تأصيل المنظمة المتعلمة وعلاقتها بالإدارة الإسلامية مدخل لتطوير الإدارة في الجامعات السعودية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الإدارة التربوية_کلية التربية_جامعة الملک سعود

المستخلص

تأصيل المنظمة المتعلمة وعلاقتها بالإدارة الإسلامية مدخل لتطوير الإدارة في الجامعات السعودية، ويهدف البحث إلىالتعرف على مفهوم المنظمة المتعلمة، ومفهوم التأصيل الإسلامي لعلم الإدارة، والتعرف على مجالات تطبيق المنظمة المتعلمة في إدارة الجامعات، وعناصر المنظمة المتعلمة وفق المنظور الإسلامي والتي تساهم في تطوير العمل الإداري في الجامعات، وقد استخدمت الباحثة المنهج المکتبي الوثائقي لدراسة مفهوم المنظمة المتعلمة وتحليله وتأصيله وتوجيهه إسلاميا بالرجوع للمراجع التربوية المتعلقة بعلم الإدارة، بالإضافة إلى القران والسنة والسيرة النبوية وسيرة الصحابة والعلماء المسلمين، وقد توصل البحث إلى عدد من النتائج أهمها مايلي: أن التأصيل هو عبارة عن إعادة صياغة وتعريف للمفاهيم الإدارية الحديثة بحيث تتناسب وتتفق مع الأسس الإسلامية المستمدة من الکتاب والسنة، ورفض کل ما يخالف شريعتنا السمحة، وأنهيوجد عدد من المجالات يتم من خلالها تطبيق المنظمة المتعلمة في جامعاتنا وهي کالتالي:(التخطيط الاستراتيجي، التعلم التنظيمي والتدريب المستمر، التمکين، العمل الجماعي واستشعار المسؤولية الفردية)، وأن الرسالة الإسلامية شددت على أخلاقيات التعلم فمنعت احتکاره وأوصت بنشره، وأن العلماء المسلمون الأوائل ومن تبعهم اهتموا بالعلم والتعلم وتطبيقاتهما، وأن الإسلام أکد على ضرورة تدريب العاملين والتمکين واللذان يعدان من أهم الأسس التي تبنى عليها المنظمة المتعلمة، وإن العلماء المسلمين الأوائل تناولوا مراحل تغيير السلوک الفردي وطرق وأساليب التعلم، وفي ضوء نتائج البحث أوصت الباحثة بعدة توصيات منها: إجراء مزيد من الأبحاث حول موضوع التأصيل الإسلامي للنظريات الحديثة في مجال الإدارة التربوية لتشجيع الجامعات على تبنيها وتطبيقها کمدخل للتطوير، وإقامة الجامعات للمؤتمرات الخاصة بالتأصيل الإسلامي للعلوم التربوية.
The study aims to identify the two concepts of the educated organization and Islamic consolidation of management science, and also to identify the application areas of educated organization in management of universities and the elements of the educated organization from Islamic perspective which contribute to administrative work development in the universities. Researcher used the documentation methodology in order to study the concept of educated organization, analyzing, rooting and guiding it through Islam in reference to educational references related to administration science, in addition to Quran, Sunnah, Prophet, Sahaba and Muslim scholars’ biographies. Research concluded to a number of results, the most important is that consolidation means redefining the modern administrative concepts to be aligned with Islamic basis originated from Quran & Sunnah, and reject whatever contravenes Sharia law. There are a number of areas through which educated organization can be applied in our universities; they are (strategic planning, organizational learning and continuous training, empowerment, teamwork and the sense of individual responsibility). Islamic message stressed the learning ethics and recommended learning publication. Early Muslim scholars and their followers were interested in applying science and learning and studied the individual behavior and learning methods. Additionally, Islam stressed the need of training and empowerment. Researcher recommended further research on Islamic consolidation of modern theories in educational administration for the purpose of encouraging universities to adopt and implement them as an input to development, and to conduct conferences on Islamic consolidation of educational sciences.
 

الموضوعات الرئيسية


 

              کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

تأصیل المنظمة المتعلمة وعلاقتها بالإدارة الإسلامیة

مدخل لتطویر الإدارة فی الجامعات السعودیة

 

 

إعـــداد

نورة بنت خالد بن عبدالرحمن الدعیج

باحثة دکتوراه

قسم الإدارة التربویة_کلیة التربیة_جامعة الملک سعود

 

                

 

}     المجلد الخامس والثلاثون– العدد السادس–  جزء ثانی–  یونیه 2019م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

 

مستخلص البحث:

عنوان البحث: تأصیل المنظمة المتعلمة وعلاقتها بالإدارة الإسلامیة مدخل لتطویر الإدارة فی الجامعات السعودیة، ویهدف البحث إلىالتعرف على مفهوم المنظمة المتعلمة، ومفهوم التأصیل الإسلامی لعلم الإدارة، والتعرف على مجالات تطبیق المنظمة المتعلمة فی إدارة الجامعات، وعناصر المنظمة المتعلمة وفق المنظور الإسلامی والتی تساهم فی تطویر العمل الإداری فی الجامعات، وقد استخدمت الباحثة المنهج المکتبی الوثائقی لدراسة مفهوم المنظمة المتعلمة وتحلیله وتأصیله وتوجیهه إسلامیا بالرجوع للمراجع التربویة المتعلقة بعلم الإدارة، بالإضافة إلى القران والسنة والسیرة النبویة وسیرة الصحابة والعلماء المسلمین، وقد توصل البحث إلى عدد من النتائج أهمها مایلی: أن التأصیل هو عبارة عن إعادة صیاغة وتعریف للمفاهیم الإداریة الحدیثة بحیث تتناسب وتتفق مع الأسس الإسلامیة المستمدة من الکتاب والسنة، ورفض کل ما یخالف شریعتنا السمحة، وأنهیوجد عدد من المجالات یتم من خلالها تطبیق المنظمة المتعلمة فی جامعاتنا وهی کالتالی:(التخطیط الاستراتیجی، التعلم التنظیمی والتدریب المستمر، التمکین، العمل الجماعی واستشعار المسؤولیة الفردیة)، وأن الرسالة الإسلامیة شددت على أخلاقیات التعلم فمنعت احتکاره وأوصت بنشره، وأن العلماء المسلمون الأوائل ومن تبعهم اهتموا بالعلم والتعلم وتطبیقاتهما، وأن الإسلام أکد على ضرورة تدریب العاملین والتمکین واللذان یعدان من أهم الأسس التی تبنى علیها المنظمة المتعلمة، وإن العلماء المسلمین الأوائل تناولوا مراحل تغییر السلوک الفردی وطرق وأسالیب التعلم، وفی ضوء نتائج البحث أوصت الباحثة بعدة توصیات منها: إجراء مزید من الأبحاث حول موضوع التأصیل الإسلامی للنظریات الحدیثة فی مجال الإدارة التربویة لتشجیع الجامعات على تبنیها وتطبیقها کمدخل للتطویر، وإقامة الجامعات للمؤتمرات الخاصة بالتأصیل الإسلامی للعلوم التربویة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Abstract:

The study aims to identify the two concepts of the educated organization and Islamic consolidation of management science, and also to identify the application areas of educated organization in management of universities and the elements of the educated organization from Islamic perspective which contribute to administrative work development in the universities. Researcher used the documentation methodology in order to study the concept of educated organization, analyzing, rooting and guiding it through Islam in reference to educational references related to administration science, in addition to Quran, Sunnah, Prophet, Sahaba and Muslim scholars’ biographies. Research concluded to a number of results, the most important is that consolidation means redefining the modern administrative concepts to be aligned with Islamic basis originated from Quran & Sunnah, and reject whatever contravenes Sharia law. There are a number of areas through which educated organization can be applied in our universities; they are (strategic planning, organizational learning and continuous training, empowerment, teamwork and the sense of individual responsibility). Islamic message stressed the learning ethics and recommended learning publication. Early Muslim scholars and their followers were interested in applying science and learning and studied the individual behavior and learning methods. Additionally, Islam stressed the need of training and empowerment. Researcher recommended further research on Islamic consolidation of modern theories in educational administration for the purpose of encouraging universities to adopt and implement them as an input to development, and to conduct conferences on Islamic consolidation of educational sciences.

 

 

 

 

مقدمة البحث:

إن الإدارة الإسلامیة تستمد منهجها من القران الکریم والسنة والنبویة مما یجعلها شاملة وقابلة للتطبیق فی کل زمان ومکان، کما أن العلوم الإداریة کغیرها من العلوم تزداد قوة ومتانة إذا ارتبطت نظریاتها وقواعدها وأسسها بالدین الإسلام.

وبالرغم من الفوائد التی تجنیها الشعوب من تقدم المعارف والعلوم بشکل عام وعلوم الإدارة بشکل خاص إلا أن هناک آثار سلبیة من استیراد هذه العلوم من مجتمعات أخرى مختلفة العقائد والقیم مما یستدعی الاهتمام بتأصیل هذه العلوم وتوجیهها التوجیه الإسلامی.

والتعلیم العالی بصفته قمة الهرم التربوی تقع علیه مسؤولیة النهوض بالمجتمع لذلک لابد من الاهتمام بتطویر أنظمته بشکل مستمر والعمل على معالجة القصور فیها بالرجوع إلى المبادئ الإسلامیة الأصیلة.

وتعتبر المنظمة المتعلمة أحد أهم النظریات الإداریة التی یجب أن تتبعها قیادات التعلیم العالی لتفعیل وظائفها الإداریة کونها من أهم المداخل الحدیثة لتطویر المنظمات، حیث أشارت (أبو خضیر،2006م) إلى أن المنظمات المتعلمة هی التی تضع الخطط والأطر التنظیمیة والاستراتیجیات والآلیات بهدف زیادة قدرتها على التکیف مع المتغیرات السریعة فی البیئة، ومواجهة التحدیات وتحقیق أهدافها بنجاح من خلال تشجیع عملیات التعلم المستمر والتطویر الذاتی وتبادل الخبرات، والتعلم الجماعی، والإدارة الفعالة للمعرفة، واستخدام التقنیة فی التعلیم وتبادل المعرفة.

فالتعلم التنظیمی یکتسب أهمیة کبیرة کونه یمنح المنظمة القدرة على إعادة هیاکلها التنظیمیة واستراتیجیاتها طبقاً للتغییر البیئی، کما أن له أهمیة وقیمة تحلیلیة تنطلق منها المنظمة فی صیاغة رؤیتها الاستراتیجیة، ففی ظل التحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، أصبحت المعرفة عاملاً استراتیجیاً فی خلق میزة تنافسیة مستدامة. (الساعدی 2013م)، کما أکدت دراسة (الشمری، 2016م)  بأنه یمکن استخدام مدخل المنظمة المتعلمة فی تطویر الأقسام العلمیة وکفاءة انتاجیتها من خلال تبنی خطط متکاملة للتعلم والتدریب للأقسام العلمیة، بهدف تطویر قدراتها مما یسهم فی فعالیتها ورفع مستواها، وتطویر وتحسین طریقة أدائها لأعمالها، ومهامها المنوطة بها، لذلک جاءت الدراسة الحالیة لتأصیل نظریة المنظمة المتعلمة وتوجیهها إسلامیا، لإثبات أهمیتها وفوائد تطبیقها فی مؤسسات التعلیم العالی.

ولکی تتمکن مؤسسات التعلیم العالی من الاستفادة من النظریات الحدیثة وتطبیقها بشکل فعال فلابد من العمل على تأصیلها تأصیلا إسلامیا یعزز قیتها وأهمیتها عند الشعوب المسلمة ویشجع على تطبیقها.

فالإدارة التربویة أحوج ما تکون إلى التأصیل لأن النظریات الإداریة کثرت وتعددت وکل واحدة منها تحکمها الظروف المختلفة التی مرت بواضعیها والعوامل المؤثرة فی المجتمعات التی نشأت فیها هذه النظریات فأصبح بعضها یناقض البعض الآخر فی حین یناقش بعضها جزئیات تهملها أخریات وکل ینظر من جهة وزاویة مختلفة. (الحلوانی،٢٠٠٨م، ٣)

المشکلة:

على الرغم من اهتمام مؤسسات التعلیم العالی بالتطویر وتطبیق کثیر من النظریات الحدیثة التی تساعد على تجوید العملیة الإداریة إلا أن هناک العدید من المشکلات التی عجزت هذه النظریات عن حلها بسبب اختلاف الظروف البیئیة والثقافات بین المجتمعات، ما یجعل الحاجة ماسة إلى تأصیل النظریات المهمة تأصیلا علمیا یثبت أهمیتها وفوائد تطبیقها.

حیث ذکر (حمرون، ١٤٣٣ه) بأن معظم الدول الإسلامیة تعانی من مشکلات إداریة لها الأثر الأکبر فی تحقیق التنمیة المطلوبة، و ترجع أسبابها إلى فشل کثیر من إداراتها فی استخدام الأسالیب الإداریة الصحیحة رغم محاولة کثیرة منها الاستفادة من النظریات الإداریة الحدیثة وتطبیقاتها، کما أن کثیر من النظریات والأسالیب الإداریة المعاصرة بصبغتها الغربیة أو الشرقیة لم تعد قادرة على معالجة کثیر من مظاهر الفساد الإداری.

ویؤکد (السلطان، 1422ه،9) أن السبب فی ذلک هو عدم وجود انسجام بین المفاهیم الإداریة المستوردة من ناحیة والمفاهیم والعقائد الاجتماعیة السائدة ‏من ناحیة أخرى وقد یکون ذلک نتیجة النظرة الجزئیة لتلک الأسالیب الإداریة بمعزل عن بیئاتها الاجتماعیة.

کما أثبتت دراسات (الشمرانی، 2011م)  بأن هناک قصور فی الأبحاث التی تناولت القیادة الإداریة من المنظور الإسلامی ‏مقارنة بالأبحاث التی تناولت القیادة فی الفکر الإداری الحدیث، ‏وذکر بأن قلة الوعی بالموروث الإسلامی للقیادة قد یکون السبب فی ذلک.

ونظرا لقلة العنایة بالجانب التأصیلی للإدارة التربویة کانت الحاجة ماسة إلى اختیار نظریة من أهم النظریات الإداریة لتأصیلها تأصیلا إسلامیا، وذلک لمساعدة مؤسسات التعلیم العالی على استثمار طاقاتها البشریة إلى أقصى حد ممکن من خلال تدریبهم وتمکینهم ونشر ثقافة الحوار والتبادل المعرفی بینهم، ومحاولة الاستفادة من خصائص المنظمة المتعلمة المنبثقة من الکتاب والسنة، من هنا یمکن طرح السؤال البحثی لمشکلة الدراسة کالتالی:

ماهو التأصیل الإسلامی لنظریة المنظمة المتعلمة؟

أسئلة البحث:

-        ما مفهوم المنظمة المتعلمة؟

-        ما مفهوم التأصیل الإسلامی لعلم الإدارة؟

-        ماهی مجالات تطبیق المنظمة المتعلمة فی إدارة الجامعات؟

-        ماهی عناصر المنظمة المتعلمة وفق المنظور الإسلامی والتی تساهم فی تطویر العمل الإداری فی الجامعات؟

أهداف البحث:

-        التعرف على مفهوم المنظمة المتعلمة؟

-        التعرف على مفهوم التأصیل الإسلامی لعلم الإدارة؟

-        الکشف عن مجالات تطبیق المنظمة المتعلمة فی إدارة الجامعات؟

-        تحلیل عناصر المنظمة المتعلمة وفق المنظور الإسلامی والتی تساهم فی تطویر العمل الإداری فی الجامعات؟

أهمیة البحث:

ترجع أهمیة الدراسة إلى أهمیة التأصیل و التوجیه الإسلامی للعلوم الاجتماعیة والتربویة بشکل عام وعلم الإدارة بشکل خاص، وإبراز دیمومة الدین الإسلامی وصلاحیته لکل زمان ومکان والتأکید على النظریات والمبادئ والممارسات الإسلامیة، واستنباط الآیات والأحادیث وأقوال العلماء المسلمین المتعلقة بعناصر المنظمة المتعلمة مما یعزز قیمتها وأهمیتها وفوائد تطبیقها فی مؤسسات التعلیم العالی.

‏منهج البحث:

استخدمت الباحثة المنهج المکتبی الوثائقی لدراسة مفهوم المنظمة المتعلمة وتحلیله وتأصیله وتوجیهه إسلامیا بالرجوع للمراجع التربویة المتعلقة بعلم الإدارة، بالإضافة إلى القران والسنة والسیرة النبویة وسیرة الصحابة والعلماء المسلمین وذلک لتحقیق أهداف الدراسة، ویعتبر المنهج المکتبی الوثائقی المنهج المناسب لطبیعة البحث وهو کما عرفه العساف (١٤٠٩هـ): الجمع المتأنی والدقیق للسجلات والوثائق المتوافرة ذات العلاقة بمشکلة البحث، ومن ثم التحلیل الشامل لمحتویاتها، بهدف استنتاج أدلة وبراهین تعین على الإجابة على أسئلة البحث.

حدود البحث:

تهدف الدراسة إلى تأصیل نظریة المنظمة المتعلمة من خلال إعادة صیاغة لمفاهیمها ومبادئها وإثبات المبادئ المنبثقة من تعالیم الإسلام ومبادئه من خلال الاستشهاد بالقران الکریم، والسنة النبویة، وأراء العلماء المسلمین وأقوالهم حول هذه المبادئ، وذلک من خلال البحث المکتبی المتعمق.

مصطلحات البحث:

التأصیل الإسلامی:

نقل (یالجن، 1416ه) تعریف اللجنة الدائمة للتأصیل فی عمادة البحث العلمی بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة فی ندوة مفهوم التأصیل الإسلامی عام 1413ه للتأصیل الإسلامی للعلوم الاجتماعیة:

إبراز الأسس الإسلامیة التی تقوم علیها هذه العلوم من خلال جمعها أو استنباطها من مصادر الشریعة وقواعدها الکلیة وضوابطها العامة، ودراسة موضوعات هذه العلوم دراسة تقوم على الأسس السابقة، وتستفید مما توصل إلیه العلماء المسلمون وغیرهم من نتائج نظریات وآراء لا تتعارض مع تلک الأسس. ( الحلوانی، ٢٠٠٨، ٥٢)

التعریف الاجرائی:

تعرف الباحثة التأصیل الإسلامی للمنظمة المتعلمة بأنه:

إعادة بناء وصیاغة نظریة المنظمة المتعلمة وفقا لأصول الشریعة الإسلامیة المنبثقة من الکتاب والسنة والاستناد إلى آراء العلماء المسلمین.

المنظمة المتعلمة:

"هی المنظمة التی تستطیع أن تنسج ضمن کیانها وثقافتها التنظیمیة قدرة متجددة ومستمرة للتعلم والتکیف والتغیر والتطور، فقیمها وهیکلها وسیاساتها وأنظمتها تشجع وتسرع التعلم لجمیع العاملین فیها، وینجم عن هذا التعلم تحسن مستمر فی مجالات عدة، مثل: العملیات، والمنتجات، والخدمات، وهیاکل العمل ووظائف الأفراد، وفرق العمل، والممارسات الإداریة والبیئة المؤسسیة، مما یؤدی بالتالی إلى نجاح المنظمة وتحقیق التمیز فی أدائها".                   (صبری،2013م، 154)

وتعرفها (أبو خضیر  , 2006  , 60) بأنها المنظمة التی تتبنى مفهوم التعلم التنظیمی بهدف التکیف والتفاعل مع التغیرات السریعة والتحدیات الموجودة فی البیئة وتحقیق أهدافها بنجاح وتمیز.

التعریف الإجرائی:

تعرف الباحثة المنظمة المتعلمة بأنها: المنظمة التی تسعى وبشکل مستمر إلى تعزیز قدرتها على إنشاء واکتساب وتطویر المعرفة بشکل مستمر، وإعادة النظر فی معارفها وأفکارها والاستفادة من نتائج ذلک فی بناء مستقبلها، من خلال عناصر رئیسیة وهی:                        ( الالتزام الشخصی، النماذج العقلیة "الذهنیة"، بناء الرؤیة المشترکة، التعلم من خلال الفریق، أنظمة التفکیر).

الدراسات السابقة:

-    دراسة (حمرون، ضیف الله غضیان سلیمان، ١٤٣٣ه): التأصیل فی التوجیه الإسلامی لعلم الإدارة ونظریاته فی الجامعة الإسلامیة تصور مقترح لتوجیهه إسلامیا.

هدفت الدراسة إلى التوصل إلى صیاغة محددة لکل من مفهوم التأصیل الإسلامی ومفهوم التوجیه الإسلامی لعلم الإدارة، ووضع تصور مقترح یتضمن خطوات عملیة لتوجیه مقررات الإدارة وفق أسس الشریعة الإسلامیة ومقاصدها السمحة، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفی الوثائقی، وقد توصلت نتائج الدراسة إلى صیاغة مفهوم التأصیل الإسلامی لعلم الإدارة وصیاغة مفهوم التوجیه الإسلامی لهذا العلم، بناء تصور مقترح لتوجیه مقررات علم الإدارة إسلامیا ‏حتى یمکن تطبیقه من أستاذ المادة ویتضمن الرؤیة، ومسلمات التصور، ومجالات محتوى مقررات علم الإدارة، ثم مراحل التوجیه الإسلامی لمحتویات المقرر وقد شملت أربع مراحل وهی مرحلة التحلیل، ومرحلة ‏العرض والتدقیق، و‏مرحلة الحکم (النتیجة)، ومرحلة إعادة البناء والتکوین وفق الشریعة الإسلامیة، ‏وقد أوصى الباحث بأهمیة التوعیة فی مفهوم التأصیل والتوجیه الإسلامی للعلوم وخاصة علم الإدارة وأن کان تنشأ فی کل جامعة إدارة بمسمى إدارة التأصیل والتوجیه الإسلامی لمقررات الجامعة.

-          دراسة (الشمرانی، حامد محمد علی، ٢٠١١م): ‏التأصیل الإسلامی للقیادة الإداریة.

هدفت الدراسة إلى معرفة مفاهیم القیادة فی الإسلام وفی الإدارة الحدیثة، ومعرفة أهمیة الصلاحیة للقیادة، والتعرف على أنماط القیادة، والتعرف على مقومات القیادة الإسلامیة ومعاییرها وأرکانها، وصفات القائد الإداری المسلم وبعض النماذج من نظریات القیادة وموقف الإسلام منها، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفی الوثائقی، ومن نتائج الدراسة مایلی:

أن القیادة فی الإسلام لها أساس عقدی و أساس أخلاقی، وأن القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة ‏أثبتت سمات القائد کالقوة البدنیة والمعرفة والأمانة قبل نظریة السمات فی الفکر الإداری الحدیث بقرون عدیدة، کما أن ‏للفقهاء موازینهم فی القیادة من أمثال: الماوردی، والفراء، وابن خلدون، وأن هناک قیادات إسلامیة رائعة یأتی فی مقدمتها الرسول صلى الله علیه وسلم وخلفاؤه الراشدین، وأن منهج الإسلام التربوی یؤکد على اتباع خطة القائد التربوی الأول محمد صلى الله وسلم، وأن القیادة الإسلامیة لها دور کبیر فی الرفع من مستوى الإدارة التربویة العلیا وکذلک الإدارة التعلیمیة والإدارة المدرسیة.

-     دراسة (‏‏‏الحلوانی، ‏إحسان محمد شرف، ٢٠٠٨م) منهجیة الإسلامی للإدارة التربویة، ‏رسالة الدکتوراه قسم الإدارة التربویة والتخطیط کلیة التربیة جامعة أم القرى.

تهدف الدراسة إلى توضیح مفهوم التأصیل الإسلامی للإدارة التربویة والحاجة إلى تحدید أسس ومبادئ التأصیل أو التوجیه الإسلامی للإدارة التربویة، توضیح ضوابط ومعاییر التأصیل الإسلامی للإدارة التربویة، اقتراح خطوات التأصیل أو التوجیه الإسلامی للإدارة التربویة، بیان مجالات واتجاهات التأصیل التی یمکن التطرق إلیها وتوضیح کیفیة وضوابط البحث فی کل منها، واتبع الباحث المنهج المکتبی الوثائقی، ‏وکانت أهم النتائج مایلی:

أن المقصود بتأصیل الإدارة التربویة هو إعادة صیاغة مفاهیم الإدارة التربویة بما یوافق الشریعة، کما أن التأصیل یسهم فی تطویر الإدارة التربویة وفی إصلاح أحوال العالم الإسلامی، وأن الاتجاهان الأساسیان للتأصیل هما: الاتجاه البنائی والاتجاه العلاجی، یمکن تقسیم خطوات التأصیل إلى ثلاثة مراحل (ما قبل، أثناء، بعد).

المبحث الأول: المنظمة المتعلمة (المفهوم، العناصر، المجالات، الخصائص)

تشهد البیئات التی تعیش فیها المنظمات تغییرات تقنیة وسیاسیة واقتصادیة واجتماعیة وثقافیة وتغییرات فی اتجاه ومیول المستهلکین وأذواقهم فی جمیع الأنشطة والمجالات.                          ( زاید، بوبشیت، المطیری،2009م، 3)

وتعد المنظمات المتعلمة من المفاهیم الإداریة الحدیثة التی أفرزتها جملة من الاعتبارات والمتطلبات الاقتصادیة والإنسانیة وأسهمت فی تطورها تحدیات العولمة واتساع رقعة البیئة الخارجیة للمنظمات. ویستند مفهوم المنظمات المتعلمة إلى منظومة متکاملة من القیم الإنسانیة والقناعات الإداریة والممارسات السلوکیة التی تقود بنهایة المطاف إلى توفیر بیئة تنظیمیة قادرة على تطویر ذاتها من خلال الإفادة القصوى من الطاقات الفردیة والجماعیة لدى العناصر البشریة العاملة فی المنظمة. کما لم تعد مفاهیم المنظمات المتعلمة والأسس التی تقوم علیها ترفاً أکادیمیاً ولا نزعة إداریة جدیدة, بل نهجاً وممارسة تبینها العدید من کبریات الشرکات والمنظمات فی العالم وحققت نجاحاً باهراً. (الرشدان،2011م، 500)

وتواجه المنظمات التعلیمیة المعاصرة على اختلاف أنواعها العدید من التحولات والتغییرات المتسارعة التی تجتاح عالم الیوم وفی مقدمتها الثورة المعلوماتیة والتقنیة، والتی أصبحت محرکاً أساسیاً لدفع المنظمات فی جمیع أنحاء العالم إلى التحول إلى منظمة متعلمة.               ( عبدالرزاق، وعبدالعلیم، 2013م، 108)

مفهوم المنظمة المتعلمة:

ظهر مفهوم المنظمة المتعلمة أو منظمة التعلم فی السبعینات من القرن العشرین على ید بیتر سنج ( Peter Senge) لتأکید أهمیة تعلیم العاملین لتطویر أدائهم باستمرار، ویعد بیتر سنج (senge1994) أحد الرواد الأول والمبتکر لفکرة المنظمة المتعلمة، والذی عرفها بأنها "المنظمة التی تعمل باستمرار على زیادة قدراتها وطاقاتها على تشکیل المستقبل الذی ترغب فی تحقیقه" فهی منظمة ذات فلسفة تتنبأ بالتغییر، وتستعد له وتستجیب لما یتطلبه من متطلبات، بالإضافة إلى أنها تسعى لاکتساب قدرات تمکنها من التعامل مع التعقید والغموض، ویرى "سنج" أن ذلک یتحقق من خلال العمل باستمرار على زیادة قدرات العاملین على تحقیق النتائج التی یرغبون فی تحقیقها، وذلک بمنحهم قدراً من المرونة والحریة فی التفکیر مما ینشر لدیهم الدافع والطموح للعمل سویا لابتکار نماذج وطرق جدیدة للتفکیر، کما أن الأفراد فیها یتعلمون باستمرار کیف یتعلمون معاً. (أبو خضیر, 2006, 59).

تتعدد وتتباین التعریفات التی قدمها الباحثون والمفکرون لمفهوم المنظمة المتعلمة ،وذلک تبعاً لاختلاف فلسفة المفکرین والباحثین وتخصصاتهم إضافة لاختلاف وتنوع تجاربهم والأبعاد التی تناولوها فی دراستهم للمفهوم0

رکز مجموعة من الباحثین والمنظرین فی تعریفهم لمفهوم المنظمة المتعلمة على بعد الثقافة التنظیمیة حیث ذکروا بأنها " المنظمة التی تعمل باستمرار على تسهیل عملیة التعلم لجمیع أعضائها وتحویل ذاتها للتفاعل بإیجابیة مع التغیرات البیئیة "ومن هؤلاء جارت (Garrt1991) و"اتکنس و مارسیک (Watkins and Marsick 1996) وبدلر (Bedler1998) و"یانج وآخرون Yang and Others2004)).

کما ینظر Mallet,1995))&(Brooks,1992) إلى المنظمة المتعلمة کنوع من النظام الذی یشجع التحول عن طریق عملیة التعلم. ویشجع التعلم التحویلی واختبار الافتراضات التی تقوم علیها المنظمات المتعلمة، وخلق ثقافة أکثر شمولاً، الأمر الذی یسهم فی تعزیز قدرة المنظمة على تجدید نفسها. وحتى یحدث التعلم التحویلی ینبغی على المنظمة أن تکشف معارفها الصریحة والضمنیة أولاً. کما یجب علیها أن تصبح أکثر انفتاحاً على التغییر، وأن تفتح المجال أمام الافتراضات الثقافیة لتتجسد فی المعرفة الضمنیة للمنظمةKnutson, et al,2005).)

ویرى بدلر (pedler et al, 1998) أن المنظمة المتعلمة هی التی تکون قادرة على اکتشاف ماهو مؤثر من خلال إعادة تأطیر خبرتها والتعلم من تلک العملیة من خلال تطویر المهارة لأفرادها وهی بشکل مستمر تحول نفسها وتنقلها إلى  وضع أفضل.

وعرفها مارسیک و واتکنز Marsick, Watkins,1999)) بأنها المنظمة التی تتعلم وتحول نفسها باستمرار. وذلک من خلال تبنی استراتیجیة للتعلم المستمر تتکامل وتسیر جنباً إلى جنب مع الأنشطة والأعمال التی تقوم بها المنظمة لتحقیق التطویر المستمر. ( زاید، بوبشیت، المطیری،2009م)، وأن منظمات التعلم تتصف بقدرتها على تمکین العاملین، وتشجیع التعلم الفرقی، والتعاون، وترویج الحوار، والاعتراف بالتداخل بین الأفراد والمنظمة والمجتمعات.               ( الکساسبة وآخرون، 2009م، 25)

أما البعد الأخر الذی رکز علیه الباحثین فی تعریفهم للمنظمة المتعلمة هو بعد إدارة المعرفة ومنهم جروین (Grwin, 1993) حیث عرفها بأنها " المنظمة التی تمتلک مهارات تنظیمیة لإنشاء واکتساب ونقل المعرفة واستخدامها فی تعدیل سلوکها وقیمها، بما یعکس هذه المعرفة الجدیدة". (أبوبکر،73،2001)                                                                     

ویعرفها جارفن وآخرون Garvin et al,2008,43)) بأنها المکان الذی یتفوق فیه العاملون فی خلق واقتناء ونقل المعرفة، وتتکون من ثلاث لبنات أساسیة، هی: بیئة داخلیة داعمة للتعلم، وعملیات وممارسات تعلم ملموسة، وسلوک قیادی یدعم ویعزز التعلم.

کما تعرف منظمة التعلم بأنها المنظمة الماهرة فی إنشاء المعرفة واکتسابها ونقلها وتعدیل السلوک بما یعکس المعرفة والرؤى الجدیدة (نجم،2005م).

ویلاحظ أن هذا التعریف لایقف عند مستوى نقل المعرفة أو الفهم وإنما یتجاوز ذلک إلى السلوک بما یجعل التعلم عملیة عمیقة تهدف إلى تعدیل السلوک وتغییر البیئة استجابة للمتطلبات الحدیثة.

یقول (peter senge) فی کتابه الشهیر " المنظمة المتعلمة  - النظام الخامس/ 1990: لا یکفی أن یتعلم شخص واحد ثم یقوم بتحدید ما تحتاجه المنظمة ویتبعه الباقون، إن المنظمة التی ستنجح فی المستقبل هی التی تکشف کیف تستفید من طافة التعلم لدى جمیع أفرادها، إذ أن علم المنظمة أکبر من مجموع علم أفرادها، إلا أن العامل الأساس هو کیف ننقل علم الفرد إلى المنظمة ککل.

وترى الباحثة بأنه على الرغم من وجهات النظر المتعددة لإیجاد وصف محدد للمنظمة المتعلمة إلا أن هناک اتفاق عام بین هذه التعریفات على أن المنظمة المتعلمة هی تلک التی تسعى وبشکل مستمر على تعزیز قدرتها على انشاء واکتساب وتطویر المعرفة بشکل مستمر، وإعادة النظر فی معارفها وأفکارها والاستفادة من نتائج ذلک فی بناء مستقبل المنظمة.

کما تتبنى الباحثة تعریف (أبو خضیر  , 2006  , 60).للمنظمة المتعلمة بأنها المنظمة التی تتبنى مفهوم التعلم التنظیمی بهدف التکیف والتفاعل مع التغیرات السریعة والتحدیات الموجودة فی البیئة وتحقیق أهدافها بنجاح وتمیز.

عناصر المنظمات المتعلمة:

عند الحدیث عن مقومات وعناصر بیئة المنظمات المتعلمة والجوانب التطبیقیة التی تقوم علیها, فإن معظم الکتاب یشیرون إلى المدخل الذی قدمه بیتر سنغ للمنظمات المتعلمة, والذی یقوم على العناصر الخمسة التالیة:

1-             الالتزام الشخصی:

وهی العملیة التی یکون فیها الفرد تواق لتوسیع وتعزیز رؤیته وترکیز طاقاته, وأن یکون فی حالة دائمة للتعلم وتطویر قدراته, وأن یتوافر لدى الفرد التزام واستعداد طویل الأمد (مدى الحیاة) وأن یتطلع لیصبح شخصاً متمیزاً لا یوجد له نظیر.(الرشدان، 2011م، 507). وقد أسماها (البغدادی، والعبادی، 2010م، 128) بالبراعة الشخصیة وذکرا بأنه یتطلب الالتزام بالتعلم، والوعی الذاتی والمرونة، وأن استخدام مفهوم البراعة الشخصیة من قبل الأفراد الذین یعملون سویةً سیقود إلى تحدید الرؤیة المشترکة للمنظمة. وقد عبر عنه (الساعدی، 2013م، 119) بأنه التمکن الذاتی للموظفین وهو منهج مستمر یسلکه الفرد لتحسین الذات یقوم على مجموعة من المبادئ والممارسات منها تحدید الرؤیة الشخصیة أو تحدید الأمور التی یرى الفرد أنها مهمة بالنسبة له وتحدد الوضع الراهن للفرد وتحدد الفجوة بینهما.

2-           النماذج العقلیة (الذهنیة):

وتعبر عن الافتراضات والمعتقدات الشخصیة و الکیفیة التی نفسر بها الأمور والأحداث والتی على أساسها تتخذ القرارات فی الأعمال الیومیة لذلک فإن معظم الأفکار والمقترحات الجدیدة وذات الجدوى تصطدم مع النماذج الذهنیة عند تطبیقها على أرض الواقع.

من الجدیر بالذکر أن قوة المنظمة واستمرارها وتجددها تعتمد على حالة "مجموعات التطبیق" داخلها. فالمنظمة تتعلم إذا تعلم الفرد ودارت عجلة تعلمه بسرعة، وإذا تم تشکیل النماذج الذهنیة لکل فرد وتطویرها باستمرار، وإذا تم تبادل المعلومات والمهارات باستمرار وبکفاءة عالیة، عندها تتعلم المنظمة وتزدهر إلا أن المنظمات قد تمرض وتموت، فعجلة التعلم قد لا تدور بکفاءة، وقد تهتز أحیاناً، ومن الممکن أن تتشابک خطوط الاتصال أو تنقطع وقد تتذبذب النماذج الذهنیة وقد تتفکک مجموعات التطبیق وقد تتوقف المنظمة لأی سبب من الأسباب (الساعدی، 2013م، 103)

3-              بناء الرؤیة المشترکة:

وهی قدرة مجموعة من الأفراد على رسم صورة مشترکة أو مماثلة للمستقبل المنشود، فالمنظمات الناجحة هی التی تستطیع جمع العاملین حول رؤیة مشترکة، وإحساس مشترک بتوجهات المنظمة وتطلعاتها المستقبلیة. (الساعدی، 2013م، 118).

4-         التعلم من خلال الفریق:  

وهی الحالة التی یکون فیها أعضاء الفریق یفکرون سویة لتحقیق أهداف مشترکة. ویؤکد هذا الجانب على بناء مستقبل المنظمة على الرؤیة المشترکة بین الأفراد وتعزز عنصر التعاون وروح فریق العمل الجماعی. والجانب الأهم لبناء هذا العنصر هو توفیر بیئة الحوار فی المنظمة. ( الرشدان، 2011، 507).

أنظمة التفکیر:

ویعنی التعامل مع المنظمة کنظام معقد یتکون من أنظمة جزئیة وفرعیة, وهذا یستدعی أن یتمکن الفرد من فهم الکل وإدراک المکونات الفرعیة أیضاً, والإحاطة بکیفیة ارتباط هذه المکونات بالنظام ککل, بمعنی آخر القدرة على رؤیة الصورة الأکبر للمنظمة. وتعد أنظمة التفکیر الرکن الأساس ضمن عناصر المنظمات المتعلمة والذی یعطی الفرق بین هذه المنظمات وغیرها. (الرشدان، 2011م، 507).

مجالات المنظمة المتعلمة:

وقد قام سینج مع مجموعة البحثین بمرکز دراسات التعلم التنظیمی (MIT) بتطویر دراسة نظریة بنیت على المجالات الخمس التی قدمها سینج، وذلک لتحدید القدرات اللازمة لبناء المنظمة المتعلمة ، وکیفیة تمثیلها على الصعید العملی . ونظراً لشمولیة طرحها مقارنة مع ما طرحة غیرهم من الباحثین ، ونظراً لاتفاق الکثیر من الباحثین على هذه المبادئ ، یجدر التعرض إلیها بشئ  من التفصیل ، وهی عبارة عن تطویر للأفکار التی قدمها فی کتابة عام 1994 م، وتتکون من حقلین أساسیین:

أولاً- حقل التغییر المستمر : ( Domain of Enduring Chang  )

تعتبر عملیة التغییر نقطة أساسیة للانطلاق نحو بناء المنظمة المتعلمة، وهو أمر لیس سهلاً، حیث یتطلب تغییر الأنماط الفکریة فی بعض الأحیان وقتاً والتزاماً کبیراً، بینما یمکن تغییر أنماط أخرى بشکل أسرع، ولذا من الواجب السعی إلى تطویر أنواع معینة من القدرات لتسهیل القیام بمثل هذه المهمة، وتتکون هذه المهارات کما یصنفها الباحثون ممایلی:

أ‌-    المهارات والقدراتSkills and Capabilities) ) : وتقع هذه المهارات ضمن ثلاث مجموعات رئیسة:

-       الطموحات الفردیة والجماعیة التی یحس الأفراد بمیول إلى تحقیقها والوصول إلیها ، وهی التی تعکسها ممارسات  کل من عنصری التفوق الشخصی والرؤیة المشترکة.

-       مهارة التفکیر والتأمل فی الاعتقادات وأنماط السلوک ویمکن إدراکها من خلال المحادثة بین الأفراد ضمن بیئة مشجعة، وتعکسها کل من ممارسات المنظمة فی عنصری النماذج الذهنیة وفرق التعلم.

-       عملیة تشکیل القدرة على رؤیة الأنظمة ومتغیراتها بنظرة شاملة، ویعکسها ممارسات عنصر التفکیر النظمی.

ب‌-     قدرات وعی وإدراک (Awareness and Sensibilities):

عبر الوقت، وعندما تنمو لدى الأفراد تلک المهارات التی ذکرت آنفا، ویزداد إدراکهم لنماذجهم ونماذج غیرهم الذهنیة التی یعملون طبقاً لها. وعندما تبدأ فرق التعلم بممارسة أصول المحادثة الصحیحة، فإنه سیحدث تطوراً ملحوظاً على مستوى التفکیر وتبادل الآراء، وصنع القرارات واستغلال الفرص، والمرونة فی الاستجابة إلى المتغیرات.

 ج – الاعتقادات والافتراضات ( Beliefs and Assumptions  ) :

بشکل تدریجی وعندما یملک الأفراد قدرات وعی وإدراک جدیدة ومتناسقة، فإنه یحدث تغیراً جذریاً على مستوى المنظمة فی الاعتقادات والافتراضات.

ثانیا- حقل الممارسة (  Domain of Action or Practice Fields  )

ویعنى الحقل الثانی بوضع المبادئ والأسس الرئیسة للمنظمة المتعلمة قید العمل وفی الواقع العملی. حیث یمکن تنمیة القدرات والمهارات اللازمة لتحقیق المبادئ المذکورة فی الحقل الأول من خلال الوسائل  والعناصر التالیة:

أ‌-         الأفکار الإرشادیة (Guiding Ideas): وهی عبارة عن مجموعة من الرؤى والقیم والأهداف التی تصف مغزى وجود المنظمة، والآفاق التی تسعى إلیها.

ب‌-     نظریات وطرق ووسائل Theory,Methods and Tools)): قدم الباحثون عدداً من الطرق العملیة مثل طرق تحلیل الأنظمة والتعرف على دینامیکیاتها من خلال نماذج المحاکاة  بحیث یمکن للأفراد من تلمس النتائج واکتشاف الأخطاء بشکل مباشر، مما یساعد فی بناء معرفة جدیدة داخل المنظمة، ویعمل على تطویر القدرات والخبرات اللازمة لتبنی أنماط تفکیریة جدیدة.

ج- إبداعات فی البنیة التحتیة (Innovations in Infrastructure ): ویقصد بها مجموعة البرامج والأنظمة والوسائل التی تهیئها المنظمة لأفرادها، والتی تساعدهم فی تنمیة قدراتهم المعرفیة والذهنیة والفکریة، کفرق التعلم وحلقات النقاش والحوار، وأنظمة الحوافز، وبرامج التدریب، وأیضاً تقنیات المعلومات المختلفة.(الفاعوری، 2012م)

خصائص المنظمات المتعلمة:

إنه لا یوجد منظومة متفق علیها لتشکل بذاتها مجموعة الخصائص التی تمیز المنظمة المتعلمة ولکن هناک عدد من الخصائص یجب توفرها لیتوفر المناخ والبیئة التنظیمیة للمنظمة المتعلمة, من أهم هذه الخصائص کما أشار إلیها جملة من الکتاب مایلی:

-          أنها منظمات متکیفة مع بیئتها الخارجیة.

-          تتوفر لدیها المهارات والدافعیة لتعزیز عملیة التعلم المستمر, والقدرة على التعلم والتغییر.

-          یتوفر لدیها بیئة تنظیمیة تغذی التعلم وتحرص على التعلم الجماعی والفردی.

-          تستخدم نتائج التعلم للتحسین المستمر.

-          تحرص على توفیر الرؤیة المشترکة.

-          تغذی التجریب والمحاولة, وتسمح بالمخاطرة المعقولة. (الرشدان،2011،508)

ویضیف (العلی، وقندیلجی،2006م) بأن من خصائص المنظمات المتعلمة مایلی:

-          یشعر کل فرد فیها أنه معنی بطریقة أو بأخرى بالنمو والتقدم وبتحسین قدراته الإبداعیة.

-          یتم الترکیز على فرق العمل لأن عمل الأفراد بمجموعهم أکثر ذکاء من عملهم منفصلین.

-          تعتمد المنظمة على قاعدة المعرفة من خلال تخزینها للمعارف وخاصة الضمنیة منها.

المبحث الثانی: تطبیق المنظمة المتعلمة فی إدارات الجامعات:

بعد الاطلاع على عدد من المراجع والدراسات التی تناولت مفهوم المنظمة المتعلمة توصلت الباحثة إلى أنه یوجد هناک عدد من المجالات والأبعاد التی تساعد فی تطبیق المنظمة المتعلمة فی جامعاتنا وهی کالتالی:

1)   التخطیط الاستراتیجی:

یمکن القول أن اتباع الفکر الاستراتیجی فی قیادة الجامعات والذی یعد التخطیط الاستراتیجی أحد أهم عناصره یدعم فلسفة المنظمة المتعلمة، ویساعد على توفیر أهم عناصرها، حیث تعد الرؤیة المشترکة من أهم عناصر وممیزات المنظمة المتعلمة ولن تتوفر هذه الرؤیة إلا من خلال الحرص على تطبیق خطوات التخطیط الاستراتیجی والفکر الاستراتیجی للمنظمة بشکلها الصحیح،کما یسهل التخطیط الاستراتیجی التفکیر النظمی والذی یعنی رؤیة الصورة الأکبر للمنظمة ودور هذه المنظمة فی المجتمع المنتمیة له ودور أقسامها الفرعیة وارتباطها بالمنظمة ککل.

2)       التعلم التنظیمی والتدریب المستمر:

إن الجامعات لا یمکن أن تتطور وتتعلم وتنمو من دون الاعتماد على رأس مالها البشری، وإذا ما أرادت أن تضیف إلى رأس مالها الفکری فإن علیها أن تستثمر المعرفة الضمنیة للفرد وتحویلها إلى معرفة ظاهریة فی الهیکل التنظیمی.

ومما لاشک فیه بأن العملیة التدریبیة تسهم بشکل فعال فی تعدیل سلوک الأفراد المبنی عادةً على عدد من المعتقدات والأسس والافتراضات الخاطئة التی یمکن تحدیثها أو تصحیحها من خلال التدریب.

فالتدریب یشمل عدد من الممارسات التی لا تقتصر فقط على إعداد الحقائب التدریبیة وإعطاء الدورات لأعضاء الجامعة فحسب وإنما إتاحة الفرصة لهم للعمل الفرقی والاندماج فی فرق العمل التی یتم من خلالها اکتساب مهارات من الواقع تفوق تلک التی یتم اکتسابها فی قاعات التدریب.

ویمکن أن یتم ذلک فی الجامعات من خلال تشجیع التعلم المستمر مما یسهل التعامل مع التغییرات فی البیئة المحیطة، ویخلق فرص للحصول على موقع تنافسی، فالتحسین المستمر یساعد المنظمة التربویة على تصمیم وتطبیق نظام إبداعی یحقق باستمرار رضا المستفیدین, وذلک من خلال السعی المتواصل للوصول إلى الأداء الأمثل. (المیمان، 2007م)

3)            التمکین:

ویقصد به تعزیز قدرات العاملین من خلال إتاحة الفرصة لامتلاک الصلاحیات التی تحفزهم وتساعدهم على المبادرة والإبداع والحریة فی أدائها للأعمال، فالمنظمة التربویة التی تعزز مفهوم التمکین وتستثمره من أجل التجدید والتطویر المستمر مؤهلة لخلق منظمة متعلمة.

4)       العمل الجماعی واستشعار المسؤولیة الفردیة:

إن العمل الجماعی یعد من أهم أسباب نجاح الخطط الاستراتیجیة للجامعات، لاسیما فی مجال تطبیق الخطط التنفیذیة، فیجب تحفیز کل فرد فیها وتشجیعه على التعلم المستمر وتطویر قدراته، وفحص نماذجه الذهنیة، وبالمقابل یسعى کل فرد إلى التعلم والسعی للإبداع الابتکار فی أداء الأعمال انطلاقاً من الصلاحیات المعطاة له فی مجال التطویر، کما أن تعزیز مفهوم العمل الجماعی والعمل ضمن فریق العمل یشجع على انتقال المعرفة بکافة أنواعها الصریحة والضمنیة وتبادلها بین أعضاء المنظمة، وبالتالی تسهم فی تعلم المنظمة.

ولکی نستفید من هذه النظریات التی أثبتت نجاحها فی میادین العمل، ونسعى لتطبیقها فإننا بحاجة لفحصها وتوجیهها توجیهها وتأصیلها تأصیلاً إسلامیاً یتوافق مع هویتنا الإسلامیة، فقد أکد الماوردی على أهمیة التأصیل بالرجوع إلى الأصول والجذور، وعدم الاکتفاء بما هو معروف فی البیئة المعاصرة، لیتم البناء المنهجی للعلم على أسس صحیحة راسخة، ویقول المنجد (1429هـ) مع زحمة الأفکار وکثرة الأطروحات المخالفة لمنهج سلف الأمة، وإعجاب کل ذی رأی برأیه، والانفلات من الضوابط الشرعیة، والتساهلات والتنازلات؛ لابد للمسلم أن یعیش مع حدیث النبی صلى الله علیه وسلم: (فَإِنَّهُ مَنْ یَعِشْ مِنْکُمْ بَعْدِی فَسَیَرَى اخْتِلافًا کَثِیرًا فَعَلَیْکُمْ بِسُنَّتِی وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِینَ الْمَهْدِیِّینَ، عَضُّوا عَلَیْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِیَّاکُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ..) صححه الألبانی، الصحیحةج6 رقم 2735 ص526.(الحلوانی، 2008م، 59) وهذا ماسیتم تناولها فی المبحث التالی.

المبحث الثالث: مفهوم التأصیل الإسلامی:

عرف) یالجن، ١٤١٦ هـ، 66) تأصیل العلوم الاجتماعیة بأنه بناء العلوم الاجتماعیة على نهج الإسلام، وذکر بأن تأصیل الإدارة التربویة من أهم میادین التأصیل فی مجال التربیة، واعتبرها من البحوث التأصیلیة الأساسیة.

کما ‏عرفه (رجب،١٤١٦، ٤١) بأنه إعادة بناء العلوم الاجتماعیة فی ضوء التصور الإسلامی للإنسان والمجتمع الوجود وذلک باستخدام منهج یتکامل فیه الوحی الصحیح مع الواقع المشاهد بوصفهم مصدرین للمعرفة.

 وذکر (السلطان،١٤٣٣ه،٣٥) أن مفاهیم التأصیل رکزت على ما یلی:

-        إبراز الأسس التی تقوم علیها العلوم من مصادر الشریعة الإسلامیة.

-        إعادة بناء العلوم وتکییف المعطیات والمنجزات وفق المنظور الإسلامی للإنسان والکون والمجتمع والمعرفة والقیم والعلاقة بین کل منها.

-        رفض إقامة العلوم على أصول ومفاهیم تتعارض مع العقیدة الإسلامیة و مقتضیاتها.

-        استخدام منهج یتکامل فیه الوحی الصحیح مع الواقع المشاهد لبناء النظریات فی العلوم بشکل عام.

مما سبق یتضح أن التأصیل هو عبارة عن إعادة صیاغة وتعریف للمفاهیم الإداریة الحدیثة بحیث تتناسب وتتفق مع الأسس الإسلامیة المستمدة من الکتاب والسنة، ورفض کل ما یخالف شریعتنا السمحة.

فالدین الإسلامی الحنیف لا ینظم فقط علاقة الفرد بالله أی جانب العبادات وإنما ینظم أیضاً جانب المعاملات کتنظیم علاقة الفرد بالفرد أو الفرد بالجماعة وذلک من منطلق إن العمل الصالح عبادة ومن منطلق أن الدین الإسلامی نظام حیاة شامل ومتکامل، ومن هنا فإن إبراز الأسس الإسلامیة التی تقوم علیها النظریات الحدیثة فی الإدارة التربویة، من خلال استنباطها من مصادر الشریعة ومبادئها، والاستفادة مما توصل إلیه العلماء المسلمون من نظریات من الواجبات الرئیسیة التی تقع على عاتق الباحثین المسلمین. لذلک سیتناول المبحث القادم بإذن الله تأصیل المنظمة المتعلمة وعلاقتها تحلیلاً وترکیباً بالإدارة الاسلامیة.

المبحث الرابع: تحلیل عناصر المنظمة المتعلمة وعلاقتها بالإدارة الإسلامیة والتی تساهم فی تطویر العمل الإداری فی الجامعات:

یمکن النظر إلى نشأة التعلم نظرة أزلیة رافقت خلق الانسان، وقد أشارت آیات القرآن الکریم إلى أن الانسان یولد وهو لا یعلم أی شیء، کما فی قوله تعالى:}وَاللَّهُ أَخْرَجَکُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِکُمْ لَا تَعْلَمُونَ{. (النحل، 78). إلا أن الدین الإسلامی لم یهمل الجانب الغریزی فی التعلم، فأشارت سور أخرى إلى ذلک کما فی قوله تعالى }وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ{. (البلد، 10).

ولعل نشأة الانسان حتى ما وصلت إلیه الیوم هی تراکم معرفی ناشئ جراء تعلمه المتکرر، ولقد کان من أوائل الدروس التعلیمیة التی أرادها الله تعالى لتعلیم البشر هو أول حادثة قتل فی تاریخ البشریة، عندما قتل قابیل أخاه هابیل، فأرسل الله تعالى الغراب لیعلم البشر کما فی قوله تعالى:}فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوَارِی سَوْءَةَ أَخِیهِ{.                   (المائدة، 31). وهکذا تعود بدایة التعلم إلى أول دروس علمها الله تعالى لأدم (علیه السلام) لتتوالى بعد ذلک الأحداث والمثیرات التی تحث الإنسان على التعلم وتغییر سلوکیاته وفق مناهج ومعتقدات مختلفة.

وقد شددت الرسالة الإسلامیة على أخلاقیات التعلم فمنعت احتکاره وأوصت بنشره، کما فی الحدیث الشریف للنبی محمد صلى الله علیه وسلم: (من کتم علماً عن الناس ألجمه الله بلجام من نار یوم القیامة). وقوله کذلک (زکاة العلم إبلاغه).  وتحث العدید من الآیات على التعلم والتفکیر والتمعن والتعقل والحکمة کقوله تعالى:}یؤتی الْحِکْمَةَ مَنْ یَشَاءُ وَمَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیْرًا کَثِیرًا {. (البقرة، 269)

وقد اهتم المسلمون الأوائل ومن تبعهم بالعلم والتعلم وتطبیقاتهما حتى بنوا نموذجاً حضاریاً متمیزاً بالعلم والإیمان، وظهرت المدارس الفکریة والجدل الفلسفی بین العلماء المسلمین فکان لهم الفضل فی إحیاء ودراسة التراث الفکری للفلاسفة الیونان والرومان وتفنید آراءهم وإیصالها إلى العالم الغربی من جدید. (الساعدی، 2013م)

ویرى الإمام الزرنوجی والذی اشتهر بمؤلفه "تعلیم المتعلم طریق التعلم" أن العلم هو الذی یمیز الإنسان, ذلک أن سائر الخصال الأخرى من قوة وشجاعة وجراءة وغیرها یشترک فیها الإنسان والحیوان , أما العلم فهو یختص به الإنسان وحده، وذلک لما یتمیز به من عقل. قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ کلها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِکَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِی بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ (31) قَالُوا سُبْحَانَکَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّکَ أَنْتَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ (32) قَالَ یَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَکُمْ إِنِّی أَعْلَمُ غَیْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا کُنْتُمْ تَکْتُمُونَ (33)}.

کما ذکر بأن التعلیم والمعرفة عملیة نامیة متراکمة عبر القرون والأزمان إلى أن یرث الله الأرض ومن علیها, وهی لیست محددة , ولا یمکن أن یتوصل إلى نهایتها بشر. قال تعالى:{وَمَا أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِیلًا (85)}39. ( الزرنوجی،1987م)

کما أکد الإسلام على ضرورة تدریب العاملین والتمکین واللذان یعدان من أهم الأسس التی تبنى علیها المنظمة المتعلمة فقد کان المسجد النبوی أول معهد للتدریب, فعن علی رضى الله عنه قال: بعثنی رسول الله صلى الله علیه وسلم إلى الیمن, قال: فقلت یا رسول الله  تبعثنی إلى قوم أسن منی وأنا حدیث لا أبصر القضاء قال فوضع یده على صدری, وقال: (اللهم ثبت لسانه, وأهد قلبه, یا علی إذا جلس إلیک الخصمان فلا تقضی بینهما حتى تسمع من الاّخر کما سمعت من الأول فإنک إذا فعلت ذلک تبین لک القضاء) قال: "فما اختلف علی قضاء بعد أو ما أشکل على قضاء بعد" (81) . (المیمان، 2007م)

وفیما یلی تفصیل لعناصر المنظمة المتعلمة وتحلیلها واستنباط الآیات القرانیة والأحادیث النبویة المتعلقة بها، بالإضافة إلى الاستشهاد بکتابات علماء المسلمین حولها.

1)                 الالتزام الشخصی:

تشتمل سورة النمل على عدد من الدروس العظیمة التی تؤکد على عنصر الالتزام، ففی قوله تعالى: }وحشر لسلیمان جنوده من الجن والأنس، والطیر فهم یوزعون (17) حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة یا أیها النمل أدخلوا مساکنکم لا یحطمنکم سلیمان وجنوده وهم لا یشعرون (18) فتبسم ضاحکاً من قولها وقال رب أوزعنی أن اشکر نعمتک التی أنعمت علی وعلى والدی وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلنی برحمتک فی عبادک الصالحین (19){.(النمل: 17 - 19) عدد من الدروس وهی کالتالی:

الدرس الأول: اتقان الأداء: لا شک أن جودة الأداء واتقان العمل من أهم ما یشغل الإدارة الآن حتى أننا لا نکاد نجد امراً من أمور الإدارة إلا وقد اقترن بالجودة الشاملة TQM والتی یمکن تلخیصها بالإتقان فی العمل.

وهذا هو ما نستشفه من موقف النملة التی أمامنا، فإنها تؤدی الدور المنوط بها على خیر وجه ممکن، أقل ما یمکن أن نصفه به هو أعلى درجات الاتقان الذی یصل إلى تحقیق الهدف بکفاءة وفعالیة، فلقد أنذرت قومها فی الوقت المناسب وانقذتهم من کارثة محققة لولا ما قامت به بإخلاص واتقان والذی سوف یبرزه بشکل أکبر وأوضح باقی الدروس.

الدرس الثانی: الیقظة والانتباه والالتزام:  وهما من أهم متطلبات نجاح القیام بمثل ذلک الدور الذی أدته النملة، فی الموقف الذی أمامنا، فبدونهما لا یمکن تصور أداء کامل للدور، بل فی غفوة أو غفلة واحدة قد یترتب علیها هلاک کامل ودمار لکافة أفراد المنظمة، فالخلل من قبل فرد فی المنظمة لا یعود علیه وحده فقط وإنما یعود بالضرر على الجمیع.

الدرس الثالث: الهمة والإرادة العالیة: إن کل أمر عظیم یحتاج إلى همة وإرادة عالیة لإتمامه، ومن أعداء النفس ضعف الهمة والإرادة، من هنا نعلم أن وراء تصرف النملة وإخلاصها وإصرارها والتزامها، همة عالیة وإرادة.

الدرس الرابع: العزیمة الماضیة: إذا کانت الهمة إعداد العدة ووضع الخطة والأخذ بکافة أسباب النجاح لأداء مهمة معینة، فإن العزیمة یقصد بها شدة العناد وعدم التردد عند التنفیذ لأی سبب من الأسباب المقعدة عن العمل. قال تعالى: (فإذا عزمت فتوکل على الله) [آل عمران: 159]

ویتضح من موقف النملة أنها لیست فقط ذات همة عالیة فی الأخذ بالأسباب وإنما هی تنمی ما بدأت وتواصل الجهد لتنفیذ مهمتها، وهذا من عزائم الأمور، فلو أن النملة ترددت أو تباطأت لما استطاعت أداء مهمتها فی إنقاذ قومها من هذا الخطر.

الدرس الخامس: المبادرة: وروح المبادرة هنا تظهر بشکل واضح فی السعی لأداء المهمة دون انتظار أو تواکل على غیرها أو انتظار لسواها کی یقوموا بالمهمة.

الدرس السادس: الإنجاز: فإذا کانت المبادرة هی قمة الإقدام بفکرة أو الاستعداد لأداء مهمة، فإن الإنجاز هو الوصول بها إلى دائرة التنفیذ والتمام وکلاهما "المبادرة والإنجاز" روح الإدارة وهو ما فعلته النملة تماماً، فبادرت وأنجزت. (الماضی،2004م)

2)            النماذج العقلیة (الذهنیة):

ویذکر (الضحیان ,1407هـ, ص150 -152) أن "المؤمن کیس فطن": وهذا حدیث شریف ویعتبر رکن من أرکان القیادة فالإداری المسلم لابد وأن یکون واسع الأفق والإدراک لما یدور حوله ولما یرید تنفیذه من خطط وأهداف, مدرک فطن للنتائج المترتبة على العملیة الإداریة التی یشرف علی تنفیذها, فعلیه أن یکون کما قال قائده الأول :" المؤمن کیس فطن.

کما یحدد (جون أدیر) فی کتابه قیادة النبی صلى الله علیه وسلم فإن الحکمة العملیة فی الأساس هی فن معرفة الشئ الصحیح الذی ینبغی فعله فی الوقت الصحیح وبالشکل الصحیح. وتشمل على القدرة على توقع المستقبل وکیف ستتطور الأمور، وکیف ستکون نتائج مسار معین للعمل، ، وأن تکون قائداً فی أی ظرف، فإن هذا یستدعی الحکمة العملیة، وأن تتوصل إلى استنتاجات سلیمة، وأن تبنى علیها قرارات حکیمة، وأن تتصرف وفقاً لها بتصمیم وإرادة، وتکتسب الحکمة من خلال موهبة فطریة وممارسة عملیة وتفکیر. (الماضی، 2013م)

وذکر (الماضی، 2005م) بأن العقل کما یقرر القراّن لا یمثل الوسیلة الإدراکیة الوحیدة لدى الإنسان فهناک وسائل الأخرى مع العقل تتمیز بکونها وسائل إدراکیة وجدانیة مثل: القلب واللب والفؤاد وکما تمثل هذه أداة للمعرفة فهی تمثل وعاء للأیمان، فلقد وردت کلمة "قلب" فی القراّن الکریم هی ومشتقاتها المختلفة "أفراد وتثنیة وجمع" أکثر من مائة وثلاثین مرة, ولکن لم یقصد بها مطلقاّ الدلالة على القلب بمعناه التشریحی الطبی, ولکن یقصد بها التعبیر عن جهاز إدراکی معرفی بالغ التعقید.

ومن تأمل الآیات التی اشتملت على کلمة "قلب" یستطیع أن یمیز من بین الوظائف الکثیرة المنوط به, وظیفتین رئیسیتین وهما: (الإدراک والمعرفة والعلم، الإیمان وما یتصل به من عواطف ووجدان) ومن الآیات التی تبین قیام القلب بمهام العقل والحس قوله تعالى : }فإنها لا تعمى الأبصار ولکن تعمى القلوب التی فی الصدور{.(الحج، 46)، وقوله تعالى: }أفلا یتدبرون القراّن أم على قلوب أقفالها{.( محمد، 24)

یتضح من هذه الآیات أن القلب نفسه یتغیر وأن أعلى مراتب التغییر الإیجابی له هو الإیمان والاطمئنان وأن أسوء مراتب أو درجات التغییر السلبی له هو أن یقسوا ویغفل عن ذکر الله ویزین له المنکر والسوء فی أحسن صوره.

ولذلک نجد الرسول الکریم صلى الله علیه وسلم  یقرر أن صلاح القلب یتوقف صلاح الجسد وفساده یؤدى إلى فساد سائر الجسد کما جاء فی الحدیث الذی رواه البخاری " أن فی البدن مضغة إذا صلحت صلح بها سائر البدن وإذا فسدت فسد بها سائر البدن ألا وهی القلب" فاللقلب مهمة تغییریة هامة یجب الانتباه إلیها وذلک لأنه یقوم بکل من مهام العقل الفکریة, کما أنه یقوم بمهام أخرى وجدانیة نفسیة لا یقوم بها العقل کما نجد أن القراّن الکریم خصه دون غیره بالفقه, فلم یسند الفقه فی القراّن إلا للقلب، کقوله تعالى "لهم قلوب لا یفقهون بها"، والمتأمل فی قوله تعالى:}إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ{ (الرعد،11(، یرى أن تغییر ما بالأنفس هو المجال الثانی وهو یعد المتغیر المستقل والذی یمثل فیه عمل وجهد الإنسان, فهو مسئول عن إحداثه وبناء على تغییر ما بالأنفس یتم تغییر ما بالقوم من أحوال شتى، فالفاعل فی "یغیروا " هو واو الجماعة ویعود على القوم بینما الفاعل فی "إن الله لا یغیر ما بقوم" ضمیر مستتر تقدیره "هو" فی محل رفع ویعود على لفظ الجلالة "الله" ولا یعنی بأن تتغیر ما بالأنفس والذی یجب أن یقوم به الناس لیس هناک لله سبحانه وتعالى دخل فیه ولکن من فضل الله سبحانه وتعالى أنه لم یترک الناس یتخبطون فی کیفیة إحداث ما یجب أن یغیروه من أنفسهم فأوضح وبین لهم منهج وغایة تغییر ما بالأنفس  ووسائل تزکیتها وإصلاحها وأرسل الیهم رسله یبینون ویوضحون ویدعون إلى الأخذ بهذا المنهج ولیکونوا قدوة هم ومن یتبعهم فی تطبیقه، فالله سبحانه وتعالى  هو الذى خلق هذه الانفس ویعلم ما یفسدها وما یصلحها. قال تعالى: }ألا یعلم من خلق وهو اللطیف الخبیر{ (الملک،14)

مما سبق یتضح أن الإنسان مطالب بتخطیط عملیة التغییر لتحقیق الفلاح التنظیمی وذلک من خلال الجهود المستمرة التی یبذلها لتغییر نفسه على الحق والاستمرار على الوضع التغییری الأمثل وذلک من خلال التوجیهات التی هدانا إلیها ربنا عز وجل. (الماضی، 2005م)

إن السلوک الفردی یتحدد بناءً على ما فی النفس من أفکار وقیم ومعتقدات وتصورات، حتى وإن کانت وهماً، أو بتعبیر أدق یکون نتیجة لما بنفسه، فإذا تغیر ما بنفس الإنسان سواء کان بجهده أو جهد غیره، فإن سلوکه ستغیر، ویؤید ذلک قول الله تعالى عن الذین کفروا: }إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى{ (النجم : 23) وکذلک قوله عن یهود بنی النضیر الذین ظنوا أنهم فی منعة بحصونهم، ولن یستطیع أحد أن یخرجهم منها أبداً، بل وکان هذا هو أیضاً الظن السائد لدى المسلمین، فلما أراد الله سبحانه وتعالى خروجهم، غیر هذا الظن لدیهم، وقذف فی قلوبهم الرعب، مما دفعهم إلى تخریب بیوتهم بأیدیهم وإعلانهم الاستسلام التام دون قید أو شروط للمسلمین، وذلک دون قتال یذکر من جانب المسلمین، ولقد تناولت کل ذلک سورة الحشر، فی قوله تعالى: }هُوَ الَّذِی أَخْرَجَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ مِنْ دِیَارِهِمْ لأولِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ یَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ یُخْرِبُونَ بُیُوتَهُمْ بِأَیْدِیهِمْ وَأَیْدِی الْمُؤْمِنِینَ فَاعْتَبِرُوا یَا أولِی الأَبْصَارِ{. (الحشر : 2)

ولأبی حامد الغزالی ملاحظة صائبة فی هذا الصدد حیث یقول: "وأکثر الخلق قوى نفوسهم مطیعة للأوهام الکاذبة، وأکثر إقدام الخلق أو إحجامهم بسبب هذه الأوهام؛ فإن الوهم عظیم الاستیلاء على النفس".

ومن هنا یرجع أهمیة فهم وتحلیل ما بالنفس وتغییره للحصول على السلوک المطلوب أداؤه من الفرد.

مراحل تغییر السلوک الفردی لدى بعض علماء السلف:

من خلال مطالعة کتب علماء المسلمین یمکن ملاحظة بعض العبارات التی تساعد على فهم کیفیة حدوث تغییر ما بنفس الإنسان، وما تمر به هذه العملیة من مراحل حتى تصل إلى سلوک، ثم تزداد الصعوبة فی تغییر کل من هذه المراحل، ومن أمثلة من تعرضوا لذلک:

أولاً: الراغب الأصفهانی (المتوفى 502هـ):

فیشیر الراغب فی کتابه (الذریعة إلى مکارم الشریعة) إلى أن هناک أربع مراحل تنسق العمل أو السلوک، وهی کالتالی:

1 – السانح: وهو أول ما یعرض للإنسان " من سنح سنوحاً ؛ أی عرض، یقال سنح لی رأی فی کذا وسنح الطائر أو الظبی، ویسنح الخاطر بکذا: جاد وسمح". ولعل هذه الخطوة تمثل ما یمکن أن نعتبره بمثابة مثیر یحرک الخواطر، والذی یأتی من أی مصدر من المصادر الخارجیة، ثم تستقبلها إحدى حواس الإنسان، باعتبارها وحدات مدخلات (کالسمع، والبصر، والذوق، والشم، واللمس)، وهذا السانح یتحول بعد ذلک إلى خاطرة.

2 – الخاطر: وهی المرحلة التی تلی السانح، وهی ما یخطر فی القلب من أمر أو رأی أو معنى، ویقال أیضا؛ خاطرة وخواطر، فهو عملیة عقلیة داخلیة تدور فی نفس الإنسان نتیجة لسانح سنح لها، وإن کانت سرعان ما تتحول إما إلى مرحلة تالیة، أو تتلاشى.

3 – الإرادة والهمة: وهی المرحلة التی ذکر الراغب أنها تلی مباشرة الخاطر، وفی المعجم : " الهم : ما هم به الرجل فی نفسه، والهم أول العزیمة، وهم عزم على القیام به ولم یفعله" ، قال الله تعالى : { ولقد همت به وهم بها{ (یوسف، 24)، وقال تعالى: }إذ هم قوم أن یبسطوا{ (المائدة، 11)، وقال تعالى: { وهموا بما لم ینالوا{ (التوبة، 74)

4 – العزم: وهی المرحلة التی جعلها الراغب تلی الإرادة والهمة، والعزم والعزیمة؛ عقد القلب على إمضاء الشیء قال تعالى: }فإذا عزمت فتوکل على الله{ (آل عمران ، 159)، فالعزم هو العملیة النفسیة الأخیرة التی تسبق السلوک أو العمل.

5 – العمل: هو السلوک الفعلی الذی یترجم کل ما سبق فی أرض الواقع إما بقول وإما بفعل، ففی المعجم: عمل عملاً، فعل فعلاً عن قصد والعمل یستعمل فی الأعمال الصالحة والسیئة، قال تعالى : }وَمَنْ یَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا یَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً{ (طه ، 112)، وقال تعالى: }من یعمل سوءاً یجز به{ (النساء : 123)، ولذلک فإن تحدید سلوک الإنسان إنما یتحدد بناء على القدرة فی توجیه هذه المراحل والتحکم فیها وتغییرها.

ثانیاً/ ابن القیم (ت 751 هـ):

ورد فی کتابه (الفوائد) جملة جاءت بصورة عرضیة تحت باب "حکم بالغات" إلا أن هذه الجملة تکاد تکون من أکمل نماذج مراحل ومحددات السلوک، وخاصة أنه حدد فیها مع إیجازها تدرج التغییر من حیث الصعوبة والسهولة بالنسبة لکل مرحلة منها والجملة بنصها التی وردت به بین هذه الحکم هی: "دافع الخطرة ، فإن لم تفعل صارت فکرة، فدافع الفکرة فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزیمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلاً، فإن لم تتدارکه بضده صار عادة، فیصعب علیک الانتقال عنها".

فالمرحلة التالیة للخطرة عند ابن القیم هی: الفکرة، ومما ذکر فی القرآن الکریم قوله تعالى: }أو لم یتفکروا فی أنفسهم{.(الروم : 8)، وقوله تعالى: }إن فی ذلک لآیات لقوم یتفکرون{. (الرعد : 3)، وفی المعجم الوسیط " فکر فی الأمر فکراً: أعمل العقل فیه ورتب بعض ما یعلم لیصل به إلى مجهول، والتفکیر: إعمال العقل فی مشکلة للتوصل إلى حلها، والفکر: إعمال العقل فی المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول. والفکرة: الصورة الذهنیة لأمر ما، رأی، انطباع.

فالفکرة تعتبر أکثر رسوخاً فی الذهن من الخاطرة، حیث أنها تکون أکثر استمراراً فی العقل، ویترتب علیها صورة ذهنیة فی العقل. ومن هنا کان تغییرها أصعب من تغییر الخاطرة، ومن هنا کان کلام ابن القیم حیث یعنی أنه إذا کانت هناک خاطرة بالبال فی أمر شیء فإنه یجب على المرء أن یسرع بدفعها عنه لیتخلص منها منذ البدایة، وقبل أن تتحول إلى مراحل تالیة أکثر رسوخاً فی النفس، ویصعب معها التغییر، ولذلک فإن أکمل منهج للتغییر بالنسبة للأشیاء المنکرة والسیئة هو الابتعاد عن إدراکها من الأصل قدر الإمکان، ولذلک فإننا نجد أن القرآن فی هذا الأمر لما نهى عنه لم یقل ولا تزنوا، ولکن قال تعالى: }وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ کَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِیلاً{ (الإسراء : 32)

قال القرطبی فی تفسیره: "البصر هو الباب الأکبر إلى القلب، وأقصر طرق الحواس إلیه، وبحسب ذلک کثر السقوط من جهته، ووجب التحذیر منه، وغضه واجب عن جمیع المحرمات، وکل ما یخشى الفتنة من أجله، فالوقوف مع الأفکار والتصورات یعتبر أمراً مهماً، فإن وجد الإنسان أن الفکرة صالحة وموافقة لشرع الله أمضاها، وإن کانت مخالفة دفعها عنه قبل أن تتحول إلى شهوة وإرادة ثم عمل.

4 – یلی الفکرة عند ابن القیم "الشهوة":

وهذه المرحلة لم یذکرها الراغب، بل أنه جعل الإرادة أو الهمة تتبع الخاطر مباشرة، والشهوة: هی الرغبة الشدیدة، والقوة النفسانیة الراغبة فیما یشتهی، وفی قوله تعالى: }زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِینَ وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ).{آل عمران : 14)

وأصل الشهوة، نزوع النفس إلى ما تریده، وذلک فی الدنیا ضربان: صادقة وکاذبة : فالصادقة ما یختل البدن من دونه ، کشهوة الطعام عند الجوع، والکاذبة، ما لا یختل من دونه. وقد یقال للقوة التی تشتهی الشیء:"شهوة" وأما عن تغییرها فإنه أصعب مما قبلها ولذلک قال ابن القیم: "فحاربها" ، وإن کان أسهل مما یلیها.

5 – یذکر ابن القیم العزیمة والهمة فی مرحلة واحدة تلى الشهوة مباشرة:

وذلک باعتبارها أول العزیمة، وما هم به الرجل فی نفسه (کما جاء فی المعجم الوسیط). وسبق الاستشهاد بآیات تؤید ذلک، ومن الأحادیث أیضاً ما أخرجه البخاری ومسلم عن النبی r أنه قال:"إن الله تجاوز عن أمتی ما حدثت به أنفسهم ما لم تعمل أو تتکلم"، فالهمة تسبق العزیمة، وتغییرها ممکن وإن کان یصعب عما سبقها من المراحل ، وأسهل من المراحل التالیة.

6 – ذکر ابن القیم السلوک بعد العزیمة والهمة ولکنه سماه " فعل ":

فمرحلة العمل أو الفعل هی محصلة ما سبق من مراحل، واعتبرها الراغب هی المرحلة النهائیة؛ فهی مرحلة السلوک، بینما أضاف ابن القیم مرحلة تالیة لها هی "العادة "، وتغییر الفعل أو السلوک یعتبر أصعب مما سبق من المراحل، ولکن یمکن للمرء أن یعمل على تغییره إن کان غیر صالح ویتحول إلى ضده، ولذلک شرعت التوبة والاستغفار للإقلاع عن أی فعل لا یرضی الله سبحانه وتعالى، فتغییر الفعل یحتاج إلى تغییر ما سبقه من مراحل نفسیة أولاً، ولذلک نجد الغزالی یوضح ذلک فی باب التوبة حیث یقول: "أعلم أن التوبة عبارة عن معنى ینتظم ویلتئم من ثلاثة أمور مرتبة: علم، وحال، وفعل. فالعلم الأول، والحال الثانی، والفعل الثالث، والأول موجب للثانی، والثانی موجب للثالث إیجاباً اقتضاه أطراد سنة الله فی الملک والملکوت".

7 –المرحلة الأخیرة عند ابن القیم:

والتی لم ترد عند الراغب هی العادة، وذلک أن المرء إذا داوم على العمل وکرره فإنه یتحول إلى عادة، وحینئذ یکون من الصعب جداً تغییرها، فالعادة تمثل شدة رسوخ ما بالنفس، وصعوبة التغییر تزید عن کل ما سبقها.

والعادة: کل ما أعتید حتى صار یفعل من غیر جهد، فهی اسم لتکرار الفعل والانفعال حتى یصیر ذلک سهلاً تعاطیه، ولذلک فإن التغییر هنا للسلوک بعد أن أصبح عادة یکون من أصعب ما یمکن، ویحتاج إدراک لکل ما سبق من مراحل لاستخدامها بحکمة فی تغییر مثل هذه العادة التی تعودتها النفس، ولذلک نرى ابن القیم فی موضع آخر من کتابه یؤکد على ذلک فیقول: "مبدأ کل علم وعمل هو الخواطر والأفکار، فإنها توجب التصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات والإرادات تقتضی وقوع الفعل، وکثرة تکراره تعطی العادة، فصلاح هذه المراتب بصلاح الخواطر والأفکار، وفسادها بفسادها.

فتغییر الفعل یحتاج إلى إدراک أن هناک مراحل سابقة له یجب زعزعتها وهدمها، ثم القیام بإنشاء غیرها على نفس النمط السابق تقریباً، وهذا ما عبر عنه الغزالی بتأکیده على أن العلم أولاً، وهو الذی یؤدی إلى تحریک الخواطر والأفکار.

3)                بناء الرؤیة المشترکة:

من المؤکد أن الرؤیة المشترکة لا تتحقق إلا من خلال الشورى، وقد کان الرسول صلى الله علیه وسلم شدید الحرص على الإیمان بالهدف وتوضیحه للجماعة، حیث أمر الله رسوله الکریم بالمشاورة فی قوله تعالى: }وشاورهم فی الأمر{ (آل عمران، 159) . وهو ما یقتضی مشاورة القائد لأفراد مجموعته فیما یتخذ من قرارات وذلک باستطلاع آرائهم فی مرحلة إعداد القرار للوقوف على وجهات نظرهم, فإذا ما انتهى إلى رأی مقنع أمضاه, وإصدار قرارا على مقتضاه.

إن السماح بحریة الرأی تذکرنا بمقصد من المقاصد الأربعة التی ذکرها ابن عاشور فی کتاب (مقاصد الشریعة للنیسابوری) وهی الحریة وهنا تأتی حریة الرأی فی القیادة الإسلامیة من خلال السماح للمرؤوسین بإبداء اّراءهم وعدم مصادرتها طالما أنها تصب فی مصالح الأمة وفیما تقتضیه المصالح المرسلة. (المیمان، 2007م).

وقد ورد العدید من الأحادیث النبویة الشریفة التی تدعو إلى الأخذ بمبدأ المشورة وتبادل الرأی، فقال صلى الله علیه وسلم:"ما ندم من استشار ولا خاب من استخار"، وأیضاً قوله صلى الله علیه وسلم "ماتشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم" ( رواه الطبری والبخاری).

4)      التعلم من خلال الفریق:  

ومن مزایا العمل الجماعی أنه ربط بین جمیع أفراد ووحدات وأقسام وأجزاء المنظمة ببعضها البعض فی إطار منظومة متکاملة یؤدی الخلل فی أی جزء منها بالتأثیر السلبی على باقی الأجزاء، مصداقاً لوصف الرسول صلى الله علیه وسلم لتلک العلاقة التی تربط بین المؤمنین "بالجسد الواحد" فی التعاطف والتراحم، والبنیان یشد بعضه بعضاً فی القوة والتماسک.( الماضی، 2004م)

وهناک وثائق رسمیة من وثائق الدولة الإسلامیة التی تبین اتجاهات الفکر الإداری الإسلامی المستند إلى توجیهات القراّن الکریم والسنة النبویة, ومن الأمثلة على ذلک کتاب الإمام علی إلى الأشتر النخعی: وهذا الکتاب موجه من الإمام علی کرم الله وجهه إلى الأشتر النخعی عندما ولاه على مصر وأعمالها, وهو أطول عهد جمع أساسیات القیادة الإداریة القویمة ومن نماذج نصوصه حول إرضاء الجماعة: "ولیکن أحب الأمور إلیک أوسطها فی الحق, وأعمها فی العدل, وأجمعها لرضا الرعیة, فإن سخط العامة یجحف برضا الخاصة, وإن سخط الخاصة یغتفر مع رضا العامة" (الشمرانی، 2011م).

وفیما یتعلق بتفعیل مجموعات التطبیق فی المنظمة المتعلمة یمکن الاستدلال بأهم طرق وأسالیب التعلم عند (الزرنوجی،1987): المناظرة، والمطارحة, والمذاکرة، والسؤال:

أ_المناظرة: طریقة من طرائق التربیة, ووسیلة من وسائل التعلم وهی عبارة عن محاورة بین فریقین حول موضوع معین؛ لکل منهما وجهة نظر تخالف وجهة نظر الفریق الآخر, وکل منهما یحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه, مع رغبته الصادقة فی إظهار الحق والاعتراف به لدى ظهوره.

ب_المطارحة: هی طریقة تقوم على المناقشة المتبادلة بین طرفین, تتخللها أسئلة وإجابات هدفها تباین الحقیقة أو الواقع؛ وإزالة الأوهام عن العقول؛ وإزالة العقبات التی تعترض سبیل التعلم الصحیح.

ج_المذاکرة: مأخوذة من تذکر الشیء إذا نسیه, والتذکر ضد النسیان؛ والتذکرة تستذکر به الحاجة.

د_السؤال: حیث قیل لابن عباس رضی الله عنهما: بم أدرکت العلم ؟ قال: بلسان سئول وقلب عقول.

5)                أنظمة التفکیر:

المتأمل فی سورة النمل یجد أن أحد الدروس المستفادة وجود درجة عالیة من الإحساس بالمسؤولیة التی تستشعرها نملة ربما فی أسفل الهرم التنظیمی من عموم النمل، وکأنها المسئول الأول عن قومها، ومثل هذا الشعور والإحساس العام بالمسؤولیة فی کافة أرجاء أی تنظیم من أعلاه إلى أدناه هو أقصى ما تطمح أی إدارة بتحقیقه فی أیة منظمة تدیرها.

نتائج البحث:

-        أن مفهوم المنظمة المتعلمة یعنی تلک المنظمة التی تسعى وبشکل مستمر إلى تعزیز قدرتها على إنشاء واکتساب وتطویر المعرفة بشکل مستمر، وإعادة النظر فی معارفها وأفکارها والاستفادة من نتائج ذلک فی بناء مستقبلها، من خلال عناصر رئیسیة وهی: ( الالتزام الشخصی، النماذج العقلیة "الذهنیة"، بناء الرؤیة المشترکة، التعلم من خلال الفریق، أنظمة التفکیر).

-        أن التأصیل هو عبارة عن إعادة صیاغة وتعریف للمفاهیم الإداریة الحدیثة بحیث تتناسب وتتفق مع الأسس الإسلامیة المستمدة من الکتاب والسنة، ورفض کل ما یخالف شریعتنا السمحة.

-        أنه یوجد عدد من المجالات یتم من خلالها تطبیق المنظمة المتعلمة فی جامعاتنا وهی کالتالی:

(التخطیط الاستراتیجی، التعلم التنظیمی والتدریب المستمر، التمکین، العمل الجماعی واستشعار المسؤولیة الفردیة).

-        أن الرسالة الإسلامیة شددت على أخلاقیات التعلم فمنعت احتکاره وأوصت بنشره.

-        أن العلماء المسلمون الأوائل ومن تبعهم اهتموا بالعلم والتعلم وتطبیقاتهما.

-        أکد الإسلام على ضرورة تدریب العاملین والتمکین واللذان یعدان من أهم الأسس التی تبنى علیها المنظمة المتعلمة.

-        تشتمل سور القران الکریم على کثیرا من الآیات التی تؤکد على أهمیة عناصر المنظمة المتعلمة

-        إن العلماء المسلمین الأوائل تناولوا مراحل تغییر السلوک الفردی وطرق وأسالیب التعلم.

التوصیات والمقترحات:

-        نشر الوعی بأهمیة التأصیل للنظریات الحدیثة وذلک لتعزیز القیم الإسلامیة فی منظماتنا بشکل عام والتربویة بشکل خاص.

-        إجراء مزید من الأبحاث حول موضوع التأصیل للنظریات الحدیثة فی مجال الإدارة التربویة لتشجیع الجامعات على تبنیها وتطبیقها کمدخل للتطویر.

-        إقامة الجامعات للمؤتمرات الخاصة بتأصیل العلوم التربویة.

 

 

 

 

قائمة المراجع:

أبو بکر, فاتن أحمد. (2001م). نظم الإدارة المفتوحة ثورة الأعمال القادمة للقرن الحادی والعشرین، القاهرة: إیترک للطباعة والنشر والتوزیع.

أبو خضیر, إیمان سعود. (2006م). إدارة التعلم التنظیمی فی معهد الإدارة العامة بالمملکة العربیة السعودیة، رسالة دکتوراه غیر منشورة, قسم الإدارة التربویة,کلیة التربیة, جامعة الملک سعود, الریاض.

البغدادی، عادل هادی؛ والعبادی، هاشم فوزی. (2010م). التعلم التنظیمی والمنظمة المتعلمة وعلاقتهما بالمفاهیم الإداریة المعاصر، ط1. عمان: الوراق للنشر والتوزیع.

الحلوانی، إحسان. (2008م). منهجیة التأصیل الاسلامی للإدارة التربویة. (رسالة دکتوراه) غیر منشورة. جامعة أم القرى، کلیة  التربیة، قسم الإدارة التربویة والتخطیط: مکة المکرمة.

حمرون، ضیف الله غضیان سلیمان. (1433هـ): التأصیل التوجیه الإسلامی لعلم الادارة ونظریاته فی الجامعات الإسلامیة تصور مقترح لتوجیهه إسلامیا. مجلة العلوم الإنسانیة والاجتماعیة. ع23، جامعة الإمام محمد بن سعود، الریاض.

خضر، ضحى حیدر. (2009م). نحو رؤیة جدیدة لمؤسسات التعلیم العالی: فی ضوء مفهوم المنظمة المتعلمة. مجلة کلیة التربیة بالمنصورة، مصر، ع 71, مج 1، 74 - 98.

رجب، إبراهیم عبد الرحمن ( 1416ه). ‏التأصیل الإسلامی للعلوم الاجتماعیة. دار عالم الکتب، الریاض.

الرشدان، یحیى. (2011م). المنظمات المتعلمة فی عصر العولمة، مؤتمر (منظمات متمیزة فی بیئة متجددة) - المنظمة العربیة للتنمیة الإداریة - الأردن، أربد: المنظمة العربیة للتنمیة الاداریة و جامعة جدارا، 497 - 512.

زاید، عبدالناصر حسین؛ بوبشیت، خالد أحمد؛ المطیری، ذعار شجاع. (2009م). المنظمة المتعلمة وتطبیقاتها فی المملکة العربیة السعودیة، ورقة عمل فی المؤتمر الدولی للتنمیة الإداریة، 1-4 نوفمبر، الریاض: المملکة العربیة السعودیة.

الزرنوجی، برهان الدین. (1987م). تعلیم المتعلم فی طریق المتعلم، تحقیق صلاح محمد الخیمی؛ ونذیر حمدان، ط2، دمشق: دار ابن کثیر.

الساعدی، مؤید. (2013م). کیف تدار منظمات الألفیة الثالثة؟ مدخل فی فلسفة التعلم التنظیمی، ط، عمان: الوراق للنشر والتوزیع.

السلطان، فهد. (١٤٢3ه). هل نستطیع تأصیل علم الإدارة إسلامیا مجلس الإدارة 18 القعدة 1423هـ، معهد الإدارة العامة، الریاض.

الشمرانی، حامد محمد علی. (2011م). التأصیل الإسلامی للقیادة الإداریة. مجلة دراسات عربیة فی التربیة وعلم النفس. مج5. ع3.

صبری، مقیمح. (2013م). دور القیادة الإداریة فی بناء المنظمة المتعلمة. مجلة دراسات وأبحاث،  جامعة الجلفة: الجزائر.

الضحیان, عبد الرحمن. (1986م). الإدارة فی الإسلام : الفکر والتطبیق, ط1، جدة: دار الشروق.

عبدالرازق، فاطمة زکریا محمد؛ و عبدالعلیم، أحمد إبراهیم. (2013). المنظمة المتعلمة و علاقتها بقوة عضو هیئة التدریس بجامعة الطائف. دراسات عربیة فی التربیة وعلم النفس - السعودیة، ع44. مج 1.

العساف، صالح حمد. (١٤٠٩هـ). المدخل إلى البحث فی العلوم السلوکیة. الریاض د.ن. ، ط١.

العلی، عبد الستار؛ وعامر، قندیلجی. (2006م) ، المدخل إلى إدارة المعرفة، عمان: دار المسیرة.

الفاعوری، رفعت عبدالحلیم. (2012). العناصر الرئیسیة لبناء المنظمة المتعلمة: افتتاحیة العدد. المجلة العربیة للإدارة_المنظمة العربیة للتنمیة الإداریة، مصر، مج 32: ع 1.

الکساسبة، محمد مفضی؛ عبدالله، کفایة محمد طه؛ الفاعوری، عبیر حمود. (2009م). تأثیر ثقافة التمکین والقیادة التحویلیة على المنظمة المتعلمة. المجلة الأردنیة فی إدارة الأعمال، الأردن، مج 5, ع 1، 19 : 54.

الماضی، محمد المحمدی. (2013). دروس عظیمة فی الإدارة من السیرة: صناعة أعظم قائد. إدارة الأعمال – مصر : ع (141) ، 6 - 9.

الماضی، محمد المحمدی. (2004). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: دروس عظیمة من نملة. إدارة الأعمال – مصر: ع(105)، 30 - 31.

الماضی، محمد المحمدی. (2004). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: دروس عظیمة فی الإدارة من مملکة النحل " 1 " درس فی التنظیم. إدارة الاعمال - مصر، ع              ( 106) ، 34 - 37.

الماضی، محمد المحمدی. (2005). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: دروس عظیمة فی الإدارة من العنکبوت : منظمة الصراع والدمار. إدارة الاعمال - مصر، ع               (  108)  ، 12 - 14.

الماضی، محمد المحمدی. (2005). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: السلوک الإنسانی کنظام متکامل. إدارة الاعمال - مصر، ع (111) ، 24 - 33.

المیمان، بدریة بنت صالح. (2007). الجودة الشاملة فی التعلیم العام: المفهوم والمبادئ والمتطلبات قراءة إسلامیة، اللقاء السنوی الرابع عشر للجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة - الجودة فی التعلیم العام -السعودیة، الریاض: الجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة (جستین) ،  کلیة التربیة : جامعة الملک سعود، 73 - 125.

نجم، عبود نجم. (2005م) إدارة المعرفة: المفاهیم والاستراتیجیات والعملیات، عمان، مؤسسة الوراق للنشر والتوزیع.

یالجن، مقداد. (1990م). دلیل التأصیل الاسلامی للتربیة. مؤتمر نحو بناء نظریة تربویة إسلامیة معاصرة_جمعیة الدراسات والبحوث الاسلامیة والمعهد العالمی للفکر الاسلامی وجامعة مؤتة وجامعة الیرموک، مج 1 ، عمان، 232 - 238.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع الأجنبیة:

·                                                     Garvin, D. A., Edmondson, A. C., & Gino, F.(2008). Is yours a learning organization? Harvard Business Review, 86 (3) , 109-116.

·                                                     Knutson, K. A., Miranda, A. O., and Washell C .2005. The connection between school culture and leadership social interest in learning organizations, The Journal of Individual Psychology, 61 (1): 25-36.

·                                                     pedler,m burgoyne, j, and boydell, t. (1998) . the intelligent organization. Cambridge university publishing, ma.

·                                                     Senge, P .1990. The Fifth Discipline: The Art & Practice of the Learning Organization, Sage, New York.

·                                                     Senge, P .1999. The dance of change: the challenges to sustaining momentum in learning organizations. Doubleday, New York.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المراجع:
أبو بکر, فاتن أحمد. (2001م). نظم الإدارة المفتوحة ثورة الأعمال القادمة للقرن الحادی والعشرین، القاهرة: إیترک للطباعة والنشر والتوزیع.
أبو خضیر, إیمان سعود. (2006م). إدارة التعلم التنظیمی فی معهد الإدارة العامة بالمملکة العربیة السعودیة، رسالة دکتوراه غیر منشورة, قسم الإدارة التربویة,کلیة التربیة, جامعة الملک سعود, الریاض.
البغدادی، عادل هادی؛ والعبادی، هاشم فوزی. (2010م). التعلم التنظیمی والمنظمة المتعلمة وعلاقتهما بالمفاهیم الإداریة المعاصر، ط1. عمان: الوراق للنشر والتوزیع.
الحلوانی، إحسان. (2008م). منهجیة التأصیل الاسلامی للإدارة التربویة. (رسالة دکتوراه) غیر منشورة. جامعة أم القرى، کلیة  التربیة، قسم الإدارة التربویة والتخطیط: مکة المکرمة.
حمرون، ضیف الله غضیان سلیمان. (1433هـ): التأصیل التوجیه الإسلامی لعلم الادارة ونظریاته فی الجامعات الإسلامیة تصور مقترح لتوجیهه إسلامیا. مجلة العلوم الإنسانیة والاجتماعیة. ع23، جامعة الإمام محمد بن سعود، الریاض.
خضر، ضحى حیدر. (2009م). نحو رؤیة جدیدة لمؤسسات التعلیم العالی: فی ضوء مفهوم المنظمة المتعلمة. مجلة کلیة التربیة بالمنصورة، مصر، ع 71, مج 1، 74 - 98.
رجب، إبراهیم عبد الرحمن ( 1416ه). ‏التأصیل الإسلامی للعلوم الاجتماعیة. دار عالم الکتب، الریاض.
الرشدان، یحیى. (2011م). المنظمات المتعلمة فی عصر العولمة، مؤتمر (منظمات متمیزة فی بیئة متجددة) - المنظمة العربیة للتنمیة الإداریة - الأردن، أربد: المنظمة العربیة للتنمیة الاداریة و جامعة جدارا، 497 - 512.
زاید، عبدالناصر حسین؛ بوبشیت، خالد أحمد؛ المطیری، ذعار شجاع. (2009م). المنظمة المتعلمة وتطبیقاتها فی المملکة العربیة السعودیة، ورقة عمل فی المؤتمر الدولی للتنمیة الإداریة، 1-4 نوفمبر، الریاض: المملکة العربیة السعودیة.
الزرنوجی، برهان الدین. (1987م). تعلیم المتعلم فی طریق المتعلم، تحقیق صلاح محمد الخیمی؛ ونذیر حمدان، ط2، دمشق: دار ابن کثیر.
الساعدی، مؤید. (2013م). کیف تدار منظمات الألفیة الثالثة؟ مدخل فی فلسفة التعلم التنظیمی، ط، عمان: الوراق للنشر والتوزیع.
السلطان، فهد. (١٤٢3ه). هل نستطیع تأصیل علم الإدارة إسلامیا مجلس الإدارة 18 القعدة 1423هـ، معهد الإدارة العامة، الریاض.
الشمرانی، حامد محمد علی. (2011م). التأصیل الإسلامی للقیادة الإداریة. مجلة دراسات عربیة فی التربیة وعلم النفس. مج5. ع3.
صبری، مقیمح. (2013م). دور القیادة الإداریة فی بناء المنظمة المتعلمة. مجلة دراسات وأبحاث،  جامعة الجلفة: الجزائر.
الضحیان, عبد الرحمن. (1986م). الإدارة فی الإسلام : الفکر والتطبیق, ط1، جدة: دار الشروق.
عبدالرازق، فاطمة زکریا محمد؛ و عبدالعلیم، أحمد إبراهیم. (2013). المنظمة المتعلمة و علاقتها بقوة عضو هیئة التدریس بجامعة الطائف. دراسات عربیة فی التربیة وعلم النفس - السعودیة، ع44. مج 1.
العساف، صالح حمد. (١٤٠٩هـ). المدخل إلى البحث فی العلوم السلوکیة. الریاض د.ن. ، ط١.
العلی، عبد الستار؛ وعامر، قندیلجی. (2006م) ، المدخل إلى إدارة المعرفة، عمان: دار المسیرة.
الفاعوری، رفعت عبدالحلیم. (2012). العناصر الرئیسیة لبناء المنظمة المتعلمة: افتتاحیة العدد. المجلة العربیة للإدارة_المنظمة العربیة للتنمیة الإداریة، مصر، مج 32: ع 1.
الکساسبة، محمد مفضی؛ عبدالله، کفایة محمد طه؛ الفاعوری، عبیر حمود. (2009م). تأثیر ثقافة التمکین والقیادة التحویلیة على المنظمة المتعلمة. المجلة الأردنیة فی إدارة الأعمال، الأردن، مج 5, ع 1، 19 : 54.
الماضی، محمد المحمدی. (2013). دروس عظیمة فی الإدارة من السیرة: صناعة أعظم قائد. إدارة الأعمال – مصر : ع (141) ، 6 - 9.
الماضی، محمد المحمدی. (2004). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: دروس عظیمة من نملة. إدارة الأعمال – مصر: ع(105)، 30 - 31.
الماضی، محمد المحمدی. (2004). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: دروس عظیمة فی الإدارة من مملکة النحل " 1 " درس فی التنظیم. إدارة الاعمال - مصر، ع              ( 106) ، 34 - 37.
الماضی، محمد المحمدی. (2005). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: دروس عظیمة فی الإدارة من العنکبوت : منظمة الصراع والدمار. إدارة الاعمال - مصر، ع               (  108)  ، 12 - 14.
الماضی، محمد المحمدی. (2005). نحو مفاهیم إسلامیة فی الإدارة: السلوک الإنسانی کنظام متکامل. إدارة الاعمال - مصر، ع (111) ، 24 - 33.
المیمان، بدریة بنت صالح. (2007). الجودة الشاملة فی التعلیم العام: المفهوم والمبادئ والمتطلبات قراءة إسلامیة، اللقاء السنوی الرابع عشر للجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة - الجودة فی التعلیم العام -السعودیة، الریاض: الجمعیة السعودیة للعلوم التربویة والنفسیة (جستین) ،  کلیة التربیة : جامعة الملک سعود، 73 - 125.
نجم، عبود نجم. (2005م) إدارة المعرفة: المفاهیم والاستراتیجیات والعملیات، عمان، مؤسسة الوراق للنشر والتوزیع.
یالجن، مقداد. (1990م). دلیل التأصیل الاسلامی للتربیة. مؤتمر نحو بناء نظریة تربویة إسلامیة معاصرة_جمعیة الدراسات والبحوث الاسلامیة والمعهد العالمی للفکر الاسلامی وجامعة مؤتة وجامعة الیرموک، مج 1 ، عمان، 232 - 238.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المراجع الأجنبیة:

·                                                     Garvin, D. A., Edmondson, A. C., & Gino, F.(2008). Is yours a learning organization? Harvard Business Review, 86 (3) , 109-116.

·                                                     Knutson, K. A., Miranda, A. O., and Washell C .2005. The connection between school culture and leadership social interest in learning organizations, The Journal of Individual Psychology, 61 (1): 25-36.

·                                                     pedler,m burgoyne, j, and boydell, t. (1998) . the intelligent organization. Cambridge university publishing, ma.

·                                                     Senge, P .1990. The Fifth Discipline: The Art & Practice of the Learning Organization, Sage, New York.

·                                                     Senge, P .1999. The dance of change: the challenges to sustaining momentum in learning organizations. Doubleday, New York.