آفات العلم دراسة تربوية في ضوء السنة النبوية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

" أستاذ مشارک " مکة المکرمة - جامعة أم القرى - کلية التربية- قسم التربية الاسلامية والمقارنة

المستخلص

هدفت الدراسة إلى تحديد أبرز آفات العلم في ضوء السنة النبوية، وبرزت في مجالين: الأول: آفات العلم الخاصة بفساد النية وعددها(10) آفات، والثاني: آفات العلم الخاصة بعلاقة العالم مع الناس وعددها(12)آفة، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي وکان من نتائج الدراسة: تبين أن آفات العلم عبارة عن سلوکيات ومظاهر تعترض وتتناقض مع الأخلاق والآداب الحسنة المرغوبة التي حث عليها الإسلام، وکذلک  ذمت  السنة النبوية کافة مظاهر آفات العلم،  وحذرت أهل العلم منها، وأن أغلب ما يحبط الأعمال، أو الأقوال لدى أهل العلم، هو فساد النية،  وعلى العکس فإن صلحت النية، صلح العمل، وتقبله الله تعالى، وأوصت الدراسة بضرورة الحرص على وجود معايير سليمة في انتقاء المعلمين على أساس الکفاءة والأهلية قبل التصدر لعملية التعليم لضمان عدم شيوع هذه الآفات لديهم.
 The study aimed to identify the most prominent scourges of science in the light of the Prophet’s Sunnah, and they emerged in two areas: the first one: The scourges of knowledge related to the corruption of the intention, and they are (10). The second one: The scourges of knowledge concerning the relationship of the world with people, and they are (12). The study used the descriptive approach, and among the results of the study were: It turns out that the scourges of knowledge are behaviors and manifestations that oppose and contradict the desired morals and good manners that Islam urged; Likewise, the Prophet’s Sunnah condemned all manifestations of scourges of knowledge, and warned the scholars about them. and that most of what frustrates actions, or words of scholars, is corrupt intention, on the contrary, if the intention is correct, the action is correct, and Allah Almighty accepts it. The study recommended the necessity of ensuring the existence of sound criteria in selecting teachers on the basis of competence and aptitude before launching the education process to ensure that these scourges are not common to them

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

 

 

آفات العلم دراسة تربویة فی ضوء السنة النبویة

اعــــــــــــــــــــــــــــــــداد

د صالح بن سلیمان البقعاوی

" أستاذ مشارک "

مکة المکرمة - جامعة أم القرى - کلیة التربیة- قسم التربیة الاسلامیة والمقارنة

0504586664

asd 044@hotmail.com

ssbaqawi@uqu.edu.sa

Knoweledge Scourges

An educational study in the light of the Sunnah

"Educational implications of the concept of desertion in the Holy Quran"

Dr. Saleh bin Sulaiman Al-Baqawi

" Co-professor "

Mecca - Umm Al-Qura University - College of Education - Department of Islamic and Comparative Education

 

 


 

آفات العلم دراسة تربویة فی ضوء السنة النبویة

ملخص الدراسة:

هدفت الدراسة إلى تحدید أبرز آفات العلم فی ضوء السنة النبویة، وبرزت فی مجالین: الأول: آفات العلم الخاصة بفساد النیة وعددها(10) آفات، والثانی: آفات العلم الخاصة بعلاقة العالم مع الناس وعددها(12)آفة، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی وکان من نتائج الدراسة: تبین أن آفات العلم عبارة عن سلوکیات ومظاهر تعترض وتتناقض مع الأخلاق والآداب الحسنة المرغوبة التی حث علیها الإسلام، وکذلک  ذمت  السنة النبویة کافة مظاهر آفات العلم،  وحذرت أهل العلم منها، وأن أغلب ما یحبط الأعمال، أو الأقوال لدى أهل العلم، هو فساد النیة،  وعلى العکس فإن صلحت النیة، صلح العمل، وتقبله الله تعالى، وأوصت الدراسة بضرورة الحرص على وجود معاییر سلیمة فی انتقاء المعلمین على أساس الکفاءة والأهلیة قبل التصدر لعملیة التعلیم لضمان عدم شیوع هذه الآفات لدیهم.

الکلمات المفتاحیة: السنة النبویة، آفات العلم، فساد النیة، علاقة العالم مع الناس.

 

Study summary:

The study aimed to identify the most prominent scourges of science in the light of the Prophet’s Sunnah, and they emerged in two areas: the first one: The scourges of knowledge related to the corruption of the intention, and they are (10). The second one: The scourges of knowledge concerning the relationship of the world with people, and they are (12). The study used the descriptive approach, and among the results of the study were: It turns out that the scourges of knowledge are behaviors and manifestations that oppose and contradict the desired morals and good manners that Islam urged; Likewise, the Prophet’s Sunnah condemned all manifestations of scourges of knowledge, and warned the scholars about them. and that most of what frustrates actions, or words of scholars, is corrupt intention, on the contrary, if the intention is correct, the action is correct, and Allah Almighty accepts it. The study recommended the necessity of ensuring the existence of sound criteria in selecting teachers on the basis of competence and aptitude before launching the education process to ensure that these scourges are not common to them.

Key words: The Prophet’s Sunnah, scourges of knowledge, corruption of intent, the world's relationship with people.

 

المقدمة:

الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سیدنا محمد النبی الکریم،

یُعد العلم من المعالم الأساسیة التی اهتم بها الإسلام ورغب فیها الإنسان، لکی یخرج من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى المعرفة، وبذلک یتقرب إلى الله تعالى مصلحاً فی الأرض ویحقق العمارة فیها.

فقضیة العلم والتعلیم من القضایا الجوهریة التی شجع الإسلام الناس عامة وطلبة العلم خاصة إلى التماسه، والولوج بطریقه، طریق النور والهدایة، وقد یصل به الإنسان إلى الجنة، ویحوز من خلاله على أعلى الدرجات، ویکتنز من خلاله الأجور والحسنات.  ونلمس ذلک من خلال التحفیز القرآنی لطلب العلم، قال تعالى

 (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا قِیلَ لَکُمْ تَفَسَّحُوا فِی الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا یَفْسَحِ اللَّهُ لَکُمْ ۖ وَإِذَا قِیلَ انشُزُوا فَانشُزُوا یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنکُمْ وَالَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیر) ٌ) سورة المجادلة: آیة:11)

ومن الجدیر ذکره: أن أهل العلم محل الثناء، کلما ذُکروا أثنى الناس علیهم، وهذا رفع لهم فی الدنیا، وفی الآخرة یرتفعون درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله، والعمل بما عملوا. (العثیمین، 2003، ص12).

ومن البدهی أن تجد: اختلاف شاسع، وفرق کبیر، بین الإنسان الذی یعلم، ویسلک طریق العلم، فیصل بذلک إلى النور، وأعلى المنازل، على عکس الإنسان الذی لا یعلم، ولا یهتم بالعلم، أو ینساق وراء الملهیات الدنیویة، فسیعیش فی ظلمات، وخیبات، وجهل، ونلمس ذلک من خلال المقارنة الربانیة التی تبین الاختلاف بین الصنفین، قال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّیْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا یَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَیَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا یَتَذَکَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ )(سورة الزمر آیة: 9) .

وجاء فی التوجیه النبوی ما یؤکد مکانة العلم  والتعلیم، مما یثیر التنافس الشریف ویشحذ همم أهل العلم ، من العلماء والطلاب،  فعن أبی الدرداء قال سمعت رسول الله یقول: "من سلک طریقا یلتمس به علماً سهل الله به طریقاً من طرق الجنة فإنّ الملائکة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وأن طالب العلم لیستغفر له من فی السماء والأرض حتى الحیتان فی الماء، وأن فضل العالم على العابد کفضل القمر على سائر النجوم إن العلماء هم ورثة الأنبیاء إن الأنبیاء لم یورثوا دیناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظه أو بحظ وافر "(الدارمی، 2000, ج1، ص361). ولعظم العلم، ومکانته الرفیعة، لقد عنى الإسلام أشد عنایة بالعلماء، وبطلبة العلم، من خلال غرس جملة من الأخلاق والآداب التی تساعد على حمایة العلم من الضیاع، والتشرذم، وصیانة أهله وطلبته من الآفات التی تعصف به، وبهذا الصدد وجه العلماء المسلمین إلى تلقی العلم النافع، ولقد أرشد (القابسی،1986، 49  (المعلم إلى ضرورة أن "یکثر الاستعادة بالله من علم لا ینفع ویسأله علماً نافعاً".

 ونبه (ابن جماعة)، إلى ضرورة تأهل المعلم  قبل التصدر، لیوفی العلم والتعلیم  حقه، حیث قال "لا ینتصب للتدریس إذا لم یکن أهلا له، ولا یذکر الدروس من علم لا یعرفه، فإن ذلک لعب فی الدین وازدراء بین الناس"( ابن جماعة، 2012، ص70 ). وفی المقابل رغم اهتمام الإسلام بالعلم، وما وضعه من أسس، وأخلاقیات تحفظ العلم، وتصون أهله من الفتن، أو الآفات  تجد البعض من العلماء، أو طلبة العلم، افتتنوا بعلمهم، ووقعوا بانحرافات، وآفات کثیرة تؤثر سلبا على تلقی العلم، وحرف المسار عن الطریق السلیم، وکشفت السنة النبویة کثیر من الآفات ، وحذرت عبر التوجیهات النبویة من هذه الآفات کعدم الإخلاص فی طلب العلم ویظهر ذلک فی الحدیث: عن أبی هریرة قال : قال رسول الله صلى الله علیه وسلم : " من تعلم علما مما یبتغى به وجه الله عز وجل لا یتعلمه إلا لیصیب به عرضا من الدنیا ؛ لم یجد عرف الجنة یوم القیامة".( أبو داوود، ب.ت، ج3، ص323).  وحذر الرسول- علیه السلام  -  من آفة کتم العلم ، ونلمس ذلک من الحدیث الشریف : عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، عَنِ النَّبِیِّ -صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " مَنْ کَتَمَ عِلْمًا یَعْلَمُهُ، جَاءَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ، مُلَجَّمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ " ( ابن حنبل، 2001، ج16، ص293)

إن موضوع آفات العلم، حظی باهتمام وعنایة  بعض الکتاب، والمفکرین، حیث تناول( الغزالی)  فی کتاب إحیاء علوم الدین باباً تناول فیه آفات العلم وبیان علامات علماء الآخرة والعلماء السوء، وتطرق(رسلان) عبر کتابه إلى آفات العلم.

وأوصى(رسلان، ص8) فی دراسته على ضرورة الالتفات إلى  موضوع الآفات التی تعترض طریق العلم فتفسده، أو تفسد سبیل الطلب على طالبه، أو تفسد القصد والإرادة والنیة فیه، ومن هنا تولدت فکرة الدراسة التی ستسلط الضوء على آفات العلم دراسة تربویة فی ضوء السنة النبویة.

مشکلة الدراسة:

فی ضوء ماسبق، أمکن صوغ مشکلة الدراسة فی الأسئلة الآتیة:

1-  ما أبرز آفات العلم الخاصة بفساد النیة فی ضوء السنة النبویة؟

2-  ما أبرز آفات العلم الخاصة بعلاقة العالم مع الناس فی ضوء السنة النبویة؟

 

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى:

1-  تحدید أبرز آفات العلم الخاصة بفساد النیة فی ضوء السنة النبویة.

2-  الکشف عن أبرز آفات العلم الخاصة بعلاقة العالم مع الناس فی ضوء السنة النبویة.

أهمیة الدراسة:

تکتسب الدراسة أهمیتها من خلال ما یلی:

1-   تنبع أهمیة الدراسة النظریة کونها تؤصل بشکل تربوی لموضوع فرید من نوعه یمثل معضلة أساسیة، ومشکلة بارزة من مشکلات العصر التی تواجه قضیة العلم والتعلیم.

2-  یمکن أن تبرز الدراسة أوجه عدیدة من الإعجاز التربوی  فی السنة النبویة.

3-  الخطورة الناجمة عن آفات العلم على قضیة التربیة والتعلیم، وما قد ینعکس على ذلک سلبیا على مستور الفرد والمجتمع، فجاءت الدراسة تشکل إطارا مرجعیا یکشف عن هذه الآفات، والتحذیر منها فی ضوء السنة النبویة المطهرة.

4-    یمکن أن یستفید من نتائج هذه الدراسة، مایلی:

-      العلماء والأساتذة  فی الجامعات والمؤسسات التعلیمیة.

-      طلبة العلم خاصة خریجو البرامج التربویة والشرعیة.

-      القائمون على تصمیم  وتطویر البرامج الأکادیمیة والمناهج التعلیمیة .

5-  افتقار البیئة العربیة بشکل عام إلى مثل هذه الدراسة التأصیلیة ذات الطابع التربوی.

حدود الدراسة:

تدور الدراسة حول السنة النبویة من خلال الترکیز على الأحادیث الشریفة التی تشیر إلى آفات العلم  مجال الدراسة، وقد ترکزت الدراسة حول کتب السنة  التسعة المتعارف علیها ( صحیح البخاری، صحیح مسلم، سنن أبی داوود، سنن الترمذی، سنن النسائی، سنن ابن ماجة، موطأ مالک، سنن الدارمی، مسند ابن حنبل) مع الاستعانة بعض الشیء بکتب تربویة داعمة للدراسة.

منهج الدراسة:

استخدم الباحث ( المنهج الوصفی):  الذی یقوم على تحلیل النصوص تحلیلاً نوعیاً؛ بهدف استخراج مضامین تربویة مدعمة بأدلة واضحة ومحددة.( أبو دف، 2015، ص 249). وقد اتبع الباحث الخطوات التالیة:

1-  إجراء مسح شامل؛ لتحدید الأحادیث النبویة المتعلقة بآفات العمل مع العمل على حصرها – ما أمکن-معتمدا على المصادر الموثوقة ومختارا للأحادیث الصحیحة متجنبا الأحادیث الضعیفة.

2-  قراءة تربویة تحلیلیة لکل حدیث على حدة ومن ثم اشتقاق آفات العلم وتسمیتها بدقة.

3-  القیام بتصنیف آفات العلم کما جاءت فی السنة النبویة، إلى مجالین.

4-  تم عرض التصنیف على بعض الزملاء المختصین، للاستفادة من ملحوظاتهم حول التصنیف.

5-  صیاغة أسئلة الدراسة وفق مجالات التصنیف.

مصطلحات الدراسة:

استخدمت الدراسة المصطلحات التالیة:

1- السنة النبویة:

وهی "ما أثر عن النبی -علیه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقریر أو صفة أخلاقیة أوسیرة، سواء، أکانت قبل البعثة أو بعدها"(السباعی، ب.ت، ص47).

2- آفات العلم:

أ‌-    الآفة لغةً: و(الآفة) تمثل: کل مَا یُصِیب شَیْئا فیفسده من عاهة أَو مرض أَو قحط یُقَال آفَة الْعلم النسْیَان.(مصطفى وآخرون، ب.ت، ج1، ص32).

ب‌-  آفات العلم اصطلاحاً: یعرفها الباحث بأنها:جملة من المظاهر، والآداب التی تتناقض مع أخلاقیات العلم المرغوبة، والتی تفسد المقصد من العلم، وتحرف مساره السلیم.

3- آفات العلم فی ضوء السنة النبویة:

جملة المظاهر، والآداب الی تتناقض مع أخلاقیات العلم المرغوبة، المستنبطة من أحادیث النبی علیه الصلاة والسلام، والتی تحددت بفساد النیة، أو علاقة العالم مع تعلیم الناس.

الدراسات السابقة:

من خلال اطلاع الباحث وجد ندرة فی الدراسات السابقة بهذا الموضوع ، خاصة فی الجانب التربوی،  وسیعرض الباحث  بعض الجهود ، والدراسات  السابقة التی تناولت آفات العلم، أو ما یتعلق بدراسته بصورة وثیقة ، وهی على النحو الآتی:

1- أجرى الشریف(2020) دراسة بعنوان:" آفات العلماء فی ضوء قوله تعالى: ﱡﭐ(وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْنَاهُ آیَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطَانُ فَکَانَ مِنَ الْغَاوِینَ )سورة الأعراف :آیة 175) وسبل الوقایة منها"

وسلط الباحث فی دراسته الضوء على الآفات التی تتسبب فی انحراف العالم عن الحق من خلال بعض آیات من سورة الأعراف، وتمثلت الآفات فی الرکون إلى الدنیا، وإتباع الهوى، وقدم البحث سبل الوقایة منها کالإخلاص فی العمل ، والبصیرة بالدنیا، وتذکر الآخرة، وخشیة الله تعالى، ومراقبته، وتذکر التبعة فی اقتداء الناس بهم، وکان من أهم النتائج أن فتنة العلم من أشد الفتن التی یبتلى بها الناس، وأن العلم بلا عمل خطر على العالم یوجب إقامة الحجة علیه، وأن زلته زلة للعالم، وأن رفعة شأن العلماء فی الدنیا والآخرة بالعلم والعمل به والتخلق بأخلاقه، ووضعهم فی الدنیا والآخرة باتباع الهوى والرکون إلى الدنیا.

2- أجرى التل(2004) دراسة بعنوان: النقائض الخلقیة المحظورة على المعلم الأنموذج.

هدف البحث إلى الکشف عن النقائض الخلقیة المحظورة على المعلم الأنموذج، کما تبدو فی مصنفات ستة علماء مسلمین، وهی: أدب الدنیا والدین للماوردی، والأخلاق والسیر فی مداواة النفوس لابن حزم الأندلسی، وأحیاء علو الدین للغزالی، وجامع البیان وفضله لابن عبد البر القرطبی، والجامع لأخلاق الراوی للخطیب البغدادی، وتذکرة السامع والمتکلم فی أدب العالم والمتعلم لابن جماعة... واستخدم الباحث المنهج التحلیلی المعتمد على وحدة الفکرة ، وتوصلت الدراسة إلى(36) نقیضاً محظورا على المعلم الأنموذج،  کالعجب والغرور، والغضب وغیرها  من النقائض الخلقیة وهی موزعة على ثلاث مجالات.

3-تطرق رسلان فی دراسته إلى " آفات العلم"

تناول فی دراسته مجموعة من آفات العلم مسترشدا بالآیات القرآنیة، والأحادیث النبویة، وتوصل فی دراسته إلى مجموعة من آفات العلم عددها(13) آفة، تمثل أبرزها:( بتعلم العلم لغیر وجه الله، کتمان العلم، القول على الله بلا علم، الکبر والعجب، النسیان، التحاسد والحقد، التسرع فی الفتوى...)، وأکد من خلال دراسته على ضرورة أن یلتفت أهل العلم وطلبته إلى موضوع الآفات التی تعترض طریق العلم فتفسده، أو تفسد سبیل الطلب على طالبه، أو تفسد القصد والإرادة والنیة فیه،

4-تناول عبد الکریم (1413هـ) عوائق الطلب.

هدفت دراسته إلى إبراز عوائق طلب العلم، وتوصل من خلال دراسته إلى مجموعة من عوائق طلب العلم، وعددها (9) عوائق، تمثل أبرزها بـ ( طلب العلم لغیر وجه الله تعالى، ترک العمل، الاعتماد على الکتب، أخذ العلم عن الأصاغر، عدم التدرج فی العلم، الغرور والعجب، دنو الهمة، التسویف...).

التعقیب على الدراسات السابقة:

اتفقت الدراسة الحالیة مع الدراسات السابقة کونها دراسة تنظیریة تأصیلیة، واتفقت مع دراسة التل، ودراسة الشریف على استخدام المنهج التحلیلی المعتمد على تحلیل الفکرة، أو المضمون، واتفقت کذلک مع دراسة رسلان من حیث تناولها موضوع آفات العلم، بینما اختلفت الدراسة الحالیة مع الدراسات السابقة کونها تناولت موضوع آفات العلم من ناحیة تربویة فی ضوء السنة النبویة، وفی تقسیم یختلف مع الدراسات السابقة التی جزء منها ارتکز على القرآن کدراسة الشریف، ومنها ما ارتکز فی حد موضوعه على العلماء المسلمین کدراسة التل.

 

الإطار النظری:

سیتضح الإطار النظری من خلال الإجابة عن أسئلة الدراسة الرئیسة التالیة:

أولاً: إجابة السؤال الأول ونصه:" ما أبرز آفات العلم الخاصة بفساد النیة فی ضوء السنة النبویة؟"

یجمل الباحث أبرز آفات العلم فیما یتعلق بفساد النیة، على النحو التالی:

1-                       عدم إخلاص النیة لله تعالى فی طلب العلم:

    وحذرت السنة النبویة من أن یکون مقصد العلم لغیر وجه الله تعالى، جاء فی الحدیث: عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا یُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا یَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِیُصِیبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْیَا، لَمْ یَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ» (أبو داود، ب.ت، ج3، ص323).

وجاء فی التوجیه القرآنی ما یحث على إخلاص النیة لله فی کل شیء، قال تعالى: ﱠ(قل إن صلاتی ونسکی ومحیای لله رب العالمین) (سورة الأنعام: آیة :162  ).

والعالِم إذا استحضر النیة الصالحة فی تعلمه وتعلیمه، وتذکر عقوبة من تفسد نیته، أو یکون بها دخن مهما قل، فإن حاله سیصلح وتهون عنده الدنیا، وعرضها القلیل الفانی. (الشریف، 2020، ص102).

والحق أن العلم یکتسب الفضل لکونه خالصا لوجه الله تعالى، أما إذا کان لغیره فلا فضیلة فیه، بل یصبح فتنة ووبال، وسوء عاقبة (عبد الکریم، 1413، ص10).

فأهل العلم مطالبون: بتصحیح النیة حتى یخلص العمل لله وحده، لا یشوبه شیء من حب المال، أو حب الجاه والمنزلة، والشهرة عند الناس. (القرضاوی،1991، ص83).

2-                       طلب العلم من أجل تحقیق مکاسب دنیویة:

    وحذر الرسول الکریم طلبة العلم من التعلم من أجل متاع الدنیا، ونلمس ذلک فی الحدیث، عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا یُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا یَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِیُصِیبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْیَا، لَمْ یَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ» (ابن ماجة، ب.ت، ج1، ص92).

والعالِم أو طالب العلم یکون أبد ما یکون عن الله عندما یفضل الدنیا بعلمه على الآخرة، فعن بِشْرُ بْنُ الْحَکَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْیَانَ، یَقُولُ: «مَا ازْدَادَ عَبْدٌ عِلْمًا، فَازْدَادَ فِی الدُّنْیَا رَغْبَةً، إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا» (الدارمی، 2000، ج1، ص385).

 والعالم ینبغی علیه قدر الإمکان أن یتقلل من الدنیا مهما استطاع، لأنه لیس کل جسم یقبل التعلل، فالناس یتفاوتون. ( ابن قدامة، 1978: ص 24).

وأکد (الزرنوجی،2014: ص42) إلى أن طالب العلم یتعلم بجهد کثیر، فلا یصرفه إلى الدنیا الحقیرة القلیلة الفانیة.

ومن صفات العالم الجاهل المفتن بعلمه: الشغل بالدنیا دائم فی قلبه، یطلب الدنیا بالتعب والحرص والنصب، ویطلب الآخرة بالتسویف والمنى. (الآجری، 2007، ص133).

وأشار ( الشریف، 2020، ص110، 111) إلى أن الرکون إلى الدنیا والتعلق بها من أعظم آفات العلماء، وتقطع علیهم الطریق إلى الآخرة، وهذا یوجب علیهم النظر إلى الدنیا على حقیقتها والتبصر بها، وهذا یصغرها فی عین العالم ویحقرها فی قلبه فلا یبالی بها، إن أقبلت علیه أو أدبرت عنه.

3- تعلم العلم لغیر العمل به أو تطبیقه :

وجاء فی الحدیث ما یبین أن هناک صنف من أهل العلم یتعلمون فلا یعملون ولا یطبقون ما یتعلمون. عَنْ کَعْبٍ، قَالَ: «إِنِّی لَأَجِدُ نَعْتَ قَوْمٍ یَتَعَلَّمُونَ لِغَیْرِ الْعَمَلِ، وَیَتَفَقَّهُونَ لِغَیْرِ الْعِبَادَةِ، وَیَطْلُبُونَ الدُّنْیَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ. وَیَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ. وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، فَبِی یَغْتَرُّونَ، أَوْ إِیَّایَ یُخَادِعُونَ؟ فَحَلَفْتُ بِی لَأُتِیحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَتْرُکُ الْحَلِیمَ فِیهَا حَیْرَانَ» (الدارمی، 2000، ج1، ص340).   وهذا یتنافى مع ما جاء فی التوجیه القرآنی فی الحث على العمل، قال تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَى اللَّهُ عَمَلَکُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَیْبِ وَالشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُکُم بِمَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (سورة التوبة آیة: ١٠٥).

والعلم بدون عمل یکون بلا فائدة، وتقل قیمته، لذا تجد أن: السلف کانوا یستعینون بالعمل بالعلم، على العلم، فإن عمل به استقر ودام، ونما وکثرت برکته، وإن ترک العمل به ذهب أو عدمت برکته، فروح العلم وحیاته وقوامه، یکون بالقیام به عملاً. (عبد الکریم، 1413هـ، ص90).

فالمعلم من أبرز وظائفه أن یکون عاملاً بعلمه فلا یکذب قوله فعله، فإذا خالف العمل العلم منع الرشد. ( الغزالی،2005، ص71).

ومن أبرز آداب المعلم أن: یکون عاملا بعلمه، فلا یکون فعله مناقضاً لقوله. (الغزی، 2009، ص172).

وروی عن علی –رضی الله عنه-أنه قال:" من عَلِمَ وعَمِلَ وعلَّم دعِیَ فی ملکوت السماوات عظیما"(ابن عبد البر، ب.ت، ص497)

3-انعدام الخشیة من الله تعالى:

العالم أو طالب العلم یفسد علمه، وتنحرف فطرته السلیمة، إن کان لا یخشى الله تعالى، ولا یخافه، ویدخل بذلک الفجور. ویظهر ذلک جلیا من خلال الحدیث: عَنْ سُفْیَانَ قَالَ: کَانَ یُقَالُ: " الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ: عَالِمٌ بِاللَّهِ یَخْشَى اللَّهَ لَیْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَعَالِمٌ بِاللَّهِ عَالِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ یَخْشَى اللَّهَ، فَذَاکَ الْعَالِمُ الْکَامِلُ، وَعَالِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَیْسَ بِعَالِمٍ بِاللَّهِ لَا یَخْشَى اللَّهَ، فَذَلِکَ الْعَالِمُ الْفَاجِرُ"(الدارمی، 2000، ج1، ص373).

وفی الحقیقة العلماء وأهل العلم أکثر الناس خشیة من الله تعالى، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ کَذَٰلِکَ ۗ إِنَّمَا یَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ غَفُورٌ) (سورة فاطر: آیة :28)  

وجاء فی تفسیر هذه الآیة، بمعنى: "إنما یخاف الله فیتقی عقابه بطاعته العلماء، بقدرته على ما یشاء من شیء، وأنه یفعل ما یرید، لأن من علم ذلک أیقن بعقابه على معصیته، فخافه ورهبه خشیاً منه أن یعاقبه"(الطبری، 1994، مج6،  ص251).  

والحقیقة أن الخشیة من لوازم العلم الحق لا ینفک عنه بحال، وهو من لوازم الفهم الحق. وبهذا الصدد قال (ابن مسعود): "کفى بخشیة الله تعالى علما، وبالاغترار به جهلا"(رسلان، ب.ت، ص91).

وقال (الإمام أحمد) إن أصل العلم یتمثل بخشیة الله تعالى. فإن خیر البریة من یخشى الله تعالى، وما یخشاه إلا عالم، إذن خیر البریة هو العالم، والعالم لا یعد عالما إلا إذا کان عاملاً، ولا یعمل العالم بعلمه إلا إذا لزمته خشیة الله. (أبو زید، 2002، ص13).

4-ابتغاء الثناء والمدح بعلمه:

وأنکرت السنة النبویة أن یکون مقصد العلماء، وأهل العلم الوصول إلى مدح وثناء الناس، ورهبت من هذه الآفة. جاء فی الحدیث: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ: أَیُّهَا الشَّیْخُ، حَدِّثْنَا حَدِیثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ یَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ یُقْضَى یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَیْهِ رَجُلٌ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِیَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِیهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِیکَ الْقُرْآنَ، قَالَ: کَذَبْتَ، وَلَکِنَّکَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِیُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِیُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِیلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِیَ فِی النَّارِ"(النسائی، 1986، ج6، ص23).

والعالم: ینبغی علیه أن یکره المدح إذا کان یشغله عن الله تعالى، ویستغرق قلبه، ویصرفه عن الذکر، فهذا من قوة الإیمان. ( ابن قدامة، 1978، ص224).

وحب المدح والثناء له آثار سلبیة على الشخص: فقد یدعوه حب المحمدة أو الثناء من الناس إلى الریاء أو السمعة، حتى یکون حدیث کل لسان، وذکر کل مجلس، فتنتفش نفسه. (نوح، 1992، ج2، ص12).

والعمل متى مزج بحب المحمدة، واعتقد معه المعلم أن أعمال البر تنجیه، افتضح عمله، وحبط، وکانت هی مهلکته (التل، 2004، ص15).

6-قصد التجمل والتزین بالعلم:

وذمت السنة النبویة هذه الآفة، وأنکرت على العلماء وأهل العلم التزین والتجمل بالعلم.  وجاء فی الحدیث: عَنْ حَبِیبِ بْنِ عُبَیْدٍ، قَالَ: کَانَ یُقَالُ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَانْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا تَعَلَّمُوهُ لِتَتَجَمَّلُوا بِهِ، فَإِنَّهُ یُوشِکُ إِنْ طَالَ بِکُمْ عُمُرٌ، أَنْ یَتَجَمَّلَ ذُو الْعِلْمِ بِعِلْمِهِ، کَمَا یَتَجَمَّلُ ذُو الْبِزَّةِ بِبِزَّتِهِ» (الدارمی، 2000، ج1، ص376).

والتزین من مداخل الشیطان، فقد یزین الأعمال، والأقوال لدى الشخص، ویجملها بنظره وإن کانت خطأ، ونلمس ذلک من خلال قوله تعالى: (أَفَمَن زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ یُضِلُّ مَن یَشَاءُ وَیَهْدِی مَن یَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُکَ عَلَیْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِمَا یَصْنَعُونَ) (سورة فاطر: آیة: 8). یعنی کالکفار والفجار، یعملون أعمالاً سیئة وهم فی ذلک یعتقدون ویحسبون أنهم یحسنون صنعا، ومن کان هکذا قد أضله الله. (ابن کثیر، ب.ت، مج3، ص140).

 وأشار(الآجری) أن من أخلاق العالم الجاهل والمفتن بعلمه، أنه:" یتجمل بالعلم کما یتجمل بالحلة الحسناء للدنیا، ولا یجمِّل علمه بالعمل به". (الآجری، 2007، ص 118).

7-التطلع إلى الصدارة بعلمه قبل التأهل:

وجاء فی التوجیه النبوی ما ینهی عن التصدر فی المجالس، ورهبت العلماء بأن یکون قصدهم التصدر. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِیَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ: "لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَیَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِکَ، فَالنَّارُ النَّارُ" (. ابن ماجه، ب.ت، ج1، ص93).

وبینت السنة النبویة أن هناک فئة من الجهال یتصدرون ، دون أهلیة، فیقعون بالخطأ والزلل، ونلمس ذلک فی الحدیث: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِیهِ، سَمِعْتَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، یَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، یَقُولُ: «إِنَّ اللهَ لَا یَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا یَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَکِنْ یَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ یَتْرُکْ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَیْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»  (مسلم، ب.ت، ج4، ص2058).

وأهل العلم عندما یتصدرون یکون هذا دلیلا على أمور تتمثل: بالإعجاب بالنفس فیرون أنفسهم علم الأعلام، ویدل على عدم فقههم ومعرفتهم للأمور مما یبن عورته عندما یسأل، وقد یقولون على الله ما لا یعلمون، فیجیب على کل ما سئل ویخاطر بدینه بقوله بلا علم، وإذا تصدروا فی الغالب لا یقبلون الحق.( العثیمین، 2003، ص62).

وقال (الإمام أبو بکر بن درید) فی شعره-بحق المتصدرین بغیر علم-:

ومن کان یهوى أن یرى متصدراً      ویکره لا أدری أصیبت مقاتلُه ( العلموی، ب.ت، 57).

والمعلم علیه أن:"لا ینتصب للتدریس إذا لم یکن أهلا له، ولا یذکر الدروس من علم لا یعرفه، فإن ذلک لعب فی الدین وازدراء بین الناس"(ابن جماعة، 2012، ص70).

8-المداهنة بغیر وجه حق:

المداهنة من صور النفاق التی حذر منها الإسلام، خاصة أهل العلم وجعلها من علامات فساد العلم. ونلمس ذلک فی الحدیث: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَیْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ أُنَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا، فَنَقُولُ لَهُمْ خِلاَفَ مَا نَتَکَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَالَ: «کُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا» (البخاری، 1422هـ، ج9، ص71).

وجاء فی الحدیث ما یبین مداهنة ونفاق بعض أهل العلم للأمراء والسلاطین. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَقِیَ نَاسًا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ فَقَالَ: مِنْ أَیْنَ جَاءَ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الْأَمِیرِ مَرْوَانَ قَالَ: وَکُلُّ  حَقٍّ رَأَیْتُمُوهُ تَکَلَّمْتُمْ بِهِ، وَأَعَنْتُمْ عَلَیْهِ، وَکُلُّ مُنْکَرٍ رَأَیْتُمُوهُ أَنْکَرْتُمُوهُ وَرَدَدْتُمُوهُ عَلَیْهِ، قَالُوا: لَا وَاللهِ، بَلْ یَقُولُ: مَا یُنْکَرُ، فَنَقُولُ: قَدْ أَصَبْتَ، أَصْلَحَکَ اللهُ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ قُلْنَا قَاتَلَهُ اللهُ، مَا أَظْلَمَهُ وَأَفْجَرَهُ قَالَ عَبْدُ اللهِ: " کُنَّا بِعَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ نَعُدُّ هَذَا نِفَاقًا لِمَنْ کَانَ هَکَذَا ( ابن حنبل،2001، ج9، ص 273).

وأنکر القرآن الکریم المداهنة وحذر منها. قال تعالى (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ) (سورة القلم: آیة: ٩). والعلماء لابد لهم أن یتجنبوا المداهنة خاصة مع السلاطین، والأمراء، فینبغی على العالم: أن یکون مستقصیاً عن السلاطین فلا یدخل علیهم البتة، مادام یجد إلى الفرار عنهم سبیلا، فعلیه أن یحترز عن مخالطتهم وإن جاؤوا إلیه، فإن الدنیا حلوة خضرة، وزمامها بأیدی السلاطین، والمخالط لهم لا یخلو عن تکلف فی طلب مرضاتهم واستمالة قلوبهم مع أنهم ظلمة، فالداخل علیهم إما أن یلتفت إلى تجملهم فیزدری نعمة الله علیه، أو یسکت عن الإنکار علیهم فیکون مداهنا لهم. (الغزالی، 2005، ص81، 82).

9-الطمع:

الطمع من الآفات المذمومة التی تعیق من طلب العلم، وتعمل على انحراف أهله، وجاء فی الحدیث ما یبین خطورة هذه الآفة.  "عن أَنَسُ بْنُ عِیَاضٍ، حَدَّثَنِی عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَیْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ أَرْبَابُ الْعِلْمِ؟ قَالَ «الَّذِینَ یَعْمَلُونَ بِمَا یَعْلَمُونَ»، قَالَ: فَمَا یَنْفِی الْعِلْمَ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ، قَالَ: «الطَّمَعُ» (الدارمی، 2000، ج1، ص469).

لذلک: ینبغی لأهل العلم ألا یذل نفسه بالطمع فی غیر المطمع، ویتحرز عما فیه مذلة العلم، وأهله. (الزرنوجی، 2014، ص43).

والعالم ینبغی علیه: أن ینزه علمه عن الطمع فی رفق من طلبته بمال، أو خدمة، أو غیرهما بسبب اشتغالهم علیه وترددهم إلیه. (ابن جماعة، 2012، ص 50).

والعالم، لابد له أن:" لا یشین علمه أو تعلیمه بشیء من الطمع فی رفق یحصل من تلمیذ، أو خدمة، أو مال وإن قل، ولو على صورة الهدیة... کما أن المتعلم لا یشین طلبه بطمع فی شیء یعطیه له الشیخ، أو ینزل اسمه فی طلبة العلم لینال شیئا من معلوم"(العلموی، ب.ت، ص26).

10-الإعراض عن العلم والانشغال عنه:

من مظاهر فساد النیة أن یعرض أهل العلم عن طلب العلم أو ینشغلون عنه بأمر آخر، ونلمس هذه الآفة من خلال الحدیث: عَنْ أَبِی وَاقِدٍ اللَّیْثِیِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ بَیْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِی المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِی الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِیهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الآخر: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُکُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْیَا فَاسْتَحْیَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» (الترمذی، 1975، ج5، ص73).

وهذه الآفة تتناقض مع توجیهات الإسلام التی تدعو إلى التعلم والاستمرار والاستزادة فی طلب العلم.  (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِکُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن یُقْضَىٰ إِلَیْکَ وَحْیُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِی عِلْمًا) (سورة طه: آیة :114).

فأهل العلم الناجحین، لا ینصرفوا عن الاستمرار فی التعلم والتعلیم. وبهذا الصدد قال (سعید بن جبیر): "لایزال الرجل عالماً ما تعلم، فإذا ترک العلم وظن أنه قد استغنى، واکتفى بما عنده فهو أجهل ما یکون". لذلک: ینبغی أن تکون ملازمة الاشتغال بالعلم هی مطلوبه ورأس ماله، فلا یشتغل بغیره، فإن اضطر لغیره فی وقت فعل ذلک الغیر بعد تحصیل وظیفته من العلم. (النووی، 1987، ص32)

ثانیا: إجابة السؤال الثانی ونصه:" ما أبرز آفات العلم الخاصة بعلاقة العالم مع الناس فی ضوء السنة النبویة؟

یجمل الباحث أبرز آفات العلم الخاصة بعلاقة العالم مع الناس، على النحو التالی:

1-إفتاء الآخرین والتحدث معهم بغیر علم:

وبین الرسول (علیه الصلاة والسلام) فی حدیثه هذه الآفة الخطیرة، لفئة تتحدث بغیر بصیرة، وتفتی بغیر علم، وینخدع بها کثیر من الناس.  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ یَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ یَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا یَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَکِنْ یَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ یُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَیْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» (البخاری، 1422هـ، ج1، ص31).

ونهى الله تعالى عن التحدث أو الإفتاء بغیر علم، ونلمس ذلک من قوله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ کُلُّ أُولَٰئِکَ کَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (سورة الإسراء: آیة: ٣٦).   

وفسر (السعدی) هذه الآیة بقوله: "أی لا تتبع ما لیس لک به علم، بل تثبت فی کل ما تقوله وتفعله"(السعدی، 2002، ص457).

وفی ضل الواقع الذی نعیشه نجد أن: بعض المتعلمین أنصاف العلماء یقعون فیما یقع فیه العامة من الجرأة على الشریعة فی التحلیل والتحریم والإیجاب، فیتکلمون فیما لا یعلمون، ویجملون فی الشریعة ویفصلون، وهم من أجهل الناس فی أحکام الله. (العثیمین، 2003، ص58).    

ومن أخلاق العالم الجاهل: "إن سئل عما لا یعلم أنف أن یقول: لا أعلم حتى یتکلف مالا یسعه فی الجواب". (الآجری، 2007، ص117).

2-کتم العلم وعدم إفادة الآخرین به:

 

وحذر النبی علیه السلام من کنم العلم، حیث جاء فی الحدیث: عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: " مَنْ کَتَمَ عِلْمًا یَعْلَمُهُ، جَاءَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مُلَجَّمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ "(ابن حنبل، 2001، ج16، ص293).

وذم القرآن الکریم کتمان العلم، ورهب من کتمانه، ویظهر ذلک من قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِینَ یَکْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْکِتَابِ وَیَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِیلًا ۙ أُولَٰئِکَ مَا یَأْکُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا یُکَلِّمُهُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَلَا یُزَکِّیهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ ) ( سورة البقرة: آیة ١٧٤) .

وجاءت هذه الآیة فی علماء الیهود، کتموا ما أنزل الله فی التوراة من صفة محمد علیه الصلاة والسلام وصحة رسالته، حیث وما کانوا یأخذونه من الرشا کان قلیلا. (القرطبی،2006، ج3، ص 48). 

والحقیقة التی أکد علیها علماء التربیة، أنه ینبغی على طالب العلم: إذا ظفر بسماع أو فائدة أرشد غیره من الطلبة إلیه، فإن کتمان ذلک لؤم من جهلة الطلبة یُخاف على فاعله عدم النفع، فإن برکة الحدیث بإفادته، وبنشره ینمی. (ابن جماعة، 2012، ص164).

وینبغی على العلماء: ألا یبخلوا بتعلیم ما یحسنون، ولا یمتنعوا  من إفادة ما یعلمون، فإن البخل فیه لؤم وظلم، والمنع منه حسد وإثم.(الماوردی، 2013  ، ص135).

ومن آداب المعلّم وأخلاقه : "أن یبذل العلم لطالبه ، ولا یبخل بتعلیم ما یعلم ، ولا یمتنع من الإفادة به ، فإن کتم العلم الذی یحتاجه الناس لا یجوز ، ولو استنّ بذلک من علّمه لما وصل العلم إلیه ".(البیانونی،   1429هـ، ص99).

فینبغی على العالِم: أن لا یدخر عن طلبة العلم من أنواع العلم شیئاً یحتاجون إلیه، أو یسألون عنه، إذا کان الطالب أهلاً لذلک، لأن ذلک ربما یوحش الصدر، وینفر القلب"(الغزی، 2009، ص181).

3-الدخول فی جدال مع الآخرین:

والجدال صفة مذمومة  تظهر عند المنافقین من أهل العلم ،  وهی من عوامل هدم الإسلام، ویظهر ذلک من خلال الحدیث، "عَنِ الشَّعْبِیِّ، عَنْ زِیَادِ بْنِ حُدَیْرٍ، قَالَ: قَالَ لِی عُمَرُ: «هَلْ تَعْرِفُ مَا یَهْدِمُ الْإِسْلَامَ؟» قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: «یَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْکِتَابِ وَحُکْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّینَ» (الدارمی، 2000، ج1، ص295).

والمجادلة آفة منبوذة؛ لأن جوهرها یکمن فی : "قصد إفحام الغیر وتعجیزه، وتنقیصه بالقدح فی کلامه، ونسبته إلى القصور والجهل فیه"( الغزالی، 2005، ص1006).

وتجد أن الجدال آفة نبذها القرآن،  خاصة الذی  یجادل بغیر علم ولا بصیرة، وهذا ما جاء فی قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن یُجَادِلُ فِی اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَیَتَّبِعُ کُلَّ شَیْطَانٍ مَّرِیدٍﱠ) (سورة الحج: آیة: ٣).

أی بمعنى: من یخاصم فی الله، فیزعم أن الله غیر قادر على إحیاء من قد بلى وصار ترابا، بغیر علم یعلمه، بل بجهل منه بما یقول ویتبع فی قیله ذلک وجداله فی الله بغیر علم "کل شیطان مرید".(الطبری، 1997، مج5، ص292).

والجدیر ذکره: أن الجدال عندما یکون مبنی على باطل یتأتى من ذلک هدم لکیان المجتمع الإنسانی، مما یجلب الویلات والحزازیة بین الأفراد والجماعات، والأمم، وکم من صراع فکری جدلی تحول إلى صراع دموی نتیجة الخوض فی الباطل وعدم الإصغاء إلى برهان الحق ومنطق البیان(الألمعی، 1404، ص65).

وفی المقابل حث القرآن على التلطف فی الجدل بالتی هی أحسن، قال تعالى (ادْعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ)  ( سورة النحل: آیة ١٢٥).

ومن الحکمة الدعوة بالعلم لا بالجهل، والبداءة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما یکون قبوله أتم، وبرفق ولین، ویجب أن لا تؤدی المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها، ولا تحصل الفائدة منها.( السعدی، 2002 ، ص452).

 

4- الکبر والترفع على الناس:

الکبر من الآفات التی یقع بها الکثیر من العلماء، أو المتعلمین.  حیث َقَالَ مُجَاهِدٌ: «لاَ یَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْیٍ وَلاَ مُسْتَکْبِرٌ»( البخاری، 1422هـ، ج1، ص38).

وقد ذم الله تعالى کل متکبر بغیر وجه حق، قال تعالى  (  سَأَصْرِفُ عَنْ آیَاتِیَ الَّذِینَ یَتَکَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَإِن یَرَوْا کُلَّ آیَةٍ لَّا یُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن یَرَوْا سَبِیلَ الرُّشْدِ لَا یَتَّخِذُوهُ سَبِیلًا وَإِن یَرَوْا سَبِیلَ الْغَیِّ یَتَّخِذُوهُ سَبِیلًا ۚ ذَٰلِکَ بِأَنَّهُمْ کَذَّبُوا بِآیَاتِنَا وَکَانُوا عَنْهَا غَافِلِینَ )    (سورة الأعراف: آیة : ١٤٦).

لذا تجد أن: المتکبر یحتقر الناس ولا یرى لهم قدرا، أو یستنکف أن یسألهم عما یجهله، ولایقبل تعلیم من یعلمه، ولا یقبل نصیحة ناصح.(زیدان، 2010، ص344).

والجدیر ذکره أن: التکبر فیه إظهار العامل إعجابه بنفسه بصورة تجعله یحتقر الآخرین فی أنفسهم، وینال من ذواتهم، ویترفع عن قبول الحق منهم، وفیه ترفع بالباطل، ونکران للنعمة وجحودها.(نوح، 1992، ج1، ص165، 166).

وینبغی على المعلم أن لا یتعاظم على المتعلمین، بل یلین لهم القول، ویتواضع لهم.(العلموی، ب.ت، ص47).

5-  الإعجاب بعلمه ونفسه :

الإعجاب من الآفات التی تذهب أجر طلب العلم، ویفسد المقصد من التعلیم والتعلم، وهو سلوک یصدر من الجاهلین.  وجاء عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: «کَفَى بِالْمَرْءِ عِلْمًا أَنْ یَخْشَى اللَّهَ، وَکَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا، أَنْ یُعْجَبَ بِعِلْمِهِ»( الدارمی، 2000، ج1، ص346).

والمعجب یغتر بنفسه وبرأیه، ویأمن مکر الله وعذابه، ویخرجه العجب إلى أن یثنی على نفسه ویحمدها، ویزکیها، وإن أعجب برأیه وعمله وعقله منعه ذلک من الاستفادة والاستشارة والسؤال، فیستبد بنفسه ورأیه، ویستنکف من سؤال من هو أعلم منه، وفد یعجب بالرأی الخطأ  الذی یکون من خواطره.( الغزالی، 2005، ص1287).

ومن الثمرات الی یورثها العجب : الاستبداد بالرأی، وترک المشورة، واستجهال الناس المخالفین له ولرأیه، ویخرج إلى قلة الإصغاء إلى أهل العلم إعراضا عنهم بالاستغناء بالرأی والعقل واستحقارا لهم وإهانة.( حوى، 2004، ص 192).

وما یجب أن یکون علیه العلماء من الأخلاق التی هی بهم ألیق ، ولهم ألزم، مجانبة العجب، فالعجب منفر ، وهو بکل أحد قبیح ، وبالعلماء أقبح ؛ لأن الناس بهم یقتدون.. وکثیرا ما یتداخلهم الإعجاب، لتوحدهم بفضیلة العلم، لذلک مجانبة العجب بهم أحرى، لأن العجب نقص ینافی الفضل.(الماوردی، 2013، ص125).

6- المخاصمة والتنازع مع الآخرین :

وجاء فی الحدیث الشریف ذم للرسول علیه السلام لآفة المخاصمة . ونلمس ذلک فی الحدیث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَفِی البَیْتِ رِجَالٌ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «هَلُمُّوا أَکْتُبْ لَکُمْ کِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ»، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ  قَدْ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَکُمُ القُرْآنُ حَسْبُنَا، کِتَابُ اللَّهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَیْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ قَرِّبُوا یَکْتُبُ لَکُمْ کِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ غَیْرَ ذَلِکَ، فَلَمَّا أَکْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلاَفَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا» قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ، فَکَانَ یَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّ الرَّزِیَّةَ کُلَّ الرَّزِیَّةِ، مَا حَالَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَبَیْنَ أَنْ یَکْتُبَ لَهُمْ ذَلِکَ الکِتَابَ، لِاخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ» (البخاری، 1422هـ، ج6، ص9).

وفی موضع آخر أنکر الرسول علیه السلام على أهل العلم التنازع، حیث  قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِیَّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَنَا کِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَکَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ: «قُومُوا عَنِّی، وَلاَ یَنْبَغِی عِنْدِی التَّنَازُعُ»(البخاری، 1422هـ، ج1، ص34).

والأصل:  "ینبغی لطالب العلم ألاینازع أحداً ولا یخاصمهم، لأنه یضیع أوقاته"(الزرنوجی، 2014، ص112). و قال (الراغب): الخصومة قلیة العائدة، ولا تثمر إلا العداوة وإنکار الحق.(رسلان، ب.ت، ص 102).

وأهل العلم أولى من غیرهم، فی الإعراض عن الخصومة مهما أمکن لأنها توغر الصدر، وتهیج الغضب، وتورث الحقد، وتخرج إلى تناول العرض.( ابن قدامة، 1978، ص 166).

6-  غلبة النسیان لدیه أثناء التعلیم:

کثیر من العلماء  یسیطر علیهم النسیان فیما تعلموه، وعند تعلیمهم للناس یظهر آثار ذلک، حیث کشف الرسول وذم هذه الآفة المذمومة من خلال الحدیث. عن عبد الله قال: قال النبی علیه الصلاة والسلام: "بِئْسَ ما لأحَدِهِمْ أنْ یَقُولَ نَسِیتُ آیَةَ کَیْتَ وکَیْتَ، بَلْ نُسِّیَ واسْتَذْکِرُوا القُرْآنَ، فإنَّه أشَدُّ تَفَصِّیًا مِن صُدُورِ الرِّجالِ مِنَ النَّعَمِ"( البخاری، 1422هـ، ج6، ص193).

ومن الأمور التی تورث النسیان: المعاصی، وکثرة الذنوب، والهموم، والأحزان فی أمور الدنیا، وکثرة الأشغال والعلائق.( الزرنوجی، 2014، ص 129).

والنسیان آفة قد یکون لوساوس الشیطان حظا وفیرا فیها، ونلمس ذلک من قوله تعالى (   قَالَ أَرَأَیْتَ إِذْ أَوَیْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِیهُ إِلَّا الشَّیْطَانُ أَنْ أَذْکُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِیلَهُ فِی الْبَحْرِ عَجَبًا  )  (سورة الکهف:آیة : ٦٣). أی: "وما أنسانی أن أذکر الحوت إلا الشیطان"(الطبری، 1994، ص118).

ومن الأمور الواجبة على أهل العلم لتجنب النسیان: الحرص على المذاکرة وضبط ما تعلموه إما بالحفظ فی صدورهم، أو کتابته، فالإنسان عرضة للنسیان، فإذا لم یحرص على المراجعة وتکرار ما تعلمه، فإن ذلک یضیع منهم وینسوه.( العثیمین، 2003، ص47).

والعالِم ینبغی علیه أن یجتنب ما یولد النسیان بالخاصیة کأکل سؤر الفأر، وقراءة ألواح القبور...(العلموی، ب.ت، ص38).

8- الکذب والادعاء أثناء التحدث مع الناس:

ففی الکذب:" إخبار عن الشیء على خلاف ما هو، عمداً کان أو سهواً.( القحطانی، 1431، ص40).

وحذرت السنة النبویة من هذه الآفة المقیتة، فعَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «کَفَى بِالْمَرْءِ کَذِبًا أَنْ یُحَدِّثَ بِکُلِّ مَا سَمِعَ»(مسلم، ب.ت، ج1، ص10).

وحذر الله عز وجل من الکذب فی الأقوال، والإدعاء الباطل  (  وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُکُمُ الْکَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْکَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِینَ یَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْکَذِبَ لَا یُفْلِحُونَ ) ( سورة النحل: آیة :116)  قال ابن کثیر فی تفسیر هذه الآیه: ویدخل فی هذا کل ما ابتدع بدعة لیس له فیها مستند شرعی، أوحلل شیئا مما حرم الله، أو حرم شیئا مما أباح الله بمجرد رأیه وتشهیه، تثم توعدهم أی الکاذبین فی الدنیا متاع قلیل، وفی الآخرة عذاب ألیم.( ابن کثیر،ب.ت، مج2، ص350). 

وعَنْ سُفْیَانَ بْنِ حُسَیْنٍ، قَالَ: سَأَلَنِی إِیَاسُ بْنُ مُعَاوِیَةَ، فَقَالَ: إِنِّی أَرَاکَ قَدْ کَلِفْتَ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ، فَاقْرَأْ عَلَیَّ سُورَةً، وَفَسِّرْ حَتَّى أَنْظُرَ فِیمَا عَلِمْتَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَقَالَ لِیَ: احْفَظْ عَلَیَّ مَا أَقُولُ لَکَ: «إِیَّاکَ وَالشَّنَاعَةَ فِی الْحَدِیثِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ فِی نَفْسِهِ، وَکُذِّبَ فِی حَدِیثِهِ» (مسلم، ب.ت، ج1، ص11).

 

والحقیقة أن مشکلة العالم کله تبدأ من فقدان الصدق ، وانتشار الکذب، فی الأقوال، والأعمال، والنیات، والمظاهر، والکذاب لن ینجح بحیاته ، ولن یهتدی إلى الحق والخیر، فسینکشف للناس عن جبن، وخسة تجعل الخیبة ملازمة له فی شأنه کله.( السباعی، 1987 ، ص84، 85).

9- التباهی والتفاخر بالعلم بین الناس:

والتباهی والتفاخر بالعلم من الآفات  التی تبطل الأعمال، وتفسد  المجالس، وتورث الشحناء، والغضب.  ونلمس ذلک من خلال الحدیث: عَنْ عَلِیٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «یَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ اعْمَلُوا بِهِ، فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَوَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ، وَسَیَکُونُ أَقْوَامٌ یَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لَا یُجَاوِزُ تَرَاقِیَهُمْ، یُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُمْ، وَتُخَالِفُ سَرِیرَتُهُمْ عَلَانِیَتَهُمْ، یَجْلِسُونَ حِلَقًا فَیُبَاهِیَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَیَغْضَبُ عَلَى جَلِیسِهِ أَنْ یَجْلِسَ إِلَى غَیْرِهِ وَیَدَعَهُ، أُولَئِکَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِی مَجَالِسِهِمْ، تِلْکَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى»  (الدارمی، 2000، ج1، ص382).

وقد نفّر الرسول -علیه الصلاة والسلام – من  مباهاة أهل العلم بعلمهم  ، جاء فی الحدیث: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِیَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَیَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِکَ، فَالنَّارُ النَّارُ"  (ابن ماجه، ب.ت، ج1، ص93).

 فینبغی للعالِم أن: یتقِ المفاخرة والمباهاة ، ولا یکون قصده من طلب الحدیث نیل الریاسة ، أو اتخاذ الأتباع، وعقد المجالس.( البغدادی، 1996، مج1، ص 126).

 ومن وصایا لقمان لابنه : " یابنی ! لا تتعلّم العلم لثلاث...لا تتعلّمه لتماری به ، ولا لتباهی به ، ولا لترائی به"(البیانونی، 1429هـ، ص121).

وتجد أن من "أدب العالم ترک الفخر بما یحسنه إلا أن یضطر إلى ذلک"( ابن عبد البر، ب.ت، ص576).

 10- الحیاء من الآخرین فی طلب العلم والاستفادة منه:

 

 

الحیاء یمنع العالم من الاستفادة من علمه، أو إفادة الآخرین به، والحیاء یمنع طالب العلم من الاجابة عن المسائل، وإن کان یعرفها.  ونلمس ذلک من الحدیث: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ یَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِی مَا هِیَ» فَوَقَعَ النَّاسُ فِی شَجَرِ البَوَادِی قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِی نَفْسِی أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْیَیْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِیَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هِیَ النَّخْلَةُ» البخاری

والاستحیاء  فی التعلیم  مذموم، لما له من دور فی منع  حصول العلم. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «لاَ یَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْیٍ وَلاَ مُسْتَکْبِرٌ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ یَمْنَعْهُنَّ الحَیَاءُ أَنْ یَتَفَقَّهْنَ فِی الدِّینِ» (البخاری، 1422هـ، ج1، ص38).

ولنا فی الرسول القدوة الحسنة ، فهو یجیب عن سؤال امرأة لم یمنعها الحیاء من السؤال، والتفقه. عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَیْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ یَسْتَحْیِی مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَتِ المَاءَ» فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِی وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: یَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَرِبَتْ یَمِینُکِ، فَبِمَ یُشْبِهُهَا وَلَدُهَا» (البخاری، 1422هـ، ج1، ص38).

والحیاء من موانع طلب العلم، لذلک ربما یمتنع الإنسان من طلب العلم ، کونه استحیا من تقصیره فی صغره أن یتعلم فی کبره، فرضى بالجهل أن یکون موسوما به، وآثره على العلم أن یصیر مبتدئاً به، وهذا من خدع الجهل(الماوردی، 2013، ص80).

وطالب العلم یجب علیه: أن لا یستحی من سؤال ما أشکل علیه، وتفهم مالم یتعقله، بتلطف...ولا یستحیی من قوله: "لم أفهم"، إذا سأله الشیخ؛ لأن ذلک یفوت علیه مصلحته العاجلة والآجلة.(ابن جماعة، 2012، ص120، 121).

لذلک ینبغی على طالب العلم: أن لا یستحیی من السؤال عما أشکل علیه، بل یستوضحه أکمل استیضاح، فمن رق وجهه رق علمه، ومن رق وجهه عن السؤال ظهر نقصه عند اجتماع الرجال(الغزی، 2009، ص257).

وقال (عمر مولى غفرة):" لا یزال العالم عالما ما لم یجسر فی الأمور برأیه، وما لم یستحی أن یمشی إلا من هو أعلم منه"(ابن عبد البر، ب.ت، ص511).

11-الفضاضة والشناعة أثناء الحدیث مع الناس:

العالم حتى یکسب من حوله، ویألف قلوبهم، ویؤثر فیهم علیه أن یکون حدیثه متناسق، لین بعیدا عن الغلظة والکذب، والفضاضة أو الشناعة فالحدیث مذمومة. فعَنْ سُفْیَانَ بْنِ حُسَیْنٍ، قَالَ: سَأَلَنِی إِیَاسُ بْنُ مُعَاوِیَةَ، فَقَالَ: إِنِّی أَرَاکَ قَدْ کَلِفْتَ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ، فَاقْرَأْ عَلَیَّ سُورَةً، وَفَسِّرْ حَتَّى أَنْظُرَ فِیمَا عَلِمْتَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَقَالَ لِیَ: احْفَظْ عَلَیَّ مَا أَقُولُ لَکَ: «إِیَّاکَ وَالشَّنَاعَةَ فِی الْحَدِیثِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ فِی نَفْسِهِ، وَکُذِّبَ فِی حَدِیثِهِ»  (مسلم، ب.ت، ج1، ص11).

وذم القرآن الکریم الجهر بالأقوال الشنیعة أو السیئة، ونلمس ذلک من قوله تعالى (لَّا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَکَانَ اللَّهُ سَمِیعًا عَلِیمًا )  (سورة النساء: آیة : ١٤٨). أی لا یحب الله تعالى الفحش فی القول، ولا الإیذاء باللسان، إلا المظلوم فیباح له  الجهر بالدعاء على ظالمه، وأن یذکره بما فیه من السوء( القحطانی، 1431، ص75).  

 

والإسلام ذم الفضاضة أثناء التعامل مع الناس،  وجاء فی التوجیه القرآنی مدحا للرسول علیه السلام بهذا الشأن حیث کان بعیدا عن الغلظة والفضاضة فی دعوته للناس، قال تعالى(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ کُنتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ ) (سورة آل عمران: آیة : ١٥٩).

وفی موضع آخر جاء فی التوجیه الربانی، ما یدفع أهل العلم إلى القول الحسن أثناء التعامل مع الناس، قال تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَانًا وَذِی الْقُرْبَىٰ وَالْیَتَامَىٰ وَالْمَسَاکِینِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِیمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّکَاةَ ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا مِّنکُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ)

  (سورة البقرة: آیة ٨٣).

 ولقد عنی الإسلام عنایة کبیرة بموضوع الکلام، وأسلوب أدائه، لأن الکلام الصادر عن إنسان ما، یشیر إلى حقیقة عقله، وطبیعة خلقه... فإذا تکلم المرء فلیقل خیرا أو لیعود لسانه الجمیل من القول، فالتعبیر الحسن عما یجول فی النفس أدب عالِ( الغزالی، 1980، ص77-80).

ومن الجدیر ذکره- أن: طبیعة الناس ینفرون من الغلیظ الخشن القاسی ولا یقبلون قوله؛ لأن قبول قول الناصح أو العالم یستلزم إقبال قلب المتعلم أو المنصوح إلیه، ولا یحصل هذا الإقبال مع خشونة الطبع وغلظة القلب.( زیدان، 2010، ص343).

والعالِم من أخلاقیاته المهمة یحرص على: "استعماله لطیف الخطاب وتحفظه فی منطقه"( البغدادی، 1996، ص631).

12- التکلف والتعمق مع الآخرین بما لیس فائدة منه :

من صور التکلف المذمومة، أن یتم توجیه مسائل غریبة، أوشاذة، لیس لها فائدة، وأنکر النبی -علیه الصلاة والسلام- التعمق فی الأسئلة بین أهل العلم والناس. جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِکٍ، یَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: " لَنْ یَبْرَحَ النَّاسُ یَتَسَاءَلُونَ حَتَّى یَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ خَالِقُ کُلِّ شَیْءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ " (البخاری، 1422هـ، ج9، ص96).

ونهى القرآن الکریم عن التکلف فی طرح الأسئلة، خاصة فی الأمور الغیبیة، أو الغریبة، قال تعالى (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْیَاءَ إِن تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِینَ یُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَکُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمٌ) (سورة المائدة: آیة: ١٠١).

لذا یتوجب على طالب العلم أو العالم أن: لا یسأل أحداً تعنتاً أو تعجزاً، فإنه لا یستحق جوابا. (الغزی، 2009، ص162).

وتجدر الإشارة إلى أنه: کل من سأل عن علم غامض، ولم یبلغ فهمه تلک الدرجة فهو مذموم، بالإضافة إلیه عامی. (حوى، 2004، ص 438).

لذا وجب أن: لا یسأل عن شیء فی غیر موضعه، ففاعل ذلک لا یستحق جواباً، إلا أن یعلم من حال الشیخ أنه لا یکره ذلک، والأولى ألا یفعل، ولا یلح علیه فی السؤال إلحاحاً مضجراً. (الغزی، 2009، ص256).

ومن أسباب الغرور؛ التعمق فی العلم خاصة غرائب وشواذ المسائل مع إهمال العمل، حیث بعض العاملین قد یکون همه التعمق فی العلم، اعتقادا منهم غفلة بعض العاملین عن المسائل وعدم إلمامهم بها، فیخطر بباله أنهم لا یتقنون من مسائل العلم شیئا، وأن أتقنوا فهو قلیل فی جانب ما لدیه من الغرائب، والشواذ، مما یجعله یحتقر ویستصغر ما لدى الآخرین.( نوح ، 1407ه، ص 56).

نتائج الدراسة:

فی ضوء ما سبق توصلت الدراسة إلى النتائج التالیة:

1-  للعلم مکانة رفیعة فی الإسلام، فحرصت السنة النبویة على صیانته ، من خلال تحذیر العلماء، وطلبة العلم من الانزلاق وراء المطامع الشخصیة، أو الانجرار للمکاسب الدنیویة التی تفسد المقصد من العلم، وتعیق من طلبه، أو تحرف مساره السلیم.

2-  تبین أن آفات العلم عبارة عن سلوکیات ومظاهر تعترض وتتناقض مع الأخلاق والآداب الحسنة المرغوب فیها والتی حث علیها الإسلام.

3-  ذمت السنة النبویة  کافة مظاهر آفات العلم،  وحذرت أهل العلم(علماء، متعلمین) منها، والابتعاد عنها.

4-  أغلب ما یحبط الأعمال، أو الأقوال لدى أهل العلم، هو فساد النیة،  وعلى العکس فإن صلحت النیة، صلح العمل، وتقبله الله تعالى.

5-  بینت السنة النبویة بشکل جلی العواقب المتأتیة من  ممارسة أهل العلم من العلماء  لبعض آفات العلم :ککتمان العلم، أو الکبر، والتماس الدنیا بالعلم وغیرها.

6-  أنکرت السنة النبویة تصدر العلماء قبل التأهل، فدأبت على الإعداد العلمی والخلقی الشامل لهم، تجنبا للوقوع فی بعض الآفات المضرة بالعملیة التعلیمیة، کالإفتاء بغیر علم، أو الضلالة واللغط، أو الکذب والادعاء.

7-  هناک جملة من الآفات التی قد تفسد علاقة العالم مع الناس أو المتعلمین کالتکبر علیهم، أو الکذب، والجدال معهم، أو کتمان العلم...

8-  تبین أن آفات العلم یتحلى بها أو تصدر من أشخاص غیر أسویاء، قلوبهم معلقة بالدنیا، أو یقصدون بتعلمهم مآرب شخصیة کالسمعة، والمداهنة، والصدارة...

توصیات الدراسة:

فی ضوء النتائج توصلت الدراسة إلى التوصیات التالیة:

1-  ضرورة تضمین المناهج الدراسیة فی المؤسسات التعلیمیة مساقات تعزز من الآداب والأخلاق الحسنة لدى المتعلمین قبل تخرجهم.

2-   ضرورة مراعاة المؤسسات الجامعیة إعداد مواد تعلیمیة تتضمن آفات العلم لتبصیر الطلبة بها قبل تخرجهم من الجامعة کخطوة للوقایة منها.

3-  تنظیم دورات تدریبة، وندوات فی المؤسسات التعلیمیة تبصر المعلمین والمتعلمین بآفات العلم وتحذرهم منها.

4-  الحرص على وجود معاییر سلیمة فی انتقاء المعلمین وأعضاء هیئة التدریس على أساس الکفاءة والأهلیة قبل التصدر لعملیة التعلیم لضمان عدم شیوع مثل هیک آفات لدیهم.

5-  الاستفادة من الإطار النظری لهذه الدراسة فی إعداد بطاقة تقویم ذاتی، للکشف عن مستوى وجود آفات العلم بکافة أشکالها لدى المعلمین أو المتعلمین، تمهیدا لتلافیها.

مقترحات الدراسة:

فی ضوء نتائج الدراسة وتوصیاتها، یقترح الباحث إجراء الدراسات التالیة:

1-  آفات المتعلمین فی ضوء القرآن الکریم.

2-  الدور التربوی للجامعات فی تحذیر طلبتها من آفات العلم.

 

 

قائمة المصادر والمراجع:

**القرآن الکریم تنزیل العزیز الرحیم

  1. ابن جماعة(2012): تذکرة السامع والمتکلم فی أدب العالم والمتعلم، دار البشائر الإسلامیة، بیروت.
  2. ابن حنبل،  أحمد بن محمد(2001):مسند الإمام أحمد بن حنبل،  تحقیق: (شعیب الأرنؤوط وآخرون)، مؤسسة الرسالة.
  3. ابن عبد البر، یوسف (ب.ت): جامع بیان العلم وفضله، ج1، تحقیق:( بی الأشبل الزهیری)، دار الحرمین، مصر.
  4. ابن قدامة، أحمد بن عبد الرحمن(1978): مختصر منهاج القاصدین، مکتبة دار البیان، بیروت.
  5. ابن کثیر، إسماعیل(ب. ت): مختصر تفسیر ابن کثیر، مج2، دار الصابونی، القاهرة.
  6. ابن کثیر، إسماعیل(ب. ت): مختصر تفسیر ابن کثیر، مج3، دار الصابونی، القاهرة.
  7. ابن ماجة، محمد بن یزید (ب.ت)، سنن ابن ماجه، تحقیق: (محمد فؤاد عبد الباقی)، دار إحیاء الکتب العربیة.
  8. أبو داود، سلیمان بن الأشعث (ب.ت): سنن أبی داوود، تحقیق: (محمد عبد الحمید)، المکتبة العصریة، صیدا – بیروت.
  9. أبو زید، بکر(2002): حلیة طالب العلم، مؤسسة الرسالة، بیروت.
  10. أبودف، محمود(2015): دراسات فی الفکر التربوی الإسلامی، مکتبة سمیر منصور، غزة، فلسطین.
  11. الآجری، أبی بکر محمد(2007): أخلاق العلماء، دار أضواء السلف، الریاض.
  12. الألمعی، زاهر(1404هـ): مناهج الجدل فی القرآن الکریم، مکتبة نور على الشبکة العنکبوتیة:  https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84-pdf
  13. البخاری ،محمد بن إسماعیل(1422هـ): الجامع المسند الصحیح المختصر من أمور رسول الله صلى الله علیه وسلم وسننه وأیامه، تحقیق: (محمد زهیر بن ناصر الناصر)، دار طوق النجاة.
  14. البغدای، أحمد بن علی(1996): الجامع لأخلاق الراوی وآداب السامع، ط3، مؤسسة الرسالة، بیروت.
  15. البیانونی، عبد المجید(1429):رسالة المعلم وآداب العالم والمتعلم، ط3، المملکة العربیة السعودیة.
  16.    الترمذی،  محمد بن عیسى(1975): سنن الترمذی، تحقیق:(أحمد محمد شاکر وآخرون)، شرکة مکتبة ومطبعة مصطفى البابی الحلبی، مصر.
  17. التل، وائل(2004): النقائض الخلقیة المحظورة على المعلم الأنموذج، إربد للبحوث والدراسات، مج(7)، ع(2).
  18.  حوى، سعید(2004): المستخلص فی تزکیة الأنفس، دار السلام، القاهرة.
  19. الدارمی، عبد الله بن عبد الرحمن(2000): سنن الدارمی، تحقیق: (حسین سلیم أسد الدارانی)، دار المغنی للنشر والتوزیع، المملکة العربیة السعودیة.
  20. رسلان، محمد(ب.ت): آفات العلم، دار أضواء السلف، مصر.
  21. الزرنوجی، برهان الدین(2014): تعلیم المتعلم فی طریق التعلم، ط3، دار ابن کثیر، دمشق.
  22. زیدان، عبد الکریم(2010): أصول الدعوة، مؤسسة الرسالة ناشرون، دمشق.
  23. السباعی، مصطفى(1987): أخلاقنا الاجتماعیة، ط5، المکتب الإسلامی، بیروت.
  24. السباعی، مصطفى(ب.ت): السنة النبویة ومکانتها فی التشریع الإسلامی، المکتبة الإسلامیة، دمشق.
  25. السعدی، عبد الرحمن(2002): تیسیر الکریم الرحمن فی تفسیر کلام المنان، تحقیق:(عبد الرحمن اللویحق)، مؤسسة الرسالة.
  26. الشریف، عبد الله(2020):آفات العلماء فی ضوء قوله تعالى:" وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْنَاهُ آیَاتِنَا..." الأعراف:175-177 وسبل الوقایة منها، المجلة العلمیة لجامعة الأزهر، مج(32)ع(2)، ص ص57-120.
  27. الطبری،  محمد بن جریر(1994): جامع البیان عن تأویل آی القرآن، تحقیق:(بشار معروف، وعصام الحرستانی)، مج(5)، مؤسسة الرسالة، بیروت.
  28. الطبری،  محمد بن جریر(1994): جامع البیان عن تأویل آی القرآن، تحقیق:(بشار معروف، وعصام الحرستانی)، مج(6)، مؤسسة الرسالة، بیروت.
  29. عبد الکریم، عبد السلام(1413هـ): عوائق الطلب، دار أهل الحدیث، الریاض.
  30. العثیمین، محمد(2003): کتاب العلم، دار البصرة، الإسکندریة.
  31. العلموی، عبد الباسط (ب.ت): المعید فی أدب المفید والمستفید، المکتبة العربیة، دمشق.
  32. الغزالی، أبی حامد محمد(2005): إحیاء علوم الدین، دار ابن حزم، بیروت.
  33. الغزالی، محمد(1980): خلق المسلم، دار القلم، دمشق.
  34. الغزی، بدر الدین محمد(2009): الدر النضید فی أدب المفید والمستفید، تحقیق: (نشأت المصری)، مکتب التوعیة الإسلامیة، مصر.
  35. القابسی، أبو الحسن علی(1986): الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمین وأحکام المعلمین والمتعلمین، الشرکة التونسیة للتوزیع،  تونس.
  36. القحطانی، سعید(1431): آفات اللسان فی ضوء الکتاب والسنة، ط9، سلسلة مؤلفات سعید القحطانی(90).
  37. القرضاوی، یوسف(1991): أولویات الحرکة الإسلامیة فی المرحلة القادمة، مؤسسة الرسالة، بیروت.
  38. القرطبی، محمد بن أحمد(2006): الجامع لأحکام القرآن والمبین لما تضمنه من السنة وآی الفرقان، تحقیق:( عبد الله الترکی)، ج3، مؤسسة الرسالة، بیروت.
  39. الماوردی، علی(2013): أدب الدین والدنیا، دار المنهاج .
  40. مسلم ، بن الحجاج أبو الحسن (ب.ت): المسند الصحیح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم، تحقیق: (محمد فؤاد عبد الباقی)، دار إحیاء التراث العربی، بیروت.
  41.  مصطفى، إبراهیم وآخرون (ب.ت): المعجم الوسیط، دار الدعوة.
  42. النسائی، أحمد بن شعیب(1986): السنن الصغرى للنسائی، تحقیق: (عبد الفتاح أبو غدة)، مکتب المطبوعات الإسلامیة – حلب.
  43. نوح، السید(1992): آفات على الطریق، ج1، دار الوفاء، المنصورة.
  44. نوح، السید(1992): آفات على الطریق، ج2، دار الوفاء، المنصورة.
  45. النووی، یحیى بن شرف (1987): آداب العالم والمتعلم والمفتی والمستفتی وفضل طلب العلم، مکتبة الصحابة، طنطا.

 

  1. **القرآن الکریم تنزیل العزیز الرحیم

    1. ابن جماعة(2012): تذکرة السامع والمتکلم فی أدب العالم والمتعلم، دار البشائر الإسلامیة، بیروت.
    2. ابن حنبل،  أحمد بن محمد(2001):مسند الإمام أحمد بن حنبل،  تحقیق: (شعیب الأرنؤوط وآخرون)، مؤسسة الرسالة.
    3. ابن عبد البر، یوسف (ب.ت): جامع بیان العلم وفضله، ج1، تحقیق:( بی الأشبل الزهیری)، دار الحرمین، مصر.
    4. ابن قدامة، أحمد بن عبد الرحمن(1978): مختصر منهاج القاصدین، مکتبة دار البیان، بیروت.
    5. ابن کثیر، إسماعیل(ب. ت): مختصر تفسیر ابن کثیر، مج2، دار الصابونی، القاهرة.
    6. ابن کثیر، إسماعیل(ب. ت): مختصر تفسیر ابن کثیر، مج3، دار الصابونی، القاهرة.
    7. ابن ماجة، محمد بن یزید (ب.ت)، سنن ابن ماجه، تحقیق: (محمد فؤاد عبد الباقی)، دار إحیاء الکتب العربیة.
    8. أبو داود، سلیمان بن الأشعث (ب.ت): سنن أبی داوود، تحقیق: (محمد عبد الحمید)، المکتبة العصریة، صیدا – بیروت.
    9. أبو زید، بکر(2002): حلیة طالب العلم، مؤسسة الرسالة، بیروت.
    10. أبودف، محمود(2015): دراسات فی الفکر التربوی الإسلامی، مکتبة سمیر منصور، غزة، فلسطین.
    11. الآجری، أبی بکر محمد(2007): أخلاق العلماء، دار أضواء السلف، الریاض.
    12. الألمعی، زاهر(1404هـ): مناهج الجدل فی القرآن الکریم، مکتبة نور على الشبکة العنکبوتیة:  https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84-pdf
    13. البخاری ،محمد بن إسماعیل(1422هـ): الجامع المسند الصحیح المختصر من أمور رسول الله صلى الله علیه وسلم وسننه وأیامه، تحقیق: (محمد زهیر بن ناصر الناصر)، دار طوق النجاة.
    14. البغدای، أحمد بن علی(1996): الجامع لأخلاق الراوی وآداب السامع، ط3، مؤسسة الرسالة، بیروت.
    15. البیانونی، عبد المجید(1429):رسالة المعلم وآداب العالم والمتعلم، ط3، المملکة العربیة السعودیة.
    16.    الترمذی،  محمد بن عیسى(1975): سنن الترمذی، تحقیق:(أحمد محمد شاکر وآخرون)، شرکة مکتبة ومطبعة مصطفى البابی الحلبی، مصر.
    17. التل، وائل(2004): النقائض الخلقیة المحظورة على المعلم الأنموذج، إربد للبحوث والدراسات، مج(7)، ع(2).
    18.  حوى، سعید(2004): المستخلص فی تزکیة الأنفس، دار السلام، القاهرة.
    19. الدارمی، عبد الله بن عبد الرحمن(2000): سنن الدارمی، تحقیق: (حسین سلیم أسد الدارانی)، دار المغنی للنشر والتوزیع، المملکة العربیة السعودیة.
    20. رسلان، محمد(ب.ت): آفات العلم، دار أضواء السلف، مصر.
    21. الزرنوجی، برهان الدین(2014): تعلیم المتعلم فی طریق التعلم، ط3، دار ابن کثیر، دمشق.
    22. زیدان، عبد الکریم(2010): أصول الدعوة، مؤسسة الرسالة ناشرون، دمشق.
    23. السباعی، مصطفى(1987): أخلاقنا الاجتماعیة، ط5، المکتب الإسلامی، بیروت.
    24. السباعی، مصطفى(ب.ت): السنة النبویة ومکانتها فی التشریع الإسلامی، المکتبة الإسلامیة، دمشق.
    25. السعدی، عبد الرحمن(2002): تیسیر الکریم الرحمن فی تفسیر کلام المنان، تحقیق:(عبد الرحمن اللویحق)، مؤسسة الرسالة.
    26. الشریف، عبد الله(2020):آفات العلماء فی ضوء قوله تعالى:" وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْنَاهُ آیَاتِنَا..." الأعراف:175-177 وسبل الوقایة منها، المجلة العلمیة لجامعة الأزهر، مج(32)ع(2)، ص ص57-120.
    27. الطبری،  محمد بن جریر(1994): جامع البیان عن تأویل آی القرآن، تحقیق:(بشار معروف، وعصام الحرستانی)، مج(5)، مؤسسة الرسالة، بیروت.
    28. الطبری،  محمد بن جریر(1994): جامع البیان عن تأویل آی القرآن، تحقیق:(بشار معروف، وعصام الحرستانی)، مج(6)، مؤسسة الرسالة، بیروت.
    29. عبد الکریم، عبد السلام(1413هـ): عوائق الطلب، دار أهل الحدیث، الریاض.
    30. العثیمین، محمد(2003): کتاب العلم، دار البصرة، الإسکندریة.
    31. العلموی، عبد الباسط (ب.ت): المعید فی أدب المفید والمستفید، المکتبة العربیة، دمشق.
    32. الغزالی، أبی حامد محمد(2005): إحیاء علوم الدین، دار ابن حزم، بیروت.
    33. الغزالی، محمد(1980): خلق المسلم، دار القلم، دمشق.
    34. الغزی، بدر الدین محمد(2009): الدر النضید فی أدب المفید والمستفید، تحقیق: (نشأت المصری)، مکتب التوعیة الإسلامیة، مصر.
    35. القابسی، أبو الحسن علی(1986): الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمین وأحکام المعلمین والمتعلمین، الشرکة التونسیة للتوزیع،  تونس.
    36. القحطانی، سعید(1431): آفات اللسان فی ضوء الکتاب والسنة، ط9، سلسلة مؤلفات سعید القحطانی(90).
    37. القرضاوی، یوسف(1991): أولویات الحرکة الإسلامیة فی المرحلة القادمة، مؤسسة الرسالة، بیروت.
    38. القرطبی، محمد بن أحمد(2006): الجامع لأحکام القرآن والمبین لما تضمنه من السنة وآی الفرقان، تحقیق:( عبد الله الترکی)، ج3، مؤسسة الرسالة، بیروت.
    39. الماوردی، علی(2013): أدب الدین والدنیا، دار المنهاج .
    40. مسلم ، بن الحجاج أبو الحسن (ب.ت): المسند الصحیح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم، تحقیق: (محمد فؤاد عبد الباقی)، دار إحیاء التراث العربی، بیروت.
    41.  مصطفى، إبراهیم وآخرون (ب.ت): المعجم الوسیط، دار الدعوة.
    42. النسائی، أحمد بن شعیب(1986): السنن الصغرى للنسائی، تحقیق: (عبد الفتاح أبو غدة)، مکتب المطبوعات الإسلامیة – حلب.
    43. نوح، السید(1992): آفات على الطریق، ج1، دار الوفاء، المنصورة.
    44. نوح، السید(1992): آفات على الطریق، ج2، دار الوفاء، المنصورة.
    45. النووی، یحیى بن شرف (1987): آداب العالم والمتعلم والمفتی والمستفتی وفضل طلب العلم، مکتبة الصحابة، طنطا.