القيم الجمالية والتعبيرية لتماثيل القادة فى المجتمع المصرى حديثاً

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

کلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط

10.12816/mfes.2022.223422

المستخلص

خصصت الباحثة هذا البحث لتوضح معنى القيم الجمالية والتعبيرية کمفهوم فلسفى وفنى من خلال دراسة القيم الجمالية والتعبيرية لنماذج مختلفة من تماثيل القادة والشخصيات البطولية فى المجتمع المصرى لفنانين مختلفين , والذين اتخذوا من تماثيل القادة والشخصيات البطولية موضوعاً لأعمالهم النحتية , والتى تحققت فيها القيم الجمالية والتعبيرية والعناصر التشکيلية , مما يسهم فى إظهار الصياغات التشکيلية والحلول الفنية فى تلک الأعمال النحتية بکل وضوح , وتناول البحث ثلاثة محاور فالمحور الأول يتناول القيم الجمالية والتعبيرية فى أعمال رواد النحت المصرى المعاصر , أما المحور الثانى فيتناول القيم الجمالية والتعبيرية فى أعمال تماثيل القادة من جيل الوسط وحتى الآن , أما المحور الثالث يتناول القيم الجمالية والتعبيرية فى تماثيل القادة من خلال تجربة الباحثة .

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

                                     کلية التربية

        کلية معتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم

        إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)

                       =======

 

 

          القيم الجمالية والتعبيرية لتماثيل القادة فى المجتمع المصرى حديثاً

 

إعـــــــــــــداد

الباحثة / مريـم سعـد وهبـة جنــدى

المدرس المساعد بقسم النحت بکلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط

تخصص نحت فراغى وميدانى

تحت أشراف :

الأرشاد الأکاديمى :

أ.م.د/ محسن محمد سليم

أستاذ النحت الفراغى والميدانى المساعد بقسم النحت

بکلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط

د/ ممدوح محمد سلطان الکوک

مدرس النحت الفراغى والميدانى بقسم النحت

 بکلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط

 

}     المجلد الثامن والثلاثون – العدد الثاني -فبراير2022م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

المستخلص :

خصصت الباحثة هذا البحث لتوضح معنى القيم الجمالية والتعبيرية کمفهوم فلسفى وفنى من خلال دراسة القيم الجمالية والتعبيرية لنماذج مختلفة من تماثيل القادة والشخصيات البطولية فى المجتمع المصرى لفنانين مختلفين , والذين اتخذوا من تماثيل القادة والشخصيات البطولية موضوعاً لأعمالهم النحتية , والتى تحققت فيها القيم الجمالية والتعبيرية والعناصر التشکيلية , مما يسهم فى إظهار الصياغات التشکيلية والحلول الفنية فى تلک الأعمال النحتية بکل وضوح , وتناول البحث ثلاثة محاور فالمحور الأول يتناول القيم الجمالية والتعبيرية فى أعمال رواد النحت المصرى المعاصر , أما المحور الثانى فيتناول القيم الجمالية والتعبيرية فى أعمال تماثيل القادة من جيل الوسط وحتى الآن , أما المحور الثالث يتناول القيم الجمالية والتعبيرية فى تماثيل القادة من خلال تجربة الباحثة .

الکلمات المفتاحية : القيم الجمالية والتعبيرية - تماثيل – القادة .

 

Abstract:   

The researcher devoted this research to clarify the meaning of aesthetic and expressive values ​​as a philosophical and artistic concept by studying the aesthetic and expressive values ​​of different models of statues of leaders and heroic personalities in the Egyptian society by different artists, who took the statues of leaders and heroic personalities as a subject for their sculptural works, in which the aesthetic and expressive values ​​and the plastic elements were achieved. Which contributes to clearly showing the plastic formulations and artistic solutions in these sculptural works, and the research dealt with three axes. The third axis deals with the aesthetic and expressive values ​​in the statues of leaders through the researcher's experience.

Keywords: aesthetic and expressive values - statues - leaders.

 

تمهيـــــد :

تخضع تماثيل القادة والشخصيات البطولية لعدة عمليات معرفية ووجدانية ,           تتمثل فى علاقة تبادلية بين النحات والتمثال وبين المجتمع ککل , ومن الجدير بالذکر أن هذه العلاقات تتفاعل داخل مايسمى بالمعمل الداخلى للفنان من أحاسيس ووجدان , ويقوم بتحويلها إلى أعمال نحتية  مبتکرة الصياغات والحلول التشکليلية , وتحوى بين طياتها قيماً جمالية وتعبيرية مختلفة .

والقيم التعبيرية  بمثابة الدلالة النفسية فى العمل النحتى , وهى التى تظهر مدى العلاقة بين الفنان وموضوعه , وهى مظهر من مظاهر تحکم الفنان فى تمثاله , وهى الرابطة الحية بين الفنان والتمثال , فالفنان يصيغ تمثاله , وينظم عناصره عن طريق مجموعة من الوسائط الجمالية والتشکيلية .

 وهذه القيم الجمالية والتعبيرية قد تتشابه أو تختلف من فنان لآخر , ومن دولة لأخرى , ومن مجتمع لآخر , بإختلاف الزمان والمکان , لهذا فهى متغيرة دائماً , فى أساليب وتقنيات تنفيذها وطرق صياغتها وحلولها التشکيلية ويرجع ذلک إلى أختلاف ثقافات الشعوب ومعتقداتهم حسب الأختلاف الجغرافى بما فى ذلک التضاريس والمناخ  , وقد تتأثر القيم الجمالية والتعبيرية فى تماثيل القادة والشخصيات البطولية بأهداف وأحداث وظروف معينة سواءاً کانت سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية أو فکرية , مما دفع الفنانين لتخليد ذکرى هؤلاء القادة والأبطال الشجعان , وتمجيد دور کل منهم فى ميدانه ليصبحوا من رموز المجتمع عن طريق تجسيد شخوصهم فى أعمال فنية تخلد ذکراهم . 

مشکلة البحث :

-      دراسة القيم الجمالية والتعبيرية لتماثيل القادة وأثر ذلک فى المجتمع المصرى , وما مدى أستجابة المتلقى للوعى بدور الفن .

أهداف البحث :

-      الوقوف على مدى ثراء وتنوع القيم الجمالية والمردود التعبيرى لتماثيل القادة فى مصر حديثاً.

-      إظهار مدى أستجابة الفنان المصرى لما أتاحه العصر الحديث من التطور التقنى فى الأدوات والخامات .

أهمية البحث :

-      إلقاء الضوء على تنوع الصياغات التشکيلية لتماثيل القادة وأستجابة الأنماط الحداثية فى لغة الشکل .

-      تسجيل دور فن النحت فى الحياة الأجتماعية وصناعة رموز القادة فى کافة الميادين والحفاظ عليها .

مسلمات البحث :

-      تفاعل الفن فى الحياة الثقافية والأجتماعية بأعتباره توثيق تاريخى للمراحل الزمنية السابقة .

-      تقتصر المعالجات النحتية ومدى أستجابتها لمعطيات الفن الحديث وفق دور العمل تجاه المجتمع .

-      أرتباط تماثيل القادة بقدر وافى من المحاکاة أى کانت الصياغة التشکيلية .

فروض البحث : تفترض الباحثة أن :-

-      تختلف المعالجات النحتية وفق تعايش الفنان مع السيرة الذاتية للشخصية القائد المراد التعبير عن دوره ودراسة دوره فى المجتمع .

-      تجاوبت تماثيل القادة للتقنيات والتطور فى الأدوات أکثر من تجاوبها لتنوع الخامة داخل العمل الفنى الواحد لأرتباطها بالجوانب العضوية فى حدود التشخيص .

حدود البحث :

الحدود الزمانية : من أوائل القرن العشرين وحتى الآن .

الحدود المکانية : حمهورية مصر العربية .

منهج البحث : تاريخى وصفى تحليلى .

أولاً : القيم الجمالية والتعبيرية فى أعمال رواد النحت المصرى المعاصر

1-   تمثال « نهضة مصر » للفنان « محمود مختار »  : شکل(1)

 تمثال « نهضة مصر » هو تمثال يرمز لـ« مصر » , هذا التمثال الرائع الذي يبلغ ارتفاعه 7متر , من خامة الجرانيت الوردى , أبدعه الفنان « محمود مختار » عام 1928م , يصور مصر فى هيئة سيدة تقف وتتطلع إلى المستقبل , فى هيئة بطولية ترتدى ملابس الفلاحة المصرية ، وترفع عن وجهها الحجاب بيسراها ، بينما يمناها مفرودة لتلمس بأصابعها رأس تمثال « أبى الهول » , الذي يفرد قائمتيه الأماميتين تستحثه على النهوض . ([1])

لقد جسد « مختار » تمثاله الکبير « نهضة مصر » بکل الشعور , وبکل الحرية , وبکل التناسق والإحکام  , وبکل مالديه من طاقة الموهبة والقدرة على التشکيل المتطور فى مادة الجرانيت الصلبة ,  ليأکد فى هذا التمثال المضمون والمعنى , کما أن خامة الجرانيت الصلبة التى صنع منها التمثال تضمن البقاء والديمومة لهذا العمل البديع , واتخذ « مختار » من المادة شکلاً ومن الحرکة أتجاهاً ومن الحياة خطاً وتکويناً ونبضاً بعيداً عن الإرتجال عن کل ماهو عرضى . ([2])

وقد أضاف الفنان لتمثال « نهضة مصر » رمزاً يعبر عن البعث الجديد , وعن روح اليقظة والصحوة التــى شملت بلاده فى مختلف ألــــوان الفنـــــون والآداب تجسيداً لبذوغ عصر التنوير والثقافة. ([3])وقد عالج الفنان تمثال « نهضة مصر » بأسلوب من البلاغة التشکيلية بحيث يجمع بين البناء مع الإيجاز فى التمثال , کما يتضح فيه تعدد عناصر التعبير عن المعنى مع الترکيز , والسکون مع الحرکة , والتنوع مع وحدة الإيقاع والترديد .

وتمثال « نهضة مصر » بالنسبة لفن « مختار » هو بداية الطريق نحو أسلوبه الفنى , فالفلاحة تعبر عن الحاضر , هى نموذجه الذى تطور به وأودعه إلهامات عصره , و« أبو الهول » هو التراث مجرداً , من عقائده الداخلية والميثولوجيه , التى کانت تسيطر على الفراعنة , ولکنه مازال يحفظ فى عينيه تلک القدرة العجيبة على التطلع إلى الخارج والنظر فى الأعماق , وهذا هو محور فن « مختار » , الذى يظهر جلياً فى تمثال « نهضة مصر » , فهو ينظر إلى الماضى لاستخلاص العناصر الثابته من الفن المصرى القديم والتطلع إلى الخارج , إلى مذاهب العصر ومثالياته وإلى أنفعالاته وأحاسيسه . ([4])                           

والمتأمل فى هذا العمل النحتى يستطيع أن يلمح بوضوح أثر حرکة الثياب مع الساعد الممتد إلى أعلى وحرکة الرأس الناهضة المتطلعة إلى الأمام ما أنبعث من أحساس بالشموخ والزهو والرصانة من تلک الخطوط الرأسية داخل کتلة جسد المرأة الفلاحة التى تعبر عن مصر , وقد عالج الفنان محمود مختار التمثال بقدر هائل من الإيجاز والتلخيص المؤکد لجوانب العضوية للجسد مستفيداً من معطيات النحت إبان عصره وتقاليد النحت المصرى القديم , کما يلاحظ أيضاً فى جماليات العمل الربط بين الماضى والحاضر , ومن الجدير بالذکر أن هذا العمل النحتى يعد نموذجاً ملحمياً فى أعمال النحت المعاصر , فقد أتسمت المعالجات النحتية بأعلاء القيمة الجمالية للعمل النحتى  وتناسق فريد بين جميع أجزاءه مع الترکيز على بعض التفاصيل والتغافل المتعمد عن الکثير منها لصالح أعلاء جماليات العمل النحتى . 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (1) تمثال « نهضة مصر » , للفنان « محمود مختار » , جرانيت وردى , أرتفاع 7 متر , 1928, ميدان جامعة « القاهرة » , « مصر »

2-   تمثال « سعد زغلول »  للفنان« محمود مختار » :شکل (2)

تمثال « سعد زغلول » القائد السياسى وزعيم الأمة الوطنى , وهذا التمثال لزعيم الأمة أحد أعمال « مختار » التى قدمها لمصر إيماناً بمکانة هذا الرجل العظيم , والتمثال منفذ من خامة البرونز , ويبلغ ارتفاعه 6متر , يوجد فى رمل الأسکندرية  منذ عام  1930 . ([5])

وقد صاغ النحات « محمود مختار »  تمثال القائد السياسى « سعد زغلول » بحيث يظهر مدى التفاعل الوجدانى بين ذات الفنان الباطنة , وبين الوجود الخارجى المنبثق عن روح القائد والزعيم « سعد زغلول » وقلبه الخفاق ومکنونات نفسه .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (2) تمثال القائد « سعد زغلول » , للفنان « محمود مختار » , برونز , أرتفاع 6.5 م , (1930-1933) , « برمل » , « الأسکندرية » , « مصر »

کما يظهر جلياً فى تمثال الزعيم مدى إحترام النحات « مختار » لعنصر التصميم العام والإنشاء الذاتى مع الدقة المتناهية فى هندسة السطوح , وتأکيد الحقيقة وليست الحقيقة السطحية العارية فحسب , ولکنها الحقيقة النفسية المنطوية على الشموخ والإصرار والإرادة والحکمة وصراع تحديد مستقبل الأمة ومصيرها وابتدع النحات وحدة شکلية مهيبة متألقة الجانب , متآلفة الأجزاء , مرتبطة العناصر , ومستقرة تستحوذ على الإنتباه , فيظهر العمق والتغلغل , ونفاذ التأثير , واکتمال البناء الشکلى الممتلئ بالنشاط والحيوية والطموح والجدية .کما يظهر فى التمثال الجمال المعمارى مما يعطى بعداً جديداً , ليس فى حجمه وشکله فحسب , وإنما بمطابقته للغرض الإنسانى , والإجتماعى ولشخصية صاحبها من خلال التکتيل الصريح بمسطحاته المتباينة وحلوله الموجزة ومرکزية خطوطه وکتلته . ([6])

ويعبر « محمود مختار » فى تمثاله عن شخصية « سعد زغلول » بنفس طريقة المثالين المصريين القدماء فى تصوير قادتهم وملوکهم ، فيبدو القائد « سعد زغلول » واقفاً کأحد فراعنة مصر العظماء ، ولکن فى ثياب عصرية . ويقول المفکر المعروف « مختار السويفى » عن تمثال « سعد زغلول » : "  أنه يقف قابضاً يديه دلالة على القوة والتمکن والعظمة ، ويمد قدمه اليسرى أمام اليمنى ،وهو أسلوب فرعونى أصيل فى التعبير عن رموز القوة والمجد والخلود . ([7])

3- تمثال « أم کلثوم » للفنان « جمال السجينى » :شکل (3)

 العمل النحتى يجسد بطلة الغناء وکوکب الشرق « أم کلثوم » , قام الفنان « جمال السجينى » بتنفيذ هذا التکوين النحتى من خامة الجبس , ثم قام بصبه فيما بعد بخامة البرونز النبيلة عام 1966م , والتمثال من مقتنيات الفنان الخاصة .

يظهر فى هذا التمثال الجرأة الشديدة فى القدرة على التجديد والأبتکار والصياغة الفنية ، فقد صاغ الفنان تمثالاً للـسيدة « أم کلثوم » متبعاً فيه الأسلوب التکعيبى , واستطاع الفنان أن يلتقط لحظة اندماج « کوکب الشرق » وبطلة الغناء « أم کلثوم » في شدوها الحاني المؤثّر ، وعکس فيه الفنان ملامح وجهها وانخراطها التام في الغناء , وکأنها هي نفسها الأغنية.

کما عکست بنائية التمثال بأشکاله الهندسية التي غلب عليها الشکل الهرمي ، عظمة المطربة , فتبدوا کأنها صرح عريق , کما استخدم الفنان المربع والمستطيل في النصف العلوي من التمثال عند الذراعين والوسط ، مستعيناً بکل ما في هذه الأشکال الهندسية من إمکانات لتحقيق الثبات والتوازن والقوة والثبات لتمثاله. ([8])    

 

 

 

 

 

 

 

 

شکـل (3) تمثال « أم کلثوم » , للفنان « جمال السجينى »  ,  الخامة الأصلية جبس وتم سبک التمثال من خام البرونز النبيلة  , الأبعاد (180× 75)  , 1966م , من مقتنيات الفنان الخاصة , « القاهرة » , « مصر »

کما أوجدت أوضاع المثلثات المتباينة والمتغيرة الحرکة داخل التمثال ، وأنـشأت معالجة الفنان لنسقها وکتلتها مناطق بارزة وأخرى غائرة ، خاصة عند القـلب منبع الإحساس والإنفعال ، أکدها الفنان بحرکة يـــــدها الممسکة بمنديلها الشهير , وتشير إلى القلب ، وبعدد من الدوائر الغائرة التي لها مستويات متعددة عند موضع القلب الإنساني , فقد جاء تکوين التمثال مناسباً لشخصية ذات أبعاد وأعماق ، غنية بالأصالة والتميز , کما يمکن تتبع مستويات أفقية متتابعة متصاعدة في البناء الهرمي للتمثال ، فتشير إلى القمة وتومئ بحرکة إلى أعلى , وبالفعل يوحي ترتيب المثلثات والمربعات والمستطيلات التي کونت سطح تمثال « أم کلثوم » المتعرج ، بجزء من مقرنصات العمارة الإسلامية ، وکأن الفنان « السجينى » في عمله الحداثى يربط موضوعه وتعبيره عنه , بما هو متميز من الموروث المعماري لحضارته ، ليعبر عــن عبقريته وقدرته على صهر مکونات حضارته في حقبها المختلفة في إبداعه الفني ، وإظهار عبقرية « أم کلثوم » في فنها وصوتها فى هيئة عمل نحتى يجسد شخصيتها . هذه الشخصية التي يمکننا بحق أن نقول إنها روح « مصر » وصوتها , لذا يعبّر التمثال عن کل ذلک ببلاغة شعرية وتشکيلية ضمنها شيفرة رموزه . ([9])

  • ·        ثانياً  : القيم الجمالية والتعبيرية فى أعمال تماثيل القادة من جيل الوسط وحتى الآن :

1-    تمثال « العلم والصحة والرفاهية » ــ للفنان « أحمد عثمان » : شکل (4)

        فى هذا العمل النحتى عبر الفنان « أحمد عثمان » عن موضوع الشخصيات البطولية فى عمل نحتى بطولى أطلق عليه « العلم والصحة والرفاهية » فى عام 1966 م , من خامة الجبس , کما يعرف هذا التمثال أيضاً بتمثال « الثلاث فلاحات », الذى يتناول مضمونه معنى البطولة فى الحياة الشعبية فى الريف المصرى , من خلال دور المرأة القائدة التى ترمز للوطن , وقدم النحات صورة واقعية مشرقة عن بطولة المرأة الريفية المصرية , حيث جسد الفنان فى العمل النحتى « ثلاث فلاحات » واقفات فى هيئة ثلاثة کتل رأسية کل منهم لها تفاصيلها الخاصة والتى تميزها عن الأخرى , رغم تشابه الوقفة الشامخة والنظرة الحالمة المتأملة تتطلع إلى المستقبل , وتخطو کل منهن خطوة إلى الأمام بقوة وإصرار لإستکمال المسيرة لتقدم ورقى الوطن , وترتبط کتل تماثيل الفلاحات الثلاثة وتتضافر معاً , من خلال تشابک الأيدى فى توافق وترابط ووحدة .

ويظهر فى هذا العمل النحتى تأثر الفنان « أحمد عثمان » بالفن المصرى القديم         حيث حافظ على تماسک الکتلة , والإبتعاد عن الفراغات فى تناوب الحجوم بين الکتل والفراغ , ورغم تماسک کتلة تماثيل « الفلاحات الثلاث » , ورسوخ الخامة المستخدمة من قمة التمثال وحتى القاعدة, فخطوط السطوح إنسيابية والمساحات لينة ومتماوجة ومتکاملة ,فملابسهم           بسيطة مألوفة.

وأهتم الفنان « أحمد عثمان » بعلاقة الملابس بالجسد ، ورشاقة خطوطها , وربطها بين مختلف أعضاء الجسد , مثل الرأس والرقبة والصدر والساعدين والأصابع ، ونجح الفنان فى استثمار الوشاح الذى يغطي الفلاحة المصرية التى تتوسط التکوين النحتى حيث يبدأ من منتصف رأسها , ويلتف حول رقبتها وينسدل خلف التمثال ، فأظهر مفاتن الجسد على نحو مقبول , ومحتشم دون أن يؤثر في وقار الکتلة النحتية الراسخة في الأرض .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (4) تمثال بطولى « العلم والصحة والرفاهية » , للفنان « أحمد عثمان », جبس , 1966م , بمدخل بلدة سرس الليان , المنوفية , مصر .

وبإعتماد الفنان التبسيط فى حرکة الأيدي المتشابکة مع الإذرع , وتعابير الوجه العفوية الصادقة المتکاملة , مع الحرکة الهادئة , التى تعبر عن مغزى التمثال ومضمونه .

کما أضاف الفنان بعض الحلى والتفاصيل التجميلية , مما يوضح إلى دور کل منهن , فى تمثال سيدة العلم تحمل فى يدها کتاباً , أما تمثال سيدة الصحة تحمل باقة بها بعض الثمار , بينما تحمل سيدة الرفاهية بعض الأوانى الفخارية  , فهذا العمل النحتى يتسم بالدقة التامة والنجاح فى تحقيق التعبير , مما يؤدى إلي أن يصل مضمون العمل إلى المشاهد بکل سهولة , حيث يستطيع المشاهد أن يلمح شخصية بنت البلد الريفية البطولية المکافحة , والتى لها دور فعال فى رقى وتقدم الوطن سواءاً فى مجال العلم والصحة مما يؤدى فى النهاية إلى التقدم ورفاهية الوطن .

    وبتأمل هذا التکوين النحتى نلمح تصارع الخطوط الرأسية مع الخط الأفقى مما يوحى بالثبات والأتزان ويؤکد صلابة بنيان الجسد مع قصر قامة الثلاث فلاحات إلى حد ما , فلجأ الفنان فى نهاية ثوب الفلاحات قرب القاعدة بالدخول العميق حتى يحدث ظلالاً قوية تقلل إلى حد ما من سطوة الخط الأفقى لصالح الخط الرأسى کما نرى أرتفاع رأس الفتاة التى تتوسطهم قليلاً .

2-    تمثال « طه حسين » للفنان « عبد الهادى الوشاحى »  : شکل (5)

لقد عبر« الوشاحى » عن شخصية بطولية ساهمت فى تقدم البلاد ورفعتها فکرياً فى تمثال من خامة البوليستر للرائد الفکرى عميد الأدب العربى الدکتور « طه حسين » , وقد بث « الوشاحى » فى تمثاله کل أشواقه وأشواق جيله من المثقفين نحو مستقبل أفضل , کما بث شحنات التوتر الباطنة والظاهرة التى يعيشها الفنان .

ويحمل تمثال « طه حسين » فى مضمونه عميد الأدب العربى جالساً فى أناقة          وشموخ وذراعان تمتدان على نحو يرمز لعطاء الفکر والقلم ويتسلل الضوء من فجوات فى          رأس التمثال إلى منطقة العينين فيشع منهما نوراً يظهر حرص الفنان على إظهار البصيرة         رغم کف البصر .

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (5) تمثال « طه حسين » , الفنان « الوشاحى » , بوليستر  ,  ارتفاع 290 سم , 1996م , مکتبة الأسکندرية , بالقاهرة , مصر .

فنجد إيقاعاً فريداً يربط بين الکتلة والفراغ , إيقاعاً آسراً , ذو وقع سحرى , يخاطب البصيرة قبل أن يأسر البصر والحواس هو « القفزة المستحيلة » , کما أطلق عليها « الوشاحى » والتى تحقق فيها شکل الفراغ وميکانيکية سقوط الضوء على الکتلة , وظهر ذلک واضحاً من خلال توازن دقيق بين حدة الإنفعال وجمال البناء , وفى تنسيق العلاقات بين الکتل الرئيسية والکتل المساعدة والتجويفات الفراغية , وما تعکسه من درجات ظلية وضوئية ذات إيحاءات رمزية , وضبط الإيقاع بين موحيات الحرکة وموحيات السکون بين موحيات التأمل العميق فى وجه « طه حسين » .

وتأکد ذلک التقابل الحيوى بين ما يمکن وصفه « الفعل »  و رد « الفعل » , والتى تتضح فى العلاقة بين ساقى التمثال وأرجل المقعد , وبين اليدين اليمنى واليسرى  , ففى حين تتشبث أصابع اليد اليسرى بحافة المقعد تبدو أصابع اليد اليمنى وهى فى طريقها إلى التحرر من کتل التمثال وکأنما يهم « طه حسين » بالنهوض لمواجهة أمر جلل .

ولأنه لم يکن مطروحاً فى فکر « الوشاحى » أن يکون عمله الفنى صورة مستنسخة من الواقع المباشر , شأن الأکاديميين , بل ترک نفسه لغواية المراوغات الذکية والمبالغات المحسوبة , وقد أتاحت له تلک المبالغات أن يقيم فضاءاً رمزياً يقع بين الذراع الأيمن والجسد , کما أعدت مبالغات الإطالة المشاهد نفسياً إلى حالة من التروى والتأمل وهو طريقه إلى الذروة « رأس المفکر » فإن المبالغة فى تقصير النصف السفلى قد مهدت إلى استقبال حالة مغايرة هى         حالة الحرکة .                         

وقد حرص « الوشاحى »  ألا يکون « طه حسين » فى تمثاله مسترخياً , فما يزال الطريق طويلاً وشاقاً لبلوغ تلک الرفاهية . کما عالج « الوشاحى »  موضع نظارته السوداء وعينيه علاجاً فنياً بليغاً استبدل بمکانيهما مغارتين عميقتى الظلمة واخترقهما بما يسمح بتسلل ومضتين شاحبتين جعلتنا نشعر بأننا أمام مبصريتين لا ترانا فقط , بل ترى ما هو أبعد من وجودنا المادى , وتبدو الرأس فى عليائها شامخة . ([10])                                      .                                  

وبتأمل العمل النحتى نجد أنه يتألف من جلسة الأديب التى تم فيها ضغط کتلة الساقين من الرکبة إلى القدم غير أننا نجد مبالغة قوية تتضح فى أستطالة الجذع ومن ثم أستطالة الذراعين , کما أن المقعد بحلوله التى تتسق مع حلول الجسد والحسابات الدقيقة لزوايا ميل السطوح فى الأجزاء المرتکزة على القاعدة من المقعد . کما نجد الفراغ الدائرى خلف الرأس تحيط به کتلة أخرى من الخلف ليلقى الجزء المفرع بظلاله على الجزء الخلفى مما يحدث ترديداً آخر مع فراغ العينين الذى أتخذ شکل إطار النظارة , لنرى بالدخول العميق فى حدود التجويف الحجابى المعادل البصرى للنظارة الداکنة « لطه حسين » , ومن أهم المعالجات النحتية للفنان « الوشاحى » تلک السطوح المتشنجة لخطوطها المحسوبة حسابات دقيقة وتحوى داخلها بنيان الجسد . غير أن المبالغة فى نسب الجسد تتوافق وملامح شخصية الأديب الکبير .

3-    تمثال«عباس العقاد»للفنان«عبد العزيز صعب»-أسوان-مصر: شکل (6)

أستلهم النحات « عبد العزيز صعب » مضمون تمثاله ليعکس شخصية الکاتب الکبير « عباس العقاد » , بأسوان , الذى قام بنحته عام 2011 م , بارتفاع 6 أمتار , من خامة النحاس الأحمر بنسبة 80% مع طلاء الطبقة الخارجية للتمثال بمواد النيکل والبرونز والبلوتنيوم.  ([11])و يجسد التکوين النحتى « عباس محمود العقاد » فى هيئة شخص طويل القامة , قوى البنية , فالتمثال يبدو وهو يقف فى هيئة قوية شامخة , لتعبر عن رجولته الکاملة ووطنيته وعلمه الواسع ومکانته الراقيــــة , کما بالغ النحات فــــى تضخيم حجم رأس « العقاد » , وأطراف يديه لغزارة علمه وکثرة کتاباته فهو جبار القلم , « فالعقاد » يمسک أوراقه وکتاباته بيده اليسرى , ذو نظرات حادة ثاقبة متأملة , يقف فى شموخ وهيبة ووقار , وقدمه اليمنى ممتده للأمام متحرراً من کتلة حجرية , ويرتدى معطفاً طويلاً يتطاير خلفه , ومن الواضح عدم وجود کوفية « العقاد » الشهيرة التى کان يرتديها دائماً , وکأنه يتحرر من کل قيود , فبداخل وجدان العقاد روح التحدي وقوة الإرادة وصلابة المواجهة لصعوبات الحياة ليُلقب بحق ( قائد وعملاق الأدب العربي ).                        

وقد أتصف تمثال« العقاد» بالرصانة وتماسک الکتلة , وهذا ما يتوافق ورصانة وقوة الأسلوب الأدبى« لعباس محمود العقاد » وتعتقد الباحثة أن هيئة التکوين بمواصفاته السابقة مستمدة من شخصية « العقاد » کأديب ولا سيما التعايش القوى بين النحات « عبد العزير صعب » والأديب حيث نجد ملامح البورتريه وبنيان الجسد فى تمثال « العقاد » تتميز بالشموخ وتلک الملامح الحادة القوية فى تفاصيل الوجه للأديب الصعيدى أبن محافظة أسوان وما يتصف به أهل صعيد مصر من جدية وحزم , وتکوين العمل النحتى لا ينفصل عن کتلة القاعدة التى ينبثق منه « العقاد » وما أکد مجال الأديب حرکة الذراعين حيث نجد اليد اليسرى تمسک مجموعة من الصحائف أو الکتب مندمجة مع الذراع لکتلة الجذع بينما يده اليمنى يضعها على أطراف الثيات المتطاير حفاظاً على وقار الشخصية , أما بالنسبة للصياغة التشکيلية فالتکوين هرمى رشيق يمتاز بالأستطالة وهذا ما يتوافق مع طول قامة الأديب , وتستطيع عين المتلقى أن تنتقل بين ثنايا العمل وسطوحة بيسروسلاسة ممتزجة بالتبسيط الذى يتضح معه القوة البنائية للجسد والسمات التشريحية رغم رسوخ العمل إلا أن حرکة القدم اليمنى وتنوع حرکة الذراعين وثبات النظرة إلى الأمام تعطى أحساساً ديناميکياً ينبع من التعبير الحرکى والصياغة التشکيلية فى العمل النحتى .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (6) تمثال « عباس العقاد » , للفنان « عبد العزيز صعب » , خامة النحاس الأحمر , 6متر  , 2011, أسوان , مصر .

ثالثاً : القيم الجمالية والتعبيرية فى تماثيل القادة من خلال تجربة الباحثة :-

1- تمثال الدکتور «محمد مشالى» :

ما دفع الباحثة لتجسيد تلک الشخصية ( طبيب الغلابة کما يعرف ) :

بالنظر إلى شکل (7) الذى يجسد شخصية الدکتور« محمد مشالى » , أحد الأطباء الذى تميز أدائه المهنى بتغليب الجانب الأنسانى على جانب السعى وراء المادة , وهذا ما لمسناه بوضوح حينما توفته المنية , وظهر على کل وسائل التواصل الأجتماعى مدى تقدير الناس لهوحبهم لشخصه بالعديد من الصور الفوتوغرافيه التى تعکس تواضع وبساطة أثاث ومکان عيادته المتواضعه فى أحدى الأحياء الشعبية .

ويعبر العمل النحتى عن الشخصية الأنسانية الزاهدة فى الحياة ويتأکد ذلک فـى           أنحناءة الجذع وأطراقة الرأس إلى الأمام مع نحافة الجسد , تلک الملامح المصرية التى         تتسم بالطيبة والتواضع لدرجة تجعله يبدو أنساناً بسيطاً لا تتوافر فى ملامحه مهابة          العلم وسطوته , وتعمدت الباحثة تلک الجلسة الوقورة المستمدة من بساطته وأرتقاء الجانب الأنسانى لديه مع بساطة معالجات سطوح الملابس التى تخفى ذلک الجسد النحيل , وتتأکد           مع أطراقة الرأس وحرکة اليدين تلک السکينة والطمأنينة التى يحيا بها ذلک الطبيب الأنسان ,        کما نجد التعبير عن أصالة الشخصية بذلک المقعد البسيط الکلاسيکى الذى يتناسب وکبر         عمر الشخصية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (7) تمثال الطبيب «محمد مشالى» , بوليستر ,  أرتفاع 70سم , من الأعمال النحتية لتجربة الباحثة .

وعندما نتأمل شکل (8) يستشعر المتلقى فى ملامح الزاوية الجانبية لوجه طبيب          الغلابة تفاصيل ضغوط الزمن , وبنية الجسد فهو أنسان فى أواخر عمره وبالتأکيد          صارع وواجه تحديات الحياة فى مختلف مراحله العمرية مکتفياً بالثراء الحقيقى الداخلى          والسکينة على المظاهر المادية الطاغية فى عصرنا الحالى مما دفع فى ذکرى وفاته العديد          من الفنانين بالتفاعل مع هذه الشخصية بأنتاج العديد من الصور الزيتية والرسوم              والأعمال النحتية .

 

 

                                                    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (8) منظر جانبى من تمثال الطبيب محمد مشالى , بوليستر , أرتفاع 70 سم , من الأعمال النحتية  لتجربة الباحثة .

2-   تمثال «أم کلثوم» :

وبالنظر إلى شکل (9) لسيدة الغناء العربى « أم کلثوم » رغم تناول مجموعة من الفنانين لشخصيتها فى مجالات الفنون البصرية بأشکالها المختلفة , ترتبط « أم کلثوم » مع الباحثة بأبعاد وجدانية وأنسانية تخص الباحثة , فغالب وقت ممارسة أعمالها الفنية يدوى صوتها الرخيم وهذا ما دفع الباحثة لتجسيد شخصية تلک المرأة التى تربعت على عرش فن الطرب , کما تربعت الأهرامات على رمال الجيزة , وحاولت الباحثة تأکيد أحساسها بشخصية أم کلثوم التى يصعب عليها التمايل أثناء غنائها إلا بالندر القليل , حينما تتأرجح کلماتها بين مقامات الموسيقى الرصينة على وقع الحان کبار مبدعى مصر فما يميز أم کلثوم على المسرح هو أدائها الجاد الوقور , الذى حتم وضعية العمل بهذا الشکل من قبل الباحثة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (9) تمثال السيدة « أم کلثوم », بوليستر , أرتفاع 80سم , من الأعمال النحتية لتجربة الباحثة .

فهى تمسک فى يدها اليمنى ذلک المنديل المرتبط بها دائماً بينما يدها اليسرى تشير إلى تفاعلها مع أدائها والموسيقى , وترديداً لذلک تلک النغمات المتفاوتة المتمثلة فى ثنايات الثياب وتنوع مساحاتها مع تنوع مساحات الظل والنور داخل ثنايا الثوب ولتتناسق فى المعالجات النحتية حاولت الباحثة ترديد وقع أيقاع الخطوط المنحنية الدائرية فى فتحة الثوب من أعلى , مع الخطوط الدائرية للنظارة , ومن سمات ملامح « أم کلثوم » منديل اليد والنظارة وهيئة الشعر المتکتل فوق الوجه الجاد .

وبالنظر إلى الشکل (10) نلمح تعبيراً فريداً فى أداء « أم کلثوم » بأرتفاع             الوجه قليلاً إلى أعلى مع تعبير عن مستوى الطرب لتزاوج « أم کلثوم » بهيئتها بين             الطرب والوقار والجدية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل (10) منظر جانبى لتمثال السيدة « أم کلثوم »  , بوليستر , أرتفاع80 سم , من الأعمال النحتية لتجربة الباحثة .

3-             تمثال «نيکولا تسلا» :

وبالنظر إلى شکل (11) مادفع الباحثة لتجسيد هذا العمل النحتى : أن هناک مغالطة شائعة عن  مؤسس النظرية النسبية , حيث نسبت إلى « ألبرت أينشتاين » بينما ترجح العديد من مواقع على شبکة المعلومات أن المؤسس الحقيقى هو « نيکولا تسلا » وهذا ما دفع الباحثة لأختيار تلک الشخصية حيث يتشارک على الأقل مع شهرة ملامح «أينشتاين ».

وبتأمل هذا العمل النحتى للعالم « نيکولا تسلا» الذى يرجح أنه واضع النظرية النسبية الحقيقى , هذا العالم الذى تبدو عليه ملامح العبقرية والنبوغ رغم وسامة ملامحه فيظهر کنجم هيوليودى , وتميز« تسلا» بأتساع عينيه ونظرته الثاقبة .

وتعتقد الباحثة أن لکل مهنة و لکل شخص ذاع صيته فى تخصص ما يستطيع الفنان أن يستشعر ملامح الشخصية المراد تجسيدها من خلال التخصص الذى تميزت فيه تلک الشخصية , فکل مهنة تختلط سماتها مع ملامح الشخصية لتصبح ملامح الشخصية رمزاً لمجال تخصصه بأعتباره أحد أعلام هذا التخصص .وحاولت الباحثة الترکيز على أبرز سمات ملامح شخصية العالم « تسلا » وتعمدت تأکيد خصلات الشعر على الجانبين بشکل مسترسل من أعلى وأيضاً رابطة العنق أسفل العمل النحتى , ولتتسم معالجات العمل النحتى بجماليات تتوافق ومهابة کون « تسلا » أحد العلماء البارزين , وللتأکيدعلى قدراته الذهنية وعبقريته التى جمعت ملامح وجهه بين أتساع العينين والأذنين الکبيرتين نسبياً , وجبهته العريضة , والترکيب المعمارى للوجه المثلث يعطى إيحاءاً بتکوين هرمى حيث ينحصر الوجه فى مثلث قاعدته إلى أعلى وقمته إلى أسفل . ودعماً لوقار الشخصية وأرتباطه بجلال العلم جاءت جميع ملامس العمل النحتى مصقولة صقلاً جيداً , ولتنوع الملامس داخل العمل النحتى رغم عدم أختلافها ما يحدث تأثير تراکم خصلات الشعر من الظلال داخل سطوح العمل النحتى , وکذلک بعض الظلال الرقيقة لرابطة العنق التى تحاکى أنثنائتها .

 

 

 

 

 

 

 

شکل (11) العالم «نيکولا تسلا» , بوليستر , أرتفاع 70سم ,  العمل النحتى من تجربة الباحثة  .

وبالنظر إلى شکل ( 1) لأستعراض جماليات التکوين النحتى جاء تثبيت البورتريه على حافة رابطة العنق على القاعدة رغم أمتداد مؤخرة الجمجمة إلى الخلف لنستشعر أستعراض لقيمة الأتزان بالتثبيت على مساحة قليلة بين العمل النحتى والقاعدة حتى تنطلق کتلة العمل النحتى فى الفراغ تأکيداً لمکانة صاحب العمل العلمية .     

 

 

 

 

 

 

 

شکل (12) منظر جانبى للعالم نيکولا تسلا , من البوليستر , أرتفاع 70 سم ,العمل النحتى من أعمال الباحثة فى تجربة البحث

نتائج البحث

1-  تتفاوت أستجابة الفنان مع تماثيل الشخوص من القادة بمقدار قناعة الفنان بأهمية الشخصية کرمز فى مجال ما .

2-  تتأثر المعالجات التشکيلية وما يترتب عليها من قيم تعبيرية وجمالية بأختلاف تخصص أو دور الشخصية المراد التعبير عنها ومدى تفاعل الفنان معها , فالتکليف ربما لا يوافق ميول الفنان .

3-  يتباين التعبير عن الشخصية ودورها فى المجتمع بأختلاف النهج الفنى المتبع , وکذلک بأختلاف المبدع ذاته ومقدار تعايشه مع الشخصية أو الأقتناع بحجم مجاله فى الحياة العامة.

التوصيات

1-      رغم أتساع مساحةنبوغ الشخصية المصرية کعلماء بارزين وقادة متميزين , نجد عدم تناسب مجمل الأعمال التى تسجل القادة والشخصيات البارزة قياساً بما أنتج من أعمال نحتية .

2-      شهدت فترة فاروق حسنى بأعتلائه منصب وزير الثقافة وکونه فنان تشکيلى فى المقام الأول أهتماماً ملحوظاً بتجسيد تماثيل الشخوص , وتوصى الباحثة بالمزيد من الأهتمام بتجسيد رموزنا الثقافية والعلمية المصرية من القادة والمفکرين والمبدعين .

3-      على الجامعات المصرية التأکيد على أبرز علماءها بتجسيدهم فى ساحات کل جامعة فهم قدوة ومثل أعلى لأبنائنا الطلاب مما يحفزهم لتأکيد دورهم مستقبلاً کلاً فى تخصصه .

 

المراجع

أولاً :المراجع العربية :

1-    تأليف محمود النبوى الشال , د/مها محمود النبوى الشال , محمود مختار رائد فن النحت المعاصر فى مصر , الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة ,  طبعة 2001 .

2-    بدر الدين مغازى , المثال محمود مختار, المکتبة العربية , القاهرة , طبعة 1964.

3-    محمود بقشيش , تمرد على الثوابت , الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة, طبعة 2016م

ثانيا :مراجع الأنترنت :

1-    https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84_%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9_%D9%85%D8%B5%D8%B1

2-    http://itlalala.blogspot.com/2008/09/blog-post_9903.html

3-    https://artsgulf.com/112041.html

4-    http://www.fineart.gov.eg/Arb/CV/About.asp?IDS=649

5-    http://gate.ahram.org.eg/News/80325.aspx

 

 



([1])محمود النبوى الشال, ومها النبوى الشال,محمود مختار رائد فن النحت المعاصر,الهيئة المصرية العامة للکتاب , القاهرة , طبعة 2001 , ص98                                                         

([2])https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84_%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9_%D9%85%D8%B5%D8%B1

([3])https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84_%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9_%D9%85%D8%B5%D8%B1

([4])بدر الدين مغازى , المثال محمود مختار , المکتبة العربية , القاهرة , طبعة 1964م ,  ص 21

([6])محمود النبوى الشال,ومها النبوى الشال,محمود مختار رائد فن النحت المعاصر , مرجع سبق ذکره  ص58

([7])http://itlalala.blogspot.com/2008/09/blog-post_9903.html

([10]) محمود بقشيش , تمرد على الثوابت , الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة, طبعة 2016م, ص209

أولاً :المراجع العربية :
1-    تأليف محمود النبوى الشال , د/مها محمود النبوى الشال , محمود مختار رائد فن النحت المعاصر فى مصر , الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة ,  طبعة 2001 .
2-    بدر الدين مغازى , المثال محمود مختار, المکتبة العربية , القاهرة , طبعة 1964.
3-    محمود بقشيش , تمرد على الثوابت , الهيئة المصرية العامة للکتاب ,القاهرة, طبعة 2016م
ثانيا :مراجع الأنترنت :