نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلفون
1 قيادة ثانية بمدرسة الرشاد الابتدائية
2 أستاذ أصول التربية والتخطيط التربوي ومدير مركز تعليم الكبار كلية التربية – جامعة أسيوط
3 كلية التربية – جامعة أسيوط
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
كلية التربية
إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)
=======
تصور مقترح لتطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الإبتدائية الأزهرية"دراسة ميدانية"
إعــــــــــــــــــــــداد
أ.د/ عمر محمد محمد مرسى أستاذ أصول التربية والتخطيط التربوي ومدير مركز تعليم الكبار كلية التربية – جامعة أسيوط |
أ.م.د/ بهاء الدين عربي محمد عمار أستاذ أصول التربية والتخطيط التربوي كلية التربية – جامعة أسيوط
|
أ/ محمد أنور محمد أحمد
قيادة ثانية بمدرسة الرشاد الابتدائية
للتسجيل لدرجة الماجستير
(تخصص أصول التربية)
}المجلد التاسع والثلاثون– العدد العاشر- جزء أول – اكتوبر 2023م {
عدد خاص بالمؤتمر العلمى الدولى الثامن(تطوير التعليم: اتجاهات معاصرة ورؤى مستقبلية)
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
مستخلص الدراسة
الكلمات المفتاحية: معوقات تطبيق؛ معايير الجودة والاعتماد؛ المعاهد الابتدائية الأزهرية.
Abstract
The study aimed to identify the most important obstacles to the application of quality standards and institutional accreditation in Al-Azhar primary institutes in Assiut Governorate. It used the descriptive approach due to its suitability to the nature of the study. To achieve the goal of the study, a questionnaire was prepared that included (48) statements and was administered on a sample of sheikhs and male and female teachers of Al-Azhar primary institutes in Assiut Governorate, with a total of (600) individuals, in order to apply the study tool to them.
The study reached several results, including: lack of material capabilities and equipment, weak community participation in providing financial resources to achieve the institution’s goals, weak participation of concerned parties in decision-making, misuse of financial resources by the administration, lack of a clear mechanism for evaluating leaders in Al-Azhar institutes, and lack of Financial allocations for spending on the school and its maintenance, and the scarcity of a clear mission defining the goals of the institute and the role assigned to it.
The study concluded by presenting a proposed vision for the application of quality and accreditation standards in Al-Azhar primary institutes.
Keywords: Application obstacles; Quality and accreditation standards; Al-Azhar primary Institutes.
مقدمة:
يعد التعليم ركنا أساسياً ومحوراً مهماً من محاور الإنتاج المعرفي والعلمي للمخرجات التعليمية التي تخدم المجتمع وتساعد على رقي وتقدم للأمم. ويعد التعليم في الأزهر الشريف من أعرق وأقدم أنواع التعليم في مصر؛ فلقد كان للأزهر مكانته الدينية والثقافية منذ أقدم العصور، وكان للتعليم فيه أعظم الأثر في قيامه بدور خالد في المحافظة على اللغة العربية والدين الإسلامي في مصر.
كما يعد المعهد الأزهري مؤسسة تعليمية رائدة في مجال التعليم الديني، ويلعب دوراً بارزاً في تعميق روح الانتماء والولاء للدين والوطن؛ حيث يعمل وفق برنامج تعليمي يهدف إلى بناء الشخصية الإسلامية الوسيطة. غير أن هنالك تغيرات مجتمعية نالت من مكانة هذا التعليم ومكانة خريجيه، مما يحتم تحديث المنظومة الإدارية القائمة عليه وفق الاتجاهات الإدارية التعليمية المعاصرة. وهذا دعي قيادات تلك المؤسسة إلى تبنى فكر الإصلاح القائم على المعايير في القطاع التعليمي والوفاء بمتطلبات الاعتماد التربوي، كونه أحد أهم مداخل ضمان جودة المنظومة الإدارية والتعليمية([1]).
ونالت الجودة اهتماماً كبيراً إلى الحد الذي جعل المفكرين يطلقون على هذا العصر عصر الجودة، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لنموذج الإدارة الجديدة التي جاءت لمسايرة المتغيرات الدولية والمحلية ومحاولة التكيف معها. وأصبح المجتمع العالمي ينظر إلى الجودة والإصلاح التربوي باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، بحيث يمكن القول أن الجودة هي التحدي الحقيقي الذي ستواجهه الأمم في العقود القادمة ([2]).
ومن خلال الاطلاع على أدبيات موضوع الاعتماد، أكدت كثير من الدراسات على أن نظام الاعتماد المؤسسي طريق فاعل لإصلاح وتحسين المؤسسات التعليمية لما يتضمنه من التخطيط المستمر، والتقويم الذاتي على فترات دورية. ويعد الاعتماد حافزاً على الارتقاء بالعملية التعليمية ومبعثا على ثقة المجتمع وأولياء الأمور لخريجي هذه المؤسسات التي تسعى لتنفيذ وتحقيق أهدافها)[3](.
وبذلك يعد نظام اعتماد المؤسسات التعليمية أحد الحلول المطروحة لتجاوز المؤسســــات التعليمية سلبياتها والمشكلات التي تواجهها، كما يعد أحد الآليات المهمة للإصلاح والتطوير.
مشكلة الدراسة:
تعد معايير الجودة من الجوانب الأساسية لتطوير المؤسسة أياً كان نوعها، وعلى اختلاف أنشطتها من أجل إيجاد جيل من المتعلمين المؤهلين لتمكينهم من العمل في أي مجال، والارتقاء بجودة التعليم والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي طبقت مفهوم الجودة في مؤسساتها التربوية والتعليمية.
وقد اصبح تحقيق الجودة - كاتجاه عالمي حديث - محوراً لشغف واهتمام معظم دول العالم باعتبار الجودة ركيزة رئيسة لنموذج الإدارة الفعالة، التي تتيح لها مواكبة المستحدثات العالمية من خلال مسايرة المتغيرات الدولية والمحلية من أجل التكيف معها؛ فالجودة تعتمد على تطبيق أساليب متقدمة، تهدف إلى التحسين والتطوير المستمر، مع السعي الدائم لتحقيق أعلى المستويات الممكنة في الممارسات العمليات والنتائج والخدمات)[4](.
ورغم الاهتمام العالمي بالجودة في التعليم، إلا أننا نجد أن مفهوم الجودة وتطبيقاته ما زال يسير بخطى بطيئة في أروقة التعليم الأزهري في مصر. ويرجع ذلك إلى الأزمة التي تعيشها المعاهد الأزهرية نتيجة لضعف قدرتها على الاستجابة السريعة والمتلاحقة للمتغيرات المجتمعية والعالمية، والتحديات المطلوبة للتنمية التي تستدعي تغييراً في طريقة تعامل المعاهد الأزهرية مع مشكلات المجتمع بصورة تحقق لها الفاعلية والكفاية)[5](.
ومن هنا تتبلور مشكلة الدراسة الحالية في التساؤل الرئيس التالي:
ما التصور المقترح لتطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الإبتدائية الأزهرية؟
أهداف الدراسة:
هدفت الدراسة إلى:
أهمية الدراسة: تتمثل أهمية الدراسة في:
تسهم الدراسة في تحديد تصور مقترح لتطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الابتدائية الأزهرية بمصر وتسهم في تحديد أهم متطلبات تطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الابتدائية الأزهرية.
كونها دراسة تطبيقيه حيث يمكن الاستفادة من التصور المقترح الذي تقدمه الدراسة في التغلب علي معوقات تطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الابتدائية الأزهرية بجمهورية مصر العربية ومساعدة المسئولين علي مواجهة هذه المعوقات وتطبيق معايير الجودة.
تساؤلات الدراسة:
منهج الدراسة :
سوف يستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، لملاءمته لطبيعة الدراسة، حيث رجع الباحث إلى الأدبيات المرتبطة بمعايير الجودة والاعتماد للوصول إلى تصور مقترح لتطبيق معايير الجودة في المعاهد الابتدائية الأزهرية.
حدود الدراسة :
حدود الموضوع: التعرف على معوقات تطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الابتدائية الأزهرية.
حدود مكانية: اقتصرت الدراسة الحالية على بعض معاهد المرحلة الابتدائية الأزهرية.
مصطلحات الدراسة:
المعوقات:
يعرف الباحث مصطلح المعوقات إجرائيا علي أنها: هي الصعوبات والعقبات التي تواجه المعاهد الابتدائية الأزهرية وتعيق بلوغهم الجودة والاعتماد بالإمكانات المتاحة لديهم وتحول دون تحقيق هذا الهدف.
المعايير:
يعرف الباحث مصطلح المعايير إجرائيا علي أنها: موجهات أو خطوات مرشدة متفق عليها من قبل المتخصصين يمكن تطبيقها داخل المعاهد الابتدائية الأزهرية تستخدم كقاعدة للمقارنة والحكم على مواطن القوة والضعف داخلها .
الجودة :
يعرف الباحث مصطلح الجودة إجرائيا على أنها: هي الجهود والإجراءات التي تقوم بها المعاهد الابتدائية الأزهرية للتخلص من أشكال الهدر في المؤسسة والحصول على منتج متميز من خلال الاستخدام الأمثل للإمكانيات البشرية والمادية والإدارية المتاحة.
الاعتماد :
يعرف الباحث مصطلح الاعتماد إجرائيا: علي انها الاعتراف والاقرار الذي تمنحه هيئه الجودة والاعتماد المعنية بالمعاهد الابتدائية الأزهرية وذلك بعد التأكد من تطبيق المعاهد الابتدائية الأزهرية لمعايير الجودة ونجاحها في تنفيذها ولديها القدرة علي التحسين المستمر في الأداء وفقا للمعايير المعتمدة والمعلنة من الهيئة.
خطوات السير في الدراسة :
من هنا جاءت هذه الدراسة بهدف وضع تصور مقترح لتطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الابتدائية الأزهرية.
أولاً: الإطار الفكري والفلسفي لضمان الجودة والاعتماد
إن مفهوم الجودة في طريقه للظهور مر بالعديد من المراحل التي تساهم في بروزه، وكانت المرحلة الأولى لتحديد الإنسان لمفهوم الجودة هو ما كان يقوم به عند رغبته في شراء سلعة ما من المقارنة بين هذه السلعة وأخرى من نفس النوع من ناحية جودتها ومدى ملاءمتها لاحتياجهاته، ومن ثم يتخذ القرار بشراء السلعة التي تحقق له ذلك(6).
المفهوم لغة:
يعد مصطلح الجودة من المصطلحات الحديثة نسبيًا، وقد بدأ استخدامها في الكتابات العربية مع بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين نتيجة لظهور العديد من المتغيرات الدولية وشيوع استخدام مفاهيم الجودة في المؤسسات التعليمية(7).
ويشير "المعجم الوسيط" إلى أن الجودة تعني كون الشيء جيدًا، وفعلها "جاد" والجودة في اللغة أصلها الاشتقاقي (ج ود ) وهو أصل يدل على التسامح بالشيء وكثرة العطاء(8).
المفهوم اصطلاح:
ترى الجمعية الأمريكية لمراقبة الجودة أن الجودة هي إجمالي السمات والخصائص التي تميز المنتج أو الخدمة ويمكن عن طريقها الوفاء باحتياجات محددة"(9).
وتعرف أيضاً بأنها تكامل الملامح والخصائص لمنتج أو خدمة ما تمكن من تلبية احتياجات ومتطلبات معروفة(10).
وترى الدراسة أن الجودة: هي التزام المعاهد الابتدائية الأزهرية بالإجراءات التي تقوم بها للتخلص من أشكال الهدر وانعدام العيوب في المؤسسة وتخريج طالب متميز من خلال الاستخدام الأمثل للإمكانيات البشرية والمادية والإدارية المتاحة.
مفهوم الجودة في التعليم:
تعرف الجودة في التعليم بأنها ترجمة احتياجات توقعات الطلاب إلى خصائص محددة تكون أساساً في تعليمهم وتدريبهم لتعميم الخدمة التعليمية وصياغتها في أهداف بما يوافق تطلعات الطلاب المتوقعة(11).
تظهر اهمية الجودة في التعليم من خلال ما يمكن أن تحققه المؤسسة من قواعد تطبيقها لمعايير ضمان الجودة، ومن أهم هذه الفوائد(12):
وترى الدراسة أن أهمية الجودة تتمثل في وضع هيكلة واضحة ومحددة وشاملة للمؤسسات التعليمية ووضع وصف وظيفي لكل دائرة ولكل موظف متوفرة ومحددة، ووضع معايير جودة محددة لجميع مجالات العمل فنية، إدارية، مالية.
ويعرف بأنه عملية تقويم واعتراف بالمؤسسة التعليمية، وبرنامجها الدراسي، والشهادة الأكاديمية التي يحصل عليها الفرد، في ضوء معايير محددة معدة من قبل، وذلك من خلال منظمات (هيئات) أكاديمية متخصصة تمتلك سلطة رسمية في حكمها(14).
أنواع الاعتماد:
يرى الكثير من الباحثين أنه يوجد ثلاثة أنواع من الاعتماد، الاعتماد المؤسسي، والبرنامج، والتخصصي.
هو الاعتماد الذي يمنح لمؤسسة ما كجامعة أو كلية أو معهد إذا ما استوفت المعايير(15).
ب- الاعتماد البرامجي (التخصصي ):
هو تقييم البرامج في مؤسسة ما والتأكد من جودة هذه البرامج ومدى تناسبها لمستوى الشهادة الممنوحة بما يتفق مع المعايير العالمية المحددة(16).
ويقصد به أيضاً المطابقة لمتطلبات أو مواصفات معينة. بينما يعرفها المعهد الأمريكي للمعايير بأنها جملة السمات والخصائص للمنتج أو الخدمة التي تجعله قادرا على الوفاء باحتياجات معينة(17).-
يقصد به الاعتراف بالكفاية لممارسة مهنة معينة، في ضوء معايير تصدرها هيئات ومنظمات مهنية متخصصة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ويختص الاعتماد المهني بالاعتراف بجودة وأهلية الأشخاص لممارسة المهن المختلفة، ويمنح هذا النوع من الاعتماد من قبل مؤسسات اعتمادية أعدت لهذا الغرض كالنقابات والاتحادات أو الروابط المهنية الخاصة بكل مهنة(18).
أهداف الاعتماد:
وترى الدراسة أن الهدف النهائي لتطبيق معايير الاعتماد هو تمكين المؤسسات التعليمية من تحقيق رسالتها على أفضل وجه ممكن، وذلك من خلال الارتفاع بمستوى البرامج المقدمة من حيث الأهداف والمناهج والمقررات وإدارتها وتنظيمها، وكذلك عن طريق التخطيط بعيد المدى، والتقويم الذاتي الذي يسهم في تحسين تلك البرامج.
مفهوم المعايير (المستويات المعيارية):
هي موجهات أو خطوط مرشدة مصوغة في عبارات متفق عليها من قبل مجموعة من الخبراء المتخصصين، تعبر عن المستوى النوعي الذى يجب أن تكون عليه جميع مكونات العملية التعليمية من قيادة وتوكيد جودة ومشاركة مجتمعية وطلاب ومعلمين ومناهج ومناخ تربوي وموارد بشرية ومادية (20).
الهدف العام لمعايير الجودة والاعتماد(21):
يمكن تحديد "الهدف العام" لمعايير الجودة والاعتماد، في إحداث نقلة نوعية في مدخلات، ومنظومات مؤسسات التعليم قبل الجامعي وعملياتها، للحصول على مخرجات تعليمية عالية الكفاءة، وينبثق من هذا الهدف العام عدة أهداف إجرائية من أهمها:
لقد حدد المهتمون بالجودة هذه النظم في الآتي(22):
1-ضمان الجودة.
2-ضبط الجودة.
ويتم ضمان جودة السلعة أو الخدمة من خلال وجود نظام في المكان يعرف باسم ضمان الجودة، كما أن ضمان الجودة يتعلق بتصميم الجودة في العملية لمحاولة التأكد من أن المنتج تم إنتاجه وفقا لمعايير مخصصة محددة مسبقًا، وعملية ضمان الجودة هو مسؤولية القوى العاملة، التي تعمل عادةً في دوائر الجودة أو الفرع، بدلاً من المفتش، على الرغم من أن التفتيش يمكن أن يلعب دور فى توكيد الجودة(23).
مفهوم ضمان جودة التعليم والاعتماد:
هي مجموعة من العمليات التي تقوم بها المنظمة للتأكد من تقديم خدمة مميزة وهذا يتطلب المحافظة على مستوى معين، وتعتمد على ما يمكن أن نسميه النظام الوقائي لمنع حدوث أي مشكلات قد تعوق أداء العمل بشكل صحيح(24).
أهداف ضمان الجودة والاعتماد في التعليم:
يوجد هدفين لضمان الجودة في التعليم (25):
أولهما: ضمان الجودة الداخلي للمؤسسة، ويعني تأكيد الثقة في الإدارة المؤسسية، وثانيهما: ضمان الجودة الخارجي ويؤكد علي الثقة في عملاء المؤسسة، ومعن ذلك أن ضمان جودة التعليم سوف يكون من الإجراءات المنظمة والمخططة للتأكد من أن خريجي هذه المؤسسات يتمتع بالقدرة على الوفاء بحاجات ومتطلبات الجودة لدى العملاء.
وترى الدراسة أن أهداف ضمان الجودة والاعتماد هو التحسين المستمر وتقليل المخاطر المترتبة على انعدام أو انخفاض الثقة في المنتج التعليمي أو بالاعتماد عليه، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
ثانيًا: فلسفة وأهداف المعاهد الابتدائية الأزهرية.
مما لاشك فيه أن الأزهر يعتبر مؤسسة تربوية على درجة كبيرة من الأهمية، ولعل ما يؤكد هذا القول هو الدور الفعال الذي قام به في الحياة الاجتماعية للمجتمع المصري على مر العصور. وإدراكا لأهمية هذا الدور، فقد تناولته حكومات متعددة في أزمان مختلفة بالإصلاح والتطوير حتى يظل قادرا على القيام بدوره التربوي في حياة الشعب المصري خاصة والشعوب الإسلامية عامة(26).
يلاحظ من استقراء التاريخ الثقافي من القرن السادس عشر الذي يمثل بداية العصر الحديث أن الثقافة في مصر كانت تتسم في الغالب بالسمات التي اتسمت بها الثقافة الدينية الشائعة في المنطقة آنذاك حيث صبغت التعليم بلونها وقيمها واتجاهاتها وأساليبها ليصبح تعليما دينيا أخلاقيا إلا أن ذلك التعليم لم يكن يهتم بتنشئة الفرد تنشئة يستطيع عن طريقها أن ينظم العلاقة بينه وبين أفراد المجتمع الذي يعيش فيه أو تنشئة تكسبه قوة ومهارة في معالجة أساليب الواقع المعاش بقدر ما كان يهتم بعلاقة الفرد بربه بالشكل الذي كانت تؤمن به العصور الوسطى(27).
وهناك ثمة تنوع في المظاهر المعبرة عن اقتران التعليم بالدين، إلا أن تلك المظاهر تعكس تكاملا في الأدوار بين الدين والتعليم، فالتعليم ضروري للحفاظ على الدين والتدريب على ممارسة شعائره، كما أن الدين كان دائما الدافع الأول للمعرفة، فضلا عن كونه المنبع الذي تستقي منه المجتمعات قيمها الخلقة، والتي تعدد تنميتها أبرز أدوار التربية(28).
وترى الدراسة أن التكامل واضحا في الثقافة الإسلامية، فتتجلى قيمة العلم، وضرورة تعلمه في الإسلام، فكان أول ما تميز به الإنسان كخليفة لله في أرضه هو العلم كما في قوله تعالى في سورة البقرة:
"وإِذْ قال ربُّك لِلْملائِكةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأرْضِ خلِيفةً قالُوا أتجْعلُ فِيها منْ يُفْسِدُ فِيها ويسْفِكُ الدِّماء ونحْنُ نُسبِّحُ بِحمْدِك ونُقدِّسُ لك قال إِنِّي أعْلمُ ما لا تعْلمُون(30)وعلّم آدم الْأسْماء كُلّها ثُمّ عرضهُمْ على الْملائِكةِ فقال أنْبِئُونِي بِأسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِين(31)قالُوا سُبْحانك لا عِلْم لنا إِلّا ما علّمْتنا إِنّك أنْت الْعلِيمُ الْحكِيمُ (32) قال يا آدمُ أنْبِئْهُمْ بِأسْمائِهِمْ فلمّا أنْبأهُمْ بِأسْمائِهِمْ قال ألمْ أقُلْ لكُمْ إِنِّي أعْلمُ غيْب السّماواتِ والْأرْضِ وأعْلمُ ما تُبْدُون وما كُنْتُمْ تكْتُمُون(33)".سورة البقرة الآيات من(30: 33)
وكان أول ما أنزل من آيات القرآن على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- قوله تعالى:
" اقْرأْ بِاسْمِ ربِّك الّذِي خلق (1) خلق الْإِنْسان مِنْ علقٍ (2) اقْرأْ وربُّك الْأكْرمُ (3) الّذِي علّم بِالْقلمِ (4) علّم الْإِنْسان ما لمْ يعْلمْ ". سورة العلق الآيات من (1 : 5)
فقد كان المسجد هو المؤسسة الأولى في الإسلام، والتي استوعبت نشاطات متعددة الأوجه، ومع تعدد تلك الأنشطة نعت المسجد بالجامع، وكانت إقامة المساجد الجامعة سياسة عامة للدولة الإسلامية في كل القواعد مثل البصره والكوفة وأجناد الشام ومصر وشمال أفريقيا، وهذه المساجد الجامعة، كانت رمزا للدين الإسلامي ودولة الإسلام، ففيها تقام الصلاة، وفيها تتلى الأوامر، والمنشورات، والسجلات، وفيها تعقد مجال القضاء، والمجالس الرسمية، بالإضافة لكونها مركزا للحلقات العلمية(29).
وترى الدراسة أن الهدف الرئيسي لذلك التعليم هدفًا دينيًا وأخلاقيًا، وكان التعليم موحدًا لكل طبقات المجتمع، فأضحى التعليم الديني أداة لترابط المجتمع.
فقد أنشأ (جوهر الصقلي) الجامع الأزهر سنة 972م ليكون رمزاً للسيادة الروحية الفاطمية ومنبراً للدعوة الجديدة التي حمالتها تلك الدولة إلى مصر، وقد سمي الجامع الأزهر بهذا الاسم إما نسبة إلى فاطمة الزهراء رضى الله عنها وإما لكونه محاطاً بالقصور الزهراء أو لكونه أكثر المساجد المصرية فخامة وأعظمها ضياءً ونوراً(30).
وبدأت الدراسة بالأزهر بعد إنشائه بثلاثة أعوام ونصف في أواخر عهد المعز لدين الله، إذ جلس قاضي القضاة الحسن علي ابن حنيفة النعمان القيرواني بالجامع الأزهر، وقرأ مختصر أبيه في فقه الشيعة، وهو الكاتب المسمى الاقتصار "في جمع حافل أثبت في أسماء الحاضرين"، وفي أوائل عهد العزيز بالله شهد الجامع الأزهر حركة هامة حين جلس يعقوب بن كلس (وزير المعز لدين الله ثم وزير ولده العزيز) بالجامع الأزهر، وقرأ على الناس كتابا ألفه في الفقه الشيعي والمعروف بالرسالة الوزيرية، ويعكس هذا الاستهلال للحلقات الدراسية بالجامع الأزهر رغبة الحكم الفاطميين في نشر المذهب الشيعي في مصر، بما يتضمنه ذلك النشر من تثبيت ملكهم في البلاد(31).
فقد ظل الأزهر يؤدي رسالته الدينية والتربوية والعلمية أكثر من ألف عام، وتمثلت هذه الرسالة في حفظ القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وما يتصل بهما من تعاليم دينية تحافظ على الأفراد والأسرة والمجتمع(32).
وما أن تولى محمد علي حكم مصر في عام 1805م، وشعوره بقوة الأزهر ونفوذه بفضل الأوقاف التي وفرت قدرا كبيرا من استقلالية علمائه، بدأ يخطط للاستيلاء على الأوقاف وتمكن من الاستيلاء عليها في عام 1812م، مما ترتب عليه قلة عدد طلاب الأزهر وسوء حال شيوخه وغلمانه، كما شرع في بناء وتطوير نمط جديد من المدارس الحكومية الدنيوية، التي جذبت معظم جهود الإصلاح والتطوير على حساب التعليم الأزهري الذي شهد حالة من الجمود وانحصر في إطار مؤسسته التقليدية، ولم توجه إليه جهود الإصلاح إلا بعد عام 1870م(33).
وعندما قامت الثورة المصرية في 23 يوليو عام 1952م لم يغب عن ذهنها أهمية الأزهر ودوره المؤثر في حياة الشعب المصري، لذلك مدت إليه يد الإصلاح والتطوير لكي يواكب تطورات العصر والظروف الجديدة التي يمر بها المجتمع الإسلامي على المستوى المحلي والعالمي، فصدر قانون رقم 102 لسنة 1961 الخاص بإصلاح الأزهر من الناحية العلمية والتنظيمية، وقد نصت المادة رقم (2) من هذا القانون على (34):
فالأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية الى كل الشعوب. كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها وتعمل على رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية(35).
ويقصد بالتعليم قبل الجامعي بالأزهر " المعاهد الأزهرية " والتي عرفها القانون رقم 103 لسنة 1961م بأنها المؤسسات التعليمية التابعة للأزهر والتي تقوم مقام المدارس بأنواعها في التعليم العام ، وحدد القانون الغرض منها وأنواعها على النحو التالي:
المعاهد الأزهرية العامة: وتشمل المعاهد الأزهرية مراحل التعليم العام الثلاث والتي تهدف إلى تزويد التلاميذ بالقدر الكافي من الثقافة الإسلامية والعربية، وإلى جانبها المعارف التي يتزود بها نظراؤهم في مدارس التعليم العام ولقد قسم القانون مراحل التعليم في المعاهد الأزهرية العامة إلى(36):
والمعاهد الأزهرية تختلف اختلافا بينا عن مدارس مراحل التعليم العام، ويتمثل هذا الاختلاف في الأهداف وخطة وحدة الدراسة والإمكانات البشرية والمادية لها(39).
هناك أهدافا عامة للتعليم بالمعاهد الأزهرية وأهداف خاصة لكل مرحلة من مراحله، وفيما يتعلق بالأهداف العامة للتعليم في المعاهد الأزهرية، فإن القرار الوزاري رقم (293) لسنة 1963 قد حدد أهداف المعاهد الأزهرية كما يلي(40):
ثالثًا: معوقات تطبيق معايير الجودة والاعتماد المؤسسي في المعاهد الابتدائية الأزهرية.
المجال الأول: معوقات تتعلق بالبيئة التعليمية.
من أهم تلك التحديات التي تواجه التعليم الأزهري افتقار التعليم الأزهري قبل الجامعي إلي سياسة واضحة، وضعف مشاركة أولياء الأمور والمجتمع المحلى عند صياغة رؤية ورسالة المدرسة، قلة مشاركة العاملين عند صياغة رؤية ورسالة المدرسة، قلة مراعاة احتياجات المتعلمين عند صياغة رؤية ورسالة المدرسة (41).
وإنه ليس هناك ما يمكن تسميته "اتساق داخلي" في أي منظومة من منظومات التعليم العربية، سواء على مستوى "القيم الجوهرية"، أو الرسالة، أو الأهداف، أو على مستوى الفلسفة التعليمية، أو حتى على مستوى ذهنية العاملين فيها، وكثيرًا من الأحيان لا نجد غلبة لفلسفة تعليمية على أخرى في تلك المؤسسات، بل كثيرا ما يطفو على السطح نوع من التباين، والاختلافات، إن لم تقل خلافات، وفي أحيان أخرى يأخذ التباين في شكل الصراع، إن سمح له بذلك، وهذا التباين يعد أحد المعوقات الأساسية(42).
وترى الدراسة أن من أهم المشكلات التي تتعلق بالجودة هي رفض بعض أولياء الأمور حضور مجالس الآباء لعدم قناعتهم بفعاليتها أو لانشغالهم بالعمل، وقلة مشاركة مجلس الأمناء وأولياء الأمور في وضع الخطط للتوعية بأهمية المشاركة المجتمعية، والقصور في إعلان المؤسسة عن خطتها لخدمة المجتمع وقلة مشاركة المجتمع المحلي في عمليات التقييم الذاتي، وقلة التعاون بين وحدات التدريب والجودة في المعاهد الأزهرية المختلفة، وضعف تفعيل دور وحدة التدريب والجودة في متابعة عمليات التقييم الذاتي.
عدم التزام الإدارة بتطبيق برنامج إدارة ضمان الجودة، غياب أو قصور الإدارة بالمشاركة، ومركزية السلطة، غياب روح الفريق، لا سيما وأن التحسين المستمر لا يتم إلا من خلال فرق عمل محفزة، وتقادم النظم وهبوط المستوى المعرفي، والبطء في عملية التطوير(43).
وهناك معوقات إدارية أخرى وتتلخص في(44):
المجال الثالث: معوقات تتعلق بالمعلم.
هناك مشكلات تتعلق بالمعلم منها الاعتقاد الخاطئ من بعض العاملين بعدم حاجتهم للتدريب، ومقاومة بعض العاملين في المؤسسة للتغيير وهذا بسبب طبيعتهم أو بسبب تخوفهم من التغيرات التي قد تحدث تأثيرات سلبية عليهم، أو من عدة أسباب أخرى، وعدم وجود انسجام وتألف بين أعضاء فرق العمل، أو بين فرق عمل مع بعضهم (45)، وزيادة أعداد المعلمين غير المؤهلين تربويًا (46).
نقص الخلفية العلمية المتخصصة لدي العاملين، وقلة البرامج التدريبية المتخصصة للعاملين، ووجود فجوة بين المخططين للبرامج والمنفذين لتلك البرامج(47).
حيث لا توجد خطط تدريب معتمدة للتنمية المهنية للعاملين بالمدارس، وهذه مهمة وحـدة التدريب والتطوير بدعم من فريق الجودة بالمدرسة، حيث يتم التخطيط السنوي لتحقيق التنمية المهنية لجميع العاملين بالمدرسة من معلمين أو إخصائيين أو إداريين(48).
وتري الدراسة أن هناك قصور في أساليب التعليم والتعلم التي يستخدمها بعض المعلمين لتنمية الجوانب المهارية، استخدام بعض المعلمين الأساليب التقليدية في تخطيط الدروس وعدم مراعاة نواتج التعلم المستهدفة، إهمال بعض المعلمين للتنمية المهنية واستخدامها في العملية التعليمية .
المجال الرابع: معوقات تتعلق بالمقررات الدراسية.
وتتخلص أهم المعوقات التي تتعلق بالخطط الدراسية والمناهج، والكتب فيما يلي(49):
وترى الدراسة أن المشكلات التي تتعلق بالمناهج الدراسية تتلخص كثرة عدد المواد الدراسية المقررة بالأزهر بالمقارنة بالتعليم الابتدائي العام، والتركيز على الحفظ والتلقين وقلة استخدام التقنية واستراتيجيات التعلم الحديثة، وكذلك زيادة محتوى المقررات الدراسية، وتكدس المناهج، وغياب التوصيف العلمي لمعظم المقررات الدراسية، وقلة وضوح أهداف المقررات الدراسية، وكذلك التركيز على الكم وليس النوع فيما يختص بمحتوى المقرر الدراسي.
المجال الخامس: معوقات تتعلق بالأنشطة الطلابية.
قد توصلت بعض الدراسات للعديد من المعوقات والتي أظهرت أهم المعوقات هو عدم توفر الإمكانيات المادية والخامات، وعدم توفر المكان المناسب، وقلة وعي الطلاب بأهداف النشاط، وضيق الوقت، وعدم توفر الموارد المالية المناسبة، وقلة الحوافز(53).
وأن من أهم الصعوبات التي تواجه تطبيق معايير الجودة أن فترة النشاط تكون دائمًا في نهاية اليوم الدراسي، وأن أداء الطلاب واشتراكهم في الأنشطة غير الصفية لا يؤخذ في الحسبان عند التقويم النهائي لتحصيلهم الدراسي، وإنشغال الطلاب الاستذكار من بداية الفصل الدراسي عن الاشتراك في برامج الانشطة(54).
وتري الدراسة أن من أهم المعوقات هي عدم الاهتمام بالأنشطة والممارسات الطلابية عند تصميم الخطة الدراسية، واقتصار الأنشطة التربوية على الترفيه وشغل أوقات الفراغ فقط دون التركيز على الدور التربوي لها، وعدم وجود التمويل الكافي الذي يسهم في تطوير الانشطة وقيامها بالدور الفعال.
رابعًا: ما التصور المقترح لتطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الابتدائية الأزهرية.
تتحدد فلسفة التصور المقترح من خلال:
على ضوء فلسفة التصور المقترح وأسسه يمكن تحديد أهداف التصور المقترح على النحو التالي:
للتغلب على معوقات تطبيق معايير الجودة والاعتماد في المعاهد الأزهرية تتبع الدراسة الإجراءات التالية:
وفي ضوء نتائج الدراسة النظرية والميدانية والتي تم التوصل إليها تقترح الدراسة مجموعة من الآليات المرتبطة بمحاور المتطلبات لتطبيق معايير الجودة والاعتماد المدرسي المعاهد الابتدائية الأزهرية بمحافظة أسيوط.
المحور الأول: للتغلب على المعوقات التي تتعلق بالبيئة التعليمية:
1- توفير الإمكانيات المادية.
2- وجود خطة صيانة دورية للمباني ومرافقها.
3- توفير الموارد المالية لتحقيق أهداف المؤسسة بالمشاركة المجتمعية.
المحور الثاني: للتغلب علي المعوقات التي تتعلق بإدارة المعهد:
المحور الثالث: لمواجهة المعوقات التي تتعلق بالمعلم:
المحور الرابع: للحد من المعوقات التي تتعلق بالمقررات الدراسية:
المحور الخامس: للتغلب علي معوقات تتعلق بالأنشطة الطلابية:
المراجع
([1]) همام بدراوي زيدان، "الأسس الفكرية والتطبيقية لإعداد المعايير الأكاديمية – التعليم الأزهري نموذجاً"، مجلة بحوث ودراسات جودة التعليم، الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، العدد(1)،يناير 2012م، ص121.
([2]) أحمد إبراهيم أحمد، الجودة الشاملة في الإدارة التعليمية والمدرسية، الإسكندرية : دار الوفاء، 2003، ص 28 .
[3]))ايمان محمد توفيق ، معوقات تأهيل المداس بمحافظة دمياط لتحقيق معايير الجودة والاعتماد، مجلة كلية التربية، م 31،ع 4، جامعة المنوفية، 2016م، ص 5.
([4]) محمد أحمد الخولي، دراسة لمفهوم الجودة التعليمية الشاملة ومدى تأثيرها على الأداء الأكاديمي من واقع جامعة قطر، دراسة مقدمة لملتقى الإدارة الاستراتيجية لمؤسسات التعليم العالي، جامعة الملك خالد بالتعاون مع المنظمة العربية للعلوم الإدارية، 10-20 يوليو ، 2005م، ص 9 .
([5]) محمد عبدالرازق إبراهيم ، منظومة تكوين المعلم في ضوء معايير الجودة الشاملة ، الأردن ، دار الفكرة للطباعة والنشر والتوزيع ، 2003م ، ص 15.
المراجع