ثنائية المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر (المشروع الفکري لطه عبد الرحمن أنموذجًا) (دراسة تحليلية)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية التربية - جامعة القصيم- المملکة العربية السعودية

المستخلص

     هدفت الدراسة إلى التعرف على المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر والوصول إلى أهم الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن الفکري، واستعانت الدراسة بالمنهج الفلسفي الاستقرائي التحليلي، وذلک باستقراء وتحليل عينة قصدية تمثلت بکتابي " قواعد لتوجيه الفکر"، "التأملات في الفلسفة الأولى" لرينيه ديکارت، وکتابي: "من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الکوثر"، " روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية" لطه عبد الرحمن، وقد تمثلت النتائج في:
1) استخلاص ثنائيات ديکارت والتي تظهر في أکثر من نوع مثل:
(أ) الشک واليقين.
(ب) المحاولة والخطأ داخل مجال الفکر التربوي.
(ج) العقل والجسد أو العقل والحواس، وهذا يعبر عن المعرفة التي قد تصل عن طريق العقل أو الحواس.
(د) العلم التطبيقي هو أساس منهج ديکارت.
2) أهم الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن:
     يمثل مشروع طه عبد الرحمن بعدًا عميقًا في العمل والفکر التربوي حيث أتاح العديد من المساهمات لتطوير وتقديم الفکر التربوي المعاصر تتمثل في:
- رفض التقليد مما أتاح الفرصة للبحث عما هو جديد في شئون التربية، وعدم الثبات على ما هو قديم.
-وضع قاعدة في حالة الأخذ من الغير وهي اختبار تلک المفاهيم، ومعرفة إذا کانت ملائمة لبيئة الأفراد التي سوف تطبق بينهم والوقوف عليهم بالدليل والحجة.
-الدعوى اللغوية والمنطقية في مشروعه أتاحت التفکير بشأن التمييز والاختلاف داخل الفرد في الإطار التربوي حيث لکل طالب أسلوبه الخاص به.
- دعوته لتجديد المنهج حتى يمکن فهم التراث أثارت الفکر التربوي حول تغيير الطريقة التي يتناول بها العمل التربوي والتزود بالعدة المنهجية العلمية.
The study aimed to identify the Cartesian approach in contemporary educational thought and to reach the most important educational dimensions of Taha Abdel Rahman's intellectual project. The study used the inductive-analytical philosophical approach, by extrapolating and analyzing an intentional sample represented in my books "Rules for Guiding Thought", "Reflections on First Philosophy" by Rene Descartes. And my book: “From the Amputated Man to the Kawthar Man,” “The Spirit of Modernity, the Introduction to the Establishment of Islamic Modernity,” by Taha Abdel Rahman. The results are:
1)Extracting Descartes' binaries, which appear in more than one type, such as:
(a) Doubt and certainty.
(B) Trial and error within the field of educational thought.
(C) The mind and the body or the mind and the senses, and this expresses the knowledge that may arrive through the mind or the senses.
(D) Applied science is the basis of Descartes' approach.
2) The most important educational dimensions of the Taha Abdel Rahman project:
   The Taha Abdel Rahman project represents a deep dimension in educational work and thought, as it made many contributions to the development and presentation of contemporary educational thought represented in:
- Rejection of imitation, which provided the opportunity to search for what is new in educational affairs, and not to remain steadfast on what is old.
- Setting a rule in the case of taking from others, which is to test these concepts, and find out if they are appropriate for the environment of the individuals that will be applied among them, and to identify them with evidence and argument.
     The linguistic and logical case in his project allowed thinking about discrimination and differences within the individual in the educational framework, where each student has his own style.
-His call to renew the curriculum so that the heritage can be understood provoked educational thought about changing the way in which it deals with educational work and the provision of scientific methodological equipment.
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

                                     کلية التربية

        کلية معتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم

        إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)

                       =======

 

 

 

 

 

ثنائية المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر

 (المشروع الفکري لطه عبد الرحمن أنموذجًا)

 (دراسة تحليلية)

 

 

 

إعــــــــــداد

أريج سليمان الميمان

کلية التربية - جامعة القصيم- المملکة العربية السعودية

 

 

 

}     المجلد السابع والثلاثون– العدد التاسع –  سبتمبر2021م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic


الملخص:

     هدفت الدراسة إلى التعرف على المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر والوصول إلى أهم الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن الفکري، واستعانت الدراسة بالمنهج الفلسفي الاستقرائي التحليلي، وذلک باستقراء وتحليل عينة قصدية تمثلت بکتابي " قواعد لتوجيه الفکر"، "التأملات في الفلسفة الأولى" لرينيه ديکارت، وکتابي: "من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الکوثر"، " روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية" لطه عبد الرحمن، وقد تمثلت النتائج في:

1) استخلاص ثنائيات ديکارت والتي تظهر في أکثر من نوع مثل:

(أ) الشک واليقين.

(ب) المحاولة والخطأ داخل مجال الفکر التربوي.

(ج) العقل والجسد أو العقل والحواس، وهذا يعبر عن المعرفة التي قد تصل عن طريق العقل أو الحواس.

(د) العلم التطبيقي هو أساس منهج ديکارت.

2) أهم الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن:

     يمثل مشروع طه عبد الرحمن بعدًا عميقًا في العمل والفکر التربوي حيث أتاح العديد من المساهمات لتطوير وتقديم الفکر التربوي المعاصر تتمثل في:

- رفض التقليد مما أتاح الفرصة للبحث عما هو جديد في شئون التربية، وعدم الثبات على ما هو قديم.

-وضع قاعدة في حالة الأخذ من الغير وهي اختبار تلک المفاهيم، ومعرفة إذا کانت ملائمة لبيئة الأفراد التي سوف تطبق بينهم والوقوف عليهم بالدليل والحجة.

-الدعوى اللغوية والمنطقية في مشروعه أتاحت التفکير بشأن التمييز والاختلاف داخل الفرد في الإطار التربوي حيث لکل طالب أسلوبه الخاص به.

- دعوته لتجديد المنهج حتى يمکن فهم التراث أثارت الفکر التربوي حول تغيير الطريقة التي يتناول بها العمل التربوي والتزود بالعدة المنهجية العلمية.

الکلمات المفتاحية: ثنائية ديکارت، المنهج الديکارتي، مشروع طه عبد الرحمن الفکري.


Abstract:

The study aimed to identify the Cartesian approach in contemporary educational thought and to reach the most important educational dimensions of Taha Abdel Rahman's intellectual project. The study used the inductive-analytical philosophical approach, by extrapolating and analyzing an intentional sample represented in my books "Rules for Guiding Thought", "Reflections on First Philosophy" by Rene Descartes. And my book: “From the Amputated Man to the Kawthar Man,” “The Spirit of Modernity, the Introduction to the Establishment of Islamic Modernity,” by Taha Abdel Rahman. The results are:

1)Extracting Descartes' binaries, which appear in more than one type, such as:

(a) Doubt and certainty.

(B) Trial and error within the field of educational thought.

(C) The mind and the body or the mind and the senses, and this expresses the knowledge that may arrive through the mind or the senses.

(D) Applied science is the basis of Descartes' approach.

2) The most important educational dimensions of the Taha Abdel Rahman project:

   The Taha Abdel Rahman project represents a deep dimension in educational work and thought, as it made many contributions to the development and presentation of contemporary educational thought represented in:

- Rejection of imitation, which provided the opportunity to search for what is new in educational affairs, and not to remain steadfast on what is old.

- Setting a rule in the case of taking from others, which is to test these concepts, and find out if they are appropriate for the environment of the individuals that will be applied among them, and to identify them with evidence and argument.

     The linguistic and logical case in his project allowed thinking about discrimination and differences within the individual in the educational framework, where each student has his own style.

-His call to renew the curriculum so that the heritage can be understood provoked educational thought about changing the way in which it deals with educational work and the provision of scientific methodological equipment.

Keywords: The duality of Descartes, the Cartesian method, Taha Abdel Rahman's intellectual project.

 


أولًا: الإطار العام للدراسة:

 المقدمة:

       ارتبط الفکر التربوي بالفکر الفلسفي وذلکمن خلال الطبيعة العملية لفلسفة التربية والتي تسعى للکشف عن الجدليات العقدية، فأصبحت من خلالها قادره على تحليل ونقد فکر الفلاسفة وطرحهم، کما يعد الفکر التربوي جزء من الفکر الإنساني المبدع الذي يستطيع ربط أهداف التربية بفلسفة المجتمع وثقافته وصفاته وحاجاته، وبما أن فلسفة التربية حقل للبحث والتفکير الهدف منها فهم الواقع المنطقي وغير المنطقي المناسب للتربية، فالمفکر التربوي يحاول من خلالها الکشف عن العلاقات بين الأشياء و الوصول لحل القضايا التربوية، وذلک باعتبارها (الأداة المحرکة للنظريات التربوية والمشکل للفکر التربوي).

       يتسم الفکر التربوي بالديناميکية والتطور المستمر في التربية، نتيجة بحثه عن متطلبات تطورات العصر والذي يسهم في تجديده، ويتطرق الى جوانب فلسفية متعددة بحثاً عن معالجات جوهرية لمسائل تربوية، يستطيع من خلالها بناء فکر تربوي معاصر يستخدم فلسفة تربوية متجددة تبحث في مذاهب فلسفية لتطويعها بما يتناسب مع التربية (أبو منجل، ۲۰۱۲م:49).

     وأشار الوالي (2010م: 22) بأن مصطلح الثنائية في الفلسفة تعد أحد المذاهب الفلسفية، والتي تعتقد بثنائية الکون وأن الطبيعة متجسدة بين نوعين متوافقين أو متضادين وبارتباط التربية بالفلسفة فقد تشکل الفکر التربوي منذ بداياته بين جدلية هذه الثنائيات وأصبح الفکر التربوي يبحث عن حقيقة کل ثنائية وماهيتها وکيفيتها حتى أصبحت منهجية أساسية للمفکرين.

     قد تکون الثنائية مبدأ الفلاسفة والمحور الفکري الأول الذي انطلقت منها فلسفتهم، فمثلاً تأرجحت ثنائية أفلاطون بين الضدين المثالية والواقعية، ونظرية التربية عند الغزالي ظهرت عليها ملامح الثنائية بين التأمل والفهم وفي ثنائية التوافق نجد الکندي يوافق بين الفلسفة والفکر التربوي، وثنائية ابن رشد التربوية بين العزلة والاندماج، والذي أتفق فيها کلًا من:                  (الجابري، 2012م: 62) (هامر Hammer، 2013م:5)(علي، 2021م: 3).

   فمن بداية تحولات الفکر الفلسفي على مر العصور تراکمت الثنائيات وتعمقت أکثر في تفسير الکون والطبيعة والوجود، وارتبطت بالتربية والتي بدورها تعد الحقل الميداني للفلسفة ونظرياتها، فالفلسفة عملية تحليل ونقد للواقع المنطقي واللامنطقي والتربية ممارسة لهذا النقد والتحليل (النجار،2013م: 53). واتفق کلًا من دراوشة (2012م: 42) والجعفري (2015م: 17) أن الفکر التربوي جمع بين الفکر والتربية، والذي انطلق من واقع اجتماعي واقتصادي وسياسي غاية أهدافه تشکيل انسان مدني متکامل ومتوازن وشامل من جميع الجوانب، وجاء في سياقة ما أکده الغبان (2017م: 14) مشيرًا إلى أن الفکر التربوي المعاصر رکز تحديدا على الثنائيات؛ لمواجهة تحديات العصر ومتطلبات التغيير، وربط بينها وبين الفکر التربوي باعتبارها الأصل في فلسفة التربية وتطبيقها بطريقة منهجية واضحة فالأخلاق مثلا عند بعض الفلاسفة ثنائيات الضد (کالصدق والکذب والأمانة والغش والقوة والضعف).

      إن الوعي بوجود منهجية تؤثر على اتجاهات الفکر التربوي من المتطلبات العصرية لمواجهة التحديات الثقافية الحالية وذلک ليستطيع المفکر التربوي المعاصر استخلاص الفلسفة الملائمة لمواجهة تحديات التربية، والتي قد تکون ثنائية ديکارت أحد المنهجيات الملائمة للوصول الى فلسفة تربوية عصرية تتماشى مع متطلبات العصر.

     کما ساهم العديد من الفلاسفة العرب بفکرهم الفلسفي في الفکر التربوي، منهم على سبيل المثال: الإمام الغزالي الذي أسهم فکره في توضيح الطرق العلمية  لتربية الأبناء وإصلاح الأخلاق الذميمة ، مما جعله مفکرًا ومربيًا، وابن خلدون الذي وضع عدد من العوامل التي تؤثر في الظواهر التربوية وصناعة العلم والتعليم المتمثلة في العوامل الجغرافية، والاقتصادية، الدينية، والسياسية وغيرها، وأوحى بضرورة دراسة تلک الظواهر التربوية، فضلًا عن التعدد في النظريات التربوية التي ظهرت في الغرب نابعة من مفکري الفلسفة أمثال جون ديوي الذي أنشأ المدرسة النموذجية لتجربة نظرياته وآرائه التربوية، ومساهمة ديکارت بفکره الفلسفي في الفکر التربوي والثنائية المنهجية التي اتبعها (الخوالدة، 2012م: 3).

  ورُغم وجود العديد من الدراسات المختلفة في الفلسفة والتي ارتبطت بالتفکير الفلسفي إلا أنها مقلة في البحث عن الثنائيات وفي ثنائية المنهج الديکارتي تحديدا، وباعتبارها مذهب فلسفي استند عليه الفکر التربوي دل على ذلک جاء في دراسة قنديل (2010م: 123) والتي هدفت إلى معرفة ماهية الثنائية وتأثيرها على الفکر الفلسفي دون النظر الى تأثيرها على الفکر التربوي المعاصر.  إن الثنائية في المنهج الديکارتي من -وجهة نظر الباحثة- لم تحظى بدراسة جدية حول انعکاساتها على الفکر التربوي المعاصر، بالرغم من ضرورة مواکبة التطورات الحاصلة والتي تستلزم فتح باب الجدليات، وإعادة قراءة الفلسفة من جديد.

    ومما يدعم ما ورد ما أشار إليه وطفة (2011م: 21) في دراسته عن الحرکة الثقافية الجديدة في الفکر التربوي المعاصر لافتًا إلى أهمية الثنائيات في الفلسفة والتي أثرت على تحديد الثقافة، واتفقت على ضوءه دراسة بالمـا Palma (2014م: 33) والتي کشفت عن التنوع في الفکر التربوي استنادا على الفلسفة ولم يذکر فيها أثر الثنائية على تقدم الفکر التربوي کمذهب فلسفي أساسي.

    وقد أوضح دحمان (2015م: 82) في دراسته والتي هدفت الى عرض منهجية الشک عند ديکارت وکيف أدت الى تطور التصور اليقيني في فلسفته، واستعمال ديکارت للشک المنهجي للحصول على جواب لسؤالين رئيسين فلسفيين: کيف نحصل على المعرفة؟ وکيف نتأکد أنها المعرفة (اليقينية)؟ وأنها أصبحت محور الفکر التربوي المعاصر، کما أشار إلى نقص الدراسات في مجال الثنائية الديکارتية ومدى تأثيرها على منهجية الفکر التربوي المعاصر. 

    ويمکن القول تأسيسًا على ما سبق أن معرفة أبرز المؤثرات على الفکر التربوي المعاصر، باتت من الضروريات الملحة؛ وذلک لمعرفة متطلبات التطور الفکري وتعزيز تلک المؤثرات الأساسية والتي أشار اليها خطاطبة (2016م: 17) وحيزية (2017م: 122) عن محددات الفکر التربوي وانعکاساتها على رؤية المفکر التربوي المعاصر والذي أوصى من خلالها بدراسة الثنائية معتبرًا أنها ساهمت في تشکيل الفکر التربوي المعاصر. وتکاد تجمع أغلب الدراسات الفلسفية کدراسة: قصيبات(2015م: 234)، وحيزية (2017م: 95) ،والشريف (2018م:110) ، ودراسة البخيت وخير (2019م: 74) ، وعلي (2021م: 112) بأهمية وضرورة دراسة منهجية ديکارت وقياس مدى تأثيرها على الفکر التربوي المعاصر، والتوجيه بمزيد من البحوث العلمية في مجال الثنائية الديکارتية، والتي يمکن ملاحظة أثرها على الفکر التربوي، من خلال کتابات بعض المفکرين وتوظيفهم لها في مجال الأخلاق المرتبطة بالتربية، والوصول لمشاريع فکرية تربوية معاصره تستند على ثنائية ديکارت(الشک واليقين) کمذهب فلسفي.

   يأتي على سياقة ما ذکرته سليمة (2021م: 11) عن المساهمة الفلسفيةالعربية لطه عبد الرحمن في الفکر التربوي من خلال مشروعه الفکري الذي دعا إلى التجديد والإبداع وتدعيم فلسفة الحوار، کما دعى لتأسيس فقه التربية موضحًا المبادئ الفلسفيةللنظريةالتربويةالإسلامية (علي، 2021م: 7).

    ومن خلال کل ما تقدم يمکن اعتبار موضوع الدراسة من الموضوعات الخصبة التي تحتاج لمزيد من البحث واستخلاص رؤية فلسفية تربوية مناسبة، فلم تتناول دراسة واحدة على-حد علم الباحثة - متغيرات الدراسة مجتمعة، حيث عولت أغلب الدراسات على دور الفلسفة في الفکر التربوي فقط.

أسئلة الدراسة:

تسعى الدراسة إلى الإجابة عن الأسئلة التالية:

١. ما المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر؟

۲. ما الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن الفکري؟

أهداف الدراسة:

  1. التعرف على المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر.
  2.  الوصول إلى أهم الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن الفکري.

 أهمية الدراسة:

١- تبرز أهمية الدراسة الحالية في أهمية موضوعها الذي يعد إثراءً أدبيًا في مجال الفلسفة والفکر التربوي المعاصر.

۲- قد تسهم الدراسة الحالية في إضافة بعد منهجي جديد في التعامل مع الثنائية في المنهج الديکارتي ومعرفة انعکاساتها على الفکر التربوي المعاصر؛ وهذا يتفق مع ما جاءت به دراسة نايل (2018م) التي هدفت إلى معرفة الفلسفة الملائمة (بعد الحداثة) لمواجهة التحديات المعاصرة والخروج بعدة نتائج التي کان من أهمها ضرورة النظر في تطوير المناهج التعليمية بما يتوافق مع ضرورات العصر التي تَعتَبِر الفکر أحد أرکان هذا التطور.

3- تأمل الدراسة الحالية أن تکون إضافة جديدة للمکتبة التربوية العربية من خلال تناول الثنائية في المنهج الديکارتي ومعرفة انعکاساتها على الفکر التربوي المعاصر.

حدود الدراسة:

 تقتصر الدراسة على الحدود التالية:

الحدود الموضوعية: وتتمثل في ثنائية المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر من خلال تحليل مشروع طه عبد الرحمن الفکري.

الحدود البشرية: تقتصر الدراسة على الفيلسوف رينيه ديکارت، وطه عبد الرحمن (کمفکر تربوي معاصر) بتحليل واستقراء فکره التربوي من خلال کتاباته ونتائجها الفکرية؛ لمحاولة التعرف على أهم الأبعاد التربوية.

الحدود الزمانية: الفصل الدراسي الثاني للعام ۲۰۲۱م-144۲ه.

مصطلحات الدراسة:

الثنائية (Dualism):

    الثنائية کما عرفها ديورانت(۲۰۱6م: 454(لغة هي اسم لما جاء من شقين متوافقين أو متضادين، ولها إشارات عديدة کالثنائية في السياسة والطب والفلسفة والرياضيات وعلم النفس وعلم الاجتماع.

    وجاءت الثنائية في الفلسفة والمنطق اصطلاحًا کنظرية وجود جوهرين مستقلين متوافقين أو متضادين، تفسر الکون والطبيعة والوجود والعلاقات بينهما، على سبيل المثال الثنائية الأفلاطونية عن المحسوس والمادي، والثنائية الديکارتية عن العقل والجسد والشک واليقين، والثنائية عند ليبتنز عن العالم الواقعي والعالم الممکن، والثنائية الکانتية عن عالم الحقائق الأشياء ذاتها، وعالم الظواهر (زيدان، ۲۰۱۳م: 34).

المنهج الديکارتي Cartesian curriculum)):

       هو منهج فلسفي وضعه الفيلسوف رينيه ديکارت في نظرته النقدية للأشياء، فاعتمد دیکارت بأسلوبه الفلسفي على استنباط المعرفة من خلال الشک الأوَّلي والتحري عن حقيقتها، وصولًا بذلک لليقين بأن کل شيء يجب أن يکون واضحًا مثبتًا للعقل حتى يزول الشک، کما اعتمد في منهجه على تقسيم المشکلة التي يبحث فيها؛ فيبدأ من الأسهل فالأصعب، حتى يصل لتفسير منطقي لا يحتمل الشک أريوى ARIEW(2014: 13).

    وقد ذکر دیکارت عن منهجيته: "لا أقبل شيئًا على أنه حق، ما لم أعرف بوضوح أنه کذلک، أي يجب أن أتجنب التسرع وألا أتشبث بالأحکام السابقة، وألا أدخل في أحکامي إلا ما يتمثل لعقلي في وضوح وتميز يزول معهما کل شک"، "أن أقسّم کل واحدة من المشکلات التي أبحثها إلى أجزاء کثيرة بقدر المستطاع، وبمقدار ما يبدو ضروريًا لحلها على أحسن الوجوه" "أن أرتب أفکاري، فأبدأ بالأمور الأکثر بساطة وأيسرها معرفة، حتى أصل شيئًا فشيئًا، أو بالتدريج، إلى معرفة أکثرها تعقيدًا، مفترضًا ترتيبًا، حتى لو کان خياليًا، بين الأمور التي لا يسبق بعضها بعضًا" (دیکارت، 1968م: 88).

الفکر التربوي المعاصر (Contemporary educational thought):

     أوضح ملک والکندري (۲۰۱۹م: 165) بأن الفکر التربوي المعاصر ما هو إلا: "جميع الجهود المبذولة في مجتمع من المجتمعات لتحسين نوعية الحياة في ميدان التربية والتعليم لتکوين رؤية أفضل لأنفسنا، ومحيطنا وعلاقاتنا وممارساتنا، وهذا الإنتاج العلمي الجديد حصيلة اجتهادات مکتسبة من معاينة منجزات علماء التربية المعاصرين لسبر غور النسيج التربوي وفهم منظوماته القيمية بغرض إبراز ومعالجة مسائل مهمة".

مشروع طه عبد الرحمن الفکري:

        عرَّفه مشروح (2009م: 10) مشروع عبد الرحمن على أنه "مشروع متضمن في محتواه الدعوةإلىالإبداع والابتکار والتجديد وفق المجال التداوليالإسلامي".

       کما عرفه عبد الرحمن (2015م: ١٦) بأنه "بناء منهجية غير مسبوقةوتأسيس نمطًا معرفيًا متميزًا -جملة من الصور والنظريات والمفاهيم والمسلمات والأحکاموالأدلة- التي تُبنى عليها المعرفةالإنسانية في فترةمعينة".

       وتعرِّف الدراسة المنهج الديکارتي في الفلسفة التربوية المعاصرة إجرائيًا بأنها: نظرية ديکارت في منهج الشک واليقين، وانعکاساتها على الأسس النظرية والمفاهيم والمعالجات التربوية في فکر طه عبد الرحمن التربوي بهدف إبراز التغيرات في التناول وطرق المعالجة التربوية لإدراک المعرفة.

ثانيًا: الإطار النظري والدراسات السابقة:

1) الإطار النظري:

أولًا: العقل الديکارتي وتأسيس المعرفة:

رينية ديکارت (ديورانت، 2016م: 454):

        فيلسوف فرنسي ورياضياتي وعالم يعتبر من مؤسسي الفلسفة الحديثة ومؤسس الرياضيات الحديثة، يعتبر أهم وأغزر العلماء نتاجا في العصور الحديثة، الکثير من الأفکار والفلسفات الغربية اللاحقة هي نتاج وتفاعل مع کتاباته التي درّست وتدرّس من أيامه إلى أيامنا. لذلک يعتبر ديکارت أحد المفکرين الأساسيين وأحد مفاتيح فهمنا للثورة العلمية والحضارة الحديثة في وقتنا هذا، يمجد اسمه بذکره في ما يدعى هندسة ديکارتية التي يتم بها دراسة الأشکال الهندسية ضمن نظام إحداثيات ديکارتي ضمن نطاق الهندسة المستوية التي تدمجها مع الجبر.

عصر ديکارت (الحاج،١٩٥٤م: 19):

     عُرف القرن الذي ظهر فيه ديکارت (القرن السادس عشر) بالقرن الثائر المجدد، وقد تمتع فلاسفته بروح النقد، وحب الإصلاح، وکثر في عهدهم الاکتشافات العلمية، وظهرت في هذا العصر خمسة حوادث ساهمت في تحرير الإنسان من عديد من التقاليد، هي:

أ) اکتشاف الطباعة التي ساهمت في نشر العلم والمعرفةبسرعةهائلة وجعلت المعرفة في متناول جميع الأفراد غني أو فقير.

ب) سقوط الدولةالقسطنطينية في يد الأتراک مما أدى إلى هروب الأغارقة إلى ايطاليا ومن ثم تأسيس المدارس التي تم تعميم الفلسفة فيها.

ج) اکتشاف العالم الجديد (١٤٩٢م) بما في ذلک طريق الهند (١٤٩٨م) مما ساعد الغرب على التعرف على عالم غير عالمه، والتسليم بحقائق غير التي کان يؤمن بها.

د) ظهور مارتن لوثيروس صاحب الحرکةالإصلاحية الذي عمل على تعليم الناس کيف يجادلون ويرفضون أي حکم لا يؤمن به العقل.

ه) عديد من الاکتشافات العلمية التي کانت تزيد بشکل کبير في هذا العصر، تتضمن هذه الاکتشافات تعليم الجبر، وتطبيق الحساب الخوارزمي (اللوغارتمي)، والدورة الدموية، واکتشاف قانون سقوط الأجسام، ولقد أثارت تلک الاکتشافات صراع بين العقل والتقليد، وانتصر العقل وساهم في الکتابةأثناء هذا العصر بيکون، وغاليليو، ثم ديکارت.

_ اهتم بيکون بنقل العلوم الطبيعية من الکيف إلى الکم، وحدد الطريقة التي يمکن لنا من خلالها معرفة قوانين المادة، وأکد على ضرورة الاعتماد على الملاحظة والاختبار والحساب.

      نلاحظ هنا اعتماد بيکون الجانب النظري من المعرفةوإهمال الجانب التطبيقي، يأتي بعده غاليليو، حيث أنه حاول مواجهة هذا النقص وأکد على أهمية الجانب العملي؛ ولهذا سمي بـ "أبو العلم الاختباري"، لکنه قصَر نفسه داخل مجاليّ الرياضيات والطبيعيات.

و) ما تجاهله الاثنان هو محاولة التوفيق بين الجانب النظري والجانب العملي، وهذا ما اهتم به ديکارت، ولذلک سمى ب "أبو الفلسفة الحديثة"؛ لأنهأول فيلسوف يحاول وضع منهج قوي يحمي العقل من الخطأ،وأساس هذا المنهج هو العقل، حيث أنهآمنبقوة العقل وقدراته في التحکم بالفلک الأعلى (السماء)، والفلک الأدنى (الأرض).

المنهج الديکارتي (وحيدة، 2019م: 17):

    اتجه ديکارت إلىالفلسفةکوسيلة لبناء منهجه، لکنه لاحظ الآراءالمتضاربة مما جعله يحکم عليها ببطلانها، ومن جهة أخرى فإن للفلاسفةآراء کثيرة ونظريات عديدة، ولکن ديکارت لم ييأس من الفلسفة تمامًا، بل کان يرىأن المنهج الذي اتبعه مفکريالفلسفة هو السبب وراء اختلاف هذه النظريات.

     کما أُعجب ديکارت أيضًا بمجال الرياضيات؛ لأنها ترتکز على الوضوح والبداهة             والتمييز، ولاحظ أنهاثابتة عبر الزمن ولا تتغير، إلى جانب أنها تستخدم في حل مشاکل الحياة العملية فقط.

قواعد المنهج الديکارتي(ديکارت،2003م:80-83)، (وحيدة، 2019م: 22-28):

وضع ديکارت أربع قواعد يتألف منها المنطق، هي:

- القاعدة الأولى: ألا أقبل مطلقًا شيئًا على أنه حق ما لم يتبين بالبداهة أنه کذلک، يدعو ديکارت إلى عدم التسرع في إصدار الأحکام أو التمسک بالآراء السابقة، وأن تقوم الأحکام على تمثيل عقلي تام بحيث لا يضع مجالًا للشک، وتقوم هذه القاعدة على أمرين هما: نبذ سلطة الماضي، والمناداةبمعيارالبداهة.

      ويتمثل نبذ السلطة في رفض ديکارت الفلسفةالتقليدية؛ إذ أنه إن لم يکن الفرد مقنعًا نفسه بما يقول، فکيف يکون مقنعًا لغيره؟ وأن المحافظة على التقليد تستبعد الإنسان وتهبط به إلى دونية الحيوان والجماد، کما أنها تفرض عليه أن يتنازل عن ذاته ليستطيع التقليد، کما المرء يبدأ باحث عن الحقيقة في ذاته لا من غيره، وقد أعزى ديکارت رفضه للتقليد لثلاثةأسباب: هي:

أ) الرجوع إلىأقوال السابقين في بحثنا عن الحقيقة هو سبب للبعد عن الحقيقة.

ب) حياةالإنسانأقصر من أنيهدرها في التقليد.

ج) ليست الحقيقة حکرًا على أحد دون الآخر.

    أما فيما يتعلق بالبداهة فهو حذرنا من التسرع، وقسَّمها إلى ثلاثة أنواع، هي: بداهة الحسيات، وبداهة خياليات، وبداهة العقليات، ولأن بداهة الحسيات متغيرة وبداهة الخياليات لا يمکن الاعتماد عليها؛ لأنهاتأخذنا بعيدًا عن الواقع. إذًافالبداهةالعقليةإدراک مباشر للعقل بلغ من القوةدرجة لا يقبل الشک معها مطلقًا.

-القاعدة الثانية: (أن أُجزئ کلًا من المشاکل التي أبحث فيها، ما يستطاعإلى ذلک سبيلًا، وما يستلزم لحل هذه المشاکل على أحسن وجه)، فقد لا يحوز الانسان البداهة بوضوح، وقد يتخبط في جوانب الضلال، ولا يمکن أن يدرک دائمًا أفکارًابديهية؛لأنه کثيرًا ما يصطدم بعقبات تصدر غالبًا بسبب التفکير المرکب والمعقد، هنا يدعونا ديکارت لتجزئة وتحليل العقدالمرکبةإلى عقد بسيطة يمکن من خلالها أنندرکها إدراکًا بديهيًا.

-القاعدة الثالثة: (أن أسوق أفکاري سوقًا منظمًا؛ فأبدأ بأبسط الأشياء وأيسرها معرفة، وأن أفترض وجود انتظام بين الأشياء التي لا ينتظم في الأصل بعضها ببعض)، وتمثل هذه القاعدة، قاعدة الترکيب أو الاستنتاج؛ لأن الاعتماد على العناصر البسيطة لا يفي بالواقع، وأن الفکر يسير في الاتجاهين ليستطيع إدراک الحقائق،إما للخلف عن طريق التحليل أوللأمام بالاستنتاج، من حقائق بسيطة إلى حقائق مرکبةأو من حقائق مرکبةإلى حقائق بسيطة.

-القاعدة الرابعة: (أنأقوم في جميع الأحوال بإحصاءاتوافية، ومراجعات شاملة، تجعلني على ثقة من أنني لم أهمل شيئًا من الأشياء)، هذه هي قاعدةالإحصاء وتمثل هذه القاعدةالحالة التي نصل إليها حينما نمر باستنتاجات کثيرة، فلا نستطيع أن نتذکر ما بدأنا به أونتعجل النتائج فنمر على الأفکار سريعًا ونهمل بعض النقاط الهامة مما يحجب عنا اليقين والتأکيد، وهنا يعمل الإحصاء على معالجة خلل الذاکرة، وشروطالإحصاء أن يمارس بتأني ورَويّ، وأن يکون کاملًا فلا نهمل جزءًا واحدًا، إلى جانب أن يکون مرتبًا ترتيبًا حسنًا.

الشک عند ديکارت (الحاج، ١٩٥٤م: 27)، (ديکارت، 2009م: 45)،                  (قصيبات، 2015م: 252-254):

    أراد ديکارت أن يضع أساس قوي لمنهجه؛ لذلک اضطر إلى أنيتخلى عن کل ما اعتقده في الماضي أو تعلمه عن طريق التربيةأو الحواس أو التقليد.

  1. شکه في التقليد والتربية: بدأ ديکارت الشک في التقليد وکل ما وصل إليه من السلف؛ لأنناکثيرًا ما نتلقى عديد من الآراء الکاذبة ونحن نعتقد أنهاصحيحة، ولذلک فإذا کنا نرغب في قيام علوم إنسانية على قواعد ثابتة، إذًا لابد من إعادة النظر في جميع آرائنا؛ فتمسُّکنا بالتقاليد يعيق اقترابنا من الحقيقة، کما شک ديکارت في کل ما وصل إليه من التربية في الصغر؛ لأننا لم يکن قد اکتمل عقلنا بعد، وأحيانًا نُصيب وأحيانًا نُخطئ في الحکم على الأشياء،فتلتصق بنا الأحکام؛ لذا وجب الشک فيها.
  2. الشک في الاحساسات: بعد الشک في التقليد والتربية، اتجه ديکارت للشک في الحواس، ووجهة نظر ديکارت هنا أن الحواس خداعة ومتنوعة، وتُعرض لنا دون رغبة منا؛ فالأبراج التي نراها من بعيد مستديرة تصبح مربعة عن قرب، وإن کان يعاب على ديکارت في هذا الشک؛ لأنه بالرغم من ذلک وصلنا بالإحساسات بديهيات لا يمکن تجاهلهاأو نکرانها کوجودنا بجوار النار فإننا لا يمکن أن نشک بهذه الحاسة.
  3. الشک في الجسم: شک ديکارت في جسده لأنه يرى الإنسان في المنام ما يراه من خيالات ولا يشک أبدًا أنها خيالات، ولا تمت للواقع بِصلة، لذلک لا يوجد أي أمارة تساعد على التمييز مما إذا کان الفرد نائمًا أو مستيقظًا.
  4. الشک في الحقائق العلمية: ارتقى ديکارت لدرجةأکبر في الشک حيث وصل إلى الشک في الحقائق العلمية، وهذا أمر صعب ليس کالشک في الحواس.

الانتقال من الشک إلى اليقين (وحيدة، 2019م: 72):

    لاحظ ديکارت وهو يشک في وجود الأشياءأنه ما دام يقوم بعملية الشک، لابد أن يکون موجودًا وإلا بطلت وظيفة الشک، وبالتالي تفکيره يدل على وجوده، وقال ديکارت مقولته الشهيرة "أنا أفکر إذا أنا موجود" واتخذها مبدأأوَّليللفلسفة التي کان يبحث عنها، فمن دفعه الشک للشک في أمر ما، کان شکه دليلًا قويًا على وجود فکر، ومثلت فکرته هذه نقطةرئيسية ارتکز عليها ديکارت في فکره.

     کما سبق وأکد فضل الله (١٩٩6م: 46) القضيةالأولى التي توصل لها ديکارت             (أفکر فأنا موجود) بأن شکه المنهجي کان اليقين الأول الذي أخرجه من هذا الشک واستندت عليه الفلسفةالمثالية.

الثنائية الديکارتية (ديکارت، 2009م: 89)، (بو شيبة، ٢٠١٣م: 102):

    توصل ديکارت للثنائية من خلال شکه؛ فکما ذکرنا سابقًا شک ديکارت في التقليد والتربية، والحواس، والجسم، والحقائق العلمية، وتوصل بناءً على ذلک إلى معرفة الذات المفکرةومعرفة الله والعالم الخارجي، کما توصل إلىمعرفة معالم مذهبه ومنهجه، وأهم ما توصل إليه هو أنالإنسانيتألف من النفس التي تمثل جوهرًا مستقلًا بذاته، والجسد الذي يمثل بدوره جوهرًا مستقلًا، ونستدل من هنا أن ديکارت مايز بين الجسد والروح، وأنه يصعب الفصل بينهما لما لهم من تأثير قوي ومباشر على بعضهم البعض.

    کما يؤکد ديکارت على أن تحقيق الثنائية بين النفس والجسد يتحقق من خلال التأمل في قوله "أنا أفکر إذًا أنا موجود"، بواسطة الکوجيتو يمکن تحديد الأفعال التي تتم عن طريق النفس وتلک التي تتم عن طريق الجسد.

النتائج التربوية لفلسفة ديکارت:

   ومما سبق استخلصت الدراسة بعضًا من النتائج التربويةأو المبادئ أو المقولات التي قامت عليها فلسفة ديکارت خاصة المعرفيةوالأخلاقيةوکيفيةالاستفادة منها لإعداد فکر تربوي           سليم کالآتي:

القاعدة التربوية الأولى: يرى ديکارت أن جميع الناس لهم نفس الحقوق والمساواة في المعرفة والفهم، فبما أن الأفراد يملکون عقلًا واحدًا فيمکنهم الوصول إلىنتيجةواحدةإذا ما أحسنوا استخدام العقل، وبالتالي لا يحق لنا أن ننعت طالبًا بالغباء والتخلف وآخر بالتفوق، ومن هنا لا يمکن تحميل أي طالب نتائج فشله أو رسوبه، بل قد نستطيع أن نرجع ذلک إلى المعلم وطريقة التعليم.

القاعدة التربوية الثانية: على الطالب أن يحدد الطريق الذي توصله إلىالحقيقة، ولا يتبع نهج ثابت قد يؤدي به إلى البعد عن الحقيقة.

القاعدة التربويةالثالثة: ينبغي على المعلم ألا يفرض شيئًا على المتعلم، وأن يوضحه إلى أذهانهم مع تبسيطه، إلىأن يعتبره الطلاب بديهيًا، أي لابد أن يسلک المعلم أسلوب التبسيط والتوضيح، وهنا يُدين ديکارت أسلوب الحفظ والتلقين.

القاعدة التربوية الرابعة: إنالمعرفةالصحيحة لا يمکن اکتسابها إلا عن طريق جهد الفرد الداخلي وليس الخارجي الناتج عن الضغط والإکراه.

القاعدة التربوية الخامسة: تعليم الإنسان التمييز ذاتيًا بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، والخير والشر، ويتم ذلک من خلال البداهة وتحليل الأمور.

القاعدة التربوية السادسة: تجنب التسرع في الأحکام،وعدم قبول أي شيء غير بديهي حتى لا تضل أحکامنا.

القاعدة التربوية السابعة: يجب احترام حرية الطالب في اختياره، وإعطائه المجال لإرادته وتقرير ما يراه مناسبًا.

القاعدة التربوية الثامنة: الإنسان کائن اجتماعي، يسلک ما ارتضته له الجماعة والقوانين حتى وإن کانت تتعارض مع مصالحه الخاصة.

ثانيًا: العقل الطاهائي وتأکيد المعرفة:

طه عبد الرحمن (عبد اللطيف، 2003م: 133):

       ولد طه عبد الرحمن (1944م) بمدينة الجديدة في المغرب، ويعتبر فيلسوف مغربي معاصر، متخصص في المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، ويعد أحد أبرز الفلاسفة والمفکرين في مجال التداول الإسلامي العربي منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين.

 اختار طـه جامعة السربون الفرنسية لاستکمال دراسته، فحصل منها على إجازة ثانية في الفلسفة ثـم دکتوراه السلک الثالث عام 1972 برسالة في موضوع "اللغة والفلسفة: رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود". ويعتبر أول أستاذ جامعي درَّس المنطق وفلسفة اللغات بجامعة محمد الخامس بالرباط، وذلک من سنة 1970 وإلى غاية 2005، سنة تقاعده.

   کثيرة هي المناصب التي اعتلى طـه کراسيها رئاسة وعضوية، فقد کان أستاذا زائرا في عدد من الجامعات العربية، وأحد مؤسسي اتحاد کتاب المغرب، کما کان خبيرا في أکاديمية           المملکة المغربية، وأستاذا محکما، ومستشارا في عدد من المجلات العلمية التي تعنى بشؤون الفکر والفلسفة.

    إضافة إلى ذلک، کان نائبا سابقا لرئيس الجمعية الفلسفية العربية، ويشغل، إلى اليوم، رئيس منتدى الحکمة للمفکرين والباحثين، ويمثل المغرب في جمعية الفلسفة وتواصل الثقافات الألمانية، والجمعية العالمية للدراسات الفلسفية ومقرها هولندا.

قراءة في مشروع طه عبد الرحمن الفکري (مشروح، ٢٠٠٩م: 18):

     حدد طه عبد الرحمن في ندوةحواريةإطار مشروعه الفکري قائلًا: أردت في حياتي أن أجتهد ولا أقلد، ولو کان اجتهادي غير مصيب، أريد بلا شک أن أجيب عن سؤالين يدوران في خلد کل واحد فيکم، لم کتبت ما کتبت على الوجه الذي کتبت؟  کما نقد طه عبد الرحمن التقليد الذي تقوم بهالفلسفة الإسلامية موضحًا بأنه منذ أن بدأ فيالأخذ من الفلسفة اليونانية فهو يرى أن معظم الفلاسفة ما هم إلا تراجمه وليسوا فلاسفة، ومن هنا انطلق عبد الرحمن إلى الإبداع العاقل، وفکرة العقلانية وطرق التعبير عن الذات، کما شغلته الحداثةوالأثر الذي ترکته في المجتمع الإسلامي.

الأساسيات والأطروحات والدعاوي الکبرى لمشروع طه عبد الرحمن (مشروح، 2009م: 11- 22)، (علي، 2021م: 2- 15):

توزعت دعاوى مشروع عبد الرحمن على مجالَيّ اهتمامه حيث رکز على الآتي:

 (أ) فقه الفلسفةالذي طالب فيه بتحرير القول "فلسفة" من التبعيةوالتقليد؛ حتى يتم تحقيق الإبداع.

(ب) تأسيسالحداثةالإسلامية، وذلک من خلال النقد الأخلاقي الذي يتم للحداثةالغربية، وتقديم الجواب الإسلامي على إشکالات العصر، ذلک وأندعاوى المشروع الفکري الطاهائيوإن تمايزت بين مجالين هي الفلسفة والفکر الإسلامي،فإنها تظل مرتبطة يسند بعضها بعضًا لإضفاء طابع الوحدة على هذا المشروع الفکري.

1) دعوى المنعطف اللغوي المنطقي:

    يرى عبد الرحمن أنالمهمةالأولى للمفکر العربي هي مهمةلغوية، لذلک أعد ما استطاع من عدد منطقيةولغوية، وما يستحدث من نظريات جديدة في اللسانيات، وقد عبَّر عبد الرحمن مؤکدًا أنرسالة المفکر العربي يجب أن تکون رسالةلغوية،وأنه يجب على الفيلسوف أن يتجه للتوعيةبقدرة لغته الفکرية،وأن يميز لغته الخاصة عن لغة غيره، وأن ينزه لغته عن أية لغة (التشويه الذي لحق بأصول لغتنا) دون المساس بتحررنا العقلي وإبداعنا الفکري.

2) دعوى التکوثر العقلي:

    يقصد عبد الرحمن بهذه الدعوى اشتغال العقل بمسائل منطقية،ورياضية،وإنسانية، وبلاغية،وفلسفية،وأصولية،وتؤکد هذه الدعوةعلى حقيقةالعقل في أنهنشاط وفاعليةوليس ذاتًا وجوهرًاقائمًا في النفس، وتقوم هذه الدعوةعلى أنالدليل هو الأصلالجامع بين العلوم، وتبرر الحقائق الآتية:

-أصل الکلام هو الدليل: معنى الدليل هو العقل، حيث يبحث العقل عن دليل کما تم ذکره على أن العقل هو نشاط، والدليل الطبيعي يتميز عن الدليل الصناعي.

3) دعوى تجديد المنهج لفهم التراث:

     اعتمد على أن منظوره الجديد لفهم التراث شکَّل انقلابا بتقديم نظرة تکاملية تقوم على          ثلاث محددات:

- المحدد التداولي: وهو مظهرًا للإنتاجية في التراث.

- المحدد التداخلي: وهو اشتراک المعارف في التراث.

- المحدد التقاربي:وهو ينبع من المحدد الأول،فهو يعني إخضاع کل منقول لتحويل يجري عليه.

     وبناء على ذلک يَعتبر عبد الرحمن أن مفهومه للتراث أدى به إلى دعوة تجديد المنهج، واعتبار أن تقويم التراث يعتمد على قراءة جديدة تقوم على دعامات أربع أساسية، هي:

_ اعتماد قراءة تکشف ما يقوم عليه النص التراثي.

_ التزود بالعدة المنهجية العلمية المعاصرة، والمتاحة لکشف تلک الآليات التراثية.

_ تمحيص ونقد المناهج المقتبسة من الانشغال الفکري المعاصر قبل تسليطها على التراث الإسلامي العربي.

_ تنقيح ما يتم اقتباسه من التراث الأجنبي.

4) دعوى تخلف الإبداع عن الإنتاج الفلسفي العربي:

   ترى هذه الدعوى أن توصيف الاشتغال الفلسفي العربي بأنه اشتغال يتم التقليد منه لا التجديد؛ فهو يرى أن الفيلسوف العربي لم يدخل عهد الإبداع والحداثة الفلسفية، بل هو محاکي للمتفلسف الغربي متبنيًا مذهبه أو فلسفته.

 - يرى عبد الرحمن أن سبب تخلف الإبداع هو:

أ) الآفة السلوکية: وتنحصر في خلط الفلسفة والسياسة:

ب) الآفة الخطابية: هي التي يقع فيها المقلدين من الفلاسفة العرب، فهي تعني آفة الفصل بين الفلسفة والمنطق.

5) دعوى النقد الأخلاقي للحداثة الغربية:

    يرى عبد الرحمن أنه يمکن أن نجرد أصول النقد الأخلاقي لتنطلق منه المساهمة في نقد الحداثة الغربية لتأسيس الحداثة الإسلامية، ومن هذه الأصول:

- أن الأخلاق صفات أساسية يختل نظام الحياة بفقدها.

- أن ماهية الإنسان تتحدد بالأخلاق وليس العقل.

- أن الأخلاق في الأصل مستمدة من الدين.

    هنا يضع عبد الرحمن الإنسان موضع المفکر، العاقل، ذو الأخلاق، فهذا يميزه عن باقي الکائنات، وبناءً على ذلک فالحياة البشرية لا يمکن أن تستقيم بدون الاخلاق، وأن کل اعوجاج في حياتنا يعود إلى خلل في تلک القيم الأخلاقية.

6) دعوى وجوب تأسيس الحداثة الإسلامية:

   يرى أنه بالرغم من هيمنة الحداثة الغربية، فإن هذا لا يمنع من الإتيان بحداثة أخرى جديدة بوجه أکمل وأشمل، کما فرَّق بين "واقع الحداثة" و "روح الحداثة"، ودعا إلى تأسيس حداثة ذات توجه معنوي بدلًا من الحداثة ذات الطابع المادي التي تسود المجتمع الغربي.

7) دعوى الحق في الاختلاف أو سؤال المشروعية:

    ما ترمي إليه دعوى المشروعية هو تحقيق الحرية الفکرية للأمة العربية، ويتم ذلک على منحيين، وهما: منحنى إثبات الحق في الاختلاف الفلسفي، والثاني إثبات الحق الفکري في الاختلاف الفکري للأمة الإسلامية العربية.

خطط خطابية لقيام فضاء فلسفي عربي (عبد الرحمن، 2008م: 70-77):

     إن من ينظر إلى المؤلفات الفکرية وما تم إنجازه من أبحاث فلسفية في البلاد العربية،           يجد أنه ما هو إلا تقليد للفضاء الفلسفي الغربي يحوي نفس الاستدلالات والمسلمات والنظريات، لذلک ينبغي للإنسان العربي أن يرى کيف يمکنه الحصول على فلسفة تدفع عنه التقليد وتجلب  له الإبداع.

ا) خطة المقاومة: وهي مواجهة الأفراد لقيم الخصم بقيم أفضل تنزع عنه قوته، والمقاوم في الفلسفة هي مقاومة مفاهيم، فهي إذًا لا تکون مفاهيم في ظاهرها منافية لعمل القوم وقيمهم، بل موجهة لکل المفاهيم المنقولة من الفضاء العالمي بلا استثناء، فکلما کان مجال المقاومة أوسع کلما کان تأثيره أبلغ، ويمکن تحديد هذه الخطة في هذه العبارة:

      "لنعترض على کل مفهوم منقول من الفضاء الفلسفي العالمي حتى تثبت لک بالدلائل صحته وفائدته لمجالک التداولي" (عبد الرحمن، 2008م: 71).

 تحتوي تلک الخطة على العناصر الآتية:

- استيفاء الغرض من الفلسفة، وهو النقد والاعتراض.

- دخول المتفلسف العربي في نقد ما لا يخطر على بال هؤلاء في المجال الفلسفي العالمي المزعوم، أو الشک فيما لا يشککون فيه، وهو خير دليل على سحب القوة من يد تلک الأفراد؛ حيث أن الاعتقاد في الفلسفة دليل ضعف في حين أن نقد الفلسفة دليل قوة، والإنسان العربي هنا منتقد والإنسان المندمج معتقد.

- أن هذا النقد ليس تعسفًا أو رفضًا مسبقًا، بل هو عرض المفاهيم استنادًا على أدلة منطقية.

- صحة الدليل لا تکفي قبول المفاهيم المنقولة، بل يجب أن تکون هذه المفاهيم نافعة للأمة، فليس کل ما ثبت صحته، ثبت فائدته.

ب) خطة التقويم: خطة التقويم تقتضي الجمع بين معنيين: إزالة الاعوجاج، والتزود بالقيم، ويمکن صياغة هذه الخطة في هذه العبارة:

     " لنعمل على أن تتمتع المفاهيم الفلسفية بأقصى قدر من الحرکة داخل مجالک التداولي عن طريق وصلها بقيمة العملية" (عبد الرحمن، 2008م: 74)

- إن المفاهيم الفلسفية المنقسمة إلى مفاهيم أصلية، ومفاهيم منقولة هي أکثر من غيرها عرضة للجمود، وتتأسس عليها المفاهيم العلمية فتتطور بتطور هذه المعطيات، وتقوم على تقديرات ذاتية قد تتغير أسبابها وتبقى هي ثابتة، ومن البديهي أن الثبات والجمود في المفهوم الفلسفي اعوجاج ليس هناک أضر منه على القدرة الإبداعية.

- المفروض في القيم المتأصلة أن تکون ثمرة العمل داخل المجال التداولي للمتفلسف، وثمرة تفاعله مع قيمه التي تتجدد بتجدد العمل، ولکن قد تخترق هذه المفاهيم البنيات المجردة فتضعف صلاته بالعمل، فيحتاج إلى إدراک ما استجد من قيم حتى يستعيد فائدته.

- المفروض في المفاهيم المنقولة أن تکون ثمرة العمل في مجال تداولي غير مجال المتفلسف العربي حاملة خصوصيات المجال الأجنبي، وإن لم يتم إزالة هذه الخصوصية أو تستبدل مکانها خصوصية المجال التداخلي العربي يدخلها الجمود وتصبح ضارة، فضلًا عن أنها تورث المتفلسف العربي التقليد والتبعية.

- أن المفاهيم التي من شأنها أن تخرج المفاهيم الفلسفية من الجمود وتبعث فيها الحرکة هي القيم التي يمکن من خلالها تحقيق القومة الفلسفية.

ج) خطة الإقامة: تقتضي هذه الخطة ألا نقتصر على حد نقد ما يصل إلينا من مفاهيم، وأخذ ما يثبت صحته وفائدته، وتجنب ما لا يثبت صحته وفائدته، هذا يجعل الفلسفة العربية ما هي إلا اختزال لهذا الفضاء، بل يجب إقامة فضاء فلسفي عربي يشمل المفاهيم، لا يشترط بالضرورة أن نجد لها مثيل في الفضاء الفلسفي العالمي، ويمکن أن تصاغ هذه الخطة على النحو التالي:

     " لنجتهد في أن نرتقي بالمعاني الطبيعية التي تدور في مجالک التداولي إلى رتبة المفاهيم الصناعية، وذلک بالاستدلال عليها وبها" (عبد الرحمن، 2008م: 77).

وتتضمن هذه الخطة العناصر الآتية:

- إن المفاهيم الفلسفية ليست مفاهيم منقطعة الصلة بمجال التداول الطبيعي، وإنما هي ثمرة العمل الصناعي على تلک المفاهيم في هذا المجال، والمفاهيم التي تنقلها لا تزيد عن کونها تصنيع للأفکار الطبيعية في مجالهم، لذلک وجب على الفلاسفة العرب استخراج المفاهيم من المعاني التي تدمر في المجال العربي والتي لا تقل عن نظائرها المنقولة.

- الاجتهاد في إقامة الدليل يؤدي إلى أحد أمرين: إما أن يوجد له دليل فيصل إلى درجة المفهوم النظري، وإما عدم وجود دليل، وفي هذه الحالة إما أن يکون بديهيًا لا يحتاج إلى دليل أو باطلًا لا يثبت بدليل، أو مثبت فننصرف عنه.

- إن الاجتهاد في الاستدلال الطبيعي يجعل منه مفهومًا منتجًا.

- الارتقاء بالمفاهيم التي تم التوصل إليها من المجال التداولي العربي عن طريق الدليل يجعلها تتمتع بالقوة.

- حظوظ الإبداع الفلسفي بواسطة مفاهيم متأصلة أوفر من حظوظ الإبداع بواسطة مفاهيم منقولة إلا أن تندمج هذه المفاهيم في المجال الذي تشکله المفاهيم المتأصلة.

محاور مشروع طه عبد الرحمن أرحيلة (٢٠١3م: 30):

     المحاور الأساسية التي يقوم عليها المشروع الفکري لطه عبد الرحمن من وجهة نظره، ويرى أن المشروع يقوم على سبعة محاور هي:

المحور الأول: إعادة النظر في حقيقة الإسلام، وتوضيح دور الإسلام في تحقيق الحداثة، وما تتطلبه إعادة النظر هنا هو استيعاب حقيقة الإسلام، واستيعاب ما يوجد في حداثة الغرب من مفاهيم، فضلًا عن تبني الحوار الذي يوصل إلى الحق.

المحور الثاني: وضع نظرية تکاملية للتراث بحيث يتم من خلالها وضع منهج جديد لتقويم التراث بدلًا من رؤية وقراءة التراث في ضوء المناهج الغربية الحديثة.

المحور الثالث: وضع منهج يضاهي ذاک الغربي الحديث والتفکير فيما يؤول إليه، والنظر إلى العالم الاسلامي.

المحور الرابع: إعادة التفکير في قضايا الفلسفة باعتبارها الأساس الذي أدى إلى تسرب انحرافات الفکر الإنساني في العصور الحديثة.

المحور الخامس: إنشاء فلسفة إسلامية معاصرة.

المحور السادس: مواجهة الحداثة التي ساقت الکثير من العقول وراءها، بما زرعته من أوهام وشکوک وانحلال.

المحور السابع: تحرير العقل الإنساني من اتباع الفکر الغربي الحديث؛ حتى يمکن للناس الاستقلال بحياتهم، وتحرير العقل المسلم من تلک الأوهام المتعلقة بالحداثة، وتوضيح أحقيتهم في الاختلاف.

مبررات قيام مشروع طه عبد الرحمن أرحيلة (٢٠١3م: 42):

  أسند عبد الرحمن مشروعه إلى عدد من الأسباب، منها:

ا) إن المتفلسفين قد أسندوا فلسفتهم على طريقة الآخرين، فهم يقومون بما يقوم به غيرهم دون تحليل أو نقد لثقافتهم المغايرة.

ب) تسببوا بطريقتهم واستمرارهم في التقليد بخنوع الأمة واستسلامها.

ج) بسبب انقياد الفلاسفة العرب وراء مناهج من يقلدون تعلقوا بأسباب لا تمت لهم بصِلة.

د) لأنهم شوَّهوا تراث أهل الإسلام بقراءتهم کل مذهب ووضعوا للإسلام مشاريع قراءات عديدة.

ه) لأنهم أحبوا متعة التقليد، ويرونه هو ذاته عن التجديد.

     مظاهر التجديد في مشروع طه عبد الرحمن أرحيلة (٢٠١3م: 54)،                    (عبد الرحمن، 2016م: 23):

     تتضح مظاهر التجديد في مشروع عبد الرحمن والتي يمکن الوقوف بشأنها، کالآتي: 

-وضع فلسفة للحوار وجعله الأصل في کل کلام، ودعا فيه لأن يکون طريقه في بناء العقل والإقناع.

-وضع "فقه الفلسفة" واستطاع استخراج علم جديد غير مسبوق.

-استقل عن المناهج السائدة وأتي بما يضاهيها أو يساعد على تعديلها إما بالحذف أو بالإضافة.

-أنشأ نظرية تکاملية في التراث خالف بها ما هو متداول من أعمال تقويم التراث.

-أسس مشروع لفلسفة إسلامية لتستقل برؤيتها ومجالها عن الفلسفة الغربية الحديثة.

-وضع نظرية للترجمة بحيث أنه لا يتم النقل من النص الأصلي إلا ما يتناسب مع الأصول التداولية التي يأخذ بها المتلقي.

-حاول وضع نظرية أخلاقية تجعل الإسلام دين المستقبل، فقد أوضح صورة مفکر ذو رؤية مستقبلية، وکيف للإسلام أن ينهض بالأخلاق.

-نقد الحضارة الغربية الحديثة ومواجهة عولمتها، ووجد أنها لا تنضبط بأخلاق، وبالتالي فهي حضارة ظالمة متأزمة.

-دعا العالم المعاصر إلى حضارة الإسلام والبعد عن أوهام الحداثة وکشف آفات العولمة.

     التأسيس الفلسفي لفقه التربية (عبد الرحمن، 2006م: 12)،           (عبد الرحمن، 2016م: 65):

    يرى عبد الرحمن أن النظرية التربوية الإسلامية تستمد أصولها من المجال التداولي الإسلامي الذي ينتج عن تفاعل اللغة والعقيدة، کما يؤکد أنه لکي يمکن ترسيخ أقدام النظرية التربوية الإسلامية يجب أن تبدأ بمرحلة التقويم، ويتم ذلک عن طريق النظر في النظام التربوي السائد، وممارسة النقد، وإقامة الدليل والحجة عليه.

شروط تأسيس النظرية التربوية الإسلامية (عبد الرحمن، 2006م: 35)،             (عبد الرحمن،٢٠١٦م: 66):

   وضع عبدالرحمن أربعة أسس لقيام النظرية التربوية الإسلامية، الأساس الأول لهذه النظرية هو أن يکون هذا التأسيس من داخل الدين والشرع وليس من خارجه، ثانيًا: أن يکون هذا التأسيس مقيد بالتاريخ، أي غير مستقل عنه، ويکمل عبد الرحمن الأساس الثالث موضحًا صفة هذا التأسيس وشريطة أن يکون تأسيس تربوي لا تأمل تجريدي؛ أي يجب على الفيلسوف أن يؤسس نظرية تربوية إسلامية آخذًا في اعتباره المهمة التربوية الأصلية للفلسفة، ولا يغرق نفسه وفي التأمل المجرد، الذي يتلاشى معه الواقع التربوي، والأساس الرابع أنه تأسيس ضروري لابد منه وليس تعليل کمالي بل تستمد منه أصولها.

    المبادئ الفلسفية للنظرية التربوية الإسلامية (عبد الرحمن، 2006م: 61)، (عبد الرحمن ،٢٠١٦م: 76):

حدد عبد الرحمن خمسة مبادئ لقيام النظرية الفلسفية التربوية الإسلامية هي:

_ ينبغي لأي مقوم تربوي إسلامي أن يکون عنصر ثابت، ومستقل وحي ومبدع.

- يتطلب تجديد الإنسان في المتعلم المسلم الاشتغال بإحياء روحه.

-ينبغي أن تشتغل النظرية التربوية الإسلامية بالتأصيل الإيماني.

-ينبغي أن تجدد النظرية التربوية الإسلامية في المتعلم المسلم، الإنسان بکليته.

- يتطلب إحياء الروح عند المتعلم المسلم توسيع عقله وتثبيت إرادته.

النتائج الفکرية في فلسفة طه عبد الرحمن:

أن الکوجيتو عند طه عبد الرحمان مستغرق في الإيمان فهو يقوم على اليقين للوصول إليه وفق المجال التداولي الإسلامي من عقيدة ومعرفة ولغة مع مقتضيات المجال التداولي الإسلامي ، وذلک من خلال إعادة النظر في هذه النصوص المترجمة ورفع ا لتعارض بين الفلسفة والترجمة ، مرتکزا على الإيمان ومؤکدا على اليقين ، فإذا کان ديکارت أقام نسقه الفلسفي على الشک ،فإن طه عبد الرحمن أقامه على اليقين من خلال فقه الفلسفة من تأثيل وتدليل ونقد النصوص الفلسفية وفق مقتضيات المجال التداولي الإسلامي لدفع الفيلسوف العربي إلى ممارسة القول الفلسفي وبذلک فهو لا يؤمن بالعقلانية الواحدة بل بعقلانية متعددة.

2) : الدراسات السابقة:

أولا: الدراسات العربية:

-  وقفت دراسة بو منجل (2012م) الجزائرية عند الحقيقة الجوهرية لفکر طه عبد الرحمن، والذي استعان بالمنهج الفلسفي لتحليل کتابات طه عبد الرحمن، ومن أبرز ما توصلت إلية نتائج دراسته هو أن عبد الرحمن يدعوا إلى تبني فلسفة عربية إسلامية تتماشى مع الهوية والعقيدة الدينية.

 -  هدفت دراسة بو شيبه (٢٠١٣م) إلى توضيح إشکالية فلسفة ديکارت ومنهجه ذاکرًا القواعد الأربعالشهيرةلمنهج ديکارت، واستخدم المنهج الاستقرائي الفلسفي،على مجتمع دراسة مکون من مجموعة لکتب ديکارت المطبوعة في دولة الجزائر، وقد أوضحت نتائج دراسة بوشيبه أن ديکارت يؤکد على اتصال الجسد بالروح لکن هناک فرق بين النفس کشيء مفکر، وبين الجسد کشيء ممتد، وأن ديکارت أبدع في خلق فلسفة جديدة توصل إلى اليقين واتبعها الکثير من الفلاسفة مثل مال برانش وکانت.

-  وأجرت قروش حيزية (٢٠١٧م) مقارنة فلسفيةلمعرفة الکوجيتو بين ديکارت وطه عبد الرحمن، مستعينة بالمنهج التحليلي في کتابات کلا من ديکارت وطه عبد الرحمن، وتوصلتالدراسةإلىأن: ديکارت أسس عقلانيتة على الشک لا اليقين معتبرًا العقل هو الوسيلةالوحيدة التي تمکن من وصول اليقين، أما طه عبد الرحمن (المنهج الطاهائي) فيقوم على اليقين، ويظهر ذلک من خلال الاختلاف التام القائم بين ديکارت "أنا أشک إذًا أنا موجود" أما عبد الرحمن "انظر ترى"، فالمنهج يقوم على إقامةالحجةلإثبات اليقين مع ما يتناسب مع المجال التداولي الإسلامي. 

-   وناقشت دراسة وحيدة (٢٠١9م) المنهج الديکارتي، وماذا يقصد به، وما أسس وقواعد هذا منهج، بالإضافةإلى ما قدمه ديکارت للمناهج الفلسفية، مستعينة بالمنهج الفلسفي الاستقرائي لمجتمع کتب ديکارت المطبوعة في الجزائر، وکانت أبرز نتائجها أن ديکارت يعتبر المؤسس الأول لعلم منهجي قائم بذاته، وأن منطق ديکارت في الشک وخاصة الحواس يعتريه النقص من حيث رفضها واستبعادها للحقيقة.

ثانيا: الدراسات الأجنبية:

-         أجرى Hammer (2013) دراسة بريطانية تناول فيها تأثير ديکارت على مشروع مير وبونتي Merleau-Ponty الفلسفي، واستخدم فيه المنهج الوصفي المسحي، وقد أوضحت نتائج الدراسة أن مير وبونتي يقبل بعض المقدمات المنطقيةلديکارت، ولکن بدلًا من التحول من ارتباک الحواس إلى وضوح وتميز الفهم الصافي، وبالتالي تکشف فلسفة Merle au عن نفسها کمحاولة للتحقق، وتجاوز المشروع الديکارتي.

-        کما أجرىPlatt (2010) دراسة تقدم تطور المنهجيةالديکارتية، وقد توصلت الدراسة          إلىأنآراء ديکارت في الفيزياء والميتافيزيقيا تتفق مع الادعاء بأن المواد الجسمية لها قوي سببيةجوهرية.

ثالثًا: التعقيب على الدراسات السابقة:

أ‌)       تتفق الدراسة الحالية مع الدراسات السابقة من حيث:

* الاهتمام والهدف:

-الاهتمام بالفکر الديکارتي کفلسفة لها مکانتها، وفکر طه عبد الرحمن کمفکر عربي إسلامي. 

-الاهتمام بالإبداع ورفض التقليد کما في دراسة حيزية (٢٠١٧م) التي تناولت فلسفة طه             عبد الرحمن.

-الاهتمام بالثنائية الديکارتية کما في دراسة بوشيبه (٢٠١٣م)، وحيزية (2017م)، وحيده (٢٠١9م).

*المنهج:

اتفقت مع جميع الدراسات في استخدام المنهج الفلسفي الاستقرائي.

ب) أفادت مراجعة الدراسات السابقة في:

- تحديد الفجوة الأدبية المتعلقة بالثنائية الديکارتية والإبداع الفلسفي داخل السياق التربوي.

-تحديد أهمية الثنائية الديکارتية والإبداع الفلسفي في الفکر التربوي.

-جذب الانتباه لحاجة الفکر التربوي المعاصر للتغيير.

-تحديد المتغيرات الرئيسية للدراسة.

 -تفسير ومناقشة نتائج الدراسة.

-الاهتمام بالمستجدات النظرية والتطورات البحثية العصرية.

جـ) وقد انفردت الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة في:

-دراسة الثنائية الديکارتية داخل الفکر التربوي المعاصر.

-الرغبة في معرفة أثر مشروع عبد الرحمن على الفکر التربوي.

-اقتصرت على متغيرين لم يجتمعا معًا في أي دراسة – على حد علم الباحثة-.

-تناولت فلسفة اثنين من المساهمين في الفکر التربوي وأکدت على تدعيم أهمية الثنائية الديکارتية، ونموذج طه عبد الرحمن.

ثالثًا: منهجية الدراسة وإجراءاتها:

 منهج الدراسة:

اقتضت طبيعة الدراسة استخدام المنهج الفلسفي والاستقرائي والتحليلي، إذ قامت الدراسة بوصف ثنائية الشک واليقين لديکارت واستقراء جزئيات العلاقة بينها وبين فکر طه عبد الرحمن وتحليلها وبيان الانعکاسات الفکرية والتربوية لمشروع طه عبد الرحمن الفکري؛ للخروج بتصور کامل حول الموضوع.

مجتمع الدراسة:

   يتمثل مجتمع الدراسة في کتب دیکارت المنشورة، ومؤلفات المفکر طه عبد الرحمن   ومشروعه الفکري.

عينة الدراسة:

         اختارت الدراسة (بطريقة قصدية) کتابي: " قواعد لتوجيه الفکر"، "التأملات في الفلسفة الأولى" لرينيه ديکارت، وکتابي: "من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الکوثر"، " روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية"، لطه عبد الرحمن وذلک لما لهما ارتباط مباشر بالموضوع.

أداة الدراسة:

    وفقا لمناهج وطرق البحث التي تم تحديدها بحسب مناسبتها لمشکلة الدراسة، واستنادًا إلى ما جاءت به الدراسات السابقة التي تناولت ذات المشکلة البحثية، فإن المنهج الفلسفي تحليلًا وترکيبًا يتعامل فيه الباحث مع النص مباشرةً ولا يستعين بأدوات بحثية.

رابعًا: نتائج الدراسة ومناقشتها:

أجابت الدراسة عن الأسئلة بشأن:

١- المنهج الديکارتي في الفکر التربوي المعاصر:

- يشکل المنهج الديکارتي ثورة على التقليد في الفکر التربوي وعرض الکثير من القضايا التي تنمي من الفکر التربوي، کما نبذ ديکارت الحفظ والتلقين وطالب باستخدام العقل والتفکير، واعتبره القوة التي لها السيادة.

-إخضاع الحقائق والمفاهيم للعقل والبرهنة عليها يقوي من الأساس التربوي.

- ثنائيات ديکارت تظهر في أکثر من نوع مثل:

(ا) الشک واليقين: أي کما ذکرنا يجب إخضاع المعرفة للشک للوصول لليقين بها وترسيخها بشکل يقبله العقل.

(ب) المحاولة والخطأ داخل مجال الفکر التربوي وهذا من خلال رأي ديکارت أننا قد نخطئ إن أسأنا استخدام الطريقة الصحيحة لمعالجة المفاهيم.

(ج) العقل والجسد أو العقل والحواس، وهذا يعبر عن المعرفة التي قد تصل عن طريق العقل أو الحواس ولکنه يؤخذ على ديکارت هنا أنه أعطى القيمة الکبرى للعقل وأهمل الحواس، وإن کان هناک حقائق تدرک بالحواس ولا يمکن الشک فيها کالتعرض للسعة البرد أو النار.

(د) العلم التطبيقي هو أساس منهج ديکارت الذي يختلف عن بيکون الذي اهتم بالعلم وغاليليو الذي اهتم بالتطبيق، مما يفتح المجال للعلم والتطبيق داخل التربية.

- وضح ديکارت العديد من المهارات العقلية التي لا غنى عنها في حقل التفسير التربوي وهي: البداهة، التحليل، الترکيب، الاستنتاج وأخيرًا قاعدة الإحصاء.

- الفکرة التي عرضها ديکارت بأن کل الأفراد يمتلکون عقلًا واحدًا يعطي مبدأ تکافؤ الفرص داخل الفکر التربوي لکل متعلم.

- قاعدة التحليل في منهج ديکارت تفيد في تبسيط وتسهيل المعرفة للمتعلم، وإعطاء المزيد من الشروحات لفهم المعرفة واستخلاصها.

٢-أهم الأبعاد التربوية لمشروع طه عبد الرحمن:

   يمثل مشروع طه عبد الرحمن بعدًا عميقًا في العمل والفکر التربوي حيث أتاح العديد من المساهمات لتطوير وتقديم الفکر التربوي المعاصر تتمثل في:

- رفض التقليد مما أتاح الفرصة للبحث عما هو جديد في شئون التربية، وعدم الثبات على ما هو قديم.

-وضع قاعدة في حالة الأخذ من الغير وهي اختبار تلک المفاهيم، ومعرفة إذا کانت ملائمة لبيئة الأفراد التي سوف تطبق بينهم والوقوف عليهم بالدليل والحجة.

-الدعوى اللغوية والمنطقية في مشروعه أتاحت التفکير بشأن التمييز والاختلاف داخل الفرد في الإطار التربوي حيث لکل طالب أسلوبه الخاص به.

- دعوته لتجديد المنهج حتى يمکن فهم التراث أثارت الفکر التربوي حول تغيير الطريقة التي يتناول بها العمل التربوي والتزود بالعدة المنهجية العلمية.

- نبه العقل الى ضرورة الابتکار داخل الفکر التربوي وليس التقليد عن الغرب، مبررًا بأنه ليس بالضرورة أن تکون مفاهيمهم ملائمة لنا وأنه حان الوقت ليظهروا الطابع العربي منفردًا لا تابعًا للفکر الغربي.

- أهم ما يميز مشروع عبد الرحمن هو تأسيس فقه الفلسفة، ووضع الخطط للحفاظ على الفکر الفلسفي من التقليد.

- يقوم مشروع عبد الرحمن على النظر في حقيقة الإسلام لإقامة مشروعه، مما يدعم الفضاء العربي في بيئتنا.

- ساهمت مبادئه الفلسفية للنظرية التربوية بالعمل على تجديد الإنسان أولًا حتى يتمکن من تجديد الفکر التربوي.

-اهتم ديکارت وعبد الرحمن بالعقل، حيث أن ديکارت استخدمه للشک والوصول لليقين في حين أن عبد الرحمن اهتم بالعقل لرفض التقليد وتدعيم الابداع.

-کلاهما اتخذ منهجًا منظمًا لتطبيق فلسفته وفکره، کمحاولة فکرية للخروج من إنفاق التبعية ومعرفة أسس الخلل وأسباب التأخر، لذلک تعد منهجية ديکارت ومشروع عبد الرحمن ذو أثر فعال على الفکر التربوي.

خامسًا: التوصيات والمقترحات:

توصي الدراسة الحالية بعدة توصيات منها:

  1. الاهتمام بنظريات التربية عند رينيه ديکارت.
  2. استقراء وتحليل مناهج الفکر الطاهائي في کتاباته النقدية (للغة والفلسفة).

کما تقترح بإمکانية القيام بالأبحاث التالية:

-مشروع طه عبد الرحمن وقيام النظرية الفلسفية التربوية الإسلامية.

 -مشروع طه عبد الرحمن وتنمية الحوار الفلسفي.

- مشروع طه عبد الرحمن وأوهام الحداثة.

- مشروع طه عبد الرحمن والنقد الأخلاقي للحداثة.

- المنهج الديکارتي وتنمية إرادة الفرد.

- المنهج الديکارتي والمعرفة العلمية الصحيحة.

- المنهج الديکارتي والمبادئ الأخلاقية التربوية.

-المنهج الديکارتي والأحکام التربوية.


قائمة المراجع:

أولًا: المراجع العربية:

-        أرحيلة، عباس (٢٠١3م). فيلســوف فــي المواجهــة قــراءة فــي فکــر طــه عبــد الرحمــن، المرکــز الثقافــي العربــي. بيروت. لبنان. ص ص 30-42-54.

-        البخيت، هاشم عبد القادر وخير، النور عبد الرحمن محمد (۲۰۱۹م). قراءة جديدة لآراء الإمام الغزالي التربوية في ضوء الواقع المعاصر. ورقة بحثية مجلة جامعة دنقلا للبحث العلمي العدد السادس عشر يناير. دنقلا. السودان.  ص 74.

-        بو شيبة (۲۰۱۳م). إشکالية المنهج عند دیکارت. أوراق فلسفية، ع (36). ص 102.

-        الجابري، صلاح فليفل (۲۰۱۲م). فلسفة العقل التکامل العلمي والميتافيزيقي: دار الفارابي للنشر والتوزيع.بيروت. لبنان. ص 64.

-        الجعفري، ماهر إسماعيل إبراهيم (٢٠١٥م). من أعلام الفکر التربوي العربي الإسلامي: دار الأيام للنشر والتوزيع، عمان. الأردن. ص 17.

-        الحاج، يوسف، کمال. (1945م). رينيه ديکارت أبو الفلسفة الحديثة. ط٢. سيما -بيروت: دار مکتبة الحياة. ص ص 19-27.

-        حيزية، قروش (۲۰۱۷م). الکوجيتو بين دیکارت وطه عبد الرحمن. (رسالة دکتوراه). کلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة. ص ص 95-102- 122.

-        خطاطبة، عدنان(٢٠١٦م). محددات الفکر التربوي الإسلامي وانعکاساتها على رؤية المفکر التربوي المعاصر. (رسالة ماجستير غير منشورة) الجامعة الأردنية. الأردن. ص17.

-        دحمان، زیرق. (٢٠١٥م). التربية في الفکر الإسلامي المعاصر الغزالي أنموذجا. (رسالة دکتوراه منشورة). جامعة محمد خيضر - بسکرة - جمهورية الجزائر. ص82.

-        دراوشة، سناء (۲۰۱۲م). الفکر التربوي الخلدوني مقاربة بين الأصالة والمعاصرة: دار ابن خلدون. عمان. الأردن. ص 42.

-        دیکارت، رينيه. (١٩٦٨). مقال عن المنهج. ترجمة محمود محمد الخضيري. مراجعة محمد مصطفى. ط ۲: دار الکتاب العربي للطباعة والنشر. القاهرة. مصر. ص 88.

-        دیکارت، رينيه. (2003م). قواعد لتوجيه الفکر. ترجمة: سفيان سعد الله. دار سرار للنشر. تونس. ص ص 80-83.

-         دیکارت، رينيه. (2009م). تأملات في الفلسفة الأولى. ترجمة: عثمان أمين، مصطفى لبيب. المرکز القومي للترجمة. القاهرة. مصر. ص ص 45-89.

-        دیورانت، وليام جيمس (٢٠١٦م). قصة الفلسفة حياة الفلاسفة وآرائهم من أفلاطون الى جون ديوي. ترجمة أکرم مؤمن: مکتبة القرآن للنشر. القاهرة. مصر. ص 454.

-        زيدان، محمد سعيد أحمد (۲۰۱۳م). تقويم التفلسف: مکتبة الأنجلو المصرية. القاهرة. مصر. ص 34.

-        سليمة، جلال . (2021م). تراتبية العقل في الممارسة الإسلامية عند طه عبد الرحمن. جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2. مج18. الجزائر. ص11.

-        الشريف، دعاء (۲۰۱۹م). الاتجاهات المستقبلية للفکر التربوي في مصر: رؤية نقدية لقضايا التحول المعرفي في الفکر والتطبيق. ورقة بحثية لمرکز الدراسات العربية في التربية وعلم النفس (ASEP). جامعة حلوان. مصر. ص 110.

-        عبد الرحمن، طه (٢٠٠٨م). الطبعة الثانية الحق العربي في الاختلاف الفلسفي.  الدار البيضاء - المغرب: المرکز الثقافي العربي. ص ص 70-77.

-        عبد الرحمن، طه (۲۰۱5م). سؤال العمل بحث عن الأصول العملية في الفکر والعلم: المرکز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب.  ص 16.

-        عبد الرحمن، طه (٢٠١٦م). الطبعة الثانية - من الانسان الأبتر إلى الإنسان الکوثر. لبنان - بيروت: المؤسسة العربية للفکر والابداع. ص ص 23-65-66-76.

-        عبد الرحمن، طه. (2006م). روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية. المرکز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب. ص ص 12-35-61.

-        عبد اللطيف، کمال. (2003م). أسئلة الفکر الفلسفي في المغرب، المرکز الثقافي العربي، بيروت، ص 133.

-        عبد الملک،بو منجل.  (۲۰۱۲م). من فلسفة الإبداع إلى إبداع الفلسفة: قراءة في الإنجاز الفکري لطه عبد الرحمن.‏ ص 49.

-        علي، غيضان السيد. (2021م). مشروع طه عبد الرحمن الفلسفي والحق في الابداع الفکري الإسلامي. مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث. الرباط. المغرب. ص ص 2-3-7-15-112.

-        الغبان، باسم، قاسم (۲۰۱۷م). فکر ماجد الکناني التربوي: فکر معاصر. (دورية علمية محکمة). جامعة عين شمس. القاهرة. ص 14.

-        فضل الله، مهدي (١٩٩٦م). فلسفه ديکارت ومنهجه. دراسة تحليلية ونقديه. ط٣. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر. ص 46.

-        قصيبات، مصطفى (۲۰۱5م). الشک واليقين عند دیکارت. المجلة العلمية لکلية التربية. جامعة مصراته-کلية التربية. ليبيا. رسالة ماجستير منشورة. ص ص 234- 252-254. 

-        قنديل، وردة عبد العظيم عطا الله (۲۰۱۰م). البنيوية وما بعدها بين التأصيل الغربي والتحصيل العربي. (رسالة ماجستير منشورة). الجامعة الإسلامية - غزة. ص 123.

-        مشروح، إبراهيم (٢٠٠٩م). طه عبد الرحمن قراءة في مشروعه الفکري بيروت: مرکز الحضارة لتنمية الفکر الإسلامي. ص ص 10-11-18-22.

-        ملک، بدر محمد والکندري، لطيفة حسين (۲۰۱۹م). تطور الفکر التربوي مقاربات فلسفية: مکتبة الفلاح. الکويت. ص 165.

-        نایل، أحمد محمد أحمد (۲۰۱۸م). الفلسفة بعد الحداثة ومدارسها الفکرية. (رسالة دکتوراه غير منشورة). جامعة سوهاج.

-        النجار، إبراهيم يوسف (۲۰۱۳م). مدخل الى الفلسفة: المرکز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب. ص 53.

-        الوالي، عبد الجليل کاظم (۲۰۱۰م). قراءات جديدة في قضايا فلسفية: مکتبة الأنجلو المصرية. القاهرة. مصر. ص 22.

-        وحيدة، شرفة (٢٠١٩م). قواعد المنهج عند دیکارت. کلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. رسالة ماجستير منشورة. الجزائر. ص ص 17-22-28-72.

-         وطفة، على أسعد (۲۰11م). أصول التربية: إضاءات نقدية. ورقة بحثية لمؤتمر الجامعة العربية المفتوحة. إصدار لجنة التأليف والنشر بجامعة الکويت. ص 22.


ثانيًا: المراجع الأجنبية:

- Ariew, Roger (2014). Descartes and the First Cartesians: Oxford

- Hammer, T. (2013). From Confusion to Chiasm: Descartes's Influence on Merleau-Ponty's Philosophical Project (Doctoral dissertation, State University of New York at Stony Brook).

 - Palma, Anthony Joseph (2014). Recognition of Diversity: Charles Taylor's Educational Thought. (Published PhD thesis). University of Toronto. Canada.

- Platt, A. R. (2010). The rise of Cartesian occasionalism.

 

أولًا: المراجع العربية:
-        أرحيلة، عباس (٢٠١3م). فيلســوف فــي المواجهــة قــراءة فــي فکــر طــه عبــد الرحمــن، المرکــز الثقافــي العربــي. بيروت. لبنان. ص ص 30-42-54.
-        البخيت، هاشم عبد القادر وخير، النور عبد الرحمن محمد (۲۰۱۹م). قراءة جديدة لآراء الإمام الغزالي التربوية في ضوء الواقع المعاصر. ورقة بحثية مجلة جامعة دنقلا للبحث العلمي العدد السادس عشر يناير. دنقلا. السودان.  ص 74.
-        بو شيبة (۲۰۱۳م). إشکالية المنهج عند دیکارت. أوراق فلسفية، ع (36). ص 102.
-        الجابري، صلاح فليفل (۲۰۱۲م). فلسفة العقل التکامل العلمي والميتافيزيقي: دار الفارابي للنشر والتوزيع.بيروت. لبنان. ص 64.
-        الجعفري، ماهر إسماعيل إبراهيم (٢٠١٥م). من أعلام الفکر التربوي العربي الإسلامي: دار الأيام للنشر والتوزيع، عمان. الأردن. ص 17.
-        الحاج، يوسف، کمال. (1945م). رينيه ديکارت أبو الفلسفة الحديثة. ط٢. سيما -بيروت: دار مکتبة الحياة. ص ص 19-27.
-        حيزية، قروش (۲۰۱۷م). الکوجيتو بين دیکارت وطه عبد الرحمن. (رسالة دکتوراه). کلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة. ص ص 95-102- 122.
-        خطاطبة، عدنان(٢٠١٦م). محددات الفکر التربوي الإسلامي وانعکاساتها على رؤية المفکر التربوي المعاصر. (رسالة ماجستير غير منشورة) الجامعة الأردنية. الأردن. ص17.
-        دحمان، زیرق. (٢٠١٥م). التربية في الفکر الإسلامي المعاصر الغزالي أنموذجا. (رسالة دکتوراه منشورة). جامعة محمد خيضر - بسکرة - جمهورية الجزائر. ص82.
-        دراوشة، سناء (۲۰۱۲م). الفکر التربوي الخلدوني مقاربة بين الأصالة والمعاصرة: دار ابن خلدون. عمان. الأردن. ص 42.
-        دیکارت، رينيه. (١٩٦٨). مقال عن المنهج. ترجمة محمود محمد الخضيري. مراجعة محمد مصطفى. ط ۲: دار الکتاب العربي للطباعة والنشر. القاهرة. مصر. ص 88.
-        دیکارت، رينيه. (2003م). قواعد لتوجيه الفکر. ترجمة: سفيان سعد الله. دار سرار للنشر. تونس. ص ص 80-83.
-         دیکارت، رينيه. (2009م). تأملات في الفلسفة الأولى. ترجمة: عثمان أمين، مصطفى لبيب. المرکز القومي للترجمة. القاهرة. مصر. ص ص 45-89.
-        دیورانت، وليام جيمس (٢٠١٦م). قصة الفلسفة حياة الفلاسفة وآرائهم من أفلاطون الى جون ديوي. ترجمة أکرم مؤمن: مکتبة القرآن للنشر. القاهرة. مصر. ص 454.
-        زيدان، محمد سعيد أحمد (۲۰۱۳م). تقويم التفلسف: مکتبة الأنجلو المصرية. القاهرة. مصر. ص 34.
-        سليمة، جلال . (2021م). تراتبية العقل في الممارسة الإسلامية عند طه عبد الرحمن. جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2. مج18. الجزائر. ص11.
-        الشريف، دعاء (۲۰۱۹م). الاتجاهات المستقبلية للفکر التربوي في مصر: رؤية نقدية لقضايا التحول المعرفي في الفکر والتطبيق. ورقة بحثية لمرکز الدراسات العربية في التربية وعلم النفس (ASEP). جامعة حلوان. مصر. ص 110.
-        عبد الرحمن، طه (٢٠٠٨م). الطبعة الثانية الحق العربي في الاختلاف الفلسفي.  الدار البيضاء - المغرب: المرکز الثقافي العربي. ص ص 70-77.
-        عبد الرحمن، طه (۲۰۱5م). سؤال العمل بحث عن الأصول العملية في الفکر والعلم: المرکز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب.  ص 16.
-        عبد الرحمن، طه (٢٠١٦م). الطبعة الثانية - من الانسان الأبتر إلى الإنسان الکوثر. لبنان - بيروت: المؤسسة العربية للفکر والابداع. ص ص 23-65-66-76.
-        عبد الرحمن، طه. (2006م). روح الحداثة المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية. المرکز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب. ص ص 12-35-61.
-        عبد اللطيف، کمال. (2003م). أسئلة الفکر الفلسفي في المغرب، المرکز الثقافي العربي، بيروت، ص 133.
-        عبد الملک،بو منجل.  (۲۰۱۲م). من فلسفة الإبداع إلى إبداع الفلسفة: قراءة في الإنجاز الفکري لطه عبد الرحمن.‏ ص 49.
-        علي، غيضان السيد. (2021م). مشروع طه عبد الرحمن الفلسفي والحق في الابداع الفکري الإسلامي. مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث. الرباط. المغرب. ص ص 2-3-7-15-112.
-        الغبان، باسم، قاسم (۲۰۱۷م). فکر ماجد الکناني التربوي: فکر معاصر. (دورية علمية محکمة). جامعة عين شمس. القاهرة. ص 14.
-        فضل الله، مهدي (١٩٩٦م). فلسفه ديکارت ومنهجه. دراسة تحليلية ونقديه. ط٣. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر. ص 46.
-        قصيبات، مصطفى (۲۰۱5م). الشک واليقين عند دیکارت. المجلة العلمية لکلية التربية. جامعة مصراته-کلية التربية. ليبيا. رسالة ماجستير منشورة. ص ص 234- 252-254. 
-        قنديل، وردة عبد العظيم عطا الله (۲۰۱۰م). البنيوية وما بعدها بين التأصيل الغربي والتحصيل العربي. (رسالة ماجستير منشورة). الجامعة الإسلامية - غزة. ص 123.
-        مشروح، إبراهيم (٢٠٠٩م). طه عبد الرحمن قراءة في مشروعه الفکري بيروت: مرکز الحضارة لتنمية الفکر الإسلامي. ص ص 10-11-18-22.
-        ملک، بدر محمد والکندري، لطيفة حسين (۲۰۱۹م). تطور الفکر التربوي مقاربات فلسفية: مکتبة الفلاح. الکويت. ص 165.
-        نایل، أحمد محمد أحمد (۲۰۱۸م). الفلسفة بعد الحداثة ومدارسها الفکرية. (رسالة دکتوراه غير منشورة). جامعة سوهاج.
-        النجار، إبراهيم يوسف (۲۰۱۳م). مدخل الى الفلسفة: المرکز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب. ص 53.
-        الوالي، عبد الجليل کاظم (۲۰۱۰م). قراءات جديدة في قضايا فلسفية: مکتبة الأنجلو المصرية. القاهرة. مصر. ص 22.
-        وحيدة، شرفة (٢٠١٩م). قواعد المنهج عند دیکارت. کلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. رسالة ماجستير منشورة. الجزائر. ص ص 17-22-28-72.
-         وطفة، على أسعد (۲۰11م). أصول التربية: إضاءات نقدية. ورقة بحثية لمؤتمر الجامعة العربية المفتوحة. إصدار لجنة التأليف والنشر بجامعة الکويت. ص 22.
ثانيًا: المراجع الأجنبية:
- Ariew, Roger (2014). Descartes and the First Cartesians: Oxford
- Hammer, T. (2013). From Confusion to Chiasm: Descartes's Influence on Merleau-Ponty's Philosophical Project (Doctoral dissertation, State University of New York at Stony Brook).
 - Palma, Anthony Joseph (2014). Recognition of Diversity: Charles Taylor's Educational Thought. (Published PhD thesis). University of Toronto. Canada.
- Platt, A. R. (2010). The rise of Cartesian occasionalism.