النظام التجاري التربوي في عهد المهدي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 أستاذ التاريخ الإسلامي ، جامعة نيالا ، کلية التربية ، قسم التاريخ

2 أستاذ التاريخ الحديث ، جامعة زالنجي، کلية التربية ، قسم التاريخ

3 أستاذ التاريخ الحديث،جامعة الفاشر،کلية التربية، قسم التاريخ

10.12816/0043845

المستخلص

استهدفت الورقة الأهمية التاريخية للنشاط التجاري عبر الدولة المهدية  مع إظهار  و توضيح  جوانب  الاضطراب الذي صاحب  هذا النشاط  کالخلل  الأمني الناتج عن صراع القبائل المعارضة للدولة المهدية  إضافة إلى تزمر  التجار للنظام  القائم الذي  حد من نشاط التجار الفاسد .
کان المهدي  مهتماً  بأمر التجارة و التجار لذلک کثيراً ما يرسل  الرسائل التي تحمل بين سطورها التوجيه و الإرشاد  و الترغيب و الترهيب أحياناً . ثم سار  على نهجه  خليفته  الذي  وضع للسوق ضوابط صارمة  ، کما  حسن  الإدارة و المراقبة ، قد قامت  الدولة بصک العملة  مع المحافظة  على استمرارها  تداولها.
إزاء ذلک  وجدت  الکثير من السلع  طريقها  إلى الأسواق المحلية أو الخارجية . فأصبح  للدولة  عائداً مادياً مقدراً  مما  أسهم في دفع  عجلة  الاقتصاد  التجاري              بصورة ملحوظة
کان احتکار  التجارة  من خلال بيت المال الرئيس  عاملاً في ازدهار هذا النشاط لأنه قوم  النظام  التجاري  و أخضع  التجار  للمراقبة  حتى لا يتثنى لهم  التسلل و تهريب  البضائع  للخارج . کما جاء  اهتمام  الدولة  المهدية بتطبيق فريضة  الزکاة  لأنها  رکن من أرکان الإسلام ، و عاملاً  مهماً  للتفاعل  الاجتماعي  هذا بجانب  اهتمام الدولة بالضرائب و العشور و توزيعها على مستحقيها .              
      The research was the historical significance of business activity across the Mahdist state with the show and clarify aspects of the turmoil that accompanied  this activity, as security disturbance due to opposition of tribal conflict Mahdia state, in addition to mump traders based system which limited their business corrupt.
     Mahdi was interested by Commerce and traders so often sends messages that carry between lines direction, guidance ,motivation and frightening sometimes. Then followed  by his  ` successor, who put to the market strict control approach, as improving administration and observation, and the state coinage for  currency while maintaining the continuity and deliberation.
    According to the previous reformations a lot of goods found its route to domestic  or foreign markets, bringing the state estimated fun
 
 
 
 
 

الموضوعات الرئيسية


 

           کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

النظام التجاری التربوی فی عهد المهدی

 

إعــــداد

د /  حنان عبد الرحمن عبد الله التجانی

أستاذ التاریخ الإسلامی ، جامعة نیالا ، کلیة التربیة ، قسم التاریخ

E.mail;hananAbdo5566@gmail.com

د /  الطاهر الحاج النور أحمد زروق

  أستاذ التاریخ  الحدیث  ، جامعة زالنجی، کلیة التربیة ، قسم التاریخ

د / حلیمة عبد الرحمن بکر صندل

أستاذ التاریخ الحدیث،جامعة الفاشر،کلیة التربیة، قسم التاریخ

 

}     المجلد الثالث والثلاثین– العدد الثامن –  أکتوبر 2017م  {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

مستخلص

استهدفت الورقة الأهمیة التاریخیة للنشاط التجاری عبر الدولة المهدیة  مع إظهار  و توضیح  جوانب  الاضطراب الذی صاحب  هذا النشاط  کالخلل  الأمنی الناتج عن صراع القبائل المعارضة للدولة المهدیة  إضافة إلى تزمر  التجار للنظام  القائم الذی  حد من نشاط التجار الفاسد .

کان المهدی  مهتماً  بأمر التجارة و التجار لذلک کثیراً ما یرسل  الرسائل التی تحمل بین سطورها التوجیه و الإرشاد  و الترغیب و الترهیب أحیاناً . ثم سار  على نهجه  خلیفته  الذی  وضع للسوق ضوابط صارمة  ، کما  حسن  الإدارة و المراقبة ، قد قامت  الدولة بصک العملة  مع المحافظة  على استمرارها  تداولها.

إزاء ذلک  وجدت  الکثیر من السلع  طریقها  إلى الأسواق المحلیة أو الخارجیة . فأصبح  للدولة  عائداً مادیاً مقدراً  مما  أسهم فی دفع  عجلة  الاقتصاد  التجاری              بصورة ملحوظة

کان احتکار  التجارة  من خلال بیت المال الرئیس  عاملاً فی ازدهار هذا النشاط لأنه قوم  النظام  التجاری  و أخضع  التجار  للمراقبة  حتى لا یتثنى لهم  التسلل و تهریب  البضائع  للخارج . کما جاء  اهتمام  الدولة  المهدیة بتطبیق فریضة  الزکاة  لأنها  رکن من أرکان الإسلام ، و عاملاً  مهماً  للتفاعل  الاجتماعی  هذا بجانب  اهتمام الدولة بالضرائب و العشور و توزیعها على مستحقیها .              

 

 

 

 

 

 

 

Abstract

      The research was the historical significance of business activity across the Mahdist state with the show and clarify aspects of the turmoil that accompanied  this activity, as security disturbance due to opposition of tribal conflict Mahdia state, in addition to mump traders based system which limited their business corrupt.

     Mahdi was interested by Commerce and traders so often sends messages that carry between lines direction, guidance ,motivation and frightening sometimes. Then followed  by his  ` successor, who put to the market strict control approach, as improving administration and observation, and the state coinage for  currency while maintaining the continuity and deliberation.

    According to the previous reformations a lot of goods found its route to domestic  or foreign markets, bringing the state estimated fun

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة :

  کان السودان متطلعاً کغیره من بلدان العالم  الإسلامی  للخلاص  من سوء  الحال  وإقامة وضع  فیه سلامة للدین و عدالة الحکم و کفالة العیش ورد الکرامة  المسلوبة .

فکان فی تراث الإٍسلام أدلة کافیة عن ظهور الإمام المهدی  الذی سوف یظهر لیطهر  البلاد  من الفساد  ویعم  الأمن  والسلام و العدل .

وعندما ظهر محمد أحمد  المهدی  الذی ولد بجزیرة  لبب و نشأ  نشأة دینیة  خالصة ، و أظهر جانباً  کبیراً  من الزهد  والورع  فالتف حوله  أقرانه ، کما  وجد مکانة  عالیة  فی نفس أستاذه ، فذیع صیته ثم هاجر  إلى الجزیرة أبا حیث التف الناس حوله  فأصبح له  مریدین کثر ،خاصة  عندما  أسر  بمهدیته  لخاصته  ثم أعلنها جهراً حتى یواجه الحکومة

فواجهها و خاض  معها  معارک  کثیرة ، فکان  هو المنتصر فی کل جولة،  فزاد هذا الانتصار  المستمر من عدد  مناصریه  ، کما  قویت  شوکته و ازدادت ثقته   بنفسه  ، مما جعله  یفکر  فی تغییر النظام  القائم  وبهذه الکیفیة أصبحت  الدعوة  دینیة  سیاسیة  ، فنجح الإمام المهدی  فی تکوین  دولة  ذات إرادة قویة.

أستطاع المهدی أن یضع  دستوراً  لدولته  الجدیدة  ومنهجاً إسلامیاً شهد  له التاریخ.

  فارق المهدی الحیاة باکراً ، وخلفه الخلیفة  عبد  الله  التعایشی الذی سار على نهجه وعلى الرغم  من العقبات والصعوبات  التی واجهت  الدعوة  المهدیة  إلا أنها  استطاعت  أن تصنع  دولة  قویة شغلت العالم  الخارجی  کثیراً .

أهداف الدراسة :

‌أ.         إظهار أهمیة  النشاط التجاری  کأساس  اقتصادی  لأی دولة .

‌ب.     أظهار  الدور  الکبیر الذی لعبته  الدولة المهدیة  فی مجال  التجارة .

‌ج.      إلمام الباحثین  بقدر قلیل من المعلومات  عن حرکة  التجارة فی عهد الدولة المهدیة 

أهمیة الدراسة :

  1. تکمن  أهمیة  هذه  الدراسة فی أنها  تحاول  الکشف  عن مدى  اهتمام  الدولة  المهدیة بتطبیق المبادئ التی نادى بها ومن ثم الاهتمام بالأهالی  و رفاهیتهم .
  2. محاولة معرفة  الجهود  التی بذلتها  الدولة  المهدیة  لحمایة  التجارة  والأسواق  الداخلیة ، وکیف أنها استطاعت  أن تنجح فی علاقاتها  التجاریة  الخارجیة  بالرغم  من وجود  التحدیات والمهددات بالدولة .

منهج الدراسة :

اتبعت الدراسة منهج  السرد  ،الوصف  والتحلیل التاریخی بلوغاً للهدف .

المحور الأول

 النظام التجاری فی عهد المهدی

       لاشک أن التجارة من الأنشطة الاقتصادیة المهمة التی عنی بها الإسلام منذ فجره ، فنری أن الرسول صلى الله علیه وسلم کان مهتماً بهذا النشاط ، لأنه عمل ، بها لهذا أنشأ لها نظاماً إسلامیاً رائعاً وهی الحسبة ، واضطلع بذاته الشریفة بها ، منعاً للظلم بین المنتج والوسیط ، فکان الشعار لا ضرر ولا ضرار.

      کان الرسول صلى الله علیه وسلم ، یجوب الأسواق بنفسه ، مراقباً وموجهاً وحاثاً المسلم أن یکون(سمحاً إذا باع وإذا اشتری وإذا اقتضی) کما کان یحذر الوسیط من ظلم المستهلک والمنتج وعندما وجد بائعاً یخفی المبتل من الطعام تحت الجاف منه نبهه قائلاً:(أفلا جعلته فوق حتى یراه الناس؟ من غشنا فلیس منا(  لذلک حرم الدین الحنیف البیع إلا بتحدید دقیق للمباع نوعا وسعرا ،  هکذا کانت التجارة فی عهد الرسول صلی الله علیه وسلم ([1]).

       أما الدولة المهدیة فإنها اتخذت عدة إجراءات تنظیمیة وإداریة إزاء النشاط التجاری وحرکته،فقد سعت سعیا حثیثا لتنظیم السوق وإدارته بجانب اهتمامها بالعملة حیث أصدرت عملة نقدیة للتعامل بها،مع ضرورة استمرارها وتوفرها،أن هذا التطور یشکل حرکة تجاریة نشطة کما یمثل میلاد قاعدة جدیدة فی مرحلته الأولی لتجاوز سلبیات الحکم السابق               (الحکم الترکی).

      ولما کان السوق یمثل جانبا مهما فی أی دولة ، نلاحظ أن المهدی قد وضع لها برنامجا اقتصادیا لمجتمع فی حالة حرب ، وفی مجتمع کهذا من الطبیعی إن تذوب نزعة التملک الفردی لیحل مکانها الرغبة الملحة للمشارکة مع إحساس الفرد باکتفائه بما یقیم قوت یومه فقط ، متمسکا بمنهج المهدی الزاهد الداعی إلی نبذ الحیاة الفانیة  وقشورها والتطلع إلی حیاة أخری، فاتسق روح الجهاد والنزعة الزاهدة فی الحیاة فأصبح المجتمع صاحب سلوک فاضل یؤثر حیاة الشراکة علی الخصوصیة ([2]).

 

       بالرغم من حرص المهدی الشدید علی وضع برنامج اقتصادی متین یلبی طموحاته وطموحات أنصاره إلا أن حرکة السوق الداخلی فی فترته قد أصیبت بنوع من الکساد وذلک جراء الحروب والمعارک والاضطرابات المستمرة ، مما أدی إلی ضعف النشاط التجاری وإحجام التجار وخاصة الأجانب من الممارسة  التجاریة النشطة، کما اضطرب تداول العملة وغیرها من الأنشطة التی تتعلق بالتجارة ، لاغرو فان ذلک دائما ما یحدث فی حالة الحروب الشعبیة ، لذا لم تشهد فترة المهدی نشاطا تجاریا فعالا لکن الخطوات والتدابیر التی تم اتخاذها فی عهده شکلت علی قلتها احدی الأسس التی ارتکزت علیها مسیرة الحرکة التجاریة فی العهد المهدوی ، فکانت أهم تلک الخطوات تسلیم بیت المال کل الأسلحة والذخائر والذهب والفضة والماشیة والرقیق ، هذا بجانب ضمها للدکاکین والوکالات والطواحین والبنوک التجاریة . وکان الهدف وراء ذلک إخضاع النشاط الاقتصادی لاحتیاجات الحرب أما الخطوة الثانیة حث المهدی الأهالی عن الصدق عند التعامل فی البیع والشراء وعدم القسم بالله فوق البیع . کما أن المهدی قد قید البیع بالآداب مثل : عدم التفکیر فی الربح فقط ، حتى لا یندفع التاجر وراء الثراء الفاحش لان ذلک یتنافی مع السلوک الإسلامی . فأصبح ذلک السلوک هو دیدن التجار فی عهد المهدی ، و عهد الخلیفة عبد الله ([3]).

 

 

 

 

 

 

 

وما یؤکد ذلک رسالة المهدی الآتی نصه :

من المهدی فی آداب التجارة

بسم الله الرحمن الرحیم

  الحمد لله الوالی الکریم والصلاة علی سیدنا محمد واله مع التسلیم وبعد.

فمن عبد ربه محمد المهدی بن السید عبد الله إلی کافة أحبابه فی الله المؤمنین بالله وبکتابه خصوصاً أهل السوق بالنعمة وغیرها وجمیع المتعاطین حرفة البیع والشراء .

اعلموا أحبائی : أن الدنیا کلها بما فیها من زهرتها ونعیمها لا تزن عند الله جناح بعوضة، بل حلالها حساب وحرامها عقاب، وان الله تعالی قد أوضح لکم فیها منهج الحق ودلکم علیه لتلتزموا بالصدق کی تقیموا الوزن بالقسط فی جمیع معاملاتکم وما تؤثرون وتذرون من اخذ وبیع وشراء إلی غیر ذلک فقال جل وعلا "اتبعوا ما انزل إلیکم من ربکم من قبل أن یأتی یوم لا بیع فیه ولا خلة ولا شفاعة " ونفی عنکم الظلم بقوله:" والکافرون هم الظالمون".

فکان عزیمة المهدی لکل من بلغه المنشور ودرى ما فیه أن لا یفتری علی الله کذباً ولا یغش أحداً ولا یمکر ولا یخادع ینقض عهداً ولا یحلف یمیناً فاجرة لاستجلاب حطام الدنیا الساحرة ولا یبخس میزاناً أو مکیالاً ولا یطففه ، ویلزم الصدق فی أخذه وعطائه وبیعه وشرائه وجمیع معاملاته ... الخ .)

                        24 شعبان سنة 1300ه/الموافق 30مایو سنة 1883م([4]).

بدأ السوق یستعید نشاطه واستقراره تدریجیاً عندما اهتم المهدی بالناحیة الإداریة التی نظمت حرکة الشراء والبیع فی السوق ولعل سوق أم درمان هو النموذج الأمثل لذلک ، لان المدینة شهدت الحرکة التجاریة الداخلیة النشطة خاصة وأنها مرکزاً مهماً للتجارة بالداخل نظراً لربطها للمناطق المعزولة التی کانت تحیط بها، فأصبحت أم درمان مرکزاً تجاریاً نشطا جاذبا للتجار ًمن مناطق مختلفة( کردفان ، الجزیرة ، دنقلا ، بربر، الجنوب، سواکن، وبعض الدول الخارجیة فیما بعد)([5]).

 

المحور الثانی : النظام التجاری فی عهد الخلیفة عبد الله

        بعد وفاة المهدی وجه الخلیفة عبد الله نظره نحو الحرکة التجاریة فقام بوضع نظام تجاری ملزم للتجار، فکانت الخطوة الأولی مطالبة أمین بیت المال بکتابة تقریر یومی عن النشاط التجاری فی السوق کان شیخ السوق یقدم تقریراً یومیاً عن الحوادث التی تقع فیه ، ومن جانب آخر عین الخلیفة عدداً من المراغبین عرفوا باسم مصلحی السوق المراقبین ومهامهم تنصب فی مراقبة أحوال السوق وإصلاحه خاصة فی الحوادث التی تقع عند البیع الشراء وطمأنة الأهالی وعدم التعرض لهم .

کما أُسست محاکم للسوق للتأکد من أن البیع والشراء یتم بالتراضی کما تقوم المحکمة بإصلاح السلوک ومنع الغش والفساد مع الاهتمام بالأسعار ومنع التهریب، والوقوف علی صحة اللحوم والخضروات والفواکه، إضافة للمأکولات المعروضة للبیع، وکانت للمحکمة مأموراً لمراقبة الموازین والمکاییل ، ومراقبة آداب السوق عند البیع والشراء ومعاقبة اللصوص ، وفی العام ( 1888م ) تم تقسیم السوق ، وخصص لکل مجموعة تتاجر فی سلعة معینة مکان خاص بها([6]).

اهتم الخلیفة بسوق الذرة(موردة العیوش) وعین لها مشرفاً للتوجیه والإرشاد، وتعدیل الکیل کما أمر الوسطاء(السبابة أو السماسرة) أن یلتزموا بالتوجیهات ولا یحق لهم ممارسة السمسرة أو السبابة فی العیوش، مع عدم احتکارها ، وبذلک کان تجار العیوش أکثر فئات التجار إلزاماً بالسلوک والأخلاق التجاری([7]).

من جانب آخر خصص مکان معین للتجار من النساء، وکان ذلک تعاطفاً من الدولة تجاه النساء اللائی فقدن أزواجهن فی الجهاد ، فخصص لهن سوقاً منعزلاً منعاً للاختلاط ، فکان لنساء البقارة مقدرة عقلیة جبارة فی التجارة ومعاملاتها ، إما النساء بصفة عامة قد نجهن فی ممارسة التجارة المتخصصة ، فصرن عنصراً جدیداً دخل المجال والنشاط التجاری بفعالیة ، فأسست نواة لسوق عرف الیوم بسوق النسوان .

اهتمت الدولة بتنظیم الأسواق فی الأقالیم  بالذات فی أسواق المدن الکبیرة وعین لها الخلیفة مشرفین أکد لهم أن معاملة الناس فی الأسواق سواسیة ، نتیجة لذلک ظهرت الأسواق فی مناطق الإنتاج وأخذ إلیها التجار والبدو الرحل والمزارعین لتصریف بضاعتهم وشراء احتیاجاتهم ([8]).

الجدیر بالذکر أن الأسواق قسمت إلی أربعة أنواع أساسیة النوع الأول الأسواق الکبیرة فی المدن ، النوع الثانی أسواق القرى ، أما النوع الثالث فهی الأسواق الصغیرة( أم سویقو) ، وأخیراً النوع الرابع هی الأسواق الموسمیة غیر المستقرة أو المتجولة أو الأسبوعیة وهی أکثر شهرة .

لقد أدی تنظیم الأسواق إلی سهولة التعامل والحرکة عند توزیع البضائع مع ازدیاد الإرباح بصورة کبیرة وفاعلة ([9]).

فلح أولاد البقارة ونسائهم وأطفالهم فی التجارة حتى أصبح لهم نصیب کبیر فی تجارة القطاعی( التجزئة) فی أم درمان ففاق نشاطهم المجموعات الأخرى ،کما أن قطاع الرعاة دفعهم التعامل بالعملة( الریالات) إلی جمع المال والثراء([10]).

أتجه الخلیفة بتجارة دولته نحو الحبشة حباً فی کسب المال خاصة بعد زیادة إرباح بالدولة ، فکان استیراد البضائع  من الحبشة یتم بسریة تامة ، فظل مندوبو الخلیفة یتصلون سراً بالنقادیة ( هم التجار من الحبشة ، أما لفظ نقادة فهی حبشیة الأصل وتعنی تجارة) ، استمر النشاط التجاری بین دولة المهدیة والأحباش إلی حیث ظهور الزحف الأجنبی نحو السودان ، فأدی ذلک ألی توقف تلک المساعی التجاریة.

الجدیر بالذکر بعد سقوط الخرطوم جلب التجار السودانیین قدراً کبیراً من الذهب والفضة ، فظهرت ممارسة النهب والتهریب وانتشرت بصورة واسعة نحو جهات خارج السودان ، مما جعل الخلیفة یصدر أمراً شدید اللهجة للتجار بعدم حمل الذهب والفضة إلی مصر فأثر ذلک سلباً علی النشاط التجاری بین السودانیین ، ولکن ذلک لم یستمر طویلاً ، فانتعشت التجارة مرة أخری وعاد للسودان نشاطه بتبادل السلع والبضائع ( الصمغ ، ریش النعام، التمر وغیرها)([11]).

        کان النظام المتبع جمع هذه الأصناف فی بیت المال إلی جانب ما فیه من بضائع مخزونة ، علی إن تقدم جمیعها فی سوق المزاد ، فیقوم السودان بالشراء من بیت المال   نقداً علی أن یرده للتجار بالفائدة وینصرف التجار إلی مصر حیث یتم حیث وبیعها            بالفائدة أیضاً([12]).

        ضعف النشاط التجاری للرقیق والأسلحة فی عهد الخلیفة نظراً لأوامره الصارمة التی أصدرها إلی عماله فی الأسواق الحدودیة ، خاصة فی منطقة بربر والدامر وعیزاب ، وکانت مصر وسواکن مرکزیین نشطین لهذا التهریب لذلک أصدرت ذات الأوامر فی المدن الواقعة علی حدود الحبشة ([13]).

        تضاءلت تجارة الرقیق بشکل کبیر خاصة عقب إقصاء الصیادون المصریون من بحر الغزال والاستوائیة ، إضافة إلی أن الخلیفة عامل القبائل النیلیة علی أساس أنها حلیفة له فی الصراع من اجل تحریر السودان کافة.

      بالرغم من جهود الخلیفة لقمع تجارة الرقیق إلا أن هناک بعض التجار السودانیین نجحوا فی إخفاء بعض الأرقاء ومقایضتهم مع التجار الأجانب فی مقابل مواد مثل الرصاص والبارود ، فکانت تجارة الرقیق مصدراً دائما ومهما  لبعض التجار ([14]).

          کان من نتائج تنظیم السوق ظهور العملة النقدیة لأهمیتها فی تبادل السلع ، قبل              سقوط الخرطوم لاحظ المهدی أن الأهالی أحجموا عن تبادل العملات نظراً للحرب القائمة ، لکن عقب سقوط الخرطوم رأی المهدی ضرورة إصدار عملة مستقلة حتى یستقیم أمر التبادل التجاری ، ولیؤکد استقلاله عن مصر أوکل إلی احمد سلیمان أمین بیت المال القیام بتلک المهمة علی أن یستعین ببعض الصاغة بالخرطوم ، فتم إصدار أول عملة للمهدیة فی العام (1885م) من ثلاث فئات: جنیه ذهب وریال فضة ونصف ریال فضة وکانت قیمة العملات السائدة عالیة لارتفاع نسبة الذهب والفضة فیها ، وتم تداول جمیع أنواع العملات فی المعاملات التجاریة ، فی الأسواق الداخلیة بالرغم من انتشار أسلوب التبادل  التجاری (المقایضة)([15]).

بعد مرور سنوات من الثورة أحست دولة المهدیة بحاجة ملحمة للمال نظراً لزیادة الواردات عن الصادرات ، إضافة إلی النشاط الکبیر فی تهریب سبائک الذهب والفضة بکمیات کبیرة إلی الخارج ، مما جعل الخلیفة یفکر فی  سک عملة خاصة بالدولة المهدیة فقرر إصدار عملة جدیدة وأوکل إلی أمین بیت المال الجدید إبراهیم عدلان تنفیذ المهمة فأسست دارا لسک العملة فی ام درمان وأسند الإشراف الفنی إلی الیاس الکردی علی أن یعاونه حاج قلندر(صائغ من بخاری) ففی العام (1887م ) صدرت أول عمله فضیة للخلیفة وکانت من أربع فئات عشرون قرشاً، عشرة قروش ، خمسة قروش ، وقرش.

فکان صافی الفضة فیها أقل بمعدل ثلاث أرباع من عملة المهدی ، رفض التجار التعامل بها ، فأُستخدم معهم إجراءات معینة صارمة وأجبروا علی قبولها فظلت مستخدمة حتى عام 1892م ([16]).

عندما تولی النور الجریفاوی عمالة بیت المال کان له فهم عن العملة إذ أدرک أن العملة لیست سوی رمز وقیمتها لیست بقیمة المادة المصنوعة منها طالما بها الأختام .

لهذا أخذت نسبة الفضة تقل فی العملات التی صدرت فی عهده وفی عام1893صدرت عملة جدیدة سمیت(أبو کیس) وهی تعتبر أنجح عملة أصدرتها الدولة المهدیة ، لکن الملاحظ أن الخلیفة لم یکن راضیاً عن العملات التی تصدر فأولی اهتمامه بمسبک العملة ومنح نیوفلد الألمانی الذی کان أسیراً فی الدولة المهدیة مبلغ خمسمائة ریال لعمل سبک جدید وعین معه أثنین من السوریین لمعاونته ، ویبدو أن العملة التی صدرت لم تکن جیدة لان کمیة الفضة التی بها کانت قلیلة کما قام الصاغة  بتزویرها.

ومنذ العام 1897م تحول إصدار العملة من أیدی المقاولین فأصبح مسئولیة بیت المال وکان أمین بیت المال هو المسئول عما یجمع من الأموال ، لذلک کان یتم اعفاء أمناء بیت المال من وقت لأخر حتى لا یتورطون فی عملیات الرشوة ([17]).

 

ظهرت عملات محلیة متعددة فی الأسواق المحلیة مما أدی إلی اضطراب فی حرکة التجارة بالأسواق ، کما أصبحت الأسعار للبضائع تتغیر وفقاً لنوع الریال ، وأیضاً اختفت الریالات التی تحتوی علی بعض الفضة وبقیت ریالات النحاس التی لقبها الناس(بالبزاجوری) مما جعل التجار یخفون بضائعهم فاضطربت الحرکة التجاریة فی أم درمان وتدهورت الأحوال الاقتصادیة ، انزعج الخلیفة لهذا الوضع وحمل رئیس السوق وضابط الشرطة المسئولیة وقام بفصلهما ، ووضع إدارة السبک تحت إمرته مباشرة ثم اضطر إلی إغلاقه ، مما أدی إلی انخفاض سریع فی قیمة العملة وارتفعت أسعار البضائع ([18])

      إن تغییر العملة المستمر والتزییف أدیا إلی إضعاف التجارة بصورة کبیرة سادت الفوضى فی الأسواق ، وبذلت الدولة المهدیة عدة محاولات للمحافظة علی استقرار العملة وسیولتها لأنها تلعب دوراً کبیراً فی حیاة الناس الاقتصادیة فکانت تنجح حیناً وتفشل حیناً.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور  الثالث : أهم السلع المتداولة فی السوق

أ‌.    المحاصیل : تعتبر الذرة من أهم المحاصیل المنتجة و المستهلکة  فهی الغذاء  الرئیسی  للسکان کما یشمل إنتاجها أکبر المساحات الزراعیة ، لذلک  شکلت تجارة الذرة نشاطاً  أساسیاً  فی عملیة  التبادل  التجاری  و خاصة  فی مناطق الإنتاج کالجزیرة مثلاً  .

اهتمت  الدولة المهدیة  بسوق  الذرة  فی القضارف  لأنها  من  ضمن مناطق إنتاجه المهمة و لما کانت المنطقة  مسرحاً  للمعارک الدمویة  رأى الخلیفة ضرورة  إعادة  الاستقرار للمنطقة  و عودة  قبائل  الضبانیة لیشتغلوا  بمزارعهم لقضاء حاجاتهم  ، کما أن ذلک سوف یشکل مصدر دخل کبیر لبیت المال .

فوجد الجزء  الشمالی الحظ الأوفر فی سوق الذرة خاصة فی مجال تموین السکان والجیوش المرابطة , ومن ناحیة أخرى مد منطقة شرق السودان بالذرة [19]

فأصبح هناک استقراراً ملحوظاً فی سعر الذرة  لکنه ارتفع وقفز بصورة عالیة عند بدایة الغزو الاستعماری   .

لکن إذا أخذنا فی الاعتبار ظروف وأحوال دولة المهدیة الداخلیة والخارجیة فإننا نلحظ أن الأسعار تتعرض إلی تقلبات کثیرة بید أن الصفة الغالبة هو الاستقرار النسبی [20]

التمر:أصبح التمرمحصولاً آخر مهماً فی السوق الداخلی , فکان بیعه یتم بطریقة تمثل نموذجاً لأسلوب التبادل التجاری الذی کان متبعاً فی دولة المهدیة , کان التجار یدفعون الثمن مقدماً لمندوبی بیت المال , ثم یرسلون من ینوب عنهم إلی المدیریة الشمالیة لاستلام الکمیة بعد أن یأخذوا  التصاریح ( وهی عبارة عن رخص کان یمنحها بیت المال للتجار الذین أوفوا بالتزاماتهم المالیة حتى لا یتعرض لهم أحد ولا یواجهوا معارضة من أی جهة من الجهات) .[21]

 

ب‌.    المواشی :

هی من الأصناف التی تکثر عرضها فی السوق (کالخیول ، الإبل , والأبقار ,         الماعز ) وذلک یشیر إلی أن الرعاة کانوا یلعبون دوراً أساسیا فی مصدر الدخل داخل المدینة أو خارجها أو فی مناطق الزراعة المتطورة , من جانب آخر أن والحروب   وتحرک الجیش المستمر کان فی حاجة على بعض تلک الأصناف کوسیلة أحیاناً [22]

کانت الحرکة التجاریة تعتمد على الإبل لنقل البضائع , الملاحظ أن الدولة المهدیة لم تضع أسعاراً محددة لتلک الحیوانات کما فعلت الحکومة الترکیة المصریة .

إن أسعار الخیول کانت تتراوح ما بین 200 إلی 600 ریال والبغل ما بین 60 إلی 120 , إما سعر الحصان أرتفع إلی ألف ریال مع بدایة الغزو الأجنبی فأصبحت الأسعار تسیر وفقاً لهذا الجدول .

الصنف

السعر فی بدایة الدعوة

السعر عند قیام الدولة

السعر عند الغزو الأجنبی

الأبقار

30 – 40 ریال

100 – 160 ریال

600 ریال

الجمال للرکوب

80 – 100 ریال

200 – 400 ریال

1000 ریال

جمل الشیل

50 – 75  ریال

60 – 80  ریال

600 ریال

الضان

2 – 3  ریال

3 – 6  ریال

40  ریال

ثم وفقاً لارتفاع تکالیف الترحیل ارتفعت الأسعار .[23]

ج. الصمغ : نظراً لأهمیة التجارة بها والمکانة التی تلعبها فی الحیاة الاقتصادیة جاء اهتمام الدولة المهدیة  بهذه السلعة النقدیة   , وقد أحتکر بیت المال هذه السلعة بالذات إضافة لسن الفیل , باعتبار أن أسلوب الاحتکار کان معروفاً منذ العهد الترکی المصری , وسارت الدولة المهدیة على ذاک المنوال ، أما عملیة التعامل التجاری بسلعة الصمغ ؛ فإن بیت المال هو الذی یحدد السعر الذی کان یتراوح ما بین العشرین إلی الثلاثین ریالاً للقنطار.[24]

ثم یقوم بیت المال ببیعه للتجار فی حدود ثلاثین إلی أربعین ریال  فکان یعرض على التجار أحیاناً بضائع من بین المال مقابل الصمغ الذی یمتلکونه ، الملاحظ أن سعر الصمغ  لم یکن ثابتاً ، فقد وصل أواخر  عهد المهدیة إلى خمسة ریالات ، لکن بیت المال  حدد السعر بسبعة ریالات  وعلى  التجار الشراء  بذات السعر  مما جعل التجار یقدمون طلباً  للخلیفة  للتدخل  من أجل  تخفیض  السعر  الصادر  من بیت المال .[25]

کان الصمغ یصدر عن طریق النیل شمالاً إلی مصر وعن طریق سواکن إلی أوروبا , وعند مدینة بربر تدفع علیه ضریبة عبارة عن ریال لکل قنطار کما یتم أیضاً فحص البضاعة بدقة , وتدفع خمسة ریالات أخرى لکل قنطار متجهة شرقاً أو شمالاً , وبذلک شکلت ضرائب الصمغ دخلاً شبه ثابت لبیت المال یصل أحیاناً إلی سبعة وأربعین ألف ریال فی الشهر .[26]

الجدیر بالذکر أن النشاط الخاص بتجارة الصمغ قد شکل نوعاً من الترابط الإقلیمی الداخلی والخارجی , مما أدی إلی أضعاف العزلة والانطواء بالداخل  .

  سن الفیل :

لما کان سن الفیل من السلع النقدیة المهمة , جاء اهتمام الخلیفة بها کبیراً , وقد کتب إلی حمدان أبو عنجة قائلاً (نعرفک أن سن الفیل کان سابقاً للکفرة وآلت بعد ذلک للمهدیة , وصارت لعموم المسلمین وحقها إن تحفظ من الإضاعة والداعی ذلک ما  أذنا سابقاً لأحد فی بعیها  و التصرف فیها فأرسلوا الموجود بطرفکم منها جمیعاً ولا یصیر بیع شیء بالغرب کلیة ) من خلال هذه الرسالة یتضح أن أسعار سن الفیل بالغرب کان ضئیلاً  ربما کان الخلیفة یرید لهذه السلعة أرباحاً کبیرة. [27]

یأتی سن الفیل غالباً مرة فی العام من الاستوائیة وأحیانا من دارفور ولم تکن للسلعة مردوداً نقدیاً وافراً , نتیجة للقارات التی کانت تشنها القبائل المحلیة , مما جعلت الدولة المهدیة تفقد سیطرتها على تلک المناطق ,

کان سن الفیل یرد إلی بیت المال ثم یصدر إلی سواکن وینقل بالراکب , وکانت الکمیة کبیرة أحیانا .

ه. ریش النعام :

أصبح ریش النعام من السلع النادرة القلیلة نظراً لانعدام الأسلحة الناریة والذخیرة بعد وقف استیرادها من الخارج کما أن الخلیفة منع صید النعام على ظهور الخیل , کما منع تربیته , لکن السبب الأقوى أن الخلیفة منع استعمال الأسلحة الناریة إلا لإغراض الحرب کما رفض التماس أی عذر من التجار بمزاولة هذا النوع من الصید .[28]

و. الرقیق :

هذا النوع من التجارة یعتبر أرثاً قدیماً ورثته الدولة المهدیة من العهود القدیمة, انتعشت نسبیاً فی عهد الحکم الترکی المصری لکنها ضعفت کظاهرة بل کأنها اختفت مؤخراً.

أما فی عهد الدولة المهدیة فإن بیت المال أحتکر التعامل بالرقیق الموجود لتوزیعه على المحاربین بدلاً عن الرواتب بأثمان منخفضة وبعد سقوط الخرطوم تجمع لدی بیت المال عدداً کبیراً من الرقیق , ووجدت الدولة مشقة فی إعاشته , فرأى المهدی أن یوزعه على الجیش لکل عشر أو عشرین جندیاً رأسا من الرقیق .[29]

عندما أستقر أمر المهدیة فی عاصمته الجدیدة أم درمان , تم افتتاح سوق معین للرقیق بالقرب من بیت المال , حیث أصبح أکبر سوق فی دولة المهدیة , وقد تم تنظیمه على ید ود عدلان , کما کان بالأبیض سوق أخر وأسواق أخرى فی المدن المختلفة , جمیع هذه الأسواق تتعامل فی بیع النساء والأطفال لأن الذکور یؤخذون للجندیة .

فکانت سیاسة بیت المال فی شراء الرقیق الصالح للجندیة وترک الباقی للتداول الحرفی فی السوق [30]

کانت مناطق جبال النوبة هی المصدر الأساسی للرقیق بینما الاستوائیة کان طریقها شبه مغلق , إضافة لوجود مشقة کبیرة للوصول ألیها هذا بجانب تمرد القبائل و عصیانها مع صعوبة استخدام السفن لانعدام الزیوت وقطع الغیار , کما أن السدود کانت تمثل عوائق کبیرة عند الملاحة , أما بحر الغزال یأتی منها القلیل عن طریق التهریب , کما کان وارد بنی شنقول قیلاً؛ لأن هنالک أمراً أن یتم التعامل فقط مع من یحمل تصریحاً من بیت المال أو ترخیص من عامل بحر الغزال .[31]

مع مرور الوقت أصبح الرقیق التعامل التجاری به نادراً لأن تداوله فی السوق أصبح یدر أرباحاً طائلة کما یستخدم أحیاناً کعملة تستبدل ببضائع أو یباع لکسوة الجهادیة أو لسد حاجة الجنود الملحة أو حاجة الأنصار .

کان الخلیفة یخشی تسرب الرقیق نحو مصر وسواکن , حتى لا یستخدموا کأدوات ضد الدولة المهدیة . و بالرغم من تحوط الدولة المهدیة ألا أن التجار کانوا یهربون الرقیق ویقومون ببیعه بأثمان باهظة ، لذلک منع الخلیفة أی تداول للرقیق الشباب , کما منع تهریب الرقیق عبر البحر الأحمر إلی جدة حتى لا یضع الانجلیز یدهم علیه فی البحر , خاصة وأن تجارة البحر الأحمر کانت نشطة ویتم خلالها تهریب الرقیق عبر مختلف الموانی , بما فیها الموانی التی تقع فیها المیاه الایطالیة .[32]

أما عن الضرائب فی الدولة المهدیة فإنها طبقت نفس أنماط الضرائب الإسلامیة 

الزکاة العشور وأضافت التغنیم ) وکذلک مصادر الأموال الاخرى وبعض الضرائب المباشرة  هذا بجانب التبرعات التی یجود بها التجار .

فکانت الغنیمة تقسم وفقاً للآیة الکریمة قال تعالی:(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ إِنْ کُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا یَوْمَ الْفُرْقَانِ یَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ) سورة الأنفال الآیة (41))

أما التغنیم فهو کالغنیمة من حیث أن کراهما یؤدی إلی أخذ کل أموال الجهة المعادیة وردها لبیت المال ,ألا أن الغنائم مرتبطة بظروف الحرب وهی النمط المعروف التاریخ الإسلامی , أما التغنیم فهو مصادره أموال أعداء المرتکبین للأمور التی یصادر مال مرتکبیها دون وجود حرب بین الطرفین ولا تقسم الأموال الصادرة کما تقسم الغنیمة بل تذهب کلها لبیت المال . وقد اعتبر البعض الأحیان أن الغنیمة والتغنیم حالة واحدة تجوزاً.[33]

أما الزکاة فهی رکن من أرکان الإسلام , وقد حددت أنواعها ومقادیرها حسب السنة النبویة وحددت الشریعة الإسلامیة خمسة أنواع تجب فیها الزکاة وحددت مقادیرها وهی (زکاة النقد , السوائم , عروض التجارة أی ما لیس بذهب أو فضة , الزرع والثمار , المعدن واالرکاز)ثم توزع الزکاة بنص الآیة الکریمة قال تعالی : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاکِینِ وَالْعَامِلِینَ عَلَیْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِی الرِّقَابِ وَالْغَارِمِینَ وَفِی سَبِیلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِیلِ فَرِیضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِیمٌ حَکِیمٌ ) سورة التوبة الآیة  (60) .

کما تؤخذ العشور عن مرة واحدة فی السنة من کل خادم تقدیرات العشور من 10% على أهل الحرب , 5% من أهل الذمة و5 و2% على المسلمین .[34]

وفی حالات أخرى کانت تراعی الظروف الاجتماعیة لأن العشور هی العوائد الجمرکیة . الملاحظ أن الدولة المهدیة لم تأتی بجدید بالضرائب وإنما أخذت الضرائب التی کانت متبعة فی الدولة الإسلامیة , فی المهدیة لم تخرج عن أطار المذاهب الأربعة وهذا التناقض موجود لیس فی الدعوة المهدیة وحدها , بل داخل الحرکات الصوفیة                 بصفة عامة.[35]

واجهت الدولة المهدیة مشکلة جمع الضرائب خاصة فی أواخر أیامها, ولعل ذلک یعود إلی ظروف تکوین الدولة نفسها , ففی أغلب الأحیان کانت الضرائب تجمع من مناطق الإنتاج الزراعی والمدن حیث توغل عنصر التجار داخل المجتمع والتغلغل فیه ، فکانت الفئة المؤهلة تاریخیاً لقیادة جهاز الدولة وخلق المناخ المناسب لمسار التجارة هم أولاد البلد , الذین عرفوا فنون التجارة وارتادوا آفاقها مع إدخال (الجلابة) لکن الصراع حول السلطة أبعد هؤلاء عن أجهزة الدولة وحل محلهم أولاد العرب , فأصبح التنافس والاختلافات المستمرة هی التی شکل طبیعة العلاقة بینهما مما أثر عن السلطة السیاسة وانعکس ذلک الصراع إلی الجانب الاجتماعی مما أدى إلى ظهور فئتین مختلفتین من حیث التکوین التاریخی والمناخ النفسی والثقافی , مقابل ذلک کان هناک أسلوبان فی ممارسة الحکم , إزاء ذلک أصبح جمع الضرائب عبئاً على السلطة المرکزیة التی کانت فی أیدی               أولاد العرب .

لاشک أن مبدأ المهدیة کان منطلقاً من موضع الزهد حتى یتسنى لها محو أثار الحکم الترکی المصری الذی کان بعیداً عن نمط الحیاة الزاهدة ، وبالتالی هی بعیدة عن الدین . بالإشارة إلى القبائل التی ناصرت المهدی فلم تکن جمیعها تحمل هذا التوجه فی نفسها إذ کانت قبائل مندفعة نحو جمع الغنائم التی وفرتها الحرب [36]

لذلک انتشرت حوادث النهب والتعدی عن الأنفس للحصول على الغنائم , لذا کان التناقض بین ما یدعو له المهدی وما تریده تلک القبائل کبیراً , فالغنیمة والحصول علیها  بذاک الأسلوب کان  خروجاً عن صفة الزهد أو رفضاً له [37]

إن الغنائم التی شغلت أنصار المهدی هی نفسها التی شغلت المسلمین منذ بدایة الإسلام ولعل موقف المسلمین فی موقعة أحد یشهد بذلک ، فلا غرو أن کان هنالک صراعاً أو میلاً نحو الغنیمة خاصة وأن أنصار المهدیة قد ترکوا مصادر الدخل لدیهم وانخرطوا فی الجهاد , لذلک کانت الغنیمة وسیلة تعویضیة فقط وحافزاً مادیاً یدفع کل فرد للجهاد ونذکر من غنائم المهدیة فی انتصاراتها الأولى عقب الانتصار على راشد أیمن (9 دیسمبر 1881م) غنم الأنصار ما کان معه من مال ورجال وذخائر، ثم الانتصار على یوسف ألشلالی (30مایو 1882م) کانت الغنائم شیئاً کثیراً من النقود , والملبوسات والدواب والأسلحة و بعد تسلیم الأبیض (19 ینایر 1883م) وقعت فی ید المهدی 6000 جنیه وکمیات وافرة من مختلف  الأشیاء , وعند انتصار المهدی على هکس (5 نوفمبر 1885م ) کانت الغنائم کثیرة ومتعددة یفوق الوصف.[38]

ما یجدر الإشارة إلیه أن الغنائم تحولت من ملکیة الإفراد إلی حق مشروع للمجاهدین وبالتالی بدأ الصراع بین الرغبة فی التملک والرغبة فی تسلیم الغنائم  لبیت المال لحصره وتقسیمه، وفی ذات الوقت هناک الرغبة الملحة فی الاستحواذ التی غالیاً ما تغلب النفوس . لذلک کان المهدی کثیراً ما یوجه أنصاره إلی عدم الانصیاع للرغبات الذاتیة حتى لا تسیطر علیهم ویقعون فی شباک الانحرافات کالسرقة أو أخفاء ما حصلوا علیه  ،کما کان برشدهم على الاعتماد على النفس. وذلک بصدق الجهاد على أن تکون الغنائم وفقاً للجهاد ومن یستطیع أن یصرف على نفسه فیفعل حتى یصبح بیت المال خالصاً للمجاهدین و الفقراء هذا بجانب اعترافه بمبدأ الخمس للمجاهدین [39]

فی عهد الخلیفة توسع مفهوم ودلالة الغنائم عند الأنصار و تعددت أغراضها , فشملت غنائم الحرب والأموال المصادرة سواء من القبائل أو الإفراد وهو ما عرف بالتغنیم , فلم تعد الغنیمة عقوبة دینیة بل عقوبة سیاسیة .

بعد نهایة الحرب ضد الحکم الأجنبی أصبحت الحروب ضد القبائل المعارضة فی الداخل من أهم مصادر الغنیمة مما أدی إلی انفلات أمره فصار عشوائیاً مما دفع الخلیفة أن یصدر أمراً قاطعاً قال فیه : (لا یجری من أحد تغنیم أحد ألا بأمرنا أو من عامل الجهة ....ولا یغنموا  شیئاً لا قلیل ولا کثیر ألا بعلمنا...) لکن عندما تحدث بعض التجاوزات کان الخلیفة یأمر برد الأموال المصادرة إلی أصحابها [40]

الزکاة :

رکن من أرکان الإسلام الخمسة فرض على  المسلمین منذ فجر الإسلام وبدایة الرسالة لتحقیق التکافل الاجتماعی عن طریق الإنفاق الذی أشار علیه الإسلام فی أکثر من خمسین أیة حیث هو السبیل الموصل للبر .[41]

أشار مکی شبیکة بقوله : (ولکن عصب الحیاة لجسم المهدیة هو الزکاة الشرعیة على المحصولات والإنعام والماشیة والأغنام ).[42]

لا غرابة أن شکلت الزکاة على المواشی والحبوب الجانب الأساس لدخل الدولة لأن حرفتا الزراعة والرعی هما اللذان یلعبان القدح المعلى فی الاقتصاد , خاصة فی بلد یأخذ بمبادئ الشریعة الإسلامیة ویسعی لتطبیقها . 

لم تشهد فترة المهدیة استقراراً یسمح بجمع الزکاة بشکل منظم لکنها وضعت الأسس النظریة التی یتم بموجبها جمع الزکاة , ولم تخرج تلک الأسس عن المبادئ الأساسیة التی وضعتها الشریعة الإسلامیة , فکان دور الدولة تذکرة الناس بها بعد أن نسیت أو کادت أن تُنسی , ثم محاولة تطبیقها بصورة عملیة .

إزاء ذلک أصدر المهدی منشوراً مفصلاً عن الزکاة المستحقة على المواشی والمزارع.[43]

کما أکد المهدی تحدید الزکاة  على الساقیة على أساس العمل الإنسانی المبذول ولیس على مساحة الأرض کما کان یفعل الأتراک , فکان انتصاره على هکس عام (1883م) بدایة تطبیق نظام الزکاة فکان دقیقاً فیها تفادیاً للظلم الذی حاق بالناس فی العهد السابق .

عندما جاء الخلیفة للحکم واجهته مشکلتان هما کیف یقنع الناس بدفع الزکاة وما هی الأسس السلیمة التی یجب أن یضعها لجمعها , بالرغم من أن الزکاة فریضة ألا أنها عبء مالی لأنها ضریبة یجب أن یدفعها الفرد للدولة ، بدافع أنسانی ذاتی ودینی ،وما لم یتم الاتساق مابین المثل الدینیة والرغبات الدنیویة تبقی الزکاة عبئاً . 

کان جمع الزکاة من أکثر المسائل صعوبة لذلک یتم جمعها عن طریق موظفین یسمونهم عمال الحقوق , وأحیانا یکلف أعیان المنطقة وشیوخها للقیام بتلک المهمة , ویسمح العمال الزکاة بالتعاون مع الشیوخ الذین یؤدون القسم على حسب الأرقام التی قدموها . لا حظ الخلیفة تذمر الأهالی عند جمع الزکاة فنبه العمال یعدم التجاوز بحوزة أن یحملوا الناس مالاً طاقة لهم به وقد ورد ذلک فی عدة رسائل منها .

(بلغنا أن بعض منکم ضیقوا على أخوانهم المؤمنین غایة التضییق و عاملوهم بمحض الظلم والجور حتى صاروا یکرهون أخذ الحقوق من غیر وجه شرعی وکلما تخلصوا من طائفة تبعتها طائفة أخرى .....).

حتى حصل الغدر والظلم على الأهالی وإذاهم، ذلک إلی سوء الظن بالمهدیة .[44]

أما العوائد الجمرکیة فقد عرفت بشکل منظم منذ عهد الترکیة واستمرت الدولة المهدیة فی تطبیقها , فکانت قیمتها فی البدایة اثنین و نصف فی المائة (2,5%) ثم ارتفعت إلی عشرة فی المائة (10%) ویجری تحصیلها عن طریق بربر , سواکن وفی دنقلا العرضى, بربر , کسلا , القضارف , وأحیاناً یتم تحصیلها عدة مرات فی الطریق وتدفع نقداً وعیناً , وتؤخذ على الصادرات والوردات ویشرف علیها بیت المال أشرافاً مباشراً وأنه یختم البضائع بختمه و یتم تحدید العشور حسب سعر البضاعة أو کمیتها .[45]


الخاتمة

خلصت  الدراسة  إلى أن  الدولة   المهدیة  کانت نموذجاً  لأحدی  الدول الإسلامیة  بالسودان  وقد حاولت  أن تحافظ  على المجد الإسلامی لیتسق  مع أحوال  الأهالی  آنذاک .

نجح المهدی  مؤسس الدولة  المهدیة  فی  إعادة  مجد  الإسلام لسیرته  الأولى إلى حدٍ ما ، لکنه  واجه بعض   الصعوبات  الداخلیة  و الخارجیة ، مما  جعلت  الدولة  تعیش  حالات  صراع  دائم ؛ لکن  بالرغم من ذلک عاش الأهالی السودانیین فی رحاب  الدولة  المهدیة  الإسلامیة  فترة  تتخللها إدراک القیمة  بالذات ، مع ضرورة  الدفاع عن  الوطن عن طریق  تعزیز مبدأ التعاون  و الوحدة  من أجل  وطناً حراً مستقلاً.

النتائج :

  1. لا شک أن الدولة   المهدیة  کانت دولة  غنیة  نشأت  و تأسست  فی وقت  عصیب .
  2. طبقت  الدولة  الکثیر  من المبادئ  و القیم  التی نادی  بها  مؤسسها بالرغم  من المعوقات و الصعوبات التی أعرضتها.  

التوصیات :   

1-  ضرورة  إثراء المکتبات الجامعیة بوثائق ومنشورات الدولة المهدیة لأنها  تحمل بین طیاتها الکثیر من المعلومات المهمة  .

2-       ضرورة المزید من البحث والتقصی فی تاریخ الدولة المهدیة لأنها نشأت تحت ظروف  استثنائیة .

 

 

 

 

 

 

قائمة المصادر و المراجع :

  • القرآن الکریم .
  1. محمد هائم عوض ، حمایة المستهلک من منظور اقتصادی إسلامی ( مقال بدوریة، العدد 17 ، الخرطوم ، دار جامعة أفریقیا العلمیة للنشر ، 1997م.
  2. محمد سعید القدال ، الإمام المهدی ، محمد أحمد بن عبد الله ، بیروت دار الجیل ، 1992م .
  3. محمد سعید القدال ، السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة ، بیروت ،دار الجیل، 1997م.
  4. محمد إبراهیم أبو سلیم ، منشورات المهدی ، بیروت ، دار الجیل ، 1979.
  5. محمد سعید القدال ، تاریخ السودان الحدیث ، 1920م – 1955م .
  6. سرجی سمرنوف ، دولة المهدیة من وجهة نظر مؤرخ سوفیتی ، ترجمة هنری ریاض ، بیروت دار الجیل ، 1994م .
  7. فیفان أمینة باجی ، الخلیفة عبد الله حیاته و سیاسته ، ترجمة مکی بشیر ، الخرطوم ، المروة للطباعة ، 1990م .
  8. سلاطین باشا ، السیف و النار ، الطبعة الثالثة ، بیروت دار الجیل ، 1988م .
  9. نعوم شقیر ، تاریخ السودان ، تحقیق محمد إبراهیم أبو سلیم ، بیروت دار الجیل ، 1981م .
  10. محمد إبراهیم أبو سلیم الأرض  فی المهدیة ، شعبة أبحاث السودان ، جامعة الخرطوم ، 1970م .
  11. صالح العلی ، التنظیمات الاجتماعیة و الاقتصادیة فی البصرة ، القرن الأول الهجری ، ط1 ، بیروت دار الطبیعة للنشر ، 1969م .
  12. حسین مرة ، النزاعات المادیة فی الفلسفة الإسلامیة ، ج1 ،    ، ج1 ، بیروت ، دار  الفارابی للطباعة (1978م) 
  13. مکی شبیکة ، السودان فی قرون ، ط3 ، بیروت دار الثقافة للطباعة ، 1991م .
  14. عون الشریف قاسم ، الإسلام و العروبة فی السودان ، ط1 ، بیروت ، دار الجیل ،1989م .


1محمد هاشم عوض ، مقال بدوریة(حمایة المستهلک من منظور اقتصادی إسلامی) مجلة دراسات اقریقیة  ، دار الجامعة ،العدد 17 (1997) ص 37 ،

[2] محمد سعید القدال ، الإمام المهدی محمد احمد بن عبد الله ، بیروت ، دار الجیل(1992م) ص144.

[3]محمد سعید القدال ، السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة ، بیروت ، دارالجیل(1997م) ،ص75.

[4]محمد إبراهیم ابو سلیم ، منشورات المهدیة ، بیروت ، دار الجیل (1979م)، ص ص 273،274

[5] محمد سعید القدال ،تاریخ السودان الحدیث ، 1955م، ص258.

[6]سیرجی سمرنوف ، دولة المهدیة من وجهة نظر مؤرخی سوقیتی ، ترجمة هنری ریاض ، بیروت ، دارالجیل (1994م) ، ص130.

[7]  محمد سعید القدال ، تاریخ السودان الحدیث ، مرجع سابق ، ص258.

[8]محمد سعید القدال ، تاریخ السودان الحدیث ، مرجع سابق ، ص259

9ا  لمرجع السابق ، ص259

[10]  فیفات أمینة باجی ،الخلیفة عبد الله حیاته وسیاسته ، ترجمة مکی بشیر ، الخرطوم ، المروة للطباعة (1990م) ،ص128.

[11]سلاطین باشا ، السیف والنار فی السودان ،ط3 ، بیروت ، دار الجیل (1980م)، ص223.

[12] المرجع السابق ، ص224.

[13]  فیفان امینة باجی ، مرجع سابق ، ص128.

[14] محمد هاشم عوض ، مرجع سابق ، ص14.

[15]محمد سعید القدال ، السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة ، مرجع سابق ، ص79.

[16]  محمد سعید القدال ، السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة ، مرجع سابق ، ص81.

[17]    فیفان یاجی ، ص83.

[18]المرجع نفسه ، والصفحة.

[19]- محمد سعید القدال : السیاسة الاقتصادیة للدولة المدیة , مرجع سبق ذکره ,ص 23. 

[20]- سلاطین باشا  : مصدر سبق ذکره , ص 54.

[21]- سلاطین باشا : مصدر سبق ذکره , ص 54.

[22]- سلاطین باشا :المصدر نفسه, ص 58.

[23]- سلاطین باشا : مرجع سبق, ص 46 .

[24]- نقوم شعیر : تاریخ السودان وجغرافیته ,  تحقین محمد إبراهیم أبو سلیمان , بیروت ,’ دار الجبل (1981م) , ص 176. 

[25]-  نعوم شقی : مرجع سبق ذکره , ص 17.

[26] - سلاطین باشا : مرجع سبق ذکره , ص 126.

[27]- محمد سعید القدال : المحاسبة الاقتصادیة للدولة المهدیة , مرجع سبق ذکره , ص 96.

[28]- محمد سعید القدال : مرجع سبق ذکره , ص97 .

[29]- سلاطین باشا : مصدر سبق ذکره , ص 408.

[30]- المرجع نفسه , ص 558.

[31]- محمد سعید : السیاسة الاقتصادیة وبه للدولة البریة , مرجع سبق ذکره , ص 99.

[32]- محمد سیعد القدال : مرجع سبق ذکره ص 99.

[33]- محمد إبراهیم أبو سلیم   : الأرض فی المهدیة , (شعبة أبحاث السودان , جامعة الخرطوم ) 1970 ص 34

[34]- صالح العلی : التنظیمات الاجتماعیة والاقتصادیة ن البصرة فی القرن الأول الهجریط1 بیروت , دار الطبیعة للنشر (1969م) , ص 144.

[35]- محمد سعید القدال : السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة , مرجع سبق ذکره , ص 146.

[36]- حسین مرة النزاعات المادیة فی الفلسفة العربیة الإسلامیة , ج1 , ط1 , بیروت , دار الفارای للطباعة , (1978م) , ص 218 . وأنظر محمد سعید داود : الصراع بین البلد وأولاد االعرب , رسالة ماجستیر غیر منشورة جامعة الخرطوم (1996) ص25.

[37]- مکین شبیکة : السودان فی قرن , ط3 , بیروت , دار الثقافة للطباعة (1991م) , ص 389.

[38]-  محمد سعید القدال : السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة , مرجع سبق ذکره , ص148.

[39]-  محمد سعید القدال : تاریخ السودانت الحدیث (1920- 1955م) مرجع سبق ذکره , ص 262.

[40]-  عون الشریف قاسم : الإسلام والعرویة فی السودان , ط1 , بیروت , دار الجبل , (1989م) , ص 156.

[41]- عون الشریف قاسم : مرجع سبقذکره  , ص 156.

[42]- المرجع نفسه والصفحة .

[43]- محمد سعید  : السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة , مرجع سبق ذکره , ص 153.

[44]- محمد إبراهیم أبو سلیم  : منشورات المهدیة  ، مرجع سبق ذکره , ص 180.

[45]- محمد سعید القدال : تاریخ السودان الحدیث (1920- 1955م ) مرجع سبق ذکره , ص 265.

  1. قائمة المصادر و المراجع :

    • القرآن الکریم .
    1. محمد هائم عوض ، حمایة المستهلک من منظور اقتصادی إسلامی ( مقال بدوریة، العدد 17 ، الخرطوم ، دار جامعة أفریقیا العلمیة للنشر ، 1997م.
    2. محمد سعید القدال ، الإمام المهدی ، محمد أحمد بن عبد الله ، بیروت دار الجیل ، 1992م .
    3. محمد سعید القدال ، السیاسة الاقتصادیة للدولة المهدیة ، بیروت ،دار الجیل، 1997م.
    4. محمد إبراهیم أبو سلیم ، منشورات المهدی ، بیروت ، دار الجیل ، 1979.
    5. محمد سعید القدال ، تاریخ السودان الحدیث ، 1920م – 1955م .
    6. سرجی سمرنوف ، دولة المهدیة من وجهة نظر مؤرخ سوفیتی ، ترجمة هنری ریاض ، بیروت دار الجیل ، 1994م .
    7. فیفان أمینة باجی ، الخلیفة عبد الله حیاته و سیاسته ، ترجمة مکی بشیر ، الخرطوم ، المروة للطباعة ، 1990م .
    8. سلاطین باشا ، السیف و النار ، الطبعة الثالثة ، بیروت دار الجیل ، 1988م .
    9. نعوم شقیر ، تاریخ السودان ، تحقیق محمد إبراهیم أبو سلیم ، بیروت دار الجیل ، 1981م .
    10. محمد إبراهیم أبو سلیم الأرض  فی المهدیة ، شعبة أبحاث السودان ، جامعة الخرطوم ، 1970م .
    11. صالح العلی ، التنظیمات الاجتماعیة و الاقتصادیة فی البصرة ، القرن الأول الهجری ، ط1 ، بیروت دار الطبیعة للنشر ، 1969م .
    12. حسین مرة ، النزاعات المادیة فی الفلسفة الإسلامیة ، ج1 ،    ، ج1 ، بیروت ، دار  الفارابی للطباعة (1978م) 
    13. مکی شبیکة ، السودان فی قرون ، ط3 ، بیروت دار الثقافة للطباعة ، 1991م .

    عون الشریف قاسم ، الإسلام و العروبة فی السودان ، ط1 ، بیروت ، دار الجیل ،1989م