الكلاسيكية

جان بياجيه

6

احتضار المنهج

جوزيف شواب

7

البنائية الثقافية ونظرية السرد

جيروم برونر

8

المنهج العملياتي

ألفرد نورث وايتهيد

9

حي ابن يقظان ونظرية السرد

ابن طفيل

10

الفن وبناء العقل

إليوت أيزنر

11

التعليم البنكي

باولو فريري

12

نظرية المنهج

ويليام باينر

 

الجزء الثاني: مدى رغبة الطلاب والطالبات في دراسة موضوعات المقرر

في هذا الجزء سيتم إجابة السؤال الثاني والذي كان كما يلي: ما مدى رغبة طلاب وطالبات الدراسات العليا في جامعة القصيم في دراسة موضوعات مقرر نظرية المنهج في ضوء رؤية ويليام دول؟

تم حساب المتوسطات والانحراف المعياري للمجالات الخمسة مجتمعة ودراسة كل موضوع بصفة مستقلة والذي يكشف عن رغبة الطلاب والطالبات في مرحلة الدكتوراه في دراسة موضوعات هذا المقرر. وقد كانت نتائج المجالات مجتمعة كما يلي:

جدول رقم (5)

المتوسطات الحسابية وترتيبها تنازلياً لمدى رغبة الطلاب في دراسة الموضوعات مجتمعة

المجالات

المتوسط* الحسابي

الانحراف المعياري

الترتيب

الدرجة

المدخل إلى المقرر

2.70

0.34

1

كبيرة

فلسفات مؤثرة

2.65

0.42

2

كبيرة

منهّجون مؤثرون

2.58

0.38

3

كبيرة

نظريات مؤثرة

2.47

0.62

4

كبيرة

منظرون مؤثرون

2.23

0.57

5

متوسطة

الدرجة الكلية

2.43

0.40

 

كبيرة

       * المتوسط من 3 درجات

كما يوضّح الجدول السابق، فقد ترواحت المتوسطات الحسابية ما بين 2.70   و  2.43   مما يعني أن معظم المتوسطات  في كل المجالات كانت مرتفعة فيما عدا المجال الخامس حيث كانت نتيجته متوسطة نوعا ما. جاء المدخل إلى المقرر في مقدمة المجالات حيث المواضيع فيه تتناول تعريف المصطلحات قبل الدخول في النظريات والفلسفات المؤثرة في نظرية المنهج.

 

سيتضمّن الجزء التالي تفصيل هذه النتائج وذلك من حيث تحديد رغبة الطلاب والطالبات في دراسة كل موضوع على حدة كما يلي:

المجال الأول: المدخل إلى المقرر:

جدول رقم (6)

التكرارات والنسب المئوية والمتوسطات الحسابية وترتيبها تنازلياً في المجال الأول

م

الموضوعات

كبيرة

متوسطة

ضعيفة

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الترتيب

الدرجة

2

مفهوم المنهج

ت

18

2

 

2.90

0.31

1

كبيرة

%

90.0

10.0

 

1

مفهوم النظرية

ت

16

4

 

2.80

0.41

2

كبيرة

%

80.0

20.0

 

3

مفهوم التربية

ت

16

4

 

2.80

0.41

2

كبيرة

%

80.0

20.0

 

4

مفهوم التعليم

ت

16

4

 

2.80

0.41

2

كبيرة

%

80.0

20.0

 

5

مفهوم البيداغوجيا

ت

7

10

3

2.20

0.70

5

متوسطة

%

35.0

50.0

15.0

المتوسط* العام للمجال

2.70

0.34

 

كبيرة

  * المتوسط الحسابي من 3 درجات

يتضح من الجدول السابق أن الطلاب والطالبات يرغبون بدراسة مفهوم المنهج بدرجة عالية بلغت 2.90 ؛ في حين جاءت مفاهيم النظرية ، والتربية، والتعليم في المرتبة الثانية وبنفس الدرجة 2.80 . أما البيداغوجيا فقد احتل المرتبة الأخيرة من اهتمامات الطلاب والطالبات ولا يجد الباحث أي تفسير لهذه النتيجة سوى أن الطلاب يجدون صعوبة في فهم مصطلح بيداغوجيا الذي يستعصي على الترجمة الدقيقة إلى العربية وذلك بسبب أنه قد يعني التربية بشكل عام أو أصول التدريس. لكن هذا البند رغم تراجعه في المرتبة الأخيرة إلا إنه سجل درجة مرتفعة نوعا ما وهي 2.20 .

المجال الثاني: منهّجون مؤثرون:

جدول رقم (7)

التكرارات والنسب المئوية والمتوسطات الحسابية وترتيبها تنازلياً في المجال الثاني

م

الموضوعات

كبيرة

متوسطة

ضعيفة

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الترتيب

الدرجة

2

أساسيات المناهج: رالف تايلر

ت

15

5

 

2.75

0.44

1

كبيرة

%

75.0

25.0

 

3

تطوير المنهج، هيلدا تابا

ت

15

5

 

2.75

0.44

1

كبيرة

%

75.0

25.0

 

4

نظرية المنهج: جورج بوشامب

ت

12

7

1

2.55

0.60

3

كبيرة

%

60.0

35.0

5.0

1

ظهور حقل المناهج: فرانكلين بوبيت

ت

9

7

4

2.25

0.79

4

متوسطة

%

45.0

35.0

20.0

المتوسط* العام للمجال

2.58

0.38

 

كبيرة

* المتوسط الحسابي من 3 درجات

يتضح من الجدول السابق أن الطلاب والطالبات قد اختاروا معظم مواضيع هذا المجال بنسب كبيرة ومعدلات مرتفعة في المتوسط الحسابي تراوح بين 2.75و 2.55على اعتبار أن هؤلاء المنظرين الثلاثة معروفون جيداً في نظرية المنهج، أما الاسم الآخر الذي جاء متوسطه الحسابي بدرجة متوسط (2.25) فهو لفرانكلين بوبيت الذي يعتبر أو لمنظّر استخدم كلمة "منهج" في كتاب نشره في عام 1918  (Bobbit, 1918) لكنه غير معروف في الأدب التربوي العربي ولهذا السبب لم يحظ بترتيب أعلى، كما يرى الباحث.

 

المجال الثالث: فلسفات مؤثرة:

جدول رقم (8)

التكرارات والنسب المئوية والمتوسطات الحسابية وترتيبها تنازلياً في المجال الثالث

م

الموضوعات

كبيرة

متوسطة

ضعيفة

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الترتيب

الدرجة

2

البراغماتية: جون ديوي

ت

17

3

 

2.85

0.37

1

كبيرة

%

85.0

15.0

 

4

الفلسفة الإسلامية

ت

16

3

1

2.75

0.55

2

كبيرة

%

80.0

15.0

5.0

1

الإدارة العلمية: فريدريك تيلر

ت

13

7

 

2.65

0.49

3

كبيرة

%

65.0

35.0

 

3

ما بعد الحداثة: ويليام دول

ت

9

9

2

2.35

0.67

4

كبيرة

%

45.0

45.0

10.0

المتوسط* العام للمجال

2.65

0.42

 

كبيرة

* المتوسط الحسابي من 3 درجات

أما موضوعات هذا المجال فقد جاءت كلها بنسب كبيرة مرتفعة وهذا يعكس اهتماما بمجال الفلسفات التربوية التي تقف خلف الكثير من نظريات المنهج ومنها الفلسفة الإسلامية التي جاءت بمتوسط مرتفع (2.75).

المجال الرابع: نظريات مؤثرة:

جدول رقم (9)

التكرارات والنسب المئوية والمتوسطات الحسابية وترتيبها تنازلياً في المجال الرابع

م

الموضوعات

كبيرة

متوسطة

ضعيفة

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الترتيب

الدرجة

1

السلوكية

ت

13

5

2

2.55

0.69

1

كبيرة

%

65.0

25.0

10.0

2

البنائية

ت

11

6

3

2.40

0.75

2

كبيرة

%

55.0

30.0

15.0

المتوسط* العام للمجال

2.47

0.62

 

كبيرة

  * المتوسط الحسابي من 3 درجات

وفي مجال نظريات التعلم التي أثرت على نظرية المنهج، يمكن ملاحظة أن السلوكية والبنائية جاءتا بنسبة مرتفعة غير أن السلوكية تفوقت على البنائية وهذا يمكن تفسيره بأن الطلاب والطالبات متمسكون بهذه النظرية وأنها مازالت مسيطرة على المنهج.

المجال الخامس: منظرون مؤثرون:

جدول رقم (10)

التكرارات والنسب المئوية والمتوسطات الحسابية وترتيبها تنازلياً في المجال الخامس

م

الموضوعات

كبيرة

متوسطة

ضعيفة

المتوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الترتيب

الدرجة

5

جان بياجيه

ت

13

6

1

2.60

0.60

1

كبيرة

%

65.0

30.0

5.0

3

ب.ف. سكنر

ت

12

6

2

2.50

0.69

2

كبيرة

%

60.0

30.0

10.0

4

أبو حامد الغزالي

ت

12

6

2

2.50

0.69

2

كبيرة

%

60.0

30.0

10.0

2

إيفان بافلوف

ت

11

7

2

2.45

0.69

4

كبيرة

%

55.0

35.0

10.0

10

هاورد جاردنر

ت

11

6

3

2.40

0.75

5

كبيرة

%

55.0

30.0

15.0

9

نعوم تشومسكي

ت

10

7

3

2.35

0.75

6

كبيرة

%

50.0

35.0

15.0

7

جيروم برونر

ت

10

6

4

2.30

0.80

7

متوسطة

%

50.0

30.0

20.0

1

جون واتسون

ت

9

7

4

2.25

0.79

8

متوسطة

%

45.0

35.0

20.0

12

ابن طفيل

ت

8

8

4

2.20

0.77

9

متوسطة

%

40.0

40.0

20.0

8

جورج ميلر

ت

7

8

5

2.10

0.79

10

متوسطة

%

35.0

40.0

25.0

6

جوزيف شواب

ت

8

6

6

2.10

0.85

10

متوسطة

%

40.0

30.0

30.0

15

ويليام باينر

ت

6

9

5

2.05

0.76

12

متوسطة

%

30.0

45.0

25.0

11

ألفرد نورث وايتهيد

ت

5

8

7

1.90

0.79

13

متوسطة

%

25.0

40.0

35.0

14

باولو فريري

ت

5

8

7

1.90

0.79

13

متوسطة

%

25.0

40.0

35.0

13

إليوت آيزنر

ت

4

9

7

1.85

0.75

15

متوسطة

%

20.0

45.0

35.0

المتوسط* العام للمجال

2.23

0.57

 

متوسطة

* المتوسط الحسابي من 3 درجات

يمكن ملاحظة أن الموضوعات في هذا المجال جاءت بمتوسّط إجمالي بلغ  2.23  وهذا يعني أن معظم هؤلاء المنظّرين لم يحظوا بتلك الجاذبية التي حظي بها بياجيه، وسكنر والغزالي وبافلوف وجاردنر وتشومسكي على اعتبار أن هذه الأسماء مألوفة لديهم وهذا ما لمسه الباحث أثناء حديثه مع الطلاب والطالبات إذ سبق لهم دراسة جزء من أعمالهم في مقررات سابقة في مرحلة الماجستير. هذا أيضا يوافق أيضا النتيجة السابقة في الجدول رقم (9) عندما فضّل الطلاب والطالبات النظرية السلوكية على النظرية البنائية حيث انعكست هذه النتيجة على وجود منظرين اثنين من أعلام المدرسة السلوكية هما سكنر وبافلوف بمتوسطات مرتفعة.

الجزء الثالث: التصور المقترح لمقرر نظرية المنهج للطلاب والطالبات في مرحلة الدراسات العليا

أولاً: أهداف مقرر نظرية المنهج

جاءت رؤية ويليام دول البنائية للمنهج التي تنتمي لفلسفة ما بعد الحداثة كمحاولة في بناء نموذج فكري جديد يكون بديلاّ لما قدّمه رالف تايلر قبل أكثر من سبعين سنة في كتابه الذائع الصيت المبادئ الأساسية في المناهج وطرق التدريس (Tyler, 1949) حيث يعتقد دول أن تايلر قد ركّز على الأهداف كثيراً ولهذا السبب فإن نموذجه يُعرف باسم نموذج الأهداف؛ أما الرؤية البديلة التي يتبنّاها دول فهي لا تركّز على الأهداف كثيراً قبل عملية التعلّم إلا من خلال أهداف عامة فقط (دول، 2016) أو مصطلحات فضفاضة دون أن يكون هناك تركيز على الأهداف  السلوكية كما هو شائع عند رالف تايلر. لهذا السبب فإن أهداف مقرر نظرية المنهج لطلاب الدراسات العليا في مرحلة الدكتوراه، والذين يختلفون عن الطلاب في المراحل السابقة لها، هي أهداف عامة يمكن الاهتداء بها، مع إبقاء الباب مفتوحاً لأهداف جديدة قد تبرز أثناء عملية التدريس. يقول دول في هذا الصدد:

المنهج البنائي هو الذي ينبثق من خلال العمل والتفاعل من قبل المشاركين؛ وهو ليس منهجاً محدداً سلفاً (إلا إذا كان بمصطلحات عامة وواسعة) إذ ليس للمصفوفة بداية أو نهاية، على الرغم من أن لها حدوداً ونقاط التقاء أو تركيز (المرجع السابق، ص232).

يعتمد ويليام دول في رؤيته هذه على مفهوم أستاذه جون ديوي الذي يرى أن المنهج الدراسي يجب أن يعتمد على نظرية تربوية أو ابستمولوجيا معرفية تهتم بالتفاعل وليس الملاحظة فقط، لأن المنهج الدراسي ، بحسب ويليام دول، قد أساء فهم تحديد الأهداف وصناعة المعنى والتخطيط الهادف(دول، 2016).

لا تنبع الأهداف قبل الحدث فقط عند ويليام دول؛ بل أيضاً من خلاله. هذا المبدأ استنبطه دول من جون ديوي حيث تنبع الخطط من الحدث ويتم تغييرها في أثنائه (ص 244). أي يمكن تحويل هذا المبدأ إلى خطة دراسية تُكتب بطريقة مرنة وغير محددة، ومن خلال سير الدرس يصبح التحديد مناسبا وبطريقة مشتركة بين المعلم والطلاب والنص (الموضوع الدراسي).

إذن، الأهداف عند ويليام دول ليست معدّة مسبقاً، بل هي تنبع وتفرض نفسها أثناء عملية التنفيذ. يعتقد دول أن المنهج الدراسي قد تورّط في نموذج تايلر ولم يستطع الفكاك منه حتى وقتنا الحاضر إلى درجة أنه أساء فهم تحديد الأهداف إذ يبرز ، كما بقول دول، فكرتان خاطئتان أحدهما افتراض أن الطريق المثلى في تنمية مهارات التخطيط تكون عن طريق التلقّي السلبي لخطط الآخرين ومحاكاتها، وإغفال كونه مشاركاً نشيطا في التخطيط وصانعا للمعرفة؛ أما الفكرة الثانية فهي افتراض أن هناك نظاما شاملاً ثابتا مستقرا رغم أن هذا الرأي الاختزالي البسيط غير مناسب خاصة وأن التركيب والتعقيد هو طبيعة الأشياء في هذا العالم                    (دول، 2016).

لذا الأهداف المعرفية والمهارية والوجدانية تتحقّق تلقائياً وبصورة أعمق عند تطبيق رؤية دول لأن المتعلّم هنا يشارك في بنائها أثناء العملية التعليمية ولا ينتظر أن تكون جاهزة له من قبل أشخاص غير مشاركين في العملية التعليمية.

ثانياً: محتوى مقرر نظرية المنهج

يمكن أن يبدأ مقرر نظرية المنهج لطلاب الدراسات العليا في مرحلة الدكتوراه بتحديد قائمة بالقراءات أو الموضوعات العامة التي يرغبها الطلاب ويمكن أن تشكّل هذه الموضوعات ثلثي المقرّر، أي أن تبدأ المحاضرات الأولى بالحديث عن مفهوم المنهج ونظرية المنهج، كمدخل للمقرر، ثم الحديث عن الفلسفات المؤثرة على المنهج كالفلسفة البراجماتية والإدارة العلمية وفلسفة ما بعد الحداثة. ويستمر التفاعل بين المشاركين في هذه الموضوعات بعد ربط الموضوعات بعضها ببعض ( وهو هنا تطبيق مبدأ العلاقات في رؤية ويليام دول) واستخدام التواتر الذي استعاره ويليام دول من المنهج الحلزوني لجيروم برونر (أي العودة بشكل مستمر إلى ما تم تقديمه سابقا لكن بطريقة أكثر تعقيداً وثراءاً) ليستمر التفاعل حول النظريات التي أثّرت على المنهج كالنظرية السلوكية أول الأمر (التي يمكن ربطها بفلسفة الإدارة العلمية) ثم النظرية البنائية (التي يمكن الحديث عنها كثورة ضد السلوكية)؛ أما الثلث المتبقّي من المقرر فيختاره الطلاب بحسب المناقشات والمداولات التي تتم بين المشاركين، بما فيهم أستاذ المقرر، والتي يمكن أن تؤدي إلى دراسة مساهمات جيروم برونر، أو جورج ميلر، أو نعوم تشومسكي، أو جون واتسون أو فريدريك تيلر، أو أبو حامد الغزالي على سبيل المثال لا الحصر. أي أن المشاركين هم من يختار الموضوعات المتبقية بحسب حاجتهم القرائية والبحثية التي اتضحت من خلال التفاعلات داخل القاعة. هذا الجزء، أي الثلث الأخير المتبقّي، لا يتم تحديده مسبقاً، بل نتاج التفاعلات أثناء سير المقرر خلال الفصل الدراسي.

ثالثاً: دور المعلم وطرق التدريس

لا شك أن السلطة هي أكثر ما يشغل بال المعلم وخاصة عندما يكون جديداً في عالم التدريس، لكن السلطة في عالم ويليام دول مختلفة؛ إذ حدّد "العقيدة التربوية" (ص229) التي يؤمن بها وذكر أن العلاقة بين المعلم والطالب علاقة تأملية لا يشترط فيها دول أن يقبل الطالب فيها سلطة المعلّم وإنما يؤجّل إنكاره للسلطة من أجل المشاركة مع المعلّم في التفاعل حول ما يعيشه الطالب من تجارب، وفي المقابل على المعلّم أن يوافق على هذا النوع من العلاقة وأن يكون مستعداً للتحدّي الذي يواجهه من الطلاب.

يعترف ويليام دول صراحة أن الحديث عن بناء السلطة والسيطرة بدلاً من فرضها غريب بعض الشيء للأذن التي تعوّدت على سماع المعزوفة الحداثية، ولهذا السبب، يقول دول، قد تبدو العقيدة التربوية السابقة غير مألوفة لأنها تفترض بناء السلطة من الداخل وليس فرضها من الخارج (ص 240)؛ معظم المعلمين يفترضون أن السلطة هي السيطرة على كل شيء، ولا يعتقدون أن المعلّم هو الأول بين أفراد متساوين Prima interpares بمعنى أن دور المعلّم لم يتم إلغاؤه وإنما أعيد ترتيبه كفرد أول بين أفراد متساوين، أي أنه بحسب رؤية ويليام دول ما بعد الحداثية ضمن الموقف التعليمي أو الشأن المحلي، بحسب جوزيف شواب (Schwab, 1978) وليس خارجه كما كان سابقاً (ص 240) أي أن المعلّم قائد من الداخل وليس دكتاتورا مستبدّاً (مهما كان خيّراً) من الخارج. يعترف دول أن هذا النوع من الأدوار الجديدة للمعلم تحدّ كبير يجب على المعلمين وبرامج إعداد المعلمين الاستعداد له.

هذا النوع من المنهج، والذي يعتقد الباحث أته مناسب في برامج الدراسات العليا، والذي تشتق فيه الأهداف قبل التنفيذ وأثناءه والموضوعات التي يختارها الطلاب بحسب ظروفهم وسياقاتهم المحلية، يقتضي تصميمه باستخدام التنظيم الذاتي وليس الاستقبال السلبي؛ لأن النوع الأول هذا، بحسب رؤية ويليام دول، يفرض التحدّي والشواش اللذان يصبحان السبب في التنظيم وإعادة التنظيم (ص 228)، وقد استعار دول هذا من جان بياجيه ومبدأ إعادة التوازن. أما في نوع الاستقبال السلبي فإنه يتم مقاومة هذه الفوضى وقمعها فوراً. يقول دول في هذا الصدد:

"الأنظمة المفتوحة، بشكل عام تتطلّب التشويش من أجل أن تؤدي وظيفتها، أما الأنظمة المغلقة فترفض التشويش لأنها تهدد النظام. بنفس الطريقة، في الإطار الذي يطبّق النظام المفتوح والتنظيم الذاتي، يحتاج المعلمون إلى التحدّي الذي يأتي من الطلاب من أجل أن يؤدوا دورهم في العملية التفاعلية؛ أما في الإطار الذي يطبق النظام المغلق بعيداً عن النظام الذاتي فإن تحديات الطلاب تهدّد ذلك الدور وتعوق أداءه"(ص 228).

يشدّد مناصرو نموذج تايلر على الدقة والوضوح في تحديد الأهداف والخبرات لأن السلطة والتحكّم من الخارج على درجة كبيرة من الأهمية في هذا النموذج الذي سيطر على المنهج منذ سنوات طويلة إلى الدرجة التي أصبح فيها من الصعوبة التفكير في نموذج آخر غيره (Tanner & Tanner,1980) وأن الوقت قد حان للبحث عن نموذج جديد، بل إنه قد تأخر كثيراً long overdue  (Kliebard,1970).

لكن هذه الرؤية المسبقة والجاهزة التي تعتمد الأسلوب المنطقي والتي فرضها نموذج تايلر السلوكي وجدت معارضة قوية لها وللسلطة التي تتضمّنها من خلال التنظيم الذاتي، ورياضيات الفوضى، وطبيعية ديوي، والمنهج العملياتي لألفرد وايتهيد، ونظرية السرد عند برونر، والتوازن عند بياجيه. يعتقد ويليام دول أن النمط المجازي والسردي (القصصي) والتأويلي هو المكمّل للنمط المنطقي والتحليلي والعلمي؛ إذ يهتم المعلم بالحصول على الدقة في النوع الثاني(التحليلي) بينما يهتم المعلم بإبقاء الحوار مستمراً أي صناعته وبناءه من خلال الحوار في النوع الأول (السردي). الحوار شرط لا يمكن الاستغناء عنه في رؤية ويليام دول (دول، 2016)، والمجاز أكثر فائدة من المنطق في توليد الحوار لأن هذا الأخير يستهدف النهاية أما المجاز فمفتوح ومساعد على الكشف وإبداع الحوار.

لهذا، يمكن القول إن دول يفضّل السرد أو القصة كطريقة تدريس تجبر المتعلّم وتتحداه وتشجعه على التفسير والدخول في حوار مع النص، يقول دول إنه " يوجد في القصة الحيدة الكثير من الغموض (عدم التحديد) الذي يدفع القارئ نحو الحوار والمشاركة في القصة                (ص 242). المعلّم، بحسب رؤية دول،  بحاجة إلى تقديم درسه بطريقة سردية قصصية تشجّع الطلاب على الكشف عن الاحتمالات التي يمكن توليدها من الحوار مع النص. يعتقد الباحث أن هذا النوع، أي الأسلوب السردي القصصي والذي أخذه دول من برونر في كتابه ثقافة التربية (Bruner, 1993)، يولّد الثراء في التفاعل مع النص، وهو العنصر الأول في رؤية ويليام دول، والذي يعتمد على تعدد التفسيرات والتأويلات للنص الذي يناقشه الطلاب والطالبات.

أما عنصر التواتر، وهو أحد المبادئ التي استعارها ويليام دول من المنهج اللولبي أو الحلزوني the spiral curriculum  فهو ضروري في مثل هذا المقرر إذ يمكن للأستاذ والطلاب تقديم رالف تايلر، كموضوع من مواضيع هذا المقرر،  في بداية المقرر كصاحب نموذج رائد في المناهج وطرق التدريس، ثم العودة له مرة أخرى عندما يتم تقديم موضوعات النظرية البنائية ومقارنة هذا النموذج مع النماذج التي جاءت بها البنائية، ثم الاستمرار في تقديم رالف تايلر في نهاية المقرر، لكن هذه المرة، بالمقارنة مع رؤية جديدة لا تتبنّى الأهداف المسبقة ولا تحفل كثيرا بالتقويم، وهما عنصران رئيسان في رؤية ويليام دول. أي أن موقف الطلاب نحو تايلر يتغير في كل مرة يتم فيها تقديمه أثناء المقرر، وهذا هو مبدأ التواتر الذي يقصده ويليام دول. هذا النوع من التواتر يرتبط بعنصر آخر من عناصر رؤية دول وهو الارتباط أو العلاقات التي تظهر في التفاعل بين ما قدّمه تايلر من إسهامات سلوكية ومقارنتها بالإسهامات البنائية التي جاءت بعده، ثم الوصول في نهاية الأمر إلى النظر بشمولية لجهود تايلر في المنهج وبالتالي إمكانية الحكم عليها وتبنّيها إذا كانت مفيدة أو التخلّي عنها إذا كانت غير مناسبة.

رابعاً: التقويم

إذا كانت رؤية ويليام دول تشتق الأهداف أثناء التنفيذ وليس قبله فإن هذا لابد أن ينعكس على عملية التقويم التي تحصل عادة عند أتباع تايلر، وهو السائد حاليا في النظام التربوي، في ختام الفصل أو العام الدراسي والذي اصطلح على تسميته الاختبارات التحصيلية. يصعب التفكير في التقويم في المنهج ما بعد الحداثي لأن التقويم إذا كان يعني القياس فإنه يعني وجود نظام مغلق؛ بينما المنهج الذي يتبنّاه دول تحويلي ما بعد حداثي ذو نظام مفتوح. يقول دول: "التحدي الأساسي في الأنظمة المفتوحة ليس في إيصال العملية إلى النهاية (كتحقيق نتيجة "ممتازة") بل في توجيه عملية التحوّل بطريقة تحافظ على استمرارية العملية. كل نهاية في هذا الإطار هي بداية جديدة وكل بداية جديدة مرتبطة تاريخيا بماضيها"(دول، 2016،ص42).

التفكير في التقويم بمصطلحات ما بعد حداثية مستحيل تقريباً، كما يقول دول (ص245)، فهو مرتبط بالدرجات والتي تعني بمصطلحات حداثية فصل الناجحين عن الفاشلين. هذا الأمر منتشر بسبب انتشار النموذج الذي يروّج له وهو نموذج تايلر فالاختبارات تُستخدم في كل دول العالم كنقاط عزل أو تمييز، بعبارات دول، وليس كبدايات لحوار جديد.

يمكن استخدام التقويم في إطار رؤية ويليام دول ما بعد الحداثية بممارسة دور الفصل هذا أو التمييز، وهو مناسب جداً في مراحل الدراسات العليا وغير مناسب في التعليم العام، عن طريق مجموعة أو أفراد يقومون بإصدار حكم ما سواء كان ذلك في مرحلة الدكتوراه ولجان القبول والمراجعات التحريرية، أي أن التقويم هنا عملية تفاوضية يستطيع المعلم ممارسة دور رئيس فيها لكنه ليس المقوّم الوحيد فالتقويم هنا جماعيا وتفاعليا (ص248). هذا يعني أن التقويم في مثل هذا المقرر المقترح في الدراسات العليا يقوم على الأوراق التي يكتبها الطلاب من القراءات المتنوعة في القائمة التي اختاروها والتفاعل معها وربطها بالقراءات العامة حيث يعتقد دول أن الأوراق التي تُكتب في بداية المقرر تتحسّن بشكل مثير عند اكتساب خبرات جديدة من خلال المناقشات والمداولات التي تحدث طوال الفصل الدراسي الذي يتم فيه تدريس هذا المقرر. وهذا النوع من التقويم يحقق عنصرين آخرين من رؤية ويليام دول وهما ارتباط الطلاب ببعضهما البعض من حيث أنه تقويم جماعي، والآخر هو الصرامة بمعنى الاجتهاد نحو الوصول إلى أفضل المستويات في الأوراق التي يكتبها الطلاب والتي كما يقول دول أنها تحسّنت مع مرور الوقت.

يتحوّل التقويم في هذه الرؤية إلى عمل جماعي تفاعلي تقوم به جماعات داخل الصف الدراسي تكون مهمتها النقد البنّاء والحوار الذي سينعكس على الطلاب بتطوير وتحسين قدراتهم الفكرية والاجتماعية.

وإذا كان لابد من الاختبارات بنظامها المدرسي المعهود فإنه حري بالمنهج الذي يتبنّى مبدأ التواتر recursion أن يجعل التأمل الذاتي والخيال شيئاً أساسياً وذلك من خلال تصميم الاختبارات بحيث لا تكون بغرض التأكّد مما تمت دراسته فقط، وإنما أيضا في "فهْمٍ أفضل لأسباب الخيارات المأخوذة والطرق المتبعة، بالإضافة إلى المفارقات والبدائل التي كان من الممكن الأخذ بها"(ص 188). أي أن التقويم هنا، بحسب ما يقوله دول، توليدي وليس نهائياً، والتركيز يكون حول ما يمكن أن يستفيد الطالب منه عندما يستخدم المعرفة التي حصل عليها وليس إلى أي مدى تناسبت المعرفة المكتسبة مع الإطار الذي يضعه الآخرون.

خاتمة

حاولت هذه الدراسة تقديم تصور مقترح لمقرر نظرية المنهج من خلال رؤية جديدة لمنهِّج معاصر هو وويليام دول تعتمد على مبادئ أربعة حملت اسم الراءات الأربع 4R's هي الثراء والتواتر والارتباط (العلاقات) والصرامة، واستخدامها مع طلاب وطالبات الدراسات العليا في قسم المناهج وطرق التدريس بجامعة القصيم. جاءت هذه المحاولة كبديل للنموذج الذي سيطر على المنهج لأكثر من سبعين سنة لعله ينقل المنهج إلى آفاق أوسع يتناسب مع التغيّرات الضخمة التي يشهدها العالم والتي تحتّم أن يبحث المنهّجون فيها إلى رؤى ونماذج             يمكن استخدامها.

وقد توصلت الدراسة هنا إلى وضع قائمة بأهم الموضوعات التي يمكن أن يحتويها مقرر نظرية المنهج الذي يتم تدريسه في مرحلة الدراسات العليا، والموضوعات التي يعتقد الطلاب أهميتها في هذا المقرر.

ختاما، يمكن التوصية باستخدام رؤية ويليام دول البنائية في تدريس المراحل التي تسبق الدراسات العليا كأن تكون في مرحلة البكالوريوس أو ما قبلها، مع ضرورة مراعاة تقديم الموضوعات التي تتناسب مع المرحلة التي يتم استخدام هذه الرؤية في التدريس.

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

تايلر، رالف.( 1982). أساسيات المناهج. ترجمة أحمد خيري كاظم وجابر عبد الحميد. القاهرة: دار النهضة.

دول، ويليام. (2016). المنهج في عصر ما بعد الحداثة. ترجمة خالد بن عبدالرحمن العوض. الرياض: دار العبيكان للنشر.

العوض، خالد عبدالرحمن. (2023). هيلدا تابا، المفترى عليها: المنهج الخفي. مدونة ليس إلا. استُرجع في 13 سبتمبر 2023 من هذا الرابط: https://khaledalawadh.com/taba/

Bobbit, F. (1918). The curriculum. Boston: Houghton Mifflin.

Bobbit, F. (1924). How to make a curriculum. Boston: Houghton Mifflin.

Bruner, J. (1973). Beyond the Information Given. New York: Norton.

Bruner, J. (1996). The Culture of Education, Cambridge, MA: Harvard University Press.

Doll, William E. (1993).  Post-modern Perspectives on Curriculum. New York: Teachers College Press.

Doll, William E. (2012). Pragmatism, Postmodernism, and Complexity Theory, The Fascinating Imaginative Realm of William E.Doll, Jr. Edited by Donna trueit.  New York: Rutledge.

Eisner, E. W. (1994). The Educational Imagination: On the Design and Evaluation of School Programs. Macmillan

Goodlad, J. & Richter, M. (1977). "Decisions and levels of decision making: Process and data-sources," in Arno Bellak and Herbert Kliebard, edss, Curriculum and evaluation (1977). Berkeley:McCutchan, pp.506-16.

Johnson, Mauritz. (1967). Definition and models in curriculum theory. Educational Theory, 17(1), pp. 127-40.

Kliebard, Herbert. (1970). The Tyler rationale," School Review, 78(1), 259-72.

Posner, George. (1998). Models of Curriculum Planning. In Landon Beyer & Michael apple, eds. The Curriculum: Problems, Politics, and Possibilities.(1998).  New York: State University of New York Press, pp.79-100.

Schwab, J. (1978). The practical: A language for the curriculum. In I. Westbury & N. J. Wilkof (Eds.) Science, curriculum, and liberal education: Selected essays (pp. 287-321). Chicago: University of Chicago Press. (Original work published 1970).

Stufflebeam, D & Madaus, G. (1984). Educational evaluation and accountability. The American Behavioral Scientist,  27(5), pp. 649-671.

Taba, Hilda. (1962). Curriculum Development: Theory and Practice. New York: Harcourt, Brace & World.

Taba, Hilda. 1962. Curriculum Development: Theory and Practice. New York: Harcourt, Brace & World, Inc.

Tanner, D., & Tanner, L. (1980). Curriculum development: Theory into practice. Columbus, OH: Merrill.

Tyler, R. (1949). Basic principles of curriculum and instruction. Chicago: University of Chicago Press.

Walker, Decker. (1971). A naturalistic model for curriculum development. School Review, 80(1), pp.51-65.

Wheeler, D.K., (1979). Curriculum Process. Hodder and Stoughton Ltd., London.

Whitehead, Alfred North. (1967). The aims of education. New York: Free Press. (Original work published 1929)

المراجع
تايلر، رالف.( 1982). أساسيات المناهج. ترجمة أحمد خيري كاظم وجابر عبد الحميد. القاهرة: دار النهضة.
دول، ويليام. (2016). المنهج في عصر ما بعد الحداثة. ترجمة خالد بن عبدالرحمن العوض. الرياض: دار العبيكان للنشر.
العوض، خالد عبدالرحمن. (2023). هيلدا تابا، المفترى عليها: المنهج الخفي. مدونة ليس إلا. استُرجع في 13 سبتمبر 2023 من هذا الرابط: https://khaledalawadh.com/taba/
Bobbit, F. (1918). The curriculum. Boston: Houghton Mifflin.
Bobbit, F. (1924). How to make a curriculum. Boston: Houghton Mifflin.
Bruner, J. (1973). Beyond the Information Given. New York: Norton.
Bruner, J. (1996). The Culture of Education, Cambridge, MA: Harvard University Press.
Doll, William E. (1993).  Post-modern Perspectives on Curriculum. New York: Teachers College Press.
Doll, William E. (2012). Pragmatism, Postmodernism, and Complexity Theory, The Fascinating Imaginative Realm of William E.Doll, Jr. Edited by Donna trueit.  New York: Rutledge.
Eisner, E. W. (1994). The Educational Imagination: On the Design and Evaluation of School Programs. Macmillan
Goodlad, J. & Richter, M. (1977). "Decisions and levels of decision making: Process and data-sources," in Arno Bellak and Herbert Kliebard, edss, Curriculum and evaluation (1977). Berkeley:McCutchan, pp.506-16.
Johnson, Mauritz. (1967). Definition and models in curriculum theory. Educational Theory, 17(1), pp. 127-40.
Kliebard, Herbert. (1970). The Tyler rationale," School Review, 78(1), 259-72.
Posner, George. (1998). Models of Curriculum Planning. In Landon Beyer & Michael apple, eds. The Curriculum: Problems, Politics, and Possibilities.(1998).  New York: State University of New York Press, pp.79-100.
Schwab, J. (1978). The practical: A language for the curriculum. In I. Westbury & N. J. Wilkof (Eds.) Science, curriculum, and liberal education: Selected essays (pp. 287-321). Chicago: University of Chicago Press. (Original work published 1970).
Stufflebeam, D & Madaus, G. (1984). Educational evaluation and accountability. The American Behavioral Scientist,  27(5), pp. 649-671.
Taba, Hilda. (1962). Curriculum Development: Theory and Practice. New York: Harcourt, Brace & World.
Taba, Hilda. 1962. Curriculum Development: Theory and Practice. New York: Harcourt, Brace & World, Inc.
Tanner, D., & Tanner, L. (1980). Curriculum development: Theory into practice. Columbus, OH: Merrill.
Tyler, R. (1949). Basic principles of curriculum and instruction. Chicago: University of Chicago Press.
Walker, Decker. (1971). A naturalistic model for curriculum development. School Review, 80(1), pp.51-65.
Wheeler, D.K., (1979). Curriculum Process. Hodder and Stoughton Ltd., London.
Whitehead, Alfred North. (1967). The aims of education. New York: Free Press. (Original work published 1929)