إسهامات العوام الإنجليز في الحروب من خلال تاريخ متى الباريسي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس التاريخ الوسيط كلية التربية – جامعة المحويت

المستخلص

يتجلى النشاط الحربي للعوام الإنجليز في دائرة أعمال حياتهم المعيشية التي نشطوا بها خلال الحروب الصليبية، وما سطرته كتابات مؤرخيهم فترة الدراسة العديد من النماذج النشاطية المختلفة التي نشأت دوما على أكتاف هؤلاء العوام خلال الإعداد لهذه الحرب، متحملين جل نتائج ما تكلفوا به في إنجاع مهامهم التي وكلت إليهم، ويبقى تعلق العوام بأسباب مباشرة دعتهم إلى القيام بالأنشطة الحربية في ظل أوضاع اجتماعية متردية، وما يحتاجون إليه من متطلبات المعيشة، التي توضحها مصادرهم كشاهد اعيان على ما يحدث من متغيرات اجتماعية، واقتصادية، وسياسية دفعت بهم إلى المسير ضمن الحملات الصليبية، والقيام بمهامهم النشاطية طواعية أو حبا في السمعة، وأخرى أجرًا من الرب كما يعتقدون ذلك.
وتعود أهمية الموضوع إلى إعادة صياغة الأنشطة الحربية التي قام بها العوام                الإنجليز في حياتهم المعيشية بصورة فردية وجماعية وإبرازها للقارئ من كتاب متى أف باريس Matthew of Paris تاريخ إنجلترا وما ذكره عنهم منذ عام 1235م، حتى أحداث استرداد الخوارزميين لبيت المقدس منهم عام 1244، أظهر تحركًا شعبيًا في الشارع الإنجليزي نتيجة لهذا الحدث، إلى جانب الصراعات السياسية التي أدت إلى إضطرابات واسعة في إنجلترا حينها. فما هي تلك النماذج النشاطية التي ركز عليها العوام في حياتهم، وما هي النتائج المترتبة منها؟
يقسم هذا البحث إلى مقدمة وأربعة مباحث يتناول كل مبحث منها دور نشاطي خاص قام به العوام الإنجليز في الحروب الصليبية، فشمل المبحث الأول دور العوام الإنجليز في جمع الأموال لمساعدة الآخرين وسيق من خلالها أمثلة حدثت أثناء هذه الحرب، دلت نتائجها على أنشطة العوام فيها. بينما تناول المبحث الثاني دور العوام الإنجليز في التكتيك الحربي وأعمال الجاسوسية الذي يشمل أنشطة التكتيك الحربي سواء كان بداية المسير أو أثناء المعركة الحربية قام بها هؤلاء العوام فترة الدراسة بيد أن المبحث الثالث تمثل في دور العوام الإنجليز في أعمال الحصار وما تحتويه هذه الأنشطة من روايات دلت على قيام العوام بها، أما المبحث الرابع فقد شمل دور العوام الإنجليز في عملية التسليح، التي ساد فيها العوام الإنجليز طرفًا فاعلًا، وما يتعلق بهم من أمثلة متنوعة دلت على العمل الجاد في تنفيذ أنواع الأسلحة المستخدمة عندهم، وأخيرًا الخاتمة وما تحتويه من نتائج توصل إليها البحث.

الموضوعات الرئيسية


 

                                     كلية التربية

        إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)

                       =======

 

 

إسهامات العوام الإنجليز في الحروب من خلال تاريخ                 متى الباريسي

 

 

 

إعــــــــــــــــــــــداد

عبدالوهاب محمد يحي الحباري

مدرس التاريخ الوسيط

كلية التربية – جامعة المحويت

alhabbari2016@gmail.com

 

 

   }المجلد التاسع والثلاثون– العدد السادس – يونيو 2023م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

مقدمة:

يتجلى النشاط الحربي للعوام الإنجليز في دائرة أعمال حياتهم المعيشية التي نشطوا بها خلال الحروب الصليبية، وما سطرته كتابات مؤرخيهم فترة الدراسة العديد من النماذج النشاطية المختلفة التي نشأت دوما على أكتاف هؤلاء العوام خلال الإعداد لهذه الحرب، متحملين جل نتائج ما تكلفوا به في إنجاع مهامهم التي وكلت إليهم، ويبقى تعلق العوام بأسباب مباشرة دعتهم إلى القيام بالأنشطة الحربية في ظل أوضاع اجتماعية متردية، وما يحتاجون إليه من متطلبات المعيشة، التي توضحها مصادرهم كشاهد اعيان على ما يحدث من متغيرات اجتماعية، واقتصادية، وسياسية دفعت بهم إلى المسير ضمن الحملات الصليبية، والقيام بمهامهم النشاطية طواعية أو حبا في السمعة، وأخرى أجرًا من الرب كما يعتقدون ذلك.

وتعود أهمية الموضوع إلى إعادة صياغة الأنشطة الحربية التي قام بها العوام                الإنجليز في حياتهم المعيشية بصورة فردية وجماعية وإبرازها للقارئ من كتاب متى أف باريس Matthew of Paris تاريخ إنجلترا وما ذكره عنهم منذ عام 1235م، حتى أحداث استرداد الخوارزميين لبيت المقدس منهم عام 1244، أظهر تحركًا شعبيًا في الشارع الإنجليزي نتيجة لهذا الحدث، إلى جانب الصراعات السياسية التي أدت إلى إضطرابات واسعة في إنجلترا حينها. فما هي تلك النماذج النشاطية التي ركز عليها العوام في حياتهم، وما هي النتائج المترتبة منها؟

يقسم هذا البحث إلى مقدمة وأربعة مباحث يتناول كل مبحث منها دور نشاطي خاص قام به العوام الإنجليز في الحروب الصليبية، فشمل المبحث الأول دور العوام الإنجليز في جمع الأموال لمساعدة الآخرين وسيق من خلالها أمثلة حدثت أثناء هذه الحرب، دلت نتائجها على أنشطة العوام فيها. بينما تناول المبحث الثاني دور العوام الإنجليز في التكتيك الحربي وأعمال الجاسوسية الذي يشمل أنشطة التكتيك الحربي سواء كان بداية المسير أو أثناء المعركة الحربية قام بها هؤلاء العوام فترة الدراسة بيد أن المبحث الثالث تمثل في دور العوام الإنجليز في أعمال الحصار وما تحتويه هذه الأنشطة من روايات دلت على قيام العوام بها، أما المبحث الرابع فقد شمل دور العوام الإنجليز في عملية التسليح، التي ساد فيها العوام الإنجليز طرفًا فاعلًا، وما يتعلق بهم من أمثلة متنوعة دلت على العمل الجاد في تنفيذ أنواع الأسلحة المستخدمة عندهم، وأخيرًا الخاتمة وما تحتويه من نتائج توصل إليها البحث.

يعد متى أف باريس من المؤرخين الإنجليز للقرن الثالث عشر المهمين حيئذ، الذي اتسم أسلوبه الكتابي بالسرد، وتدوين الأحداث التاريخية بشكل توثيقي مع المبالغة في تناوله مواضيع التهويل ضد الحكام أحيانا، والعدواة الصريحة للمسلمين. بينما أخبار حياته تعد نادره عدا تاريخ ولادته عام 1200 تقريبا، ووفاته 1259، وانتمائه الديني كراهب في دير القديس ألبانAlban's ، وتلقي تعليمه في فرنسا، لهذا تأثر بسلفه المؤرخين من رجال الدين في الأديرة الإنجليزية، وانتهج التعصب لهم في كثيرا من المواقف، والمناظرة ضد السياسة الدونية للشعب الإنجليزي خاصة الرعايا التابعة له ([1]). وفي الحقيقة حينما نتتبع رواياته تجد نفسك أحيانا في خيال مما يورده، وآحيانا ينقل الحدث ويسهب في ذكره.

ويظهر أن المؤرخ متى أف باريس قد حصر اهتمامه كليًا بدراسة التاريخ، بروح وطنية جديرة بالثناء، لتاريخ إنجلترا، حيث تُشير الأحداث التي حدثت في حياته، وتشبع فكره بتاريخها، إلى جعل متى يعمل بجد في الكتابة وتحسين طرق أساليب تدوينها، وجمع مادة تاريخية في كتاب اسماه هيستوريا الكبرى  Historia Major، شمل فترة مهمة من تاريخ إنجلترا بين عامي 1235و1259، مما ينبغي اعتباره مصدرًا موثوقًا به إلى حد معقول وأنه على علم جيد بالعديد من الأحداث في المجال التوثيق، ورصد الأحداث التاريخية حينئذ. بالرغم من وجود أسلوب متى الأدبي في كتابه إلا أن هناك من يتجاهل مهاراته الأدبية، ويتهمه بالخيال غير الواقعي لما يورده في عدة روايات ضمن كتابه([2]). وفي الحقيقة حينما نتتبع رواياته تجد نفسك أحيانا في خيال مما يورده، وآحيانا ينقل الحدث ويسهب في ذكره.

وتعود أهمية كتاب متى أف باريس، إلى أمتلاكه معلومات زاخرة بمادتها المتنوعة عن العوام الإنجليز وتطورات الأحداث الذي يتناولها البحث، فقد امتلك سجل ديره الكنسي نسخ تاريخ سابقيه، فعد من المؤرخين المسجلين للحقائق، وكرس جهده في العمل، لإجراء التعديل وهيكلة التقارير التي تلقاها لتوضيح وجهة نظره، وهو جانب مهم لدى أي مؤرخ، ثم عمل على كتابة تاريخ إنجلترا على مرحلتين، الأولى استمرت بين عامين 1245، و1251، حيث بدأ بخلق آدم عليه السلام، ثم كرر تدوينه على الأرجح في عام 1253، واستمر في كتابة تاريخه حتى عام 1259، في مرحلته الثانية([3]).

وآخيراً يتناول الإطار التاريخي للبحث الحالي نماذج مهمة للنشاطات الحربية للعوام الإنجليز في ظل كتاب المؤرخ متى أف باريس المعروف بتاريخ إنجلترا جزءه الأول الذي يبدأ بأحداث 1235، السنوات المليئة بالصراعات السياسية المنعكسة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إنجلترا، يعد متى  طرفاً مهماً في تسجيل أحداثها، وأحد أبناء الشعب الإنجليزي، بينما تنتهي الدراسة بحدث مهم له آثره البالغ على الإنجليز خاصة عام 1244، الذي فيه استرد الخوارزميين بيت المقدس كما مر معنا سابقا.

 

المبحث الأول: دور العوام الإنجليز في جمع الأموال لتمويل الحروب العسكرية.

لعب العوام الإنجليز دوراً ملحوظاً في جمع الأموال لمساعدة ملكهم والأماكن المقدسة وما تطلبته الحروب من مؤن ونحو ذلك في تسيير شؤون الحياة آنذاك وسيتم تفصيل ذلك فيما يلي:  

  أما ما يخص دور العوام الإنجليز في جمع الأموال؛ فقد تجلى دورهم المهم في توفير جزء من المال المفروض لتغطية مصاريف الحياة الملكية وشؤون إدارة مملكتهم، عندما عاد هنري الثالث([4]) Henry III، من جاسكوني بغرور نصره، أمر أتباعه بمقابلته عند ساحل البحر؛ وبعد انتظار لمدة وصل الملك، وحاشيته إلى هناك، فاستقبله رعاياه، ومعهم العديد من الهدايا القيمة، وحدث نفس الاستقبال من قبل مواطني لندن في مدينتهم، ومن لم يقدم هدية أومقابلها، يتم اتهامه بذريعة الخيانة وعدم طاعته للملك وغير ذلك من الأمور التي تدخل صاحبهاالسجن لعدم تنفيذه مثل ما ذكر آنفًا، وقد تكون هذه المساعدات والهدايا مقابل وعود الملك واتفاقاته معهم وطاعتهم له، رمزا في تسييره لشوؤن أمورهم([5]). وهذا نموذج من نماذج متعددة استطاع الإنجليز في إدارة جمع الأموال اللازم لملكهم سواء برضا أنفسهم محبه له، أو خوفا من سطوة أتباعه المقربين، وهذه الصورة قد تكون بالغ المؤرخ فيها العدواة للملك في صريح كتابته.

وتجري الأمور في مساعدة الفقراء الإنجليز من بعض أغنيائهم أو من يديرون الحكم بصلاحيات من الأسرة الحاكمة، وهذا ما جرى في متابعة حكم غابة الملك التي بعث إليها العديد من المواطنين ذوي الخبرة في إصلاح هذه الأراضي وجمع الأموال منها؛ لأجل إثراء خزينة الملك، وتحقيق مكاسب مالية يجمعونها من الرجال الذين يقيمون على شؤونها، مثل رجال الدين والعلمانيين، ونقل هذه الأموال لمساعدة الملك والفقراء من اتباعه الذين ليس لهم مأوى، واضطروا للتسول؛ وخير مثال على ذلك مساعدة الأغنياء لهؤلاء عن طريق الفدية لحياتهم مجرد أهمالهم ودخولهم السجن سمح ببذل المال مقابل تركه والإعفاء عن جرمه منهم كجون دي نيفيل John de Neville، الحاصل على أعلى منصب رفيع في منطقته، الذي كان والده من كبار النبلاء في إنجلترا، فأصبح مجرماً في السجن، فكانت عقوبته دفع فدية كبيرة مقابل خروجه([6]). مثل هذا النموذج يعد أحد مصادر جمع الأموال، التي أفادت في تغيير شؤون حياة الإنجليز.

ويستمر رفع شعار مساعدة الفقراء وأخذ أيديهم إلى طريق الحياة السعيدة المستحقة لأفرادهم كبقية أعضاء المجتمع، ويتوجب العيش مبدأ يتساوي فيه كل نفس حرة في عالم الإنسانية لا سيما العصور الوسطى التي كادت الحياة تكون فيها شبه معدومة مع هؤلاء المساكين، وإن وجدت بعض الدعوات النادرة ذكرها الخاصة بمساعدتهم، إنما يعود لسبب يؤكد خوض المساعدين في تقديم الأموال والأطعمة للفقراء حاجة لمساعدتهم في أي نصر يريدون تحقيقه، ورفع الكرب عنهم أثناء اشتداد المعارك. كما يتطلب من الأغنياء بذل قسط مما يملكون على المحتاجين، وإعلاء شعار المساعدات القائمة تحت منظور رجال الدين عندما يدعونهم لذلك، والأثرياء ماليا يشكلون علامة وصل بينهم والفقراء بما يجدون عليهم وقت حاجتهم، تسهيلا لأمر داعيهم للنفقة والتصرف بجود على هؤلاء الضعفاء الذين يعتقدون جزما أن أي خسارة تصيبهم في الحرب معقودة بعدم وقوفهم إلى جانبهم, وعلى سبيل المثال مساعدة أغنياء البارونات لفقراء لندن بغرض الوقوف معهم في معارضتهم ضد الملك هنري الثالث بعد توليه شؤون الحكم بنفسه([7]). يعتبر هذا التعاون من قبل أغنياء العوام الإنجليز مع فقرائهم مهمًا في ظل استمرار الحرب، وتزايد المجاعة بينهم؛ لأن الفقراء هم الترسانة العسكرية التي يتخطى الأغنياء على ظهرها حربهم.

 من جهة أخرى يتم الإعفاء عن الإنجليز من تعهدهم الخاص بحمل الصليب إلى بيت المقدس، مقابل دفعهم مبلغ من المال، والعفو عنهم، كان يتم ذلك عن طريق رجال الدين الإنجليز المعينين من البابوية، ومن أجل أن يُسلب بلد انجلترا البائس من ثرواته ويخسر الآلاف من الأموال، انتشر الوعاظ في أرجاء المدن مبشرين أتباعهم بالعفو عن سيرهم إلى القدس مقابل دفع مبلغ من المال. فاستغل بعض الإنجليز هذا الأمر وبدأو في الفدية عن أنفسهم بدفعهم أموال لهؤلاء الوعاظ، وساستهم مدعين بذلك أن هذه الأموال سوف تصل لمساعدة فقراء المسيحيين هناك، علاوة على ذلك، أظهروا خطابًا فيه تحسين الأمن، ومنح نفس التساهل لكبار السن من الرجال والمعاقين، والنساء، والأطفال، الذين أخذوا الصليب أو قصدوا أخذه، وتلقي الأموال، من قبلهم مسبقًا لهذا التساهل، مقابل دفعهم للأموال أيضا، وبهذا يسعون جاهدين بجمع الأموال من الناس بحجج متعدة منها المذكورة آنفا([8]). وهنا يعتبر ما سبق ذكره مساعدة مالية مباشرة من العوام في تمويل الحرب المستدامة بين الوقت والآخر مع المسلمين في بيت المقدس. 

ويستمر نضال العوام الإنجليز في الحروب كونهم مصدرها الرئيسي لجمع الأموال، وتسيير حركتها بشكل كبير وذلك عن طريق الوعاظ المحفزين للعوام في جمع الأموال مقابل المغفرة عن الخطايا، وتجنب وعثاء السفر ومشقته، والذود بما يملكونه حتى بيع أغلى ما يملكونه فدية لنذرهم والوفاء به، ففي عام 1236، منح العوام الذين سيحملون الصليب، مغفرة كاملة للخطايا التي تابوا عنها حقًا وأعدوا أولئك الذين تعهدوا بحمله منذرين أنفسهم بالحج إلى بيت المقدس مسخرين ممتلكاتهم أساسا لذلك النذر في شراء الضروريات لرحلتهم، وعلى سبيل المثال أرسل البابا إلى الإنجليز السيد توماس من فرسان الهيكل، كان شخصيته معروفة عندهم، مع مذكرة فيها إعفاء هؤلاء الصليبيين، الذين بذلوا أنفسهم للحج، على تلقي المال منهم، الذي يمكن أن ينفق في صالح تعزيز قضية الأرض المقدسة([9]). وهنا يأتي دور الوعاظ في تحفيز العوام بشأن الحروب ومشاركتهم فيها بالأموال إلى جانب مشاركة بعضهم ذاتيًا.

ويتكرر المشهد عام 1240 بشأن جمع الأموال ولكن هنا حدد المبلغ الذي جمع بنفس الحجة المفادة أن هذا المال سيسلم مساعدة لصالح الفقراء في بيت المقدس حيث كان المشهد بشكل أساسي من الإنجليز الذين هم غير مؤهلين على حمل الأسلحة والخوض في معارك القتال هنا توجب أعفاؤهم عن حمل الصليب والذهاب مع الصليبيين نحوه مقابل المال، وخير مثال عند خروج إيرل سيمون دي مونتفورت(1208-1265)([10])  Simon de Montfortالمعارض البارز للملك هنري الثالث إلى بيت المقدس ظهر في صفه العديد من العوام الذين لم يتدربوا على القتال وامتلاك مهارة الأسلحة مما دعا رجال الدين لدفعهم المال مقابل الإعفاء عن ذهابهم،  مما أضطر الإيرل لبيع جزء من ممتلكاته في الغابة لشراء الضروريات اللازمة لرحلته حيث بلغ المال من ذلك حوالي ألف جنيه([11]). وهنا عمل الأغنياء على دفع أموالهم عن الفقراء، لتجهيز حملتهم العسكرية المذكورة. 

 لقد كان العوام الإنجليز محل مصدر جمع الأموال لكل من تولى قيادتهم، وساد أمره في حكم إنجلترا حتى لو كانت سلطة دينية تستطيع ابتزاز أموالهم بمبررات عديدة تحت مسمى التدين واحترام رموزه حتى لو كان ذلك على حساب فقرهم وبيع ما بحوزتهم ليفي بهذا الأمر وخير مثال على ذلك استطاع مندوبو البابوية في معظم مناطق إنجلترا جمع مبلغ كبير من المال وصل إلى ألف وخمسمائة جنيه، كان مبلغا كبيرا جدا ينفذ من سبيل هؤلاء المساكين تحت شرعية قيادة رهبان دوفر([12]) Dover، ويصف متى أف  باريس هؤلاء أنهم لصوص وثعالب استطاعوا جمع المال بحكم تحملهم صفة الدين، ويعد كارثة على بعض العوام الذين باعوا ممتلكاتهم لتوفير هذه الأموال([13]). ويتضح أن غالبية من كان يجمع المال العوام بمختلف مكوناتهم الفئوية، تحت أي مسمى كان يعد لتعامل معهم من خلال القيادة لا سيما الدينية.

بيد أن بعض الإنجليز دفعوا مبلغا من المال؛ ليُبرأون من وعودهم النذرية إلى الوعاظ، واللاهوتيين، الذين أعفوا الصليبيين من وعودهم، عند استلامهم من كل واحد منهم مالا كثيرا، فكانت النتيجة انقسامًا كبيرًا بين الناس من خلال القدرة على الدفع، ولعل الفقراء كانوا أكثر ضررًا من هذا القرار، الذي سُعدَ به الأغنياء، والميسرين منهم. ومن خلال العفو المذكور آنفًا جمع كثير من الذهب والفضة تقدير للإعفاء القسري عن وعود النذور المقدمة منهم للوعاظ أثناء دعوتهم للحروب الصليبية. من جهة آخرى خصت الأموال الناتجة عن إعفاء أصحاب النذور للمقدسات في بيت المقدس كدرجة أولى، دعما لها، والمقيمين عليها من الصليبيين في بيت المقدس، وبهذا تغطي الأموال نفقات الحرب الصليبية من عدة جوانب، حتى وإن كان من دفع الأموال بموجب الإعفاء لم يستطيعوا الذهاب إليها، وخير مثال على ذلك قرار منح رجال الدين التسامح عن كبار السن من الرجال، والمعوقين والنساء والأغنياء والأطفال، الذين أخذوا الصليب أو تعمدوا أخذه، ولكنهم تلقوا أموالًا منهم مسبقًا لهذا التساهل، وأظهروا خطابات شهادة من ريتشارد أوف كورنوال([14]) Richard of Cornwall، بشأن هذا الأمر عام 1240([15]). وبهذا شارك العوام الإنجليز في إعداد الحملة الصليبية من أموالهم لإنجاز وعودهم للمقييمن على تجهيز شؤون الحملة آنفة الذكر.

 إن المساعدات المتنوعة التي قدمها الإنجليز لصليبي بيت المقدس أثمرت نتائجها في تحريك كل فرد منهم بالتكليف سواء كان الدفع لمبالغ مالية محددة أو المشاركة بذاته في صفوف المنضمين داخل الحملات العسكرية إلى بيت المقدس؛ لمساعدة مسيحيه من العدوان الإسلامي كما يزعمون. مما جعل الإنجليز يبادورن بتقديم المساعدات قيادة وشعبًا؛ لتحريره وحمل الصليب المقدس إليه، فقد اجمع الإنجليز عام 1241 على جمع الأموال بحجة إرسالها لمساعدة مسيحي بيت المقدس، من خلال إعلان الإعفاء عن غالبية الشعب أغنيائهم وفقرائهم من الذهاب إليه، حيث جمعت أموالًا كثيرة لهذا الغرض كما ذكر ذلك متى أف باريس في كتابه تاريخ إنجلترا([16]). هذا حسب ما يراه المؤرخ متى أمراً يتحججون به للسيطرة على أملاك المسلمين، وتكوين إمارات عسكرية خارج حدودهم، دون النظر لعواقب ما يحدث من قتل وتدمير للآخرين.

وهكذا تنوعت المساعدات المالية الممنوحة لمساعدة الآخرين وخاصة عندما يعد التجهيز للحملات الصليبية ويدعون من قبل الوعاظ وقيادتهم الملكية حتى وإن كانت على حساب البيع أو النذر والفدية بمضمونها العام مساعدة للفقراء، والمقدسات الدينية.

المبحث الثاني :دور العوام الإنجليز في التكتيك الحربي وأعمال الجاسوسية.

يعني التجهيز للحرب من خلال استجابتهم لدعوة رجال الدين للمشاركة فيها، ونذر واستكشاف والدور القتالي على أرض المعركة وأعمال الجاسوسية في الحرب سيتم تفصيل ذلك فيما يلي: 

أما بالنسبة للتكتيك الحربي([17])؛ فعند الدعوة للحرب تلبي العوام الإنجليز حتى كبار السن من الرجال والمعوقين والنساء والأغنياء والأطفال، الذين أخذوا الصليب يريدون بذلك تنظيم الحرب والمسير فيها، معتقدين ذلك مسير لا بد منه، غير مبالين بما يحدث لهم ويعزوا ذلك في تكريس أنفسهم على تنظيم مون الحرب، من بداية الدعوة حتى يصبحوا كأنهم جسمًا واحدًا، فيبذولون إلى جانب أنفسهم ما يملكون تكتيكًا منهم في إنجاع ما دعوا إليه وهذا ما يراه متى أف باريس عام 1240، حينما دعوا للدفاع عن بيت المقدس فاجتمع العوام الإنجليز حول وعاظهم من أجل الخروج للحرب، حتى أصدر العفو على غير القادرين من الخروج مقابل فدية مالية يدفعها هؤلاء لقيادتهم؛ لذلك تم الحصول على مبلغ كبير من المال، لكن السؤال هنا، من سيكون وصيًا مخلصًا وموزعًا لهذه الأموال لأننا لا نعرف([18]). وهنا يتسأل المؤرخ متى حول من سيوزع هذه الأموال التي جمعت، وهي محل شك إذا ما سلمت إلى مكانها الصحيح في بيت المقدس.

 ومن التكتيك الحربي الذي يجب أن يقوم به العوام الإنجليز الاستشارة الراجحة التي تنقذ أصحابها مما هم فيه، كالدفاع عن المدن من هجمات العدو، والتحرك نحو الهجوم على مدن وأملاك العدو، وقد يسبب هذا الأمر إلى التمسك بقيادتهم والتضحية بالأنفس إلى جانب المال وغيرها من التضحيات الناتجة عن طريق الحروب، وعكس ذلك يعطي العوام النفور عن قيادتهم حتى لو كان الدفاع عن بلادهم وعلى سبيل المثال ما وقع عام 1242 من هروب ملك الإنجليز هنري الثالث بعد علمه بما حدث من عيونه أن ملك الفرنسيين أتفق مع بعض الرعايا الإنجليز على حصار ملكهم، وسجنه مع أتباعه، فترك سكنه فارا، من دون الاستشاره مع محبيه من المواطنين مما ورث ذلك تباعد بينهما، وكره لملكهم نتيجة لذلك، لما قام به من سلوك، لم يوافق أفعاله كقدوة لهم([19]). الشاهد هنا تصوير المؤرخ متى تجاهل الملك استشارة رعاياه في موقف هو بحاجة لرأيهم، لأنهم سيدافعون عنه ومدينتهم من أي هجوم فرنسي محتمل.

ويبدو أن التكتيك الحربي عند العوام الإنجليز يحتاج إلى بذل جهد كبير منهم، إنه عمل شاق يتطلب منهم الوقت لتنفيذ فكرة التخطيط الذهني في التنفيذ العملي كأدوات القطع الحادة، ولعل ذلك كانت أسحلتهم التي يملكونها كالمعاول لتقطيع الأشجار، وسد منافذ الطرقات ومداخلها الضيقة أمام العدو، وإرباك مسيره نحوهم، حيث حظر العوام عام 1242 العدو الفرنسي في ممرات الجبال بقطع جذور الأشجار، ونشرها في مسارات الطرق لقطع عبور الفرنسيين منها، قاصدين بذلك عرقلة مسيرهم، وحصره في الممرات الضيقة؛ ليسهل على رماة العوام رميهم بالسهام والرماح فتكون خسارتهم كبيرة جدا([20]). وهذا تكتيك حربي يقوم بجهد العوام فكرة وعمل، وغالبا عليهم التنفيذ إذا ما أحتاجوا إلى قيادة توحدهم.

وقف العوام الإنجليز في الحرب إلى جانب قيادتهم في يومها العصيب، وضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم، من خلال العمل على نشر السموم في مواقع العدو، وحتى تغطية مياه الآبار وينابيع الأنهار لمنع العدو من الشرب، وحيواناتهم المختلفة منه، ولم يبق الأمر هنا فقط، بل وسعوا عملهم في نشر السموم في الفاكهة وكل ما سيؤكل في طريق العدو من أجل الوقوع فيه خسارة كبيرة، وهذا يعتبر تكتيكاً عسكرياً عظيماً منهم، ويبدو أنه كان منتشراً في العصور الوسطى، فهو مخطط أدى إلى إرباك العدو وقتل الكثير منهم، ونشر الأمراض في صفوفه، وبالتالي كانت خطة عسكرية تكتيكية مجدية آنذاك([21])

ومسألة التكتيك تنطبق على تجهيز المعدات التي تساعد المحاربين في حربهم، والمقصود هنا العربات التي لها دور كبير في مسيرة الجيوش، حيث يكون النقل المؤن عليها التي هي أساس حركتهم، وعليها طعامهم، وخيامهم والأسلحة وغيرها من أدوات الحرب التي يحتاجونها في حربهم، وتعد العربات العمود الفقري للنقل خاصة لمسافات طويلة، يحتاج إلى مساعدين رسميين من العوام لإدارتها وتحريك الدابة التي تجرها مثل الخيول وتفقد قطعها بين الحين والأخر. وهكذا يكون للعوام دور فاعل في هذا المجال، وتكتيكاته الحربية، خاصة أنها تصل إلى العشرات في الحرب الواحدة([22]).

ويشير المؤرخ متى إلى تمركز العوام الإنجليز في التكتيك الحربي بكافة طبقاتهم المختلفة، ويزيد الأمر وضوحا في مواجهة الإنجليز للعدو الفرنسي عام 1242 بمنطقة بواتو([23]) Poitou، والتي بلغ عددهم حوالي عشرين ألفا من الخدم والفرسان والمشاة والرماة انتشروا في الأنهار والطرقات لقتال العدو الفرنسي، وهذا الانتشار بحد ذاته يعد تكتيكا حربيا مهما لمواجهة العدو، وهزيمته([24]). حقق العوام نصرا كبيرا بهذا التكتيك، وجنبوا منطقتهم السيطرة الحتمية من قبل العدو، وجعلوا منطقتهم حاملة لراية النصر.

  أما فيما يخص التجسس([25])، فقد شغل العوام الإنجليز وظيفة التجسس، حيث أدوا عملهم بشكل سليم حسب المهمة المؤكلة إليهم، وتكون المهمة غالبا في الأماكن المدنية، المكتظة بالسكان، التي يدار فيها المؤامرات السياسية، كما كان بالضبط عمل هذا الجاسوس الذي عمل متخفي حول رجل دين أدعى الجنان عام 1237 في أكسفورد([26]) Oxford. وظهر أثمه بدس الخبث في أماكن تواجد هنري الثالث حيث جاء من النافذة باتجاه غرفة الملك، متعمدًا قتله في سريره، لكن الجاسوس كشف المجنون، وأخذه إلى كوفنتري([27]) Coventry، وظهر ذلك الفعل، بعد أن أقر المجنون بمحاولته قتل الملك، فكان جزاؤه القتل في ساحة المدينة([28]). وبهذا يكون للعوام القدرة على التجسس لصالح آخرين دون معاتبة ولفت الأنظار، ويكون اتمامه للمهمة بمقدار تصرفه الذكي، وجدية عمله في التكليف، دون التوقع من أصحاب الهدف المرسل له، إلى مكان الهدف، مما يؤدي إلى نجاع المهمة.   

ويتتبع الجاسوس أمر الحرب ونزعة ما يكمن فيها، ويكون بلسما لحل أي هزيمة أو النصر فيها، وما يحاك في الحصار وغيره من أعمال الحروب، فقد يكون هذا الجاسوس عامل بسيطاً أو فارسًا شجاعًا وما شابه ذلك من ميزات شخصية تجعله مؤهلًا لحماية نفسه وإثراء عمله بمهارة دون كشف نفسه، وخير مثال ما حدث داخل صف الفرنسيين من شراء ولائهم للإنجليز وتفاعل الآخيرون معه في الاعتماد عليه في نقل المعلومات المهمة في معسكر العدو، والاستفادة الجيدة مما يحدث، تسبب في كسر العلاقة المتينة بين الشعب الإنجليزي وملكه واتباع الفرنسيين، فسادت الحرب والحصار عليه آنذاك([29]).

بيد أن التجسس من الطرق الاساسية التقليدية لكسب حرب ما، فمن خلاله تمتلك القيادة المعد له المعلومة التي تساعدها على النصر فيما أقدموا عليه، أو حل قضية ما، وغالبا يكون الجاسوس من أصحاب الخبرة غير المعروفين عند العوام، لكي يستطيع أخفاء نفسه حتى يتمكن من النجاح فيما كلف به، وعلى سبيل المثال ما حدث عام 1240 في محاربة المرابين، الذين سعوا في الأرض الفساد، بما اقترفته أموالهم من تحميل المواطنين ديونا مجرد وقوعهم في أيدي المرابين والتلاعب بهم، والاستحواذ على ممتلكاتهم بحجة عدم سداد الديون المتراكمة، مما ترتب على ولي الأمر وضع عيون من هؤلاء المواطنين لكشف المتلاعبين بالربا، ومحاربة عملهم المفسد لراحة الجميع، حتى كادوا يختفون من الساحة، والعمل سرا في الربا، فجعلهم يشعرون بالحزن من فقدان مكانتهم الرفيعة في المجتمع([30]). وتوضح الرواية سالفة الذكر دور العوام في محاربة الفساد الربوي، وقدرتهم على التجسس لصالح دولتهم، والإصلاح الاجتماعي.

وخلاصة القول أن النشاط الحربي للعوام الإنجليز هنا أخذ صورًا متنوعة كالاستكشاف والتكتيك الحربي والحرص على أعطاء المعلومات ضمن نطاق التجسس أعمال تكمل بعضها البعض، العنصر الفاعل فيها كان هم العوام، الذين سعوا في تحقيق النشاط الحربي المتجدد في بذل طاقة كبيرة في سبيل إنجاع عملية الحرب وتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية واقتصادية لصالح بلادهم.

المبحث الثالث :دور العوام الإنجليز في أعمال الحصار أثناء الحرب

يحتوي هذا المبحث على تحفيز المحاصرين أو المدافعين عن مناطقهم في الحرب، بناء الأسوار وما دمرته الحرب، وحفر الخنادق لحماية سكان أو اختراق المدن، وفيما يلي               تفصيل ذلك:

أما بالنسبة لدور العوام الإنجليز في أعمال الحصار؛ فقد تباين دورهم بحسب طبيعة الحرب، ومكان الحدث، حيث يعزز القول إلى أن البنائيين من الرعاة الإنجليز أقاموا العمل بالأجرة في هذا المجال، ذلك حينما سعى قسم منهم في إعادة بناء ما دمرته الحرب في المباني سواء كانت في الأسوار أو القلاع والحصون الحربية وحرص الجميع بكل شدة في إعادة بناء الأسوار المدمرة، من المنجنيقات، التي تعد مشاركة كبيرة في عبء البناء([31])، وخير مثال على ذلك حينما ضربت المنجنيقات الفرنسية لأسوار قلعة فرونتيناي Frontenaye محاولين هدم أسوارها، في حين سعى البناؤون بسرعة سد ثغرات فيها، والسعي الحثيث على منع العدو من اكتساب أي ثغرة تجعله يخترق الصفوف جاهدين بوقتهم وقوتهم معا في الانتباه على إصلاح أي خرق يحدث في أسرع وقت([32]). ولعل لفظ بناء يمدنا بصلة تعزيزات أصحاب المهن ولو قلة ذكرها مؤرخو الإنجليز، وظهور طوائف منهم يعملون في مهنتهم التي تعلموها في حياتهم.

كما أن البنائيين الفقراء يتقاضون أجرة عملهم مقابل الطعام، خاصة إذا كان الشيء متعلق بأمر الدين، واعتقادهم الجازم بالأجر مما يعملوه حتى وإن كان قوت يومهم، وتشدد على أن عمل البناء لم يكلف، في حالة تتدخل رجال الدين فيه، فضلا عن أجابتهم:"إذا كان الحرفيون الفقراء، الذين يسعون وراء الأجر ويحتاجون إليه، قد حصلوا على طعام لأنفسهم من خلال العمل، فسيكون ذلك قابلاً للتحمل؛ ولكن بقدر ما تم بناؤها، ليس للدفاع عن المملكة، ولكن فقط من أجل قمع المواطنين"([33]). يتعلق الوصف بحال هؤلاء الحرفيين ومهارتهم في البناء، وكل ما يتعلق بهم من مساعدين لإعادة بناء سور لندن، حتى عد ذلك ذلا لمعرفة رد المواطنين في تعاونهم مع رجال دينهم؛ والالتفاف حول البنائين.

وأخيرا مشاركة المواطنين في تحصين برج لندن عام 1239، الذي عزز بتحصينات من هجمات العدو المتكررة على المدينة، إلا أن بعض سكان لندن خافوا من ذلك التحصينات التي كان أمر المعارضة تزداد يوما بعد يوم فشكوا ذلك لملكهم هنري الثالث ما سبب هذه التحصينات فأجابهم أن ذلك لم يحدث إلا لإزالة خطر العدو عنهم، فسعى جاهدا مع البنائين في التحصين والتقليل من فرص نجاح اجتياح العدو للمدينة المتربص بها منذ زمن([34]).

ولا شك أن للعوام الإنجليز دور فاعل في عملية الحصار لا سيما حفر الخنادق حول أسوار المدن التي تعج بالسكان، حيث يعد عملا يقوم به العوام من حفر ونقل أتربه وقطع الحجارة، والتوسيع بين الحين والآخر ويتطلب هذا جهدًا ووقتًا كبيرين حتى يصل الخندق إلى شكله الهندسي المطلوب بحيث يكون مانعا لاجتياز العدو وآلاته الحربية مهما كلفهم هذا العمل من تضحية نفسية ومادية ومعنوية، إلا أنه في هذه الفترة لم نجد نموذجًا يذكره المؤرخ متى في كتابه لفترة دراسة البحث لهذا سنكتفي بما أورده معاصروه من المؤرخين الإنجليز نفس الفترة([35]). وحتمية عمل حفر الخنادق يقوم على أكتاف العوام فترة العصور الوسطى، وحتى وإن لم يذكره مؤرخو تلك الفترة.  

أما ما يخص إحراق المدن؛ ففي زمن الملك هنري الثالث كبح أتباعه في لنكولن([36]) Lincoln وقلعتها الحصينة عن بعض ما يحدث في إنجلترا من فوضى سياسية وتدهور معيشي مستمر بينما الملك وحاشيته يمرحون في معيشتهم الرغيدة، فعندما علم الملك بما يحدث في هذه المدينة أرسل جيشه لمحاصرتها بعد أن أطبق أهلها في الدفاع عنها، وأمر جيشه إذا لم يسلموا أنفسهم أن يحرقوا المدينه على رأس من فيها، وعندما وصلوا استمر الحصار ثمانية أيام تقريبًا، حتى تدخل رجال الدين وسلموا المدينة مقابل الحفاظ عليها بعد المناوشات بين المهاجمين أتباع الملك ومعارضيهم المحاصرين الذي تسبب في قُتل ويليام دي ديفا William de Deva، وهو فارس من أسرة أسقف هيو في لنكولن والعديد من اتباعه، عندما كان يلاحق العدو في القلعة وجرح آخرون([37]). الشاهد في ذلك سيتم حرق المدينة بما فيها دون تهاون في الأمر وسيكون ضحيتها العوام الذين كانوا جزءا من اساس الصراع في هذه المدينة.

ولعل قضية حرق المدن في العصور الوسطى على رأس سكانها أمر شائع، فعندما يعجز أهلها عن الدفاع عنها، يعملون جميعًا على حرق منازلهم خوفًا من أن يستفيد العدو منها، وخير مثال على ذلك هو أمر الملك هنري الثالث لأتباعه في ساينتونج Saintonge (الآن مدينة فرنسية) في عام 1242 لإحراقها إذا تغلب عليهم العدو وأنصارهم داخل المدينة. ويعد ذلك ردت فعل خيانة أعلنها العدو الفرنسي أنه إذا بقي الإنجليز في المدينة في تلك الليلة، فسيكون المواطنون محاصرون أو سجناء معتقلين مع ملكهم، مما بلغ الأمر بالملك الإنجليزي يأمر جيشه بإحراق المدينة إذا سلموا أمرهم لعدوهم وتعاونوا معه([38]). وهنا الحرق هو ما كان يمارس في حروب العصور الوسطى، دون أن يأبه بالعواقب الإنسانية الكارثية التي تلحق بمن لهم قيم وأخلاق تمنعهم من ارتكاب المجازر بحق الأبرياء تحت أي مبرر.

وينتهي المطاف أن العوام الإنجليز مارسوا عملًا حقيقيًا ذكره مؤرخوهم في سطور مصادرهم وخلده تاريخهم بما قاموا به أثناء عملية الحصار من نشاط متنوع دفع بعملية الحرب نحو النصر أو حقق هزيمة بالعدو، كل ذلك تم ذكره في نماذج ستفيد القارئ حول العوام في العصور الوسطى منها، وإن كاد هذا الدور غير واضحًا، إلا أن البحث حاول جاهدا بطرح حل لهذه المشكلة في إيجاد نماذج توضح ذلك.

المبحث الرابع : دور العوام الإنجليز في عملية التسليح الحربي

تعددت الأسلحة كما وعددا التي يستخدمها العوام الإنجليز في الحروب، وطريقة تعاونهم في إيجادها وممارستهم على استخدامها بطريقة تجعلهم مهرة في ذلك فما هي أنواع                 تلك الأسلحة؟

 أما بالنسبة لدور العوام الإنجليز في عملية التسليح؛ يأتي على ذكر الأسلحة التي يستخدمها الإنجليز في مقاومة العدو، والتصدي له بقوة وبسالة، استخدامهم للسيوف والهراوات، وهما سلاحان شائعان يملكهما الفرد لدفاع عن نفسه وذويه، وربما كان هذا الأمر في العصور الوسطى قاصر امتلاكهما على أشخاص محددة أو من يملكون النقود لشرائهما والشجاعة في الاستخدام والمهارة للقتال بهما، ولكثرة الحرب ملكهما كثير من الأشخاص في السواد الإنجليزي، وغالبًا تعد الهراوات سلاحًا يستخدم في أوساط الفقراء لعدم امتلاكهم قيمة السيف وخير مثال على ذلك ما حدث لسكان لندن متمثلا في الدفاع عن مدينتهم مستخدمين الأسلحة المذكورة في مواجهتهم الجنود الفرنسيين المشاة الذين فروا إلى مدينتهم، فقوبلوا بمقاومة شرسه من أهلها وقُتل كثيرًا منهم بالسيوف وآخرين استخدموا الهراوات في دفاعهم عن المدينة، وبهذا وقع العشرات قتلى وآخرين أسرى وكسرت قوة الفرنسيين أمام سكان المدينة عام 1217([39]). الشاهد في ذلك نوع السلاح المستخدم من السيوف والهراوات لدى العوام الإنجليز تعد متواجدة بكثرة، وذي قيمة تكاد لا تذكر يستطيع كل شخص أقتنائها، في مقدمة الدفاع عن السكان.

وظهر نوع جديد من الأسلحة التي يستخدمها العوام الإنجليز، فقد اتهم متى أف باريس اليهود صراحةً بتهريب أسلحة مختلفة، أهمها الدروع، لأعداء المسيحيين في الشرق، الأمر الذي أوضح توقيف براميل مليئة بالعديد من الأسلحة والدروع في مجموعة تجارة النبيذ التي تم القبض عليها، لذلك كان نصيب العوام التأكد من خيانة اليهود، حيث تمركز بعض الإنجليز على حدود إنجلترا مدججين بالأسلحة لحراستهم من الغدر الذي يحدث بين الحين والآخر، وهنا مصدر جديد للأسلحة تم إضافتها لهؤلاء العوام، مما أدى إلى إراحة العديد من الذين وقعت في أيديهم، مما زاد من العداء بين الشعب الإنجليزي واليهود في ذلك الوقت ([40]). تعتبر الدروع من أهم الأسلحة التي يستخدمها المحارب لحماية نفسه من هجمات العدو، ولعل الدرع سلاح دفاعي بامتياز ساد انتشاره في العصور الوسطى.

أما بالنسبة لسلاح الهجوم الذي شاع امتلاكه العوام الإنجليز وتمرس كثيراً على استخدامه، مثل الرماح التي ترمي من مسافات متفاوته على العدو، وقد جاءت الأمثلة تدل على استخدام العوام هذا السلاح في الحرب، فقد انطلقت مجموعة من الفرسان الإنجليز من مقر أقامتهم في لندن إلى القدس معهم مبلغ من المال والمؤن ويتقلدون دروعهم، ورماحهم مرفوعة، سبقتهم رايتهم، وسط المدينة باتجاه الجسر حتى ينالوا بركات المتفرجين، خافضين رؤوسهم أمام السكان، طالبين دعائهم وصلوات الجميع لهم([41]). وهنا يبرز نوع الرماح إلى جانب الدروع مع بعض العوام المنخرطين في مقدمة الحرب.

بيد أن متى أف باريس ذكر نموذجا يشير إلى ذكر اسم السلاح الأبيض واستخدامه من قبل العوام الإنجليز، فقد كان ذلك يشير إلى موقع اغتيال الرجل لملكهم متهما أياه بسلب الحقوق أثناء أقامته في وودستوك عام 1239، والتدهور الاقتصادي في إنجلترا، حتى أن الرجل حمل سلاحه الشخصي بغضب على ملكه يريد طعنه، لولا أنه تم القبض عليه من قبل أفراد الحراسة المنتشرة، وأخذوا السكين المسلولة من يديه، واتهامه بالخيانة والحكم عليه بالعوقبة الصارمة([42]). الشاهد استخدام الرجل لسلاحه السكين، واشهاره للقضاء على العدو دون عائق يردعه، وهنا يتطلب أن يكون الرجل قريب من عدوه.

تتنوع أسلحة العوام الإنجليز وطرق استخدامها والوسائل التي تساعدهم على تنفيذها، التي توجد نماذج تظهر ابتكار الأسلحة غير المباشرة في الدفاع عن أراضيهم، والخروج بسلاح من الطبيعة التي يعيشون فيها، وتحويل البيئة إلى أرض حامية لهم، مسببة في هزيمة عدوهم، مهما كانت قوته وامتلاكه للجنود وعدتهم القتالية، وتعد هذه الخطوات من طرق التحصين التي يكون للعوام لها دور فاعلا فيها. ويبرز نموذج مهم هنا عام 1242 مثل دور العوام في الاسهام بشكل كبير في تشكيل المقاومة المسلحة ضد الفرنسيين على أراضيهم في جاسكون منها حظر ممرات الجبال، والعمل على رمي الفرنسيين في الطرقات بالسهام مما تسبب في وفاة كثيرا منهم دون وقوع الإنجليز في أضرار كبيرة([43]).

يعد الحداد رجل يمارس مهنته في تحويل الحديد إلى أسلحة مختلفة يستخدمها العوام الإنجليز للدفاع عن أنفسهم ضد هجمات العدو في أي مكان وزمان، ويرسل المؤرخ متى أف باريس إشارات بسيطة توضح دور الحداد الذي يعيش في وسط مجتمعه، والذي كان له دور كبير في المعارك الحربية، بما يصنعه من أسلحة حربية عسكرية من أدوات زراعية بسيطة مثل المحاريث التي يمتلكها المزارع في منزله والتي يمكنه استخدامها في الدفاع عن بلده، وحقيقة ما ذكره المؤرخ متى عام 1242 بشأن تحصين القلاع الإنجليزية من الهجوم الفرنسي، حيث أمر الملك هنري الثالث بشراء المحاريث لتحويلها الى رماح، والسنارات الى سهام([44]). توضح الصورة دور الحداد في إعادة أسلحة نوعية للعوام من نفس أدواتهم الزراعية ليستخدموها في الدفاع عن أنفسهم وما يملكون.

  كما يصف لنا متى أف باريس في نفس الفقرة السابقة، نوع الصناعة والمواد الأصلية التي يحولها الحداد إلى سلاح يستخدمه المحاربون بدلاً من استخدامه السابق في الحرث والزراعة، هذه الأسلحة سهلة الاستخدام، وغالبا ترمى من عدة أمتار، وذلك مما يحتاج حاملها إلى وقت لكسب تعلم مهاراتها حتى يصل إلى اتقانئها، ويبدو أن هذه الصورة تبرز سلاحين من أصل مصدر واحد صنعا منه، ألا وهي الرماح والسهام([45]). ويعتقد أن الحداد كان له مكانته في المجتمع الإنجليزي بالخدمة التي قدمها في صنع الأسلحة وما يحتاجه المواطن في حياته اليومية. 

  كما لعب العوام الإنجليز دورًا مهمًا في صناعة المنجنيقات وعملية تجهيز أدواتها الصناعية منذ بداية نشأتها، وتجميع موادها، وذلك من خلال المساعدة في قطع الأشجار ونقلها إلى مكان التصنيع، ويحتاج ذلك إلى بذل جهد كبير في نجارتها إلى أدوات جاهزة في صناعة المنجنيق، حيث يشارك العشرات من العوام في إنجاز هذا العمل من النجارين الماهرين في صناعتها، والعمال والحمالين، وتعد المنجنيقات من الأسحلة الشائعة استخدامها في العصور الوسطى وخير مثال على ذلك تجهيز المنجنيقات لحصار قلعة فرونتيناي التي تضرر سكانها المحاصرين بهذه الآلات الحربية ضررًا بالغًا من قبل العدو الفرنسي([46]). ويخلص الأمر هنا مباشرة إلى جدية العوام الإنجليز في مساعدة صنع المنجنيقات، وتكبد مشقة تجهيز أدواتها، والعمل معا على تتبع مراحل صناعتها.

ويصور متى أف باريس أن الخدم كانوا مهرة في استخدام أسلحتهم، شجعان في مواجهة العدو دفاعا عن قيادتهم، ففي عام 1242، استخدموا الأسلحة في الدفاع عن ملكهم هنري الثالث، ومواجهة العدو الفرنسي الذي اعتدى بقوته على إنجلترا، ويبدو أن هؤلاء من العوام الذين يشكلون نسبة كبيرة من المشاة الإنجليز المشاركين مع الملك حينما يدعوهم داعي الحرب، والأهم في ذلك هو استيلاؤهم على كمية كبيرة من الأسلحة، التي تعد مصدر قوة مضافة إلى قوتهم دون ادنى تكليف منهم([47]).

 ويقدم حاملوا الأقواس دور مهم في تحقيق النصر أو الهزيمة في أي معركة، بما يمثلونه من قوة تكمن في استحدامهم القوس، والذي كان سلاحا مهما يستخدمه الرجال في تاريخ حروب العصور الوسطى، ويرسم متى أف باريس أيضا لهؤلاء دور في الحرب، واتسامهم بالقوة في تعلمهم مهنة الرماية بالقوس، وإصابة الهدف المحدد مما يغير موازين المعركة، وإن كان عددهم قليلاً فيها، إلا أنهم جانب تعزيز وقوة للجنود في رمي العدو من أمتار عدة. فقد وصف المؤرخ متى أن رئيس أساقفة يورك وزملائه، طالبوا الملك بتوفير الأموال وتعزيزات القوات الإنجليزية في مواجهة الفرنسيين، وبناءً على أوامر الملك، أرسلوا بلا تأخير خمسين من رجال القوس، ومبلغًا كبيرًا من المال، ومصدرًا جيدًا من المون، وبعض الجنود الذين يحملون السلاح إلى المعركة([48]). وعلى ضوء هذا التعزيز حقق الإنجليز نصرهم على العدو المذكور آنفا، وكان ذلك بجهد كبير من العوام في تمويل ورفد المعركة برجال القوس حينه.

ويخلص الأمر هنا إلى تنوع صور الأسحلة التي يستخدمها العوام ما بين هراوات وسيوف ورماح ودروع وسهام، إلى جانب مساهمتهم في صناعتها، والعمل على حفر الخنادق وتجميع مواد المنجنيق وتكريس جهودهم في صناعته، واكتساب المهارات المختلفة لممارسة جميع ما ذكر آنفا في شؤون الحرب.

 

 

الخاتمة:

توصلت الدراسة إلى عدة أمور مهمة جعلت من دراستها ضرورة ملحة في ذكرها وهي كالتالي:

أن متى أف باريس كان مهتما بشؤون الإنجليز ومشاكلهم التي تنبثق منه سطور كتابه في ذكرها، دون التعريف العام بما وقع رغم كثرة المشاكل في عصره، والاكتفاء بسردها حسب ما يقتضيه تدوين الحدث. حيث ذكر متى الكثير من مواقف ومشاكل العوام الإنجليز خاصة في جزءه الأول.

الخبرة وإصلاح الأراضي التي تعود بعائد مالي كبير، اعتمد بشكل ما على عاتق هؤلاء العوام بكافة طبقاتهم في إعادة إصلاحها لصالح ملكهم، وارتفاع شعار المساعدات العائدة على الفقراء المتضررين من متاعب الحياة، وجمع العون لهم من الجميع. في حين تبين استعمال هؤلاء العوام مصدرا مهما في جمع الأموال لتوفيرها للأغنياء بحجة دعم المقدسات واستغلال الشعارات الدينية لجمع العوام تحت صفوفهم والاستفادة منها دون وجه حق، ومعارضة متى أف باريس لهذا العمل وانتقاده لفاعليه صراحة.

سعى العوام الإنجليز في الدفاع عن بلادهم مستعملين جل التكتيكات العسكرية في الحرب فنجدهم يتفنون في اختيار التكتيك المناسب في الوقت المناسب ولعل ما استخدم في قطع الأشجار وسد الطرقات في الجهات الضيقة منها وضرب العدو في أشد الحصار يعد نجاحا واضحا في الحرب.

تفاعل العوام الإنجليز في عملية الحصار بشتى أنواعه فتجدهم وقود هذا الحصار سواء كانوا مدافعين أو مهاجمين للمدن، ولذلك يضحون بأرواحهم في سبيل ذلك إلى جانب بذل جل وقتهم في الحفاظ على حماية أسوار المدن والتخطيط في عملية حفر الخنادق الحامية لها وهذه الأعمال كلها تختلف من حصار إلى أخر حسب طبيعة الأرض والوقت المتاح لديهم. بينما تنوعت الأسلحة المستخدمة لدى العوام ما بين دفاعية وهجومية وانخراطهم في الحصول عليها من مصادر متعددة أهمها الغنيمة من الحرب وتحويل الحدادين الأدوات الزراعية إلى أسلحة.

 

 

 

 

مراجع البحث: 

 ([1]) D. A. Carpenter: king Magnates, and Society:"The Personal Rule of King Henry III 1234-1258", Speculum, No. 1,  1985, Vol. 60, p. 40.

([2]) Matthew of Paris: English History, London, 1852, Vol., 1,p.1; D. A. Carpenter: king Magnates, and Society:  Op. Cit., p.449.  

([3])  Björn Weiler: Matthew of Paris, Richard of Cornwall’s candidacy for the German throne, and the Sicilian Business, "Journal of Medieval History, No. 1, 2000, Vol. 26, p. 80.

([4])   ولد هنري الثالث عام 1207، توج ملكا لإنجلترا بعد موت والده جون وعمره تسع سنوات عام 1216، تولى وصايته وليام مارشال حتى عام 1227 تولى زمام أمور الحكم بذاته، وصفت فترة حكمه بكثرة القلاقل السياسية، إلى جانب ازدياد المعارضة لحكمه، تفجرت الحرب الأهلية، عرفت بحرب البارونات بسبب ازدياد الضرائب المفروضة، ومواجهة العدوان الأجنبي تارة آخرى، وطال به حكم البلاد حتى وفاته 1272.

  1. A. Carpenter: The Reign of Henry III, In, Bryce Lyon Speculum, Vol. 72, No. 2, 1997; Michael Prestwich: Plantagenet England 1225–1360, Oxford, 2005,p.28.

([5]) Matthew of Paris: English History, London, 1852, Vol., 2, pp.17-18.

([6]) Matthew of Paris: Op. Cit., Vol.1. p.40.

([7]) William of Newburgh: historia rerum Anglicarum, in, Chronicles of the reigns Stephen, Henry II, and Richard I., By: Richard Howett, London, 1885, Vol. 2,  pp. 467-8.

([8]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, p.395.

([9]) Ibid, pp.37-38.

([10]) سيمون سادس إيرلات الإنجليزية وأول إيرلات تشيستر، هو نبيل فرنسي- إنجليزي. قاد تمرد البارونات ضد الملك هنري الثالث منتصف حكمه، وأصبح رئيسا للمعارضة في إنجلترا، وقد انتخب عضوا للبرلمان لأول مرة عن طريق الانتخاب المباشر، عرف برلمان دي مونتفورت، وبعد عام من انتخابه قتل من قبل القوات الموالية للملك هنري الثالث...

John Robert Maddicott: Simon de Montfort, Cambridge, 1994, p.4; Battle  Royal: A New Account of Simon de Montfort's Struggle Against King Henry III by Tufton Beamish by: John Beeler The American Historical Review, No. 2 ,1967, Vol. 72, pp. 552-553.

([11]) Ibid, p.259.

([12])  هو ميناء دبريس القديم Dubris في شرق كينت  Kent، على مضيق دوفر 105 كم (65 م) شرق جنوب شرق لندن، هي أبرشية مدنية في إنجلترا، في مقاطعة كينت، تقع المدينة على ممر كاليه Calais كما يسمى الجزء الشرقي من القناة، بلغ عدد سكان دوفر حوالي 31000 نسمة في عام 2011.

W.G. Moore: W.G. Moore The Penguin Encyclopedia of Places, Second Edition, New York, 1978, p. 232.                                                

([13]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, p.381.

[14])) ولد ريتشارد عام 1209 وتوفي في 1272 ، هو الابن الثاني لجون ملك إنجلترا، كان الكونت الاسمي لبواتو، إيرل كورنوال وملك ألمانيا. عُد ريتشارد من أغنى الرجال في أوروبا وانضم إلى حملة البارونات الصليبية، ونجح في مفاوضات إطلاق سراح السجناء، وساعد في بناء القلعة في عسقلان.

Björn Weiler: Op. Cit., pp. 71–92.                                               

([15]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, pp. 291& 445.

([16]) Ibid, p.359.

 ([17]) التكتيك العسكري عند العوام عبارة عن فر وكر في الحرب، والعمل على الاستعداد لها بوسائل متنوعة تؤدي إلى هزيمة العدو كقطع الطريق، تسميم المياة، حرق المكان الذي يتوقع الهزيمة فيه. وأحيانا يكون العوام بمثابة الحماية لأسيادهم في الحرب، ولعل هذا التكتيك بمفهومه العسكري يوجه من القيادة العسكرية وغالبا ينفذ من الرعايا في عصر الحروب الصليبية.

Oman C.W.: The Art of War in the middle ages 378-1515, London, 1885, pp. 54-55; https ://www. nsf. ps/ar /D8%                                                                                                         

([18]) Ibid, p.359.

([19]) Ibid, p.426.

([20]) Ibid, p.409-410.

([21]) Ibid, p.409-410.

([22]) Ibid, p.408.

 ([23])هي مقاطعة في غرب وسط فرنسا عاصمتها بواتييه، وأحد المدن الفرنسية التاريخية، حكمها النبلاء في العصور الوسطى وانتهى ملكها إلى إليانور آكتيان Eleanor of Aquitaine (1122–1204) بزواجها من لويس السابع  Lues VII  ملك فرنسا، ثم زواج إليانور من هنري الثاني  Henry II ملك إنجلترا وانتقلت بواتو تحت حكمه، واستمرت على هذا النهج حتى حكم الملك هنري الثالث والذي سلمها للفرنسيين بعد خسارته الحرب معهم، حتى الحرب المائة عام، وعادت تحت حكم الإنجليز إلى عام 1372، والآن تعد من المناطق السياحية في فرنسا، والتي تزخر بالتراث الإنجليزي والفرنسي، ويزورها العديد من السياح في العالم. للمزيد أنظر:

  1. W. Ridgeway: Foreign Favourites and Henry III's Problems of Patronage, 1247-1258, In, The English Historical Review, Vol. 104, No. 412, Jul., 1989, pp. 591-594; Megane Barreiros: Eleanor of Aquitaine, A Queen and A Mother, Toulouse II – Jean Jaures, 2016, pp.15-16. Sophie Cousin & Ghislaine Desevedavy: Région Aquitaine Limousin Poitou Charentes, 2016, pp. 3-7.

([24]) Ibid, p.408.

([25]) التجسس هو جس الخبر أي بحث عنه وفحص، ويعني التفتيش عن بواطن الأمور، وكشف عيوب الأخرين، والعمل على خلخلة صفه، وجمع المعلومات عنه. والتجسس عملية مستخدمة في الحروب منذ العصور القديمة، واستمرت بشكل متقدم في عصر الحروب الصليبية.

Ambroise: The Crusade of Richard Lionheart, New York, 1941, pp. 382-383; https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content

[26])) هي إحدى المدن الإنجليزية الهامة، تقع في شمال غرب لندن في مقاطعة أوكسفورد على نهر التايمز، عند التقاءه مع نهر شيرويل، وترجع شهرتها الرئيسية إلى جامعتها، وقد أصبحت أوكسفورد في القرن 12م إحدى القلاع الهامة، بها العديد من بيوت الرهبان مثل الدومنيكان والفرنسيسكان.

  1. G. Moore: Op. Cit., pp. 554-5.

([27]) هي مدينة تاريخية تقع في غرب إنجلترا على بعد نحو 160 كم إلى شمال غرب العاصمة لندن، أسسها الرومان حوالي القرن 8م كبلدة صغيرة ثم تطورها إلى مركز مهم في القرن 11م، وحتى تاريخنا الحاضر،اشتهرت  بمآثر القرن11م  وتماثيلها، وأسواقها القديمة، وديرها الديني، وقلعتها التاريخية.

 W.G. Moore, Op. Cit., pp. 203-204.

([28]) Grafton's Chronicle: History of England, the city of London, From the years 1189- 1558, 1809, Vol.1, p.252.

([29]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, pp.426-428.

([30]) Ibid, p.260.

([31]) Colin Platt: The Papal Monarchy, The Western Church from 1050 to 1250, New York, 1989, p. 76.

([32]) Matthew of Paris: English History, Vol., 1, pp.414-415.

([33]) Kent Lancaster: Artists, Suppliers and Clerks: The Human Factors in the Art Patronage of K. Henry III, In, Jou. of the Warburg…, 1972, Vol. 35, pp. 81-5.   

([34]) Matthew of Paris: English History, Vol., 1, p.166.

([35]) Roger of Wendover: The History of England, VOL. II., London, 1849, pp. 479-80.

 [36])) هي مدينة ومنطقة حكم محلي، ومركز إداري للنكولنشاير بإنجلترا، تقع على نهر ويتام، يزرع فيها الحبوب لتغطية احتياج المدينة، وتعتبر لنكولن مركزا لصناعة الآلات الزراعية وصناعات آخرى

 

 

 

.Moore: Op. Cit. p. 470

([37]) Roger of Wendover: The History of England, London, 1849, Vol. II.,  pp. 404-5.

([38]) Matthew of Paris: English History, Vol.,1, pp. 426-427.

([39]) Ibid, pp. 397-8.

([40]) Matthew of Paris: English History, Vol., 1 , pp.357-358.

([41]) Ibid, pp.63-64.

([42]) Ibid, pp. 237-9.

([43]) Ibid, pp.409-410.

([44]) Ibid, pp.395-6.

([45]) Ibid, pp.395-6.

([46]) Ibid, p.417.

([47]) Ibid, pp.423-424.

([48]) Ibid, pp.410-411.

  1. مراجع البحث: 

     ([1]) D. A. Carpenter: king Magnates, and Society:"The Personal Rule of King Henry III 1234-1258", Speculum, No. 1,  1985, Vol. 60, p. 40.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, London, 1852, Vol., 1,p.1; D. A. Carpenter: king Magnates, and Society:  Op. Cit., p.449.  

    ([1])  Björn Weiler: Matthew of Paris, Richard of Cornwall’s candidacy for the German throne, and the Sicilian Business, "Journal of Medieval History, No. 1, 2000, Vol. 26, p. 80.

    ([1])   ولد هنري الثالث عام 1207، توج ملكا لإنجلترا بعد موت والده جون وعمره تسع سنوات عام 1216، تولى وصايته وليام مارشال حتى عام 1227 تولى زمام أمور الحكم بذاته، وصفت فترة حكمه بكثرة القلاقل السياسية، إلى جانب ازدياد المعارضة لحكمه، تفجرت الحرب الأهلية، عرفت بحرب البارونات بسبب ازدياد الضرائب المفروضة، ومواجهة العدوان الأجنبي تارة آخرى، وطال به حكم البلاد حتى وفاته 1272.

    1. A. Carpenter: The Reign of Henry III, In, Bryce Lyon Speculum, Vol. 72, No. 2, 1997; Michael Prestwich: Plantagenet England 1225–1360, Oxford, 2005,p.28.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, London, 1852, Vol., 2, pp.17-18.

    ([1]) Matthew of Paris: Op. Cit., Vol.1. p.40.

    ([1]) William of Newburgh: historia rerum Anglicarum, in, Chronicles of the reigns Stephen, Henry II, and Richard I., By: Richard Howett, London, 1885, Vol. 2,  pp. 467-8.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, p.395.

    ([1]) Ibid, pp.37-38.

    ([1]) سيمون سادس إيرلات الإنجليزية وأول إيرلات تشيستر، هو نبيل فرنسي- إنجليزي. قاد تمرد البارونات ضد الملك هنري الثالث منتصف حكمه، وأصبح رئيسا للمعارضة في إنجلترا، وقد انتخب عضوا للبرلمان لأول مرة عن طريق الانتخاب المباشر، عرف برلمان دي مونتفورت، وبعد عام من انتخابه قتل من قبل القوات الموالية للملك هنري الثالث...

    John Robert Maddicott: Simon de Montfort, Cambridge, 1994, p.4; Battle  Royal: A New Account of Simon de Montfort's Struggle Against King Henry III by Tufton Beamish by: John Beeler The American Historical Review, No. 2 ,1967, Vol. 72, pp. 552-553.

    ([1]) Ibid, p.259.

    ([1])  هو ميناء دبريس القديم Dubris في شرق كينت  Kent، على مضيق دوفر 105 كم (65 م) شرق جنوب شرق لندن، هي أبرشية مدنية في إنجلترا، في مقاطعة كينت، تقع المدينة على ممر كاليه Calais كما يسمى الجزء الشرقي من القناة، بلغ عدد سكان دوفر حوالي 31000 نسمة في عام 2011.

    W.G. Moore: W.G. Moore The Penguin Encyclopedia of Places, Second Edition, New York, 1978, p. 232.                                                

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, p.381.

    [1])) ولد ريتشارد عام 1209 وتوفي في 1272 ، هو الابن الثاني لجون ملك إنجلترا، كان الكونت الاسمي لبواتو، إيرل كورنوال وملك ألمانيا. عُد ريتشارد من أغنى الرجال في أوروبا وانضم إلى حملة البارونات الصليبية، ونجح في مفاوضات إطلاق سراح السجناء، وساعد في بناء القلعة في عسقلان.

    Björn Weiler: Op. Cit., pp. 71–92.                                               

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, pp. 291& 445.

    ([1]) Ibid, p.359.

     ([1]) التكتيك العسكري عند العوام عبارة عن فر وكر في الحرب، والعمل على الاستعداد لها بوسائل متنوعة تؤدي إلى هزيمة العدو كقطع الطريق، تسميم المياة، حرق المكان الذي يتوقع الهزيمة فيه. وأحيانا يكون العوام بمثابة الحماية لأسيادهم في الحرب، ولعل هذا التكتيك بمفهومه العسكري يوجه من القيادة العسكرية وغالبا ينفذ من الرعايا في عصر الحروب الصليبية.

    Oman C.W.: The Art of War in the middle ages 378-1515, London, 1885, pp. 54-55; https ://www. nsf. ps/ar /D8%                                                                                                         

    ([1]) Ibid, p.359.

    ([1]) Ibid, p.426.

    ([1]) Ibid, p.409-410.

    ([1]) Ibid, p.409-410.

    ([1]) Ibid, p.408.

     ([1])هي مقاطعة في غرب وسط فرنسا عاصمتها بواتييه، وأحد المدن الفرنسية التاريخية، حكمها النبلاء في العصور الوسطى وانتهى ملكها إلى إليانور آكتيان Eleanor of Aquitaine (1122–1204) بزواجها من لويس السابع  Lues VII  ملك فرنسا، ثم زواج إليانور من هنري الثاني  Henry II ملك إنجلترا وانتقلت بواتو تحت حكمه، واستمرت على هذا النهج حتى حكم الملك هنري الثالث والذي سلمها للفرنسيين بعد خسارته الحرب معهم، حتى الحرب المائة عام، وعادت تحت حكم الإنجليز إلى عام 1372، والآن تعد من المناطق السياحية في فرنسا، والتي تزخر بالتراث الإنجليزي والفرنسي، ويزورها العديد من السياح في العالم. للمزيد أنظر:

    1. W. Ridgeway: Foreign Favourites and Henry III's Problems of Patronage, 1247-1258, In, The English Historical Review, Vol. 104, No. 412, Jul., 1989, pp. 591-594; Megane Barreiros: Eleanor of Aquitaine, A Queen and A Mother, Toulouse II – Jean Jaures, 2016, pp.15-16. Sophie Cousin & Ghislaine Desevedavy: Région Aquitaine Limousin Poitou Charentes, 2016, pp. 3-7.

    ([1]) Ibid, p.408.

    ([1]) التجسس هو جس الخبر أي بحث عنه وفحص، ويعني التفتيش عن بواطن الأمور، وكشف عيوب الأخرين، والعمل على خلخلة صفه، وجمع المعلومات عنه. والتجسس عملية مستخدمة في الحروب منذ العصور القديمة، واستمرت بشكل متقدم في عصر الحروب الصليبية.

    Ambroise: The Crusade of Richard Lionheart, New York, 1941, pp. 382-383; https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content

    [1])) هي إحدى المدن الإنجليزية الهامة، تقع في شمال غرب لندن في مقاطعة أوكسفورد على نهر التايمز، عند التقاءه مع نهر شيرويل، وترجع شهرتها الرئيسية إلى جامعتها، وقد أصبحت أوكسفورد في القرن 12م إحدى القلاع الهامة، بها العديد من بيوت الرهبان مثل الدومنيكان والفرنسيسكان.

    1. G. Moore: Op. Cit., pp. 554-5.

    ([1]) هي مدينة تاريخية تقع في غرب إنجلترا على بعد نحو 160 كم إلى شمال غرب العاصمة لندن، أسسها الرومان حوالي القرن 8م كبلدة صغيرة ثم تطورها إلى مركز مهم في القرن 11م، وحتى تاريخنا الحاضر،اشتهرت  بمآثر القرن11م  وتماثيلها، وأسواقها القديمة، وديرها الديني، وقلعتها التاريخية.

     W.G. Moore, Op. Cit., pp. 203-204.

    ([1]) Grafton's Chronicle: History of England, the city of London, From the years 1189- 1558, 1809, Vol.1, p.252.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol. 1, pp.426-428.

    ([1]) Ibid, p.260.

    ([1]) Colin Platt: The Papal Monarchy, The Western Church from 1050 to 1250, New York, 1989, p. 76.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol., 1, pp.414-415.

    ([1]) Kent Lancaster: Artists, Suppliers and Clerks: The Human Factors in the Art Patronage of K. Henry III, In, Jou. of the Warburg…, 1972, Vol. 35, pp. 81-5.   

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol., 1, p.166.

    ([1]) Roger of Wendover: The History of England, VOL. II., London, 1849, pp. 479-80.

     [1])) هي مدينة ومنطقة حكم محلي، ومركز إداري للنكولنشاير بإنجلترا، تقع على نهر ويتام، يزرع فيها الحبوب لتغطية احتياج المدينة، وتعتبر لنكولن مركزا لصناعة الآلات الزراعية وصناعات آخرى

     

     

     

    .Moore: Op. Cit. p. 470

    ([1]) Roger of Wendover: The History of England, London, 1849, Vol. II.,  pp. 404-5.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol.,1, pp. 426-427.

    ([1]) Ibid, pp. 397-8.

    ([1]) Matthew of Paris: English History, Vol., 1 , pp.357-358.

    ([1]) Ibid, pp.63-64.

    ([1]) Ibid, pp. 237-9.

    ([1]) Ibid, pp.409-410.

    ([1]) Ibid, pp.395-6.

    ([1]) Ibid, pp.395-6.

    ([1]) Ibid, p.417.

    ([1]) Ibid, pp.423-424.

    ([1]) Ibid, pp.410-411.