الخامات وأثرها على إثراء المشغولة الفنية فى مابعد الحداثة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

تخصص اشغال فنية موجه تربية فنية بإدارة الفتح التعليمية

المستخلص

       تستخلص الدارسة أن فن ما بعد الحداثة قد جمع بين المادة والشکل والمضمون وعبر الفن عن واقع الحياة بمفهوم فلسفى معاصر وکانت التکنولوجيا لها دور فعال فى إضافة إمکانيات جديدة کما أسهمت الوسائط التشکيلية الطبيعية والصناعية فى إستحداث قيم جمالية وصياغات تشکيلية لأعمال فنية تتوافق مع متطلبات العصر ، الأمر الذى أدى إلى التعدد فى الإتجاهات الفنية فتجلت التغييرات فى شکل ومضمون العمل الفنى . فقد اعتمدت أعمال فنانى ما بعد الحداثة على إختلاف إتجاهاتهم الفنية الخروج عن السائد وعرض الأعمال الفنية خارج المتاحف والمعارض . ويظهر ذلک فى المحاولات الإبداعية التى قدمها فنانى البوب والتجميع والتى تقع فى إطار حرکة التحرر من نماذج الأعمال الفنية التقليدية بل الاهتمام بعمليات الإبداع الفنى ذاتها إزاء المادة  والتقنية المتبعة فى صياغاتها والتى أتاحت فرص للإبتکار لتحقق استجابات إيجابية مع الجمهور.
      کما تعددت الوسائط التشکيلية عند فنانى البوب والتجميع فى أعمالهم المجسمة وکان له أثره على هيئة التشکيل المجسم لديهم وما إرتبطت به من قيم تعبيرية وتشکيلية حيث لکل خامه من تلک الخامات دلالات وقيم تعبر لنا عن رموز لم تظهر إلا عندما وظفت فى داخل العمل الفنى ، حيث استخدمت خامة اللدائن بإمکانياتها التشکيلية لتحقيق قيم جمالية وتم صياغتها بطرق متعددة أفادة تلک الأساليب المتبعة فى التشکيل المجسم ، بحيث أوجد لنا فنانى البوب رؤى فنية وفکرية مختلفة يمکن أن تفيدنا فى إثراء المشغولة الفنية .
 
 
 
 
 
 

الموضوعات الرئيسية


 

           کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

 

الخامات وأثرها على إثراء المشغولة الفنیة فى مابعد الحداثة

 

 

 

إعــــداد

                                         أ / إیمان وجدى عزمى

                                        تخصص اشغال فنیة

                           موجه تربیة فنیة بإدارة الفتح التعلیمیة

 

 

 

}     المجلد الثالث والثلاثین– العدد التاسع – جزء ثانی–  نوفمبر 2017م  {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

ملخص:

       تستخلص الدارسة أن فن ما بعد الحداثة قد جمع بین المادة والشکل والمضمون وعبر الفن عن واقع الحیاة بمفهوم فلسفى معاصر وکانت التکنولوجیا لها دور فعال فى إضافة إمکانیات جدیدة کما أسهمت الوسائط التشکیلیة الطبیعیة والصناعیة فى إستحداث قیم جمالیة وصیاغات تشکیلیة لأعمال فنیة تتوافق مع متطلبات العصر ، الأمر الذى أدى إلى التعدد فى الإتجاهات الفنیة فتجلت التغییرات فى شکل ومضمون العمل الفنى . فقد اعتمدت أعمال فنانى ما بعد الحداثة على إختلاف إتجاهاتهم الفنیة الخروج عن السائد وعرض الأعمال الفنیة خارج المتاحف والمعارض . ویظهر ذلک فى المحاولات الإبداعیة التى قدمها فنانى البوب والتجمیع والتى تقع فى إطار حرکة التحرر من نماذج الأعمال الفنیة التقلیدیة بل الاهتمام بعملیات الإبداع الفنى ذاتها إزاء المادة  والتقنیة المتبعة فى صیاغاتها والتى أتاحت فرص للإبتکار لتحقق استجابات إیجابیة مع الجمهور.

      کما تعددت الوسائط التشکیلیة عند فنانى البوب والتجمیع فى أعمالهم المجسمة وکان له أثره على هیئة التشکیل المجسم لدیهم وما إرتبطت به من قیم تعبیریة وتشکیلیة حیث لکل خامه من تلک الخامات دلالات وقیم تعبر لنا عن رموز لم تظهر إلا عندما وظفت فى داخل العمل الفنى ، حیث استخدمت خامة اللدائن بإمکانیاتها التشکیلیة لتحقیق قیم جمالیة وتم صیاغتها بطرق متعددة أفادة تلک الأسالیب المتبعة فى التشکیل المجسم ، بحیث أوجد لنا فنانى البوب رؤى فنیة وفکریة مختلفة یمکن أن تفیدنا فى إثراء المشغولة الفنیة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

قدمت التکنولوجیا فى العصر الحدیث للفنان کماً هائلاً من الخامات وذلک نتیجة التقدم العلمى والصناعى فى القرن العشرین ، حیث توفر للفنان من الوسائط غیر التقلیدیة وذلک من خلال تطور العلوم والصناعات ، والتى من خلالها أفسحت الطریق لتکوین مفاهیم تشکیلیة جدیدة ساعدت على تحرر الفنان التشکیلى من الحدود التى فرضتها المعاییر والخامات التقلیدیة ، ولهذا یتضح الأثر الفعال على الفن فى تغیر الشکل والموضوع والمضمون وطریقة الاسلوب مما ساعد الفنان من تحقیق أفکاره .

من هنا لابد وان ینطلق الفنان لتطویر مفهومه عن الفن ورؤیة الاتجاهات الفنیة الحدیثة لکی یبنی فکراً جدیداً عن الأشغال الفنیة ویعمل جاهداً لکی یلحق مجال الأشغال الفنیة بالمجالات الأخرى فی إطار من الفکر والفلسفة الخلاقة التی تعطی آفاقاً جدیدة وحلول   تشکیلیة مبتکرة .

  " ولقد تأثر الفنانون فی الحرکات الفنیة الحدیثة بالوسائط التشکیلیة التی وفرتها التکنولوجیا والصناعات الحدیثة ، وأصبح العمل الفنی لا یعتمد على الخامات التقلیدیة ، بل أدخل علیها خامات أخرى مصنعة أو مخلقة من مواد طبیعیة أو کیمیائیة ؛ حیث قدمت تکنولوجیا العصر الحدیث للفنان کمّاً متزایداً من الخامات والتقنیات ، وهو ما نتج عن المجتمع الصناعی الذی تمیزت فنونه باستعارة العدید من خاماته ، وإمکاناته . هذا إلى جانب متروکاته ومستهلکاته . ولقد غیرت مفاهیم الفن الحدیث والمعاصر تحدید استخدام خامات بعینها لفن من الفنون ، فلا نجد الفنان یعبّر عن فنه مجدداً فی إطار خامة تخص مجاله الفنی فقط " ([1]).

إن الأعمال الفنیة فى فن ما بعد الحداثة هى أفکار یعبر عنها الفنان بإسلوبه الخاص من خلال تقنیات وأسالیب مبدعة لیخاطب طبقات المجتمع المختلفة واقتضى ذلک تنوع الإتجاهات التى ظهرت فى فن ما بعد الحداثة . ویشمل البحث عرض لبعض تلک الإتجاهات ثم تحلیل للأبعاد التشکیلیة لفن التجمیع وفن البوب .

 

مشکلة البحث : یمکن تحدید مشکلة البحث فى السؤال الآتى :

ما إمکانیة تأثیر الخامات على المشغولة الفنیة فی ما بعد الحداثة ؟

فرض البحثحتى یمکن الإجابة على سؤال البحث فإن الباحثه تضع الفرض الآتى :

یمکن الإستفادة من إمکانیة الخامات وأثرها فى إبتکار المشغولة الفنیة فى ما بعد الحداثة.

هدف البحث :

یهدف البحث إلى عمل مشغولات فنیة بالإستفادة من الإمکانات التشکیلیة للخامات فى ما بعد الحداثة.

حدود البحث :

دراسة مختارات من الأعمال الفنیة المعاصرة لبعض فنانى ما بعد الحداثة لإظهار أثر الخامة على إثراء المشغولة الفنیة .

منهج البحث : تتبع الدراسة المنهج التاریخى والمنهج الوصفى التحلیلى

 دراسة تحلیلیة لنماذج من الاعمال الفنیة لبعض فنانى ما بعد الحداثة

المحور الأول : أثر الخامة على المشغولة الفنیة

مادة العمل الفنى لیست مجرد خامة صیغ منها العمل ، ولکنها غایه فى ذاتها تعین على تکوین الموضوع الجمالى للمشغولة الفنیة حیث تتألف فیها جمیع الخامات لتشکیل المشغولة ، حیث تعتمد المشغولة الفنیة فى بنائها التشکیلى على مجموعة من الخامات المتجانسة تعمل معاً فى إطار من التولیف ، ولکل خامة دور خاص یتفق والغرض من المشغولة ، فالخشب والألیاف بأنواعها ، الجلود والعظام والقطع الخزفیة والزجاج  والأحجار والمعادن إلى جانب اللدائن الصناعیة کالبلاستیک ، والنایلون ، والبولى استر ، والألیاف الزجاجیة کلها خامات تمثل البالتة التشکیلیة لفنان المشغولة الفنیة ، بملامسها السطحیة ودلالاتها الحسیة .

فقد قدمت تلک الخامات دوراً هاماً فى تغییر شکل المشغولة الفنیة فکان لابد لکل فنان أن یکون على صلة مستمرة بهذه الخامات الحدیثة بالإضافة إلى سعیه المستمر فى البحث والتجریب فى هذه الخامات للتعرف على خصائصها التى تمیز کل خامة عن غیرها فقد تکون مرنه أو صلبة ، ناعمة أو خشنة ، شفافة أو معتمة ، وغیرها من الخصائص . کما إنها تعد وسائط تشکیلیة یستفید منها الفنان فى المشغولة الفنیة فبعض الخامات تعطى أشکال خطیة أو تعطى مساحات ، أو تعطى إحساس بالکتلة والفراغ ، أو تعطى قیماً ملمسیة وأخرى تعطى نفاذیة للضوء . کما أن للخامة إمکاناتها التشکیلیة التى تتیح للفنان إستنباط أسالیب فنیة وتقنیة ملائمة لمعالجاتها التشکیلیة .

ویذکر جیروم ستولینتز " أن المادة الخام لا تکتسب صیغة فنیة فتصبح مادة استاطیقیة إلا بعد أن تکون ید الفنان إمتدت إلیها فخلقت منها محسوساً جمالیاً ". ([2]) وبهذا یتضح إن الفنان یتناول المادة الخام لیحولها إلى مادة جمالیة ، وهذا یدل على علاقة وإرتباط الخامة بالشکل والمضمون .

" حیث تمثل الخامة دائماً محوراً هاماً فی المجالات الإبداعیة فی المشغولات الفنیة ،  وتعتبر الخامة هی الوسیط المادی الذی به ومن خلاله أیضا یتم تجسید واستشعار القیم والمعاییر الفنیة والجمالیة ، ومن ثم فدراسة الخامة تعتبر أساساً حیویاً نقف من خلاله على مدى تقدم الفکر التشکیلی فنیاً وإبداعیاً ، حیث تنعکس على الخامة أفکار العصر ورؤیته الحضاریة فی کل حقبة زمانیة ". ([3])

حیث شهد القرن العشرین العدید من الإتجاهات الفنیة التى أثرت فى مجال الفنون التشکیلیة بصفة عامة والأشغال الفنیة بصفة خاصة بإعتبارها أحد مجالات الفنون والتى ترتبط بإتجاهات العصر وفلسفته الفکریة فلا بد أن نأخذ بعین الإعتبار الإتجاهات الفنیة الحدیثة فى بناء المشغولة الفنیة وخاصتاً فنون ما بعد الحداثة موضوع البحث .  

المحور الثانى : إتجاة ما بعد الحداثة والفن التشکیلى 

مفهوم ما بعد الحداثة :

تعتبر ما بعد الحداثة مرحلة حساسة فى تاریخ الفن من نهایة الستینیات وحتى بدایة الثمانینیات ، فقد شهدت هذه المرحلة نقلة نوعیة فى الفنون وتغیراً فى کافة المفاهیم الفلسفیة والفنیة ، وکذلک تغیراً فى رؤیة المتلقى والمتذوق للاعمال الفنیة . مما تسبب فى تغییر الفکر التقلیدى الذى یستمد جمالیاته من خلال جمالیات المجتمع وقیمة .

حیث استخدم الکثیر من الباحثین مصطلح ما بعد الحداثة للدلالة على المتغیرات التى سادت الحضارة الغربیة منذ نهایة الحرب العالمیة الثانیة ، والأنتقال من الصناعة إلى التکنولوجیا الحدیثة ، التى ظهرت فى المجتمعات الغربیة ، حیث سادت فیها التکنولوجیا والمعرفة البحثیة ، والتحول من البحث النظرى إلى التطبیق العملى التکنولوجى ، أو ما سمى فیما بعد بحتمیة التکنولوجیا ، والتى ساعدت فى تحویل العالم إلى قریة متقاربة الاطراف ترتبط بمحرکات علمیة جدیدة .

  نجد الفنان فی" ما بعد الحداثة Post Modernism  قد تخلص من عقدة التصارع مع التقالید، ولم یکن یحمل أی مشاعر تلزمه بالتقید بأی أصول نابعة من جمالیة تقلیدیة ، کما قدم حلولاً فی قضیة الاتصال المتفاعل مع الإنسان ومع التاریخ ، کما زاد الاتجاه ناحیة التعددیة الثقافیة ونحو الثقافات العالمیة وبدأ الفن یتخلى عن عقدة التحدی بالتصالح مع ثقافة العصر لإعادة الصلة بین الفنان والجمهور ".([4])

بدأ مصطلح ما بعد الحداثة Postmodernite أو Postmodernisme فى الانتشار والذیوع بدءاً من استخداماته الأولى فى الثلاثینات من القرن العشرین ولم تکن معانیه        ودلالاته محددة .

 یرجع ظهور مصطلح ما بعد الحداثة إلى عام 1934 على ید الکاتب والناقد الاسبانى فیدریکو دى أونیس Federico de Onis " فقد أشار إلیه فى کتابه Antologia Delaloesia کرد فعل بسیط للحداثة ".([5])

لقد تحدث الفیلسوف الفرنسى جان فرانسوا لیوتارد بوضوح عن ما بعد الحداثة " واشتدت حدة النقاش بأبعادة الفنیة ، الفلسفیة والاعلامیة وبلغت ذروتها ما بین سبعینیات وثمانینیات القرن العشرین على الرغم من أن استعمال مصطلح ما بعد الحداثى یرجع إلى الخمسینیات من نفس القرن " .([6])

ویقول الکاتب والناقد الإنجلیزى تشارلز جینکس" إن کلمة Post تتصل بکلمة Posterity وتعنى الأجیال القادمة والرغبة فى المعیشة فى مکان وزمان اجتماعى ، کما أنها تحفل بالحنین للماضى أما الجانب السیکولوجى لکلمة Post فیتصف بالتسامى حیث تضیف قدراً زائداً من اللمحات الروحیة والسیاسیة للمصطلح والمعنى قدما الى ما وراء الوسائل الحدیثة بهدف التوصل إلى ما هو ابعد من الحاضر".([7])

إن بادئة (ما بعد  Post ) التى تتضمنها ما بعد الحداثة * لیست مجرد کلمة تضاف إلى أخرى موجودة بقدر ما هى لفظة محوریة تتحدد من خلالها الکلمة اللاحقة وسواء کتبت بارتباط مع الحداثة أو بانفصال عنها Postmodernity Or Post-Modernity أو حتى Postmodernism .

استخدام Hyphen  فى مصطلح ما بعد الحداثة

  "یقول لیوتارد عندما تکتب کلمة Post-Modernism بدون  Hyphen (-)  فهذا یشیر الى أن مستخدمها ینتج ما بعد الحداثة التفکیکیة وأن کلمة ما بعد الحدیث لا تفهم بالضرورة على أنها دائما للحدیث أو لاحقه علیه فقد تکون متزامنة معه أو حتى سابقة علیه" .([8]) ولقد استخدم جنیکس المصطلح بوضع Hyphen (-)  منذ عام 1977، أما إیهاب حسن وفریدریک جیمسون ولیوتارد وغیرهم من النقاد المحدثین فقد استخدموا مصطلح ما بعد الحداثة Post Modernism بدون Hyphen (-) .

قد استخدم المؤرخ البریطانى الشهیر أرنولد توینبی مصطلح ما بعد الحدیث فی عدة أجزاء من کتابه STUDY OF HISTORY A صدرت عامی 1939 و 1945، فضلا عن طبعات أخرى مختصرة. ویستخدم توینبی هذا المصطلح للإشارة إلى التغیرات التی شهدتها الحضارة الغربیة منذ نهایة القرن التاسع عشر، ولِوَصْف الفترة التی تبدأ منذ الحرب العالمیة الأولى (1914-1918) . ویؤرخ توینبی بما بعد الحدیث للإشارة إلى ظهور الطبقة العاملة الصناعیة فی المدن.

إن مفهوم ما بعد الحداثة یتأرجح بین تصورین الأول یمکن أن نرجعه إلى جیمسن ویرى فیه بناءعلى نظرة مارکسیة . أن مفهوم ما بعد الحداثة " لیس مجرد کلمة تصف أسلوباً خاصاً ، فهو مفهوم زمنى وظیفته الربط بین ظهور خصائص شکلیة جدیدة فى الثقافة وبین ظهور نمط جدید من الحیاة الاجتماعیة ونظام اقتصادى جدید ،وهو ما یسمى بالتحدیث أو المجتمع الصناعى أو الاستهلاکى أو مجتمع وسائل الاعلام أو الرأسمالیة متعددة الجنسیات " . ([9]) مقابل هذا یکون التصور الثانى الذى یذهب فیه إمبرتو إیکو إلى القول بإن ما بعد الحداثة " لیست تیاراً حتى یتسنى تحدیده زمنیاً ، بل هو باب مثالى أو أسلوب عمل نموذجى . ویمکن القول أن کل حقبه لها ما بعد الحداثة الخاصه بها بنفس الصورة التى یکون لکل حقبه نزعة للتأنق Mannerism  خاصة بها ". ([10])

من خلال هذین التصورین یکون معنى ما بعد منحصراً فى إحدى الدلالتین : الزمان والأسلوب .

فقد ذکر الکاتب والناقد الامریکى برنارد سمیث Bernard smith  إن مصطلح ما بعد الحداثة Post Modernism  یقصد به الإنتاج الفنى الذى جاء بعد الحرب العالمیة الثانیة ، وهو خلیط من الفن التقلیدى ومن فن اللافن Ant – art فقد حدد بدایة المصطلح فى عام 1945 حیث جاء لوصف التیار المضاد للحداثة ".([11])

والمقصود به إعادة لغة الشکل الذى ضاعت هویته تماماً فى فترة الحداثة من خلال الأداء اللاشکلى وعدم الأخذ بالقیمة الجمالیة للماضى عموماً ، والمزج بین الطرز المختلفة ، والإهتمام بالتراث والعودة للتاریخ وإعادة دمجة فى أشکال جدیدة ، إلى جانب المهارة المعاصرة التى تساهم بکل أنواعها التقنیة والتکنولوجیة فى وصول الفنان لهدفه .

ویشیر الکاتب والناقد الامریکى روبرت أتکینس  Robert Atkins فى تعریفه لمصطلح ما بعد الحداثة " إنه التحول من الحداثة إلى ما بعد الحداثة فى الفترة التى تلت الحرب العالمیة الثانیة ، وتتمیز الأعمال الفنیة فى تلک الفترة بإعادة قراءة الموروث الفنى للحرکات الطلیعیة فى بدایة القرن العشرین وقد بدأ استخدام المصطلح مع بدایة السبعینیات عندما أعید ترسیم الحدود بین الشرق والغرب بعد الحرب العالمیة الثانیة ".([12])

والأعمال الفنیة فى تلک الفترة تتسم بإعادة قراءة الموروث الفنى خصوصاً مع التحولات التى ظهرت منذ نهایة الستینیات فى حرکة الفن التشکیلى الغربیة ، فقد تم التخلص من جمالیات الموروث الفنى المرتبط بفکرة الشکل ، وإحلال واقع جدید للعمل الفنى یستمد جمالیاته وقیمة الفنیة من المجتمع الذى أصبح یتمیز بالتغیر السریع ، وعلیه لم یعد بمقدور العمل الفنى أن یلبى الطموح الحضارى للمجتمع الجدید ، فأصبح هناک اتجاهات فنیة حدیثة قادرة على إیجاد صیغ جمالیة جدیدة تهدف إلى خلق حلقات للتواصل المجتمعى بکل متغیراته وتطوره ، حیث برزت أشکال فنیة جدیدة وأصبح الفن جمعیاً تفاعلیاً بدلاً من الإستاطیقیة المسیطرة على جمالیات العمل الفنى وتفرده .

أراء الفلاسفة لتعریف ما بعد الحداثة :

عکست ما بعد الحداثة رؤی فلسفیة ارتبطت فى معظمها بثقافة المجتمع خلال النصف الثانى من القرن العشرین ومن ثم نعرض أهم أراء الفلاسفة لتعریف ما بعد الحداثة . 

تعریف تشارلز جینکس Charles Jencks

      " قسم الکاتب والناقد الإنجلیزى تشارلز جینکس مصطلح ما بعد الحداثة إلى ثلاثة مقاطع المقطع الأول وهو کلمة Post التى تحدد المذهب الشامل لما بعد الحداثة فهى تعنى ما وراء أو بعد وهو ما یعطى للمصطلح صفة أنه لیس حرکة تدمیریة للحرکات السابقة له بل هى حرکة انتقادیة تصحیحیة أما المقطع الثانى Modern   فیعبر عن واقع الحیاة والنزعة الحدیثة ودائماً ما یکون مرکبا أو غامضا وقد أطلق علیه جینکس الشفرة المزدوجة أما المقطع الثالث Ism فهو یحدد هذا العصر العلمى ، فإن مصطلح ما بعد الحداثة یحمل شفرة مزدوجة بین الماضى والحاضر حیث من الطبیعى والمنطقى أن یقوم الناس بالحکم على الحاضر بالنسبة للماضى ولأنه من الماضى ".([13])

ویمکننا قیاس القیمة النسبیة لما یحدث حالیاً وکذلک الحکم على الحاضر مما یستطیع هذا الحاضر أن یقدمه مستقبلا فالماضى والمستقبل هما محاور الشفرة المزدوجة للغة ما بعد الحداثة جعلت من المصطلح حرکة جدیدة نسبیا ولیس حلا وسط بین التقلیدیة والمستقبلیة .

أکد تشارلز جینکسCharles Jencks  عام 1977 على أن ما بعد الحداثة تمثل " العلاقة المرکبة بین الماضى وإعادة تفسیر التراث والمزج بین الطرز المختلفة ". ([14])

    وقد وضع تشارلز جینکس أهم أسس ومبادىء ما بعد الحداثة وحددها             فى الآتى : ([15])

- التعددیة Diversity الثقافیة والفنیة والسیاسیة .

- المزج غیر المتجانس أو الجمال المتنافر على حد التعبیر .

- الغموض والتناقض .

- إعادة تغیر التقالید .

- تعدد الدلالات الرمزیة .

    وهو ما یؤکد تجاوز فنون فترة ما بعد الحداثة للحداثة عن طریق مزجها باهتمامات أخرى کالتراث والتقالید والغموض والتناقض . فالفن یعود إلى الماضى والطرز القدیمة للإستفادة منها وفى الوقت نفسه یمضى للأمام ، فإتجاه ما بعد الحداثة قد تضمن الصناعات والفنون التى استبعدها تیار الحداثة ، وإدراک الطبیعة بروح توافقیه جدیدة .

تعریف امبرتو ایکو Amberto Eco

    یقول الناقد الإیطالى امبرتو ایکو" إن الحرکة الطلیعیة سعت الى طمس الماضى وتشویهه مما أدى إلى تدمیرها لنفسها فى نهایة الامر ویماثل وصف امبرتو هذا لتیار ما بعد الحداثة الوصف الذى طرحة جینکس فکلاهما یرى أن التیار یعید توظیف عناصر مألوفة بطریقة ساخرة ، لکن استخدام امبرتو لعبارة تدمیر النفس فى حدیثة عن الحرکة الطلیعیة یختلف عن کلمة تطور التى یستخدمها جینکس ویحمل دلالات معارضة ".([16])

إن امبرتو على عکس جینکس لا یرى فى عودة ما بعد الحداثة إلى الماضى وعدا ببزوغ حرکة کلاسیکیة جدیدة بل یرصد عملیة تبدأ بإدراک استحالة محو الماضى وتنتهى بنظرة ساخرة الى فعل التذکر نفسه فإذا کان الماضى لا یمکن تدمیره کما یقول لان هذا التدمیر یعنى الصمت لکل الأصوات إذن فعلینا أن نقلبه. 

 

تعریف فرید ریک جیمسون   Fredric Jameson

      من وجهة نظر الناقد والکاتب الأمریکى جیمسون أن ما بعد الحداثة مفهوم " یقسم التاریخ إلى فترات للربط بین ظهور ملامح شکلیة جدیدة فى الثقافة وظهور شکل من أشکال الحیاة الاجتماعیة ونظام اقتصادى  جدید وهذان ما یطلق علیهما التحدیث أو مجتمع ما بعد التصنیع الاستهلاکى أو الرأسمالیة متعددة الجنسیات ویضیف أن ما بعد الحداثة هى محاولة لإزالة الحدود الفاصلة بین الفن الرفیع والفن الشعبى کما أنها لحظة ثریة خلاقة تتسم بأعلى درجات البهجة فإن رؤیتنا لما بعد الحداثة تترکز على کیفیة إدراکنا للحاضر والماضى والمستقبل ".([17])

إن مصطلح ما بعد الحداثة یعبر عن فترة تاریخیه وظهور ملامح شکلیة جدیدة للحیاة

ما بعد الصناعیة والتکنولوجیا أنه التحول إلى الالة والمیکروتکنولوجیا وإختفاء العمل الیدوى والأشکال التقلیدیة ، وظهور المجتمع الاستهلاکى ، وتکتلات الإتصالات متعددة الجنسیات ، حیث تتمیز ما بعد الحداثة بالتعددیة الثقافیة والسیاسیة والاقتصادیة والفنیة ، وهى حرکة ترفض الحداثة وتتجه نحو المزاوجة بین الطرز والتخلى عن الفردیة فى الاسلوب والاهتمام بالتراث وإعادة دمجه فى أشکال جدیدة .

تعریف جان فرانسوا لیوتارد Jean Francois Lyotard

    قد عرف الفیلسوف الفرنسى جان فرانسوا لیوتارد Jean Francois Lyotard ما بعد الحداثة بإنها " إلغاء المبادىء الجوهریة للحداثة ، فهى حرکة رد فعل ضد الحداثة ، أى ضد النزعة الوصفیة والتقنیة العقلانیة ، والإعلاء من شأن التقدم الأحادى والإقرار بالحقائق المطلقة والتخطیط العقلانى للأنظمة الإجتماعیة ، وتوحید أنماط المعرفة ".([18])

   فأهم ما یمیز هذه المرحلة هو الابتعاد عن الحداثة بمفاهیمها السابقة والبحث عن مفاهیم تمیز هذه المرحلة ، فقد رفضت حرکة ما بعد الحداثة فکرة التقدم الکلاسیکیة التى کانت تتصور تاریخ الإنسانیة وفق نموذج خطى صاعد من أدنى إلى أعلى ، فالتاریخ الإنسانى قد یتقدم ولکنه قد یتراجع .

تعریف إیهاب حسن

     إذا کان إیهاب حسن الکاتب والناقد المصرى أمریکى الجنسیة قد کتب عن ما بعد الحداثة فى أوائل السبعینیات ، إلا إنه لا یرى إنها بوصفها حرکة تبدأ منذ هذا التاریخ ، وإنما تعود بدایاتها إلى الثلاثینیات من هذا القرن المیلادى بل إلى التسعینات من القرن الماضى ، حیث إعتبر إن السمة الممیزة لما بعد الحداثة فهى استحالة التحدید التى تجعل من الصعوبة بمکان وضع أیة خصائص محددة لما بعد الحداثة والتمییز بینها وبین الحداثة التى یفترض أنها تساعد فى إثارة علامات الاستفهام حول أعمالها ، ومن الخصائص الأکثر تحدیداً عند إیهاب حسن " والتى وضعها فى شکل أنماط عام 1978 والتى تحویها ما بعد الحداثة هى ( الدادیة Dadism - الصمت Silence – الفوضى Anarchy – اللعب Play – اللاشکل Antiform  - المشارکة Participation – الزخرفة Decoration – التمثیل Performance – اللاحکائى  Antinarrative – تعدد الاشکال Poly Morphous) وقد خلط الناقد الأدبى إیهاب حسن  بین ما بعد الحداثة واتجاه البنائیة Deconstruction أحد أشکال الحداثة المتطورة وتناول المصطلح من خلال علاقته بموضوعات تنتمى الى ما بعد البنیویة فى الأدب " .([19])

     " ویرى إیهاب حسن أن تیار ما بعد الحداثة یمثل إستمراراً لتیار الحداثة ، ومن ثم فإن مقطع Post (ما بعد) لا یعبر عن الإنفصال بقدر ما یعبر عن الإستمراریة ، وإذا کان إیهاب قد إهتم بالأعمال الأدبیة فإن هناک نقاداً کثیرین من تیار ما بعد الحداثة صبوا إهتمامهم على مجال العمارة ".([20])

   کما یمکن القول إن الحداثة ظلت قائمة إلى جانب ما بعد الحداثة واشتملت على عناصر مشترکة مثل التوجه التکنولوجى ، وسلب الإنسانیة أو التجرید والبدائیة ومذهب التناقض والتجریبیة ، وهذه العناصر أصبحت أکثر دخولاً فى مذهب ما بعد الحداثة .

 

المحور الثالث : الخامات والمشغولة الفنیة واعمال الفنانین فى فنون ما بعد الحداثة

بعض الإتجاهات التى مهدت لفن ما بعد الحداثة :

إن الأعمال الفنیة فى فن ما بعد الحداثة هى أفکار یعبر عنها الفنان بإسلوبه الخاص من خلال تقنیات وأسالیب غریبة ومبدعة لیخاطب طبقات المجتمع المختلفة واقتضى ذلک تنوع الإتجاهات التى ظهرت فى فن ما بعد الحداثة . وفیما یلى عرض لفن التجمیع وفن البوب ثم تحلیل للأبعاد التشکیلیة للأعمال الفنیة للإستفادة من تنوع أسالیب تناول الخامات والوسائط التشکیلیة على سطح المشغولة الفنیة لإثرائها.

الفن التجمیعى Assemblage

ظهر فن التجمیع مع بدایة القرن العشرین 1950 کأحد مظاهر التغیر فى الفکر والشکل فى الفن ، و یعتمد على أسلوب التجمیع للخامات فى العمل الفنى وعلى أسلوب التولیف ویعتمد على أکثر من تقنیة ویجمع بین فى النحت Sculpture ، والتصویر Painting ، والعمارة Architecture .

" کانت نظریة سارتر الوجودیة تشیر إلى أنه من شأن الحریة أن تبعد القیم وتخلق المعاییر بمقتضى اختیار حر مطلق ودون أدنى باعث عقلى ، وکانت نظریة سارتر للحریة تتفق وفکر فنانى العصر الحدیث حیث حریة الفنان فى التعبیر هو أول ما کان یهدف إلیه فنانو القرن العشرین ".([21]) عندما ظهرت البدایات الأولى لفن التجمیع فى المدرسة الدادیة ، وذلک من خلال استخدامها للخامة جاهزة الصنع لکى تحل محل الخامات التقلیدیة ، من خلال هذا المنطق بحث فنانوا التجمیع فى هذا الاتجاه عن کل ما هو جدید لوضعه على سطح العمل الفنى ، فقد کان هدف الدادیة من أسلوب الجمع بین الخامات هو إظهار البعد الثالث .

 ویعرف قاموس الفنون الجمیلة أسلوب التجمیع " على أنه تقنیة بناء أعمال ثلاثیة الأبعاد بأستخدام عناصر مرکبة ، ویحدث ذلک فى بعض الأحیان مع استخدام العناصر المدهونة أو المُشکلة بواسطة الفنان ".([22]) کما فى شکل رقم (1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 شکل رقم (1) الفنان روبرت روشینبرج 

أسم الفنان : روبرت روشینبرج  Robert Roushenberg

أسم العمل : مونوغرام

أبعاده : 122×183×183سم

الخامات : صاج ، وأجزاء من سیارة ، إطار سیارة مطاطى ، ألوان وقصاصات وصور، عنزة محنطة ، وبر صوف طویل.

التاریخ :1955م.

المصدر: متحف مودرنا آرت فى ستوکهولم. ([23])

    هذا المجسم عبارة عن شکل عنزة محنطة ذات وبر من الصوف المطلى ومحاطة بإطار سیارة مطاطى ومرتکزة على قاعدة من الخشب وضع علیها مجموعة من الألوان والقصاصات والصور المضبوعة بطریقة عشوائیة ، فقد استخدم الفنان الخامات الطبیعیة والواقعیة الموجودة فى الطبیعة والعالم الواقعى لیمزج بین الواقع المادى والواقع الفنى أى یعطى هذه الوسائط التشکیلیة الموجودة فى الطبیعة قیمة فنیة بعد أن أصبحت لیس لها معنى بإعادة صیاغاتها وإکسابها دلالة تعبیریة وتشکیلیة تعبر عن رموز جدیدة للمشاهد من خلال وسائط یعرفها من قبل بأسلوب وشکل جدید واقعى یطابق الحقیقى وهى مجموعة من الرموز التى تثیر خیال المشاهد .

إن الأساس فى تکوین العمل التجمیعى تعدد الخامات وإختلاف التقنیات بحثاً عن أبعاد فکریة تشکیلیة لتوظیف الوسائط التشکیلیة جمالیاً بما یحقق ثراء للمشغولة الفنیة ، فقد استخدم الفنان بقایا ونفایات الخامات الموجودة حولة مثل النفایات الصناعیة والخامات جاهزة الصنع والخامات الطبیعیة ، لیعطى حلول وأسالیب مبتکرة وصیاغات تشکیلیة تثرى عمله الفنى ، یتضح ذلک فى المشغولة الفنیة للفنان بیکاسو شکل رقم (2).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقم (2) الفنان بابلو بیکاسو

أسم الفنان: بابلو بیکاسو pablo picasso

أسم العمل: فتاة صغیرة الطفر

أبعاد العمل : 66×65×152 سم

الخامة : حذاء ، خشب ، حدید، خزف ، جص ، سلتان من الصفصاف، مقعد دراجة قدیم ، قالب کعک

التاریخ : 1950

المصدر : متحف بیکاسو الوطنى باریس. ([24])

  العمل الفنى مکون من عدید من الوسائط التشکیلیة . سلتان من الصفصاف ومقعد دراجة قدیم ورجلین بهما حذاء من الجلد تمثل جسم الإنسان والرأس مصنوعة من الخشب وحبل مصنوع من الجص وفى الجانب الیمین أسفل العمل الفنى نرى زهرة مصنوعة من قوالب الکعک ویمثل العمل الفنى مظاهر التعطش إلى عودة الطفولة ولعبة الحبل الطائر وإلى البساطة وخاصتاً أن الفنان استخدم وسائط بسیطة فى ابتکاره للمشغولة الفنیة .

فن البوب Pop Art

    من أهم وأکثر الاتجاهات التى وظفت أسلوب التجمیع هو فن العامة ، ویعد فن البوب PopArt اختصار لکلمة Popular أى شعبى " وهى حرکة تعتمد على المبدأ الاستهلاکى والثقافة السائدة للطبقة العریضة للمجتمع ، وقد ظهرت هذه الحرکة مع نهایة عام 1950 حتى عام 1970، خاصه فى الولایات المتحدة الامریکیة وبریطانیا ".([25])

      وارتبطت آنذاک بطبیعة الحیاة الأمریکیة ، فقد کانت تخاطب المجتمع من حولها أکثر من کونها فن مستقل بذاته " إن الهدف الواضح لمدرسة البوب هو تجاوز العامل الذاتى والإحساس الخاص ، والإتجاه نحو المجتمع والحیاة کما هى ، أى الموضوع حل محل الذاتیة أو الشخصانیة ".([26])

    أصبح الفن یخالط المجتمع فى أسالیب حیاته ومعیشته الیومیة ویعبر عن متطلباته وبالتالى خاض الفن جمیع المیادین الإجتماعیة وأثر فیها ، حیث أصبح الفن لا یقتصر على دور العرض فقط ولکن إنتقل إلى الخارج فى قلب المجتمع وخالط جمیع الطبقات والمستویات . فهو " ینظر إلى الثقافة المعاصرة ذات الطبیعة التجاریة دون أى عداء ، ویود أن یصنع علاقة وثیقة بالحیاة وبالأحیاء فى ظروفها الإعتیادیة بما فیها من صراحة وهزل ، فلقد إختار الفنان مادة علمیة من مادة الحیاة الحقیقیة المادیة ".([27])

 

 

    لقد سعى فنانى هذا الإتجاه إلى التعبیر عن عالم الإستهلاک والدعایة بسبب الإنتقال من حیاة إلى حیاة آخرى ملیئة بالمتغیرات والإیقاع السریع نلاحظ هذا واضحاً فى أعمال الفنانین حیث استخدموا العدید من الوسائط التشکیلیة سعیاً منهم إلى تأکید قیم تشکیلیة وتعبیریة ترتبط بمفاهیم خاصة ذلک العصر وبالمجتمع الذى حولهم وبمدى ما یفکرون فیه وما تأثروا به من تلک التقنیات لتؤکد رؤیتهم الفنیة المختلفة عن الإتجاهات السابقة . کما نجد أن أکثر الأعمال تأثیراً شعبیاً کانت أعمال کلاً من الفنان جاسبر جونز والفنان روبرت روشینبرج اللذان أحدثا تأثیراً شعبیاً فى حرکة الفن فى نیویورک فى منتصف عام ، 1950فقد قاموا بفتح مجال جدید للموضوعات المستخدمة من خلال رسومات جونز للاعلام والاشارات والارقام ، ورسومات روشنبرج لعلب الکوکاکولا ، والطیور المحنطة وصور المجلات . حیث کانوا یفضلون بشکل عام التقنیة التجاریة أکثر من الأسلوب التصویرى التلوینى . وجاء إستخدام الخامات الجاهزة الصنع فى الفن التجمیعى کما هى فى حقیقتها على سطح الأعمال التشکیلیة والتى قد استخدمها فنانو العامة (البوب) فى أعمالهم لتعبر عن فلسفة الإستهلاک فى فترة زمنیة سابقة ، مثل إستخدام زجاجات المیاة الغازیة وغیرها من الخامات التى خلفتها البیئة الصناعیة . وذلک ما نشاهدة فى العمل الفنى فى شکل رقم (3).

 

 

 

 

 

                                        

 

 

 

 

 

 

شکل رقم (3) الفنان روبرت روشینبرج   

أسم الفنان : روبرت روشینبرج   

Robert Roushenberg

أسم العمل : خطة الکوکاکولا

أبعاده : 12×64×68سم.

الخامات : زجاجات کوکاکولا، خشب ، لدائن

التاریخ : 1985م.

المصدر: متحف الفن المعاصر – لوس أنجلوس مجموعة بانذ. ([28])

       العمل الفنى عبارة عن صندوق من الخشب مستطیل الشکل ومکون من ثلاث أجزاء یوجد فى الجزء الأوسط ثلاث زجاجات من الکوکاکولا کوسیط جاهز قام بتلطیخها بالألوان ، وفى الجزء السفلى یوجد مجسم خشبى على شکل کرة ، وفى أطراف العمل وضع جناحى طائر فى منتصف الصندوق الخشبى کوسیط جاهز الصنع . ربما أراد الفنان أن یعبر عن تلک الوسائط التى أصبحت جزء من حیاة الإنسان ومشروبه الأول الأکثر إنتشاراً بین الناس ، ویرمز للکرة بالکرة الأرضیة یخرج منها المشروب ویطیر ویحلق بجناحیه وکأنه الرائد فى العالم .

     وقد أعطى الفنان قیماً تعبیریة ورمزیة لهذه الوسائط التى صاغها من خلال المستهلکات الأکثر تواجداً من حوله والتى أصبحت متراکمة ، وأعاد صیاغتها وأعطى لها قیمة فنیة وتعبیریة وقدمها للجمهور بصورة جدیدة تلیق بالمجتمع وثقافتة الإستهلاکیة.

 

 

 

 

 

 

 

 

مراجع البحث :

أولاً : المراجع العربیة :

کتب ومؤلفات:

(1) أحمد حسان : مدخل الى ما بعد الحداثة ، کتابات نقدیة ،  دار شرقیات ، 1995.

(2) ادوارد لویس سمیث : ما بعد الحداثة الحرکات الفنیة منذ عام 1945 م ، ترجمة فخریة خلیل ، دار الفارس للنشر والتوزیع ، عمان ، 1995 .

(3) بیتر بروکر : الحداثة وما بعد الحداثة ، ترجمة عبد الوهاب علوب ، منشورات المجتمع الثقافى ، أبو ظبى ، الامارات العربیة المتحدة ، 1995.

(4) جیروم ستولینتز: النقد الفنى دراسة جمالیة وفلسفیة ، ترجمة فؤاد زکریا ، الهیئة العامة للکتاب ، القاهرة ، الطبعة الثانیة ، 1981.

(5) حامد أبو أحمد : نظریات التلقى وتحلیل الخطاب وما بعد الحداثة ، مؤسسة الیمامة للنشر ، الریاض ، 1996 .

(6) عفیفى بهنسى : من الحداثة إلى ما بعد الحداثة فى الفن ، دار الکتاب العربى ، القاهرة ، 1997.

(7) مارجریت روز: ما بعد الحداثة ، ترجمة أحمد الشافعى ، القاهرة ، 1994.

(8) محسن محمد عطیة : الفنان والجمهور ، دار الفکر العربی ، القاهرة ، 2001 .

 

(9) محمد الشیخ ، یاسر الطائر : فن الحداثة وما بعد الحداثة ، دار الطلیعة بیروت ، 1999.

(10) نک کاى : ما بعد الحداثة والفنون الأدائیة ، ترجمة نهاد صلیحة ، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، الطبعة الثانیة ،1999.

 

 

مجلات ودوریات:

(1) فاطمة ناعوت : ما بعد الحداثة فى العمارة والشعر ، مجلة الفنون ، العدد الحادى والستون ، الکویت ، 2006.

رسائل علمیة :

(1) حسنی أحمد محمد الدمرداش: الإمکانات التشکیلیة للدائن الصناعیة  کمدخل لابتکار حلیات فنیة معاصرة ،  رسالة دکتوراه ، غیر منشورة ، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان ، 1990.

(2) عادل محمد ثروت : العمل الفنى التجمیعى کمدخل لإثراء التعبیر فى التصویر ، رسالة ماجستیر ، غیر منشورة ، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان ، 1996.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانیاً :المراجع الأجنبیة :

کتب أجنبیة:

               Bernard Smith  : Place , taste and tradition , Oxford  , 1979  . ((1(2) Charles Jencks  : The Language of Post - Modern Architecture ,            Academy Editions , London , 1977 .                

Charles Jencks :The Post Modern,  Reader ,  A.D.London , 1992 . (3)

(4) Charles Jencks : What is Post-Modernism? , Academy Group,  London, 1996.

(5) Gerard Raulet  : Le concept de modernite , in Ce que modernite veut dire (1) , Textes reunis et presentes par Yves Vade , Presses Universitaires de Bordeaux , 1994, .

(6) Robert Atkins  : Art Speek , Publishers , New York, 1990  .  

ثانیاً : الإنترنت وشبکة المعلومات :

http://creativespirit.net/noreens7artsstudio/paris5.html (1)

https://www.britannica.com/biography/Robert-Rauschenberg (2)

https://www.pinterest.com/pin/133278470194925300 (3)

 

 

 

 

 

 

 



(1) عفیفى بهنسى : من الحداثة إلى ما بعد الحداثة فى الفن ، دار الکتاب العربى ، القاهرة ، 1997، ص83.

 

 

(1) جیروم ستولینتز: النقد الفنى دراسة جمالیة وفلسفیة ، ترجمة فؤاد زکریا ، الهیئة العامة للکتاب ، القاهرة ، الطبعة الثانیة ، 1981 ، ص 33 .

(2) حسنی أحمد محمد الدمرداش: الإمکانات التشکیلیة للدائن الصناعیة  کمدخل لابتکار حلیات فنیة معاصرة ،  رسالة دکتوراه ، غیر منشورة ، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان ، 1990 ، ص46.

 

(1) محسن محمد عطیة : الفنان والجمهور ، دار الفکر العربی– القاهرة ، 2001 ، ص 109 .

(2) فاطمة ناعوت : ما بعد الحداثة فى العمارة والشعر ، مجلة الفنون ، العدد الحادى وستون ، الکویت ، 2006، ص 22 .

(3) Gerard Raulet  : Le concept de modernite , in Ce que modernite veut dire (1) , Textes reunis et presentes par Yves Vade , Presses Universitaires de Bordeaux , 1994 , P. 119 .

(4) Charles Jencks : What is Post-Modernism? , Academy Group,  London, 1996 , P14.

* قد تکتب  ما بعد الحداثة بشکل منفصل أو متصل بحرف کبیر للبادئة أو صغیر وهى أمور قد تبدو شکلیة لکنها فى الحقیقة تعبر عمق الرؤیة التى تکون لمستخدم المفهوم والدلالة التى یعطیها بحسب أیدیولوجیته وخلفیته الفکریة وتقییمه له إیجاباً أو سلباً.

(1) مارجریت روز: ما بعد الحداثة ، ترجمة أحمد الشافعى ، القاهرة ، 1994، ص170.

(1) بیتر بروکر  : الحداثة وما بعد الحداثة ، ترجمة عبد الوهاب علوب ، منشورات المجتمع الثقافى ، أبو ظبى ، الامارات العربیة المتحدة ، 1995، ص257 – 258 .

(2) بیتر بروکر  : المرجع السابق ، 1995 ، ص 256.

 

Bernard Smith  : Place , taste and tradition , Oxford , 1979 , P . 277 .  ( (3

(4) Robert Atkins  : Art Speek , Publishers , New York , 1990 , P.135.  

Charles Jencks :The Post Modern,  Reader ,  A.D.London , 1992, P12-13 . (1)

(2) Charles Jencks  : The Language of Post - Modern Architecture , Academy Editions , London , 1977, P. 18  .

(1) مارجریت روز : مرجع سبق ذکره ، 1994، ص 135 .

(2) نک کاى : ما بعد الحداثة والفنون الأدائیة ، ترجمة نهاد صلیحة ، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، الطبعة الثانیة ، 1999 ، ص 28.

 

(1) مارجریت روز: مرجع سبق ذکره ، 1994 ، ص78 .

(2) محمد الشیخ ، یاسر الطائر : فن الحداثة وما بعد الحداثة ، دار الطلیعة بیروت ، 1999 ، ص 11 .

 

(1) أحمد حسان : مدخل الى ما بعد الحداثة ، کتابات نقدیة ،  دار شرقیات ، 1995 ، ص 202.

(2) حامد أبو أحمد : نظریات التلقى وتحلیل الخطاب وما بعد الحداثة ، مؤسسة الیمامة للنشر ، الریاض ، 1996، ص 204 .

(1) عادل محمد ثروت : العمل الفنى التجمیعى کمدخل لإثراء التعبیر فى التصویر ، رسالة ماجستیر ، غیر منشورة ، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان ، 1996 ، ص34.

(2) عادل محمد ثروت  :  رسالة ماجستیر ، مرجع سبق ذکره ، 1996 ، ص 17.

 

https://www.britannica.com/biography/Robert-Rauschenberg (1)

 

http://creativespirit.net/noreens7artsstudio/paris5.html (1)

 

(1) ادوارد لویس سمیث : ما بعد الحداثة الحرکات الفنیة منذ عام 1945 ، ترجمة فخریة خلیل ، دار الفارس للنشر والتوزیع ، عمان ، 1995 ، ص 104.

(2) عفیفى بهنسى: مرجع سبق ذکره ، 1997، ص 19.

(3) محمد محسن عطیة : مرجع سبق ذکره ، 2001 ، ص 109.

 

   https://www.pinterest.com/pin/133278470194925300  ((1

کتب ومؤلفات:
(1) أحمد حسان : مدخل الى ما بعد الحداثة ، کتابات نقدیة ،  دار شرقیات ، 1995.
(2) ادوارد لویس سمیث : ما بعد الحداثة الحرکات الفنیة منذ عام 1945 م ، ترجمة فخریة خلیل ، دار الفارس للنشر والتوزیع ، عمان ، 1995 .
(3) بیتر بروکر : الحداثة وما بعد الحداثة ، ترجمة عبد الوهاب علوب ، منشورات المجتمع الثقافى ، أبو ظبى ، الامارات العربیة المتحدة ، 1995.
(4) جیروم ستولینتز: النقد الفنى دراسة جمالیة وفلسفیة ، ترجمة فؤاد زکریا ، الهیئة العامة للکتاب ، القاهرة ، الطبعة الثانیة ، 1981.
(5) حامد أبو أحمد : نظریات التلقى وتحلیل الخطاب وما بعد الحداثة ، مؤسسة الیمامة للنشر ، الریاض ، 1996 .
(6) عفیفى بهنسى : من الحداثة إلى ما بعد الحداثة فى الفن ، دار الکتاب العربى ، القاهرة ، 1997.
(7) مارجریت روز: ما بعد الحداثة ، ترجمة أحمد الشافعى ، القاهرة ، 1994.
(8) محسن محمد عطیة : الفنان والجمهور ، دار الفکر العربی ، القاهرة ، 2001 .
 
(9) محمد الشیخ ، یاسر الطائر : فن الحداثة وما بعد الحداثة ، دار الطلیعة بیروت ، 1999.
(10) نک کاى : ما بعد الحداثة والفنون الأدائیة ، ترجمة نهاد صلیحة ، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، الطبعة الثانیة ،1999.
 
 
مجلات ودوریات:
(1) فاطمة ناعوت : ما بعد الحداثة فى العمارة والشعر ، مجلة الفنون ، العدد الحادى والستون ، الکویت ، 2006.
رسائل علمیة :
(1) حسنی أحمد محمد الدمرداش: الإمکانات التشکیلیة للدائن الصناعیة  کمدخل لابتکار حلیات فنیة معاصرة ،  رسالة دکتوراه ، غیر منشورة ، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان ، 1990.
(2) عادل محمد ثروت : العمل الفنى التجمیعى کمدخل لإثراء التعبیر فى التصویر ، رسالة ماجستیر ، غیر منشورة ، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان ، 1996.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ثانیاً :المراجع الأجنبیة :
کتب أجنبیة:
               Bernard Smith  : Place , taste and tradition , Oxford  , 1979  . ((1(2) Charles Jencks  : The Language of Post - Modern Architecture ,            Academy Editions , London , 1977 .                
Charles Jencks :The Post Modern,  Reader ,  A.D.London , 1992 . (3)
(4) Charles Jencks : What is Post-Modernism? , Academy Group,  London, 1996.
(5) Gerard Raulet  : Le concept de modernite , in Ce que modernite veut dire (1) , Textes reunis et presentes par Yves Vade , Presses Universitaires de Bordeaux , 1994, .
(6) Robert Atkins  : Art Speek , Publishers , New York, 1990  .  
ثانیاً : الإنترنت وشبکة المعلومات :
http://creativespirit.net/noreens7artsstudio/paris5.html (1)
https://www.britannica.com/biography/Robert-Rauschenberg (2)
https://www.pinterest.com/pin/133278470194925300 (3)