التنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية في ضوء مفهوم الجامعة المنتجة

               کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة

فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة

إعـــــــــــداد

د/ عزه أحمد صادق علی

المدرس بقسم أصول التربیة

کلیة التربیة بقنا - جامعة جنوب الوادی

}     المجلد الرابع والثلاثون– العدد الحادى عشر– جزء ثانی–نوفمبر 2018م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

ملخص البحث

هدف البحث إلى التعرف على الأسس النظریة للجامعة المنتجة، ودواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة؛ تقدیم بعض الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، استخدمت الباحثة المنهج الوصفی، بتحلیلها بعض الأدبیات التی تناولت التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، والجامعة المنتجة، والوقوف على الأسس الفکریة لکل منهما، عرض البحث إطارًا نظریًا تناول عدة محاور، تضمن الأول منها: الأسس النظریة للجامعة المنتجة، تضمن المحور الثانی: دواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، تضمن المحور الثالث: أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات، تضمن المحور الرابع: بعض الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، توصل البحث إلى عدة نتائج من أهمها: ترتبط الوظیفة التدریسیة لعضو هیئة التدریس بالجامعات بعدة مقومات منها طرق التدریس، المناهج التعلیمیة، أسالیب التقویم والامتحانات والتی لابد وأن تتلاءم جمیعها مع مفهوم الجامعة المنتجة، یعد البحث العلمی الذی یقوم به أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة من المتطلبات الأساسیة للجامعة المنتجة، لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة دورًا فعالًا فی کسب ثقة العملاء فی تلک المؤسسة الجامعیة وتحقیق سمعة طیبة لها، تتعدد أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة سواء الذاتیة منها أو تلک التی تتم بدعم من الإدارة الجامعیة، یحتاج تطبیق مفهوم الجامعة المنتجة وتفعیله إلى دعم ومؤازرة من الإدارة الجامعیة، کما یحتاج إلى تدریب لکل العاملین على کیفیة التحول لجامعة منتجة.  

الکلمات المفتاحیة: التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة،                الجامعة المنتجة.

Abstract

The research aimed to identify the theoretical bases of the productive university and the reasons for adopting the concept of productive university in the field of the professional development for Egyptian universities staff. Further, the research aimed to present some proposed procedures to activate the professional development of universities staff in Egypt in light of productive university concept.Moreover, the descriptive approach was used. In this regard, some previous studies and literature that conducted on the professional development of universities staff and the concept of productive university were reviewed to determine the intellectual bases of each.Additionally, the research presented a theoretical framework in several axes: First, the theoretical foundations of the productive university. The second axis included the reasons for adopting the concept of productive university in the field of the professional development for universities staff. The third axis included the methods of the professional development of universities staff. The last one presented the suggested procedures for activating the professional development of Egyptian universities staff in light of the concept of productive university.The research results revealed that the profession of a university staff member is linked to several factors, including teaching methods, educational curricula, assessment methods and examinations, which must be compatible with the concept of the productive university. Further, the scientific research conducted by universities staff members is a basic requirement of the productive university. In addition, university staff members have an effective role in gaining the trust of university customers and achieving a good reputation for this institution. The research findings also revealed that there are many methods for the professional development of university staff members in light of the concept of the productive university. Some of these methods are related to the staff member and the others are those supported by the university administration. Furthermore, the implementation of the productive university concept needs to be supported by the university administration to train all university employees on how to become a productive university.

Keywords: Professional development, staff members in Egyptian universities, productive university.

مقدمة

أدى التقدم المطرد فی إنتاج المعرفة واعتبارها أحد المصادر الرئیسة للثروة والإزدهار؛ من خلال إنتاج ونشر وتوزیع المعرفة إلى تحول کثیر من جامعات الدول المتقدمة إلى جامعات منتجة استثماریة، تحقق مصادر للدخل إضافیة تسهم فی دفع عجلة التطویر والإزدهار فیها، مع الحفاظ على وظائفها الثلاث الرئیسة من تدریس وبحث علمی وخدمة مجتمع.

واعتمدت تلک الدول فی تحقیق ذلک على أن الجامعة تضم صفوة المجتمع وخبرائه ومستشاریه، ولدیها من الإمکانات المتاحة (معامل، مختبرات، مستشفیات، مزارع، ورش، وحدات ذات طابع خاص، مراکز بحثیة) ما یمکن الإستفادة منها لخدمة المجتمع، وخدمة قطاع الصناعة والإنتاج؛ فالعلاقة بین الجامعة وقطاعات المجتمع علاقة تبادل منفعة، یتم تقدیم خدمة بمقابل مادی یعود للجامعة، وفی نفس الوقت دون الاستغراق فی هذه الأنشطة، مما یتعارض مع المهام الأساسیة للجامعة (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 51).

ونموذج الجامعة المنتجة لیس مقصورًا على دول وجامعات بعینها، وإنما هو نموذج یمکن لکل جامعة الأخذ به خاصة وأنها تمتلک من المقومات ما یساعدها على الأخذ بهذا النموذج وتطبیقه شریطة حدوث تغییرات أساسیة فی ثقافتها، حیث طبقت کثیر من الدول العالمیة والعربیة هذا النموذج کمحاولة منها لإیجاد مصادر تمویل للجامعة إضافیة تنعکس علیها وعلى العاملین بها، ویکمن نجاح هذه الجامعات فی أنها تبنت مفهوم الجامعة المنتجة التی تفتح أبوابها للمجتمع من حولها؛ بحیث لم تعد تلک الجامعات مؤسسات تعلیمیة فقط، وإنما أضحت مختبراتها وثرواتها البشریة من أعضاء هیئة التدریس عنصرًا أساسیًا من عناصر تنمیة وخدمة المجتمع، إضافة إلى أنها أصبحت تمتلک وحدات إنتاجیة اجتماعیة واقتصادیة ذات قدرة تنافسیة عالیة.

فقد أخذ بمفهوم الجامعة المنتجة کثیر من جامعات الدول المتقدمة؛ ففی جامعة ماساشوستسMASSA CHUSETTS  ببریطانیا یوجد أکثر من ثلاثین مرکزًا ومعهدًا للبحث معظمها یرتبط بالصناعة والإنتاج، ویعمل فی المجالات التکنولوجیة والحاسبات والاتصالات وصناعة النسیج والبلاستیک (Paul W. Rahmeier: 1998, 323-326)

وفی مالیزیا تؤدی جامعة مالیزیا للتکنولوجیا (U.T.M) دورًا رائدًا فی مجال التنمیة التکنولوجیة وربط البحث العلمی بالتنمیة، وربط التعلیم بالصناعة والإنتاج، وتزوید طلاب الدراسات العلیا بالتعلیم المستمر فی المجال التقنی، وتعمل على أن تواکب أخر التطورات التکنولوجیة، وإنشاء مساقات تعلیمیة وبدائل جدیدة تناسب التطور الصناعی والتکنولوجی، وتقدیم دراسات علیا فی مجال التکنولوجیا وربطها بالصناعة، وعقد اتفاقات بینها وبین منظمات العمل والإنتاج (Sallehuddin Ibrahim:1997, 121-126)

 کما قدمت إحدى الدراسات (عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد: 1996م،  7 - 23) الجامعة المنتجة کفلسفة ثم أوضحت تجربة جامعة بغداد فی تطبیق مفهوم الجامعة المنتجة منادیة بضرورة اهتمام الجامعات العربیة بهذا النموذج باعتباره مرتبطًا بدورها الأساسی، ومعززًا للجامعة فی أداء رسالتها التاریخیة فی التطور الحضاری للمجتمع العربی.

وعلى المستوى المحلی أوصت نتائج إحدى الدراسات (عادل السید محمد الجندی: 1998م) بتعمیم الجامعة المنتجة واستحداث ما یلزم من تغییرات فی سبیل ذلک إنطلاقًا من أنه لم یعد مقبولًا فی العصر الحالی أن نتعلم أولًا ثم نعمل وننتج ثانیًا، بالإضافة إلى کونها تمثل توجهًا جدیدًا یعزز دور الجامعة الریادی فی حرکة المجتمع وتطوره.

کما قدمت إحدى الدراسات (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 225-321) تصورًا لجامعة منتجة مصریة فی ضوء خبرات بعض الدول، وقدمت جامعة أسیوط أنموذجًا من خلال رصد جهود الجامعة فی استثمار المعرفة وتسویق منتجاتها من خلال المراکز العلمیة والبحثیة والوحدات ذات الطابع الخاص.

ولما کان "الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة یتطلب ثقافة تمیز، وجودة عالیة، وقدرات تکنولوجیة رفیعة، وکذلک هیئة تدریس مؤهلة، وطلاب متمیزین؛ حتى تکون الأقسام العلمیة قادرة على ممارسة أدائها بشکل أفضل" (شرف إبراهیم الهادی: 2011م، 125) من هنا أصبحت برامج التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات والنمو المهنی لهم جزءًا لا یتجزأ            من خطط الجامعة المنتجة وسیاساتها؛ وذلک على اعتبار أن الأداء المهنی لعضو هیئة التدریس وتطویره وتقییمه وتهیئة المناخات العلمیة له هو نوع من الاستثمار الأکادیمی الذی یجب              أن تتضمنه سیاسات التعلیم العالی وبرامجه (محسن بن عبد الرحمن المحسن: 2013م،   227-240).

إنطلاقًا من ذلک تأتی أهمیة الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات إذا ما کان الهدف التحول لصیغة الجامعة المنتجة، وقد أکدت ذلک عدید من الدراسات والبحوث العلمیة.

فقدمت إحدى الدراسات (فتحی درویش محمد عشیبة: 2000م) عددًا من الضوابط التی تضمن نجاح عملیة تنفیذ فکرة الجامعة المنتجة منها: توعیة المسئولین عن التعلیم الجامعی بمفهوم الجامعة المنتجة، وأسسها، ودورها فی مواجهة مشکلات التعلیم الجامعی وتطویره، الاهتمام بأعضاء هیئة التدریس مهنیًا وعلمیًا، وتوفیر المناخ الذی یشجعهم على العمل والعطاء.

کما أکدت إحدى الدراسات (Groccia, James E.& Miller, Judith E.:2005)  على أن استراتیجیات تطویر أعضاء هیئة التدریس من أهم الاستراتیجیات التی یمکن من خلالها التحول للوصول إلى جامعة منتجة.

وأکدت دراسة أخرى (السعید محمود السعید عثمان: 2005م، 155- 168) على ضرورة إجراء بعض التغییرات التی تساعد على تحقیق الجامعة المنتجة مفهومًا ووظیفة منها: الاهتمام بإعداد أعضاء هیئة التدریس والهیئة المعاونة مهنیًا وعلمیًا وثقافیًا واجتماعیًا فی ضوء فلسفة الجامعة المنتجة، وعلاقتها بسوق العمل ومتطلباته.

ویعد استغلال الکفاءات الاستشاریة والبحثیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات لتقدیم الخدمات الاستشاریة والبحثیة لقطاع الأعمال فی مجالات التطویر الإداری والمالی وحاضنات الأعمال والتقنیة وغیرها من الأعمال من أهم الاستراتیجیات التی یجب اتباعها من أجل تحقیق أهداف الجامعة المنتجة (محمد عمر باطویح، أحمد سعید بامخرمة: 2008م، 50).

کما أن تبنی الاستراتیجیات اللازمة للوصول إلى جامعات عربیة منتجة یتطلب الاهتمام بتطویر أداء أعضاء هیئة التدریس وإعادة تأهیلهم وتدریبهم وفق المتغیرات العالمیة، تفعیل دور البحث العلمی فی الارتقاء بالجامعات نحو الإنتاج والإبداع، الارتقاء بالمناهج الجامعیة وطرق التدریس وفق معاییر الاعتماد والجودة الشاملة للتحول نحو الانتاج المتمیز والإبداع                        (شرف إبراهیم الهادی: 2011م، 123-179).

وقد قدمت دراسة (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 225- 321) بعض الألیات المقترحة للتحول إلى جامعة منتجة مصریة منها: الاهتمام بتنمیة قدرات أعضاء هیئة التدریس باستخدام أسلوب التعلم الذاتی لکل منهم، وضع خطط التنمیة المهنیة المستدامة لهم وفقًا للمعاییر العالمیة، إعادة النظر فی برامج تنمیة قدرات أعضاء هیئة التدریس المستخدمة حالیًا، تشجیع أبحاث أعضاء هیئة التدریس التطبیقیة ذات المردود الإنتاجی الاقتصادی، وأن توجه تلک البحوث لحل مشکلات الإنتاج والتنمیة فی القطاعات الاقتصادیة، وتوسیع نطاق جودة     الخدمات الجامعیة.

وعلى ضوء ما سبق وکحاجة ملحة لتحقیق النمو الاقتصادی الذی تنشده مصر، فهی بحاجة إلى الجامعة معقل الفکر، والتی تضم قادة الفکر فی المجتمع، والاستفادة المثلى من خبراتهم، وأبحاثهم العلمیة الجادة الهادفة، التی حولت کثیر من دول العالم من دول فقیرة إلى دول غنیة، ولا یمکن أن یتحقق ذلک دون الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، والتی یمکن عن طریقها زیادة المخصصات المالیة للجامعة من ناحیة، وتحقیق التعاون بین الجامعة وکافة مؤسسات المجتمع للنهوض بالبلاد  اقتصادیًا وإحداث التنمیة المنشودة لتصبح قادرة على المنافسة عالمیًا.

مشکلة البحث

تتصف متطلبات التعلیم الجامعی بحاجتها المستمرة والمتزایدة للموارد المالیة التی یتطلبها تطویر وتحدیث البرامج العلمیة ومراکز البحث العلمی بها، وتواجه کثیر من الدول فی المجتمعات النامیة والمتقدمة على حد سواء صعوبات متزایدة فی توفیر الموارد المالیة الضروریة، وذلک بسبب ضخامة الاستثمارات المالیة التی یتطلبها تشغیل مؤسسات التعلیم الجامعی والتوسع فیها خاصة فی الدول النامیة التی تتبع سیاسة التمویل الکامل للتعلیم.

کما أن نفقات التعلیم إذا قیست إلى جملة الدخل تکاد تکون ثابتة لا تتطور تطورًا یذکر، فی حین أنه ینبغی أن تزداد هذه النفقات إذا کان الهدف مسایرة حرکة التقدم الاقتصادی المنشود (محمد منیر مرسی: 1998م، 120).

ولما کان تمویل التعلیم الجامعی من أهم الدعائم الأساسیة لتطویر کل عناصر المنظومة التعلیمیة، وهو المؤشر الحقیقی لمدى إیمان الدولة والمجتمع بأهمیة الجامعة وأدوارها فی إحداث التقدم والتنمیة المنشودة، إلا أن "التمویل الحکومی التقلیدی لم یعد کافیًا للإیفاء بمتطلبات ومستلزمات التعلیم الجامعی، مما أدى إلى ضرورة إعادة النظر فی هیکلیة إدارة الموارد المالیة للجامعات من حیث الإیرادات والنفقات والبحث عن مصادر تمویل جدیدة"                            (محمد غانم: 2000م، 3).

کما أن التعلیم الجامعی ومنظومة البحث العلمی فی مصر یعانی عدید من المشکلات منها المتعلقة بسیاسة التمویل، والاستقلالیة، والحریة الأکادیمیة، ضعف العلاقة أو انعدامها بین الجامعة والمجتمع بمؤسساته المختلفة، عدم الموافاة بمتطلبات سوق العمل، وغیرها من المشکلات والتی یمکن علاجها من خلال تبنی مفهوم الجامعة المنتجة بالجامعات المصریة، والذی أصبح یمثل استجابة حقیقیة لاحتیاجات منظومة الجامعات والبحث العلمی فی مصر؛ حیث إن الجامعات مؤسسات ذات وزن سیاسی واضح فی مواجهة الأزمات المجتمعیة المطروحة (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 34-35).

وعلى الرغم من أهمیة تبنی هذا المفهوم وتفعیله کأسلوب مهم فی توفیر موارد إضافیة من ناحیة، والمساهمة فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة من ناحیة أخرى، إلا أن عدید من الدراسات والبحوث العلمیة تشیر إلى أن الجامعات المصریة تواجه عدید من التحدیات التی تعوق الجامعة عن تبنی أسلوب الجامعة المنتجة وتفعیله على مستوى الجامعات، ومن أهم هذه التحدیات: جمود اللوائح والقوانین التی تحکم أداء أعضاء هیئة التدریس وتطویره، شکلیة البرامج التدریبیة المقدمة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات، وافتقار محتواها للکثیر من الاتجاهات الحدیثة المرتبطة بتطویر أدائهم فی مجتمع المعرفة، غیاب الآلیات اللازمة لبناء وتحدیث قاعدة المعرفة التنظیمیة للجامعة، ندرة الموارد المالیة اللازمة لإجراء البحوث التطبیقیة التی یشارک فیها أعضاء هیئة التدریس؛ مما یعوق عملیة نشر وتطبیق خبراتهم ومعرفتهم بفاعلیة فی خدمة المجتمع، الأمر الذی جعل التعلیم الجامعی لا یفی بمتطلبات التنمیة المجتمعیة الشاملة                    (دعاء محمود عبد الفتاح جوهر: 2008م).

ومن ثم لا یمکن للأحوال والأوضاع الراهنة لمستوى خریجی الجامعات المصریة أن تقود المجتمع لتحقیق أهدافه التنمویة، وبناء مجتمع معرفی متقدم، نظرًا لضعف أداء أعضاء هیئة التدریس، وقصور برامج التنمیة المهنیة المقدمة لهم.

وعلى الرغم من أهمیة المبادرات التی طرحت لإصلاح التعلیم الجامعی والتی کان من بینها مشروع تنمیة قدرات أعضاء هیئة التدریس (FLDP)، إلا أن الأهم من ذلک هو مدى الاستفادة من استثمارها الاستثمار الأمثل بما یتناسب مع متطلبات التنمیة الشاملة، وبالطریقة التی تسهم فی إصلاح واقع التعلیم الجامعی، وتساعده على التکیف والتعامل مع المتغیرات المجتمعیة والعالمیة والمتجددة باستمرار (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 247-248).

فالجامعات المصریة تمتلک فرصًا تنافسیة عدیدة على کافة المستویات المحلیة والإقلیمیة والعالمیة ولکنها لم تستغل نظرًا لنقص الکفاءات الإداریة والتسویقیة، وغیاب ثقافة الفکر التسویقی لدى أعضاء هیئة التدریس (عفاف محمد جایل: 2010م).

کما أن استثمار الجامعة لإمکاناتها البشریة أو المادیة لکی یحقق المستهدف منها، وهو المساهمة فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فی المجتمع؛ من خلال الشراکة مع المؤسسات الإنتاجیة والخدمیة، والمساهمة بالبحوث التطبیقیة فی حل مشکلات الإنتاج والمشکلات الخدمیة یتطلب استراتیجیة تسویقیة معدة جیدًا، تأخذ فی الاعتبار احتیاجات العملاء، وتعمل على     تلبیتها بالکفاءة المطلوبة، وبأقل تکالیف ممکنة حتى یمکن للجامعة أن تنافس بفاعلیة فی تسویق منتجاتها فی ظل منافسة شرسة مع مؤسسات التعلیم المحلیة والإقلیمیة والعالمیة                     (غادة السید السید الوشاحی: 2010م، 258).

هذا بالإضافة إلى ضرورة تأهیل أعضاء هیئة التدریس للتعامل مع متطلبات البحث العلمی، خاصة وأن أغلب البحوث التی یتم إجراءها فی الجامعة من قبل أعضاء هیئة التدریس هی لغایات الترقیة، ولا یوجد لدى أعضاء هیئة التدریس الوقت الکافی للقیام بالبحوث نظرًا للعبء التدریسی الکبیر الذی یقع على عاتقهم، بالإضافة إلى قیامهم بأعمال الاختبارات المختلفة، ومتابعة قضایا الطلاب (نعیمة علی بنی مقداد، محمد علی عاشور: 2018م،     159- 194).

من هنا تعد استراتیجیة التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات من أهم استراتیجیات التحول إلى الجامعة المنتجة، ومن الضروری بمکان أن تعمل الجامعات على تطویر الأداء المهنی والأکادیمی لعضو هیئة التدریس فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، واعتبار تلک التنمیة قضیة مصیریة ولیست مجرد نشاط یمارس بالاختیار من العاملین بالجامعة (سعد بن برکی المسعودی، عزیزة عبد الله: 2005م).

وهذا یأتی من منطلق أن عضو هیئة التدریس هو محور الارتکاز، وأحد أهم العناصر التی تتضافر لبناء جامعة المستقبل، وهو العمود الفقری فی تقدم الجامعة وتحمل أعبائها؛ فبجهده تبنى المناهج، وتؤسس البرامج، وتنتج البحوث النظریة والتطبیقیة، وتقدم الاستشارات التی تخدم قطاع العمل والإنتاج.

وعلى ضوء مفهوم الجامعة المنتجة التی لم یعد دور عضو هیئة التدریس  فیها یقتصر على أداء وظائف الجامعة الرئیسة (التدریس، البحث العلمی، خدمة المجتمع) بأسالیبها التقلیدیة، بل أضیفت إلیه أدوار ومسئولیات أخرى لیست ثابتة أو جامدة بل متطورة بتطور الجامعة، وهذا یفرض على عضو هیئة التدریس والجامعة ضرورة الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس سواء الذاتیة منها أو المخططة.

لذا تحددت مشکلة البحث الحالی فی التساؤلات الآتیة:

تساؤلات البحث:

1- ما الأسس النظریة للجامعة المنتجة؟

2- ما دواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة؟

3- ما أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة؟

4- ما الاجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة؟

أهداف البحث:

هدف البحث الحالی إلى:

1- التعرف على الأسس النظریة للجامعة المنتجة.

2- الوقوف على دواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة.

3- إلقاء الضوء على أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة.

4- تقدیم بعض الاجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة.

أهمیة البحث:

نبعت أهمیة البحث الحالی من الاعتبارات الآتیة:

1- نموذج الجامعة المنتجة نموذج معاصر یتناسب مع جمیع الأنظمة السیاسیة، ویفتح بابًا على المستقبل لأنه یقدم نمطًا جدیدًا لربط التربیة بالحیاة فی جامعات عاملة باحثة یأتلف فیها التعلیم والإنتاج والبحث العلمی وخدمة المجتمع.

2- فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة تستطیع الجامعات المصریة تسدید أکثر نفقاتها وتحظى بحریة أکادیمیة نسبیة، وعدم الاعتماد فقط على التمویل الحکومی.

3- ینطوی مفهوم الجامعة المنتجة على الدور التربوی التآلفی بین التعلیم والبحث العلمی والإنتاج وخدمة المجتمع للجامعة العربیة المستقبلیة؛ وهو دور إندماجی جدید یجمع بین وظائف الجامعة القدیمة والمستجدة بشکل لم یسبق له مثیل.

4- لفت أنظار صناع القرار فی الجامعات المصریة إلى أهمیة الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة إذا ما کان الهدف التحول لجامعة منتجة مصریة.

 منهج البحث:

          لتحقیق أهداف البحث الحالی تم استخدام المنهج الوصفی، باعتباره أکثر ملائمة؛ بما یتیحه من جمع للبیانات والمعلومات وتحلیلها؛ للتعرف على الأسس النظریة للجامعة المنتجة، دواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، ومن ثم تقدیم مجموعة من الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة.

حدود البحث:

اقتصر البحث على دراسة الأسس النظریة للجامعة المنتجة من حیث: مفهومها، مبادئها، أهدافها، أهمیتها، أدوارها.

واقتصر فی تناوله لدواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة على تلک المتعلقة ببعض وظائف أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة ممثلة فی: وظیفة التدریس، وظیفة البحث العلمی، وظیفة خدمة المجتمع وتنمیة البیئة.

کما اقتصر البحث على دراسة بعض أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة ممثلة فی: التنمیة المهنیة الذاتیة، التنمیة المهنیة بدعم من               الإدارة الجامعیة.

مصطلحات البحث:

التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات:

             Professional Development of Staff Members in Universities

تعرف التنمیة المهنیة بأنها: "عملیات مؤسسیة تهدف لتغییر مهارات ومواقف وسلوک أعضاء هیئة التدریس لتکون أکثر کفاءة وفاعلیة فی مقابل حاجات الجامعة، وحاجات أنفسهم" (محمد حداد: 2004م، 23).

وتعرف التنمیة المهنیة بأنها: "الفرص المقدمة للتربویین لتنمیة مهاراتهم المعرفیة ومیولهم، بهدف تحسین فاعلیتهم داخل فصولهم ومنظماتهم، أو هی أی نشاط من شأنه أن ینمی مهارات الفرد ومعارفه وخبراته وغیرها من السمات التی یمتلکها المعلم أو التربوی" (Loveder Phil: 2005, 5).

کما تعرف التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات على أنها: "زیادة الخبرات وتطویر الکفایات والمهارات المتنوعة لدى أعضاء هیئة التدریس بالجامعات؛ حتى یتمکن              من ممارسة دوره، وأداء مهامه بکفاءة عالیة والتأثیر الإیجابی فی محیطه ومجتمعه"                 (ردمان محمد سعید غالب، توفیق علی عالم: 2008م، 168).

ویمکن تعریف التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات على أنها: "البرامج    التی تعمل على تنمیة أعضاء هیئة التدریس على إختلاف جنسهم، وتخصصاتهم، ورتبهم الأکادیمیة فی کل ما یخص البحث العلمی، والجوانب الذاتیة، والجوانب المهنیة، وخدمة المجتمع، والجوانب الإداریة؛ بهدف تطویر أدائهم التدریسی، وتحسین إنتاجهم العلمی"               (سعود بن عید العنزی: 2015م، 790).

یتضح من التعاریف السابقة أن عملیة التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس تتمثل فی کل نشاط من شأنه زیادة الخبرات وتطویر المهارات لدى عضو هیئة التدریس بالجامعات؛ حتى یتمکن من أداء دوره المهنی بکفاءة، وتحسین إنتاجه العلمی.

وتعرف التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات إجرائیًا فی هذا البحث بأنها: تنمیة أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی إطار أدوارهم المهنیة الجدیدة فی مجالات التدریس، والبحث العلمی، وخدمة المجتمع، وعلى ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، وتتضمن تلک التنمیة: التنمیة المهنیة الذاتیة، التنمیة المهنیة بدعم من الإدارة الجامعیة.

 2- الجامعة المنتجة: Productive University

تعرف الجامعة المنتجة على أنها "صیغة جدیدة لتعمیق الأدوار الموکولة إلى الجامعة على نحو أکثر إیجابیة وأکثر تفاعلیة مع البیئة المحیطة بها، ومشارکة کافة مؤسسات المجتمع المختلفة فی تنفیذ برامجها وتطویرها، وتقدیم المشورة والخبرة لما تمتلکه من خبرات وکوادر بشریة مؤهلة على أعلى مستوى" (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 36).

وتعرف الجامعة المنتجة على أنها: "الجامعة التی تسعى بإبداع الطرق لخفض التکالیف وزیادة الإنتاجیة، وإیجاد مصادر تمویلیة ذاتیة غیر تقلیدیة عن طریق تسویق منتجاتها، ولیس بهدف الربح کما فی القطاع الخاص، وإنما لتغطیة نفقاتها وتکالیف التطویر المستمر، وتحسین جودة التعلیم، والمساهمة فی التنمیة المجتمعیة الشاملة" (راویة حسن إبراهیم أبو الخیر: 2016م، 12).

کما تعرف الجامعة المنتجة على أنها: "تلک الجامعة التی ترتبط بالمجتمع، وتستجیب للواقع الاقتصادی والثقافی والبحثی والإنتاجی لذلک المجتمع، وتتعاون مع مختلف قطاعات الاقصاد الوطنی مثل: الصناعة، الزراعة، التجارة، الصحة، التعلیم وغیرها؛ عن طریق تحقیق الشراکة بینها وبین مؤسسات الأعمال، ورفدها بما تحتاجه من کوادر مؤهلة ومدربة"                (نعیمه علی بنی مقداد، محمد علی عاشور: 2018م، 171).

یتضح من التعاریف السابقة أن الجامعة المنتجة هی صیغة جدیدة للجامعة لا تعتمد على التمویل الحکومی فقط، وإنما تبحث عن مصادر تمویل ذاتیة عن طریق فتح أبوابها للمجتمع الخارجی وتحقیق الشراکة مع مؤسسات العمل والإنتاج.

ویعرف مصطلح الجامعة المنتجة إجرائیًا فی هذا البحث بأنه: الجامعة التی تعتمد على ما تمتلکه من خبرات وکوادر بشریة مؤهلة من أعضاء هیئة التدریس فی البحث عن مصادر تمویل ذاتیة للجامعة من خلال ما یقدمونه من خدمات تدریسیة لإعداد الطالب المنتج، إجراء البحوث النظریة والتطبیقیة، تقدیم الاستشارات، المساهمة فی تحقیق الشراکة مع قطاع العمل والإنتاج، وتسویق الجامعة لمنتجاتها.

خطة البحث:

حتى یحقق البحث أهدافه وللإجابة عن تساؤلاته فإن البحث سار وفق الخطوات الآتیة:

1- للإجابة عن التساؤل الأول: تم تخصیص المحور الأول بعنوان: الأسس النظریة للجامعة المنتجة من حیث: مفهومها، مبادئها، أهدافها، أهمیتها، أدوارها.

2- للإجابة عن التساؤل الثانی: تم تخصیص المحور الثانی بعنوان: دواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، والذی تناول الدواعی المتعلقة ببعض وظائف أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة ممثلة فی: وظیفة التدریس، وظیفة البحث العلمی، وظیفة خدمة المجتمع وتنمیة البیئة.

3- للإجابة عن التساؤل الثالث: تم تخصیص المحور الثالث بعنوان: أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، والذی تناول التنمیة المهنیة الذاتیة، والتنمیة المهنیة بدعم من الإدارة الجامعیة.

4- للإجابة عن التساؤل الرابع: تم تقدیم نتائج البحث، کما تم تقدیم بعض الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، بالإضافة إلى تقدیم بعض التوصیات والبحوث المقترحة.

الإطار النظری للبحث

تمهید:

شهدت الجامعات فی الربع الأخیر من القرن العشرین تحولًا جذریًا فی أدوارها التعلیمیة لتواکب التوجهات العالمیة نحو زیادة إنتاجیة الجامعات؛ من خلال تکوین شراکة مجتمعیة مع القطاعات الاقتصادیة، والخدمیة، وتهیئة فرص النمو الاقتصادی داخلها، وظهور ما یسمی بمفهوم الجامعة المنتجة والذی یهدف إلى تحقیق التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة من خلال النتاج العلمی التطبیقی والدراسات والإستشارات من ناحیة، وتوفیر مصادر تمویلیة غیر تقلیدیة للجامعة من ناحیة أخرى.

ویعد أعضاء هیئة التدریس الجامعی أحد أهم المقومات التی تمتلکها الجامعة ویمکن الاستفادة منهم لخدمة مجال العمل والإنتاج، وإیجاد مصادر تمویل إضافیة للجامعة؛ وذلک من خلال إجراء البحوث والدراسات، وتقدیم الاستشارات المختلفة، وغیرها، وبالتالی تحقیق أهداف الجامعة المنتجة.

من هنا تأتی أهمیة التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة وتطویر أدائهم فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة؛ حیث إن أی قصور فی تلک التنمیة یعوق التحول نحو فکرة الجامعة المنتجة.

ویتبلور الإطار النظری للبحث الحالی فی المحاور الآتیة:

المحور الأول: الأسس النظریة للجامعة المنتجة من حیث: مفهومها، مبادئها، أهدافها، أهمیتها، أدوارها.

          مفهوم الجامعة المنتجة تم طرحه منذ بدایة التسعینیات، وکان على شکل أفکار نظریة، ولم تتم ممارسته عملیًا فی الوطن العربی، ولعل السبب وراء ذلک یعود للإعتقاد بأن تبنی مفهوم الجامعة المنتجة یتعارض مع الوظائف الأساسیة للجامعة، المتمثلة فی التعلیم والبحث العلمی وخدمة المجتمع، إلا أن مفهوم الجامعة المنتجة یعنی أن تقوم الجامعة بممارسة أنشطة إضافیة للوظائف الأساسیة التی تقوم بها، والتوسع فی هذه الوظائف، مما یؤدی إلى تحقیق موارد مالیة تنعکس فائدتها على الجامعة والعاملین بها وعلى المجتمع المحیط.

وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الجامعة المنتجة یؤکد على زیادة الأنشطة الإنتاجیة للجامعة، ورفع الکفاءة الداخلیة والخارجیة للتعلیم الجامعی من خلال؛ تسویق منتجاتها، وخدماتها، وإمکانیاتها البحثیة، والمادیة، بالشکل الذی لا یتعارض مع المفهوم العام للجامعة ودورها الأساسی فی التعلیم والبحث العلمی وخدمة المجتمع، وإنما یتعدى ذلک إلى ممارسة النشاطات الإنتاجیة المناسبة للعملیة التعلیمیة، ومتابعة مشکلات الإنتاج والتطویر فی حقل العمل، الأمر الذی یحقق لها موارد مالیة تقلل من اعتمادها على التمویل الخارجی، ویعزز دورها ووظائفها.

وقبل تفصیل الحدیث عن أهمیة الجامعة المنتجة وأدوارها یتم إلقاء الضوء على مفهوم الجامعة المنتجة، مبادئها، وأهدافها وذلک على النحو الآتی:

أولًا: مفهوم الجامعة المنتجة

          الجامعة المنتجة هی الجامعة المتفاعلة مع المجتمع من خلال مجموعة من الأنشطة المضافة لدورها الأساسی، بما فی ذلک الإنتاج الذی تحقق من خلاله موارد إضافیة                  (عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد: 1997م، 160).

ویقصد بالجامعة المنتجة تلک الجامعة التی تحقق من خلال تکامل وظائفها التعلیم والبحث العلمی وخدمة المجتمع تطویر أنشطة تعلیمیة وإنتاجیة متعددة مثل البحوث التعاقدیة، التعلم الذاتی، التدریب المستمر، الاستشارات، الإنتاج المباشر فی بعض الکلیات، وفتح الدراسات المسائیة؛ لتسهم فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة وتوفر للجامعة مصادر تمویلیة غیر تقلیدیة (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 239).

کما یقصد بالجامعة المنتجة قیام الجامعة ببعض الأنشطة التی تستطیع من خلالها تحقیق موارد مالیة تنعکس بالفائدة علیها وعلى العاملین بها؛ حیث إن الجامعة غالبًا ما تضم نخبة من العلماء والباحثین من أعضاء هیئة التدریس فی مختلف التخصصات یمکن الاستفادة منهم لخدمة مجال الأعمال وقطاعات الإنتاج الخاص والعام، من خلال إجراء الدراسات والبحوث وتقدیم المشورة بما یعود على الجامعة بموارد إضافیة.

کما تمتلک الجامعة مزارع ومستشفیات وورش ومراکز، یمکن أن تستغل کمراکز إنتاج، ویمکن للجامعة أیضًا أن تدخل مجال الصناعة بالتدریج مستغلة إمکاناتها العلمیة والبشریة المتمیزة من أعضاء هیئة التدریس فی هذا الصدد (محمد سیف الدین بوفالطة، عبد النور موساوی: 2015م، 379).

من ثم فالجامعة المنتجة هی التی تحقق وظائف التعلیم والبحث العلمی والخدمة العامة، والتی تتکامل فیها هذه الوظائف لتحقیق بعض الموارد المالیة الإضافیة للجامعة، من خلال أسالیب ووسائل متعددة منها: التعلیم الممول ذاتیًا، التعلیم المستمر، الاستشارات، البحوث التعاقدیة، والأنشطة الإنتاجیة (فتحی درویش محمد عشیبة: 2000م، 531).

ویشیر مفهوم الجامعة المنتجة إلى قیام الجامعة ببعض الأنشطة التی تحقق من خلالها بعض الموارد المالیة التی تنعکس بالفائدة على العاملین فیها بشرط ألا تتناقض هذه الأنشطة مع الوظیفة الأساسیة للجامعة ولا تؤثر علیها، وبحیث تتحقق من خلال تأدیة الجامعة لوظائفها، وهذا یعنی عدم دخول الجامعة المنتجة فی تنافس على الربح الاقتصادی مع المؤسسات الإنتاجیة الأخرى فی المجتمع وکذلک عدم مسایرتها لنموذج السوق بل تکتفی ببعض الأنشطة التی تحقق لها أرباحًا مناسبة تسدد من خلالها معظم نفقاتها (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 239- 240).

مما سبق یتضح أن مفهوم الجامعة المنتجة لا یتعارض مع المفهوم العام للجامعة ووظائفها الأساسیة، بل یعمق ویوسع من دور الجامعة فی مجال التعلیم والبحث العلمی، وخدمة المجتمع، وینظر إلیها على أنها متکاملة ومتداخلة.             

ثانیًا: مبادىء الجامعة المنتجة

یمکن تحدید بعض المبادىء التی تقوم علیها فلسفة الجامعة المنتجة على النحو الآتی (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 241):

1- التکامل بین وظائف الجامعة الثلاث: التعلیم والبحث العلمی وخدمة المجتمع.

2- فتح قنوات للشراکة مع مؤسسات المجتمع الإنتاجیة والخدمیة من خلال تلبیة احتیاجاته من الکوادر البشریة الماهرة المدربة، والقادرة على البحث والمشارکة فی ایجاد حلول لمشکلاته وقضایاه، وتنظیم برامج تعلیمیة وتدریبیة لمؤسسات المجتمع مثل برامج التدریب التحویلی، التعلیم المتناوب، والتعلم المستمر.

3- تنوع مصادر التمویل من المشروعات والأنشطة والبحوث التطبیقیة وغیرها تمثل مصدرًا للتمویل بالإضافة إلى ما یمکن أن تحصل علیه الجامعة من معونات ومنح من بعض المؤسسات والأفراد، وبذلک تتحقق الاستقلالیة للجامعات.

4- ربط التعلیم بالإنتاج؛ فالطالب فی الجامعة المنتجة یتم إعداده بطریقة متوازنة تجمع بین النظریة والتطبیق، بین التعلیم والإنتاج ورفع مستوى إنتاجیة الطالب من خلال ممارسته للعمل والإنتاج فی المؤسسات الإنتاجیة أثناء الدراسة وذلک بهدف تحقیق التعلیم المنتج وتنمیة مهارات الإبداع والابتکار لدى الطلاب.

وعلیه فإن المبادىء التی تقوم علیها الجامعة المنتجة تؤکد على الربط بین التعلیم ومؤسسات العمل الإنتاجی لیس من أجل الربح الاقتصادی فقط وإنما من أجل رفع مستوى إنتاجیة الجامعة، وعلیه تزول أیة ثنائیة داخل العملیة التعلیمیة بین الجوانب النظریة والعملیة، وبین الجامعة والمجتمع.  

ثالثًا: أهداف الجامعة المنتجة

حددت إحدى الدراسات (محمد عمر باطویح، أحمد سعید بامخرمة: 2008م، 50) أهداف الجامعة المنتجة على النحو التالی:

1- تسخیر التعلیم الجامعی من أجل تخریج طلابًا یستطیعون المساهمة فی تطویر مجتمعهم.

2- الاستفادة من التنظیمات الإداریة والمالیة والعلمیة بالجامعة من أجل الاستغلال الأمثل للموارد المالیة والبشریة المتاحة للجامعة.

3- توجیه نشاطات البحث العلمی لخدمة قضایا التنمیة.

          کما حددت دراسة أخرى (غادة السید السید الوشاحی: 2015م، 242) أهم أهداف الجامعة المنتجة على النحو التالی:

1- التنمیة المهنیة المستدامة للطلاب قبل وأثناء الخدمة وتنمیة مهاراتهم الإبداعیة والإنتاجیة وذلک لتحقیق المواءمة بین مخرجات التعلیم الجامعی واحتیاجات المؤسسات الإنتاجیة والخدمیة من الکوادر البشریة المؤهلة للإنتاج.

2-  المساهمة فی علاج مشکلة البطالة لدى خریجی الجامعات.

3- توفیر مصادر تمویل ذاتیة للجامعات من خلال تفعیل الدور الإنتاجی لرأس المال المادی والمعرفی المتاح للجامعات وتحقیق استقلالیة الجامعات.

4- ترسیخ مفهوم الشراکة المجتمعیة بین الجامعات وقطاعات الإنتاج والخدمات والعمل على تفعیلها للقضاء على الثنائیة بین النظریة والتطبیق والفکر والعمل وصولًا لتحقیق التعلیم المنتج وإعداد الکوادر البشریة القادرة على الإبداع والإبتکار.

5- رفع مستوى الکفاءة الداخلیة والخارجیة وزیادة إنتاجیة التعلیم الجامعی الفکری والمادی، وتطویر أداء نظام التعلیم الجامعی ضمانًا لتحقیق الجودة الشاملة للنظام.

ومن ثم تتعدد أهداف الجامعة المنتجة على النحو التالی:

1- الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة للجامعة، والبحث عن موارد ذاتیة أخرى.

2- تأهیل الموارد البشریة المنتجة القادرة على العمل والإنتاج.

3- تحقیق المواءمة بین مخرجات التعلیم الجامعی واحتیاجات المجتمع.

4- تعزیز الشراکة المجتمعیة بین الجامعة ومؤسسات العمل والإنتاج.   

رابعًا: أهمیة الجامعة المنتجة

تنبع أهمیة الجامعة المنتجة من عدة اعتبارات من أهمها (أحمد الخطیب: 2003م، 161):

1- المشارکة المباشرة فی التطویر والإبتکار وإیجاد الخبرة التقنیة وتطویرها والمساعدة             فی تطویعها.

2- إجراء البحوث المرتبطة بحقل الأعمال للمساعدة فی حل المشکلات الإنتاجیة التی تواجه القطاع الصناعی والإنتاجی والخدمی.

3- توسیع برامج التعلیم والتدریب المستمر.

4- تقدیم الاستشارات الفنیة لمؤسسات القطاع العام والخاص ومعالجة مشکلات حقل               العمل والإنتاج.

5- القیام بالبحوث التطبیقیة التی یتم إجراءها فی مجالات العمل التطبیقی فی المؤسسات الصناعیة والإنتاجیة والخدمیة والتی تهدف إلى تطویر الأسالیب التقنیة المختلفة التی تنعکس حتمًا على تسریع التطویر الاجتماعی والاقتصادی، ومن خلال هذه البحوث التطبیقیة فإن الجامعة تزید من ارتباطها بحرکة المجتمع وتعطی الحلول المناسبة لکثیر من المشکلات التی تواجهها مؤسسات المجتمع المختلفة سواء کانت صناعیة أم إنتاجیة              أم خدمیة.

6- تقدیم البحوث النظریة إذ یمکن من خلال هذه البحوث تطویر المعارف النظریة وتعمیق التخصصات العلمیة الدقیقة، والإرتقاء إلى مراتب علمیة متقدمة.

والجامعة المنتجة تساهم فی تنمیة الإبداع، والإبتکار، ومسایرة اتجاهات العصر فی الجودة والأداء، یعزز ذلک التعاون مع القطاعات الإنتاجیة، وتبادل المنفعة والاستفادة العلمیة من البحوث المنجزة، وتوفیر المعلومات التقنیة وتطبیقها، والمساهمة فی تقدیم المقترحات والمشورات الفنیة الأساسیة.

کما أن الجامعة المنتجة تمثل جزءًا لا یتجزء من آلیات السوق ومؤسسات الإنتاج وتسویق المعارف والبرامج والأبحاث المرتبطة بالسوق، وعقد صفقات الشراکة مع مؤسسات المجتمع الأخرى وهذا یساهم بدوره فی تحقیق بعض الموارد الإضافیة وتعزیز الموازنة              (شرف إبراهیم الهادی: 2011م، 138).

ومن ثم فإن الجامعة المنتجة بما تمتلکه من قدرات وخبرات متخصصة تخصصًا عالیًا، فإنها ترتقی من دورها التقلیدی المتمثل فی التعلیم والبحث العلمی، إلى دور أکثر تأثیرًا مجسدًا فی إعدادها للقوى البشریة المؤهلة، وتقدیم الاستشارات الفنیة وإجراء البحوث والدراسات العلمیة التی تسهم فی تطویر الإنتاج وتحسین الخدمات.

کما یمکنها من ممارسة النشاطات الإنتاجیة من خلال؛ إیجاد شراکة أو تعاون مع القطاعات الصناعیة، والإنتاجیة، والخدمیة، وتحقیق إیراد مالی مناسب یعزز من مسیرتها، ویقلل من اعتمادها على التمویل الحکومی قدر الإمکان.

خامسًا: أدوار الجامعة المنتجة

فلسفة الجامعة المنتجة لا تختلف عن جوهر فلسفة الجامعة، وهی مؤسسة تعلیمیة، وحضاریة رائدة، فهی تمثل توجهًا جدیدًا یمکن أن تعزز من خلاله دورها الریادی فی حرکة المجتمع وتطوره، وعلى هذا الأساس فإن أدوار الجامعة المنتجة یمکن أن تتحدد من خلال الأنشطة التالیة (عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد: 1997م،139- 140):

1- توسیع فرص التعلیم استجابة لحاجات المجتمع.

2- المشارکة المباشرة فی التطویر والإبتکار.

3- إجراء البحوث المرتبطة بحقل العمل لحل المشکلات التی تواجهه.

4- إفساح المجال للإفادة من رسائل الدراسات العلیا والبحوث فی معالجة مشکلات العمل واقتراح الحلول المناسبة لها.

5- توسیع برنامج التعلیم المستمر والتدریب.

6- تقدیم مختلف الاستشارات التی تعالج مشکلات حقل العمل.

7- الاهتمام بالإنتاج المباشر فی بعض النشاطات الجامعیة.

8- فتح الدراسات المسائیة بتمویل ذاتی.

9- إفساح المجال للطلبة الوافدین للقبول فی الجامعة لقاء أجور مناسبة.

10- الاهتمام بالبحث التطبیقی الذی یخدم المجتمع.

          وقد حددت إحدى الدراسات (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 37) أدوار الجامعة المنتجة فی التالی:

1-  تفعیل دورها البحثی وهذا یتطلب إعطاء أهمیة قصوى سواء للبحوث النظریة أو التطبیقیة.

2- استثمار أملاک الجامعة من مطاعم ومساکن ومزارع ومستشفیات جامعیة والأجهزة والمعدات لإنجاز أعمال مختلفة لحساب الغیر، وبیع منتجات الطلاب فی بعض کلیات الجامعة على سبیل المثال: کلیة الزراعة، کلیة الطب البیطری، کلیة الاقتصاد المنزلی، کلیة الفنون الجمیلة؛ وذلک لتحقیق بعض الربح للطلاب وللجامعة، وعقد الدورات والندوات والتعلیم المستمر والنشاطات الثقافیة والاجتماعیة والعلمیة والدراسات المسائیة.

          ویعد اعتماد الجامعة لهذه النشاطات من شأنه أن یوسع من دورها التقلیدی، ویعزز تنفیذ أهدافها الأساسیة، کما یمکن أن یحقق من جهة أخرى إیرادات مالیة مضافة               لموازنة الجامعة.

المحور الثانی: دواعی الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة

          تماشیًا مع التطورات والتحولات التی تعرفها بیئة المؤسسات التعلیمیة خاصة الجامعات، کان على هذه الأخیرة أن تتکیف مع هذه التحدیات، بل وتصبح عنصرًا مؤثرًا فی بیئة لا تقبل إلا الأقوى وهذا من خلال الإصلاح وتطویر منظومتها وتبنی نماذج واتجاهات جدیدة تضمن لها البقاء والاستمراریة، ولعل من بین هذه النماذج التی أثبتت نجاحها هو نموذج الجامعة المنتجة.

فالجامعة مؤسسة تربویة تعلیمیة أنشأها المجتمع وکونها مؤسسة تربویة وإنطلاقًا من أن التربیة: تنمیة للفرد وللمجتمع، فالجامعة بالضرورة مؤسسة تنمویة، وإذا کان المقصود بالتنمیة؛ حصیلة کل ما یخطط له ویتم تنفیذه وتقویم نتائجه بأسلوب علمی على نطاق الفرد والبیئة والمجتمع، فالجامعة کمؤسسة تنمویة منوط بها القیام بالإصلاح والتطویر والتحدیث               والتنویر والإنتاج.

أی أن الجامعة مؤسسة تعلیمیة بحثیة تعمل على تقویم واقع المجتمع تقویمًا علمیًا موضوعیًا فی ضوء رؤى تحدیثیة لتفعیله وتنظیم عائداته بإنتاج معرفة جدیدة وتوظیفها لخدمة المجتمع (ردمان محمد سعید غالب، توفیق علی عالم: 2008م، 175).

وإذا کان للجامعة ثلاث وظائف رئیسة هی: التدریس، البحث العلمی، وخدمة المجتمع، تربط بینها علاقات دینامیة تجعل منها وظائف متفاعلة یخدم کل منها الآخر، وهذه الوظائف فی مجملها تناط فی حجمها الأکبر بأعضاء هیئة التدریس باعتبارهم یمثلون محور الارتقاء فی المسیرة الجامعیة؛ حیث إن عضو هیئة التدریس یقوم بالعدید من الأدوار التی لا یمکن أن تکون ثابتة، وإنما تتغیر بتغیر حاجات المستفیدین والموقف التعلیمی، ومجاراة التطورات فی البیئة الداخلیة والخارجیة، خاصة فی عصر التحولات السریعة، لذلک تعمد الجامعات المنتجة إلى تحدید أدوار أعضاء هیئة التدریس فیها، وتطویر قدراتهم بما یحقق فلسفة تلک الجامعة، وفیما یلی عرض لتلک الوظائف والدواعی المتعلقة بها:

1- التدریس:

          تعد عملیة التدریس الهدف الرئیس الذی تسعى الجامعة من خلال أعضاء هیئة التدریس لتحقیقه وتطویره؛ حیث إن تحسین صورة الجامعة ومکانتها مقارنة بالجامعات یعتمد بالدرجة الأولى على مستوى خریجیها ولذلک یقع على کاهل أعضاء هیئة التدریس بالجامعات مسئولیة کبیرة فی تحقیق أهدافها التدریسیة.

          حیث أصبح التدریس الأداة الرئیسة فی التقدم والتنمیة الشاملة، وبات الفرد المتعلم هو العنصر الفعال فی النهضة الشاملة للمجتمع، کما أصبحت عملیة التقدم والتنمیة تقاس بما أنجزته الحکومات والمجتمعات من تعلیم وتثقیف لأبنائها، وما حققته من خطط وبرامج تعلیمیة، تساعدها فی تحقیق التنمیة بأبعادها المختلفة: السیاسیة، والاقتصادیة، والاجتماعیة، والیقافیة، وبناء على ذلک أیقنت کثیر من الدول أهمیة التدریس لارتباطه الشدید بعوامل التنمیة والتقدم، لذلک أصبح الإنفاق على الجامعات استثمارًا حقیقیًا فی مجال تنمیة الموارد البشریة وجزءًا من سیاسة التنمیة الشاملة (علی السید الشخیبیی: 2002م، 1).

          ویأتی هذا من منطلق أن مهمة التعلیم الجامعی لم تعد تخریج متخصصین قادرین على التقدم وتطویر الأعمال التی یقومون بها، وقادرین على تفهم التقدم العلمی الهائل والانجازات التقنیة والتغیرات المتسارعة، ولذا یجب أن تهدف الجامعة أو الکلیة المنتجة من خلال أعضاء هیئة التدریس إلى تدریس الطالب کیفیة التقدم ذاتیًا، واکتساب القدرة على الإبداع، والقدرة على التحکم فی التغیر وتطویر مجتمعه (راویة حسن إبراهیم أبو الخیر: 2016م، 25).

وترتبط الوظیفة التدریسیة لعضو هیئة التدریس بالجامعة بعدة مقومات لابد وأن تتلاءم مع مفهوم الجامعة المنتجة منها ما یلی:

أ- طرق التدریس:

لم تعد المحاضرة کأسلوب للتدریس والتی یکون فیها الطالب مجرد متلقی سلبی للمعلومة دون أی نقاش أو نقد أو تحلیل هی الوسیلة الفضلى لشرح المعلومة، بل برزت استراتیجیات للتدریس جدیدة هدفها توسیع مدارک الطالب الجامعی، وإتاحة الفرصة له لتحری جوانب عدیدة للمعلومة غیر متاحة له بطرائق التدریس التقلیدیة.

وإذا کان الواقع یشیر إلى بعض القصور والسلبیات فی طرق التدریس الجامعیة والتی ترکز على دور الأستاذ الجامعی، باعتباره المصدر الوحید والرئیس للمعرفة، والافتقار فی هذه الأسالیب إلى التنویع والتشویق واستخدام التقنیات الحدیثة فی التدریس (المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم: 2008م، 24- 25).

هذا بالإضافة إلى ندرة فرص التدریب العملی والمیدانی الجید، خاصة فی مواقع العمل والإنتاج (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 31- 80).

کما أن الزیادة الکبیرة لعدد الطلاب المقیدین فی الجامعات، کان له أثره فی ضعف کفایة التعلیم المقدم، وارتفاع معدل عضو هیئة التدریس إلى الطلاب، وانخفاض معدل الإنفاق على الطالب، وعدم کفایة التجهیزات والمختبرات والخدمات، وفرص النشاط، وعدم القدرة على تطبیق أسالیب التدریس الحدیثة (السعید محمود السعید عثمان: 2005م، 162).

وفی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، توجد عدید من المتطلبات التی ینبغی توافرها فی طرق وأسالیب التدریس الجامعی، والتی ینبغی تدریب أعضاء هیئة التدریس علیها من خلال برامج التنمیة المهنیة المختلفة ومنها (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 63):

1- الابتعاد قدر الإمکان عن الأسالیب التقلیدیة فی التدریس کالمحاضرات.

2- الترکیز على الطرق الحدیثة کالتعلم الذاتی وأسلوب حل المشکلات وغیرها من الأسالیب التی تجعل الطالب متعلم نشط وفعال.

3- الاعتماد على الوسائل التکنولوجیة الحدیثة فی التعلیم.

4- زیادة فعالیة التدریب المیدانی؛ لربط التعلیم بمواقع العمل والإنتاج.

          هذا بالإضافة إلى استخدام استراتیجیات إبداعیة فی التدریس تقوم على قدرات أعضاء هیئة التدریس، ومهاراتهم، وخبراتهم التدریسیة، لتفعیل دور الطلاب، وتوجیههم نحو استثمار قدراتهم فی التنافس العلمی تحصیلًا وبحثًا وإعدادًا، بالإضافة إلى استخدام بعض الطرق التدریسیة الجدیدة، التی تحقق الإنتاجیة للجامعات وبالتالی تسهم فی تنمیة المجتمع وتطوره (محمد الجماصی: 2014م، 80-81).

          ومن ثم وفی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة فإن أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة مطالبین بإعادة النظر فی طرق وأسالیب التدریس المستخدمة، والبحث عن طرق وأسالیب حدیثة ومتنوعة تحقق أهداف الجامعة المنتجة، ویمکن أن یتم ذلک من خلال الترکیز على هذه الطرق والأسالیب فی برامج التنمیة المهنیة، وتدریب أعضاء هیئة التدریس علیها.

ب- المناهج التعلیمیة:

تعد المناهج التعلیمیة من أهم عناصر العملیة التعلیمیة، وبقدر جودتها تکون جودة مخرجات هذه العملیة وإحدى مقومات نجاحها؛ لذا فهی بحاجة ماسة إلى التطویر ومواکبة کل ما هو جدید.

وفی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، یتضح أن مناهج التعلیم بالجامعات المصریة بحاجة إلى تطویر وتحدیث لمواکبة هذا المفهوم، خاصة وأن الواقع یشیر إلى عدید من السلبیات المتعلقة بالمناهج الدراسیة والتی أوضحتها نتائج عدید من الدراسات منها:

1- جمود البرامج والمناهج والمقررات الدراسیة، وعدم مسایرتها للتقدم المعرفی والعلوم الحدیثة والمستقبلیة والتغیرات التکنولوجیة (برنامج الأمم المتحدة الإنمائی، ومؤسسة محمد بن راشد آل مکتوم: 2011م، 62).

2- غلبة الدراسات النظریة الإنسانیة على الدراسات التطبیقیة، وعدم خضوع تلک المناهج للتقویم المستمر؛ مما ینعکس ذلک على ارتباطها بمطالب التنمیة المتغیرة (محمد علی عزب: 2011م، 90).

3- ضعف الصلة بین مناهج ومقررات التعلیم الجامعی ومتطلبات سوق العمل؛ مما یؤدی إلى تخریج دفعة من الطلاب غیر مرغوب عنها فی سوق العمل (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 44).

وهذا یفرض ضرورة الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة فی مجال التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة للأسباب التالیة (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 63):

1- حاجة أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة للعمل المستمر فی مراجعة المناهج لتعدیلها نحو الأفضل، والمساهمة الفعالة فی التنمیة البشریة.

2- سرعة التغیر العلمی والاستعداد لمتطلبات هذا القرن، مما یتطلب تنمیة مهارات الهیئة التدریسیة لیتمکنوا من أداء رسالتهم والاستعداد العلمی والمهنی لکل المتطلبات.

3- الحاجة إلى إعداد خریجین ذوی مهارات عالیة ومواطنین قادرین على تلبیة متطلبات کل قطاعات النشاط البشری.

4- الحاجة إلى التکامل بین الجانب النظری والجانب العملی فی بناء المناهج.

5- صیاغة محتوى المنهج بشکل یشجع على البحث والتعلم الذاتی، وممارسة التفکیر               والتحلیل والنقد.

هذا بالإضافة إلى تطویر المناهج التعلیمیة وإدخال برامج دراسیة جدیدة تتطلبها مجالات الإنتاج، وهذا یفرض على الجامعة ضرورة دراسة خطط التنمیة دراسة علمیة واقعیة؛ بحیث تستطیع أن تقوم برامجهها وخططها على أساس تلک الخطط التنمویة؛ أی أن تکون مرتبطة بواقع المجتمع وقضایاه ومشکلاته  Ahmed Al Shumaimriet all: 2010,591))

کذلک صیاغة المناهج بشکل جماعی یشترک فیه المتخصصون مع أصحاب الفکر والثقافة والإبداع، بما یحقق الترابط بین الفکر والواقع (عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد:1997م، 138- 164).

ویمکن لبرامج التنمیة المهنیة التی تقدم لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة أن تقوم بدورها فی هذا المجال من خلال حث أعضاء هیئة التدریس على التقویم المستمر للمناهج التعلیمیة، وتطویرها فی ضوء قضایا العمل والإنتاج.

ج- أسالیب التقویم والاختبارات:

یمثل التقویم عنصرًا ومکونًا أساسیًا فی العملیة التعلیمیة؛ فمن خلاله یتم الحکم على جودة مدخلات ومخرجات أی نظام تعلیمی، وتطویر ما یتم الکشف عنه من نقاط القصور والضعف فی ذلک النظام (مریم سلطان لوتاه: 2009م، 38).

وتقع الاختبارات بأنواعها ضمن عملیة التقویم التی یقیس بها عضو هیئة التدریس مدى کفاءة الطالب ویهدف منها إلى قیاس أداء الطالب للتأکد من بلوغه مستویات محددة من خلال اختبار معارفه ومهاراته واتجاهاته.

وإذا کان الواقع فی النظام التعلیمی بالجامعات المصریة یشیر إلى بعض السلبیات فی أسالیب التقویم والاختبارات ومنها:

1- تقلیدیة أسالیب التقویم والاختبارات وترکیزها على قیاس الحفظ والتذکر، وإهمال قیاس مهارات التحلیل والترکیب والاستنتاج والنقد والإبداع (المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم: 2008م، ص 36).

2- إغفال أسالیب التقویم لقیاس کافة جوانب شخصیة الطالب العقلیة والجسمیة والنفسیة والاجتماعیة، بالإضافة إلى عدم الإتساق بین محتوى المناهج والمقررات الدراسیة وعملیة التقویم (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 45).

وفی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة توجد مجموعة من المتطلبات ینبغی توافرها فی أسالیب التقویم والامتحانات والتی ینبغی أن ترکز علیها برامج التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة، وهی کما یلی (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 63- 64):

1- أن تکون عملیة التقویم شاملة تقیس جمیع جوانب شخصیة الطالب ولا ترکز فقط على الجانب المعرفی؛ بحیث ترکز على قدرات الطالب الإبداعیة والتحصیلیة، والقدرة على النقد والتحلیل، واتباع أسالیب مبتکرة فی حل المشکلات.

2- أن یحدث تطویر فی أسالیب التقویم والاختبارات مثل الامتحانات الإلکترونیة کآلیة من آلیات التقویم؛ وذلک لزیادة الشفافیة والنزاهة، ولتکون الامتحانات موقوته، وفی هذا توفیر لوقت عضو هیئة التدریس فی التصحیح وأعمال الکنترولات، وأیضًا توفیر للمیزانیة التی تصرف تحت بند الامتحانات.

3- تدریب أعضاء هیئة التدریس على کیفیة تقویم الطلاب باستخدام الأسالیب الحدیثة للتقویم، التی تهتم إلى جانب قیاس المعرفة القدرات العقلیة بالتطبیق العملی والمیدانی لما تعلمه الطلاب، وأن یکون لدیه قناعة بأن عملیة التقویم وسیلة ولیست غایة، وأن یعی التنوع فی أدوات التقویم ووسائله وکیفیة استخدامها فی المواقف الملائمة.

          ویمکن لبرامج التنمیة المهنیة التی تقدم لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة أن تقوم بدورها فی هذا المجال من خلال تدریب أعضاء هیئة التدریس على أسالیب التقویم الحدیثة والمتنوعة التی لا تکتفی بقیاس قدرات الطالب التحصیلیة، وإنما تتعدى ذلک إلى قیاس قدرات الطالب العقلیة والعملیة فی تطبیق ما تعلمه فی مجال العمل والإنتاج.

2- البحث العلمی:

من أهم الأدوار التی یقوم بها عضو هیئة التدریس بالجامعة تلک التی تتعلق بالبحث العلمی؛ وذلک للدور الکبیر الذی یؤدیه البحث العلمی فی تحقیق التنمیة الاقتصادیة، ودفع عجلة الإنتاج بالبلاد، وتحقیق التقدم والرفاهیة.

لذا أصبح البحث العلمی فی کثیر من الدول المتقدمة کالولایات المتحدة الأمریکیة مطلبًا یجب القیام به من قبل أعضاء هیئة التدریس فی الجامعات الأمریکیة التی تمنح درجة الدکتوراة؛ حیث أن الجامعات المتمیزة فی الولایات المتحدة الأمریکیة تحافظ دومًا على اهتمام أعضاء هیئة التدریس لدیها بالبحث العلمی، ولقد تمیزت هذه الجامعات بعدم تثبیت عضو هیئة التدریس لدیها، إذا لم یکن باحثًا جادًا ومتمیزًا (محمد سیف الدین بوفالطة، عبد النور موساوی:  2015م، 385).

وینقسم البحث العلمی الذی یقوم به عضو هیئة التدریس بالجامعة إلى:

أ- البحث الأکادیمی: ویستهدف عضو هیئة التدریس من خلاله تطویر المعارف النظریة، وعملیة البحث العلمی عمومًا، وتعمیق التخصص، والتأهیل للترقیة العلمیة إلى مراتب علمیة متقدمة.

ویمکن الإفادة من البحوث النظریة، وتحویلها إلى بحوث قابلة للتطبیق، بالتعاون بین الجامعة ومؤسسات المجتمع المختلفة.

ب- البحث التطبیقی: من الوسائل التی تمکن الجامعة المنتجة من الإطلالة على حقل العمل ومؤسساته المختلفة، والتفاعل معها؛ من خلال توظیف خبرات أعضاء هیئة التدریس، وزجهم فی مجالات المجتمع المختلفة، بما یضمن إنجاز الأبحاث ذات الطابع التطبیقی، أو القیام بتطویر بعض التقنیات القائمة بما یتناسب ورغبات مؤسسات حقل العمل، کما أن هذا التوجه یساعد فی تطویر تقنیات جدیدة أو إنتاج مواد جدیدة من خلال الاستفادة من الأبحاث التی یعدها طلاب الجامعة، وبهذه الوسیلة تزید الجامعة من ارتباطها بحرکة المجتمع وتعطی الحلول المناسبة لکثیر من المشکلات التی تواجهها مؤسساته المختلفة.

وإذا کان الواقع فی الدول النامیة یشیر إلى أن البحوث العلمیة التی یقوم بها أعضاء هیئة التدریس بالجامعات هی ثروة ضائعة؛ حیث اختزل أعضاء هیئة التدریس أهدافها إلى مجرد الحصول على الدرجة العلمیة أو الترقیة، فضلًا عن أنها غیر موجهه؛ فالبحوث العلمیة یتم اختیارها وفق رؤیة الباحث نفسه وحسب خبرته الذاتیة، ووفق ما یتوافر لهم من إمکانات، کما لا توجد آلیات واضحة لتقییم نتائج هذه الأبحاث ومعرفة مدى تلبیتها لاحتیاجات السوق، أو مدى ملائمتها للتطور التقنی والعلمی، وهو ما یضعف الروابط بین البحوث العلمیة التی یقوم بها أعضاء هیئة التدریس وقطاعات الإنتاج فی المجتمع (محمد سیف الدین بوفالطة، عبد النور موساوی: 2015م، 384).

          ولما کان الاهتمام بالبحث العلمی الذی یقوم به أعضاء هیئة التدریس بالجامعات من المتطلبات الأساسیة للجامعة المنتجة، حیث أصبح تقدم الأمم وازدهار المجتمع اقتصادیًا یعتمد بشکل رئیس على البحث العلمی، وبالتالی لکی یتم تحقیق التنمیة الاقتصادیة للمجتمع والنهوض به إلى مراتب متقدمة علمیًا، فلابد من الترکیز من خلال برامج التنمیة المهنیة المختلفة التی تقدم لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة على:

1- حث أعضاء هیئة التدریس على ضرورة توجیه البحث العمی لحل قضایا المجتمع ومشکلاته، وخدمة قضایا التنمیة.

2- عقد الندوات والمؤتمرات العلمیة بالجامعة وزیادة مشارکة أعضاء هیئة التدریس فیها، وأیضًا المهتمین بالبحث العلمی؛ وذلک لإثراء المعرفة العلمیة والتوجه نحو البحوث المنتجة التی تخدم المجتمع، لا أن یقتصر الأمر على البحوث النظریة التی تنتهی بوضعها فی المکتبات، بعیدًا عن أنظار أصحاب القرارات.

3- خدمة المجتمع وتنمیة البیئة:

تمثل خدمة المجتمع وتنمیة البیئة إحدى الوظائف التی یقوم بها عضو هیئة التدریس بالجامعات وعن طریقها یتم ربط الجامعة بالمجتمع والتعرف على مشکلاته ومحاولة حلها، وهی تتضمن فی جوانبها أبعاد الوظیفتین الأخریین.

وتعد الاستشارات والدراسات البحثیة التی تطلبها الجهات المستفیدة لقاء إیرادات مالیة مناسبة، من أهم الخدمات التی تقدم فی هذا المجال؛ وذلک عن طریق الاستفادة من أعضاء هیئة التدریس المتخصصین.

ویمکن للجامعة تنظیم هذه الخدمات الاستشاریة عن طریق فتح مکاتب استشاریة متخصصة فی کلیات الجامعة کالمکتب الاستشاری التربوی، العلمی، الهندسی، الزراعی، البیطری، والمکاتب الأخرى.

کما یمکن تنظیم هذه الخدمات من خلال وحدة تنظیمیة فی رئاسة الجامعة کأن تسمى بوحدة أو مکتب الاستشارات تجمع عددًا من أعضاء هیئة التدریس بمختلف التخصصات تقوم هذه الوحدة بتنظیم العمل الاستشاری بالتعاون مع الکلیات المعنیة (عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد: 1996م، 12).

کما یمکن الاستفادة من تجارب بعض جامعات الدول المتقدمة کالولایات المتحدة الأمریکیة فی هذا المجال؛ حیث یقوم أعضاء هیئة التدریس فی تلک الجامعات بتقدیم المشورة الفنیة، والمشارکة فی البرامج التدریبیة التی تنظمها المؤسسات الصناعیة، هذا بالإضافة إلى أن نظم العمل فی الجامعات الأمریکیة تسمح بانتداب أعضاء هیئة التدریس للعمل لفترات طویلة کمستشارین بمواقع العمل (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 63- 64):

وفی الیابان یتم توظیف الأساتذة کمدیرین بتفرغ جزئی أو کلی أو کأساتذة زائرین، وتقدم لهم کل التسهیلات والتدریب الفنی اللازم، هذا بالإضافة إلى الأبحاث التی تؤخذ علیها عمولة؛ حیث یتم إعطاء عمولة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات من قبل المؤسسات الصناعیة نظیر القیام بعمل الأبحاث العلمیة المطلوبة (Leewdgar: 2007, 1265- 1267)

وإذا کان الواقع فی النظام التعلیمی بالجامعات المصریة یشیر إلى أن هذه الوظیفة تعانی من بعض السلبیات المتمثلة فی (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 46- 47):

1- عزوف أغلبیة أعضاء هیئة التدریس عن الاشتراک فی برامج خدمة المجتمع، نتیجة لزیادة أعبائهم التدریسیة والإداریة.

2- ضعف الروابط بین أعضاء هیئة التدریس ومؤسسات المجتمع الإنتاجیة، والترکیز على الفکر الأجنبی واستیراد التقانة والخبراء الأجانب؛ ویرجع ذلک إلى عدم ثقة هذه المؤسسات فی الکفاءة والخبرة الوطنیة.

          وعلیه فإن برامج التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس مطالبة بتنمیة أعضاء هیئة التدریس للقیام بدورهم فی هذا المجال؛ حیث إنهم یقدمون للعمیل صورة من منتجات الجامعة، کما أن لهم دورًا فعالًا فی کسب ثقة العملاء فی تلک المؤسسة الجامعیة وتحقیق سمعة طیبة لها (هانی حامد الضمور: 2008م، 62- 64).

ویمکن أن یتم ذلک من خلال نشر ثقافة الفکر التسویقی لدى أعضاء هیئة التدریس، تلک الثقافة التی لا تهدف إلى استقطاب الطلاب فقط، بقدر ما تهتم بتقدیم أفضل الخدمات التعلیمیة والبحثیة والفنیة والاستشاریة لترضی العملاء المستهدفین سواء من الطلاب، والباحثین، والمجتمع بشکل عام.

المحور الثالث: أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة.

          تتعدد أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، ویمکن عرض هذه الأسالیب فی العنصرین الآتیین:

1- التنمیة المهنیة بالدعم الذاتی:

          هذا الأسلوب نابع من الفرد نفسه وبدافع ذاتی للتطویر والنمو المهنی، ویمکن أن یتحقق من خلال متابعة عضو هیئة التدریس لکل ما هو جدید فی مجال متطلبات النمو المهنی خاصة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، وإجراء البحوث والدراسات التطبیقیة، وقراءة المیدان، وتحدید متطلبات سوق العمل، والمشارکة فی الکتابات العامة والمتخصصة فی المجلات والدوریات العلمیة، المشارکة فی فعالیات المؤتمرات والندوات العلمیة، والعمل على إمتلاک مهارات تحفیز الذات والتشجیع النفسی رغبة فی التطویر والتقدم.

کما یمکن أن یتحقق هذا الأسلوب من خلال تبادل الآراء والمناقشات مع زملاء المهنة، والتراسل مع آخرین خاصة بالجامعات المتبنیة لنموذج الجامعة المنتجة لطلب الرأی والمشورة، وتوثیق العلاقة بهم عن طریق المشارکة فی أنشطة جامعاتهم والاستفادة من خدماتها.

2- التنمیة المهنیة بدعم من الإدارة الجامعیة:

تعد الجامعات من أهم الؤسسات التی تؤثر فی إعداد الشباب القادر على النهوض بأمته ووطنه، ویقع على کاهل القائمین على إدارة هذه الجامعات مسئولیة کبیرة تتمثل فی حسن استغلال الموارد المادیة والبشریة من أجل تحقیق أهدافها، والقیام بوظائفها على أکمل وجه.

فالإدراة والقیادة من أهم العناصر المؤثرة فی الجامعة المنتجة؛ فهی فی أمس الحاجة إلى إدارة وقیادة بصفات وخصائص معینة تساعد على  تسییر العمل بصورة فعالة وناجحة.

کما أن النموذج الأمثل للإدارة الجامعیة، هو ذلک النموذج الذی یحقق توازنًا بین المتغیرات الخارجیة والداخلیة، ویکون مستمدًا من المعطیات الوطنیة، وهذا النموذج لا یمکن اختیاره، لأن الاختیار یعنی النقل والاستیراد، بل ینبغی استحداثه فی ضوء المعطیات الوطنیة والثقافیة، وتطویره من آن لآخر، بحیث یحقق أکبر قدر من الکفاءة فی استخدام الموارد المتاحة، والحصول على موارد جدیدة عن طریق الإسهام فی توفیر الاحتیاجات الاقتصادیة والاجتماعیة (جبرائیل بشارة: 2005م، 75).

وقد حددت إحدى الدراسات بعض المتطلبات التی ینبغی توافرها فی الإدارة والقیادة الجامعیة الداعمة للتنمیة المهنیة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة (محمد ضیاء الدین زاهر، آخرون: 2013م، 68) وهی کالآتی:

1- أن یکون هناک معاییر علمیة وعالمیة لاختیار القیادات الجامعیة الإداریة، وأن تکون قیادات قادرة على إحداث التغییر والتطویر، وأن یتم المفاضلة بین القیادات المتقدمة لشغل هذه الوظیفة من خلال، معرفة وتقدیم رؤیة استراتیجیة خاصة بهم لکیفیة إدارة الجامعة المنتجة، وتیسیر العمل بها لأداء وظائفها على أکمل وجه.

2- أن یکون هناک تدریب للقیادات على النظم الحدیثة فی الإدارة خاصة کیفیة إدارة الجامعة المنتجة، وذلک قبل تکلیفه بإدارة الجامعة.

3- أن یتم الابتعاد عن البیروقراطیة والروتین، والتی تعطل العمل الجامعی، ولا تتناسب مع مفهوم الجامعة المنتجة.

4- أن تستخدم الأسالیب التکنولوجیة الحدیثة لتنظیم وإدارة العمل.

ویحتاج تطبیق نموذج الجامعة المنتجة إلى دعم ومؤازرة من الإدارة الجامعیة لهذا النموذج، وتشجیع التحول إلیه فی مختلف الکلیات الجامعیة، کذلک العمل على تدریب لکل العاملین على کیفیة التحول لجامعة منتجة خاصة أعضاء هیئة التدریس بالجامعات، ویتم هذا الدعم بأشکال متعددة منها:

1- تشجیع أعضاء هیئة التدریس على القیام بالزیارات المیدانیة لمواقع العمل والإنتاج للتعرف على مشکلاتها التی یجب الترکیز علیها فی أبحاثهم التطبیقیة.

2- دعم إنتاج البحوث والدراسات التطبیقیة المنطلقة من حاجات سوق العمل والإنتاج.

3- إقامة ورش عمل وندوات ومؤتمرات محلیة وعربیة وعالمیة فی الجامعة، وحفز أعضاء هیئة التدریس على المشارکة فیها سواء فی الإعداد أو التحضیر بأوراق العمل أو الدراسات والبحوث وتوفیر الدعم المالی لذلک.

4- إقامة الدورات التدریبیة المتنوعة داخلیًا واستقدام خبراء من جامعات منتجة.

5- توفیر المختبرات والمعامل البحثیة ومتطلباتها.

6- التنسیق مع الجهات المجتمعیة، وعقد بروتوکولات شراکة للاستفادة من الکادر الجامعی فی تقدیم الارشادات والاستشارات وحل مشکلات العمل والإنتاج لتلک الجهات.

7- تفعیل دور الجامعة مع الجهات المستفیدة والمستقبلة لخریجیها، والتعرف عن قرب لمتطلبات سوق العمل واحتیاجاته، ومواصفات الخریج المنتج والمطلوب محلیًا وإقلیمیًا وعالمیًا، وبالتالی تحدید نوعیة التدریب المطلوب لعضو هیئة التدریس وأوقاته للقیام بدوره على أکمل وجه.

8- توفیر فرص تبادل الخبرات بین أعضاء هیئة التدریس وخبراء الإنتاج، والتعرف على المشکلات الإنتاجیة، وبالتالی یتم توجیه أبحاث أعضاء هیئة التدریس بما یخدم             القطاع الإنتاجی.

9- توفیر فرص السفر للخارج سواء فی صورة بعثات، أو مؤتمرات، أو زیارات علمیة لجامعات الدول المتقدمة، خاصة المتبنیة لنموذج الجامعة المنتجة؛ للتعرف على تجاربهم فی تطبیق هذا النموذج، وکیفیة تطبیقه فی الجامعات المصریة.

المحور الرابع: نتائج البحث، الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، توصیات البحث و البحوث المقترحة.

          یتناول هذا المحور نتائج البحث، الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة، التوصیات، والبحوث المقترحة؛ وذلک للإجابة عن التساؤل الرابع من تساؤلات البحث "ما الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة؟".

أولاً: نتائج البحث

أسفر البحث عن مجموعة من النتائج من أهمها:

1- یعد نموذج الجامعة المنتجة نموذجًا عالمیًا یمکن لکل جامعة الأخذ به، خاصة وأنها تمتلک من المقومات ما یساعدها على الأخذ بهذا النموذج وتطبیقه شریطة حدوث تغییرات أساسیة فی ثقافتها.

2- یتطلب الأخذ بمفهوم الجامعة المنتجة ثقافة تمیز، وجودة عالیة، وقدرات تکنولوجیة رفیعة، وکذلک هیئة تدریس مؤهلة، وطلاب متمیزین.

3- تعد استراتیجیات التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة والنمو المهنی لهم من أهم الاستراتیجیات التی یمکن من خلالها التحول للوصول إلى             الجامعة المنتجة.

4- الارتقاء بالمناهج الجامعیة وطرق التدریس وأسالیب التقویم وفق معاییر الاعتماد والجودة الشاملة من أهم استراتیجیات التحول إلى الجامعة المنتجة.

5- تعد الجامعة المنتجة استجابة حقیقیة لاحتیاجات منظومة الجامعات والبحث العلمی             فی مصر.

6- یوجد عدید من التحدیات تعوق الجامعات المصریة عن تبنی مفهوم الجامعة                المنتجة وتفعیله.

7- الجامعات المصریة تمتلک فرصًا تنافسیة عدیدة على کافة المستویات المحلیة والإقلیمیة والعالمیة، ولکنها لا تستغل نظرًا لنقص الکفاءات الإداریة وغیاب ثقافة الفکر التسویقی لدى أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة.

8- تعد الکوادر البشریة المؤهلة من أعضاء هیئة التدریس بالجامعات أحد أهم المقومات التی تستند علیها فلسفة الجامعة المنتجة.

9- یؤکد مفهوم الجامعة المنتجة على زیادة الأنشطة الإنتاجیة المناسبة للعملیة             التعلیمیة بالجامعة.

10- مفهوم الجامعة المنتجة لا یتعارض مع المفهوم العام للجامعة ووظائفها الأساسیة، بل یعمق ویوسع من أدوارها، وینظر إلیها على أنها متکاملة ومتداخلة.

11- ترتبط الوظیفة التدریسیة لعضو هیئة التدریس بالجامعة بعدة مقومات منها طرق التدریس، المناهج التعلیمیة، أسالیب التقویم والامتحانات والتی لابد وأن تتلاءم جمیعها مع مفهوم الجامعة المنتجة.

12- توجد بعض السلبیات المتعلقة بطرق التدریس، والمناهج التعلیمیة، وأسالیب التقویم والامتحانات، والتی لا تتلاءم مع مفهوم الجامعة المنتجة.

13- یعد البحث العلمی الذی یقوم به أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة من المتطلبات الأساسیة للجامعة المنتجة.

14- ضعف الروابط بین الأبحاث العلمیة التی یقوم بها أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة وقطاعات العمل والإنتاج.

15- تعد الاستشارات والدراسات البحثیة التی یقدمها أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة للجهات المستفیدة من أهم الخدمات التی تقدم فی مجال خدمة المجتمع            وتنمیة البیئة.

16- تتعدد أسالیب التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة سواء الذاتیة منها أو تلک التی تتم بدعم من الإدارة الجامعیة.

17- یحتاج تطبیق نموذج الجامعة المنتجة وتفعیله إلى دعم ومؤازرة من الإدارة الجامعیة.

18- یحتاج تطبیق نموذج الجامعة المنتجة وتفعیله إلى تدریب لکل العاملین على کیفیة التحول لجامعة منتجة خاصة أعضاء هیئة التدریس. 

ثانیاً : الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة 

تتمثل الإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة فی الآتی:

1- تدریب أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة على استخدام الاستراتیجیات الإبداعیة فی التدریس التی تقوم على تحفیز الطلاب نحو العمل المنتج.

2- أن تشارک الجامعات فی دراسة خطط التنمیة دراسة علمیة واقعیة لتقویم برامج التنمیة المهنیة على أساس تلک الخطط التنمویة.

3- أن یشارک أعضاء هیئة التدریس فی مراجعة محتوى المناهج وصیاغته بشکل یشجع على البحث والتعلم الذاتی، وممارسة التفکیر والتحلیل والنقد.

4- إصدار قرارات جامعیة حول ضرورة التکامل بین الجانب النظری والجانب العملی فی            بناء المناهج.

5- تدریب أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة على استخدام أسالیب التقویم الحدیثة التی تقیس جمیع جوانب شخصیة الطالب، والتی ترکز على قدرات الطالب الإبداعیة والقدرة على النقد والتحلیل والإنتاج، واتباع أسالیب مبتکرة فی حل المشکلات.

6- إصدار تکلیفات لأعضاء هیئة التدریس بضرورة توجیه البحث العلمی لحل قضایا ومشکلات المجتمع وخدمة قضایا التنمیة.

7- انتداب أعضاء هیئة التدریس للعمل لفترات کمستشارین بمواقع العمل والإنتاج بتفرغ جزئی أو کلی.

8- عقد ندوات تعریفیة بالجامعات لنشر ثقافة الفکر التسویقی لدى أعضاء هیئة التدریس.

9- قیام أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة بزیارات میدانیة لمواقع العمل والإنتاج، للتعرف على مشکلاتها التی یجب الترکیز علیها فی أبحاثهم التطبیقیة.

10- أن تدعم الجامعات إنتاج البحوث والدراسات التطبیقیة المنطلقة من حاجات سوق العمل والإنتاج.

11- أن تعقد الجامعات ورش العمل وندوات ومؤتمرات محلیة وقومیة وعالمیة وتحفیز أعضاء هیئة التدریس على المشارکة فیها.

12- أن تعمل الجامعات على توفیر فرص تبادل الخبرات بین أعضاء هیئة التدریس وخبراء الإنتاج والتعرف على المشکلات الإنتاجیة وبالتالی توجیه أبحاثهم بما یخدم                القطاع الإنتاجی.

13- عقد دورات تدریبیة وندوات لاستقدام خبراء من جامعات منتجة لعرض تجاربهم.

14- أن تتبنى الجامعات فکرة توفیر فرص السفر للخارج سواء فی صورة بعثات أو مؤتمرات أو زیارات علمیة لجامعات الدول المتقدمة المتبنیة لنموذج الجامعة المنتجة للتعرف على تجاربهم فی تطبیق هذا النموذج وإمکانیة الإفادة منه فی الجامعات المصریة.

15- أن تعمل الجامعات بأسالیب التطویر المؤسسی المخطط وتأسیس مراکز لتطویر مهارات الهیئة التدریسیة وفق معاییر الجودة.

16- أن تمنح الجامعات المصریة حوافز تشجیعیة وجوائز للأعمال الإبداعیة والبحثیة والإنتاجیة التی تقوم بها الهیئة التدریسیة للحد من التسرب والاغتراب.

17- أن تراجع الجامعات المصریة المناهج والمقررات الدراسیة وتقیمها بصورة دوریة لتصبح مواکبة للاحتیاجات التطبیقیة والإنتاجیة المتجددة.

18- أن تشجع الجامعات انتداب بعض الأساتذه المتمیزین إلى المؤسسات الإنتاجیة للإسهام فی إیجاد حلول لمتطلباتها.

ثالثاً: توصیات البحث

فی ضوء نتائج البحث التی تم التوصل إلیها, والإجراءات المقترحة لتفعیل التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم الجامعة المنتجة یمکن رصد مجموعة من التوصیات من أهمها ما یأتی:

1- استیعاب مفهوم الجامعة المنتجة استیعابًا موضوعیًا یأخذ بعین الاعتبار أنها تختلف عن فلسفة الجامعة من حیث الأساس ولا تتناقض معها بل تسهل تنفیذ وظائف الجامعة على الوجه المطلوب، خاصة فی الدول النامیة ومنها مصر.

2- تحسین الأوضاع المادیة لعضو هیئة التدریس بالجامعات المصریة، بما یتفق مع مستواه الاجتماعی، وما تقتضیه الظروف الاقتصادیة، حتى یتفرغ لأعماله التدریسیة والبحثیة دون الانشغال بأعمال أخرى لا علاقة لها بوظیفته لزیادة موارده المالیة.

3- الاتفاق على معاییر موضوعیة وعلمیة وأخلاقیة ومهنیة عند اختیار المعیدین، وعدم الاکتفاء بمعیار واحد فقط وهو الحصول على تقدیر مرتفع دون النظر لمعیار الکفاءة.

4- إصدار القوانین والتشریعات من قبل الدولة والتی تساعد على تبنی صیغة الجامعة             المنتجة وتطبیقها.

5- إصدار مجموعة من المعاییر العلمیة والعالمیة لاختیار القیادات الجامعیة الإداریة وذات الرؤیة الإنتاجیة؛ بحیث تکون قیادات قادرة على إحداث التغییر والتطویر والعمل المنتج.

6- تدریب القیادات الإداریة قبل تکلیفها على کیفیة إدارة الجامعة المنتجة.

7- إذابة الفوارق بین أدوار ووظائف أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة (التدریس، البحث العلمی، خدمة المجتمع) والنظر إلیها على أنها عمل متکامل، تؤثر وتتأثر ببعضها حتى یمکن لعضو هیئة التدریس الانفتاح على المجتمع بمؤسساته المختلفة.

8- تخفیف العبء التدریسی لعضو هیئة التدریس حتى یتمکن من القیام بالبحوث العلمیة التطبیقیة، والمشارکة فی مجال خدمة المجتمع والإنتاج.

9- فتح المکاتب الاستشاریة المتخصصة فی کلیات الجامعة المختلفة.

10- تخصیص وحدة بالجامعة تترکز مهمتها على الإعلان عن البرامج والخدمات التی تقدمها الجامعة للمجتمع المحلی وذلک باستخدام کافة وسائل الاتصال.

11- الابتعاد عن الروتین والبیروقراطیة فی أسالیب العمل والتی تعطل العمل الجامعی، ولا تتناسب مع مفهوم الجامعة المنتجة.

12- التنسیق مع الجهات المجتمعیة وعقد بروتوکولات شراکة للاستفادة من الکادر الجامعی فی تقدیم الاستشارات وحل مشکلات العمل والإنتاج.

13- منح جوائز مادیة للمشارکة والعمل فی مجال البحوث التطبیقیة الابتکاریة، ومنح جوائز للاختراع وللاکتشاف وللأبحاث الاستثماریة السنویة.

14- تشجیع أسالیب التطویر الذاتی لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة.

رابعاً: البحوث المقترحة

1- دراسة إتجاهات أعضاء هیئة التدریس نحو فکرة الجامعة المنتجة.

2- الجامعة المنتجة کمدخل لتطویر التعلیم الجامعی.

3- مقومات الجامعة المنتجة من وجهة نظر القائمین علیها.

4- الاحتیاجات التدریبیة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مفهوم            الجامعة المنتجة.

5- الأدوار المتجددة لأعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء فلسفة              الجامعة المنتجة.

6- احتیاجات منظومة البحث العلمی فی مصر فی ضوء فکرة الجامعة المنتجة.

7- ثقافة الفکر التسویقی بالجامعات المصریة بین الواقع والمأمول.

مراجع البحث

1- أحمد الخطیب (2003): البحث العلمی والتعلیم العالی، دار المسیرة للنشر                 والتوزیع، القاهرة.

2- السعید محمود السعید عثمان (2005): "الجامعة المنتجة صیغة مقترحة لتطویر التعلیم الجامعی"، حولیة کلیة التربیة بأبها، السعودیة، ع6 ، ص ص             155- 168.

3- المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم (2008): الاستراتیجیة العربیة لتنمیة الإبداع فی التعلیم العالی، تونس.

4- برنامج الأمم المتحدة الإنمائی، ومؤسسة محمد بن راشد آل مکتوم (2011): تقریر المعرفة العربی للعام 2010/2011م، "إعداد الأجیال الناشئة لمجتمع المعرفة"، دبی، دار غریر.

5- جبرائیل بشاره (2005): "مخرجات التعلیم العالی مدخلات ضروریة للتمیز والإبداع فی التعلیم العالی"، المؤتمر العاشر للوزراء المسئولین عن التعلیم العالی والبحث العلمی فی الوطن العربی "التمیز والإبداع فی التعلیم العالی"، 7-8 دیسمبر 2005م، تعز، الجمهوریة الیمنیة، المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم، تونس، 2007م.

6- دعاء محمود عبد الفتاح جوهر (2008): تصور مقترح لتطویر أداء أعضاء هیئة التدریس بالجامعات المصریة فی ضوء مدخل إدارة المعرفة، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة، جامعة عین شمس.

7- راویة حسن إبراهیم أبو الخیر (2016): مدى توافر متطلبات الجامعة المنتجة وعلاقتها بالفاعلیة التنظیمیة فی الکلیات التقنیة بمحافظات غزة، رسالة ماجستیر، کلیة التربیة، جامعة الأزهر بغزة.

8- ردمان محمد سعید غالب، توفیق علی عالم (2008): "التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس مدخل جودة التعلیم الجامعی"، ع1، مج1، المجلة العربیة لضمان جودة التعلیم الجامعی، تصدر عن جامعة العلوم والتکنولوجیا بالاشتراک مع الأمانة العامة لاتحاد الجامعات العربیة، ص ص             160- 188.

9- سعد بن برکی المسعودی، عزیزه عبد الله (2005): "تطویر الأداء المهنی لأعضاء هیئة التدریس بجامعة الملک عبد العزیز"، المؤتمر القومی السنوی الثانی عشر (العربی الرابع) لمرکز تطویر التعلیم الجامعی: تطویر أداء الجامعات العربیة فی ضوء معاییر الجودة الشاملة ونظم الاعتماد، جامعة عین شمس، 18- 19 دیسمبر 2005م.

10- سعود بن عید العنزی (2015): "واقع التنمیة المهنیة لدى أعضاء هیئة التدریس والهیئة المساندة فی جامعة تبوک"، دراسات العلوم التربویة، مج42، ع3، عمادة البحث العلمی، الجامعة الأردنیة، ص ص 787- 804.

11- شرف إبراهیم الهادی (2011): "رؤیة استراتیجیة لجامعات عربیة منتجة ذات جودة تعلیمیة عالیة ونفقات منخفضة"، مجلة البحوث النفسیة والتربویة، ع1، مج26، کلیة التربیة بمصر، جامعة المنوفیة، ص ص 123- 179.

12- عادل السید محمد الجندی (1998): "الجامعة المنتجة: نحو رؤیة فلسفیة واستراتیجیة لتطویر التعلیم الجامعی"، التربیة والتنمیة، ع14، السنة الخامسة، المکتب الاستشاری للخدمات التربویة، القاهرة.

13- عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد (1996): "الجامعة المنتجة: الفلسفة والوسائل"، مجلة اتحاد الجامعات العربیة، ع31، الأردن، ص ص           7 - 23.

14- عبد الإله یوسف الخشاب، مجذاب بدر العناد (1997): "الجامعة المنتجة: مبرراتها وسبل تطبیقها فی التعلیم العالی فی الوطن العربی"، المجلة العربیة للتربیة، ع2، مج17، تونس، دیسمبر1997، ص ص 138- 164.

15- عفاف محمد جایل (2010): تسویق الخدمات الجامعیة ودوره فی توجیه الطلب على التعلیم الجامعی فی مصر، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة، جامعة سوهاج.

16- علی السید الشخیبیی (2002): مقدمة المؤتمر السنوی التاسع (العربی الأول) لمرکز تطویر التعلیم الجامعی- التعلیم الجامعی بعد- رؤیة مستقبلیة، 17- 18 دیسمبر، جامعة عین شمس، القاهرة.

17- غادة السید السید الوشاحی (2015): "تصور مقترح لجامعة منتجة مصریة فی ضوء خبرات بعض الدول: جامعة أسیوط أنموذجًا"، المجلة التربویة، ج42، کلیة التربیة، جامعة سوهاج، ص ص 225-321.

18- فتحی درویش محمد عشیبة (2000): "الجامعة المنتجة أحد البدائل لخصخصة التعلیم الجامعی فی مصر، دراسة تحلیلیة"، مؤتمر خصخصة التعلیم العالی والجامعی، القاهرة، 2000.

19- محسن بن عبد الرحمن المحسن (2013):  الاحتراف الأکادیمی لأعضاء هیئة التدریس فی الجامعات السعودیة، متاح على الموقع: European Scientific Journal December 2013/ SPECIAL/ edition, vol.4,IssN;1857-7431,227-240

20- محمد الجماصی (2014): درجة توافر خصائص الجامعة المنتجة فی الجامعات الفلسطینیة وسبل تعزیزها، رسالة ماجستیر، الجامعة الإسلامیة               بغزة، فلسطین.

21- محمد حداد (2004): التنمیة المهنیة لأعضاء هیئة التدریس الجامعی، القاهرة،                  عالم الکتب.

22- محمد سیف الدین بوفالطة، عبد النور موساوی (2015): "اتجاهات التحول إلى الجامعة المنتجة "الاستثماریة" کمصدر للتمویل الذاتی: دراسة حالة جامعة منتوری قسنطینة"، مجلة العلوم الإنسانیة، الجزائر، ع43، ص ص 377- 392.

23- محمد ضیاء الدین زاهر، هناء محمد هیکل، وضیئة أبو سعدة (2013): "صیغة الجامعة المنتجة بالجامعات المصریة، الدواعی والمتطلبات"، مجلة المعرفة التربویة، الجمعیة المصریة لأصول التربیة ببنها، مج1، ع1، ص ص 31-80.

24- محمد علی عزب (2011): التعلیم الجامعی وقضایا التنمیة، القاهرة، مکتبة                 الأنجلو المصریة.

25- محمد عمر باطویح، أحمد سعید بامخرمة (2008): "الجامعة المنتجة اللاربحیة فی الدول الإسلامیة- صیغة تمویلیة مقترحة"، المؤتمر العربی الثانی" الجامعات العربیة تحدیات وطموح"، المغرب، دیسمبر 2008م، مراکش، المنظمة العربیة للتنمیة الإداریة، ص ص 36- 71.

26- محمد غانم (2000): "الدور التنموی للجامعات العربیة ومصادر التمویل غیر التقلیدیة"، مجلة اتحاد الجامعات العربیة، الأردن، الامانة العامة لاتحاد الجامعات العربیة، ص ص 252- 302.

27- محمد منیر مرسی (1998): تخطیط التعلیم واقتصادیاته، عالم الکتب، القاهرة.

28- مریم سلطان لوتاه (2009): "التعلیم العالی والمعادلة الصعبة بین تحدی التنمیة والحفاظ على الهویة فی ظل العولمة"، المؤتمر الحادی عشر للوزراء المسئولین عن التعلیم العالی والبحث العلمی فی الوطن العربی "عولمة التعلیم العالی: الهویة العربیة وحتمیة التطویر"، دبی، 5-6 نوفمبر 2007م، المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم، تونس، 2009م.

29- نعیمه علی بنی مقداد، محمد علی عاشور (2018): "دور إدارة جامعة الیرموک فی تطبیق مفهوم الجامعة المنتجة- العقبات والحلول"، المجلة التربویة، الکویت، مج32، ع126، 159- 194.

30- هانی حامد الضمور (2008): تسویق الخدمات، الأردن، دار وائل للنشر.

31- Groccia, James E.& Miller, Judith E.(2005): On Becoming aproductive university strategies for Reducing Cost and Increasing Quality in Higher Education. Bolton, USA, Anker publishing company, inc.

32- Leewdgar(2007): New Institutional Policies for University Industry Links in Japan, Research Policy, vol.36, no.8, October 2007, p.1265- 1267.

 33- Loveder Phil(2005): World Trends in staff Development: Implications on the performance of Technical Education Institutions, paper national seminar: the Development of Technology and Technical Vocational Education and Training in an era of Globalization, 23-24 August.

 34- Paul W. Rahmeier(1998): Auniversity,s Mission Responding to Community Needs, Education, Vol.118, No,3, spring, PP, 323-326.

35- Sallehuddin Ibrahim (1997): The Role of University in Promoting and Developing Technology: Acase study of university Teknologi Malaysia, Higher education Policy. Vol.10,no.2, June, pp.121-126.

36- Ahmed Al Shumaimriet all(2010): The university Technology Transfer Revolution in Saudi Arabia, J echnol Transfer, vol. 35, no.6, 28 may, 2010, p.591.