نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مدرس التربية المقارنة والإدارة التعليمية بکلية التربية بأسيوط – جامعة أسيوط
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
کلیة التربیة
کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم
إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)
=======
الإدارة الذاتیة مدخل للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة
فی ضوء خبرات بعض الدول : دراسة تحلیلیة
إعـــداد
د / نعمات عبد الناصر أحمد
مدرس التربیة المقارنة والإدارة التعلیمیة
بکلیة التربیة بأسیوط – جامعة أسیوط
} المجلد الحادی والثلاثون – العدد الأول– ینایر 2015م {
مقدمة:
یشهد عالمنا المعاصر تغییرات ومستجدات متسارعة ومعقدة فی ذات الوقت فی جمیع جوانب الحیاة الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة وغیرها، ولعل من أهم هذه التغیرات هو تعاظم موجات التطور العلمی والتکنولوجی وتسارع تطبیقاته فی الفکر الاقتصادی وأسالیب العمل والإنتاج، وأدی ذلک إلى ظهور التکتلات الاقتصادیة، واقتصاد المعرفة، وتزاید فرص الإنتاج کثیف المعرفة، وهذا یشکل بدوره تحدیاً ضخماً أمام النظم التربویة، من هنا کانت أهمیة إعداد رأس المال البشری وتحقیق الهدف الإنمائی للنظم التربویة لتستجیب لمتغیرات هذا العصر.
والتعلیم هو المدخل الحاکم لتقدم المجتمعات، کما أنه یتأثر بدرجة کبیرة بالظروف الاقتصادیة التى یعیشها المجتمع، حیث ینعکس ذلک على تمویل التعلیم وبصفة خاصة فی الدول النامیة حیث یواجه الإنفاق على التعلیم فی المجتمع المصری العدید من المشکلات التى تؤثر على قدرته على تقدیم مخرجات تعلیمیة ملائمة لسوق العمل وتظهر مؤشرات تمویل التعلیم فی مصر عجز الموارد المالیة عن تلبیة متطلبات إصلاح التعلیم حیث بلغت میزانیة التعلیم فی الموازنة العامة للدولة فی العام 2010م / 2011م حوالی 8.46 ملیار جنیة بنسبة 4.3% من الإنفاق العام (1.1% للتعلیم العالی، 3.2% للتعلیم العام) (1)، والاعتماد على مصدر وحید للتمویل وهو التمویل الحکومی دون الاستعانة بموارد المحلیات أو آیة موارد أخری، فمخرجات التعلیم منتج تتطلب جودته وتواجده على ساحة المنافسة العالمیة الإنفاق علیه فالتمویل واحد من أهم التحدیات التى تواجه التعلیم، وعامل أساسی لضمان جودته وتأهیله لیتلائم مع متطلبات سوق العمل.
وعلى ذلک کان الاهتمام بتنویع مصادر تمویل التعلیم وبصفة خاصة فی الدول النامیة، وضرورة البحث عن مصادر تمویل أخری تدعم مخصصات التعلیم فی الموازنة العامة للدولة، وأصبحت الدول المتقدمة تعتمد على تعدد مصادر التمویل للتعلیم، والبحث عن آلیات أخری تهتم بإعداد الإنسان المنتج الذی یجمع المعرفة والإنتاج معاً.
من هنا ظهرت فکرة المدرسة المنتجة (Productive School) کصیغة تربویة جدیدة تستجیب لتغیرات العصر التنمویة، وتسهم فی إعداد القوی البشریة المنتجة اللازمة للطموحات التنمویة الجدیدة "التنمیة المستدامة" (Sustainable Development)، وتعاظمت فکرة الدور التنموی للمؤسسات التعلیمیة، من اکتساب ثقافة العمل والإنتاج وتأهیله للتعامل بکفاءة مع متطلبات سوق العمل والإنتاج سریعة التغیر.
وأصبح ینظر إلى المدرسة على أنها وحدة تعلیمیة إنتاجیة تعمل على اکتساب المتعلم ثقافة العمل والإنتاج بجوار العلم والتعلم، وتؤهله للتعامل بکفاءة مع متطلبات سوق العمل وتحدیاته المتغیرة(2)، بمعنی أن المدرسة تتحول إلى کیان فاعل فی الاقتصاد القومی من خلال بناء الشخصیة المنتجة التى تمتلک مهارات العمل المنتج والحیاة العملیة.
فالمدرسة المنتجة تجدید تربوی یستوجب إعادة صیاغة العملیة التعلیمیة لتتحول من تعلیم ینمی ثقافة الاستهلاک إلى تعلیم یرسخ ثقافة الإنتاج والادخار واکتساب مهارات الإبداع والابتکار والتمیز، وهى فکرة تتناغم مع معطیات العصر ومتطلباته.
وخطت الدول المتقدمة خطوات ملموسة على الطریق لبناء الشخصیة المنتجة، واتخذتها هدفاً أساسیاً فی سیاستها التعلیمیة على مستوی مراحل التعلیم المختلفة منها على سبیل المثال التجربة الصینیة التى أنشئت العدید من المدارس الریفیة فی الولایات المترامیة التى تقف وراء نهضتها الصناعیة، وتجربة ترکیا التى خصصت (347) مدرسة من إجمالی (1473) مدرسة ثانویة فنیة لتصبح مدارس منتجة یتعلم فیها الطالب، وینتج، ویربح فی آن واحد بالتعاون مع البنک الدولی(3)، وتجربة نیوزیلندا التى خصصت المدارس المنتجة فی التعلیم الأساسی وأطلقت علیها المدرسة الفعالة (Effecting Schools)(4) وکذلک تجارب کوریا، والهند، وسنغافورة، وکندا، والولایات المتحدة الأمریکیة.
وتمشیاً مع المستجدات التربویة، وانطلاقاً من الرؤیة المستقبلیة للوزارة التى تؤکد على مبدأ "التعلیم للتمیز، والتمیز للجمیع" أصبح بناء الشخصیة المنتجة هدفاً أساسیاً فی جمیع مراحل التعلیم وبصفة خاصة فی ظل تزاید الطلب المجتمعی على التعلیم وحققت مخصصات الدعم الحکومی لتمویل التعلیم، وحرصت وزارة التربیة والتعلیم على تطبیق مشروع المدارس المنتجة لإرساء منطق التنمیة فی التعلیم، وربط المدرسة بالمجتمع المحلی من خلال الشراکة فی مشروعات استثماریة صغیرة ترتبط بالبیئة المحلیة والتى توفر موارد ذاتیة للإنفاق على أنشطة المدرسة، وتخفیف أعباء الدعم الحکومی للتعلیم. وصدر القرار الوزاری رقم (35) لسنة 2003م بإنشاء الإدارة العامة للمدرسة المنتجةوتتبع التعلیم الفنى ثم نقلت تبعیة هذه المدارس إلى التعلیم العام بالقرار الوزاری رقم (356) لسنة 2006م.(5)
وهدفت الوزارة من إنشاء هذه المدارس إلى أن تصبح المدرسة وحدة إنتاجیة مدرة للدخل تمکن المتعلم من اکتساب مهارات العمل والإنتاج، وأن تکون قادرة على تقدیم خدماتها للبیئة المحلیة، وأن تکون أکثر ارتباطاً وتفاعلاً واندماجاً مع مواقع العمل والإنتاج بما یحقق المساهمة الفعالة فی تحقیق المواطنة المنتجة، وتنمیة المجتمع.
وفکرة المدرسة المنتجة من أبرز الاتجاهات الحدیثة فی تمویل التعلیم فمن خلالها یتم التحول من النمط الأحادی للتمویل إلى النمط المتنوع المصادر للتمویل، حیث تمثل المدرسة المنتجة مصدر تمویل ذاتی بجوار التمویل الحکومی، فعلى افتراض أن استخدام المدرسة لإمکاناتها المادیة والبشریة وتحویلها إلى مواقع إنتاج مع استمرارها فی تقدیم خدماتها التعلیمیة، یوفر بعض المصادر المالیة التى یعجز التمویل الحکومی عن تغطیته، وهذا ما أکده خبراء اقتصادیات التعلیم على أن التعلیم یقوم على رکیزتین هما أن التعلیم إنتاج واستثمار(6)، هذا یعنی بالضرورة أن المؤسسة التعلیمیة یجب أن تتضمن مقوماتها القدرة على الإنتاج، وأن تتوفر فی مخرجاتها الکفاءة والإتقان، وبذلک تصبح المدرسة المنتجة مساراً جدیداً من مسارات تمویل التعلیم، فمهما تعاظم الدعم الحکومی للتعلیم، فلن تتواکب مع معدلات الزیادة السکانیة وانعکاساتها على الطلب المجتمعی للتعلیم.
وتعد الإدارة الذاتیة للمدرسة مفتاح النجاح للمدرسة المنتجة فمن خلالها تستطیع المدرسة المنتجة أن تحقق عائد مادی، ومردود تربوی اقتصادی واجتماعی وثقافی یسهم فی بناء الشخصیة المنتجة، وتنمیة الموارد الذاتیة للمدرسة وتدعیم فکرة الاقتصاد الحر، والمواءمة مع متطلبات سوق العمل المتغیرة، بحیث تصبح المدرسة وحدة إنتاجیة مدرة للدخل، ومؤسسة تعلیمیة تؤهل الدارس للتفاعل بکفاءة مع التحدیات التى فرضتها متغیرات العصر.
ولکی تحقق المدرسة المنتجة أهدافها، فلابد لها من إدارة على قدر کبیر من الاستقلال الذاتی والذی یسمح بالمرونة الإداریة، ومنحها الصلاحیات اللازمة للقیام بالمشروعات والأنشطة الإنتاجیة، والفاعلیة، والشراکة مع المجتمع المحلی، والاندماج مع مواقع العمل والإنتاج.
ومع بدایة التسعینات ظهر التوجه بین أنظمة التعلیم فی الدول المتقدمة بالإدارة الذاتیة (SBM) (School Based Management) کمدخل لإصلاح المؤسسة التعلیمیة من اجل تمکین (Empowerment) المربین والمدیرین وأولیاء الأمور وجمیع المعنیین بالعملیة التعلیمیة فی المدارس لإحداث نقلة حضاریة شاملة بالمؤسسة التعلیمیة، وتحسین جودة العمل التعلیمی التربوی ومخرجاته، وهذا ینعکس بدوره على التمویل وأسلوب الإنفاق، ویجعل التعلیم فی المدرسة أکثر قدرة على الاستجابة للمتغیرات العصریة، ویسمح لجمیع المعنیین بالعملیة التعلیمیة بالمشارکة فی صنع القرار، والسیاسة التعلیمیة وخلق واقع تربوی جدید یجعل من المدرسة وحدة إنتاجیة تتمتع بمزید من الاستقلال، وتقوم على مبادئ: تفویض السلطة، والمشارکة فی توزیع المسئولیة، والمساءلة.(7)
من ثم یتبین لنا أن الإدارة الذاتیة وتوسیع قاعدة اللامرکزیة فى المؤسسات التعلیمیة هى المدخل للارتقاء بفاعلیة المدرسة المنتجة، ومطلباً أساسیاً لتحقیق إنتاجیة المدرسة، وقد أخذت بهذا العدید من الدول بتطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة منها: الولایات المتحدة الأمریکیة، ونیوزیلندا، وکندا، واسترالیا، وانجلترا.(8)
ونظراً لأن المدرسة المنتجة لا تقتصر على مرحلة تعلیمیة بعینها، فان الدراسة الحالیة تری أن التعلیم الفنی هو المناخ الملائم لتحقیق فاعلیة المدرسة المنتجة على اعتبار أن مدارس التعلیم الفنی (الصناعی والتجاری والزراعی) هى مدارس منتجة بحکم طبیعتها التعلیمیة والفنیة وارتباطها بالمجتمع المحلی فالإدارة الذاتیة تعتبر توظیف واستثمار الإمکانات المادیة والبشریة والتکنولوجیة الموجودة بالمدرسة وتحولها إلى عمل منتج یحقق مردود تربوی وإنتاجی معاً.
وعلى الرغم من الخطوات الملموسة التى اتخذتها الوزارة فی تبنی مشروع المدرسة المنتجة واتخاذ الإجراءات التشریعیة لتطبیقها فی مراحل التعلیم المختلفة منذ عام 2003م، إلا أن الواقع الحالی یشیر إلى بعض المعوقات التى تواجه تطبیق فلسفة المدرسة المنتجة ویرجع ذلک إلى العدید من الأسباب التى من أهمها البنیة الإداریة الهرمیة البیروقراطیة التى تهیمن على النظام التعلیمی المصری على الرغم من بعض الإجراءات التى اتخذت لتوسیع قاعدة صلاحیة اتخاذ القرار فی بعض جوانب العملیة الإداریة.
هذا بالإضافة إلى الافتقار إلى دراسة جدوی المشروعات الإنتاجیة الصغیرة، وتأهیل المعلمین بمستوی یضمن تحقیق الأهداف المنشودة من المدرسة المنتجة.
وهذا ما دفع الباحثة إلى التفکیر فی دراسة احدی المداخل الإصلاحیة للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة فی ضوء خبرات بعض الدول، وهو مدخل الإدارة الذاتیة الذی یمنح إدارة المدرسة المنتجة مزیداً من الاستقلالیة والحریة فی تحدید أوجه الإنفاق والصرف، وتفعیل الصلاحیات ونقل المسئولیات، واتخاذ القرارات المناسبة لتحقیق فعالیة وکفاءة المدرسة المنتجة.
مشکلة الدراسة:
تتعاظم یوماً بعد یوم العلاقة الارتباطیة بین التعلیم والعمل لمواجهة تحدیات العصر الاقتصادیة وأثرها على تمویل التعلیم مما أدی إلى ضرورة تبنی آلیات ومداخل حدیثة سیتم من خلالها إعداد الفرد بالعلم والعمل الإنتاجی، وأن تصبح المدرسة وحدة تعلیمیة إنتاجیة فی آن واحد، وکیان فاعل فی الاقتصاد الوطنی.
من هذا المنطلق، طبقت وزارة التربیة والتعلیم فی مصر مشروع المدرسة المنتجة منذ عام 2003م، ولم یقتصر تطبیقها على مرحلة تعلیمیة بعینها، وهدفت من إنشاء هذه المدارس إلى بناء الشخصیة المنتجة، والمساهمة بصیغة جدیدة فی زیادة الموارد المالیة للمدرسة من خلال أنشطة إنتاجیة لها مرود مادی على الطلاب والمعلمین والعاملین والمدرسة ککل.
إن عملیة الازدواج بین التعلیم والعمل المنتج، وتحسین إنتاجیة مخرجات النظام التعلیمی، وتخفیف أعباء الإنفاق على البرامج التعلیمیة الملقاة على عاتق الموازنة العامة للدولة، إنما یتطلب بنیة إداریة لا مرکزیة تمکن المدرسة من تحقیق أنشطتها الإنتاجیة، فی إطار الأهداف التنمویة للمجتمع المحلی والقومی.
ویعکس الواقع الحالی لفکرة تطبیق المدرسة المنتجة، الافتقار إلى جدیة التطبیق على الرغم من التشریعات التى صدرت لإدارة وتنظیم المدرسة المنتجة، وظهور بعض المعوقات التى تحول دون تطبیقها، ضعف ثقافة السلوک الإنتاجی لدی العاملین بالمؤسسات التعلیمیة وضعف استقلالیة مدارس التعلیم الثانوی الفنی ومرکزیة اتخاذ القرارات، حیث أوضحت دراسة نادیة حسن السید (2004)، وجود قصور واضح فی تطبیق مشروع المدرسة المنتجة، واقترحت ثلاث سیناریوهات مستقبلیة لزیادة فاعلیة المدرسة المنتجة لتحقیق الهدف منها (9)، کما أشارت دراسة فاطمة محمد السید (2002) إلى غیاب الرؤیة الواضحة عن مفهوم المدرسة المنتجة وأهدافها التربویة، وقدمت تصوراً مقترحاً لتطبیق المدرسة المنتجة فی ضوء تجربة الصین الشعبیة.(10)
وفى ضوء ما یکشفه الواقع الحالی من تحدیات تواجه تطبیق المدرسة المنتجة، وما أشارت إلیه بعض الدراسات السابقة فان الدراسة الحالیة تحاول تحلیل الواقع الحالی لتشریعات الوزارة الخاص بتطبیق المدرسة المنتجة، وإمکانیة الإفادة من تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فی الارتقاء بفاعلیة وکفاءة المدرسة المنتجة.
من هنا تتبلور مشکلة البحث فی التساؤل الرئیسی التالی:
إلى أی مدی تحقق الإدارة الذاتیة الارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة فی ضوء خبرات بعض الدول ویتفرع منه الأسئلة الفرعیة التالیة:
1- ما فلسفة وأهداف المدرسة المنتجة ومتطلبات تطبیقها فی نظام التعلیم المصری؟.
2- ما خبرات بعض الدول فى تطبیق صیغةالمدرسة المنتجة ممثلة فی: الصین الشعبیة ، والولایات المتحدة الأمریکیة ، والدنمارک ، ونیوزیلندا ، وترکیا ؟
3- ما فلسفة وأهداف مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة ومتطلبات تطبیقه فى الفکر الإدارى المعاصر؟
4- ما خبرات بعض الدول فى تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة ممثلة فی: الولایات المتحدة الأمریکیة، ونیوزیلندا ، وکندا ، وانجلترا ، واسترالیا ، وهونج کونج ؟
5- ما دلالات النجاح فى العلاقة الارتباطیة بین مدخل الإدارة الذاتیة وکفاءة المدرسة المنتجة ؟
6- ما التصور المقترح لتفعیل مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة فى التنظیم الإدارى للمدرسة المنتجة للارتقاء بکفاءتها وفعالیتها ؟
أهداف البحث:
یسعی البحث الحالی إلى تحقیق الأهداف التالیة:
1- تحلیل فلسفة وأهداف ومقومات المدرسة المنتجة فی نظام التعلیم المصری، والوقوف على الدور التنموی المأمول لها فی ضوء المتغیرات الاقتصادیة المعاصرة.
2- التعرف على الخبرات الناجحة لبعض الدول فی استخدامها مدخل الإدارة الذاتیة فی المدرسة المنتجة وإمکانیة الإفادة منها فی نظام التعلیم المصری.
3- التعرف على أهم متطلبات التنظیم الإداری اللازمة لتحقیق الإدارة الذاتیة فی المدرسة المنتجة.
4- تقدیم تصور مقترح للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة باستخدام مدخل الإدارة الذاتیة.
أهمیة البحث:
تتمثل أهمیة البحث فیما یلی:
1- أهمیة نظریة تتمثل فی تحلیل أدبیات أحد مداخل الإصلاح والتجدید التربوى التى تسهم فی إعداد الشخصیة المنتجة اللازمة لمتطلبات عصر اقتصاد المعرفة ، وهو مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة وإمکانیة استخدامه فى تحقیق کفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة .
2- أهمیة تطبیقه، تتمثل فی تعرف خبرات بعض الدول فی تطبیقها لفکرة المدرسة المنتجة، والوقوف على أهم المداخل الإصلاحیة للارتقاء بکفاءتها.
3- قد تفید تحلیلات الدراسة لخبرات بعض الدول فی تبصیر المسئولین وصانعی القرار التربوی بأهم الممارسات التى تسهم فی رفع کفاءة المدرسة المنتجة، وتعمیق ارتباطها بالتنمیة والاقتصاد الوطنی.
4- قد تفید الدراسة المسئولین فی الوقوف على بعض المداخل الإصلاحیة التى تزید من فاعلیة المدرسة المنتجة مثل مدخل الإدارة الذاتیة.
منهج البحث:
استخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی لملاءمته لطبیعة البحث حیث تم وصف وتحلیل فلسفة وأهداف المدرسة المنتجة فی مصر وفى خبرات بعض الدول موضوع الدراسة، من خلال الأدبیات المرتبطة بفکرة المدرسة المنتجة، والتشریعات الصادرة من وزارة التربیة والتعلیم فی مصر عن المدرسة المنتجة، وکذلک التحلیل الوصفی للإدارة الذاتیة ودواعی الأخذ بها للارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة، والتوصل إلى تصور مقترح لتفعیل مدخل الإدارة الذاتیة فى المدرسة المنتجةفی نظام التعلیم المصرى .
حدود البحث:
حددت الدراسة تحلیل خبرات بعض الدول التى تطبق فکرة المدرسة المنتجة فى نظمها التعلیمیة متمثلة فى : الصین الشعبیة، والولایات المتحدة الأمریکیة ، والدنمارک ، ونیوزیلندا ، وترکیا.
کما حددت تحلیل خبرات بعض الدول التى تطبق مدخل الإدارة الذاتیة فى نظمها التعلیمیة على المستوى المحلى متمثلة فى : الولایات المتحدة الأمریکیة ، ونیوزیلندا ، وکندا ، وانجلترا ، واسترالیا ، وهونج کونج . ولقد تم اختیار خبرات هذه الدول لما تعکسه من عوامل نجاح ، ودلالات ارتباط قویة بین مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة ، وتحقیق کفاءة وفعالیة فکرة المدرسة المنتجة .
الدراسات السابقة:
أولا: دراسات تناولت المدرسة المنتجة:
أ – دراسات العربیة:
1- دراسة عبد العظیم السعید مصطفی: (2000م)(11):
تناولت هذه الدراسة دور التعلیم المصری فى الوفاء بمتطلبات الاستثمار وعلاقته بنجاح المشروعات الصغیرة ودورها فى التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، وکیف یمکن تفعیل دور المؤسسات التعلیمیة والتربویة فى نجاح المشروعات الصغیرة والمشارکة فى تنمیة الإقتصاد الوطنی استخدام الباحث المنهج الوصفی التحلیلی. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من أهمها:
إن هناک مجموعة من العوامل التى تساعد على تجوید العملیة التربویة المهنیة وهى: التدریب داخل المؤسسات التربویة، القاعات الدراسیة، الورش والمعامل، والآلات والأدوات، المنهج الدراسی، عدد الطلاب فى الورشة، عدد المشرفین والمدربین، الزمن اللازم لتدریب الطلاب، ویجب الترکیز على هذه العوامل بهدف العلاج والتغلب على أوجه القصور بکل منها. وقدم الباحث مجموعة من التوصیات والمقترحات التى تدعو لتفعیل دور التعلیم فى الوفاء باحتیاجات التنمیة .
2- دراسة فاطمة محمد السید على (2002م)(12) :
هدفت الدراسة إلى التعرف على مشروع المدارس المنتجة الذی تم تنفیذه بمرحلة التعلیم الأساسی فى جمهوریة الصین الشعبیة وکیف یمکن الاستفادة منها ومعرفة أهم متطلبات تطبیق المدرسة المنتجة بمرحلة التعلیم الأساسی فى مصر، وذلک من خلال إجراء تحلیل مقارن للوصول إلى أوجه التشابه والاختلاف بین المدارس المنتجة والذی اشتمل على (مرحلة تحدید الأهداف، مرحلة التنفیذ، مرحلة التقویم) . وقد استخدمت الدراسة المنهج المقارن، وتوصلت إلى عدة نتائج من أهمها :
التأکید على دور المعلمین فى انجاز المشاریع الإنتاجیة، واتساع مشارکة الطلاب فى تنفیذ العدید من المشاریع الإنتاجیة المتنوعة، تخصیص جزء من الأرباح لإصلاح المرافق بالمدرسة . کما توصلت الدراسة لمجموعة من التحدیات: أهمها: قلة خبرة المعلمین بهذه المشروعات، غیاب الرؤیة الواضحة عن مفهوم المدرسة المنتجة وأهدافها التربویة .
3- دراسة عزت عرفه عیسی، عبد السلام کاشف (2002م)(13) :
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على دور الأنشطة التربویة فى إنجاح مشروع المدرسة المنتجة من خلال الأنشطة (الاجتماعیة، الریاضیة، الثقافیة) وأن فلسفة الأنشطة الاجتماعیة تتفق ومشروع المدرسة المنتجة الذی یقوم على توظیف واستثمار کل الإمکانات المادیة والبشریة والتقنیة والتکنولوجیة الموجودة بالمدرسة وتحویلها إلى عمل منتج .
وقد حددت الدراسة أنشطة الوحدة الإنتاجیة فى نوعین أساسیین من الإنتاج وهما (الإنتاج السلعی مثل المنتجات الغذائیة والزراعیة والتى یحتاجها مقصف المدرسة)، (الإنتاج الخدمی وهى التى تقدم للبیئة المحیطة بالمدرسة بواسطة الطلاب والمعلمین وأولیاء الأمور وعناصر من خارج المدرسة وأن الأنشطة الریاضیة مهیأة لان تقدم إنتاجا خدمیا للمدرسة، وأن الأنشطة الثقافیة بالمدرسة تتیح الفرصة للطلاب لإکتساب مجموعة من المهارات الفنیة والعملیة والیدویة وتعمل على توعیة الطلاب ببعض القضایا المجتمعیة والتخطیط لخدمة المجتمع المحلی والمتمثل فى المدرسة المنتجة .
4- دراسة نادیة محمد عبد المنعم حفنی، ومحمد فتحی قاسم(2002م)(14) :
هدفت هذه الدراسة التعرف على خصائص وسمات البیئة التنظیمیة للمدرسة الابتکاریة والدور الذی یمکن أن تلعبه فى دعم المدرسة الثانویة کوحدة منتجة . اعتمد الباحثان على المنهج الوصفی التحلیلی مستعینا بالاستبانة کأداة طبقت على مدیری المدارس والوکلاء المسئولین عن الوحدة المنتجة وعدد من المدرسین الذین شارکوا فى المشاریع الإنتاجیة بالمدارس فى بعض المحافظات مثال (القاهرة – بین سویف – الشرقیة – القلیوبیة) . وتوصلت الدراسة إلى بعض النتائج منها :
افتقار المدرسة الثانویة العامة إلى وجود مناخ تنظیمی مشجع على الإبداع والابتکار، ضعف العلاقة بین المدرسة وبین البیئة المحیطة وأولیاء الأمور، غیاب الاهتمام بالأنشطة المدرسیة، وذلک یجعل نشر ثقافة المدرسة المنتجة من الأمور الصعبة عدم اشتراک جمیع الطلاب فى المشروعات المنتجة واقتصارها على فئة محدودة منهم، وکذلک ضعف الإمکانیات المادیة اللازمة لتنفیذ مشروع المدرسة المنتجة، وغموض الأهداف التربویة الخاصة بالمدرسة المنتجة بین مدیری المدارس أو المعلمین أو الطلاب، والفصل الواضح بین الأنشطة المنتجة المقترحة، والأنشطة المنهجیة فى کل مناهج المدرسة الثانویة .
5- دراسة بدری أبو الحسن (2003م)(15) :
هدفت هذه الدراسة إلى استکشاف واقع المدرسة المصریة ومدی مناسبتها لتطبیق فکرة المدرسة کوحدة منتجة وطبیعتها من حیث المفهوم والفلسفة، وأهدافها ومبررات الأخذ بها والهیکل الإداری والتنظیمی لها والوصول إلى شکل جدید من المدارس تتسم بالانفتاح على المجتمع الخارجی والمرونة کما هدفت الدراسة إلى التعرف على معوقات عمل الوحدة المنتجة بالمدارس وکیفیة التغلب علیها . واستخدمت الدراسة المنهج المقارن، وتوصلت لبعض النتائج منها :
- زیادة الوعی لتقبل فکرة المدرسة المنتجة والمشارکة فى المشروعات الإنتاجیة .
- الإهتمام بعقد الدورات التدریبیة لمنسوبی المدارس للتعرف على المشروعات الإنتاجیة.
- إعادة هیکلة الإدارة المدرسیة بما یضمن زیادة الصلاحیات الإداریة والمالیة للمدرسة.
- تطویر المنهج الدراسی وتزویده بمتطلبات التعلیم المنتج داخل المدرسة .
- نشر ثقافة المدرسة المنتجة لدی الرأی العام عن طریق الندوات وأجهزة الإعلام المختلفة .
6- دراسة نادیة حسن السید على (2004م)(16) :
هدفت الدراسة إلى وضع تصور مستقبلی لتفعیل مشروع المدرسة المنتجة فى مصر فى ضوء مجموعة بدائل أو سیناریوهات مقترحة، بهدف زیادة جودة المشروع لکی ینجح فى تحقیق أهدافه وفى مواجهة المتطلبات التنمویة المتوقعة منه . واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی لتحلیل الواقع بأبعاده المختلفة، وکذلک منهج التحلیل المستقبلی والذی یسهم فى استشراف المستقبل . وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من أهمها : وجود مجموعة من التحدیات تواجه واقع مشروع المدرسة المنتجة وتحول دون تنفیذه بالأسلوب الأمثل وأن الدراسة الحالیة سوف تقترح مجموعة من السیناریوهات المستقبلیة بفرض تفعیل مشروع المدرسة المنتجة فى مصر وهى (السیناریو الامتدادی، السیناریو الإصلاحی، السیناریو التطویری) .
7- دراسة عبد المعین سعد الدین (2005م)(17) :
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على مفهوم المدرسة المنتجة وأهدافها ودراسة الواقع ومدی نجاحها فى تحقیق أهدافها، والتعرف على أبعادها فى المراحل التعلیمیة المختلفة والوقوف على معوقاتها وسلبیاتها ومبررات الاهتمام بها، ووضع تصویر مقترح لإنجاحها فى الحاضر والمستقبل، واستخدم الباحث المنهج الوصفی . وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من أهمها :
إن أهداف المدرسة المنتجة تعد جزءاً لا یتجرأ من أهداف التعلیم بصفة عامة فى جمیع المراحل التعلیمیة من حیث إسهامها فى الاستفادة من الطاقات المادیة والبشریة الموجودة بها، ومساعدة الطلاب فى التعامل مع سوق العمل ومتطلباته ومجالاته المختلفة، کما تسهم المدرسة المنتجة فى تکوین الاتجاهات الایجابیة لدی المتعلمین نحو العمل الیدوی والعمل الحرفی، وتربیة المتعلم تربیة شاملة لجمیع جوانب شخصیته . والمدرسة المنتجة فى حاجة لعمل دورات تدریبیة للعاملین بها لتوضیح فکرتها، وتوعیة القائمین علیها بقواعد الإنتاج وأهمیة الابتکار لإدارة المشروعات، والحاجة لوضع إستراتیجیة محددة لکیفیة تنفیذ المشروعات .وأوصت الدراسة ببعض التوصیات منها :
ضرورة تطبیق المدرسة المنتجة فى جمیع مراحل التعلیم، والتخطیط الجید لکیفیة تطبیقها لإنجاح التجربة والتغلب على المشکلات التى تعوقها ، وصیاغة سیاسة تعلیمیة مبنیة على التعلیم المنتج وربطه باحتیاجات المجتمع وسوق العمل .
8- دراسة أروی بنت على بن عبد الله أخضر (2012م)(18) :
هدفت الدراسة إلى تبنی مقترح تطبیقی وهو فکرة المدرسة المنتجة فى التعلیم العام بالمملکة العربیة السعودی والتى تعتبر من ابرز الاتجاهات الحدیثة فى تمویل التعلیم وأن المدرسة یمکن أن تجد کفایتها المالیة لسد بعض النفقات وذلک عند استخدامها لإمکانیاتها المادیة والبشریة وتحویلها إلى مواقع إنتاج حقیقة مع استمرارها فى تقدیم الخدمات التعلیمیة وإن من أهداف المقترح التطبیقی الذی تبنته الدراسة هو المساهمة فى تنویع مصادر تمویل مدارس التعلیم العام فى المملکة العربیة السعودیة ورفع إنتاجیتها وکذلک تحقیق الشراکة المجتمعیة بین المدرسة والبیئة المحیطة بها .
وتوصلت الدراسة إلى عدد من التوصیات من أهمها:
1- تبنی وزارة التربیة والتعلیم مفهوم المدرسة المنتجة فی جمیع مراحل التعلیم ، وإقرار نظام التمویل الذاتی وتنمیة الموارد الذاتیة بمدارس التعلیم العام .
2- منح المدارس الصلاحیات اللازمة لتطبیق المدرسة المنتجة فى التعلیم العام .
3- تطبیق فکرة المدرسة المنتجة فى تعلیم ذوی الاحتیاجات الخاصة .
ب- دراسات أجنبیة:
9- دراسة (Johnson & Snyder , 1990) (19):
استهدفت الدراسة التعرف على أهم سمات وخصائص المدیر الناجح للمدرسة المنتجة ومن أهم ما توصلت إلیه هذه الدراسة : أن المدیر الناجح هو الذی یقوم بدور هام فى العملیة التعلیمیة من خلال تغییر أسالیب العمل داخل مدرسته بما یساعد على زیادة التحصیل الدراسی لتلامیذه کما أن دور المدیر غیر قاصر على إدارة المدرسة فقط، بل له ادوار قیادیة أخری مرتبطة بالعملیة التعلیمیة کأن یقوم بصیاغة رؤیة واضحة للأهداف بعیدة المدی للعملیة التعلیمیة ومن ثم توجیه المدرسة بجمیع إمکانیاتها المادیة والبشریة لتحقیقها، وکذلک تغیر دور المدیر التعلیمی من مجرد موظف تنفیذی وأصبح مشارکا فى فرق عمل مع المعلمین داخل المدرسة، وأن من أهم سمات إدارة المدرسة المنتجة أن یعمل المدیر والمعلمون معا کزملاء فى فریق عمل واحد مما یؤدی إلى الاشتراک فى التخطیط واتخاذ القرارات وتبادل الأفکار بین المعلمین بشکل منتظم، وتتسع هذه العملیة لتشمل جمیع جوانب الحیاة المدرسة .
10- دراسة ستیرن (Stern 1994)(20):
هدفت الدراسة إلى الترکیز على فکرة المشروعات المدرسیة کإستراتیجیة لإعداد طلاب المدارس الثانویة للتعلیم الجامعی أو العمل مع الترکیز على المشروعات المدرسیة فى التعلیم الأمریکی وهى أی نشاط مدرسی ینخرط الطلاب به فى إنتاج سلع أو خدمات للبیع أو الإستخدام لأشخاص آخرین من الطلاب المشارکین أنفسهم، ویری ستیرن أن فکرة المشروعات المدرسیة ساهمت فى تحقیق الإیرادات لتغطیة تکالیف التعلیم فى المدارس. توصلت الدراسة إلى بعض النتائج منها:
أن المشارکة فى الإنتاج جنباً إلى جنب مع الدراسة تکون ایجابیة وقیمتها التعلیمیة اکبر بالنسبة للطلاب، وأن المشروعات المدرسیة لها مزایا أکثر من الأنشطة التعلیمیة العادیة، ومعظم المشروعات کانت جزء من المناهج الدراسیة أن هناک مشروعات مدرسیة یقوم برعایتها الطلاب أنفسهم ومن المهم أن یشرف علیها معلم لدیه خبرة وأن هذه المشروعات ارتبطت بخطط الطلاب المستقبلیة، تتنوع المشروعات المدرسیة بحیث تراعی جمیع الفئات من الطلاب فمنها ما هو مرتبط بالمعاقین أو الموهوبین، والمدرة للدخل مرتبطة بالأبحاث العلمیة للطلاب والمعلمین والتقنیة والمختبرات.
وأن فوائد المشروعات المدرسیة تتنوع ما بین تعلیمیة واقتصادیة فتعلم الطلاب إدارة الوقت، ومنعهم من التسرب، وکسب المال ودمج التعلیم مع الإنتاج.
11- دراسة ( 1996lochword ) (21):
هدفت الدراسة إلى کیف یمکن جعل المدارس لتکون أکثر إنتاجیة، والطرق التى یمکن للمدارس من خلالها أن تدعم تحصیل الطالب وتطویر الإنفاق المهنی بین طاقم العمل وتنشیط الاستخدام الإبداعی للموارد، وکشفت الدراسة عن مفهوم المدرسة المنتجة، والمفهوم العام للإنتاجیة التربویة. وتوصلت الدراسة لبعض النتائج منها: أن المدرسة المنتجة هى التى تکون أهدافها التربویة محددة وذات أولویة ومدی تأکیدها على القیادة التعاونیة المشترکة، وعلى البرامج التربویة التى تطبقها، وقدرة المدرسة على الإدارة الذاتیة من خلال توجیه القرارات التى تخص العملیة التعلیمیة والمناهج الدراسیة وغیرها. وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصیات منها:
ضرورة الحصول على الموارد المالیة المتاحة، وجعل البیئة المدرسیة داعمة لابتکارات الطلاب.
وضرورة إعادة التفکیر فى الموارد وتغییر المیزانیات لتحقیق الإنتاجیة التربویة.
12- دراسة ( Denny 2000 )(22):
هدفت الدراسة إلى تحدید أهم متطلبات القیادة للمدرسة المنتجة فى مدینة شیکاغو، وقد اعتمدت فى منهجها على أسلوب تحلیل الوثائق والأدبیات المتعلقة بالموضوع کما أجرت مقابلات شخصیة مع عدد من مدیری المدارس. وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج منها: أن هناک سمات مشترکة بین نظار المدارس المنتجة سواء فى نمط القیادة أو فى أسالیب العمل داخل المدرسة.
فمن حیث نمط القیادة فأهم ما یمیز مدیری المدارس المنتجة أن قیادتهم تتمیز بالمرونة والاحتواء وترکیز الاهتمام على رفع کفاءة المدرسة وتعلم الطلاب وتحفیز الجمیع على العمل ومشارکة المعلمین والآباء والعاملین بالمدرسة فى صیاغة فلسفة المدرسة، وقیادة العمل بها حتى یمکنهم إحداث التغییر المطلوب والذی یتطلب طاقة وجهد جمیع العاملین بها.
کما یقوم المدیر بوضع معاییر عالیة للتدریس واستخدام طرق حدیثة فى التدریس، ومتابعة مستمرة لسیر العملیة التعلیمیة داخل الفصول الدراسیة، ومن حیث الأسالیب فان المدیر یستخدم أسالیب واستراتیجیات حدیثة کأسلوب حل المشکلات وقت وقوعها واستخدام أسالیب مناسبة لتحسین انجاز الطلاب ومستوی أدائهم.
13- دراسة مکتب الولایات المتحدة للمحاسبة العامة (2000) (23) :
United states general accounting office (GAO):
هدفت الدراسة إلى تعرف الأنشطة التجاریة بالمدارس العامة (ابتدائی، ثانوی) فى الولایات المتحدة الأمریکیة والوقوف على القوانین واللوائح والسیاسات التى تحکم الأنشطة التجاریة وطبیعة هذه الأنشطة ونوعیتها. وتوصلت إلى بعض النتائج من منها:
تتنوع الأنشطة التى تقوم بها المدارس، وتعد الأنشطة التجاریة من أکثر الأنشطة التی تتمیز بها المدارس الثانویة عن باقی مراحل التعلیم ، ولقد تم تفویض السلطة لمدیری المدارس باختیار الأنشطة التجاریة. وأشارت الدراسة إلى فوائد الأنشطة التجاریة بالمدارس تمثلت فى: کسب الأموال لصالح المدارس والطلاب، وأن عائدات الأنشطة التجاریة تؤید الأنشطة التعلیمیة الأساسیة وأنها ساعدت على دعم العدید من البرامج التعلیمیة بما فیها الرحلات المیدانیة، وحوافز الطلاب وتدریب المعلمین.
14- دراسة شاندانchandan 2004)) (24):
هدفت هذه الدراسة إلى تحدید علاقة التمویل المحلی بتحسین إنتاجیة التعلیم وتحسین نتائج الطلاب وتحسین مستوی الطلاب بأفضل الطرق، واستخدم الباحث المنهج التجریبی لقیاس الاختلافات بین المدارس والنفقات التعلیمیة. وتوصلت الدراسة إلى بعض النتائج أهمها: أن التعلیم یعد منتجا إذا وجدت قیمة مضافة إلى المدارس من خلال تحصیل طلابها، وأن نتائج التحصیل سترتفع وبالتالی تتحسن نوعیة المدارس بالإنفاق الإضافی على موارد المدرسة، وأن الاستثمارات فى المدارس تساعد على التقلیل من تکلفة التعلیم. واقترحت الدراسة أن یتم تقییم المدارس من قبل المجتمع المحلی المحیط بالمدرسة من خلال استمارات توزع علیهم للحکم على مدی کفاءتها وإنتاجیتها.
15- دراسة بیجوتpig got, 2008))(25) :
هدفت الدراسة إلى تعرف "حالة ناجحة" للخطط الفعالة والتى استخدمتها ثلاث هیئات (مجالس الأمناء) لتوجیه المدرسة الابتدائیة فى نیوزیلندا، وقد تم منح هذه الهیئات مسئولیة الإدارة الذاتیة المحلیة وصنع القرار المالی فى المدارس. وتوصلت الدراسة إلى أن الإصلاح المدرسی من خلال تبنی الإدارة الذاتیة طریق للوصول إلى المدارس المنتجة کما أن الطریق للوصول إلى المدارس المنتجة هو تبنی مدیر المدرسة للمعاییر التالیة وهى متجه للتطویر والتنمیة، فکرة منفتح للتغییر، ویفکر فى الخطط المنتجة من خلال علاقاته وتفاعلاته مع الآخرین – حریص على تبنی القیم المنتجة).
16- دراسة لیه (2009Leigh , Ryan,)(26):
هدفت الدراسة إلى تعرف فلسفة المدرسة المنتجة فی أسترالیا ، ، وتحلیل الاتجاهات المستقبلیة للمدرسة المنتجة فى استرالیا ، ومقارنة نتائج الأختبارات فی معلومات تخص معدل الإنفاق لکل طالب. وأشارت بعض نتائج الدراسة إلى صعوبة تصنیف الإنفاق فى المدرسة الثانویة والابتدائیة، وأن معدل الإنفاق على تلمیذ المرحلة الثانویة أعلى منه فی المدرسة الابتدائیة. وتوصلت الدراسة إلى عدة توصیات من أهمها: إن الموارد المادیة بمفردها لیست الحل فى تطویر أداء المدرسة والمساهمة فى رفع إنتاجیتها، وعلى صناع القرار أن یقیموا بدقة البرامج التربویة التى ترکز على أداء الطالب ، وزیادة الإنفاق على جودة التعلیم الذی یؤدی فی النهایة إلى تحسین إنتاجیة المدرسة.
ثانیاً: دراسات التى تناولت الإدارة الذاتیة للمدرسة:
أ – دراسات عربیة
17- دراسة خالد قدری إبراهیم (1999م)(27):
هدفت تلک الدراسة إلى تعرف الأدبیات التربویة المرتبطة بالإدارة الذاتیة للمدرسة الثانویة، والتعرف على أسس المحاسبیة التعلیمیة والتى تختص بتقییم هذه المدارس واعتبارها مرتکزات رئیسیة عند بناء وتقییم السیناریو الإبتکاری لإدارة المدرسة الثانویة فى مصر حتى 2020م وکذلک التعرف على خبرات بعض الدول المتقدمة والتى لها السبق فى تطبیق الإدارة الذاتیة بالمدرسة الثانویة واعتبار هذه الخبرات بمثابة خطوط عریضة وإرشادیة عند تصمیم السیناریو الإبتکاری لإدارة المدرسة الثانویة فى مصر.واستخدم الباحث المنهج الوصفی ومنهج دراسة الحالة وتوصلت الدراسة إلى بعض النتائج من أهمها : أن المدرسة الثانویة وحدة تنظیمیة مستقلة بذاتها تمویلیا وإداریا وأن تصبح وحدة صنع واتخاذ القرار التربوی ، ووحدة لتدریب للمعلمین. وضرورة تشکیل مجلس إدارة للمدرسة یکون مسئول عن تقویم أداء جمیع العاملین داخل المدرسة وتفعیل المحاسبیة .
18- دراسة عادل عبد الفتاح سلامة (2000م) (28):
هدفت الدراسة إلى تحدید طبیعة العلاقة بین تطبیق الإدارة الذاتیة والفعالیة المدرسیة من خلال التعرف على واقع تطبیقات الإدارة الذاتیة للمدرسة فى کل من انجلترا واسترالیا وهونج کونج، والوقوف على أوجه التشابه والاختلاف بین هذه التطبیقات وتفسیرها فى ضوء القوی والعوامل الثقافیة، وذلک بهدف الوصول إلى إجراءات مقترحة لتطبیق الإدارة الذاتیة فى المدرسة المصریة وتحسین فاعلیتها، ومن أهم نتائج التی توصلت إلیها الدراسة: وجود ارتباط بین تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة، وتحقیق الفعالیة المدرسیة فى دول المقارنة وأن الإدارة الذاتیة مدخل قابل للتطبیق فى مصر.
واقترحت الدراسة مجموعة من الإجراءات التطویریة لتطبیق الإدارة الذاتیة فى مصر من اجل تحسین فعالیة المدارس المصریة وهذه المقترحات هى:
- منح المدرسة سلطات واسعة تناسب مع مسئولیاتها.
- إعادة هیکلة الإدارة المدرسیة وإعداد قیادة مدرسیة واعیة بعملیات الإدارة الذاتیة.
- اعتماد مبدأ المشارکة فى اتخاذ القرار التربوی، وتحقیق المرونة فى توزیع الموارد المادیة والبشریة، وتأسیس وحدات لتنمیة المعلمین مهنیا.
19- دراسة سعید جمیل سلیمان (2004م) (29):
هدفت الدراسة إلى التعرف على دور الإدارة الذاتیة کمدخل إداری حدیث لتحسین الأداء بالمدرسة الابتدائیة والارتقاء بکفاءتها. واستخدمت الدراسة منهج المشکلات ، وتوصلت إلى بعض النتائج المفیدة کان من أهمها :
- ضعف قدرة الإدارة المدرسیة لقبول التجدید والتغییر والمرونة وعدم استغلال القدرات الابتکاریة لدی المعلمین والعاملین بالمدرسة.
- قصور فى تفویض السلطة واتخاذ القرار للمعلمین والعاملین بالمدرسة ولکن ترکزت العملیات الإداریة فى ید مدیر المدرسة.
- قصور إدارة المدرسة فى إکساب العاملین المهارات المهنیة والإداریة اللازمة لأداء العمل بکفاءة.
- قصور وضعف فى قنوات الاتصال بین المسئولیات الإداریة العلیا، وکذلک بین المدرسة والمجتمع المحیط بها وادی ذلک إلى إعاقة مشارکة الأطراف المعنیة فى رفع کفاءة وفعالیة المدرسة.
20- دراسة احمد محمد شوقی، وعلى حسین (2006م) (30):
هدفت الدراسة إلى التعرف على ماهیة المدرسة الفعالة، واهم الخصائص الممیزة لها، وما مفهوم الإدارة الذاتیة للمدرسة وإلقاء الضوء على أهم الخبرات والتجارب الناجحة فى تطبیق أسلوب الإدارة الذاتیة للمدرسة وکیف یمکن الاستفادة منها لإصلاح واقع الإدارة فى المدارس المصریة، وکذلک رصد بعض الصعوبات التى تحول دون قیام المدرسة الفعالة لدورها المنوط به وکیف یمکن التغلب على تلک الصعوبات من خلال تطبیق أسلوب الإدارة الذاتیة، وکیف یمکن التوصل إلى بعض الإجراءات التى تضمن التطبیق الناجح لأسلوب الإدارة الذاتیة وبذلک یتم تفعیل دور الإدارة المدرسیة. واستخدم الباحث المنهج الوصفی: وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج منها:
21- دراسة عاصم احمد حسین محمد (2008م) (31):
هدفت الدراسة إلى التعرف على متطلبات تطبیق اللامرکزیة فى إدارة نظام التعلیم قبل الجامعی، واستخدم الباحث المنهج الوصفی ومدخل التحلیل المقارن وتوصلت الدراسة إلى أن هناک متطلبات لتطبیق اللامرکزیة فى التعلیم قبل الجامعی وتنوع تلک المتطلبات بین تشریعیة وتنظیمیة ومادیة وبشریة ومجتمعیة. وتوصلت الدراسة إلى عدد من التوصیات وهى إصدار قانون جدید للمحلیات ینتقل بنظام الإدارة المصری إلى نظام الحکم المحلی، وإصدار قانون جدید للتعلیم یحتوی على جمیع المتطلبات التشریعیة اللازمة لتطبیق اللامرکزیة وتنفیذ متطلبات تطبیقها على مراحل، والتعاون الجاد بین القیادة السیاسیة والقیادات التعلیمیة وأفراد المجتمع ومؤسساته.
22- دراسة نجوی حسین عبد الفتاح المسیری (2009م) (32):
استهدفت الدراسة رصد الواقع الحالی للإدارة فى المدرسة الثانویة فى مصر والمشکلات التى نفوق تطویرها وتحدید دواعی تطویرها فى ضوء اتجاهات العصر واحتیاجات المجتمع المصری من خلال الإدارة الذاتیة والتعرف على خبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فى تطبیق مبادئ الإدارة الذاتیة فى المدارس الثانویة، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وتوصلت إلى عدد من النتائج منها:
23- دراسة إیمان محمد طلعت (2011م)(33):
هدفت الدراسة إلى التعرف على أنماط الإدارة الحدیثة وخاصة اللامرکزیة، وواقع إدارة المدارس التجریبیة الرسمیة للغات، والوصول إلى تصور مقترح لتطویر إدارة المدارس التجریبیة الرسمیة للغات فى ضوء مدخل اللامرکزیة، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی: وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها: ضعف المشارکة الایجابیة والفعالة من قبل العاملین بالمدارس التجریبیة فى اتخاذ القرارات الخاصة بتنظیم العمل داخل المدرسة وبالتنسیق مع الإدارة العلیا، وأن التخطیط لا یتم وفق أدبیات الإدارة الحدیثة مما یترتب علیه القصور الواضح فى تنفیذ القرارات المدرسیة ویعرقل أداء العمل کما یوجد قصور فى تطبیق قواعد ولوائح المحاسبیة بالمدارس التجریبیة.
24- دراسة أحمد عبد الغنى عبد العال، وعبد العاطى حلقان أحمد (2011)(34):
هدفت الدراسة إلى تعر ف دور مدخل الإدارة الذاتیة فى تحقیق الإصلاح الإدارى والتعلیمى ودعم المشارکة المجتمعیة فى صناعة القرارات التعلیمیة على المستوى المدرسى فى کل من کندا والولایات المتحدة الأمریکیة ، ومحاولة الإفادة من خبرات هاتین الدولتین فى تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فى المدرسة المصریة من خلال نتائج المقارنة. وفى ضوء التحلیل المقارن لتجربتى کندا والولایات المتحدة الأمریکیة قدمت الدراسة تصوراً مقترحاً لتطبیق الإدارة الذاتیة فى المدرسة المصریة تمثل فى مجموعة من الإجراءات التى تؤکد على ترسیخ ثقافة اللامرکزیة ، واتخاذ التشریعات اللازمة لتطبیق مدخل الإدارة الذاتیة وزیادة صلاحیات المدرسة مادیاً وإداریاً وتربویاً ، وتفعیل مجالس الأمناء والمجالس المحلیة صلاحیات واسعة فى صناعة القرار التعلیمى .
ب- دراسات أجنبیة :
25- دراسة : (1997Jack &Amylase)(35):
وعنوان الدراسة المدارس تصنع القرار: تأثیر الإدارة المتمرکزة حول موقع المدرسة، وأشارت الدراسة إلى أن هناک مجموعة من المتطلبات اللازمة للإدارة المتمرکزة حول موقع المدرسة لکی تعظم فاعلیة صنع واتخاذ القرار التربوی على مستوی الوحدة المدرسیة وهذه المتطلبات متمثلة فى المساندة المطلقة من السلطات المحلیة بأحقیة المدرسة فى صنع واتخاذ قرارها واعتبارها وحدة تنظیمیة مستقلة بذاتها، وتقدم السلطات المحلیة فقط النصح والتوجیه والإرشاد، والتفکیر الجماعی من اجل الوصول إلى تحقیق أفضل النتائج من خلال جودة مخرجات العملیة التعلیمیة والتى تقدمها المدرسة على مستوی المناطق المحلیة والمجتمع ککل.
26- دراسة (1998Phillips) (36):
وعنوان هذه الدراسة هو "مدی نجاح المدارس فى تحقیق المخرجات المتوقفة والمرجوة من تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة": وهدفت إلى تحدید مدی نجاح المدارس فى تحقیق المخرجات المتوقفة والمرجوة من تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة، وتقدیم الأدلة التى تبرهن على أن نقل السلطة إلى موقع المدرسة یجعلها قادرة على التصرف فى شئونها والعمل باستقلالیة وذاتیة. وتوصلت الدراسة إلى بعض النتائج منها: أن نجاح المدارس فى تحقیق المخرجات المتوقعة والمرجوة تتم فى ضوء الإدارة الذاتیة للمدرسة وأن الأسالیب والطرق والوسائل والأنشطة المستخدمة والتى تؤدى للوصول إلى الأهداف المنشودة التى تتحقق من قبل المدرسة ذاتیة الإدارة.
27- دراسة شیونج، شیخ (1999cheung & cheng) (37):
"وعنوانها نحو إدارة ذاتیة للمدارس" والتوجه نحو تطبیق الإدارة الذاتیة فى مدارس هونج کونج، وتم تطبیق المنهج المسحی فى الدراسة على عدد کبیر من المدارس الثانویة فى هونج کونج وتوصلت الدراسة إلى أن تحسین نوعیة التعلیم والارتقاء بمنتجاته تکمن فى مبادرة الحکومة تطبیق الإدارة الذاتیة للمدارس.
28- دراسة (2000Vazquez Marti) (38):
وجاءت هذه الدراسة بعنوان "تأثیر اللامرکزیة والإدارة الذاتیة فى بیرتوریکو دراسة حالة" استهدفت الدراسة استقصاء مدی تحقیق اللامرکزیة فى التعلیم من تقیید ووجود عقبات فى المرحلة الابتدائیة وتحلیل الحیاة المدرسیة ومدی ما حققته البیئة المدرسیة خلال العام الدراسی واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی: وتوصلت الدراسة لبعض النتائج منها: إنه على الرغم من توافر سلطة المدرسة فى اختیار العاملین واستخدام المیزانیة إلا أن الإصلاح لم یتم بفعالیة، ولم تستطیع المدرسة استخدام سلطتها فى المیزانیة واختیار المناهج ولا زالت السلطة مرکزیة، ویعد ذلک قصور فى تطبیق وتنفیذ اللامرکزیة بفعالیة وایجابیة. وقد عللت الدراسة ذلک للأسباب التالیة:
29- دراسة (2001Gil sehmerler) (39):
هدفت الدراسة إلى تعرف واقع إستقلالیة مدرسة نادلسیترن والتى تضم طلابا من 40 دولة مختلفی الجنسیات واللغات والثقافات ، وکیفیة مواجهة مدیر المدرسة للتحدیات التى یفرضها الوضع الحالی. وقد تم تحدید مجموعة عوامل لتحقیق استقلال المدرسة من أهمها :
30- دراسة (2003Todd) (40) :
هدفت الدراسة إلى الکشف عن مردود تطبیق المدرسة للإدارة الذاتیة من خلال آراء المعلمین عن ثلاثة عناصر أساسیة فى الإدارة الذاتیة للمدرسة وهى : (المشارکة فى صنع القرار، المناخ المدرسی، نجاح الطلاب) ، وقد أوضحت النتائج أن تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة ادی إلى نتائج ایجابیة کما کشفت استجابات المعلمین عن أن المشارکة فى صنع القرار تعد إستراتیجیة فعالة فى تحسین المدرسة، کما ساعد المناخ المدرسی الذی یوفره هذا المدخل على تحسین التدریس والتعلیم وأدی إلى نجاح الطلاب کما نجحت المدرسة فى أن تکون مجتمعا مهنیا یعمل فیه المدیرون والمعلمون بتعاون من اجل تطویر رؤیة المدرسة ورسالتها، ووضع خطة لتحسینها.
31- دراسةCalduell 2005) ) (41):
هدفت الدراسة إلى إلقاء الضوء على العلاقة بین تطبیق اللامرکزیة فى التعلیم وجودة العملیة التعلیمیة، ومحاولة التعرف على تأثیر تطبیق اللامرکزیة على جودة التعلیم ونواتج التعلم المستهدفة.
واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی، وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
وجود روابط مباشرة وغیر مباشرة بین صنع القرار على المستوی المحلی ونواتج التعلیم لدی التلامیذ . خاصة القرارات المتعلقة بالتنمیة المهنیة وبناء قدرات أعضاء هیئات التدریس فى مجال تصمیم المناهج وتدریسها، وطرق التدریس التى تلبی احتیاجات التلامیذ، وأن القرارات التى تصنع على المستوی المحلی تأخذ فى الإعتبار الظروف والأوضاع المحلیة التى تختلف من مجتمع إلى آخر ، والقدرة على تحدید الاحتیاجات ، ومراقبة نواتج التعلم .
32- دراسة زهاو (2009Zhao ) (42):
هدفت الدراسة إلى التعرف على بعض المشکلات التى تنشأ عن اللامرکزیة وکیفیة علاجها، وکذلک علاج بعض المشکلات التى قد تنشا عن تبنی اللامرکزیة فى التعلیم. وتوصلت الدراسة إلى بعض النتائج منها: إن الفجوة بین الریف والحضر تناقصت وأن هناک تفاوت فی الفروق الإجمالیة فى الإنفاق على التعلیم لکل تلمیذ بین الأقالیم . وأنها تناقصت بشکل أسرع على مستوى التعلیم الابتدائی منها عن التعلیم الثانوی.
تعلیق عام على الدراسات السابقة :
من خلال استعراض الدراسات السابقة العربیة والأجنبیة سواء تلک التی تناولت المدرسة المنتجة أو التى اختصت بالإدارة الذاتیة تبین للباحثة أن بعض الدراسات تشابهت مع الدراسة الحالیة فى بعض الجوانب ولکن البعض الآخر اختلف عن هذه الدراسة خاصة فى الربط بین دور الإدارة الذاتیة فى رفع کفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة والذی یمثل المحور الرئیس للدراسة الحالیة .
وهنا نشیر إلى أوجه الشبه والاختلاف الدراسات السابقة والدراسة الحالیة.
- أفادت فى تکوین خلفیة علمیة ساعدت فى إثراء الإطار النظری فى مجال الدراسة کمفهوم المدرسة المنتجة وفلسفتها ومتطلباتها وکذلک مفهوم الإدارة الذاتیة وأن استقلالیة المدرسة تمکنها من اختیار من هم أکثر مهارة وخبرة،إدارة الموارد المالیة والبشریة بکفاءة واقتدار.
- أفادت الدراسة الحالیة فى توضیح العلاقة الارتباطیة بین الإدارة الذاتیة للمدرسة والمدرسة المنتجة الفعالة.
- وجهت الدراسة الحالیة إلى أن اهتمام الدولة بالتعلیم جعلها أکثر ترکیزاً على تنویع مصادر التمویل وتفعیل دور المدرسة کوحدة منتجة والسعی لإنجاح المشروعات الصغیرة والتى تساهم فى التنمیة الاقتصادیة .
- تبین من الدراسات السابقة أهمیة مدخل الإدارة الذاتیة کأحد المداخل الإصلاحیة التى ترتقى بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة .
المصطلحات الإجرائیة للدراسة:
الإدارة الذاتیة للمدرسة:School Based Management (ABM)
هی المدرسة التی تصبح وحدة إداریة مستقلة ذاتیاً من حیث حریة التصرف فى إدارة شئونها ، وتفویض السلطات والصلاحیات لإدارة شئونها المالیة ، والإداریة ، والأکادیمیة ، والسیاسیة ، مع خضوع المدرسة للمحاسبیة والمساءلة فى ضوء المعاییر القومیة لجودة التعلیم ، وتعد الإدارة الذاتیة أحد مداخل الإصلاح التعلیمى فى الفکر الإدارى الحدیث .
المدرسة المنتجة: Productive School
مشروع تعلیمی یهدف إلى إکساب المتعلم ثقافة العمل والإنتاج والإتقان، والجودة، وتمثل دوراً محوریاً فی التنمیة وتؤکد النظرة التربویة الحدیثة والمتطورة للدور التنموی للمؤسسة التعلیمیة وربطها بالمجتمع المحلی من خلال التدریب على المشروعات الإنتاجیة الصغیرة المدرة للربح وترسیخ قیم العمل والإنتاج، أى أن رسالة المدرسة المنتجة تتضمن بعدین معاً تعلیمى وإنتاجى .
کفاءة المدرسة المنتجة:Sufficiency of Productive School
قدرة المدرسة على تأهیل مخرجات تعلیمیة، تمتلک مهارات العمل والإنتاج والإتقان مثل: إدارة الوقت، والتخطیط الاستراتیجی، ودراسة الجدوی للمشروعات، والاستخدام الأمثل للإمکانات والموارد الذاتیة من اجل بناء الشخصیة المنتجة التى تستجیب لمتطلبات سوق العمل المتغیرة.
خطوات السیر فی البحث:
تتناول الدراسة المحاور التالیة:
- المحور الأول: فلسفة وأهداف المدرسة المنتجة، وبنیتها الإداریة فی مصر، وخبرات بعض الدول
- المحور الثانی: الإدارة الذاتیة کمدخل إصلاحی فی المؤسسات التعلیمیة، وخبرات بعض الدول.
- المحور الثالث: عوامل النجاح فى العلاقة الارتباطیة بین الإدارة الذاتیة وکفاءة المدرسة المنتجة .
- المحور الرابع: التصور المقترح لتفعیل مدخل الإدارة الذاتیة فى التنظیم الإدارى للمدرسة المنتجة
المحور الأول: فلسفة وأهداف المدرسة المنتجة وبنیتها الإداریة فی مصر وخبرات بعض الدول
إن المتغیرات السریعة والمتلاحقة التى یشهدها عالمنا المعاصر فرضت العدید من التحدیات التى تواجه منظومة التعلیم، مما أدی إلى ظهور توجهات عالمیة لتطویر رسالة المدرسة تمثلت فی صیغ جدیدة، وتجدیدات تربویة ترتقی بأهداف المدرسة للوصول إلى منظومة التنمیة المستدامة.
وتعد المدرسة المنتجة احدی الصیغ التربویة الحدیثة التى یتم من خلالها تنمیة ثقافة الإنتاج والاستثمار والادخار، وربط التربیة بالعمل المنتج، وترسیخ العلاقة الارتباطیة بین المدرسة والمجتمع المحلی فى إطار متطلبات سوق العمل والتنمیة البشریة.
فلسفة المدرسة المنتجة:
تنطلق فلسفة المدرسة المنتجة من عدة مبادئ وأسس من أهمها:
- أن العملیة التعلیمیة فی المدرسة هى عملیة اقتصادیة بالدرجة الأولی، فالمنظور الاقتصادی للتعلیم هو الذی یوجه سیر الدراسة فی المنظومة التعلیمیة أی من الاستثمار، والإنتاج، وإتقان العمل هى معاییر قیاسیة لمخرجات المدرسة المنتجة والتکامل بین التعلیم والإنتاج هى القاعدة الأساسیة التى تنطلق منها أهداف المدرسة المنتجة. وهذا ما أکدت علیه التوجهات الحدیثة فی مجال التنمیة البشریة فی الألفیة الثالثة، فالتنمیة لا تتحقق بالثروات الطبیعیة، أو التقدم العلمی وإنما تتحقق بنمط التعلیم القادر على تأهیل الکوادر البشریة المدربة القادرة على المشارکة فی الأنشطة الاقتصادیة والتنمویة بفاعلیة وکفاءة.
- أن التعلیم إنتاج واستثمار له عوائده المباشرة وغیر المباشرة ولیس خدمة استهلاکیة تقدم للفرد، وهذا یعنی أن تکون المؤسسة التعلیمیة وحدة تعلیمیة إنتاجیة فی آن واحد، لذا ظهر الاهتمام أخیرا باقتصادیات المدرسة (Economics of School) (43)التى تنظر إلى المدرسة على أنها مصنفا له طاقته الإنتاجیة، وأن الفصل الدراسی وحدة إنتاجیة وأن العملیة التعلیمیة ینبغی أن توظف الإمکانیات المتاحة للاستثمار الأمثل ورفع الکفاءة الداخلیة والخارجیة للمؤسسة التعلیمیة وتوفیر الموارد الذاتیة ومصادر أخری للتمویل المدرسی.
- تحقیق القیمة الإنتاجیة المضافة للمؤسسة التعلیمیة (Productive Value – added) حیث تؤکد معظم مداخل الإصلاح التربوی على إنتاجیة المخرجات التعلیمیة للمؤسسة التعلیمیة فی الدول المتقدمة والنامیة على السواء، وإنتاجیة المدرسة Productivity of school تنفی العلاقة الإرتباطیة بین مدخلاتها ومخرجاتها فى إطار تحقیق الأهداف المنشودة منها(44)، وتتمثل فی کفاءة الإدارة وفاعلتیها فی توظیف الموارد والإمکانات المتاحة واستثمارها لتحقیق رضا المجتمع، والإنتاجیة هى محصلة الکفاءة بنوعیها الداخلیة والخارجیة، أما القیمة الإنتاجیة المضافة فتعنی التوظیف الأمثل الموارد المدرسیة المتاحة البشریة والمادیة للحصول على اکبر عائد ممکن من خلال الأنشطة المنتجة، والموجهة إلى مواقع الإنتاج فی سوق العمل. وقد أکدت توصیات المؤتمر الدولی السادس عشر للشبکة الدولیة للمدارس المنتجة (INEPS) المنعقد فی عام 2004م على ضرورة إدخال التعلیم المنتج فی التعلیم العام لرفع کفاءة القیمة الإنتاجیة المضافة للمدرسة(45) ، وتعد مدرسة بیاجیة (J.Piaget) نموذجاً للمدرسة التى تقوم على التعلم المنتج فی ألمانیا.
- التمویل الذاتی للمدرسة، حیث تقوم إدارة المدرسة المنتجة على توفیر مقومات التمویل الذاتی، فمن المعروف أن التمویل الذاتی للمدرسة یعد من أهم الاتجاهات الحدیثة فی تمویل التعلیم، واحد تطبیقات الإدارة الذاتیة للمدرسة، فتحویل المدرسة إلى وحدات إنتاجیة ذاتیة التمویل یوفر بعض المصادر المالیة اللازمة لنفقات العملیة التعلیمیة من خلال الأنشطة الإنتاجیة والخدمات التى تقدمها المدرسة للمجتمع المحلی، والتمویل الذاتی للمدرسة المنتجة هذا احد المصادر المالیة الناتج عن الأنشطة والمشروعات الإنتاجیة الصغیرة والخدمات التى ترتبط بعائد مادی یمثل مورداً مالیاً إضافیاً یعود على المعلم والمتعلم والمدرسة بصفة عامة فی إطار علاقة المدرسة بالمجتمع المحلی(46)، وعلیه فان المدرسة المنتجة تشارک فی تمویل التعلیم وتعد استراتیجیة جدیدة لتحقیق تنوع مصادر تمویل التعلیم، لتوفیر بعض نفقات المدرسة بجوار الدعم الحکومی للتعلیم.
- تعزیز القدرة التنافسیة للمتعلم فی ضوء التغیرات الاقتصادیة المعاصرة، فمن المعروف أن مجتمع اقتصاد المعرفة وما صاحبه من تطور فی الأنشطة الاقتصادیة، وتدویل رأس المال، وظهور الاتفاقیات الدولیة وغیرها فرضت على التعلیم تحدیات من أهمها ضرورة بناء الشخصیة المنتجة الفاعلة فی الاقتصاد القومی من اجل تعزیز القدرة التنافسیة، للمجتمع أمام المنافسة العالمیة، ویتطلب ذلک تأهیل المتعلم وتزویده بالمهارات الحیاتیة وخاصة مهارات العمل والإنتاج التى تلبی احتیاجات سوق العمل سریعة التغیر، مما یتطلب إعادة النظر فی رسالة المدرسة لتعمیق مفهوم الإنتاجیة اللازمة لتحقیق القدرة التنافسیة على المستوی القومی والعالمی.
مفهوم المدرسة المنتجة:
تزخر أدبیات الفکر الإداری الحدیث بالعدید من التعریفات للمدرسة المنتجة إلا أن جمیعها تشیر إلى أن هناک محور استراتیجی تقوم علیه هذه المدرسة وهو بناء الشخصیة المنتجة فى إطار التعلم المنتج على مستوی مراحل التعلیم المختلفة وهنا تشیر إلى بعض التعریفات والتى یمکن أن تستخلص منها تعریفاً إجرائیاً یعرفها ستیرن (Stern) بأنها المؤسسة التعلیمیة القادرة على توظیف مواردها المادیة والبشریة بکفاءة وفعالیة لبناء الشخصیة المتعلمة والمنتجة، وتحقیق مصادر تمویل ذاتیة لها فی إطار التعلیم المنتج، فالمتعلم فی المدرسة المنتجة یکتسب مهارات الإنتاج والتسویق، والمهارات الحیاتیة التى تتناغم مع متطلبات العصر.(47)
ویعرفها (Joseph Murphy) بأنها المدرسة التى تعزز ثقافة العمل والإنتاج، وتدرب المتعلمین على العمل القابل للتسویق من خلال المشروعات الإنتاجیة الصغیرة، وتعمل على غرس قیم العمل والإنتاج وتتمیز بدرجة کبیرة من الاستقلالیة فی تمویلها الذاتی.(48)ویشیر کل من (Schneider & Bohm) إلى أن التعلیم المنتج (Productive learning) هو الأسلوب الأمثل للتعلیم فى هذه المدارس، فالتعلیم فى هذه المدارس یقوم على الأنشطة والمشروعات الإنتاجیة کما تؤکد مناهجها الدراسیة على قیم العمل، ویتوقف نجاحها على تطبیق التعلم المنتج. (49)
مما سبق یتبین لنا أن مفهوم المدرسة المنتجة یرتبط بکفاءة المدرسة لتحقیق مخرجات تمتلک مهارات العمل والإنتاج والإتقان، وتساهم بفاعلیة فی مجالات التنمیة باعتبارها قوة عاملة منتجة، بالإضافة إلى أن هذا المفهوم یتضمن بعداً إستشرافیاً للمستقبل، حیث یتم اکتساب المتعلم فی هذه المدرسة المهارات الحیاتیة المستقبلیة من اجل الاستجابة لمتطلبات سوق العمل سریعة التغیر وهى لا تقتصر على مرحلة تعلیمیة معینة، وإنما یمکن أن تطبق فی جمیع مراحل التعلیم، وتکون احدی تطبیقها على التعلیم الفنی تکون مدارس التعلیم الفنی وحدات إنتاجیة یحکم طبیعة الدراسة فیها ویقترن بنجاح المدرسة المنتجة بتطبیق الإدارة الذاتیة فی بنیتها الإداریة.
وعلیه یمکن أن تضع تعریفاً إجرائیاً للمدرسة المنتجة فی الأتی:
هى المدرسة التى یتم فیها ربط العملیة التعلیمیة بالإنتاج من خلال المناهج والأنشطة والفعالیات التى ترتبط بالتسویق وثقافة العمل والإنتاج لتحقیق مخرجات منتجة قادرة على دخول المنافسة فی سوق العمل، وتحقیق موارد ذاتیة للمساهمة فی دعم وتمویل التعلیم.
مبررات الأخذ بفکرة المدرسة المنتجة:
یعد مفهوم المدرسة المنتجة من أبرز الصیغ والتجدیدات التربویة التى تعمق العلاقة الارتباطیة بین المدرسة والمجتمع المحلی من خلال استثمار موارد المدرسة المادیة والبشریة المتاحة، والإفادة من موارد المجتمع المحلی وإمکاناته فی إطار التعلم المنتج. ولقد سبقت الدول المتقدمة والصناعیة الکبری فی تطبیق فکرة المدرسة المنتجة لقناعتها بالمردود التربوی والاجتماعی والاقتصادی والمهنی لهذه المدرسة وفیما یلی نشیر إلى أهم مبررات الأخذ بفکرة المدرسة المنتجة.
أولاً: التحدیات التى فرضتها المتغیرات المحلیة والعالمیة المعاصرة:
فالتحولات الاقتصادیة وما ترتب علیها من تزاید المنافسة وظهور مجتمع اقتصاد المعرفة، والخلل الواضح فی المواءمة بین مخرجات النظام التعلیمی ومتطلبات سوق العمل المتغیرة، والتغیرات الجوهریة التى حدثت فی بنیة المهن والوظائف کل ذلک یشکل تحدیاً على المدرسة، فلم تعد مخرجاتها قادرة على التکیف مع متطلبات سوق العمل المستقبلیة. من هنا کانت أهمیة ربط التعلیم بالعمل المنتج من خلال صیغة تربویة جدیدة تتضمنها رسالة المدرسة لتمکین المتعلم من التعامل مع متطلبات سوق العمل بکل متغیراته وتحدیاته.
فالمدرسة المنتجة تربط المتعلم بحرکة السوق المتغیرة، وتشجعه بعد انتهاء تعلیمه على الاعتماد على ذاته فی کسب عیشه بالعمل وإدارة المشروعات الصغیرة، واستغلال إمکانیات البیئة المحلیة، لإنتاج صناعات محلیة (50)، ولهذا تعد المدرسة المنتجة نموذجاً تربویاً لمواجهة هذه التحدیات.
ثانیاً: البعد التنموی للمدرسة:
فقد تزایدت فی الآونة الأخیرة توجهات الاهتمام باقتصادیات المدرسة فی أنظمة التعلیم المتقدمة لمواجهة التحدیات الناتجة عن مجتمع اقتصاد المعرفة وأصبحت صیاغة بیئة التعلیم لیکون أکثر فاعلیة فی مجالات التنمیة احد مقاییس جودة مخرجات المدرسة. ففى النظام التعلیمی الألمانی، أصبح العمل المنتج محوراً استراتیجیاً فی المدرسة فی جمیع مراحل التعلیم المختلفة، فإعداد المتعلم للحیاة فی المجتمع کقوة عاملة منتجة ضرورة تنمویة وبعد مستقبلی للتعلیم یوفر فرص عمل حقیقیة تسهم فی تنمیة المجتمع، وتعمق ولاء المتعلم وانتمائه لوطنه والمدرسة المنتجة توفر الشراکة الفاعلة بین التعلیم ومجالات التنمیة المختلفة فی المجتمع، بل لا تعمل على دمج المتعلم فی مشکلات مجتمعه، وتطبیق ما یتعلمه من خلال عمل منتج للمساهمة فی رفع معدلات التنمیة من منطلق أن التعلیم والاقتصاد وجهی عملة واحدة، وعلیه فان المدرسة المنتجة لها بعد تنموی یتمثل فی:(51)
- تنمیة الاقتصاد القومی.
- توفیر أهم عناصر الإبداع والإنتاج فى المتعلم.
- تحقیق التنمیة المستدامة.
- بناء مجتمع قوی مترابط.
- الارتقاء بإنتاجیة المتعلم وبناء قدراته التنافسیة.
ثالثاً: تنوع مصادر التمویل:
یعد تمویل التعلیم من أهم القضایا الحاکمة لمستوی منظومة التعلیم من حیث مدی فعالیة تأثیره على أوجه الإتقان المختلفة للمنظومة التعلیمیة من ناحیة، ومن ناحیة أخری مدی توفیره لمصادر تمویلیة، متنوعة تضاف إلى المصدر الرئیسی وهو التمویل الحکومی.
فمن المعروف أن جودة النظم التعلیمیة یصعب تحقیقها فی إطار تمویل حقیقی، وأن التعلیم مسئولیة مشترکة بین الدولة والمجتمع، وعلیه یعد تنوع مصادر تمویل التعلیم ضرورة حتمیة تقتضیها ظروف العصر ومتغیراته، وهذا ما أکد علیه البیان العالمی عن التعلیم فی القرن الحادی والعشرین حیث أشار إلى "أهمیة دعم المجتمع بمختلف فئاته لتمویل التعلیم، وضرورة تعدد مصادره". (52)
وتشیر بیانات البنک الدولی إلى أن متوسط الإنفاق العام على التعلیم فی دول الشرق الأوسط وشمال أفریقیا فی عام 2010/ 2011م بلغ (2.5%) مما یؤکد تدنی مستوی الإنفاق العام على التعلیم فی مصر(53)، مما ترتب علیه عجز الموارد المالیة عن تلبیة متطلبات إصلاح التعلیم وتضاءل مرور التعلیم بحکم أنه لا یخدم احتیاجات سوق العمل ومتطلبات التنمیة بشکل عام.
وأدرکت وزارة التربیة والتعلیم أهمیة تنوع مصادر تمویل التعلیم، حیث تضمنت الخطة الاستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعی (2014م – 2030م) استراتیجیة تمویل التعلیم، وحددت ثلاثة مصادر لتمویل التعلیم تتمثل فی الدولة کممول رئیسی، والمساهمات المجتمعیة والقطاع الخاص، والجهات المانحة، والموارد الذاتیة للمدرسة. (54)
وبناء على ذلک أصبح تعدد مصادر التمویل ضرورة للوفاء بمتطلبات جودة التعلیم وکفاءته ودعم مخصصاته، فالتمویل الذاتی للمدرسة یعد احد المصادر الإستراتیجیة لدعم التمویل الحکومی للتعلیم الذی یتمثل فی المدرسة المنتجة، حیث یشیر الواقع الحالی أن الدعم الحکومی لتمویل التعلیم لا یمکنه الوفاء بمتطلبات تمویل الأنشطة التربویة والتعلیمیة المستهدفة، ویحقق معدلات الکفاءة والفاعلیة المطلوبة للمدرسة، وهناک الکثیر من الدراسات التى أشارت إلى انعدام القیمة المضافة للمدرسة بسبب ضعف التمویل، فتحویل المدرسة إلى وحدة إنتاجیة یوفر موارد ذاتیة للإنفاق على الأنشطة التربویة المختلفة، وصیانة المدرسة، وتحقیق معدل ربح من المشروعات الإنتاجیة الصغیرة یعود على المعلم والطلاب والعاملین بالمدرسة، هذا بالإضافة إلى أن اکتساب مهارات العمل والإنتاج یعد فی حد ذاته ربحاً کبیراً یعود على شخصیة المتعلم.
رابعاً: مواجهة بعض المشکلات الاجتماعیة والتربویة:
یعد تزاید الطلب المجتمعی على التعلیم من أهم التحدیات التى تواجه نظام التعلیم المصرى فی الآونة الأخیرة نتیجة الزیادة السکانیة بمعدلات غیر مسبوقة وبصفة خاصة فی شرائح العمر الموازیة لسن التعلیم، وقد بلغت نسبة الاستیعاب للشریحة العمریة فی سن التعلیم الأساسی (90%) وهذا یشکل تحدیاً لتحقیق تکافؤ الفرص التعلیمیة. (55)
کما یشیر واقع التعلیم فی مصر إلى ازدیاد معدلات التسرب فى مرحلة التعلیم الأساسی (الابتدائی والإعدادی) حیث بلغ عدد المتسربین من حلقة التعلیم الابتدائی فی عام 2011م حوالی 28.841 تلمیذاً وتلمیذة، ومن حلقة التعلیم الإعدادی 130.564 تلمیذاً وتلمیذة ویترتب على مشکلة التسرب من التعلیم زیادة فی حجم مشکلة الأمیة، حیث تشیر الإحصائیات إلى أن حجم مشکلة الأمیة فی مصر بلغ 24.9% فی عام 2014م. (56) ویرتبط بمشکلات الاستیعاب والتسرب والأمیة مشکلة أخری تمثل تهدیداً مباشراً للاستقرار الاجتماعی والسیاسی للمجتمع المصری وهى مشکلة البطالة التى ارتفعت معدلاتها إلى (13.6%) من قوة العمل فی عام 2013م (57) فمن المعروف أن مخرجات التعلیم هى مدخلات التنمیة، وأن نقص مهارات العمل والإنتاج وضعف کفاءة الخریجین لها دوراً أساسی فی بطء معدلات النمو الاقتصادی، والاستجابة للتحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة یتطلب من النظام التعلیمی المصری إعادة النظر فی رسالة المدرسة لتصبح المدرسة وحدة إنتاجیة تدیر مواردها البشریة باستقلالیة وتساهم بفاعلیة فی تنمیة الاقتصاد القومی ورفع الکفاءة الإنتاجیة للمتعلمین، فالأخذ بصیغة المدرسة المنتجة یواجه تحدیات المشکلات الاجتماعیة والتربویة التى یعانی منها المجتمع المصری.
خامساً:الارتقاء بإنتاجیة المؤسسة التعلیمیة :
ففى إطار اعتماد جودة التعلیم فی التعلیم قبل الجامعی یشیر الواقع إلى ضعف إنتاجیة المدارس، بمعنی انخفاض الکفاءة الداخلیة والخارجیة للمدرسة، وتتمثل ضعف الکفاءة الداخلیة فی ارتفاع نسبة الفاقد التعلیمی المتمثلة فی الرسوب والتسرب وغیره. أما ضعف الکفاءة الخارجیة فیتمثل فی ضعف قدرة المدرسة على تحقیق الأهداف المنشودة منها فی علاقتها بالمجتمع المحلی والتى من بینها ضعف توافق مخرجات التعلیم مع متطلبات سوق العمل المتغیرة، ومجتمع اقتصاد المعرفة فإنتاجیة المدرسة تعنی الفاعلیة والتجاوب مع متطلبات التنمیة وقد أشار (Hadderman) إلى أهمیة إنتاجیة المدرسة فی عالمنا المعاصر وأوضح أن من أهم أسباب ضعف إنتاجیة المدرسة یرجع إلى الإدارة البیروقراطیة، وعدم توظیف الموارد المتاحة فی المدرسة بطریقة مثلى، وعجز موازنة المدرسة وعدم توافر المشاریع الإنتاجیة الصغیرة. (58)من هنا کانت المدرسة المنتجة مدخلاً للارتقاء بإنتاجیة المؤسسة التعلیمیة.
یتبین لنا مما سبق أن المدرسة المنتجة نقلة نوعیة لربط التعلیم بالتنمیة وبمتغیرات سوق العمل، وآلیة جدیدة لتطبیق الإدارة الذاتیة، وتوسیع مجال التجدید التربوی، بل واستجابة لمتطلبات عصر اقتصاد المعرفة لذا، ینبغی الاهتمام بتطبیقها فی جمیع مراحل التعلیم على اعتبار أن مخرجات کل مرحلة تمثل مدخلات للمرحلة التالیة، وبالتالی تطبیق المدرسة المنتجة یتطلب التواصل والاستمراریة فی السلم التعلیمی بمراحله المختلفة.
مقومات وخصائص المدرسة المنتجة:
المدرسة المنتجة مشروع تربوی یرتقی بالعملیة التعلیمیة إلى مستوی الإنتاجیة التى تحقق دوراً فاعلاً للفرد والمجتمع، ولها مردود تربوی واجتماعی واقتصادی، وثقافی، وسیاسی، وتلعب دوراً بارزاً فی التنمیة، وفیما یلی نشیر إلى أهم مقومات وخصائص المدرسة المنتجة.
1- تحقق العلاقة التکاملیة بین التعلیم والتنمیة :
فالمدرسة المنتجة تعمل على تسلیح المتعلم بالمهارات والخبرات العملیة التى تمکنهم من أن یکونوا رجال أعمال ناجحین فی بیئتهم المحلیة، کما تعمل على سد الفجوة بین التعلیم الأکادیمی وارتباطه بسوق العمل وتوجیه طاقات وإمکانات المدرسة للارتقاء بالمجتمع المدرسی والمحلی وتزید من دور المشارکة المجتمعیة، وینعکس ذلک على العلاقة الارتباطیة بین التعلیم والتنمیة(59) مما تسهم فی رفع معدلات التنمیة على المستوی المحلی والقومی، فالإنسان المنتج هو القوة الدافعة للتقدم الاقتصادی والمصدر الأساسی لتمویل التعلیم ذاته.
2- تقوم على التعلم المنتج :
فالمدرسة وحدة إنتاجیة أو مصنع صغیر لإنتاج سلعة ما، وللمصنع مدخلات ومخرجات وعملیات، والمدرسة على اعتبار أنها مصنع صغیر تتکون من مدخلات ، وعملیات ، والناتج النهائی هو الشخصیة المنتجة التى تستجیب للوضع الاقتصادى ، وتساهم فى رفع معدلات التنمیة.فالعملیة التعلیمیة تهتم بإکساب المتعلم مهارات التسویق، والتفاوض، ودراسة السوق، ودراسة جدوی المشروعات وکیفیة تقصی آراء المستفیدین أو المستهلکین، والتخطیط الجید، وإدارة الوقت، والمسئولیة والنظرة المستقبلیة والاستشراقیة، ولاستخدام الأمثل للإمکانیات وللموارد الذاتیة وغیرها من مهارات العمل والإنتاج، فالتعلم المنتج یدعم ثقة المتعلم بذاته، ویکسبه مهارات رجل الأعمال الصغیر، ویعظم طموحاته، ویغیر نظرته للوظیفة الحکومیة کهدف نهائی للتعلیم، فالتعلم المنتج یفرز لنا إنساناً منتجاً یتمیز بروح العمل والابتکار والإبداع، ویمثل قیمة اقتصادیة، مضافة إلى الاقتصاد القومی والتنمیة المستدامة (Sustainable Development).
3- المرونة فى تسییر شئونها :
فالبنیة البیروقراطیة والروتین المالی والإداری من معوقات تنفیذ فعالیات المدرسة المنتجة، ورسالة المدرسة الإنتاجیة لا تتعارض مع رسالتها التعلیمیة، وعلیه، فان المدرسة المنتجة تحکمها تشریعات وقوانین ولوائح تسمح لها بالتوسع فی الاستقلالیة والصلاحیات المضبوطة بالمحاسبیة، ولهذا یصبح مبدأ المرونة من عوامل نجاحها، کما أن تطبیق الإدارة الذاتیة فی المدرسة یرتقی بفاعلیتها وکفاءتها، ویتضح ذلک من خلال العائد المادی للمشروعات الإنتاجیة والخدمة التى تقوم بها المدرسة، بالشراکة مع المجتمع المحلی والتى یمکن من خلالها توفیر جزء کبیر من نفقاتها من خلال عائد هذه المشروعات، وطبقاً للوائح المدرسة المنتجة فان عائد الأنشطة الإنتاجیة یعود بالنفع على جمیع أطراف العملیة التعلیمیة بما فیهم المتعلم نفسه.
4- النظرة المستقبلیة والتخطیط الجید:
تحرص المدرسة المنتجة على توجیه المتعلمین للقیام بأدوارهم المستقبلیة من خلال إکسابهم مهارات استشراف المستقبل والتعامل مع وقائع حیاتیة حقیقیة تفرضها متغیرات العصر وتحدیاته، کما تعمل على إکسابهم الخبرات الأکادیمیة والمهنیة والتطبیقیة اللازمة لتمکینهم من دخول سوق العمل وهم مسلحون بالآلیات الحیاتیة العلمیة للقیام بوظائفهم فی هذا الشأن بفاعلیة واقتدار(60)، هذا بالإضافة إلى أن المتعلم یکتسب مهارات التخطیط الاستراتیجی التى تمکنه من القیام بالاستثمار الأمثل للموارد المادیة والإمکانات البشریة فی تحقیق إنتاجیته لصالحه ولصالح المجتمع المحلی، کما تمکنه من مواجهة مشکلاته فی حیاته الیومیة، وتعوده على الاعتماد على نفسه، مما یجعله قوة عاملة منتجة فی حاضره ومستقبله، قادرة على التعامل مع عالم الغد بتحدیاته وتنافسیته.
5- ارتباط الحوافز بالانجازات:
فالمشروعات الإنتاجیة التى تقوم بها المدرسة المنتجة تحقق عائداً مادیاً ومعنویاً یتم توزیعه على جمیع أطراف العملیة التعلیمیة، وفى نفس الوقت یکتسب المتعلم مهارات العمل المنتج، وقیم الإبداع والابتکار والانجاز، وهنا تتأهل لدی المتعلم العلاقة الارتباطیة بین الحوافز والانجازات، حیث تتکون لدی المتعلم قناعة بارتباط الحافز (سواء کان مادیاً أو معنویاً) بالإتقان، وجودة الأداء، والکفاءة(61)، ویتحول ذلک إلى سلوک وقیم توجه إنتاجیة الفرد فی علاقته بوطنه ومجتمعه المحلی ومدرسته.
6- تنوع مصادر التمویل وتخفیف الأعباء المالیة:
فالعائد المادی الناتج عن الأنشطة والمشروعات الإنتاجیة، وما تقدمه من خدمات للمجتمع المحلی یمثل مصدر تمویل إضافی لمصدر التمویل الحکومی، ومصدر التمویل الخاص بمؤسسات المجتمع المحلی وفى إطار الإدارة الذاتیة، سوف یساعد ذلک على توفیر التمویل اللازم لشراء التجهیزات وورش العمل والمواد الخام اللازمة لإقامة الأنشطة والمشروعات الإنتاجیة وتحقیق الأهداف المنشودة، وهذا یتطلب أن تتمتع المدرسة المنتجة بحریة التخطیط لمستقبلها، وإدارتها، وتدبیر مواردها المالیة حتى یتمکن من القیام بمسئولیتها الإنتاجیة، وتؤکد دراسة لوار (Lauer) وآخرون إن البرامج والمشروعات الإنتاجیة التى یشارک فیها الطلاب تعزز ثقتهم بأنفسهم وتزید من دافعیتهم للانجاز والتحصیل الأکادیمی.(62)
یتبین لنا مما سبق أن مقومات وخصائص المدرسة المنتجة تؤکد على الوظیفة الإنتاجیة والدور التنموی للمدرسة وأنها مصدر تمویل إضافی یساعد على تخفیف أعباء الإنفاق على العملیة التعلیمیة الملقاة على عاتق میزانیة الدولة فی ظل التحدیات الاقتصادیة المحلیة والعالمیة.
وأن وظیفتها تتعدی الدور التقلیدی للمدرسة الذی یتمثل فی ثقافة الاستهلاک، إلى عدة أدوار أخری تربویة، واجتماعیة، واقتصادیة، وثقافیة، وسیاسیة من شانها أن تحقق الشخصیة المنتجة الفعالة فی مجتمعها المدرسی والمحلی والقومی. وعلیه یمکن أن نحدد ممیزات المدرسة المنتجة بمقارنتها بالمدرسة العامة فی النقاط التالیة:
- تعد جیل مبدع ومبتکر قادر على المبادرة والاعتماد على الذات.
- تحقق شراکة فاعلة بین المدرسة والمجتمع المحلی(63).
- تساعد فی القضاء على الفجوة بین التعلیم النظری والعملی.
- تعزز ثقافة العمل المنتج القابل لتسویق وتحقیق الربح.
- تغرس قیم العمل والإنتاج والإتقان.
- المتعلم فیها یبحث عن المعرفة وینتجها ولا یکون مستهلکا لها.
- یتم التعلم فیها عن طریق الأنشطة والمشروعات وتراعی الفروق الفردیة.
- تحقق تمویل ذاتی.
- تؤهل مجتمع من المستثمرین الصغار الذی یسهم فی نمو الاقتصاد القومی.
- توظف الموارد المادیة والمالیة والطاقات البشریة فی المدرسة لتحقیق عائد مادی وتربوی.
- تنمی مهارات وقدرات المتعلم على استشراق المستقبل.
- تشجع أولیاء الأمور على دعم الأنشطة والمشروعات الإنتاجیة.
- توجه المتعلم وفقاً لمیوله المهنیة فی وقت مبکر.
- تدعم ثقة المتعلم بنفسه من خلال الخبرة العملیة فی المشروعات الإنتاجیة.
- تتمتع بدرجة من الحریة والاستقلالیة فی إطار تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة.
- تحقق أداء أفضل نتیجة لاستخدامها موارد المدرسة بکفاءة.
الإطار التشریعى للمدرسة المنتجة فی مصر:
ولقد أدرکت وزارة التربیة والتعلیم فی مصر أهمیة بناء الشخصیة المنتجة لمواجهة متغیرات العصر وتحدیاته التنمویة، وتحقیقاً لتوجیهاتها وسعیها نحو تحقیق مبدأ "التعلیم للتمیز، والتمیز للجمیع" فأخذت بفکرة المدرسة المنتجة کصیغة تربویة جدیدة تحقق الشخصیة المنتجة الفاعلة التى تمتلک مهارات العمل والإنتاج، ومواجهة تحدیات ومشکلات المستقبل. فصدر بشان تطبیق مشروع المدرسة المنتجة القرار رقم (12) بتاریخ 23/1/2002م لتشکیل اللجنة العلیا للمدرسة المنتجة والقرار رقم (35) بتاریخ 19/2/2003م بإنشاء الإدارة العامة للمدرسة المنتجة وتتبع التعلیم الفنی، والقرار رقم (356) بتاریخ 4/10/2006م لنقل تبعیة المدرسة المنتجة إلى التعلیم العام واعتبرت المدرسة المنتجة مدخلاً لإصلاح وتطویر التعلیم.(64)
وحددت الوزارة أهداف المدرسة المنتجة فى الأتی:
1- مضاعفة روح الابتکار والإبداع لدی الطلاب بدءاً من مرحلة الطفولة المبکرة.
2- مضاعفة القدرة التنافسیة بین الطلاب.
3- تعزیز ثقة الشباب بأنفسهم من خلال قدرتهم على المنافسة الشریفة کلا فی مجال تخصصه.
4- تعمیق روح المشارکة المجتمعیة لدی أولیاء الأمور فی تحقیق منتج یدعم الاقتصاد القومی.
5- تعمیق روح الانتماء وحب الوطن القائم على الإدراک الواعی للتوازن بین الحقوق والواجبات.
6- تحقیق العدالة الاجتماعیة والمساواة فی فرص التعلیم وجودته.
7- خلق حیاة طلابیة فاعلة عن طریق کامل کافة الأنشطة المختلفة.
8- خلق أجیال جدیدة قادرة على الاندماج فی المجتمع المحیط.
9- إعطاء فرصة للتحاور والتواصل لخدمة المجتمع المدرسی والبیئة المحیطة.
10- المساهمة فی حل مشکلة البطالة.
11- إعداد جیل من رجال الأعمال الصغار یعتمدون على أنفسهم ولا ینتظرون الوظائف الحکومیة.
12- إکساب الطلاب المهارات المختلفة التى یحتاجها سوق العمل.
13- إکساب الطلاب مهارة عمل مشروع مربح.
14- تنمیة المهارات العملیة والعلمیة والاستفادة من الطاقات البشریة والمادیة.
15- إکساب الطلاب قیم التخطیط، والدقة، والأمانة، ومهارات العمل المنتج .
یتبین لنا من هذه الأهداف أن المدرسة المنتجة لها مردود اقتصادی، وتربوی، واجتماعی، وثقافی، وسیاسی، تعمل على ترسیخ ثقافة الإنتاج بدلاً من ثقافة الاستهلاک، وربط التعلیم بالعمل والبیئة المحلیة، وتکسب المتعلم مهارات التجارة والتسویق والتعامل مع دینامیات العرض والطلب التى تمکنه من إدارة مشروعات صغیرة بعد تخرجه، کما تنمی فی المتعلم قیم الإتقان، وتحمل المسئولیة، والتخطیط والتنظیم واحترام العمل الیدوی، والتعاون ومهارات وقدرات استشراق المستقبل، وحل المشکلات بطریقة واقعیة، والمبادرة والاعتماد على الذات، والتفکیر فی النتائج والعواقب، وتقبل الربح والخسارة أی أن هذه الأهداف تجتمع معاً لتأهیل وإعداد شخصیة منتجة فاعلة فی المجتمع المدرسی والمحلی، وتصبح المدرسة ذاتها کیان فعال فی التنمیة والاقتصاد القومی، هذا بالإضافة إلى أن أهداف المدرسة المنتجة توفر بعض الآلیات التى تواجه مشکلات الرسوب، والتسرب، والبطالة بطریقة عملیة غیر تقلیدیة، وتدعم مجتمع اقتصاد المعرفة، وتوفر بعض مصادر التمویل اللازمة لتطویر ذاتها.
البنیة الإداریة للمدرسة المنتجة فی مصر:
تتطلب فلسفة المدرسة المنتجة مناخاً إداریاً جدیداً، تستند إلى رؤی واستراتیجیات وسیاسات تستجیب لمتغیرات المستقبل وهذا یتطلب بدوره أن تصبح عناصر العملیة التعلیمیة لها تأثیرها المباشر والفعال فی تحقیق إنتاجیة المدرسة. وتستند الرؤیة المستقبلیة للتعلیم قبل الجامعی فی مصر إلى ستة محاور من أهمها توفیر إدارة تربویة متمیزة تعتمد على المعلوماتیة والشفافیة والمحاسبیة والقیادة المسئولة فی إطار التوجه القومی نحو اللامرکزیة، ومشارکة مجتمعیة تطلق الطاقات الفعالة للمجتمع المدنی لدعم جودة التعلیم، وخلق ثقافة المجتمع الدیمقراطی، ومدرسة فعالة غیر نمطیة تقدم تعلیماً عالی الجودة. وهذا یؤکد ضرورة توافر بنیة إداریة یعمل فیها المعلم والمتعلم والأنشطة التربویة والمقررات الدراسیة والعاملین، والمجتمع المحلی، فى ضوء استراتیجیة واضحة المعالم والأهداف لتحقیق أهداف المدرسة المنتجة.
وبناء على الرؤیة المستقبلیة والسیاسة التعلیمة للتعلیم قبل الجامعی أصبحت المدرسة المنتجة تطور جدید لدور المدرسة فی المجتمع، یتم من خلاله ربط ودمج المدرسة بالمجتمع، وتعمیق دور الطلاب وانتمائهم لوطنهم، وعلیه أصدرت وزارة التربیة والتعلیم قرارها رقم (35) بتاریخ 19/3/2003م بإنشاء إدارة تربویة تسیر عمل هذا المشروع الجدید على المستوی القومی (الوزارة) والإقلیمی (الإدارة والمدیریة) والمحلی (المدرسة)، وفیما یلی تفصیلاً لهذه الإدارات.(65)
الهیکل التنظیمى للإدارة العامة للمدرسة المنتجة
شکل رقم (1)
الهیکل التنظیمى للإدارة العامة للمدرسة المنتجة
أ – إدارة المدرسة المنتجة على المستوی القومی:
صدر القرار الوزاری رقم (35) بتاریخ 19/3/2003م بإنشاء الإدارة العامة للمدرسة المنتجة بقطاع التعلیم الفنی بمقر وزارة التربیة والتعلیم فی القاهرة، ثم نقلت تنظیمها إلى التعلیم العام بالقرار الوزاری رقم (356) بتاریخ 4/10/2006م وتنص فی مادته الأولی على أهداف المدرسة المنتجة التى ترکزت على نشر الوعی بمشروع المدرسة المنتجة وأهدافها على المستوی القومی والربط بین المنهج واحتیاجات البیئة المحلیة، والتأکید على اکتساب الطلاب مهارات تخطیط وتنفیذ مشروع صغیر إنتاجی أو خدمی أو تسویقی أو برمجیات، ونشر ثقافة العمل الحر على المستوی القومی.
وتشکل لجنة الإدارة العامة للمدرسة المنتجة من: مدیر عام الإدارة (رئیساً)، ووکیل الإدارة (عضواً)، ومدیرو إدارات: التعلیم العام، والفنی، والشئون المالیة والإداریة، والشئون القانونیة، والمتابعة، والتوریدات، والموجهون الأوائل لمواد: العلوم، والمجال الصناعی، والتربیة الفنیة، والتربیة الزراعیة، والاقتصاد المنزلی، والحاسب الآلی، والتطویر التکنولوجی (أعضاء). کما نصت المادة الثالثة والرابعة والخامسة من القرار الوزاری (35) لسنة 2003م على إجراءات تنفیذ المشروع، وعمل ومهام اللجان واختصاصات لجنة الإدارة العامة کما هو موضح فیما یلی:
اختصاصات لجنة الإدارة العامة للمدرسة المنتجة:
1- تجتمع اللجة کل شهر لدراسة معوقات العمل بالوحدة المنتجة بالمدارس.
2- تقدیم العون والمشورة الفنیة للمدارس فی ضوء تفاعلات العمل الیومی.
3- نشر ثقافة المدرسة المنتجة لدی الرأی العام.
4- استثمار کافة الإمکانیات المالیة لدی الإدارة لدعم المشروعات.
5- تضع الخطة العامة للمدرسة المنتجة والیات تنفیذها.
6- فحص دراسات الجدوی المقدمة لها واختیار انسبها.
وعلى المستوی الإقلیمی (الإدارة والمدیریة):
بناء على القرار الوزاری رقم (35) بتاریخ 19/2/2003م ثم إنشاء إدارة المدرسة المنتجة فی کل إدارة ومدیریة تعلیمیة تکون همزة وصل بین إدارة المدرسة المنتجة على مستوی المدرسة وبین الإدارة العامة للمدرسة المنتجة فی وزارة التربیة والتعلیم على المستوی القومی، وتشرف إداریاً ومالیاً وفنیاً على أسالیب العمل الإجرائی للمشروع على مستوی المدرسة.
وتشکل لجنة الإدارة والمدیریة من:
- مدیر عام الإدارة التعلیمة أو المدیریة.
- مدیر الشئون المالیة والإداریة أو مدیر عام الشئون المالیة.
- مدیر إدارة المدرسة المنتجة.
- موظف إداری.
وتخضع جمیع أعمال الإدارة على المستوی الإقلیمی لرقابة التوجیه المالی والإداری العام للوزارة.
وعلى المستوی المحلی (المدرسة).
نص القرار الوزاری رقم (35) لعام 2003م فی مادته الثانیة على أن تشکل بکل مدرسة لجنة للإشراف على المشروعات المدرسیة المنتجة من:
- مدیر المدرسة أو من ینوب عنه مشرفاً عاماً.
- وکیل النشاط رئیساً للمشروعات.
- الأخصائی الاجتماعی أمیناً.
- سکرتیر المدرسة مشرف مالی.
- المدرسین القائمین بالمشروع أعضاء
ونصت المادة الرابعة من القرار الوزاری على أن یتم السحب من حساب المدرسة المنتجة بمعرفة سکرتیر المدرسة، ومدیر المدرسة على أن یسبق السحب تقدیم مذکرة لمدیر المدرسة وبتوقیع وکیل النشاط، واحد المدرسین القائمین بالإشراف على المشروع. وتخضع جمیع أعمال المدرسة المنتجة لرقابة التوجیه المالی والإداری بالمدیریة والإدارات التعلیمیة، وفى نهایة العام الدراسی یتم عمل حساب ختامی، ویعتمد من المدیریة.
وتنص المادة الخامسة من القرار الوزاری على أن یقوم سکرتیر المدرسة بفتح ملف لکل مشروع بالمدرسة یحتوی على السجلات المالیة والإداریة وکافة المستندات المتعلقة بالمشروع، ویساعده فی ذلک المسئول عن المشروع، کما ینشأ فی المدرسة دفاتر مخزنیه مستقلة تقید المشروعات حسب حجم المشروع، وقید العهد، وحساب التکلفة ونوعیاتها.
وتحدد تکلفة السلعة أو الخدمة التى ینتجها المشروع طبقاً للقیمة الفعلیة للشراء، والأجور للمتخصصین المستعان بهم من خارج المدرسة لتدریب الطلاب على الإنتاج، ویتحدد الأجر والصیانة، والاستهلاک، والمصروفات طبقاً لنظیره فی السوق مع هامش ربح مناسب، مع مراعاة أسعار السوق التنافسیة، وطبقاً لدراسة الجدوی المعتمدة من قبل الإدارة أو المدیریة لکل مشروع على حدة.
وتنص المادة السادسة من القرار الوزاری على عرض منتجات مشروع المدرسة المنتجة فی معرض للمدرسة أو عن طریق المقصف المدرسی أو الجمعیة التعاونیة المدرسیة أو عن طریق أماکن مطلة على البیئة المحیطة بالمدرسة دون الإخلال بالمبنی المدرسی بعد موافقة الجهات المعنیة مثل الأبنیة التعلیمیة أو الحی.
وتنص المادتین الثامنة والتاسعة على أن تبدأ السنة المالیة من أول سبتمبر وتنتهی آخر أغسطس من کل عام، ویقدم الحساب الختامی إلى المدیریة ثم الإدارة العامة بدیوان عام الوزارة.
وتنص اللائحة المالیة على أن یوزع صافی الربح بالمدرسة کالآتی:
- 35% للقائمین على المشروع (المعلمین المشرفین على المشروع).
- 15% حوافز للطلاب المشارکین.
- 15% للجنة المشرفة (مدیر المدرسة – وکیل النشاط – الأخصائی – السکرتیر).
- 15% للصرف على احتیاجات المدرسة (صیانة – ترمیمات).
- 12% تطویر المشروع (تجدید الآثاثات الثابتة والأجهزة).
- 5% (2% للإدارة – 2% للمدیریة – 1% للوزارة).
- 3% موجه المالی بالمدرسة.
(فإذا قام المعلم بالتدریب فی المشروع تحجب نسبة 35% وتضاف صیانة المدرسة).
وتنص المادة الثامنة عشر على ضرورة أن تتم دراسة جدوی المشروعات على أسس علمیة سلیمة قبل بدایة المشروع، ولا یتم توزیع الأرباح إلا بعد الانتهاء من بیع کافة المنتجات الخاصة بصافی الربح، ویمکن للمشروع شراء ما یحتاجه من أصول ثابتة (آلات، ومعدات، وماکینات، وأجهزة مختلفة)، ویحظر إصدار أسهم لتجمیع رأس مال للمدرسة المنتجة، کما یحظر تجمیع أسهم من الطلبة أو غیرهم وأن تکون مشروعات المدرسة لتنمیة الإبداع وتطویر إمکانیات المدرسة.
1- کما نص القرار الوزاری على الأدوار والمسئولیات التى ینبغی أن یضطلع بها المعنیون بالمدرسة المنتجة، وهم ( مدیر المدرسة - وکیل النشاط - الأخصائی الاجتماعی - سکرتیر المدرسة - الموجه المالی - مدرس التربیة الفنیة - مدرس التربیة الریاضیة - مدرس الاقتصاد المنزلی) .
وهنا یمکن أن نشیر إلى دور کل من المعلم والمتعلم فی إطار الوظیفة الإنتاجیة للمدرسة .
الدور الإنتاجی للمعلم:
تتطلب فلسفة المدرسة المنتجة أن یکون المعلم موجهاً للمعرفة، ولیس مصدراً وحیداً لها، حیث یقوم بمساعدة المتعلم على اکتشاف المعرفة فی المشروعات التى یطبق على البیئة، کما یأخذ بید المتعلم لإنتاج معرفة جدیدة من خلال العلاقات والارتباطات التى تحکم متغیرات المشروع الإنتاجی أو الخدمة المقدمة للبیئة المحلیة، وبصفة خاصة فی مشروعات دمج التنظیم بالعمل المنتج، ومواجهة مشکلات سوق العمل ودینامیاته الجدیدة، أی أن الوظیفة الإنتاجیة للمدرسة تتطلب من المعلم أدواراً جدیدةنوجزها فی: منسق – مخطط، مقیم، موجه، مروج للمشروعات والبرامج(66). فالمعلم الإنتاجی هو القادر على تولید العناصر الفعالة فی المتعلم التى تحقق عملیات الإنتاج المعرفی وتطبیقها فی الحیاة العملیة فی مستقبله المهنی فى ضوء الإمکانات المتاحة(67).
الدور الإنتاجی للمتعلم:
إن بناء الفکر والعمل المنتج ضرورة تربویة للإنسان لتحقیق أهداف وطموحاته، والتفاعل بکفاءة مع متغیرات عصر اقتصاد المعرفة وهذا البناء لا یتحقق إلا بفاعلیة المتعلم فى المدرسة.
وقد أکد (فروم) أهمیة الإنتاجیة بأوسع معانیها عند المتعلم وهى قدرته على استخدام إمکانیاته العقلیة والجسمیة فی العمل التطبیقی لصالحه، ولصالح المدرسة والمجتمع، مما یتطلب أن یشارک المتعلم فی کل أنشطة المدرسة لتحقیق مفهوم المدرسة المنتجة، والذی ترتب علیها تحقیق المجتمع المنتج على اعتبار أن الفرد المتعلم هو جزء من المجتمع، والمواطنة المنتجة هى عصب الحیاة ووسیلة التقدم الاقتصادی.
مشروعات المدرسة المنتجة وإجراءات تنفیذها:
حددت اللائحة التنفیذیة للمدرسة المنتجة إجراءات تنفیذ المشروعات على النحو التالى: (68)
إعداد دراسة لتحدید احتیاجات البیئة المدرسیة والمحیطة من منتجات حقیقیة ذات طبیعة تنافسیة.
- حصر الإمکانیات والموارد المتاحة والخبرات المتوفرة بالمدرسة والبیئة المحیطة.
- إعداد استمارة استطلاع رأی لتحدید المشروعات المناسبة للمدرسة.
- إجراء دراسات جدوی للمشروعات المختارة واعتمادها من الجهة المختصة.
- إعداد منتج تجریبی وتقییمه فی ضوء احتیاجات السوق.
- البدء فى تنفیذ المشروع وتسویقه.
- المتابعة المستمرة للمنتج، والعمل على تطویره لمواکبة احتیاجات السوق.
أما عن طبیعة المشروعات التى یمکن أن تنفذ فی المدرسة المنتجة، فهناک العدید من المشروعات التى یمکن استثمارها وتحقق الوظیفة التنمویة للمدرسة، ویمکن من خلالها تحقیق أرباح وعائدات، وقد أشارت دراسة (Gelwwe) إلى أن استثمارات التعلیم داخل المدرسة تعد مدخلاً للتنمیة الشاملة، وأن تفصیلها بأی صیغة من صیغ التجدید التربوی ضرورة تتطلبها متغیرات المستقبل، فالاستثمار فی موارد المدرسة البشریة والمالیة والمادیة هى المنطلق لتحقیق أهداف المدرسة المنتجة.(69)
وتتنوع مجالات المشروعات فی المدرسة المنتجة لتشمل:
- مشروعات إنتاجیة: تهدف إلى تقدیم صناعات ذات الطابع المصری الأصیل مثل: الحرف الیدویة التى تشتهر بها البیئة المحیطة، والاستعانة بخبرات الفنیین والمتخصصین لنقل خبراتهم بمساعدة مجلس الأمناء ورجال الأعمال المتواجدین فی البیئة المحیطة.
- مشروعات تسویقیة: تهدف إلى التعاون مع تجار الجملة والتجزئة لبیع منتجاتهم بالمدرسة مثل: توفیر احتیاجات العاملین بالمدرسة والبیئة المحیطة، والطلاب من السلع، ویمکن عمل سوق شهری بالمدرسة.
- مشروعات خدمیة: تهدف إلى الاستفادة من کافة إمکانیات المدرسة ومرافقها لخدمة الطلاب، والبیئة المحیطة، وتدریب الطلاب على المهن والحرف، والحاسب، واللغات، والتدریبات الریاضیة.
- مشروعات برمجیات : تهدف إلى استغلال إمکانیات المدرسة فی عمل برمجیات معاونة حسب الهدف المراد تحقیقه مثل: برامج تعلیم حرف، وبرامج أعمال الکنترول، وبرامج تعلیمیة، وبرامج الألعاب والتسلیة. هذه المشروعات یستفید منها ومن عوائدها، الطلاب، والمدرسون، والمدرسة، والمدیریات والوزارة، هذا بالإضافة إلى فرص العمل التى توفرها هذه المشروعات مثل: تدریب الطلاب وإکسابهم المهارات المختلفة، وزیادة خبرات ومهارات المعلمین من خلال إعدادهم لدراسات الجدوی المختلفة، وتنفیذهم للمشروعات الخدمیة.
وأشارت فاطمة الزهراء إلى أن مشروعات المدرسة المنتجة تعد من أهم السیناریوهات المستقبلیة لإصلاح التعلیم، وتوفیر مصدر تمویل ذاتی للمدرسة، مما یتطلب التوسع فی تطبیق فکرة المدرسة المنتجة والمشروعات الإنتاجیة فی الجامعات(70)، فمن المعروف أن مشارکة الطلاب فی تنفیذ فعالیات المشروعات الإنتاجیة والخدمیة والتسویقیة تعزز فیهم القدرة على الإبداع والابتکار والمنافسة مما یساعد على إعداد رجال أعمال صغار تمکنهم من المشارکة بفاعلیة فی برامج التنمیة.
وجدیر بالذکر أنه فی ضوء هذا الواقع لمشروع المدرسة المنتجة فی مصر یتبین لنا أن صیغة المدرسة المنتجة لا تقتصر على مرحلة تعلیمیة معینة، وأنها ملزمة لجمیع مراحل التعلیم، وذلک لان مخرجات کل مرحلة هى مدخلات للمرحلة التالیة، فإنتاجیة التعلیم عملیة متواصلة وإعداد الشخصیة المنتجة بناء متراکم ومتواصل بین مراحل التعلیم المختلفة هذا بالإضافة إلى أن المدرسة المنتجة مصدر تمویل ذاتی للمدرسة، وآلیة لمواجهة ببعض المشکلات التربویة مثل التسرب، والرسوب، والبطالة، لکن هناک بعض التوجهات التى تشیر إلى جدوی تطبیق هذه الصیغة فی مدارس التعلیم الثانوی الفنی، على اعتبار أن استراتیجیة وتطویر المدارس الفنیة یعتمد على المشروعات الإنتاجیة، لکن هذا لا یعنی خصوصیة فی العلاقة الارتباطیة بین المدرسة المنتجة والتعلیم الفنی بل یعنی توقع نجاح المدرسة المنتجة فى التعلیم الفنی بدرجة اکبر من مدارس التعلیم الثانوی العام من حیث الأداء والکفاءة. ولقد حرصت وزارة التربیة والتعلیم فی سیاستها لتطویر التعلیم الفنی على تحویل المدارس الفنیة إلى وحدات إنتاجیة تعلیمیة تعمل فى إطار مشروع رأس المال للمساهمة الفعلیة فی تنفیذ خطط التنمیة الاقتصادیة.
خبرات وتجارب بعض الدول فى تطبیق المدرسة المنتجة
أولاً: خبرة الصین الشعبیة:
أدرکت جمهوریة الصین الشعبیة منذ زمن بعید أن التربیة هى السبیل الأول لتشکیل وعى الأفراد وتنویر عقولهم وهى طریق الوصول بالأفراد إلى تحقیق التقدم والتنمیة الشاملة والتى تسهم فى تحویل المجتمع من مجتمع نام إلى مجتمع متقدم، ولذلک سعت جمهوریة الصین إلى تطویر التعلیم الصینى وإصلاحه والعمل على تنمیة مدارس التعلیم العام والتوجیه المهنى وأن یکون الإصلاح الشامل لجمیع المجالات بما فى ذلک عملیات الإنتاج والتصنیع حتى تصل إلى مستوى الدول المتقدمة وتحقق ذلک للصین التى أصبحت الدولة الأقوى اقتصاداً فى العالم وغزت منتجاتها جمیع أسواق العالم ، وبذلک قدمت الصین الشعبیة للعالم الثالث نموذجاً فریداً من نماذج التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة.
ولقد کان لتأثیر فلسفة رئیس الصین " ماوتس تونج" أثر کبیر على توجیه الخبرة الصینیة الوجهة السلیمة ، وهذه الفلسفة قائمة على أنه لا یمکن أن تستند المعرفة على الفهم النظرى فقط ولکن یجب أن تبدأ المعرفة بالتطبیق العملى والتجربة المباشرة وخاصة فى مجال الإنتاج وأن أى تعلم یأتى فقط من الکتب والمحاضرات تعلم غیر مکتمل ولفهم شئ ما یجب على الطالب أن یخرج إلى میدان العمل ویجرب ویأخذ الخبرة من الواقع ویشارک فى تغییرها.(71)
تهتم السیاسة التعلیمیة للصین بالمجالات العملیة عن میول الطلاب وقدراتهم واستعداداتهم وتؤکد على تحسین أفکارهم وابتکاراتهم التقنیة فى الإنتاج الفعلى لکى یستطیع التلمیذ مواصلة حیاته العملیة بنجاح حیث أن نظام التعلیم الصینى یعتبر الطالب الذى لیس لدیه حرفة عاطلاً ویشکل عاله على المجتمع وعائق للتنمیة الشاملة ولابد من الأخذ بیده وتحویله إلى طاقة عاملة منتجة بناءه تشارک بفاعلیة فى تقدم المجتمع وتطویره. (72)
وتهدف المدارس الصینیة إلى تنشئة طلابها تنشئة سلیمة یحرصون على خدمة مجتمعهم بإخلاص وتفانى ، ولذلک قامت الحکومة الصینیة فى شهر مایو 1958م بإجراء أصلاحاً تربویاً شاملاً ووضع سیاسة تعلیمیة تقوم على الربط بین التعلیم المدرسى وبین العمل الیدوى المنتج، وربط المدارس بالمزارع والمصانع وإقامة المصانع والورش فى المدارس ، وتخفیف الترکیز على التعلیم للتعلم ذاته کما أدرج العمل المنتج رسمیاً فى جمیع المناهج الدراسیة من الروضة حتى الجامعة ، ولذلک تعتبر العملیة التعلیمیة القائمة على العمل داخل المؤسسة التعلیمیة وسیلة إیجابیة لتطویرها وجعلها تحقق أکبر وأسرع وأفضل النتائج الاقتصادیة وشمل التطویر إطالة العام الدراسى فهو یمتد لمدة تسعة أشهر ونصف الشهر، وتتضمن هذه المدة نصف شهر فى أعمال بدنیة داخل المصانع أو المزارع الصغیرة حیث یتاحللمعلمین والمتعلمین العمل فیها. (73)
فسیاسة إصلاح التعلیم فى الصین أتت بنتائج حیث إتاحة الفرصة للمجتمع المحلى لأن یکون شریک فى إدارة الإنتاج المدرسى أدى ذلک إلى القیام بتعبئة الموارد المحلیة التى تسهم فى الارتقاء بالمدرسة ، وأن المدرسة أصبحت أکثر تلبیة لاحتیاجات المجتمع المحلى وأکثر مرونة وأدى ذلک إلى التخفیف من سلبیات الإدارة البیروقراطیة والترکیز على التنمیة المهنیة للمعلمین، والحرص على إلحاقهم ببرامج التدریب المستمر لتأهیلهم فى المجالات المختلفة على کل المستویات وبذلک أدرکت الحکومة الصینیة أن التعلیم له أثر کبیر على الإنتاج والإنتاجیة فى الاقتصاد الصینى لذا یحرص نظام التعلیم الصینى على تعلیم مهارات العمل فى مدارس التعلیم العام والتعلیم العالى(74).
وبذلک یتضح أن التعلیم فى المؤسسات التعلیمیة الصینیة لیس بمعزل عن البیئة الخارجیة المحیطة بالمدرسة فهو غیر مقصور على حجرات الدراسة ولکنه مرتبط بالمصانع والمزارع وأن کثیر من المدارس الصینیة مدارس منتجة تشارک فى إدارة المصانع حیث تؤکد مناهج التعلیم على أهمیة العمل والإنتاج ، وأن سیاسة التعلیم تؤکد على العمل المنتج ورفع کفاءة المعلم والمتعلم، وذلک یحسن أداء المدارس ویجعلها تحقق أهدافها وتحقق التنمیة الاقتصادیة حیث تتضمن المناهج الدراسیة أهداف محددة الدقة فى العمل والمهارة فى الأداء والکفاءة والسرعة فى الإنتاج .
ثانیاً : خبرة الولایات المتحدة الأمریکیة:
تشیر کثیر من الدراسات أن النشاط التجارى فى المدارس نشأ من الولایات المتحدة الأمریکیة، وأن هذه الأنشطة التجاریة بدأت فى التزاید منذ بدایة التسعینیات، وقد بادرت المدارس الأمریکیة بتطبیق ذلک لما له من فوائد جمة لکل من المدرسة والشرکات المتعاونة معها، وتمثلت الفوائد التى تعود على المدارس فى تحسین الموارد التعلیمیة، وزیادة فرص اکتساب الطلاب لخبرات العمل وأن المدارس تحصل على المشورة الإیجابیة فى إدارة أنشطتها أما الفوائد التى تعود على الشرکات فتمثلت فى زیادة فرص مبیعات منتجات هذه الشرکات .
وفى عام 1991م کشفت بعض الدراسات أن (90%) من المدارس الثانویة فى الولایات المتحدة الأمریکیة کانت تقوم بتشغیل نوع من المشاریع فى إنتاج بعض السلع بمشارکة المتعلمین، ویمثل ذلک جزء من أنشطتهم المدرسیة، ویوجد العدید من المشاریع والأعمال التجاریة التى تعمل على مساعدة المتعلمین منها على سبیل المثال برنامج " جونیر أشیفمنت " Junior Achievement فى الولایات المتحدة الأمریکیة وبدأ هذا البرنامج مبکراً فى عام 1919م وترعاه الغرفة التجاریة والتى تشارک بمتطوعین بالغین للقیام بدورهم کمستشارین یقومون بتقدیم المواد التربویة ، وقد احتوى هذا البرنامج الملایین من المتعلمین فى المشاریع الصغیرة ، کما تقوم مؤسسة ( ریل REAL) بتقدیم منهج خاص بالمشاریع والأعمال التجاریة لمساعدة المتعلمین فى المناطق النائیة والراقیة وتکبر هذه المشاریع مع المتعلم وتصبح جزء من القاعدة الاقتصادیة المحلیة.(75)وفى عام 1994م صدر قانون " فرص الدراسة من أجل العمل " لإدخال التعلیم العملى على نطاق واسع فى المدارس الأمریکیة الثانویة العلیا، وقد عبر المتعلمون عن المشاریع القائمة فى المدارس على أنها قامت بتطویر وتعزیز التعلیم لدیهم وأکسبتهم مهارات وخبرات أکبر بکثیر من تلک الوظائف التى یجدونها بأنفسهم. (76)
وفى نیویورک بالولایات المتحدة الأمریکیة تم تطبیق المدرسة المنتجة من خلال مشروع التعلیم المنتج والذى یسمى "City-as-school"، وتم الترکیز فى هذه المدارس على الطلاب الذین بدءوا یتسربون من الدراسة على وجه الخصوص ، وتقوم المشاریع فى المدارس المنتجة فى نیویورک على أساس النشاط المنتج والتعلم على أساس الخبرة ، وبذلک یشارک الطلاب فى أنشطة مهنیة مبتکرة، وتعتمد هذه المدارس على دعم المشاریع والأعمال التجاریة وهى قادرة على توفیر تمویلاتها الخاصة بها. (77)
وفى کالیفورنیا الجنوبیة فى الولایات المتحدة الأمریکیة تجربة رائدة وهى تجربة مدرسة باسندا الثانویة (Phs) وهى تقع بالقرب من ( روزباول Rose Bourl ) ، وترکز هذه المدرسة فى برامجها التعلیمیة على إعداد المتعلمین لإشباع میولهم ورغباتهم التعلیمیة، وتنمیة مهاراتهم الفنیة اللازمة لمتطلبات سوق العمل ورفع مستویاتهم التحصیلیة فى المواد الدراسیة وتسعى هذه المدرسة لإعداد الأفراد للحیاة العملیة المنتجة من خلال:- (78)
وفى ولایة متشجیان توجد على مستوى المدارس مشروعات إنتاجیة صغیرة School-Based-Enterprises ، وهى عبارة عن برامج یتعاون فیها مجموعة من المتعلمین لإنتاج بضائع أو خدمات للبیع، ویمکن أن یشارک أصحاب الأعمال فى ربط المدرسة بالتعلم القائم على العمل وإکساب الخبرات المهیئة وتحقیق النفع للمدرسة وأصحاب الأعمال فى نفس الوقت . (79)
ثالثاً: خبرة الدانمارک:
تم تأسیس بعض المدارس الثانویة فى الدانمارک کآلیة للتدریب والعمل للشباب ، وسمیت هذه المدارس "بالمدارس الثانویة المنتجة" حیث تم تطویر المشاریع القائمة فى المدرسة والتى تقدم من خلالها خبرة العمل حیث تم ربط التعلیم بالمواد الدراسیة والمهنیة بخطوط إنتاج لمنتجات أساسیة مثال إنتاج الملابس والأثاث وغیرها، وینصب الهدف الأساسى لهذا النوع من المدارس فى بناء بیئة تعلم عملیة تستطیع تدریب وتأهیل المتعلمین وتطویر مهاراتهم الشخصیة والمهنیة والاجتماعیة من خلال التدریب العملى التطبیقى على أرض الواقع فى ورش العمل وخطوط الإنتاج فى أعمال المعادن والنجارة والمنسوجات وغیرها .
وقد تطورت المدارس المنتجة فى الدانمارک فى عام 1978م ، وأصبحت مدارس مستقلة ذاتیة الإدارة لها شرعیتها الخاصة بها فى إدارة أمورها قائمة على أساس المشارکة المجتمعیة المحلیة وساعد ذلک على عقد اتفاقیات تعاون متعددة تعقدها المدارس المنتجة مع المشاریع المحلیة لإنتاج السلع والخدمات وإرسال طلابها فى فترات التدریب إلى المصانع والشرکات العامة والخاصة ویتقاضى الدارسون قدراً من المال مقابل إسهامهم فى ورش العمل وخطوط الإنتاج. وفى عام 2006م رکزت المدارس المنتجة فى الدانمارک على تحقیق أهدافها من خلال التعلیم التقنى والمهنى وتقدیم البرامج الدراسیة والعملیة التى تدعم عملیة التعلیم والتعلم وکان عدد المدارس المنتجة فى هذه الفترة فى الدانمارک (99) مدرسة ذات قدرة إجمالیة على استیعاب (6000) طالب . (80)
ویتضح من ذلک أن المدارس المنتجة تساهم فى إعداد المتعلمین وتعمل على تطویر قدراتهم الدراسیة من الناحیة الأکادیمیة وتنمیة مهاراتهم فى الجانب العملى التطبیقى بما فى ذلک المتعلمین من غیر الدارسین ( الکبار – المعاقین ) واثبتت المدارس المنتجة أن مخرجاتها مطلوبة حیث أن رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات والشرکات یفضلوهم عن غیرهم من خریجى المدارس العادیة حیث أن خریجى المدارس المنتجة تم تأهیلهم وتدریبهم التدریب العملى الکافى فى مدارسهم فى ظل إدارة ذاتیة فى مدرسة مستقلة ودعم من المجتمع المحیط وشراکة من أصحاب الأعمال لرفع الکفاءة وزیادة الإنتاج.
رابعاً: خبرة نیوزیلندا:
تمثل تجربة المدرسة المنتجة فى نیوزیلندا تجربة متمیزة یقتدى بها وذلک من منطلق أن هذه المدرسة مستقلة تم منحها مسئولیة الإدارة الذاتیة المحلیة وصنع القرار المالى حیث تتحمل إدارة المدرسة مسئولیة رسم السیاسات والقرارات الاستراتیجیة ، وکذلک عملیة التمویل ، وبذلک أصبحت المدرسة المنتجة مدرسة فعالة عالیة الکفاءة . (81) فالمدرسة المنتجة فى نیوزیلندا تشجع طلابها على التعلم الذاتى وتعده لحیاة عملیة وتعلم مستمر مدى الحیاة ، حیث تم تزوید هذه المدارس بأحدث التقنیات والشراکة مع المجتمع المحیط والتعاون مع المصانع والمؤسسات. وأن تبنى الإدارة الذاتیة هو أساس الإصلاح المدرسى وهو طریق الوصول إلى المدرسة المنتجة الفعالة نظراً لتبنى إدارة المدرسة لمجموعة من المعاییر التى تقود إلى النجاح والتقدم وجعل المدرسة المنتجة عالیة الکفاءة ، وهذه المعاییر هى إدارة منفتحة متقبلة للتغییر ، تفکر فى الخطط المنتجة ، متجهة للتنمیة والتطویر، علاقاتها وتفاعلاتها مع ألآخرین منتجة.
خامساً: خبرة ترکیا:
یحتل قطاع الصناعة فى ترکیا نسبة عالیة من الناتج المحلى لهذه الدولة، وتعمل الدولة دائماً على الارتقاء بهذا القطاع من خلال مزید من المخصصات المالیة سواءً من الحکومة أو القطاع الخاص. وتشیر الإحصاءات أن قطاع التعلیم الفنى التابع لوزارة التعلیم بلغ حجم إنتاج المدارس الصناعیة الثانویة لعام 2004م، ما قیمته 65 ملیون دولار وحقق أرباحاً بلغت قیمتها 7 ملایین دولار، ورغم ضعف المخصصات المالیة الحکومیة لهذه المدارس فى العقد السابق إلا أن هذه المدارس نجحت فى الاستمرار بسبب مصادر أخرى للتمویل ویرجع الفضل للمعلمین والمتعلمین والذین تعاونوا فى تمویل مشاریع إنتاجیة داخل المدارس الصناعیة ، ولعبت هذه المدارس دور هام فى إنعاش صناعة الملابس والمنسوجات. (82)
وفى بدایة عام 1984م حاولت ترکیا تطبیق المدارس المنتجة من خلال عقد اتفاق مع البنک الدولى، والتى یتعلم فیها المتعلمون وینتجون ویتسلمون رواتب فى أول کل شهر نتیجة بیع المنتجات والتى تحقق ربح صاف فى نهایة العام یتم توزیعه على الأطراف العاملة ( المعلم ، المتعلم ) ویرتکز إنتاج هذه المدارس المنتجة والتى یصل عددها إلى 347 مدرسة منتجة من إجمالى 1473 ثانویة صناعیة فى قطاعات الأثاث المنزلى والمکتبى القائمة على الأخشاب والبلاستیک والملابس والمنسوجات والدیکور وقطع الأجهزة الالکترونیة وغیرها. (83)
ومن مزایا هذا النوع من التعلیم المنتج أنه یشجع الطلاب على الدراسة والعمل والإنتاج ، ویخفف الأعباء المادیة عن الأسرة مع عدم وجود تعارض بین حصص الدراسة النظریة وبین التطبیق العملى بورش الإنتاج ، وبذلک تعد هذه المدارس المنتجة فى ترکیا مدارس فعالة ذات قیمة عالیة لأنها تقدم لسوق العمل سواعد فنیة وفتیة ماهرة ومدربة على درجة عالیة من الکفاءة تستفید بها الشرکات والمصانع وتسهم فى التنمیة وتشکل قوة اقتصادیة عالیة .
یتبین لنا من تحلیل خبرات وتجارب بعض الدول فى تطبیقها للمدرسة المنتجة أن هناک تنامى فى التوجهات العالمیة للاهتمام بالتعلم المنتج ، وربط العمل بالإنتاج ، والتوسع فى الاستقلالیة المالیة للمدرسة لتوفیر التمویل الذاتى للمدرسة اللازم لدعم المشروعات الصغیرة، وربط مخرجات المدرسة بمتطلبات سوق العمل ، ومن الملاحظ أن معظم النظم التعلیمیة التى طبقت فکرة المدارس المنتجة کانت تأخذ فى اعتبارها أولاً زیادة صلاحیات الإدارة واستقلالها الذاتى على المستوى المحلى (المدرسة) فى إدارة شئونها المالیة والإداریة لتحقیق أقصى درجة من الکفاءة والفعالیة .
إلا أن هناک بعض المعوقات والصعوبات التى تواجه تطبیق المدرسة المنتجة فى مجتمعنا المصرى بصفة خاصة والمجتمعات النامیة بصفة عامة .
المحور الثانى: الإدارة الذاتیة کمدخل إصلاحى فى المؤسسات التعلیمیة وخبرات بعض الدول :
تتعاظم فى السنوات الأخیرة الاتجاهات العالمیة حول استخدام مدخل الإدارة الذاتیة فى المدرسة کأحد المداخل الإصلاحیة لتحقیق تمیز الأداء المدرسی، وتمکین الإدارة المدرسیة لإحداث نقلة نوعیة فى إنتاجیة المدرسة، وجعلها أکثر قدرة على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل باعتبار المدرسة وحدة إنتاجیة. فقد ثبت بما یدع مجالاً للشک، أن إدارة العملیة التعلیمیة بمرکزیة مطلقة فى إطار بنیة إداریة هرمیة بیروقراطیة ینعکس سلباً على الکفاءة الداخلیة والخارجیة للمؤسسة التعلیمیة.
من هنا کان التوجه نحو تطبیق الإدارة الذاتیة فى التعلیم والتى تکفل للمدرسة مزیداً من الاستقلالیة، وصلاحیة اتخاذ القرار والمشارکة فى توزیع المسئولیة، وإعادة التجدید الذاتی للمدرسة ویتبین ذلک واضحاً فى خبرات بعض الدول مثل: انجلترا، وأمریکا، ونیوزیلندا، وکندا، واسترالیا(84)، أی أن الهدف الرئیسی من تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فى المدرسة هو تفعیل قدرة المدرسة على الاستجابة للمتغیرات البیئیة من حولها، وتطور أهدافها بما یجعلها تتکیف مع التحدیات الداخلیة والخارجیة لمتغیرات سوق العمل وتحسین إنتاجیتها.
فلسفة ومرتکزات الإدارة الذاتیة للمدرسة:
إذا نظرنا إلى الإدارة الذاتیة للمدرسة على أنها احد المداخل الإصلاحیة للتنظیم الإداری التربوی، فهذا یعنی أن الإدارة الذاتیة للمدرسة وسیلة ولیست غایة فى حد ذاتها، فهى وسیلة لتحسین الأداء المؤسسی للمدرسة، وتحقیق جودة مخرجاتها، وإنتاجیتها بصفة خاصة، کما أنها قد تساعد فى تحسین مدخلات العملیة التعلیمیة.
وتشیر أدبیات الفکر الإداری الحدیث إلى أن مفهوم الإدارة الذاتیة للمدرسة (School Based Management (SBM)) یعنی التوسع فى سلطة اتخاذ القرار ومنح الصلاحیات لتصبح على المستوی الإجرائی (المدرسی) مما یسهل تفویض السلطات للمعلمین والإداریین وأولیاء الأمور فى صنع القرار المناسب من اجل تحقیق الأهداف المنشودة. (85)کما یشیر (Jarge) إلى أن الإدارة الذاتیة للمدرسة هى إستراتیجیة تتضمن نقل سلطة اتخاذ القرار والمسئولیات من المستویات الإداریة العلیا (على مستوی الحکومة) إلى المستویات الإداریة الدنیا (على مستوی المدرسة). (86)بمعنی اتساع درجة الصلاحیات والتفویض ونقلها إلى المستوی المدرسی بحیث تتم العملیة التعلیمیة بفاعلیة، فزیادة سلطة المدرسة فى صنع القرار یساعد إلى حد کبیر فى جعل المدرسة وحدة إنتاجیة تتحمل المسئولیة والمحاسبیة من اجل تحقیق مخرجات على مستوی عال من الکفاءة والجودة والملائمة لمتطلبات المجتمع المحلی.
ویعرف (Kathleen, K. 1988) الإدارة الذاتیة بأنها نمط من الإدارة التربویة یتم فیه نقل الصلاحیات من المستویات العلیا لاتخاذ القرار إلى مستویات تقدیم الخدمة وفقاً للقطاع الجغرافی التى تقع فیه الإدارة الخدمیة والتى تمثل فیه المدرسة الوحدة الخدمیة والإنتاجیة فى نفس الوقت، وإن أهم الصلاحیات التى یتم نقلها یرتبط بالتمویل، والمناهج والمعلم والمتعلم.(87) وهذا یعنی أن الإدارة الذاتیة تعطی المدرسة مزیداً من الاستقلال الإداری والمالی وإدارة مصادر التمویل والاستثمار لمواردها الذاتیة، کما توفر مشارکة اکبر لأولیاء الأمور وأعضاء المجتمع المحلی فى إدارة المدرسة وإحداث تغییر جذری فى عملیة صنع واتخاذ القرارات التربویة فى ضوء الصلاحیات الممنوحة لعناصر الإدارة المدرسیة والمجتمع وبذلک تساعد الإدارة الذاتیة على ربط المدرسة بالمجتمع المحلی وتقلل من بیروقراطیة الإدارة بین المدرسة والمستویات الإداریة العلیا.
وعلیه یمکن تحدید تعریفاً إجرائیاً للإدارة الذاتیة للمدرسة فى أنها نمط إداری على مستوی المدرسة یقوم على أساس نقل بعض الصلاحیات وتفویض السلطة من المستویات العلیا لاتخاذ القرار، إلى مستوی تقدیم الخدمة بما یحقق الاستقلالیة فى إدارة ذاتها، والتصرف فى ممتلکاتها ومواردها بحریة، فى إطار الرقابة والمسائلة والمحاسبیة، مع التأکید على الشراکة الفاعلة بین المدرسة والمجتمع المحلی فى اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المدرسة.
ولعل هذا التعریف یبرز لنا مدی الارتباط بین الإدارة الذاتیة والمدرسة المنتجة، فالحریة والاستقلالیة فى التصرف فى موارد المدرسة واستثمارها لتحقیق عائد مادی، یوفر المناخ الإبداعی والإبتکاری اللازم للعمل والإنتاج والانفتاح على المجتمع المدنی والمؤسسات الحکومیة الإنتاجیة.
وهو ما یحقق المناخ الملائم للمدرسة المنتجة، والذی نود أن نؤکد علیه أن استقلالیة المدرسة فى إدارة مواردها الذاتیة یمکن اعتبارها نسبیة ولا یمکن تحقیقها بصورة مطلقة لأنها ترتبط ارتباطا وثیقاً بالمحاسبیة (Accountabilily) وتتفاوت الأنظمة التعلیمیة على مستوی العالم بین تحقیق الاستقلال الذاتی الکامل للمدرسة فى إطار لا مرکزیة التعلیم، والاستقلال الجزئی، وبدرجات متفاوتة، ویتوقف هذا التفاوت على طبیعة النظم السیاسیة للدول ومدی تطبیقها للدیموقراطیة، ولکن تشیر معظم خبرات الدول إلى أن علاقة الإدارة الذاتیة للمدرسة بالسلطة المرکزیة هى علاقة استقلال وتبعیة فى ذات الوقت، فهى مستقلة من ناحیة، ومن ناحیة أخری تخضع للرقابة والمحاسبة من قبل الإدارة العلیا، وهذا یضیف صلاحیات جدیدة للمدرسة، حیث تصبح المدرسة فى موقع المسئولیة لجذب الاستثمارات، والبحث عن إیرادات ومصادر تمویل أخری مع تفعیل الدور الرقابی لمجلس الأمناء بالمدرسة، والمجتمع المحلی والمستویات الإداریة العلیا. (88)
مبررات الأخذ بمدخل الإدارة الذاتیة:
یتبین لنا من خبرات بعض الدول التى طبقت مدخل الإدارة الذاتیة أن مبررات التوسع فى تطبیق الاستقلال الذاتی للمدرسة من أهمها:
- تحسین جودة مخرجات المدرسة وزیادة قدرتها التنافسیة. (89)
- تحقیق شراکة فاعلة بین المدرسة والمجتمع المحلی.
- تمکین أعضاء المجتمع المدرسی وأولیاء الأمور من المشارکة فى اتخاذ القرار التربویة.
- تعظیم دور المشارکة المجتمعیة والمعنیین فى صنع واتخاذ القرار التربوی .
- تنظیم وإدارة الموارد المالیة وفقاً لمتطلبات التطویر والأهداف المنشودة.
- شعور المجتمع المحلی بملکیة المدرسة.
- الرغبة فى مواجهة وتخفیف العجز المالی.
- السعی لإدخال درجة أکبر من المرونة والإبداع لتمکین المخرجات من المنافسة العالمیة .
- تعظیم الاستفادة من المنح والمساعدات المقدمة من الهیئات الدولیة المانحة.
- تمشیاً مع التوجهات العالمیة نحو تعمیق نظم الحکم الدیموقراطی.
- توجهات السیاسة التعلیمیة والخطة الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی.
- توفیر الثقة المتبادلة بین المجتمع المدرسی والمحلی.
مبادئ الإدارة الذاتیة للمدرسة ومستویاتها :
تقوم الإدارة الذاتیة للمدرسة على عدة مبادئ هی(90):
( لا مرکزیة السلطة -توزیع المعلومات- التنمیة المهنیة لأعضاء المجتمع المدرسی– المکافأت)
کما تتمثل مستویات الإدارة الذاتیة للمدرسة فى ثلاثة مستویات هى :
- الإدارة الذاتیة على مستوی المدرسة (School Level) (مرحلة التحلیل البینی ، التخطیط البناء ، الاختیار ، التنمیة ، التوجیه، التنفیذ، المراجعة ، الرقابة والتقویم).
- الإدارة الذاتیة على مستوی المجموعة (Group Level).
- الإدارة الذاتیة على المستوی الفردی (Individual Level).
وبالنظر إلى هذه المبررات نجد أن مجمل هذه المستویات تحقق أهداف المدرسة المنتجة بکفاءة وفاعلیة، کما أنها تعمق التوجه نحو الدیموقراطیة، وتدعم الشعور بالملکیة وتعزز قیم الانتماء والعمل لدی أولیاء الأمور والتلامیذ وعناصر المجتمع المحلی.
أنماط اللامرکزیة فى الإدارة الذاتیة للمدرسة:
تشیر أدبیات الفکر الإداری الحدیث إلى وجود أربعة أنماط أو أشکال للاستقلال الذاتی للمدرسة، وترتبط هذه الأنماط بعوامل سیاسیة وثقافیة واجتماعیة واقتصادیة للمجتمع، وهى:
1- اللامرکزیة الإداریة:
ویقصد بها نقل الوظائف والاختصاصات إلى المستوى المدرسی ، وتتمثل فى الأبعاد التالیة:
أ – نقل السلطة (Devolution) :
أی نقل السلطة فى الأمور المالیة أو الإداریة أو التربویة من المستوی الإداری الأعلی (الوزارة، المدیریة، الإدارة) إلى المستوی الإداری الأدنی (المدرسة) باعتبارها وحدة إداریة قائمة بذاتها ولها سلطاتها الذاتیة، بحیث تصبح المدرسة صاحبة القرار بدون تدخل من سلطات فوقیة على أن تتحمل المدرسة مسئولیة الرقابة والمحاسبة وفق الأهداف المنشودة.(91)
ب – التفویض (Delegation) :
أی نقل مؤقت لبعض الصلاحیات من المستوی الإداری الأعلى إلى المستوی الإداری الأدنی (المدرسة) مع ضرورة الالتزام بالسیاسات والتوجیهات الإداریة العلیا وفى هذا النمط تظل السلطة الإداریة العلیا هى المسئولة عن مهمة التخطیط وعن مخرجات المدرسة ومراقبة جودتها ویمکن سحب هذه الصلاحیات فى أی وقت(92)، وتتوقف درجة اللامرکزیة على درجة التفویض، ومدی توزیع المسئولیات.
ج – اللاتمرکز (Dcocentration) :
أی نقل سلطة تنفیذ القرارات ولیس صناعتها من المستوی الإداری الأعلی إلى المستوی الإداری الأدنی بما یتیح للإدارات الدنیا (المدرسة) اتخاذ بعض القرارات بصفة مستقلة عن الإدارة العلیا مع احتفاظ الإدارة العلیا بسلطة صنع القرار والرقابة على المستویات الإداریة الدنیا. (93)
د – الخصخصة (Privatization) :
أی نقل السلطة إلى القطاع الخاص، وتتضمن بیع الأصول أو منح امتیازات محددة للقطاع الخاص، أو عقد تحالفات بین القطاعین العام والخاص لتقدیم الخدمة التعلیمیة. (94)
تستخلص لما سبق أن أبعاد اللامرکزیة الإداریة تشیر إلى نقل وتفویض بعض السلطات واتخاذ القرارات التى تتعلق بالجوانب الإداریة وتکون فى شکل صلاحیات بهدف سرعة انجاز المهام، حیث یتم نقلها من المستوی الإداری الأعلی إلى المستوی الإداری المحلی (مستوی المدرسة).
2- اللامرکزیة المالیة :
ویقصد بها أن تتمتع المستویات الإداریة الدنیا بمزید من الصلاحیات التى یتیح لها فرصة جمع الأموال والاحتفاظ بها، واتخاذ القرارات بشان کیفیة إنفاق هذه الأموال طبقاً لاحتیاجاتها فالمدرسة فى إطار اللامرکزیة المالیة لها الصلاحیة فى الاحتفاظ بحقها فى اتفاق المخصصات المنقولة إلیها، واتخاذ قرار حول کیفیة التصرف فیها، واتفاقها بما یتمشی مع خطة تحسین المدرسة، وتتمثل اللامرکزیة المالیة فى الأبعاد التالیة:
- السماح بفرض ضرائب التمویل التعلیم على مستوی کل محافظة.
- إنشاء صنادیق على مستوی المحافظات.
- تمویل جانب الطلب على التعلیم.
وهذا یعنی أن اللامرکزیة المالیة تهدف فى النهایة إلى منح الصلاحیات المالیة للمدرسة من تحصیل ضرائب، ورسوم مقابل خدمات تقدم للمجتمع المحلی، وإنشاء صنادیق خاصة لتحقیق عائد مادی بسهم فى تنفیذ خطة التحسین للمدرسة، والمشارکة فى دعم الاقتصاد القومی. ومن الجهود التى اتخذتها وزارة التربیة والتعلیم فى مصر لتطبیق لامرکزیة التمویل صدرت توجیهات الوزارة إلى مدیریات التربیة والتعلیم خلال العام الدراسی 2010/2011م بتطبیق اللامرکزیة فى إطار بنود الصرف التالیة، المتضمنة فى الباب الثانی على مستوی المدیریات التعلیمیة على النحو التالی: (95)
- الباب الثانی – أعمال الصیانة الخاصة بالأبنیة المدرسة 210 ملیون جنیه.
- الباب الثانی – مدارس الفصل الواحد 4 ملیون جنیه.
- الباب الثانی – خامات التعلیم الفنی 5 ملیون جنیه.
- الباب الثانی – احتیاطی التغذیة 6.168 ملیون جنیه.
3- اللامرکزیة السیاسیة:
ویقصد بها نقل السلطات إلى الممثلین المنتخبین على المستوی المحلی للمشارکة فى صنع القرارات المتعلقة بالتعلیم على المستوی المدرسی بمعنی مشارکة رجال الأعمال، والقادة السیاسیین، وأعضاء المجالس الشعبیة المحلیة، وأعضاء مجالس الأمناء، وبعض الشخصیات العامة ذات الخبرات فى إدارة العملیة التعلیمیة فى المدرسة وبالتالی یقترب متخذ القرار من موقع التنفیذ فى المدرسة، وتتحقق الاستفادة من خبرات أعضاء المجتمع المحلی فى صنع القرارات المناسبة وتحمل المسئولیة من اجل الارتقاء بأداء المدرسة، وتعد المجالس الشعبیة المحلیة، ومجالس الأمناء مثالاً للامرکزیة السیاسیة فى مصر.
یتبین مما سبق إن إستراتیجیة الإدارة الذاتیة للمدرسة تعتمد على قدر کبیر من الاستقلالیة فى إدارة شئونها من الجوانب السیاسة، والإداریة والمالیة بهدف نقل السلطات والصلاحیات إلى جمیع أطراف العملیة التعلیمیة لمساعدة المدرسة على أن تصبح وحدة أساسیة للتحسین والتطویر، وکیان فاعل فى الاقتصاد القومی، وانه فى ظل هذه الاستقلالیة تتمیز المدرسة بعدة خصائص مثل: المرونة، والسلطة الذاتیة، والتنظیم، والاستثمار الأمثل للموارد، والتمویل الذاتی، والتماسک الداخلی، والتصرف بحریة تامة فى کافة أمورها الإداریة والتمویلیة ومع درجة الاستقلالیة التى تتمتع بها المدرسة المستقلة ذاتیاً. إلا أن هذه المدارس یحکمها نظام دقیق وشامل ومتکامل من المحاسبة للعاملین فى المدرسة ومحاسبتها أمام السلطات التعلیمیة العلیا والمجتمع المحلی.
وتهدف المحاسبیة إلى مساعدة المدرسة على إدارة الأداء بکفاءة وفعالیة، وبتنمیة الإبداع والابتکار للعاملین فیها، ویعد المجتمع المحلی والمستویات الإداریة العلیا للتعلیم هى المسئولة عن الرقابة والمحاسبیة، وبالتالی فالمدرسة المستقلة ذاتیا تشارک فى صنع القرار، کما أن التقویم الذاتی یعد وظیفة مفتاحیه لتحسین أداء المدرسة وتحقیق شراکة مجتمعیة فاعلة ،فالمحاسبیة والتقویم الذاتی من أبرز حقائق المدرسة المستقلة ذاتیاً (96) ، وأیا کانت درجة الاستقلالیة التى تمنح للمدرسة فإنها تمثل مناخاً فاعلاً لتحقیق أهداف المدرسة المنتجة.
أشکال الاستقلال الذاتى للمدرسة:
تتعدد أشکال الاستقلال الذاتى للمدرسة من حیث درجة سلطة صنع واتخاذ القرار التربوی على مستوی المدرسة، وفى ضوء درجة الاستقلالیة لهذه الأشکال من حیث ( القوة، والاعتدال، والضعف) تتحدد فعالیة الاستقلال الذاتی للمدرسة، وتختلف هذه الفعالیة من مجتمع إلى آخر، حیث تصبح الإدارة الذاتیة للمدرسة قویة فى بلدها، معتدلة فى بلد آخر، وضعیفة فى بلد ثالث. ولهذا فان فلسفة المدرسة المنتجة کمدخل إصلاحی للتعلیم یتطلب نمطاً قویاً من فعالیة الاستقلال الذاتی للمدرسة تتسع فیه نقل السلطات والمسئولیات لتشمل أکثر من شکل لأنشطة الإدارة المدرسیة لکی تتمکن من تنفیذ المشروعات المنتجة (الإنتاجیة، والتسویقیة، والخدمیة، والبرمجیات)، ومضاعفة القدرة التنافسیة للمدرسة وإکساب الطلاب المهارات التى یتطلبها سوق العمل. وتشیر دراسة البنک الدولی حول تجارب الدول التى طبقت أشکال الاستقلال الذاتی للمدرسة، أن تقل السلطات من الإدارة العلیا إلى الإدارة المدرسیة یتم فى واحد أو أکثر من المسئولیات الإداریة التالیة:(97)
1- توزیع المیزانیة.
2- تعیین العاملین بالمدرسة (المدیرین، والمعلمین، والموظفین).
3- تطویر المناهج وطرق التدریس.
4- تدبیر الکتب الدراسیة والمواد التعلیمیة.
5- تحسین البنیة التحتیة.
6- تقویم ومتابعة أداء المعلمین ومخرجات التعلیم.
7- وضع خطة تحسین المدرسة.
فعلى سبیل المثال تعد المدرسة المستقلة ذاتیاً فى نیکاراجوا من أکثر المدارس التى منحت سلطات واسعة على مستوی العالم فى إدارة میزانیة المدرسة، وتحدید الرسوم التطوعیة، وفرض رسوم إضافیة لرفع دخول المعلمین، وفصل وتعیین المعلمین والمدیرین مما ساعد على تحسین أداء المتعلمین. کما منحت المدارس أیضاً سلطة تغییر المناهج الدراسیة، واختیار الکتب الدراسیة بشرط موافقة الوزارة، ومن الدول التى تمیزت بصلاحیات أکثر فى أشکال الاستقلال المدرسی، الولایات المتحدة الأمریکیة، وکندا، واسترالیا، ونیوزیلندا.
کذلک یتنوع نمط التمکین من صنع القرار فى المدارس المستقلة ذاتیاً حتى فى البلد الواحد، ففى الولایات المتحدة الأمریکیة، تتمتع المدرسة المستقلة ذاتیاً فى ولایة کنتاکی بسلطة مطلقة فى صنع القرارات المتعلقة بمیزانیة المدرسة، ورواتب العاملین بالمدرسة، بالإضافة إلى تطویر المناهج الدراسیة، أما فى ولایة جورجیا فتتمتع المدرسة المستقلة ذاتیاً بسلطة النصح وتقدیم التوصیات المتعلقة بسیاسة المدرسة، وأن سلطات المدرسة، وأعضاء المجتمع، المحلی هى سلطة استشاریة تقدم التوصیات التى من شانها ترتقی بأداء المدرسة، وفى شیکاغو یمنح مجلس إدارة المدرسة حق تعیین وفصل المدیرین والمعلمین، واختیار محتوی المنهج الدراسی، وتحدید الجداول الدراسیة، وتتمتع باستقلالیة تامة فى توزیع بنود المیزانیة وتحدید أوجه الاتفاق. (98)
وفى استرالیا منحت مجالس المدرسة المستقلة ذاتیا والمجتمع المحلی صلاحیات قانونیة فى الجوانب المالیة، والإمکانات المدرسیة، وتعیین مدیر المدرسة، والهیئة التدریسیة، وإدارة میزانیة المدرسة بحریة تامة. وهذا یعنی أن الارتقاء وتفعیل الاستقلال الذاتی للمدرسة یؤکد على التوسع فى تطبیق أشکال الاستقلال، کالاستقلال الإداری، والمالی، والسیاسی، والأکادیمی، وتمکن المدرسة ومجتمعها المحلی من زیادة کفاءتها، وإنتاجیتها، وتجوید مخرجاتها وتحقیق دورها التربوی فى دعم الاقتصاد القومی. فالاستقلال الذاتی للمدرسة الذی یرتقی بفعالیة المدرسة المنتجة یتطلب مشارکة جمیع أطراف العملیة التعلیمیة والمجتمع المحلی فى إدارة المدرسة وفقاً لظروف کل مدرسة، وأن تحقق درجة الاستقلال الذاتی للمدرسة المقومات التالیة:
- التوظیف الأمثل للموارد المادیة والبشریة للمدرسة بصیغة الإدارة الذاتیة للمدرسة.
- التمکین من فعالیة المدرسة فى إطار لا مرکزی.
- التوسع فى أشکال الاستقلال الذاتی لیشمل الاستقلال المالی، والإداری، والأکادیمی، والسیاسی.
- التوسع فى المسئولیات والأدوار المحددة والداعمة للاستقلال الذاتی لجمیع المستویات الإداریة.
- تدعیم آلیات المساءلة والمحاسبیة على المستوی الأفقی والرأسی .
هذه المقومات تمثل جوهر المناخ التنظیمی للبیئة الفعالة والتى تتطلبها المدرسة المنتجة، وعندما یتاح للمدارس المستقلة ذاتیا صلاحیات توجیه الموارد المالیة والبشریة، والمشارکة فى توجیها والمساءلة من جانب المستفیدین من الخدمات التعلیمیة، وتعیین واستبعاد المعلمین، فان هذه المدارس تقترب من نموذج المدرسة المنتجة، وذلک یمکن اعتبارها مدارس خاصة بتمویل حکومی.
متطلبات تفعیل الإدارة الذاتیة للمدرسة:
لکى تصبح المدرسة وحدة تنظیمیة مستقلة ذاتیاً فى إطار نظم الرقابة والمحاسبیة ، وعلى اعبتار أن هناک جهوداً بذلت من وزارة التربیة والتعلیم لتطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فى بعض المدارس ، فإن التنظیم الإدارى للمدرسة المستقلة ذاتیاً یتطلب الآتى:-
- تحدید رؤیة ورسالة وإستراتیجیة واضحة المعالم للمدرسة حیث تقوم المدرسة بصیاغة وثیقة واضحة ومعلنة عنه لرؤیة ورسالة المدرسة بمارکة الأطراف المعنیة بالمدرسة (المدیر، المعلمین، العاملین، الطلاب، أولیاء الأمور) وأعضاء المجتمع المحلی ویجب أن تؤکد الرؤیة والرسالة على الهدف من منح الصلاحیات والمشارکة فى اتخاذ القرار لتعزیز جودة الأداء وتحسین إنتاجیة المدرسة. (99)
- إعادة هیکلة الإدارة المدرسیة، بمعنی أن یتم إعادة هیکلة الإدارة المدرسیة، والبعد عن الهیکل التنظیمی الهرمی التقلیدی، وتبنی إستراتیجیة صنع القرار التشارکی على مستوی المدرسة، لتحقیق بیئة مدرسیة أکثر فعالیة واستجابة لتطویر وإصلاح المدرسة وزیادة إنتاجیتها فى إطار معاییر جودة التعلیم. کما أن إعادة الهیکلة یتضمن تعزیز بعض الصلاحیات فى مجال المناهج الدراسیة، والأنشطة التربویة وکیفیة الصرف لمیزانیة المدرسة، ومواجهة مشکلات المدرسة فى ارتباطها بالمجتمع المحلی.(100)
- توفیر إطار تشریعی سیاسی یحقق الاستقلال الذاتی للمدرسة، وهنا ینبغی أن یتم إصدار القرارات والقوانین والتشریعات لتوفیر مناخ تنظیمی فاعل للاستقلال الذاتی لمبدأ توزیع سلطة صنع القرار والصلاحیات والمسئولیات والمهام، وإعادة توزیع الأدوار والمسئولیات على جمیع المستویات الإداریة بدءاً من المستوی المرکزی (الوزارة) إلى المستوی المحلی (المدرسة) بحیث یتم تقصیر الطریق لتحقیق استقلالیة صنع القرارات المدرسیة، وتصبح المحافظات هى المسئول الأول عن مخرجات هذه المدارس من خلال مجالس الأمناء، وأجهزة للرقابة والمحاسبیة ویتم کل ذلک فى إطار قانونی یتضمنه الدستور وتوجهه السیاسة التعلیمیة التى تصنعها الوزارة بمعنی آخر أن یکون هناک التزام سیاسی بتطبیق اللامرکزیة فى التعلیم من جمیع الجوانب السیاسیة، والإداریة، والمالیة، والأکادیمیة بما یتوافق مع المستوی المدرس فى علاقته بالمستویات الإداریة العلیا، والمجتمع المحلی.
- التحدید الدقیق لحدود المشارکة فى صنع القرار التربوی، حیث یتم تحدید دقیق لحدود المشارکة فى صنع القرار التربوی بین المستویات الإداریة بدءاً من الوزارة إلى المدرسة بما یحقق درجة ما من الاستقلالیة للمستوی الإداری یترتب علیه تطور أداؤه بما یتوافق مع احتیاجات المجتمع المحیط، والسیاسة التربویة العامة للدولة، فدرجة المشارکة فى صنع القرار التربوی على مستوی المدرسة یتمثل فى حجم الصلاحیات الممنوحة للمستوی الإداری المحلی (المدرسة)، والإقلیمی (المدیریة، والإدارة)، والمرکزی (الوزارة)، کما أن حدود هذه الصلاحیات یتحدد فى الإطار التشریعی وفقاً لنظام الحکم الذی تتبناه الدولة وقد أشار (Cheng) إلى أن اللامرکزیة الحقیقیة فى التعلیم یتوقف على تطبیقها فى المستوی الإداری المدرسی بدرجة کبیرة، وأوضح أن درجة اللامرکزیة تتمثل فى المشارکة فى صنع القرار فى تحدید رسالة المدرسة، وتحدید الأنشطة التربویة، واختیار القیادات المدرسیة، وتحدید خیارات النظام الإداری، وتوظیف الموارد المتاحة واستثمارها، والشراکة الفاعلة مع المجتمع المحلی ومشارکة أولیاء الأمور(101)، بمعنی أن حدود المشارکة فى صنع القرار من أطراف العملیة التعلیمیة وأعضاء المجتمع المحلی یحدد المناخ الملائم للاستقلال الذاتی للمدرسة وهنا یجب أن تتضمن تشریعات السیاسة التعلیمیة حدود المشارکة فى صنع القرار بین المدارس والسلطة المرکزیة.
- توفیر الموارد البشریة وتنمیتها مهنیاً، حیث یتم توفیر الکوادر والقیادات التربویة المتمیزة فى ضوء التوصیف المهنی للوظائف الجدیدة للمدرسة المستقلة، ومراجعة نظم الاختیار والتعیین والترقیة لشغل الوظائف الإداریة، ومراعاة العوامل البیئیة والدیموجرافیة فى المحافظات بحیث تتم الاستفادة من موارد البیئة المحلیة، هذا بالإضافة إلى ضرورة توفیر برامج التنمیة المهنیة لأطراف العملیة التعلیمیة على مستوی المدرسة وفق خطة تحسین محددة من اجل إعادة تأهیل هذه العناصر لتحقیق الاستقلال الإداری للمدرسة.
- التخطیط لشراکة فعالة بین المدرسة والمجتمع المحلی، ویتطلب ذلک التأکید على مشارکة المجتمع المحلی فى قیادة العملیة التعلیمیة فى توجهات السیاسة التعلیمیة للدولة، والمشارکة المجتمعیة تعنی تعظیم المدخلات المجتمعیة بکافة أشکالها من المجتمع المحلی بما یساعد على رفع کفاءة عمل المدرسة، وتحسین مخرجاتها، فهى آلیة تقدم للمدرسة لتحقیق هدفین أساسیین(102)، الهدف الأول، المساهمة فى تحسین مخرجات المدرسة، والهدف الثانی المساهمة فى بناء رأس المال الاجتماعی للمجتمع المحلی، وقد أوضحت نتائج الدراسات أن المشارکة المجتمعیة تقدم خیارات أکثر ملائمة للمدرسة بالإضافة إلى أنها آلیة للرقابة والمحاسبة باعتبارها احد المستفیدین من الخدمة التعلیمیة(103) هذا یؤکد أن التخطیط الدقیق لشراکة فعالة من جانب المجتمع المحلی للمدرسة یضمن تحقیق الاستقلال الذاتی للمدرسة والتخطیط الفعال یعنی التحدید الدقیق لمعرفة حاجات المجتمع المحلیوأولویاته التعلیمیة، وأبعاده التنمویة، وتوجیه البرامج الدراسیة والأنشطة التربویة لتلبیة حاجات المجتمع المحلی، وتتجدد علاقة الشراکة المجتمعیة بالمدرسة على أساس التفاوض والتعاقد المسبق بینهما على شکل خدمات تؤدیها المدرسة للمجتمع المحلی، أو تمویل تجهیزات وبنیة تحتیة، أو تمویل مشروعات من قبل المجتمع المحلی وتعد مجالس الأمناء بوابة الشراکة المجتمعیة للمدرسة المستقلة ذاتیاً.
- تعزیز مبدأ الرقابة والمحاسبیة وتنوع آلیات التقییم، یعد مبدأ الرقابة والمحاسبیة أحد العناصر الأساسیة التى تقوم علیها اللامرکزیة فى التعلیم، وهى تمثل أساس قانونی وتشریعی للعلاقة الارتباطیة بین المدرسة والسلطة المرکزیة بمستویاتها المختلفة وإن الهدف من رقابة ومحاسبة الإدارة التربویة على المستوی المحلی (المدرسة) هو تقدیم المساعدات الفنیة للإدارة المحلیة، وتسهیل تدفق المعلومات، وضمان لتحسین الأداء وفق الاستراتیجیات والصلاحیات والمسئولیات المحددة من قبل الوزارة. (104)
وهذا یعنی أن سلطة الرقابة والمحاسبیة استثناء فى النظام اللامرکزی، ومطلقة فى النظام المرکزی، هذا بالإضافة إلى أن مسار الرقابة والمحاسبة فى النظام المرکزی أطول منه فى النظام اللامرکزی. والمحاسبیة تجعل المدرسة المستقلة ذاتیا مسئولة رأسیاً أمام سلطات التعلیم المرکزی عن تحقیق السیاسات والخطط والأهداف القومیة، ومسئولة أفقیاً أمام المستفیدین وأعضاء المجتمع المحلی عن التنفیذ الآمن لتلک السیاسات آخذة فى الاعتبار الاحتیاجات المحلیة. (105)
وتشیر دراسة البنک الدولی إلى أن المحاسبیة تتضمن أربعة أبعاد هى: (106)
- الصوت (Vice) ویتمثل فى مدی قدرة المواطنین على محاسبة صناع السیاسة التعلیمیة.
- المیثاق (Compact) ویتمثل فى مدی وضوح نقل مسئولیات وأهداف التعلیم.
- الإدارة (Management) وتتمثل فى مقدمی الخدمة فى الخط الأمامی.
- العمیل (Chientpower) ویتمثل فى مدی إمکانیة المواطنین کعملاء فى محاسبة المدارس وإن الاستقلال المدرسی یتضمن الأشکال الأربعة من المحاسبیة.
کما تستند فلسفة الاستقلال الذاتی للمدرسة على التقویم الذاتی بجوار المساءلة والمحاسبیة، فالتقویم الذاتی للمدرسة المستقلة ذاتیا محوراً جوهریاً لتحقیق الاستقلال الذاتی بمعنی المعرفة بمنظومة العمل بالمدرسة من حیث قیمتها، وأنشطتها، وبنیتها التنظیمیة، ورؤیتها، ورسالتها، وعلاقتها بالمجتمع المحلی وذلک بهدف تشخیص واقعها وقیاس درجة أدائها.فالتقییم الذاتی للمدرسة سلطة تسعی لها، ولیست سلطة تخضع لها(107) ، وتتم عملیة التقویم الذاتی من خلال فریق عمل منظم یضم ممثلین جمیع عناصر العملیة التعلیمیة باستخدام أدوات مقننة سلفاً لجمع المعلومات والبیانات لتشخیص جوانب القوة والضعف ووضع خطة التحسین والتطویر للمدرسة، ویعد تنوع آلیات التقویم یساعد على تحقیق القیمة المضافة لتقویم الأداء المدرسی التى تعد المؤشر الحقیقی لکفاءة وفعالیة المدرسة.
من هنا کانت أهمیة توفیر المساءلة والمحاسبیة والتقییم الذاتی لتحقیق أهداف المدرسة المستقلة ذاتیاً.
الإطار التشریعی لتطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة فى مصر:
أدرکت القیادة السیاسیة فى مصر أهمیة تطبیق اللامرکزیة فى العملیة التعلیمیة کمدخل إصلاحی للتعلیم، والتوسع فى نقل الصلاحیات من مستویات اتخاذ القرار المرکزیة إلى مستویات تقدیم الخدمة (على مستوی الإدارة المدرسیة) للارتقاء بجودة العملیة التعلیمیة. فخطت وزارة التربیة والتعلیم خطوات جادة وملموسة على طریق اللامرکزیة التعلیمیة، وتجسدت أولی خطوات الإدارة الذاتیة للمدرسة فى توجهات الخطة الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی فى مصر (2007/2008 – 2011/2012)، حیث تضمنت الإستراتیجیة اثنی عشر برنامجاً لإصلاح وتطویر التعلیم فى مصر، وتبنت برنامجاً للإصلاح والتطویر هو التأصیل المؤسسی للامرکزیة.(108)
ومن الجهود التشریعیة لإصلاح وتطویر التعلیم فى إطار التوسع فى تطبیق اللامرکزیة، صدر القرار الوزاری رقم (334) لسنة 2006م بشان تطویر ادوار مسئولیات مجالس الأمناء فى المدارس، والآباء والمعلمین، وإنشاء مجلس أعلى للتعلیم فى کل محافظة لمتابعة إدارة العملیة التعلیمیة والتخطیط لها محلیاً، وتفعیل الجهود الشعبیة لدعم التعلیم ذاتیاً وتعمیق التوجه نحو الدیموقراطیة، ودعم الشعور بالملکیة وإرساء مبادئ المساءلة والمسئولیة على المستوی المحلی.
وبدأ التطبیق اللامرکزی على المستوی المدرسی کأحد السیاسات الرئیسیة للدولة فى محافظة الإسکندریة کنموذج لتطبیق اللامرکزیة (الإصلاح المتمرکز حول المدرسة)، بهدف تأهیل المدرسة لکی تصبح قادرة ذاتیاً ومهنیاً على تحمل المسئولیة والمساءلة، وتمکین المدرسة من تطویر أدائها وفقاً للمعاییر القومیة لجودة التعلیم، وذلک من خلال إصدار مجموعة من القرارات الوزاریة التى ترتبط بمهام مجالس الأمناء والاتحادات الطلابیة والتى بموجبها منحت المدرسة صلاحیات إداریة ومالیة واسعة، وکان لهذه التجربة نتائج ایجابیة على ارض الواقع. (109) وتوسعت الوزارة فى التطبیق التجریبی الاسترشادی للامرکزیة، حیث تم تطبیق التجربة فى محافظات: الإسماعیلیة، الفیوم والأقصر فى عام 2008/2009م، ووضعت خطة للتوسع فى دعم اللامرکزیة فى مدارس التعلیم قبل الجامعی فى محافظات: القاهرة، والفیوم، وبنی سویف، والمنیا، وقنا، والأقصر، وأسوان.
وفى ضوء التوجه نحو اللامرکزیة صدر القرار الوزاری رقم (262) لسنة 2003م بإعادة هیکلة الإدارة المدرسیة وتحدید معدلات ومستویات وظائفها بالمراحل التعلیمیة المختلفة، ثم صدر القرار الوزارى رقم (250) لسنة 2005م، لتحدید اختصاصات وأدوار ومهام لکل عضو من أعضاء الجهاز الإداری بالمدرسة وتضمن هذا القرار زیادة فاعلیة المدرسة أمام المستویات الإداریة الأعلی، والمجتمع المحلی والعاملین بالمدرسة، وخلق مناخ یشعر فیه کل أطراف العملیة التعلیمیة بالمدرسة بأنهم شرکاء فى المسئولیة، وزیادة صلاحیات القیادة المدرسیة، وزیادة تفویض سلطة المحافظ فى اتخاذ القرارات، وتعزیز المشارکة المجتمعیة من خلال مجالس الأمناء والآباء، والمعلمین حیث شکل بکل مدرسة مجلس للأمناء والآباء والمعلمین یتکون من ثلاثة عشر عضواً، وتفوض الإدارة المدرسیة، ومجلس الأمناء فى حریة التصرف فى کافة الحسابات الموجودة بالمدرسة بدون الحصول على موافقات من جهات إداریة علیا فى إطار من المحاسبیة والمساءلة. (110)
هذا بالإضافة إلى القرار الوزاری لتحدید الاختصاصات والمهام ألزم المدرسة باستخدام التخطیط الاستراتیجی کأحد الآلیات الضروریة للاستقلال الذاتی للمدرسة، حیث تقوم المدرسة بتحدید رؤیتها ورسالتها وأهدافها الإستراتیجیة المستقبلیة وتوفر المعلومات الدقیقة الخاصة بالتحلیل البیئی للمدرسة من حیث نقاط القوة، والضعف، والفرص، والتهدیدات، والوعی بالموارد المادیة والبشریة المتاحة فى المدرسة، ووضع خطة تحسین للمدرسة وإعداد مشروع میزانیة المدرسة لتحقیق خطتها السنویة ، هذا یعنى أن القرارات الوزاریة التى ترتبط بالتوجه نحو تطبیق اللامرکزیة أکدت على التنمیة المهنیة المستدامة على مستوی المدرسة من خلال أسالیب حدیثة، کما تم التأکید على وجوب قیام جهات الاختصاص المحلیة بممارسة مسئولیاتها واختصاصاتها وفقاً للقواعد القانونیة والقرارات الوزاریة فى هذا الشأن، وتم تنفیذ برامج تدریبیة للقیادات التعلیمیة لممارسة المسئولیات واتخاذ القرارات التى تتطلبها اللامرکزیة.
ومن الآلیات التى اتخذتها الوزارة لتفعیل اللامرکزیة تبنی سیاسة التأکید على دیموقراطیة الإدارة التربویة، حیث أصدرت الوزارة مجموعة قرارات لإنشاء عدد من المجالس لتوسیع دائرة مشارکة المجتمع المحلی فى قیادة العملیة التعلیمیة، والمساهمة فى صنع القرارات التعلیمیة، ومن هذه المجالس: مجالس الآباء والمعلمین – مجالس الأمناء – مجالس التعلیم على مستوی المحافظة – لجان التعلیم بالوحدات المحلیة – الإدارة العامة للجمعیات الأهلیة – الاتحادات الطلابیة – مشروعات الشراکة مع القطاع الخاص والهیئات والمؤسسات غیر الحکومیة.
وتوالت جهود الوزارة لتطبیق مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة، حیث تضمنت الخطة الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی (2007/2008 – 2011/2012) فى الفصل الثانی برنامج الإصلاح المتمرکز على المدرسة وإعدادها للاعتماد التربوی باعتبارها الوحدة الرئیسیة التى یتم فیها فعل التغییر والتطویر، ویقوم هذا البرنامج على المبادئ التالیة.(111)
- دعم الصلاحیات الإداریة والمالیة والأکادیمیة على مستوی المدرسة، حیث تتمکن المدرسة من إدارة عملیات التغییر والتطویر لتحسین الأداء والوصول إلى نواتج تعلیمیة عالیة الجودة.
- ضرورة تحقیق مشارکة فعالة بین الحکومة والمجتمع المحلی.
- دعم مهنیة المعلم ومکانته التربویة.
- دعم المدرسة ومجتمعها المحلی من ممارسة الإدارة المتمرکزة على المدرسة.
- التأکید على أن المدرسة هى مؤسسة فرعیة ضمن منظومة التعلیم تؤثر فى القرار التربوی، وتتأثر بالتشریعات والتغییرات التی تصدرها الوزارة .
- بناء حوکمة رشیدة (good governance) تستند إلى المشارکة المجتمعیة الفعالة.
- اعتبار المدرسة وحدة للفعل والتطویر .
وتعاظم الاهتمام بالتوجه نحو تطبیق اللامرکزیة على مستوی المدرسة کمدخل إصلاحی بجوار مداخل الإصلاح الأخری بعد أن تبنت الوزارة الخطة الإستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعى ( 2014- 2030) حیث توالت خطوات ترسیخ اللامرکزیة من خلال التشریعات ، منها صلاحیة المدرسة فى استخدام الرسوم المدرسیة، وتطبیق معادلات التمویل، والتغذیة المدرسة، وعملیات الصیانة. وتضمنت الخطة الإستراتیجیة برنامج تطویر البنیة المؤسسیة فى إطار مرکزی / لا مرکزی یهدف إلى تطویر البنیة المؤسسیة لإدارة قطاع التعلیم قبل الجامعی من منظومة تقوم على توفیر المدخلات إلى منظومة تقوم على النتائج تعظم من الکفاءة فى استغلال الموارد والفاعلیة فى تحقیق العوائد فى إطار متوازن بین المرکزیة واللامرکزیة. حیث تؤکد الأهداف الإستراتیجیة للخطة على تدعیم الصلاحیات المالیة والإداریة للمدارس والمدیریات التعلیمیة فى تنفیذ السیاسات والخطط القومیة فرضتا بعینها على المستویات المحلیة فى إطار المساءلة والمحاسبیة، للأسس والإدارة التى تضمن الکفاءة فى استقلال الموارد، والفعالیة فى تحقیق النتائج . (112)
کما تضمنت توجهات الخطة الإستراتیجیة برنامجاً فرعیاً للإصلاح المتمرکز حول المدرسة یهدف إلى تطویر إدارة المؤسسة التعلیمیة فى إطار نظام تعلیمی یعمل بنظام مرکزی / لا مرکزی متوازن، ویدعم التنمیة المهنیة المستدامة، والحوکمة الرشیدة، والمحاسبیة لتوفیر بیئة تعلیمیة داعمة لتحقیق جودة التعلیم، وإعداد مواطناً مبدعاً ومبتکراً قادراً على المنافسة فى مجتمع المعرفة، وتحددت الأهداف الإستراتیجیة لبرنامج الإصلاح المتمرکز حول المدرسة فى دعم قدرات المؤسسات التعلیمیة على الإدارة الذاتیة والشفافیة والمحاسبیة فى إطار مرکزی / لا مرکزی، وتفعیل المشارکة بین المدرسة، والمجتمع المحلی .
یتبین لنا مما سبق حرص السیاسة التعلیمیة فى مصر على التوسع فى الإصلاح المتمرکز على المدرسة (SBM) بإصدار التشریعات والقرارات الوزاریة وتضمینها للفظة الإستراتیجیة القومیة لتطویر التعلیم بهدف التوسع فى منح المزید من الصلاحیات والمسئولیات التى تمکن المدرسة من أن تدیر شئونها المالیة والإداریة والأکادیمیة بذاتها فى إطار المساءلة والمحاسبیة الأفقیة والراسیة.
وهذه الخطوات الملموسة تتشابه مع التشریعات التى اتخذتها بعض الدول مثل، نیوزیلندا، وکندا، والولایات المتحدة الأمریکیة، وفرنسا، والیابان، إلا أن الملاحظ فى خبرات هذه الدول تفاوت الصلاحیات المنوحة لتحقیق الاستقلال الذاتی الکامل للمدرسة فى إطار لا مرکزیة التعلیم.
ومع ذلک یتبین من جمیع خبرات هذه الدول أنها تؤکد على إحلال المسئولیة والرقابة على مخرجات المدرسة والتعلیم بصفة عامة وهذه المنظومة الإداریة تعد مناخاً فعالاً لتحقیق فلسفة المدرسة المنتجة.
معوقات تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة:
على الرغم من الخطوات والجهود الملموسة التى تعکسها خبرات الدول والتوجهات العالمیة بشان تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة، وکذلک الجهود والتوجهات التى اتخذتها السیاسة التعلیمیة فى مصر بشان التوسع فى تطبیق اللامرکزیة فى التعلیم، إلا أن هناک بعض التحدیات التى تواجه تطبیق عملیة الاستقلال الذاتی للمدرسة بشان أمورها الإداریة، نشیر إلى أهمها فیما یلی:
- الافتقار إلى إستراتیجیة واضحة المعالم من قبل السلطة المرکزیة (الوزارة) لتقبل السلطة والصلاحیات والتفویض من الإدارة المرکزیة (الوزارة) إلى الإدارة اللامرکزیة على المستوی المحلی (المدرسة) باستثناء بعض التوجیهات التى صدرت عن الوزارة بشان اللامرکزیة المالیة، والإداریة، والمالیة فى شکل تدریبات لبعض المعنیین.
- ضعف قناعة المسئولین بجدوی وفعالیة تطبیق الاستقلال الذاتی للمدرسة فى إطار المتغیرات التى یعیشها مجتمعنا المصری وبصفة خاصة الاقتصادیة والثقافیة.
- افتقار معظم المدارس إلى الرؤیة والرسالة والتقویم الذاتی وعدم توافر خطة إستراتیجیة لتطویر المدرسة ویتبین ذلک من مؤشرات تقدم المدارس للاعتماد.
- محدودیة التمویل واعتمادها على التمویل الحکومی، وضعف المشارکة المجتمعیة فى توفیر مصادر أخری لدعم القدرة المؤسسیة للمدرسة.
- ضعف التنمیة المهنیة للقائمین بمنظومة العمل الإداری فى المدرسة بسبب نقص تمویل برامج التدریب للعاملین بالمدرسة مما یترتب علیه نقص المهارات اللازمة لضمان تطبیق فلسفة الاستقلال الذاتی فى معظم المدارس.
- ضعف التشریعات والقوانین اللازمة لنقل السلطة والصلاحیات إلى القائمین بإدارة المدرسة حیث تتطلب المدرسة المستقلة ذاتیاً بعض الصلاحیات المطلقة لمدیری المدارس، والمرونة اللازمة لتحقیق الاستقلال الحقیقی للمدرسة.
- ضعف المساءلة والمحاسبة وغیاب الشفافیة فى تنفیذ المشروعات وتخصیص الموارد، ودقة التقویم فى إطار معاییر الأداء الجید، ومتطلبات المنافسة المحلیة والعالمیة.
- ضعف تدفق المعلومات التى توضح الأدوار والمسئولیات ونقل السلطة موضع التفویض والصلاحیات فى منظومة العمل الإداری على مستوی المدرسة، وحضور الدعم والتوجیه الفنی لهذه المعلومات.
- الافتقار إلى آلیات فعالة للمشارکة المجتمعیة مما یجعلها بعیدة عن تحقیق أهدافها التى تتمثل فى المحاسبیة، والإسهام فى دعم الدور التنموی للمدرسة.
یتبین لنا مما سبق أن حیثیة المدرسة المستقلة ذاتیاً تهدف فى النهایة إلى تحسین جودة التعلیم وجعل منظومة العمل الإداری فى المدرسة أکثر کفاءة وفعالیة نتیجة لتوظیف الموارد المادیة والبشریة، بطریقة أفضل، وتمکن المدیرین والمعلمین والآباء والطلاب من صنع القرارات التعلیمیة بطریقة دیمقراطیة فى ضوء الاحتیاجات المحلیة، وتعد الإدارة الذاتیة للمدارس مدخلاً فاعلاً لإصلاح التعلیم سواء فى الدول النامیة أو المتقدمة.
خبرات بعض الدول التى تطبق الإدارة الذاتیة فى المدرسة
1- خبرة الولایات المتحدة الأمریکیة:
تتبنی الولایات المتحدة منذ ستینات القرن العشرین إستراتیجیة فعالة لتطویر مدارسها حیث تعتبر أن استقلالیة المدرسة وقدرتها على إدارة نفسها ذاتیا هى بمثابة إصلاح عام للتعلیم بکافة أوجهه وإن الأفراد الذین لدیهم القدرة على صنع القرارات المصیریة والتى تساهم فى تطویر التعلیم هم الأکثر قربا للطلاب والأکثر ملامسةً للواقع ویجب أن یمتلکوا سلطة اتخاذ القرار فى شئون التعلیم المختلفة داخل المدرسة ذاتها.
وتعد إدارة التعلیم فى الولایات المتحدة الأمریکیة مثالا حیاً للإدارة اللامرکزیة فى التعلیم فمسئولیة التعلیم من اختصاص حکومة کل ولایة على حدة حیث یؤمن الامریکیون بان الدیمقراطیة تعنی تفویض السلطات، ولقد سارت الولایات المختلفة شوطا طویلا فى تفویض مسئولیات التعلیم إلى الهیئات والمجالس المحلیة، فإدارة التعلیم فى الولایات المتحدة الأمریکیة بذلک تعکس مفهوم الرقابة الشعبیة على التعلیم وتحقق اللامرکزیة التى یتمتع بها نظام التعلیم الأمریکی.(113) وبذلک تختص کل ولایة برسم السیاسة التعلیمیة الخاصة بها وإصدار القوانین والتشریعات، وتحدید الاعتمادات المالیة اللازمة للإنفاق وتوفیر الخدمات التعلیمیة وتتولی هیئات التعلیم وأقسامه التابعة لکل ولایة وضع المناهج وإعداد المعلمین وتعینهم ومن ثم توجیه التعلیم والإشراف علیه.
وفى ظل هذا التفویض للسلطات والمسئولیات أعیدت هیکلة إدارة التعلیم وأصبحت المدرسة مستقلة وهو ما یطلق علیه الإدارة الذاتیة للمدرسة (School Based Management) (SBM) والتى تعد احد أشکال اللامرکزیة والتى تحول سلطة صنع واتخاذ القرار من الإدارة المرکزیة إلى المدرسة، وهدفت الولایات المتحدة الأمریکیة من تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة رفع کفاءة مهنة التدریس ومهارات المتعلمین وتحسین مکانة المعلمین والارتقاء والنهوض بالمدرسة . (114)
ومن المعلوم أن التوجه نحو الإدارة الذاتیة للمدرسة یصبح فعال إذا ارتفع مستوی مشارکة الأفراد العاملین من داخل وخارج المدرسة فى إدارتها لما لهذه المشارکة من فوائد عدیدة للمدرسة والعملیة التعلیمیة بکل جوانبها حیث تمکنها من صنع القرارات التربویة التى تلبی حاجات المجتمع المحلی وتخدمه ومن ثم تسهل من الاستثمار الفعال للمواد المحدودة المتاحة للمدرسة، کما تسمح بزیادة مدی التوقعات المستقبلیة فى عملیة صنع القرار المدرسی، وبذلک تستفید من قدرات وطاقات جمیع العاملین بالمدرسة وتساعدهم على التمکین، فیساعدهم ذلک على إدخال التجدیدات إلى مدارسهم وتطویرها فیرتفع مستوی الأداء المدرسی ومن ثم تحسین التعلیم وجودته ورفع کفاءة الطلاب ومهاراتهم. (115)
وبذلک یقع عبء تحسین العملیة التعلیمیة وتجوید مخرجات التعلیم على المدرسة بکل مکوناتها وإن تستطیع أن تکون مدرسة فعالة منتجة تلبی حاجات المجتمع بشرط أن تکیف برامجها وفقا لاحتاجات طلابها وقدراتهم واحتیاجات المجتمع المحیط وأن تضع معاییر واضحة یحققها طلابها وأن تتمتع بمستوی عال من الاستقلالیة الإداریة والمالیة، وأن تخضع للمسئولیة والمحاسبة المباشرة من قبل أولیاء الأمور والمجتمع المحیط، وأن المدارس الناجحة فى تطبیق الإدارة الذاتیة هى التى تستطیع الحصول على موارد مالیة إضافیة من خلال مشارکتها فى النشاط الاستثماری فى مجتمع رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال المحلیة.
2- خبرة نیوزیلندا:
شرعت نیوزیلندا فى القضاء على مرکزیة السیطرة على نظام المدارس الحکومیة فى عام 1989م طبقا لخطة عرفت باسم "إصلاحات مدارس الغد" قام البرلمان بإلغاء إدارة التعلیم التى تولت الإشراف على مدارس الدولة لفترة طویلة وحولت السلطات الإداریة بالمدارس الابتدائیة والثانویة إلى مجالس أمناء یختارهم أو یشرف علیهم أولیاء أمور التلامیذ فى کل مدرسة. (116)
ویوجد بکل مدرسة مجلس للأمناء یتکون من مدیر المدرسة، وممثل عن هیئة العاملین بالمدرسة وممثل عن الطلاب وخمسة من أولیاء أمور الطلاب ولذلک أصبحت المدارس الحکومیة وحدات مستقلة بذاتها حیث یتولی مجلس الأمناء تسییر الأمور بالمدرسة بدایة من تعیین أعضاء هیئة التدریس وتنمیة قدراتهم المهنیة مرورا بالمیزانیة وصیانة الأبنیة وتقدیم الخدمات التعلیمیة وغیرها ویقتصر دور وزارة التعلیم على تقدیم الخطوط العریضة الإرشادیة الخاصة بالمناهج. (117)
وبذلک یتضح أن سیاسة الإصلاح التعلیمی والتوجه نحو اللامرکزیة فى مدارس نیوزیلندا وتمکن الآباء والمجتمع المحلی من الشراکة فى إدارة المدرسة من خلال مجالس الأمناء وکذلک تفویض السلطات للمدرسة أفضل السبل لرفع کفاءة المدرسة وجعلها أکثر استجابة وأکثر فعالیة وتسهل تحدید احتیاجات المجتمع المحلی ومن ثم تحدید نوع التعلیم المقدم وسبل التعلم والمرونة فى الإدارة تسمح للهیکل الإداری والمعلمین والعاملین فى المدرسة أن یکونوا مبدعین ومبتکرین ومفکرین بما یساهم فى تلبیة احتیاجات الطلاب ورغباتهم بتقدیم برامج فعالة ومفیدة ترفع کفاءة الطلاب ومهاراتهم.
وبناء على ذلک فان تطبیق الإدارة الذاتیة فى نیوزیلندا یمنح مدیری المدارس مزیدا من الصلاحیات فى الکثیر من المجالات وذلک یؤدی إلى رفع کفاءة النظام التعلیمی حیث اتخاذ القرارات المهمة الخاصة بالتمویل وتخصیص الموارد الخاصة بالبرامج التعلیمیة التى تقدم وتحدید السیاسات التى تؤثر على الطلاب وعلاقات المدرسة بالمجتمع المحلی واستخدام إمکانات المدرسة ومواردها المتاحة کل ذلک یجعل المدرسة فعالة ومنتجة . (118)
وفى ظل الإدارة الذاتیة للمدرسة فى نیوزیلندا أصبح من المهام الأساسیة لمجلس الأمناء إعداد میثاق خاص بکل مدرسة یصنع خطاً واضحاً للمحاسبیة بین مجالس الأمناء ووزیر التعلیم حیث أصبحت مجالس الأمناء تتحمل المسئولیة الإداریة أمام الوزیر فقط من خلال مکتب متابعة مستوی التعلیم بدلا من تعدد جهات التفتیش وذلک حقق تأثیرا ایجابیا على المدرسة الأمر الذی أدی إلى مزید من التطور فى العملیة التعلیمیة وادی إلى رفع کفاءة المدرسة. (119)
وفى ضوء ما سبق یمکن القول أن تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة فى نیوزیلندا أدی إلى تلبیة حاجات جمیع أفراد المجتمع المدرسی من طلاب ومعلمین وعاملین وأدی إلى تضاعف فرص تنمیة العدید من المهارات مما یؤدی إلى رفع کفاءة أداء جمیع الأفراد ویسهم فى تحسین جودة العملیة التعلیمیة بما ینعکس بالإیجاب على عملیتی التعلیم والتعلم وتصبح المدرسة فعالة ومنتجة.
3- خبرة کندا:
تتمتع کندا بنظام تعلیم قوی وفرید فى تطبیق نمط اللامرکزیة فى الإدارة التعلیمیة حیث تمتلک المجالس المدرسیة سلطات واسعة فى إدارة العملیة التعلیمیة فى المدارس ویشارک أولیاء الأمور وأصحاب المصالح التعلیمیة والمجتمع المحلی فى إدارة التعلیم بالمدرسة وساعد ذلک على تقویة الروابط بین البیت والمدرسة والمجتمع المحلی وهذا یعزز اتجاه الإدارة الذاتیة للمدرسة فى کندا حیث الرغبة فى رفع کفاءة المدارس وتدعیم فاعلیتها والارتقاء بجودة التعلیم وتحسینه.
لقد بدأت الحکومة الکندیة بتطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فى التعلیم منذ منتصف سبعینات القرن الماضی ومر ذلک بعدة خطوات وتغییر کثیر من اللوائح والتشریعات حیث عرف مدخل الإدارة الذاتیة فى بعض الولایات الکندیة بالمدرسة المرتکزة على الموازنة أو المیزانیة School – Based Budgetin وأن المدرسة هى وحدة صنع القرار، ولتدعیم المشارکة المجتمعیة المحلیة فى إدارة التعلیم ورفع کفاءة المدرسة یجب أن یشارک فى صنع واتخاذ القرارات التعلیمیة جمیع الأطراف المعنیة بالعملیة التعلیمیة وهم (إدارة المدرسة، المعلمین، الطلاب، أولیاء الأمور، أفراد من المجتمع المحلی والمهتمین بشئون التعلیم) وأن تعطی المجالس المحلیة حق التصرف فى المیزانیة المدرسیة وعملیات الإنفاق وإیجاد مصادر للتمویل والحق فى فرض ضرائب تعلیمیة بدلا من الاعتماد على المخصصات المالیة التى تأتی من حکومة الولایة. (120)
وتهدف الإدارة الذاتیة للمدارس الکندیة إلى دعم الحریة والاستقلالیة الإداریة وتوسیع نطاق الصلاحیات للمجالس المدرسیة وإعطاءها المرونة المالیة لاتخاذ القرارات وفقا لاحتیاجاتها المحلیة وقیامها بتولی نظم المحاسبیة والمساءلة فیما یتعلق بالأمور المالیة والأکادیمیة وإعطاءها التمویل اللازم وزیادة الموارد التى تساعد على التخطیط للتعلیم وتحسین برامجه وجودته والتقلیل من البیروقراطیة، وتمکین المجالس المدرسیة المحلیة من التوسع فى المشاریع الإنتاجیة بالمدرسة، وتوفیر المزید من الخیارات للبرامج التعلیمیة التى تتبعها المدرسة وأحداث تنمیة شاملة فى المناهج الدراسیة، مع منح المدارس الاستقلال الذاتی فى توزیع الموارد المالیة وتحدید میزانیة المدرسة وأوجه الصرف والإنفاق وإعداد برامج تنمویة تهدف لاستمراریة النمو المهنی للمعلمین ومن ثم تحقیق الفعالیة فى العملیة التعلیمیة والإدارة المدرسیة . (121)
ویتضح من ذلک أن اتخاذ القرارات فى المدرسة الکندیة یتم بصورة جماعیة تشارکیة من جانب أصحاب المصلحة الحقیقیین والمعنیین بشئون التعلیم وبذلک یتم تمکین المجتمع المحلی من الاشتراک فى صنع القرارات التعلیمیة بجانب إعطاء المزید من الحریة والمرونة فى الإدارة وبذلک تحقق المدرسة ذاتیة الإدارة أهدافها برفع کفاءتها وتحسین فعالیتها والارتقاء بمخرجاتها والتنمیة المهنیة المستمرة لرفع کفاءة المدیرین والمعلمین والعاملین بالمدرسة وبذلک تکون المدرسة وحدة إداریة مستقلة ذاتیة الإدارة، قادرة على تحقیق التعلیم المنتج وتخریج منتجات على قدر عالى من المهارة والکفاءة فى ظل المسائلة والتقویم الذاتی المستمر.
4- خبرة انجلترا:
على الرغم من اعتبار السلطات التعلیمیة المحلیة هى صاحبة العمل بالنسبة لکل العاملین فى المدرسة إلا أن تفویض السلطة لمجلس إدارة المدرسة جعلتها وحدة تنظیمیة قائمة بذاتها وأن هذا المجلس یضطلع بمسئولیات وسلطات واسعة تختص بشئون العاملین بالمدرسة من المعلمین والفنیین والعاملین وغیرهم وتولی دور هام فى صنع القرارات المتصلة بهذه الموارد البشریة والتى تمثل جانب هام من جوانب العملیة التعلیمیة بالمدرسة ویرتبط ذلک بمبدأ المسائلة والمحاسبیة على جمیع المدارس ذاتیة الإدارة أمام السلطات العلیا والمجتمع المحلی وأولیاء الأمور من خلال عدد من الآلیات منها التفتیش، والتقاریر السنویة الخاصة بأداء العاملین والمعلمین، أو بطاقات تقاریر الطلاب، ونشر السجلات الخاصة بانجازهم. (122)
ویتضح من ذلک أن المدارس ذاتیة الإدارة فى انجلترا تتمیز بأنها توفر المعلومات الصحیحة والدقیقة عن جمیع جوانب العملیة التعلیمیة مما یسهل مقارنة أداء هذه المدارس والتعرف على جوانب القوة ودعمها وتعزیزها، ومعالجة جوانب الضعف وتعدیلها ثم التقییم وتحسین مستوی الأداء ورفع کفاءة هذه المدارس فى ظل نظام المحاسبیة التعلیمیة لمراقبة الأداء وتحسین جودة التعلیم.
واتبعت انجلترا مجموعة من الإصلاحات لتحقیق مبدأ إدارة المدارس ذاتیا حیث منحت المدارس الحریة فى تنفیذ مشروعاتها المختلفة واختیار مقرراتها الدراسیة التى تلبی حاجات طلابها وحریة تعیین مدیریها والحرص على تنمیتهم المهنیة المستمرة واقتصرت مهمة السلطات المحلیة على التوجیه والتقییم فقط، وتقف وراء هذه الإصلاحات عدة دوافع تهدف إلى تحسین انجاز الطلاب ورفع کفاءتهم، وزیادة الإنتاجیة الاقتصادیة للتعلیم، ولذلک کان تفویض السلطة والمسئولیة للمدارس احد الاستراتیجیات الأساسیة فى تنفیذ السیاسة التعلیمیة بمنح المدارس المزید من الاستقلالیة والمرونة والحریة فى صنع القرارات مع مزید من المسائلة والمحاسبیة للمدارس من قبل أولیاء الأمور والمجتمع المحلی وأصحاب الأعمال. (123)
وبذلک یتضح أن تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فى مدارس انجلترا یحقق الکثیر من الأهداف الایجابیة لجمیع جوانب العملیة التعلیمیة وعلى رأسها تحسین جودة التعلیم ورفع الکفاءة الإنتاجیة لمخرجاته، وتحسین کفاءة استخدام الموارد فى الخدمة التعلیمیة والتخطیط السلیم لحسن استخدامها فى ظل مسائلة ومحاسبیة تعلیمیة حول استخدام هذه الموارد وتعاون المدارس مع المجتمع المحلی وأولیاء الأمور کل ذلک یحقق صالح العملیة التعلیمیة ورفع کفاءة المدرسة وزیادة فعالیتها.
5- خبرة استرالیا :
مما لاشک فیه أن تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة فى مدارس استرالیا کان له العدید من التأثیرات الایجابیة على التعلیم المدرسی تمثلت فى زیادة المساهمات المالیة التى تدعم التمویل المدرسی وکیفیة إدارة الموارد المالیة بمرونة وحریة ودعم التنمیة المهنیة والمعارف الإداریة الأساسیة لدی المعلمین والعاملین بالمدرسة والتى تمکنهم من الوصول لأفضل القرارات المتصلة بقضایا التمویل والمناهج الدراسیة، وتنمیة الوعی والمعرفة لدی أولیاء الأمور وتمکنهم ن التعاون مع مجتمع المدرسة والمشارکة فى صنع القرارات المتعلقة بالمدرسة والعملیة التعلیمیة ومن ثم تحسین الفعالیة المدرسیة ورفع کفاءة المخرجات التعلیمیة بما یحقق الأهداف التعلیمیة ویسهم فى الارتقاء بالإنتاجیة الاقتصادیة.(124)
وبذلک یتضح أن استرالیا تتمتع بالدیمقراطیة واللامرکزیة فى صنع القرارات التعلیمیة واتخاذها وأن إدارة المدرسة عملیة تعاونیة قائمة على الشراکة بین مجتمع المدرسة والمجتمع المحلی وأولیاء الأمور، ومجتمع المدرسة ممثل فى مجلس المدرسة وهو الفریق الإداری الذی یشارک فى صنع القرار ومن ثم رسم ملامح السیاسة التعلیمیة فى استرالیا ویتکون معظم أعضاءه من أولیاء الأمور ویسعی أیضا إلى العمل على زیادة مواردها وتنمیتها من خلال التواصل مع المجتمع المحلی والاستفادة من الاستشارات والمقترحات والتى تدعم الأنشطة الإنتاجیة والبرامج والمناهج الدراسیة التى تلبی احتیاجات المجتمع المحلی وتساهم فى زیادة تمویل الخدمات التعلیمیة المقدمة للمدرسة بما ینعکس بصورة ایجابیة على المدرسة ویحسن من کفاءتها ویجعلها مدرسة فعالة تحقق أهدافها.
6- خبرة هونج کونج :
ظلت إدارة المدارس فى هونج کونج حتى وقت قریب خاضعة للرقابة المرکزیة ولکن فى عام 1991م أصدرت شعبة تعلیم القوی العاملة وإدارة التعلیم (education and manpower branch and the education department) وثیقة رسمیة أطلق علیها مبادرة الإدارة المدرسیة school management initiative (SMI) . تهدف لوضع سیاسة جدیدة لإصلاح التعلیم خاصة فى الإدارة المدرسیة على أن تمنح المدرسة مزیدا من الاستقلال المالی والإداری ویتحدد أدوار المسئولین عن إدارة المدرسة بالتخطیط السلیم والمنسق للأنشطة الإنتاجیة والبرامج التعلیمیة وتقویمها والمرونة فى إتاحة الفرصة للمدرسة فى استخدام مواردها بکفاءة، ومنح الفرصة للمعلمین والعاملین والطلاب للمشارکة فى إدارة المدرسة وصنع القرارات والتأکید على التعاون والمشارکة مع أولیاء الأمور والمجتمع المحلی وأصحاب المؤسسات ورجال الأعمال کل ذلک یتم فى إطار عام من المسائلة والمحاسبیة بهدف تحسین جودة التعلیم فى المدارس وجعلها مدرسة فعالة تنتج مخرجات تعلیمیة ماهرة عالیة الکفاءة.(125)وبذلک أصبحت المدارس فى هونج کونج تدار ذاتیا وأکثر استقلالیة فى تحمل المسئولیة والصلاحیات الممنوحة لها فى اتخاذ القرارات وأکثر مرونة وحریة فى إدارة مواردها تحت رقابة ومسائلة لتقییم الأداء المدرسی.
ولمزید من المرونة لتعزیز قدرة المدارس على الاستقلالیة فى إدارة الجانب المالی قامت حکومة هونج کونج فى عام 2000/2001م برصد منحة للمدارس لدعمها فى تعیین معلمین إضافیین لتخفیف عبء العمل عن المعلمین وللمساعدة على إنجاز الأنشطة الإنتاجیة والتعلیمیة وتصمیم مناهج تلبی احتیاجات الطلاب والمجتمع المحلی وتحسین کفاءة اللغة لدی الطلاب ثم تعدیل إجراء المناقصات والعطاءات وإجراءات البیع والشراء.
کما تم منح المدارس مزایدا من الاستقلالیة فى استخدام المنح والمعونات غیر الحکومیة وتوظیفها لخدمة العملیة التعلیمیة والتنمیة المهنیة للمعلمین ورفع کفاءة الجهاز الإداری بالمدرسة وذلک یتناسب مع سلطة الإدارة المالیة الممنوحة للمدرسة.(126)وبهذا یتضح مدی الاستقلالیة والحریة التى أصبحت تتمتع بها المدرسة فى هونج کونج خاصة الإدارة المالیة واستخدام الموارد المتنوعة بمزید من المرونة والحریة لما یحقق أهداف المدرسة وانجاز أنشطتها المنشودة وتحقیق التنمیة المهنیة للجهاز الإداری والمعلمین والعاملین والقدرة على اتخاذ القرارات الخاصة بشئون الأفراد من تعیینات أو ترقیات أو الاستغناء عن الفائض وکذلک الحریة فى اختیار البرامج الدراسیة وتصمیم المناهج التى تتناسب مع الظروف المحلیة والبیئة لکل مدرسة ویلبی حاجات الطلاب وکذلک حاجات المجتمع المحلی بما یحقق جودة العملیة التعلیمیة ورفع کفاءة الأداء المدرسی.
ونظرا للتحول الذی طرأ على الإدارة المدرسیة من إدارة تعمل فى ظل المرکزیة إلى إدارة ذاتیة تتمتع بالاستقلالیة فان ادوار مدیری هذه المدارس طرأت علیها تغیرات جذریة فأصبحوا یعملون فى ظل مناخ مدرسی أکثر انفتاحا قائم على المشارکة والتعاون فهم فى حاجة إلى تنمیة کافیة لاکتساب مهارات ومعارف خاصة للقدرة على التعامل مع المجتمع المحیط ورسم صورة ایجابیة لمدارسهم ومهارات الإثراء الذاتی وتکون الرأی الجماعی وعلى وعی کبیر بالتطورات التربویة المعاصرة محلیا وعالمیا مما یسهم فى تدعیم أدوارهم وقدراتهم لبناء رؤیة وأهداف مشترکة لتحقیق مستقبل وظیفی ناجح وذلک یتناسب مع حجم الجهود التى تبذلها هونج کونج للاهتمام بالتنمیة المهنیة لمدیری المدارس وجمیع العاملین بها.(127)
تحلیل خبرات بعض الدول فى تطبیق الإدارة الذاتیة
وبعد استعراض خبرات بعض الدول فى تطبیق مدخل الإدارة الذاتیة للمدارس یتضح أن کل من الولایات المتحدة ونیوزیلندا وکندا وانجلترا وهونج کونج اعتمدت على أن تکون إدارة العملیة التعلیمیة بالمدرسة قائمة على الشراکة والتعاون بین مجتمع المدرسة ممثلا فى مدیر المدرسة والمعلمین والعاملین والطلاب والمجتمع الخارجی ممثلا فى أولیاء الأمور والمجتمع المحلی والسلطات التعلیمیة المحلیة مرشدة ومقیمة للعملیة التعلیمیة ویمثل ذلک طلب أساسی للوصول إلى اتخاذ أفضل القرارات الایجابیة والتى تحقق نجاح العملیة التعلیمیة وتساعد على الارتقاء بها، وأیضا کتوجه دیمقراطی یحقق استقلالیة المدارس فى إدارتها ذاتیا فى ظل ما تتمتع به من حریة ومرونة تحقق أهداف العملیة التعلیمیة حیث التفویض المالی الذی یتیح للمدرسة کیفیة توظیف مواردها المتاحة وتوزیعها التوزیع العادل واستخدامها الاستخدام الأمثل سواء فى الأنشطة الإنتاجیة أو مخرجات التعلیم عالیة الکفاءة والمهارة مما ساهم فى مساعدة المدرسة فى تدبیر شئونها المالیة من مصادر غیر تقلیدیة من خلال تعاونها مع المجتمع المحلی وأصحاب المؤسسات ورجال الأعمال حیث استطاعت المدرسة فى هذه الدول أن تحقق مکاسب مادیة إضافیة مکنتها من أن تکون مدارس فعالة عالیة الإنتاجیة والجودة التعلیمیة قادرة على المنافسة حیث اقتصاد هذه الدول الصناعیة المتقدمة هو اقتصاد السوق الحر القائم على الجودة والقادر على المنافسة العالمیة.
المحور الثالث:
عوامل النجاح فى العلاقة الارتباطیة بین الإدارة الذاتیة وکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة
لقد أوضحنا فیما سبق أن المدرسة المنتجة هى احدی الاستراتیجیات التربویة المتجددة لإصلاح التعلیم، وهى المسار الحقیقی لربط التعلیم بالعمل والإنتاج بکل متغیراته، وهى القادرة على تقدیم خدمات ملائمة للبیئة المحلیة، وبناء الشخصیة المنتجة التى تشارک بفعالیة فى بناء الاقتصاد القومی.
ونظراً لأن المدرسة المنتجة تقوم على إستراتیجیة التعلیم القائم على المشروعات التى توفر مناخاً طبیعیاً لتعلیم إدارة المشروعات الناجحة، کما توفر للمتعلم فرصة المساهمة فى تطویر مجتمعه، وتحویله من مجتمع استهلاکی إلى مجتمع منتج، وتحقق موارد ذاتیة للإنفاق على أنشطة المدرسة، بل وتعمل على القضاء على الفجوة بین التعلیم الأکادیمی وارتباطه بسوق العمل، وتسلح المتعلمین بخبرات عملیة تمکنهم من أن یکونوا قوة عاملة إنتاجیة فى مجتمعهم، فان هذه المقومات تتطلب مناخاً تنظیمیاً تتوافر فیه عوامل النجاح لتحقیق هذه الإستراتیجیة.
وتعکس تحلیلات الدراسة التى ترتبط بمدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة، والاتجاهات العالمیة التى تسعی إلى إیجاد نموذج متکامل للمدرسة الفعالة التى تستجیب لمتغیرات وتحدیات المستقبل، أن مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة یمثل احد عوامل النجاح، والبیئة الملائمة لتطبیق إستراتیجیة المدرسة المنتجة فى التعلیم بمراحله المختلفة، باعتبار أن المدرسة المنتجة هى المنوطة بإعداد الأجیال التى سوف تقود التنمیة فى الحاضر والمستقبل. هذا بالإضافة إلى أن المردود التربوی والتعلیمی والإنتاجی للمدرسة المنتجة یحقق الدور الجوهری للمدرسة فى دعمها للمجتمع المحلی.
وهنا سوف نشیر إلى عوامل النجاح فى العلاقة الارتباطیة بین الإدارة الذاتیة والمدرسة المنتجة باعتبارهما من مداخل الإصلاح لنظم التعلیم على المستوی العالمی ، مما یؤکد حتمیة تلازم المدخلین معاً لتحقیق الکفاءة والفعالیة للمدرسة، فلکی تصبح المدرسة وحدة إنتاجیة، ومؤسسة قادرة على تحقیق مخرجات تستجیب بکفاءة لمتطلبات سوق العمل والإنتاج المتغیرة والمتسارعة، لابد لها من تنظیم إداری وبیئیة مؤسسیة تتمرکز حول المدرسة وتمکن عناصر البیئة المدرسیة والمجتمع المحلی من المشارکة فى صنع واتخاذ القرارات المتعلقة بإنتاجیة المدرسة وتنمیة المجتمع المحلی أی یمکن القول بأن تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة دالة لنجاح إستراتیجیة المدرسة المنتجة فى أی مرحلة من مراحل التعلیم ولهذا حرصت وزارة التربیة والتعلیم فى مصر فى توجیهها لسیاسات الإصلاح والتحسین للتعلیم على ضرورة تطویر البنیة التنظیمیة للمدرسة لتفعیل دور المدرسة کوحدة أساسیة فى التنظیم قادرة على إدارة ذاتها فى إطار نظام متکامل للمحاسبیة یقوم على المسئولیة والالتزام والشفافیة. وتتضح عوامل نجاح العلاقة الارتباطیة بین المدرسة المنتجة، والإدارة الذاتیة للمدرسة من خلال الأبعاد التالیة:
- متطلبات تحقیق المدرسة المنتجة.
- المناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة للمدرسة فى علاقته بالمدرسة المنتجة.
- نتائج تحلیلات خبرات بعض الدول فى تطبیقها لمداخل الإصلاح التعلیمیة.
أولا: متطلبات تحقیق المدرسة المنتجة ( Productive Learning ) :
أصبح التعلم المنتج هدفاً استراتیجیاً تسعى إلى تحقیقه الدول المتقدمة والنامیة على السواء، حیث تشکل مخرجاته قیمة اقتصادیة مضافة للاقتصاد الوطنى ورفع معدلات التنمیة بصفة عامة ، هذا بالإضافة إلى القیمة التربویة للإنسان المتعلم الذى یحترم ویقدر قیم العمل والإنتاج .
وتتطلب فلسفة المدرسة المنتجة تعبیراً شاملاً فى أدوار ومسئولیات الإدارة المدرسیة وجمیع القائمین بالعملیة التعلیمیة بما یحقق رسالة المدرسة التعلیمیة والتنمویة فالکفاءة والفعالیة للمدرسة المنتجة لم تتحقق إلا من خلال مناخ تنظیمى یتمتع بالاستقلال الذى یمکن المدرسة من إدارة شئونها الإداریة والمالیة والتعلیمیة بما یتوافق مع مواردها المادیة والبشریة وظروف المجتمع المحلى الذى تنتمى إلیه ، وعلیه فإن من أهم عوامل النجاح لتحقیق فلسفة المدرسة المنتجة هى:
- التشریع السیاسى للاستقلال الذاتى على المستوى المحلى ( المدرسة ) .
- الحریة والمرونة فى توفیر الموارد المالیة من خلال توظیف الموارد المادیة والبشریة المتاحة .
- تطویر البرامج الدراسیة لتتضمن البعد الإنتاجى فى التعلیم .
- الشراکة الفعالة بین المدرسة والمجتمع المحلى .
- توفیر المناخ الإدارى الذى یشجع على الإبداع والابتکار .
وقد تبین لنا ذلک من تحلیلنا لأدبیات الفکر الإدارى المعاصر ومبادرات الإصلاح التعلیمى، أن الإدارة الذاتیة للمدرسة دالة لتحقیق کفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة .
ثانیاً: المناخ التنظیمی لمدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة فى علاقته بالمدرسة المنتجة:
تشیر أدبیات الفکر الإداری الحدیث أن النظام المرکزی فى إدارة التعلیم لم یعد الطریق الأفضل للحصول على نظام إداری فعال، أو مدرسة فعالة تستجیب لمتطلبات عصر المعرفة، واقتصادیاته المتغیرة، ولهذا شهدت السنوات الماضیة – منذ الثمانینیات – توجهاً ملموساً نحو تطبیق لا مرکزیة التعلیم بأبعادها المختلفة على مستوی العالم کإحدی أسالیب التنظیم الإداری الذی یتحقق معه الإصلاح المؤسسی للتعلیم، ورفع مستوی کفاءة المناخ التنظیمی للمدرسة، وتجوید المنتج التعلیمی.
ویشیر (Gaynor) إلى انه لا یوجد دولة فى العالم تطبق المرکزیة المطلقة، أو اللامرکزیة المطلقة، فالقضیة الأساسیة تتمثل فى تحدید المهام والمسئولیات التى یمکن أن تتم بصورة أفضل فى إطار اللامرکزیة (128)، وهذا یعنی أن تطبیق للامرکزیة فى التعلیم یتطلب مجموعة من الإجراءات، والتدابیر مثل إعادة هیکلة، المدرسة، ودعم عملیة اتخاذ القرار على المستوی المحلی (المدرسی)، أی یتم توفیر المناخ التنظیمی الذی یساعد على القیام بالإجراءات التصحیحیة على المستوی المحلی.
وتزاید الاتجاه فى السنوات الأخیرة وبخطوات ملموسة على مستوی النظم التعلیمیة، والوکالات، والمنظمات الدولیة، للتأکید على أهمیة تطبیق اللامرکزیة فى التعلیم بإعادة توزیع الصلاحیات والمسئولیات، ونقل السلطات إلى المستوی المحلی (المدرسة) لتحقیق الإصلاح التعلیمی، ومن أبرز الدول التى خطت خطوات واسعة فى هذا المجال: الولایات المتحدة الأمریکیة، وانجلترا، ونیوزیلندا، وهولندا، واسترالیا، وهونج کونج وغیرها من الدول.
لکن الأمر یختلف بالنسبة للدول النامیة، فالتحدی الذی یواجه معظم دول العالم الثالث هو إیجاد مناخ تنظیمی مدرسی یمکن أطراف العملیة التعلیمیة والمعنیین من إدارة المدرسة ذاتیا، والتصرف فى إدارة شئونها المالیة، والإداریة، والسیاسیة مع خضوع المدرسة لنظام فعال من المحاسبیة والمساءلة على المستوی المرکزی فلا زال المناخ التنظیمی على مستوی المدرسی یتسم بضیق القدرات الإداریة، والافتقار إلى الصلاحیات التى تهدف إلى ضمان وضع الموازنات والخطط.
ومع ذلک فجدیر بالذکر أن اللامرکزیة فى التعلیم لیست هدفاً فى حد ذاته وإنما هى وسیلة قد تؤدی إلى تحقیق نتائج ایجابیة فى مخرجات العملیة التعلیمیة، بالإضافة إلى أنها قد یساعد فى تحسین مدخلات العملیة التعلیمیة وتحسین العملیات التى تتم داخلها إذا ما أحسن استخدامها وتلاءمت مع الظروف المجتمعیة والثقافیة . (129) فالاتجاه نحو تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة یعد من أنجح النظم الإداریة وأعمقها فى تحقیق الإصلاح المدرسی، وإحداث نقلة حضاریة شاملة بالمؤسسات التعلیمیة وتحسین جودة مخرجاتها. وهنا سوف نشیر إلى مقومات المناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة للمدرسة وعلاقتها بنجاح إستراتیجیة المدرسة المنتجة، فى ضوء خبرات بعض الدول التى تم تحلیلها وهى:
مقومات المناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة للمدرسة:
إن جوهر المناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة یتمثل فى تمکین المدرسة والمجتمع المحلی من المشارکة فى صنع واتخاذ القرارات اللازمة لتحقیق الإصلاح والتمیز وتحسین جودة المخرجات التعلیمیة، هذا بالإضافة إلى منح المدرسة سلطات وقدر من الحریة فى تصریف شئونها وفق ظروفها الخاصة .
وفیما یلی نشیر إلى أهم مقومات المناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة للمدرسة:
1- لا مرکزیة السلطة:
تعد المدرسة التى تعمل بنظام الإدارة الذاتیة أکثر فعالیة وقدرة على تنظیم شئونها الإداریة والمالیة والسیاسیة فى حدود الوظیفة التربویة للمدرسة، والاعتراف بشخصیتها القانونیة، مع خضوعها لرقابة السلطة المرکزیة، بمعنی نقل سلطة اتخاذ القرارات التعلیمیة من الإدارة المرکزیة (على مستوی الوزارة) إلى الإدارة المحلیة (المدرسة) التى تضم المعلم والمتعلم، والعاملین، والآباء، وأفراد المجتمع المحلی، وتتولی هذه العناصر مسئولیة صنع واتخاذ القرار المناسب الذی یرتبط بمستقبل المدرسة وإنتاجیتها فى ضوء الموارد المادیة (البشریة المتاحة للمدرسة).
هذا یعنی أن سلطة اتخاذ القرار التربوی على مستوی المدرسة لیست مرکزیة، لان صناعة القرار فى المدرسة ینبع من عناصر مقدمی ومتلقی الخدمة التعلیمیة، مما یجعل هذه القرارات أکثر فاعلیة ونجاحاً فى الارتقاء بکفاءة المدرسة، وهذا ما تتطلبه مسئولیات المدرسة المنتجة.
فعلى سبیل المثال فى ضوء الصلاحیات والاختصاصات لممارسة اللامرکزیة المالیة التى منحت لمحافظات الإسکندریة، والفیوم، والإسماعیلیة، والأقصر فیما یتعلق بجوانب الإنفاق والصرف استطاعت المدرسة أن تتحکم فى حزمة الإنفاق والصرف التى تساهم بأقصی درجة ممکنة فى تعزیز بیئة التعلیم داخل المدرسة مما أدى إلى رفع کفاءة إنتاجیة المدرسة، وتحسین مخرجاتها التعلیمیة وهذا هو المناخ الملائم للمدرسة المنتجة.(130)
2- إعادة الهیکلة:
بمعنی إحداث تغییر تنظیمی فى البنیة الإداریة للمدرسة بهدف رفع الکفاءة الإنتاجیة لعناصر العملیة التعلیمیة، وتعظیم فعالیة المدرسة فى إطار الموارد المادیة والبشریة المتاحة للمدرسة والتطویر فى البنیة الإداریة للمدرسة یعنی التأصیل المؤسسی لدعم قدرات العاملین فیها، وترسیخ الممارسات المتمیزة فیها فالتأهیل المؤسسی للمدرسة یؤکد على توزیع السلطات، وإتاحة حریة صنع واتخاذ القرار أمام العاملین، وأولیاء الأمور، وقیادات المجتمع المدنی للتوصل إلى حل المشکلات التى تواجه المدرسة، کما تبحث فى کیفیة زیادة وتوفیر موارد التعلیم، وتعظیم استثمار الموارد المتاحة لرفع کفاءة وإنتاجیة المدرسة(131)، مما یترتب علیه إعادة بناء الأدوار والمسئولیات فى إطار مناخ تنظیمی منتج، ویشمل التأهیل المؤسسی اللامرکزى فى الجوانب التالیة:
(الجوانب الأکادیمیة ، الجوانب الإداریة ، الجوانب المالیة ، الجوانب الثقافیة )
والشکل التالی المناخ التنظیمی للمدرسة، فى الإطار الإدارة الذاتیة (الاستقلال الإداری). (132)
شکل (1)
هیکل التنظیم الإداری فى المدرسة المستقلة ذاتیاً
یتبین لنا من الشکل السابق أن تطویر المناخ التنظیمی للمدرسة فى ضوء الاستقلال الذاتی إداریاً یتطلب التغیر فى الإطار الفکری والتشریعی، والسلوکی فى کافة أطراف العملیة التعلیمیة بالمدرسة بما یتوافق مع نقل السلطة والصلاحیات بما یحقق فى النهایة زیادة الفاعلیة التنظیمیة، وزیادة فاعلیة العاملین فى المدرسة، وترسیخ الشراکة المجتمعیة فى إطار التطویر المنظومی للمدرسة.
وأشار (Micheal & peter) إلى أن الفاعلیة التنظیمیة للمدرسة فى ظل الإدارة الذاتیة تتحقق بشکل أفضل فى ضوء العناصر التالیة(133): النظم (الإجراءات الرسمیة وغیر الرسمیة التى توجه الأنشطة الیومیة) ، و الأسلوب (کیفیة وطریقة العمل) ، والمهارات (الممارسات والکفایات المطلوبة) ، والأهداف العلیا (التى توجه المدرسة فى أدائها) ،والعاملین (الموارد البشریة الموجودة بالفعل) ،والهیکل التنظیمی (البنیة الإداریة) ، الإستراتیجیة (الرؤیة والرسالة التى توجه المدرسة).
وبتحلیل هذه التوجهات یتبین لنا أن إعادة الهیکلة للمدرسة یعنی إعادة تنظیمها وأحداث تعدیلات وتغیرات جوهریة فى بنیتها الإداریة من حیث العلاقات بینها وبین المجتمع المحلی، وتوزیع السلطات والاختصاصات إصدار التشریعات، وتغیر طرق العمل، ومسارات التنفیذ، والتغییر فى الأنماط السلوکیة، وفى رؤیة ورسالة المدرسة، لتصبح فى وضع یمکنها من تحقیق الکفاءة والفاعلیة وزیادة الإنتاجیة، وهذا هو المناخ الملائم للمدرسة المنتجة.
3- تدفق المعلومات بین المعنیین:
تؤکد فلسفة الإدارة الذاتیة للمدرسة على إتاحة المعارف والمعلومات التفصیلیة التى ترتبط بواقع المدرسة أمام المعنیین بالعملیة التعلیمیة والمجتمع المحلی حتى یتم اتخاذ القرار الملائم لواقع إمکانیات المدرسة من حیث مواردها المادیة والبشریة وعلاقتها بالمجتمع المحلی.
فالوعی بموارد المدرسة وواقعها من حیث نقاط القوة والضعف والفرص والتهدیدات مطلوب لأفراد المجتمع المدرسی والمجتمع المحلی حتی یتحقق التعاون الفعال بین المدرسة والمجتمع المحلی.
فتدفق المعلومات ونشرها بین جمیع المعنیین بالعملیة التعلیمیة، والمجتمع المحلی وعدم قصرها على القیادات المدرسیة، وتداولها بین العاملین وأولیاء الأمور ومجالس الآباء والأمناء یساعد فى اتخاذ القرارات التربویة الرشیدة، وبدون الوعی بالجوانب المالیة والإداریة والأکادیمیة للمدرسة یصعب الوصول إلى حلول عملیة لمشکلات المدرسة، هذا بالإضافة إلى أن البحث عن مصادر تمویل جدیدة لن یتم إلا بالإدراک الحقیقی لموارد المدرسة، وتمکین جمیع المعنیین من العمل الجماعی لزیادة موارد جدیدة والتخطیط لزیادة إنتاجیتها.
ولهذا فإن فلسفة الاستقلال الذاتی للمدرسة تؤکد على قیمة المعلومات والمعرفة بشئون المدرسة، وتوفیر هذه المعلومات لجمیع المعنیین والمجتمع المحلی لاتخاذ القرارات التربویة الملائمة وجعل المدرسة وحدة إنتاجیة، یؤمن کل أفرادها بالملکیة الخاصة لها من اجل الإصلاح والتطویر، ولعل ذلک یؤکد أیضا على العلاقة التکاملیة بین متطلبات تحقیق المدرسة المنتجة، والمناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة للمدرسة، فتوافر نظام معلوماتی یستند إلى التقنیات الحدیثة فى نظم المعلومات باستخدام (SMS)، والإدارة الالکترونیة للمدرسة یساعد على استمرار تدفق هذه المعلومات إلى جمیع أطراف المجتمع المدرسی والمجتمع المحلی مما یؤدی إلى المشارکة الفعالة لجمیع الأطراف لتحقیق فعالیة المدرسة وتحسین إنتاجیتها.
4- المسئولیة مقابل المحاسبیة:
ومن المبادئ الأساسیة التى تؤکد علیها فلسفة المدرسة المستقلة ذاتیا توزیع الأدوار والمسئولیات، وإخضاعها للرقابة والمحاسبیة حیث یؤکد المناخ التنظیمی لاستقلالیة المدرسة على تعمیق التوجه نحو الدیموقراطیة، ودعم الشعور بالملکیة، وتعزیز قیم الانتماء والعمل، مما یترتب علیه ترسیخ مفهوم الحوکمة الرشیدة ووضع أساس قوی لثقافة المسئولیة والمسائلة. ففى الإدارة الذاتیة للمدرسة یتم توزیع الأدوار والمسئولیات على أفراد المجتمع المدرسی والمجتمع المحلی وعلى ضوء هذه الأدوار تتحدد نظم المحاسبیة (Accountability) والتقییم الذاتی. وتتم المسائلة والمحاسبیة من المستویات الإداریة العلیا، ومن المستفیدین بالخدمة التعلیمیة، فالمدرسة تتحمل المسئولیة والمحاسبة على النتائج والانجازات وفق معاییر محددة.
فإذا کان للمدرسة الحریة فى وضع رؤیة ورسالة خاصة بها، ولدیها القدرة على وضع نظام سیاسی وإداری ومالی، ولها الحریة فى اختیار المناهج وطرق التدریس، والتنمیة المهنیة للعاملین، وتشجیع المشارکة المجتمعیة، ووضع أسالیب التقییم الذاتی ووضع نظام لتنمیة مواردها، فان کل ذلک یصاحبه المساءلة والمحاسبیة، فالدور الرقابی والمحاسبی هو الإطار الذی تقدم فیه الخدمة التعلیمیة للمدرسة المستقلة ذاتیاً. وتشیر خبرات بعض الدول إلى تفاوت المسئولیات والاختصاصات من دولة إلى أخری، ففى فرنسا یتم نقل المسئولیات والاختصاصات کاملة من المستوى القومی إلى المستوی المحلی (المدرسی) حیث یتوفر لمدیر المدرسة الحق فى أن یبرم العقود، والاتفاقیات، ویعین المعلمین بتفویض سابق من مجلس الإدارة، وفى نیوزیلندا واسترالیا تفوض المدرسة فى إدارة شئونها الداخلیة. ومع ذلک فالمدرسة تخضع للمحاسبة أمام السلطات المرکزیة على ما تقدمه من خدمات للمجتمع المحلی . (134)
فالمدرسة المستقلة ذاتیاً تتضمن نظاماً مالیاً مستقلاً یقوم على الشفافیة والرقابة والمحاسبة فى مصر بنص القرار الوزاری رقم (258) لعام 2005م على أن یقوم أعضاء مجلس الأمناء والآباء والمعلمین بإعداد سجلات مالیة بالمجلس یسجل بها حساباته، ویکون الموظف المالی المختص مسئولاً عنها وتراقب الإدارة التعلیمیة أعمال التحصیل والصرف من میزانیة المجلس، وتعد أموال المدرسة بمثابة أموال عامة . (135) والهدف من توزیع الأدوار والمسئولیات هو تمکین إدارة المدرسة من المشارکة فى صنع واتخاذ القرارات التربویة المرتبطة برؤیة المدرسة ورسالتها وحریة التصرف فى شئونها، إلا أنها فى ذات الوقت هى محاسبیة من السلطة المرکزیة، والعلاقة بین المسئولیة والمحاسبیة هى علاقة تحکمها مبادئ الالتزام والجودة.
والمحاسبیة آلیة من آلیات الاستقلال الذاتی للمدرسة، لضمان الشفافیة والحفاظ على جودة الأداء، والکشف عن نقاط القوة والضعف فى أداء العاملین فى المجتمع المدرسی.(136) وهذا یعنی أن المدرسة التى تحظی بالاستقلال الذاتی فى إدارة شئونها، یجعلها مسئولة عن نتائج الأداء الذی تقوم به، کما أنها تصنع أساساً قویاً لثقافة تحمل المسئولیة، والمساءلة، والمحاسبیة، مما یترتب علیه تعمیق الشعور بالملکیة والمسئولیة عن جودة الأداء.
والمساءلة والمحاسبة تتم فى مستویین، المستوی الأفقی، والمستوی الرأسی فى إطار اتجاه المساءلة بین المستویات الإداریة المختلفة، فعلى سبیل المثال عندما یقوم مجلس الأمناء على مستوی المدرسة بمساءلة الإدارة المدرسیة على مستوی الأداء التعلیمی للطلاب فهذه مساءلة على المستوی الأفقی، وعندما تقوم الإدارة على مستوی المدیریة بمحاسبة الإدارة المدرسیة فى تنفیذ المنهج الدراسی، فهذه مساءلة على المستوی الرأسی، والمدرسة التى تحظی بالاستقلال الذاتی تسعی إلى تدعیم وترسیخ المساءلة والمحاسبیة الأفقیة مع المحافظة على المساءلة والمحاسبیة الرأسیة لضمان کفاءة وفعالیة المدرسة على اعتبار أن المدرسة هى وحدة الفعل الأولی من وحدات نظام التعلیم الذی یقدم الخدمة التعلیمیة لأفراد المجتمع. أی انه فى ظل نظام تعلیم لا مرکزی تتحقق العلاقة القویة للمحاسبیة الأفقیة على کل المستویات الإداریة، مما یترتب علیه سرعة واتخاذ القرار التربوی عنه فى النظام المرکزی.
فکلما اقتربت سلطة اتخاذ القرار من المدرسة وجعل الخدمة التعلیمیة فى نطاق محاسبة متلقی الخدمة (المواطنین) کلما کانت الاستجابة إلى متطلبات التطویر والتحسین أسرع وأکثر فعالیة، وهذا ما أکد علیه (Caldwell) فى دراسته عن تفویض السلطات، حیث یشیر إلى أن تفویض المزید من السلطات للمجالس المدرسیة المنتخبة، والتى تمثل أولیاء الأمور والمجتمع المحلی.
حیث یشیر إلى تنامی التوجهات العالمیة، إلى تفویض المزید من السلطات للمجالس المدرسة المنتخبة، التى یتمثل فیها أولیاء الأمور والمجتمع المحلی والمجتمع المدرسی. وهذا سوف یؤثر حتماً على تحسین نوعیة التعلیم ومخرجاته (137)، من هنا یمکن القول بان مبادئ المسئولیة والمساءلة والمحاسبیة والشفافیة تمثل عناصر نجاح المدرسة المنتجة، وقد تبین هذا من تجارب بعض الدول التى کانت موضع اهتمام المدارس.
5- التوظیف الأمثل للموارد المادیة والبشریة:
إن الاستقلال الذاتی للمدرسة باعتبارها وحدة أساسیة فى صنع واتخاذ القرار یقتضی تمکین العاملین والمعنیین بالعملیة التعلیمیة من المشارکة فى صنع واتخاذ القرارات التى توجه عمل المدرسة فى علاقتها بالمجتمع المحلی، وجعلها وحدة أساسیة للتحسین والتطویر، بمعنی أن فلسفة الاستقلال الذاتی للمدرسة تؤکد على أهمیة الموارد البشریة وطاقاتها، واستقلالها الذاتی لتحقیق الموارد المادیة الداعمة للعملیة التعلیمیة.
وعلیه، فان الموارد البشریة، والاستفادة منها بکفاءة وفاعلیة تعد من أهم عوامل النجاح لتحقیق الاستقلال الذاتی للمدرسة وهذا یتطلب بدوره زیادة فى الاستقلال الذاتی الإداری، والمالی، والأکادیمی، والسیاسی، والتشریعی للمدرسة بما یحقق توافر الموارد المادیة والبشریة وتنمیتها، فعملیة نقل أو تحویل سلطة اتخاذ القرار تشریعیاً ومالیاً وإداریاً من السلطة المرکزیة إلى السلطة المدرسیة للتوصل إلى حل المشکلات التى تواجه المدرسة، والبحث عن کیفیة زیادة الموارد المادیة والبشریة، وتعظیم استثمار موارد المدرسة المتاحة یمثل المسار الحقیقی للتوظیف الأمثل للموارد المادیة والبشریة.
فالتوظیف الأمثل للموارد المادیة البشریة للمدرسة هو الطریق لمضاعفة القدرة التنافسیة للمدرسة، وزیادة کفاءتها الإنتاجیة، ویتم ذلک من خلال تبنی المدرسة سیاسة إعداد أجیال جدیدة قادرة على الابتکار والإبداع، وتأصیل رسالة المدرسة الإنتاجیة، وتعمیق رفع المشارکة فى دعم الاقتصاد القومی، فى إطار الإدارة الإستراتیجیة التى تمکن المدرسة من مواجهة التحدیات المتغیرة.
ومن النتائج المترتبة على التوظیف الأمثل للموارد المادیة والبشریة للمدرسة المستقلة ذاتیاً ، تحسین المدخلات وتنوعها، وزیادة التفاعل بین المدرسة والمجتمع المحلی، وزیادة شعور أفراد المجتمع المدرسی والمحلی بملکیة المدرسة، وتأصیل فکرة المدرسة کوحدة منتجة، وتعظیم الموارد المادیة والبشریة فى انجاز مشروعات إنتاجیة وتسویقیة، وخدمیة لها عائد مادی یمثل مصدر تمویل إضافی للمدرسة وهذه السمات والخصائص تسهم إلى حد کبیر فى نجاح المدرسة المنتجة.
وتبین لنا ذلک من خبرة الصین الشعبیة حیث اتجهت السیاسة التعلیمیة إلى ربط التعلیم بالعمل المنتج بصفة رسمیة فى مراحل التعلیم المختلفة، وجعلت تنمیة الموارد المادیة والبشریة أساسا لتطویر التعلیم الذی أطلقت علیه التعلیم المنتج، وکذلک الحال بالنسبة للولایات المتحدة الأمریکیة فقد أصدرت التشریعات التى تمکن المدرسة الثانویة من الاستقلال الذاتی لتحقیق تنمیة حقیقة لموارد المدرسة المادیة والبشریة، وتم تطبیق ذلک فى مدارس بنیویورک، وکالیفورنیا، ومیتشجان.
6- القیادة الفعالیة والتنمیة المهنیة:
إن المتغیرات العالمیة غیر المسبوقة التى کان من أهمها التحول إلى مجتمع اقتصاد المعرفة والتى تقلص فیها دور الدولة، وتعاظم فیها دور الفرد ومؤسسات المجتمع المدنی فى تحقیق التنمیة الشاملة ترتب علیها ضرورة التوسع فى تطبیق لا مرکزیة التعلیم لتحقیق اکبر قدر من الإصلاح التعلیمی، فعلى سبیل المثال، منحت الولایات المتحدة الأمریکیة المدرسة السلطات الکافیة الإدارة نفسها ذاتیاً، وفى فرنسا ثم نقل العدید من الصلاحیات إلى السلطات المحلیة بکافة مستویاتها (138)، وفى هولندا، واسترالیا منحت المدارس کافة الصلاحیات لتسییر شئونها الداخلیة تحت الإشراف المباشر للسلطات المحلیة، وهذا یتطلب ضرورة توفر القیادة الإداریة الفعالة التى تنفذ عملیات نقل هذه الصلاحیات بکل أبعادها وممارساتها باعتبار أن القیادة هى المسئول الأول عن بنیة المدرسة وفلسفتها ورؤیتها ورسالتها، ویتطلب ذلک بدوره توفیر برامج للتنمیة المهنیة للارتقاء بمعارف ومهارات وقدرات العاملین بالمدرسة وقیاداتها.
ففى ظل الإدارة الذاتیة للمدرسة تعد القیادة الفعالة أمراً ضروریاً لضمان التحسین والتطویر وربط المدرسة بالمجتمع المحیط وهذا یتطلب وضع معاییر محددة لاختیار القیادات الإداریة لان القیادات التربویة هى فن وعلم فى ذات الوقت، أی هناک أدوارا جدیدة ینبغى أن تضطلع بها القیادات التربویة، کذلک هناک بعض المتطلبات التى ینبغی أن تتوافر فى المعلم مثل: الثقة بالنفس، والتمکن العلمی، والمهنیة، والقدرة على تحمل المسئولیة ومواجهة التحدیات، وأن یکون مصدر معلومات ومحل احترام بالمجتمع المدرسی . (139)وهنا یشیر (Tomlinson) إلى أهمیة تعدد القیادات التربویة فى المؤسسة التعلیمیة الواحدة، حیث یری أن استقلالیة المدرسة ذاتیا یتطلب تعدد القیادات التربویة الفعالة التى یمکنها استثمار وتعظیم قدرات المعلمین لزیادة إنتاجیة المدرسة . (140)
وتمثل التنمیة المهنیة محوراً استراتیجیاً فى الاستقلال الذاتی للمدرسة فمن خلالها یتم رفع مستوی کفاءة القیادات والعاملین بالمدرسة، وإکسابهم الخبرات والمهارات اللازمة لتطویر الأداء إلى الأفضل وتتضمن التنمیة المهنیة، المعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة للمدیرین لکی یصبحوا أکثر فاعلیة فى أدائهم للأعمال الوظیفیة، فالمدیر فى ظل التنمیة المهنیة یصبح متجدداً، ومتطوراً فى مهنته، ومتوافقاً مع المتغیرات المحیطة به. (141)
وفى إطار الاستقلال الذاتی للمدرسة تزداد الأدوار والمسئولیات والأعباء المهنیة للمدیرین والمعلمین ولأعضاء المجتمع المدرسی بصفة عامة مما یتطلب ضرورة تنمیة أنفسهم مهنیاً فى إطار ما یسمی: بمنظمات التعلم، أی تصبح المدرسة منظمة تعلم (School as Learning Organization)، حیث یتم تغییر ثقافة المدرسة من عادات ومعتقدات وسلوک واتجاهات إلى النمو والتطور والتکیف مع متطلبات مجتمع المعرفة، والمعارف والقیم والسلوکیات الجدیدة یتم تعلمها لکافة عناصر العملیة التعلیمیة فى المجتمع المدرسی. ومن أهم خصائص المدرسة کمنظمة تعلم قدرتها على اتخاذ قراراتها باستقلالیة وفقاً لما یتم اکتسابه من معارف (142)، فالتنمیة المهنیة المستمرة أصبحت ضرورة لکافة العاملین بالمدرسة کمطلب لتحقیق مفهوم المدرسة کمنظمة تعلم .
تبین لنا مما سبق أن القیادة الفعالة وتنمیتها مهنیاً هى الطریق إلى الإصلاح والتطویر، وهى فى نفس الوقت مطلباً ضروریاً للاستقلال الذاتی للمدرسة واحد عوامل النجاح لفلسفة المدرسة المنتجة
فمن خلال القیادة الفعالة، والتنمیة المهنیة المستمرة یتم اکتساب مهارات التعلیم المنتج التى تتمثل فى: مهارات صنع القرار، مهارات الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، مهارة الإبداع والابتکار، مهارة التخطیط، مهارة المسئولیة ومواجهة الصعاب، مهارة دراسة الجدوی، مهارات العمل الجماعی، مهارة إدارة الصراع، مهارة حل المشکلات، مهارة التواصل الاجتماعی، مهارة التقییم الذاتی، مهارة التسویف والإنتاج، وغیرها، من هنا کان الارتباط بین المدرسة المنتجة والإدارة الذاتیة ارتباطاً عضویاً، وعاملاً أساسیاً من عوامل نجاح المدرسة المنتجة.
7- تعزیز دور المشارکة المجتمعیة:
تلعب السلطات المحلیة دوراً مهماً فى تحدید استقلالیة المدرسة ذاتیاً، وتعد احد الضوابط الرئیسیة لتفعیل لا مرکزیة التعلیم على کافة المستویات الإداریة للتعلیم. وتبین لنا ذلک من خبرات بعض الدول التى عرضنا لها، أن مستوی المشارکة المجتمعیة للمؤسسات التعلیمیة یعد مؤشراً على مستوی مرکزیة أو لا مرکزیة التعلیم على کافة المستویات الإداریة ففى الإدارة الذاتیة للمدارس تعطی الفرصة لأولیاء الأمور، والمجتمع المحلی لتولی المسئولیات والسلطات فى إدارة المدرسة والقیام بعملیات التحسین والتطویر من خلال التفویض المباشر للإدارات التعلیمیة التابعة لها المدرسة، وأصبح مفهوم المشارکة المجتمعیة فى إدارة المدرسة محوراً رئیسیاً فى الإصلاح المدرسی. وتؤکد فلسفة الإدارة الذاتیة للمدرسة على أهمیة وتعزیز المشارکة المجتمعیة، فمن خلالها یتم تحسین مدخلات وعملیات ومخرجات المدرسة، کما أنها تعد آلیة لتعزیز رأس المال المادی، والثقافی والاجتماعی لأعضاء المجتمع المحلی، هذا بالإضافة إلى أن تعزیز المشارکة المجتمعیة یحمل دعوی المحاسبیة من متلقی الخدمة التعلیمیة فى تحمل المسئولیة عن تقدیم الخدمات التعلیمیة، ویشر (Cheng) إلى أن صیغة الإدارة الذاتیة للمدرسة ظهرت فى الأصل کإطار لتعظیم وتأصیل مشارکة الآباء والمجتمع المحلی فى إدارة شئون المدرسة، حیث تحل المحاسبیة الأفقیة أمام المجتمع المحلی بدلاً من المحاسبیة الراسیة أمام السلطات المرکزیة . (143)
فالأفراد على المستوی المحلی (أولیاء الأمور، وأفراد المجتمع المحلی، والعاملین بالمدرسة، والطلاب) تکون لدیهم معلومات عن المدرسة أکثر من المسئولین على المستوی المرکزی، وبالتالی فهم یشارکون فى صنع القرار باختیارات أفضل تکون أکثر ملائمة للمدرسة من المسئولین على المستوی المرکزی، وهذا من شانه تحقیق الفعالیة الإداریة، والکفاءة المالیة فى ذات الوقت وهذا یعنی أن المناخ التنظیمی والإداری للإدارة الذاتیة للمدرسة یعزز مشارکة المستفیدین من الخدمة التعلیمیة فى الإدارة والرقابة والمحاسبیة لأنهم أکثر حرصاً على تلقی الخدمة التعلیمیة بکفاءة وجودة عالیة، وبالتالی تعد المشارکة المجتمعیة احد الضمانات لتحقیق استقلالیة المدرسة ذاتیاً.
وتعکس خبرات بعض الدول فى تطبیقها للإدارة الذاتیة للمدرسة مثل الولایات المتحدة الأمریکیة، والصین، وکندا، واسترالیا، ونیوزیلندا الارتباط الوثیق بین درجة الاستقلال المدرسی، ودرجة المشارکة المجتمعیة، فالعلاقة بینهما علاقة طردیة کلما زادت درجة الاستقلال المدرسی کلما ازدادت درجة المشارکة المجتمعیة. وهذا المناخ التنظیمی والإداری یحقق بدرجة کبیرة أهداف المدرسة المنتجة وبصفة خاصة فى توفیر التمویل اللازم للإنتاج، والمحاسبیة لضبط إیقاع العمل بالمدرسة.
یتبین لنا مما سبق أن فلسفة الاستقلال الذاتی للمدارس ترتکز على فکرة صنع واتخاذ القرار التشارکی على المستوی المحلی (المدرسة)، وإحلال الرقابة والمحاسبیة، والتقییم الذاتی للمدرسة بما یضمن تحقیق فوائد نظام السوق دون خصخصة المدارس، وبما یؤدی إلى تحسین جودة المخرجات وتعظیم واستثمار الموارد المادیة والبشریة المتاحة، وتوفیر الثقة المتبادلة بین المدرسة والبیئة المحلیة وکل ذلک یمثل عوامل نجاح لتمکین أعضاء المجتمع المدرسی والمجتمع المحلی من تحقیق أهداف المدرسة المنتجة فى جمیع مراحل التعلیم بدءاً من التعلیم الأساسی وحتى التعلیم الجامعی.
ثالثاً: نتائج تحلیلات خبرات بعض الدول فى تطبیقها لمداخل الإصلاح التعلیمیة :
لقد تبین لنا من نتائج تحلیلات المداخل الإصلاحیة للتعلیم فى ضوء خبرات بعض الدول المتقدمة ممثلة : الإدارة الذاتیة للمدرسة، والمدرسة المنتجة ما یلى :
- تنامى التوجهات العالمیة للتوسع فى لامرکزیة التعلیم لضمان تحسین نوعیة مخرجاته ، وجعل المدرسة أکثر قدرة وفعالیة فى ارتباطها بالمجتمع المحلى.
- تعکس خبرات الدول التى تم تناولها إلى التفاوت فى أشکال ودرجات الاستقلال الذاتى للمدرسة ، وبقدر ما یتوفر للمدرسة من توسع فى أشکال الاستقلال ، ودرجة التمکین من السلطات المخولة بقدر ما یتحقق النجاح والکفاءة والفعالیة للمدرسة .
- هناک العدید من الدول التى منحت سلطات مطلقة فى صنع القرار التربوى على مستوى المدرسة ، مثل الولایات المتحدة الأمریکیة ، ونیوزیلندا ، وکندا مما کان له أثره البالغ على الارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة .
- یتنوع نمط التمکین من صنع القرار بمشارکة المجتمع المحلى مما یترتب علیه الاستقلال المالى والإدارى والتشریعى الذى یوفر المناخ الملائم للعمل والإنتاج قبل تجربة نیوزیلندا، وانجلترا ، واسترالیا ، حیث یمنح مدیرو المدارس صلاحیات واسعة فى نقل وتعیین المعلمین وتنظیم شئون المدرسة .
- تؤکد خبرات الدول أن مناخ الإدارة الذاتیة للمدرسة یسهم إلى حد کبیر فى زیادة القدرات التنافسیة للمدرسة، ویزید من إیجابیة وتفاعل المعلم مع البیئة المحیطة ( متلقى الخدمة ).
- تشیر خبرات الصین، والدنمارک ، واسترالیا ، وترکیا إلى أن المدرسة المنتجة تقلل من الفجوة بین التعلیم الأکادیمى والمهنى ، وتسهم فى ربط التعلیم بالعمل والإنتاج ، وأن الإدارة الذاتیة هى المدخل لتحقیق الکفاءة والفعالیة المدرسیة .
فى ضوء خبرات هذه الدول وغیرها یتأکد أن تطبیق الإدارة الذاتیة للمدرسة یعد من أهم عوامل النجاح لتحقیق کفاءتها وفعالیتها .
المحور الرابع : التصور المقترح للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة باستخدام مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة
فى ضوء التحلیلات السابقة لمدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة فى أدبیات الفکر الحدیث کآلیة تنظیمیة تربویة لإصلاح وتطویر التعلیم، وفى ضوء التحلیل لفکرة المدرسة المنتجة کمشروع تربوی لتأصیل الدور التنموی لرسالة المدرسة بجوار دورها الأساسی فى التعلیم، وفى ضوء خبرات وتجارب بعض الدول التى طبقت مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة، ومشروع المدرسة المنتجة تحاول فى هذا الجزء تقدیم تصور مقترح للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة باستخدام مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة، وینطلق هذا التطویر من فلسفة ومبادئ یمکن ترجمتها إلى أهداف، والیات لتحقیق هذه الأهداف، والتى من شانها أن تعمل على توفیر المناخ التنظیمی المساعد على نجاح المدرسة المنتجة، هذا بالإضافة إلى الإشارة إلى بعض الضمانات الکفیلة بنجاح التصور والتى تمثل مجموعة دلالات فى علاقة النجاح بین الإدارة الذاتیة والمدرسة المنتجة. وسوف یتم عرض التصور المقترح من خلال المحاور التالیة:
فلسفة ومنطلقات التصور المقترح:
لقد أصبح الاتجاه نحو اللامرکزیة فى التعلیم إستراتیجیة عالمیة أخذت بها معظم دول العالم فى السنوات الأخیرة بهدف نقل السلطة من الإدارة المرکزیة إلى الإدارة المحلیة (المدرسة)، حیث أکدت تجارب العدید من دول العالم أن الإدارة الذاتیة للمدرسة تعمل على تحسین تقدیم الخدمة التعلیمیة، ومن ثم تطویر وتحدیث التعلیم ولهذا یتعاظم التوجه نحو تطبیق اللامرکزیة کمدخل وصیغة للإصلاح والتطویر ودعم رسالة المدرسة فى علاقتها بالمجتمع المحلی. وبناء على ذلک ظهرت استراتیجیات ومداخل إداریة وتنظیمیة جدیدة من شانها أن تحقق الإصلاح المدرسی وترتقی بکفاءة وإنتاجیة المدرسة، وتساعد المدرسة على التکیف مع البیئة المحلیة وبصفة عامة تحقیق خصائص المناخ التنظیمی الفعال للمدرسة فى إطار الإدارة الذاتیة.
وقد تبین لنا من خبرات بعضالدول الأجنبیة مثل الولایات المتحدة الأمریکیة، ونیوزیلندا، والصین الشعبیة، وکندا، واسترالیا والتى طبقت استقلالیة المدرسة ذاتیاً من حیث أشکال الاستقلال، وحدود الصلاحیات ودرجات الحریة المتاحة للتنظیم الإداری المدرسی، النجاح الکبیر فى رسالة المدرسة التعلیمیة والإنتاجیة ومساهمتها فى بناء الاقتصاد القومی لهذه الدول.
ولهذا کانت أهم دلالات النجاح فى المدرسة المنتجة تتمثل فى توفیر خصائص المناخ التنظیمی المدرسی الفعال الذی یساعد على منح استقلالیة المدرسة ودعم قدرات مجالسها وتمکینها من صنع القرارات المدرسیة فى إطار الهیاکل التنظیمیة المسطحة (المرنة) بدلاً من الهیاکل التنظیمیة الهرمیة الطویلة (الهیرارکی)، واستقلالیة دور القرار التربوی التشارکی، والشفافیة وإتاحة المعلومات للجمیع، واستثمار وتوظیف الموارد المادیة والبشریة للمدرسة فى إطار الشفافیة والمحاسبیة الأفقیة والرأسیة، والتنمیة المهنیة للعاملین بالمدرسة، وتعد هذه الدلالات هى المنطلق للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة فى تحقیق رسالتها التعلیمیة والتنمویة. ویمکن تحدید الأسس والمنطلقات التى تحکم التصور فى الأتی:
أولاً: مبادئ ترتبط بفلسفة الإدارة الذاتیة للمدرسة تتمثل فى :
- الاستقلال الذاتی للمدرسة هو المدخل الإدارى الأکثر دیموقراطیة.
- یتوقف تحسین وتطویر العملیة التعلیمیة على درجة الاستقلالیة الممنوحة للإدارة المدرسیة.
- تعزیز درجة التمکین من صنع القرار التشارکی بین الأطراف المعنیة بالتعلیم والمجتمع المحلی یسهم إلى حد کبیر فى التوظیف الأمثل للموارد المادیة والبشریة للمدرسة.
- منح المدرسة المزید من الصلاحیات والسلطات لإدارة شئونها الداخلیة وفق ظروفها المادیة والبشریة، وعلاقتها بالمجتمع المحلی یساعد على تجوید مخرجاتها.
- إن البیئة الإداریة والتنظیمیة التى تتسم بالدیموقراطیة، والمرونة، وتفویض السلطات، والتحرر من الهرمیة، والاعتماد على صنع واتخاذ القرار التشارکی توفر مناخ الابتکار والتجدید فى الأداء الوظیفی مما ینعکس بصورة ایجابیة على کفاءة وفعالیة المدرسة.
- تعد المشارکة المجتمعیة من أهم عناصر النجاح فى تحسین وتطویر النظم التعلیمیة وفى تحقیق التنمیة الشاملة، وهذا لن یتحقق إلا بتوفیر درجة کبیرة من الحریة للمدرسة لإدارة شئونها وفق احتیاجاتها وإمکاناتها فى إطار الاستقلال الذاتی.
- إن الاهتمام بحریة تداول المعلومات واطلاع جمیع المعنیین علیها وتوفیر الآلیات لنشر المعلومات وإتاحتها تأکیداً لمبدأ الشفافیة، وتدعیم آلیات المساءلة والمحاسبیة على المستوی الأفقی والراسی یساعد على تحقیق رسالة المدرسة التعلیمیة والتنمویة بطریقة أفضل.
- إن البنیة الإداریة المدرسیة الفعالة التى یتم فیها تنظیم العمل على أساس العملیات ولیس الوظائف مع التفاعل والاستجابة لمتغیرات البیئة المحلیة بدعم الشعور بالملکیة وتعزیز قیم الانتماء والعمل العام لدی أولیاء الأمور والطلاب، وأفراد المجتمع المحلی، کما یعمق التوجه نحو الدیموقراطیة بصفة عامة.
- إن توزیع الأدوار بدقة على الإدارة المدرسیة مع توفیر السلطة الکاملة للمدرسة فى إدارة ذاتها من موقع العمل، مع التوسع فى سلطات صنع القرار المتصلة بالجوانب المالیة، والإداریة، والتعلیمیة، واستثمار الموارد المتاحة فى المدرسة یساعد على خلق مناخ البیئة المنتجة.
ثانیاً: مبادئ ترتبط بفلسفة المدرسة المنتجة:
- فى ظل المتغیرات الاقتصادیة المعاصرة، والتحولات المتسارعة لسوق العمل أصبحت الوظیفة الإنتاجیة محوراً استراتیجیاً فى رسالة المدرسة بجوار وظیفتها الأساسیة التعلیمیة على مستوی جمیع المراحل التعلیمیة.
- إن إعداد المواطن المنتج فى إطار المنافسة العالمیة التى یتمیز بها عصرنا الحالی یتطلب امتلاک الفرد لمهارات الحیاة العملیة التى تتناغم مع آلیات العصر وتحدیاته وبصفة خاصة مهارات العمل المنتج والذی یترتب علیه القضاء على الفجوة بین التعلیم الأکادیمی والمهنی، وربط النظریة بالتطبیق.
- إن التحدیات المترتبة على التغیرات المتسارعة فى سوق العمل تتطلب التغیرات فى الوظیفة التربویة للمدرسة من کونها مؤسسة لثقافة استهلاک المعرفة وإیداعها، إلى ثقافة الإنتاج والإبداع الذی یشکل الإنسان المتعلم المنتج المبدع فى بناء واحد.
- إن النظرة الحدیثة للمدرسة الفعالة یتحدد فى مدی قدرتها على التفاعل والتکیف مع البیئة المحیطة، وفى کونها کیان فعال فى الاقتصاد الوطنی مما یتطلب اکتساب المتعلم مجموعة من المهارات مثل: تحمل المسئولیة، والتفاوض، ودراسة الجدوی، والإحساس بقیمة الانجاز، وتقدیر العمل، والعمل الجماعی، وإدارة المشروعات الصغیرة، وحسن إدارة الوقت .
- إن حریة التوظیف للموارد المادیة والبشریة المتاحة للمدرسة یجعل من المدرسة وحدة إنتاجیة لها مردود تربوی وتنموی.
- تؤکد توجهات إصلاح النظم التربویة على تنمیة القدرات الذاتیة للمدرسة، وزیادة الاعتماد على الموارد المالیة الذاتیة لها بجانب الموارد المالیة الحکومیة، أى من خلال إقامة علاقة شراکة فعالة مع المؤسسات الإنتاجیة والخدمیة فى البیئة المحلیة.
- إن تفعیل دور المدرسة فى مجال إعداد المتعلم لسوق العمل یتطلب تنفیذ برامج الوحدة المنتجة، ومشروعات رأس المال المدرسیة، وبصفة خاصة فى التعلیم الثانوی الفنی، بمعنی أن تتبنی المدرسة مشروعات صغیرة مناظرة لاحتیاجات سوق العمل.
- تؤکد اتجاهات الفکر الإداری المعاصر أن اللامرکزیة التى ترتبط بمدخلات العملیة التعلیمیة المتمثلة فى: الموارد المادیة والبشریة، والسلطة، والمعلومات، والمعرفة تسهم فى دعم الفعالیة التنظیمیة والإنتاجیة التعلیمیة للمدرسة .
- إن التنمیة المهنیة أداة لتعدیل السلوک الوظیفی والمهنی، وهى عملیة إداریة وفنیة، ویترتب علیها رفع کفاءة المدرسة المستقلة ذاتیا فى توظیف واستخدام الموارد المتاحة بما یعود على المدرسة کنقل فى تحسین إنتاجیتها.
- إن التوسع فى أشکال الاستقلال الذاتی للمدرسة، وتعزیز درجة التمکین من صنع واتخاذ القرارات، وإعفاء المشروعات الإنتاجیة للمدرسة من الضرائب، وتبنی الرقابة الذاتیة للمدرسة، یتطلب سن القوانین واتخاذ القرارات التى تنظم الصلاحیات التشریعیة المطلوبة لتفعیل المدرسة کوحدة إنتاجیة.
مما سبق یتبین لنا أن هناک علاقة تکاملیة بین الإدارة الذاتیة للمدرسة کمدخل إصلاحی، وبین إستراتیجیة المدرسة المنتجة کتجدید تربوی یتم من خلاله نقل المتعلم من متعلم مستهلک إلى متعلم منتج قادر على المساهمة فى التنمیة البشریة ، فالإدارة الذاتیة للمدرسة دالة لنجاح المدرسة المنتجة، فمن خلال المناخ التنظیمی للإدارة الذاتیة للمدرسة تتوفر الخصائص والسمات اللازمة للارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة. فاستقلال المدرسة فى تدبیر شئونها، واستقلالیة صنع واتخاذ القرارات الملائمة لمواردها المادیة والبشریة، وصلاحیات القیام بمشروعات إنتاجیة، وإتاحة الفرصة لممارسة التسویق فى المجتمع المحلی، وتوفیر الموارد الذاتیة للإنفاق على أنشطة المدرسة لتخفیف عبء الدعم الحکومی، کل ذلک یمثل عوامل نجاح لتحقیق فلسفة وأهداف المدرسة المنتجة وترسیخ الوظیفة التنمویة لرسالة المدرسة.
وهذا ما أوضحته تحلیلات خبرات بعض الدول محل الدراسة ففى الولایات المتحدة الأمریکیة، ونیوزیلندا، وکندا وفى المدارس الثانویة بصفة خاصة، التى طبقت فکرة المدرسة المنتجة فى المدارس المستقلة ذاتیاً وکان لمدخل الاستقلال الذاتی تاثیرة فى نجاح أهداف المدرسة المنتجة، کذلک تبین من خبرات استرالیا وانجلترا، وهونج کونج، وترکیا والصین الشعبیة، أن کفاءة المدرسة المنتجة تتوقف على التنظیم الإداری الذی تتبعه المدرسة فى إدارة شئونها، وارتباطها بالمجتمع المحلی.
أهداف التصور المقترح:
1- تمکین المدرسة والمجتمع المحلی من ممارسة الإدارة الذاتیة للمدرسة وتحقیق الاستقلال الذاتی لها للارتقاء بکفاءة وفعالیة مخرجات المدرسة المنتجة.
2- التوسع فى أشکال الاستقلال الذاتی للمدرسة (الإداری، والمالی، والأکادیمی، والمجتمعی) بما یحقق الارتقاء بکفاءة وفعالیة، المدرسة المنتجة.
3- تعزیز درجة التمکین من صنع واتخاذ القرارات التى ترتبط بالتعلیم والعمل المنتج وتحمل المسئولیة وإعطاء صلاحیات اکبر للقیادات التربویة لتغییر البرنامج الدراسی لظروف المدرسة.
4- تفویض السلطة المدرسیة فى توظیف الموارد المادیة والبشریة المتاحة للمدرسة، واستثمار مواردها فى مشروعات إنتاجیة وتسویقیة وخدمیة، وتحویل المدرسة إلى وحدة إنتاجیة . إعادة هیکلة الإدارة المدرسیة بشکل یسمح بالمشارکة فى التخطیط ورسم السیاسة التعلیمیة على المستوی القومی والمحلی.
5- دعم المشارکة المجتمعیة للعملیة التعلیمیة بالمستوی الذی یتحقق معه الشعور بالملکیة، وتعزیز قیم الانتماء، وتقدیر واحترام قیم العمل وتحقیق الفعالیة الإداریة والکفاءة المالیة.
6- تدعیم نظم المحاسبیة على المستوی الأفقی والراسی فى إطار آلیات التقییم الذاتی.
7- دعم وتطویر القدرات التنافسیة للمدرسة، وتوفیر المناخ الایجابی للابتکار والتمیز والإنتاجیة.
8- العمل على جعل المدرسة وحدة تنظیمیة ذات طبیعة اقتصادیة کمصدر للتمویل الذاتی للمدرسة.
9- التعرف على بعض الخبرات العالمیة الناجحة فى مجال التعلیم المنتج، وإمکانیة الإفادة منها فى الارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة فى مصر.
10- تقدیم التوجیهات اللازمة للاستقلال الذاتی للمدرسة بما یسهم فى الارتقاء بکفاءة المدرسة .
متطلبات تطبیق التصور المقترح:
مع ظهور برامج إصلاح التعلیم الأساسی والثانوی فى مصر فى التسعینات، ظهر مفهوم اللامرکزیة محدوداً بتفویض سلطة وزیر التربیة والتعلیم إلى بعض المحافظات فى مجال الإدارة التربویة واتسع الاهتمام بهذا المفهوم فى عام 2005م، وخطت الوزارة خطوات ملموسة لترسیخ اللامرکزیة من خلال بعض التشریعات التى تمنح المدرسة صلاحیات استخدام الرسوم المدرسیة، وتطبیق معادلات التمویل، والتغذیة المدرسة، وعملیات الصیانة. ورغم هذه الجهود المعلنة إلا أن الواقع الحالی یشیر إلى محدودیة نقل السلطات ومنح الصلاحیات، والمشارکة فى صنع القرار على المستوی المحلی (المدرسی)، فلا تزال شدة المرکزیة فى التخطیط، ووضع السیاسة العامة، وإعداد المناهج الدراسیة، وتصمیم البرامج التدریبیة وغیرها مما یترتب علیه ضعف الکفاءة والفعالیة للمؤسسة النظامیة وبصفة خاصة الخلل فى توظیف الموارد المادیة والبشریة للمدرسة.
و جاءت الخطة الإستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعی (2014 - 2030) لتؤکد فى توجهاتها على إعادة هندسة النظام التعلیمی لتحقیق الفاعلیة والانسیابیة بین عناصره، وتطویر البیئة التنظیمیة للمدرسة کوحدة قادرة على إدارة ذاتها، وتدبیر متطلبات التمویل اللازمة لتحقیق برامجها ومشروعاتها مع التأکید على التوظیف الأمثل للموارد المتاحة، وینبنی برنامج الإصلاح المتمرکز حول المدرسة.
إلا أن الواقع یشیر إلى أن استقلالیة القرارات المدرسیة لا تزال شکلیة ولیست على مستوی الطموحات التى تحقق فعالیة المدرسة المنتجة، وترتقی بکفاءتها. وهنا سوف نشیر إلى متطلبات تطبیق التصور المقترح والتى تتمثل فى بعض الإجراءات التى یمکن اعتبارها جهوداً مقترحة لدعم الاستقلال الذاتی للمدرسة کمدخل للارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة، على اعتبار أن المدرسة هى الوحدة الأولی للفعل التعلیمی والذی یبدأ منه إصلاح النظم التعلیمیة، فبناء القدرة الذاتیة للمدرسة یتطلب الاستقلال الذاتی للمدرسة إداریاً ، ومالیاً ،وأکادیمیاً ، وسیاسیاً ، بمعنى أخر ، أن یجتمع الإستقلال الذاتی ، والتعلیم المنتج فی کیان مدرسی واحد . والشکل التالی یوضح هذا الکیان المطلوب تفعیله ، والذی یمثل القیمة المضافة للتصور المقترح .
شکل رقم (2)
مقومات المدرسة المنتجة المستقلة ذاتیاً
إجراءات تحقیق الاستقلال الذاتی للمدرسة المنتجة:
من المعروف أن نجاح المؤسسة التعلیمیة یقاس بنوعیة مخرجاتها ومدی قدرتها على توظیف الخبرات التى اکتسبتها لیکونوا أعضاء منتجین قادرین على المشارکة الفعالة فى الاقتصاد القومی وتحقیق آمال وطموحات المجتمع، وسبق أن أوضحنا من خلال التحلیل النظری للإدارة الذاتیة للمدرسة، والمدرسة المنتجة فى ضوء خبرات بعض الدول أن المناخ التنظیمی والإداری للاستقلال الذاتی للمدرسة یمثل دالة نجاح لتحقیق فلسفة المدرسة المنتجة والارتقاء بکفاءتها وفعالیتها فى المجتمع المحلی، وهنا نشیر إلى مجموعة من الإجراءات لتنفیذ التصور المقترح للارتقاء بکفاءة المدرسة المنتجة فى ضوء مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة، وتتمثل هذه الإجراءات فى عدة عناصر رئیسیة تؤکد على دعم البنیة المؤسسیة وبناء القدرة الذاتیة للمدرسة لتصبح المدرسة وحدة إنتاجیة فعالة تتمثل مقوماتها فی الإجراءات التالیة :
1- دعم التشریعات اللازمة للاستقلال الذاتی للمدرسة:
- أن یتم تأصیل لامرکزیة التعلیم على المستوی المحلی (المدرسی) بصفة خاصة فى مواد الدستور، والتأکید علیها خلال المستویات الإداریة الأخری.
- إصدار التشریعات التى تمنح القیادات المحلیة سلطات واسعة للإشراف على العملیة التعلیمیة ومتابعة تنفیذ الخطة الإستراتیجیة للمدرسة.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة التى تمنح إدارة المدرسة سلطات واسعة لإدارة شئونها المالیة والإداریة والتعلیمیة.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة لتغییر الهیکل الإداری للمدرسة لیتضمن وحدات ذات طابع اقتصادی منتج برأس مال عام.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة اللازمة للاستثمارات الخاصة بالشراکة مع مؤسسات المجتمع المحلی.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة اللازمة لتفعیل مصادر تمویل المدرسة، وصیاغة العلاقة التمویلیة بین المدرسة والبیئة المحلیة.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة اللازمة لجعل المدرسة مصدراً للتمویل التعلیمی الذاتی بجواز التمویل التعلیمی الحکومی.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة اللازمة لإنشاء وحدة للمحاسبیة الذاتیة للمدرسة تتضمن تمثیلاً حقیقیاً لمجالس الأمناء والمعلمین والمجتمع المحلی والإدارة المرکزیة.
- إصدار التشریعات والقرارات الوزاریة اللازمة لإعفاء أملاک ومنتجات المدرسة من الضریبة العامة على الأملاک والمبیعات.
2- التوسع فى أشکال الاستقلال الذاتی للمدرسة:
تتعدد أشکال الاستقلال الذاتی للمدرسة فى خبرات الدول على مستوی العالم والاستقلال الذاتی الحقیقی للمدرسة یتضمن أکثر من نشاط وعلیه کلما اتسعت دائرة الاستقلال وتضمنت عدداً من الأنشطة التعلیمیة کلما ساعد ذلک على توفیر المناخ التنظیمی الملائم للارتقاء بفعالیة المدرسة المنتجة، وعلیه ینبغی أن تتزاید المرونة التى تمکن المجتمع المدرسی والمحلی من إدارة شئون المدرسة ذاتیاً فى الأمور التالیة: میزانیة المدرسة، تحسین البنیة التحتیة للمدرسة، تدبیر الکتب الدراسیة والمواد التعلیمیة، تطویر المناهج وملائمتها للمجتمع المحلی، التعاقد مع المعلمین والعاملین، وضع خطة التطویر للمدرسة، المتابعة والتقویم الذاتی، هذه الأنشطة تتطلب إجراءات تطبیقیة فى الجوانب التالیة:
- تفعیل اللامرکزیة السیاسیة، وذلک بتوفیر درجة أعلى من الدیموقراطیة للمستویات المحلیة لضمان درجة عالیة من المشارکة المجتمعیة فى صنع القرار التربوی، ووضع رؤیة ورسالة المدرسة وخطة التطویر لها من خلال مشارکة المجالس الشعبیة، ومجالس الأمناء على المستویات الجغرافیة المختلفة بدءاً بالمحافظة حتى المحلیات.
- تفعیل اللامرکزیة الإداریة، وذلک بنقل السلطات من الإدارة التعلیمیة إلى مستوی المدرسة واعتبارها وحدة قائمة بذاتها وهى صاحبة القرار فى کل ما یخص الشئون الإداریة على أن تتحمل المدرسة المسئولیة والمحاسبیة على الانجاز أمام المجتمع المحلی والإدارة المرکزیة.
- تفعیل اللامرکزیة المالیة، وذلک بالتوسع فى الصلاحیات الممنوحة للمدرسة لتکوین رأس مال عام والاحتفاظ به والإنفاق منه على العملیة التعلیمیة وفقاً لاحتیاجات المدرسة فى حدود البنود المصرح بها فى الباب الثانی، وأن یتم ذلک فى ضوء خطة تحسین المدرسة.
- تفعیل اللامرکزیة الأکادیمیة، وذلک بنقل السلطة والتفویض وزیادة الصلاحیات لتمکین المدرسة من المشارکة فى تخطیط ورسم سیاسة العملیة التعلیمیة على المستوی المدرسی فى إطار ظروف واحتیاجات البیئة المحلیة، مثل منح سلطة المدرسة لتغییر موضوعات المنهج الدراسی، واختیار الکتب المدرسة والمشارکة فى وضع معاییر تقویم الطلاب بشرط موافقة الوزارة.
130- تعزیز درجة التمکین فى صنع واتخاذ القرارات:
یتوقف التمکین فى صنع واتخاذ القرار على درجة السلطة المخولة لصنع القرار، وکذلک على من یمتلک هذه السلطة فى صنع القرار على المستوی المدرسی. وهنا ینبغی أن یتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإقرار المزید من الصلاحیات لإدارة المدرسة والمجتمع المحلی للسیطرة الکاملة على کل القرارات التعلیمیة، والمالیة والإداریة، وأن تمثل إدارة المدرسة والمجتمع المحلی الکیان القانونی الرسمی الذی یدیر المدرسة.
130- تفعیل المشارکة المجتمعیة التبادلیة:
وهنا تؤکد التوجهات العالمیة أن المشارکة المجتمعیة احدی الضمانات لتحقیق الکفاءة المالیة، والفعالیة الإداریة للمدرسة ولهذا ینبغی أن تتوفر شراکة مجتمعیة فاعلة وتبادلیة فى نفس الوقت بمعنی أن المجتمع المحلی وهى سلطة المستفیدین تقدم للمدرسة بقدر ما تستفید وأن المدرسة تقدم للمجتمع المحلی بقدر ما تستفید منه أیضاً، وذلک یتطلب:
- إنشاء صندوق على مستوی المحافظة لتقدیم المساعدات اللازمة لرفع کفاءة المدرسة المالیة.
- إعطاء المدرسة صلاحیات إقامة مشروعات إنتاجیة وتسویقیة وخدمیة لصالح المجتمع المحلی.
- تفعیل دور الجمعیات الأهلیة والمنظمات غیر الحکومیة کمصادر تمویل لإنتاجیة المدرسة.
- استخدام الموارد المادیة البشریة المتاحة للمدرسة فى مواجهة مشکلات المجتمع المحلی.
- أن تشارک المدرسة فى وضع خطة لتنمیة المجتمع المحلی.
- تفعیل تسویق المشروعات الإنتاجیة فى المجتمع المحلی فى ضوء استقلال ذاتی أوسع للمدرسة.
130- تدعیم نظم المحاسبیة فى ضوء التقییم الذاتی للمدرسة:
إن توفیر آلیات ونظم دقیقة للمحاسبیة داخل المدرسة المستقلة ذاتیا یساعد على تحقیق کفاءة وفعالیة إدارة المدرسة المنتجة، کما یساعد على تحدید أولویات إنتاجیة المدرسة، ویدعم المصداقیة والثقة بین العاملین بالمدرسة والمجتمع المحلی، ویتطلب ذلک:
- وضع أسس وقواعد معلنة للمساءلة والمحاسبیة بمشارکة العاملین ومجلس الأمناء.
- وضع اللوائح المالیة التى تقنن عمل الوحدات الاقتصادیة ذات الطابع الإنتاجی فى المدرسة.
- أن تکون للمدرسة رؤیة ورسالة واضحة ومعلنة للجمیع تتضمن البعد التنموی لرسالة المدرسة.
- تحدید المهام والمسئولیات للعاملین بالمدرسة فى ضوء التوصیف الوظیفی المهنی للعاملین، والمستویات المعیاریة والمؤشرات المهنیة للأداء.
- أن توفر المدرسة آلیات محددة لقیاس مؤشرات کفاءة وفعالیة المدرسة.
- أن تتولی مجالس الأمناء مسئولیة الرقابة وتقویم الأداء بجوار المعنیین بالعملیة التعلیمیة .
- ربط حوافز العاملین بالمدرسة.
- ضرورة قیام المدرسة بالمحاسبیة التعلیمیة للأداء الذاتی لجمیع العناصر المشارکة فى العملیة التعلیمیة، على أن یتحمل أعضاء المدرسة المسئولیة عن مستوی أدائهم أمام المجتمع المحلی.
- أن تقدم المدرسة مستوی على ضوء التقییم الذاتی لأداء المدرسة.
130- التنمیة المهنیة والتقنیة للقیادات والعاملین:
التنمیة المهنیة مقوم أساسی فى الإدارة الذاتیة للمدرسة، وهى نشاط حیوی یتجدد فى المدرسة المنتجة، وهى السبیل لتطویر أداء العاملین بالمجتمع المدرسی ونشر ثقافة التعلیم المنتج، ونقل السلطة ومنح الصلاحیات بین المستویات الإداریة المختلفة، ویتطلب بعض الإجراءات التى ترتقی بکفاءة المدرسة المنتجة المستقلة ذاتیاً من أهمها:
- العمل على ربط المشروعات الإنتاجیة والتسویقیة، والخدمیة، بکفاءات العاملین بالمدرسة .
- تنوع برامج التدریب المهنی لتشمل ثقافة الاستهلاک والإنتاج واللامرکزیة، والتقنیات الحدیثة، ومهارات سوق العمل.
- تعزیز التوجه نحو تنوع أسالیب التدریب واستخدام آلیات حدیثة للتنمیة المهنیة للقیادات والعاملین بالمدرسة مثل التدریب عن بعد ومن خلال الفیدیو کونفرنس.
- العمل على إنشاء مرکز رئیسی للتدریب والتنمیة المهنیة بکل محافظة.
متطلبات نجاح التصور:
- سن التشریعات والقوانین والقرارات الوزاریة اللازمة للاستقلال الذاتی للمدرسة .
- التخطیط للمؤسسات التعلیمیة على أن تصبح مؤسسات تعلیمیة إنتاجیة أی تتضمن وظیفتین التعلیم والإنتاج معاً وأن یتم تطبیق مشروع المدرسة المنتجة فى جمیع مراحل التعلیم، على أن یتم تعمیمه فى مدارس التعلیم الثانوی الفنی باعتبار أن هذه المدارس تعد مدارس منتجة.
- المساهمة بفاعلیة من قبل الدولة فى تمویل وإدارة المشروعات الإنتاجیة والتسویقیة الصغیرة والمتوسطة على مستوی المدرسة والتأکید على الدور التنموی لرسالة المدرسة.
- ترسیخ النظرة الحدیثة للدور التنموی لرسالة المدرسة الذی یضمن رابط المدرسة بالمجتمع المحلی، وجعل المدرسة کیان فعال فى الاقتصاد القومی.
- تحقیق شراکة مجتمعیة فاعلة من خلال التوظیف الأمثل للموارد المادیة والبشریة للمدرسة وإمکانات المجتمع المحلی فى الارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة.
- ربط الإدارة الذاتیة للمدرسة بمشروع المدرسة المنتجة بحیث یتم تعمیم المدرسة المنتجة فى جمیع المدارس المستقلة ذاتیاً.
- تضمین المدارس المستقلة ذاتیاً وحدات إنتاجیة وورش عمل وبنیة تحتیة، تؤهل للأنشطة الاستثماریة فى المجتمع المحلی.
معوقات تطبیق التصور المقترح:
هناک بعض التحدیات التى تواجه تطبیق الاستقلال الذاتی للمدرسة لدعم إستراتیجیة المدرسة المنتجة ورفع کفاءتها وفعالیتها ومن هذه التحدیات التى من المتوقع مواجهتها على المستویات: القومی، الإقلیمی، والمحلی (المدرسی) نذکر منها :
- ضعف التشریعات اللازمة لتطویر البیئة المؤسسیة للمدرسة، وعدم ملائمة الهیکل الإداری المدرسی لتطبیق اللامرکزیة فى إطار متوازن.
- محدودیة التمویل الحکومی والموارد المالیة المجتمعیة للمدارس المنتجة لتوفیر الأجهزة والمعدات والبنیة التحتیة اللازمة لتنفیذ المشروعات الإنتاجیة والتسویقیة الصغیرة.
- ضعف الشراکة بین المدرسة والمجتمع المحلی، ونقص الوعی بثقافة المدرسة المنتجة ودور الاستقلال الذاتی للإدارة المدرسیة فى تحقیق البعد الاقتصادی والتنموی لرسالة المدرسة.
- ضعف کفاءة وفعالیة بعض القیادات المدرسیة اللازمة لتمکین المدرسة من تحقیق التعلیم المنتج فى إطار الاستقلال الذاتی للمدرسة.
- افتقار خطط التطویر والتحسین فى معظم المدارس إلى البعد الإنتاجی فى التعلیم، وتبنی نظم والآلیات المحاسبیة التعلیمیة، وتوظیف موارد المدرسة بفعالیة.
- افتقار المناخ التنظیمی السائد فى المدرسة إلى توزیع الأدوار والمسئولیات المتکافئة على العاملین بالمدرسة، وغیاب الشفافیة، وضعف توافر الثقة المتبادلة بین المجتمع الملحی وإدارة المدرسة مما یؤدی إلى عدم فعالیة استخدام الموارد البشریة المتاحة لرفع إنتاجیة المدرسة فى إطار لامرکزی.
- ضعف نظام حوکمة التعلیم على المستوی المدرسی، وقدرته على جذب قیادات المجتمع المحلی للمشارکة فى تسییر شئون المدرسة.
- ضعف فعالیة وحدات التدریب والجودة داخل المدرسة مما أدی إلى ضعف التنمیة المهنیة، ونقص القیادات التربویة المؤهلة لإدارة المشروعات الإنتاجیة والتسویقیة.
توصیات عامة :
فى ضوء التصور المقترح ونتائج تحلیل خبرات بعض العدول وفى إطار التطلع لتطبیق الاستقلال الذاتی للمدرسة کإستراتیجیة حاکمة للارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة تقدم بعض التوجیهات العامة یحملها فى الأتی:
1- إصدار التشریعات اللازمة لتطبیق مدخل الإدارة الذاتیة للمدرسة کمناخ تنظیمی للارتقاء بکفاءة وفعالیة المدرسة المنتجة فى جمیع مستویات المراحل التعلیمیة، ووضع السیاسات التعلیمیة التى تسمح للمدرسة بزیادة مواردها المالیة، وتشجیع المبادرات الإصلاحیة والإنتاجیة، وإزالة الصعوبات، والعراقیل أمام الجهود الذاتیة على المستوی المدرسی، على أن یتم اتخاذ هذه السیاسات والمبادرات فى إطار اللامرکزیة المتوازنة، بین المستویات الإداریة المختلفة.
2- العمل على تأصیل البعد الاقتصادی والتنموی فى رسالة المدرسة من خلال ربط التعلیم بالإنتاج، والمدرسة بالمدرسة بالمجتمع المحلی، ودمج المجتمع المحلی فى المدرسة، وجعل المدرسة مؤسسة تعلیمیة وإنتاجیة فى آن واحد.
3- ضرورة التوسع فى أشکال ودرجات الاستقلال المخولة للمدرسة وذلک بالمشارکة فى صنع واتخاذ القرار التربوی من خلال تنظیم إداری مدرسی تتبادل فیه المعلومات والآراء فى الاتجاهین الأفقی والراسی، وتخفیف حدة الواقع البیرقراطی المتمثل فى التنظیم الهرمی.
4- دعم القدرات المؤسسیة لمجالس الأمناء والآباء والمعلمین، وتفعیل دورها فى دعم المشارکة المجتمعیة للقیام بدورها المنشود لإحداث نقلة نوعیة فى التوجهات الاقتصادیة للمدرسة.
5- تدعیم الثقة التنظیمیة بین الإدارة المدرسیة، والمستویات الإداریة العلیا، بحیث تصبح العلاقة بینهما تعاونیة تقوم على أساس تقدیم النصح والإرشاد والتوجیه بدلاً من إصدار الأوامر.
6- تدعیم العلاقة بین المدرسة ومؤسسات الإنتاج فى المجتمع المحلی من اجل تقلیل الفجوة بین مخرجات المدرسة ومتطلبات سوق العمل ومشارکة منظمات المجتمع المدنی، والجمعیات الأهلیة والنقابات المهنیة فى مبادرات وبرامج الإصلاح التعلیمی.
7- العمل على زیادة صلاحیات المدرسة مالیاً، وإداریاً، وتربویاً، وسیاسیاً فى صناعة القرار التعلیمی، مع توسیع مساحة المشارکة المجتمعیة لتمکین المدرسة من إدارة مواردها المادیة والبشریة، وإعداد خطط التطویر والتحسین.
8- تفعیل نظم المحاسبیة التعلیمیة، وبناء أطر واضحة الشفافیة، والمساءلة فى ضوء التقییم الذاتی للمدرسة من جانب أعضاء المجتمع المدرسی والمجتمع المحلی، وتقییم الأداء الفعلی للمدرسة فى ضوء المعاییر القومیة لجودة التعلیم.
9- أن تضمن محتوی المناهج والمقررات الدراسیة فى مراحل التعلیم قبل الجامعی وبصفة خاصة فى التعلیم الفنی، بعض الموضوعات التى یمکن من خلالها تنمیة مهارات العمل والإنتاج مثل: التفاوض، ودراسة الجدوی، والتسویق، والتعامل مع دینامیات السوق، وإدارة المشروعات الصغیرة، وتحمل المسئولیة، ومواجهة الصعاب، وتقدیر الربح وتقبل الخسارة، والتفکیر فى العواقب، والإبداع، والابتکار والتى تسهم فى بناء الإنسان المنتج والمبدع المزود بالمهارات الاستشراقیة للمستقبل.
10- أن تتأصل فى نواتج التعلم المستهدفة من المدرسة المستقلة ذاتیاً وبإعداد رجال الأعمال والمستثمرین الصغار الذی یمکنهم التفاعل بکفاءة مع متغیرات اقتصادیات السوق المتغیرة.
11- تأصیل البعد الاقتصادی والتنموی للمدرسة فى مؤسسات إعداد المعلم، وتبنی استراتیجیات التعلیم المنتج، وربط العمل بالإنتاج، وتنمیة قدرات الإبداع والابتکار فى المشروعات الإنتاجیة، وفى مقابل ذلک تتوافر للمعلمین سلطات واسعة لتغییر خبرات التعلم بما یتوافق مع متطلبات المدرسة المنتجة واحتیاجات المجتمع المحلی.
المراجع :-
(1)Available at :http://www.masress.com/alahaly/5063.
(2) Joseph Murphy and baruela torre, (2012) creating productive cuttwre inschools for students, teachers and parents, corwin press: thousand, oaks, CA pp (5-7).
(3) Available at: http://child-trng.blogspot.com /2010/..ttixzz.2x alellyc.
(4) Available at: http://unitec.researchank.ac.nz/bitstre.
(5) وزارة التربیة والتعلیم متاح على الموقع : http://moe.gov.eg/pages/deloult.aspx
(6) أحمد على الحاج (2012م) ، اقتصادیات المدرسة ، ط1، عمان: دار المسیرة للنشر والتوزیع ، ص45 .
(7) إبراهیم بن عبد الله الزعییر، والمتولی إسماعیل بدیر "الإدارة الذاتیة، ودورها فى تمیز الأداءالمدرسی" بحث مقدم إلى المؤتمر الثامن بکلیة التربیة – جامعة الیرموک فى الفترة (20-22) ابریل 2010م، اربد – الأردن.
(8) رمضان أحمد عید، التحولات الکبری فى القرن العشرین وانعکاساتها على الإدارة المدرسیة فى مرحلة التعلیم الأساسی، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1998م، ص ص (98-120).
(9) نادیة حسن السید على "تصور مستقبلی لتفصیل مشروع المدرسة المنتجة فى تصویر إشکالیة الواقع وسیناریوهات المستقبل" مجلة کلیة التربیة بنها، العدد (57) ابریل 2004م، ص38.
(10) فاطمة محمد السید على "تصور مقترح لتطبیق المدارس المنتجة بمرحلة التعلیم الأساسی فى ج.م.ع فى ضوء تجربة الصین الشعبیة، مجلة العلوم التربویة، کلیة التربیة – جامعة الفیوم، العدد (4)، أکتوبر (2002م).
(11) عبد العظیم السعید مصطفی: الاستثمار التربوی وعلاقته بالمشروعات الصغیرة فى مصر (دراسة تحلیلیة) مجلة کلیة التربیة، جامعة المنصورة، العدد (42) ینایر 2000م،
ص ص(30 – 36).
(12) فاطمة محمد السید على (2002)، مرجع سابق.
(13) عزت عرفه عیسی، عبد السلام کاشف (2002) ، دور الأنشطة التربویة فى إنجاح مشروعالمدرسة المنتجة، المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة، شعبة بحوث الأنشطة التربویة ورعایة الموهوبین.
(14) نادیة محمد عبد المنعم حفنی، ومحمد فتحی قاسم (2003): الخصائص التنظیمیة لبیئة المدرسةالإبتکاریة وعلاقتها بدعم المدرسة الثانویة کوحدة منتجة فى ضوء الاتجاهات المعاصرة ، القاهرة: المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة.
(15) بدری أبو الحسن (2003)، "تفعیل المدرسة کوحدة منتجة بمصر فى ضوء بعض الجهود العالمیة" ، مجلة الثقافة والتنمیة ، التی تصدر عن جمعیة الثقافة والتنمیة ،العدد (7)، ص ص(249-272)
(16) نادیة حسن السید على (2004)، مرجع سابق.
(17) عبد المعین سعد الدین (2005)، تقویم دور المدرسة المنتجة فى المراحل التعلیمیة المختلفة (دراسة میدانیة) ، المؤتمر العلمی السنوی الثالث عشر، الاعتماد وضمان جودة المؤسساتالتعلیمیة، الجمعیة المصریة للتربیة المقارنة والإدارة التعلیمیة، کلیة التربیة بنی سویف، جامعة القاهرة ، ص ص (767-885)
(18) أروی بنت على بن عبد الله أخضر (2012)، المدرسة المنتجة فى التعلیم العام بالمملکة العربیة السعودیة، رسالة دکتوراه غیر منشورة ، کلیة التربیة – جامعة الملک سعود، المملکة العربیة السعودیة .
(19) Johnson, William, L,Snyder, Karolyn J., (1990),Managing productiveschools, Emic No: ED 316931, Texas, , pp( 6-7).
(20) Stern, David,(1994),school – Based Enterprise: productive learning inAmerican High schools, jossey-Bass education series.Available at :
http://www.amarcan.com/school- Based Enterprise- productive learning- education/dp/155425976.
(21) Lochwood, Anne Turnbaugh ,(1996),productive schools: perspectivesform research and proactive, Office of Educational Research and Improvement, new leaders for tomorrow schools, ERIC, ED 426480.Vol (3), Available at : www.ric.ed.gov/er/cweb protal/recocolletail?.
(22) Penny, Oender & Bryh, Anthony,(2000),school Leadership and thebottom line in chicage, Phi Delta Kappan, Vol.( 8), No.( 6),p.440.
(23) United states General Accounting office (GAO) ,conncrcial Activities inschools, public education, report to congerses ional requesters ,September, 2000.
(24) Chandan, ealan (2004), The production and market valuation of education: essaysin local public finance, unpublished PHD thesis, Florida State University , USA.
(25) Piggot-Irvine, Eileen, (2008) , productive school governance: success case studiens from new zwaland, international journal for research learning, Vol. (12), No. (28).pp(213-245)
(26) Leigh,Anderw, R. (2009),Long-Run trends in school productivity: evidence from australia, education finance and policy centre foreconomic policy research,URL:Available at:http://econrss,anu, edu.aa/pdf/dp6180pdf.
(27) خالد قدری إبراهیم (1969)، الإدارة الذاتیة والمحاسبیة، مدخل لرفع کفاءة إنتاجیة المدرسةالثانویة، دراسة مستقبلیة، القاهرة، المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة، شعبة بحوث التخطیط,والسیاسات .
(28) عادل عبد الفتاح سلامه ، (2000) ، دراسة مقارنة للإدارة الذاتیة والفعالیة المدرسیة فى کل من انجلترا، واسترالیا، وهونج کونج، وإمکانیة الإفادة منها فى مصر، مجلة التربیة والتنمیة، السنة (8)، ع (20)، القاهرة ، ص ص (80-121) .
(29) سعید جمیل سلیمان (2004)، الإدارة الذاتیة مدخل للارتقاء بکفاءة المدرسة الابتدائیة، القاهرة: المرکز القومی للبحوث التربویة.
(30) أحمد محمد شوقی ، (2006)، الإدارة الذاتیة مدخل لتدعیم مقومات المدرسة الفعالة فى ضوء المعاییر القومیة للتعلیم، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة ، جامعة المنصورة.
(31) عاصم أحمد حسین محمد (2008)، متطلبات تطبیق اللامرکزیة فى إدارة نظام التعلیم قبل الجامعی بمصر فى ضوء بعض الخبرات المعاصرة، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة - جامعة بنی سویف.
(32) نجوی حسین عبد الفتاح المسیری (2009)، تطویر إدارة المدرسة الثانویة العامة فى ضوء مدخل الإدارة الذاتیة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة ، معهد الدراسات التربویة ، جامعة القاهرة.
(33) إیمان محمد طلعت محمد نخیلی عیسوی، (2011) ، "تطویر إدارة المدارس التجریبیة الرسمیة للغات فى ضوء مدخل اللامرکزیة فى جمهوریة مصر العربیة، رسالة ماجستیر، معهد الدراسات التربویة، جامعة القاهرة.
(34) أحمد عبد النبى عبد العال ، وعبد العاطى حلقان أحمد (2011) ،" دراسة مقارنة للإدارة الذاتیة للمدرسة فى کل من کندا والولایات المتحدة الأمریکیة وإمکانیة الإفادة منها فى مصر" " مجلةالتربیة، التى تصدر عن الجمعیة المصریة للتربیة المقارنة ، العدد (33) ÷ ص ص ( 111 – 218 ) .
(35) Jack-Amyersi (1997),"school make the decision: the impact of site-based management, Journal citaution school-business- affairs, Vol.( 63),No.(10)philadelphia. USA,pp( 3-9)
(36) Phillips,Larry(1998) , School-Based management, expectations and outcomes: edmanton public school 15 years after implementation. Unpubliched MA.hesis, university of alberta , Canda
(37) Cheung, W.& cheng, Y(1999),A multi-level frame work for self management school, International journal of Educational Reform , Vol.(8), No(1) .
(38) Vazquez marti, (2000) The jmpact of decentralization and school-based management in portorico "Acase study, Unpublished Ph.D. dissertation, Columbia university , USA .
(39) Gils chmerlr( 2001 ) , One man's continuing "war against recentralization: along struggle for school autonomy"., Phi delta kappan publisher , Vol.(83) , No.(5),p p( 3 -374).
(40) Todd , A . ,(2003) ,School improvement through site-basedmanagementpractices. Available at :http://www.lib-vmi-comldissertation.
(41).Caldew ,Brian J.(2005) , "School-based Management, paris: International Institute for educational planning , No.11, p11.
(42)zhao,Litao, (2009) Between local community and central state: financing basic education in china ,International journal of educational development, Vol.(29), No(4), pp( 366 – 373).
(43) أحمد على الحاج (2012م) مرجع سابق ، ص 67 .
(44) Hoxby, C.minter (2002), School choice and school productivity, Nationalbureau of economic research, Vol (10), No (12), p 281.
(45) INEPS, International network of productive schools, (2004), productive learning for Abetter oultural understanding, (16th), international congressvilafranca del penedies may (9-15), 2004, available at :http://www.incps.org/pdf/report-16-congress.pdf.
(46) Harding, R, (2003) , Global enterprencurship monitor, uniteal kingdom, London Business school,Available at : http://www.gemconsorfium.org/1311507769627/g1EM-Uk- annual Report-2003pdf.
(47) stern, David. (1994), Op. Cit. p.57
(48) Jospeph , Murphy (2014) Op Cit. P.142.
(49) institute for productive learning in Europe (IPLE) , available at: http://www.iple.de/englisich /what-is-pl-t.htm.
(50) حسن شحاته (2003م)، آفاق تربویة، متجددة نحو تطویر التعلیم فى الوطن العربی بین الواقع والمستقبل، ط1، القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة)، ص 123.
(51) نادیة محمد عبد المنعم، ومحمد فتحی قاسم (2002م)، مرجع سابق، ص65.
(52)Available at: http://www.ahwear.org/adabat/show.art.asp?aid=67746.
(53) Available at: http://www.masress.com/alahaly/5063.
(54) وزارة التربیة والتعلیم، الخطة الإستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعی (2014-2030) متاح على موقع الوزارة ص (113). http://moe.gov.eg/pages
(55) المرجع السابق. ص8.
(56) Available at:http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and translation/2014-04-17-1,667895.
(57Available at: http://avitradingeconomics.com/eggyp/unemployment-rate.
(58) Hadderman, Margaret (1998), "school productivity, ERIC digest,Vol (1). No, (119), available at: http://www.ericdigests.org/1999-1/school-html.
(59) Kafka,N. & Stephenson, J.(2006), Self-sufficient schools: fostering entreprencurship to finance sustainable education, paper presented at APEID conference "Learning Together for tomorrow: education for sustainable Development" Bangkok,December 2006, available at: http://zunia,org/uploads/media/knowlegge/entrepreneureship-finance-sustainable-education.pdf.
(60) عزت عرفة احمد عیسی وآخرون (2002م)، "دور الأنشطة التربویة فى إنجاح مشروع المدرسة المنتجة" دراسة نظریة ، القاهرة "المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة – شعبة بحوث الأنشطة التربویة ورعایة الموهوبین، ص(11).
(61) Levin, H.,M., (1997), Roiising school productivitys anx-efficiency approach, Economics of Education Review, Vol. (16), No.(3), pp.(305-310), available at: http://www.sciencedirect.com/seience/artivle/pri/so272775796000696.
(62) lauer, P.A., et al, (2006) , "Students out-of- school- time programs: ameta-analysis of effects at-risk students,Review of Educational Research, Vol. (76), No(2), pp. (275-313).
(63) available at: http://portal.moe.gov.eg/aboutministry/policies/pages/politic-vision.
(64) وزارة التربیة والتعلیم ، التنظیم المالی والإداری للمدرسة المنتجة، متاح على موقع الوزارة.
: http://portal.moe.gov.eg/aboutministry/policies/pages/politic-vision
(65) المرجع السابق .
(66) رشیدة السید أحمد (2010م) "التخطیط لإدارة المؤسسات التعلیمیة ذاتیاً فى ضوء المشارکة المجتمعیة، ط1، الإسکندریة، دار الجامعة الجدیدة، ص311
(67) اروی بنت على بن عبد الله أخضر مرجع سابق، ص44.
(68) کمال الدین عید محمد (2008م) " رکائز المدرسة المنتجة" مطبوعات الإدارة العامة للمدرسة المنتجة قطاع التعلیم الفنی، وزارة التربیة والتعلیم، القاهرة، ص 15.
Available at: http://www.productive-school@hotmail.com.
(69) glewwe, P. , (2001), Schools, skills,and economic development:education policies, student learning and socioeconomic out comes in developing countries, bulletin economic development center, ed 46338,UD034919.
(70) فاطمة الزهراء سالم (2008م) "نحو إستراتیجیة لإصلاح التعلیم فى الوطن العربی من أجل تعایش الثقافات: منظور استشرافی مستقبلی" مجلة مستقبل التربیة العربیة التى تصدر عن المرکز العربی للتعلیم والتنمیة (أسد) المجلد (14)، العدد (52) ص(275-305).
(71) Shirk, L. Susam, (1978). Work Experience in chines Education,Compartive Education, Vol. (14)No.(1), pp. (45-76).
(72) سعد الدین الطوى ( 2007) ، استراتیجیة التطبیق فى تجربة المدرسة المنتجة ، دار منصور للطباعة ، ط(1) ، القاهرة ، ص 7 .
(73) Shirk, L. Susan, Op Cit. No. 1
(74) Fleisher, Betton M. et al ,(2011) , Economic Transition, Migher Education and worker productivity in china. Journal of Development Economic, vol (94) N0. (1) januarypp.( 88-94).
(75) Ross. Sophia M. (2002): School Based Enterprise, National Centez for Research in Vocational Education. University of California, Berkely .available at :http://vocserve.bcrkely.edu/abstraccts/MDS-950/MD-950-school-.html.
(76) Wilhin, Anne , Kendall,sally (2005) , Investigating the Extent of Commerical Activity in school, National Foundation for EducationalResearch , scotish Executive social Research , Vol.(18) , No.( 3) .p.16
(77) International Nework of productive schools(INEPS) , (2008) , Productive Learning What is it? Available at :
http://www.incops.org/pdf/productive%20Learning.pdf.
(78) خالد قدرى إبراهیم،مرجع سابق.
(79) نادیة محمد حنفى، محمد فتحى قاسم ، مرجع سابق.
(80) Ross, Sophia M. (2002): School Based Enterpris, OP.Cit, P2.
(81) Pggot-Irvine, Eileen. (2008): Productive school governance: success case studies from Newzealand,OP..cit. p.81
(82) عبد الله على المقریزى(2010): المدرسة المنتجة... تجربة ترکیا متاح على: http://childtrng.blogspot.com/2010/05/blogpost_18.htm;
(83) المرجع السابق .
(84) إبراهیم بن عبد الله الزعیبیر، والمتولی إسماعیل بدیر، مرجع سابق، ص 31.
(85) Briggs, K,L and Priscilla wohistetterx, (2003) , key elements of as successful school – based management strategy school effectiveness and school improvement ,International journal of Educational Reform Vol.(14), No (3), pp(350-335).
(86) Jarge, M, (2001), "educational decentralization policies in argentina and brazil Exploring the new trends ", journal of educational policy, vol, (16) No 6, p 560.
(87) Kathleen, K, (1988) "school – based management ,ERIC, 301969. Available at: http://www.ericdigests.org/pre-9210/based.ht.
(88) نصر محمد عامر (2006م) "تفعیل اللامرکزیة بالمدارس المصریة فى ضوء خبرات بعض الدول الأجنبیة" ، مجلة التربیة التى تصدر عن الجمعیة المصریة للتربیة المقارنة والإدارة التعلیمیة، السنة التاسعة، العدد (20) أغسطس 2006م، ص (107 – 205).
(89) أحمد یوسف سعد، وآخرون (2009م) ، اللامرکزیة فى التعلیم: متطلبات الإعداد المؤسسی، القاهرة، المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة، المکتبة العصریة، ص (18-21).
(90) نبیل سعد خلیل ، (2014م): "إدارة المؤسسات التربویة فى بدایات الألفیةالثالثة" ط1، القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزیع ص (40-42).
(91) عبد الله بیومی، وآخرون (2009م)، متطلبات تحقیق الاستقلال الذاتی للمدرسة الثانویة فى ضوء اللامرکزیة، التعلیم: دراسة میدانیة، القاهرة: المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة، شعبة بحوث السیاسات التربویة ص (38-39).
(92) صلاح الدین عبد العزیز، ورشید أحمد السید، " تصور مقترح لتحقیق اللامرکزیة فى مجال التنمیة المهنیة والتقنیة للقیادات التعلیمیة فى مصر، "مجلة البحث التربوی التى تصدر عن المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة، السنة الثامنة، العدد (5) ینایر 2009م ص (213-296).
(93) Frederick, K.S, (2004) "educational centralization and decentralization in East Asia paper presented at the APEC educational reform summit, Beijing, china, p. 158.
(94) صلاح الدین عبد العزیز غنیم، ورشیدة أحمد السید الظاهر، مرجع سابق ، ص 223.
(95) وزارة التربیة والتعلیم، وحدة دعم اللامرکزیة، دلیل المدرسة "اللامرکزیة المالیة للتعلیم" (دلیل الانضباط المالی) القاهرة 2012م، ص3.
(96) سمیر محمد عبد الوهاب (2005م)، التحول إلى اللامرکزیة فى مصر، الواقع وأفاق المستقبل، القاهرة: المنظمة المصریة لحقوق الإنسان ص3.
(97) World bank (2008), what is school – based management washingtion, DC, world bank, pp (6-8).
(98) Welsh, T, and Noel.,F, (1999), Decentralization of education: why? When, what, and how?, paris: UNESCO, International, Institute for Educational, planning, p.33.
(99) عبد الله بیومی وآخرون، مرجع سابق، ص 40.
(100) Alireza Jaunshidneja "school based management new structure for schools in globalization Era , available at:
http//www.researchate.net/publication/2286/9809.
(101) Cheng. Yin. C, (1996) ,School effectiveness and school – based management a mechanism for development , Allyn &Bacon, London, p 50.
(102) Banerjee, A, et.al , (2008), pitfalls of participatory programs: evidence from arandomized evaluation of education in India, the world bank, (the impactevaluation series), No (21) working paper (4584) p 73.
(103) عبد الله بیومی وآخرون، مرجع سابق ، ص (92-95).
(104) سلوی شعراوی جمعة (2004م)، الدولة فى عالم متغیر ، ط1، القاهرة: مرکز دراسات وبحوث الدول النامیة ص (405).
(105) عبد الله بیومی وآخرون، مرجع سابق ، ص (99-100).
(106) World Bank: (2008): what is school – based management,Op .Cit, p. 13.
(107) نادیة عبد المنعم (2004م)، الإدارة الذاتیة مدخل للارتقاء بکفاءة المدرسة الابتدائیة فى مصرفى ضوء بعض الخبرات الأجنبیة، القاهرة، المرکز القومی للبحوث التربویة والتنمیة ص 117.
(108) جمهوریة مصر العربیة، وزارة التربیة والتعلیم "الخطة الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیمقبل الجامعی فى مصر – نحو نقلة نوعیة فى التعلیم (2007/2008 – 2011/2012) ص(131-144).
(109) أحمد یوسف سعد، وآخرون، مرجع سابق ، ص (115-117).
(110) وزارة التربیة والتعلیم ، الخطة الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی فی مصر مرجع سابق، ص 134.
(111) المرجع السابق ، ص (147-149)
(112) وزارة التربیة والتعلیم، الخطة الإستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعی، التعلیم المشروع القومی لمصر (2014-2030) ص (90-91).
(113) نبیل سعد خلیل، "دراسة مقارنة للإدارة التعلیمة فى کل من فرنسا، والولایات المتحدة الأمریکیة، وإمکانیة الإفادة منها فى مصر" مجلة التربیة، مجلة تصدرها الجمعیة المصریة للتربیة المقارنة والإدارة التعلیمیة لسنة 6،ع (9) یونیو 2003م، ص 110.
(114) Iibtisom Abu-duhou, School-based management, (paris: UNESCO, Imtermational institute for educational planning 1999), Available at: http//unesco,org/images/00/0/34/118487e.pdf.p.9.
(115) Robertsn, Priscilla w. and Susan albert M.(1995). "Generating curriculum andinstructionalInnovationsthrough school-based management ,EducationalAdministration Quarterly, No. (31).
(116) ادوراد ب. فسک وهیلین ف. لاد ، (2001) ، "استقلالیة المدارس والتقییم، المدارس ذاتیة الإدارة فى نیوزیلندا والمساءلة" ترجمة: عثمان مصطفی عثمان، مجلة مستقبلیات،مج (31) ، ع (120)، دیسمبر ، ص 669.
(117) wylie,cathy(1995) , "In newzealand/financing site-based management with balancing acts" educational leadership. Vol. (53), No.(4), decomber
(118) "public management within newzealand state education system, school-based. Management: some observatation on the imposition", available at: http//www.inpume.ne/research/papers/Sydney stuarttooley.html,p.5.
(119, Ip. id,p5.
(120) Ibtisam Abu-duhou ,Op.Cit , p38.
(121)Paquette ,Gerald F. , (2008) ,"Devolution, choice,and Accountability in the provision of public education in Britsh Columbia: agritical analysis of the school amendment act of 2002, bill 43, "carnation journal of educationadministration and policy,No. ( 75), june , pp( 18-20).
(122) kerril, Brigg & Priscilla, wohlstetter,(1999) ,"key elements of successful school-based management strategy "working paper October, available at: www.use.du/dept/education/cagovepublication/briggsand-wohlstetter,
(123) محمد حسین العجمی "الإدارة المدرسیة" القاهرة، دار الفکر العربی، 2000م ص 27.
(124) عادل عبد الفتاح سلامة، مرجع سابق ، ص 89
(125) The Hong kong- Institute of education, resrarch program on school-based management 2003, available at :
http//www.ied-edu.hk/apcelsg/newhtm/pro/pro.o/htm.p010.
(126) Yu huen, (2003) ,"Countery report on school-based management in hong SAR", available at: http//worldedreforn.com,indercon3/f-yuhuon.p.4.
(127) Yu huen, Ipid..p2.
(128) Gaunor, cothy ,(1998), Op. Cit. pp (59-60).
(129) لیلی مصطفی البرادعی،(2005) ، لامرکزیة التعلیم قبل الجامعی فی مصر ، جامعة القاهرة ، مرکز دراسات وإستشارات الإدارة العامة ، ص 190 .
(130) وزارة التربیة والتعلیم –دلیل اللامرکزیة، المالیة للتعلیم، ص8، متاح على موقع الوزارة.
(131) رسمى عبد الملک رستم " تأسیس الإدارة المتمرکزة على المدرسة کمدخل للإصلاح التعلیمى " بحث مقدم إلى المؤتمر العلمى السنوى السابع : الإصلاح المؤسسى للتعلیم قبل الجامعى فى الوطن العربى، فى الفترة (26-27) أغسطس 206م، المرکز القومى للبحوث التربویة والتنمیة، ص 49 .
(132) أحمد یوسف سعد، مرجع سابق ، ص 12 -13 .
(133) Micheal Hay, Peter Williamsam (1991) The steategy Handbook, Basil. London, Blackwell Ltd, P. (225) .
(134) عبد الله بیومى، مرجع سابق ، ص45 .
(135) وزارة التربیة والتعلیم القرار الوزارى رقم (258) بتاریخ 11/9/2005م، المادة (15) ص 178.
(136) سعید جمیل سلیمان (2004م) "الارتقاء بکفاءة المدرسة الابتدائیة فى مصر من خلال الإدارة الذاتیة للمدارس ، دراسة فى ضوء خبرات بعض الدول الأجنبیة" ، القاهرة : المرکز القومى للبحوث التربویة والتنمیة ، ص114 .
(137) Caldwell, B.J. (2002), "autonomy and self management: concepts and evidence" in bush, T., B and Bell, L. (eds), The principles and practice of educational management, London : paul chapman publishing pp. (154-160).
(138) Daun. H. (2004), Privoitization, decentralization and governance in education in the Czech republic, England, frace, germany and Sweden, international review of education , Vol. (50) , PP. (325-346).
(139) Harvey, M.J. (1994) , "the Deputy principal ship: retrospect and prospect, International Journal of Educational Management, Vol. (8). No, (3), PP. (15-25).
(140) Tomlinson, H. (2004), Educational leadership personal growth for professional development, SAGE publication Ltd, London, PP. (185-188).
(141) صلاح الدین عبد العزیز ، ورشیدة السید أحمد ، مرجع سابق ، ص 255 .
(142) Mulford, B., "leadership for improving the quality of secondary education: som international bevelopments" avalible at:
http://www.ugr,es/local/recfpro/rev/0/artzing.pdf.
(143) Cheng, Y., E. (1996), school effectiveness and school-based management: a mechanism for development, London: the falmer press, P.43.