کلية التربية

        کلية معتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم

        إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)

                       =======

المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة کمنبئات بهروب الفتيات : دراسة مقارنة ([1])

إعــــــــــداد

   شذا جميل خصيفان                                      مجده السيد الکشکي

}     المجلد السابع والثلاثون– العدد العاشر –  أکتوبر2021م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

المستخلص:

يعتبر هروب الفتيات من أسرهن من الظواهر الدخيلة على المجتمعات الخليجية بشکل عام والتي بدأت بالانتشار في الآونة الأخيرة خاصة بين الفتيات المراهقات. هناک العديد من العوامل النفسية والأسرية والاجتماعية التي يمکن أن يکون لها دور في إقدام الفتاة المراهقة على هذا الفعل والذي له آثار خطيرة عليها وأسرتها ويهدد النسيج المجتمعي ککل. تهدف الدراسة الحالية إلى تناول دور المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة کعوامل منبئة بهروب الفتيات بمنطقة     مکة المکرمة.

تکونت عينة الدراسة من جميع الفتيات الهاربات من أسرهن المقيمات في دار الرعاية الاجتماعية بجدة (ن= 33) ومجموعة ضابطة من الفتيات اللاتي لم يسبقن لهن محاولة الهرب (ن=44) في المدي العمري من 13- 20 عاماً. طُبق عليهن مقياس يونج للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة واستمارة بيانات ديموغرافية. تم استخدام اختبار t-test لعينتين مستقلتين والتحليل التمييزي لتحليل البيانات.

توصلت الدارسة إلى عدة نتائج منها وجود فروق بين الهاربات وغير الهاربات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لصالح الهاربات، وأن أکثر المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة تنبؤاَ بهروب الفتيات هي مخططات الحرمان العاطفي، الشک والتعدي والتبعية وعدم الکفاءة.

 أوصت الدراسة بتطوير البرامج التي تساعد المراهقين على التعبير عن الصعوبات النفسية والعاطفية، وضرورة التثقيف الوقائي للأسر عن أساليب التنشئة السوية وطرق اشباع حاجات الأبناء.

الکلمات المفتاحية: الفتيات الهاربات - المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة - تحليل تمييزي - السعودية.

Abstract

The runaway of girls from their families is a peculiar phenomenon to the Gulf societies that began to spread recently, especially among adolescent females. There are many psychological, family, and social factors that can have a role in the teenage girl taking this act, which has serious implications for her, the family and threatens the community fabric as a whole. This study  aims to investigate the role of early maladaptive cognitive schema as predictor of the girls' runway in in Makka Al-Mukarramah region.

The sample of the study consisted of all runaway girls residing in the social care home in Jeddah(n=33) and control group of non-runaway girls (n=44) with age ranging from 13 to 20 years old .Young's scale of early maladaptive cognitive schema and a demographic data form were applied to them. Two independent samples t-test and discriminate analysis were used to for analysis of the data .

The study reached several results, including the existence of differences between runaways and non-runaway girls in early maladaptive cognitive schema in favor of runaways, and that the most early maladaptive cognitive schema predicting girl's runaway are emotional deprivation, mistrust abuse, and dependence and incompetence.

 The study recommended developing programs that help adolescents to express their psychological and emotional difficulties, and the necessity of preventive education for families about the methods of successful socialization and methods of satisfying the needs of their children.

Key words : Runaway girls - early maladaptive cognitive schema - discriminate analysis- Saudi.

المقدمة:

تعتبر ظاهرة هروب المراهقين من أکثر المواضيع حساسية وإثارة للقلق في مجال المشکلات الاجتماعية لما لها من آثار سلبية على الفرد الهارب وأسرته والمجتمع المحيط. إن هروب المراهقين يعرضهم إلى مخاطر آنية وأخرى طويلة الأمد. تشمل المخاطر الآنية التشرد وإدمان المواد المخدرة والانخراط في الجريمة، بينما تشمل المخاطر طويلة الأمد التسرب من التعليم ودور الرعاية والإصابة بالاضطرابات النفسية والعقلية والتي تشمل الاکتئاب وعدم تقدير الذات (Meltzer, 2012; Peled & Cohavi, 2009; Chun & Springer, 2005). کما أثبتت الدراسات السابقة أن هذه الآثار السلبية تکون أکثر تأثيراً على فئة الفتيات الهاربات (Abrams, 2003; Moon, Kim & Kim, 2020). حيث أنهن أکثر عرضة للاضطرابات النفسية ولاحتمالية استغلالهن في الأعمال المخلة بالآداب (Attar-Schwartz, 2011).

على الرغم أن مشکلة هروب الفتيات في المملکة العربية السعودية ليست ظاهرة منتشرة ولکنها مشکلة اجتماعية موجودة، الأمر الذي يتطلب اهتمام وعناية من الجهات ذات الصلة. تؤثر هذه المشکلة سلباً على الفتيات وخاصة في المرحلة العمرية بين (13-21 عاماً) نظراً لتعرضهن لأخطار صحية ونفسية، کما تؤدي إلى تفکک النسيج الأسري والاجتماعي            (هريش، 2015).وفقاً لبعض الدراسات السابقة فإن هذه الظاهرة جاءت کنتيجة للضغوطات النفسية التي تتعرض لها الفتاة في المجتمعات الذکورية التي تضع الفتاة في قالب نمطي معين يملي عليها التخلي عن احتياجاتها وأفکارها وصوتها (Peled & Cohavi, 2009). کما أشارت دراسات أخرى إلى أن العنف الذي قد تتعرض له الفتاة داخل الأسرة سواء کان هذا العنف جسدياً أو نفسياً قد يؤدي بها إلى الهروب لتصورها أنه الحل الأنسب لحماية نفسها (Peled & Cohavi, 2009).

تناولت بعض الدراسات السابقة أسباب هروب الفتيات، إلا أن هذه الدراسات رکزت علي المتغيرات الديموغرافية المرتبطة بهروب الفتيات کالمستوي التعليمي للوالدين والمستوي الاقتصادي کدراسات (الشماسي, 2003؛ البلبيسي والريس, 2004؛ Egondi et al., 2013; Bernhardt et.al, 2005 ;Moon, Kim & Kim, 2020)،  وتناولت دراسات أخري تأثير أساليب المعاملة الوالدية غير السوية في الجنوح کدراسة (عسيري, 2002؛ الصواط ،2017؛ الصويان, 2010 ؛ هريش وآخرين, 2015  Kroket& Jacobson 2000)  ; Jennifer et.al ,2007  و لم تتطرق أي دراسة لتناول العوامل المنبأة بهروب الفتيات  في المملکة العربية السعودية . لذا فإن هذه الدراسة تهدف إلى دراسة المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة کعوامل منبأة بهروب الفتيات لاتخاذ وسائل وقائية لهذه المشکلة المجتمعية ، وسائل قائمة علي تشخيص واقعي للعوامل المسببة للمشکلة وبذلک ستدعم نتائج الدراسة رؤية المملکة العربية السعودية 2030 من خلال تطويع نتائج الدراسة في تطوير خطط وبرامج وقائية للحد من مشکلة هروب الفتيات .

• مشکله الدراسة وتساؤلاتها:

بناء على ما تم تناوله فيما سبق يمکن صياغة مشکلة الدراسة في الأسئلة الآتية:

• ما أکثر المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة انتشارا لدي الفتيات الهاربات؟
• ما الفروق بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة؟
• هل للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة قوة تمييزية بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات؟
• ·          أهداف الدراسة:

تتمثل أهداف الدراسة في التعرف علي أکثر المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة انتشارا لدي الفتيات الهاربات، والتعرف علي الفروق بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة، هذا بالإضافة إلي التعرف علي القوة التميزية للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات.

• ·     أهمية الدراسة:

للدراسة المقترحة أهمية خاصة تستمدها من أهمية موضوعها حيث يعتبر هروب الفتيات من أهلهن ظاهرة غريبة على المجتمع السعودي ولکن هناک مؤشرات إلى بدء انتشارها بين الفتيات المراهقات. حيث تشير إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية أن هناک أکثر من 1750 حالة هروب للفتيات خلال عام 1436 هـــ في المملکة العربية السعودية، وتصدرت المراهقات أعلى نسبة هروب 65%. وقد کانت أعلى حالات هروب للفتيات من مدينتي مکة المکرمة وجدة. في ضوء ذلک تتمحور أهمية الدراسة في النقاط التالية:

الأهمية النظرية:

• تستمد هذه الدراسة اهميتها النظرية من الموضوع الذي تتناوله وهو هروب الفتيات حيث يعتبر موضوعاً حيوياً وقضية تهدد الأمن الاجتماعي.
  • تُعتبر هذه الدراسة من أولى المبادرات البحثية التي تتناول المنظور التنبؤي لهروب الفتيات والتي لها تداعيات سلبية کبيرة على النسيج المجتمعي السعودي. 
  • تفتح الدراسة الحالية المجال للباحثين والمهتمين لإجراء مزيد من الدراسات والتوسع فيها في هذا المجال في المستقبل من خلال النتائج والتوصيات والمقترحات المطروحة.

الأهمية التطبيقية:

• ستعزز الدراسة وعي الأخصائيين والمؤسسات المجتمعية السعودية بمخاطر ظاهرة هروب الفتيات وطرق الحد منها، فالتحديد الممنهج للعوامل المؤثرة والتي يمکن من خلالها التنبؤ بهروب الفتاة من المنزل سيشکل البناء الأساسي في تصميم برامج توعوية ووقائية لتجنب الآثار الخطيرة لهذا الفعل على الفتاة بصورة شخصية وأسرتها والمجتمع. 
• ستلعب هذه الدراسة دورًا مهمًا في تعزيز الصحة النفسية للمراهقات بشکل غير مباشر من خلال مساعدة صناع القرارات في تطويع نتائج الدراسة في تطوير خطط وبرامج وقائية، مما يسام بشکل غير مباشر في تمکين النساء وإدماجهن والذي أصبح مصدر قلق کبير في جميع أنحاء العالم، ويتم إيلاء أهمية کبيرة له في رؤية السعودية 2030.
• قد تفيد نتائج الدراسة القائمين على برامج التأهيل للأسر في تقديم البرامج الوقائية والدورات وعقد اللقاءات والندوات التي تساهم في تعزيز أساليب التنشئة الأسرية السوية.
• ·     مصطلحات الدراسة:

تشتمل الدراسة على عدد من المصطلحات الرئيسية وفيما يلي تعريف هذه المصطلحات:

• ·     المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة:

Early Maladaptive Cognitive Schema

عرف هاوسو ( (Hawsseaust,2003المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة بأنها شعور مؤلم يتکرر في الحاضر نتيجة خبرات سيئة ترسخت مبکراً في الطفولة نتيجة لحرمان عاطفي ونقص تربوي فتصبح طريقة الإدراک جامدة وسلبية عند الراشد وتتمثل في إدراک راسخ حول الذات و حول الآخرين والعالم.

تُعرف المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   أيضاً بأنها أفکار رئيسية مهيمنة تتشکل من الذکريات والانفعالات والمشاعر، خاصة بالذات وعلاقتها بالآخرين وتتکون خلال الطفولة و المراهقة تؤثر على مسار حياة الفرد، وتحدث اختلالات وظيفية جوهرية                             (Nordahl.holthet haugum 2005)

أما يونج وآخرون (Young et al.,2003,7) فعرفوا المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة بأنها "أنماط واسعة الانتشار مستحوذة علي الفرد، تتضمن الذکريات والانفعالات والمعارف والأحاسيس التي تتعلق بالفرد في حد ذاته وفي علاقته بالآخرين، وتتطور خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة وتتسع وتظهر معالمها عبر حياة الفرد، وتکون مختلة وظيفياً بشکل کبير ، ويضيف يونج بأنها أنماط معرفية محبطة للذات ويفترض أن السلوکيات اللاتکيفية  ليست جزءا من المخططات بل تتشکل کاستجابة لهذه المخططات". 

• التعريف الاجرائي للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة.

تعرف المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة في هذه الدراسة إجرائياً على أنها الدرجات التي يتحصل عليها الفرد في مقياس المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لجيفري يونغ، النسخة المختصرة المکونة من 75 بندا (5 بنود لکل مخطط) والتي تحتوي على 15 مخططا ضمن خمس مجالات وهي: الانفصال والرفض، نقص الاستقلالية و الکفاءة، التوجه المفرط نحو الآخرين، اليقظة المفرطة ومجال نقص الحدود (Alfasfos,2009)

• ·     هروب الفتيات Girls' runway:

ليس هناک تحديد دقيق لمفهوم هروب نظراً لتنوع الثقافات وتعدد الآراء کما يلي:

-           يُعرف الهروب بأنه: الغياب عن المنزل أو مکان الإقامة القانونية قبل سن الثامنة  عشرة ، على الأقل بين عشية وضحاها ، دون إذن الوالدين أو الأوصياء القانونيين (Schaffner, 1999).

-          تُعرَّف نوبة الهروب بأنها استيفاء أحد المعايير التالية: تعرَّف نوبة الهروب: بأنَّها عندما تستوفي المعايير الآتية: عندما يغادر الطفل المنزل طوال الليل دون إذن، عندما يغادر الطفل البالغ من العمر 14 عامًا أو أقل (أو غير الکفء عقليًا) المنزل طوال الليل أو لا يعود في الوقت المتوقع، أو عندما طفل يغادر طفل في المدى العمري من 15-17 المنزل بدون إذن لمدة ليلتين  (Hammer, Finkelhor, & Sedlak, 2002).

• ·        التعريف الاجرائي لهروب الفتاة:

تتبني الباحثتان تعريف المشوح(1431هـ) لهروب الفتاة بأنه: خروج الفتاة القاصر غير القانوني من منزل وليها دون إذن أو موافقة الولي لفترات قصيرة أو طويلة، وهذا يعني أن هروب الفتيات يعني الخروج غير القانوني من المنزل والذي يمثلسلوکيات مستهجنة اجتماعياً مثل التسلل من المنزل ليلاً أو في غياب أحد الوالدين دون موافقته وذلک لفترات تتراوح من ساعات معدودة أو مبيت خارج المنزل أيضاً.

خلفية نظرية ودراسات سابقة:

• هروب المراهقين  

في الماضي، کان يُنظر إلى هروب المراهقين من بيوتهم على أنه تعبير عن           تمرد ومع تقدم الدراسات وتحليل الظاهرة بشکل أعمق تم تفسيرها على أنها مشکلة          عاطفية ناتجة عن الصعوبات التي يواجها المراهقون عند الانفصال عن أبويهم              (Peled & Cohavi, 2009; Tyler & Johnson, 2006). مؤخراً باتت تشير الدراسات إلى أن الهاربين المراهقين هم ضحايا حيث أن هروبهم يأتي کنتيجة للمشاکل الاجتماعية        التي تعکس أوجه القصور في أداء الأسرة أو المشاکل في العلاقة بين المراهق والأبوين (Bradley, 1997; Miller et al., 2005). وفيما ينفصل بعض الهاربين عاطفياً عن أسرته بشکل کامل(Whitbeck & Hoyt, 1999) يُبقي البعض هذه الدائرة من ضمن شبکاتهالعاطفية المؤثرة في حياته(Johnson, Whitbeck, & Hoyt, 2005; Milburn et al., 2005).

• ·        أسباب هروب المراهقين

يغادر المراهقون منازلهم لأسباب عديدة  حيث أجمعت العديد من الدراسات على أن السبب الرئيسي في هروب المراهقين من منازلهم هو التجارب الأليمة التي تعرضوا لها والتي تشمل سوء المعاملة والرفض والاعتداء الجسدي والإذلال من قبل مقدمي الرعاية أو الأبوين  (Tyler & Johnson, 2006; Hyde, 2005; Paradise & Cause, 2002; Whitbeck & Simons, 1990 ;Slesnick,2011)  فيما يتعلق بالفتيات تحديداً فإن الاعتداء الجنسي يعتبر من الأسباب الرئيسية لهروبهن (Hershberger, 2018; Janus et al., 1995)؛ يُظهر التاريخ العائلي للمراهقين الهاربين أنهم نشأوا بشکل أساسي في أسر محرومة ومفککة وعانوا من بعض الإخفاقات في المدرسة والنزاعات الأسرية ، وأن السبب الرئيسي للهروب من المنزل يعود عادةً إلى الميل القوي للتواجد مع الأصدقاء والتمتع بمزيد من الاستقلالية وکذلک النزاعات العائلية وضعف التواصل وحتى العنف الأسري (Khong,2009). علاوة على ذلک، أيدت الدراسات السابقة أن اغتراب المراهقين والوحدة والانفصال العاطفي والفشل في العلاقات سواء في المنزل أو خارج المنزل کانت من العوامل الأساسية المسببة لهروب المراهقين  (Peled & Cohavi, 2009).

• ·أسباب هروب الفتيات

تظهر الدراسات أن تجربة الهروب عند الفتيات تختلف عن الذکور. حيث تواجه الفتيات بعض التحديات المعيارية في مرحلة المراهقة کنتيجة للواقع الثقافي والاجتماعي اللاتي تعشن فيه. تشمل هذه التحديات تشکيل هوية هادفة ومتباينة عن هوية وسطهن، بالإضافة إلى إنشاء علاقات خارج الإطار العائلي. کما تواجه الفتيات في المجتمعات التي تتسم بالذکورية - کالمجتمعات العربية - ضغوط نفسية واجتماعية وتناقضات ثقافية بالإضافة إلى نزاعات وتوترات دائمة (Abrams, 2003; Gilligan, 2002). يأتي ذلک کنتيجة للدور النمطي الذي تم فرضه عليهن من قِبل المجتمع. حيث يُتوقع من الفتيات متابعة احتياجات الآخرين کونها أساسية وإهمال احتياجاتهن الشخصية کونها في نظر المجتمع المحيط ثانوية. بالإضافة غلى ذلک، فإن الفتيات الشابات يعانين من الصراعات العاطفية والنفسية الناتجة عن القالب النمطي الذي يروج له الإعلام عن الفتيات وخصوصاً في المواضيع المتعلقة بالعنف الأسري والجنس وصورة الجسم (Cole et al., 2016). کما تم وصف تجارب الفتيات الهاربات على أنها ناتجة عن فقدهن لأصواتهن وإحساسهن بالتدمير الذاتي وتضائل معرفتهن ومهاراتهن (Gilligan, 2002). کما قامت دراسة حديثة بتحليل تصور الفتيات الهاربات لعملية الهروب وتقييم واقع حياتهن قبل عملية الهروب لتحديد دوافعهن لهذا الفعل. أظهرت الدراسة أن جميع الفتيات الهاربات قاموا بوصف ماضيهن على أنه ماضي يتسم بالمعاناة والضغط النفسي منذ فترة الطفولة. وأن هروبهن لم يأت إلا بعد مجموعة من محاولات النجاة والتي شملت التفکير بأن ظروفهن المعيشية لا تختلف عن ظروف أقرانهم ومحاولات فاشلة في اللجوء إلى أناس أو جهات خارج إطار الأسرة لتخليص أنفسهن من معاناتهن. کما قمن بوصف الهروب کحل أُجبرن            عليه نتيجة لواقعهن وذلک بهدف البقاء وحماية أجسادهن وعقولهن وأرواحهن وصوتهن   (Peled & Cohavi, 2009).

• ·        الحالة النفسية للمراهقين الهاربين

بشکل عام يواجه الهاربين المراهقين خطرا أکبر للإصابة بالمشاکل البدنية والعقلية (Cauce, 2000; Greene,  Ennett & Ringwalt, 1997) . حيث أظهرت الدراسات السابقة أن هذه الفئة تعاني من صورة ذاتية واحترام ذاتي متدني بالإضافة إلى شعورهم بالحزن والاکتئاب والعجز (Chun & Springer, 2005; Votta & Manion, 2004). کما أن هذه الفئة تظهر لديهم أعراض اضطرابات ما بعض الصدمة Post Traumatic Stress Disorder (Martijn & Sharpe, 2006)ويکونوا أکثر عرضة لإدمان المخدرات(Chen et al.,2004).على صعيد العلاقات، يواجه الهاربين صعوبة في إنشاء علاقة طويلة الأمد وغالباً ما يعانون من العزلة الاجتماعية(Janus, Burgess, & McCormack, 1987). إضافة إلى ذلک فإن نسب الانتحار عند هذه الفئة تکون مرتفعة وتحديداً عند الفتيات (Meltzer, 2012; Kidd, 2006; Votta & Manionm 2004). کما أظهرت الدراسات السابقة ان الفتيات أکثر عُرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية من الذکور. تشمل هذه الاضطرابات الاکتئاب والشعور بعدم القيمة ومستويات متدنية من الصلابة النفسية(Abrams, 2003).

       اهتمت الأبحاث في العقود القليلة الماضية بالظاهرة قيد النقاش ولکنها لم تسلط            الضوء على فئة الفتيات تحديداً من حيث الدوافع والتجربة التي تعيشها الفتاة الهاربة           (Peled & Cohavi, 2009). على الرغم من تحديد بعض الدراسات السابقة لعوامل  الخطر المرتبطة بهروب المراهقين والتي شملت الهروب من المدرسة، محاولات هروب  سابقة، تعاطي المخدرات والانحراف الاخلاقيوقصور في الأداء الأسري                  (Brooks Holliday et al., 2017; McIntosh et al., 2010)، إلا أنه لم يتم تحديد عوامل تنبؤية لهروب المراهقين حتى الآن(Hershberger, 2018). حيث سيسهم ذلک بشکل فعال في التقليل من هذه الظاهرة والمخاطر المنوطة بها على هذه الفئة العمرية.

       في المملکة العربية السعودية يعتبر هروب الفتيات من المشاکل الاجتماعية التي أصبحت أکثر انتشاراً، الأمر الذي يستدعي الاهتمام من قبل الجهات المعنية. بالرغم من وجود العديد من الدراسات التي تناولت هذه الظاهرة في المملکة العربية السعودية مثل دراسات (المناحي ،2018) ، (الصواط ، 2017) ، (الصويان ،2010) و (المشوح ،2010) إلا أنه لا توجد دراسات سابقة تحلل هذه الظاهرة و العوامل المنبئة بها . لذا فإن هذه الدراسة تهدف إلى فهم هذه الظاهرة بشکل أعمق من خلال: تحديد العوامل المؤدية إلى هروب الفتيات، تحليل الخصائص الديموغرافية والشخصية والظروف الاجتماعية للفتيات الهاربات، قياس إدراک هؤلاء الفتيات للديناميکيات المؤدية إلى هروبهن واقتراح وسائل وقائية.

• ·        دراسات سابقة:

الدراسات المتاحة حول هروب المراهقين محدودة للغاية وعادة ما تستند إلى            عينات صغيرة وتقارير البالغين وبيانات المنظمات (Attar-Schwartz,2013).            من ناحية أخرى ، فإن الأبحاث حول المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لدى              المراهقين قد  تأخرت کثيراً عن عينات البالغين ، نظرًا لأنه يُفترض أن المخططات المعرفية  اللاتکيفية قد  نشأت في وقت مبکر من الحياة وبالتالي تکون سبباً للمشاکل النفسية            (Roelofs, Onckels & Muris,2012).

أظهرت الأدلة البحثية أن المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   مرتبطة بمشاکل نفسية وسلوکية مختلفة في مجتمع المراهقين (Roelofs, Onckels & Muris,2012). على سبيل المثال ، قام (Sigre‐Leirós, , Carvalho & Nobre,2013) بالتحقيق في العلاقة بين المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   والسلوکيات الجنسية العنيفة وتوصلوا إلي أن المراهقين الذين عانوا من السلوکيات الجنسية العنيفة حصلوا على درجات أعلى بدرجة دالة إحصائياً في مخططات الانفصال والرفض (الشک والتعدي) ، نقص الاستقلالية والکفاءة            (عدم الکفاءة) ، ومخطط (السلبية / التشاؤم) .

أظهرت دراسة رويلوفس وآخرون   (Roelofs, Onckels & Muris,2012)أيضًا أن مجال الانفصال / الرفض له دور أساسي کمتغير وسيط بين التعلق غير الآمن              ومشاکل الأقران والمشکلات العاطفية ، وتوصلت دراسة رويلوفس وآخرون              (Roelofs, Ruijten & Lobbestael, 2011) إلي أن جوانب الانفصال / الرفض           (على وجه التحديد مخططات الشک (عدم الثقة) / الحرمان العاطفي والانطواء الاجتماعي) ارتبطت بأعراض الاکتئاب لدي المراهقين  (Lumley & Harkness,2007)

أما فيما يتعلق بالدراسات التي أجريت علي الفتيات الهاربات فمنها دراسة محمد ياري وآخرون ((Mohammadiarya et al.,2012  التي تناولت أنماط التعلق والشعور بالعزلة کعوامل منبأة بهروب الفتيات في طهران ، تکونت عينة الدراسة من ( 60 ) فتاة هاربة في المدي العمري من 14-16سنة من المقيمات في مراکز الرعاية الخاصة ،إضافة إلى مجموعة ضابطة قوامها( 60 ) فتاة من طالبات المدارس الثانوية في طهران. توصلت الدراسة إلي وجود فروق جوهرية لصالح الهاربات في الشعور بالعزلة وافتقاد کل من الأمن والتواصل الأسري.

أما دراسة کيشيفارز وأکبرزاده وعليکيمي (Keshavarz & Akbarzadeh &  Alikimiaee, 2012)     فأجريت علي عينة من (30) من الفتيات الهاربات والمقيمات بمرکز الرعاية الاجتماعية بطهران بهدف التعرف على العلاقة بين التفکير اللاعقلاني، وهروب الفتيات من المنزل بالإضافة إلي التعرف علي فاعلية التدخل المعرفي السلوکي في تعديل سلوک الفتيات الهاربات. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج منها أن هروب الفتيات ناتج عن التفکير بطريقة لاعقلانية نتيجة تدني احترام الذات، وانخفاض الکفاءة الذاتية، بالإضافة إلى مشاکل التفکک الأسري والمشکلات الاجتماعية والاقتصادية، وأثبتت الدراسة أيضا فاعلية التدخل المعرفي السلوکي في تعديل سلوک الفتيات الهاربات وتحسين تقدير الذات لديهن .

هدفت دراسة خرمديل وآخرون (Khorramdel et al.,2013) إلي التعرف علي دور المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   في التنبؤ بهروب المراهقات في إيران، تکونت عينة الدراسة من (30) مراهقة من الهاربات من المراکز الصحية بمدينة رشت تم اختيارهن بالطريقة القصدية، و(40) فتاة عادية تم اختيارهن بطريقة عشوائية، طُبق عليهن مقياس يونغ للمخططات  اللاتکيفية ، أظهرت النتائج أن کل من الحرمان العاطفي، والخوف من الخطر، الشعور بالنقص والخجل، التبعية(الاعتمادية) وعدم الکفاءة کانت أقوي المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   في التنبؤ بهروب المراهقات. 

هدفت دراسة (Bakhshian & Moayedi, 2018) إلى مقارنة بنية الأسرة، وأسلوب التعلق، والذکاء العاطفي بين الفتيات الهاربات والفتيات العاديات، تکونت عينة الدراسة من جميع الفتيات الهاربات في دار الرعاية الاجتماعية الإيرانية في مدينة بندر عباس وعددهن 20 فتاة هاربة، بالإضافة إلي 20 فتاة عادية تمت مطابقتها من حيث الخصائص الديموغرافية            (مستوى التعليم والوضع الاقتصادي للأسرة). تمت مقارنة مجموعتين باستخدام اختبار (ت) وتوصلت الدراسة إلى أن هناک فروق دالة إحصائياً بين الهاربات وغير الهاربات لصالح الفتيات غير الهاربات في کل من التماسک الأسري والذکاء العاطفي وأسلوب التعلق الآمن، وکانت الفرق لصالح غير الهاربات في الرفض الوالدي والتعلق غير الآمن.

قام مون وکيم وکيم (Moon, Kim & Kim, 2020) بدراسة عن العوامل المنبئة بالهروب من البيت لدي الشباب الکوريين ، تکونت عينة الدراسة من 1,743 مراهقين المدي العمري من 14 – 20 عاماً،  طُبق عليهم  مجموعة من المقاييس تقيس العلاقة بالأسرة والأصدقاء ، التحکم الذاتي ،التعرض للعنف بالإضافة إلي بعض المعلومات الأساسية مثل المرور بتجربة الهروب من المنزل ، النوع والسن ...إلخ، توصلت الدراسة إلي أن العوامل الأسرية يمکن أن تکون عوامل وقاية أو عوامل خطر لهروب المراهقين وفقاً لمدي توفر العلاقة الإيجابية بالأسرة وتوفير الدعم والمساندة الأسرية .وتنبأ التعرض للعنف وانخفاض التحکم الذاتي بهروب المراهقين .

تعقيب عام على الدراسات السابقة:

      من خلال الدراسات السابق استعراضها اتضح من دراسة کل من                (Sigre‐Leirós, , Carvalho & Nobre,2013; Roelofs, Onckels & Muris,2012; Roelofs,  Ruijten & Lobbestael, 2011)  أن المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة             ارتبطت بحدوث المشاکل النفسية لدي المراهقين ، وتوصلت دراسات أخري                 (Khorramdel et al.,2013;  Bakhshian & Moayedi, 2018) إلي تمتع المخططات المعرفية المبکرة بقدرة تنبؤية بهروب الفتيات .

      أن جميع الدراسات التي أتيح لنا الاطلاع عليها والتي أجريت على الفتيات الهاربات تراوح المدي العمري للعينات ما بين 13 – 21 وهذا نفس المدي لعينة الدراسة الحالية.

      وفي ضوء ما تقدم من مسح للأدبيات تبين للباحثتين ان جميع الدراسات التي تناولت المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لدي الفتيات الهاربات أجريت في بيئات أجنبية ولم توجد دراسة عربية على حد علمهما تناولت المخططات المعرفية للدي الفتيات الهاربات، وکذلک عدم وجود دراسات قامت بالکشف عن القوة التمييزية للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة وقدرتها التنبؤية في التمييز بين الهاربات وغير الهاربات.

      تم الاستفادة من الدراسات السابقة في تحديد المقياس المستخدم في الدراسة الحالية وتحديد المدي العمري لعينة الدراسة، بالإضافة إلي منهجية الدراسة. 

فروض الدراسة:

1-      توجد نسب مئوية متفاوتة في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لدي مجموعة الهاربات.

2-      توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة.

3-      توجد للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة قوة تمييزية وقدرة تنبؤية في التمييز بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات.

منهجية الدراسة واجراءاتها:

تتمثل اجراءات الدراسة فيما يلي:

1-المنهج:

تم استخدام المنهج الوصفي وذلک لأنه المنهج المناسب لتحقيق أهداف الدراسة.

2 – عينة الدراسة:

تشمل عينة الدراسة ما يلي:

• ·     عينة الدراسة الاستطلاعية:

      تکونت من (50) طالبة من طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية بجدة والهدف منها التحقق من صدق وثبات مقياس المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة .

• ·     عينة الدراسة الأساسية:

       تکونت عينة الدراسة من مجموعتين، المجموعة الأولى: الهاربات وتشمل جميع الفتيات المتواجدات في دار الرعاية الاجتماعية بجدة بعد هروبهن من أسرهن (في المدي العمري من 13- 20 سنة) وعددهن (42) فتاة ، وتمّ تفريغ هذه البيانات واستبعاد غير المکتمل منها  ، وبلغ عدد الاستبيانات الصّحيحة (33) استبيانًا وبنسبة (78.5%)،أما المجموعة الثانية فهي ضابطة تشمل عينة من الفتيات في نفس المدي العمري للهاربات من طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية والسنة التحضيرية بالجامعة وبلغ عددهن (378) ، ومن هذه العينة تم اختيار (44) اشترط فيهن عدم وجود فروق بينهن وبين مجموعة الهاربات  في کل من الدخل الشهري للأسرة والمستوي التعليمي للوالدين والعمر، واشترط فيهن أيضاً عدم الهروب من المنزل أو الغياب دون إذن عن المنزل ولو لساعة واحدة.  

3- ادوات الدراسة:

لتحقيق اهداف الدراسة تم استخدام الأدوات التالية:

• ·     استمارة بيانات ديموغرافية:

 تشمل البيانات الأساسية مثل العمر والحالة الاجتماعية للوالدين والمستوي التعليمي والاقتصادي للأسرة، أما الاستمارة التي طُبقت على الهاربات فبالإضافة إلي المعلومات السابقة شملت معلومات عن وقت وسبب الهروب.

• ·     مقياس المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة :

   قام ببناء المقياس جيفري يونغ Jeffery Young    وتم استخدام النسخة المختصرة في هذا البحث وهي النسخة الأکثر استعمالا في الدراسات، تحتوي هذه النسخة على 75 بندا، تقيس 15 مخططا، کل مخطط يحتوي على 5 بنود الأکثر تمثيلا للمخطط حسب التحليل العاملي .( Young et al., 2005)

تشتمل المجالات الخمس للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة على:

• مجال الانفصال والرفض ويحتوي على مخططات ترتبط بخبرة الطفل الخاصة بالإحباط المرتبط بالحاجة للتعلق الآمن بالآخرين، ويحتوي علي خمسة مخططات هي مخطط (الحرمان العاطفي، الشعور بالتخلي والإهمال، الشعور بالنقص والخجل، الانطواء الاجتماعي ومخطط الشک والتعدي).
• ·      مجال نقص الاستقلالية والکفاءة: ويشمل المخططات التي تطورت نتيجة إحباط           الحاجات الأساسية لاستقلال والکفاءة والشعور بالهوية ،  وفيه أربع مخططات وهي   (الفشل، التبعية وعدم الکفاءة، الخوف من المرض والخطر، ومخطط العلاقات الدمجية.
• ·       مجال التوجه المفرط نحو الآخرين: ويشمل المخططات التي تتطور نتيجة الإحباط أو فقدان الأمل المتعلق بالحاجات الأساسية لحرية التعبير عن المشاعر والحاجات المشروعة ، ويضم مخططين هما (الخضوع، التضحية).
• مجال اليقظة المفرطة: ويتعلق بالمخططات التي ترتبط بالتأکيد البالغ علي اتباع قواعد وتوقعات صارمة تضفي عليه صفة الذاتية وتتعلق بالأداء والسلوکيات الأخلاقية ، ويحتوي علي مخططين هما (التحکم الانفعالي المفرط، والمثاليات المفرطة).
• مجال نقص الحدود: ويحتوي على المخططات المتعلقة بنقص الوعي باحتياجات الآخرين ورغباتهم ، وعدم القدرة علي کبت رغبات الفرد والشعور بالاستعلاء ، وعدم القدرة علي المشارکة في علاقات تبادلية ، وفيه مخططين هما (الحقوق الشخصية المتطلبة والمفرطة ومخطط نقص التحکم الذاتي الانفعالي) (Alfasfos,2009).

تمتع المقياس بصدق وثبات مرتفع في الدراسات التي أُستخدم فيها مثل دراسات (Young et al., 2005 ;Khorramdel et al.,2013 وفي الدراسة الحالية تم التحقق من صدقه وثباته بتطبيقه علي عينة الدراسة الاستطلاعية السابق الإشارة إليها وتم التحقق من صدقه عن طريق حساب معاملات الارتباط بين کل فقرة والمخطط الذي تنتمي إليه، وکذلک الارتباط بين درجة المجال والدرجة الکلية للمقياس وتراوحت معاملات الارتباط ما بين 0.77 -0.88 وجميعها دالة عند مستوي 0.01 مما يدل علي تمتع المقياس بدرجة جيدة من الصدق.

      کما تم حساب معامل الثبات بطريقتي ألفا کرونباخ والتجزئة النصفية وبلغ معامل الثبات 0.83، 0.076 على التوالي ومما سبق يتضح تمتع مقياس المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة بدرجة مرتفعة من الصدق والثبات مما يجعله صالحًا للتطبيق في الدراسة الحالية.

4- الأساليب الإحصائية:

للتحقق من صحة الفروض سيتم استخدام الاساليب الإحصائية الآتية:

• اختبار ت لعينتين مستقلتين لاختبار الفروق بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة .
• التحليل التمييزي (Analysis Discriminant) وهو أحد أساليب التحليل المتعدد المتغيرات (Analysis Multivariate) الهامة, ففي ظل استخدام هذه الاساليب يتم تحليل المتغيرات الداخلة في النموذج بطريقة مترابطة مع الاخذ في الاعتبار العلاقات المتداخلة بين           هذه المتغيرات, کما أنه يسعى إلى تکوين نموذج إحصائي يصور العلاقة المتبادلة بين المتغيرات المختلفة, ويعتمد نموذج تحليل التمايز على الوصول إلى دالة التمايز  (Discriminant Function ) التي تعمل على تعظيـم الفروق بين متوسط المجموعات وتقليل التشابه في أخطاء التصنيف في الوقت ذاته وذلک من خلال إيجاد تجميعات خطية لمجموعة من المتغيرات ((Johnson& Wichern,2007,78، وأٌستخٌدم للتعرف علي المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة  المنبأة بهروب الفتيات .

نتائج الدراسة ومناقشتها:

نتائج الفرض الأول: والذي ينص على " توجد نسب مئوية متفاوتة في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لدي مجموعة الهاربات."

     للتعرف على أکثر المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة انتشاراً لدي مجموعة الهاربات تم استخدام معاملات دالة التصنيف طبقا للدالة التميزية من اسلوب التحليل التمييزي وهذا ما يوضحه الجدول التالي:

جدول (1) معاملات دالة التصنيف Classification Function Coefficients

       من الجدول السابق يتضح أن أکثر المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة انتشارا لدي المراهقات الهاربات هو مخطط (الشک والتعدي) حيث کانت قيمة الدالة التميزية له =5.601 وهي أکبر قيمة من قيم الدوال التميزية للمخططات مما يدل على أنه أکثر المخططات تأثيراً وانتشاراً، يليه مخطط الحرمان العاطفي فالعلاقات الدمجية فالفشل.

       يتبين أيضا ً من دوال تمرکز المجموعة أن المجموعتين تقعان موقعاً معاکساً بعضهما من بعض، ولما کانت قيم معاملات جميع المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لدي مجموعة الهاربات موجبة، مما يدل على أن ارتفاع الدرجات التي تحصل عليها الفتيات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة تؤدي إلى ارتفاع احتمالية هروبهن من المنزل . وهذا يؤيد النتائج السابقة للدراسة الحالية.

 ويمکن تفسير سيطرة مخطط الشک والتعدي لدي الفتيات الهاربات في ضوء ما ذکره يونج (Young, 2005) من أن الفرد الذي لديه مخطط الشک والتعدي يترقب من الآخرين أن يجعلوه يعاني، ويعاملونه بسوء لأنه غير مرغوب فيه، وهذا يخلق لديه شعور بالدونية بالمقارنة مع الآخرين ويولد لديه الشعور بالفشل.

فارتفاع مستوي توقعات الفتيات بالرفض وعدم الحصول على المساندة والدعم، وتوقعها بأن الآخرين يسعون لاستغلالها، وأنها تتعرض للخداع يؤدي إلي شعورها بالنقص وانها غير مرغوب فيها من الآخرين مما يٌدعم أفکارها السلبية عن نفسها وعن الآخرين وعن المستقبل.

وهذا المخطط يرتبط بالحرمان العاطفي ومن المنطقي أن يرتفع مخطط التخلي والإهمال عند الأفراد الذين يرتفع عندهم مخطط الحرمان العاطفي لأنهم يکون لديهم نقص أو شعور بانعدام الحب، الحنان، العاطفة من طرف الوالدين بالإضافة إلى عدم إحساسهم بالأمن وغيرها من الحاجات الأساسية التي من المفترض أن يشبعها الفرد وسط عائلته.

ووفقا لنظرية التعلق، فإن جودة علاقة الآباء بالأبناء تلعب دورًا مهمًا في النمو النفسي والعاطفي للأبناء ، يضاف إلي ذلک أن هذه العلاقة تُحدد نوع المخططات المعرفية التي يتبناها الفرد (Zafiropoulou, Avagianou ,Vassiliadou ,2014).  

يضاف إلي ذلک ايضاً أن الأطفال والمراهقين الذين يشعرون بعدم الأمان            ويعانون من الحرمان العاطفي في المنزل لا يستطيعون الاستمتاع بالحياة کما أنهم يفقدون  ثقتهم بأنفسهم ولا يتمسکون بالمبادئ الأخلاقية وهذه تکون بداية تکوين المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   (Gil ,2014) فالأطفال والمراهقين إذا لم يتمکنوا من إقامة علاقات ودية مع أفراد الأسرة أو التکيف مع الظروف الأسرية ، فإنهم يختارون الهروب کملاذ أخير  (Bademci, Karadayı , de Zulueta 2015; Aptekar & Stoecklin,2014).

وهذه النتيجة تتفق مع نتائج دراسة رويلوفس وآخرون (Roelofs, Onckels & Muris,2012) التي توصلت إلي أن مجال الانفصال / الرفض له دور أساسي کمتغير وسيط بين التعلق غير الآمن والمشکلات العاطفية والسلوکية .

خلاصة ما سبق يمکن کتابة الدالة التمييزية التي من خلالها يمکن التنبؤ بهروب الفتيات من المتغيرات المنبئة (المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة ) کما يلي :

دالة التمايز التصنيفية لمجموعة الهاربات = 3.66× العلاقات الدمجية+5.6×الشک والتعدي + 4.73× الحرمان العاطفي+2.61× التحکم الانفعالي المفرط+3.05× الفشل+2.16× المثاليات المفرطة +2.25× الشعور بالتخلي والإهمال+3.66× العلاقات الدمجية+5.6×الشک والتعدي + 4.73× الحرمان العاطفي+2.61× التحکم الانفعالي المفرط+3.05× الفشل+2.16× المثاليات المفرطة +2.25× الشعور بالتخلي والإهمال.

نتائج الفرض الثاني : والذي ينص على " توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة ".

للتحقق من صحة هذا الفرض تم استخدام اختبار ت لعينتين مستقلتين ويوضح الجدول التالي هذه النتائج:

جدول (2) نتائج اختبار ت لعينتين مستقلتين للفروق بين متوسطي درجات الهاربات وغير الهاربات على المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة

من الجدول السابق يمکننا ملاحظة وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسطات المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة للهاربات وغير الهاربات في جميع الأبعاد ماعدا " الشعور بالتخلي والاهمال، الانطواء الاجتماعي، التضحية , المثاليات المفرطة , الحقوق الشخصية المتطلبة والمفرطة , نقص التحکم الذاتي الانفعالي ", حيث کانت القيمة الاحتمالية هنا أکبر من مستوى الدلالة(0.05=α). وبمراجعة المتوسطات الحسابية يلاحظ أن المتوسطات الأعلى کانت في عينة المراهقات الهاربات على جميع المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة   مما يدل على أن الفروق لصالح مجموعة الهاربات. وهذه النتيجة تتفق مع ما کشفت عنه الدراسات البحثية من أن المخططات المعرفية اللاتکيفية مرتبطة بمشاکل نفسية وسلوکية مختلفة في مجتمع المراهقين (Roelofs, Onckels & Muris,2012).

وتتفق هذه النتيجة مع نتائج دراسة کيشفار وآخرون (Keshavarz et al.,2012) التي توصلت إلي أن حدة الانفعال وعدم التفکير العقلاني وضبط النفس لدي الفتاة يدفعها لترک المنزل ، کما تتفق مع نتيجة دراسة (Bakhshian & Moayedi, 2018) التي توصلت إلي وجود فروق دالة إحصائياً بين الهاربات وغير الهاربات لصالح الفتيات غير الهاربات في کل من التماسک الأسري والذکاء العاطفي وأسلوب التعلق الآمن، وکانت الفرق لصالح غير الهاربات في الرفض الوالدي والتعلق غير الآمن.

   وتتفق أيضاً مع نتائج دراسة (Keshavarz & Akbarzadeh & Alikimiaee, 2012) التي توصلت إلى أن هروب الفتيات ناتج عن التفکير بطريقة لاعقلانية.

 وهذا يتفق مع ما أشارت إليه النظرية المعرفية من أن المخططات تلعب دوراً              مهماً في استمرار المشاکل المزمنة والحفاظ عليها ، فالمخططات اللاتکيفية تنشأ في وقت مبکر من الحياة مما يجعل الفرد أکثر استهدافاً وعرضة للمشاکل النفسية والانحرافات السلوکية. (Zafiropoulou et al.,2014)

فالمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة تکون مصحوبة بتوقعات وأفکار واتجاهات سلبية نحو الفرد نفسه والمحيطين به والعالم من حوله والمستقبل، حيث أن وجود المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة يساعد في تشويه الواقع وبث روح التشاؤم والانهزامية في الذات بأکملها مما يوفر بيئة خصبة لظهور الاضطرابات النفسية والسلوکية

وهذا يتسق مع ما ذکره  فلاناجان Flanagan(نقلا عن : المحارب ،2000) من أن التفکير ينظم السلوک ونتائج السلوک بحيث تصبح مادة أو غذاء للتفکير أي أن هناک تفاعل مستمر بين التفکير والسلوک، ولذلک انصب علم النفس المعرفي على دارسة أساليب التفکير التي يوظفها العلاج المعرفي لتشخيص الصعوبات والاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأفراد والعمل على تغييرها، لأن إدراک الفرد للعالم وتفسيره للواقع هو الذي يحدد أنماطه السلوکية والتواصلية، وقد يکون إدراک الفرد مبني على معطيات غير واقعية بل قد يٌبنى على معتقدات مشوهة تؤدي إلى قراءة مشوهة للواقع وبالتالي تؤدي إلى صعوبات في توافق الفرد مع ذاته ومحيطه، نتيجة لإسقاطاته الداخلية عليها، فوجود الاضطرابات سواء النفسية أو السلوکية لدى الفرد مرتبط بوجود تحيز وأخطاء في معالجة المعلومات لديه والتي بدورها ترجع إلي  أبنية معرفية (مخططات) کامنة عاجزة عن التکيف تسيطر على الفرد من خلال ما ينتج عنها من أفکار وأخيلة تلقائية تصاحب الاضطراب وتساعد على استمراره.

وهذا يُفسر نتيجة فرضنا الحالي من وجود فروق دالة إحصائية في المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لصالح الفتيات الهاربات، ويؤکد ذلک ما أشار إليه(Chakeri et al.,2014) من أن الفتيات الهاربات يستخدمن أساليب غير تکيفية مثل أسلوب الخضوع والتبعية والاندماجية وما يرتبط بها من ضعف الشخصية، ونقص الإرادة لمواجهة مشاکلهن واتباعهن أساليب معاکسة للمجتمع بالهروب من المنزل

الفرض الثالث:

والذي ينص على " توجد للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة قوة تمييزية وقدرة تنبؤية في التمييز بين الفتيات الهاربات وغير الهاربات."

للتحقق من صحة هذا الفرض استُخدم التحليل التمييزي التدريجي للمخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة في ضوء متغير الهروب/عدم الهروب، ولما کان للمتغير التابع مجموعتين فقط فإنه يمکن تکوين دالة تمييزية واحدة. ويوضح جدول (3) قيم المؤشرات الإحصائية الخاصة بتلک الدالة.

جدول (3) المؤشرات الإحصائية للدالة التمييزية

من الجدول السابق يتضح أن قيمة الجذر الکامن = 4.028 وهي تشير الي نسبة التباين المفسر بين مجموعتي الهاربات وغير الهاربات والتي تُعزى للمتغيرات المستقلة  (الحرمان العاطفي ، الشک والتعدي، الشعور بالنقص والخجل، الفشل، التبعية وعدم الکفاءة، الخوف من المرض و الخطر، العلاقات الدمجية(الاندماجية)، الخضوع و التحکم الانفعالي المفرط) کما أن قيمة معامل الارتباط القانوني والتي تشير إلى جودة الدالة التمييزية بلغت 0.895 ومربعة 0.801 أي ان نسبة %80 من التباين بين مجموعتي الهاربات وغير الهاربات يُفسر بواسطة المٌخططات المٌنبئة (المتغيرات المستقلة)، وکذلک تؤکد الدلالة الإحصائية لقيمة مربع کاي أن الفروق بين مجموعتي الهاربات وغير الهاربات يعود للمتغيرات المُنبئة، أي يمکن التنبؤ بعضوية الفتيات في مجموعة الهاربات وغير الهاربات من خلال المٌخططات المعرفية المُنبئة.

کما أسفرت نتائج التحليل عن المعاملات المعيارية وغير المعيارية ومعاملات مصفوفة البنية للدالة التمييزية والموضحة في الجدول التالي:

جدول(4) المعاملات المعيارية ومعاملات مصفوفة البنية للدالة التمييزية

ولمعاملات دالة التمييز المعيارية أهمية تحليلية کبيرة، حيث أن القيم المعيارية الأکبر تدل علي نسبة الاسهام الأکبر للمتغيرات في الدالة التمييزية بالمقارنة مع المتغيرات ذات القيم الأقل، حيث يعبر المعامل التمييزي عن مقدار مساهمته النسبية في المعادلة التمييزية. وهذا يعني أن مساهمة المتغير في المعادلة التمييزية تکون کبيرة إذا ما کانت قيمة معامله کبيرة.

من الجدول السابق يٌلاحظ من فحص حجـم المعاملات المعيارية للمتغيرات المنبئة في الدالة التمييزية المعيارية, ومعامل الارتباط بين المتغيرات المنبئة والدالة داخل المجموعة )معاملات مصفوفة الترکيبية).أن دالة التمييز هنا هي " الحرمان العاطفي ", وقد بلغت قيمتها (1.099)في الدالة المعيارية وفي مصفوفة بنية الدالة (الترکيبية) (0.809), يليها " الشک والتعدي الذي بلغت قيمة دالته المعيارية(0.552) مع الدالة التمييزية و في مصفوفة بنية الدالة (0.226)  يليها " التبعية وعدم الکفاءة " الذي بلغت قيمة دالته المعيارية(0.494) مع الدالة التمييزية و في مصفوفة بنية الدالة (0.263).

وهذه النتيجة تتفق مع نتائج دراسة خرمديل وآخرون (Khorramdel et al.,2013) التي توصلت إلي أن کل من الحرمان العاطفي، والخوف من الخطر، الشعور بالنقص والخجل، التبعية(الاعتمادية) وعدم الکفاءة کانت أقوي المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة في التنبؤ بهروب المراهقات. 

ومما سبق نستنتج أن  مخطط "الحرمان العاطفي"  هو العامل المسيطر في التنبؤ بهروب الفتيات مما يشير إلي أن هذا المخطط يلعب دوراً هاماً في حياة الفرد ، ويشير التراث السيکولوجي إلي أن الحرمان العاطفي يعد من الحاجات الأولية التي ينبغي إشباعها لدى الفرد خاصة في مرحلة الطفولة، ومن هنا فإن أي نقص ولو کان ضئيلا في إشباع هذه الحاجة والتي تتمثل وفقاً ليونج وآخرون (Young et al.,2006) في رعاية الأمومة والتعاطف والحماية، يؤثر تأثيراً جسيماً في شخصية الفرد، حيث يتوجه اهتمامه نحو محاولة إشباع حاجات بأسلوب خاطئ وقد يکون إنتقامي لتعويض هذا الحرمان العاطفي.

فالهروب ظاهرة الأسباب يمکن إرجاع جذورها إلى الفشل في تلبية الاحتياجات العاطفية والشعور بالأمان في المنزل ، فإذا تمزقت الأسرة وفشلت في توفير بيئة مناسبة لنمو وتطور شخصية أطفالها ، يکون ذلک بداية للانحرافات الاجتماعية ،و هکذا فإن مختلف          الجرائم مثل الهروب من المنزل ، الهروب من المدرسة ، السرقة ، الممارسات الجنسية غير المشروعة ، الإدمان تعود جذورها إلي الحرمان العاطفي والأساليب الوالدية غير الموثوقة (Tyler &Bersani,2008) وهذا يتسق مع  نظرية الضبط الاجتماعي التي طورها هيرشي Hirschi،والتي ذکر فيها أنه کلما ضعٌفت الروابط بين أفراد الأسرة والمجتمع ، زادت الانحرافات والجرائم (Fatemeh,2018 & Moayedi). فأنماط الترابط الأبوي ترتبط بـتشکيل المخططات المبکرة لسوء التکيف، فالحرمان العاطفي يترتب عليه الشعور بالفشل والتضحية بالنفس وتجنب الاتصال الوثيق مع الآخرين والتبعية وعدم القدرة على التعبير عن الآراء والمشاعر، وعلي النقيض تماماً، يرتبط الاشباع العاطفي لدي الأطفال والمراهقين بارتفاع تقدير الذات والقدرة علي إقامة العلاقات دون خوف من العواقب السلبية أو الخيانة. ووفقاً لنظرية التعلق فإن نوع الارتباط الذي نشأ في الطفولة المبکرة بين الطفل والوالدين أو مقدمي الرعاية سيؤثر بعد ذلک على القدرة على إقامة العلاقات، وکذلک نوع ومدة العلاقات (Waters et al.,2000) ، وأن جودة العلاقة بين الوالدين والطفل تلعب دوراَ مهماَ في النمو النفسي والعاطفي للفرد ، فالمخططات المعرفية تتشکل في مرحلة الطفولة المبکرة بناءً على التجارب المبکرة المستمدة بشکل أساسي من بيئة الوالدين أو مقدم الرعاية (Young et al.,2010).

التوصيات:

في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها توصي الباحثتان بما يلي :

1-        مؤسسات الارشاد الأسري: تقديم برامج إرشادية ودورات تدريبية، للوالدين من قبل متخصصين عن کيفية التعامل والتواصل مع الأبناء، وأساليب التنشئة السوية وطرق اشباع حاجات الأبناء.

2-        وزارة الشؤن الاجتماعية: ربط المؤسسات التي تعُنى بمکافحة العنف الأسري ومشکلات الأبناء مع مراکز البحوث والدراسات المتميزة ليستمد منها البيانات والمعلومات الصحيحة، والتوسع في توفير برامج التمکين الذاتي والدعم المستمر للفئات المعرضة للخطر.

3-        مراکز البحوث بالجامعات: القيام بدراسات وبحوث أکثر تخص المخططات المعرفية غير المتکيفة المبکرة وعلاقتها بهروب الفتيات والانحرافات السلوکية.

4-        القائمين علي تطوير المناهج بقسم علم النفس : إدراج نظرية المخططات المعرفية غير المتکيفة ضمن البرامج الأکاديمية المؤهلة للأخصائيين النفسيين بوصفها نظرية جديدة أثبتت فعاليتها کمحک تشخيصي وکمدخل لتحسين وعلاج العديد من الاضطرابات النفسية والمشکلات السلوکية.

5-        وزارة التعليم: تفعيل الارشاد النفسي داخل المدارس والاهتمام بالبرامج العلاجية للمخططات اللاتکيفية، وتفعيل الأنشطة اللاصفية واشراک الطالبات في برامج ترفيهية وتطوعية.

6-        مراکز الارشاد بالمدارس والجامعات: عقد ورش إرشادية وتوعوية لتوعية الطالبات بالتشوهات المعرفية وکيف تتکون وتأثيرها على السلوک، وتدريبهن على استراتيجيات المواجهة الفعالة وتنمية مهارات التواصل والتعبير عن الصعوبات النفسية والعاطفية.

مقترحات بحثية:

1-      فاعلية برنامج علاجي معرفي سلوکي لتعديل المخططات المعرفية اللاتکيفية المبکرة لدي الفتيات الهاربات.

2-      فاعلية برنامج علاجي تکاملي لتنمية التفکير الإيجابي کمدخل لتحسين القبول البينشخصي لدي الفتيات الهاربات.

3-      الاتجاه نحو ظاهرة هروب الفتيات لدي عينة من المراهقات السعوديات.

4-       الثالوث المظلم للشخصية وعلاقته بهروب الفتيات.

5-      المناعة النفسية کمتغير وسيط في العلاقة بين التماسک الأسري والتشوهات المعرفية لدي المراهقات.

المراجع

أبو علام، رجاء محمود (2011). مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية. القاهرة: دار النشر للجامعات.

حسين، منال زکريا وآخرون (2008). هروب الفتيات مسؤولية من . مجلة الأمنوالحياة ، 27 (307)، 40-43.

الشرعة ، أماني محمد الفرجات(2018). القدرة التنبؤية للمخططات المعرفية اللاتکيفية في الميل للتطرف الفکري. المجلة العربية للطب النفسي ،29(1)، 81 – 67.

الصواط, عايشة بنت عيد مفلح (2017).العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المرتبطة بهروب الفتيات : دراسة مقارنة)رسالة دکتوراة غير منشورة(. جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.

الصويان، نورة(2010). اضطراباتالوسطالأسريوعلاقتهابانحرافالفتياتفيالمجتمعالسعودي : دراسة ميدانية على مدينة الرياض. ط1، الرياض: المرکز الوطني للدراسات والتطوير الاجتماعي ، وزارة الشؤون الاجتماعية .

المحارب، ناصر(2000).العلاج المعرفي السلوکي. الرياض: مطابع الحميضي.

المشوح، سعد عبد الله (1431). هروب الفتيات في المجتمعات العربية بين الواقعية والتحليل " دراسة تحليلية اجتماعية نفسية لواقع ظاهرة هروب الفتيات في المجتمع السعودي . مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية ، 17،95-159 .

المناحي ، عبد الله بن عبدالعزيز مناحي (2018). أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بالأمن النفسي وهروب الفتيات في مدينة الرياض. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية ، 49 ،325-365 .

منصوري، وسيلة (2019). المخططات المعرفية غير المتکيفة المبکرة الغالبة لدى المدمن على المخدرات (رسالة ماجستير غير منشورة(. جامعة محمد خيضر بسکرة، الجزائر.

هريش، خالد، الصفدي، نجوى، سلمان، خالد، (2015). ظاهرة هروب الفتيات الفلسطينيات من منازل أسرهن وعلاقته بالمناخ الأسري، دراسة ميدانية في مکاتب الفاه الاجتماعي بالقدس. مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الإنسانية)، 29، 1133-1156.

Abrams, L. S. (2003). Contextual variations in young women’s gender identity negotiations. Psychology of Women Quarterly, 27, 64–74.

Adams, G. R., Gullotta, T., & Clancy, M. A. (1985). Homeless adolescents: a descriptive study of similarities and differences between runaways and throwaways. Adolescence, 20(79), 715–724.

 Aptekar L, Stoecklin D. (2014).Group dynamics of children in street situations. Street Children and Homeless Youth: Springer , 63-120.

Attar-Schwartz, S. (2013). Runaway behavior among adolescents in residential care: The role of personal characteristics, victimization experiences while in care, social climate, and institutional factors. Children and Youth Services Review, 35(2), 258-267.

Attar-Schwartz, S., Ben-Arieh, A., & Khoury-Kassabri, M. (2011). The geography of child welfare in Israel: The role of nationality, religion, socio-economic factors, and social workers availability. British Journal of Social Work, 41, 1122–1139.

Bademci HÖ, Karadayı EF, de Zulueta F.(2015).Attachment intervention through peer-based interaction: Working with Istanbul's street boys in a university setting. Children and Youth Services Review,49, 20-31.

Bakhshian, F., & Moayedi, F. (2018). Family process and structure, attachment style, and emotional intelligence in runaway girls. Hormozgan Medical Journal, 21(4), 241-249.

Bradley, J. (1997). Runaway youth: Stress, social support and adjustment. New York: Garland.

Brennon, T. (1974). Evaluation and validation regarding the national strategy for youth development. Boulder, CO: Behavioral Research Evaluation Program

Brooks Holliday, S., Edelen, M. O., & Tucker, J. S. (2017). Family functioning and predictors of runaway behavior among at-risk youth. Child & Adolescent Social Work Journal, 34, 247–258.

Cauce A.M., (2000). The characteristics and mental health of homeless adolescents: age and gender differences. Journal of Emotion and Behavioural Disorder, 8, 230 – 240.

Chakeri M, Asgharnejad Farid A, Fathali Lavasani F.(2014). Attachment Dimensions, Emotion Regulation and Coping Strategies in Runaway Girls. Iranian Journal of Psychiatry and Clinical Psychology,20(3),214-223.

Chen, X., Tyler, K. A.,Whitebeck, L. B., & Hoyt, D. R. (2004). Early sexual abuse, street adversity, and drug use among female homeless and runaway adolescents in the Mid-west. Journal of Drug, 1, 1–22.

Chun, J., & Springer, D. W. (2005). Correlates of depression among runaway adolescents in Korea. Child Abuse & Neglect, 29, 1433–1438.

Cole, J., Sprang, G., Lee, R., & Cohen, J. (2016). The trauma of commercial sexual exploitation of youth: a comparison of CSE victims to sexual abuse victims in a clinical sample. Journal of Interpersonal Violence, 31, 122–146.

Deci, E. L., Ryan, R. M., Gagné, M., Leone, D. R., Usunov, J., & Kornazheva, B. P. (2001). Need satisfaction, motivation, and well-being in the work organizations of a former eastern bloc country: A cross-cultural study of self-determination. Personality and Social Psychology Bulletin, 27(8), 930-942.

Dehbozorgi, G. R. (2011). P01-274 - A survey of the demographic, personality and psychopatology characteristics of the runaway girls. European Psychiatry, 26, 275.

Gil E.(2014). Play in family therapy. 2th ed. New York: Guilford Publications Press.

Gilligan, C. (2002). The birth of pleasure. New York: Alfred A. Knopf.

Greene, J., Ennett, S., Ringwalt, C. A., (1997). comparison of substance abuse among three national samples of runaway and homeless youth. American Journal of Public Health, 87, 229 –35.

Hammer, H., Finkelhor, D., Sedlak, A.J. (2002). Runaway/throwaway children: National estimates and characteristics. U.S. Department of Justice, Office of Juvenile Justice and Delinquency Prevention.

Hassan, A. (2014).Runway girls and their suffering after runaway(Master dissertation). AL Quds University, Palestine.  

Hershberger, A.R., Sandersb, J., Chicka, C., Jessupc, M., Hanlinc, H., & , Cydersa M.A., (2018). Predicting running away in girls who are victims of commercial sexual exploitation. Child Abuse and Neglect, 79, 269-278.

Hyde, J. (2005). From home to street: Understanding young people’s transitions into homelessness. Journal of Adolescence, 28, 171–183.

Janus, M. D., Archambault, F. X., Brown, S. W., & Welsh, L. D. (1995). Physical abuse in Canadian runaway adolescents. Child Abuse & Neglect, 19, 433–447.

Johnson, K. D., Whitbeck, D., & Hoyt, D. R. (2005). Predictors of social network composition among homeless and runaway adolescents. Journal of Adolescence, 28, 231–248.

Keshavarz, A., Akbarzadeh, R. & Ali kimiaee, S. (2012). Effectiveness of cognitive behavioral group interventions on the self-concept runaway girls. Paper presented at the International Conference on Education and Management Innovation IPEDR (Singapor), 30.

Khong, L. Y. (2009). Runaway youths in Singapore: Exploring demographics, motivations, and environments. Children and Youth Services Review, 31(1), 125-139.

Kidd, S. A. (2006). Factors precipitating suicidality among homeless youth: A quantitative follow-up. Youth and Society, 37, 393–422.

Lumley, M. N., & Harkness, K. L. (2007). Specificity in the Relations among Childhood Adversity, Early Maladaptive Schemas, and Symptom Profiles in Adolescent Depression. Cognitive Therapy and Research, 31(5), 639-657.

Martijn, C., & Sharpe, L. (2006). Pathways to youth homelessness. Social Science and Medicine, 62, 1–12.

McIntosh, A., Lyons, J. S., Weiner, D. A., & Jordan, N. (2010). Development of a model for predicting running away from residential treatment among children and adolescents. Residential Treatment for Children & Youth, 27, 264–276. 

Meltzer, H., Ford, T., Bebbington, P., & Vostanis, P. (2012). Children who run away from home: risks for suicidal behavior and substance misuse. Journal of Adolescent Health, 51, 415–421.

Milburn, N. G., Rotheram-Borus, M. J., Batterham, P., Brumback, B., Rosenthal, D., & Mallett, S. (2005). Predictors of close family relationships over one year among homeless young people. Journal of Adolescence, 28, 263–275.

Miller, A. T., Eggertson-Tacon, C., & Quigg, B. (1990). Patterns of runaway behavior within a larger system context: The road to empowerment. Adolescence, 25, 271–289.

Mohammadiarya, A., Mirzaei, S., Dousti, S., Ghasemzadeh, A., Lachinani, F., Karimzadeh, M., & Goodarzi, A. (2012). Relationship Between Attachment Styles and Solitude Feeling in Runaway and Non-runaway Girls in Tehran. Procedia - Social and Behavioral Sciences, 46, 570-574.

Mohammadiarya, A., Mirzaei, S., Dousti, S., Ghasemzadeh, A., Lachinani , F.,Moon, S. H., Kim, H. R., & Kim, M. (2020). Predictors of Runaway Behavior Among At-Risk Youth. The Journal of school nursing : the official publication of the National Association of School Nurses, 36(4), 283–292.

Olson, D., Gorall, D., & Tiesel, J. (2006). FACES IV Package: Administration Manual (pp. 1–20). pp. 1–20. Retrieved from http://www.facesiv.com/

Paradise, M., & Cause, A. M. (2002). Home street home: The interpersonal dimensions of adolescent homelessness. Analyses of Social Issues and Public Policy, 2, 223–238.

Peled, E., & Cohavi, A. (2009). The meaning of running away for girls. Child Abuse & Neglect, 33(10), 739-749.

Rakjhshani, T., Khorramdel, K., Abolghasemi, A., Nikdast, S. P., & Rajabi, S. (2013). Early Maladaptive Schemas as Predictor of Adolescents Runaway. Archives of Psychiatry and Psychotherapy, 15(4), 45-49.

Rakjhshani, T., Khorramdel, K., Abolghasemi, A., Nikdast, S. P., & Rajabi, S. (2013). Early Maladaptive Schemas as Predictor of Adolescents Runaway. Archives of Psychiatry and Psychotherapy, 15(4), 45-49.

Roelofs, J., Lee, C., Ruijten, T., & Lobbestael, J. (2011). The Mediating Role of Early Maladaptive Schemas in the Relation between Quality of Attachment Relationships and Symptoms of Depression in Adolescents. Behavioural and Cognitive Psychotherapy, 39(4), 471-479.

Roelofs, J., Onckels, L., & Muris, P. (2012). Attachment Quality and Psychopathological Symptoms in Clinically Referred Adolescents: The Mediating Role of Early Maladaptive Schema. Journal of Child and Family Studies, 22(3), 377-385.

Tolga KAYALAR, M. (2018). Examining pre-service teachers' attitudes and interests in technology in terms of various variables. International Journal of Social Humanities Sciences Research (JSHSR), 5(27), 2753-2760.

Sigre‐Leirós, V. L., Carvalho, J., & Nobre, P. (2013). Early Maladaptive Schemas and Aggressive Sexual Behavior: A Preliminary Study with Male College Students. The Journal of Sexual Medicine, 10(7), 1764-1772.

Slesnick, N., Patton, R., & Dashora, P. (2011). Runaway Teens. Encyclopedia of Adolescence, 276-282.

Tyler KA, Bersani BE.(2008). A longitudinal study of early adolescent precursors to running away. The Journal of Early Adolescence,28(2):230-251.

Tyler, K. A., & Johnson, K. A. (2006). A longitudinal study of the effects of early abuse on later victimization among high-risk adolescents. Violence and Victims, 21, 287–306.

Votta, E., & Manion, I. G. (2004). Suicidality, risk-taking behaviours and coping styles in homeless adolescent males. Journal of Adolescent Health, 34, 237–243.

 Walkerdine, V. (1993). Girlhood through the looking glass. In M. DeRas, & M. Lunenberg (Eds.), Girls, girlhood and girls’ studies in transition. Amsterdam: Het Spinhuis. Ill

Waters E, Merrick S, Treboux D, Crowell J, Albersheim L (2000). Attachment security in infancy and early adulthood: a twenty-year longitudinal study. Child Dev ,71, 684-689.

Whitbeck, L. B., & Hoyt, D. R. (1999). Nowhere to grow: Homeless and runaway adolescents and their families. New York: Aldine De Gruyter.

Whitbeck, L. B., & Simons, R. L. (1990). Life on the street: The victimization of runaway and homeless adolescents. Youth and Society, 20(1), 108–125.

Young JE, Klosko JS, Weishaar ME (2010) .Treatment regimens. A guide for the therapist. Athens: Pataki

Zaer, L. (2014). Meta-Analysis of Studies on Cause and Effects of Runaway Girls in Iran. Mediterranean Journal of Social Sciences, 5 (23) ,2006-2016.

Zafiropoulou, M., Avagianou,P., Vassiliadou ,S.(2014). Parental Bonding and Early Maladaptive Schemas. Journal of Psychological Abnormalities in Children, 3(1),1-10.