نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مشرف تربوي بإدارة التعليم بمحافظة الطائف
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
کلية التربية
کلية معتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم
إدارة: البحوث والنشر العلمي ( المجلة العلمية)
=======
تقويم مسار التربية الفکرية بالمرحلة المتوسطة بالطائف في ضوء معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي
إعــــــــــداد
أ / فواز عبيدالله عبدالله الثبيتي
مشرف تربوي بإدارة التعليم بمحافظة الطائف
أ.د / محمد حسن سيعد آل سفران
أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة الملک خالد
} المجلد السابع والثلاثون– العدد السادس – يونية 2021م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
الملخص:
هدفت الدراسة الحالية إلى تقويم جودة مسار التربية الفکرية بالمرحلة المتوسطة في ضوء معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي من وجهة نظر معلمي ومعلمات التربية الفکرية بمدينة الطائف، حيث تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي، واختير عينة الدراسة بطريقة عشوائية بسيطة؛ حيث بلغت (93) معلماً ومعلمةً، ولتحقق هدف الدراسة أُعدت بطاقة تقويم تضمنت (96) مؤشراً موزعة على (14) بعداً. وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية: أن جودة تطبيق معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي في مسار التربية الفکرية لدى المرحلة المتوسطة في الطائف من وجهة نظر المعلمين والمعلمات متحقق بدرجة کبيرة، حيث بلغ المتوسط الحسابي (2.64) درجة، وتبين أن بعد (القيادة التربوية الفعالة للمدرسة) احتل المرتبة الأولى بمتوسط (2.97)، وجاء في الترتيب الأخير بُعد المکتبات ومصادر التعلم بمتوسط (2.22). وقد تراوحت الأبعاد الأخرى ما بين (2.28– 2.95). وأشارت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.05) في تقييم معايير الموارد البشرية وعمليات التعليم والتعلم والمرافق والتجهيزات المدرسية بالنسبة لمتغير المؤهل العلمي ولصالح حملة الماجستير، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية لصالح حملة البکالوريوس في تقييم معيار الإدارة المالية والتمويل، ووجود فروق جوهرية ذات دلالة إحصائية عند (0.05) في درجات المعايير (الرسالة والقيم والأهداف، الموارد البشرية، عمليات التعليم والتعلم، تقويم تعلم الطلاب وتحسين أدائهم، تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، المرافق والتجهيزات المدرسية، المکتبات ومصادر التعليم، التعامل مع الطلبة والمجتمع المحلي، الإدارة المالية والتمويل، تخطيط للجودة والتحسين المستمر) من وجهة نظر المعلمين والمعلمات" بالنسبة لسنوات الخبرة (أقل من 5 سنوات، 5-10 سنوات، 10-15 سنة، 15 سنة فأکثر) لصالح من لديهم خبرة أقل من 5 سنوات لتقويم مسار التربية الفکرية بالمرحلة المتوسطة بالطائف في ضوء معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي. وأوصت الدراسة بضرورة تحسين مستوى الخدمات التربوية والتعليمية المقدمة لطلبة مسار التربية الفکرية من خلال تطبيق معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي.
الکلمات المفتاحية: مسار التربية الفکرية بالمرحلة المتوسطة بالطائف، معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي، تقويم البرامج
Abstract:
The current study aimed to evaluate the quality of the intellectual education track at the intermediate stage in light of the standards of the organizational model for quality and school accreditation from the point of view of intellectual education teachers in Taif city, where the descriptive analytical approach was used, and the study sample was chosen in a simple random way. As it reached (93) male and female teachers, and to achieve the goal of the study, a calendar card was prepared that included (96) indicators distributed over (14) dimensions. The study found the following results: The quality of implementing the standards of the organizational model for quality and school accreditation in the intellectual education track at the middle stage in Taif from the teachers ’point of view is largely achieved, with the arithmetic average reaching (2.64) degrees, and it was found that the (effective educational leadership of the school) dimension ranked first with an average. 2.97), and the last ranking is for libraries and learning resources with an average (2.22). The other dimensions ranged between (2.28 - 2.95). The results indicated that there are statistically significant differences at the level of (0.05) in the evaluation of human resources standards, teaching and learning processes, school facilities and equipment in relation to the scientific qualification variable and in favor of master's holders, and the existence of statistically significant differences in favor of bachelor’s holders in evaluating the financial management and financing standard, and the existence of substantial differences. Statistical significance of (0.05) in the degrees of standards (mission, values and goals, human resources, teaching and learning processes, evaluation of student learning and improvement of their performance, education of people with special needs, school facilities and equipment, libraries and educational resources, dealing with students and the local community, financial management and finance. Planning for quality and continuous improvement) From the teachers 'and female teachers' point of view, “With regard to years of experience (less than 5 years, 5-10 years, 10-15 years, 15 years and more) For the benefit of those with less than 5 years of experience to evaluate the course of intellectual education in the middle stage in Taif in light of the standards of the organizational model for quality and school accreditation. The study recommended the need to improve the level of educational services provided to students of the intellectual education track by applying the standards of the organizational model for quality and school accreditation.
Key words: the intellectual education track in the middle stage in Taif, the standards for the organizational model for quality and school accreditation, program evaluation
المقدمة
يعد التعليم حق أساسي للإنسان بغض النظر عن أية معوقات تحول دون تعلمه، وهذا يشمل الأفراد ذوي الإعاقة فلا يکاد يخلو أي مجتمع من المجتمعات البشرية من وجود أفرادٍ معاقين على اختلاف إعاقتهم، وقد قدمت المملکة العربية السعودية هذا الحق وکفلته لهذه الفئة أسوة بغيرها من فئات المجتمع.
والتربية التي تُعنى بهذه الفئة يطلق عليها مسمى التربية الخاصة، وتعرف بأنها "جملة البرامج التربوية والتعليمية الوقائية والعلاجية المتخصصة التي تقدم لفئات من الأفراد غير العاديين بهدف رعايتهم ومساعدتهم على تنمية قدراتهم، وتحقيق أهدافهم وتنمية اتجاهاتهم الإيجابية نحو ذواتهم، بما يحقق لهم أکبر قدر من التوافق الشخصي والتربوي والمهني والاجتماعي، وتشمل فئاتٍ رئيسية؛ کالإعاقة الفکرية، والإعاقة السمعية، والإعاقة البصرية، والإعاقة الجسمية والصحية، وصعوبات التعلم، واضطرابات التواصل، واضطرابات السلوک، وغيرها" (الشريف، 2012، ص.21).
وقد شهدت التربية الخاصة تطوراً ملحوظاً في المملکة العربية السعودية، إذ شملت الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة کافة مناطق ومحافظات المملکة، وتميزت الخدمات بتلبية احتياجات الأفراد المستفيدين منها. وکان من أبرز ملامح هذا التطور اهتمام وزارة الشئون الاجتماعية بإنشاء مراکز الخدمة الاجتماعية، وصدور قرارات من مجلس الوزراء يتبنى تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، وصرف الإعانات وتأمين الرعاية (المغلوث، 2006).
هذا وتحظى الإعاقة الفکرية، على وجه الخصوص، باهتمام المختصين والباحثين، وذلک لأن تأثيرها لا يقتصر على جانبٍ واحد فقط من شخصية الفرد، بل يتعداه ليشمل جوانب معرفية واجتماعية ولغوية وانفعالية، بالإضافة إلى تأثيرها على الأسر والمجتمع ککل، ومما يزيد من خطورة الإعاقة الفکرية زيادة معدل انتشارها، حيث وصلت دراسة جنکو (Jenco، 2019) إلى ارتفاع معدل انتشار الإعاقة الفکرية من 0.9% في عام 2009م إلى 1.2% في عام 2019م، وهناک احتمالية لزيادة أو انخفاض هذا المعدل وفقاً للظروف الصحية والتعليمية السائدة في المجتمعات (عبد الله، 2010).
وقد عرَّفت الجمعية الامريکية الإعاقة الفکرية بأنها "عبارة عن عجز يوصف بقصور واضح في الأداء الوظيفي الفکري، والسلوک التکيفي، ويظهر القصور في السلوک التکيفي في المجال الاجتماعي، والعملي، والمفاهيمي، وهذا العجز يکون قبل سن 18" (الناصر، 2010، ص.25).
وفي هذا الصدد، أولت المملکة العربية السعودية اهتماماً کبيراً بذوي الإعاقة الفکرية، فقد تم إنشاء أول معهد للتربية الفکرية عام 1962م في مدينة الرياض. وتوالت بعدها المساعي والجهود الخاصة بإنشاء معاهد أخرى للتربية الفکرية في المملکة، حتى بلغ عددها 9 معاهد في مناطق مختلفة من المملکة (المطيري، 2018).
وشهد المجتمع السعودي منذ التسعينات من القرن المنصرم تغيراً مهماً على صعيد الخدمات التربوية المقدمة لطلبة الإعاقة الفکرية، فقد أصبح تعليمهم يتم في صفوف خاصة ملحقة بالمدارس العادية، والذي يُعتبر اعترافاً ضمنياً بأن هؤلاء الطلبة لديهم استعداد للتعلم (الخطيب والحديد، 2013). بالإضافة إلى أن زيادة جهود وزارة التعليم لإيجاد أفضل الطرق لتعليم طلبة ذوي الإعاقة الفکرية، حيث سعت الوزارة إلى تعليمهم اکسابهم الاستقلالية إضافة للمهارات الأکاديمية الأساسية، کالقراءة والکتابة والحساب (الموسى، 1999).
وتؤکد دراسة القحطاني (2009) على حق طلبة ذوي الإعاقة الفکرية في التعليم والتدريب، وهذا يتأکد بأهمية الأهداف العامة التي تسعى إليها برامج تربيتهم وتعليمهم وهذه الأهداف تتمثل في إکسابهم المهارات الأکاديمية الأساسية الوظيفية، وإکسابهم الکفاءة الشخصية، وذلک بمساعدتهم على الاعتماد على النفس والاستقلالية في حياتهم قدر الإمکان، إضافة إلى إکسابهم السلوکيات الضرورية للتفاعل الاجتماعي المناسب مع الآخرين، وتمکينهم من ممارسة بعض الحرف والمهن البسيطة مما يقلل من شعورهم بالإحباط والدونية، ويمتعهم بالعيش الکريم.
ويشير هارون (2007) إلى أن عملية تعليم ذوي الإعاقة الفکرية مختلف المهارات من الأمور الشاقة لدى الکثير من المعلمين العاملين في مجال التربية الفکرية، ويرجع ذلک إلى عدم تمکن هؤلاء المعلمين من استخدام أنسب استراتيجيات التدريس القائمة على المبادئ المستخلصة من نظريات التعلم، والقائمة على الفهم السليم للخصائص الفريدة لهؤلاء الطلبة ، کما أن الخصائص العقلية والأکاديمية لهؤلاء الطلبة تعد تحدياً يواجه معلمي طلبة ذوي الإعاقة الفکرية، وذلک کونهم يُعانون من قصور واضح في القدرات الوظيفية للجوانب العقلية-المعرفية، ويعود ذلک إلى بطء النمو العقلي لديهم، وتدني نسبة الذکاء، وهذا بدوره يشير إلى أنهم بحاجة إلى وقت أطول لاکتساب المهام وتعلمها.
وأضافت دراسة السليمان (2014) إلى أن الأساليب التعليمية لذوي الإعاقة الفکرية بمدارس الدمج ومعاهد التربية الفکرية ينصب على الجوانب الأکاديمية، وتکريس جهود المعلمين على تدريس المواد التعليمية، کالقراءة والکتابة والرياضيات. وهذه المواد الدراسية، والتي لا ننکر أهميتها، تعتمد على القدرة العقلية العامة "الذکاء"، وهو الجانب الضعيف لدى ذوي الإعاقة الفکرية، والذي تم تصنيف إعاقتهم بموجبه. مع التغاضي الواضح عن جوانب القوة کالقدرات الخاصة وما لديهم من مواهب، إذ أن هنالک إهمال کبير لهذا الجانب، إلى جانب تحديات أخرى لا يسمح المقام هنا بسردها.
ومن جهةٍ أخرى، تعد المرحلة المتوسطة للتربية الفکرية مرحلة مهمة للغاية، حيث يتم فيها إمداد الطلبة القابلين للتعلم بالمعارف والمهارات المناسبة لخصائصهم في تلک المرحلة وإعدادهم للمرحلة الثانوية، ومن منظورٍ علمي، تنبع أهمية هذه المرحلة من کونها مرحلة يمر بها طلبة التربية الفکرية لاکتساب أکبر قدر من المهارات الأکاديمية والاجتماعية والمهنية والتي توفرها مفردات المقررات التي وضعت من قبل إدارة التربية الفکرية في الأمانة العامة للتربية الخاصة. والشائع بين بعض الناس أن تعليم طلبة التربية الفکرية يُمکن أن ينحصر في المرحلة الابتدائية وهذا فهمٌ خاطئ ولغطٌ کبير (القرني، 2005).
إن طلبة المرحلة المتوسطة غالباً ما يظهر لديهم تحسنًا في التحصيل الدراسي، کما تنمو لديهم القدرة على تعلم المهارات واکتساب المعلومات، ويتطور الإدراک لديهم عموماً، کما يزداد اعتمادهم على الفهم، وإصدار الأحکام على الأشياء، وهذا يستدعي أن يراعي المنهج ويهتم بالتطور اللغوي والحسابي والعلمي لدى هؤلاء الطلبة، ناهيک عن تکون المفاهيم المعنوية عن الخير والشر لديهم، والتي تحتاج لمزيد من التوسع في الثقافة الإسلامية، ليستطيع الطلبة أن يميزوا بين مفاهيم الحلال والحرام، ولتنشئتهم نشأة تربوية إسلامية صحيحة (دليل المعلم المرجعي لمناهج التربية الفکرية، 2018).
إن التوجهات الحديثة جاءت لتنادي بضرورة توظيف استراتيجيات تربوية تستند أساساً إلى نتائج الأبحاث العلمية، کما دعت إلى أهمية البحوث العلمية المحکمة التي يراعى فيها أدق المعايير البحثية الإجرائية لفحص مدى فاعلية تلک البرامج أو الاستراتيجيات التربوية ونجاعتها في تحقيق الأهداف المرجوة منها، والعمل على حماية حقوق ذوي الإعاقة وأسرهم في ضرورة الحصول على ممارسات تربوية فعالة (الخطيب وآخرون، 2012).
وحتى يتم اعتبار أي برنامج فعَّال، فلا بد للبرنامج أن يطبق ضمن ثلاثة أهداف رئيسة، وهي تحديد البرنامج التربوي المراد استخدامه، وتطبيق البرنامج، وتقييم فاعلية البرنامج في إحداث التغييرات المرغوب فيها مع التأکيد على تقديم الأدلة الواضحة والعلمية على أن التغيير الحاصل إنما هو نتاج تطبيق تلک الاستراتيجية، ولتحقيق تلک الأهداف، فإن المحلل للأدب النظري يلاحظ أن المحاولات التي تمت في الميدان التربوي الخاص بذوي الإعاقة جاءت للتأکد من مدى ملائمة ممارساته التربوية لمبادئ الممارسات المبنية على البحوث العلمية والتي اشتملت على ثلاثة أنواع من الدراسات، وهي دراسات تختص بدراسة المعايير العامة، ودراسات تحليل البرامج التربوية وتحديد مدى فعاليتها، ودراسات المصداقية العلمية، والتي تهدف إلى الربط بين الدراسات في النوع الثاني وبين الممارسات العملية في النوع الأول للتأکد من مدى المصداقية العلمية ومدى فاعلية تلک البرامج وملائمتها العملية لتحقيق تلک الأهداف (الخطيب، الزعبي، ومجدولين ، 2012).
وقد أشار الخطيب وآخرون (2012) إلى أن عملية تطوير المعايير الخاصة بالبرامج المقدمة لذوي الإعاقة الفکرية تعد أحد أهم الأولويات لدى التربويين، فهذه الإجراءات ترمي إلى تأمين حصول ذوي الإعاقة الفکرية على التعليم الملائم. وبالتالي، فإن متطلبات تحقيق ذلک يقتضي تظافر جهود جميع المعنيين في المجالات التربوية والاجتماعية والصحية للعمل معاً وفق خطط عمل إجرائية ومهنية تتضمن بلوغ وتحقيق تلک الأهداف.
کما حظيت عمليات إصلاح التعليم باهتمام کبير في معظم دول العالم إلى أن أصبح يطلق على هذا العصر "عصر الجودة الشاملة" باعتبارها إحدى الرکائز الأساسية لمسايرة المتغيرات الدولية ومحاولة التکيف معها، والجودة في التعليم کما يحددها الزاوي (2003) عبارة عن معايير عالمية للقياس والاعتراف والانتقال من ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الاتقان والتميز، واعتبار المستقبل هدفاً نسعى إليه جميعاً، ويؤکد محمد (2007) إلى أن مفهوم الجودة في التعليم هو مفهوم متعدد الأبعاد ينبغي أن يشمل على جميع وظائف التعليم وأنشطته، مثل: المناهج الدراسية، والبرامج التربوية والتعليمية، والخدمات التربوية وغيرها.
وتتمثل أهمية الجودة في المؤسسات التعليمية کأداة قياسية وتقويمية متکاملة في إرساء مبدأ تحقيق الجودة المتمثل بتطوير مسار العملية التربوية والتعليمية وتحقيق أهدافها بدرجة عالية من الکفاءة وتخفيف الأعباء والجهود التي تقوم بها المؤسسة التعليمية في الإشراف والمتابعة والتقييم، وتؤکد الجودة على المشارکة والتخطيط الاستراتيجي، کما تسعى الى تحسين نوعية البرامج والخدمات التربوية المقدمة، وخلق بيئة تشجع العاملين في المؤسسة على حمل المسؤولية من أجل تحسين الجودة وبالتالي تشجيع الجميع على أخذ أدوارهم (البکر، 2001).
فالجودة تعمل على القضاء على الهدر في المال والجهد والوقت من خلال تحسين استعمال الموارد وتقليل الکلف، وتسعى إلى التحسين المستمر للعمليات، والأنشطة والخدمات والبرامج، وتلاقي الأخطاء والتصدي لها قبل حدوثها، وتحسين مستويات أداء المؤسسة التعليمية، وخلق مُناخ تنظيمي إيجابي فعَّال يوفر فرص النجاح والنجاح والتمکن من حل المشکلات التي تعيق العمل التعليمي بالطرق العلمية والتعامل معها من خلال الإجراءات التصحيحية والوقائية لمنع حدوثها مستقبلاً، وتحقيق الترابط والتکامل بين جميع العاملين بأسلوب روح الفريق (الخلف، 2000).
فقد أثبتت أنظمة إدارة الجودة العالمية فاعليتها في تحسين وتطوير المؤسسات التعليمية ومنها المؤسسات التعليمية التي تعني بذوي الإعاقة الفکرية. وبالتالي، فإن تطبيق أي نظام من أنظمة إدارة الجودة العالمية بفاعلية من قبل أية مؤسسة تعليمية والحصول على شهادة من جهة مانحة ومعتمدة عالمياً، يؤدي إلى زيادة الثقة بجودة نشاطاتها وأدائها، إلا أن استمرار أية مؤسسة تعليمية يکون منوط بمدى التزام المؤسسة بالتحسين والتطوير والمستمر والإيفاء بمتطلبات الجودة. وقد تختلف مؤشرات ومعايير ضبط الجودة والاعتماد في إعدادها وصياغتها وعمقها واتساعها باختلاف الدول التي تطبقها، إلا أن جميعها تتفق في المحتوى والمضمون والتوجهات (الخطيب والخطيب، 2010).
ونظراً لأن فاعلية برامج التربية الخاصة تتحدد عن طريق قياس مدى تحقيق الأهداف الموضوعة، فإن ضبط الجودة أيضاً يُقاس عن طريق تحقيق الأهداف الموضوعة. وعليه، فإن ضبط الجودة في التربية الخاصة يقاس من خلال البرامج المقدمة عن طريق مدى تحقيق تلک البرامج للأهداف الموضوعة وفق مقاييس مصممة خصيصاً لتقييم تلک البرامج اعتماداً على معايير تقديم الخدمة في تلک البرامج، وهو ما يعرف بضبط الجودة (الخطيب وآخرون، 2012).
ومن المعايير التي تقدم لذوي الإعاقة الفکرية ما أعده مکتب التربية والتعليم لدول الخليج العربي، حيث أصدر النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي في عام 2011م، والذي يُعتبر أحد البرامج التي ينفذها المکتب من أجل تطوير التعليم بالدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهو نموذج يحتوي على أربعة عشر معياراً. ومن خلال هذه المعايير التي وضعها المکتب، يمکن للمختصين الاعتماد عليها في ضبط النوعية في البرامج والخدمات التربوية المقدمة لذوي الإعاقة الفکرية.
وفيما يلي عرض للمعايير الرئيسة التي وضعها مکتب التربية والتعليم لدول الخليج العربي، وهي: الرسالة،والقيم،والأهداف، القيادة التربوية الفعالة للمدرسة، والموارد البشرية، وعمليات التعليم والتعلم، وتقويم تعلم الطلاب وتحسين أدائهم، والمنهج، وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، والخدمات الإرشادية وشؤون الطلاب، والمرافق والتجهيزات المدرسية، والمکتبات ومصادر التعليم، وخدمات الصحة والسلامة، والتعامل مع الطلاب والمجتمع المحلي، والإدارة المالية والتمويل، التخطيط للجودة والتحسين المستمر. ومؤشرات معيار تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، هي: توفر المدرسة خدمات في مجال التربية الخاصة تشمل الکشف والمتابعة، والتحويل للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة بما يتماشى مع النظم السائدة في المنطقة والبلد، وتتخذ المدرسة إجراءات فعالة لتحديد وتوفير الاحتياجات الخاصة للطلاب الذين لديهم إعاقات أو صعوبات في التعلم، وتتخذ المدرسة إجراءات فعالة لتحديد الاحتياجات الخاصة وتوفيرها للطلاب المتفوقين والموهوبين، وتوفر المدرسة للطلاب الذين لديهم إعاقات، أو صعوبات في التعلم مناهج وبرامج خاصة مناسبة، وتوفر المدرسة برامج رعاية، أو إثراء داخل الخطة الدراسية، وتدرس المدرسة مدى فعالية البرامج المقدمة لرعاية الطلاب الذين لديهم إعاقات أو صعوبات في التعلم، وکذلک البرامج المقدمة لرعاية الطلاب المتفوقين والموهوبين، وتوفر المدرسة عددًا کافٍ من المختصين المتدربين في مجال التربية الخاصة، وتهيئة بيئة تعليمية مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، وبناءً على ما تقدم، فقد جاءت هذه الدراسة ساعيةً لتقويم مسار التربية الفکرية بالمرحلة المتوسطة بالطائف في ضوء معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي (الرميح، 2015).
مشکلة الدراسة:
من خلال الاطلاع على دراسة الخطيب (2002) التي أظهرت نتائجها أن نسبة مرتفعة من مراکز ومدارس التربية الخاصة لا يوجد فيها فريق تقييم ولا أدوات مناسبة للتقييم، ودراسة الدويش ( 2006) التي أکدَّت على أن الهيکل التنظيمي الحالي للمدارس الملحق بها برامج التربية الخاصة لا يتسم بالمرونة، ويفتقد إلى وظائف إدارية، وأنه لا يتم اختيار العاملين في هذه البرامج بناءً على معايير معينة، ولا تعد دورات تأهيلية للعاملين فيها، وضعف فرص التواصل والتفاعل بين ذوي الإعاقة وأقرانهم العاديين، وضعف اسهام القطاع الخاص في تمويل المدارس الملحق بها برامج التربية الخاصة، وعدم توافر رؤية ورسالة واضحة للمؤسسة التعليمية، ناهيک عن ضعف خبرة مديري المدارس في التعليم العام بعملية الدمج، اتضح للباحثين أن هناک حاجة إلى تقويم مسار التربية الفکرية بالمرحلة المتوسطة في ضوء معايير النموذج التنظيمي للجودة والاعتماد المدرسي.
کما أکدت دراسة (عبد الله، 2003) برامج التربية الخاصة لم تتضمن برامج تعديل السلوک، وضعف مشارکة الأسرة في تنفيذ البرامج، وأن أساليب التدريس تفتقر إلى التنويع.
وبحکم عمل أحد الباحثين في الطائف وملاحظته أهمية التطوير لبرامج مسار التربية الفکرية، ولإيمان الباحثين بأن التطوير لن يتم إلا من خلال التقويم کما أکدته دراسة القميزي (2017) والتي جاءت نتائجها مؤکدةً على أهمية التقويم (تقويم البرامج والمقررات التربوية في الجامعات العربية والسعودية) في تطوير البرامج والمقررات في الجامعات السعودية. کما أوصت بضرورة الاطلاع ومراجعة البحوث والدراسات العلمية المُحکّمة والمرتبطة بالتقويم حتى يتسنى تحقيق أقصى استفادة منها في تطوير البرامج والمقررات التربوية.
إضافة إلى أن دراسة الجيزاني (2017) أوصت بالاهتمام بالتقويم بشکلٍ أکبر، وأشارت دراسة إبراهيم والکناني (2008) إلى أن التقويم المنتظم يوفّر الحافز لإدخال مزيداً من التحسينات على المناهج الدراسية وتطويرها.
کما أن تطبيق مؤشرات معيار تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة الذي وضعه مکتب التربية والتعليم لدول الخليج العربي أمرٌ ضروري وهام. فالمعايير بشکل عامٍ تُعتبر المنطلق الأساسي في اصلاح التعليم. وفي هذا الصدد، تشير (اللجنة القومية لضمان الجودة والاعتماد، 2008) بأن اصلاح التعليم "وبوصفهِ سبيلاً لتحقيق الجودة النوعية وينظر إلى الإصلاح القائم على المعايير في المؤسسات التربوية على أنه المدخل الحقيقي لضمان تطبيقات إدارة الجودة الشاملة في المدرسة (ص.8).
إن أهمية المعايير المختارة في التقويم تکمن في أنها تعزيز إجراءات المساءلة والمحاسبة للمنظمات التربوية، وترکز جهود التطوير والتحسين والإصلاح وتوجيهها نحو أهدافٍ واضحة ومح