نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
جامعة الملک سعود
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
کلية التربية
کلية معتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم
إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)
=======
متطلبات تنمية مهارات المستقبل في الجامعات السعودية من خلال وظائف الجامعة الثلاث
إعــــــــــداد
الطالب / محمد بن راجس عبد الله الخضاري
جامعة الملک سعود
إشراف
د/ عبدالله بن محمد المانع
أستاذ إدارة التعليم العالي المشارک
} المجلد السابع والثلاثون– العدد السادس – يونية 2021م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
مستخلص الدراسة
تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على متطلبات تنمية مهارات المستقبل في الجامعات السعودية من خلال وظائف الجامعة الثلاث (البحث العلمي، التدريس، خدمة المجتمع) وقد تکونت عينة الدراسة من 15 خبيراً يمثلون الجامعات السعودية وقد استخدم الباحث المنهج الکيفي التفسيري، من خلال استخدام المقابلة المتعمقة (شبه المقننة) کأداة للدراسة وقد أظهرت نتائج الدراسة استقراء آراء الخبراء حول المتطلبات التي تحتاجها الجامعات السعودية للقيام بأدوارها في تنمية مهارات المستقبل في (وظيفة البحث العلمي) على ضرورة دعم الباحثين وتشجيعهم من أعضاء هيئة التدريس والطلاب على البحوث المستقبلية حول المهارات وتنميتها، وتوفير معامل البحث العلمي، وأهمية تعزيز الشراکة والتعاون مع القطاعات الحکومية والأهلية في دعم برامج البحث العلمي، کما يظهر استقراء آراء الخبراء حول المتطلبات التي تحتاجها الجامعات السعودية للقيام بأدوارها في تنمية مهارات المستقبل في (وظيفة التدريس) على ضرورة التشجيع المادي والمعنوي لتحفيز المدرسين المتميزين، والتوسع في استخدام التقنية المساعدة في التدريس والتقويم والاختبارات، وتکثيف برامج التدريب على رأس العمل لرفع وتطوير أداء أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى ربط العبء التدريسي بتحصيل المهارات المستقبلية. واخيراً يظهر استقراء آراء الخبراء حول المتطلبات التي تحتاجها الجامعات السعودية للقيام بأدوارها في تنمية مهارات المستقبل في (وظيفة خدمة المجتمع)، على ضرورة تعزيز التعاون بين الجامعة والمؤسسات المجتمعية لتحقيق احتياج المجتمع المستقبلي، وتعزيز الشراکة والتعاون مع القطاعات الحکومية والأهلية في دعم برامج البحث العلمي، وإشراک الجهات المستفيدة من مخرجات الجامعة في مجالس الجامعة.
الکلمات المفتاحية: جامعة الملک سعود، مهارات المستقبل.
Abstract
The current research aims to identify the requirements for developing the future skills in Saudi universities by means of the three functions of a university (research, teaching and community services). The study sample consisted of 15 experts representing the Saudi universities. The researcher used the qualitative explanatory method by means of using in-depth interview (semi-structured) as a method of research. The research results showed the induction of the experts' opinions about the requirements which the Saudi universities need in order to play their roles in developing the future skills in (scientific research function) shows that the researchers must be supported and encouraged by faculty members and students to conduct in more future researches about skills and how to develop them, provide scientific research laboratories, and the importance of strengthening partnership and cooperation with governmental and private sectors to support scientific research programs. The induction of the experts' opinions about the requirements which the Saudi universities need in order to play their roles in developing the future skills in (teaching function), also shows the importance of material and moral encouragement to motivate distinguished teachers, expand the use of assistive technology in teaching, evaluation and examination as well as to intensify on-the-job training programs to raise and develop the performance of faculty members, as well as to link the teaching burden with the acquisition of the future skills.
Finally, the induction of the experts' opinions about the requirements which the Saudi universities need in order to play their roles in developing the future skills in (community services function), shows the importance of strengthening cooperation between universities and community institutions to achieve the future needs of society, as well as strengthening the partnership and cooperation with governmental and private sectors to support scientific research programs, as well as making beneficiaries of universities' output participate in universities' councils.
Keywords: King Saud University, Future Skills.
مقدمة الدراسة
يعتبر التعليم بمختلف مراحله وخاصة التعليم العالي يعتبر رکيزة أساسية من رکائز التنمية لأي مجتمع، فقد اهتمت الدول والمنظمات العالمية بتطويره، کونه المسؤول الأول عن تزويد أفراد المجتمع بالمهارات والمعارف الضرورية، مما يحقق تنمية الموارد البشرية وإکسابها المهارات اللازمة، التي تتوافق مع تطورات واحتياجات المستقبل.
وهذا ما أکدت عليه رؤية المملکة 2030، من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد الشباب بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل (رؤية المملکة 2030، 2016م).
وفي ذات السياق يتضمن برنامج التحول الوطني 2020 مجموعة من الأهداف منها الهدف الاستراتيجي الثالث، الذي يسعى إلى تحسين البيئة التعليمية المحفزة للإبداع والابتکار، من خلال ترسيخ القيم الإيجابية وبناء الشخصية، وتزويدها بالمعارف والمهارات اللازمة، وتنمية مهارات الشباب والاستفادة منها، وکذلک الهدف الاستراتيجي السادس الذي دعا إلى تعزيز قدرة نظام التعليم على تلبية متطلبات التنمية، عن طريق تزويد المواطنين بالمعارف والمهارات اللازمة (برنامج التحول الوطني، 2020م).
کما اقتضت التغيرات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تسود العالم المعاصر؛ زيادة الاهتمام بتحقيق أعلى معدلات التنمية في کافة المجالات لمواکبة هذه التغيرات والتطورات، ولتحقيق هذه التنمية فقد زاد الاهتمام بالتعليم خاصة التعليم العالي، الذي تقع على عاتقه مسؤولية إعداد الموارد البشرية وتنمية مهاراتها (المطرودي، 1430).
حيث يقع على المؤسسة الأکاديمية مسؤولية إعداد طلابها الصحيح حتى يمکن لهم أن يمارسوا دورهم المتوقع بعد التخرج، ويستطيعوا التنافس مع خريجي المؤسسات الأکاديمية الأخرى، وهذا يتطلب من الجامعة تأهيل مخرجاتها بصفات وخصائص ومهارات تمکنهم من ذلک. (الصالح، 1433ه).
وهدفت دراسة دانييل وکليرمان (Ehlers & Kellermann, 2019)إلى التعرف على کيفية استعداد مؤسسات التعليم العالي لإعداد خريجي المستقبل للتغيير في المجتمع ومکان العمل في المستقبل، واستندت الدراسة إلى رأي (50) خبيراً من أساتذة الجامعات من خلال استخدام استطلاع دلفي وکذلک استندت الدراسة على نتائج الدراسات السابقة حول مهارات المستقبل والسيناريوهات الموحدة للتعليم العالي في المستقبل، وأظهرت نتائج الدراسة أنه مع التغييرات الأساسية في سوق العمل والتحديات في مجتمعاتنا بسبب المحرکات العالمية والتکنولوجية, يصبح البحث حول مهارات المستقبل أکثر أهمية، إلا أن أغلب الدراسات تقتصر في التعرف على الآثار التي تحدثها التطورات التکنولوجية ومتطلبات تنمية المهارات وتغيرات سوق العمل، وغالباً ما يختزلون المهارات المستقبلية مباشرة إلى المهارات الرقمية, والتي - على الرغم من أهميتها - تمثل جانباً واحداً فقط من عملة المهارة المستقبلية ، وأظهرت نتائج الاستطلاع نظرة أوسع وتتجاوز متطلبات المهارات الرقمية.
وقد هدفت عبيدات وسعادة (2010م)إلى معرفة مدى امتلاک المهارات المتوفرة لدى الطلبة الخريجين من کافة الجامعات الأردنية، وانتهت الدراسة إلى أن معدل اکتساب المهارات عند طلبة الجامعة الحکومية بلغ 67.50% و70.75% لدى طلبة الجامعات الخاصة، وکان من أهم توصيات الدراسة المطالبة بدمج التدريب العملي والمهارات مع الخطة الدراسية للطلبة واعتبارها مطلباً للتخرج، کما أوصت بتخصيص أيام محددة للقيام بفعاليات التنمية الذاتية والدورات التدريبية لجميع الطلبة والمشارکة من مختلف المناطق.
وبالنظر للدور الهام الذي تقوم به الجامعات السعودية في القيام بأدوارها المنوطة بها في خلق التنافسية وتطوير وتجويد مخرجاتها، والعمل على تنمية الموارد الوطنية، والإسهام في تحقيق رؤية المملکة 2030 وما تتطلبه من موارد بشرية تتواکب مع التغيرات والتطورات المستقبلية؛ فقد جاءت هذه الدراسة لمحاولة وضع استراتيجية لتعزيز الفرص التنافسية في أدوار الجامعات السعودية في تنمية مهارات المستقبل وإلقاء الضوء على واقع هذه الأدوار وإبراز متطلباتها والصعوبات التي تواجهها.
مشکلة الدراسة
تمثل مؤسسات التعليم العالي في المملکة العربية السعودية رکيزة التعليم العالي الأساسية، وتواجه تحديات مختلفة نتيجة لعدد من المتغيرات العالمية والمحلية التي تتطلب توافر کوادر ذات مستوى رفيع من حيث الکفاءة المهنية، والمهارات اللازمة لتحديات المستقبل وتطلعاته, کما أن التوجهات الحديثة للتعليم العالي السعودي يتمثل في السعي للارتقاء بالمجتمع ومؤسساته إلى مصاف الدول المتقدمة والمنتجة, ويظهر ذلک في رسم خطط التنمية وتجديدها باستمرار، وبناء استراتيجيات حديثة مواکبة لذلک، والسعي بالمجتمع نحو تحقيق الرؤية الوطنية 2030, والتحول الوطني الکامل نحو أهداف هذه الرؤية والتي تعول على ما تنتجه الجامعات من قوى بشرية مؤهلة ومعدة إعداداً جيداً لمواکبة التحولات والتحديات في العالم المعاصر.
وقد أظهرت نتائج دراسة عبد الحافظ (2013م) والتي هدفت لوضع تصور مقترح لتطوير إدارة الأنشطة الطلابية بجامعة المنصورة، بما يحقق المواءمة بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل، أن واقع تحقيق الأنشطة للمواءمة بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل بدرجة متوسطة، کما کشفت النتائج عن موافقة أغلب أفراد العينة بدرجة عالية على الآليات المقترحة لتطوير إدارة الأنشطة للمواءمة بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل، بما يحقق المواءمة مع متطلبات سوق العمل يرتکز على تطوير الهيکل والبنية التنظيمية للأنشطة، وتطوير عمليات تخطيط الأنشطة الطلابية وتنفيذها وتقييمها.
بينما أکدت نتائج دراسة جوت ((Gut, 2011 على أهمية دمج مهارات القرن الحادي والعشرين داخل المحتوى التعليمي, وقدمت نماذج من دروس تعليمية مدمج بها مهارات القرن الحادي والعشرين, وعرضت توصيات ومصادر للمعلمين يمکنهم استخدامها لدمج تلک المهارات في محتوى الدروس, وتتضمن: الوعي العالمي والثقافة الاقتصادية والمالية والتجارية, الأعمال الحرة, الثقافة المدنية, والصحة (التعلم ومهارات التفکير) ويتضمن: التفکير الناقد وحل المشکلات, الاتصال والتعاون, الابتکار والإبداع, (وسائل الإعلام ومهارات تکنولوجيا المعلومات) وتتضمن: الثقافة المعلوماتية والإعلامية، وثقافة تکنولوجيا المعلومات والاتصالات، (مهارات حياتية ومهارات مهنية) وتتضمن: المرونة والقدرة على التکيف, والمبادرة والتوجيه الذاتي, والتفاعل الاجتماعي عبر الثقافات, والإنتاجية والمساءلة, والقيادة والمسؤولية.
وبشکل عام أصبح هناک ضرورة ملحة إلى تبني أنماط جديدة في مجال التعليم الجامعي تفي بالطلب المتزايد عليه بتکلفة أقل وإنتاجية أعلى ومرونة أکثر وتجاوب أفضل مع المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية. (الموجي، 2014م)
وأظهرت نتائج دراسة العتيبي (2010م)والتي هدفت إلى وصف وتحليل مشکلة عدم التوافق بين مخرجات التعليم الجامعي بالمملکة واحتياجات سوق العمل والتعرف على متطلبات قطاع الأعمال من مؤسسات التعليم العالي، أن هناک نقصاً في عدد المشتغلين في الوظائف التي تحتاج لتأهيل علمي, وينذر بالحاجة للعمالة الأجنبية ويوصل لحالة عدم الملاءمة، کما کشفت الزيارات الميدانية إلى أن هناک عوامل محددة لتوظيف خريجي التعليم العالي وهي عوامل أکاديمية تتلخص في إجادة اللغة الإنجليزية، ومستوى التحصيل الجيد والتمکن من استخدام الحاسب الآلي وعوامل مهنية تتمثل بالانضباط والالتزام والطموح والاستفادة من الأنشطة اللامنهجية وغير ذلک.
وهدفت دراسة التوبي والفاعوري (2016م)إلى تحديد دور مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عُمان في إکساب خريجيها مهارات ومعارف القرن الواحد والعشرين، وقد أشارت نتائج الدراسة الحالية إلى أن أکبر دور لمؤسسات التعليم العالي في إکساب خريجيها مهارات ومعارف القرن الواحد والعشرين کان في المهارات الحياتية والوظيفية، يليه مهارات تکنولوجيا المعلومات والإعلام.
وهدفت دراسة العوفي (2016م) إلى الترکيز على أهمية تحسين مخرجات التعليم العالي بإکسابها المهارات التخصصية المناسبة, وصقل خبراتها العلمية لتوائم حاجات سوق العمل العماني المعاصر, وخلصت الدراسة إلى أن معظم البلدان العربية والنامية تعاني من ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم العالي وحاجات سوق العمل لاسيما في مجال تدني مستوى تلک المخرجات وعدم امتلاکها المهارات الفنية اللازمة للتعامل مع الوظائف الجديدة, ولتحسين هذه المخرجات لابد من اطلاعها على مستجدات المعرفة في مجال التخصص وإکسابها المهارات والقدرات الفنية عالية الجودة وصقل خبراتها العملية, کما أوصت بضرورة المراجعة الدورية والمستمرة لمنظومة المنهاج والمحتوى التعليمي والأنشطة التعليمية بالتعليم العالي وضرورة الترکيز على التدريب الميداني وأساليب التعلم الذاتي وتدريبهم على اکتساب المهارات والقيم الإيجابية.
کما جاء في توصيات المؤتمر الدولي لتقويم التعليم 2018م "مهارات المستقبل - تنميتها وتقويمها" أهمية بناء وتصميم إطار وطني مرن لمهارات المستقبل يراعي احتياجات القطاعات الاقتصادية وإبراز المهارات ذات القيمة المضافة للعمل في بيئات قطاع الأعمال التي تتصف بالتحولات والتغيرات المتسارعة, کما أوصى بالتأکيد على أهمية دمج مهارات المستقبل في المناهج الدراسية للتعليم العام والجامعي من أجل تعليم يهيئ الجيل الجديد لوظائف المستقبل، وأوصى بالعمل على بناء أساسيات وآليات واستراتيجيات تحفز مؤسسات التعليم والتدريب على تبني مبادرات وبرامج تنمي رأس المال البشري وترفع من درجة تنافسية الموارد البشرية الوطنية لتسهم بفاعلية في رؤية المملکة 2030، کما أوصى بتحفيز المعلمين وأساتذة الجامعات والمدارس باتجاه تنمية المهارات والتنافسية في هذا الجانب . (مجلة قياس, 1440هـ)
وفي إطار سعي الدولة لامتلاک مقومات التنمية وتطوير مواردها البشرية من أبناء الوطن لمواکبة رؤيتها في 2030؛ فإنه يمکن تحديد مشکلة الدراسة في تفعيل أدوار الجامعات السعودية في تنمية مهارات المستقبل.
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى ما يلي:
- تحديد المتطلبات اللازمة لتنمية مهارات المستقبل في الجامعات السعودية في وظائف الجامعة الثلاث (البحث العلمي، التدريس، خدمة المجتمع).
أهمية الدراسة
1- تکتسب هذه الدراسة أهميتها النظرية من أهمية موضوعها الذي ينسجم مع أهداف رؤية 2030 والمتمثلة في تأهيل الموارد البشرية الوطنية والاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد الشباب بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل.
2- ندرة الدراسات - حسب علم الباحث - التي تناولت تنمية مهارات المستقبل في الجامعات السعودية.
الجانب التطبيقي:
1- تساهم هذه الدراسة في التعرف على واقع أدوار الجامعات السعودية في تنمية مهارات المستقبل والمتطلبات اللازمة لقيام الجامعات السعودية بهذه الأدوار.
2- تساهم هذه الدراسة في تطوير أداء الجامعات السعودية في مساهمتها في تنمية الموارد البشرية الوطنية وإعدادها وتدريبها وفق رؤية المملکة 2030، وبالتالي تحسين منظومة التعليم العالي في المملکة ومواکبتها لمتطلبات المستقبل وتطلعاته.
أسئلة الدراسة
1- ما المتطلبات التي تحتاجها الجامعات السعودية للقيام بأدوارها في تنمية مهارات المستقبل (في وظيفة البحث العلمي)؟
2- ما المتطلبات التي تحتاجها الجامعات السعودية للقيام بأدوارها في تنمية مهارات المستقبل (في وظيفة التدريس)؟
3- ما المتطلبات التي تحتاجها الجامعات السعودية للقيام بأدوارها في تنمية مهارات المستقبل (في وظيفة خدمة المجتمع)؟
مصطلحات الدراسة
مهارات المستقبل Future skills عرفها (الناجم، 2012م) بأنها: "المهارات التي تمکن صاحبها من التعامل والتفاعل مع تطورات الحياة في القرن الحادي والعشرين، کمهارة تحمل المسؤولية الفردية، والجماعية، والتکيف مع المتغيرات، والمرونة والإبداع والابتکار، ونحو ذلک".
ويمکن للباحث أن يعرفها إجرائياً بأنها: المتطلبات المعرفية والمهارية اللازمة في طلاب الجامعات السعودية , وهي تلک المهارات التي تلبي حاجات المتعلمين في مواجهة حياتهم ومتطلبات المستقبل, کمهارات التفکير الناقد وحل المشکلات, ومهارة اتخاذ القرار والثقة بالنفس واحترام الذات, ومهارة التأقلم وإدارة المشاعر، ومهارات الإبداع والابتکار, ومهارات الاتصال والتفاوض, ومهارات التعامل مع الآخرين, ومهارات التعاون، ومهارات التعلم المستمر والتعلم الذاتي وغيرها من المهارات التي يتطلبها المستقبل، والتوجهات الحديثة للتعليم السعودي المواکبة للتطلعات المستقبلية لرؤية المملکة 2030.
الإطار النظري
يعد عصرنا الحالي عصر المعرفة والمنافسة الاقتصادية بين الدول، والحاجة إلى عاملين يمتلکون مهارات تمکنهم من العمل والحياة، والاعتماد في التواصل مع الآخرين على التقنيات الحديثة، وإلى امتلاک مهارات لحل المشکلات بطرق إبداعية، کما يتطلب هذا العصر من مؤسسات التعليم، تزويد الطلاب بالمهارات التي يحتاجونها في الحياة والعمل ، وهذا ما يجب أن يرکز إليه التعليم في المملکة العربية السعودية لتحقيق رؤية 2030, وضرورة المواءمة بين مخرجات المنظومة التعليمية واحتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل.
وأصبح «مستقبل العمل والتعليم» حديث العالم، مع التغيرات التقنية الحديثة کالثورة الصناعية الرابعة وموجة الأتمتة، وکان أيضاً محوراً أساسياً في جدول أعمال مجموعة العشرين التي انعقدت في اليابان، وستستضيفها المملکة العربية السعودية عام 2020م، وقد قام الذراع البحثي لمجموعة العشرين (Think20/T20) بمناقشة کيفية مواجهة التحديات التي تواجه الأفراد والشرکات والحکومات في العصر الرقمي. (خياط ويامادا، 2009م)
وتُمثِّل المهارات أحد العناصر المُهمِّة التي يحتاجها الفرد للتعامل مع بيئته العملية والإنسانية، خاصَّةً في هذا العصر الذي يتِّسم بالثورة التکنولوجيَّة والانفجار المعرفيِّ، حيث تُکسب الأفراد التواؤم والتوافق مع هذه المُستحدثات وبناء وتنمية المهارات ضرورةً مُلحَّة للقدرة على بناء وإدارة العلاقات الاجتماعيَّة، وإدارة علاقات العمل بصورةٍ فعَّالةٍ، کما أنَّ توافر تلک المهارات وفعالية استخدامها تمکِّن من رفع مُستويات أدائهم، وتُجنِّبهم حدوث الصراعات، أو إن حدثت تمکِّنهمَ من حلِّها بصورة فعَّالة وإيجابيَّة. (الشرقاوي، 2005م)
وفي ظل التغيرات المستمرة التي تطرأ على المجتمعَيْن المحلي والعالمي، أصبح تحديد مهارات المستقبل المطلوبة للمتعلم أمراً أساسيّاً؛ بغية الوصول إلى فرد قادر على التعامل مع متطلبات المراحل اللاحقة، حيث تعد مهارات المستقبل منطلقاً لإعداد أفرادٍ متمکنين من المهارات الأکاديمية والحياتية الداعمة، وقادرين على التأقلم والمنافسة ومواجهة التحديات.
مهارات المستقبل
يشير أبو حطب، وصادق (1996، 330) أن المقصود بالمهارة " عدة معان مرتبطة منها: خصائص النشاط المعقد الذي يتطلب فترة من التدريب المقصود، والممارسة المنظمة، بحيث يؤدى بطريقة ملائمة، وعادة ما يکون لهذا النشاط وظيفة مفيدة، کما أن من معاني المهارة أيضا الکفاءة والجودة في الأداء، وسواء استخدم المصطلح بهذا المعنى أو ذاک، فإن المهارة تدل على السلوک المتَعلم أو المکتسب الذي يتوافر له شرطان جوهريان، أولهما: أن يکون موجهاً نحو إحراز هدف أو غرض معين، وثانيهما: أن يکون منظماً بحيث يؤدي إلى إحراز الهدف في أقصر وقت ممکن، وهذا السلوک المتعلم يجب أن يتوافر فيه خصائص السلوک الماهر.
کما تُعرف سينثيا (Cynthia, 2015, 3) مهارات المستقبل بأنها: "الکفاءات والمهارات الأساسية للنجاح في العمل والحياة، وتشمل مهارات الاتصال والتعاون والتفکير الناقد والإبداع، حيث إِن تحديات المستقبل سوف تتطلب مجموعة واسعة من المهارات الأساسية، والمهارات الاجتماعية، والمهارات الثقافية، والکفاءات، وفهم القوى الاقتصادية والسياسية التي تؤثر على المجتمعات".
وتُعرفها معوض (2015، 10) بأنها: "تلک المهارات التي يحتاج المتعلمون إلى إتقانها وتنميتها لتحقيق أهدافهم، وتشمل مهارات: التفکير الإبداعي، والتفکير الناقد، وحل المشکلات وأيضاً مهارات التواصل والتعاون، والوعي العالمي، والتوجه الذاتي، والعمل الجماعي، ومهارات ما وراء المعرفة، أي أن مهارات القرن الحادي والعشرين تعني مقدرة الفرد على أداء المهام وحل المشکلات التي تواجهه من أجل تحقيق التنمية البشرية، مثل: القدرة على التواصل بشکل فاعل، وکفاءة تعتمد على المعارف ومهارات تکنولوجيا المعلومات والاتصالات".
دور الجامعات السعودية في تنمية مهارات المستقبل
يشهد العصر الحالي اهتماماً متزايداً بقضايا التعليم الجامعي، نظراً لأهميته في بناء المجتمعات وتطويرها، فالتعليم هو أحد المحرکات الأساسية للتنمية ومصادر المعارف، إذ يعتبر الأداة الفعالة لنقل الخبرة الثقافية والتقنية التي أنتجتها الإنسانية عبر التاريخ الطويل، خاصة في مجال تکنولوجيا الإعلام والاتصال، هذا وقد مثل قطاع التعليم العالي بتنوع نشاطاته ومخرجاته، وباعتباره منبر ومنبع الموارد البشرية الخلاقة لسوق العمل من جهة، ومن جهة أخرى شکّل قدرة کبيرة على مواکبة متغيرات الحياة المختلفة سواء الثقافية أو الاجتماعية.
وتضـع مؤسسات التعليم العالي في المملکة نصـب عينيهـا مواجهـة التحديـات التـي تواجهها، والمشـارکة فـي تحقيـق أهـداف الدولـة وتوجهاتهـا التنمويـة، عبـر خططهـا الاستراتيجية، التـي تمثلهـا رؤيـة المملکـة 2030، والاستراتيجية الوطنيـة للتحـول إلــى مجتمــع المعرفــة، والاقتصاد القائــم علــى المعرفــة، وخطــة التنميــة التاســعة، وخطــة آفــاق للتعليــم العالــي، والتــي مــن أهمهــا تهيئــة الخريجيــن لمجتمــع المعرفــة، والمشــارکة بقــوة فــي بنــاء اقتصــاد المعرفــة، الــذي يعنــي امتلاکنا قــدرات أعلــى، والإفادة مــن الخبــرات الداخليــة، والخبــرات المتراکمــة لــکل مــا حولنــا. (معرض التعليم، 2017م)
ولا تُستثنى المملکة العربية السعودية من هذا التحول الاقتصادي العالمي، الذي من المرجح أنه سيُؤَثّر على مبادرات التنمية في المملکة بعد انتهاء الطفرة النفطية الثانية، ومع رؤية 2030 التي تهدف إلى التخفيف من اعتماد البلاد على النفط، لذا فإن توفير فرص عمل للشباب خارج القطاع العام، يعتبر من أهم الأولويات حيث أن غالبية المواطنين والذي يبلغ تعدادهم 21 مليون مواطن، هم من الشباب، وأکثر من سبعة ملايين منهم في مراحل التعليم المختلفة حالياً، الأمر الذي سيتطلّب تزويد هؤلاء الشباب بمهارات مستقبلية. (الهيئة العامة للإحصاء، 2019م)
وانطلاقاً مــن المســتجدات التــي فرضتهــا منطلقــات رؤيــة المملکــة 2030، والتــي تصبــو إلــى بنــاء مجتمــع حيــوي واقتصـاد مزدهـر ووطـن طمـوح، فإن منطلق التفکير في تقليص الفجوة التي تفصل بيننا وبين العالم المتقدم خاصـة في مجال المعلومات، هو الاستثمار في ميدان التعليم، لما يقدمه مـن مسـاهمات رائـدة وفاعلة في تنمية وتوظيف المعارف والتقنيات، وفي تشکيل مسار التنمية والتحديث على مختلف المستويات، من تقنية وعلمية واقتصادية واجتماعية، حيث أصـبح التعلـيم مـع الثورات المعرفية والتکنولوجية ضرورة من ضرورات تکوين وإعداد القـوى البشـرية.
وقدحقق التعليم العالي في المملکة العربية السعودية قفزات نوعية وکمية استرعت انتباه المهتمين بشؤون التعليم العالي في مختلف دول العالم، وأدخلت وزارة التعليم تغييرات جذرية للوصول إلى هيکلة جديدة للجامعات في المملکة، بحيث تتناسب مع توجهات سوق العمل السعودي والعالمي، عبر مجموعة من البرامج والإجراءات والخطط (القصيرة، والمتوسطة، والطويلة المدى) لتشمل عدداً من المحاور أبرزها: القبول، والاستيعاب، والمواءمة، والجودة، والتمويل، والبحث العلمي، والابتعاث، وأخيراً التخطيط الاستراتيجي. (موقع وزارة التعليم، 2017م)
وقد تحددت أهداف رؤية المملکة العربية السعودية 2030 للتعليم العالي حسب (وثيقة رؤية المملکة 2030م) في النقاط التالية: