نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
أستاذ أصول التربية المساعد کلية التربية – جامعة أسيوط
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
کلیة التربیة
کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم
إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)
=======
حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی کمدخل لتعزیز أخلاقیات
مهنة التعلیم فی جمهوریة مصر العربیة
إعــــداد
أستاذ أصول التربیة المساعد
کلیة التربیة – جامعة أسیوط
maherdarweesh2005@hotmail.com
} المجلد الحادی والثلاثین– العدد الرابع – جزء ثانی– یولیو2015م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
مقدمة الدراسة :
یعد التعلیم أحد الرکائز الأساسیة التی تقف وراء تقدم المجتمعات والنهوض بها، واحتلالها مکانة لائقة ضمن الدول المتقدمة، فهو الأداة الرئیسة لبناء القدرات وإعداد الموارد البشریة وإکسابها المعارف والمهارات التی تمکنها من المنافسة محلیا وعالمیا والتعامل مع المجتمع المعرفی، وبخاصة فی ظل التغیرات المحلیة والإقلیمیة والعالمیة، وما یصاحبها من تداعیات تتطلب ضرورة مراجعة النظم التعلیمیة وطرق إدارتها لمعرفة کفاءتها الإنتاجیة، ومدى قدرتها على تقدیم مخرجات تعلیمیة متمیزة قادرة على تحقیق التنمیة الشاملة والمنافسة على المستوى العالمی.
ونتیجة لذلک فقد تزاید الاهتمام العالمی خلال السنوات الأخیرة من القرن العشرین، بتطبیق العدید من الطرق والأسالیب لتجوید أداء المؤسسات التعلیمیة وتطویرها، ولعل من أحدثها ما أطلق علیه مؤخراً أسلوب الحوکمة المؤسسیة کاتجاه عالمی معاصر، یهدف إلى تحسین الفعالیة المدرسیة وتطویر مردودها التربوی، وتحقیق الشفافیة والعدالة، وتفعیل مبدأ المساءلة والمحاسبیة، وحمایة المستفیدین وأصحاب المصالح، والحد من استغلال السلطة والنفوذ، والالتزام بالقوانین واللوائح ومعاییر السلوک الوظیفی والأخلاقی التی تحکم أداء العاملین بالمؤسسات التعلیمیة.
وبالرغم من أن ظهور أسلوب الحوکمة واستخدامه فی البدایة، کان فی قطاع الأعمال لمواجهة ظواهر الفساد المالی والإداری، والاستبداد التی أدت إلی انهیار عدد کبیر من المؤسسات الاقتصادیة بسبب عدم وجود آلیة منضبطة لمحاسبة رؤساء هذه المؤسسات، وغیاب الشفافیة والرقابة، وعدم الالتزام بأخلاقیات العمل، إلا إنه سرعان ما امتد تطبیقه فی العدید من المجالات ومنها التربیة، وأصبحت الحوکمة معیاراً لتحدید جودة المؤسسات التعلیمیة، ومدى قدرتها على تحقیق أهدافها الإستراتیجیة وتحقیق توقعات المستفیدین والمجتمع ، والتزام العاملین بها بالنظم والقوانین والأخلاقیات المهنیة .
ومن هنا فقد اهتمت العدید من الدول المتقدمة والنامیة کالولایات المتحدة الأمریکیة وانجلترا واسترالیا وکندا ونیوزیلندا والیابان وکوریا الجنوبیة والمکسیک وشیلی وغیرها، بتطبیق الحوکمة الرشیدة فی مدارسها لتجوید وتطویر أدائها، وخاصة أن وضع الألفیة الثالثة یستدعی وجود حوکمة رشیدة قائمة على المرونة واتباع مرکزیة أقل فی صنع واتخاذ القرارات، والاهتمام بالمستفیدین وإشباع احتیاجاتهم، ووضع مواثیق أخلاقیة ومهنیة للعاملین بها، وإفساح المجال للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنی فی إحداث الشراکة المجتمعیة فی التعلیم وإعطائهم دوراً رقابیاً على أداء المؤسسات التعلیمیة ومساءلتها ومحاسبتها (Fazekas & Burns , 2012) .
وقد أشارت العدید من الدراسات والبحوث إلى أهمیة تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة لتجویدها والارتقاء بها، ، وفی هذا الصدد فقد أکدت دراسات کل من ( عوض، 2011م )، (إبراهیم، 2014م)، (عطوة وعلى، 2012م) على أن تطبیق الحوکمة یسهم فی تطویر أداء المؤسسات التعلیمیة وتجویدها، وتحقیق الشفافیة والمحاسبیة، والحد من الفساد المالی والإداری وتلبیة حاجات المستفیدین، کما أکدت دراسة فازیکاس وبیرنز(Fazekas & Burns, 2012) على أن تطبیق الحوکمة الرشیدة بالمؤسسات التعلیمیة یسهم فی زیادة قدرتها على إنتاج المعرفة بمختلف أنواعها ونشرها والاستفادة منها .
وتوجد علاقة قویة بین الحوکمة المؤسسیة والالتزام بالأخلاقیات المهنیة فی بیئة العمل ، فالحوکمة تعمل على تعمیق الحس الأخلاقی لمختلف العاملین بالمؤسسة، وتشجع على الالتزام بالمبادئ الأخلاقیة کالمساءلة والشفافیة والنزاهة والمسؤولیة، وتضع القواعد والمبادئ، وتحدد القیم والأخلاقیات التی تحکم الممارسات والسلوکیات التی تقوم بها الإدارة العلیا والتنفیذیة، کما تضع الضوابط لمنع حدوث الفساد المالی والإداری، ومن ثمَّ فإن التزام المؤسسات التعلیمیة بأخلاقیات العمل یزداد کلما تطابقت أهدافها ورؤیتها مع ممارسات الحوکمة، وکلما توفر فیها موارد بشریة تتصف بالنزاهة وتحمل المسؤولیة .
وقد أشارت العدید من الدراسات إلى أن وضع أسس قویة للحوکمة بالمؤسسة، یعد من أهم الطرق لتعزیز الأخلاقیات المهنیة، وفی هذا الصدد فقد أشارت دراسة ریان وآخرین ( Rayan et al , 2010) إلى أن تطبیق الحوکمة فی المؤسسات یسهم فی تعزیز أخلاقیات العمل ویفعل نظم الرقابة والمساءلة والمحاسبیة، کما أکدت دراسة اوبای(obay ,2009 ) على أن حوکمة المؤسسات والشرکات یؤدى زیادة الممارسات الأخلاقیة فی بیئة العمل، ویقضی على الرشوة والفساد والسلوکیات السیئة للموظفین ، کما أکدت دراسة باناسی وآخرین (Banaci et al , 2013) على أن تطبیق الحوکمة أدى إلى زیادة الالتزام بأخلاقیات المهنة، والشفافیة والإفصاح عن المعلومات التی تهم المستفیدین والمساهمین، وتفعیل نظم الرقابة الداخلیة والخارجیة، والاستعداد لمواجهة المخاطر ، کما أشارت دراسة (الدویک، 2013م ) إلى أن حوکمة المؤسسات التعلیمیة، تعد من أهم الأسالیب المستخدمة لضمان الشفافیة والنزاهة ومکافحة الفساد وتعزیز الأخلاقیات المهنیة بالمؤسسات التعلیمیة.
ومن هنا فإن الحوکمة تهتم بوضع معاییر وآلیات حاکمة لأداء کافة الأطراف فی المؤسسات التعلیمیة من خلال وضع مدونات للسلوک المهنی والخلقی، وتطبیق الشفافیة وسیاسة الإفصاح عن المعلومات، وقیاس الأداء ومحاسبة المسئولین والعاملین ، ومحاربة الفساد المالی والإداری ، ومشارکة أصحاب المصلحة فی عملیة اتخاذ القرارات وتقییم نتائجها.
وعلى المستوى الرسمی، فقد قامت وزارة التربیة والتعلیم بإجراء مجموعة من التغییرات والتحدیثات فی السنوات الأخیرة لتجوید أداء المؤسسات التعلیمیة وتطویرها، وذلک من خلال إعداد وثیقة المعاییر القومیة للتعلیم عام 2003م، وإنشاء الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم والاعتماد عام 2006م، وبالرغم من هذه الجهود إلا إن تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة لم یتم بالشکل المطلوب، ویغلب علیه طابع الشکلیة، کما لم تهتم وزارة التربیة والتعلیم بوضع میثاق لأخلاقیات مهنة التعلیم ووضع إجراءات لتفعیله على أرض الواقع فی المدارس، من ثم فقد أغفلت الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی خلال الفترة(2007-2011)( اسکارروس وقمر ، 2008م ، 27) ، وکذلک الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی خلال الفترة (2014-2030) (وزارة التربیة والتعلیم، 2014) وضع میثاق لأخلاقیات مهنة التعلیم، رغم أهمیته فی الارتقاء بالمهنة وبأداء العاملین بمیدان التربیة والتعلیم ، ومن هنا فإن الاهتمام الحقیقی بالجودة التعلیمیة یتطلب ضرورة توفر معاییر سلوکیة وأخلاقیة یلتزم بها جمیع العاملین والمعلمین بالمؤسسات التعلیمیة، فالجودة التعلیمیة لا تکون حقیقة إذ لم تصبغ بالأخلاقیات المهنیة .
وبناء على ما سبق فإن تجوید أداء مؤسسات التعلیم قبل الجامعی والارتقاء بها، یتطلب ضرورة حوکمة هذه المؤسسات، ووضع قواعد ومبادئ متفق علیها متمثلة فی میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، والذی یعد من أهم مرتکزات النظام التربوی فی توجیه السلوک المهنی والخلقی للعاملین فی التربیة والتعلیم وضبطه، ومن هنا جاء البحث الحالی بغیة تسلیط الضوء على حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی، ودورها فی الارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم.
مشکلة الدراسة :
ظهر مفهوم حوکمة المؤسسات التعلیمیة فی السنوات الأخیرة من القرن العشرین لیعبر عن الأزمة الحقیقیة التی تمر بها هذه المؤسسات والحلول المقترحة لها، تلک الأزمة التی تتمثل فی الفجوة بین الرؤیة والواقع الملموس، والتعارض بین متطلبات الإدارة العلیا والإدارة التنفیذیة، وغیاب الشفافیة والمساءلة فی مراقبة میزانیة هذه المؤسسات وأوجه إنفاقها، وعدم السماح بإعادة توجیهها بما یخدم مصالح المؤسسة ومجتمعها المحلی، هذا إلى جانب قلة التزام العاملین والمعلمین بالسلوکیات المهنیة والأخلاقیة وغیرها ( عطوة وعلى ، 2012م،451).
وعلى الرغم من اهتمام وزارة التربیة والتعلیم بتحقیق الجودة والتمیز فی الأداء المدرسی من خلال تطبیق المعاییر القیاسیة التی حددتها الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم والاعتماد، والتی یأتی فی مقدمتها معاییر القیادة والحوکمة کمحدد رئیس لجودة التعلیم، إلا أن محاولات تطویر المدارس لم تحقق المتوقع منها، بسبب غیاب الفهم التام بمفاهیم الحوکمة المؤسسیة، والأخلاقیات المهنیة، والرؤى الإستراتیجیة لعملیات التطویر والتحسین المستمر لدى القیادات والعاملین والمعلمین بالمؤسسات التعلیمیة .
وباستقراء الواقع فی المیدان التربوی، نلاحظ وجود بعض مظاهر القصور فی الاهتمام بأخلاقیات مهنة التعلیم، حیث ظهرت العدید من السلبیات والمشکلات التربویة کضعف وعى بعض المعلمین برسالة التعلیم، وضعف عنایتهم بتنمیة الجانب الخلقی لطلابهم، وشیوع جو من التقصیر والتهاون لدى بعض المعلمین فی أداء واجباتهم المهنیة، وعدم التزامهم بإتقان العمل، وضعف مستوى أدائهم فنیا وإداریا، هذا إلى جانب ندرة وجود المعلم القدوة الذی یستطیع التأثیر فی طلابه تأثیرا إیجابیاً .
وقد أشارت بعض الدراسات والبحوث إلى ضعف اهتمام مؤسسات التعلیم قبل الجامعی بالحوکمة ومتطلبات تطبیقها، وکذلک ضعف الاهتمام بأخلاقیات مهنة التعلیم، وتمثل ذلک فی ظهور العدید من المشکلات والمظاهر السلبیة فی المدارس منها: ( إبراهیم ، 2014م، 28-29) ( الألفی، 2008م، 336-338)
- وجود بعض مظاهر الخلل فی التزام بعض المعلمین بأخلاقیات المهنة کاستخدام العنف والعقوبات البدنیة القاسیة مع الطلاب وإجبارهم على الدروس الخصوصیة، وتسریب الاختبارات وغیرها.
- قلة وعى العاملین فی التربیة والتعلیم بمبادئ الحوکمة ومیثاق أخلاقیات المهنة، وکذلک ضعف دور نقابة المعلمین والتنظیمات والروابط المهنیة فی وضع وتطویر میثاق أخلاقیات المهنة للعاملین فی التربیة والتعلیم، مع اقتصار دور وزارة التربیة والتعلیم على التوصیة بوضع المیثاق الأخلاقی دون أن یکون لها جهود ملموسة فی هذا المجال .
- عدم وجود نظام حقیقی للمساءلة أو المحاسبیة التعلیمیة بالمدارس لضبط العلاقات الاجتماعیة ومحاسبة کل من یخرق القوانین والأعراف السائدة .
- عدم توفر الشفافیة فی تقدیم المعلومات عن أداء المدارس والعاملین بها، ونشرها أمام الرأی العام سواء أکانت إیجابیة أم سلبیة .
- فقدان الثقة بین المستفیدین (الطلاب وأولیاء الأمور وأفراد المجتمع) والإدارة المدرسیة، وبخاصة فیما یتعلق بجودة أو نوعیة التعلیم المقدم للطلاب من جهة، والقیام بالمساءلة الموضوعیة للإدارة العلیا والتنفیذیة عن الأنشطة والسیاسات والممارسات الخاصة بهذه المدارس من جهة أخرى .
- عدم تمکین الأفراد ومؤسسات المجتمع المدنی من المشارکة بفعالیة فی إدارة وتمویل التعلیم، والقیام بدور رقابی على أداء المؤسسات التعلیمیة ومساءلتها ومحاسبتها.
ومن هنا فإن مواجهة هذه المشکلات، یحتم ضرورة اللجوء إلى تطبیق أسلوب الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، والذی یسهم بشکل کبیر فی تحقیق الشفافیة، والنزاهة، والمشارکة، والوضوح، والمساءلة، وتطبیق الأنظمة والقوانین، وتحقیق الأهداف، ومراقبة سلوکیات وتصرفات العاملین واستقرار المؤسسة من خلال العدالة والحمایة، مما یؤدى إلى تطویر مهنة التعلیم وتمهینها والارتقاء بأخلاقیاتها .
ومما سبق نجد أن مؤسسات التعلیم قبل الجامعی تواجه العدید من المشکلات التی تحد من کفاءتها وقدرتها على التمیز، والتی تتمثل فی نقض نظم المساءلة والمحاسبیة والشفافیة والإفصاح عن المعلومات، وظهور بعض السلوکیات السلبیة کالإهمال واللامبالاة وغیرها، وذلک لعدم اهتمامها بوضع میثاق لأخلاقیات مهنة التعلیم ینظم الممارسات والسلوکیات المهنیة والأخلاقیة للعاملین فی التربیة والتعلیم، مما یحتم ضرورة اللجوء إلى تطبیق أسالیب وممارسات الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، ومن هنا تتحدد مشکلة الدراسة الحالیة فی دراسة الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی ومبادئها وعلاقتها بأخلاقیات المهنة، وتحلیل تجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی، والاستفادة منها فی وضع تصور مقترح لتعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم العام بجمهوریة مصر العربیة .
أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة الحالیة إلى :
1- الکشف عن العلاقة بین حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی وأخلاقیات مهنة التعلیم.
2- تعرف خبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال حوکمة المؤسسات التعلیمیة وأخلاقیات مهنة التعلیم.
3- بناء تصور مقترح لتطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیم قبل الجامعی لتعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم فی جمهوریة مصر العربیة.
أهمیة الدراسة :
تکمن أهمیة الدراسة الحالیة فی أنها :
- تتناول موضوع الحوکمة الرشیدة وعلاقتها بأخلاقیات مهنة التعلیم، والتی تعد من الموضوعات الحدیثة التی نالت الاهتمام المحلى والعالمی للارتقاء بمهنة التعلیم وتجویدها وتمهینها، ووضع مواثیق تحکم السلوکیات المهنیة والأخلاقیة للعاملین بها .
- تتناول خبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال تطبیق الحوکمة فی مؤسساتها التعلیمیة، ودورها فی تفعیل نظم المحاسبیة والشفافیة والنزاهة، والارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم، والتی تزاید الاهتمام بها فی ظل مجتمع المعرفة وتداعیاته المختلفة.
- تفید الدراسة المسؤولین فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی فی معرفة مبادئ ومعاییر الحوکمة الرشیدة وعلاقتها بتحسین الممارسات السلوکیة والأخلاقیة للعاملین، وتجوید أدائهم المهنی .
- التصور المقترح الذی تقدمه الدراسة یفید المسؤولین ومتخذی القرار والروابط المهنیة ونقابة المهن التعلیمیة فی کیفیة استخدام الحوکمة فی وضع وتفعیل میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم وإلزام العاملین به فی جمهوریة مصر العربیة .
الدراسات السابقة:
من خلال استقراء الأدبیات ذات الصلة بموضوع الدراسة الحالیة، تم التوصل إلى مجموعة من الدراسات تم ترتیبها زمنیا وتصنیفها إلى محورین، بحیث تخدم أهداف الدراسة الحالیة کما یلی :
أولا : دراسات ترتبط بحوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی:
أجرى(إبراهیم، 2014م) دراسة لتعرف خبرات بعض الدول المتقدمة والنامیة فی مجال تطبیق معاییر الحوکمة الرشیدة فی التعلیم قبل الجامعی، وکیفیة الاستفادة منها فی مصر، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی، وتناولت الدراسة خبرات کل من الولایات المتحدة الأمریکیة وغانا وأوغندا واندونیسیا فی مجال الحوکمة، وانتهت الدراسة بتقدیم مدخل لإعادة هیکلة المدارس وتطبیق المحاسبیة التعلیمیة کأحد مداخل الحوکمة الرشیدة فی تطویر التعلیم قبل الجامعی، کما أجرى موس (Moos, 2014) دراسة لتعرف کیفیة تطبیق الحوکمة الرشیدة فی التعلیم فی الدنمارک، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وأشارت الدراسة إلى أن استخدام الحوکمة أدى إلى تطویر الإدارة المدرسیة وعلاج الکثیر من المشکلات التی تعانی منها المدارس ، کما أدت إلى تفعیل نظم المساءلة والمحاسبیة وتطبیق معاییر الجودة فی التعلیم.
واهتمت دراسة ساتلر ( Sattler , 2012)بتعرف الإجراءات التی اتبعتها الحکومات المتعاقبة فی کندا فی إصلاح الحوکمة التعلیمیة فی اونتاریو بدءاَ من عام 1990م وحتى الآن، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی، وتناولت الدراسة دور کل من الهیئة الملکیة للتعلم (RCOL)، ولجنة تحسین التعلیم (EIC) ولجنة مراجعة الحوکمة (GRC) فی إصلاح نظام حوکمة التعلیم، وإعادة هیکلة الإدارة التربویة للارتقاء بجودتها، کما تناولت الدراسة تأثیر کل من الإیدیولوجیات السیاسیة والهیئات الحکومیة والإصلاحات اللیبرالیة الجدیدة فی تعزیز وفهم دینامیات الحوکمة التعلیمیة فی النماذج اللیبرالیة الجدیدة فی اونتاریو ، کما اهتمت دراسة(عطوة وعلى ، 2012م ) بتعرف مفهوم الحوکمة ومکوناتها ومحدداتها، ووضع تصور مقترح یمکن من خلاله إسقاط الحوکمة على النظام التعلیمی من أجل رفع کفاءة مؤسساته وتحقیق جودتها، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وأشارت الدراسة إلى أن تطبیق الحوکمة یسهم فی رفع کفاءة النظام التعلیمی وتجویده، وأن هناک عدة أسباب قد تؤدی إلى فشل تطبیق الحوکمة فی المؤسسات التعلیمیة مثل: الفشل فی تحدید الأولویات، وغیاب التدریب الفعال للقیادات الإداریة ، وعدم استقرار الجهاز الإداری.
ولتعرف دور الحوکمة فی زیادة إنتاج المعرفة وضمان الجودة، أجرى فازیکاس وبیرنز(Fazekas & Burns, 2012) دراسة لتعرف العلاقة المعقدة بین الحوکمة وإنتاج المعرفة فی التربیة والتعلیم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وأشارت الدراسة إلى أن الأنظمة التعلیمیة فی دول منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة تواجه تحدیات معقدة وبخاصة فیما یتعلق بإنتاج المعرفة، وأن تطبیق الحوکمة الرشیدة بالأنظمة التعلیمیة یسهم فی إنتاج المعرفة بمختلف أنواعها ونشرها والاستفادة منها، وإتاحتها للرأی العام لمناقشتها، وإعلام الجمهور بمستوى تقدُّم أداء النظام التعلیمی من عدمه، وأشارت الدراسة إلى أن تطبیق الحوکمة یتطلب أنظمة إداریة مرنة وأقل مرکزیة، ومشارکة مؤسسات المجتمع المدنی، کما أجرى ( عوض، 2011م ) دراسة لتعرف العلاقة بین حوکمة الجمعیات الأهلیة وضمان الجودة لمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی وأسلوب المسح الاجتماعی ، مع الاستعانة باستمارة تم تطبیقها على عینة بلغ عددها (45) عضواً من أعضاء مجالس إدارات الجمعیات الأهلیة التابعة لوزارة التربیة والتعلیم بمحافظة القاهرة، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة بین حوکمة الجمعیات الأهلیة وضمان الجودة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، وأن هناک بعض المعوقات تؤدی إلى فشل تطبیق الحوکمة منها: عدم تفویض السلطات والصلاحیات داخل الجمعیات الأهلیة، وعدم مشارکة العاملین والمستفیدین فی عملیة صنع القرارات.
وهدفت دراسة جیمس(James , 2007) إلى تعرف أهم التغیرات الحادثة فی مجال التمویل وأثرها على حوکمة المدارس الابتدائیة الکاثولیکیة فی الولایات المتحدة الأمریکیة، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وتوصلت الدراسة إلى أن تطبیق الحوکمة یحد من الفساد المالی والإداری والهدر فی التمویل، وأوصت الدراسة بضرورة توفیر مصادر تمویل بدیلة للمدارس الابتدائیة لتحقیق الإصلاح المدرسی، کما هدفت دراسة(الخوالدة ، 2007م) إلى وضع نموذج لتطبیق الحکمانیة فی النظام التعلیمی الأردنی فی ظل توجهاته نحو التعلیم المبنی على اقتصاد المعرفة، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وأشارت الدراسة إلى أن هذا النموذج یتطلب إعداد الرؤیة والرسالة القائمة على المشارکة فی تطویر النظام التعلیمی، وتحقیق الاستدامة لأنشطة الحکمانیة وإجراءاتها بصفة مستمرة، أما لانجی والیکسیادو(Lange &Alexiadou , 2007) فقد أجریا دراسة لتعرف الأشکال الجدیدة للحوکمة المؤسسیة فی قطاع التعلیم فی دول الاتحاد الأوروبی، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وقدمت تحلیلا تفصیلیا لأشکال الحوکمة، وأشارت الدراسة إلى وجود نوع من المقاومة لتطبیق الحوکمة بمداخلها الحدیثة لدى بعض مدیری المدارس نتیجة التخوف من إحداث التغییر غیر المقبول.
ثانیا : دراسات ترتبط بأخلاقیات مهنة التعلیم :
أجرى (العبید، 2011م ) دراسة لتعرف مدى التزام معلمی المرحلة الثانویة بالإدارة العامة للتربیة والتعلیم بمنطقة القصیم بأخلاقیات مهنة التعلیم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی مع الاستعانة باستبانة تم تطبیقها على عینة بلغ عددها(407) من معلماً المرحلة الثانویة بالمدارس الثانویة الحکومیة بمنطقة القصیم، وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها ضعف التزام معلمی المرحلة الثانویة بمیثاق أخلاقیات مهنة التعلیم بوجه عام ، وأنه لا توجد علاقة بین التزام المعلمین بمیثاق أخلاقیات مهنة التعلیم وتقییم الأداء الوظیفی له، کما أجرى مارویاما وأوینو ( Maruyama & Ueno , 2010) دراسة لتقویم عملیة التربیة الخلقیة وأخلاقیات مهنة التعلیم فی الیابان، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی، وأشارت الدراسة إلى تزاید الاهتمام بالتربیة الخلقیة وأخلاقیات مهنة التعلیم خلال العقدین الأخیرین، وأن هناک عدة صعوبات تؤدى إلى ضعف اهتمام المعلمین بالتربیة الخلقیة وأخلاقیات مهنة التعلیم تتمثل فی نقص الخبرة للمعلمین والطلاب فی قیادة الفصول القائمة على المنافسة، وإساءة فهم النظام التعلیمی، واقترحت الدراسة ضرورة تقدیم دورات تدریبیة للمعلمین فی مجال التربیة الخلقیة وأخلاقیات المهنة .
واهتمت دراسة (الخبرانی، 2010م ) بالکشف عن متطلبات تفعیل میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم من وجهة نظر معلمی المرحلة الثانویة بمدینة الریاض، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، مع الاستعانة باستبانة تم تطبیقها على عینة عشوائیة بلغ عددها (642) معلماً بمدینة الریاض، وتوصلت الدراسة إلى أن هناک متطلبات یحتاجها المعلم لتفعیل میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم فی علاقته مع طلابه ومجتمعه المدرسی والمجتمع المحلی وأسر طلابه وتطویر أدائه المهنی، وانتهت الدراسة بوضع الآلیات الإجرائیة لتفعیل میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، کما اهتمت دراسة کیسر (Kieser, 2009) لتعرف درجة شیوع الجو الأخلاقی فی البیئة المدرسیة من وجهة نظر الطلاب أنفسهم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی، مع الاستعانة باستبانة تم تطبیقها على عینة بلغ عددها(105) طالباً من طلاب الصف الخامس والسادس الأساسی فی مدرستین الأولى حکومیة والثانیة خاصة ، وتوصلت الدراسة إلى شیوع أجواء أخلاقیة إیجابیة فی کلا المدرستین، وأشارت الدراسة إلى أن المدرسة الناجحة تعمل على تعمیق الأخلاقیات المهنیة فی العلاقات المتبادلة بین المعلمین وبعضهم البعض أو بین الطلاب وبعضهم البعض أو بین الطلبة والمعلمین.
واهتمت دراسة ( الألفی، 2008م) بتحلیل أهم الاتجاهات والخبرات العالمیة والجهود العربیة فی إعداد مواثیق أخلاقیات مهنة التعلیم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، مع الاستعانة باستبانة تم تطبیقها على عینة بلغ عددها(337) معلما من المعلمین والإداریین بالمراحل الابتدائیة والإعدادیة والثانویة، وتوصلت الدراسة إلى أن نسبة 46,88% فقط من أفراد العینة، کان لدیهم فکرة عن میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، وانتهت الدراسة بوضع تصور مقترح لمیثاق أخلاقیات مهنة التعلیم یتکون من عدة بنود تتمثل فی الأداء المهنی والعلاقة بالطلاب والزملاء والموجهین وأولیاء الأمور والمجتمع، کما اهتمت دراسة (طریف ، 2007م) بتعرف درجة ممارسة المعلمین لأخلاقیات مهنة التعلیم فی الأردن من وجهة نظر مدراء المدارس، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، مع الاستعانة باستبانة تم تطبیقها على عینة قصدیة بلغ عددها (540) مدیراً من مدیری المدارس، وتوصلت الدراسة إلى أن درجة ممارسة المعلمین لأخلاقیات مهنة التعلیم منخفضة، وأنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة فی ممارسة المعلمین لأخلاقیات مهنة التعلیم تعزى لمتغیر الخبرة أو نوع المدرسة .
وهدفت دراسة بارت وآخرین ( Barrett et al , 2006) بتعرف وجهات نظر المعلمین تجاه مدى تکرار وخطورة تجاوز المعاییر الأخلاقیة لمهنة التعلیم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، مع الاستعانة باستبانه تم تطبیقها على عینة بلغ عددها (235) معلماً ومعلمة، وتوصلت الدراسة إلى أن تجاوز حدود العلاقة بین المعلم والطالب یعد من أشد التجاوزات الأخلاقیة خطورة، ولکنها الأقل شیوعا بین التجاوزات، وأن سلوک اللامبالاة من قبل المعلمین هو الأکثر شیوعا ولکنه الأقل خطورة من وجهة نظر أفراد العینة، أما عدم الموضوعیة فی تقییم أعمال الطلاب فقد رأى أفراد العینة أنه متوسط الأهمیة والشیوع، کما هدفت دراسة (الغامدی، 2006م) تعرف أخلاقیات مهنة التعلیم وأثرها فی التربیة الخلقیة للفرد والمجتمع، والضوابط المقترحة لتعزیز أخلاقیات المهنة لدى المعلم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، وتوصلت الدراسة إلى أن تنمیة أخلاقیات مهنة التعلیم لدى المعلم یسهم فی تنمیة الجانب الخلقی للطلاب من خلال تدریس المقررات الدراسیة، وما تتضمنه من أنشطة تعلیمیة متنوعة.
کما اهتمت دراسة (المحیمید ، 2006م) بتعرف أخلاقیات مهنة التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی الوثائقی، وتوصلت الدراسة إلى أن أخلاقیات مهنة التعلیم لقیت عنایة بالغة واهتمام کبیر فی الفکر التربوی الإسلامی عبر العصور، وأن الفکر التربوی الإسلامی تناول نوعین من أخلاقیات مهنة التعلیم، نوع یتعلق بمعلم الصبیان، والثانی بأخلاق المعلم، أما دراسة(الحربی والدیجانی، 2005م) فقد اهتمت بتحدید أخلاقیات مهنة التعلیم فی ضوء مفهوم التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم، والآثار المترتبة على الالتزام بأخلاقیات مهنة التعلیم، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی، وتوصلت الدراسة إلى أن الالتزام بأخلاقیات مهنة التعلیم یسهم فی استمرار التنمیة المهنیة للمعلم، وأوصت الدراسة بضرورة تدریس مادة أخلاقیات مهنة التعلیم فی برامج إعداد المعلمین.
التعقیب على الدراسات السابقة، وموقع الدراسة الحالیة منها:
من خلال عرض الدراسات السابقة ، یمکن استخلاص النقاط الآتیة :
- أن تطبیق الحوکمة فی المؤسسات التعلیمیة یؤدى إلى رفع کفاءتها وتجوید أدائها، وتطویر إدارتها، والتغلب على مشکلاتها التربویة ، وقد أکد على ذلک دراسات کل من موس ( Moos, 2014) ، ساتلر ( Sattler , 2012)، (عطوة وعلى ، 2012م )، ( عوض ، 2011م).
- أن تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة یؤدی إلى زیادة الالتزام بالأخلاقیات المهنیة، وتفعیل نظم المساءلة والمحاسبیة والرقابة والشفافیة فی تقدیم المعلومات، والحد من الفساد المالی والإداری ، وقد أکد على ذلک دراسة موس ( Moos, 2014)، ودراسة جیمس(James , 2007).
- أن تطبیق الحوکمة الرشیدة بالمؤسسات التعلیمیة یسهم فی زیادة إنتاج المعرفة بمختلف أنواعها ونشرها والاستفادة منها، وإتاحتها للرأی العام والجمهور لمناقشتها، وقد اکد على ذلک دراسة فازیکاس وبیرنز(Fazekas & Burns, 2012) .
- أن هناک بعض المعوقات تؤدی إلى فشل تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة ، مثل عدم تفویض السلطات والصلاحیات، وعدم مشارکة العاملین والمستفیدین فی عملیة صنع القرارات، وقد أکد على ذلک دراسات کل من لانجی والیکسیادو ( Lange & Alexiadou , 2007، ( عوض، 2011م )، (عطوه وعلى ، 2012م ).
- أن الاهتمام بأخلاقیات مهنة التعلیم تزاید بدرجة کبیرة خلال العقدین الأخیرین نتیجة للتطورات العلمیة والتکنولوجیة التی یمر بها العالم الیوم ، وقد أکد على ذلک دراسات کل من (المحیمید ، 2006م)، مارویاما وأوینو ( Maruyama & Ueno , 2010)، کیسر (Kieser, 2009)
- أن وجود میثاق لأخلاقیات مهنة التعلیم بالمؤسسات التعلیمیة یؤدی إلى زیادة الالتزام بالمبادئ الأخلاقیة، ویحدد المعاییر التی تحکم الممارسات والسلوکیات الوظیفیة والأخلاقیة للعاملین، وتجوید أداء المؤسسات التعلیمیة، استمرار التنمیة المهنیة للمعلم ، وقد أکد على ذلک دراسات کل من (الحربی والدیجانی، 2005م)، کیسر (Kieser, 2009)، (الخبرانی، 2010م ).
- أن درجة ممارسة والتزام المعلمین بأخلاقیات مهنة التعلیم منخفضة، وان هناک قصور فی الاهتمام باخلاقیات مهنة التعلیم بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی ، وقد أکد على ذلک دراسات کل من (طریف، 2007م)، (العبید،2011م )، ( الألفی، 2008م).
وقد استفاد الباحث من الدراسات السابقة فی منهجیتها ، وفی الإطار النظری من حیث التعرف علی الحوکمة المؤسسیة وأهدافها ومبادئها، وکذلک التعرف على أخلاقیات مهنة التعلیمیة وأهمیتها ومصادرها، وتختلف الدراسة الحالیة عن الدراسات السابقة فی أنها تتناول العلاقة بین الحوکمة وأخلاقیات المهنة ، وکذلک وضع تصور لتطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی للارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم، وهذا ما أغفلته الدراسات السابقة .
أسئلة الدراسة :
تحاول الدراسة الحالیة الإجابة عن التساؤلات الآتیة:
1- ما مفهوم حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی، ومبادئها، ومراحل تطبیقها ؟
2- ما مفهوم أخلاقیات مهنة التعلیم، وأهمیتها، ومصادرها ؟
3- ما العلاقة بین حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی وأخلاقیات مهنة التعلیم؟
4- ما خبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی؟
5- ما التصور المقترح لتطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی للارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم فی جمهوریة مصر العربیة؟
منهج الدراسة :
استخدمت الدراسة الحالیة المنهج الوصفی التحلیلی لمناسبته لطبیعة الدراسة، وذلک بجمع البیانات والمعلومات وتنظیمها للتعرف على الحوکمة وأهدافها ومبادئها ومراحل تطبیقها ، وطبیعة أخلاقیات مهنة التعلیم وأهمیتها ومصادرها ، والعلاقة بین الحوکمة وأخلاقیات المهنة، وکذلک جمع المعلومات والبیانات عن خبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال الحوکمة ، والاستفادة منها فی وضع تصور مقترح لتعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم العام فی جمهوریة مصر العربیة.
مصطلحات الدراسة :
حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی: تعرف بأنها النظام الذی یتم من خلاله توجیه أعمال مؤسسات التعلیم قبل الجامعی وإدارتها ومراقبتها على أعلى مستوى لتحقیق الجودة والتمیز فی أدائها، وذلک فی إطار مجموعة من القوانین والإجراءات والمعاییر التی تحدد أخلاقیات الممارسة المهنیة بما یضمن تحقیق النزاهة والشفافیة والمساءلة والمشارکة لکافة الأطراف بها .
أخلاقیات مهنة التعلیم: المبادئ والقواعد والقیم التی یجب على جمیع العاملین فی التربیة والتعلیم اتباعها والعمل بمقتضاها فی أداء مهامهم ، للحفاظ على قدسیة المهنة والرفع من مستواها ومکانتها الاجتماعیة فی المجتمع.
خطوات السیر فی الدراسة :
تسیر الدراسة بعد عرض الإطار العام وفقا للمحاور الآتیة :
المحور الأول: یتناول مفهوم الحوکمة وأهدافها ومبادئها وخطوات تطبیقها.
المحور الثانی: یتناول مفهوم أخلاقیات مهنة التعلیم وأهمیتها ومصادرها.
المحور الثالث: یتناول العلاقة بین الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی وأخلاقیات مهنة التعلیم.
المحور الرابع: یتناول خبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال حوکمة مؤسساتها التعلیمیة.
المحور الخامس: یتناول خلاصة النتائج والتصور المقترح لتطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی للارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم.
المحور الأول: حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی( المفهوم – الأهمیة – المبادئ-المحددات – خطوات التطبیق):
حظی موضوع الحوکمة باهتمام العدید من المؤسسات فی الدول المتقدمة والنامیة على حد سواء، باعتباره آلیة یتم من خلالها توجیه وضبط أعمال المؤسسات، وتوزیع الحقوق والواجبات بین مختلف أطرافها وغیرهم من ذوى المصالح، وضع القواعد والإحکام لاتخاذ القرارات، وتشجیع الموارد البشریة على الإسهام بکامل إمکاناتها فی تطویر أداء المؤسسة، ومعالجة المشکلات التی تواجهها، هذا بالإضافة إلى وضع الأهداف والاستراتیجیات اللازمة لتحقیقها، وأسس المتابعة لتقییم ومراقبة الأداء وغیرها .
کما حظیت حوکمة المؤسسات التعلیمیة باهتمام کبیر فی السنوات الأخیرة على مستوى الدول المتقدمة والنامیة على حد سواء، وذلک لتجوید أداء مؤسساتها التعلیمیة والنهوض به، وتحقیق الشفافیة والعدالة والإفصاح عن المعلومات، وتفعیل مبدأ المساءلة والمحاسبیة للعاملین بها، وکذلک حمایة حقوق المستفیدین، والحد من استغلال السلطة فی غیر المصلحة العامة للمؤسسة، والالتزام بالقوانین واللوائح والأخلاقیات المهنیة التی تحکم أداء المؤسسة، وفیما یلی عرض لمفهوم الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی وأهدافها ومبادئها ومراحل تطبیقها .
أ- مفهوم حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی:
یعد مفهوم الحوکمة من المفاهیم الحدیثة التی ظهرت فی کتابات البنک الدولی منذ عام 1989م لتحقیق التنمیة الاقتصادیة، وإقامة الدیمقراطیة فی دول العالم الثالث من خلال تطبیق القواعد القانونیة، والإدارة الجیدة لموارد الدولة والمساواة فی التوزیع والمحاسبیة والشفافیة ( عوض، 2011م، 420)، کما تزاید الاهتمام بهذا المفهوم فی عقد التسعینیات من القرن العشرین، وبخاصة فی أعقاب الانهیارات الاقتصادیة والأزمات المالیة التی شهدتها عدد من دول شرق آسیا وأمریکا اللاتینیة وروسیا، وکذلک بعد تزاید اتجاه الکثیر من دول العالم نحو التحول إلى النظم الاقتصادیة الرأسمالیة، والتی تعتمد بدرجة کبیرة على الشرکات الخاصة لتحقیق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادی، والذی أدى إلى انفصال الملکیة عن الإدارة، وضعف آلیات الرقابة على تصرفات المدیرین (Gugler ; Mueller& Yurtoglu, 2003).
وقد تعددت تعریفات الحوکمة وتنوعت باختلاف الباحثین وتخصصاتهم وباختلاف المجالات التی تستخدم فیها، حیث یعرفها (على وشحاته، 2006م، 15) بأنها مجموعة الآلیات والإجراءات والقوانین والنظم والقرارات، التی تضمن کل من الانضباط والشفافیة والعدالة، لتحقیق الجودة والتمیز فی الأداء عن طریق تفعیل تصرفات إدارة المؤسسة، فیما یتعلق باستغلال الموارد الاقتصادیة المتاحة لدیها، بما یحقق أفضل منافع ممکنة لکافة الأطراف ذوی المصلحة و للمجتمع ککل .
وتعرف منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة التابعة للأمم المتحدة (OECD , 2004) الحوکمة بأنها مجموعة العلاقات بین إدارة المؤسسة ومجلس إدارتها ومساهمیها وغیرهم من أصحاب المصلحة، وتوفر الحوکمة هیکل عام یساعد على تحدید الأهداف، ووسائل تحقیق تلک الأهداف ، وتوفیر الحوافز المناسبة للإدارة العلیا والتنفیذیة لمتابعة تنفیذ هذه الأهداف التی تصب فی مصلحة المؤسسة والمستفیدین.
کما یعرفها(البشیر، 2003م ) بأنها التفاعل الإیجابی ما بین القوانین التی تحکم المؤسسة والأنظمة والتعلیمات والإجراءات والعادات والتقالید وثقافة الأفراد العاملین بالمؤسسة، والجهات الرسمیة المعنیة بالإشراف على المؤسسات ذات العلاقة وأدواتها الرقابیة المختلفة فی تحقیق ذلک التفاعل الذی یضفی نجاح المؤسسة واستمرارها .
ومن هنا نجد أن الحوکمة تعد من أهم استراتیجیات الوقایة من المشکلات والأزمات المختلفة بالمؤسسة، وتخفیض درجة المخاطر المتعلقة بالفساد المالی والإداری، وتحقیق مبدأ الشفافیة والعدالة، ومنح حق مساءلة الإدارة أمام المستفیدین وأصحاب المصالح، والحد من استغلال السلطة والنفوذ، وتفعیل نظم الرقابة الداخلیة والخارجیة لمراجعة الأداء، وکذلک الالتزام بالنظم والقوانین والمعاییر الأخلاقیة بالمؤسسة، بما یسهم فی رفع کفاءتها وتحسین جودة أدائها.
کما تعمل الحوکمة على ربط الطموحات المستقبلیة للمؤسسة وقیمها بالممارسات التی تؤدی إلى تحقیق أهدافها بکفاءة عالیة، وخلق مناخ دیمقراطی یمکن التابعین من تحقیق التوازن بین أهداف المؤسسة وأهدافهم الشخصیة، کما تحفز الهمم وتشحذ الطاقات وتدعم المبتکرات والأفکار الحدیثة البناءة، وتشجع المبادرة وطرح الأفکار، وتعمل على تحقیق الألفة والتجانس بین فرق العمل، ومن ثم فإن الحوکمة لیست عملا فردیا یتم بمعزل عن الجماعة، لکنها ترتبط ارتباطا وثیقا بالجوانب السلوکیة والأخلاقیة للعاملین بالمؤسسة.
أما حوکمة المؤسسات التعلیمیة فیعرفها البنک الدولی (The World bank , 2008, 8)بأنها السلوکیات التی تعبر عن کیفیة ممارسة السلطة وتحقیق الرقابة الذاتیة للمؤسسات التعلیمیة، والتی ترکز على بنیة ووظیفة هذه المؤسسات، والإطار التنظیمی والتشریعی للرقابة علیها، وأدوار ومسؤولیات الإدارة وعلاقتها بالمجتمع، ومدى قدرتها على تحقیق الجودة والتمیز فی أدائها .
کما یعرفها (ضحاوی والملیجی،2011م، 53) بأنها السلوک الذی یتعین أن تسیر علیه المؤسسات التعلیمیة لوضع آلیات تمکنها من إحداث توازن داخلی لا یضمن فقط القوة والکفاءة فی اتخاذ القرار، بل یضمن أیضا الالتزام بالمسؤولیات والواجبات بالشکل الذی یرضی توقعات أصحاب المصلحة.
فالحوکمة تتضمن مجموعة من الآلیات والنظم التی تحکم العلاقات بین الأطراف الأساسیة التی تؤثر على الأداء المؤسسی، کما تشمل مقومات تطویر المؤسسات التعلیمیة على المدى البعید، وتحدید السلطة والمسؤولیة، والحقوق والواجبات، ووضع القواعد والإجراءات اللازمة لصنع القرارات الرشیدة التی تهدف إلى تحقیق الجودة والتمیز فی أداء المؤسسات التعلیمیة عن طریق اختیار الأسالیب المناسبة والفعالة لتحقیق الخطط الإستراتیجیة والأهداف المطلوبة.
کما تسهم الحوکمة المؤسسیة أیضا فی تحقیق العدالة وتطبیق الشفافیة والإفصاح عن المعلومات، وتعزیز الثقة والمصداقیة فی بیئة العمل، وإدارة المخاطر، والالتزام بالقوانین واللوائح والأخلاقیات التی تحکم عمل المؤسسات التعلیمیة، ومنع الأخطاء أو المخالفات المرتکبة، والحد من استغلال السلطة، ومحاسبة المسؤولین، ومشارکة أصحاب المصلحة فی عملیة اتخاذ القرارات وتقییم نتائجها بما یحقق أفضل منافع ممکنة لکافة الإطراف ذوى المصلحة للمجتمع ککل .
ویعرف الباحث حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی بأنها النظام الذی یتم من خلاله إدارة المؤسسات التعلیمیة وتوجیه أعمالها ومراقبتها لتحقیق الجودة والتمیز فی أدائها، فی إطار مجموعة من القوانین والإجراءات والمعاییر التی تحدد أخلاقیات الممارسة المهنیة بما یضمن تحقیق النزاهة والشفافیة والمساءلة والمشارکة لکافة الأطراف ذات الصلة بهذه المؤسسات، ویتضح من هذا التعریف أن حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی تتمیز بعدة خصائص هى :
- تحقیق أفضل المنافع والخدمات التعلیمیة للمستفیدین وأصحاب المصالح والمجتمع .
- الالتزام بالنزاهة والعدالة والإنصاف والشفافیة والإفصاح عن المعلومات فی جمیع الأعمال بالمؤسسة التعلیمیة .
- الالتزام بأخلاقیات الممارسة المهنیة فی مجال العمل، وإصلاح الممارسات السلبیة فی المؤسسات بشکل عام .
- الکفاءة فی الاستخدام الأمثل للموارد المادیة والبشریة المتاحة بالمؤسسة.
- وضع مجموعة من الضوابط والقواعد والقوانین التی تحکم سلوکیات کافة الأطراف ذات الصلة بالمؤسسات التعلیمیة.
- مساءلة الإدارة التربویة عن الأخطاء والمخالفات المرتکبة فی مجال العمل.
- تحقیق الشفافیة فی العملیات وصنع القرارات والأمور الإداریة والمالیة أمام المستفیدین وأفراد المجتمع.
- القدرة على التحدید الأفضل لاحتیاجات الأعضاء والمستفیدین والتعامل معها والسعی لتلبیتها .
وبناء على ما سبق فإن الحوکمة تضع الإجراءات والسیاسات التی تحدد الأسلوب الأمثل لإدارة العملیات بالمؤسسات التعلیمیة بکفاءة وفعالیة، کما تضع الإطار العام الذی یحدد السلوکیات المهنیة والأخلاقیة للإدارة العلیا والتنفیذیة على أساس من الشفافیة والمحاسبیة، وتحدد الحقوق والواجبات لمختلف العاملین بالمؤسسة، وتدعم المبتکرات والأفکار الحدیثة البناءه التی تسهم فی التطویر والتحسین المستمر للعملیات وإجراءات العمل لتجوید أداء المؤسسات التعلیمیة والارتقاء بها .
ب- أهداف حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی :
تسعى حوکمة المؤسسات التعلیمیة إلى وضع النظم والمعاییر، التی یتم من خلالها تحدید الأهداف التربویة وأسالیب تحقیقها، والرقابة على الأداء من خلال تحدید مجموعة من المسؤولیات والممارسات الأخلاقیة التی یتبعها جمیع العاملین بالمؤسسات التعلیمیة فی إطار من الشفافیة والعدالة، والمساءلة عن الأخطاء والمخالفات المرتکبة، وحمایة حقوق المستفیدین، ومراعاة مصالح العمل والعاملین، والحد من استغلال السلطة، وزیادة الإنتاجیة، وحسن استغلال الموارد المادیة والبشریة بالمؤسسة، تحقیق الجودة والتمیز فی الأداء وغیرها، ویمکن تحدید أهداف الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی فیما یلی ( عبد الفتاح،2010م،92)(العرینی، 2014م،119)(ضحاوی والملیجی،2011م، 56) :
- تعزیز القدرة التنافسیة للمؤسسات التعلیمیة، وتحقیق رضا عملائها، وتعزیز قدرتها على التطویر والتحدیث والتغییر المستمر .
- وضع أسس للعلاقة بین الإدارة العلیا والتنفیذیة وأصحاب المصالح والمستفیدین الداخلیین والخارجیین، مما یؤدی إلى وضوح حقوق وواجبات کل طرف، الأمر الذی یسمح باستثمار الإمکانات المتاحة مما یرفع کفاءة الأداء وجودة المنتج.
- الإفصاح الکامل عن أداء المؤسسات التعلیمیة ووضعها المالی، والقرارات التی یتم اتخاذها من قبل الإدارة العلیا، بما یساعد المستفیدین على تحدید مشکلاتهم، وتحدید الأسلوب المناسب لتحقیق طموحاتهم واحتیاجاتهم.
- تحقیق الرقابة والإشراف الذاتی للمؤسسة التعلیمیة ، وسلامة التطبیق القانونی للتشریعات القانونیة والضوابط الحاکمة للعمل داخل المؤسسة .
- ضمان حقوق ومصالح العاملین بالمؤسسات التعلیمیة دون أی تمییز أو تحسب ، حیث ینظر العاملون إلى الإدارة بأنها المعنیة بالحقوق والمصالح الذاتیة لهم
- تجنب حدوث أیه مخاطر أو صراعات داخل المؤسسات التعلیمیة تعوقها عن تحقیق أهدافها.
- تحسین سمعة المؤسسات التعلیمیة فی المجتمع، وزیادة الثقة فی الخدمات التی تقدمها.
- تحسین الممارسات التربویة والإداریة فی المؤسسات التعلیمیة، وتحقیق العدالة وضمان النزاهة والشفافیة لکافة العاملین فی ما یقومون به من أعمال داخل المؤسسات التعلیمیة.
- توفیر حق المساءلة والمحاسبیة للإدارة العلیا والتنفیذیة بالمؤسسات التعلیمیة من جانب جمیع الأطراف الداخلیة والخارجیة المستفیدة من المؤسسات التعلیمیة.
- تعزیز مشارکة المعلمین والطلاب والإداریین والمسؤولین فی عملیات اتخاذ القرارات .
- الحد من الفساد المالی والإداری بالمؤسسات التعلیمیة وعدم السماح بوجوده أو استمراره .
- محاربة الانحرافات وعدم السماح باستمرارها، خاصة تلک التی یشکل وجودها تهدیدًا لکافة أطراف العملیة التعلیمیة.
- تقلیل الأخطاء إلى أدنى حد ممکن باستخدام الضوابط الرقابیة التی تمنع حدوث مثل هذه الأخطاء.
- وضع القوانین والمعاییر والقواعد التی تحدد السلوکیات المهنیة والأخلاقیة لکافة العاملین بالمؤسسات التعلیمیة.
- زیادة قدرة المؤسسات التعلیمیة فی التغلب على الأزمات والتحدیات التی تواجهها، وتقلیل حالات تضارب المصالح، والحد من التصرفات المالیة والإداریة والأخلاقیة غیر المقبولة .
- وضع الأنظمة واللوائح والتعلیمات التی تساعد إدارة المؤسسات التعلیمیة على توزیع الحقوق والواجبات بین جمیع الأطراف ذات المصلحة.
- تعمیق ثقافة الالتزام بالمبادئ والمعاییر الأخلاقیة للمهنة، وخلق أنظمة للرقابة الذاتیة ضمن إطار أخلاقی نابع من العمل والأخلاق السائدة فی المجتمع وآدابه ومبادئه.
ومن حلال ما تقدم، فإن حوکمة المؤسسات التعلیمیة، وما تسعى إلى تحقیقه من أهداف یغطی بعدین أساسیین هما :
- الالتزام: وذلک بالتزام العاملین بأخلاقیات الممارسة المهنیة، وتنفیذ السیاسات التشریعیة والإداریة والقانونیة، وتلبیة توقعات المستفیدین بأکبر قدر من الأمانة والنزاهة والشفافیة.
- تحسین الأداء: وذلک باستخدام کافة الوسائل والإمکانات المادیة والبشریة المتاحة لتحسین أداء المؤسسات التعلیمیة، وکذلک استغلال کافة الفرص الإیجابیة للحد من المخاطر والسلبیات التی قد تنشأ داخل هذه المؤسسات .
ومن هنا فإن حوکمة المؤسسات التعلیمیة لا تعنی مجرد احترام القوانین والقواعد وتفسیرها تفسیرا ضیقا وحرفیا، بل هى ثقافة وأسلوب فی ضبط العلاقات بین الإدارة العلیا والتنفیذیة والمستفیدین لتحسین وتجوید هذه المؤسسات والارتقاء بها.
ج- مبادئ حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی:
تعد مبادئ الحوکمة المؤسسیة بمثابة القواعد والنظم التی تحقق التوازن بین أهداف الإدارة العلیا والأفراد العاملین بالمؤسسات التعلیمیة من جهة، وبین العملاء والمستفیدین من جهة أخرى، وهذه المبادئ تشکل النظام الذی یوجه العمل فی المؤسسة، وکذلک تنظیم العلاقة بین مختلف العاملین بالمؤسسات التعلیمیة .
وقد قامت منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة التابعة للأمم المتحدة(OECD)، بوضع عدة مبادئ لحوکمة المؤسسات فی عام 1999م، وتم تعدیلها عام 2004م، وتتمثل هذه المبادئ فیما یلی (OECD , 2004) :
- ضمان الأساس لإطار فعال لحوکمة المؤسسات.
- حقوق المساهمین والوظائف الرئیسة لأصحاب حقوق الملکیة
- المعاملة المتساویة للمساهمین.
- دور أصحاب المصالح.
- الإفصاح والشفافیة.
- مسؤولیات مجلس الإدارة.
کما وضعت لجنة بازل للإشراف المصرفی ببنک التسویات الدولیة(BIS)عدة معاییر وإرشادات خاصة تعتبرها الأساس لتطبیق الحوکمة فی المؤسسات المصرفیة عام 1999م ، وتم تعدیلها واعتماد النسخة الجدیدة منها فی فبرایر 2006م، وتتمثل هذه المبادئ فیما یلی(Basel Committee on Banking Supervision, 2010) :
- وضع أهداف إستراتیجیة وتحدید قیم للعمل.
- وضع خطوط واضحة حول المسؤولیة والمساءلة.
- ضمان کون أعضاء مجلس إدارة المؤسسة مؤهلین حسب المناصب التی یشغلونها.
- ضمان إشراف ملائم من الإدارة العلیا یوافق سیاسة مجلس إدارة المؤسسة.
- تطبیق نظم المراجعة الداخلیة والخارجیة .
- ضمان ملائمة ممارسات وسیاسات المکافآت مع ثقافة المؤسسة وأهدافها الإستراتیجیة.
- العمل والسیر تجاه حوکمة المؤسسة وفق أسلوب ونمط شفاف.
- فهم الهیکل التشغیلی للمؤسسة من خلال الالتزام بالعمل وفق بیئة قانونیة معینة.
کما وضعت مؤسسة التمویل الدولیة التابعة للبنک الدولی فی عام2003م عدة مبادئ لدعم الحوکمة فی المؤسسات على تنوعها، سواء کانت مالیة أو غیر مالیة، تتمثل فیما یلی(یوسف ، 2007م ، 10) :
- الممارسات المقبولة للحکم الجید.
- خطوات إضافیة لضمان الحکم الجید.
- إسهامات أساسیة لتحسین الحکم الجید محلیا.
- القیادة.
وبالنظر إلى مبادئ الحوکمة المطبقة فی المؤسسات والشرکات ، نجد أنها صالحة التطبیق فی المؤسسات التعلیمیة ، ویمکن تحدید مبادئ حوکمة المؤسسات التعلیمیة فیما یلی :
1- الشفافیة والإفصاح عن المعلومات: ویقصد بها الوضوح التام فی التعاملات وإتاحة کافة المعلومات والقرارات والأنشطة المتعلقة بالسیاسات التعلیمیة والتربویة والتشغیلیة لجمیع المعنیین بها، وعدم إخفاء أیة معلومات أو برامج أو سیاسات، وکذلک حریة تداول المعلومات وتدفقها لفهم ومتابعة العملیات فی المؤسسات التعلیمیة، والإفصاح عن کافة المعلومات للمستفیدین مثل نتائج الطلاب، ونتائج تقویم أداء المؤسسات التعلیمیة، والعملیات المتعلقة بالعاملین ومؤهلاتهم، وعوامل المخاطرة المتوقعة، والمعلومات عن الإدارة والعاملین ومؤهلاتهم، وتوفیر قنوات لنشر المعلومات للمستفیدین وغیرها، هذا بالإضافة إلى الشفافیة فی طرح الآراء والأفکار ومناقشتها بروح التعاون والتنسیق بین مختلف أطراف العملیة التعلیمیة .
2-المساءلة أو المحاسبیة: ویتمثل ذلک فی وجود طرق وأسالیب مقننة لمساءلة ومحاسبة العاملین بالمؤسسات التعلیمیة ومراقبة أعمالهم وتصرفاتهم وإنجازاتهم، ومحاسبتهم إذا تجاوزوا السلطة أو أخلوا بأخلاقیات العمل، وعلى هذا فمبدأ المساءلة یرتبط بضرورة تفعیل دور القوانین فی ملاحقة کل من یرتکب خطأ، أو یتعدى على حقوق الغیر بمخالفة القرارات والقوانین، ولا تقتصر المساءلة على معاقبة المخالفین فقط، بل تشمل أیضا وجود حوافز لتشجیع العاملین على أداء أعمالهم ومهامهم بإخلاص وفعالیة وأمانة، ومن ثم فهى تعنی المراقبة الدوریة التی تتم بمنتهى الشفافیة والقوة .
3- المساواة: وذلک بالمساواة بین جمیع العاملین فی الحقوق والواجبات من خلال اطلاعهم على کافة المعاملات والتعاملات والمعلومات المرتبطة بهم، وتمتعهم بکافة حقوقهم القانونیة، وإعطائهم الحریة فی التصویت على القرارات الأساسیة.
4- المشارکة الفعالة: وذلک بمشارکة کافة العاملین والمستفیدین فی صنع القرارات والسیاسات التعلیمیة وتنفیذها، ووضع قواعد العمل فی مختلف المجالات، وذلک شریطة أن تکون هذه المشارکة منظمة وواقعیة، وأن تکون قائمة على الندیة والاحترام المتبادل بین کافة الأطراف .
5- المسؤولیة : ویتمثل ذلک فی مسؤولیة الإدارة العلیا فی تحدید المهام والمسؤولیات بوضوح لجمیع العاملین بالمؤسسات التعلیمیة وإلزامهم بتنفیذها، والاعتراف بالحقوق القانونیة للمستفیدین، وتشجیع التعاون بین المؤسسات التعلیمیة ومؤسسات المجتمع، والالتزام بتحسین الأداء والإشراف على النظم التی توضع لضمان التزام العاملین بالأخلاقیات المهنیة، وکذلک مسؤولیة جمیع العاملین فی تحمل نتائج أعمالهم.
6- ضمان حقوق المستفیدین وأصحاب المصلحة: وذلک باحترام حقوق المستفیدین الداخلیین والخارجیین وحفظها ومنع انتهاکها، ومراعاة مصالحهم وحل مشکلاتهم المختلفة، وتعریفهم بحقوقهم وواجباتهم، وتعریفهم بأداء المؤسسات التعلیمیة ومسؤولیات الجهاز الإداری، وإشراکهم فی اتخاذ القرارات المرتبطة بهم، وکذلک معاملتهم معاملة عادلة بما فیهم الأقلیات والأجانب، وتعویض جمیع المستفیدین عند التعدی على حقوقهم .
7- التدقیق والمراجعة المنظمة: وذلک بإنشاء لجنة للتدقیق والمراجعة تختص بإعداد التقاریر الدوریة والرقابة الداخلیة لمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، والحفاظ على سیر العملیة التعلیمیة بطرق قانونیة وأخلاقیة، وذلک باستخدام معاییر وإجراءات للتحقق من صلاحیة النظم والسیاسات والإجراءات والخطط الموضوعة لتحقیق أهداف المؤسسات التعلیمیة، وتقییم الخطط التعلیمیة وإبداء الرأی حیالها، وتحلیل الانحرافات عن هذه الخطط وتقدیم الاقتراحات لتجنب الانحرافات مستقبلاً وسد الثغرات التی تؤدى إلى ضیاع الجهود والأموال، وکذلک تقییم فعالیة إدارة المخاطر والضوابط، بالإضافة إلى تقییم جودة التنظیم الإداری الداخلی بالمؤسسات التعلیمیة .
9- السلوکالأخلاقی: ویتمثل ذلک فی التزام العاملین بالمؤسسات التعلیمیة بالأخلاقیات والآداب ومعاییر وقواعد السلوک المهنی، وکذلک التوازن فی تحقیق مصالح کافة الأطراف المرتبطة بالمؤسسة التعلیمیة، والشفافیة فی عرض وتوصیل المعلومات للمستفیدین، ویدعم ذلک ثقافة المؤسسة التی تقوم باختیار القوة العاملة بعنایة وتتولى تدریبهم وتشجیعهم على تقدیم الأفکار والمقترحات والابتکارات وحمایتها من أن تنسب إلى آخرین فی مواقع قیادیة أعلى، ویضاف إلى ذلک ضرورة وجود توازن فی الأجور والحوافز والبدلات ونظم الثواب والعقاب والترقیة.
10- تجنب تضارب المصالح: ویتمثل ذلک فی تجنب أی تضارب فی المصالح بین الإدارة العلیا والإدارة التنفیذیة بالمؤسسات التعلیمیة والمستفیدین منها، فهذا التضارب قد یؤثر بشکل سلبی على سیر العملیة التعلیمیة ، ومن هنا فإن تحقیق التوازن بین الحقوق والمصالح یعد من الأولویات فی تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة.
11- الإدارة الذاتیة للمؤسسات التعلیمیة: ویتمثل ذلک فی منح المؤسسات التعلیمیة العدید من السلطات والصلاحیات التی تمکنها من إنجاز أعمالها ومهامها دون الرجوع إلى السلطات العلیا، وکذلک وضع الآلیات التی تسمح بمشارکة المستفیدین وأصحاب المصالح فی إدارة المؤسسات التعلیمیة وصنع واتخاذ القرارات، هذا بالإضافة إلى تمکین مؤسسات المجتمع المدنی والمنظمات غیر الحکومیة من مراقبة ومساءلة الموظفین والمسئولین بالمؤسسات التعلیمیة عبر القنوات الرسمیة والوسائل المناسبة .
د- محددات الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی :
یتوقف التطبیق الجید للحوکمة بالمؤسسات التعلیمة على مدى توافر ومستوى جودة نوعین من المحددات ، هما: ( عطوة وعلى ، 2012، 487-488) ( محمد ، 2011م ،11)
1- المحددات الخارجیة:
وتشیر إلى المناخ العام للاستثمار فی الدولة، والذی یشمل القوانین المنظمة للنشاط الاقتصادی، وکفاءة القطاع المالی فی توفیر التمویل اللازم للمشروعات التعلیمیة، ودرجة تنافسیة الأسواق وعناصر الإنتاج، وکفاءة الأجهزة والهیئات الرقابیة، وکذلک ما تقره الدولة من تشریعات وأنظمة وقوانین وما تنشئه من مؤسسات لضمان تنفیذ هذه التشریعات، هذا بالإضافة إلى وجود الهیئات المهنیة التی تهتم بوضع قواعد ومعاییر أخلاقیات المهنة، وإلزام کافة الأطراف المعنیة بممارستها.
وترجع أهمیة المحددات الخارجیة فی أن وجودها یضمن تنفیذ القوانین والقواعد التی تضمن حسن إدارة المؤسسات، وتقلیل المخاطر، والحد من تضارب المصالح ، وکذلک القضاء على الفساد المالی والإداری.
2- المحددات الداخلیة:
وتشیر إلى القواعد والأسس التی تحدد کیفیة اتخاذ القرارات بالمؤسسات التعلیمیة، وتوزیع السلطات والصلاحیات بین الإدارة العلیا والإدارة التنفیذیة، والتی یؤدى توافرها من ناحیة وتطبیقها من ناحیة أخرى إلى تقلیل التعارض بین مصالح مختلف الأطراف بالمؤسسات التعلیمیة.
هـ مراحل تطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی:
تمر عملیة تطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی بعدة مراحل متتالیة لاقتناع القیادات الإداریة والعاملین بها وتقبلها، بحیث تتحول من مجرد وجهة نظر إلى مبدأ وعقیدة ثم إلى سلوک وتنفیذ قوی، وتتمثل هذه المراحل فیما یلی( العرینی، 2014م، 122) (الخضیری، 2005م ، 92-93) :
1- مرحلة التعریف بالحوکمة المؤسسیة:
تعد هذه المرحلة من أهم واخطر المراحل على الإطلاق، حیث یتم فیها توضیح طبیعة الحوکمة والمفاهیم الخاصة بها، وأبعادها ومناهجها وأدواتها ووسائلها، وذلک لتعریف العاملین بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی بکل جوانب الحوکمة، تکوین رأی عام إیجابی لتطبیقها ، ویتم فی هذه المرحلة التفرقة بین الحوکمة کثقافة، وکأسلوب إداری یتم الالتزام به فی تنفیذ کافة الأعمال والمهام التی یقوم بها العاملون بالمؤسسة.
2- مرحلة بناء البنیة الأساسیة للحوکمة :
یتطلب تطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی ضرورة بناء بنیة أساسیة قویة ومتینة، قادرة على استیعاب حرکتها، والتفاعل مع مستجداتها، والمتغیرات المحیطة بها، وذلک لإیجاد قواعد وظیفیة للحوکمة، یتم من خلالها تحدید الضوابط القانونیة والتشریعیة والإجرائیة الخاصة بها، والجهات المسؤولة عنها فی کافة مستویاتها وتوصیف وظائفها بشکل واضح حتى تقوم بمهامها وأدوارها ، وتنقسم البنیة الأساسیة للحوکمة إلى :
- بنیة أساسیة فوقیة: وتتمثل فی الکیان المؤسسی التنظیمی، وجهات الإشراف على تطبیق الحوکمة سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المؤسسة، والأجهزة الرقابیة وغیرها.
- بنیة أساسیة تحتیة: وتتمثل فی الأساس الأخلاقی والقیمی والمرجعیات الأخلاقیة التی یتم الاستناد إلیها فی تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة.
3- مرحلة وضع برنامج زمنی وقیاسی للحوکمة :
یحتاج تطبیق الحوکمة إلى وضع برنامج زمنی محدد الأعمال والمهام التی یجب القیام بها، حتى یمکن متابعة مدى التقدم فی تنفیذها بالمؤسسات التعلیمیة، وکذلک تحدید المعوقات والصعوبات التی تحول دون التطبیق الکامل لأحکامها وتقویمها، ووضع الحلول والتوصیات لمعالجتها.
4- مرحلة تنفیذ وتطبیق الحوکمة :
یتم فی هذه المرحلة تنفیذ تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة، وذلک بمشارکة کافة الأطراف ذات المصلحة، ومدى ممارستهم للحریة المتاحة لهم، والتزامهم بالقیود الحاکمة والضوابط المتحکمة خاصة فیما یتصل بالمحتوى الأخلاقی، ویتطلب تنفیذ وتطبیق الحوکمة ما یلی:
- تحقیق أکبر قدر من الاستقلالیة والإدارة الذاتیة للمؤسسات التعلیمیة، وکذلک تحقیق مبدأ الشفافیة والمکاشفة والمصارحة والمساءلة والمحاسبة فی جمیع عملیاتها.
- تحقیق وتطبیق المعاییر المهنیة والأخلاقیة داخل المؤسسات التعلیمیة .
5- مرحلة المتابعة والتطویر:
ویتم فی هذه المرحلة الحکم على حسن تنفیذ وتطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة ، ومدى تحقیقها لأهدافها، وذلک من خلال استخدام المتابعة والرقابة والمراجعات الداخلیة والخارجیة، والتدقیق فی آلیة تنفیذ الإجراءات والعملیات الإداریة ، ویتم ذلک من خلال تعیین مراقب أخلاقی بکل مؤسسة تعلیمیة تکون مهمته مراقبة وتنفیذ قیم الحوکمة، وتدقیق الإجراءات وما تقتضیه من ترتیبات للمحافظة على أخلاق المهنة وقیمتها .
المحور الثانی: أخلاقیات مهنة التعلیم ( المفهوم– الأهمیة - المصادر):
لقد حظى موضوع أخلاقیات المهنة والضوابط اللازمة لها باهتمام بالغ من قبل العلماء والباحثین فی السنوات الأخیرة من القرن العشرین، نظراً لما للأخلاق من دور أساسی ومهم فی حیاة المجتمعات الإنسانیة، فوجود میثاق لأخلاقیات المهنة یشکل أحد مظاهر الضبط الاجتماعی لدى الأفراد العاملین فی المهنة، وعلاقتهم بالمستفیدین منها، ویکون دافعا لهم للوصول إلى أهدافهم وتحریرهم من غرائزهم وأهوائهم، کما أنه یعمل على تعمیق إحساس الفرد بالانتماء إلى مهنته ومجتمعه وتساعده على التکیف معه .
وقد حرصت الهیئات المهنیة على وضع معاییر وأخلاقیات لکل مهنة من المهن الموجودة فی المجتمع- یلتزم بها الأفراد العاملین بها، ولکی تصل أی مهنة إلى مستوى ذی قیمة فی السلم المهنی، فلابد للممارسین لها من الالتزام بأخلاقیاتها ومعاییرها وقیمها، ومن ثم فقد أصبح الالتزام الأخلاقی من أهم خصائص النزعة المهنیة، فتحرک أی عمل فی اتجاه التمهین یحتم وجود معاییر سلوکیة وقواعد أخلاقیة وآداب خاصة تنبع من المهنة ذاتها، وتمثل الأساس القیمی الذی یلتزم به جمیع الممارسین للمهنة فی أداء واجباتهم.
ومن هنا فإن الالتزام بأخلاقیات مهنة التعلیم، یعد من أساسیات نجاح العاملین فی تنفیذ أعمالهم ومهامهم بالمؤسسات التعلیمیة بکفاءة وشفافیة ونزاهة، کما تعکس ثقة المؤسسة المهنیة بموظفیها وأجهزتها وکذلک ثقة المجتمع، وفیما یلی توضیح لمفهوم أخلاقیات مهنة التعلیم وأهدافها ومصادرها:
أ- مفهوم أخلاقیات مهنة التعلیم :
بدأ الاهتمام العالمی بأخلاقیات المهن فی مختلف المؤسسات منذ بدایة السبعینیات من القرن العشرین، وذلک لظهور بعض الممارسات غیر الأخلاقیة من قبل بعض العاملین فی المهن المختلفة مثل الممارسات السلوکیة الخاطئة وعدم التمسک بقواعد السلوک الرسمی، وإفشاء المعلومات السریة، ومزاولة أی أعمال أضافیة تتعارض مع أهداف المؤسسة وسمعتها ( الغامدی ،2014م، 38) .
وتعد أخلاقیات وقیم العمل أو المهنة من أهم الاستراتیجیات التی یجب أن تعتمد علیها المؤسسات أی کان نوعها فی تقدیم منتجات أو خدمات تشبع حاجات الأفراد والمجتمع، وضبط سلوکیات العاملین بها بما یتواءم مع أهداف المؤسسة، ولهذا تکتسب أخلاقیات المهنة أهمیة کبیرة ، ومن ثم فإن جودة الخدمات التی تقدمها المؤسسات بمختلف أنواعها تتأثر بمدى التزام العاملین بها بمجموعة من الأخلاقیات والسلوکیات الوظیفیة ( السعودی والثوابیة،2013م، 175).
وإذا کانت الأخلاق المهنیة ضرورة لکل فرد یعمل فی مهنة ما، فإنها أکثر أهمیة وضرورة لمن یعمل فی مهنة التعلیم، وذلک بسبب الطبیعة الإنسانیة والأخلاقیة لهذه المهنة، ودورها فی بناء شخصیة الإنسان بإبعادها المختلفة، ویرى (بطاح،2006م ، 92) أن أخلاقیات المهنة تتمثل فی جملة الأسس والمبادئ والمثل التی یلتزم بها أفراد المهنة عند ممارستهم لمهنتهم ، وذلک حفاظا على مستوى المهنة ، وعلى حقوق المنتسبین بها .
ویعرفها( حسین، 2006م، 18) بأنها القواعد والقوانین والقیم والأسالیب التی تتصل بمهنة معینة، تتضح فیها الحقوق والواجبات التی یتعارف علیها أفراد مجتمع ما فی إطار المسئولیة الموضوعة تجاه الالتزام بمتطلبات العمل وأداء المهام والمسئولیة الذاتیة التی تتصل بالولاء والإخلاص والالتزام بالقواعد الأخلاقیة التی تتصل بالعمل ذاته.
ومن هنا فإن أخلاقیات المهنة تتمثل فی المعاییر والقیم الأخلاقیة التی تستند إلیها مؤسسات ومنظمات الأعمال للتمییز بین ما هو صحیح وما هو خطأ ، ومن ثم فهى تحکم سلوکیات وتصرفات جمیع أفراد المهنة، والتی یجب علیهم الالتزام بها للحفاظ على مستوى مهنتهم ومکانتها الاجتماعیة وشرفها، أما أخلاقیات مهنة التعلیم فیعرفها (الحمیدان، 2010م ، 22) بأنها المبادئ التی تعد أساسا للسلوک المطلوب لأفراد المهنة والمعاییر التی تعتمد علیها المؤسسات التعلیمیة فی تقییم أدائها سلبا أو إیجابا، ویعرفها( السعودی والثوابیة،2013م، 180) بأنها مجموعة المبادئ والمعاییر التی یستحب لأفراد المهنة الالتزام بها ، وتعد أساسا للحکم على السلوک الوظیفی.
کما یعرفها (العبد العزیز، 2010م، 473) بأنها مجموعة المبادئ والضوابط والقیم الأخلاقیة المحددة للسلوک السوی الذی یجب أن یمارسه العاملون بالمؤسسات التعلیمیة عند أدائهم لمهام مهنتهم، وخروجهم عن أی منها یعد إخلالاً بآداب تلک المهنة وأخلاقیاتها .
أما (عفیفی، 2006م ، 8) فیعرف أخلاقیات مهنة التعلیم بأنها معاییر السلوک الرسمیة وغیر الرسمیة التی یستخدمها المعلمون کمرجع یرشد سلوکهم إثناء أدائهم لوظائفهم وتستخدمها الإدارة والمجتمع للحکم على التزام المعلمین.
فأخلاقیات مهنة التعلیم تتمثل فی مجموعة القواعد والأصول والمعاییر المتعارف علیها لدى العاملین فی التربیة والتعلیم، والتی تستلزم منهم سلوکا معینا قائما على الالتزام بها، بحیث تکون مراعاتها محافظة على المهنة وشرفها، والإخلال بها خروجا على المهنة وشرفها ، ویتم تقییم العاملین المنتمین لمهنة التعلیم فی ضوء مدى التزامهم بأخلاقیات المهنة التی ینتمون إلیها .
کما تتمثل أخلاقیات مهنة التعلیم أیضا فی کل ما یتبادر إلى الذهن من سلوکیات ومواصفات ومواقف وقیم أخلاقیة، والتی یجب أن یتحلى بها العاملون أثناء مزاولة مهامهم التربویة والتعلیمیة، ویعرف الباحث إجرائیا أخلاقیات مهنة التعلیم العام بأنها المبادئ والقواعد والقیم التی یجب على جمیع العاملین فی التربیة والتعلیم إتباعها والعمل بمقتضاها فی أداء مهامهم ، للحفاظ على قدسیة المهنة والرفع من مستواها ومکانتها الاجتماعیة فی المجتمع .
وبناء على ما سبق فإن لکل مهنة آداباً ومعاییر وسلوکیات معینة تحددها الهیئات والمؤسسات المهنیة لمزاولة العمل بها، ومخالفتها وعدم مراعاتها یعرض صاحبها للنبذ من الأعضاء الآخرین، وقد یصل إلى حد توقیع الجزاء والعقوبة علیه إذا لزم الأمر، ومن ثم فإن الالتزام بأخلاقیات مهنة التعلیم یتضمن الالتزام بنوعین من القیم هما :
- القیم العامة: تتمثل فی القیم الدینیة کالصدق والأمانة والعدل والمساواة والتعاون والرفق والوفاء بالعهد، الإخلاص والشورى ، والأمانة والنزاهة والحکمة والإخلاص.
- القیم الخاصة بالتعلیم: وتتمثل فی الالتزام بالأنظمة والقوانین والتعلیمات، والمحافظة على الأموال العامة، والانتماء والولاء للمهنة، والإتقان فی إنجاز العمل، وحفظ أسرار العمل، واحترام الوقت، وحسن التصرف فی المواقف المختلفة، والثقة بالآخرین، ومراعاة العلاقات الإنسانیة .
ب- أهمیة أخلاقیات مهنة التعلیم :
یعد الاهتمام بقیم المهنة وأخلاقیاتها من أهم أسباب التنمیة والتطور لمؤسسات المجتمع، کما أن عدم الاکتراث بهذه الأخلاقیات یعد من أهم عوائق النجاح والنهضة والإتقان والانجاز، ومن هنا فان العنایة بأخلاقیات مهنة التعلیم، یجب أن یکون فی أعلى قائمة الاهتمامات الإداریة تدریبا وتأهیلا وتوظیفا لتحقیق التمیز والجودة فی المؤسسات التعلیمیة ، وتتمثل أهمیة أخلاقیات مهنة التعلیم فیما یلی:
- زیادة إنتاجیة العاملین والمعلمین بالمؤسسات التعلیمیة، وزیادة درجة رضاهم الوظیفی، وذلک بتعریفهم بحقوقهم وواجباتهم وعلاقاتهم بکافة أطراف العملیة التعلیمیة.
- تکوین اتجاهات ایجابیة نحو مهنة التعلیم ، وتبصیر العاملین بالتزاماتهم الأخلاقیة، وتوعیتهم بالبعد القیمی والأخلاقی لمهنة التعلیم ودورها فی الارتقاء بالفرد والمجتمع.
- تعزیز سمعة ومکانة المؤسسات التعلیمیة على الصعید المحلی والإقلیمی والدولی، وزیادة ثقة المستفیدین والمجتمع فی مؤسساته التعلیمیة وإدارتها وما تقدمه من خدمات تعلیمیة.
- خلق مناخ وبیئة تعلیمیة قائمة على الشعور بالمسؤولیة تجاه مهنة التعلیم، مما یزید من کفاءة أداء العاملین فی المؤسسات التعلیمیة .
- توفیر إطار عام یوضح للعاملین بالمؤسسات التعلیمیة المعاییر والقیم الأخلاقیة للارتقاء بکرامة المهنة وشرفها، والقضاء على الانحرافات والسلوکیات الخاطئة .
- مساعدة العاملین بالمؤسسات التعلیمیة على الالتزام بالأهداف المرسومة لهم، بالاستناد إلى قیم المؤسسة التی تؤثر فیهم.
- ضمان حریة الرأی والتعبیر لمختلف العاملین بالمؤسسات التعلیمیة، مما یزید من ولائهم وانتمائهم لمهنة التعلیم.
- تسهیل عملیة صنع القرار، وتحقیق الاحترام المتبادل بین کافة أطراف العملیة التعلیمیة سواء داخل المؤسسة أو خارجها.
- تشجیع العمل بروح الفریق داخل المؤسسات التعلیمیة، مما یخلق نوعا من التعاون والتکامل لزیادة إنتاجیة المؤسسة وتحسین مستوى أدائها.
- تحقیق الشفافیة والمصداقیة فی تنفیذ الأعمال الموکلة للعاملین بالمؤسسات التعلیمیة، مما یعطی مردودا إیجابیا فی تحسین الأداء المدرسی
ج- مصادر أخلاقیات مهنة التعلیم :
هناک مجموعة من المصادر التی تعد الأساس الذی تنطلق منه أخلاقیات مهنة التعلیم، وتحکم أنواع التعامل المختلفة بین العاملین بالمؤسسات التعلیمیة، ومن أهم هذه المصادر ما یلی:( العبد العزیز، 2010م ، 479-480) (الالفی، 2008م، 350) ( السعدیة، 2012م ، 92 )
1- المصدر الدینی: وهى تعد المصدر الأساسی الذی یشتق منه القواعد والأسس والمعاییر والمبادئ الخاصة بأخلاقیات مهنة التعلیم، والتی تنظم تصرفات العاملین بالمؤسسات التعلیمیة وعلاقاتهم بالآخرین، فالدین یضع المبادئ والتنظیمات لهدایة الناس وتنظیم حیاتهم فی کل زمان ومکان، کما ینظم العلاقات بین مختلف فئات المجتمع ویحدد حقوقهم وواجباتهم، ویحث على مکارم الأخلاق والالتزام بالقیم الحمیدة والفضائل التی تحدد أخلاقیات الممارسة المهنیة للتعلیم.
2- المصدر الفکری والفلسفی: وتتمثل فی آراء الفلاسفة ونظریاتهم حول أخلاقیات المهن المختلفة ومعاییرها، وکذلک الفلسفة والأفکار التی یؤمن بها المجتمع ، أو الفلسفة الشخصیة التی یطورها الفرد لنفسه ویستمدها من مصادر متعددة، والتی یجب أخذها فی الاعتبار عن تحدید آداب وأخلاقیات المهنة .
3- المصدر الاجتماعی : والتی تتمثل فی البیئة الاجتماعیة التی توجد فیها المؤسسة التعلیمیة التی یعمل فیها الفرد، وما تحویه من قیم وأعراف وعادات وتقالید وثقافة ونظم، والتی تنعکس على التصرفات المهنیة للعاملین والمؤسسات التربویة التی یعملون بها، فالفرد عندما یعمل فی مهنة لا ینعزل عن ثقافة مجتمعه، ولا یستطیع أن یشذ عن الأنماط السلوکیة للآخرین ومعاییرهم ، فالمدرسة التی یعمل فیها الفرد، تمثل مجتمعا صغیرا داخل المجتمع الأکبر.
4- المصدر السیاسی: ویتمثل ذلک فی النظام السیاسی الذی یسیر علیه المجتمع وما یفرضه من قیم معینة على المجتمع لاتباعها والعمل بموجبها، وانعکاسات توجهات هذا النظام على أخلاقیات الممارسة المهنیة للتعلیم، فإذا کان النظام السیاسی دیمقراطیا یؤمن بالحوار والمشارکة والعدالة، فانه سیؤثر إیجابیا على قیم الأفراد وقناعاتهم المهنیة، أما إذا کان متسلطا فإنه سیوثر سلبیا على توجهات الأفراد فی أی مؤسسة ، ومن هنا فإنه کلما توفر المناخ الدیمقراطی الکامل القائم على العلم والحریات، کلما أدى ذلک إلى نمو وازدهار الأخلاقیات المهنیة.
5- المصدر الاقتصادی: ویتمثل ذلک فی الظروف والأوضاع الاقتصادیة التی یعمل فی ظلها الفرد داخل المؤسسات التعلیمیة، فالمعلم الذی یعیش فی وضع اقتصادی معقول نتوقع منه أخلاقیات رفیعة ودرجة عالیة من الالتزام، عکس المعلم الذی یعانی من أوضاع اقتصادیة صعبة ولا یستطیع العیش معها بأمان ، فقد یرتکب بعض المخالفات کالدروس الخصوصیة وغیرها.
6- المصدر التنظیمی والتشریعی: وتتمثل فی التشریعات والقوانین والأنظمة واللوائح التی تصدرها الدولة أو إدارات التربیة والتعلیم، والتی تحدد سلوکیات العاملین بالمؤسسة وتوجه مسارهم، فهی تبین الواجبات الوظیفیة التی یجب القیام بها، والمحذورات التی یجب على العاملین تجنبها، حیث تتضمن العدید من المواد التی تسن الضوابط الأخلاقیة التی تحث العاملین على التمسک بفضائل الأخلاق بما یحقق مصلحة العمل والارتقاء به کالتقید بمواعید العمل والمحافظة علیها، والدقة فی الإنجاز والأمانة، والبعد عن الأعمال التی لا تتفق وشرف مهنة التعلیم وکرامتها .
ومن هنا فإن أی مهنة تتضمن مجموعة من الواجبات والالتزامات، وتحتاج إلى مبادئ خلقیة تسهل استفادة الآخرین منها، وبهذا فإن أخلاقیات المهنة سلوک ذو نزعة خلقیة یهدف إلى توظیف واجبات المهنة والتزاماتها وتقدیمها للمستفید منها ، فأخلاقیات مهنة التعلیم تستمد أساسا من المجتمع وعقیدته وقیمه وثقافته وأنظمته الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة.
ثالثا : العلاقة بین حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی وأخلاقیات مهنة التعلیم :
یشکل الالتزام بالأخلاقیات المهنیة عاملا أساسیا فی نجاح المؤسسات التعلیمیة وتعظیم إنتاجیتها، حیث یقود ذلک إلى بذل الجهد وتحمل المسؤولیة وتأدیة العمل بأمانة، وهو ما تحتاجه المؤسسات التربویة بالدرجة الأولى، لذا یؤکد التربویون على ضرورة وجود میثاق أخلاقی لمهنة التعلیم فی تعریف العاملین والمعلمین بحقوقهم وواجباتهم، والآداب والقیم والمعاییر والسلوکیات المهنیة التی تمکنهم من التمییز بین الصواب والخطأ، وکذلک تعریفهم بالمخالفات والسلوکیات غیر المهنیة، والتی قد تفقد المهنة سمعتها وکرامتها.
ویعد الالتزام بأخلاقیات المهنة من أساسیات النجاح فی مجال العمل، لأنه یعکس ثقة المؤسسة بالعاملین بها وأجهزتها والإدارات التابعة لها، وکذلک ثقة المجتمع بهذه المؤسسة، مما یؤدى إلى تحسین سمعتها ومکانتها فی المجتمع، هذا بالإضافة إلى زیادة إنتاجیة العاملین وتحسین أدائهم، والتزامهم بالنزاهة والشفافیة والأمانة وتحمل المسؤولیة فی کل ما یقومون به من أعمال ومهام، ، ومن هنا نجد أن کفاءة وجودة أداء العاملین بالمؤسسات المختلفة تتأثر بمدى إیمانهم العمیق واقتناعهم بالقیم الأخلاقیة والمثل العلیا التی تدفعهم إلى تنمیة معارفهم العلمیة ومهاراتهم السلوکیة والعلمیة والعملیة نحو تحسین أدائهم ( حمدونه ، 2014م ، 676) .
وهناک علاقة قویة بین الحوکمة ودرجة الالتزام بالقیم الأخلاقیة، فإذا کانت الحوکمة تعنی مجموعة القوانین والنظم والقرارات التی تهدف إلى تحقیق الجودة والتمیز فی الأداء عن طریق اختیار الأسالیب المناسبة والفعالة لتحقیق أهداف المؤسسات المختلفة، فإن تحقیق سیاسة ونظم الحوکمة الجیدة فی کافة میادینها وعناصرها، مرهون بمدى التزام إدارة المؤسسة والعاملین بها بسلوکیات وأخلاقیات وآداب المهنة (عبد القادر ومحمد ،2009 م،5).
ومن ثم فإن من أهم الأسباب التی أدت إلى انتشار ظاهرة انهیار الشرکات والمؤسسات هو شیوع الفساد الأخلاقی للقائمین بإدارة هذه الشرکات والمؤسسات سواء فی الجوانب المالیة أو المحاسبیة أو الإداریة، وافتقاد الممارسة السلیمة للرقابة وعدم الاهتمام بسلوکیات وأخلاقیات الأعمال وآداب المهنة.
وإذا کانت الحوکمة الرشیدة تهدف إلى مقاومة أشکال الفساد المالی والإداری، فإن الأخلاق الحمیدة هی الإطار الأکثر مناسبة لتدعیم هذا الهدف، کما أن حوکمة المؤسسات لا یمکن تطبیقه بمعزل عن الجانب الأخلاقی لکافة الإداریین والعاملین بالمؤسسة، لأن الاقتناع بمبادئ الحوکمة ومتطلباتها، لا یفید ما لم یکن جمیع أفراد المؤسسة ملتزمین بالقیم الجوهریة المتمثلة فی الشفافیة، المسئولیة، والعدالة، الإنصاف، والمحاسبة وغیرها (عبد القادر، محمد ،2009 م،5).
وترتبط حوکمة المؤسسات التعلیمیة ارتباطاً کبیراً بأخلاقیات المهنة، فالأخلاق والثقافة المهنیة والأخلاقیة داخل العمل تشکل جوهر عملیة الحوکمة، حیث تهتم الحوکمة بشکل أساسی بإیجاد هیکل لصنع القرارات على مستوى الإدارة العلیا، ووضع الإجراءات اللازمة لتطبیقها، وکذلک تحقیق القیم الجوهریة المتمثلة فی الشفافیة والمسئولیة والإنصاف والمحاسبة، وهذه القیم تعد محور اهتمام أخلاقیات مهنة التعلیم، ومن هنا فإن حوکمة المؤسسات التعلیمیة ترتکز على ثلاثة رکائز أساسیة هى: (رضا ، 2007م ، 60) ( محمد ،2011م،91)
- السلوکالأخلاقی: ویتمثل ذلک فی ضمان الالتزام السلوکی من خلال الالتزام بالأخلاقیات وقواعد السلوک المهنی الرشید، والتوازن فی تحقیق مصالح کافة الأطراف المرتبطة بالمؤسسة التعلیمیة، والشفافیة فی عرض المعلومات، القیام بالمسئولیة الاجتماعیة والحفاظ على موارد المؤسسة .
- الرقابة والمساءلة: ویتمثل ذلک فی وجود جهاز رقابی لا یقتصر على أطراف داخلیة فی المؤسسات التعلیمیة فقط، وإنما یشمل تفعیل أدوار أصحاب المصلحة ، وکذلک الأطراف المباشرة للإشراف والرقابة على کافة العملیات بالمؤسسات التعلیمیة .
- إدارة المخاطر: ویتمثل فی وجود نظام لإدارة المخاطر بالمؤسسات التعلیمیة، ووضع ضوابط رقابیة فعالة، ووضع ترتیبات لمواجهة الأزمات أو تحمل المزید من المخاطر، وکذلک الإفصاح عن المخاطر للعاملین والمستفیدین وأصحاب المصلحة .
نظرا لأهمیة السلوک الأخلاقی ودوره المهم فی تفعیل النظام الرقابی داخل المؤسسات التعلیمیة، فقد أوصت العدید من الهیئات العلمیة والمهنیة المتخصصة بضرورة وضع میثاق لأخلاقیات مهنة التعلیم یرکز على القیم الأخلاقیة والنزاهة، والأنظمة والقوانین التی تضمن حسن سمعة المؤسسة ومصداقیتها، وحمایة معلومات المؤسسة والمستفیدین وضمان سریتها، والحد من الانحرافات والفساد المالی والإداری، ومن ثم فإن تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة، یسهم فی تعزیز أخلاقیات المهنة من خلال:
- الالتزام بتحقیق مستوى عالٍ من السلوک الأخلاقی داخل المؤسسة.
- تشجیع العاملین على الالتزام بالسلوک الأخلاقی ومعاقبة کل من لم یلتزم به .
- تنمیة ثقافة أخلاقیة داخل المؤسسة.
ومن هنا فإن الحوکمة لیست مجرد قوانین وأسالیب وأخلاقیات جیدة نلتزم بتنفیذها فقط، بل هی مفیدة للمؤسسات فی حال استخدامها وتطبیقها، حیث تحمیها من حدوث العدید من الأزمات والمخاطر والسلبیات التی تحد من کفاءة أدائها، فالحوکمة بالمفهوم الحدیث ترتکز على أربعة مبادئ أساسیة، هی النزاهة، والقابلیة للمحاسبة، والمسؤولیة، والشفافیة(الرزی وعبدالله، 2012م ،253) ، کما تعمل على تعمیق الحس الأخلاقی من خلال تطبیقها مجموعة من القواعد والمبادئ تحدد القیم والأخلاقیات والممارسات والسلوکیات التی تقوم بها الإدارة العلیا والتنفیذیة، والتی تتوافق مع الإطار القانونی والأخلاقی، ومن ثم فإن وضع أسس قویة للحوکمة تعد من أهم طرق تعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم، ومجابهة الفساد وسوء الإدارة، تعزیز الشفافیة والمحاسبیة والعدالة والمساواة والالتزام بالقوانین واللوائح داخل المؤسسات التعلیمیة.
ومن العرض السابق نجد أن تطبیق الحوکمة یؤدى إلى تطویر الممارسات المهنیة والأخلاقیة بالمؤسسات التعلیمیة، ومکافحة الانحرافات والفساد المالی والإداری، والقضاء على السلوکیات غیر المقبولة؛ وذلک بتطبیق أفضل الممارسات فی مجال الأطر القانونیة واللوائح المنظمة، ووضع معاییر وآلیات للشفافیة والمساءلة، والالتزام بالقوانین واللوائح من شأنها کشف الرشوة والسلوک غیر القانونی على المدى الطویل
رابعا : تجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی:
تواجه المؤسسات التعلیمیة فی الوقت الحاضر العدید من التغیرات والتحدیات، والتی تؤثر على کفاءة أدائها لوظائفها وقدرتها التنافسیة ودرجة استقرارها، وتتمثل هذه التغیرات فی ظهور مجتمع المعرفة، وما یصاحبه من تداعیات مختلفة کالعولمة والفجوة الرقمیة والتطور العلمی والتکنولوجی والتغیرات الاقتصادیة وغیرها، ومواجهة هذه التحدیات یتطلب ضرورة إحداث تغییر جذری فی المناخ التنظیمی السائد لتطبیق مبادئ الحوکمة الرشیدة، وتفعیل نظم الإدارة الذاتیة والرقابة والمحاسبیة والمساءلة التعلیمیة وغیرها.
وقد اهتمت العدید من الدول المتقدمة بحوکمة مؤسساتها التعلیمیة للحد من الفساد المالی والإداری، وضمان النزاهة والحیادیة والاستقامة لکافة العاملین، والالتزام بالنظم والقوانین والأخلاقیات المهنیة، وکذلک تفعیل نظم المحاسبیة والرقابة الداخلیة والخارجیة، والشفافیة والإفصاح عن المعلومات لکافة الأطراف ذات العلاقة، وفیما یلی عرض لخبرات وتجارب بعض هذه الدول فی مجال حوکمة مؤسساتها التعلیمیة:
أ- تجربة الولایات المتحدة الأمریکیة:
تعد الولایات المتحدة الأمریکیة من أوائل دول العالم التی سعت إلى تطبیق الحوکمة فی مؤسساتها التعلیمیة، بهدف تحسین الأسالیب الإداریة المستخدمة فی تنظیم العمل، وتفعیل نظم الرقابة والمساءلة والمحاسبیة، ودعم القرارات الإداریة القائمة على المشارکة، وتدعیم اللامرکزیة والإدارة الذاتیة، وزیادة الالتزام بالأخلاقیات المهنیة والممارسات السلوکیة والنظم والقوانین والمعاییر التی تحکم أداء العمل بالمؤسسات التعلیمیة(ضحاوی والملیجی، 2007م،42) .
کما تزایدت الدعوات والأصوات الأمریکیة التی تنادی بحوکمة المؤسسات التعلیمیة وإعادة هیکلتها، وبخاصة تزاید التقاریر التی تؤکد ضعف قدرة المؤسسات التعلیمیة فی إعداد الإنسان المبدع المبتکر القادر على المنافسة العالمیة، والذی قد یهدد بتراجع مکانتها ومرکزها فی قیادة دول العالم، وظهور دول أخرى تتولى ادواراً قیادیة فی التعلیم والعمالة الماهرة والإنتاجیة- بعدما کانت الولایات المتحدة الدولة الأولى فی العالم فی تطویر الابتکارات التی أدت إلى تحسین نوعیة الحیاة فی جمیع دول العالم خلال القرن العشرین(Wright,2012, 1) ، ویؤکد ذلک ما أشارت إلیه نتائج البرنامج الدولی لتقییم الطلاب فی القراءة والعلوم والریاضیات فی دیسمبر 2010م، إلى تأخر ترتیب الولایات المتحدة الأمریکیة مقارنة بالدول الأخرى، حیث احتلت المرکز(23) فی العلوم، والمرکز(17) فی القراءة، والمرکز(31) فی الریاضیات (Wright,2012, 1).
ونتیجة لذلک فقد اتخذت الولایات المتحدة الأمریکیة عدة إجراءات لإعادة هیکلة مؤسساتها التعلیمیة وتحسین أدائها وتجویده وتطویر أهدافها، بحیث تحقق القیمة المضافة والمیزة التنافسیة للطلاب فی المستقبل من جهة، وزیادة قدرتها التنافسیة لمواکبة التحدیات والتغیرات الحادثة فی المجتمع الأمریکی من جهة أخرى، وقد تمثلت هذه الإجراءات فی تطویر میثاق آداب وأخلاقیات مهنة التعلیم من قبل اللجنة الوطنیة للتربیة والمعاییر المهنیة للمعلمین، والذی تبنته أغلب الولایات الأمریکیة، وکذلک تطبیق مبادئ الحوکمة فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی، والتی تتمثل فی الالتزام بأخلاقیات الممارسة المهنیة والوظیفیة، وتطبیق معاییر الجودة، وتفعیل نظم الرقابة والمحاسبیة والشفافیة والمسئولیة والإدارة الذاتیة وغیرها ، وفیما یلی عرض لمبادئ الحوکمة فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی ، ودورها فی الارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم بالمجتمع الأمریکی :
1- الإدارة الذاتیة للمدارس :
قامت الولایات المتحدة الأمریکیة بالعدید من الإصلاحات الحدیثة فی مجال التعلیم الابتدائی، والتی تمثلت فی إعطاء المزید من السلطات والصلاحیات للمدارس بما فی ذلک الحریة فی اتخاذ القرارات التی تمکنها من أداء مهامها بکفاءة وفعالیة، وتصریف شؤونها الإداریة وترتیب أولویاتها، وتحدید میزانیتها وتطویر سیاستها، ویسمى هذا النظام "الإدارة الذاتیة للمدرسة"، أو "حلقات القیادة" وهو مقتبس من النظام الیابانی فی إدارة المدارس، ویتکون هذا النظام من دوائر قیادیة من المعلمین والإداریین یتولون دراسة الأمور المتعلقة باتخاذ القرارات حول المیزانیة والبرامج الدراسیة والعملیات الإداریة والمهنیة وغیرها، وفی کل ذلک یعطی لمدیر المدرسة المسؤولیة الکاملة فی تصریف شؤون المدرسة بما یحقق تطویرها ورفع مستوى کفاءتها ، وإذا لم یتحقق ذلک یتعرض المدیر للفصل او النقل أو العقوبة (المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم ، 2013م ، 47).
وفی ظل الإدارة الذاتیة فان المدارس تتحمل مسؤولیة إدارة شؤونها الأکادیمیة والمالیة، ومراقبة أدائها وبرامجها الدراسیة وتجویده، وکذلک مساءلة ومحاسبة العاملین بها فی ما یقومون به من أعمال أو مهام، ومدى التزامهم بتطبیق القواعد والممارسات المهنیة والأخلاقیة الخاصة بمیثاق آداب وأخلاقیات مهنة التعلیم .
2- المحاسبیة والمساءلة التعلیمیة:
فی إطار الحریة والدیمقراطیة التی تمتلکها المدارس الأمریکیة بفضل الحوکمة الرشیدة بها، وأصبح هناک برامج للمحاسبیة التعلیمیة لتقییم أداء المدارس ومدى تحقیقها لأهدافها، کما تم إخضاع کافة المستویات الإداریة من إداریین وموظفین ومعلمین وعاملین للمساءلة، وتحمیلهم ونتائج قراراتهم وأفعالهم، حتى یتسنى محاسبتهم من قبل الآباء والجمهور والمجتمع المحلی، وکذلک الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالأداء المدرسی، کمتوسط درجات الطلاب فی الاختبارات، ومعدلات النجاح والرسوب والتسرب، ومؤهلات المعلمین وغیرها إلى الجمهور والرأی العام ووسائل الإعلام العامة (Rhim,2005) .
ومن هنا أصبحت المدارس مسؤولة عن تزوید طلابها والمستفیدین منها بالمعلومات والمهارات والقیم والأخلاقیات التی تمکنهم من النجاح لیصبحوا مواطنین صالحین فی المجتمع الأمریکی، ویوجد أسلوبان لتطبیق المساءلة فی المدارس العامة هما: (Kim , 2004)
- الأسلوب الأول: ویتمثل ذلک فی استخدام الأداء فی المدارس کأداة للتحسین، وذلک بمنح المدارس ذات الأداء الجید بعض الموارد الإضافیة، والحوافز المالیة للعاملین بها، وکذلک معاقبة المدارس ضعیفة الأداء وذلک بتقلیل مواردها والتدخل فی إدارتها.
- الأسلوب الثانی: ویتمثل فی استخدام آلیة السوق کأداة للتحسین، وذلک بالسماح للطلاب وأولیاء الأمور باختیار المدارس الخاصة، والسماح لهم بمساءلة هذه المدارس والحکم على أدائها فی ضوء مدى تلبیتها لاحتیاجات أبنائهم، ومدى التزام العاملین بها بالممارسات والسلوکیات المهنیة والأخلاقیة، والمواثیق والقوانین التی تضعها الحکومة، ویستمر الدعم والتمویل الحکومی لهذه المدارس، إذا التزمت بتجوید أدائها والمواثیق والممارسات الأخلاقیة والمهنیة.
3- الاعتماد التربوی فی المدارس:
حظیت حرکة الاعتماد المدرسی فی الولایات المتحدة الأمریکیة بفضل الحوکمة باهتمام کبیر خلال العقود الثلاثة الأخیرة من القرن العشرین، وذلک لتجوید أداء المدارس والتأکد من مدى استیفائها للمعاییر القومیة للاعتماد وضمان الجودة، ویقوم بعملیة الاعتماد فی الولایات المتحدة الأمریکیة هیئات غیر حکومیة غیر هادفة للربح، یتم اعتمادها من مکتب التربیة الفیدرالی فی ضوء معاییر وشروط محددة، ویعد حصول المدرسة على شهادة الاعتماد من هذه الهیئات مسوغا لحصولها على الدعم المالی من الحکومة المرکزیة(ابراهیم ، 2014م ، 57).
ویعد الاعتماد المدرسی فی الولایات المتحدة الأمریکیة عملیة اختیاریة غیر إجباریة، ومن ثم فإن المدارس التی تقبل الخضوع للاعتماد, یجب علیها استیفاء معاییر الجودة التی تقررها منظمة الاعتماد، وکذلک الموافقة على المراجعة الدوریة لشروط الاعتماد التی اعتمدت وفقًا لها، ولا تقتصر نظم الاعتماد على المدارس الحکومیة فقط، بل تشمل المدارس الخاصة والمستقلة فی محاولة للوصول إلى أفضل معاییر الاعتماد التی تتجاوز أحیانا معاییر اعتماد المدارس العامة، وذلک لحفظ حقوق التلامیذ فی أی وقت فی الانتقال إلى المدارس العامة المتاحة فی مناطق لا تتوافر فیها المدارس الخاصة أو المستقلة(U.S. Department of Education , 2014).
ویرتبط الاعتماد التربوی بعملیة منح الترخیص للمدارس التی استوفت معاییر الاعتماد، وکذلک الترخیص للمعلمین بمزاولة المهنة، والالتزام بالممارسات السلوکیة والمهنیة والأخلاقیة، هذا بالإضافة إلى التزام المدارس والعاملین بها بالنظم والقوانین والمعاییر والمبادئ والقیم الأخلاقیة للمهنة التی تضعها الولایة.
4- میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم :
تعد الولایات المتحدة الأمریکیة من أقدم الدول التی اهتمت بوضع میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، حیث قامت اللجنة الوطنیة للتربیة(NEA) بوضع هذا المیثاق عام 1929هـ، بحیث یلتزم به جمیع المنتمین لمهنة التعلیم، وقد تم تعدیله عدة مرات، والتزمت معظم الولایات الأمریکیة بتطبیق هذا المیثاق، وقامت ولایات أخرى بتطبیق مواثیق خاصة بها.
ویتضمن هذا المیثاق عدداً من المبادئ والمعاییر الأخلاقیة التی تحکم سلوک المعلمین وأدائهم المهنی، کالإیمان بالمساواة والکرامة الإنسانیة، وغرس قیم الدیمقراطیة، وحمایة حریة التعلیم والتعلم ، وضمان مبدأ تکافؤ الفرص التعلیمیة للجمیع، والثقة والمسؤولیة تجاه طلابه وزملائه والآباء وأعضاء المجتمع المحلی، والشفافیة والحفاظ على سریة معلومات العمل والزملاء ( national Education association , 2015)
وتقع مسؤولیة تطبیق میثاق آداب وأخلاقیات مهنة التعلیم على عاتق لجنة الحقوق والمسئولیات المهنیة المنبثقة عن الرابطة القومیة للتربیة، التی تقوم بوضع القوانین لتثبیت المعلمین والحقوق المدنیة والإنسانیة لمهنة التدریس، کما تقوم بجمع المعلومات عن السلوک غیر السوی والمخالفات الأخلاقیة للمعلمین، حیث تنص العقود مع المعلمین فی بعض الولایات على الأسباب التی تستدعی الفصل عن العمل، کعدم الکفاءة، والقیام بالأعمال اللا أخلاقیة، والتمرد، والإهمال الوظیفی، والسلوکیات غیر المهنیة، وتناول المسکرات والمخدرات، وعدم الأمانة، وارتکاب الجرائم وغیرها، وتتعدد درجات العقوبة لانتهاک معاییر السلوک الأخلاقی والمهنی منها إلغاء رخصة التدریس، واللوم والتوبیخ ، والتحذیر ، ویتم اتخاذ العقوبة حسب درجة المخالفة ( الألفی ، 2008م ، 361) .
ومن هنا فإن تطبیق الحوکمة فی المدارس الأمریکیة أدى إلى زیادة المطالبة بتطبیق میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم وتطویره، والحد من الممارسات اللا أخلاقیة فی التعلیم وزیادة الثقة بین المدارس وأولیاء الأمور والقضاء على الفساد المالی والإداری والرشوة والمحاباة، وکذلک الحد من الصراعات والخلافات بین العاملین بالمدارس(Gray, 2009 , 63).
5- المشارکة المجتمعیة:
یعد إشراک المجتمع بمؤسساته المختلفة فی تطویر أداء مؤسسات التعلیم قبل الجامعی من أهم أسس الحوکمة، وذلک ببناء علاقات شراکة حقیقیة بین المدارس وأولیاء الأمور والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنی، والسماح لهم بالمشارکة فی إدارة المدارس، وصنع القرارات التربویة، ومساءلة إدارة المدارس والعاملین بها عن أدائهم، ومدى التزامهم بالممارسات والسلوکیات المهنیة والأخلاقیة.
6- الثقة المتبادلة بین المدارس والمستفیدین :
یعد تعزیز الثقة بین المدارس والمستفیدین وأصحاب المصلحة من الأخلاقیات المهنیة التی تؤکد علیها الحوکمة، وقد وضعت الولایات المتحدة الأمریکیة العدید من القوانین والتشریعات التی تدعم هذه الثقة، من أبرزها قانون توفیر التعلیم لکافة الأطفال، الذی یحدد العلاقة بین المدارس والمستفیدین منها فی الداخل والخارج (إبراهیم،2014م،54).
ومما سبق نجد أن حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی بالولایات المتحدة الأمریکیة تؤدی إلى زیادة الاهتمام بتطبیق میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، والاهتمام بالمحاسبة والمساءلة للمدارس والعاملین بها لتقییم مدى التزامهم بالممارسات المهنیة والأخلاقیة، والحد من الفساد المالی والإداری، وتحقیق العدالة والمساواة، وزیادة ثقة المستفیدین فی جودة الخدمات التعلیمیة التی تقدمها المدارس.
ب- تجربة انجلترا :
یتمیز نظام التعلیم العام فی انجلترا بجودته المعروفة عالمیا وسمعته الرفیعة وقیمته العلمیة، وذلک لاهتمام الحکومة بتطبیق المعاییر الصارمة على المؤسسات التعلیمیة وخضوعها للتحسین والتطویر المستمر، للحفاظ على مردویتها العالیة وضمان جودة وکفاءة مخرجاتها التعلیمیة.
ویخضع نظام التعلیم فی انجلترا لإشراف وزارة التعلیم ووزارة الأعمال والابتکار والمهارات، وتتولى السلطات المحلیة(LA) مسئولیة تنفیذ سیاسات التعلیم العام، وتحدید الطرق والضوابط لقبول التلامیذ فی المدارس الحکومیة والخاصة، وکذلک تحدید الاحتیاجات المالیة والبشریة اللازمة للمدارس.
وقد قامت الحکومة الانجلیزیة منذ عام 1980م، بتطبیق العدید من المعاییر والمؤشرات لحوکمة المدارس وإعادة هیکلتها لتحسین وتطویر أدائها، وذلک بتطبیق الشفافیة والمساءلة للمدارس، ومنحها المزید من الاستقلالیة والتسییر الذاتی، واتخاذ القرارات التی تهمها (Wilkins ,2015, 185)، وقد عزز ذلک صدور قانون الإصلاح التعلیمی عام 1988م، والذی أعطى المدارس مزیدا من الاستقلالیة والحریة والمرونة فی تسییر أمورها التعلیمیة والإداریة تحت إشراف الإدارة المحلیة ، وکذلک تزوید المدارس الموجودة فی الأحیاء الصعبة والمهمشة بالموارد والإمکانات والاستقلالیة التی تمکنها من حل مشکلاتها الخاصة بعیدا عن السلطة المحلیة( المنظمة العربیة للتربیة والعلوم والثقافة، 2013 م،50 ).
وفی عام 1992م تم إلغاء نظام التفتیش، وتم وضع المدارس تحت مجهر الرقابة الأهلیة، والتی اختصت بمراقبة الأداء التعلیمی داخل المدارس وتحقیق جودته، وفی عام 1993م، تم تأسیس مکتب المعاییر القومیة، والذی أعطى لأولیاء الأمور صلاحیة مساءلة المؤسسات التعلیمیة، مما أدى إلى انحصار رقابة السلطات التعلیمیة والمحلیة، وأصبح دورها قاصراً على تحدید مستویات الجودة المطلوبة فی المدارس ، وتقییم مخرجاتها التعلیمیة، ومعاونة المدارس فی تحقیق أهدافها وتقییم أدائها (Peter , 2005, 8-9).
وقد أدى إلغاء نظام التفتیش إلى تراجع مخرجات المدارس الانجلیزیة بشکل واضح، وتدنی مستوى أدائها، وفشلها فی تحقیق مستویات الجودة المطلوبة، مما أدى إلى تزاید الدعوات التی نادت بضرورة تطبیق نظام الحوکمة فی المدارس وإعادة هیکلتها(Jones and Ranson, 2010, 8)، لتحسین مستوى أدائها، وزیادة المستوى التحصیلی للطلاب وفق المعاییر المقبولة للتمیز، وتحقیق الرقابة والمساءلة التعلیمیة، والالتزام بالسلوکیات الأخلاقیة فی المدرسة، وزیادة موارد المدارس وإدارة المیزانیة بدقة وفعالیة.
کما أدى تطبیق نظام الحوکمة فی المدارس إلى تحسین أدائها وتجویده، وتحسین الممارسات المهنیة والأخلاقیة للعاملین لها وزیادة التزامهم بالأخلاقیات المهنیة، وکذلک تفعیل نظم الرقابة والمساءلة والمحاسبیة، وتعزیز الثقة بین إدارة المدارس والمستفیدین، وفیما یلی عرض لمبادئ حوکمة المدارس فی انجلترا ، ودورها فی تعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم.
ومن هنا نجد أن التقویم المدرسی یسهم فی تجوید أداء المدارس وحل مشکلاتها المختلفة، وکذلک تعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم وتطویر الممارسات السلوکیة والأخلاقیة للعاملین، ورفع کفاءتهم العلمیة والمهنیة.
3-المساءلة والمحاسبیة التعلیمیة:
یتم تطبیق المساءلة التعلیمیة من خلال التفتیش الرسمی الذی یتم من خلال مکتب المعاییر فی التربیة(الاوفستد) OFSTED الذی یتبع البرلمان مباشرة، ویرأسه مفتش ملکی یعرف مکتبه بمکتب کبیر مفتشتی جلالتها، وتتضمن مهامه فی اختیار طاقم التفتیش وتأهیله وتدریبه وتقویمه، ووضع برامج التفتیش، وإبلاغ المدارس التی یشملها التفتیش، وإعطاء النصح والتوجیه الذی یضمن نجاح سیر عملیة التفتتیش (Power&Whitty , 2003)، وتؤدی هیئة أوفستد(OFSTED) دورًا کبیرًا فی عملیة التفتیش لتطویر وترقیة العمل بالمدارس، ومساعدتها على تطبیق المعاییر والوصول إلى مستویات الجودة المطلوبة.
وفی عام 1997م، أصدرت الحکومة قانون یجیز لمکتب المعاییر فی التربیة (OFSTED)، حق التفتیش على المدارس والسلطات المحلیات، وقد أدى هذا القانون إلى التقلیل من المرکزیة فی نظام التعلیم، وإعطاء صلاحیات وسلطات أکبر للمدارس، والتأکید على دور أولیاء الأمور فی مجلس المدارس، وفی عام 2003م أنشئ نظام جدید للمساءلة والمحاسبیة، حیث رکزت سیاسة التفتیش على الاهتمام بوجهات نظر إدارة المدرسة، وتعزیز التقییم الذاتی، وتقییم القیادة والإدارة والأنشطة على جمیع مستویات المدرسة، ومن هنا یرکز النظام القائم فی انجلترا بشکل کبیر على المساءلة الهرمیة ومساءلة السوق والقیم المضافة (West ; Mattei & Roberts , 2011).
وقام مجلس المحافظین والحکومة العمالیة باستحداث نظام مساءلة السوق، وذلک بإتاحة کافة المعلومات للمستفیدین للحکم على أداء المدرسة وکفاءتها، وإذا لم تلبِّ المدرسة احتیاجات المستفیدین تتعرض للعقوبات کالإغلاق وخروجها من السوق أو تخفیض میزانیتها (Mattel, 2012)، وتشیر الإحصاءات أن هناک حوالی 1,5% من المدارس الثانویة خرجت من السوق التعلیمی خلال عامی (2003-2004) ، کما یتم منح حوافر للمدارس ذات الأداء المتمیز (Acquah , 2013) .
کما أقر مکتب المعاییر فی التربیة (OFSTED) نظام القیمة المضافة، لتقویم أداء المعلمین لرفع کفاءتهم المهنیة، وتقوم فکرة هذا النظام على مقدار ما أضافه المعلم من مهارات للتلامیذ بعد أداء الحصة، ویعبر عنها بنواتج التعلم، کما ینُظر للقیمة المضافة لمستوى أداء المدرسة بشکل عام ، والتی توضح مستوى أداء المدرسة مقارنة بالعام الماضی، حیث إن بقاء المدرسة فی مستوى أداء واحد لعامین متتالیین أو أکثر أو انخفاض مستوى أدائها عن العام الماضی، یعد مؤشراً بالغ الأهمیة لفریق التفتیش أن المدرسة لیست فی مستوى الجودة المطلوبة (Acquah , 2013).
4- المشارکة المجتمعیة :
یقوم نظام التعلیم فی انجلترا على مبدأ الشراکة مع أولیاء الأمور والمجتمع المحلی لتطویر التعلیم وتحسین أدائه، وقد أصدرت الحکومة عام 2001م قانوناً یتیح للقطاع الخاص الإسهام فی إدارة المدارس وتطویر أدائها، وتوفیر احتیاجاتها من الأجهزة والموارد المختلفة، هذا بالإضافة إلى إسهامها فی تقویم أداء المدارس والعاملین بها .
5- الشفافیة والإفصاح عن المعلومات :
یهتم نظام التعلیم فی انجلترا بالشفافیة فی تقدیم کافة المعلومات المرتبطة بعملیة تقویم المدارس للمستفیدین، حیث یتاح لأولیاء أمور التلامیذ ومجالس إدارات المدارس والمعلمین الاطلاع على تقاریر لجان التفتیش واستعراضها ومناقشتها من زوایاها المختلفة، ویتم الاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم فی تحسین الأداء المدرسی وتطویره.
ومن العرض السابق نجد أن انجلترا اهتمت بتطبیق الحوکمة فی المدارس، لتطویر أدائها والنهوض به للوصول إلى مستویات الجودة المطلوبة، والتی تمکنها من تحقیق أهدافها المرجوة والارتقاء بمخرجاتها، وکذلک رفع الکفاءة العلمیة والمهنیة للعاملین بها، وإلزامهم بمیثاق أخلاقیات المهنة، وتطویر ممارساتهم السلوکیة والأخلاقیة والانضباط والالتزام بالقیم الأخلاقیة فی مجال العمل حفاظا على شرفة المهنة ومکانتها وسمعتها العلمیة فی المجتمع.
ج- تجربة استرالیا :
یعد نظام التعلیم وإدارته فی استرالیا نظاما فریدا من نوعه، إذ تتکون استرالیا من ست ولایات، وتقوم کل ولایة بالإشراف والرقابة على التعلیم دون أی تدخل من الحکومة الفیدرالیة فیما عدا بعض المقاطعات الفقیرة والنائیة، حیث یوجد فی کل ولایة وزارة للتعلیم والتدریب والتوظیف تتولى الإشراف الفنی والإداری على جمیع شؤون التعلیم بالولایة.
وفی بدایة التسعینیات واجه التعلیم الاسترالی العدید من المشکلات التی أدت إلى ضعف مخرجاته وتدنیها، مما أحدث ضجراً کبیراً بین المواطنین وتطلعهم إلى إصلاحه، وهذا دفع الحکومة المنتخبة فی عام 1992م إلى جعل التعلیم أولویة أساسیة من أولویاتها للتغلب على مشکلاته، وتطویره بما یتناسب مع التغیرات الاجتماعیة والاقتصادیة (المنظمة العربیة للتربیة والعلوم والثقافة، 2013م،51)، لذا اتجهت الحکومة الاسترالیة إلى حوکمة المدارس وإعادة هیکلتها لتطویرها وتجوید أدائها، ورفع کفاءة العاملین بها وتحسین ممارساتهم المهنیة، وزیادة التزامهم بالأخلاقیات المهنیة، وذلک بالتوجه نحو المزید من اللامرکزیة ومنح الإدارة الذاتیة للمدارس، وتطبیق نظم المساءلة والمحاسبیة ووضع مدونات للسلوک الأخلاقی للعاملین بالمدارس وغیرها، وفیما یلی عرض لمبادئ الحوکمة فی المدارس الاسترالیة، وأثر ذلک على أخلاقیات مهنة التعلیم :
1- الإدارة الذاتیة للمدارس : حیث تقوم معظم الولایات الاسترالیة بتفویض العدید من اختصاصاتها وسلطاتها فی الجوانب التنظیمیة والإداریة والمالیة إلى المدارس ذاتها، حیث تقوم مجالس المدارس بتقریر السیاسة التعلیمیة واتخاذ القرارات وتحدید الأهداف الخاصة بالمدرسة، وتسهیل تنفیذ القرارات الحکومیة وتوجیه نفقات المدرسة وبرامجها بالشکل الذی یتناسب مع أهدافها وبیئتها المحلیة، وکذلک تحدید المناهج الدراسیة ووسائلها المختلفة(المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم، 2013م،53) ، کما تقوم هذه المجالس بإعداد میثاق أخلاقیات المهنة أو دستور المدرسة بمشارکة الحکومة، ویتم الاتفاق بینهما على نوعیة التعلیم وکیفیته، والممارسات المهنیة والأخلاقیة للعاملین، وبالإضافة إلى مجالس المدارس، یوجد مجلس الدراسات فی"نیوساوت ویلز"، الذی یختص بالبحث والتطویر المستمر للتربیة والتعلیم فی الولایة، وتطویر أسالیب التقویم وتطویر المناهج الدراسیة بما یحقق المعاییر العالمیة(المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم ، 2013م، 53).
2- المحاسبیة التعلیمیة: اتجهت الحکومة الاسترالیة خلال العقدین الأخیرین من القرن العشرین وضع العدید من التشریعات والسیاسات لضمان جودة النتائج التعلیمیة التی یتم تحقیقها فی المدارس الاسترالیة، وذلک بتطبیق نظام المساءلة التعلیمیة لتقییم أداء المدارس والمعلمین والطلاب والتحصیل الدراسی والمشارکة فی صنع واتخاذ القرارات لتلبیة متطلبات التعلیم، وقد أثمر هذا النظام عن تشکیل لجان للمساءلة فی کل ولایة من الولایات الاسترالیة تحت مسمى الإدارة الذاتیة للتعلیم والتفویض، تکمن مهمتها فی التحقق من جودة التعلیم بالولایة، وکفاءة المعلمین والعاملین ومدى التزامهم بالأخلاقیات المهنیة والممارسات السلوکیة، وکذلک جدوى التمویل المخصص للتعلیم وکیفیة إنفاقه، وتطبق استرالیا عدة أنواع للمساءلة فی المدارس کالمساءلة التعاقدیة والأخلاقیة والمهنیة للحکم على أداء المعلمین والعاملین فی المدارس، وما یقومون به من أدوار ومسئولیات، وذلک للقضاء على الانحرافات والمخالفات السلوکیة والأخلاقیة، والفساد المالی والإداری وغیرها. (Gurr , 2007 , 173-174).
3- المشارکة المجتمعیة: انتهجت استرالیا سیاسة تعلیمیة لزیادة معدلات المشارکة الشعبیة وتحسین الجودة الشاملة فی التعلیم، وذلک بالتوجه نحو المزید من اللامرکزیة والاستقلالیة لمؤسسات التعلیم فی تسییر شؤونها حسب حاجاتها، وتطبیق مشروع التوزیع الفعال للموارد فی المدارس، کما توجد برامج شراکة بین المدارس والمصانع لتدریب الطلاب فی مواقع العمل للحصول على شهادات معترف بها، وکذلک تعاون بین المدارس الثانویة والکلیات التقنیة، وذلک بالسماح لطلاب المدارس بإنجاز بعض التجارب فی معامل الکلیات التقنیة للتخصصات التی یصعب تأمین معاملها وتجهیزاتها فی المدارس الثانویة (المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم ، 2013م، 54) ، کما تقوم مؤسسات المجتمع المدنی برقابة المدارس ومساءلتها لمعرفة أدائها، وکفاءة العاملین بها ومؤهلاتهم ومدى التزامهم بمدونات السلوک فی الولایة.
4- الاعتماد المدرسی: بدأت جهود الاعتماد المدرسی فی أسترالیا متأخرة نسبیًا مقارنة بالولایات المتحدة الأمریکیة، وتوجد فی أسترالیا مؤسسات ووکالات اعتماد تختص بتقویم أداء المدارس واعتماد المناهج الدراسیة على مستوى الدولة، وتلزم الحکومة الاسترالیة المدارس بتطبیق المناهج الدراسیة المعتمدة کشرط للحصول على التمویل المناسب، ویتم تقویم أداء المدارس من خلال التقییم الذاتی للمدارس والتحصیل الدراسی للطلاب، ویتم تقویم المدرسة الفعالة فی عدة جوانب، تتمثل فی جودة التعلیم والتدریس، وبیئة التعلم، والقیادة الفعالة، والامتثال للتشریعات والسیاسات المالیة والعلاقات، وذلک لتحسین أداء المدارس ورفع کفاءتها، وتنفرد کل مؤسسة بنظام للمقیمین الخارجیین والرسمیین المشارکین فی عملیة التقییم وبرامج التطویر, وتشمل بعض عملیات التقییم الحصول على التغذیة الراجعة لتدعیم جوانب القوة بالمدارس ووضع خطط إستراتیجیة للتغلب على نقاط الضعف(Department of Education , 2015).
5- مدونة السلوک: یشتمل القانون الاسترالی على مدونة سلوک، ومیثاق لأخلاقیات المهنة یتسم بالتناسق وإمکانیة التطبیق من الناحیة القانونیة والعملیة، وتلتزم المدارس العامة والخاصة بالوفاء بمعاییر عالیة من الجودة والممارسة الأخلاقیة التی تضع فی اعتبارها قضایا منهج الدراسة، ومؤهلات المعلمین ومیثاق أخلاقیات المهنة وغیرها، وتعد العدید من المدارس الاسترالیة أعضاء فی جهات مهنیة تطبق مدونات السلوک الخاص بها، فعلى سبیل المثال ، تطبق المؤسسات التعلیمیة فی استرالیا الغربیة التی تعد جزء من اتحاد مدینة التعلیم بیرث(PEC) مدونة السلوک ومیثاق أخلاقیات المهنة الخاص بها، وتضع هذه المدونات معاییر لخدمات الدعم والخدمات الأکادیمیة للطلاب والعلاقة بین العاملین، ودور العاملین فی تطویر المهنة وغیرها (باشیوة والبرواردی ، 2009م ، 123).
ومن هنا نجد أن تطبیق مبادئ الحوکمة فی المدارس الاسترالیة أدى إلى التغلب على المشکلات المختلفة التی تعانی منها، وتحسین جودة مخرجاتها، وتجوید أدائها، وکذلک رفع کفاءة المعلمین والعاملین بالمدارس، وزیادة التزامهم بمیثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، مما أدى إلى تحسین ممارساتهم المهنیة والأخلاقیة وتعزیز الثقة بین أطراف العملیة التعلیمیة ، والحد من الفساد المالی والإداری.
تحلیل تجارب الدول التی تناولتها الدراسة فی مجال حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی:
من العرض السابق لخبرات وتجارب بعض الدول المتقدمة فی مجال حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی ودورها فی تعزیز أخلاقیات مهنة التعلیم، یمکن استخلاص بعض المؤشرات التی تفید فی وضع التصور المقترح وهى :
- أن هناک اهتماماً متزایداً من جانب الدول المتقدمة بتطبیق الحوکمة الرشیدة ووضع مواثیق لأخلاقیات المهنة بالمؤسسات التعلیمیة، لتحقیق الجودة والتمیز فی أدائها وتحسین سمعتها العلمیة وزیادة قدرتها على المنافسة المحلیة والعالمیة.
- أن تطبیق الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة أدى إلى زیادة الالتزام بالأخلاقیات المهنیة وتحقیق العدالة والمساواة، والحد من الانحرافات والصراعات والفساد المالی والإداری .
- أن الدول التی تناولتها الدراسة تهتم بإصدار القوانین والأنظمة والتشریعات، وکذلک توفیر المناخ الملائم الذی یشجع على تطبیق الحوکمة المؤسسیة والأخلاقیات المهنیة فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی.
- أن تطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی یتطلب ضرورة التوجه نحو اللامرکزیة، ومنح المدارس المزید من الاستقلالیة والتسییر الذاتی التی تمکنها من إدارة شؤونها، ووضع النظم والقوانین ومدونات السلوک والأخلاقیات التی تمکنها من تحقیق أهدافها بکفاءة وفعالیة.
- أن حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی تسهم بشکل کبیر فی ضمان النزاهة والحیادیة والاستقامة لکافة العاملین، وزیادة التزامهم بالنظم والقوانین والأخلاقیات المهنیة.
- أن حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی تؤدی إلى تفعیل نظم الرقابة الداخلیة والخارجیة، وکذلک تفعیل نظم المساءلة التعاقدیة والأخلاقیة والمهنیة للمعلمین والعاملین فی المدارس.
- أن حوکمة مؤسسات التعلیم قبل الجامعی تؤدی إلى تحقیق الشفافیة والإفصاح عن المعلومات والتقاریر المتعلقة بالعملیة التعلیمیة لکافة المستفیدین لمناقشتها، وتدعیم الثقة فی المؤسسات التعلیمیة والخدمات التی تقدمها.
- أن الدول التی تناولتها الدراسة تهتم بوضع مدونات للسلوک ومواثیق لأخلاقیات مهنة التعلیم، وتلزم العاملین فی مؤسساتها التعلیمیة بتطبیقها فی العمل، وقد تختلف هذه المواثیق من ولایة إلى أخرى کما هو الحال فی الولایات المتحدة الأمریکیة واسترالیا.
- أن الدول التی تناولتها الدراسة تربط عملیة تمویل المدارس بمستوى أدائها وقدرتها على تلبیة احتیاجات المستفیدین، وفی حال فشلها فی تلبیة احتیاجات المستفیدین تتعرض لبعض العقوبات کخفض تمویلها الحکومی أو إغلاقها وخروجها من السوق .
خامسا : خلاصة النتائج والتصور المقترح:
أولا : خلاصة النتائج :
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها :
1- أن هناک قصور فی التزام المعلمین بأخلاقیات مهنة التعلیم بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی ، هذا بالإضافة إلى قلة وعیهم بمیثاق أخلاقیات المهنة وبنوده.
2- أن تطبیق الحوکمة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی یؤدى إلى تحسین جودة العملیة التعلیمیة وتطویر أدائها وزیادة قدرتها على المنافسة العالیة.
3- أن تطبیق الحوکمة الرشیدة یعد أمرا ضروریا ، لتحقیق الشفافیة والمحاسبیة التعلیمیة وضبط سلوکیات العاملین والحد من الفساد المالی والإداری .
4- أن تطبیق الحوکمة الرشیدة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی یؤدى إلى الارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم وتطویر السلوکیات المهنیة والأخلاقیة للعاملین بها، وبخاصة بعد تزاید التقاریر التی تؤکد ضعف الاهتمام بأخلاقیات مهنة التعلیم وانتشار السلوکیات السلبیة فی المدارس .
5- أن تطبیق الحوکمة الرشیدة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی یؤدى إلى زیادة التزام العاملین والإدارة العلیا والتنفیذیة ، وکذلک المستفیدین بأخلاقیات المهنة والمعاییر السلوکیة والأخلاقیة .
6- أن الدول المتقدمة تربط بین حوکمة مؤسساتها التعلیمیة وأخلاقیات المهنة، لوجود العدید من المبادئ المشترکة بینهما .
ب- التصور المقترح لتطبیق الحوکمة للارتقاء باخلاقیات مهنة التعلیم فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی :
یقوم التصور المقترح على فلسفة وأهداف وأسس ومتطلبات وخطوات یمکن توضیحها فیما یلی :
أ- فلسفة التصور المقترح :
تقوم فلسفة التصور المقترح على استخدام أسلوب الحوکمة الرشیدة للارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، وذلک من خلال تفعیل مبادئ المحاسبیة والمساءلة والنزاهة والشراکة المجتمعیة والحد من الفساد المالی والإداری ، وتحقیق النزاهة والشفافیة فی تقدیم المعلومات لأولیاء الأمور وأفراد المجتمع ووضع مدونات السلوک وتحدید المعاییر الأخلاقیة التی یلتزم بها جمیع العاملین بالمؤسسات التعلیمیة .
کما تقوم فلسفة التصور المقترح أیضا على النظر للحوکمة بنظرة أکثر شمولیة بحیث تشمل جمیع مکونات وعناصر العملیة التعلیمیة، ویشترک فی تنفیذها کافة الأطراف المعنیة، بالإضافة إلى الترکیز على الإجراءات التی تعزز المساءلة والشفافیة بما یؤدى إلى ضبط الأداء بالمؤسسات التعلیمیة، وتعزیز مفهوم الهویة المهنیة والضبط الذاتی لدى المعلمین والعاملین، وتزویدهم بالمعاییر الأخلاقیة والمهنیة، وإلزامهم بتطبیقها وتحویلها إلى أفعال وممارسات سلوکیة ومهنیة فی حیاتهم الیومیة.
ب- أهداف التصور المقترح :
یهدف التصور المقترح إلى الارتقاء بأخلاقیات مهنة التعلیم فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی، وذلک من خلال :
- تطبیق مبادئ الحوکمة الرشیدة بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی لضبط أدائها وتجوید آلیات العمل بها .
- تهیئة المناخ التنظیمی المناسب الذی یشجع على نشر ثقافة الحوکمة الرشیدة ومبادئ أخلاقیات مهنة التعلیم بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی.
ج – مسلمات التصور المقترح :
- أن تطبیق الحوکمة یسهم فی تحسین أداء المؤسسات التعلیمیة ورفع کفاءتها وزیادة إنتاجیتها .
- أن الالتزام بأخلاقیات المهنة یسهم فی زیادة الرضا والأمان الوظیفی بین العاملین بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی کنتیجة للالتزام بالشرعیة والابتعاد عن المخالفات، والتمسک بالقانون وعدالة التعامل والمعاملات وإسناد الأعمال.
- أن الالتزام بأخلاقیات مهنة التعلیم یدعم البیئة المواتیة لروح الفریق وزیادة الإنتاجیة ویزید من تجوید أداء العاملین بالمؤسسات التعلیمیة .
- أن وجود میثاق أخلاقی تلتزم به المهنة یکون بمثابة دلیل أو مرجع یسترشد به الجمیع فی أدائهم لأعمالهم ومهامهم.
- أن وجود میثاق أخلاقی یشعر العاملین والمعلمین بالثقة بالنفس، ویحقق الانضباط والسلوک الأخلاقی الحمید ، ویحقق المزید من الاستقرار داخل المؤسسات التعلیمیة.
- أن الالتزام الأخلاقی یؤمن المؤسسات التعلیمیة ضد المخاطر ، وذلک لالتزام العاملین بالشرعیة والبعد عن المخالفات ، والتمسک بالقانون.
د- خطوات تنفیذ التصور المقترح :
یتم تنفیذ التصور المقترح من خلال عدة مراحل، هى :
1- المرحلة الأولى: نشر ثقافة الحوکمة وأخلاقیات المهنة :
یتم فی هذه المرحلة نشر ثقافة الحوکمة الرشیدة ومبادئ الأخلاقیات المهنیة داخل مؤسسات التعلیم قبل الجامعی، وذلک من خلال:
- إقامة الندوات والمؤتمرات التی تتناول موضوعات الحوکمة وأخلاقیات المهنة وکیفیة تفعیلهما فی العملیة التعلیمیة.
- إعداد النشرات الدوریة تتضمن التعلیمات والتوجیهات التی تضمن توضیح الحوکمة ومیثاق أخلاقیات المهنة وبنوده وأسالیب تنفیذه .
- تقدیم الدورات التدریبیة لجمیع العاملین والمعلمین بالمؤسسات التعلیمیة عن أسالیب الحوکمة وکیفیة تطبیقها.
2- المرحلة الثانیة: بناء البنیة الأساسیة للحوکمة والأخلاقیات المهنیة:
ویتم فی هذه المرحلة بناء بنیة أساسیة قویة لتأسیس نظام لتطبیق الحوکمة والأخلاقیات المهنیة ویتم ذلک من خلال :
أ- إنشاء إدارة للحوکمة وأخلاقیات المهنة بوزارة التربیة والتعلیم:
یتطلب تطبیق الحوکمة للارتقاء بمهنة التعلیم والحفاظ على أخلاقیاتها ضرورة إنشاء إدارة للحوکمة بوزارة التربیة والتعلیم بحیث تتبع وزیر التربیة والتعلیم مباشرة، ویکون لها فروع فی جمیع محافظات الجمهوریة، بحیث یندرج تحت هذه الإدارة عدة لجان فرعیة تتمثل فیما یلی :
- لجنة المحاسبیة والمساءلة التعلیمیة .
- لجنة أخلاقیات مهنة التعلیم .
- لجنة إدارة المخاطر .
- لجنة المراجعة الداخلیة والخارجیة للحوکمة.
- لجنة مکافحة الفساد المالی والإداری.
- لجنة الترخیص لمزاولة مهنة التعلیم
ویمکن تحدید مهام واختصاصات هذه الإدارة فیما یلی :
- متابعة تنفیذ معاییر الحوکمة بالمؤسسات التعلیمیة وتقویمها ومراجعتها، ووضع البرامج المختلفة لتفعیلها .
- وضع الضوابط والمعاییر الأخلاقیة لمهنة التعلیم، واقتراح آلیات تفعیلها فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی.
- متابعة تنفیذ الإدارات المدرسیة والمعلمین والعاملین بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی لمیثاق أخلاقیات المهنة فی کافة مجالات العملیة التعلیمیة.
- التنسیق بین جهود المؤسسات التعلیمیة فی مکافحة الفساد المالی والإداری ووضع الآلیات المختلفة للحد منه والقضاء علیه.
- مراجعة میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم مع الجهات ذات الاختصاص کل خمس سنوات، وإضافة ما یحتاج إلیه من قیم وأخلاقیات وفقا لما یستجد من تطورات وتغیرات فی المجال التعلیمی والتربوی.
- وضع الحوافز التشجیعیة للعاملین فی مهنة التعلیم الملتزمین بأخلاقیات المهنة ، ولائحة الجزاءات التأدیبیة التی توقع على المعلمین المخالفین لهذه الأخلاقیات، والإعلان عنها .
- وضع معاییر للتقییم الذاتی لجمیع المعلمین عن مدى ممارستهم لاخلاقیات مهنة التعلیم، لتحدید جوانب القوة فی ممارساتهم السلوکیة والأخلاقیة ونقاط الضعف وعلاجها .
- تطبیق وتفعیل نظام الترخیص لانتقاء المعلمین لمزاولة مهنة التعلیم ، وذلک للتحرک بالتعلیم تجاه التمهین
ب- وضع میثاق أخلاقی لمهنة التعلیم وتحدید بنوده :
ویتم ذلک بتشکیل لجنة من المشرفین التربویین والمعلمین وأساتذة کلیات التربیة والمثقفین وعلماء الدین بحیث تختص بوضع میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم، وتحدید بنوده والتی یمکن توضیحها فیما یلی :
1- البند الأول : الالتزام الأخلاقی للمعلم تجاه المهنة: ویتکون هذا البند من عدة مبادئ هى :
- الالتزام بالقوانین واللوائح والسیاسات فی کافة الأعمال المرتبطة بالمهنة .
- الالتزام بحسن الأداء وجودة العمل وفقا لمعاییر الجودة الموضوعة من قبل المهنة .
- وضع آلیات لتطویر مهنة التعلیم وتحقیق أهدافها .
- مراعاة أصول المهنة وقواعد الأخلاق ومباشرة العمل بکفاءة والحرص على الارتقاء بها وبقواعدها .
- المحافظة على کرامة المهنة وإسرارها ومصداقیتها، وعدم التستر على کل من یسئ إلى مهنة التعلیم وشرفها .
- عدم استغلال المهنة فی الحصول على هدایا أو منافع شخصیة سواء کانت بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة .
2- البند الثانی: الالتزام الأخلاقی تجاه المستفیدین:
- الالتزام بتقدیم أفضل مستوى من الخدمات التعلیمیة للمستفیدین .
- تکوین علاقات إنسانیة طیبة مع المستفیدین .
- تلبیة احتیاجات المستفیدین وإشباع حاجاتهم.
- تجنب القیام بأی عمل قد یعرض المستفیدین لانتهاک حقوقهم الإنسانیة أو المدنیة أو القانونیة .
- عدم التمییز عند تقدیم الخدمات للمستفیدین او تقویم أدائهم .
- احترام خصوصیة المستفیدین والحفاظ على أسرارهم الشخصیة .
3- البند الثالث : الالتزام الأخلاقی تجاه العاملین أنفسهم :
- الإخلاص فی أداء العمل ، والإلمام بأسالیب تقویم الطلاب وتقدیر درجاتهم.
- التحلی بالقیم الخلقیة وتقدیم النموذج والقدوة الحسنة فی احترام تقالید العمل .
- الانضباط الوظیفی والالتزام بقواعد العمل ومواعیده الرسمیة واتباع التعلیمات والنظم واللوائح المدرسیة وتنفیذها.
- الاهتمام بتنمیة قدراتهم ومعارفهم بشکل مستمر ، والاستفادة من نتائج تقویم أدائهم الوظیفی فی تحسین أدائهم المهنی وتطویره .
- الحرص على التقییم الذاتی والالتزام بضوابط وأسس المساءلة الوظیفیة فی ممارساتهم المهنیة.
- حضور برامج التدریب والمؤتمرات التربویة والاستفادة منها فی تطویر أدائهم المهنی .
- الاعتزاز بالانتساب لمهنة التعلیم والالتزام بأخلاقیاتها ، وتجنب أی سلوک قد یسئ الیها .
- الاهتمام بالمظهر الشخصی، والبعد عن التعصب والانفعال والقدرة على ضبط النفس .
4- البند الرابع : الالتزام الأخلاقی تجاه علاقة العاملین ببعضهم بعضاً :
- احترام الخصوصیات الشخصیة والمعلومات السریة المرتبطة بالزملاء .
- تأکید روح التعاون المستمر مع زملاء التخصص ، وتحفیزهم للعمل .
- الالتزام بمبادئ الاحترام عند الحوار مع الزملاء أو الاختلاف فی الرأی.
- الالتزام بالعدل والموضوعیة والشفافیة والمصداقیة فی التعامل مع الزملاء .
- الاهتمام بالعلاقات الإنسانیة مع الزملاء واحترام حقوقهم المهنیة.
- دعم التنافس الإیجابی الشریف مع الزملاء علمیا ومهنیا .
- تجنب إفشاء أیة معلومات سریة من تقاریر أو بیانات تخص الزملاء فی المؤسسة التعلیمیة.
- الابتعاد عن الخلافات والمشاحنات مع الزملاء.
5- البند الرابع : الالتزام الأخلاقی تجاه المدرسة والمجتمع :
- التفاعل الإیجابی مع قضایا المجتمع ومشکلاته والإسهام فی حلها .
- دعم العمل التطوعی داخل المؤسسات التعلیمیة وخارجها .
- المحافظة على سمعة وکرامة المدرسة، والمساهمة فی تطویر أدائها والارتقاء بها .
- احترام عادات وتقالید وقیم المجتمع ومثله العلیا ، وعدم انتهاک أی حق من حقوق أفراده.
- المحافظة على ممتلکات المدرسة، والاستخدام الرشید لمواردها المادیة بما یخدم المجتمع .
ج- منح المدارس الاستقلالیة والإدارة الذاتیة : ویتم ذلک من خلال :
- منح المدارس العدید من السلطات والصلاحیات التی تمکنها من تنفیذ الأعمال والمهام بسهولة ویسر
- منح المدارس الإدارة الذاتیة فی کافة شؤونها الأکادیمیة والإداریة .
- تفویض العاملین والمعلمین بعض السلطات والصلاحیات التی تمکنهم من أداء مهامهم وأعمالهم التدریسیة بکفاءة وفعالیة .
- تفویض المدارس فی وضع المعاییر لتقویم أدائها ، وکفاءة العاملین بها
3- المرحلة الثالثة: وضع الخطط الاستراتیجیة لتطبیق الحوکمة وتحدید جدولها الزمنی: ویتم فی هذه المرحلة ما یلی :
- وضع الخطط والبرامج اللازمة لتطبیق الحوکمة وأخلاقیات المهنة بالمدارس.
- تحدید الإمکانات المادیة والبشریة اللازمة للتطبیق.
- تحدید مهام وواجبات العاملین اللازمة لتطبیق الحوکمة وأخلاقیات المهنة فی مجال العمل.
- تحدید الخطط الزمنیة لتطبیق الحوکمة وأخلاقیات المهنة فی المدارس، وخطط المتابعة وأسالیب التقویم.
- تحدید العقبات والتحدیات التی قد تعوق عملیة تطبیق الحوکمة وأخلاقیات المهنة، ووضع الآلیات والحلول اللازمة لمواجهتها والتغلب علیها .
4- المرحلة الرابعة: مرحلة تنفیذ وتطبیق الحوکمة وأخلاقیات المهنة فی المدارس:
یتم فی هذه المرحلة تنفیذ الخطة الإستراتیجیة وتحویلها إلى واقع لتطبیق الحوکمة ومیثاق أخلاقیات المهنة بالمدارس، ویتم توزیع الموارد المتاحة على خطوات التنفیذ، ووضع القواعد والضوابط اللازمة للتطبیق وبخاصة المتعلقة بالمحتوى القیمی والأخلاقی للحوکمة، والمعاییر المهنیة والأخلاقیة الواجب الالتزام بها ، مع مراعاة المرونة بحیث یتم تعدیل وتغییر الخطة الموضوعة بما یتناسب مع التغیرات والتطورات المختلفة التی تحدث فی المدارس .
ویتطلب تنفیذ خطة الحوکمة وأخلاقیات المهنة اشتراک کافة الأطراف ذات الصلة مع فریق التطبیق ولجان المراجعة، مع الاستعانة بذوی الخبرة من الأکادیمیین والمثقفین وأفراد المجتمع المحلى فی جمیع خطوات التنفیذ.
5- المرحلة الخامسة : مرحلة المتابعة والتقویم للحوکمة وأخلاقیات المهنة:
ویتم فی هذه المرحلة الحکم على مدى نجاح عملیة تنفیذ وتطبیق ومیثاق أخلاقیات المهنة بالمدارس، ومدى تحقیقها لأهدافها، ویتم ذلک من خلال :
- تفعیل الرقابة الداخلیة والخارجیة بالمدارس لمتابعة أدائها، ومدى التزامها بأخلاقیات المهنة.
- تعیین مراقبین فی الإدارات التعلیمیة والمدارس تکون مهمتهم متابعة ورقابة عملیة تنفیذ الحوکمة، ومیثاق أخلاقیات المهنة بالمدارس، وتدقیق الإجراءات الخاصة بکل منهما .
- تشکیل لجان متابعة بالمدارس للحکم على مدى التزام العاملین بمیثاق أخلاقیات المهنة .
- تفعیل نظام الثواب والعقاب ، وذلک بمنح الحوافز المادیة والمالیة للعاملین الملتزمین بأخلاقیات المهنة ، وتوقیع الجزاءات والعقوبات على العاملین غیر الملتزمین بالأخلاقیات المهنیة .
- تفعیل دور مجالس الآباء والأمناء وأصحاب المصالح فی تقییم أداء المدارس، ومدى التزامها بتنفیذ آلیات الحوکمة.
هـ- متطلبات تطبیق التصور المقترح : یتطلب تحقیق التصور المقترح :
- نشر ثقافة الحوکمة الرشیدة ومبادئ الأخلاقیات المهنیة داخل مؤسسات التعلیم قبل الجامعی ، وذلک من خلال الندوات والمؤتمرات والنشرات والدورات التدریبیة لجمیع العاملین والمعلمین بها، التی تتناول موضوعات الحوکمة وأخلاقیات المهنة وکیفیة تفعلیها فی العملیة التعلیمیة
- اقتناع القیادات الإداریة بوزارة التربیة والتعلیم بقواعد ومبادئ الحوکمة، وتوفیر الدعم اللازم لتطبیقها بمؤسسات التعلیم قبل الجامعی .
- إصدار قوانین وتشریعات تلزم المؤسسات التعلیمیة والعاملین بتطبیق میثاق أخلاقیات المهنة والعمل بمقتضاه فی کل ما یتعلق بالعملیة التعلیمیة.
- تدریب العاملین والمعلمین بالمؤسسات التعلیمیة على مبادئ الحوکمة الرشیدة وأخلاقیات مهنة التعلیم وکیفیة تفعیلهما والالتزام بهما فی أداء مهامهم الوظیفیة.
- وضع قواعد وأسس مرجعیة تشریعیة وقانونیة کافیة تنظم العمل داخل المؤسسات التعلیمیة وعلاقتها بمؤسسات المجتمع والمستفیدین منها .
- توفیر الشفافیة فی عمل المؤسسات التعلیمیة، وإتاحة الفرصة لمؤسسات المجتمع لمساءلتها على أدائها ومدى التزامها بالأخلاقیات المهنیة .
- تعزیز الثقة المتبادلة بین الإدارة العلیا والتنفیذیة فی مؤسسات التعلیم قبل الجامعی وکافة المستفیدین من الطلاب وأولیاء الأمور ومؤسسات المجتمع .
المراجع :
أ- المراجع العربیة:
1- إبراهیم، خالد قدری(2014م)، خبرات بعض الدول المتقدمة والنامیة فی مجال تطبیق الحوکمة الرشیدة فی التعلیم قبل الجامعی، عالم التربیة - مصر، مج(47)، ع(15)، ص ص 17- 81.
2- اسکاروس، فیلیب؛ وقمر، عصام(2008م)، الإستراتیجیة القومیة لإصلاح التعلیم قبل الجامعی فی مصر فی الفترة( 2007/2008م -2011/2012): نظرة عامة، الإسکندریة: المکتب الجامعی الحدیث.
3- الألفی، أشرف عبده حسن ( 2008م)، تصور مقترح لمیثاق أخلاقیات مهنة التعلیم فی مصر فی ضوء الاتجاهات العالمیة وآراء العاملین، مجلة البحوث النفسیة والتربویة- کلیة التربیة بشبین –جامعة المنوفیه، مج 23، ع1، ص ص 330 – 431.
4- باشیوة، لحسن عبدالله؛ والبرواری، نزار(2009م)، نماذج الإدارة التعلیمیة المعاصرة بین متطلبات الجودة الشاملة والتحولات العالمیة: دراسة مقارنة، المجلة العربیة لضمان جودة التعلیم الجامعی ، العدد (3) ، ص ص105-130.
5- البشیر، محمد (2003م )، التحکم المؤسسی ومدقق الحسابات، المؤتمر العلمی المهنی الخامس لجمعیة المحاسبین القانونیین ، فی الفترة(24-25) سبتمبر، عمان ، ص ص 47-105
6- بطاح، أحمد (2006م)، قضایا معاصرة فی الإدارة التربویة، عمان(الأردن) : دار الشروق
7- الحربی، حامد ؛ واندیجانی، نجم الدین عبد الغفور(2005م)، أخلاقیات مهنة التعلیم فی ضوء التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم، المؤتمر العلمی السادس، مؤتمر التنمیة المهنیة المستدامة للمعلم العربی، فی الفترة(23-24)ابریل، کلیة التربیة بالفیوم– جامعة القاهرة، ص ص111-121
8- حسین، عبد الوهاب إبراهیم(سبتمبر2006م)، إضاءة حول أخلاقیات مهنة التعلیم، المعرفة، العدد (137) ، وزارة التربیة والتعلیم بالمملکة العربیة السعودیة ، الریاض .
9- حمدونه، حسام الدین حسن عطیة(2014م)، واقع أثر أخلاقیات المهنة لدى العاملین فی مؤسسات التعلیم الطبی على أدائهم الوظیفی فی وزارة الصحة الفلسطینیة، المؤتمر العربی الدولی الرابع لضمان جودة التعلیم العالی، فی الفترة(1-3)ابریل، جامعة الزرقاء، الأردن، ص ص676-690.
10- الحمیدان، عصام عبد المحسن(2010م) ، أخلاقیات المهنة فی الإسلام وتطبیقاتها فی أنظمة المملکة العربیة السعودیة ، الریاض : مکتبة العبیکان للنشر .
11- الخبرانی، یحیى بن محمد بن على(2010م) ، متطلبات تفعیل میثاق أخلاقیات مهنة التعلیم من وجهة نظر معلمی المرحلة الثانویة بمدینة الریاض، اللقاء السنوی الخامس عشر للجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة: "تطویر التعلیم : رؤى ونماذج ومتطلبات" ، فی الفترة(5-6) ینایر، جامعة الملک سعود، ص ص 641-685.
12- الخضیری ،محسن أحمد(2005م) ، حوکمة الشرکات، القاهرة: مجموعة النیل العربیة.
13- الخوالدة، عاید احمد (ینایر2007م)، أنموذج مقترح لتطبیق الحکمانیة فی النظام التعلیمی الأردنی فی ظل توجهاته نحو التعلیم المبنی على اقتصاد المعرفة، مجلة کلیة التربیة بالمنصورة، العدد 63 ، ص ص1-18
14- الدویک، عبد الغفار عفیفی(دیسمبر2013م)، الأسالیب الحدیثة المستخدمة فی المؤسسات التعلیمیة فی حمایة النزاهة ومکافحة الفساد، ندوة دور المؤسسات التعلیمیة والمجتمع المدنی فی حمایة النزاهة ومکافحة الفساد، الهیئة الوطنیة لمکافحة الفساد "نزاهة" بالتعاون مع جامعة الأمیر نایف للعلوم الأمنیة ، 9 دیسمبر ، ص ص1-51
15- الرزی، دیالا جمیل محمد؛ وعبدالله، منصور (یونیو2012م)، مبادئ وقواعد السلوک الأخلاقی کرابط فاعل بین حوکمة المؤسسات ومکافحة الفساد: دراسة تطبیقیة على الوزارات الحکومیة فی قطاع غزة ، مجلة الجامعة الإسلامیة للدراسات الاقتصادیة والإداریة ، المجلد العشرون ، العدد الثانی، ص ص ٢٤٥ –٢٩٩ .
16- رضا، مصطفى تمام الدین (2007) ، مفهوم حوکمة الشرکات بین الإطار النظری والتطبیق العملی، مجلة المدیر العربی - مصر ، ع 178 ، ص ص58-61
17- السعدیة، حمدة بن حمد بن هلال(ینایر2012م)، الأخلاقیات المهنیة للأستاذ الجامعی وانعکاساتها على المؤسسة الأکادیمیة (دراسة تحلیلیة) ، دراسات تربویة واجتماعیة – کلیة التربیة- جامعة حلوان ، مج 18, ع 1 ، ص ص77-107
18- السعودی، خالد عطیة؛ الثوابیة، احمد محمود (یونیو2013م) ، درجة ممارسة معلمی التربیة الإسلامیة فی محافظة الطفیلة لأخلاقیات العمل الواردة فی مدونة قواعد السلوک الوظیفی ، المجلة التربویة- جامعة الکویت ، العدد107 ، الجزء الأول ، ص ص171-216 .
19- ضحاوی، بیومی محمد؛ الملیجی، رضا إبراهیم(2011م)، دراسة مقارنة لنظم الحوکمة المؤسسیة للجامعات فی کل من جنوب أفریقیا وزیمبابوی وإمکانیة الإفادة منها فی مصر، المؤتمر السنوی التاسع عشر: "التعلیم والتنمیة البشریة فی دول قارة إفریقیا"، 9 یولیو، الجمعیة المصریة للتربیة المقارنة ، جامعة عین شمس، ص ص41-117.
20- طریف، عاطف(2007م)، درجة ممارسة المعلمین لأخلاقیات مهنة التعلیم فی الأردن من وجهة نظر مدراء المدارس، المؤتمر السنوی الثانی: "معاییر ضمان الجودة والاعتماد فی التعلیم النوعی بمصر والوطن العربی"، فی الفترة (11-12)ابریل، کلیة التربیة النوعیة بالمنصورة ، ص ص481- 500 .
21- العبد العزیز، منیرة عید(2010م)، مدى التزام معلمات المرحلتین المتوسطة والثانویة فی المدارس الحکومیة بمدینه الریاض بأخلاقیات مهنة التعلیم فی ضوء بعض المتغیرات، مجلة جامعة الملک سعود العلوم التربویة والدراسات الإسلامیة، مج22، ع3 ، ص ص 467-524.
22- عبد الفتاح، محمد عبد الفتاح محمد( 2010م )، تطویر دور الجامعات فی إطار نشر ثقافة حوکمة المؤسسات ، ندوة قسم المحاسبة والمراجعة "دور الجامعات فی نشر ثقافة الحوکمة ووضع آلیات لمکافحة الفساد المالی والإداری"، 25 نوفمبر ، کلیة التجارة - جامعة عین شمس ، ص ص 87-104.
23- عبد القادر، بریش؛ ومحمد، حمو(2009م)، البعد السلوکی والأخلاقی لحوکمة الشرکات ودورها فی التقلیل من آثار الأزمة المالیة العالمیة، الملتقى العلمی الدولی حول الأزمة المالیة والاقتصادیة الدولیة والحوکمة العالمیة، فی الفترة (20-21) أکتوبر، کلیة العلوم الاقتصادیة وعلوم التیسییر ، جامعة فرحات عباس – سطیف ، الجزائر ، ص ص 1-12
24- العبید، ابراهیم بن عبدالله الله (2011م)، مدى التزام معلم المرحلة الثانویة بالمملکة العربیة السعودیة بمیثاق أخلاقیات مهنة التعلیم وعلاقته بالأداء الوظیفی له: دراسة میدانیة على معلمی المرحلة الثانویة بمنطقة القصیم التعلیمیة، مجلة کلیة التربیة –جامعة الإسکندریة ، مج21، ع6 ، ص ص 23 – 119
25- العرینی، منال بنت عبد العزیز بن على(دیسمبر2014م) ، واقع تطبیق الحوکمة من وجهة نظر أعضاء الهیئتین الإداریة والأکادیمیة العاملین فی جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة ، المجلة الدولیة المتخصصة ، مج3 ، ع12، ص ص114 -147 .
26- عطوة، محمد إبراهیم على؛ فکری محمد السید(مایو2012م)، حوکمة النظام التعلیمی: مدخل لتحقیق الجودة فی التعلیم، مجلة کلیة التربیةبالمنصورة – جامعة المنصورة، ع79، ج2، ص ص450- 530
27- عفیفی، صدیق محمد (2006م) ، دلیل المعلم فی أخلاق المهنة ، القاهرة : المنظمة العربیة للتنمیة الإداریة.
28- على، عبد الوهاب نصر؛ شحاته، شحاته السید(2006م)، مراجعة الحسابات وحوکمة المؤسسات فی بیئة الأعمال العربیة والدولیة المعاصرة، الإسکندریة : الدار الجامعیة.
29- عوض، أسماء سعید محمد احمد (ابریل2011م )، حوکمة الجمعیات الأهلیة وضمان الجودة الشاملة لمؤسسات التعلیم قبل الجامعی، مجلة دراسات فی الخدمة الاجتماعیة والعلوم الإنسانیة - مصر ، مج2، ع 30 ، ص ص415 -419
30- الغامدى، حمدان بن أحمد(2014م) ، أخلاقیات مهنة التعلیم العام فی نظام التعلیم السعودی، ط2 ، الریاض: مکتبة الرشد.
31- الغامدی، حمدان بن احمد(2006م) ، أخلاقیات مهنة التعلیم العام المسلم وأثرها فی التربیة الخلقیة للفرد والمجتمع ، اللقاء السنوی الثالث عشر للجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة: "إعداد المعلم وتطویره فی ضوء المتغیرات المعاصرة"، فی الفترة(22-23) محرم ، الریاض ، جامعة الملک سعود، ص ص406- 427.
32- محمد، مدیحة فخری محمود(سبتمبر2011م)، دراسة تحلیلیة لمفهوم الحوکمة الرشیدة ومتطلبات تطبیقه بالجامعات المصریة ، مجلة مستقبل التربیة العربیة، مج18، ع72، ص ص 46-142.
33- المحیمید، عبد العزیز (1427هـ)، أخلاقیات مهنة التعلیم فی الفکر التربوی الإسلامی، اللقاء السنوی الثالث عشر للجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة "إعداد المعلم وتطویره فی ضوء المتغیرات المعاصرة"، فی الفترة(22-23) محرم، جامعة الملک سعود ، ص ص 15-46.
34- المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم(2013م) ، دراسة حول أنماط حوکمة الأنظمة التربویة وأثرها على تسییر المؤسسات التعلیمیة، مشروع مؤشرات التربیة فی الوطن العربی، المرصد العربی للتربیة ، إدارة التربیة.
35- وزارة التربیة والتعلیم (2014م) ، الخطة الإستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعی 2014- 2030م: "التعلیم - المشروع القومی لمصر ، متاحة فی http://www.slideshare.net/sgoda210/2014-2030-45445594
36- یوسف ، محمد حسن (یونیة2007م) ، محددات الحوکمة ومعاییرها مع إشارة خاصة لنمط تطبیقها فی مصر ، بنک الاستثمار القومی ، جمهوریة مصر العربیة.
ب- المراجع الأجنبیة:
37- Acquah, D. (2013) , School Accountability in England: Past, Present and Future , Centre for Education Research and Policy , Retrieved from : https://cerp.aqa.org.uk/sites/default/files/pdf_upload/CERP_RP_DA_12112012.pdf , Last accessed 15 December 2014
38- Barrett , D. et al ( September2006 ) , Teachers Perceptions of the Frequency and seriousness of violations of Ethical Standards , The journal of Psychology , Vol.140 , No. 5 , 421-434
39- Basel Committee on Banking Supervision (October2010) , Principles for enhancing corporate governance , Retrieved from : http://www.bis.org/publ/bcbs176.pdf
40- Bonacl, C. et al.( September 2013) , The Corporate Governance on Professional Ethics in the Accounting Profession , Central European Business Review , Vol.2 , No.3 ,
43- Fazekas, Mihaly & Burns, Tracey (February2012 ) , Exploring the Complex Interaction between Governance and Knowledge in Education , OECD Education Working Papers, No. 67, OECD Publishing, , Retrieved from : ERIC database (ED529508).
45- Gurr, David ( October 2007) , Diversity and Progress in School Accountability Systems in Australia , Educational Research for Policy and Practice, Vol.6 , No.3 , pp165-186, Retrieved from : ERIC database (EJ809424).
46- James, J. (September2007), Changes in Funding and Governance of Catholic Elementary Education in the United States , British Journal of Religious Education, Vol.29 , No.3, p287-301, Retrieved from : ERIC database (EJ815471)
47- Jones, Jeffrey & Ranson, Stewart(2010) , Reconfiguring the Governance of Schools in England , Management in Education, Vol.24 , No.1 , pp7-13 2010 , Retrieved from : ERIC database (EJ871679)
48- Keiser, K.(2009) , Elementary School Ethical Climate , The School Community Journal, Vol.19 , pp 45-58
49- Kim, Sunwoong (November2004) , Accountability and School Reform in the U.S. Public School System, Retrieved from : https://pantherfile.uwm.edu/kim/www/papers/ Accountability_Final.pdf , Last accessed 27 January 2015
50- Lange, Bettina & Alexiadou, Nafsika (2007) , New Forms of European Union Governance in the Education Sector? A Preliminary Analysis of the Open Method of Coordination , European Educational Research Journal, Vol.6 , No.4 , pp321-335 , Retrieved from : ERIC database (EJ795079)
51- Lauren Morando Rhim (January 2005) , Restructuring Schools in ChesterUpland, Pennsylvania: An Analysis of State Restructuring Efforts , ECS Policy Brief , Retrieved from : http://www.ecs.org/clearinghouse/57/93/5793.pdf, Last accessed 18 June 2015
52- Maruyama, Y. & Ueno, T. (Jun 2010 ) , Ethics Education for Professionals in Japan: A Critical Review, Educational Philosophy and Theory, Vol.42 , No.4 , pp438-447 , Retrieved from : ERIC database (EJ884017)
53- Mattei, P.(2012) , Market Accountability in Schools: Policy Reforms in England, Germany, France and Italy , Oxford Review of Education, Vol.38 , No.3 , pp247-266 , Retrieved from : ERIC database (EJ970469)
54- Moos, Lejf (2014) , Educational Governance in Denmark , Leadership and Policy in Schools, Vol.13, No.4 , pp424-443 , Retrieved from : ERIC database (EJ1037987)
55- National Education Association (2014) , Code of Ethics, Retrieved from : https://www.nea.org/home/30442.htm , Last accessed 21 December 2015
56- Obay, Lamia Abdelaziz(July 2009) , Corporate Governance & Business Ethics: A Dubai-Based Survey, Journal of Legal, Ethical and Regulatory Issues , Vol. 12, No. 2 , pp4-16
57- Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD) , OECD Principles of Corporate Governance , Retrieved from : http://www.oecd.org/corporate/ca/ corporategovernanceprinciples/31557724.pdf , Last accessed 16 April 2015
58- peter ,Allen(2005) , local management of schools , London : Kogen Press .
59- Power, S.& Whitty, G (April 2003) , Education Reform in Great Britain: An Interim Review, Educational Administration Quarterly, Vol. 33, No.2 , pp136 -139.
60- Ryan, L. , Buchholtz, A. & Kolb, R. (2010) , New Directions in Corporate Governance and Finance: Implications for Business Ethics Research , Business Ethics Quarterly , Vol.20 ,pp673-694 , Retrieved from : https://cbaweb.sdsu.edu/research/details/1310
61- Sattler, Peggy (January2012) , Education Governance Reform in Ontario: Neoliberalism in Context , Canadian Journal of Educational Administration and Policy, No.128, Retrieved from : ERIC database (EJ971058).
62- Susan Gray(October 2009), Ethics and Education Governance , New YorkStateSchool Boards Association 2009 , Annual Convention, NYC , 15-18 October .
63- The World Bank (January 2008 , Governance, Management and Accountability in Secondary Education in Sub-Saharan Africa, Africa Region Human Development Department , Washington, D.C., Retrieved from : http://elibrary.worldbank.org/doi/ pdf/10.1596/978-0-8213-7346-0 , Last accessed 30 December 2014
64- U.S. Department of Education , Accreditation and Quality Assurance , Retrieved from : https://www2.ed.gov/about/offices/list/ous/international/usnei/us/edlite-accreditation.html, Last accessed 23 November 2014
65- West, A. ; Mattei, P. & Roberts, J. (2011) , Accountability and Sanctions in EnglishSchools , British Journal of Educational Studies, Vol.59 , No.1 , pp41-62 , Retrieved from : ERIC database (EJ937357).
66- Wilkins, Andrew(2015) , Professionalizing School Governance: The Disciplinary Effects of School Autonomy and Inspection on the Changing Role of School Governors, Journal of Education Policy, Vol.30 , No.2, pp182-200 , Retrieved from : ERIC database EJ1047654.
67- Wright , Linus ( February 2012) , Restructuring Public Education for the 21st Century , National Center For Policy Analysis , Retrieved from : http://www.ncpa.org/pdfs/ib107.pdf , Last accessed 21 February 2015.