أسباب النزول عند الإمام البغوي بين النظرية والتطبيق

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد –قسم الدراسات الاسلامية کلية التربية والادآب -جامعة تبوک

المستخلص

      يسعى هذا البحث إلى الکشف عن مدى اعتماد المفسرين على أسباب النزول في فهم النص القرآني ،فإن لمعرفة أسباب النزول أهمية کبرى في فهم النص وتفسيره ، ولهذا حرص المفسرون على الاعتماد على أسباب النزول کأصل من أصول التفسير ، واختلفت مناهجهم في تطبيق هذا الأصل في التفسير ، فمنهم من التزم – عند التطبيق - بما تحرر لدى الجمهرة من علماء علوم القرآن من قواعد وأصول نظرية تضبط التعاطي مع أسباب النزول عند تفسير النص القرآني ، فلم يعتمد من أسباب النزول إلا ما صح نقله ، وما کان مزامناً من الأحداث لنزول القرآن لا قبله ولا بعده ، غيرُ واقفٍ بدلالةِ الآية على سبب نزولها فقط ، بل يتجاوز هذا السبب ، فيجعل العبرة بعموم دلالة اللفظ القرآني لا بخصوص سبب نزوله ، ورأينا من تعامل مع أسباب النزول دون مراعاة لهذه الضوابط فأغرق في الشطط لدرجة أنه ربما اعتبر قصة قبل الإسلام سبباً لنزول آية !! وتوسع في إيراد المرويات التي لا يعوَّل على مثلها في حکاية سبب النزول ، وسيتم تطبيق هذه الدراسة على تفسير مفسرٍ شهد بإمامته کثيرون في التفسير والحديث ومختلف فنون العلوم الشرعية ، ألا وهو کتاب تفسير البغوي – رحمه الله .
 
      This research seeks to uncover the extent to which the commentators rely on the causes of revelation in understanding the Qur’an text. Knowing the reasons for revelation is of great importance in understanding and interpreting the text, and for this reason the commentators were keen to rely on the causes of revelation as one of the principles of interpretation, and their methods differed in the application of this principle in interpretation Some of them adhered - upon application - to the principles and theoretical principles that the majority of scholars of the Qur’an had written to control the dealing with the causes of revelation when interpreting the Qur’an text. He is not aware of the meaning of the verse on the reason for its revelation only, but goes beyond this reason, so he makes the lesson in the general sense of the meaning of the Qur’anic expression, not about the reason for its revelation, and we saw those who dealt with the causes of revelation without taking into account these restrictions and drowned in exaggeration to the point that he may have considered a story before Islam as a reason for the revelation of a verse! ! And he expanded on the narrations that are unreliable in the tale of the cause of revelation, and this study will be applied to an interpreter whose imam has witnessed many witnesses in exegesis, hadith, and the various arts of Sharia sciences, namely the book of Tafsir al-Baghawi - may Allah have mercy on him.

الموضوعات الرئيسية


 

 

أسباب النزول عند الإمام البغوی

 

بین النظریة والتطبیق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

د مطیعة بنت هزاع العنزی

أستاذ مساعد –قسم الدراسات الاسلامیة

کلیة التربیة والادآب -جامعة تبوک

mu-alenazi@ut.edu.sa

 

 

 

 

                          ملخص البحث

      یسعى هذا البحث إلى الکشف عن مدى اعتماد المفسرین على أسباب النزول فی فهم النص القرآنی ،فإن لمعرفة أسباب النزول أهمیة کبرى فی فهم النص وتفسیره ، ولهذا حرص المفسرون على الاعتماد على أسباب النزول کأصل من أصول التفسیر ، واختلفت مناهجهم فی تطبیق هذا الأصل فی التفسیر ، فمنهم من التزم – عند التطبیق - بما تحرر لدى الجمهرة من علماء علوم القرآن من قواعد وأصول نظریة تضبط التعاطی مع أسباب النزول عند تفسیر النص القرآنی ، فلم یعتمد من أسباب النزول إلا ما صح نقله ، وما کان مزامناً من الأحداث لنزول القرآن لا قبله ولا بعده ، غیرُ واقفٍ بدلالةِ الآیة على سبب نزولها فقط ، بل یتجاوز هذا السبب ، فیجعل العبرة بعموم دلالة اللفظ القرآنی لا بخصوص سبب نزوله ، ورأینا من تعامل مع أسباب النزول دون مراعاة لهذه الضوابط فأغرق فی الشطط لدرجة أنه ربما اعتبر قصة قبل الإسلام سبباً لنزول آیة !! وتوسع فی إیراد المرویات التی لا یعوَّل على مثلها فی حکایة سبب النزول ، وسیتم تطبیق هذه الدراسة على تفسیر مفسرٍ شهد بإمامته کثیرون فی التفسیر والحدیث ومختلف فنون العلوم الشرعیة ، ألا وهو کتاب تفسیر البغوی – رحمه الله .

 

 

                         

Research abstract

      This research seeks to uncover the extent to which the commentators rely on the causes of revelation in understanding the Qur’an text. Knowing the reasons for revelation is of great importance in understanding and interpreting the text, and for this reason the commentators were keen to rely on the causes of revelation as one of the principles of interpretation, and their methods differed in the application of this principle in interpretation Some of them adhered - upon application - to the principles and theoretical principles that the majority of scholars of the Qur’an had written to control the dealing with the causes of revelation when interpreting the Qur’an text. He is not aware of the meaning of the verse on the reason for its revelation only, but goes beyond this reason, so he makes the lesson in the general sense of the meaning of the Qur’anic expression, not about the reason for its revelation, and we saw those who dealt with the causes of revelation without taking into account these restrictions and drowned in exaggeration to the point that he may have considered a story before Islam as a reason for the revelation of a verse! ! And he expanded on the narrations that are unreliable in the tale of the cause of revelation, and this study will be applied to an interpreter whose imam has witnessed many witnesses in exegesis, hadith, and the various arts of Sharia sciences, namely the book of Tafsir al-Baghawi - may Allah have mercy on him.

 

 

 

                         بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِیمِ

المقدمة :

      إن الحمد لله نحمده ونستعینه ونستهدیه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سیئات أعمالنا ، فإنه من یهد الله فهو المهتد ومن یضلل فلن تجد له ولیَّا مرشدًا.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، المبعوث رحمة للعالمین ، اللهم صل وسلم وبارک علیه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى یوم الدین ، ثم أما بعد/

      فإن لمعرفة أسباب النزول أهمیة کبرى فی فهم النص القرآنی وتفسیره ، ولهذا حرص المفسرون على الاعتماد على أسباب النزول کأصل من أصول التفسیر ، واختلفت مناهجهم فی تطبیق هذا الأصل فی التفسیر ، وعُرف هذا من خلال التتبع والاستقراء أو من خلال نص بعضهم علیه فی مقدمة تفسیره ، فألفینا بعضهم التزم – عند التطبیق - بما تحرر لدى الجمهرة من علماء علوم القرآن من قواعد وأصول نظریة تضبط التعاطی مع أسباب النزول عند تفسیر النص القرآنی ، فلم یعتمد من أسباب النزول إلا ما صح نقله ، وما کان مزامناً من الأحداث لنزول القرآن لا قبله ولا بعده ، غیرُ واقفٍ بدلالةِ الآیة على سبب نزولها فقط ، بل یتجاوز هذا السبب ، فیجعل العبرة بعموم دلالة اللفظ القرآنی لا بخصوص سبب نزوله ، ورأینا من تعامل مع أسباب النزول دون مراعاة لهذة الضوابط فأغرق فی الشطط لدرجة أنه ربما اعتبر قصة قبل الإسلام سبباً لنزول آیة !! وتوسع فی إیراد المرویات التی لا یعوَّل على مثلها فی حکایة سبب النزول .

    وقد أرادت الباحثة أن تقف على مدى التزام کبار المفسرین القدامى بهذه الضوابط فی التعامل مع أسباب عند تفسیر النص القرآنی ، فاختارت کتاباً لمفسراً شهد بإمامته کثیرون فی التفسیر والحدیث ومختلف فنون العلوم الشرعیة ، ألا وهو کتاب تفسیر البغوی – رحمه الله .

أسباب اختیار الموضوع:

   وقد دفعنی لاختیار هذا الموضوع عدة أسباب کان من أهمها:

1-  إمامة البغوی فی التفسیر وتطبیقه لمناهج علوم القرآن فی تفسیره .

2- الوقوف على أثرِ واحدٍ من أهم علوم القرآن – وهو أسباب النزول- فی فهم النص القرآنی.

3-  عدم وجود بحث سابق یتناول منهج البغوی فی الاعتماد على أسباب النزول فی تفسیره للنص القرآنی.

الدراسات السابقة :

1 - الإمام البغوی و کتابه التفسیر: محمد علی محمود عثمان، رسالة دکتوراه أجیزت بجامعة الأزهر سنة 1400هـ .

2 - البغوی الفراء وتفسیره للقرآن الکریم : د. محمد إبراهیم شریف، رسالة ماجستیر، أجیزت بکلیة دار العلوم بجامعة القاهرة، سنة 1406هـ/1986م .

3 - البغوی وابن کثیر ومنهجهما فی التفسیر: دراسة وتحقیق: زینب عبد الرحمن الدخیل، رسالة دکتوراه ، أجیزت بکلیة التربیة للبنات بالریاض.

4 - منهج الإمام البغوی فی عرض القراءات وأثر ذلک فی تفسیره: دراسة نظریة تطبیقیة، طلحة محمد توفیق ملا حسین، جامعة أم القرى.

5- البغوی ومنهجه فی التفسیر: عفاف عبدالغفور حمید ،رسالة  ماجستیر بجامعة بغداد ، ثم نشر فی الطبعة الأولى بمطبعة الإرشاد ببغداد ، سنة 1993م .

منهج البحث :

    طبیعة هذا البحث تقتضی استخدام أکثر من منهج من مناهج البحث العلمی ، فالمنهج الاستقرائی: لتتبع ظاهرة أسباب النزول عند البغوی فی تفسیره ، والمنهج الاستنباطی : لاستنباط منهجه فی اعتماده على أسباب النزول فی التفسیر ، والمنهج المقارن : للمقارنة بین منهج البغوی وغیره من علماء علوم القرآن .

خطة البحث:

    وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة، وستة مباحث ، وخاتمة.

أما المقدمة: فقد بینت فیها فکرة الموضوع ، وأسباب اختیاره ، ومنهج البحث ، والدراسات السابقة ، وخطة البحث .

المبحث الأول : ترجمة موجزه البغوی .

المبحث الثانی : تعریف أسباب النزول وموقف البغوی منها.

المبحث  الثالث: طرق أسباب النزول وموقف البغوی منها.

المبحث الرابع : صیغ أسباب النزول وموقف البغوی منها.

المبحث الخامس : أهمیة أسباب النزول ومدى اعتماد البغوی علیها فی تفسیره.

   المبحث السادس : قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب وموقف        البغوی منها.

   وأسأل الله تعالى أن یسددنا ویهدینا ، وأن یعفو عن زلاتنا، إنه المستعان، وصلى الله على سیدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول

ترجمة موجزه البغوی .

نسبه ونسبته :  

    هو الإمام الحافظ المفسر الفقیه المجتهد محی السنة، أبو محمد الحسین بن مسعود بن محمد الفرَّاء البغوی الشافعی ویلقب برکن الدین ، کان من أبرز العلماء الذین خدموا الکتاب العزیز، والسنة النبویة، دراسةً وتدریسًا، وتألیفاً.[1]

  وله نسبتان : الفراء: نسبة إلى عمل الفراء وبیعها ، والبغوی: بفتح الباء الموحدة، والغین المعجمة وبعدها واو، هذه النسبة إلى بلدة بخراسان بین مرو وهراة یقال لها "بغ" و"بَغْشُوْر" بفتح الباء الموحدة، وسکون الغین المعجمة، وضم الشین، وبعدها واو ساکنة، ثم راء، وهذه النسبة شاذة على خلاف الأصل، هکذا قال السمعانی فی کتاب "الأنساب".[2]

     قال الذهبی : (لا نعرف الکثیر عن نشأته وحیاته المبکرة، کما نجهل ما یتصل بأسرته وعدد أفرادها وذلک کله لأن المصادر التی ترجمت له لا تفصح عن ذلک، ولعل السبب فی هذه الظاهرة أن أسرة الإمام البغوی لم یکن فیها من له باع طویل فی میدان العلم والفقه والکتاب والسنة، فیذکرون بتلک العلوم کما ذُکر، ویُشهرون بها کما شهر، علماً بأن المدینة التی ولد بها ونشأ فیها وهی بلاد خراسان التی أنجبت کثیراً من العلماء).[3]

      وقد کان یمیل فی نفسه إلى الزهد والقناعة والتقشف ، حتى إنه کان لا یأکل إلا الخبز وحده ، فلیم على ذلک ، فصار یأکله مع الزیت ، ویذکر ابن خلکان أنه حین ماتت زوجته لم یأخذ من میراثها شیئا.[4]

أشیاخه :

     دفع الإمام البغوی حبه وحرصه على المعرفة ، وشغفه بالسنة ، أن یرحل فی طلب العلم ، فرحل إلى مرو الروز لیلتقی بإمام عصره الحسین بن محمد المروزی القاضی ، فتتلمذ له وروى عنه ، وأخذ عنه المذهب الشافعی ، وطاف بلاد خراسان وسمع إلى کثیر من علمائها ، ثم رحل إلى (مروالروذ) وکان عمره سبعة وعشرین عاماً ، وقد کانت سماعاته بعد الستین وأربعمائة ، فاتخذها وطنا ثانیا له ، ولم یغادرها حتى توفی .[5]

      وأخذ البغوی العلم عن کثیر من العلماء فی مختلف فی فروع العلم تفسیراً، وحدیثاً، وفقهاً ، ومن أبرزهم:

1 - فقیه الشافعیة وشیخهم القاضی حسین بن محمد المرَوْزی، فقیه خراسان (ت462هـ).

2- عبد الواحد بن أحمد بن أبی القاسم الملیحی الهروی (ت463هـ) ، راوی الصحیح عن النعیمی، وکان صالحًا، أکثر عنه الروایة .[6]

3- الفقیه أبو الحسن علی بن یوسف الجوینی، المعروف: بشیخ الحجاز(ت463هـ) ، صاحب کتاب "السلوة فی علوم الصوفیة" وکان فقیهًا فاضلًا .

4- أبو علی حسان بن سعید المنیعی (ت463هـ).

5- أبو بکر محمد بن عبد الصمد الترابی المروزی، الشیخ الجلیل، المعمر، مُسنِد خراسان، تفرد عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازی، (ت463هـ).[7]

6- أبو بکر یعقوب بن أحمد الصیرفی النیسابوری الشیخ الرئیس، الثقة المُسنِد توفی سنة (ت466هـ ).[8]

7- أبو صالح أحمد بن عبد الملک بن علی بن أحمد بن عبد الصمد بن بکر النیسابوری الصوفی المؤذن، الإمام، الحافظ، الزاهد، المُسند، محدث خراسان، صنف "تاریخ مرو" مات سنة (470) ه.[9]

8- أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داوود بن أحمد بن معاذ الداوودی البوشنجی، الإمام، العلامة، الورع، القدوة جمال الإسلام، شیخ خراسان علمًا، وفضلًا، وجلالة، وسندًا، توفی سنة (467) هـ .[10]

     وعدد کبیر غیر هؤلاء ممن أخذ عنهم البغوی رحمه الله .

تلامیذه:

    وقد کتب الله للبغوی قبولاً بین طلاب العلم لکثرة علمه، وفضله، وسعة معرفته بعلوم کثیرة، فتتلمذ علیه کثیرون ، منهم:

1- أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد حفده العطَّاری- تصحفت فی شذرات الذهب إلى العطاردی والصحیح العطاری -وهو الذی روى کتابی "شرح السنة" ومعالم التنزیل" توفی سنة (571هـ ).

2 - أبو الفتوح محمد بن أبی جعفر محمد بن علی بن محمد الطائی الهمدانی الواعظ المحدث ، صاحب "الأربعین فی إرشاد السائرین إلى منازل الیقین " توفی سنة (555هـ).

3- أبو المکارم فضل الله بن أبی سعید محمد بن أحمد النوقانی الشافعی، وهو آخر من روى عنه بالإجازة، توفی سنة (600هـ) .

4 - الحسن بن مسعود البغوی أبو علی أخو الإمام الحسین البغوی تفقه على أخیه.

5- عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسین بن محمد اللیثی وهو إمام ورع، حافظ لمذهب الشافعی.

6- مثاور بن فزکوه أبو مقاتل الدیلمی الیزدی ، یلقب بعماد الدین، وهو من کبار تلامذته، توفی سنة (546هـ).

7- محمد بن الحسین الزاغولی توفی سنة (559 هـ) .

 وغیرهم کثیرون ممن تتلمذ علیه وأخذ عنه .[11]

عقیدته:

      لقد کان البغوی من الأئمة الذین تقیدوا بالکتاب والسنة، فی مفهوم الاعتقاد وبخاصة فیما یتعلق بأسماء الله وصفاته، ومما یدل على ذلک : تعلیقه على الحدیث الذی رواه مسلم فی القدر: باب تصریف الله تعالى القلوب کیف شاء ، قال رحمه الله : ( والإصبع المذکورة فی الحدیث صفة من صفات الله عز وجل، وکذلک کل ما جاء به الکتاب أو السنة من هذا القبیل فی صفات الله تعالى، کالنفس، والوجه، والعین، والید، والرجل، والإتیان، والمجی، والنزول إلى السماء الدنیا، والاستواء على العرش، والضحک والفرح ..) إلى أن قال:( ... فهذه ونظائرها صفات الله تعالى، ورد بها السمع یجب الإیمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضًا فیها عن التأویل، مجتنبًا عن التشبیه ، معتقدًا أن الباری سبحانه وتعالى لا یشبه شیءٌ من صفاته صفاتِ الخلق، کما لا تشبه ذاتُه ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى: {لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ وَهُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ} الشورى ، وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جمیعًا بالإیمان والقبول، وتجنبوا فیها عن التمثیل والتأویل، ووکلوا العلم فیها إلى الله عز وجل،" ثم یذکر أقوال السلف مدلِّلا على ذلک .[12]

ثناء العلماء علیه:

- قال عنه الإمام الذهبی :( الإمام الحافظ الفقیه المجتهد محیی السنة أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الشافعی ... وبورک له فی تصانیفه لقصده الصالح فإنه کان من العلماء الربانیین، کان ذا تعبد ونسک وقناعة بالیسیر، وکان یأکل کسرة وحدها، فعذلوه، فصار یأکلها بزیت ...).[13]

- وقال عنه تاج الدین السبکی :(کان إمامًا جلیلاً ورعًا زاهدًا فقیهًا محدثًا مفسرًا جامعًا بین العلم والعمل، سالکا سبیل السلف ... ، له فی الفقه الید الباسطة ...).[14]

- وقال عنه ابن کثیر: ( الحسین بن مسعود صاحب التفسیر ... اشتغل على القاضی حسین، وبرع فی هذه العلوم، وکان علامة زمانه، وکان دینا ورعا زاهدا عابدا صالحا ...).[15]

- وقال عنه ابن العماد الحنبلی: (المحدث المفسر صاحب التصانیف وعالم خراسان ... وقال ابن الأهدل: ... وهو صاحب الفنون الجامعة، والمصنفات النافعة مع الزهد والورع والقناعة ...).[16]

- وقال عنه ابن تغری بردی: ( الإمام الحافظ المحدث أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنُ بْنُ مَسْعُودٍ البغوی المعروف بابن الفراء، کان إماما حافظا، رحل إلى البلاد، وسمع الکثیر، وحدّث وألّف وصنف، وکان یقال له: محیی السنة).[17]

- وقال عنه ابن خلکان: (أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنُ بْنُ مَسْعُودٍ ... وصنف فی تفسیر کلام الله تعالى، وأوضح المشکلات من قَوْلِ النَّبِیِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وسلّم، وروى الحدیث ودرّس، وکان لا یلقی الدرس إلا وهو على طهارة ...).[18]

- وقال الإمام الخازن: (... الشیخ الجلیل والحبر النبیل الإمام العالم محیی السنة، قدوة الأمة، وإمام الأئمة، مفتی الفرق، ناصر الحدیث، ظهیر الدِّینِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنُ بْنُ مسعود البغوی).[19]

- وقال عنه السیوطی:( یلقب بمحیی السنة ورکن الدین أیضا، کان إماما فی التفسیر، إماما فی الحدیث، إماما فی الفقه ... وکان لا یلقی الدرس إلا على طهارة ...).[20]

- وقال ابن شهبة: (وکان دیِّنًا، عالمًا، عاملًا على طریقة السلف) .[21]

توفی رحمه الله بمروالرّوذ فی شوال سنة ست عشر وخمسمائة  وهو الذی اختاره الذهبی فی التذکرة ، عن بضعة وسبعین سنة .[22]

 

 

 

                               


 

المبحث الثانی

تعریف أسباب النزول وموقف البغوی منها.

     تنوعت عبارات العلماء فی تعریف سبب النزول وحصر ما یدخل فیه والتنبیه على ما لیس منه کالتالی:

     قال السیوطی (ت911هـ): (والذی یتحرر فی سبب النزول أنه ما نزلت الآیة أیام وقوعه لیخرج ما ذکره الواحدی فی تفسیره فی سورة الفیل من أن سببها قصة قدوم الحبشة ، فإن ذلک لیس من أسباب النزول فی شیء بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضیة ... ).[23]

   وقال الزرقانی (ت1367هـ): (سبب النزول هو ما نزلت الآیة أو الآیات متحدثة عنه أو مبینة لحکمه أیام وقوعه ، والمعنى أنه حادثة وقعت فی زمن النبی صلى الله علیه وسلم أو سؤال وجه إلیه فنزلت الآیة أو الآیات من الله تعالى ببیان ما یتصل بتلک الحادثة أو بجواب هذا السؤال).[24]

     ویبدو أن البغوی لما أراد العملیة التطبیقیة فی تفسیر النص القرآنی لم یشأ أن یثقله بالمقالات النظریة ، فاکتفى بالإشارة إلى ما کتبه العلماء فی هذا ، قال فی مقدمة تفسیره وهو یبین أهمیة علوم القرآن بالنسبة للمفسر :( ... وَلَا حُصُولَ لِهَذِهِ الْمَقَاصِدِ إِلَّا بِدِرَایَةِ تَفْسِیرِهِ وَأَعْلَامِهِ، وَمَعْرِفَةِ أَسْبَابِ نُزُولِهِ وَأَحْکَامِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى ناسخه ومنسوخه، ومعرفة خاصّه وَعَامِّهِ، ثُمَّ هُوَ کَلَامٌ مُعْجِزٌ وَبَحْرٌ عَمِیقٌ لَا نِهَایَةَ لِأَسْرَارِ علومه، ولا إدراک لِحَقَائِقِ مَعَانِیهِ، وَقَدْ أَلَّفَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ فِی أَنْوَاعِ عُلُومِهِ کُتُبًا کُلٌّ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ وَمَبْلَغِ علمه نظرا للخلق، فَشَکَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْیَهُمْ وَرَحِمَ کَافَّتَهُمْ).[25]

     وباستقراء تفسیر البغوی تبین أن مفهوم أسباب النزول عنده لم یخرج عما عند الجمهرة من علماء علوم القرآن ، وهو المفهوم المذکور سابقاً من کلام السیوطی والزرقانی وغیرهما ، ومما یدل على ذلک على سبیل المثال : أنه ذکر فی تفسیر سورة الفیل عدداً من الروایات التی تشرح تفاصیل ما وقع إبان تلک الحادثة ، لکنه لم یذکر أن شیئاً منها کان سبباً لنزول الآیات ، وهذا یؤکد على أن البغوی کان لا یرى سبب النزول إلا الأسئلة التی تُوَجَّه أو الحوادث التی تقع زمن نزول القرآن لا قبله ولا بعده .

وخلاصة کلام العلماء فی سبب النزول أنه ینقسم إلى :

= واقعة حدثت زمن نزول القرآن فنزل القرآن متحدثا عنها أو مبینا لبعض أحکامها .

= سؤال أثیر فنزل القرآن بجوابه .

والسؤال الذی نزل بشأنه قرآن إما أن یُصرح به فی الآیات أو لا ، فمن أمثلة ما صُرّح به ما جاء فی صدر سورة الأنفال قال البغوی – رحمه الله :

"{یسألونک عن الأنفال} الآیة، قال أهل التفسیر: سبب نزول هذه الآیة هو أن النبی صلى الله علیه وسلم قال یوم بدر: "من أتى مکان کذا فله من النفل کذا ومن قتل قتیلا فله کذا ومن أسر أسیرا فله کذا"، فلما التقوا تسارع إلیه الشبان وأقام الشیوخ ووجوه الناس عند الرایات، فلما فتح الله على المسلمین جاءوا یطلبون ما جعل لهم النبی صلى الله علیه وسلم، فقال الأشیاخ: کنا ردءا لکم ولو انهزمتم لانحزتم إلینا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا، وقام أبو الیسر بن عمرو الأنصاری أخو بنی سلمة فقال: یا رسول الله إنک وعدت أن من قتل قتیلا فله کذا ومن أسر أسیرا فله کذا وإنا قد قتلنا منهم سبعین وأسرنا منهم سبعین، فقام سعد بن معاذ رضی الله عنه فقال: والله یا رسول الله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادة فی الأجر ولا جبن عن العدو، ولکن کرهنا أن نعری مصافک فیعطف علیه خیل من المشرکین فیصیبوک، فأعرض عنهما رسول الله صلى الله علیه وسلم. وقال سعید: یا رسول الله إن الناس کثیر والغنیمة دون ذلک، فإن تعط هؤلاء الذین ذکرت لا یبقى لأصحابک کبیر شیء، فنزلت: {یسألونک عن الأنفال}"[26] .

ومن الأمثلة على أن سبب النزول قد یکون سؤالاً - رغم أن الآیة لا تصریح فیها ولا إشارة إلیه - ما أورده البغوی عند تفسیر قوله تعالى: {وإلهکم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحیم} [البقرة: 163] حیث قال :

سبب نزول هذه الآیة أن کفار قریش قالوا یا محمد صف لنا ربک وانسبه فأنزل الله تعالى هذه الآیة وسورة الإخلاص[27] .

أما مثال سبب النزول عقب واقعة فهو ما ذکره البغوی عند تفسیر قوله تعالى {ولا تنکحوا المشرکات حتى یؤمن} [البقرة: 221] حیث قال :

سبب نزول هذه الآیة أن أبا مرثد الغنوی بعثه رسول الله صلى الله علیه وسلم إلى مکة لیخرج منها ناسا من المسلمین سرا، فلما قدمها سمعت به امرأة مشرکة یقال لها عناق، وکانت خلیلته فی الجاهلیة، فأتته وقالت: یا أبا مرثد ألا تخلو؟ فقال لها ویحک یا عناق إن الإسلام قد حال بیننا وبین ذلک، قالت: فهل لک أن تتزوج بی؟ قال نعم، ولکن أرجع إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم فأستأمره، فقالت أبی تتبرم؟ ثم استغاثت علیه فضربوه ضربا شدیدا، ثم خلوا سبیله، فلما قضى حاجته بمکة وانصرف إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم أعلمه بالذی کان من أمره وأمر عناق وما لقی بسببها وقال: یا رسول الله أیحل لی أن أتزوجها؟ فأنزل الله تعالى {ولا تنکحوا المشرکات حتى یؤمن}[28] .

       

 

المبحث  الثالث

طرق معرفة أسباب النزول وموقف البغوی منها.

 

    بناء على ما سبق من تحریر مفهوم سبب النزول ، فإن طرق معرفته تنحصر فی الروایة الصحیحة ، سواء عن النبی – صلى الله علیه وسلم- أو عن أصحابه الذین شاهدوا نزول القرآن ، یقول الواحدی النیسابوری (ت468هـ ) : (وَلَا یَحِلُّ الْقَوْلُ فِی أَسْبَابِ نُزُولِ الْکِتَابِ، إِلَّا بِالرِّوَایَةِ وَالسَّمَاعِ مِمَّنْ شاهدوا التنزیل، ووققوا عَلَى الْأَسْبَابِ، وَبَحَثُوا عَنْ عِلْمِهَا وَجَدُّوا فِی الطِّلَابِ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْوَعِیدِ لِلْجَاهِلِ ذِی الْعِثَارِ فِی الْعِلْمِ بِالنَّارِ... وَأَمَّا الْیَوْمُ فَکُلُّ أَحَدٍ یَخْتَرِعُ شَیْئًا وَیَخْتَلِقُ إِفْکًا وَکَذِبًا مُلْقِیًا زِمَامَهُ إِلَى الْجَهَالَةِ غَیْرَ مُفَکِّرٍ فِی الْوَعِیدِ لِلْجَاهِلِ بِسَبَبِ نُزُولِ الْآیَةِ وَذَلِکَ الَّذِی حَدَا بِی إِلَى إِمْلَاءِ هَذَا الْکِتَابِ الْجَامِعِ لِلْأَسْبَابِ، لِیَنْتَهِیَ إِلَیْهِ طَالِبُوا هَذَا الشَّأْنِ وَالْمُتَکَلِّمُونَ فِی نُزُولِ الْقُرْآنِ، فَیَعْرِفُوا الصِّدْقَ وَیَسْتَغْنُوا عَنِ التَّمْوِیهِ وَالْکَذِبِ وَیَجِدُّوا فِی تَحَفُّظِهِ بَعْدَ السَّمَاعِ وَالطَّلَبِ).[29]

   ویُفهم من کلام الواحدی أنه  لا یجوز الاجتهاد فی معرفة سبب النزول ، لأنه من القول فی القرآن بغیر علم ، وقد قال تعالى: ( وَلا تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ...).[30]

   وقد روى القاسم بن سلَّام (ت224هـ) : ( قال محمد بن سیرین سألتُ عَبِیدة عن آیة من القرآن فقال اتق الله وقل سدادًا ذهب الذین یعلمون فیم أُنزل القرآن).[31]

     وأکد السیوطی (ت911هـ) –أیضاً - على هذا فی لباب النقول .[32]

   (وبما أن أسباب النزول غیر خاضعة للاجتهاد أدخلها علماء الحدیث من الصحابی الذی عاین التنزیل وعاصره فیما له حکم المرفوع، وإن کانت العبارة فیها لفظ الصحابی کحدیث ابن عباس السابق فی جوابه لمروان، فإن اللفظ لابن عباس، لکن له حکم المرفوع أی المنسوب إلى النبی صلى الله علیه وسلم ، وقد اتفق علماء الحدیث على اعتبار قول الصحابی فی سبب النزول له حکم المرفوع، وأخرج المحدثون أسباب النزول فی کتبهم کالبخاری ومسلم وغیرهما ، أما ما یرویه التابعون من أسباب النزول فهو مرفوع أیضًا، لکنه مرسل ، لعدم ذکر الصحابی فیه ، لکن ینبغی الحذر والتیقظ ، فلا نخلط بأسباب النزول ما لیس منها، فقد یقع على لسانهم قولهم: «نزلت هذه الآیة فی کذا»، أو «فی الرجل یفعل کذا». ویکون المراد بیان موضوع الآیة، أو ما دلت علیه من الحکم ، کقوله تعالى: ( وَأَنْفِقُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَیْدِیکُمْ إِلَى التَّهْلُکَةِ) ، أخرج البخاری عن حذیفة فی هذه الآیة قال: «نزلت فی النفقة».[33]

     قال الإمام الزرکشی (ت794هـ): «وقد عُرِف من عادة الصحابة والتابعین أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآیة فی کذا، فإنه یرید بذلک أن هذه الآیة تتضمن هذا الحکم، لا أن هذا کان السبب فی نزولها ... فهو من جنس الاستدلال على الحکم بالآیة، لا من جنس النقل لما وقع».[34]

      ویقول الطاهر ابن عاشور (ت1394هـ) فی المقدمة الخامسة لتفسیره حول (أسباب النزول): " أُولِع کثیرٌ من المفسرین بتطلُّب أسباب نزول آی القرآن، وهی حوادث یروى أن آیات القرآن نزلت لأجلها؛ لبیان حکمها، أو لحکایتها، أو إنکارها، أو غیر ذلک، وأغربوا فی ذلک وأکثروا، حتى کاد بعضهم أن یوهم الناس أن کل آیة من القرآن نزلت على سبب ، وحتى رفعوا الثقة بما ذکروا ؛ بَیْدَ أنَّا نجد فی بعض آی القرآن إشارةً إلى الأسباب التی دعتْ إلى نزولها، ونجد لبعض الآی أسبابًا ثبتت بالنقل دون احتمال أن یکون ذلک رأی الناقل، فکان أمر أسباب النزول دائرًا بین القصد والإسراف، وکان فی غض النظر عنه، وإرسالِ حبله على غاربه خطرٌ عظیم فی فهم القرآن... ولکنی لا أعذر أساطین المفسرین الذین تلقفوا الروایات الضعیفة فأثبتوها فی کتبهم، ولم ینبهوا على مراتبها قوة وضعفًا، حتى أوهموا کثیرًا من الناس أن القرآن لا تنزل آیاته إلا لأجل حوادث تدعو إلیها، وبئس هذا الوهم؛ فإن القرآن جاء هادیًا إلى ما به صلاح الأمة فی أصناف الصلاح، فلا یتوقف نزوله على حدوث الحوادث الداعیة إلى تشریع الأحکام ، نعم إن العلماء توجسوا منها، فقالوا: إن سبب النزول لا یخصص ، إلا طائفة شاذة ادعت التخصیص بها، ولو أن أسباب النزول کانت کلها متعلقة بآیات عامة، لما دخل من ذلک ضر على عمومها؛ إذ قد أراحنا أئمة الأصول حین قالوا: "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، ولکن أسبابًا کثیرة رام رواتها تعیین مرادٍ؛ من تخصیص عام، أو تقیید مطلق، أو إلجاء إلى محمل، فتلک التی قد تقف عرضة أمام معانی التفسیر قبل التنبیه على ضعفها أو تأویلها، وقد قال الواحدی فی أول کتابه فی "أسباب النزول": "أما الیوم، فکل أحد یخترع للآیة سببًا، ویختلق إفکًا وکذبًا، ملقیًا زمامه إلى الجهالة، غیر مفکر فی الوعید"، وقال: "لا یحل القول فی أسباب نزول الکتاب، إلا بالروایة والسماع ممن شاهدوا التنزیل). [35]

 

      ومن خلال تتبع منهج البغوی فی طریق معرفة أسباب النزول فإنه قد تبین أنه :

 یعتمد قول الصحابی فی أسباب النزول :

     ومن أمثلة ذلک :(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ الْیَهُودِ، یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن صوریا قال لِلنَّبِیِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ-: أیّ ملک یأتیک مِنَ السَّمَاءِ؟ قَالَ: «جِبْرِیلُ» ، قَالَ: ذَلِکَ عَدُّونَا مِنَ الْمَلَائِکَةِ، وَلَوْ کَانَ مِیکَائِیلَ لَآمَنَّا بِکَ، إِنَّ جِبْرِیلَ یَنْزِلُ بِالْعَذَابِ وَالْقِتَالِ وَالشِّدَّةِ وإنه عادانا مرارا، کان أَشَدِّ ذَلِکَ عَلَیْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى نَبِیِّنَا: أَنَّ بَیْتَ الْمَقْدِسِ سَیُخَرَّبُ عَلَى یَدِ رَجُلٍ یُقَالُ لَهُ: بُخْتُنَصَّرُ، وَأَخْبَرَنَا بِالْحِینِ الَّذِی یُخَرَّبُ فِیهِ، فَلَمَّا کَانَ وَقْتُهُ بَعَثْنَا رَجُلًا مِنْ أَقْوِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی طَلَبِهِ لیقتله، فَانْطَلَقَ حَتَّى لَقِیَهُ بِبَابِلَ غُلَامًا مِسْکِینًا فَأَخَذَهُ لِیَقْتُلَهُ، فَدَفَعَ عَنْهُ جِبْرِیلُ، وَکَبُرَ بُخْتُنَصَّرُ وَقَوِیَ وَغَزَانَا وَخَرَّبَ بَیْتَ الْمَقْدِسِ، فَلِهَذَا نَتَّخِذُهُ عدوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ).[36]

قال ابن تیمیة رحمه الله :(وقد تنازع العلماء فی قول الصاحب - أى الصحابى- : نزلت هذه الآیة فی کذا، هل یجری مجرى المسند کما یذکر السبب الذی أنزلت لأجله، أو یجری مجرى التفسیر منه الذی لیس بمسند؟ فالبخاری یُدخله فی المسند وغیره لا یدخله فی المسند ، وأکثر المسانید على هذا الاصطلاح کمسند أحمد وغیره، بخلاف ما إذا ذکر سببًا نزلت عقبه ، فإنهم کلهم یُدخلون مثل هذا فی المسند ، وإذا عُرِف هذا، فقول أحدهم: نزلت فی کذا، لا ینافی قول الآخر: نزلت فی کذا، إذا کان اللفظ یتناولهما، کما ذکرناه فی التفسیر بالمثال، وإذا ذکر أحدهم لها سببا نزلت لأجله وذکر الآخر سببا، فقد یمکن صدقهما بأن تکون نزلت عقب تلک الأسباب، أو تکون نزلت مرتین، مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب).[37]

   وتبین کذلک أنه یعتمد قول التابعی فی أسباب النزول :

ومن ذلک صنیعه عند قول الله تعالى :( یسْأَلُونَکَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُکَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَکُمُ اللَّهُ فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیْکُمْ وَاذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسَابِ).[38]

 (قَالَ سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ وَزَیْدِ بْنِ الْمُهَلْهِلِ الطَّائِیَّیْنِ وَهُوَ زَیْدُ الْخَیْلِ الَّذِی سَمَّاهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ- زَیْدَ الْخَیْرِ، قَالَا: یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَصِیدُ بِالْکِلَابِ وَالْبُزَاةِ فَمَاذَا یَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ).[39]

مثال آخر على اعتماد البغوی قول التابعی فی أسباب النزول عند تفسیره لقول الله تعالى : (مَا کَانَ لِلنَّبِیِّ وَالَّذِینَ آمَنُوا أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِکِینَ وَلَوْ کَانُوا أُولِی قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِیمِ)[40] ، قال : (اخْتَلَفُوا فِی سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآیَةِ ، فَقَالَ قَوْمٌ: سَبَبُ نُزُولِهَا مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِیحِیُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النعیمی أنا مُحَمَّدُ بْنُ یُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ ثَنَا أَبُو الْیَمَانِ أَنْبَأَنَا شُعَیْبٌ عَنْ الزُّهْرِیِّ حَدَّثَنِی سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوفاة جاءه رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی أُمَیَّةَ بْنِ الْمُغِیرَةِ فَقَالَ: «أَیْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ کَلِمَةً أُحَاجُّ لَکَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی أُمَیَّةَ بْنِ المغیرة: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ- یَعْرِضُهَا عَلَیْهِ ویعودان بِتِلْکَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا کَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ-: «وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَکَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْکَ» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (مَا کانَ لِلنَّبِیِّ وَالَّذِینَ آمَنُوا أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِکِینَ وَلَوْ کانُوا أُولِی قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِیمِ ، وأنزل الله فی أبی طالب : ( إِنَّکَ لَا تَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ وَلکِنَّ اللَّهَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ) [القصص: 56].[41]

   وأورد بعد هذه الروایة ست روایات أخرى - ما بین مرسل ومتصل – فی أسباب نزول هذه الآیة .

    ویلاحظ أن البغوی – رحمه الله – رغم اعتماده على المرویات فی معرفة سبب النزول إلا أنه یتساهل فی النقل بلا تحقیق ، فکثیراً ما ینقل المرویات بلا إسناد ولعله اکتفى بذکر سنده إجمالاً إلى من أخذ عنهم، قال البغوی – رحمه الله :(وَمَا نَقَلْتُ فِیهِ مِنَ التَّفْسِیرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَبْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ التَّابِعِینَ، وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ مِثْلِ: مُجَاهِدٍ وَعِکْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِی رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ  وَقَتَادَةَ وَأَبِی الْعَالِیَةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ کَعْبٍ الْقُرَظِیِّ، وَزَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْکَلْبِیِّ وَالضَّحَّاکِ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَیَّانَ وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ وَالسُّدِّیِّ وغیرهم، فأکثرها مما أخبرنیه الشَّیْخُ أَبُو سَعِیدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الشُّرَیْحِیُّ الْخُوَارَزْمِیُّ فِیمَا قَرَأْتُهُ عَلَیْهِ، عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِی إِسْحَاقَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الثَّعْلَبِیِّ عَنْ شُیُوخِهِ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، أَمَّا تَفْسِیرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا- ... قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِیُّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِیدٍ الدَّارِمِیُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ صَالِحٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَلْحَةَ الْوَالِبِیِّ عَنْ عبد الله بن عباس ...).[42]

    وکثیراً ما یتوسع فی اعتماد أقوال التابعین فی أسباب النزول کمجاهد بن جبر وعکرمة وسعید بن جبیر والسدی وقتادة ....وغیرهم دون الإشارة إلى رفعهم لمرویاته أو إرسالها ، وهذا یجعلنا أمام قدرٍ کبیر من المرویات التی لا یعول علیها کسبب للنزول فی تفسیر البغوی ، وهذا الموقف مستغرب من البغوی المحدث – رحمه الله- إذ من المفترض أن الرجل من أهل صنعة الحدیث وله به درایة .

غیر أن أقوال العلماء فی توثیق البغوی ومانة تفسیره تدعو للاطمئنان ؛     

قال الإمام علی بن محمد الخازن المتوفى سنة (725 هـ) فی مقدمة تفسیره عن تفسیر البغوی : «من أجل المصنفات فی علم التفسیر وأعلاها وأنبلها وأسناها جامعًا للصحیح من الأقاویل، عاریًا عن الشُّبه والتصحیف والتبدیل، مُحلّى بالأحادیث النبویة، مطرّزا بالأحکام الشرعیة، موشى بالقصص الغریبة وأخبار الماضین العجیبة، مرصعًا بأحسن الإشارات، مخرَّجًا بأوضح العبارات، مفرغًا فی قالب الجمال فی أصح مقال، فرحم الله تعالى مصنفه وأجزل ثوابه وجعل الجنة منقلبه ومآبه» ا. هـ.[43]

     وقال عنه شیخ الإسلام ابن تیمیة(ت 728هـ): ( والبغوی تفسیره مختصر من الثعلبی، لکنه صان تفسیره عن الأحادیث الموضوعة، والآراء المبتدعة).[44]

- وقال –أیضاً - وقد سئل عن أی التفاسیر أقرب إلى الکتاب والسنة: الزمخشری، أم القرطبی، أم البغوی؟ أم غیر هؤلاء: ( أما التفاسیر الثلاثة المسئول عنها فأسلمها من البدعة والأحادیث الضعیفة البغوی، لکنه مختصر من تفسیر الثعلبی، وحذف منه الأحادیث الموضوعة والبدع التی فیه، وحذف أشیاء غیر ذلک).[45]

وجدیر بالذکر أن ننقل هنا کلام محقق تفسیر البغوی (عبد الرزاق المهدی) فیما یتعلق بالرویات التی یذکرها البغوی رحمه الله حیث قال:

 "عامة ما یرویه صحیح أو حسن ، وربما روى الضعیف فمن ذلک: الحدیث برقم: 17 و43 و58 و80 و106 و120 و157 و233 و414 و446 و450 و653 و1119 ، وربما روى الضعیف لکن أشار إلى ذلک حیث ذکره بصیغة التمریض فمن ذلک الحدیث 38 و439 و917 ...، وربما روى الضعیف جدًا: فمن ذلک الحدیث برقم: 308 و439 و446 و488 و593 و628 و1131 و1144،،،- وربما روى الموضوع أو الباطل وهذا نادر جدًا فی هذا التفسیر: فمن ذلک الحدیث برقم: 580 و726 و812 و857 و1094 و891 ، وأکثر ما یقع هذا النوع فی أسباب النزول.

- وربما روى حدیثًا مرفوعًا لکن الراجح وقفه: فمن ذلک الحدیث برقم: 6 و8 و414 و415 و447 و831 و1119 و1144.

- وربما روى حدیثًا ضعیفَ الإسناد لکن له شواهد: فمن ذلک الحدیث: 20 و104 و111 و259 و652 و865 و950 و994 .

- وربما روى حدیثا بعضه صحیح، وبعضه ضعیف أو منکر: فمن ذلک الحدیث برقم: 41 و45 و629 و1022 و1182.

- وربما روى خبرًا وهو منتزع من حدیثین، فمن ذلک الحدیث 871.

- تنبیه: وما ذکرته من أمثلة على الأحادیث الواهیة الواردة فی هذا التفسیر لا یعنی الطعن بهذا الکتاب أو مؤلفه، بل هو حقا أقل التفاسیر ذکرًا للأحادیث الواهیة والمنکرة.

- بل عامة ما ساقه من هذه الأحادیث قد أشار إلى ضعفه فإما جرده عن الإسناد، أو ذکره بصیغة التمریض.

      أو ساق ما ورد مرفوعًا على أنه موقوف ونحو ذلک.

     وقد قال رحمه الله فی مقدمته: "وما ذکرته مِنْ أَحَادِیثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ- فِی أَثْنَاءِ الْکِتَابِ عَلَى وِفَاقِ آیَةٍ أَوْ بَیَانِ حُکْمٍ، فَإِنَّ الْکِتَابَ یُطْلَبُ بیانه من السنة، وعلیها مَدَارُ الشَّرْعِ وَأُمُورُ الدِّینِ، فَهِیَ مِنَ الْکُتُبِ الْمَسْمُوعَةِ لِلْحُفَّاظِ وَأَئِمَّةِ الحدیث" .

وقد ساق المصنف عامة الآثار الموقوفة والمقطوعة فی أثناء الکتاب بدون إسناد، واکتفى بأنه ساق إسناده إلى هؤلاء الأئمة فی أول الکتاب، قصد بذلک الاختصار، ومما یؤخذ على المصنف -رحمه الله- نقله عن الکلبی ومقاتل وجویبر وغیرهم ممن هو متروک أو متهم بالکذب، لکن الظاهر أنه تابع غیره ، فعامة المفسرین ینقلون عن هؤلاء وغیرهم ، وأکثر ما نُقل عن هؤلاء هو فی باب أسباب النزول".[46]

 

 

 

المبحث الخامس

أهمیة أسباب النزول فی تفسیر النص القرآنی ومدى اعتماد البغوی علیها فی تفسیره

 

أولاً : أهمیة أسباب النزول فی تفسیر النص القرآنی :

     إن لأسباب النزول أهمیة بالغة فی تفسیر النص القرآنی ، بل فی کثیر من الأحیان یتوقف الفهم على معرفة سبب النزول ، وقد نص کثیر من الأئمة على أهمیة أسباب النزول فی تفسیر الآیة، فمن ذلک :

    قال الواحدی(ت468هـ) رحمه الله :(لا یمکن معرفة تفسیر الآیة، دون الوقوف على قصتها وبیان نزولها ).[47]

      وقال ابن دقیق العید(ت702هـ) رحمه الله : (بیان سبب النزول طریق قوی فی فهم معانی القرآن) [48].

    وکذلک أکد ابن تیمیة(ت 728هـ) رحمه الله بقوله : (معرفة سبب النزول یُعیِنُ على فهم الآیة، فإن العلم بالسبب یورث العلم بالمسبب) [49]

      وأراد الزرکشی (ت794هـ) أن یزید فی التأکید على أهمیة أسباب النزول فی التفسیر فجلعه أول ما بدأ به من أنواع علوم القرآن فقال :( النَّوْعُ الْأَوَّلُ:مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ النُّزُولِ ، وَقَدِ اعْتَنَى بِذَلِکَ الْمُفَسِّرُونَ فِی کُتُبِهِمْ وَأَفْرَدُوا فِیهِ تَصَانِیفَ مِنْهُمْ عَلِیُّ بْنُ الْمَدِینِیِّ شَیْخُ الْبُخَارِیِّ وَمِنْ أَشْهَرِهَا تَصْنِیفُ الْوَاحِدِیِّ فِی ذَلِکَ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ لِجَرَیَانِهِ مَجْرَى التَّارِیخِ وَلَیْسَ کَذَلِکَ بَلْ لَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا وَجْهُ الْحِکْمَةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى تَشْرِیعِ الْحُکْمِ ، وَمِنْهَا تَخْصِیصُ الْحُکْمِ بِهِ عِنْدَ مَنْ یَرَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِخُصُوصِ السَّبَبِ ، وَمِنْهَا الْوُقُوفُ عَلَى الْمَعْنَى .... وَمِنَ الْفَوَائِدِ أَیْضًا دَفْعُ تَوَهُّمِ الْحَصْرِ قَالَ الشَّافِعِیُّ مَا مَعْنَاهُ فِی مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَا أَجِدُ فِی ما أوحی إلی محرما} الْآیَةَ إِنَّ الْکُفَّارَ لَمَّا حَرَّمُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَأَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَکَانُوا عَلَى المضادة والمحادة جاءت الْآیَةُ مُنَاقِضَةً لِغَرَضِهِمْ فَکَأَنَّهُ قَالَ لَا حَلَالَ إِلَّا مَا حَرَّمْتُمُوهُ وَلَا حَرَامَ إِلَّا مَا أَحْلَلْتُمُوهُ نَازِلًا مَنْزِلَةَ مَنْ یَقُولُ لَا تَأْکُلِ الْیَوْمَ حَلَاوَةً فَتَقُولُ لَا آکُلُ الْیَوْمَ إِلَّا الْحَلَاوَةَ وَالْغَرَضُ الْمُضَادَّةُ لَا النَّفْیُ وَالْإِثْبَاتُ عَلَى الْحَقِیقَةِ فَکَأَنَّهُ قَالَ لَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَلَّلْتُمُوهُ مِنَ الْمَیْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِیرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَلَمْ یَقْصِدْ حِلَّ ما وراءه إذا الْقَصْدُ إِثْبَاتُ التَّحْرِیمِ لَا إِثْبَاتُ الْحِلِّ).[50]

     فمعرفة سبب النزول تفید المفسر فی بیان الحکمة التی دعت إلى تشریع حکم من الأحکام ؛ وإدراک مراعاة الشرع للمصالح العامة فی علاج الحوادث، کما أنها تفید فی دفع الإشکال عن الآیات ، فمثلاً : عند ما یقرأ القارئ (إِنَّ الصَّفا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَیْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَیْهِ أَنْ یَطَّوَّفَ بِهِما) [البقرة: 158]، فقد یفهم منها أنها تُسقط فرضیة السعی بین الصفا والمروة، کما فهم ذلک عروة بن الزبیر، فلما سأل خالته عائشة - رضی الله عنها - قالت له: لو کان الأمر کما فهمت لقیل: لا جناح علیه ألا یطوف بهما، ثم بینت له سبب النزول، وأنها نزلت فی الأنصار، حیث أنهم کانوا قبل أن یسلموا یهلون لمناة الطاغیة، فلما أسلموا تحرجوا من السعی خشیة أن یکون مشابهاً لفعلهم فی الجاهلیة، فسألوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ- فنزلت الآیة، فلیس لأحدٍ أن یترک الطواف بینهما  .[51]

وفائدة سبب النزول فی دفع الإشکال عن فهم الآیات باب واسع ولهذا نذکر له مثالا ثانیا :

وهو ما ورد فی سبب نزول قوله تعالى فی سورة هود { فَلَعَلَّکَ تارِکٌ بَعْضَ ما یُوحى إِلَیْکَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُکَ أَنْ یَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَیْهِ کَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَکٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِیرٌ وَاللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ وَکِیلٌ (12) }

قال ابن عطیة – رحمه الله - :

" سبب هذه الآیات أن کفار قریش قالوا: یا محمد لو ترکت سب آلهتنا وتسفیه آبائنا لجالسناک واتبعناک. وقالوا: ائت بقرآن غیر هذا أو بدله، ونحو هذا من الأقوال"[52] .

ثم دفع ابن عطیة الإشکال عن الآیة قائلاً : "خاطب الله تعالى نبیه صلى الله علیه وسلم على هذه الصورة من المخاطبة، ووقفه بها توقیفا رادا على أقوالهم ومبطلا لها، ولیس المعنى أنه صلى الله علیه وسلم هم بشیء من ذلک فزجر عنه، فإنه لم یرد قط ترک شیء مما أوحی إلیه، ولا ضاق صدره، وإنما کان یضیق صدره بأقوالهم وأفعالهم وبعدهم عن الإیمان"[53] .

    فلو لم یعرف المفسر أسباب النزول سوف تختلط علیه مثل هذه الآیات، فلا بد إذن من استجماع هذا الأصل قبل التفسیر.

ومما سبق یتبین أن لمعرفة سبب النزول فوائد أهمها :

=  وَجْهُ الْحِکْمَةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى تَشْرِیعِ الْحُکْمِ .

=  تَخْصِیصُ الْحُکْمِ بِهِ عِنْدَ مَنْ یَرَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِخُصُوصِ السَّبَبِ .

=  الْوُقُوفُ عَلَى الْمَعْنَى .

=  دَفْعُ تَوَهُّمِ الْحَصْرِ.

= دفع الإشکال عن الآیات.

 

 

ثانیاً : مدى اعتماد البغوی أسباب النزول فی تفسیره:

     من خلال تتبع واستقراء تفسیر البغوی – رحمه الله – تبین تأکیده على أهمیة أسباب النزول فی تفسیر النص القرآنی ، لکنه لم یذکر ذلک نظریاً ، وإنما مارسه عملیاً فی تفسیره واعتمده کأصل من أصول التفسیر عنده .

فمن الأمثلة على توظیفه لسبب النزول فی فهم معنى الآیة وتوضیحه ما أورده عند تفسیر قوله تعالى {إن الله لا یستحیی أن یضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} [البقرة: 26] حیث قال :

"سبب نزول هذه الآیة أن الله تعالى لما ضرب المثل بالذباب والعنکبوت فقال: {إن الذین تدعون من دون الله لن یخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} [الحج: 73] وقال: {مثل الذین اتخذوا من دون الله أولیاء کمثل العنکبوت اتخذت بیتا} [العنکبوت: 41] قالت الیهود: ما أراد الله بذکر هذه الأشیاء الخسیسة ؟ وقیل: قال المشرکون: إنا لا نعبد إلها یذکر مثل هذه الأشیاء فأنزل الله تعالى {إن الله لا یستحیی} أی لا یترک ولا یمنعه الحیاء {أن یضرب مثلا} یذکر شبها، {ما بعوضة} ما: صلة، أی مثلا بالبعوضة"[54] .

ومما أورده البغوی من أسباب النزول المبینة للحکمة التی دعت لتشریع الحُکم ما ذکره فی تفسیر الآیة الرابعة من سورة المائدة حیث قال :

"قوله عز وجل: {یسألونک ماذا أحل لهم} الآیة، قال سعید بن جبیر: نزلت هذه الآیة فی عدی بن حاتم وزید بن المهلهل الطائیین وهو زید الخیل الذی سماه رسول الله صلى الله علیه وسلم زید الخیر، قالا یا رسول الله إنا قوم نصید بالکلاب والبزاة فماذا یحل لنا منها؟ فنزلت هذه الآیة .

وقیل: سبب نزولها أن النبی صلى الله علیه وسلم لما أمر بقتل الکلاب قالوا: یا رسول الله ماذا یحل لنا من هذه الأمة التی أمرت بقتلها؟ فنزلت هذه الآیة فلما نزلت أذن رسول الله صلى الله علیه وسلم فی اقتناء الکلاب التی ینتفع بها، ونهى عن إمساک ما لا نفع فیه منها"[55] .

ومما أورده البغوی من أسباب النزول التی تدفع الإشکال فی فهم الآیة ما ذکره عند تفسیر قوله عز وجل: {لیس على الذین آمنوا وعملوا الصالحات جناح فیما طعموا} [المائدة : 93] حیث قال :

"سبب نزول هذه الآیة أن الصحابة رضوان الله علیهم قالوا لما نزل تحریم الخمر: یا رسول الله کیف بإخواننا الذین ماتوا وهم یشربون الخمر ویأکلون من مال المیسر؟ فأنزل الله تعالى: {لیس على الذین آمنوا وعملوا الصالحات جناح فیما طعموا} وشربوا من الخمر وأکلوا من مال المیسر، {إذا ما اتقوا} الشرک، {وآمنوا} وصدقوا، {وعملوا الصالحات ثم اتقوا} الخمر والمیسر بعد تحریمهما، {وآمنوا ثم اتقوا} ما حرم الله علیهم أکله وشربه، {وأحسنوا والله یحب المحسنین}"[56] .

فسبب النزول هنا رفع الإشکال فی فهم الآیة الکریمة حیث یُظن أنها تُحل للمسلمین أن یطعموا ما أرادوا ولیس الأمر کذلک.

    وعلى طریقة أهل الإحصاء استعمل البغوی عبارة :( نزلت فی ..) ، نحو (314) مرة ، وعبارة :( وَسَبَبُ نُزُولِهَا..) عدة مرات ، وعبارة :( وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآیَةِ) نحو (12) مرة ، وهذا یشیر بوضوح إلى مدى تعویل البغوی على أسباب النزول فی تفسیره ، بل إنه یجعله الخطوة الأولى فی فهم الآیة ، وهاک بعض الأمثلة التطبیقیة على ذلک :

المثال الأول : فی قوله تعالى : ({الَّذِینَ آتَیْنَاهُمُ الْکِتَابَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَزَلَتْ فِی أَهْلِ السَّفِینَةِ الَّذِینَ قَدِمُوا مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَکَانُوا أَرْبَعِینَ رَجُلًا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَثَمَانِیَةٌ مِنْ رُهْبَانِ الشَّامِ مِنْهُمْ بَحِیرَا .[57]

المثال الثانی : فی قَوْلُهُ تَعَالَى:( {یَسْأَلُونَکَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} نَزَلَتْ فِی مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمٍ الْأَنْصَارِیَّیْنِ قَالَا: یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْهِلَالِ یَبْدُو دَقِیقًا ثُمَّ یَزِیدُ حَتَّى یَمْتَلِئَ نُورًا ثُمَّ یَعُودُ دَقِیقًا کَمَا بَدَأَ وَلَا یَکُونُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {یَسْأَلُونَکَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}.[58]

المثال الثالث : قوله تعالى :({قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ} إِلَى آخَرِ السُّورَةِ ، نَزَلَتْ فِی رَهْطٍ مِنْ قُرَیْشٍ مِنْهُمُ: الْحَارِثُ بْنُ قَیْسٍ السَّهْمِیُّ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ، وَالْأَسْوَدُ  بْنُ عَبْدِ یَغُوثَ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمَطْلَبِ بن أسد، وَأُمِّیَّةُ بْنُ خَلَفٍ، قَالُوا: یَا مُحَمَّدُ هَلُمَّ فَاتَّبِعْ دِینَنَا وَنَتَّبِعُ دِینَکَ وَنُشْرِکُکَ فِی أَمْرِنَا کُلِّهِ، تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً وَنَعْبُدُ إِلَهَکَ سَنَةً، فَإِنْ کَانَ الَّذِی جِئْتَ بِهِ خَیْرًا کُنَّا قَدْ شَرَکْنَاکَ فِیهِ وَأَخَذْنَا حَظَّنَا مِنْهُ، وَإِنْ کَانَ الَّذِی بِأَیْدِینَا خَیْرًا کُنْتَ قَدْ شَرَکْتَنَا فِی أَمْرِنَا وَأَخَذْتَ بِحَظِّکَ مِنْهُ، فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أُشْرِکَ بِهِ غَیْرَهُ، قَالُوا: فَاسْتَلِمْ بَعْضَ آلِهَتِنَا نُصَدِّقُکَ وَنَعْبُدُ إِلَهَکَ، فَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ مَا یَأْتِی مِنْ عِنْدِ رَبِّی، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "قُلْ یَا أَیُّهَا الْکَافِرُونَ" إِلَى آخَرِ السُّورَةِ، فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ الحرام وفیه الملاء مِنْ قُرَیْشٍ، فَقَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ ثُمَّ قَرَأَهَا عَلَیْهِمْ حَتَّى فَرَغَ مِنَ السُّورَةِ، فَأَیِسُوا مِنْهُ عِنْدَ ذَلِکَ وَآذَوْهُ وَأَصْحَابَهُ ). [59]

المثال الرابع : فی قوله تعالى :( وَمَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَیَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لَا یَحْتَسِبُ وَمَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِکُلِّ شَیْءٍ قَدْرًا )... وَأَکْثَرُ الْمُفَسِّرِینَ قَالُوا: نَزَلَتْ فِی عَوْفِ بْنِ مَالِکٍ الْأَشْجَعِیِّ، أَسَرَ الْمُشْرِکُونَ ابْنًا لَهُ یُسَمَّى مَالِکًا فَأَتَى النَّبِیَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْرَ الْعَدُوُّ ابْنِی، وَشَکَا أَیْضًا إِلَیْهِ الْفَاقَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقِ اللَّهَ وَاصْبِرْ وَأَکْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِکَ ، فَبَیْنَمَا هُوَ فِی بَیْتِهِ إِذْ أَتَاهُ ابْنُهُ وَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ الْعَدُوُّ، فَأَصَابَ إِبِلًا وَجَاءَ بِهَا إِلَى أَبِیهِ ) .[60]( وَرَوَى الْکَلْبِیُّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَتَغَفَّلَ عَنْهُ الْعَدُوُّ، فَاسْتَاقَ غَنَمَهَمْ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى أَبِیهِ، وَهِیَ أَرْبَعَةُ آلَافِ شَاةٍ. فَنَزَلَتْ: "وَمَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا"  فِی ابْنِهِ).[61]

وهذه الأمثلة – وغیرها – کافیة فی بیان مدى اعتماد البغوى على أسباب النزول فی فهم النص القرآنی وتفسیره .

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا تعددت الروایات واختلفت فی سبب النزول فإن البغوی – رحمه الله – یعددها ولا یُرجح بینها غالبا ، ومن أمثلة ذکره لاختلاف سبب النزول دون ترجیح ما ذکره عند تفسیر الىیة (113) من سورة التوبة حیث قال :

"{ما کان للنبی والذین آمنوا أن یستغفروا للمشرکین} اختلفوا فی سبب نزول هذه الآیة.

قال قوم: سبب نزولها: ما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد الملیحی، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعیمی، أخبرنا محمد بن یوسف، حدثنا محمد بن إسماعیل، حدثنا أبو الیمان، أنبأنا شعیب، عن الزهری، حدثنی سعید بن المسیب عن أبیه. قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله علیه وسلم، فوجد عنده أبا جهل، وعبد الله بن أبی أمیة بن المغیرة: فقال: أی عم قل: لا إله إلا الله کلمة أحاج لک بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أبی أمیة: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم یزل رسول الله صلى الله علیه وسلم یعرضها علیه ویعیدان بتلک المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما کلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن یقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله علیه وسلم: والله لأستغفرن لک ما لم أنه عنک، فأنزل الله تعالى: {ما کان للنبی والذین آمنوا أن یستغفروا للمشرکین ولو کانوا أولی قربى من بعد ما تبین لهم أنهم أصحاب الجحیم} وأنزل فی أبی طالب: "إنک لا تهدی من أحببت ولکن الله یهدی من یشاء" ....

وقال أبو هریرة وبریدة: لما قدم رسول الله صلى الله علیه وسلم مکة أتى قبر أمه آمنة فوقف علیه حتى حمیت الشمس رجاء أن یؤذن له فیستغفر لها فنزلت: {ما کان للنبی والذین آمنوا أن یستغفروا للمشرکین}  الآیة.

أخبرنا إسماعیل بن عبد القاهر، حدثنا عبد الغافر بن محمد، حدثنا محمد بن عیسى الجلودی، حدثنا إبراهیم بن محمد بن سفیان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بکر بن أبی شیبة، أنبأنا محمد بن عبید، عن یزید بن کیسان، عن أبی حازم، عن أبی هریرة قال: زار النبی صلى الله علیه وسلم قبر أمه فبکى وأبکى من حوله فقال: "استأذنت ربی عز وجل فی أن أستغفر لها فلم یؤذن لی واستأذنته فی أن أزور قبرها فأذن لی فزوروا القبور، فإنها تذکر الموت"  .

{وما کان استغفار إبراهیم لأبیه إلا عن موعدة وعدها إیاه فلما تبین له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهیم لأواه حلیم } [التوبة : 114].

قال قتادة قال النبی صلى الله علیه وسلم: ": "لأستغفرن لأبی. کما استغفر إبراهیم لأبیه" فأنزل الله تعالى هذه الآیة: {ما کان للنبی والذین آمنوا أن یستغفروا للمشرکین ولو کانوا أولی قربى من بعد ما تبین لهم أنهم أصحاب الجحیم}"[62] .

فمن الواضح أن البغوی – رحمه الله – ذکر أکر من روایة فی سبب النزول ، وقد اختلفت الروایات فیمن نزلت الآیات؟ فی أبی طالب؟ أم فی أم النبی – صلى الله علیه وسلم؟ أم فی أبیه – صلى الله علیه وسلم؟ واکتفى البغوی – رحمه الله – بذکر الروایات دزن ترجیح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث السادس

قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب وموقف البغوی منها.

      

         مما ینبغی الوقوف علیه فی أسباب النزول القرآنی عند الإمام البغوی – رحمه الله - معرفة موقفه من قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب ، وهل کان یراها ؟ أم یرى خلافها ؟

      وقد قمت باستقراء موقف البغوی من قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب فی تفسیره ، وأعرضها فی النقاط التالیة :

أولاً : المراد عموم اللفظ وخصوص السبب وأقوال العلماء فی ذلک :

  ومعناه أن یأتی الجواب أعم من السبب ویکون السبب أخص من لفظ الجواب ، وذلک جائز عقلا وواقع فعلا لأنه لا محظور فیه ولا قصور بل إن عمومه مع خصوص سببه موف بالغایة ومؤد للمقصود وزیادة.

بید أن العلماء اختلفوا فی حکمه أعموم اللفظ هو المعتبر أم خصوص السبب؟.

   ذهب الجمهور إلى أن الحکم یتناول کل أفراد اللفظ سواء منها أفراد السبب وغیر أفراد السبب، ومثال ذلک: حادثة قذف هلال بن أمیة لزوجته وقد نزل فیها قول الله تعالى: {وَالَّذِینَ یَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الخ [63]، ویلاحظ أن السبب خاص وهو قذف هلال ، لکن جاءت الآیة النازلة فیه بلفظ عام -کما ترى- وهو لفظ {وَالَّذِینَ یَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} ، وهو اسم موصول والموصول من صیغ العموم وقد جاء الحکم بالملاعنة فی الآیة محمولاً علیه من غیر تخصیص، فیتناول بعمومه أفراد القاذفین فی أزواجهم ولم یجدوا شهداء إلا أنفسهم سواء منهم هلال بن أمیة صاحب السبب وغیره  ولا نحتاج فی سحب هذا الحکم على غیر هلال إلى دلیل من قیاس أو سواه ، بل هو ثابت بعموم هذا النص، ومعلوم أنه لا قیاس ولا اجتهاد مع النص، ذلک مذهب الجمهور.[64]

      وقال غیر الجمهور: إن العبرة بخصوص السبب، ومعنى هذا أن لفظ الآیة یکون مقصورًا على الحادثة التی نزل هو لأجلها ، أما أشباهها فلا یُعلم حکمها من نص الآیة ، إنما یُعلم بدلیل مستأنف آخر هو القیاس إذا استوفى شروطه ... فآیة القذف السابقة النازلة بسبب حادثة هلال مع زوجه خاصة بهذه الحادثة وحدها على هذا الرأی، أما حکم غیرها مما یشبهها فإنما یُعرف قیاسًا علیها ...وهذا الخلاف القائم بین الجمهور وغیرهم محله إذا لم تقم قرینة على تخصیص لفظ الآیة العام بسبب نزوله، أما إذا قامت تلک القرینة فإن الحکم یکون مقصورًا على سببه لا محالة بإجماع العلماء.[65]

    والنص العام الوارد على سبب یتعدى عند الجمهور وغیرهم لیعم أفراد غیر السبب، إلا أن الجمهور یقولون إنه یتناولهم بهذا النص نفسه وغیر الجمهور یقولون إنه لا یتناولهم إلا قیاسا أو بنص آخر.

    یقول ابن تیمیة –رحمه الله :(وقد یجیء کثیرا من هذا الباب قولهم: هذه الآیة نزلت فی کذا، لاسیما إن کان المذکور شخصا؛ کأسباب النزول المذکورة فی التفسیر، کقولهم: إن آیة الظهار نزلت فی امرأة اوس بن الصامت، وإن آیة اللعان نزلت فی عویمر العَجْلانی أو هلال بن أمیة، وإن آیة الکلالة نزلت فی جابر بن عبد الله، وإن قوله: {وَأَنِ احْکُم بَیْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ} [المائدة: 49] نزلت فی بنی قُرَیْظَة والنَّضِیر، وأن قوله: {وَمَن یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَه} [الأنفال: 16] نزلت فی بَدْر، وأن قوله: {شَهَادَةُ بَیْنِکُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] نزلت فی قضیة تَمِیم الداری وَعدیّ بن بَدَّاء، وقول أبی أیوب إن قوله: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَیْدِیکُمْ إِلَى التَّهْلُکَةِ} [البقرة: 195] : نزلت فینا معشر الأنصار، الحدیث. ونظائر هذا کثیر مما یذکرون أنه نزل فی قوم من المشرکین بمکة، أو فی قوم من أهل الکتاب الیهود والنصارى، أو فی قوم من المؤمنین ، فالذین قالوا ذلک لم یقصدوا أن حکم الآیة مختص بأولئک الأعیان دون غیرهم، فإن هذا لا یقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا فی اللفظ العام الوارد على سبب هل یختص بسببه أم لا؟ فلم یقل أحد من علماء المسلمین: إن عمومات الکتاب والسنة تختص بالشخص المعین، وإنما غایة ما یقال: إنها تختص بنوع ذلک الشخص فیعم ما یشبهه، ولا یکون العموم فیها بحسب اللفظ ، والآیة التی لها سبب معین، إن کانت أمرا ونهیا فهی متناولة لذلک الشخص ولغیره ممن کان بمنزلته، وإن کانت خبرًا بمدح أو ذم فهی متناولة لذلک الشخص وغیره ممن کان بمنزلته أیضًا).[66]

    ولعل ثمرة هذا الخلاف ترجع إلى أمرین: أحدهما أن الحکم على أفراد غیر السبب مدلول علیه بالنص النازل فیه عند الجمهور. وذلک النص قطعی المتن اتفاقا وقد یکون مع ذلک قطعی الدلالة. أما غیر الجمهور فالحکم عندهم على غیر أفراد السبب لیس مدللا علیه بذلک النص بل القیاس أو الحدیث المعروف وکلاهما غیر قطعی ، الثانی : أن أفراد غیر السبب کلها یتناولها الحکم عند الجمهور ما دام اللفظ قد تناولها، أما غیر الجمهور فلا یسحبون الحکم إلا على ما استوفى شروط القیاس منها دون سواه إن أخذوا فیه بالقیاس.[67]

ثانیاً : موقف البغوی من قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب:

     لم ینص البغوی – رحمه الله -على موقفه من قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب فی مقدمة تفسیره ، لکن من خلال التتبع والاستقراء تبین أنه سار على مذهب الجمهور واعتمده فی تناوله للآیات القرآنیة التی ارتبط نزولها بسبب .

ثالثاً : أمثلة تطبیقیة لبیان موقف البغوی من قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب:

ومن أمثلة ذلک ما ذکره فی تفسیر الآیة (33) من سورة النور حیث قال:

""قوله تعالى: {والذین یبتغون الکتاب} أی: یطلبون المکاتبة، {مما ملکت أیمانکم فکاتبوهم} سبب نزول هذه الآیة ما روی أن غلاما لحویطب بن عبد العزى سأل مولاه أن یکاتبه فأبى علیه، فأنزل الله هذه الآیة فکاتبه حویطب على مائة دینار، ووهب له منها عشرین دینارا فأداها، وقتل یوم حنین فی الحرب.

والکتابة أن یقول الرجل لمملوکه: کاتبتک على کذا من المال، ویسمی مالا معلوما، یؤدى ذلک فی نجمین أو نجوم معلومة فی کل نجم کذا، فإذا أدیت فأنت حر، والعبد یقبل ذلک، فإذا أدى المال عتق، ویصیر العبد أحق بمکاسبه بعد الکتابة، وإذا أعتق بعد أداء المال فما فضل فی یده من المال، یکون له، ویتبعه أولاده الذین حصلوا فی حال الکتابة فی العتق، وإذا عجز عن أداء المال کان لمولاه أن یفسخ کتابته ویرده إلى الرق، وما فی یده من المال یکون لمولاه، لما أخبرنا أبو الحسن السرخسی، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمی، أخبرنا أبو مصعب، عن مالک عن نافع، أخبرنا عبد الله بن عمر کان یقول: "المکاتب عبد ما بقی علیه من کتابته شیء"[68]  . ورواه عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده مرفوعا: "المکاتب عبد ما بقی علیه من کتابته درهم"[69] .

وذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى: {فکاتبوهم} أمر إیجاب، یجب على المولى أن یکاتب عبده الذی علم فیه خیرا إذا سأل العبد ذلک، على قیمته أو أکثر، وإن سأل على أقل من قیمته فلا یجب، وهو قول عطاء وعمرو بن دینار، ولما روی أن سیرین سأل أنس بن مالک أن یکاتبه فتلکأ عنه فشکا إلى عمر، فعلاه بالدرة وأمره بالکتابة فکاتبه  . وذهب أکثر أهل العلم إلى أنه أمر ندب واستحباب"[70].

ففی المثال السابق تبین أن سبب نزول آیة المکاتبة واقعة معینة ، لکن البغوی – رحمه الله – بعد أن ذکر الروایة فی سبب النزول شرع فی بیان بعض أحکام المکاتبة بین العبد وسیده وعدد أقوال العلماء فی ذلک ، مما یُفهم منه أن العبرة عنده عموم اللفظ .

مثال آخر: قوله تعالى({خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِیمٌ} جَدِلٌ بِالْبَاطِلِ، {مُبِینٌ} نَزَلَتْ فِی أُبَیِّ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِیِّ، وَکَانَ یُنْکِرُ الْبَعْثَ جَاءَ بِعَظْمٍ رَمِیمٍ فَقَالَ: أَتَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى یحیی هذا بعدما قَدْ رَمَّ؟ کَمَا قَالَ جَلَّ ذِکْرُهُ "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِیَ خَلْقَهُ" (یَس-77) ، نَزَلَتْ فِیهِ أَیْضًا ، وَالصَّحِیحُ أَنَّ الْآیَةَ عَامَّةٌ، وَفِیهَا بَیَانُ الْقُدْرَةِ وَکَشْفُ قَبِیحِ مَا فَعَلُوهُ، مِنْ جَحْدِ نِعَمِ اللَّهِ مَعَ ظُهُورِهَا عَلَیْهِم .[71]

وهذا تصریح من البغوی – رحمه الله – بعموم لفظ الآیة رغم خصوص سببها[72] .

 

ولکن یؤخذ علیه أنه ربما عرض روایات واهیة فی سبب نزول الآیة دون أن یشیر إلى ضعفها ، حتى إن محققه تفسیره کثیراً ما یشیر إلى هذا بقوله :( هذه أقوال واهیة، لا تقوم بها حجة، والصحیح عموم الآیة) .[73]

کما جاء فی تفسیره لقول الله تعالى (یَا أَیُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّکَ بِرَبِّکَ الْکَرِیمِ) ، قال البغوی :( مَا خَدَعَکَ وَسَوَّلَ لَکَ الْبَاطِلَ حَتَّى أَضَعْتَ مَا وَجَبَ عَلَیْکَ، وَالْمَعْنَى: مَاذَا أمنک من عقابه؟ قَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِی الْوَلِیدِ بْنِ الْمُغِیرَةِ ، وَقَالَ الْکَلْبِیُّ وَمُقَاتِلٌ: نزلت فی الأسود بن الشریق ضرب النَّبِیُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ یُعَاقِبْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ یَقُولُ: مَا الَّذِی غَرَّکَ بِرَبِّکَ الْکَرِیمِ الْمُتَجَاوِزِ عَنْکَ إِذْ لَمْ یُعَاقِبْکَ عَاجِلًا بِکُفْرِکَ).[74] قال محقق تفسیر البغوی :( هذه أقوال واهیة، لا تقوم بها حجة، والصحیح عموم الآیة.).

       

 

 

 

 

 

 

 

 

                          


 

الخــاتـمة

     الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله  ، ثم أما بعد :

    فقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج أسجلها فیما یلی:

1-    لمعرفة أسباب النزول القرآنی أهمیة کبرى فی فهم النص القرآنی وتفسیره ، ولهذا حرص المفسرون على الاعتماد على أسباب النزول کأصل من أصول التفسیر.

2-    اختلاف مناهج المفسرین فی الاعتماد على أسباب النزول فی التفسیر، یرجع إلى مدى الالتزام – عند التطبیق - بما تحرر لدى الجمهرة من علماء علوم القرآن من قواعد وأصول نظریة تضبط التعاطی مع أسباب النزول عند تفسیر النص القرآنی .

3- أکد البغوی على أهمیة أسباب النزول فی تفسیر النص القرآنی ، لکنه لم یذکر ذلک نظریاً ، وإنما مارسه عملیاً فی تفسیره واعتمده کأصل من أصول التفسیر عنده .

4- لم ینص البغوی – رحمه الله -على موقفه من قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب فی مقدمة تفسیره ، لکن من خلال التتبع والاستقراء تبین أنه سار على مذهب الجمهور واعتمده فی تناوله للآیات القرآنیة التی ارتبط نزولها بسبب.

5- ضرورة الربط المنهجی بین المصنفات النظریة فی علوم علوم القرآن وبین المصنفات التی مارست علوم القرآن عملیاً من خلال عملیة تفسیر النص القرآنی وفهمه .

هذا وصلى الله وسلم وبارک على نبینا محمد وآله والحمد لله رب العالمین .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس المصادر والمراجع

1- الإتقان فی علوم القرآن: جلال الدین عبد الرحمن السیوطی ، تحقیق: سعید المندوه، ط مؤسسة الکتب الثقافیة ، بیروت ، الثانیة ، 1424هـ / 2004م.

2- أسباب النزول : أبوالحسن علی بن أحمد الواحدی ، تحقیق : أیمن صالح شعبان ، ط1، دار الحدیث ، القاهرة ، 1416ه/ 1996م .

3- أضواء البیان فی إیضاح القرآن بالقرآن : محمد الأمین بن محمد المختار الجکنی الشنقیطی ، ط دار الفکر للطباعة ، بیروت ، ( 1415 هـ / 1995 م ) .

4- الأنساب: عبد الکریم بن محمد السمعانی ، المحقق: عبد الرحمن بن یحیى المعلمی الیمانی وغیره ، مجلس دائرة المعارف العثمانیة، حیدر آباد ، ط1، 1382 هـ - 1962 م .

5- البدایة والنهایة: لأبى الفداء عماد الدین ابن کثیر-طبعة دار التقوى-القاهرة 2004

6- البرهان فی علوم القرآن: بدر الدین محمد بن عبد الله بن بهادر الزرکشی، ت: محمد أبو الفضل إبراهیم، ط1، دار إحیاء الکتب العربیة ، مصر، 1376 هـ - 1957 م .

7- البغوی ومنهجه فی التفسیر: عفاف عبدالغفور حمید ،رسالة  ماجستیر بجامعة بغداد ، ثم نشر فی مطبعة الإرشاد ببغداد ، سنة 1993م .

8- تاریخ بغداد : أحمد بن على بن أبى بکر الخطیب البغدادى ­ ط دار الکتاب العربى ­ بیروت .

9- التحریر والتنویر: محمد الطاهر بن عاشور، طبعة دار سحنون، تونس.

10-                    تذکرة الحفاظ : محمد بن أحمد بن عثمان ­ شمس الدین الذهبى ­ ط دار إحیاء التراث العربى ­ القاهرة .

11-                    جامع البیان عن تأویل آی القرآن: محمد بن جریرالطبری ، ت:د.عبد الله بن عبد المحسن الترکی،ط1، دار هجر للطباعة والنشر والتوزیع والإعلان ، 1422 هـ - 2001 م .

12-                    الجامع الصحیح المسند من حدیث رسول الله   وسننه وأیامه : محمد بن إسماعیل البخاری ، ت :عبدالسلام علوش ،ط1، مکتبة الرشد ،الریاض ،1425هـ /2004م.

13-                    الجامع الصحیح المسند بنقل العد الضابط عن العدل الضابط من أول السند إلى منتهاه : مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیری النیسابوری ،ط1، دار ابن حزم، بیروت، 1423هـ/2002م.

14-                    الدر المنثور فی التفسیر بالمأثور – السیوطی - ط دار الفکر- بیروت.

15-                    سیر أعلام النبلاء: محمد بن أحمد بن عثمان ­ شمس الدین الذهبى ، ط مؤسسة الرسالة ­ بیروت.

16-                    شذرات الذهب فى أخبار من ذهب: عبد الحى بن العماد الحنبلى ­ ط المکتب التجارى للطباعة ­بیروت.

17-                    شرح السنة للبغوی

18-                    الصحیح المسند من أسباب النزول : مُقْبلُ بنُ هَادِی الوادعِیُّ ، مکتبة ابن تیمیة – القاهرة ،ط4، 1408هـ- 1987م

19-                    طبقات الشافعیة الکبرى : عبد الوهاب بن على بن عبد الکافى ­ تاج الدین السبکى ­ تحقیق عبد الفتاح الحلو ­ ط عیسى البابى الحلبى 1964 .

20-                    طبقات المفسرین : محمد بن على بن أحمد الداودى ­ ط دار الکتب العلمیة ­ بیروت ­ الطبعة الأولى 1983 .

21-                    العجب العجاب فى بیان الأسباب: أحمد بن على بن حجر العسقلانی، تحقیق: عبد الحکیم الأنیس،طبعة دار ابن الجوزی، الریاض،الطبعة الأولى 1418هـ/1997م.

22-                    علوم القرآن الکریم: نور الدین محمد عتر الحلبی ، ط1، مطبعة الصباح – دمشق ، 1414 هـ - 1993 م .

23-                    فتح الباری شرح صحیح البخاری : أبو الفضل أحمد بن علی بن حجر العسقلانی الشافعی ، دار المعرفة – بیروت.

24-                    فضائل القرآن لأبی عبید القاسم بن سلام  ، ط دار الکتب العلمیة ، بیروت ، الأولى 1406هـ.

25-                    لباب التأویل فی معانی التنزیل – لعلی بن محمد الخازن - ط دار الفکر – بیروت.

26-                    لباب النقول فى أسباب النزول: جلال الدین عبد الرحمن السیوطی ­ المکتبة القیمة ­ القاهرة ­ بدون تاریخ.

27-                    مجموع الفتاوى: أحمد بن عبد الحلیم بن تیمیة الحرانی ، ط المکتبة التوفیقیة ، بدون تاریخ.

28-                    المسند : أحمد بن محمد بن حنبل الشیبانی ، ت : شعیب الأرناؤوط وآخرین ، ط1، مؤسسة الرسالة ، بیروت .

29-                    معالم التنزیل فی تفسیر القرآن = تفسیر البغوی : أبو محمد الحسین بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوی ، المحقق : عبد الرزاق المهدی ، ط1، دار إحیاء التراث العربی -بیروت ، 1420 هـ .

30-                    معجم البلدان ، یاقوت بن عبد الله الحموى ­ ط دار صادر للطباعة والنشر ­ بیروت 1957.

31-                    مناهل العرفان فی علوم القرآن: محمد عبد العظیم الزُّرْقانی ، ت :أحمد شمس الدین ، دار الکتب العلمیة ، بیروت 1416هـ /1996م

32-                    مقدمة فی أصول التفسیر: أحمد بن عبد الحلیم بن عبد السلام ابن تیمیة ،دار مکتبة الحیاة، بیروت، 1980م

33-                    النجوم الزاهرة ­ ط الهیئة المصریة العامة للکتاب 1972.

34-                    وفیات الأعیان: لابن خلکان

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                   . فهرس المحتویات .

الموضوع

رقم الصفحة

المقدمة: فیها فکرة الموضوع ، وأسباب اختیاره ، ومنهج البحث ، والدراسات السابقة ، وخطة البحث .

 

المبحث الأول : ترجمة موجزه البغوی .

 

المبحث الثانی : تعریف أسباب النزول وموقف البغوی منها.

 

المبحث  الثالث: طرق معرفة أسباب النزول وموقف البغوی منها.

 

المبحث الرابع : صیغ أسباب النزول وموقف البغوی منها.

 

المبحث الخامس : أهمیة أسباب النزول ومدى اعتماد البغوی علیها فی تفسیره.

 

المبحث السادس : قاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب وموقف البغوی منها.

 

الخاتمة .

 

قائمة المصادر والمراجع .

 

فهرس المحتویات .

 

 



[1] ) انظر: سیر أعلام النبلاء: للذهبی  19/439، و طبقات الشافعیة للسبکی: 7/75-80.

[2] ) انظر : الأنساب: عبد الکریم بن محمد السمعانی ، المحقق: عبد الرحمن بن یحیى المعلمی الیمانی وغیره ، مجلس دائرة المعارف العثمانیة، حیدر آباد ، ط1، 1382 هـ - 1962 م ،2/273 ، وفیات الأعیان: لابن خلکان  2/136.

[3] ) سیر أعلام النبلاء: للذهبی  19/439

[4] ) انظر : وفیات الأعیان لابن خلکان 2/136

[5] ) طبقات الشافعیة الکبرى للسبکی 7/75

[6] ) سیر النبلاء 18/255

[7] ) المصدر السابق: 18/251.

[8] ) تذکرة الحفاظ: 3/1160، شذرات الذهب: 3/325

[9] ) تاریخ بغداد: 4/267، سیر أعلام النبلاء 18/419

[10] ) سیر أعلام النبلاء: 18/222، شذرات الذهب: 3/327

[11]) سیر أعلام النبلاء: 18/222 ، شذرات الذهب: 3/327.

[12] ) انظر شرح السنة للبغوی 1/166- 171.

[13] ) تذکرة الحفاظ 4/1257

[14] ) طبقات الشافعیة ،7/ 75- 77

[15] ) البدایة والنهایة ، 12/ 193

[16] ) شذرات الذهب ، 4/ 48- 49

[17] ) النجوم الزاهرة ، 5/ 223

[18] ) وفیات الأعیان ، 2/ 136

[19] ) مقدمة تفسیر الخازن ،  ص/3

[20] ) طبقات المفسرین،  12- 13

[21] ) فی طبقات الشافعیة 1/310

[22] ) انظر : تذکرة الحفاظ  4/ 1258، معجم البلدان:لیاقوت الحموی ،1/ 468

[23] ) "الإتقان" "1/ 31" و"لباب النقول" "ص14"

[24] ) مناهل العرفان فی علوم القرآن: محمد عبد العظیم الزُّرْقانی ، ت :أحمد شمس الدین ، دار الکتب العلمیة ، بیروت 1416هـ /1996م ، 1/108

[25] ) معالم التنزیل فی تفسیر القرآن : للبغوی ، 1/45

[26] ) معالم التنزیل للبغوی 3/324.

[27] ) معالم التنزیل للبغوی 1/176.

[28] ) معالم التنزیل للبغوی 1/255 .

[29] ) أسباب النزول : أبوالحسن علی بن أحمد الواحدی ، تحقیق : أیمن صالح شعبان ، ط1، دار الحدیث ، القاهرة ، 1416ه/ 1996م ، ص/ 12

[30] ) سورة الإسراء: من الآیة 36.

[31] ) فضائل القرآن : للقاسم بن سلام ،  ص/ .. ، و أسباب النزول : للواحدی ، ص/12

[32] ) (ص/108)

[33] ) علوم القرآن الکریم: نور الدین محمد عتر الحلبی ، ط1، مطبعة الصباح – دمشق ، 1414 هـ - 1993 م ، ص/48

[34] ) البرهان فی علوم القرآن 1/31-32 باختصار.

[35] ) التحریر والتنویر" 1/46، 47 باختصار، و"أسباب النزول" ص/ 12.

[36] ) تفسیر البغوی 1/125 ، وقال محققه : (لم أجده مسندا بهذا التمام  ، ذکره الواحدی فی «أسباب النزول» (41) عن ابن عباس بدون إسناد، وقال الحافظ فی «تخریج الکشاف» (1/ 169) بعد أن زاد نسبته للثعلبی: ولم أقف له على سند، ولعله من تفسیر الْکَلْبِیُّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابن عباس اهـ ، وهذه إشارة إلى وهن الخبر فإن الکلبی متهم کما تقدم. ولبعضه شاهد عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ ابن عباس، أخرجه الطبری 1608 وإسناده لین، وکرره 1609 عن شهر بن حوشب مرسلا، وهو أرجح من الموصول ) .

[37] ) مقدمة فی أصول التفسیر: أحمد بن عبد الحلیم بن عبد السلام ابن تیمیة ،دار مکتبة الحیاة، بیروت، 1980م ، ص/15

[38] ) سورة المائدة ، الآیة / 4

[39] ) تفسیر البغوی(3/15) ، وقال محققه : (ذکره الواحدی فی «أسباب النزول» 384 عن سعید بن جبیر بدون إسناد. فالخبر واه لیس بشیء ، وعزاه السیوطی فی «الدر المنثور» (3/ 20) لابن أبی حاتم).

[40] ) سورة التوبة ، الآیة /113

[41] ) تفسیر البغوی (4/100)

[42] ) تفسیر البغوی (1/34)

[43] ) تفسیر الخازن 1/3

[44] )  مقدمة فی أصول التفسیر، ص/ 19

[45] )  الفتاوى 2/ 193

[46] ) من کلام المحقق : عبدالرزاق المهدی ، على تفسیر البغوی ،  دار إحیاء التراث العربی –بیروت ، الطبعة : الأولى ، 1420 هـ

 

[47] )  أسباب النزول : للواحدی ، ص/ 2.

[48] )  الإتقان فی علوم القرآن 1/ 88.

[49] )  مقدمة فی أصول التفسیر ص/ 51.

[50] ) البرهان فی علوم القرآن: أبو عبد الله بدر الدین محمد بن عبد الله بن بهادر الزرکشی ، ت: محمد أبو الفضل إبراهیم، ط1، دار إحیاء الکتب العربیة عیسى البابى الحلبی وشرکاه ، مصر، 1376 هـ - 1957 م،

[51] )  مناهل العرفان 1/ 99، وأصله عند البخاری ومسلم.

[52] )  المحرر الوجیز لابن عطیة 3/154 .

[53] )  المصدر السابق .

[54]) معالم التنزیل للبغوی 1/76 .

[55]) معالم التنزیل للبغوی 3/15 .

[56]) معالم التنزیل للبغوی 3/96 .

[57]) معالم التنزیل للبغوی 1/144، ورواه الواحدی  فی أسباب النزول ، ص /37

[58] ) تفسیر البغوی 1/211 ، ورواه ابن عساکر بسند ضعیف عن ابن عباس انظر الدر المنثور للسیوطی 1 / 490.

[59] ) تفسیر البغوی  8/561 ، ورواه ابن إسحاق، سیرة ابن هشام: 1 / 362. وانظر الطبری: 30 / 331، والواحدی فی أسباب النزول ، ص/ 543، وقال الحافظ فی الفتح: 8 / 333 :(وقد أخرج ابن أبی حاتم من حدیث ابن عباس قال: قالت قریش للنبی صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: کف عن آلهتنا فلا تذکرها بسوء، فإن لم تفعل فاعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهک سنة، فنزلت. وفی إسناده أبو خلف عبد الله بن عیسى، وهو ضعیف).

[60] ) تفسیر البغوی 8/151 ،  و انظر: الواحدی فی أسباب النزول ص: 502-503.

[61] ) تفسیر البغوی 8/151 ،  وانظر الطبری: 28 / 138، عزاه السیوطی فی الدر المنثور: 8 / 197 لابن مردویه.

[62]) معالم التنزیل للبغوی 4/100 و101 بتصرف .

[63] ) رواه أحمد فی المسند 4/374 ، برقم : (2468) ، وقال الأرناؤوط : (إسناده صحیح على شرط البخاری) .

[64] ) مناهل العرفان فی علوم القرآن: محمد عبد العظیم الزُّرْقانی ، مطبعة عیسى البابی الحلبی وشرکاه ، الطبعة الثالثة ، 1/125

[65] ) المرجع السابق

[66] ) مقدمة فی أصول التفسیر ص 12 - 13، وانظر : الإتقانفی علوم القرآن  1/3.

 

[67] ) مناهل العرفان فی علوم القرآن: محمد عبد العظیم الزُّرْقانی ، مطبعة عیسى البابی الحلبی وشرکاه ، الطبعة الثالثة ، 1/125

 

[68] ) أخرجه مالک فی الموطأ موقوفا على ابن عمر، کتاب المکاتب، باب القضاء فی المکاتب: 2 / 787.

[69] ) أخرجه أبو داود فی العتاق، باب فی المکاتب یؤدی بعض کتابته..: 5 / 383

[70] ) معالم التنزیل للبغوی 6/41 .

[71] ) معالم التنزیل فی تفسیر القرآن : للبغوی (دار طیبة)، 5/9

[72] ) وهذا ما رجحه الطبری حیث قال: " عنى بالإنسان: جمیع الناس، أخرج بلفظ الواحد، وهو فی معنى الجمیع"، وإلیه مال ابن عطیة فی تفسیره. ویدخل سبب النزول المذکور فی معنى الآیة وتبقى هی أعم. انظر: الطبری: 14 / 78، المحرر الوجیز: 8 / 370.

[73] ) تفسیر البغوی 5/219 

[74] ) المصدر السابق .

 

1- الإتقان فی علوم القرآن: جلال الدین عبد الرحمن السیوطی ، تحقیق: سعید المندوه، ط مؤسسة الکتب الثقافیة ، بیروت ، الثانیة ، 1424هـ / 2004م.
2- أسباب النزول : أبوالحسن علی بن أحمد الواحدی ، تحقیق : أیمن صالح شعبان ، ط1، دار الحدیث ، القاهرة ، 1416ه/ 1996م .
3- أضواء البیان فی إیضاح القرآن بالقرآن : محمد الأمین بن محمد المختار الجکنی الشنقیطی ، ط دار الفکر للطباعة ، بیروت ، ( 1415 هـ / 1995 م ) .
4- الأنساب: عبد الکریم بن محمد السمعانی ، المحقق: عبد الرحمن بن یحیى المعلمی الیمانی وغیره ، مجلس دائرة المعارف العثمانیة، حیدر آباد ، ط1، 1382 هـ - 1962 م .
5- البدایة والنهایة: لأبى الفداء عماد الدین ابن کثیر-طبعة دار التقوى-القاهرة 2004
6- البرهان فی علوم القرآن: بدر الدین محمد بن عبد الله بن بهادر الزرکشی، ت: محمد أبو الفضل إبراهیم، ط1، دار إحیاء الکتب العربیة ، مصر، 1376 هـ - 1957 م .
7- البغوی ومنهجه فی التفسیر: عفاف عبدالغفور حمید ،رسالة  ماجستیر بجامعة بغداد ، ثم نشر فی مطبعة الإرشاد ببغداد ، سنة 1993م .
8- تاریخ بغداد : أحمد بن على بن أبى بکر الخطیب البغدادى ­ ط دار الکتاب العربى ­ بیروت .
9- التحریر والتنویر: محمد الطاهر بن عاشور، طبعة دار سحنون، تونس.
10-                    تذکرة الحفاظ : محمد بن أحمد بن عثمان ­ شمس الدین الذهبى ­ ط دار إحیاء التراث العربى ­ القاهرة .
11-                    جامع البیان عن تأویل آی القرآن: محمد بن جریرالطبری ، ت:د.عبد الله بن عبد المحسن الترکی،ط1، دار هجر للطباعة والنشر والتوزیع والإعلان ، 1422 هـ - 2001 م .
12-                    الجامع الصحیح المسند من حدیث رسول الله   وسننه وأیامه : محمد بن إسماعیل البخاری ، ت :عبدالسلام علوش ،ط1، مکتبة الرشد ،الریاض ،1425هـ /2004م.
13-                    الجامع الصحیح المسند بنقل العد الضابط عن العدل الضابط من أول السند إلى منتهاه : مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیری النیسابوری ،ط1، دار ابن حزم، بیروت، 1423هـ/2002م.
14-                    الدر المنثور فی التفسیر بالمأثور – السیوطی - ط دار الفکر- بیروت.
15-                    سیر أعلام النبلاء: محمد بن أحمد بن عثمان ­ شمس الدین الذهبى ، ط مؤسسة الرسالة ­ بیروت.
16-                    شذرات الذهب فى أخبار من ذهب: عبد الحى بن العماد الحنبلى ­ ط المکتب التجارى للطباعة ­بیروت.
17-                    شرح السنة للبغوی
18-                    الصحیح المسند من أسباب النزول : مُقْبلُ بنُ هَادِی الوادعِیُّ ، مکتبة ابن تیمیة – القاهرة ،ط4، 1408هـ- 1987م
19-                    طبقات الشافعیة الکبرى : عبد الوهاب بن على بن عبد الکافى ­ تاج الدین السبکى ­ تحقیق عبد الفتاح الحلو ­ ط عیسى البابى الحلبى 1964 .
20-                    طبقات المفسرین : محمد بن على بن أحمد الداودى ­ ط دار الکتب العلمیة ­ بیروت ­ الطبعة الأولى 1983 .
21-                    العجب العجاب فى بیان الأسباب: أحمد بن على بن حجر العسقلانی، تحقیق: عبد الحکیم الأنیس،طبعة دار ابن الجوزی، الریاض،الطبعة الأولى 1418هـ/1997م.
22-                    علوم القرآن الکریم: نور الدین محمد عتر الحلبی ، ط1، مطبعة الصباح – دمشق ، 1414 هـ - 1993 م .
23-                    فتح الباری شرح صحیح البخاری : أبو الفضل أحمد بن علی بن حجر العسقلانی الشافعی ، دار المعرفة – بیروت.
24-                    فضائل القرآن لأبی عبید القاسم بن سلام  ، ط دار الکتب العلمیة ، بیروت ، الأولى 1406هـ.
25-                    لباب التأویل فی معانی التنزیل – لعلی بن محمد الخازن - ط دار الفکر – بیروت.
26-                    لباب النقول فى أسباب النزول: جلال الدین عبد الرحمن السیوطی ­ المکتبة القیمة ­ القاهرة ­ بدون تاریخ.
27-                    مجموع الفتاوى: أحمد بن عبد الحلیم بن تیمیة الحرانی ، ط المکتبة التوفیقیة ، بدون تاریخ.
28-                    المسند : أحمد بن محمد بن حنبل الشیبانی ، ت : شعیب الأرناؤوط وآخرین ، ط1، مؤسسة الرسالة ، بیروت .
29-                    معالم التنزیل فی تفسیر القرآن = تفسیر البغوی : أبو محمد الحسین بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوی ، المحقق : عبد الرزاق المهدی ، ط1، دار إحیاء التراث العربی -بیروت ، 1420 هـ .
30-                    معجم البلدان ، یاقوت بن عبد الله الحموى ­ ط دار صادر للطباعة والنشر ­ بیروت 1957.
31-                    مناهل العرفان فی علوم القرآن: محمد عبد العظیم الزُّرْقانی ، ت :أحمد شمس الدین ، دار الکتب العلمیة ، بیروت 1416هـ /1996م
32-                    مقدمة فی أصول التفسیر: أحمد بن عبد الحلیم بن عبد السلام ابن تیمیة ،دار مکتبة الحیاة، بیروت، 1980م
33-                    النجوم الزاهرة ­ ط الهیئة المصریة العامة للکتاب 1972.
34-                    وفیات الأعیان: لابن خلکان