نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
معلم تربية فنية
المستخلص
الموضوعات الرئيسية
کلیة التربیة
کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم
إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)
=======
فن التجلید فى العصر الإسلامى والإستفادة منه فى عمل أغلفة
بالورق المجسم
إعــــداد
أ / آیات محمد عبد العزیز محمد خرابة
معلم تربیة فنیة
} المجلد الثالث والثلاثین– العدد التاسع – جزء ثانی– نوفمبر 2017م {
http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic
ملخص البحث
تناولت الباحثة فى هذه الدراسة فترة زمنیة من أمتع الفترات لما تحتویة من ازدهار فنى وحضارى وهى فترة الحضارة الإسلامیة وتم التطرق الى أحد فنون تلک الفتره وهو فن التجلید والتغلیف ، حیث یعتبر تجلید وتغلیف الکتب من أکبر الکنوز التى ترکها لنا القدماء ، حیث برع العرب منذ قدیم الزمان بفن التجلید لیتکامل الکتاب جوهراً ومظهراً کماسة نادرة فى ید القارئ .
ولقد إهتمت الحضارة العربیة الإسلامیة بفن التجلید تقدیراً لقیمة الکتاب خاصة إذا ما کان للقرآن الکریم ، وقد إرتبط التجلید والتغلیف بالزخرفة والفنون التى نشأة على جدران المساجد ، وإنتقل فن التجلید بإختلاف أذواقه من حضارة الى حضارة حیث أن کل حضارة تضیف الیه طابعها الخاص وتطور منه .
وتم التطرق الى خامة الورق حیث أنه له أهمیة حضاریة واسعة المدى وذلک لأنه من الخامات المرنة والمتنوعة والمحفزة للعمل بها فى أغراض متنوعة الى جانب توافر أنواع عدیدة منه والتى تصلح لأغراض شتى ، فهو من أمتع الخامات التى یمکن التعامل معها لما یتمیز به من ثراء فى الوانه وإمکانیاته التشکیلیة وخصائصه الذاتیة وقابلیته لأسالیب تقنیة عدیدة .
مقدمة البحث :
بقدر مایرث الإنسان أو الفنان بقدر ما یورث،فکل ما ترکه لنا القدماء من تراث هو کنوز فریدة الوجود فهناک علاقه طردیه بین قدم الزمن وبین قیمة العمل الفنى فکلما وجدنا عملاً قدیماً یوضع فى قائمة الأعمال الثمینهالتى یزخر بها التاریخ ویفتخر به جیل بعد جیل .
فالتراث ما هو" إلا خبرات ترکها لنا الأجداد لنحتفظ بها ونحافظ علیها فکل ماهو قدیم کان اغلى قیمة وتفرد ولا یکون المحافظة علیه إلا بإستمرار تواجد هذه الأعمال الفنیة وبالتالى یکون هذا الإستمرار من خلال وضع رؤیة معاصرة تندمج فیها کلاً من الثقافة والبیئة فلا یخلو أى عمل فنى من الزمن والمجتمع والعادات والتقالید وإسلوب الحیاه والتکنولوجیا المتاحة أو المتطورة والوظیفة التى یقدمها هذا العمل، ولا ننسى الماده أو الخام الذى ینتج عنه هذا العمل الفنى."[1]
ویعد تجلید وتغلیف الکتب من اکبر الکنوز التى ترکها لنا القدماء فى العصور المختلفة حیث برعوا فى صیانة وحفظ کتبهم من خلال تجلیدها وتغلیفها من أجل الحفاظ علیها .
" ولقد برع العرب منذ قدیم الزمان بفن التجلید إذ لا یمکن تقییم الکتاب بمدى ما یحویه داخله من معرفة ثریة فقط بل أیضاً بمدى ما یصل إلیه مستواه من اناقة الطباعة وروعة التغلیف والتجلید لیتکامل الکتاب جوهراً ومظهراً کماسة نادرة أو جوهرة فریدة فى ید القارئ . هذا مستوى من الحضارة فى إعلاء قیمة الکتاب جوهراً ومظهراً بوصفه کنز حقیقىفى ید القارئ لا یقل عن الکنوز المادیة فىشئ بل ربما زاد علیه؛ لأن الکنز قد یضیع آما الکتاب فإنه یذوب فى کیان الإنسان ، ویصبح شیئاً من دمه وأنفاسه وسلوکه الراقى ."[2]
" فقد ظل الکتاب أثناء تأدیة دوره العظیم کأطار لحفظ ونقل الأفکار والمعلومات عبر التاریخ یهتم بالجانب الجمالى بالإضافة الى الجانب المعرفى ، وهى میزة ینفرد بها ولا نجدها فى وسائل حفظ ونقل المعلومات الحدیثة کالکمبیوتر وشبکات الإنترنت . فهذه الوسائل تقوم بوظیفتها بجدارة وکفاءة عالیة ولکنها تفقد القیمة الجمالیة وروح الإبداع التى تمیزت بها الکتب منذ ان کانت مخطوطات تنسخ وتصور وتزخرف وتذهب وتجلد بالید .
فإن الخبرة المکتسبة من وراء تصفح کتاب صغیر تکون أشد عمقاً وأکثر ألفه ودفئاً وحباً، إذ أن الإمساک فى حد ذاته ینطوى على قدر کبیر من الخصوصیة الشخصیة کما لوکنت تجلس مع صدیق حمیم ."[3]
"ومن هنا أعلنت الحضارة العربیة الإسلامیة عن فن التجلید تقدیراً لقیمة الکتاب خاصة إذا ما کان کتاب للقرآن الکریم ، وإرتبط فن التجلید والتغلیف بالزخرفة و الفنون التى نشأت على جدران المساجد والأماکن الأخرى التى یحاول أن یضفى علیها الفنان طابع القداسة والفخامة والجلال والخصوصیة، وبدأ فن التجلید والتغلیف بسیطاً مستفیداً منالفنون الأخرى ، وإنتقل من حضارة الى حضارة ، کل حضارة تضیف إلیه طابعها الخاص وتطور منه ، کما هو ملاحظ فى المجلدات العربیة والفارسیة والهندیة والترکیة."[4]
"ولقد کان ظهور الورق وإستخدامه حدثاً من اهم الأحداث التى آثرت لیس فقط فى تاریخ الحضاره الإسلامیة ، بل وفى تاریخ الحضاره الإنسانیة على وجه العموم ، وعلى الرغم من ان المصریین القدماء کانوا قد صنعوا الورق من البردى وإستخدموه کأحد روافد حضارتهم ،وعلى الرغم من أن الصینیین کانوا قد إخترعوا الورق من الکلأ والحشائش إلا أن الفضل فى تعمیم الورق وإنتشاره بشکل واسع النطاق فى الحضارة الإنسانیة إنما یرجع الى العرب الذین خبروا صناعته وألموا بأسراره بعدما نقلوه عن الصین.
فلم یصبح للورق أهمیة حضاریة واسعة المدى إلا بعد أن صنعه العرب، وبعد توسع العرب فى تصنیع الورق وإنتاجه بدأ إستخدامهفى شتى مناحى الحیاه الإداریة و الثقافیة والإجتماعیة والفنیة."[5]
"ویعتبر الورق من الخامات المرنه والمتنوعه والمحفزه على العمل بها فى أغراض متنوعة الى جانب توافر الأنواع العدیده من الورق ( المجلات –الصحف-الکرتون-المعدنى-المعتم – الشفاف-.........وغیرها من الأنواع) والتى تصلح لأغراض شتى وتحویلها أشیاء مزخرفة ونافعه فى الوقت نفسه، فهو من أمتع الخامات التى یمکن التعامل معها لما یتمیز به من ثراء فى ألوانه وإمکانیاته التشکیلیه وخصائصه الذاتیة وقابلیته لأسالیب تقنیة عدیده مثل ( القص-التفریغ – الطى- اللف أو البرم –الضغط- العجن - ......) والتى من شأنها تشکیل الورق لیکون مصدراً للمساحة او الخطوط بأنواعها فى العمل الفنى ، وتطویعه للتعبیر عنه تعبیراً مسطحاً أو مجسماً."[6]
مشکلة البحث :
- هل یمکن الإستفادة من فن التجلید فى العصر الإسلامى لعمل أغلفة بالورق المجسم ؟
هدف البحث :
- الإستفادة من فن التجلید فى العصر الإسلامى لعمل أغلفة بالورق المجسم .
فرض البحث :
- تفترض الباحثة أنه هناک إمکانیة عمل أغلفة بالورق المجسم مستوحاه من فن التجلید الإسلامى .
أهمیة البحث :
- إلقاء الضوء على جانب تاریخى هام من الحضارة الإسلامیة .
- التأکید على اهمیة التراث والعمل الیدوى .
- الإستفاده من الأسالیب الفنیة للعمل بخامة الورق وإنتاج أغلفة تحمل الطابع الإسلامى .
- الإستفادة بمادة الأشغال الفنیة فى عمل مشغولات مبتکرة .
منهج البحث :
- إتبعت الباحثة کلاً من المنهج التریخى والمنهج التجریبى .
محاور البحث:
- أغلفة الکتاب فى العصر الإسلامى .
- أشغال الورق بین التقنیة والتطبیق .
- بعض الطرق الأدائیة المستخدمة للتشکیل بخامة الورق .
- التجریب بالورق فى عمل غلاف .
هناک تلازماً بین الکتاب والفکر والحضارة بشکل عام . والواقع أن الکتب هى أوعیة المعرفة ، وهى السبیل الأکثر شیوعاً لحفظ التراث الفکرىالإنسانى العام .[7]
فالثقافة تکون من الکتاب وحدة .. وأزمة الفکر لاتکون إلا فی غیبة الکتاب والکتاب هو الذی یمنح الثقافة ویؤثر فی العقل التأثیر المنشود.
وکذلک الحضارة فإنها تقوم على ساقین : إحداهما الکتب والأخرى المصانع ، فالکتب تصنع للإنسان الغایات مثل الأداب والفنون والعلوم ، وفى المصانع یصنع الإنسان الوسائل الى هذه الغایات .[8]
وللکتاب فوائد یتفوق بها على المعدات الإلکترونیة ،حیث إن بالإمکان حمله ونقله ، ولا یحتاج الى طاقه کهربائیة لتشغیله ، ویشتمل على قدر أعمق من التخاطب فى الإتجاهین ، وهو شئ لازالت تفتقر الیه أفضل المعدات الإلکترونیه المتقدمة .
وایضاً من أهم وأبرز سمات الکتاب ؛ انه یقصد به أن یکون وسیلة إتصال . فقد کان هذا هو الغرض من الکتاب فى أشکاله المختلفة . منذ ألواح الطین البابلیة ، ولفائف البردى المصرى . ثم الکتاب من الرق فى العصور الوسطى الى الکتاب المطبوع على الورق فى عالمنا المعاصر . وجمیع هذه المراحل سوف یتم التعرف علیها أثناء الدراسة .
والکتاب لیس مجرد کیان مادى ولکنه کائن حى ، ومن المؤکد أن حیاة البشر قد تأثرت بهذه الوسیلة القدیمة والأساسیة من وسائل إتصال . ویمکن أن نقول مطمئین إن حضارات کوکبنا وثقافاته لم تبدأ فىالإزدهاروالإنتشار إلا بعد إختراع الکتاب . [9]
وفیما یللى سوف یتم التطرق الى فن التجلید والتغلیف فى العصر الإسلامى حیث أنه فى تلک الفترة نال الکتاب درجة عالیة من الإهتمام بتجلیده وتغلیفة.
المحور الأول : اغلفة الکتاب فى العصر الإسلامى :
"فن الکتاب یشتمل على فروع الفن التى تساهم فى إخراج الکتاب الجمیل وهى : الخط والتذهیب والتصویر والتجلید . وطبیعى أن تکون کتابة المصاحف أول المیادین التى عمل فیها الخطاطون والمذهبون ".[10]
|
وقد برع العرب فى صناعة الکتاب فى العصر الإسلامى ، وذلک إستجابة مع التوسع العلمى والفکرى والفنى ، ولإتساع حرکة الترجمة من اللغات المختلفة لوضع أسس الحضارة الإسلامیة .
وأبدع المسلمون فى تزوید کتبهم بزخارف وهوامش وکتابات رائعة منها المذهب ومنها المزخرف بعناصر نباتیة وحیوانیة وآدمیة .
"وما کان فن التجلید عند المسلمین إلا حصیلة الإبداع الفنى لشعوب سبقت المسلمین فى تغلیف کتبها المقدسة مثل الأقباط فى مصر والصینیین فى آسیا وفى بیزنطة ، وکانت تلک الأغلفة تصنع من الخشب علیها بعض النقوش الیسیرة ومطعمة أحیاناً بالعاج والعظم والأحجار الکریمة . والحقیقة أنه مع اتساع الإسلام وإنتشار رقعته وأتصاله مع الحضارات العدیدة التى کانت قائمة فى البلاد التى فتحها حصل تبادل للمعارف والعلوم والفنون ومنها مفهوم التجلید ( التغلیف ) الذى أخذ یتسع ویتطور ویتغیر من عصر الى عصر الى ان أصبح فناً قائماً بذاته ، له من الأسس العلمیة والفنیة ما یجعله مهنة عالمیة ". [11]
"ویعتبر عمل المجلد إستکمالاً لعمل الخطاط والمذهب والمصور . وکان الجمیع یتعاونون تعاوناً کاملاً لإخراج المخطوطات لتبدو فیها الوحدة والجمال والفخامة . وکانت العنایة بمظهر الکتاب الخارجى عظیمة لیتحقق جماله ومتانته . وظل الجلد المادة المفضلة فى التجلید ثم استعملت مادة أخرى هى الورق المضغوط المدهون باللاکیه . وقد استعمل فى الزخرفة طرق کثیرة منها الضغط للحصول على وحدات بارزة وغائرة . کما استعملت طریقة قص وحدات زخرفیة تلصق على الأرضیة الملونة بلون واحد أو ألوان متعددة .
وأقدم نماذج التجلید التى عرفت فى الفن الإسلامى صنعت فى مصر ، وتطورت هذه الصناعة فى العصر المملوکى فأصبحت الجلود تغطى بشبکة من الزخارف الهندسیة البدیعة ، وکانت بعض الجلود تزخرف بصرة کبیرة فى الوسط ثم بأرباع صوررفى الأرکان . وقوام هذه الزخارف الأشکال النباتیة والهندسیة " .[12]
وفى بلاد الشام تجلت قدرتهم الفائقه فى فن التجلید ، وبخاصة خلال العصرین التیمورى والصفوى اللذین تمیزا بإنتاج أفخم واجمل أغلفة الکتب الإسلامیة سواء من حیث إسلوبها وزخرفتها وتجلیدها وألوانها حیث غدت نماذج یحتذى بها فى فن تجلید الکتاب الإسلامى .[13]
|
خصائص صناعة غلاف الکتاب فى بعض العصور الإسلامیة المختلفة :
العصر الأموى :
" أستمر التجلید فى العصر الأموى على ما کان علیه فى عصر الخلفاء الراشدین ، ولیس لدینا معلومات واضحة عن طبیعة التجلید فى هذا العصر ، ومن غیر شک أن الرخاء الذى أصاب الدولة الأمویة أدى الى أن یشمل هذا الرخاء تجلید المصاحف التى کانت تصنع للخلفاء ، من حیث العنایة بالزخرفة والتطعیم بالعاج أو التغلیف بالقماش والجلد ."[14]
العصر العباسى :
کانت الدولة العباسیة مشرق العلوم والمعارف ، وکانت دولة العلم والتدویین والترجمة وظهر فیها فطاحل العلماء الذین نبغوا فى کل فن . [15]
واستمر بها فن التجلید على ما کان علیه فى العصر الأموى بعد أن لحقت به بعض التطورات فى الصناعة وفى الزخرفة على حد سواء حین خطى المجلد المسلم خطوة الى الأمام حین غلفت الواح الخشب بشرائح من الجلد حیث تعد هذه المرحلة بدایة لفن التجلید عند المسلمین ، ثم جاءت الخطوة الثانیة عندما أستبدلت صفائح البردى بألواح الخشب إذ استخدمت لتغلیف الکتب الصغیرة بینما ظل الخشب للکتب الکبیرة وأخذ الکتاب الشکل الأفقى . أما من ناحیة التصمیم الزخرفى فقد قسم الفنان المسلم سطح الجلدة الى متن وإطار وإزدانت أرضیتها بزخارف هندسیة ونباتیة فضلاً عن أستخدام الخط العربى بوصفه عنصراً زخرفیاً فى زخرفة جلود الکتب التى أنتجت خلال القرنین الثانى والثالث للهجرة وقد إستخدم الفنان المسلم فى تنفیذ هذه الزخارف طریقة الضغط للأختام والتذهیب فى تجمیل هذه الزخارف .[16]
ویمکننا القول بأن عملیة تجلید الکتب کانت ضرورة لابد منها دعت إلیها الرغبه فى الإرتقاء بصناعة الکتاب فى العصر العباسى ، وقد مارسها المجلدون وغیرهم ممن کان لهم إهتمام وإعتناء بالکتب والأوراق ، وساهمت فى حفظ التراث الهائل الذى خلفه لها الأقدمون .
فن التجلید فى العصر الفاطمى :
"إزدهرت صناعة التجلید فى مصر فى عهد الفاطمیین ، وبصفة عامة کان التجلید فى العصر الفاطمى إستمراراً للتقالید القبطیة فى مصر وقد درس الأستاذ جروهمان بعض الجلود التى ترجع الى العصر الفاطمى ، وأهمها واحده یستنبط من طراز الکتابة على الورق المقوى الذى لصقت فوقه جلدة من القرن الرابع الهجرى ، وهى خطیرة الشأن لأن تأثیر الصناعة القبطیة ظاهر فیها ، کما أن فیها أیضاً الأسالیب الفنیهفى صناعة التجلید الإسلامیة ."[17]
المحور الثانى : أشغال الورق بین التقنیة والتطبیق .
"یعد الورق من الخامات المثیرة للإنسان فما تلبث ان تصل الى أناملنا وریقة صغیرة حتى تعبث بها تداعیات أفکار أقلامنا الحره أو مطبقة إیاها فمنذ الصغر نصنع الطائرات والمراکب والمراوح والزهور الورقیه . وقد أدى الورق الى ثورة هائلة فى مجالات الصناعة والطباعة مما أثر فىإنتشار اعمال الفنانین وشهرتهم کذلک فى سرعة وإنتشار الفنون المختلفة من خلال المادة المکتوبة عبر نطاق جغرافى واسع فکانت هذه الطفرة إحدى محاور ومنطلقات التجریب فى مجال الفنون التشکیلیة."[18]
" لقد قیل بحق أن الطباعة هى أم الحضارة وأن الورقة هى أهم سبل تخلید أفکار ومعانى الإنسانیة ، وذلک بعد أن سمحت بتوسیع حلقة الاتصال والحوار بین الناس، وهذان الاختراعان العظیمان هما اللذان جلبتهما الحضارة الصینیة الى العالم ، واللذان أسهما فى تطویره وتقدمه ، ویرجع اختراع الورق فى الصین الى مائة عام تقریباً قبل المیلاد ومنها انتشر بعد ذلک الى العالم کله خلال العصور الوسطى ".[19]
"وأن محاولات إنتاج مواد تصلح للکتابة ومحاولة تصنیع الورق کانت منتشرة فى کل مکان شرقاً وغرباً وحتى فى الأماکن البعیدة من العالم والتى لم تکن هناک أیة وسیلة للإتصال فیما بینها وذلک فى إطار سعى الإنسان للتسجیل والکتابة حتى توجت تلک المحاولات بتصنیع الورق فى الصین ورغم تقدم تلک الصناعة فى العالم الآن إلا أنها لازالت تقوم على نفس الأسس التى وضعها الصینیون القدماء مع بعض التطویر الذى لایتنافى مع المبادئ الأساسیة لتلک الصناعة . فالورق إختراعصینى ویکاد یکون من المتفق علیه بین المؤرخین أن صناعة الورق ابتکرت فىالصین ، وکان الصینیون قبل ذلک یکتبون على الحریر الغالى الثمن أو فى الغالب الثقیل الوزن . ومن المؤکد ان اختراع کل من الورق ، وکذلک الطباعة التى ترتبت على ذلک یعد نجاحاً لا یقارن بأى نجاح آخر للشعوب فى العصور القدیمة". [20]
"ویتقاسم المصریون والصینیون الأقدمیة فی ابتکار وصناعة الورق على مر التاریخ، حیث ینُسب إلى قدماء المصریین أول استخدام للورق فی عمر البشریة عن طریق ورق البردی، أما الصینیون فیرجع إلیهم الفضل فی التصنیع الحدیث للورق بشکله القریب من الورق الذی نستخدمه الیوم فی حیاتنا."[21]
فى القرن الخامس المیلادى سجل لنا مؤرخ البلاط فان یه کیف ان تسانى لون إکتشف سنة 105م طریقة لإنتاج الورق . وفى تلک السنه المذکورة رفع تساى لون تقریراً الى الإمبراطور عند إکتشافه لإنتاج الورق ( نظراً لأن الحریر کان غالیاً وشرائط البامبو ثقیلة مما کان یجعلهما غیر مناسبین للکتابة ) وکما یضیف المؤرخ فان یه فإن الورق منذ ذلک الحین أصبح یستعمل فى کل مکان .[22]
انتقال صناعة الورق الى العرب :
کان العرب قد عرفوا البردى المصرى منذ أیام الجاهلیة ، وکانت القراطیس المصریة المصنوعة من البردى معروفة للمسلمین قبل فتحهم لمصر ، " فلما تم الفتح العربى على ید عمرو بن العاص یسر ذلک للمسلمین حصولهم على ورق البردى . الذى کان وقتئذ من أهم منتجات مصر ذات القیمة الأقتصادیة وکان یصنع فى عدة مدن مصریة فى دمیاط على ساحل البحر ومدینة أخینو ورشید ".[23]
" وکان نقل العرب لصناعة الورق الى الرقعة الإسلامیة من الصین یعد حدثاً تاریخیاً هاماً ، حیث أن هذه الخطوة ساهمت فى نقل الحضارة القدیمة الى اوروبا بعد انتقال صناعة الورق الیها من العرب. کما أنهارت الأسوار القویة التى فرضها الصینیون على صناعة الورق وذلک عندما کان هناک نزاعاً بین الصین وجیرانها المسلمین الذین کانوا یتاخمونهم غرباً" . [24]
أنواع الورق :
" یختلف نوع الورق تبعاً للطریقة المستخدمة فى تصنیعه ، وتبعاً للمعالجات الکیمیائیة التى أجریت علیه خلال التصنیع . وعادة ما تختلف تلک الطریقة وهذه المعالجات بأختلاف الغرض المراد أستخدام الورق فیه .
فأوراق التغلیف ، فیتم تلمیعها وصقلها لتبدو لامعة براقة ، کما أنها تعالج معالجة خاصة لتلافى تشربها بالسوائل . وأما أوراق الدعایة والإعلان فتغطى بطبقة خلیط من الصلصال النقى والمواد اللاصقة . وتکون أوراق الکتابة العادیة قلیلة التکلفة ، إذ تصنع من الألیاف المستخلصة میکانیکیاً . أما المنادیل الورقیة وأوراق النشٌاف والصنادیق الورقیة فتصنع من الألیاف المعاد تصنیعها ".[25] ومع التطور المستمر للحیاه والتکنولوجیا الحدیثه والمعالجات المختلفه المستخدمه فى صناعة الورق تعددت انواعه المختلفه وتأثیراته السطحیه فمنها ما یللى :
ورق البردى ، ورق کرتون ، ورق مقوى ، ورق حائط ، ورق نشاف ، ورق کوشیه ، ورق جرائد، ورق برومید، ورق کوشیه ، ورق صنفره، ......
المحور الثالث : بعض الطرق الأدائیة المستخدمة للتشکیل بخامة الورق :
من خلال الدراسة لخامة الورق وإمکانیاتها التشکیلیة المتنوعه ، اتضح سهولة طواعیتها ، ومرونتها ، وثراء مسطحاتها ، هذا الى جانب توافرها ورخص ثمنها مما یتیح تعددها وتنوعها .
ویتم التشکیل على خامة الورق بإجراء تأثیرات سطحیة مقصودة کالحرق ، الکرمشة ، التکسیر ، الضغط ، الطى ، البرم ، الثقب ، الحذف و الإضافة .
صورة (5)
عمل فنى منفذ بالورق المقوى و بإسلوب التراکمیات
نقلا عن :http://4islam.egyptfree.net/t5768-topic
المحور الرابع : التجریب بالورق فى عمل غلاف .
بیانات العمل
حجم العمل : 30 سم × 21 سم .
الخامات المستخدمة: ورق کانسون متعدد الألوان ، ورق کرتون ، ماده لاصقة .
الأسالیب التقنیة :الأعتماد علىإسلوب التراکمیات من خلال الحذف والإضافة .
وصف العمل :
الغلاف لکتاب بعنوان ( تاریخ الفن الإسلامى) ،إتخذت الباحثة إحدى عناصر زخارف الفن الإسلامى وقامت بتوظیفها داخل التصمیم مع مراعاة توافر المساحة الخاصة بکتابة العنوان ،کذلک مراعاة تناسق الألوان المستخدمة ، وقد قامت الباحثة بوضع عدد 8 طبقات من الورق فوق بعضها ثم تم تنفیذ التصمیم والبدء بالحذف تدریجیاً حتى الوصول الى أخر طبقة من الورق حتى تعطى التداخل والعمق داخل العمل وتم تثبیت العمل على کرتون وإخراج العمل بالشکل النهائى .
تحلیل العمل :
قامت الباحثة بتصمیم العمل بالإعتماد على الواجهة الأمامیة للغلاف بشکل أساسى ، حیث إعتمدت على الناحیة الزخرفیة القائمة على الوحدات الهندسیة التى تمیز بها الفن الإسلامى بشکل کبیر ، حیث تعتبر النظم الهندسیة هىأیقوانات أساسیة فى عناصر الفن الإسلامى ، وقد تحقق الإیقاع من خلال التکرار فى النظم الهندسیة للعمل وتباین الأحجام مابین الکبیر والصغیر ، کما أن الإیقاع تحقق من خلال التناغم والتردید بین الألوان الأساسیة المحدده للعمل وبین الألوان المستخدمة فى الطبقات السفلى للعمل التى أعطت الإحساس بالعمق داخل العمل .
المراجع :
أولا : المراجع العربیة
ثانیاً : المراجع الأجنبیة
https://www.quizz.biz/quizz-151918
[1]أمانى سلیمان محمود :"العلاقة المتبادلة بین الخامة وإسلوب التشکیل ونظم التکرار وأثرها على القیم الجمالیة للمشغوله الشعبیة" رسالة دکتوراه ،کلیة التربیه الفنیة ،جامعة حلوان،2002م ، صـ20.
[3]إنتصار سعد محمد أحمد :"الکتاب الفنى المطبوع وبناؤه الجمالى کموضوع تعبیرى"،رسالة دکتوراه،کلیة الفنون الجمیلة،جامعة حلوان ،2006 م، صـــ1.
[5]هاله شاکر عبد الرحمن :"الورق والوراقونفى العصر العباسى"،القاهره، عین للدراسات والبحوث الإنسانیة والإجتماعیة ،2004م ، صــ3.
[6]دینا کمال محمد فؤاد: "منطلقات معاصرة للتشکیل بخامة الورق"، کلیة التربیة الفنیة ، جامعة حلوان، الملتقى الدولىالثانى للفنون التشکیلیة (حوار جنوب- جنوب) 2010 م،صــ8.
[7]محمد ماهر حماده : الکتاب فى العالم ، مؤسسة الرسالة ، 1994م ، صــ5.
[8]مصطفى محمود :حکایات مسافر ، دار المعارف ، طــ4 ، صــ32.
3 George N. Atiyeh:"The Book In The Islamic World ,The Written Word And Communication In The Middle East ." ,StateUniversity Of New York Press. New York 1995. P 3.
[10]أبو صالح الألفى : " الفن الإسلامى أصوله فلسفته مدارسه " ، دار المعارف ، ط2 ، صـ 24.
[11]على جهاد ظاهر الحسانى : " فن التجلید ومراحل تطوره عند المسلمین " ، مجلة ینابیع ، العدد 9 ، 1426هـ ، صــ122.
[12]أبو صالح الالفى : " الفن الإسلامى أصوله فلسفته مادرسه " مرجع سابق، صــ252.
[13]عبد العزیز عبید الرحمن مؤذن : "فن الکتاب المخطوط فى العصر العثمانى " ، المجلد الأول ، المملکهالعربیهالسعودیه ، جامعة أم القرى ، رسالة دکتوراه ، صـ271.
[14]یحى وهیب الجبورى : " الکتاب فى الحضارة الإسلامیة " ، دار الغرب الإسلامى ، 1998 م ، صــ253 .
[15]عبد الفتاح مصطفى غنیمة :" نشر الکتاب : التألیف والإخراج والطباعة منذ القدم وحتى عصرنا الحدیث " ، سلسلة المعرفة الحضاریة ، 1986م ، صـ147.
[16]على جهاد ظاهر الحسانى : " فن التجلید ومراحل تطوره عند المسلمین" مرجع سابق ، صـ123.
[17]زکى محمد حسن: " کنوز الفاطمیین " دار الرائد العربى ، 1981 م ، صـ108 .
[18]روز رأفت زکى : " التقنیة وطریقة الأداء لتدریس التربیة الفنیة " القاهره ،مکتبة بستان المعرفة ، 2005م ، صــ27 .
[19]روبیر اسکاربیت :" صناعة الکتاب بین الأمس والیوم " ترجمة رجاء یاقوت صالح ، سلسلة قضایا الساعة ، الجزء رقم(8) ، مطابع الهرام ، 1977م ،صـ28.
[20]معتز فتحى حسن : "التولیف فى العجائن الورقیه لإستحداث مشغولات فنیة معاصره" مرجع سابق ،صــ102،103.
[21]حسام الدین صالح : الورق ، http://qafilah.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B1%D9%82/
[22]الکسندر ستیتشفیتش :" تاریخ الکتاب " ترجمة محمد الأرناؤوط ، عالم المعرفة، الجزء الأول ، المجلس الوطنى للثقافة والفنون ، الکویت ، 1993م،صـ45.
[23]أنور محمد عبد الواحد :"قصة الورق " المکتبة الثقافیة ، وزارة الثقافة ، المؤسسة المصریة العامة للظباعة والنشر ، دار الکتاب العربى للطباعة والنشر ، 1968م، صـ32.
[24]معتز فتحى حسن : " مرجع سبق ذکره صــ115.
[25]عبد اللطیف محمد سالمان :" الورق –نشأته-وظیفته-تطور صناعته عبر التاریخ "مجلة جامعة دمشق للعلوم ،المجلد الثانى والعشرون ، العدد الثانى ، 2006م ، صــ156 .
ثانیاً : المراجع الأجنبیة
https://www.quizz.biz/quizz-151918