التربية العالمية مدخلًا لتعزيز الهوية الوطنية واقعية التأصيل وآليات التفعيل(دراسة تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

دکتوراه أصول تربية، کلية التربية بدمياط، جامعة المنصورة.

10.12816/0042349

المستخلص

إن أي اصلاح منشود في التربية ينبغي أن يکون نابع ومتسق مع فلسفة المجتمع، وثقافته، ورؤيته لما ينبغي أن يکون عليه النشء. وهنا تکمن خطورة تبني المفاهيم الواردة من الفکر الغربي بکل ما يحمله من تحيزات للبيئة، والثقافة، والسياقات المختلفة للمجتمع الغربي. ويأتي هذا البحث کمحاولة لتحليل العلاقة بين العولمة والتربية العالمية کما يريدها الغرب، وتوضيح مفهوم التربية العالمية من المنظور الإسلامي، وتحديد مبادئها المستمدة من ثقافتنا وحضارتنا العربية والإسلامية، والتأکيد على أهمية الرجوع إلى المخزون التربوي في الفکر الإسلامي من حيث مرجعيته الدينية والفلسفية ومحاولة استثمار عناصره الفاعلة وتوظيفها توظيفًا انتقائيًا في وضع تصور عن مبادئ ومحتوى التربية العالمية التي ننشدها، وتحديد الآليات التي تحول هذا الفکر إلى ممارسات إيجابية تساعد على تعزيز مفهوم الهوية الوطنية لدى النشء، وتعظم من قيم الولاء والانتماء للوطن، والانتقال من دائرة رد الفعل والتأثر إلى دائرة الفعل والتأثير.
 
           In fact that any reform in Education should be stemmed and consistent with the philosophy of society, and culture, and his vision of what it should be young people. Here lies the seriousness of the adoption of concepts from Western thought with all its biases of the environment, culture, contexts western society. The study aimed to analyze the relationship between globalization and the global education from the Western perspective, and to clarify the concept of universal education from an Islamic perspective, and identify principles derived from our culture and our civilization Arab and Islamic, and emphasize the importance of the recourse to the Islamic educational thought in terms of his religious and philosophical reference, and try to invest elements actors to conceptualize the principles and content of global education that we want, and determine the mechanisms by which this thought turned into a positive practices help to promote the concept of national identity among the young, And promote the values of loyalty and belonging.
 
 
 

الموضوعات الرئيسية


 

              کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

 

 

التربیة العالمیة مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیة

واقعیة التأصیل وآلیات التفعیل(دراسة تحلیلیة)

 

إعــــداد

د/ آمال عبد الفتاح محمد شعیشع

  دکتوراه أصول تربیة، کلیة التربیة بدمیاط، جامعة المنصورة.

 

 

 

 

 

}       المجلد الثانی والثلاثین– العدد الأول  – ینایر 2016م  {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

ملخص البحث

إن أی اصلاح منشود فی التربیة ینبغی أن یکون نابع ومتسق مع فلسفة المجتمع، وثقافته، ورؤیته لما ینبغی أن یکون علیه النشء. وهنا تکمن خطورة تبنی المفاهیم الواردة من الفکر الغربی بکل ما یحمله من تحیزات للبیئة، والثقافة، والسیاقات المختلفة للمجتمع الغربی. ویأتی هذا البحث کمحاولة لتحلیل العلاقة بین العولمة والتربیة العالمیة کما یریدها الغرب، وتوضیح مفهوم التربیة العالمیة من المنظور الإسلامی، وتحدید مبادئها المستمدة من ثقافتنا وحضارتنا العربیة والإسلامیة، والتأکید على أهمیة الرجوع إلى المخزون التربوی فی الفکر الإسلامی من حیث مرجعیته الدینیة والفلسفیة ومحاولة استثمار عناصره الفاعلة وتوظیفها توظیفًا انتقائیًا فی وضع تصور عن مبادئ ومحتوى التربیة العالمیة التی ننشدها، وتحدید الآلیات التی تحول هذا الفکر إلى ممارسات إیجابیة تساعد على تعزیز مفهوم الهویة الوطنیة لدى النشء، وتعظم من قیم الولاء والانتماء للوطن، والانتقال من دائرة رد الفعل والتأثر إلى دائرة الفعل والتأثیر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Abstract

           In fact that any reform in Education should be stemmed and consistent with the philosophy of society, and culture, and his vision of what it should be young people. Here lies the seriousness of the adoption of concepts from Western thought with all its biases of the environment, culture, contexts western society. The study aimed to analyze the relationship between globalization and the global education from the Western perspective, and to clarify the concept of universal education from an Islamic perspective, and identify principles derived from our culture and our civilization Arab and Islamic, and emphasize the importance of the recourse to the Islamic educational thought in terms of his religious and philosophical reference, and try to invest elements actors to conceptualize the principles and content of global education that we want, and determine the mechanisms by which this thought turned into a positive practices help to promote the concept of national identity among the young, And promote the values of loyalty and belonging.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

ربما یعود السبب فی الکثیر من المشکلات والصراعات التی یعانی منها العالم الیوم إلى عدم إدراک الأفراد والمجتمعات لمفاهیم مثل: السلام العالمی، والتعاون بین الشعوب، واحترام حقوق الإنسان، وقبول الآخر، وغیرها من المفاهیم التی لها علاقة بالتربیة العالمیة تلک التربیة التی یجب أن تنمو مع الطفل منذ طفولته المبکرة، وهذا یستلزم أن تتحمل التربیة مسؤولیتها فی هذا المجال من حیث إکساب الأفراد المعرفة، والاتجاهات، والقیم، والمهارات التی تعزز مبادئ التربیة العالمیة، وتساعدهم على التفاعل والتواصل المثمر مع العالم الذی یعیشون فیه.

وهذا التوجه فی حد ذاته مقبول ومطلوب وتفرضه الکثیر من المتغیرات والتحدیات التی یشهدها العالم على کافة المستویات والأصعدة، إلا أنه ینبغی أن یکون لدینا وعی ببعض الإشکالیات ومن أهمها: کیف یمکن إحداث توازن بین التوجه نحو التربیة العالمیة، وتعزیز الهویة الوطنیة بحیث یکون هدفنا الوصول إلى تعلیم قادر على تعزیز الهویة الوطنیة، وفی الوقت ذاته یکون ذا صبغة عالمیة مع التأکید على ضرورة استثمار الرصید التربوی للحضارة الإسلامیة باعتبارها حضارة عالمیة بطبیعتها؟

ونود أن نقر منذ البدایة أن الباحث على وعی تام بخطورة التناول السطحی لهذا الموضوع بالغ الأهمیة خصوصًا فی ظل ما یشهده المجتمع المصری فی هذه الآونة من تحدیات جسام، إلا أنها على وعی تام فی الوقت نفسه باستحالة تناول موضوع بهذا بالعمق فی مثل هذه الدراسة الموجزة، فموضوع التربیة العالمیة وعلاقتها بالهویة الوطنیة بالغ التعقید والجدل، ومع ذلک نأمل أن تسهم هذه الدراسة - على الأقل - فی وضع القضیة فی إطارها الصحیح، حتى ولو کانت تثیر من التساؤلات أکثر مما تطرحه من إجابات.

مشکلة البحث:

إن العصر الذی نعیشه یتسم بموجة من التحولات فی مختلف نواحی الحیاة؛ نتیجة إرهاصات العولمة وتجلیاتها، وما ترتب علیها من تداعیات خطیرة فی کافة المجالات، وکان نصیب التربیة منها وافرًا. إضافة إلى ما صاحبها من انفتاح ثقافی تتعدد آلیاته ووسائله، ترتب علیه ظهور مجموعة من القیم العالمیة مقابل القیم المحلیة، وانتشار اللغات العالمیة مقابل اللغة المحلیة، ومحاولة التأثیر فی الثقافات والجوانب الاجتماعیة وأنماط المعیشة، ومحاولة اختزال  بعض الهویات واللغات وتذویبها فی هویة ولغة واحدة أو لغتین کوسیلة لتواصل شعوب العالم فیما بینها. کل هذه التحدیات وغیرها تستهدف التشویش علی نظام القیم، وتنمیط الذوق، وقولبة السلوک، وتکریس نوع معین من الاستهلاک لنوع معین من المعارف، والسلع، والبضائع، کل هذا من شأنه أن یؤثر على الهویة الوطنیة للنشء التی هی من أهم مکونات الشخصیة الوطنیة.

وقد أفرزت العولمة رؤًى جدیدة مغایرة للتعامل مع بعض المفاهیم المرتبطة بالخصوصیات الثقافیة والحضاریة للشعوب، وفی مقدمتها مفهوم الهویة الوطنیة، فأصبحنا أمام رؤیة جدیدة تتناسب مع متطلبات العولمة تتمثل فی أن " تتوحد مواصفات المواطن مع اختلاف المجتمعات وطبائعها الثقافیة والاجتماعیة؛ بل والدینیة"([1])، وکما هو واضح فتلک الرؤیة تسعى إلى إقصاء الخصوصیات الثقافیة، وذوبان الفوارق لتشکیل المواطن ذی الهویة العالمیة، وکان لابد من إیجاد آلیة لتحقیق ذلک، فظهر مفهوم التربیة العالمیة، وکان على الشعوب أن تسعى لنقل هذا النموذج الغربی کما هو بغض النظر عن اختلاف السیاقات المجتمعیة، وما یترتب على ذلک من تداعیات خطیرة على المجتمعات.

وترتب على ذلک أن "خلقت العولمة واقعًا جدیدًا للهیکل والنسق الاجتماعی والعلاقات الاجتماعیة سواء على مستوى الأسرة، أو مستوى شرائح ومؤسسات المجتمع، أو على مستوى العلاقة بین أفراد المجتمع والدولة. کما أنها أصبحت تهدیدًا حقیقیًّا للهویة الثقافیة والانتماء الوطنی أو المحلی، وعاملاً رئیسًا فی هجران الإرث الحضاری القومی المبنی على تاریخ الأمم وحضاراتها وأمجادها"([2]). وظهر ما یمکن أن نسمیه: التربیة العولمیة أو عولمة التربیة وهی أحد مظاهر وأدوات العولمة فی مجال التربیة، وتهدف إلى إعداد مواطنین عالمیین یؤمنون بالعولمة ویستطیعون التعامل معها ومع معطیاتها، والأمر عند هذا الحد لا یشکل خطورة، إنما المشکلة تکمن عندما یکون ذلک على حساب الهویة الوطنیة للشعوب. حیث تذوب جمیع الهویات وتبقى الهویة العالمیة هی الأساس.

وهنا یبرز دور التربیة فی مواجهة مظاهر الخلل وتداعیات العولمة فی بعض جوانبها السلبیة التی من شأنها تشویه وإضعاف الهویة الوطنیة، وما یترتب على ذلک من مظاهر، لعل من أبرزها؛ انتشار المحسوبیة والوساطة، والتراخی والتسیب فی إنجاز العمل والروتین، وإتلاف مرافق الدولة، والغلو الدینی والعنف والتطرف والتعصب، والتبعیة للغرب، والعزوف عن المشارکة فی الحیاة السیاسیة، وغیرها من المشکلات التی تهدد أمن               المجتمع واستقراره.

فالمؤسسات التربویة والتعلیمیة هی الخطوط الدفاعیة الأساسیة لحمایة الهویة الوطنیة والحضاریة والثقافیة للأمم والشعوب من جهة، والمصانع البشریة التی یتم من خلالها بناء الإنسان والمواطن الصالح المنتِج القادر على مواجهة تحدیات العولمة والإفادة من إیجابیاتها([3]) من جهة أخرى بهدف بناء شخصیة الفرد، والحفاظ على هویته الوطنیة بعیدًا عن مؤثرات وإفرازات الثقافات الغربیة الوافدة التی أصبحت تتغلغل فی حیاتنا الیومیة سواء بصورة مباشرة أو غیر مباشرة، وهی مهمة لیست بالهینة، وتتم من خلال اضطلاع تللک المؤسسات التربویة – وفی مقدمتها المدرسة-  بدورها فی تشکیل وتعزیز الهویة الوطنیة من خلال ما تقدمه من مناهج وأنشطة وما یسود بها من ممارسات تساعد على ذلک.

وهکذا یصبح لزامًا على أی مجتمع أن یمتلک نظامًا تربویًّا له القدرة على التکیف مع المتغیرات المتلاحقة، وهذا یتطلب أن یقوم القائمون على أمر التربیة بإعادة النظر فی فلسفتها وأهدافها ومضمونها، حتى نقدم تربیة عالمیة تناسب العصر، وترتکز على مقومات ثابتة تعزز الهویة الوطنیة وتبث روح الانتماء والولاء لدى الناشئة، بحیث یکون دور التربیة هو إعادة التوازن بین الثقافة الوطنیة، ومتطلبات العولمة. " فالقضیة لیست کیف نلحق بالغرب فنصبح نسخة من غیرنا نحتکم إلى معاییرهم التی لیست بالضرورة صحیحة؛ بل القضیة الحقیقیة هی کیف نفهم ذاتنا، فمن عرف نفسه؛ عرف طریقه وعندئذ نکتسب الحقوق ونجدد حضورنا الحضاری على المستوى العالمی بروح التعاون والسلام ، ولا نخضع لمعاییر ضیقة تُصنع فی الغرب أو تُوضع فی الشرق" ([4]). فالمجتمعات التی لا تمتلک مقدرات ذاتیة للوقایة                  أو الحمایة أو الدفاع عن هویتها وحضارتها وثقافتها ستکون مهددة بأسوء النتائج([5]).

وتأسیسًا على ما سبق، وفی ظل هذه التحدیات التی یتعرض لها المجتمع المصری کغیره من المجتمعات أصبح الأمر یتطلب أن یکون لدینا رؤیة خاصة للتربیة نستطیع من خلالها تعزیز هویتنا الوطنیة، وفی ذات الوقت نأخذ بمبادئ التربیة العالمیة استنادًا إلى فهم وتفسیر الفکر التربوی الإسلامی لمفهوم العالمیة، فهذا التفسیر یتوافق مع حضارتنا وثقافتنا، وفی الوقت نفسه یتسم بالعالمیة التی تؤهلنا للتعامل مع معطیات العصر، والانفتاح                     على العالم.

والسؤال الذی یطرح نفسه: أی تربیة عالمیة نرید؟ وهل لدینا تصور لهذه التربیة؟ وفهم لمکوناتها ودورها؟ أم نأخذ المفهوم الغربی للتربیة العالمیة ونطبقه کما هو بصرف النظر عن اختلاف السیاق المجتمعی الوارد إلینا منه هذا المفهوم، وما یحمله من أهداف سواء معلنة أو خفیة، فالتربیة العالمیة وفق المفهوم الغربی تحمل قیمًا إنسانیة نبیلة وسامیة ولکننا نجد أنها فی المقابل- وبأسالیب قد تکون مباشرة أو غیر مباشرة – تهدم قیمًا أخرى تتعلق بالهویة الوطنیة وخصوصًا لدى الشباب والناشئة، فالإشکالیة لیست فی الغزو الثقافی، وإنما فی قابلیتنا نحن للغزو، وهذا یتطلب الکثیر من الوعی، والمزید من الدراسة للتعرف على مدى تأثیر ذلک الانفتاح الثقافی المصاحب للعولمة على ما نقدمه من تربیة، وسبل تعزیز الهویة الوطنیة لدى النشء لمواجهة تلک التحدیات بما یتلاءم مع خصوصیاتنا الثقافیة والحضاریة.

وبناءً علیه فإنه یمکن صیاغة الإطار العام لهذه الإشکالیة فی السؤال الرئیس التالی:

کیف یمکن تفعیل مبادئ التربیة العالمیة مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیة لدى الناشئة فی ضوء الفکر التربوی الإسلامی والأدبیات المعاصرة؟

- ویتفرع من هذا التساؤل التساؤلات التالیة:

  1. ما أهم معالم النموذج المعرفی الغربی؟
  2. ما مفهوم التربیة العالمیة فی الفکر التربوی المعاصر ؟ وما علاقتها بالعولمة؟
  3. ما مفهوم العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی؟
  4. ما المنظور الإسلامی للتربیة العالمیة ؟
  5. ما مفهوم الهویة الوطنیة؟ وما أهم العوامل المؤثرة فیها؟
  6. ما التصور المقترح لتفعیل مبادئ التربیة العالمیة – من المنظور الإسلامی-  مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیة فی ضوء البعد الثقافی للمجتمع المصری؟

منطلقات البحث:

  1. التربیة العالمیة مفهوم غربی تم تصدیره إلى دول العالم ومن بینها مصر، فهی مظهر من مظاهر تداعیات العولمة فی بُعدها التربوی.
  2. مفهوم التربیة العالمیة فی الفکر الغربی مرتبط بالسیاقات المجتمعیة للمجتمع الغربی التی تختلف بالضرورة عن طبیعة المجتمع المصری.
  3. مفهوم العالمیة فی الفکر التربوی الإسلامی أکثر مناسبة للتطبیق من المفهوم الغربی لاتساقه مع ثقافتنا العربیة والإسلامیة.
  4. مبادئ التربیة العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی تصلح أن تکون أساسًا یمکن التعویل علیه وتفعیله لتعزیز الهویة الوطنیة لدى المواطن المصری.

أهداف البحث:

  1. التعرف على أهم معالم النموذج المعرفی الغربی والسیاقات المختلفة التی انبثق منها.
  2. الوقوف على مفهوم التربیة العالمیة فی الفکر التربوی المعاصر، والتعرف على نشأته وتطوره والعوامل التی أثرت فیه؟
  3. التعرف على مفهوم العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی.
  4. تحلیل العلاقة بین التربیة العالمیة بمفهومها الغربی ومفهوم العالمیة من المنظور الإسلامی
  5. الوقوف على مفهوم الهویة الوطنیة والتعرف على أهم مکوناتها، والعوامل المؤثرة فیها.
  6. وضع بعض الآلیات والإجراءات التی یمکن من خلالها تفعیل مبادئ التربیة العالمیة –وفقًا للمنظور الإسلامی-  لتعزیز الهویة الوطنیة فی ضوء البعد الثقافی                           للمجتمع المصری.

أهمیة البحث:

یکتسب البحث أهمیته من تناوله لموضوع الهویة الوطنیة فی سیاق تداعیات العولمة وأخطارها على المجتمع، کما أنه یتناول التربیة العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی فی محاولة لإبراز العلاقة بین عالمیة التربیة وعالمیة الإسلام، وبالتالی فإن الاستناد إلى الفکر التربوی للحضارة الإسلامیة، مع الانفتاح على التجارب والخبرات المعاصرة هو السبیل لتفعیل التربیة العالمیة بحیث تتحول من حیز التنظیر إلى حیز التفعیل لارتباطها بواقع المجتمع وحضارته وثقافته.

منهج البحث:

اتبع البحث المنهج الوصفی التحلیلی الذی یهتم بوصف الظواهر المجتمعیة والعوامل المرتبطة بها وتحلیلها، بهدف التوصل إلى عوامل منطقیة تمکن من وضع تصور مقترح لتفعیل مبادئ التربیة العالمیة مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیة بما یتلاءم وطبیعة المجتمع المصری، وتم الاعتماد على المراجع والدراسات ذات الصلة التی تخدم موضوع البحث.

مصطلحات البحث:

- التربیة العالمیة: یقصد بها فی هذا البحث " مجموعة المعارف والاتجاهات والقیم والمهارات ذات الطبیعة العالمیة، والشاملة لکل الإنسانیة التی ینبغی إکسابها للمتعلمین، والتی تستمد عالمیتها من عالمیة حضارتنا الإسلامیة التی تهدف إلى تحقیق العدل والتسامح والأمن والتنمیة للأفراد والشعوب والمجتمعات".

- الهویة الوطنیة: یقصد بها فی هذا البحث "مجموع السمات والخصائص المشترکة التی تمیز أمة أو مجتمع معین عن غیره، یعتز بها وتشکل شخصیته المتمیزة، وتنبع قیمتها مما تقدمه من فرص للتقدم والتماسک الوطنی، وبمقدرتها على التطور والتفاعل مع المعطیات الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة والثقافیة والتاریخیة".

دراسات سابقة:

هناک العدید من الدراسات التی تناولت تأثیر العولمة على التربیة ومنها دراسة              عبد الرحمن صائغ (2004) التی تناولت علاقة العولمة بالتربیة من خلال بعدی " تربیة العولمة " و " عولمة التربیة "، وقدمت مفهومًا شاملًا لتربیة المواطنة کرؤیة إستراتیجیة للتربیة العربیة فی زمن العولمة، تُمثل إطارًا إجرائیًّا تتحدد فیه أهم الملامح الأساسیة لتربیة المستقبل للاستجابة لتحدیات العولمة الداخلیة والخارجیة التی تواجهها الأنظمة التربویة العربیة. وتتضمن هذه الرؤیة ستة عناصر رئیسة وهی: التربیة الخُلقیة، والتربیة الشوریة، والتربیة التنمویة، والتربیة التقنیة، والتربیة البیئیة، وتربیة السلام والتعایش مع الآخرین تمثل فی مجملها منظومة متکاملة لتحقیق "المواطنة" ببعدیها المحلی والعالمی([6]). وکذلک دراسة (Pashby 2006) التی هدفت إلى دراسة العلاقة بین المواطنة والتعددیة الثقافیة والتعلیم فی سیاق العولمة، ومناقشة الأولویات الوطنیة والعالمیة، وتوصلت الدراسة إلى أن التعددیة الثقافیة والمواطنة العالمیة کلاهما رد فعل للعولمة، وکلاهما یسعى لإعادة بناء المواطنة القائمة على العدالة الاجتماعیة والمساواة، من خلال بناء دولة تسمح للأقلیات العرقیة والثقافیة بالمشارکة فی الثقافة الوطنیة دون الحاجة إلى طمس هویاتهم من خلال إدماجهم فی الثقافة المجتمعیة، فالمواطنة العالمیة من الممکن أن تحوی تلک الهویات المتنوعة([7]).

وهناک دراسات تناولت تجارب الدول المتقدمة فی مجال التربیة العالمیة منها دراسة أیمن عبد القادر عیسى (2004) وهدفت إلى الوقوف على صیغ التربیة الدولیة فی التعلیم الثانوی فی مصر فی ضوء الفکر التربوی، والتوصل إلى إجراءات مقترحة لتطویر تلک الصیغ فی ضوء خبرات الدول المتقدمة، والإمکانات المتاحة، واختیرت فلندا وسویسرا نموذجین لدول المقارنة، وتوصلت الدراسة إلى أن صیغ التربیة الدولیة فی التعلیم الثانوی فی مصر ممثلة فی المدارس المنتسبة وأندیة الیونسکو تعانى من العدید من الصعوبات والمعوقات التی تحول دون تحقیق أهدافها، استمرار الأنشطة فیها([8]). أما دراسة( Reynolds Thomas 2010) فقد هدفت إلى التعرف على سیاسات التعلیم الوطنیة فی غانا والجهود المبذولة للأخذ بمبادئ التربیة العالمیة کاستجابة للعولمة، والتعرف إذا ما کانت هذه السیاسات تتماشى مع مبادئ التربیة العالمیة وتسهم فی إعداد متخرِّجین یتحملون مسؤولیات التنمیة الوطنیة والقیادة، وتحقیق المواطنة العالمیة([9])،وفی دراسة أخرى أجریت فی جامعة ألبرتا بکندا للتعرف على تأثیر برامج التربیة العالمیة التی تقدمها الجامعة على الطلاب الأجانب القادمین من جنوب أفریقیا من حیث تصوراتهم لهویتهم العالمیة ومدى فهمهم للمواطنة العالمیة، وأشارت نتائج الدراسة أن البرامج المقدمة لهم لم تؤثر فیهم بشکل إیجابی من حیث تطویر وجهة نظرهم بالنسبة لاحترام التعدد  الثقافی والترابط العالمی والمواطنة العالمیة([10]).

أما دراسة (Santos 2004 ) فقد أُجریت فی البرازیل، وهدفت إلى التعرف على المبادرات التی تمت فی مجال التربیة العالمیة فی البرازیل وتقییمها، ومعرفة دورها فی تشکیل المواطنة العالمیة، من خلال دراسة ثلاث مبادرات تعلیمیة متعلقة بالتربیة العالمیة، وأوضحت الدراسة أن تلک المبادرات ظهرت تحت عناوین مختلفة مثل التربیة البیئیة، والتربیة من أجل السلام، وتعلیم المواطنة، وأن تلک المبادرات کانت فی التعلیم غیر النظامی([11]). کما أن هناک دراسات أجریت للتعرف على جدوى ما یقدم للطلاب حدیثی السن من برامج للتربیة العالمیة، والتعرف على مدی فهمهم لمفهوم المواطنة العالمیة، وتقییم ما یقدم لهم من أنشطة فی هذا المجال لتعزیز الوعی بالمواطنة العالمیة لدیهم([12]).

کما أشارت بعض الدراسات إلی مخاطر العولمة التی تهدد الهویة الثقافیة باعتبارها جزءًا من الهویة الوطنیة، فدراسة " محمد إبراهیم عطوة مجاهد " (2001)هدفت إلى التعرف علی بعض مخاطر العولمة التی تهدد الهویة الثقافیة للمجتمع المصری ودور التربیة فی مواجهتها، وانتهت إلی مجموعة من المقترحات منها: وضع إستراتیجیة مقترحة تتکون من ثلاثة محاور متداخلة ومتکاملة لمواجهة العولمة والتفاعل معها ؛ تتمثل فی البناء القیمی والأخلاقی للفرد، ثم التفوق العلمی والتکنولوجی، ثم قبول التعددیة والانطلاق نحو العالمیة([13]). أما دراسة "محمد المنوفی ویاسر الجندی " (2003)فهدفت إلى التعرف علی أزمة الهویة الثقافیة فی المجتمع العربی وتحدید مظاهر هویتنا الثقافیة، ثم انتهت إلی مجموعة من الإجراءات العملیة لبلورة تکامل ثقافی عربی لمواجهة العولمة([14]).

 

وکذا دراسة "عبد العزیز محمد عطیة" فقد تناولت مفهوم الانتماء لدى الشباب، وهی دراسـة میدانیة استهدفت تحلیل مفهوم الانتماء بصفة عامة، وتأصیله من القُرآن الکریم والسُّنة النبویة، وتوضیح الدور الذی یمکن للجامعة أن تؤدیه فی تعمیق الانتماء لدى شبابها، والعوامل التی قد تؤثر فی ضعف الانتماء لدى الشباب الجامعی، وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفی، واستعان الباحث بتصمیم استبیان یشمل أربعة محاور: الانتماء العقائدی، والانتماء الوطنی، والانتماء الاجتماعی، والانتماء للجامعة، وقام بتطبیقه على عینة ممثلة من طلبة وطالبات السنوات النهائیة بکلیات: الطب، والتجارة، والتربیة؛ بجامعات: الأزهر، وعین شمس، وطنطا، والإسکندریة، وأسیوط([15]).

تعقیب على الدراسات السابقة:

- من خلال استعراض الدراسات السابقة تبین أن بعضها رکز على العلاقة بین التربیة والعولمة( دراسة:عبد الرحمن صائغ -2004) ، وتأثیر ذلک على الهویة الثقافیة والوطنیة  (دراسة: Pashby -2006، محمد إبراهیم عطوة مجاهد 2001) ، والبعض الآخر رکز على تجارب الدول المتقدمة فی مجال التربیة العالمیة، وما تقدمه من برامج لإعداد المواطن العالمی، وتأثیر ذلک على هویات الشعوب(دراسة أیمن عبد القادر عیسى 2004، دراسةReynolds Thomas 2010). کما شملت دراسات نظریة فلسفیة، وأخرى میدانیة تطبیقیة.

- استفاد البحث الحالی من الدراسات السابقة فی بناء الإطار النظری وتحلیله، وفی صیاغة التصور المقترح، ویختلف عن الدراسات السابقة فی أنه حاول توضیح العلاقة المتداخلة بین التربیة والعولمة والهویة الوطنیة وتأثر کل منهم بالآخر من خلال توضیح تأثیر العولمة على التربیة، ودور التربیة فی مواجهة تحدیات العولمة ولاسیما فیما یتعلق بتأثیرها على الهویة الوطنیة. کما أنه حاول توضیح المقصود بالتربیة العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی والحضارة الإسلامیة التی تحمل صفة العالمیة بطبیعتها، ویهدف إلى تقدیم تصور مقترح لتفعیل مبادئ التربیة العالمیة مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیة بما یتلاءم وطبیعة المجتمع المصری وحضارته وسیاقاته المختلفة.

وسوف یسیر البحث وفقًا للمحاور التالیة:

المحور الأول: معالم النموذج المعرفی الغربی وانعکاسه على مفهوم التربیة العالمیة:

فی ظل ما نعایشه فی الآونه الأخیرة من هیمنة النموذج المعرفی الغربی على کافة المجالات - ومن بینها التربیة – یفد إلینا العدید من المصطلحات التی یتم استخدامها وتداولها بغض النظر عن اختلاف النموذج المعرفی الواردة منه بما یحمله من تحیزات للبیئة، والثقافة، والسیاقات المختلفة للمجتمع الغربی من منطلق أن المصطلحات محملة بمفاهیم المجتمعات التی نشأت فیها. " إن ما ینقل إلینا من حضارة الغرب هو أساسًا أفکار نُزعت من سیاقها التاریخی والاجتماعی والمعرفی لتقدم إلینا وکأنها مطلقات" ([16]).

والنموذج المعرفی – بصفة عامة – یقصد به: " تلک الصورة المجردة، أو تلک الرؤیة الکلیة التی تُحدد للإنسان مجال رؤیته لذاته وللکون المحیط به وتوجهها. ولذلک، فهی تشکل ما یمکن أن نسمیه " خریطة معرفیة" ینظر الإنسان من خلالها للواقع" ([17]).

عند دراسة مفهوم التربیة العالمیة نجد أنه من الأهمیة بمکان التعرف على أهم معالم النموذج المعرفی الغربی الوارد منه هذا المفهوم، فالنماذج المعرفیة تدور حول ثلاثة عناصر أساسیة ( الإله – الطبیعة – الإنسان) ویتم تضخیم أو تهمیش أحد هذه العناصر أو بعضها حسب معاییر النموذج وبعده المعرفی([18]). فوراء کل نموذج بُعد معرفی لا یمکن استبعاده أو تجاوزه، ویُشکل فی مجمله مسلمات النموذج الکلیة، ومرجعیته.

وتکمن خطورة استیراد بعض المفاهیم والمصطلحات من نماذج معرفیة لها سیاقات وخصوصیات قد لا تتوافق مع طبیعة المجتمع المستقبل فی أن تبنی مفردات وتصورات هذا النموذج وتحویلها إلى حقائق مطلقة یدخلنا فی فلسفة التحیز، فتلک التصورات الوافدة تحمل فی ترکیبها تحیزًا لبیئتها وحضارتها، فهی بالتالی تعبر عن نموذجها، ولا یمکن لها أن تتوافق بشکل کامل مع النماذج الأخرى التی استدعته أو أخذت عنه.

فالتحیز المعرفی هو "التمحور حول الذات والانغلاق فیها ورؤیة الآخر من خلالها وقیاسه علیها، مما یعنی نفی الآخر نفیًا کاملًا خارج إطار التاریخ أو الوجود أو العلم، والسعی نحو استبدال ماهیته أو هویته وإحلالها بمحتوى یتفق ومعطیات الذات وأهدافها، وذلک بالقضاء على تفرده وخصوصیته وإعادة إدماجه فی النسق الذی ترى الذات المتحیزة أنه الأمثل طبقًا لمنظورها للإنسان والکون والحیاة"([19]).

والسؤال الذی یطرح نفسه: هل مفهوم التربیة العالمیة (الدولیة) - المتداول فی الکتابات المعاصرة وعبر أنشطة وجهود بعض المنظمات الدولیة – مرتبط بالعالمیة کما نفهمها فی ضوء التصور الإسلامی للعالمیة، أم أنه مرتبط بالعولمة – بکل ما تحمله من سمات وخصائص النموذج المعرفی الغربی- أی أنها تربیة (عولمیة)؟

بدایةً لابد من التعرف على أهم معالم النموذج المعرفی الغربی الوارد إلینا منه هذا المفهوم، لتوضیح مدى ارتباط المفهوم بالسیاقات المختلفة للمجتمع الغربی، والتی یمکن إجمالها فیما یلی:

1- النفعیة والمادیة: ظهر العدید من التیارات الفلسفیة والفکریة فی الغرب والتی کان لها دورها فی تشکیل النموذج المعرفی الغربی. منها؛ المادیة التی ترى أن هدف الانسان هو اشباع حاجاته المادیة وغرائزه شریطة أن یکون خاضعًا لما تُملیه علیه أهداف المجتمع وغایاته، ثم جاءت الوجودیة- کرد فعل لغلو المادیة وإنهاکها للإنسان- لتقدس النزعة الفردیة فی حالة من الغلو المضاد. أما البراجماتیة فهی الفلسفة التی عبَّرت عن واقع المجتمع الأمریکی وعن نجاح أفراده فی التکیُّف مع البیئة الجدیدة التی انتقلوا إلیها منذ اکتشاف أمریکا ومحاولة مواجهة کل الظروف الطبیعیة والبیئیة الصعبة والتغلب علیها وتحویلها إلى أدوات أدت إلى هذا التقدم المادی الذی تشهده الآن الولایات المتحدة الأمریکیة، " فهذه الفلسفة تعبر عن حیویة الشعب الأمریکی وطاقته الفائقة وحافز علیها فی نفس الوقت" ([20]).

والإنسان فی ظل هذه الفلسفة سید للکون، وحریته مطلقة بدون ضوابط، والقیم نسبیة فهی لا تؤمن بوجود قوانین أخلاقیة مطلقة، وما یصدر من أحکام یعتمد على نتیجة تطبیق هذا الشیء من ناحیة، والنفع أو الفائدة من ناحیة أخرى. فالقانون فی ظل هذا النموذج له مقاصد نفعیة دنیویة بحته لا علاقة له بالقیم أو الأخلاق، فإذا اتفق الناس على أن الربا یحقق تنمیة وربحًا یصبح قانونًا بغض النظر عن کونه أخلاقیا أو غیر أخلاقی. "فمنزع المنفعة وفرض النموذج الثقافی والقیمی بالقوة هو منزع فلسفی أوربی بصورة عامة، براجماتی عولمی على نحو أخص"([21]).

2-  الصراع: الصراع هنا یعنی أن طرفًا یصرع الآخر ویقضی علیه، وهذه الفکرة موجودة فی النظریات الأساسیة التی تتکون منها النهضة الأوربیة فی العصر الحدیث بما تحمله من مذاهب فلسفیة متعددة کلها تجعل من الصراع قانونًا للتقدم والتطور، فالبقاء للأصلح، والأصلح هو الأقوى ولیس الأکثر خلقًا أو أکثر اصلاحًا([22])، ولیس أدل على ارتباط هذه الفکرة بالحضارة الغربیة مما شهدته أوربا من حروب دینیة واستعماریة أُزهقت فیها الملایین من الأرواح، فتلک المجتمعات تسعى دومًا إلى ابتکار عدو لتحقیق هذا المبدأ([23])، والحفاظ على یقظتها وفاعلیتها. وفی السیاق ذاته یحدثنا هنتنجتون فی کتابه "صدام الحضارات" فی معرض حدیثه عن الحضارة الغربیة " بالنسبه للشعوب الباحث عن هویه، والتی تعید اختراع العرقیة فإن العدو ضروری" ([24]).

3-  العنصریة:  التیارات الفکریة الغربیة ترى أن إزالة البنیة الأساسیة للشعوب الأخرى – عن طریق الاستعمار السیاسی قدیمًا والفکری والثقافی حدیثًا – نوع من التمدن والتحضر، وهذا موقف وفکر عنصری([25]). فهذه النزعة جعلت مفهوم الإنسان فی الحضارة الغربیة هو الإنسان الغربی وحده هذا ما جعله – فی عصر الاستعمار – یمارس استئصال الآخر بضمیر مستریح لأنه یمارسه کرسالة وإعمال للقانون الطبیعی أن البقاء للأقوى الأوربی الذی هو الأصلح دائما وأبدا([26])، ویتجلى هذا الفکر- فی العصر الحدیث- فی اهتمام تلک المجتمعات بقضیة الدیمقراطیة وحقوق الإنسان فی العالم على مستوى الخطاب السیاسی الرسمی، وبعض الممارسات العملیة إلا أن أنها تتعامل مع هذه القضیة بنوع من البراجماتیة والانتهازیة السیاسیة التی تتجلى فی المعاییر المزدوجة التی تطبقها بهذا الخصوص، وعدم ترددها فی التضحیة بقیم الدیمقراطیة ومبادئ حقوق الإنسان فی حالة تعارضها مع مصالحها الاقتصادیة والتجاریة، فهی لا تتبناها کرسالة أخلاقیة عالمیة؛ بل تتخذها کأداة لخدمة مصالحها وسیاستها الخارجیة.

4-  التقدم المادی: إن التطور الهائل فی علوم المادة والکون یعتبر من أهم معالم النموذج الغربی، إلا أن الغرب أنفسهم اکتشفوا أن هذا التقدم لا یؤدى إلى سمو الإنسان، إذ هو منفصل تمامًا عن القیمة. وکل تقدم بیولوجى أو تقنى فى الإطار المادى المنفصل عن القیمة یؤدى إلى أن الأقوى یقهر الأضعف، بل ویحطمه. ومن زاویة أخرى فقد کان من ضمن أهداف ذلک التقدم تحقیق الغلبه النفسیه للنموذج الغربی على العالم کله - والإسلامی خاصة - کبدایة لسیطرة فکریة وسیاسیة واجتماعیة، وذلک من خلال تصدیر الانبهار بالحضارة الغربیة ومنجزاتها إلى تلک الشعوب بدافع خفی وهو؛ تحقیق الهیمنة والغزو الفکری، وبدافع مُعلن وهو؛ نشر العلم ومساعدة تلک الدول على التقدم. هذا إضافة إلى ما خلفه ذلک التقدم المادی من آثار سلبیة على التربیة، والقیم الخلقیة، والبیئة. ومن الأمثلة الصارخة على الخلل الذی صاحب التقدم العلمی والتقنی مشکلة التلوث البیئی التی تزداد تفاقمًا یومًا بعد یوم، وأصبحت خطرًا قائمًا یهدد حیاة الإنسان فی کل مکان على الأرض.

وهکذا نکون قد استعرض البحث بشیء من الإیجاز أهم معالم النموذج المعرفی الغربی.  النظرة الشاملة للمعرفة فی الفکر الغربی تجعل من الإنسان سیدًا للکون، وفکرة مرکزیة الإنسان للکون هذه تعبر بالفعل عن مأزق التمرکز حول الذات الذی یُعانی منه التصور الغربی.ویحدثنا عبد الوهاب المسیری عن النموذج المعرفی الغربی باعتباره نموذجًا مادیًا واحدیًا، وأن جوهر الواحدیة المادیة هو أن تصبح کل المخلوقات خاضعة تمامًا لنفس القانون المادی الصارم، وأن یسود منطق الأشیاء على الأشیاء والإنسان، وهذا هو حجر الزاویة فی المشروع المعرفی الغربی: ثمة قانون واحد وثقافة واحدة وإنسانیة واحدة، ولذا فثمة نموذجًا واحدًا للتطور حیث یتحول الغرب إلى قیمة عالمیة مطلقة ونقطة مرجعیة ینبغی الوصول إلیها أو على الأقل الاقتراب منها وکلما ازددنا قربًا ازددنا تقدمًا([27]).

وسوف یتطرق البحث إلى الحدیث عن العولمة وأهم خصائصها، المرتبطه بخصائص النموذج المعرفی الغربی باعتبارها ترجمه لهذا النموذج فی کافة المجالات وفی مقدمتها مجال التربیة.

المحور الثانی: عولمة التربیة.. المفهوم والأثر:

یرى کثیر من الباحثین والمثقفین أن القرن الحادی والعشرین هو عصر العولمة، حیث سیطر مصطلح العولمة على معظم الکتابات بشکل مکثف، وأصبح هناک زخم کبیر حوله، وترجع بدایات ظهور المصطلح إلى عام (1985) على ید الخبیر الاقتصادیTheodore Levitt (ثیودور لیفت) الذی استخدمه لوصف التغیرات فی الاقتصاد العالمی التی أثرت على الاستثمار والإنتاج والاستهلاک ثم ارتبط المصطلح بعد ذلک بالتغیرات السیاسیة والثقافیة والتربویة التی تؤثر على شعوب العالم([28]). فالعولمة مفهوم ینتابه الغموض، وتتعدد أبعاده وبالتالی تتعدد دلالاته وتعریفاته وفقًا للخلفیة التخصصیة للباحثین فیه، وانتماءاتهم الفکریة والأیدلوجیة.

ویعد البعد التربوی للعولمة أو "العولمة التربویة" کما یسمیها البعض من أخطر الأبعاد الفکریة لها، فهی موجهة نحو النشء. وتکمن الإشکالیة فی الموقف الذی ینبغی أن تتخذه التربیة منها، ذلک أن العولمة تحمل فی طیاتها جوانب إیجابیة على المنظومة التربویة فی الجانب التقنی والمعلوماتی لا یمکن اغفالها، وفی ذات الوقت تحمل مضامین سلبیة فی الجانب الثقافی والأخلاقی والتأثیر على الهویة لا یمکن تجاهلها.

ولکی نتعرف على المقصود بالعولمة التربویة وتأثیراتها على المنظومة التربویة فی المجتمع المصری یجدر بنا أن نتطرق أولاً للتعرف - بشیء من الإیجاز - على أهم خصائص العولمة، ولسنا نهدف إلى عرض وجهات النظر المتعددة والمتنوعة حول مفهوم العولمة بین المؤید والمعارض، والمتفائل والمتشائم، والذی یتخذ موقفًا وسطًا بین هذا وذاک، وإنما نهدف إلى استخلاص أهم خصائص العولمة ذات التأثیر على التربیة بصفة عامة، وتوضیح السیاقات المختلفة التی ارتبطت بمفهوم التربیة العالمیة باعتبارها إحدى أدوات العولمة فی مجال التربیة؛ وتتمثل أهم تلک الخصائص فی:

أ - العولمة ظاهرة اختزالیة:  فقد ألغت العولمة الحدود واختزلت الزمان والمکان، من خلال ما تقدمه من تکنولوجیا ووسائل اتصال ذات قدرات غیر محدودة، فالعولمة " لا تخضع لمقولتی الزمان والمکان فی عالم أصبحت تسیره رقمیًا عبر الأثیر، ولا وجود فیه للداخل والخارج، للعالمی والمحلی"([29]) فهی دومًا ترتبط بالمصالح والنفعیة وجودًا وعدمًا دون ارتباط بزمان أو مکان.

ب - العولمة ظاهرة تعمیمیة : فهی تهدف إلى تعمیم الاتجاهات والقیم والسلوکیات والممارسات على المستوى الکونی فی شتى مناحی الحیاة البشریة، ولعل من أبرز مظاهرها فی هذا الشأن ما نشهده من "بروز النظام الأحادی أو القطب الواحد على الصعید السیاسی، وما نواجهه من تکتلات على المستوى الاقتصادی، وما نعایشه من ثورة الاتصالات والمعلومات فی الجانب التقنی، وما نشعر به من تهدید للقیم والخصوصیات واختراق للثقافات وهیمنة على وسائل الإعلام فی الجانب الحضاری ببعدیه الثقافی والاجتماعی"([30])، فقد سعت إلى ربط العالم بشبکة عالمیة واحدة سواء فی العمل أو المعرفة أو حتى الترفیه([31]).

ج - العولمة ظاهرة أیدلوجیة: حیث یرى البعض أن "العولمة هی الحالة التی تتم فیها عملیة تغییر الأنماط والنظم الاقتصادیة والثقافیة والاجتماعیة، ومجموعة القیم والعادات السائدة وإزالة الفوارق الدینیة والقومیة والوطنیة فی إطار تدویل النظام الرأسمالی الحدیث وفق الرؤیة الأمریکیة المهیمنة" ([32]). فقد أصبحت المؤسسات المالیة العالمیة، فی رحاب هذا التوجه الجدید، قوة فاعلة  فی تعزیز الهیمنة والتحکم القهری فی توجیه الأنظمة الاقتصادیة للشعوب، وصناعة القرارات الاستراتیجیة للأنظمة السیاسیة عبر العالم، ورسم الخطط للتنمیة الاجتماعیة الموجهة لخدمة مصالح الأطراف الفاعلة فی حرکة العولمة، وکذلک التدخل السافر للمؤسسات المالیة الکبرى، فی فرض مشاریع تربویة وثقافیة مشروطة، لتهیئة جمیع الظروف لتمریر الأیدیولوجیة القطبیة التی تسعى العولمة إلى تکریسها وتعمیمها([33]). وسعت إلى تدعیم تلک الأیدلوجیا بدعم مختلف المؤسسات العالمیة کصندوق النقد الدولی، والبنک الدولی، ومنظمة التجارة العالمیة، فضلاً عن الاتفاقات الدولیة وسیاسات القروض والمنح والمعونات الدولیة، ولیس هذا فحسب؛ بل سعت أیضًا إلى إکساب أیدلوجیتها مسحة من التدین والاهتداء برسالة السماء فی إنقاذ البشریة([34]).

هـ - العولمة ظاهرة تنافسیة:  فالعولمة قائمة على أساس المنافسة فی الإنتاج والتسویق والترویج فهی تتجه إلى تشکیل العالم فی قالب ثقافتها الرأسمالیة السوقیة، وتنمیط الأفکار والتطلعات وفق هذا النموذج، تحت شعار تشکیل الإنسان القادر على العیش والتفاعل فی عصر العولمة التنافسیة([35]).

و - العولمة ظاهرة استعماریة: لأن  البعد الاستغلالی للاقتصاد المعولم  أضفى على العولمة طابع الأطماع الاستعماریة التقلیدیة، فإذًا هی مرحلة جدیدة  فی المسار التحولی لظاهرة الاستعمار. حیث یرى الکثیر من المحللین فی دول العالم الثالث أن العولمة فی جوهرها " لیست سوى محاولة لإعادة صیاغة اقتصاد العالم کله وفقًا للنموذج الأمریکی" ([36]).ویرى حامد عمار فی هذا الصدد أن" النظام العولمی یبدأ وینتهی بقضیة السلطة ومصدر القوة والهیمنة على مصائر حیاة المجتمعات" ([37]). وذلک من خلال الاتفاقیات التجاریة وإلغاء القیود والضوابط، وإضعاف قدرة الدول الوطنیة على العمل بما یوفر لها أی استقلال سیاسی، ویقدم البدیل متمثلاً فی الشرکات متعددة الجنسیات التی أصبحت دولاً افتراضیة متحررة من کل ارتباط بالوطن أو مشاعر وطنیة.

ز - العولمة ظاهرة حتمیة:یرى بعض المحللین الغربیین أن " العولمة هی موجة الغد الکاسحة التی لا یمکن أن تقاوم" ([38]). لذا فقد سعت الأطراف المستفیدة من العولمة إلى تقدیمها على أنها الأیدلوجیة الحتمیة التی تحرک مسیرة الحضارات، وأنه لا خیار لتجنب الأزمات العالمیة وتحقیق الرخاء من الالتزام بحریة الأسواق وتخلیصها من القیود والمصالح الوطنیة الضیقة([39]). إلا أن التجربة أثبتت عکس ذلک فلم تستطع العولمة تحقیق وعودها فی هذا المجال.

ومن منطلق حتمیة ظاهرة العولمة - کما یروج لها الغرب - فإن البعض یرى أن "العولمة ظاهرة إنسانیة سلکت سبیلها فی واقع العالم الجدید ولا نملک الوسائل لردعها أو التقلیل من شأنها أو تأثیرها، فهی ترتکز على أدوات وآلیات اقتصادیة صارمة جدًا تستخدمها لتهیئة السبیل لمشاریعها الثقافیة فلا داعی حینئذ  للانغلاق عل أنفسنا بحجة الحفاظ على الخصوصیات الثقافیة، کما أنه لاداعی فی الآن نفسه إلى أن نندمج بلا وعی أو أهداف استراتیجیة، فالحل إذن هو التعامل والتفاعل مع الوضع الجدید الذی تقتضیه العولمة انطلاقًا من رصیدنا الثقافی والحضاری الذی یؤهلنا لذلک" .([40])  إن الاعتراف بحتمیة العولمة لا یعنی الدفاع عنها أو الاستسلام لها بل یعنی الاستعداد لمواجهة تحدیاتها ومسایرة التقدم العلمی والتکنولوجی والإفادة من الجوانب الإیجابیة مع المحافظة على الثوابت والهویة فی محاولة واعیة للموازنة بین المحلیة والعالمیة([41]).فالعولمة ظاهرة ضاغطة تفرض نفسها بفعل               قوة الأشیاء.

ح - العولمة ظاهرة تحمل إشکالیة الفجوة بین التنظیر والتطبیق: فالوجه التنظیری المثالی للعولمة یستند على أساس إیجاد تطورات سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة وثقافیة وتقنیة، مستندة إلى ثقافة إنسانیة عالمیة ذات معاییر کونیة موحدة تزید من آفاق التفاعل المتبادل یبن الدول والشعوب، ویفترض أن یتم الوصول إلى هذه التطورات من خلال الحوار والتفاهم وتبادل الرأی واحترام اختلاف الثقافات. أما واقع التطبیق للعولمة فإنه یُشیر فی أغلب الأحیان إلى خلاف ذلک،  معظم متغیرات العولمة لیست نتاجًا لتفاعلات بین المذاهب والحضارات المتباینة على مستوى العالم ککل، وإنما هی عبارة عن تطورات نموذج ثقافی أو حضاری معین، یمتلک من وسائل القوة والتأثیر بما یمکنه من فرض هذه التطورات، وتقدیمها على أنها النموذج الأوحد لحضارة القرن الواحد والعشرین، وهذا یحمل فی مضامینه عومل القهر والتهدید لهویات الأمم وثقافاتها المتنوعة([42])، فالإطار النظری للعولمة شیء والتطبیق على أرض الواقع شیء آخر فقد احتکرت شعوب وأقطار بعینها فوائد العولمة ونتائجها الإیجابیة وترکت سلبیاتها لشعوب أخرى حُرِمت من هذه الفوائد.إن الغرب حریص على فرض قیمه الاجتماعیة والثقافیة وعولمتها والتی تمثل أسوأ ما عنده، بینما لا یسعى إلى عولمة العلم والتقدم حیث یجب الاحتفاظ به.

وبتحلیل الخصائص السابقة للعولمة یتضح لنا جلیًّا السیاقات المختلفة الاقتصادیة والسیاسیة والاجتماعیة المرتبطة بها، ومدى انعکاسها على التربیة، فالعولمة تهدف إلى تقدیم نموذج معین وتعمیمه على کل دول العالم باعتباره النموذج الأوحد والأفضل مستعینة فی ذلک بأدوات متعددة فی کل مجال من المجالات، ولعل أکثر المجالات تأثیرًا وتأثرًا هو مجال التربیة باعتبار أنها الوسیلة المثلی التی یمکن أن یتم نشر الفکر العولمی من خلالها.

 لذلک فقد "حرصت الأطراف الفاعلة فی حرکة العولمة  على السیطرة على  المنظمات الدولیة ذات الطابع العلمی، والثقافی، والتربوی من جهة، وذات الطابع المالی من جهة أخرى،  لجعلها أدوات هیمنة، وذلک من أجل توجیه جهودها الخاصة إلى خدمة نمط معین من المد المعرفی والثقافی والتربوی والتعلیمی الموجه إلى بلدان أخرى من العالم"([43]) .

ویرى حامد عمار فی هذا الصدد أن اتفاقیة الشرق الأوسط الجدید والهادفة إلى النفاذ للثقافة العربیة وبخاصة مکوناتها القومیة والدینیة، والتدخل السافر فی السیاسات التی تتبعها الدول العربیة حیث تضمنت الاتفاقیة قسمًا خاصًا بإصلاح التعلیم کمحاولة للقضاء على الإرهاب زاعمة أن أهداف التعلیم ومضمونه فی هذه المنطقة من أسباب العنف والإرهاب وکراهیة الغرب، فکان لابد من تفکیک تلک الهویة الوطنیة لغة، وتاریخًا، وثقافة، ورُصد لذلک صندوق مالی، وتم الترکیز على بعض المفاهیم مثل الدیمقراطیة، وحقوق الإنسان لا حقوق الشعوب فی الحیاة الحرة الکریمة، حتى أصبحنا لا نجد حالیًا فی نظام التعلیم إلا ما هو مدعوم أو مقترح أو ممول من هیئة أو دولة أجنبیة([44]) . إلا أننا ینبغی أن نعی أن المشاریع التربویة والثقافیة المفروضة على الشعوب المتلقیة والمستهلکة ذات أوجه متعددة ، فهی وإن کانت تسعى - من حیث المبدأ -إلى ترسیخ قیم إنسانیة سامیة لصالح الإنسان. فإنها فی الوقت نفسه تدمر بعض القیم الأخلاقیة. لأن هذه المشاریع یغلب علیها مبدأ الربح والخسارة.([45]) وتسعى لتحقیق أهداف معینة، لیست بالضرورة أهدافًا وطنیة.

فالعولمة فی کل المجالات لها إملاءات تفرض شروطها فی ظل مبادئ یروج لها الغرب نظریًا؛ کالسلام والأمن والتفاهم والحریة والدیمقراطیة، والتقدم یکون کل ذلک وفق معاییر تلتزم بها النظم العامة، وفی صدارتها نظام التعلیم، ومن هنا تکثر الضغوط الخارجیة التی تتعرض لها الدول، ولا تجد مفرًا من ضرورات الإصلاح کما تحمله تجارب الآخرین([46]).

ففی إحدى الدراسات التی أجریت للتعرف على دور الولایات المتحدة - من خلال العمل الخیری للشرکات الأمریکیة - فی دعم التعلیم العالمی فی البلدان النامیة، توصلت الدراسة إلى أن الشرکات الأمریکیة تمنح نصف ملیار دولار سنویًا فی شکل إسهامات فی التعلیم فی البلدان النامیة، تغطی مواضیع متعددة وتستهدف أکثر من (100) دولة، و ترکز بشکل کبیر على الدول ذات الاقتصادات الناشئة، وأن لدیها مجموعة متنوعة من الدوافع التجاریة التی تدفعها إلى تقدیم تلک الإسهامات ترتبط بتحقیق مصالح خاصة لها فی                  تلک الدول([47]).

وهکذا کانت التربیة من أکثر المجالات التی تأثرت بالتحولات الخطیرة التی صاحبت ظاهرة العولمة، واتضح ذلک من خلال بعض المظاهر منها ([48]) :

1- تسعى العولمة بکل الوسائل أن تخترق المنظومة التربویة، وأن تقوض البناء الداخلی للحصانة التربویة للشعوب لاستئصال ما یمکن استئصاله من قیم وتعالیم واعتقادات خاصة لتحقیق السلام العالمی من وجهة نظرها.

2 – تسعى إلى إیجاد مرجعیات فکریة وفلسفیة لنموذج تربوی معولم مؤطر تأطیرًا یتجاوز الخصوصیات الثقافیة واللغویة.

3 - تسعى إلى احتواء البرامج الخاصة لبعض المنظمات المالیة، کمنظمة التجارة العالمیة والبنک الدولی وصندوق النقد الدولی، لتمریر أیدیولوجیة مهیمنة تعید تشکیل أهداف المنظومة التربویة لتحقیق مصالح الاقتصاد المعولم.

4 - تسعى إلى إحداث هزة عمیقة داخل المنظومة التربویة الأصیلة لاحتواء ما یمکن احتواؤه من قیم، وأخلاق لتنشئة جیل قابل للذوبان فی فضاء المواطنة العالمیة.

 

5- تسعى إلى تسلیع التعلیم فبعد أن کان خدمة یقدمها المجتمع أصبح سلعة یحکمها قانون الربح والخسارة، فظهر الاتجاه إلى خصخصة التعلیم والتعامل معه باعتباره سلعة تقدم لمن یدفع الثمن، کما انتشرت المدارس الدولیة التی تقدم نمطًا من التعلیم یختلف فی محتواه ومضمونه عن التعلیم الوطنی، وفی الوقت ذاته یؤهل متخرجیه لتولی فرص عمل متمیزة مما یزید من عدم ثقة المجتمع فی التعلیم الرسمی الذی ینضم متخرجوه إلى طابور البطالة، وکرد فعل لذلک ظهرت بعض الروابط والهیئات العالمیة التی تحذر " من مغبة الإمعان فی التوجه نحو تسلیع التعلیم وتجریده من وظیفته المجتمعیة بحیث یکون أداة للحریة والعدالة والانتماء الوطنی"([49]).

وبالطبع فإن تحقیق هذه الأهداف والغایات یحتاج إلى أدوات تختلف باختلاف الهدف والمجال، وهنا ظهر مصطلح التربیة العالمیة فی الغرب کاتجاه فی تربیة الفرد لیکون مواطنًا عالمیًا، "فالتربیة العالمیة هی السبیل المؤدی إلى تحول المواطنة من الشعور المحلی إلى الشعور العالمی"([50])، من خلال ربط الإنسان بالعالم أکثر من الدولة، للتخفیف من سلطة الدولة والمشاعر الوطنیة ودمج العالم فی نموذج أوحد." إن تشرب القیم الوافدة والاستسلام لطوفان العولمة دون تبنی موقفًا وسطیًا یساعد على تجوید الاختیارات، واستثمار الثورة التکنولوجیة فی خلق فرص لتعزیز الهویة، ودعم الذات لا یعدو أن یکون دلیلاً على الإفلاس والعجز عن مواجهة الآخر"([51]).

وهکذا نجد من التحلیل السابق أن العولمة فترة حرجة فیها من الفرص بقدر ما فیها من المخاطر، وقدرتنا على اغتنام الفرص وتجنب المخاطر تعتمد إلى حد کبیر على قدرتنا على التعامل مع الظواهر الجدیدة القادمة مع العولمة([52])، ومن بینها التربیة العالمیة. فالعولمة بأبعادها المختلفة ذات تأثیر واضح على المنظومة التربویة فی المجتمعات بصفة عامة، والمجتمع المصری بصفة خاصة، باعتبار أن التربیة هی الأداة المثلى لنشر الفکر العولمی، وإعداد المواطن الذی یحمل هذا الفکر ویتشبع به، وتحویل الإنسان إلى مواطن عالمی، وتوسیع نطاق الهویة الوطنیة لتصبح عالمیة، فکان لابد من آلیات لتحقیق هذا الهدف وکانت التربیة العالمیة أحد هذه الآلیات، ذلک المفهوم الوافد إلینا عبر الفکر الغربی والثقافة الغربیة، رغم أن العالمیة صفة أصیلة وشعار اتسمت به حضارتنا وثقافتنا الإسلامیة، إلا أن الإشکالیة تکمن فی کیفیة تحویل هذا الشعار إلى واقع ملموس وأن یکون لدینا رؤیة عن ماهیة التربیة العالمیة التی نرید، وأن تکون هذه الرؤیة نابعة ومرتبطة بواقع المجتمع المصری وبالإرث الثقافی والحضاری لنا.

المحور الثالث : مفهوم التربیة العالمیة فی الفکر التربوی المعاصر:

عندما أدرک الإنسان المخاطر والویلات التی جلبتها الصراعات والحروب المحلیة والإقلیمیة والعالمیة، والنتائج السلبیة التی نجمت عنها فی کافة المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة والنفسیة، أصبح لدیه اعتقاد جلیٌّ بأن الحل لهذا کله هو إیجاد صیغة للتعاون والتفاهم بین الأمم والشعوب. وهنا ظهر مفهوم التربیة العالمیة للإشارة إلى مفاهیم التربیة الهادفة إلى التعاون والسلام، واحترام حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة،                       والمواطنة العالمیة([53]).

کانت بدایات ظهور الاتجاه إلى التربیة العالمیة فی أواخر عام(1960) فی أمریکا الشمالیة، حیث أصبح محورًا مهمًّا للتعلیم أنذاک، ثم ظهرت حرکة مماثلة عام(1970) فی المملکة المتحدة تحت عنوان ( دراسات العالم)، وأصبح ینظر إلى هذا التعلیم على أنه یسمح للمربیین بتعزیز التفکیر النقدی لدى الطلاب حول مواضیع مثل؛ الدیمقراطیة، وحقوق الإنسان، والتنمیة والسلام، والبیئة، والمساواة، والمواطنة([54]). وفی عام (1974م) أقر المؤتمر العام للیونسکو فی دورته الثامنة عشر توصیة خاصة بالاهتمام: بالتربیة من أجل التفاهم العالمی، والتعاون والسلام، والتربیة من أجل حقوق الإنسان، أطلقت على تلک المفاهیم مصطلح "التربیة الدولیة" اختصارًا لتلک الأنواع من التربیة، کما أکدت هذه التوصیة على أنه یجب أن یتضح البعد العالمی للتربیة العالمیة فی المناهج بجمیع المراحل التعلیمیة، وأن تتخذ الدول الأعضاء کافة التدابیر والتشریعات لتنفیذ هذه التوصیة على أرضها([55]).

فالتربیة الدولیة أو العالمیة کما ورد فی أدبیات منظمة الأمم المتحدة للتربیة والعلوم والثقافة (الیونسکو) هی "إضفاء بُعد دولی على التربیة فی جمیع مراحلها، وکافة أشکالها لتنمیة التفاهم والتعاون والسلام واحترام حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة بین الشعوب والدول ذات الأنظمة الاجتماعیة والسیاسیة المتباینة" ([56]). فهدف التربیة العالمیة هو تحقیق المواطنة العالمیة، وتشیر الیونسکو إلى أنّ "التعلیم من أجل المواطنة العالمیة یهدف إلى تمکین المتعلّمین من تأدیة دور فعّال على الصعیدین المحلی والعالمی فی مواجهة التحدیات العالمیة، وفی نهایة المطاف، الإسهام على نحو استباقی فی إرساء عالم أکثر عدلاً، وتسامحًا، وشمولیةً، وأمنًا واستدامةً"([57]).

لقد عرف نلسونNelson)) التربیة العالمیة بأنها: تدریس المشکلات والقضایا التی تتخطى الحدود بین الدول، وتدریس الأنظمة المتصلة ببعضها البعض مثل الأنظمة الأیکولوجیة والاقتصادیة والثقافیة والسیاسیة والتکنولوجیة([58]).

وفی هذا الإطار یعرف جورانه التربیة العالمیة: " بأنها مجموعة المعارف والاتجاهات والقیم والمهارات ذات الطبیعة العالمیة، والشاملة لکل الإنسانیة التی ینبغی إکسابها للمتعلمین"([59]).

وهکذا نجد أن التربیة العالمیة فی الأدبیات الغربیة هی: نشاط موجه نحو المستقبل یسهم فی بناء المعرفة والمهارات المطلوبة فی المجتمع المعاصر فی عالم یتجه نحو العولمة([60])، وترکز على موضوعات مثل؛ التربیة على حقوق الإنسان، والتربیة من أجل السلام، والتربیة الإعلامیة والتفاهم بین الثقافات، والتعلیم من أجل التنمیة المستدامة، والمواطنة العالمیة.

ثم انتقل المفهوم من الفکر الغربی إلى باقی أنحاء العالم عن طریق جهود وأنشطة  المؤسسات الدولیة المعنیة بذلک، وفی مقدمتها الیونسکو. ونشر هذا المفهوم وتفعیله اتخذ عدة صیغ منها؛ المدارس المنتسبة إلى الیونسکو، وأندیة الیونسکو، وإضفاء بعد عالمی على بعض المقررات والمناهج.

وفی هذا الإطار أطلقت الیونسکو شبکة المدارس المنتسبة إلى الیونسکو فی جمیع أنحاء العالم - ومن بینها مصر – لإقامة المشاریع المتعلقة بثقافة التسامح، والسلام العالمی، ومن أهم أهداف تلک المدارس([61]):

-        التأکید على دور منظمة الأمم المتحدة وإجراءاتها فی حل المشکلات والصراعات.

-        التعلیم من أجل السلام والدیمقراطیة والتسامح.

-        المحافظة على البیئة والتراث.

-        تقدیر واحترام التنوع.

-        معرفة القوانین وتکنولوجیا المعلومات.

-        حل الصراعات بأسالیب غیر عنیفة.

-        التضامن مع ضحایا العنف والکوارس الاجتماعیة والبیئیة.

وبتحلیل تلک الأهداف التی تحدد محتوى التربیة العالمیة التی تقدمها تلک المدارس؛ نجد أن تلک الأهداف عبارة عن مفاهیم واسعة فضفاضة لا تتضمن آلیات لتحقیقها، ویؤکد ذلک عدد من الدراسات التی أجریت لتقییم تلک المدارس فی المجتمع المصری، ومنها دراسة عیسى والتی أشارت إلى أن صیغ التربیة الدولیة فی التعلیم الثانوی فی مصر ممثلة فی المدارس المنتسبة وأندیة الیونسکو تعانى من العدید من الصعوبات والمعوقات التی تحول دون تحقیق أهدافها واستمرار الأنشطة فیها([62]). وربما یرجع ذلک إلى أنها مرتبطة أکثر بالمنظور الفلسفی الغربی فی رؤیته وتفسیره للعالمیة، وهنا تنشأ الفجوة عندما یتم التطبیق فی مجتمع آخر له منظور مختلف.

وهناک العدید من برامج التربیة العالمیة فی المجتمعات الغربیة، ویعتبر برنامج (أوکسفام) Oxfom  من أکثر برامج التعلیم العالمی شهرة فی المملکة المتحدة، وتم وضعه من قبل منظمة أوکسفام الدولیة، وهی مؤسسة خیریة مسجلة فی إنجلترا وویلز وأسکتلندا، وتستخدم العدید من المدارس مناهجها فی المملکة، وهی تعد الشباب من أجل المواطنة العالمیة، وأهم أبعاد تلک المناهج ما یلی([63]):

-        فی مجال المعرفة والفهم: العدالة الاجتماعیة والإنصاف، واحترام التنوع، والعولمة والاعتماد المتبادل، والتنمیة المستدامة، والسلام والصراع.

-        فی مجال المهارات: التفکیر الناقد، القدرة على إبداء الرأی، القدرة على تحدی الظلم وعدم المساواة، واحترام الناس والأشیاء، والتعاون وحل النزاعات.

-        فی مجال القیم والاتجاهات: الإحساس بالهویة.

وهکذا نجد أن الدول الأوربیة سعت إلى التوحد بعد سلسلة من الحروب نتیجة لتعصب کل دولة لقومیتها وأیدیولوجیتها حتى عمت هذه الحروب العالم کله، ولکن شعوب أوروبا تعلمت الدرس وتوقفت عن أسباب هذه الحروب ولجأت إلى التعاون والتوحد، ولکنها فی الوقت ذاته سعت لطمس هویة الدول الأخرى وتفتیتها والعمل بسیاسة "فرق تسد" بأسالیب مختلفة، لصالح تشکیل هویة عالمیة سعیًا لتحقیق المواطنة العالمیة التی تتجاوز الهویات الوطنیة والقومیة.

وبتحلیل المنظور الغربی للتربیة العالمیة – استنادًا إلى ما سبق -  یتضح              ما یلی:

-      أن الرؤیة الغربیة لمفهوم التربیة العالمیة مستمدة ومرتبطة بالنموذج المعرفی الغربی بکل ما یحمله من سیاقات.

-      أنها ترتکز على أهداف ومفاهیم واسعة فضفاضة أقرب ما تکون إلى الشعارات المثالیة.

- ازدواجیة المعاییر: فبالرغم من أن أهم أهداف التربیة العالمیة تحقیق السلام والدیمقراطیة وحقوق الإنسان، وبالرغم من زیادة اهتمام الدول الغربیة بهذه القضایا على مستوى الخطاب السیاسی الرسمی، وبعض الممارسات العملیة إلا أن أنها تتعامل مع هذه القضیة بنوع من البراجماتیة والانتهازیة السیاسیة التی تتجلى أبرز صورها فی المعاییر المزدوجة التی تطبقها بهذا الخصوص، وعدم ترددها فی التضحیة بقیم الدیمقراطیة ومبادئ حقوق الإنسان فی حالة تعارضها مع مصالحها الاقتصادیة والتجاریة، وهکذا یتبین لنا أنها لا تتبنى قضیة الدیمقراطیة وحقوق الإنسان کرسالة أخلاقیة عالمیة؛ بل تتخذها کأداة لخدمة مصالحها وسیاستها الخارجیة.

- ووفقًا للنموذج الغربی فإن التربیة العالمیة ضرورة لتلبیة احتیاجات الاقتصاد العالمی، فالعولمة تتطلب نوع جدید من التربیة العالمیة تقوم على فهم واحترام لغات وثقافات أخرى واکتساب مهارات العمل الجماعی مع أفراد من بلدان وخلفیات مختلفة([64]).

- کما أنها ضرورة لتلافی الآثار السلبیة للاقتصاد العالمی، ذلک أن البعد الاقتصادی للعولمة کان له بعض التأثیرات السلبیة على الغالبیة العظمى من سکان العالم، حیث زاد التفاوت فی مستویات المعیشة بین الأغنیاء والفقراء فی الفترة من (1960) إلى (1997) من (30) ضعف إلى (74) ضعفًا([65]). وهذا یتطلب نوعًا من التربیة العالمیة التی تعالج هذه السلبیات وتراعی البعد الاجتماعی والأخلاقی.

 - لجأت بعض المجتمعات الغربیة إلى التربیة العالمیة على اعتبار أنها السبیل لتحقیق المواطنة العالمیة خاصة فی ظل ما تشهده تلک المجتمعات من تنوع سکانی، وتعدد ثقافی مثل المجتمع الکندی([66]). وذلک استجابة لظاهرة الهجرة إلى تلک المجتمعات، وما ترتب علیها من تعددیة ثقافیة داخل المجتمع بما یشمله من هویات وثقافات متنوعة وأقلیات، فکان لابد من استیعاب ذلک التنوع([67]). من خلال ما تقدمه من برامج للتربیة العالمیة لإعداد المواطن العالمی الذی یستطیع التعامل بإیجابیة مع هذا القدر من التنوع، وبناء ثقافة وطنیة قائمة على قبول التنوع والتعدد الثقافی.

- أن السیاق المجتمعی لتلک المجتمعات الغربیة والذی صاحب ظهور العولمة قد أفرز هذا النوع من التربیة کضرورة لمواجهة المخاوف الدولیة السیاسیة والاحتماعیة والبیئیة، والآثار السلبیة التی خلفتها العولمة على التربیة، والقیم الخلقیة، والبیئة بشکل خاص، وبعبارة أخرى فهی بمثابة الجانب الأخلاقی للعولمة للتخفیف من آثارها السلبیة.

فالتربیة العالمیة وفقًا للمنظور الغربی بصفة عامة - والأمریکی على نحو أخص - هی نشاط موجه یسهم فی بناء المعرفة والمهارات المطلوبة فی المجتمع المعاصر لإعداد مواطن عالمی قادر على التعامل مع معطیات العولمة. فهی أداة من أدوات العولمة فی بعدها التربوی لاحتواء العالم وفرض النموذج الغربی علیه وتوسیع نطاق الهویة لتصبح هویة عالمیة، وهذا بعید کل البعد عن مفهوم العالمیة فی الفکر التربوی الإسلامی.

المحور الرابع: مفهوم العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی

الإسلام دین یتمیز بالعالمیة، والعالمیة تعنی:عالمیة الهدف والغایة والوسیلة، لذلک فإن التعرف على المقصود بمفهوم العالمیة فی الفکر الإسلامی لایکون إلا من خلال التعرف على عالمیة الإسلام ذاته وسمات تلک العالمیة ومقوماتها.

   أ - فیالقرآنالکریم:

من القرآن الکریم ولدت مقومات الأمة الإسلامیة وحضارتها التی جاءت عالمیتها ثمرة من ثمرات عالمیة الرسالة الإسلامیة والشریعة الإسلامیة([68])، فالخطاب القرآنی یرتکز على توجیه رسالة عالمیة للناس جمیعًا، فلنتأمل قوله تعالى فی الآیات التالیة:

-      (تَبَارَکَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِیَکُونَ لِلْعَالَمِینَ نَذِیراً)([69])

-      (وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا کَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِیرًا وَنَذِیرًا وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُونَ)([70])

-      (وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِینَ)([71])

-      (قُلْ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللّهِ إِلَیْکُمْ جَمِیعاً)([72])

-      (أُوْلَـئِکَ الَّذِینَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِکْرَى لِلْعَالَمِینَ)([73])

-      (وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِکْرٌ لِّلْعَالَمِینَ)([74])

-      (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِکْرٌ لِلْعَالَمِینَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ)([75])

-      وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِکْرٌ لِلْعَالَمِینَ([76]).

ب –فی السنةالنبویةالمطهرة:

- قوله صلى الله علیه وسلم موجهًا الخطاب إلى قومه: "والله الذی لا إله إلا هو إنی رسول الله  إلیکم خاصة وإلى الناس عامة"([77]).

-  إرساله صلى الله علیه وسلم السفراء إلى جمیع الزعماء والملوک، (قیصر الروم، وکسرى فارس، وعظیم القبط، وملک الحبشة)

 - ما روى جابر رضی الله عنه عن رسول الله صلى الله علیه وسلم أنه قال:" ثم أعطیت خمسًا لم یعطهن أحد قبلی نصرت بالرعب مسیرة شهر، وجعلت لی الأرض مسجدًا وطهورًا فأیما رجل من أمتی أدرکته الصلاة فلیصل، وأحلت لی المغانم ولم تحل لأحد قبلی، وأعطیت الشفاعة، وکان النبی یبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"([78]).(

- أن الرسول صلی الله علیه وسلم ورث المسلمین جمیعًا الإسلام ولم یختص أحدا بذاته، فقدم الإسلام کاملًا للعالمین جمیعًا([79]).

إن عالمیة الإسلام تنبع من ذاتیته وتفرده فی تفسیر شئون الکون والحیاة والمجتمع من خلال نظرته المتکاملة ( واقعیة ومثالیة معًا). فمفهوم العالمیة فی الإسلام ینطلق من الأسس التالیة([80]):

-        الإرادة الحرة: فالإنسان مستخلف فی الأرض لتحقیق رسالة وهی تعمیر الکون، وأن له إرادة حرة هی مناط المسئولیة. ففکرة الاستخلاف فی التصور الإسلامی ترى أن الإنسان/الخلیفة سید فی الکون، أما سید الکون فهو الله. وبروز قاعدة حریة الفکر                ( لا إکراه فی الدین)

-        التکامل: حیث یقوم الإسلام على التکامل بین المادی والمعنوی، ومن هنا فالفرد والمجتمع لا یصطرعان فالفکر والمادة یتکاملان ولا یتقدم أحدهما على الآخر.

-        أخلاقیة الحیاة: وثبات القیم فالإسلام یربط بین القول والفعل والقیمة والسلوک.

-        الوحدة: الوحدة فی الاسلام قائمة على الفکر والثقافة ولیست وحدة عناصر ودماء.

-        التقدم المادی والمعنوی: لا یتنافی الدین مع التقدم ولیست العبرة بالتقدم التکنولوجی؛ بل بإقامة الفکرة، فالتقدم فی الإسلام معنوی ومادی، ولا عبرة بتقدم مادی یقضی على مقومات الإیمان أو الأخلاق.

ومما سبق یتضح أن عالمیة الإسلام ترتکز على نوعین من القیم:-

  أ - قیم عامة تخص المجتمع البشری، وهی:

  1. العدل: بالإیمان بوحدة النوع البشری فی أصله ومصیره.
  2. السلام: بالإیمان بحق الحیاة للفرد، وللمجتمع البشری.
  3. الحریة: بالإیمان بالکرامة الإنسانیة.

ب - قیم خاصة یلتزم بها المجتمع الإسلامی، وهی:

  1. وحدة الإله المعبود، ووحدة الدین، ووحدة الأمة.
  2. الأخوة الإسلامیة: وتتمثل صورتها الاقتصادیة فی التکافل الاجتماعی، وصورتها السیاسیة فی الشورى.

رؤیة تحلیلیة لمفهوم العالمیة بین المنظور الإسلامی والغربی:

ومما سبق یتضح أن مفهوم العالمیة فی الفکر الغربی یختلف عنه فی الفکر الإسلامی اختلافًا جوهریًّا یرجع إلى اختلاف البعد المعرفی والفکری فی کلا النموذجین، ویمکن توضیح ذلک بشیء من الإیجاز فیما یلی:

  1. إن الأساس الفلسفی الذی تتکئ علیه العالمیة بالمفهوم الغربی( العولمی) یتمثل فی الفلسفة البراجماتیة،  "منزع المنفعة وفرض النموذج الثقافی والقیمی بالقوة هو منزع فلسفی أوربی بصورة عامة، براجماتی عولمی على نحو أخص"([81]) فهو یسعى إلى تمکین النزعة المادیة على حساب النزعة الروحیة التی تشکل شعور الإنسان بذاته وتمیزه عن الآخرین، لذلک سعى إلى الترویج لفکرة الثقافة العالمیة التی تتجاوز الثقافات المحلیة وتخترقها([82])، وتهدف إلى تهمیش الهویة المحلیة لحساب هویة عالمیة.
  2. المفهوم الغربی للعالمیة یستند إلى النموذج الغربی القائم على التجزئة فی النظرة إلى الأمور فهو یفصل بین العلم والدین والمادة والروح ویقر بالمحسوسات ویرفض الغیبیات  فهذا الفکر تطغى علیه المادة ویختزل الإنسان فی بعده المادی الاستهلاکی، ویمجد الفردیة ویهمش منظومة القیم الروحیة، وبهذا فهو یعجز عن إحداث التکامل فی رؤیته للإنسان والمجتمع ویأتی مفهومه عن العالمیه متأثرًا بتلک الرؤیه، بینما عالمیة الإسلام توازن بین المادة والروح فی نظرتها للإنسان، بحیث لا یطغى أحدهما على الآخر، ولا تقف عند حدود الجسد والشهوات؛ بل تتعداه إلى متطلبات الروح والعقل.
  3. العالمیة من المنظور الغربی تتسم بالمرکزیة - أی أنها "عالمیة مرکزیة" کما سمها المسیری فی کتاباته- فهی عالمیة متمرکزة أساسًا حول ذاتها، تتعامل مع العالم على أنه هامش أو أطراف، وهی محور الحرکة ومرکز هذا العالم، وتلک النزعة المرکزیة لصیقة بالنموذج الغربی منذ العصر الرومانی، وهذا ما جعله فی صراع دائم مع الآخر سواء من خلال الحروب الدینیة أو الاستعماریة، ومن هنا جاء المفهوم الغربی للعالمیة الذی یرى أن الحضارة الغربیة هی وحدها العالمیة والإنسانیة وأنها النموذج الأوحد للتحضر والتمدن([83])، وعلى الآخر محاکاته على کل المستویات السیاسیة، والاجتماعیة، والاقتصادیة، والتربویة، والإعلامیة، وتفترض أن غیرها من الأمم فی موقف التابع والمتلقی دون نقاش، على حین نجد أن مفهوم العالمیة فی الفکر التربوی الإسلامی یعتمد على القواسم المشترکة بین الحضارات من منطلق الأهداف الحضاریة القائمة على التعارف ولیس الهیمنة وفقًا لقوله تعالى: (یا أیها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاکُم إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ)([84]) وهذا دلیل على أن اختلاف البشر من حیث العرق – من المنظور الإسلامی- لیس عائقًا أمام التعارف والانسجام؛ بل على العکس فهو مصدر للقوة والتطور، وتمکن التاریخ الإسلامی من تقدیم مفاهیم إنسانیة سامیة جمعت الشعوب والقبائل على إختلافها حول العدید من القواسم المشترکة([85])، فکان ذلک مصدر قوة لها. فالحضارة الإسلامیة قامت على القاسم المشترک بین حضارات العالم، فقبلت الآخر، وتفاعلت معه أخذًا وعطاءً؛ بل إنّ حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بین البشر باعتباره من سنن الکون، لذلک دعا الخطاب القرآنی إلى اعتبار الاختلاف فی الجنس والدین واللغة من عوامل التعارف بین البشر([86]). مصداقًا لقوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّکَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا یَزَالُونَ مُخْتَلِفِینَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّکَ وَلِذَلِکَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ کَلِمَةُ رَبِّکَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِینَ *)([87]).
  4. المفهوم الغربی للعالمیة قائم على موقف عنصری من الآخر  تللک النزعة المرکزیة التی یتمیز بها هذا النموذج جعلت مفهوم الإنسان فی الحضارة الغربیة هو الإنسان الغربی وحده "فهذه النزعة المرکزیة لا ترى إللا " الذات" ولا تعترف بشرعیة "الآخر" بل ترى قانون التقدم فی صرع هذا "الآخر" وإزالته"([88]) وتتعامل مع الإنسان غیر الغربی باعتباره هامشًا، وملحقًا بالمرکز الغربی لأنه ابن المستعمرات، أو المستعمرات السابقة، فهی تستهدف التأثیر فقط دون التأثر؛ أی أنها عملیة تتم فی اتجاه واحد لفرض قیم ومعاییر طرف معین على بقیة الأطراف. أما مفهوم العالمیة – وفق المنظور الإسلامی-  فهو یقوم على المساواة والنّدیة بین مختلف الثقافات، ویحمل معنى إیجابیًّا یتمثل فی سعی الشعوب ذاتها نحو التفاعل وصولاً إلى أرضیة مشترکة من خلال تفاعل الحضارات والثقافات بشکل متکافئ تاثیرًا وتأثرًا(([89].
  5. العالمیة من المنظور الغربی( العولمی) تقوم على تعزیز الفردیة وتُعلی من قدر المصلحة الشخصیة المادیة، وتعمل على تنمیة الحریة الفردیة، وهذا یتسق مع طبیعة المجتمع الغربی وفلسفته، بینما العالمیة من المنظور الإسلامی فهی تقوم على التکافل والتعاون لتحقیق المصلحتیْن معاً: مصلحة الفرد، ومصلحة الجماعة؛ وقد تحد من حریة الأفراد الاقتصادیة بالمقدار الذی یؤمِّن مصلحة الجماعة، فهو نظام وسط فی تحقیق التوازن بین الطبقات والأفراد. 
  6. عالمیة الحضارة الغربیة ینقصها البعد الإنسانی والأخلاقی، ذلک أن فیها فصامًا بین علمها وروحها، ووفقًا للنموذج الغربی فإن العلاقات الإنسانیة لا ینظمها التراحم، بل؛ التعاقد الصارم، فهو لا یتبنى القیم رسالة أخلاقیة عالمیة؛ بل یتخذها کأداة لخدمة المصالح المادیة، فالقیم مادیة نفعیة ویتم استبعاد الجوانب الأخلاقیة والإنسانیة (غیر المادیة)، أما العالمیة من المنظور الإسلامی فی تقوم على ثبات القیم کرسالة أخلاقیة عالمیة، ولا عبرة لدیها بتقدم مادی یقضی على مقومات الإیمان أو الأخلاق، فالتقدم له شق مادی وشق معنوی.
  7. إن العالمیة من المنظور الغربی تقوم على الهیمنة، والتطبیع، والغزو، والاختراق، وإفراغ الثقافة من مضمونها، وانتزاع هویتها الخاصة والترابط بین الناس برباط عولمی من اللاوطنیة واللادولة. أما عالمیة الإسلام فلا تتعارض مع خصوصیة کل مجتمع؛ بل على العکس أقرت الخصوصیّة الثقافیة لکل مجتمع بشری على الصعید النظری والعملی، ولیس على الصعید النظری فقط کما هو الحال فی الثقافة الغربیة المعاصرة فإن الله عزَّ وجلَّ کفل لغیر المسلم الحریة فی البقاء على دینه ومعتقده وهو أهم مقومات ثقافته: قال تعالى: (لا إکراه فی الدین قد تبین الرشد من الغی)([90]). فلا ینبغی الخلط هنا بین قبول المرء لثقافة عالمیة نجمت عن تلاقح ثقافات متنوعة ومتعددة وتحظى بقیم إنسانیة خالدة، وبین فرض ثقافة معینة على العالم کله وتصدیرها أو الادعاء بأنها هی وحدها الثوابت العالمیة التی ینبغی إتباعها دون قید أو شرط ودون تحویر أو تعدیل، فبقدر ما یمکن أن نتقبل التأثیر الإیجابی لثقافة العولمة. نرفض بنفس القدر والقوة تأثیرها السلبی([91]). "فالشعوب الکریمة لا تساق نحو الأهداف بالقوة والترهیب؛ بل هی تختار مصیرها بنفسها وتصرف أمورها بإرادتها"([92])وإلا ستکون النتائج مشوهة وغیر مقبولة.

ومما سبق یتضح أن هناک فرقًا کبیرًا بین العالمیة بمفهومها الغربی (العولمی) وبین العالمیة من المنظور الإسلامی، فهی من المنظور الإسلامی "طموح إلى الارتفاع بالخصوصیة إلى مستوى عالمی فهی تفتح، أما العولمة فهی اختراق ثقافی بالقوة المادیة للقضاء على نواة الثقافة المغایرة فهی احتواء"([93]). وغالبًا تقوم بخلق شروط تنطوی أحیانًا على إغراءات لا تقاوم، تجعل الآخر یتقبل بسهولة ضغوطها، أو یطالب من تلقاء نفسه بإحدى منافعها الظاهرة.

وهکذا الحال فی مجال التربیة فهناک فرق کبیر وجوهری بین التربیة العالمیة                ( العولمیة) بمفهومها الغربی الوافدة إلینا عبر جهود وأنشطة المؤسسات الدولیة المعنیة بذلک، وبین التربیة العالمیة التی نحن فی أمس الحاجة إلیها لمواجهة تحدیات العولمة التربویة، تلک التربیة المستمدة من عالمیة الحضارة والثقافة الإسلامیة بمبادئها الحضاریة العالمیة، ولعل من أخطر هذه التحدیات تأثیرها على الهویة الوطنیة للشعوب.

المحور الخامس: مفهوم الهویة الوطنیة وأهم العوامل المؤثرة فیها

من الصعوبة وضع تعریف محدد لمفهوم الهویة – بصفة عامة-  نظرًا لاتساع المفهوم وشموله، وتعدد المدارس الفکریة التی تناولته، فالمفهوم یحمل دلالات لغویة، وفلسفیة، واجتماعیة، ونفسیة، وثقافیة.

والهویة بصفة عامة هی: "وحدة من العناصر المادیة والنفسیة المتکاملة، التی تجعل الشخص یمتاز عمن سواه ویشعر بوحدته الذاتیة"([94]).وهی أیضًا "مجموعة الخصائص والمیزات العقائدیة والأخلاقیة والثقافیة والرمزیة التی ینفرد بها شعب من الشعوب وأمة                 من الأمم"([95]).

وتعرف الهویة کذلک بأنها "حقیقة الشیء - أو الشخص- المطلقة المشتملة على صفاته الجوهریة، وهی أیضًا وعی للذات والمصیر التاریخی الواحد من موقع الحیز المادی والروحی الذی نشغله فی البنیة الاجتماعیة وبفعل السمات والمصالح المشترکة التی تحدد توجهات الناس وأهدافهم لأنفسهم ولغیرهم وتدفعهم للعمل معًا فی تثبیت وجودهم والمحافظة على منجزاتهم وتحسین وضعهم وموقعهم فی التاریخ"([96]).

أما الهویة الوطنیة  فهی مجموع السمات والخصائص المشترکة التی تمیز أمة أو مجتمع أو وطن معین عن غیره، یعتز بها وتشکل جوهر وجوده وشخصیته المتمیزة فشعور الفرد بهویته الوطنیة حاجة من حاجات الإنسان، والمجتمع الذی ینشد الحیاة الآمنة والمنتجة وتکوین جیل مستنیر قادر على العطاء فی کافة المجالات([97]).

ویرى  البعض أن مفهوم الهویة فی ثقافتنا العربیة ینطلق من الآخر ولیس من الأنا، فکلمة "هوى" مشتقة من "هو" أی الآخر. بینما فی اللاتینیة مشتقة من (Identity) أی الأنا. والفرق واضح، فهذا یعنی أن الإحساس بالذات فی ثقافتنا العربیة یرتبط دومًا بالآخر   وعلاقتنا به([98]).

ومما سبق یتضح لنا ما یلی:

- بالرغم من الاتفاق على أهمیة الهویة الوطنیة فی تحقیق الوحدة الوطنیة على أسس راسخة، إلا أنه لا یوجد اتفاق حول ماهیتها وأبعادها الثقافیة والفکریة والسیاسیة، فمعظم التعریفات للهویة جاءت هلامیة فضفاضة واسعة، ویتتداخل کثیرٌ منها مع الثقافة التی هی جزء من الهویة.

- رغم الاختلاف حول مفهوم الهُویة، وعدم الاتفاق على محتواها إلا أنه یمکن القول: أن الهویة هی الإدراک الحضاری المتمیز للمجتمع الذی یتبلور فی الشعور بالانتماء([99]) فمضمون الهویة یدور حول الذاتیة، والتفرُّد، والسمات، والسلوکیات التی تمیز المجتمع عن غیره، وترتبط بالانتماء ارتباطًا وثیقًا،

- إن الهویة لیست شیئًا ثابتًا ونهائیًا،فبعض مفرداتها یتمدد وبعضها ینکمش فهی فی حالة حرکة وتطور دائمین، وقد أثبتت المجادلات العلمیة أن مسألة ثبوت الهویة أو تغیرها فی أی مجتمع لیست أمرًا ثابتًا، ولکنها تتأثر بالمؤثرات الخارجیة، ومن أهمها الانفتاح على الثقافات الأخرى، کما تتأثر أیضًا بالصراع على السلطة([100]). فمفهوم الهویة عرضة للمراجعة و النقد والتقویم لجعله أکثر فاعلیة فی توحید المجتمع وتحدید من ینتسبون إلیه، فهی نمط معیشی یتفاعل مع المتغیرات المحیطة به فیتغیر معها دون أن یذوب فیها. لذا فالهویة أحد مکونات الشخصیة الوطنیة فلا مکان لمن لیس له هویه فی ظل عولمة               بلا حدود([101]).

- من الجمود ربط الهویة بالماضی واعتبارها معطى جاهزًا ومکتملاً. بینما الحقیقة أن الهویة ترتبط بالمستقبل وترتبط کذلک بطموح الأمة وآمالها فی التجدید وبناء مستقبل جدید لا یتنکر لمکتسبات العصر؛ بل یعمل على استیعابها لصالحه.

- إن الهویة لیست قیمة فی ذاتها، أو فیما تخلقه من شعور بالخصوصیة، وإنما تنبع قیمتها مما تقدمه من فرص للتقدم والتماسک الوطنی، وبمقدرتها على التطور والتفاعل مع المعطیات الاجتماعیة السیاسیة والثقافیة والتاریخیة.

- إن مکونات الهویة ترتبط بمجموعة من الخصائص المشترکة وهی: المجال الجغرافی والوطن التاریخی المشترک، وجود ذاکرة تاریخیة مشترکة، ثقافة شعبیة مشترکة بین جمیع فئات المجتمع، منظومة حقوق وواجبات مشترکة یضعها المجتمع لتنظیم العلاقة بین الدولة والأفراد مع بعضهم البعض، وخلق اقتصاد مشترک مرتبط بمناطق معینة.

وترى لطیفة الکندری أن عناصر الهویة الوطنیة تتمثل فی([102]):

-        العلم النافع.                  -   الانتماء الصادق.

-        التحلی بالأخلاق.            -   ممارسة الحقوق والواجبات.

إن وجود ثقافة وطنیة مشترکة هو عامل أساس فی تشکیل الهویة الوطنیة، ذلک أن تلک الثقافة الوطنیة المشترکة تهدف إلى تحقیق الآتی([103]):

  1. صیاغة هویة الفرد وتحدید معالمه الوطنیة، فالثقافة لها أطر تاریخیة ولغویة ودینیة، وهی قوام ثقافة المواطنة وتشکیل الهویة الوطنیة.
  2. إیجاد أرضیة مشترکة بین المواطنین وتعریفهم بالحقوق والواجبات.
  3. تحدید النظام الأخلاقی للمجتمع وقواعد ضبط السلوک ونمط التفکیر.
  4. تحقیق تواصل الأجیال فی المجتمع الواحد.
  5. تحفیز أفراد المجتمع للعمل والإبداع والدفاع عن الوطن وقیمه وأرضه.
  6. إرشاد الأفراد والمؤسسات إلى طرق التغلب على التحدیات واستشراف المستقبل.
  7. تقلیص آثار العولمة الاقتصادیة السلبیة من شیوع القیم الاستهلاکیة والنزعة                 الفردیة المادیة.
  8. التعرف على ثقافات الشعوب للتواصل والتعایش السلمی وتحقیق المصالح                         العامة المشترکة
  9. تحقیق التماسک والضبط الاجتماعی والمشارکة السیاسیة فی إطار من الحریة والعدالة.
  10. القضاء على الجهل وتقلیل آثاره السلبیة على المجتمع.

وبعد أن تعرفنا على مفهوم الهویة بصفة عامة ومفهوم الهویة الوطنیة بصفة أخص وأهم مکوناتها؛ حری بنا أن نتعرف على علاقة التربیة بالهویة الوطنیة فی ظل حرکة العولمة وتداعیاتها،  العلاقة بین التربیة والمواطنة علاقة ثابتة وقدیمة بقدم التجمعات البشریة، إلا أن حرکة العولمة کان لها تأثیرها على تلک العلاقة، ویتبین ذلک  فیما یلی([104]):

-        المواطنة هی الوسیلة الوحیدة للحفاظ على توازن العولمة، والعولمة تعمل على توسیع نطاق علاقات المواطنة.

-          المواطنة تعنی فی أصلها الشعور بالانتماء إلى الموطن، العولمة تعنی الانتماء إلى النظام الاقتصادی الذی یشکل تفوقًا بلا حدود وبلا رأسمال محدد.

-          المواطنة ذات حضور فی تاریخ الإنسانیة منذ القدم، العولمة ظاهرة طارئة.

-        إعداد المواطن المستنیر هو هدف رئیس لکل الأنظمة التربویة فی کل المجتمعات لتربیة الناشئة وفق مفاهیم المواطنة، کی یفهم المتعلم دوره الحالی ودوره المستقبلی داخل المجتمع الذی ینتمی إلیه([105]).

العوامل المؤثرة فی الهویة الوطنیة:

هناک مجموعة من العوامل الداخلیة والخارجیة التی تؤثر بشکل سلبی على الهویة الوطنیة ویمکن إجمال أهمها فی الآتی:

 

 

1. العوامل الداخلیة: وتتمثل فی:

- عوامل سیاسیة:من أهمها الصراع الداخلی على السلطة، وغیاب التوافق الوطنی، وضعف التشریعات التی من شأنها الحفاظ على الهویة الوطنیة، وضعف دور الأحزاب فی الحیاة السیاسیة، وعزوف المواطنین عن المشارکة فی الحیاة السیاسیة،وغیاب الدیمقراطیة والشفافیة.

- عوامل اقتصادیة: ومن أهمها؛ البطالة والفقر والخلل فی توزیع الدخل بین المواطنین، والتفاوت الکبیر فی دخول المواطنین.

- عوامل اجتماعیة: ومن أهمها؛ غیاب العدالة الاجتماعیة، والشعور بعدم المساواة، وانتشار الفقر والجهل والمرض نتیجة تخلی الدولة عن دورها الاجتماعی، وسوء جودة الخدمات التی تقدمها، والاستغلال الاجتماعی، وانتشار اللامبلاة والفساد والرشوة والمحسوبیة، وعدم تکافؤ الفرص، والعنف، وکل ذلک یخلق نوعًا من الخلل قد یتفاقم عبر الزمن ویخلق أشکالاً من الانحراف، ویؤدی إلى ضعف الانتماء، وضعف الهویة الوطنیة([106]).

- عوامل ثقافیة: وتتمثل فی ضعف قیام المؤسسات الثقافیة فی المجتمع بدورها فی تشکیل وتعزیز مکونات الهویة الوطنیة للمجتمع من لغة، وتراث،وتاریخ، وحضارة من خلال ما تقدمه من فعالیات لتنمیة الشعور الوطنی لدى أفراد الوطن وتعریفهم بالتراث والحضارة التی تمیزهم عن غیرهم، هذا إضافة إلى ظاهرة الاستعلاء الثقافی التی تمارسها النخبة المثقفة فی مقابل التهمیش والإقصاء لبعض الفئات الأخرى فی المجتمع.

  1. العوامل الخارجیة: ترتبط هذه العوامل بالعولمة وتأثیراتها على الأفراد والشعوب، ومحاولاتها إضعاف الهویات المحلیة والوطنیة لصالح الهویة العالمیة، وتتمثل أهم أدواتها فی الآتی:

- الغزو الثقافی: فالعولمة الثقافیة هی غزو ثقافی یمس ذاتیة الأفراد والشعوب، وتحمل خطابًا ثقافیًا خاصًا لشعوب العالم مفاده أنه لا مجال للتعدد الثقافی، وإنما البقاء للثقافة المعولمة المهیمنة على کل الثقافات، فالغزو العسکری لم یعد مقبولًا، فلجأت الدول القویة إلى الغزو والاختراق الثقافی للشعوب الضعیفة، فهذا فی حد ذاته یحقق إخضاعها اقتصادیًا وسیاسیًا، من خلال تهمیش وإضعاف هویتها وجعلها شعوب تابعة متلقیة للثقافة الغربیة، ویتم ذلک بالعدید من الوسائل والآلیات منها: الترویج للفکر المادی، وتعظیم الفردیة والحریة الشخصیة التی تتجاوز القیم والأعراف السائدة فی المجتمع بل؛ وتعتبرها قیودًا ینبغی التحرر منها، والترویج للقیم الاستهلاکیة، وأنماط الحیاة الغربیة من مأکل ومشرب وملبس وأسلوب حیاة، وذلک من خلال ما تبثه من خلال وسائل الاتصال والإعلام التی جعلت الشباب ینعزل عن محیطه الاجتماعی ویشعر بالاغتراب داخل مجتمعه. إنّ الثقافة الغربیة  ترید من العالم أجمع أن یعتمد المعاییر المادیة النفعیة الغربیة، کأساس لتطوره، وکقیمة اجتماعیة وأخلاقیة وبهذا فإنّ ما تبقى یجب أن یسقط، وما تبقى هنا هو" لیست خصوصیة قومیة؛ بل مفهوم الخصوصیة نفسه، ولیس تاریخًا بعینه بل فکرة التاریخ، ولیس هویة بعینها وإ نما کل الهویات، ولیس منظومة قیمیة بل فکرة القیمة"([107]).

- التقدم التکنولوجی والتقنی فی مجال الاتصالات والمعلومات: حیث أدى هذا التقدم إلى سیطرة وهیمنة هویة غربیة فردیة أحادیة على شعوب العالم والتأثیر فی هویاتهم وخصوصیاتهم، عن طریق التقریب بین الهویات الثقافیة، وغلبة الهویة التی تمتلک أسالیب التأثیر التکنولوجیة والتقنیة على باقی الهویات. مما فتح المجال واسعًا لتسویق "ثقافة العولمة" بما تحمله من معرفة وقیم وتکوین اتجاهات وأذواق استهلاکیة، وأدى ذلک إلى إحداث خلخلة فی الأنظمة والوسائط التی تسهم فی بناء الشخصیة والهویة الثقافیة والوطنیة، وهی الأنظمة التعلیمیة والتربویة، ومؤسسات التنشئة الاجتماعیة والثقافیة للأجیال الجدیدة.

 - الفضائیات: حیث تقوم الفضائیات بدور کبیر من خلال ما تبثه عن طریق الأقمار الصناعیة والتلیفزیون، الذی أصبح یوجه الذوق العام فی المجتمع، ویخلق نوعًا من الانبهار بالغرب والتبعیة له، فکان التأثیر الغربی فی هذا المجال واضحًا من خلال ما یمتلکه الغرب من تقدم مذهل فی هذا المجال یجعله قادرًا على السیطرة على الهویات الوطنیة الأخرى بفرض سیطرة هویته الثقافیة.ویرى أحد الخبراء الأمریکین أن وظیفة المنظومة الإعلامیة أصبحت تعلیم وترسیخ القیم والمفاهیم والمعتقدات وأنماط السلوک الأمریکی، ولتحقیق ذلک صارت میزانیة الإعلام موازیة تمامًا لمیزانیة الدفاع فی بعض الدول، فإحصاءات عام 1986م تقول إن اقتصاد الإعلام والاتصالات فی الغرب بلغ (1175) بلیون دولار تقریباً منها؛ (505) بلایین للولایات المتحـدة الأمریکیــة، و(267)  بلیونــاً للجماعة الأوروبیة، و (253) بلیونــاً للیابــــان، و (150)  بلیوناً فقط للآخرین فی العالم. هذه المیزانیات الضخمة للإعلام فی الشمال جعلته یتحکم بقوة فی الإعلام المتدفق فی اتجاه الجنوب، الأمر الذی أحدث خللاً فی المنظومة الإعلامیة، وقد فشلت جمیع الجهود والمبادرات التی بذلت فی إطار الأمم المتحدة لوضع أسس لقیام نظام إعلامی جدید یحقق التوازن بین الشمال والجنوب ([108]).

- شبکة الإنترنت: أصبحت هذه الشبکة وسیلة مهمة للاختراق بما تحمله من معلومات وأفلام وصور وأفکار ثقافیة تطیح بمعالم الهویة الوطنیة والثقافیة الخاصة بالشعوب والأفراد، من خلال نشر الثقافة المادیة وتهمیش القیم الخلقیة ونشر المواقع الإباحیة، إضافة إلى الدعایة السلبیة التی من شأنها قلب الوضع الثقافی والسیاسی للبلدان بتغییر وجهة الرأی العام وإقامة النزاعات بین الشعوب([109]).

- ظهور المؤسسات الدولیة والشرکات متعددة الجنسیات: حیث أصبحت المؤسسات المالیة العالمیة، قوة فاعلة فی تعزیز الهیمنة والتحکم القهری فی توجیه الأنظمة الاقتصادیة للشعوب، وصناعة القرارات الإستراتیجیة للأنظمة السیاسیة عبر العالم، ورسم الخطط للتنمیة الاجتماعیة الموجهة لخدمة مصالح الأطراف الفاعلة فی حرکة العولمة. من خلال للتدخل السافر والمفضوح لتلک المؤسسات الدولیة، فی فرض مشاریع تربویة وثقافیة مشروطة لتهیئة جمیع الظروف  لتمریر الأیدیولوجیة القطبیة التی تسعى العولمة إلى تکریسها وتعمیمها للهیمنة على شعوب العالم([110])، وتقدیم البدیل متمثلاً فی الشرکات متعددة الجنسیات التی أصبحت دولاً افتراضیة متحررة من کل ارتباط بالوطن أو مشاعر وطنیة، فأضحت سیادة الدولة منقوصة فی التعامل مع کیانات اقتصادیة من نوع جدید یقع مرکزها فی دولة، وخطوط إنتاجها فی دولة ثانیة، وتبیع منتجاتها فی دولة ثالثة، وتدفع الضرائب فی دولة رابعة([111]). کل ذلک أدى إلى تقلیص سیادة الدولة نتیجة عدم قدرتها على السیطرة على تدفق المعلومات وسرعة التغیرات وزیادة الاتصالات.

سابعًا: تصور مقترح لتفعیل مبادئ ووسائط التربیة العالمیة مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیةفی ضوء البعد الثقافی للمجتمع المصری

أولاً: الفلسفة التی ینطلق منها التصور المقترح

تنطلق فلسفة التصور المقترح من الوعی بخطورة التحدیات التی یشهدها المجتمع المصری نتیجة لما أفرزته العولمة من رؤى جدیدة مغایرة للتعامل مع بعض المفاهیم المرتبطة بالخصوصیات الثقافیة والحضاریة للشعوب، وفی مقدمتها مفهوم الهویة الوطنیة، والإیمان بأهمیة أن تقوم وسائط التربیة وفی مقدمتها المدرسة بدورها فی تفعیل مبادئ التربیة العالمیة مدخلًا لتعزیز الهویة الوطنیة لدى الشباب والناشئة، وأن یکون ذلک فی ضوء رؤیتنا الخاصة وفلسفتنا فی تحدید ماهیة التربیة العالمیة التی نریدها لأبنائنا، وتحدید مبادئها المستمدة من ثقافتنا وحضارتنا العربیة والإسلامیة، والتأکید على أهمیة الرجوع إلى المخزون التربوی فی الفکر الإسلامی من حیث مرجعیته الدینیة والفلسفیة ومحاولة استثمار عناصره الفاعلة وتوظیفها توظیفًا انتقائیًا فی وضع تصور عن مبادئ ومحتوى التربیة العالمیة التی ننشدها، وتحدید الآلیات التی تحول هذا الفکر إلى ممارسات إیجابیة تساعد على تعزیز مفهوم الهویة الوطنیة لدى النشء، وتعظم من قیم الولاء والانتماء للوطن والفخر به والتفانی من أجل نهضته، والانتقال من دائرة رد الفعل والتأثر إلى دائرة الفعل والتأثیر.

ثانیاً: أهــداف التصور المقترح.

یهدف التصور المقترح إلى تحقیق الأهداف التالیة:

  1. تقدیم توجهات یمکن أن تُسهم فی التغلب على أسباب ضعف الهویة الوطنیة لدى الشباب والناشئة.
  2. اقتراح إجراءات تُساعد على تفعیل دور وسائط التربیة وفی مقدمتها المدرسة للقیام بدورها فی تشکیل وتعزیز الهویة الوطنیة لدى الشباب والناشئة.
  3. توجیه نظر المسئولین عن تکوین وإعداد الشباب والناشئة إلى ضرورة استثمار الرصید التربوی للحضارة الإسلامیة باعتبارها حضارة ذات صبغة عالمیة من خلال رؤیة شاملة متکاملة لتربیة عالمیة تجمع بین الأصالة والمعاصرة.

ثالثاً:الإطار العام الذی ینطلق منه التصور المقترح (مبرراته)

توصلت الباحث – من خلال الإطار النظری – إلى مجموعة من المنطلقات تُعتبر الرکائز التی ینطلق منها هذا التصور المقترح، وتتمثل تلک المنطلقات فیما یلی:

  1. التربیة العالمیة مفهوم غربی تم تصدیره إلى دول العالم ومن بینها مصر، فهی مظهر من مظاهر تداعیات العولمة فی بعدها التربوی.
  2. مفهوم التربیة العالمیة فی الفکر الغربی مرتبط بالسیاقات المجتمعیة للمجتمع الغربی التی تختلف بالضرورة عن طبیعة المجتمع المصری.
  3. أن العولمة تخترق الهویات والثقافات لیس بواسطة الطرق التقلیدیة القدیمة المتمثلة بالعنف وإشعال الحروب، ولکنها تعتمد على المفاهیم العقائدیة والسیاسیة والثقافیة فتهمشها وتحل محلها مفاهیم جدیدة أخرى ممکن أن تکون بعیدة عن مفاهیمنا العربیة والإسلامیة وبالتالی یتم سلب هویتنا من حیث لا نحتسب.
  4. مفهوم العالمیة فی الفکر التربوی الإسلامی أکثر مناسبة للتطبیق من المفهوم الغربی لاتساقه مع ثقافتنا العربیة والإسلامیة.
  5. مبادئ التربیة العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی تصلح أن تکون أساسًا یمکن التعویل علیه وتفعیله لتعزیز الهویة الوطنیة لدى المواطن المصری.

رابعًا: آلیات وإجراءات التصور المقترح:

إن تشکیل وتعزیز الهویة الوطنیة لدى الشباب والناشئة أمر بالغ الأهمیة، وهی مهمة لیست بالهینة تحتاج إلى تضافر العدید من الجهود لمعالجة الأسباب التی من الممکن أن تؤدی إلى ضعف الهویة الوطنیة، وتفعیل دور وسائط التربیة فی القیام بدورها فی تعزیز الهویة الوطنیة استنادًا إلى مبادئ التربیة العالمیة من منظور الفکر التربوی للحضارة الإسلامیة، وبما یتلاءم مع ظروف المجتمع المصری، ویُمکن توضیح ذلک بشکل أکثر تفصیلاً کما یلی:

المحور الأول: معالجة العوامل المجتمعیة ( التحدیات) التی تؤدی إلى ضعف الهویة الوطنیة:

کما سبق أن أوضحنا فی الإطار النظری فإن هناک العدید العوامل المجتمعیة التی یمکن أن تؤدی إلى ضعف الهویة الوطنیة؛ منها ما هو داخلی مرتبط بالسیاقات الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة للمجتمع، ومنها ما هو خارجی مرتبط بالعولمة وتداعیاتها على المجتمع فی کافة المجالات، والأمر یتطلب الوعی بها واتخاذ کافة الإجراءات التی من شأنها التقلیل من آثارها السلبیة، وذلک کما یلی:

أولاً: العوامل الداخلیة:

هناک العدید من العوامل المرتبطة بالسیاق الاجتماعی والاقتصادی والسیاسی والثقافی للمجتمع وجودها یؤثر بشکل سلبی على الهویة الوطنیة، وذلک التأثیر یتجلى فی العدید من المظاهر لعل من أبرزها العزوف عن المشارکة السیاسیة، وضعف الالتزام بالقوانین، والإضرابات والمظاهرات، وشتى مظاهر العنف ضد الدولة والأفراد، وتتمثل أهم تلک العوامل فی:

-        وجود حالة من الاستقطاب السیاسی والصراع داخل المجتمع.

-        ضعف الاستقرار السیاسی.

-        تدهور الأوضاع الاقتصادیة.

-        تفشى الفساد والمحسوبیة والوساطة.

-        تخلی الدولة عن دورها الاجتماعی وانتشار الفقر والجهل والمرض، وسوء                      جودة الخدمات.

-        فقدان الثقة فی الحکومة والمسؤولین.

-        عدم تکافؤ الفرص الشعور بعدم المساواة فی الحقوق والواجبات والفرص المتاحة.

-        ضعف الالتزام بالقانون والتمایز فی تطبیقه (التهرب من الضرائب – ضعف الالتزام بقواعد المرور)

-        وجود أقلیات ذات ولاءات متعددة.

-        شعور بعض فئات المجتمع بالتهمیش وبالتالی عزوفهم عن المشارکة فی                      الحیاة السیاسیة.

-        ضعف دور الأحزاب فی التنشئة السیاسیة للشباب.

-        ضعف قیام المؤسسات الثقافیة بدورها فی ترسیخ مقومات الهویة الوطنیة فی نفوس أفراد المجتمع من خلال ما تقدمه من أنشطة وفعالیات.

-        الاستبداد وعدم وجود قنوات تواصل بین النظام السیاسی وأفراد الشعب.

-        فقدان الإحساس بالأمن والإحساس بالاضطهاد.

-    وجود تفاوت طبقی کبیر بین أفراد المجتمع ینشأ عنه نوع من تضارب المصالح، ویولد مشاعر السخط لدى الأغلبیة ضد الأقلیة، فالأغلبیة تنظر إلى السلطة الحاکمة على أنها مجرد أداة لحفظ امتیازات الأثریاء.

-        غیاب التداول السلمی للسلطة، وممارسة القمع السیاسی ضد المعارضین.

-        وجود عراقیل تحول دون المشارکة السیاسیة، وترکیز السلطة فی ید قلة من المجتمع.

کل تلک العوامل وغیرها من شأنها أن تهدد الهویة الوطنیة لأفراد المجتمع، وتخلق شعورًا بالاغتراب والعزوف عن المشارکة فی الحیاة السیاسیة والإجتماعیة، لذا فینبغی اتخاذ کافة السبل والتدابیر لمعالجة تلک العوامل ذات التأثیر السلبی على الهویة الوطنیة ولا سیما لدى النشء والشباب، وذلک من خلال:

-        الأخذ بمبادئ التربیة الإسلامیة وترجمتها إلى واقع وسیاسات وإجراءات، فی کافة مجالات التربیة (السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة).

-    اتخاذ کافة الإجراءات التی من شأنها تحقیق التوافق الوطنی وإعادة الثقة والتوازن إلى جمیع فئات المجتمع لیشعروا أن الوطن کیان مشترک للجمیع، وبذلک تتولد الحماسة للمشارکة فی الحیاة السیاسیة والاقتصادیة وتنمیة المجتمع.

-        تضافر کافة الجهود للقضاء على الفقر والجهل والمرض من خلال وضع خطط علمیة إجرائیة لذلک، ومتابعتها، وتقییم النتائج.

-        دراسة المشکلات والأزمات التی تهدد الوحدة الوطنیة دراسة علمیة وإیجاد حلول لها لخطورتها على الهویة الوطنیة ولاسیما لدى الشباب والناشئة.

-        عدم احتکار السلطة وإتاحة الفرصة للمشارکة الفعالة والحقیقیة فی إدارة شئون البلاد ومحاربة الفساد بشتى مظاهره.

-        الدیمقراطیة ووجود قنوات اتصال بین القیادة السیاسیة وأفراد الشعب .

-        مراجعة القوانین والتشریعات بحیث تکون متناسقة وغیر متناقضة وواضحة للجمیع، ولیس بهما تمییز لفئة دون أخرى.

-        وضع قوانین وسیاسات تحقق الانسجام بین الأفراد والجماعات، وتخلص المجتمع من أسباب التصادم والصراع.

-    الإهتمام بالتنشئة الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة للشباب والناشئة من خلال کافة مؤسسات المجتمع، ووسائط التربیة، ووضع الخطط والبرامج والإستراتیجیات اللازمة، ومتابعة تنفیذها.

-    تفعیل دور الأحزاب السیاسیة فی التنشئة السیاسیة للشباب، وتثقیفهم سیاسیًا وتعریفهم بحقوقهم وواجباتهم، وتوعیتهم بالمخاطر والتحدیات التی تواجه الوطن.

ثانیًا: العوامل ( التحدیات) الخارجیة:

هناک مجموعة من العوامل والتحدیات الخارجیة المرتبطة بالعولمة لها انعکاساتها فی کافة المجالات داخل المجتمع وتؤثر بشکل مباشر وغیر مباشر على الهویة الوطنیة، من أبرزها([112]):

-           اقتصاد عالمی تتحکم فیه الشرکات متعددة الجنسیة، وتبادل تجاری غیر متکافئ، فی المجالین المادی والرمزی.

-           الهیمنة الثقافیة الغربیة، وتهمیش الثقافة الإسلامیة ومحاولة إضعاف الانتماء والهویة الوطنیة للشعوب

-           تقلیص أدوار الدولة القومیة، والسیر فی اتجاه إلغاء الحدود بین الدول.

-           ثورة عارمة فی مجال الإعلام والتربیة والاتصال، والتقنیات المرتبطة بها.

-           شیوع ثقافة الاختراق التی تسعى لفرض قیم وفکر واتجاهات وأذواق استهلاکیة منمطة.

-           وزیادة الشعور بالاغتراب، والتأثیر على المبادئ والقیم الخلقیة.

-           تدویل التعلیم واستقطاب المدارس الأجنبیة والدولیة لفئات لا بأس بها من أبناء النخبة.

وفی ظل هذه التحدیات - الداخلیة والخارجیة - التی یتعرض لها المجتمع المصری کغیره من المجتمعات والتی من شأنها أن تؤثر بشکل ما على الهویة الوطنیة خاصة لدى الشباب والناشئة، أصبح الأمر یتطلب أن یکون لدینا وعی تام بخطورتها، وسبل مواجهتها، وأن یکون لدینا رؤیتنا الخاصة للتربیة وتقدیم تربیة عالمیة تناسب العصر وترتکز على مقومات ثابتة تعزز الهویة الوطنیة وتبث روح الانتماء والولاء لدى الناشئة، بحیث یکون دور التربیة هو إعادة التوازن بین الثقافة الوطنیة، ومتطلبات العولمة، وأن تکون هذه الرؤیة نابعة ومرتبطة بواقع المجتمع المصری وبالإرث الثقافی والحضاری لنا، وفی ذات الوقت نأخذ بمبادئ التربیة العالمیة استنادًا إلى فهم وتفسیر الفکر التربوی الإسلامی لمفهوم العالمیة، بما یؤهلنا للتعامل مع معطیات عصر العولمة، والانفتاح على العالم.

المحور الثانی: محتوى ومبادئ التربیة العالمیة من منظور الفکر التربوی الإسلامی:

إن وضع رؤیة لمحتوى ومبادئ التربیة العالمیة التی ننشدها، یتطلب ما یلی:

1 ـ الرجوع إلى الرصید التربوی للحضارة الإسلامیة بوصفها حضارة عالمیة.

2ـ الاستفادة من الرصید التربوی العالمی بوصفه خبرة إنسانیة مشترکة.

3- امتلاک خبرات جدیدة ذات بعد عالمی، وتوظیفها لصالح البشریة کلها.

4- تفعیل دور وسائط التربیة فی ترجمة مبادئ التربیة العالمیة إلى واقع ملموس یساعد على تکوین المواطن الفاعل وفی ذات الوقت المعتز بهویته الوطنیة.

إن الرجوع إلى الرصید التربوی للحضارة والفکر الإسلامی عند وضع هذه الرؤیة لماهیة التربیة العالمیة ومواصفات المواطن الفاعل الذی نرید تربیته أمر بالغ الأهمیة، فمن الثابت أن المنهج التربوی الإسلامی منهج متکامل ومتجانس فی مرجعیته وفی إجراءاته، وذلک لاعتبارات کثیرة منها([113]):

1 ـ تتمیز التربیة الإسلامیة بالشمولیة، إذ أنها تسعى إلى تنمیة جمیع جوانب الحیاة البشریة لتحقیق إنسانیة الإنسان.

2 ـ تهتم التربیة الإسلامیة بالإنسان، من ه کائن بشری مسؤول، لذلک فهی تهدف إلى تنمیة علاقاته وتفاعله مع الآخرین لترسیخ مبدأ التعاون والمشارکة فی بناء المجتمع.

3 ـ تعزز التربیة الإسلامیة مبدأ التعلم مدى الحیاة الذی أضحى الآن مطلبًا من مطالب التربیة العالمیة.

4 ـ تتمتع التربیة الإسلامیة بمصداقیة تاریخیة وحضاریة راقیة؛ لأنها رافقت فتحًا مبینًا حرر الإنسانیة من غیاهب الجهل.

 5 ـ تتمیز التربیة الإسلامیة بثراء وافٍ یتبدى فی القیم التی تؤصلها: قیم روحیة، قیم عقلیة، قیم أخلاقیة، قیم نفسیة، قیم مادیة، قیم جمالیة وفنیة، وقیم اجتماعیة.

ولعل الخطوة الأولى تکمن فی تحدید سمات المواطن الفاعل تلک السمات التی نهدف إلى غرسها فیه من خلال ما نقدمه له من تربیة عالمیة، فهناک مجموعة من السمات للمواطن الفاعل کما بینها الإسلام، وهی([114]):

سمات إیمانیة

- الغضب لانتهاک حرمات الله.            - تفویض الأمر لله والتوکل علیه.

سمات أخلاقیة

    - الأمانة.                                            - الاستقامة وتجنب الفساد.

-        الطهارة والعفة.                                  - القناعة والرضا بالقلیل.

-        الکرم والإیثار.                                  - سعة الصدر والحِلم.

-        الشجاعة فی قول الحق.

سمات وجدانیة

-        حب الخیر للآخرین والإشفاق علیهم. - المبادرة إلى نقد الذات وتقویمها.

سمات اجتماعیة

-        مخالطة الناس وتحمل أذاهم.                   - التعاون مع الآخرین.

-        الحرص على المصلحة العامة.                  - حب العمل والحرص على إتقانه.

سمات عقلیة

-  حسن المنطق وحضور الحجة.                   - الانفتاح الذهنی والمرونة العقلیة.

فینبغى أن تهدف التربیة العالمیة إلى التأکید على تلک القیم والسمات التی ینبغی توافرها فی المواطن الفاعل – محلیًّا وعالمیًّا - ، ویتحقق ذلک من خلال ترکیزها على المجالات الآتیة:

1- التربیة الاقتصادیة (التنمویة):

إن التربیة الاقتصادیة ینبغی أن تکون مرتکزة على مبادئ الاقتصاد الإسلامی الذی یتمیز بالاعتدال، والوسطیة، والشمول، والتوازن، والواقعیة، حیث یقوم على الربط بین المصلحة الفردیة والمصلحة الجماعیة، وبذلک یحقق الرخاء بین شرائح المجتمع على حد سواء، ولا یخل بالتوازن الاقتصادی، ویتجنب الآثار السلبیة الناجمة عن النظم الاقتصادیة الغربیة، وما ینجم عنها من أزمات اقتصادیة.

رغم ما أحرزه النموذج الغربی من نجاحات؛ إلا أنه لیس النموذج الوحید، کما أنه نتاج سیاقات مجتمعیة مختلفة عن طبیعة المجتمع المصری وخصوصیاته، هذا وقد أعلنت الجمعیة العامة للأمم المتحدة حق کل بلد فی أن یتبنى النظام الاجتماعی والاقتصادی الذی یراه متفقًا مع التنمیة الخاصة به، فالتنمیة لا تنجح ولا تؤتی ثمارها إلا إذا تمت من خلال التکامل مع البیئة والسیاق الثقافی والحضاری للمجتمع([115]). فضلاً عن فلسفة المجتمع وتصوراته عن الحیاة والإنسان.

ویرى آخرون أن تراجع مستویات التنمیة فی أی مجتمع یرجع فی الأساس إلى عدم الاهتمام بالعنصر البشری ( الإنسان) بکل جوانبه الروحیة والخلقیة والوجدانیة والعقلیة والجسمیة، وهذا المفهوم الشامل للإنسان یصعب إعداده إلا من خلال التربیة الإسلامیة التی تتسم بشمول النظرة إلى الإنسان وتنمیة جمیع جوانبه وتحقیق التوازن بینها([116]). ومن ناحیة أخرى فالانسان هو محور التنمیة ووسیلتها، فکان لابد من الاهتمام بالتربیة الاقتصادیة کوسیلة لتحقیق التنمیة، ورفاهیة الإنسان والمجتمع، وتقدم البشریة وارتقائها مادیًّا وروحیًّا بحیث لا یسرف فی المادة ولا یفرط فی الروح، إنما هو الوسط الملائم للفطرة([117]). وبهذا المعنى تعتبر التربیة الاقتصادیة جزءًا من منظومة التربیة الإسلامیة طبقًا للفهم الصحیح للإسلام الذى یشمل کل نواحى الحیاة، وهذا عکس الفهم الغربی الذى یفصل الدین عن الاقتصاد([118]).

یقصد بالتربیة الاقتصادیة من منظور التربیة الإسلامیة "تشکیل السلوک الاقتصادی للمسلم المنبثق من تکوینه الشخصی: إیمانیًّا وخلقیًّا ونفسیًّا وثقافیًّا وفنیًّا من خلال تزویده بالثقافة الفکریة وبالخبرات العملیة الاقتصادیة، وبما یتفق مع مقاصد الشریعة الإسلامیة، لتحقیق الحیاة الرغدة الکریمة؛ لتعینه على عمارة الأرض وعبادة الله عز وجل"([119]). وهی أیضًا: "ذلک النوع من التربیة التی تعنى بتوجیه الأفراد والجماعات من أجل تنمیة سلوکهم تنمیة سلیمة تؤهلهم للقیام بدورهم على الوجه الصحیح فی مجالی الإنتاج والاستهلاک، وتؤهلهم لمعالجة مشکلاتهم الاقتصادیة المتعددة للإسهام فی تحقیق تنمیة اقتصادیة شاملة وفق توجیهات القرآن الکریم" ([120]).

وتهدف التربیة الاقتصادیة – التی هی جزء من التربیة العالمیة المنشودة-  فی الفکر التربوی الإسلامی إلى تحقیق ما یلی([121]):

- إعداد الإنسان الصالح.                   - بناء المجتمع المتحاب والقوی.

- عمارة الأرض.                          - تحقیق الحیاة الکریمة.

- تحقیق الاکتفاء الذاتی.                   - تحقیق العدل الاقتصادی.

- تحقیق التکافل الاجتماعی.

کما یتناول منهج التربیة الاقتصادیة الإسلامیة المحاور الرئیسة الآتیة([122]):

-        التربیة الاقتصادیة فى مجال العمل والإنتاج والکسب.

-        التربیة الاقتصادیة فى مجال الإنفاق والاستهلاک.

-        التربیة الاقتصادیة فى مجال الادخار والاستثمار.

-        التربیة الاقتصادیة فى مجال التداول فى السوق.

-        التربیة الاقتصادیة فى مجال التعامل مع غیر المسلمین.

وانطلاقًا مما سبق؛ فإن مصر تمتلک خصوصیات ومقومات حضاریة وثقافیة تجعل لزامًا علیها أن تسعى إلى تعزیز هویتها الوطنیة من خلال تقدیم تربیة اقتصادیة وتنمویة نابعة من أصول العقیدة الإسلامیة وأسسها والإرث الحضاری للمجتمع المصری([123]). والتربیة الاقتصادیة الإسلامیة واجبة فى کل مراحل الحیاة منذ الطفولة وحتى الشیخوخة، وتتزامن مع محاور التربیة الأخرى وفق مقررات معینة تناسب کل مرحلة وهذا من شأنه تربیة جیل لدیه القدرة على التعامل مع نظم الاقتصاد العالمی وأن یکون له نموذجه الاقتصادی الذی یحمل مقومات العالمیة وفی الوقت ذاته یتناسب مع طبیعة الجتمع وظروفه وثقافته ویعمل على تعزیز هویته.

2 - التربیة السیاسیة ( تربیة المواطنة):

تکمن أهمیة التربیة السیاسیة فی أنها تسهم فی تعزیز الثوابت الوطنیة والولاء للوطن، والإسلام لا یتعارض مع المواطنة؛ بل لا یوجد مشکلة بین مبدأ المواطنة                ومبدأ الأخوة الدینیة، فالأخوة رابطة معنویة متحررة عن الزمان والمکان، أما المواطنة فهی رابطة التعایش المشترک بین أفراد یعیشون فی زمان معین ومکان محدد ضمن وحدة سیاسیة تسمى: الدولة([124]).

وتتحدد ملامح الهویة الوطنیة وفق المنظور الإسلامی ضمن مسارین: أولهما: مسار العلاقة بین أفراد الشعب الواحد والذی لا یخرج على محددات القواعد الإسلامیة فی غرس مفاهیم: (الولاء والألفة والنصیحة والإصلاح والنصرة والسلوک الحضاری الإیجابی بین أفراد الشعب الواحد مسلمین وغیر مسلمین). أما الآخر فیتحدد بالعلاقة بین المواطن ووطنه، وفی هذا الإطار رتب الإسلام جملة من الحقوق والواجبات بین المواطن ووطنه. وفی ضوء ذلک یتجسد المعنى الحقیقی لمفهوم المواطنة بالصورة التی حددها الإسلام وطبقها فعلیًّا ضمن إطار عصری([125]). ففی ضوء المفهوم الإسلامی للمواطنة وما یتضمنه من معطیات یمکن أن تتحدد أهداف التربیة السیاسیة فیما یلی([126]) :

١- تبصیر المتعلم بالمفهوم الإیجابی للمواطنة المنطلق من التصور الإسلام، بعیداً عن المفاهیم الجاهلیة القائمة على العصبیة .

٢- إکساب المتعلم سمات المواطنة الفاعلة حتى یتمکن من المشارکة والإسهام الجاد فی خدمة مجتمعه المحلی وأمته الإسلامیة ووطنه الإنسانی العالمی .

٣- تعزیز مفهوم الانتماء الصادق للوطن لدى المتعلم بما لا یتناقض مع ولائه للإسلام وانتسابه للأمة ذات الرسالة .

٤- توعیة المتعلم بطبیعة علاقته مع الآخرین من حوله وتدریبه على الوفاء بمتطلباتها فی ضوء مبادئ الإسلام وقیمه النبیلة .

٥- تبصیر المتعلم بحقوقه وواجباته تجاه وطنه الصغیر بصورة خاصة ووطنه العالمی الکبیر بصورة عامة.

 6 – إکساب النشء أسس المنهج العلمی والتفکیر السلیم، والانفتاح على منجزات الفکر الإنسانی([127]).

وفی ضوء ما سبق یمکن تعریف المواطنة الفاعلة التی هی أهم أهداف التربیة السیاسیة فی الإسلام بأنها " صورة من صور التفاعل الإنسانی بین أفراد المجتمع الواحد من جهة والمجتمع الإنسانی العالمی من جهة أخرى، والتی تقوم على أساس الحقوق والواجبات والإخاء وحب الخیر للناس والحرص على منفعتهم والتعاون معهم بما یرضی الله"([128])، وترسیخ مفهوم المواطنة الإیجابی لدى المتعلمین یتطلب الأخذ بما یلی([129]) :

١- معالجة أشکال الانتماء والولاء السلبی للأرض أو العشیرة أو القوم أو الجنس .

٢- التأکید على المفهوم الإسلامی المتمیز للوطن والمواطنة ومقارنته بغیره من المفاهیم الباطلة وتدریبه على نقدها فی ضوء المعیار الإسلامی .

٣- علاج مظاهر الغلو والتزمت والتعصب الفکری لدى المتعلمین .

٤- إکساب المتعلم مهارات التفکیر الناقد وتحذیره من الإمعیة وبیان أضرارها .

٥- التأکید على الجانب العملی فی حب الوطن والانتماء إلیه من خلال الممارسات والأعمال لا مجرد الأقوال أو العواطف.

ولتحقق ذلک؛ فإن التربیة السیاسیة فی الإسلام تعتمد على أسالیب متعددة ومتکاملة للتنشئة السیاسیة وهی([130]):

-        التنشئة بالقدوة.                                 - التنشئة بالعبرة والموعظة الحسنة.

-        التنشئة بالحوار والإقناع.                        - التنشئة بالترغیب والترهیب.

-        التنشئة بالتدریب والممارسة العملیة.             - التنشئة بالحداث والمواقف.

-        التنشئة بالملاحظة.                             - التنشئة بالقصة.

-        التنشئة باللعب.

 

 

3 - التربیة البیئیة:

عندما استخلف الله الإنسان على الأرض هیأ له أسباب الحیاة وأمره أن یتعامل مع البیئة بالقدر الذی یقیم أمره دون إفراط أو تفریط، لکن الإنسان وخاصة فی ظل التکنولوجیا الحدیثة أساء فی التعامل مع البیئة مما نتج عنه الکثیر من المشکلات البیئیة التی تؤثر على العالم أجمع، ولعل فی مقدمتها مشکلة التلوث بجمیع أنواعه، وکذلک استهلاک الموارد الطبیعیة فقد حذر الصندوق العالمی لحمایة الطبیعة فی تقریره عام 2006 من ارتفاع معدلات استهلاک البشر للموارد الطبیعیة الذی یفوق قدرة الطبیعة على تجدید مواردها ب 30% مما یشکل تهدیدًا لمستقبل الأجیال القادمة ([131]).

لذلک کان من الضروری تربیة النشء تربیة بیئیة مرتکزة على المنظور الإسلامی فی هذا الصدد الذی عالج قضایا البیئة معالجة فریدة متمیزة، فأهمیة التصور الإسلامی للبیئة تکمن فی قدسیة مصدره وثبات المبادئ التی یرتکز علیها وارتباطها بعقیدة المسلم([132]). حیث رکز على ضمیر الفرد؛ لیکون وازعه داخلیًّا فی الحفاظ على البیئة وتنمیتها، وکلها عوامل لها أثر کبیر إذا ما وظفت بشکل سلیم لتربیة أبنائنا تربیة بیئیة تطبیقیة تظهر فی سلوکهم.

ویمکن تعریف التربیة البیئیة من المنظور الإسلامی بأنها:نشاط یهدف إلى توعیة الأفراد بالبیئة وبالعلاقات القائمة بین مکوناتها، وبتکوین القیم والمهارات البیئیة وتنمیتها على أساس من مبادئ الإسلام وتصوراته عن الغایة التی من أجلها خلق الإنسان، ومطالب            النمو الإنسانی.

وهناک مجموعة من القیم التی ترتکز علیها التربیة البیئیة فی الإسلام وهی([133]):

- قیم المحافظة: وهی تختص بتوجیه سلوک الأفراد للمحافظة على البیئة فی ضوء ما جاء بالقرآن والسنة.

- قیم الاستغلال (التوازن والاعتدال): أی الاستغلال الجید لمکونات البیئة من غیر إفراط ولا تفریط حتى لا نخل بالتوازن البیئی.

- القیم الجمالیة: التی تختص بتوجیه سلوک الإنسان نحو التذوق الجمالی لمکونات البیئة.

فینبغی أن تحرص مؤسسات التنشئة وفی مقدمتها المدرسة على تنمیة تلک القیم البیئیة لدى النشء من خلال تربیة بیئیة تهدف إلى:

1ـ تنمیة الوعی البیئی لدى الفرد عن طریق تزویده بالمعارف البیئیة التی تساعده على فهم العلاقات المتبادلة بینه وبین عناصر البیئة، بما یساعده على تحقیق دوره المطلوب فی الأرض باعتباره خلیفة الله فیها.

2 ـ تنمیة وتکوین القیم والاتجاهات والمهارات البیئیة، التی تحکم سلوک الانسان تجاه البیئة.

3 ـ إثارة اهتمام الفرد بقضایا البیئة والإسهام فی إیجاد حلول لها.

4 - إیجاد التوازن وتعزیزه بین العناصر الاجتماعیة والاقتصادیة والبیولوجیة المتفاعلة فی البیئة لما فیه صالح الإنسان.

ولما کانت التربیة هی الأداة ذات الأثر بعید المدى فی تنشئة الأجیال وإعدادها إعدادًا تربویًّا یتفق والقیم الأصیلة، ویؤصل لدى الأجیال مفاهیم خلقیة، واجتماعیة تحض على احترام البیئة وتقدیرها؛ فإن هذا یتطلب وجود منهج واضح وخطة واضحة للتربیة البیئیة ذات أهداف یسهل تحقیقها؛ استنادًا إلى منهجیة التربیة البیئیة فی الإسلام التی تدعو إلى الاعتدال وعدم الإسراف، والتقویم وعدم الإفساد.

وهکذا نجد أن التربیة العالمیة – المستمدة من عالمیة الفکر والحضارة الإسلامیة - بکل جوانبها الاقتصادیة والسیاسیة والبیئیة والاجتماعیة والخلقیة- ینبغی أن تستند على الفکر التربوی الإسلامی؛ فهو زاخر بما یحقق العالمیة ویحقق سعادة البشر إذا تم توظیفه بطریقة سلیمة، وفی الوقت ذاته تستند إلى الفکر التربوی المعاصر وما یقدمه فی تقنیات تساعد فی تحقیق تلک الأهداف ، إلا أن تحقیق ذلک أیضًا یتطلب تفعیل دور مؤسسات التنشئة ووسائط تشکیل الهویة، وهذا ما سنتناوله فی المحور التالی.

المحور الثالث: تفعیل دور مؤسسات تشکیل الهویة الوطنیة:

هناک العدید من الوسائط والمؤسسات التی تؤدی دورًا مهمًّا فی تشکیل الهویة الوطنیة لدى الشباب والناشئة فی إطار دورها فی عملیات التنشئة الاجتماعیة ، ویأتی فی مقدمة هذه المؤسسات البیت والمؤسسات التعلیمیة، والمؤسسة الدینیة، ووسائل الإعلام، ووسائل الاتصال المختلفة، والأندیة والمؤسسات الثقافیة، ولکل منها دورها فی هذه العملیة.

والواقع أن تناول دور کل مؤسسة من هذه المؤسسات وإجراءات تفعیل هذا الدور یحتاج إلى بحث مطول؛ لذا سوف نکتفی فی هذا البحث المختصر بتناول دور المدرسة فی عملیة تشکیل الهویة الوطنیة والإجراءات التی یمکن من خلالها تفعیل هذا الدور استنادًا إلى التربیة العالمیة – المستمدة من عالمیة الفکر والحضارة الإسلامیة - کمدخل لتعزیز الهویة الوطنیة، وذلک على النحو التالی:

- تفعیل دور المدرسة باعتبارها أحد مؤسسات تشکیل الهویة الوطنیة:

یمثل التعلیم القاعدة الصلبة التی تبنی الدول علیها مشروعاتها الاجتماعیة والثقافیة والسیاسیة والاقتصادیة، فهو اللبنة الأولى فی تشکیل شخصیة الإنسان وبنائها وصقلها لتسهم فی عملیة التنمیة، ومن خلاله یتم تشکیل مکونات الهویة الوطنیة وتنمیتها وغرس القیم المعرفیة. فالمدرسة هی المجال الحقیقی لترسیخ القیم الأخلاقیة وقیم المواطنة وحقوق الإنسان، وممارسة الحیاة الدیموقراطیة، وإذا کان الواقع یشیر إلى أنها أصبحت غیر قادرة على القیام بهذا الدور وخاصة فی ظل وجود ثقافات أخرى متنوعة ومهیمنة وفاعلة، باتت تؤدی دورًا وتأثیرًا سلبیًّا فی حجب الهویة الوطنیة.

وهنا یبرز دور المدرسة باعتبارها مصنع الشخصیة الوطنیة، فیها تتشکل الهویة الوطنیة الأولى، فینبغیإعادة النظر فی النظام التعلیمی، وإعادة صیاغة غایاته، وأهدافه، ومناهجه، على ضوء مبادئ التربیة العالمیة المستمدة من عالمیة الحضارة الاسلامیة وفی الوقت نفسه الاستفادة من معطیات الفکر التربوی المعاصر. ولا یمکن إنجاز ذلک إلا بعد القیام بنقد الواقع والممارسة التربویة السائدة للانطلاق من الواقع نحو بناء رؤیة واقعیة مستمدة من أصالتنا وحضارتنا ومنفتحة على ما توصلت إلیه الحضارات والثقافات الأخرى من تقدم فی شتى المجالات، وذلک من خلال:

  1. مراجعة المنظومة التربویة لإحداث التغیرات المطلوبة فی السیاسات والمناهج والطرائق والأهداف وتبنِّی صیغ وبدائل تؤدی إلى تطویر الأسالیب التربویة وتحسین نوعیتها بما یلائم العصر.
  2. تجدید المنظومة التربویة وإصلاحها إصلاحًا یؤهلها لکی تضطلع بمهمتها العالمیة فی بناء الإنسان، وتجدید غایات التربیة ومرامیها، وربطها بالأهداف التنمویة فی           بعدها العالمی.
  3. إعادة النظر فیما نقدمه من برامج ومناهج وعدم الاعتماد على البرامج الوافدة مع الغزو الثقافی فی ثوبه الجدید ( العولمة) فتلک البرامج من شأنها أن تزید من اغتراب الطلاب عن ذاتهم وهویتهم ومجتمعهم، وأن نبدع فی إعداد برامج لتعزیز الثقافة الوطنیة والهویة الوطنیة تکون مرتبطة بثقافتنا وحضارتنا ومناسبة لظروف مجتمعنا.
  4. وضع فلسفة تربویة اجتماعیة واقعیة تحدد طبیعة الإنسان الذی نرید تربیته، وکیفیة تربیته لمواجهة تحدیات العولمة والتفاعل الجید مع معطیاتها، ولیس الذوبان فیها.
  5. التأصیل لمفهوم المواطنة والهویة الوطنیة فی إطار عالمیة الإسلام والخروج من حیز النظرة الوطنیة الضیقة.
  6. استثمار الجوانب الوطنیة المضیئة فی حضارتنا وتراثنا العربی والإسلامی والرجوع للأصول والمصادر الإسلامیة فی بناء فلسفة النظام التربوی بحیث تحافظ على أصالتها وتربط مستقبلها بماضیها.
  7. وضع خطط إستراتیجیة مدروسة ومحکمة ودقیقة للمؤسسة التعلیمیة هدفها المحافظة على الهویة الوطنیة، توضع من قبل لجنة منتقاه على مستوى عالٍ من ذوی التخصص.
  8. الاهتمام بالمعلم وتدریبه على کل ما هو جدید وتوعیته بأهمیة دوره وبأن التعلیم هو الوسیلة الفعالة لتغییر هیکل المجتمع وهویته وأفراده، وأنه هو من یقوم بهذه الرسالة فی الحفاظ على هویة المجتمع وقیمه وحضارته من خلال تأثیره فی نفوس النشء، وتوعیتهم بما یواجهه المجتمع وإطلاعهم على کل جدید فی مجال تخصصه.
  9. إدماج مضامین تربویة جدیدة فی المناهج لإکساب الطلاب القیم والاتجاهات والسلوکات ومنها: التربیة السکانیة، والتربیة البیئیة، والتربیة من أجل الدیمقراطیة وحقوق الإنسان، وتربیة السلام، وتربیة التسامح، وتربیة المواطنة التی تهدف -     لیس فقط - إلى قبول الآخر واحترام الاختلاف بل إلى استثماره وتوظیفه فی         خدمة المجتمع.
  10. إدماج قیم الحداثة والمضامین العصریة ضمن المناهج التعلیمیة، والترکیز على التربیة الشاملة النابعة من مقومات الأصالة والمعاصرة فی آن واحد.

 

 

وهکذا نجد أن تحقیق ما سبق یتطلب الدراسة الدقیقة للواقع والانطلاق منه لتطویر منظومة التعلیم حتى تتمکن المدرسة من أداء رسالتها فی بناء الإنسان المتوازن الفاعل القادر على القیام بدوره فی بناء المجتمع، فتطویر الأسالیب التربویة یستدعی إعادة النظر فی کل جزئیة من جزئیات المنظومة التربویة، فکل عنصر له دوره فی تشکیل شخصیة الطالب وینبغی لهذه العناصر أن تتکامل؛ لا أن تتضارب أو تتناقض، وسوف نعرض بشیء من الإیجاز کیفیة تفعیل کل جزء من منظومة التعلیم؛ لیکون فاعلاً فی تشکیل الهویة                الوطنیة وتعزیزها.

أ- إجراءاتمتعلقةبتفعیل دورالمناخالمؤسسی فی تعزیز الهویة الوطنیة:

ینبغی تهیئة المناخ المدرسی المناسب الذی یسمح بتعلم مفاهیم المواطنة الفاعلة وتدریسها بما یتیح المجال لمشارکة الطلاب والمعلمین فی الأنشطة المختلفة، من خلال العمل الجماعی والتعاون وإعمال مبادئ الشورى والاحترام المتبادل للآراء، وترسیخ العلاقات الإنسانیة الإیجابیة وتوفیر البیئة التعلیمیة والتربویة الداعمة لمفاهیم العدل والتسامح والحوار وتقبل الآخر، فیتدرب الطلاب على مناقشة القضایا التی تهمهم، واتخاذ القرارات المناسبة ومعالجة الاختلاف فی الرأی بینهم، فهذا من شأنه أن یؤدی إلى ترسیخ قیم التماسک الاجتماعی وانتماء الفرد لوطنه وولائه، وحتىیسهمالمناخالمدرسی فیتعزیز الهویة الوطنیةینبغیأن:

•  یسمح بالتفاعل والتواصل الاجتماعی.

•  یؤکد على الثقة بین أعضاء المجتمع المدرسی.

•  یولد مشاعر الفخر والاعتزاز بالمدرسة والوطن.

•  ینمی روح التعاون والألفة بین الطلاب والمعلمین.

•  یسمح للطالب أن یعبر عن رأیه بحریة کاملة.

•  یغلب روح الحوار على أسلوب التعامل وتسود المناقشات قبول النقد والاختلاف فی الرأی.

•  یدعم الثقافة المدنیة دون انغلاق فکری ومعرفی.

•  یتیح فرصة للطلاب لإشباع حاجاتهم المعرفیة والمهاریة والوجدانیة والسلوکیة.

•  تجسد المدرسة مبادئ العمل التعاونی والمشارکة والعمل بالفریق فی إدارتها.

•  یتیح للطلبة الاشتراک فی عملیة اتخاذ القرارات.

•  یعزز مبدأ العدل والمساواة وتکافؤ الفرص أثناء تطبیق الأنظمة والقوانین.

•  یشجع الطلبة على استخدام الحلول العقلانیة ونبذ العنف.

•  یکفل حریة تنظیم نشاطات وفعالیات وطنیة واجتماعیة.

ب- إجراءاتمتعلقة بتفعیل دور المقرراتالدراسیة فی تعزیز الهویة الوطنیة:

ینبغی أن تهتم المقررات الدراسیة بإکساب الطلاب الهویة الوطنیة، حیث تؤکد على ارتباط الطالب بوطنه أرضًا، وتاریخًا، وبشرًا، وتستثیر لدیه مشاعر الانتماء والفخر بالانتساب لوطنه، وتغذی فیه الاستعداد للتضحیة فی سبیله، ولا یقتصر الأمر على مقررات الدراسات الاجتماعیة، والنصوص، والقراءة، والتعبیر فحسب؛ بل یتعدها إلى مختلف المقررات. وذلک من خلال ربط المنهج بالمجتمع المحیط بالطالب وبالبیئة المحلیة وجعلهم یسهمون فی خدمة هذا المجتمع من خلال دراسة مشکلاته وتنفیذ بعض المشروعات والبرامج الهادفة إلى تطویر معارفهم واتجاهاتهم وقدراتهم ومشارکتهم الفاعلة فی تطویر مجتمعهم، وحتىتسهمالمقرراتالدراسیةفی تعزیز الهویة الوطنیة ینبغیأن:

•  تتضمن فی محتواها قیم المواطنة؛ کالروح الجماعیة والالتزام بمعاییر المجتمع ونظمه، والشعور بالانتماء، ومفاهیم المساواة، وضوابط الحریة.

•  تهتم بإکساب الطلاب الهویة الوطنیة والارتباط بالوطن.

•  تحتوی على قیم مثل (الانتماء- الجماعیة - الالتزام - الدیمقراطیة - الحقوق والواجبات).

•  تنمی قدرة الطالب على التمسک بحقوقه.

•  تسهم فی تنمیة القدرات الإبداعیة.

•  تعزز قیمة حریة التفکیر النقدی بمشکلات المجتمع.

•  تدعم روح التضامن بین الطلبة.

•  تنمی مبدأ حریة التعبیر عن الرأی وثقافة الحوار الإیجابی.

•  تبرز دور مؤسسات المجتمع المدنی فی التنمیة الاجتماعیة.

 

 

إن تطویر المناهج کی تحقق ما سبق ینبغی أن یکون فی ضوء:

- الأحداث والمشکلات والتطورات العالمیة.

- الأحداث والمشکلات والتطورات الداخلیة والمحلیة.

- التطورات فی المعرفة العلمیة والتکنولوجیة والتربویة.

- الرصید التربوی للحضارة الإسلامیة بوصفها حضارة عالمیة .

- نتایج تقویم المناهج الحالیة.

ج - إجراءاتمتعلقة بتفعیل دور المعلم فی تعزیز الهویة الوطنیة:

المعلم عنصر فعال فی العملیة التعلیمیة، لیس باعتباره حاملاً للمعرفة التی یجب أن یکتسبها الطلاب عن وطنهم وقضایاه فحسب؛ بل لأنه یمثل نموذجًا للمواطن الذی سوف یحتذی به الطلاب لیکونوا مواطنین صالحین، ولکییسهمالمعلم فی تعزیز الهویة الوطنیةعلیهأن:

•  یحرص على ترجمة خبراته الإیجابیة إلى ممارسات فعلیة.

•  یتطابق سلوکه مع أفکاره فی المواقف التعلیمیة التعلمیة.

•  یترجم قیمًا، کالهویة – الانتماء- الحریة - والمشارکة السیاسیة إلى سلوکیات.

•  یبتعد عن الطرق التقلیدیة فی التدریس التی تعتمد على التلقین، ویستخدم طرقًا مثل: (العصف الذهنی ودراسة الحالة والمناقشة والمجموعات).

•  یستخدم أسالیب تقویم لا تقیس الحفظ فحسب؛ بل تقیس المستویات المتنوعة من التفکیر.

•  یحترم استقلالیة الطالب وتفکیره.

•  یتعامل بقدر من المرونة والتسامح والتعامل بعقلانیة مع الطلبة.

•  یحث الطلاب على استخدام قیم التعاون فیما بینهم، ویعزز قیم التسامح بین الطلبة.

د- إجراءاتمتعلقة بتفعیل دور الأنشطةالطلابیة فی تعزیز الهویة الوطنیة:

للأنشطة دور مهم؛ لأن تشکیل الهویة الوطنیة لا یتحقق على النحو الأمثل إلا فی المواقف العملیة، ومن خلال علاقة المدرسة بمختلف مؤسسات المجتمع المدنی والبیئة الخارجیة مثل؛ تکلیف الطلاب بمهام وأنشطة عملیة فی خدمة المجتمع المحیط بهم، على أن تتاح لهم فرصة اختیار النشاط الذی یفضلونه، ویخصص وقت لممارسته، على أن یکتب الطالب تقریرًا آخر الفصل الدراسی عن الفوائد التی تعلمها، والمسؤلیات التی مارسها فهذا من شأنه تعویده على العمل الاجتماعی والتطوعی منذ الصغر، ولکیتسهمالأنشطةفی تعزیز الهویة الوطنیة ینبغیعلیهاأن:

•  تعزز مفاهیم المواطنة، کالهویة والانتماء والمشارکة السیاسیة.

•  ترتبط بالمجتمع وقضایاه وهمومه.  

•  تشمل ندوات ثقافیة یتم خلالها دعوة المسئولین لمناقشة الطلاب فی قضایا الوطن.

•  تسمح بمشارکة أولیاء الأمور مع الطلبة، وتوفر فرص المشارکة للطلبة بدون تمییز.

•  تتیح الفرص لمؤسسات المجتمع للمشارکة فیها.

•  تعزز قیمة نبذ العنف والتمییز بکل أشکاله.

•  تنمی قیم التعاون والعمل التطوعی لدى الطلبة.

•  تتصف بالتنوع لمشارکة أکبر عدد ممکن من الطلبة لتشمل برامج تربویة اجتماعیة وثقافیة وبیئیة وکشفیة وسیاحیة.


التوصیات:

  1. تأکید دور وسائل التنشئة الاجتماعیة والسیاسیة لما لهذه الوسائل من دور کبیر فی الحفاظ على الهویة الوطنیة.
  2. العنایة باللغة العربیة فی وسائل الإعلام،ومناهج التعلیم، وتسهیل تدریسها وتحبیبها للطلاب.
  3. استثمار التراث الإسلامی فی توعیة وتوجیه السلوک نحو الولاء للوطن والعطاء للإنسانیة.
  4. الإطلاع والوقوف على تجارب الدول الأخرى للاستفادة من خبراتها السابقة فی کیفیة المحافظة على الهویة الوطنیة، وأخذ هذه التجارب بعین الاعتبار والاستفادة منها فی وضع الخطط والإستراتیجیات لشتى المجالات فی الدولة.
  5. تتضافر جهود الصحافة ووسائل الإعلام وأجهزة المسرح والسینما وأنشطتها مع مؤسسات التنشئة الاجتماعیة فى إرساء القیم الخلقیة فى نفوس الشباب عن طریق القدوة الحسنة.
  6. استخدام وسائل الإعلام باعتبارها المحرک الرئیس فی تعزیز دور التعلیم فی حمایة تعزیز مفهوم الهویة الوطنیة وتطویره على نطاق واسع ومدروس، وأن ترکز وسائل الإعلام على تقدیم القدوة الحقیقیة من الرموز الذین یتعلم منهم الشباب قیم الأخلاق الرفیعة، وإبراز إیجابیات الإسلام وعالمیته، وعدالته، وحضارته، وثقافته، وتاریخه للمسلمین قبل غیرهم؛ لیستلهموا أمجادهم، ویعتزوا بهویتهم.
  7. نشر فضیلة الأخلاق فى نفوس التلامیذ والطلاب من خلال منهج جدید تضعه نخبة من خبراء وزارة التربیة والتعلیم ورجال الدین یتناسب مع کل مرحلة من مراحل التعلیم مع منح المتفوقین الأوائل فى مادة الأخلاق بعض الدرجات تضاف للمجموع الأصلى أو شهادات التقدیر.
  8. على الأسرة فى ظل الظروف الراهنة العمل على غرس القیم الدینیة والخلقیة فى نفوس الأبناء وخاصة فى مرحلة التنشئة وإکسابهم القیم الأخلاقیة والاتجاهات والأنماط السلوکیة المحمودة التى یمکن عن طریقها مواجهة الغزو الفکرى.
  9. إشاعة روح الثقة بین الشباب وسلطات الحکومة والتخلص من الرشوة والفساد والمحسوبیة واختیار الشخصیات المؤثرة عند التعیین فى الوظائف العامة بحیث تکون سیرتها الذاتیة خالیة من الشبهات والشوائب.
  10. العنایة بالإصدارات التی تخاطب الشباب والناشئة ( کتب – برامج تلفزیونیة- مجلات- مواقع إنترنت) لخطورتها على الهویة، والتأکید على بعض القیم مثل: النزاهة وإتقان العمل وتحری الحلال والبعد عن الموبقات، وغیرها من القیم التی تقود إلى مواطنة فاعلة وسلوکیات قویمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

أولاً المراجع العربیة:

  1. أحمد حسانی: "معالم المشروع التربوی العربی فی مسار العولمة"، ندوة : العولمة وأولویات التربیة، المملکة العربیة السعودیة، جامعة الملک سعود، کلیة التربیة کلیة التربیة، فی الفترة من 17: 18أبریل، 2004.
  2. أحمد مجدی حجازی: " العولمة وتهمیش الثقافة الوطنیة: رؤیة نقدیة من العالم الثالث"، عالم الفکر،مج (28) ع (2)، أکتوبر–دیسمبر 199، الکویت، مطابع دار السیاسة.
  3. أحمد محمد الدغشی: "الفکر التربوی والعولمة – البرجماتیة نموذجا"، بحث مقدم إلى مؤتمر العلوم التربویة والنفسیة: تجدیدات وتطبیقات، کلیة العلوم التربویة، جامعة الیرموک، الأردن.
  4. أنور الجندی: عالمیة الإسلام، القاهرة، دار المعارف،1977.
  5. أیمن عبد القادر عیسى: دراسة مقارنة لصیغ التربیة الدولیة بمرحلة التعلیم الثانوی فی مصر وبعض دول غرب أوربا، رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة عین شمس، کلیة التربیة، 2004.
  6. جلال أمین: "العولمة والهویة الثقافیة والمجتمع التکنولوجی الحدیث"، مجلةالمستقبلالعربی، ع(٦٠ (.
  7. حامد عمار: عولمة الإصلاح التربوی بین الوعود والإنجاز والمستقبل، ط1، القاهرة، الدار المصریة اللبنانیة، 1010.
  8. حسان الجیلالی: "التربیة وتحدی العولمة"، مجلة العلوم الإنسانیة، جامعة محمد خضیر ببسکرة، ع(21)، مارس 2011.
  9. حسین حسین شحاتة: أصول منهج التربیة الاقتصادیة فى الإسلام، سلسلة دراسات فى الفکر الاقتصادی الإسلامیِ، متاح على الإنترنت فی:

http://www.google.com.eg/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=8&ved=0CEMQFjAH&url=http%3A%2F%2Fwww.kantakji.com%2Fmedia%2F1522%2Fb222.doc&ei=oUdsVMrNOIfLPeeSgfgC&usg=AFQjCNGhhYtvXwEYq5R5Nb659k1xjE8F4g&sig2=RSGDK0ncTaeuPXRDsC-m7g&bvm=bv.80120444,d.ZWU

  1. ابن حنبل: فضائل الصحابة ، تحقیق: وصی الله محمد عباس، بیروت، مؤسسة الرسالة، ج (2)، 1983.
  2. دینا شاکر بن هزاع العبدلی الشریف: دور المدرسة الابتدائیة فی التنشئة السیاسیة من منظور التربیة الإسلامیة، رسالة ماجستیر غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة أم القرى، 1427/1428.
  3. سامر مؤید عبد اللطیف: "المواطنة واشکالیتها فی ظل الدولة الإسلامیة"، مجلة الفرات، ع (7)، 2011.
  4. سعد بن هاشم بن محمد العلیانی: التربیة الاقتصادیة فی القرآن الکریم وتطبیقاتها فی الأسرة والمجتمع، رسالة دکتوراة غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة أم القرى، 1426-  1427 ه.
  5. سهیر لطفی وآخرون: " الهویة والتراث"، المرکز العربی للبحوث والتوثیق فی العلوم الاجتماعیة ندوة (الهویة والتراث)، ط2، القاهرة، 1998.
  6. سوزان حرفی: حوارات مع الدکتور عبد الوهاب المسیری: الثقافة والمنهج، ط2، دمشق، دار الفکر،2010.
  7. السید عبد العزیز البهواش: مخاطر العولمة على الهویة، القاهرة، مکتبة النهضة.
  8. بن شریط عبدالرحمن: الدولة الوطنیة بین متطلبات السیادة وتحدیات العولمة، الجزائر، مؤسسة کنوز الحکمة، 2011.
  9. صالح الرقب: "بین عالمیة الإسلام والعولمة"، مؤتمر التربیة الأول( التربیة فی فلسطین ومتغیرات العصر)، کلیة أصول الدین، الجامعة الإسلامیة.
  10. ــــــــ: العولمة، ط1، الجامعة الإسلامیة، 2003.
  11. صامویل هنتنجتون: صدام الحضارات – إعادة صنع النظام العالمی، ترجمة: طلعت الشایب، ط2، مکتبة الإبداع، 1999.
  12. عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: "تربیة العولمة وعولمة التربیة: رؤیة استراتیجیة تربویة فی زمن العولمة"، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة (العولمة وأولویات التربیة)التی تنظمها کلیة التربیة– جامعة الملک سعود فی الفترة من1-2/3/1425هـ الموافق 20-21/4/2004م.
  13. عبد الرحیم الخلیفی: "العلاقة بین العولمة والتربیة والتعلیم"، مجلة الوحدة الإسلامیة، السنة الثانیة عدد(15)فبرایر 2003،متاح على الإنترنت www.alwahdaalislamyia.net
  14. عبدالسلام مصطفى عبدالسلام: تطویر مناهج التعلیم لتلبیة متطلبات التنمیة ومواجهة تحدیات العولمة، " مؤتمر التعلیم النوعی ودوره فی التنمیة البشریة فی عصر العولمة"،المؤتمر العلمی الأول لکلیة التربیة النوعیة، جامعة المنصورة، فی الفترة من 12 – 13 أبریل 2006.
  15. عبدالعزیز محمد عطیة: تعمیق الانتماء لدى شباب الجامعات المصریة فی إطار المنهج الإسلامی، رسالة دکتوراه غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة الأزهر، 1410 هـ.
  16. عبد الوهاب المسیری: العالم من منظور غربی، القاهرة، دار الهلال،ع(602)، 2001.
  17. عثمان بن صالح العامر: "المواطنة فی الفکر الغربی المعاصر- دراسة نقدیة من منظور إسلامی"، مجلة جامعة دمشق، م(19)، ع(11)، 2003.
  18. علی عزت بیجوفیتش: الإسلام بین الشرق والغرب، ترجمة: محمد یوسف عدس، ط1، بیروت ، مؤسسة العلم الحدیث، 1994.
  19. غازی بن عبد الرحمن القصیبی: العولمة والهویة الوطنیة – مقالات، ط2، الریاض، مکتبة العبیکان، 2002.
  20. لطیفة حسین الکندری: نحو بناء هویة وطنیة للناشئة، ط1، الکویت، المرکز الإقلیمی للطفولة والأمومة،2007.
  21. محروس أحمد الغلبان: التنمیة الذاتیة للمجتمعات الإسلامیة ووسائل تحقیقها، المؤتمر العلمی العاشر، مج (2)، کلیة التربیة، جامعة المنصورة، فی الفترة من 21- 22 دیسمبر 1993.
  22. محمد إبراهیم المنوفی ویاسر مصطفی الجندی: "التربیة وتنمیة الهویة الثقافیة فی ضوء العولمة"، مجلة کلیة التربیة بدمیاط، جامعة المنصورة، ع (43)، 2003.
  23. محمد إبراهیم عطوة مجاهد: "بعض مخاطر العولمة التی تهدد الهویة الثقافیة للمجتمع ودور التربیة فی مواجهتها"، مجلة مستقبل التربیة العربیة ، م(7) ، ع (22)، یولیو 2001.
  24. محمد أحمد الخضی، نواف أحمد سمارة: "القیم البیئیة من منظور إسلامی"، مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات الإنسانیة، م (9)، ع (2)، 2009.
  25. محمد جابر قاسم: "التربیة البیئیة فی الإسلام"، مجلة أسیوط للدراسات البیئیة، ع (31)، ینایر 2007.
  26. محمد جورانه وآخرون: "تطویر وحدة تعلیمیة فی ضوء مبادئ التربیة العالمیة وأثرها فی تحصیل طلبة الصف الثامن الأساسی فی مادة التاریخ فی الأردن"، مجلة علوم إنسانیة، ع (42)، 2009.
  27. محمد عابد الجابری: العولمة والهویة الثقافیة، مجلة المستقبل العربی، بیروت، مرکز دراسات الوحدة العربیة،ع (228)، فبرایر 1998.
  28. محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة، ط1، القاهرة، مکتبة الإمام البخاری للنشر والتوزیع، 2009.
  29. ـــــــــ: "رؤیة نقدیة للحضارة الغربیة والحضارة الإسلامیة"، محاضرة بمرکز الدراسات المعرفیة بتاریخ 7/5/2002.
  30. محمد عمر أحمد أبو عنزة: واقع اشکالیة الهویة العربیة بین الأطروحات القومیة والإسلامیة – دراسة من منظور فکری، رسالة ماجستیر غیر منشورة، کلیة الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، 2011.
  31. محمود خلیل أبو دف: تربیة المواطنة من منظور إسلامی، عزة، الجامعة الإسلامیة، کلیة التربیة، 2004.
  32. محمود سمیر المنیر: العولمة وعالم بلا هویة، ط1، المنصورة، دار الکلمة للنشر والتوزیع، 2000م.
  33. محمود قمبر: " الإصلاح التربوی فی مصر ضروراته – فعالیاته – معوقاته"، المؤتمر العلمی السنوی لکلیة التربیة بالمنصورة بالتعاون مع مرکز الدراسات المعرفیة بالقاهرة (آفاق الإصلاح التربوی فی مصر) فی الفترة من 2 – 3 أکتوبر 2004.
  34. مریم عبدالله النعیمی: فی سبیل التغییر، الریاض، مکتبة العبیکان، 2006.
  35. نصر محمد عارف: التنمیة من منظور متجد د: التحیز،العولمة، مابعد الحداثة، ط1،القاهرة، مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، 2002.

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانیًا: المراجع الأجنبیة

  1. Appiah-Padi S:Study abroad and global citizenship: Sub-saharan africanstudents at the university of alberta. [Order No. NQ46800]. University of Alberta (Canada); 1999.
  2. http://www.unesco.org/new/ar/education/standards-and-norms/key-international-instruments-by-theme/international-understanding-and-peace
  3. Mccarthy MH: Superintendents' perceptions of the role and goal of global education in the 21st century and the ways superintendents shape programs and policies to implement global education: A case study of three massachusetts superintendents and their K-12 districts. [Order No. 3462585]. University of MassachusettsLowell; 2011.
  4. Ministry of Education, International Relations , Finland 2007.
  5. Nelson, J.  : "Global Connections: Infusing a Global Perspective into Our Schools", Social          Studies Journal; 26, 1997.
  6. Pashby K:" Related and conflated: A theoretical and discursive framing of multiculturalism and global citizenship education in the canadian context."[Order No. NR96192]. University of Toronto (Canada); 2013
  7. Pashby KL: Citizenship and diversity in the global imperative: What doesglobal citizenship education mean for multiculturalism? [Order No. MR19751]. YorkUniversity (Canada); 2006..
  8. Prentice DH:Examining the value of, and possible content for globalcitizenship curriculum for junior students. [Order No. MR07213]. University of Toronto (Canada); 2005.
  9. Reynolds Thomas EA: Global education in contemporary africa: How threeghanaian senior high schools are preparing the next generation of leaders andworld citizens[ Order No. 3431716]. University of Washington; 2010.
  10. SantosMA: Discovering new paths for global citizenship education in brazil: Three case studies. [Order No. MQ91360]. University of Toronto (Canada); 2004
  11. van Fleet JW. A: half billion dollars adding up to small change: The promisesand pitfalls of corporate philanthropy to support global education. [Order No. 3461647]. University of Maryland, College Park, 2011.
  12. Young JM: Global education and good citizenship: An examination of studentoutcomes. [Order No. MR03688]. SimonFraserUniversity (Canada);                      2003. P. 9.

 

 

 

 



([1]) عثمان بن صالح العامر: "المواطنة فی الفکر الغربی المعاصر- دراسة نقدیة من منظور إسلامی"، مجلة جامعة دمشق، م(19)، ع(11)، 2003، ص225.

([2]) عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: "تربیة العولمة وعولمة التربیة: رؤیة إستراتیجیة تربویة فی زمن العولمة"، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة (العولمة وأولویات التربیة)التی نظمتها کلیة التربیة– جامعة الملک سعود فی الفترة من1-2/3/1425هـ الموافق 20-21/4/2004م، ص6.

([3]) عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: مرجع سابق، ص4.

([4]) لطیفة حسین الکندری: نحو بناء هویة وطنیة للناشئة، ط1، الکویت، المرکز الإقلیمی للطفولة والأمومة،2007، ص54.

([5]) حسان الجیلالی: "التربیة وتحدی العولمة"، مجلة العلوم الإنسانیة، جامعة محمد خضیر ببسکرة،الجزائر، ع(21)، مارس 2011، ص155.

([6]) عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: مرجع سابق.

)[7]( Pashby KL: Citizenship and diversity in the global imperative: What doesglobal citizenship education mean for multiculturalism? [Order No. MR19751]. YorkUniversity (Canada); 2006. P. 168.

([8]) أیمن عبد القادر عیسى: دراسة مقارنة لصیغ التربیة الدولیة بمرحلة التعلیم الثانوی فی مصر وبعض دول غرب أوربا، رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة عین شمس، کلیة التربیة، 2004.

)[9](  Reynolds Thomas EA: Global education in contemporary africa: How threeghanaian senior high schools are preparing the next generation of leaders andworld citizens[ Order No. 3431716]. University of Washington; 2010.

)[10]( Appiah-Padi S:Study abroad and global citizenship: Sub-saharan africanstudents at the university of alberta. [Order No. NQ46800]. University of Alberta (Canada); 1999, P.230.

)[11]( Santos MA: Discovering new paths for global citizenship education in brazil: Three case studies. [Order No. MQ91360]. University of Toronto (Canada); 2004

)[12]( Prentice DH:Examining the value of, and possible content for globalcitizenship curriculum for junior students. [Order No. MR07213]. University of Toronto (Canada); 2005, P.22.

 (13) محمد إبراهیم عطوة مجاهد: "بعض مخاطر العولمة التی تهدد الهویة الثقافیة للمجتمع ودور التربیة فی مواجهتها"، مجلة مستقبل التربیة العربیة،المرکز العربی للتعلیم والتربیة، م(7) ، ع (22)، یولیو 2001 ، ص 157: 206.

(14) محمد إبراهیم المنوفی ویاسر مصطفی الجندی : "التربیة وتنمیة الهویة الثقافیة فی ضوء العولمة" ، مجلة کلیة التربیة بدمیاط ، جامعة المنصورة ، ع (43) ، 2003 ، ص209 : 255.

([15]) عبدالعزیز محمد عطیة: تعمیق الانتماء لدى شباب الجامعات المصریة فی إطار المنهج الإسلامی، رسالة دکتوراه غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة الأزهر، 1410 هـ.

([16]) سوزان حرفی: حوارات مع الدکتور عبد الوهاب المسیری: الثقافة والمنهج، ط2، دمشق، دار الفکر،2010، ص313.

([17]) عبد الوهاب المسیری: العالم من منظور غربی، القاهرة، دار الهلال، ع(602)، 2001، ص15.

([18]) سوزان حرفی: مرجع سابق، ص277.

([19]) نصر محمد عارف:التنمیةمنمنظورمتجدد: التحیز-العولمة-مابعدالحداثة، ط1،القاهرة، مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، 2002، ص 37 : 38.

([20]) علی عزت بیجوفیتش: الإسلام بین الشرق والغرب، ترجمة: محمد یوسف عدس، ط1، بیروت ، مؤسسة العلم الحدیث، 1994، ص381.

([21]) أحمد محمد الدغشی: "الفکر التربوی والعولمة – البرجماتیة نموذجًا"، بحث مقدم إلى مؤتمر العلوم التربویة والنفسیة: تجدیدات وتطبیقات، کلیة العلوم التربویة، جامعة الیرموک، الأردن، ص12.

([22]) محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة،ط1، القاهرة، مکتبة الإمام البخاری للنشر والتوزیع، 2009، ص 19:18.

([23])أحمد محمد الدغشی ، مرجع سابق، ص6.

([24]) صامویل هنتنجتون: صدام الحضارات – إعادة صنع النظام العالمی، ترجمة: طلعت الشایب، ط2، مکتبة الإبداع، 1999.

([25]) محمد عمارة: "رؤیة نقدیة للحضارة الغربیة والحضارة الإسلامیة"، محاضرة بمرکز الدراسات المعرفیة بتاریخ 7/5/2002، ص5

([26]) محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة، مرجع سابق ، ص 19:20.

(27) سوزان حرفی: مرجع سابق، ص316.

)[28]( Mccarthy MH: Superintendents' perceptions of the role and goal of globaleducation in the 21st century and the ways superintendents shape programs andpolicies to implement global education: A case study of three massachusettssuperintendents and their K-12 districts. [Order No. 3462585]. University of MassachusettsLowell; 2011,p. 34.

(30) بن شریط عبدالرحمن:الدولة الوطنیة بین متطلبات السیادة وتحدیات العولمة، الجزائر، مؤسسة کنوز الحکمة، 2011، ص153.

(31) عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: مرجع سابق، ص3.

([31]) Mccarthy MH, Op Cit, p.35.

([32]) صالح الرقب: العولمة، ط1، الجامعة الإسلامیة، 2003.

([33]) أحمد حسانی: معالم المشروع التربوی العربی فی مسار العولمة، ندوة : العولمة وأولویات التربیة، المملکة العربیة السعودیة، جامعة الملک سعود، کلیة التربیة کلیة التربیة، فی الفترة من 17: 18أبریل، 2004. ص13.

([34]) حامد عمار: عولمة الإصلاح التربوی بین الوعود والانجاز والمستقبل، ط1، القاهرة، الدار المصریة اللبنانیة، 1010، ص24

([35]) المرجع السابق، ص168.

([36]) غازی بن عبد الرحمن القصیبی: العولمة والهویة الوطنیة – مقالات، ط2، الریاض، مکتبة العبیکان، 2002، ص28.

([37]) حامد عمار: مرجع سابق ، ص54.

([38]) غازی بن عبد الرحمن القصیبی: مرجع سابق، ص28.

([39]) حامد عمار: مرجع سابق ، ص29.

([40]) أحمد حسانی  : مرجع سابق، ص12.

([41]) عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: مرجع سابق، ص13.

([42]) عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: مرجع سابق، ص14.

([43]) عبد الرحیم الخلیفی: "العلاقة بین العولمة والتربیة والتعلیم"، مجلة الوحدة الإسلامیة، السنة الثانیة عدد(15) فبرایر 2003 ، متاح على الإنترنت www.alwahdaalislamyia.net

([44]) حامد عمار: مرجع سابق ، ص58: 59.

([45]) أحمد حسانی: مرجع سابق، ص14.

([46]) محمود قمبر: " الإصلاح التربوی فی مصر ضروراته – فعالیاته – معوقاته"، المؤتمر العلمی السنوی لکلیة التربیة بالمنصورة بالتعاون مع مرکز الدراسات المعرفیة بالقاهرة (آفاق الإصلاح التربوی فی مصر) فی الفترة من 2 – 3 أکتوبر 2004، ص 12.

)[47] (van Fleet JW. A: half billion dollars adding up to small change: The promisesand pitfalls of corporate philanthropy to support global education. [Order No. 3461647]. University of Maryland, College Park, 2011.

(48) أحمد حسانی: مرجع سابق، ص15.

([49]) حامد عمار: مرجع سابق ، ص 156.

([50]) أحمد حسانی: مرجع سابق، ص21.

([51]) مریم عبدالله النعیمی: فی سبیل التغییر، الریاض، مکتبة العبیکان، 2006، ص109.

([52]) غازی بن عبد الرحمن القصیبی: مرجع سابق، ص92.

([53]) Santos MA: Op Cit, p.9.

([54]) Ibid, P.28.

([55]) http://www.unesco.org/new/ar/education/standards-and-norms/key-international-instruments-by-theme/international-understanding-and-peace

([56]) Ibid.

([57]) See more at:http://www.unesco.org/new/ar/unesco/events/prizes-and-celebrations/celebrations /international-days/international-mother-language-day-2014/#sthash. sUArACZm.dpuf.

([58])  Nelson, J.  : "Global Connections: Infusing a Global Perspective into Our Schools", Social            Studies Journal; 26, 1997, p.52-57.

(59) محمد جورانه وآخرون: "تطویر وحدة تعلیمیة فی ضوء مبادئ التربیة العالمیة وأثرها فی تحصیل طلبة الصف الثامن الأساسی فی مادة التاریخ فی الأردن"، مجلة علوم إنسانیة، ع (42)، 2009، ص12.

([60])  Ministry of Education, International Relations , Finland 2007, P:11.

([61]) Young JM: Global education and good citizenship: An examination of student outcomes. [Order No. MR03688]. SimonFraserUniversity (Canada); 2003. P. 9.

(62) أیمن عبد القادر عیسى: مرجع سابق.

)[63]( Reynolds Thomas EA : Op Cit, p.62:64.

([64]) Mccarthy MH: Op Cit, p.36: 37.

([65]) Prentice DH: Op Cit, P.13.

([66]) Pashby K:"Related and conflated: A theoretical and discursive framing ofmulticulturalism and global citizenship education in the canadian context."[Order No. NR96192]. University of Toronto (Canada); 2013

)[67]( Pashby KL: Op Cit, P.1.

([68]) محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة، مرجع سابق ، ص 12.

([69]) سورة الفرقان الآیة (1)

([70]) سورة سبأ الآیة (28)

([71]) سورة الأنبیاء الآیة (107)

([72]) سورة الأعراف الآیة (158)

([73]) سورة الأنعام الآیة (90)

([74]) سورة القلم الآیة (52)

([75]) سورة ص الآیات (87: 88)

([76]) سورة یوسف الآیة (104)

([77]) انظر: ابن حنبل: فضائل الصحابة ، تحقیق: وصی الله محمد عباس، بیروت، مؤسسة الرسالة ،ج (2)، 1983، ص712.

([78]) سبق تخریجه فی الصفحة السابقة .

([79]) أنور الجندی: عالمیة الإسلام، القاهرة، دار المعارف،1977، ص 120.

([80]) المرجع السابق ، ص 109.

([81]) أحمد محمد الدغشی: مرجع سابق ، ص12.

([82]) بن شریط عبدالرحمن: مرجع سابق ، ص157.

([83]) محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة، مرجع سابق، ص18

([84]) سورة الحجرات الآیه (13).

(([85] بن شریط عبدالرحمن: مرجع سابق، ص13.

(([86] صالح الرقب: "بین عالمیة الإسلام والعولمة"، مؤتمر التربیة الأول( التربیة فی فلسطین ومتغیرات العصر)، کلیة أصول الدین، الجامعة الإسلامیة، ص18.

(([87] سورة هود الآیتان ( 118: 119).

([88]) محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة،مرجع سابق، ص 21.

([89]) بن شریط عبدالرحمن: مرجع سابق، ص152.

(([90] سورة البقرة الآیة ( 256).

(([91] عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: مرجع سابق، ص6.

(([92] لطیفة حسین الکندری: مرجع سابق، ص151.

(([93] محمد عابد الجابری: "العولمة والهویة الثقافیة"، مجلة المستقبل العربی، بیروت، مرکز دراسات الوحدة العربیة،ع(228)،فبرایر1998 ص17.

(([94] محمد عمر أحمد أبو عنزة: واقع اشکالیة الهویة العربیة بین الأطروحات القومیة والإسلامیة – دراسة من منظور فکری،رسالة ماجستیر غیر منشورة، کلیة الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط،2011، ص39.

(([95] السید عبد العزیز البهواش: مخاطر العولمة على الهویة، القاهرة، مکتبة النهضة، (د. ت)، ص91 :93.

([96]) محمد عمر أحمد أبو عنزة: مرجع سابق، ص 36.

([97]) لطیفة حسین الکندری: مرجع سابق، ص30.

([98]) محمد عمر أحمد أبو عنزة: مرجع سابق، ص39.

([99]) سهیر لطفی وآخرون: " الهویة والتراث"، المرکز العربی للبحوث والتوثیق فی العلوم الاجتماعیة ندوة (الهویة والتراث)، ط2، القاهرة، 1998، ص117.

([100]) محمد عمر أحمد أبو عنزة: مرجع سابق، ص37.

([101]) أحمد مجدی حجازی: " العولمة وتهمیش الثقافة الوطنیة: رؤیة نقدیة من العالم الثالث"، عالم الفکر، مج (28) ع (2)، أکتوبر – دیسمبر 1999، الکویت، مطابع دار السیاسة، ص 129.

([102]) لطیفة حسین الکندری: مرجع سابق ، ص279.

([103]) المرجع السابق ، ص106: 107.

([104]) أحمد حسانی: مرجع سابق.

([105]) لطیفة حسین الکندری: مرجع سابق، ص36.

([106])المرجع السابق، ص27.

([107]) جلال أمین: "العولمة والهویة الثقافیة والمجتمع التکنولوجی الحدیث"، مجلةالمستقبلالعربی، ع(٦٠ (، ص ٦٧.

([108]) محمود سمیر المنیر: العولمة وعالم بلا هویة، ط1، المنصورة، دار الکلمة للنشر والتوزیع، 2000م، ص 130 :131.

([109]) لطیفة حسین الکندری: مرجع سابق، ص212.

([110]) أحمد حسانی: مرجع سابق، ص13.

([111]) حامد عمار: مرجع سابق، ص54.

([112]) یمکن الرجوع إلى - عبدالسلام مصطفى عبدالسلام: تطویر مناهج التعلیم لتلبیة متطلبات التنمیة ومواجهة تحدیات العولمة، " مؤتمر التعلیم النوعی ودوره فی التنمیة البشریة فی عصر العولمة"،المؤتمر العلمی الأول لکلیة التربیة النوعیة، جامعة المنصورة، فی الفترة من 12 – 13 أبریل 2006، ص292.

- أحمد حسانی: مرجع سابق، ص 22.

([113]) أحمد حسانی: مرجع سابق، ص 23.

([114]) محمود خلیل أبو دف: تربیة المواطنة من منظور إسلامی، غزة، الجامعة الإسلامیة، کلیة التربیة، 2004، ص252: 261.

([115]) محروس أحمد الغلبان: التنمیة الذاتیة للمجتمعات الإسلامیة ووسائل تحقیقها، المؤتمر العلمی العاشر، مج (2)، کلیة التربیة، جامعة المنصورة، فی الفترة من 21- 22 دیسمبر 1993، ص34.

([116]) عبد السلام مصطفى عبد السلام: مرجع سابق، ص 275.

([117]) سعد بن هاشم بن محمد العلیانی: التربیة الاقتصادیة فی القرآن الکریم وتطبیقاتها فی الأسرة والمجتمع، رسالة دکتوراة غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة أم القرى، 1426-  1427 ه، ص5: 6.

([118]) حسین حسین شحاتة: أصول منهج التربیة الاقتصادیة فى الإسلام، سلسلة دراسات فى الفکر الاقتصادی الإسلامیِ، متاح على الإنترنت فی: http://www.google.com.eg/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=8&ved=0CEMQFjAH&url=http%3A%2F%2Fwww.kantakji.com%2Fmedia%2F1522%2Fb222.doc&ei=oUdsVMrNOIfLPeeSgfgC&usg=AFQjCNGhhYtvXwEYq5R5Nb659k1xjE8F4g&sig2=RSGDK0ncTaeuPXRDsC-m7g&bvm=bv.80120444,d.ZWU

([119]) المرجع السابق

([120]) سعد بن هاشم بن محمد العلیانی: مرجع سابق، ص42.

([121]) المرجع السابق: ص 46: 58.

([122]) حسین حسین شحاتة: مرجع سابق، ص12.

([123]) عبد السلام مصطفى عبد السلام: مرجع سابق، ص279.

([124]) سامر مؤید عبد اللطیف: "المواطنة واشکالیتها فی ظل الدولة الإسلامیة"، مجلة الفرات، ع (7)، 2011، ص97: 89.

([125]) المرجع السابق، نفس الصفحة.

([126]) محمود خلیل أبو دف: مرجع سابق، ص 17.

([127]) دینا شاکر بن هزاع العبدلی الشریف: دور المدرسة الابتدائیة فی التنشئة السیاسیة من منظور التربیة الإسلامیة، رسالة ماجستیر غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة أم القرى، 1427/1428، ص143.

([128])  محمود خلیل أبو دف: مرجع سابق.

([129]) المرجع السابق، ص 16.

([130]) دینا شاکر بن هزاع العبدلی الشریف: مرجع سابق، ص 147: 157.

([131]) سوزان حرفی: مرجع سابق ، ص 317.

([132]) محمد جابر قاسم: "التربیة البیئیة فی الإسلام"، مجلة أسیوط للدراسات البیئیة، ع (31)، ینایر 2007، ص122.

([133]) محمد أحمد الخضی، نواف أحمد سمارة: "القیم البیئیة من منظور إسلامی"، مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات الإنسانیة، م (9)، ع (2)، 2009، ص72.

  1. أولاً المراجع العربیة:

    1. أحمد حسانی: "معالم المشروع التربوی العربی فی مسار العولمة"، ندوة : العولمة وأولویات التربیة، المملکة العربیة السعودیة، جامعة الملک سعود، کلیة التربیة کلیة التربیة، فی الفترة من 17: 18أبریل، 2004.
    2. أحمد مجدی حجازی: " العولمة وتهمیش الثقافة الوطنیة: رؤیة نقدیة من العالم الثالث"، عالم الفکر،مج (28) ع (2)، أکتوبر–دیسمبر 199، الکویت، مطابع دار السیاسة.
    3. أحمد محمد الدغشی: "الفکر التربوی والعولمة – البرجماتیة نموذجا"، بحث مقدم إلى مؤتمر العلوم التربویة والنفسیة: تجدیدات وتطبیقات، کلیة العلوم التربویة، جامعة الیرموک، الأردن.
    4. أنور الجندی: عالمیة الإسلام، القاهرة، دار المعارف،1977.
    5. أیمن عبد القادر عیسى: دراسة مقارنة لصیغ التربیة الدولیة بمرحلة التعلیم الثانوی فی مصر وبعض دول غرب أوربا، رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة عین شمس، کلیة التربیة، 2004.
    6. جلال أمین: "العولمة والهویة الثقافیة والمجتمع التکنولوجی الحدیث"، مجلةالمستقبلالعربی، ع(٦٠ (.
    7. حامد عمار: عولمة الإصلاح التربوی بین الوعود والإنجاز والمستقبل، ط1، القاهرة، الدار المصریة اللبنانیة، 1010.
    8. حسان الجیلالی: "التربیة وتحدی العولمة"، مجلة العلوم الإنسانیة، جامعة محمد خضیر ببسکرة، ع(21)، مارس 2011.
    9. حسین حسین شحاتة: أصول منهج التربیة الاقتصادیة فى الإسلام، سلسلة دراسات فى الفکر الاقتصادی الإسلامیِ، متاح على الإنترنت فی:

    http://www.google.com.eg/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=8&ved=0CEMQFjAH&url=http%3A%2F%2Fwww.kantakji.com%2Fmedia%2F1522%2Fb222.doc&ei=oUdsVMrNOIfLPeeSgfgC&usg=AFQjCNGhhYtvXwEYq5R5Nb659k1xjE8F4g&sig2=RSGDK0ncTaeuPXRDsC-m7g&bvm=bv.80120444,d.ZWU

    1. ابن حنبل: فضائل الصحابة ، تحقیق: وصی الله محمد عباس، بیروت، مؤسسة الرسالة، ج (2)، 1983.
    2. دینا شاکر بن هزاع العبدلی الشریف: دور المدرسة الابتدائیة فی التنشئة السیاسیة من منظور التربیة الإسلامیة، رسالة ماجستیر غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة أم القرى، 1427/1428.
    3. سامر مؤید عبد اللطیف: "المواطنة واشکالیتها فی ظل الدولة الإسلامیة"، مجلة الفرات، ع (7)، 2011.
    4. سعد بن هاشم بن محمد العلیانی: التربیة الاقتصادیة فی القرآن الکریم وتطبیقاتها فی الأسرة والمجتمع، رسالة دکتوراة غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة أم القرى، 1426-  1427 ه.
    5. سهیر لطفی وآخرون: " الهویة والتراث"، المرکز العربی للبحوث والتوثیق فی العلوم الاجتماعیة ندوة (الهویة والتراث)، ط2، القاهرة، 1998.
    6. سوزان حرفی: حوارات مع الدکتور عبد الوهاب المسیری: الثقافة والمنهج، ط2، دمشق، دار الفکر،2010.
    7. السید عبد العزیز البهواش: مخاطر العولمة على الهویة، القاهرة، مکتبة النهضة.
    8. بن شریط عبدالرحمن: الدولة الوطنیة بین متطلبات السیادة وتحدیات العولمة، الجزائر، مؤسسة کنوز الحکمة، 2011.
    9. صالح الرقب: "بین عالمیة الإسلام والعولمة"، مؤتمر التربیة الأول( التربیة فی فلسطین ومتغیرات العصر)، کلیة أصول الدین، الجامعة الإسلامیة.
    10. ــــــــ: العولمة، ط1، الجامعة الإسلامیة، 2003.
    11. صامویل هنتنجتون: صدام الحضارات – إعادة صنع النظام العالمی، ترجمة: طلعت الشایب، ط2، مکتبة الإبداع، 1999.
    12. عبد الرحمن بن أحمد محمد صائغ: "تربیة العولمة وعولمة التربیة: رؤیة استراتیجیة تربویة فی زمن العولمة"، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة (العولمة وأولویات التربیة)التی تنظمها کلیة التربیة– جامعة الملک سعود فی الفترة من1-2/3/1425هـ الموافق 20-21/4/2004م.
    13. عبد الرحیم الخلیفی: "العلاقة بین العولمة والتربیة والتعلیم"، مجلة الوحدة الإسلامیة، السنة الثانیة عدد(15)فبرایر 2003،متاح على الإنترنت www.alwahdaalislamyia.net
    14. عبدالسلام مصطفى عبدالسلام: تطویر مناهج التعلیم لتلبیة متطلبات التنمیة ومواجهة تحدیات العولمة، " مؤتمر التعلیم النوعی ودوره فی التنمیة البشریة فی عصر العولمة"،المؤتمر العلمی الأول لکلیة التربیة النوعیة، جامعة المنصورة، فی الفترة من 12 – 13 أبریل 2006.
    15. عبدالعزیز محمد عطیة: تعمیق الانتماء لدى شباب الجامعات المصریة فی إطار المنهج الإسلامی، رسالة دکتوراه غیر منشورة، کلیة التربیة، جامعة الأزهر، 1410 هـ.
    16. عبد الوهاب المسیری: العالم من منظور غربی، القاهرة، دار الهلال،ع(602)، 2001.
    17. عثمان بن صالح العامر: "المواطنة فی الفکر الغربی المعاصر- دراسة نقدیة من منظور إسلامی"، مجلة جامعة دمشق، م(19)، ع(11)، 2003.
    18. علی عزت بیجوفیتش: الإسلام بین الشرق والغرب، ترجمة: محمد یوسف عدس، ط1، بیروت ، مؤسسة العلم الحدیث، 1994.
    19. غازی بن عبد الرحمن القصیبی: العولمة والهویة الوطنیة – مقالات، ط2، الریاض، مکتبة العبیکان، 2002.
    20. لطیفة حسین الکندری: نحو بناء هویة وطنیة للناشئة، ط1، الکویت، المرکز الإقلیمی للطفولة والأمومة،2007.
    21. محروس أحمد الغلبان: التنمیة الذاتیة للمجتمعات الإسلامیة ووسائل تحقیقها، المؤتمر العلمی العاشر، مج (2)، کلیة التربیة، جامعة المنصورة، فی الفترة من 21- 22 دیسمبر 1993.
    22. محمد إبراهیم المنوفی ویاسر مصطفی الجندی: "التربیة وتنمیة الهویة الثقافیة فی ضوء العولمة"، مجلة کلیة التربیة بدمیاط، جامعة المنصورة، ع (43)، 2003.
    23. محمد إبراهیم عطوة مجاهد: "بعض مخاطر العولمة التی تهدد الهویة الثقافیة للمجتمع ودور التربیة فی مواجهتها"، مجلة مستقبل التربیة العربیة ، م(7) ، ع (22)، یولیو 2001.
    24. محمد أحمد الخضی، نواف أحمد سمارة: "القیم البیئیة من منظور إسلامی"، مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات الإنسانیة، م (9)، ع (2)، 2009.
    25. محمد جابر قاسم: "التربیة البیئیة فی الإسلام"، مجلة أسیوط للدراسات البیئیة، ع (31)، ینایر 2007.
    26. محمد جورانه وآخرون: "تطویر وحدة تعلیمیة فی ضوء مبادئ التربیة العالمیة وأثرها فی تحصیل طلبة الصف الثامن الأساسی فی مادة التاریخ فی الأردن"، مجلة علوم إنسانیة، ع (42)، 2009.
    27. محمد عابد الجابری: العولمة والهویة الثقافیة، مجلة المستقبل العربی، بیروت، مرکز دراسات الوحدة العربیة،ع (228)، فبرایر 1998.
    28. محمد عمارة: العالمیة الإسلامیة والعولمة الغربیة، ط1، القاهرة، مکتبة الإمام البخاری للنشر والتوزیع، 2009.
    29. ـــــــــ: "رؤیة نقدیة للحضارة الغربیة والحضارة الإسلامیة"، محاضرة بمرکز الدراسات المعرفیة بتاریخ 7/5/2002.
    30. محمد عمر أحمد أبو عنزة: واقع اشکالیة الهویة العربیة بین الأطروحات القومیة والإسلامیة – دراسة من منظور فکری، رسالة ماجستیر غیر منشورة، کلیة الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، 2011.
    31. محمود خلیل أبو دف: تربیة المواطنة من منظور إسلامی، عزة، الجامعة الإسلامیة، کلیة التربیة، 2004.
    32. محمود سمیر المنیر: العولمة وعالم بلا هویة، ط1، المنصورة، دار الکلمة للنشر والتوزیع، 2000م.
    33. محمود قمبر: " الإصلاح التربوی فی مصر ضروراته – فعالیاته – معوقاته"، المؤتمر العلمی السنوی لکلیة التربیة بالمنصورة بالتعاون مع مرکز الدراسات المعرفیة بالقاهرة (آفاق الإصلاح التربوی فی مصر) فی الفترة من 2 – 3 أکتوبر 2004.
    34. مریم عبدالله النعیمی: فی سبیل التغییر، الریاض، مکتبة العبیکان، 2006.
    35. نصر محمد عارف: التنمیة من منظور متجد د: التحیز،العولمة، مابعد الحداثة، ط1،القاهرة، مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، 2002.

     

     

     

     

     

     

     

     

    ثانیًا: المراجع الأجنبیة

    1. Appiah-Padi S:Study abroad and global citizenship: Sub-saharan africanstudents at the university of alberta. [Order No. NQ46800]. University of Alberta (Canada); 1999.
    2. http://www.unesco.org/new/ar/education/standards-and-norms/key-international-instruments-by-theme/international-understanding-and-peace
    3. Mccarthy MH: Superintendents' perceptions of the role and goal of global education in the 21st century and the ways superintendents shape programs and policies to implement global education: A case study of three massachusetts superintendents and their K-12 districts. [Order No. 3462585]. University of MassachusettsLowell; 2011.
    4. Ministry of Education, International Relations , Finland 2007.
    5. Nelson, J.  : "Global Connections: Infusing a Global Perspective into Our Schools", Social          Studies Journal; 26, 1997.
    6. Pashby K:" Related and conflated: A theoretical and discursive framing of multiculturalism and global citizenship education in the canadian context."[Order No. NR96192]. University of Toronto (Canada); 2013
    7. Pashby KL: Citizenship and diversity in the global imperative: What doesglobal citizenship education mean for multiculturalism? [Order No. MR19751]. YorkUniversity (Canada); 2006..
    8. Prentice DH:Examining the value of, and possible content for globalcitizenship curriculum for junior students. [Order No. MR07213]. University of Toronto (Canada); 2005.
    9. Reynolds Thomas EA: Global education in contemporary africa: How threeghanaian senior high schools are preparing the next generation of leaders andworld citizens[ Order No. 3431716]. University of Washington; 2010.
    10. SantosMA: Discovering new paths for global citizenship education in brazil: Three case studies. [Order No. MQ91360]. University of Toronto (Canada); 2004
    11. van Fleet JW. A: half billion dollars adding up to small change: The promisesand pitfalls of corporate philanthropy to support global education. [Order No. 3461647]. University of Maryland, College Park, 2011.
    12. Young JM: Global education and good citizenship: An examination of studentoutcomes. [Order No. MR03688]. SimonFraserUniversity (Canada);                      2003. P. 9.