منهج التربية الإسلامية في مواجهة التطرف المضاد وفق رؤية 2030م

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد في قسم أصول التربية کلية التربية - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

المستخلص

هدفت الدراسة الحالية إلى تناول منهج التربية الإسلامية في مواجهة التطرف المضاد وفق رؤية 2030م ،وذلک من خلال الإجابة على ثلاثة أسئلة : ما مباحث التربية الإسلامية التي تشکل إطارا مرجعيا لمواجهة التطرف المضاد ؟ و ماأرکان وبنود رؤية 2030م ذات العلاقة بقيم الوسطية والمنبثقة عن التربية الإسلامية لمواجهة التطرف المضاد ؟ ومامنهج التربية الإسلامية في مواجهة التطرف المضاد وفق رؤية 2030م ؟ وأجابت الدراسة عن هذه الأسئلة من خلال ثلاثة مباحث اشتمل کل منها على عدد من المطالب وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات .
Islamic education to reduce counter extremism in accordance with Vision 2030 by answering three questions :
What is Islamic education of framework for the reduction of counter extremism? And what are the provisions of vision 2030 related to the values of moderation emanating from Islamic education to reduce counter extremism? And the curriculum of Islamic education in the reduction of counter extremism in accordance with Vision 2030? And the studt answered three questions through three questions ,  each of which covered a numder of demands and the study reached a numder of conclusions and recommendations.
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

                       کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

 

 

منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف

 المضاد وفق رؤیة 2030م

 

 

إعــــــــــداد

د/ بدریة خلف حمدان العنزی

الأستاذ المساعد فی قسم أصول التربیة

کلیة التربیة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة

 

 

 

}     المجلد الخامس والثلاثون– العدد السابع – یولیو 2019م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

ملخص البحث العربی :

هدفت الدراسة الحالیة إلى تناول منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م ،وذلک من خلال الإجابة على ثلاثة أسئلة : ما مباحث التربیة الإسلامیة التی تشکل إطارا مرجعیا لمواجهة التطرف المضاد ؟ و ماأرکان وبنود رؤیة 2030م ذات العلاقة بقیم الوسطیة والمنبثقة عن التربیة الإسلامیة لمواجهة التطرف المضاد ؟ ومامنهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م ؟ وأجابت الدراسة عن هذه الأسئلة من خلال ثلاثة مباحث اشتمل کل منها على عدد من المطالب وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصیات .

الکلمات المفتاحیة : التطرف – التطرف المضاد – الإرهاب – رؤیة المملکة 2030م -التربیة الإسلامیة - منهج التربیة الإسلامیة .

 


ملخص البحث باللغة الإنجلیزیة :

The present study was intended to address the curriculum of Islamic education to reduce counter extremism in accordance with Vision 2030 by answering three questions :

What is Islamic education of framework for the reduction of counter extremism? And what are the provisions of vision 2030 related to the values of moderation emanating from Islamic education to reduce counter extremism? And the curriculum of Islamic education in the reduction of counter extremism in accordance with Vision 2030? And the studt answered three questions through three questions ,  each of which covered a numder of demands and the study reached a numder of conclusions and recommendations.

Keywords / Extremism – Counter extremism -Terrorism- Islamic education  - Islamic education  Curriculum.

 


المقدمة:

الحمد لله رب العالمین، وأحکم الحاکمین، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمین، وعلى آله وصحبه أجمعین.

یمثل الأمن واحد من أفضل النعم التی امتن الله عز وجل بها على الإنسان، حیث تمثل الأمن فی تکریم الإنسان على سائر المخلوقات، فعندما ننظر فی تاریخ الأمم البشریة بأکملها نجد أن العنصر البشری هو الأساس فی تطور أی تاریخ بشری، ولکن إذا أنعمنا النظر نجد أن التطور والتقدم لا یتم إلا فی الجو الهادئ الملیء بالأمن والذی یحتوی على إحساس بالطمأنینة والشعور بالأمان، بالإضافة إلى ذلک فبدون الأمن تجد الحیاة غیر مستقرة وقد تجد المجتمعات لا تهنأ بحالة الاستقرار وإن کانت المجتمعات ضخمة وکبیرة.

فالأمن له دور کبیر فی الحفاظ على المجتمعات، وبفقدان الأمن تتعطل مسیرة الحیاة، وتخبو جذورها، فعلى سبیل المثال یستحیل للتاجر أن یذهب إلى المتجر یومیا إلا عندما یأمن على نفسه وتجارته ، والطالب لا یستطیع الذهاب للمدرسة إلا فی حال أنه یشعر بالأمن والاستقرار، وبالتالی فجمیع مناشط الحیاة لا یمکنها أن تنمو وتزدهر سوى من خلال الأمن والاستقرار.

 وقد بین الله عز وجل فی العدید من الآیات القرآنیة على أهمیة الأمن للإنسان، مثل قول الله عز وجل فی کتابه الکریم: }فَلْیَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَیْتِ، الَّذِی أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {[1]، کما کان الله عز وجل قد وعد المسلمین والمؤمنین بالله أن یعملوا الصالحات وسوف یجدون الاستخلاف فی الأرض والأمن والأمان، وظهر ذلک فی قول الله عز وجل فی کتابه الکریم: }وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَیُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِینَهُمُ الَّذِی ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ یَعْبُدُونَنِی لَا یُشْرِکُونَ بِی شَیْئًا ۚ وَمَن کَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِکَ فَأُولَٰئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{[2].

بالإضافة إلى ذلک فإن التربیة الإسلامیة دائما ما یکون لغایة الأساسیة منها هو العبادة لله عز وجل، والإسلام له وحده لا شریک له، وکان هذا الأمر قد ظهر فی العدید من الآیات القرآنیة التی کان منها ما یلی:

  • }بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلَا هُمْ یَحْزَنُونَ{[3]
  • }قُلْ أَغَیْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِیًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ یُطْعِمُ وَلَا یُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّی أُمِرْتُ أَنْ أَکُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَکُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِکِینَ{[4]
  • }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ {[5]
  • }وَمَنْ أَحْسَنُ دِینًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِیمَ حَنِیفًا وَاتَّخَذَ الله إِبْرَاهِیمَ خَلِیلاً{[6].

إلا أن مما ینبغی فهمه،أن مسألة الأمن غیر مقصورة فقط على إبعاد مایخیف الإنسان،ویشعره بعدم الراحة کالقتل والحرب والجرائم ونحوها أومما ترتکبه وتفعله الجماعات المتطرفة التی غلت فی الدین،وأرهبت الآمنین من عباد الله فی الأرض،بل إن عدم الأمان مترافق أیضا مع انتشار الفساد والفواحش فی الأرض،والتطرف فی الانغماس فی الشهوات والملذات،واستحلال ماحرم الله،وترک ماأمر به،وقد جاء ذلک بینا واضحا فی عدد من الآیات القرآنیة،یقول الله عزوجل "وَکَأَیِّن مِّن قَرْیَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِیدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّکْرًا (8) "الطلاق :8 "

ویقول سبحانه "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْیَةً کَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً یَأْتِیهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا کَانُوا یَصْنَعُونَ (112)" سورة النحل :112".

مشکلة الدراسة:

من الأمور التی أصبح متعارف علیها عالمیا الآن أن التطرف والإرهاب فی جانبه المتعارف علیه بین المجتمعات ما هو إلا تلک الظاهرة الإجرامیة الدولیة التی کانت قد اتخذت الطریق المباشر إلى العالم الحالی، کما أنها أصبحت لا تفرق بین مجتمع وآخر، ولم تصبح تفرق بین دولة وأخرى، فأصبح الإرهاب الیوم هو واحد من عناصر الجریمة الأساسیة، وکانت قد عقدت العدید من الندوات والمؤتمرات المحلیة والدولیة من أجل مکافحة الإرهاب والتطرف الفکری والعمل على تحلیل عوامل انتشاره، ولکن الأمر لم یأتی بالنتائج الإیجابیة المرغوب بها، بل اتخذ منحنىً کبیراً من الشمولیة والشراسة ولم یتم التفرقة بین الضحایا.

کما أنه فی عالمنا الحالی والمعاصر المتطور الذی من المفترض أن یکون بشکل أفضل، أصبح الإرهاب والتطرف أحد الأجزاء الیومیة الطبیعیة التی یمکن سماع أخبارها بشکل طبیعی فی وسائل الإعلام، بالإضافة إلى أنه أصبح ینمو بشکل دوری، ومع تنامی هذا النوع من التطرف،بدأ یظهر على السطح فی عدد من المجتمعات التی تعد أکثر تمسکا بهویتها الإسلامیة وقیمها ومبادئها الإسلامیة نوع آخر من التطرف بصورة ردة فعل على أنواع التطرف السابقة،ظنا من أتباعه أن هذا حل بدیل فی مواجهة تلک التطرفات،یستند هذا النوع على نبذ کل مایعتقد ویظن أن المولد للنوع السابق هو مایعتقده ویؤمن به من أسس ومنطلقات وتراث تربوی إسلامی، فأخذا یهاجم بکل مایملک من قوى مؤسسیة وإعلامیة الفریق الأول، بینما فی الواقع فإن کلا من الفریقین ابتعد عن المنطقة الوسطیة التی جاءت بها التربیة الإسلامیة، وغیابها یهدد أمن واستقرار الإنسان فی کل المجتمعات التی عانت من غیابها، وستعانی منه المجتمعات التی ستفرط بهذه الوسطیة،نتیجة الفهم الخاطیء للمعنى الحقیقی لهذا المصطلح فی التربیة الإسلامیة، وبالتالی فقد رأت الباحثة أن تتناول هذا الموضوع بالبحث،من خلال توضیح معنى التطرف المضاد، وکیفیة مواجهته فی ضوء التربیة الإسلامیة کأساس لمنطلقاتنا العقدیة وشمولیتها لجوانب حیاة الإنسان، مع بروز أهم سمة من سماتها وهی "الثبات والمرونة " حیث تفسح مرونتها المجال للتجدید والتطویر فیما فیه صالح المسلمین ، لذلک سیتم هذا التناول أیضا وفق رؤیة 2030م،کونها عنصر من أهم عناصر التطویر والتجدید فی مجتمعنا المسلم فی المملکة العربیة السعودیة.

أهمیة البحث:

تتمحور أهمیة البحث فی خطورة التطرف بکل أنواعه وأهمیة الأمن والأمان، حیث کان هذا الأمر هو الدافع إلى دراسة الموضوع وتوضیح آثاره فی المجتمعات، بالإضافة إلى أهمیة منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف وتحقیق الوسطیة سواء على المستوى العقدی أو الاجتماعی،أو الثقافی،أوالفکری، وعلى کل المستویات، بالإضافة إلى ذلک سیتم عرض البحث من خلال مختلف الجوانب التی تخص منهج  التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م التی تهدف إلى النهوض بمجتمع المملکة العربیة السعودیة کمجتمع مسلم یواکب المستجدرات والتطورات المعاصرة بمختلف المجالات.

أهداف البحث:

یهدف البحث إلى تحقیق الآتی:

  1. التعرف على مباحث التربیة الإسلامیة التی تشکل إطارا منهجیا لمواجهة التطرف المضاد ؟
  2. توضیح أرکان وبنود رؤیة 2030م ذات العلاقة بقیم الوسطیة المنبثقة عن التربیة الإسلامیة لمواجهة التطرف والتطرف المضاد ؟
  3. التعرف على منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م.

  ولتحقیق أهداف البحث سیجیب على الأسئلة التالیة :

1-ما مباحث التربیة الإسلامیة التی تشکل إطارا منهجیا لمواجهة التطرف المضاد ؟

2-ماأرکان وبنود رؤیة 2030م ذات العلاقة بقیم الوسطیة والمنبثقة عن التربیة الإسلامیة لمواجهة التطرف المضاد ؟

3-ما منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م ؟

منهج البحث:

اعتمدت الباحثة فی هذا البحث على نوعین من المناهج وهما المنهج الوصفی         (مسح الوثائق)  الذی استخدم فی عملیة تحدید منهج التربیة الإسلامیة، بالإضافة إلى المنهج التحلیلی الاستقرائی  الذی یتم من خلال تحلیل مباحث التربیة الإسلامیة کإطار منهجی لمواجهة التطرف المضاد ووفق رؤیة 2030، کما سار منهج البحث على التدعیم بمختلف المصادر الخارجیة والمصادر الأساسیة کالتدعیم بالآیات القرآنیة فیما یخص منهج التربیة الإسلامیة.

 التعریف بمصطلحات البحث الرئیسة :

التطرف المضاد :

لم تقف الباحثة فیما اطلعت علیه من المصادر والمراجع على تعریف لهذا المصطلح وبناء علیه ترى الباحثة أنه یمکن تعریفه فی الآتی :

" مجموعة من السلوکیات المعاکسة فی أی مجتمع تتولد کرد فعل للتطرف الدینی ،وقد تشمل هذه الردود تناول قیم وأسس المجتمع الصحیحة  دون وعی".

رؤیة 2030م :

رؤیة السعودیة 2030 هی خطة ما بعد النفط للمملکة العربیة السعودیة تم الإعلان عنها فی 25 إبریل 2016، وتتزامن مع التاریخ المحدد لإعلان الانتهاء من تسلیم 80 مشروعًا حکومیًا عملاقًا، تبلغ کلفة الواحد منها ما لا یقل عن 3.7 ملیار ریال وتصل إلى20 ملیار ریال، کما فی مشروع مترو الریاض. نظَّمَ الخُطَّة مجلس الشؤون الاقتصادیة والتنمیة برئاسة الأمیر محمد بن سلمان حیث عرضت على مجلس الوزراء برئاسة الملک سلمان بن عبد العزیز آل سعود لاعتمادها.[1] ویشترک فی تحقیقها کلا من القطاع العام والخاص وغیر الربحیء.

وقد تبنى تنفیذ هذه الرؤیة وحملها على عاتقه صاحب السمو الملکی ولی العهد الأمیرمحمد بن سلمان بن عبدالعزیز حفظه الله . )  https://ar.wikipedia.org/wiki/ )

خطة البحث:

إن التنظیم هو أساس النجاح فی أی مرحلة علمیة وبالتالی فقد تم تقسیم البحث إلى العدید من الأرکان حتى یکون الأمر أکثر تنظیما، فکان تقسیم البحث کما یلی (مقدمة، أربعة مباحث، خاتمة):

المقدمة وتحتوی على نبذة عن الموضوع بالإضافة إلى أهمیة البحث، أهداف البحث، منهج البحث، خطة البحث، وتتکون خطة البحث من أربعة مباحث، وفی النهایة تم وضع خاتمة تحتوی على أهم النتائج التی تم التوصل إلیها والتوصیات التی تراها الباحثة، بینما المباحث یحتوی کل مبحث على بعض من المطالب کما یلی:

المبحث الأول (التربیة الإسلامیة)

المطلب الأول: تعریف التربیة الإسلامیة ومفهومها

المطلب الثانی: أهمیة وأهداف التربیة الإسلامیة

المطلب الثالث: سمات وأسس التربیة الإسلامیة

المطلب الرابع: مفهوم منهج التربیة الإسلامیة وخصائصه

المطلب الخامس: مصادر منهج التربیة الإسلامیة

المبحث الثانی: ( التطرف والمصطلحات المرتبطة به )

المطلب الأول: مفهوم الإرهاب والتطرف

المطلب الثانی: مخاطر التطرف المضاد على الفرد والمجتمع والعالم

المطلب الثالث: أرکان الرؤیة الوطنیة للملکة العربیة السعودیة 2030م

المطلب الرابع : منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م

المبحث الأول (التربیة الإسلامیة)

المطلب الأول (تعریف التربیة الإسلامیة ومفهومها)

ستجیب الباحثة من خلال هذا المبحث على سؤال الدراسة : ما مباحث التربیة الإسلامیة التی تشکل إطارا منهجیا لمواجهة التطرف المضاد؟

إن الله عز وجل قد خلق الإنسان وکرمه على سائر المخلوقات، کما جعله خلیفة فی هذه الأرض، وزوده أیضا بالعقل وبمختلف التعالیم والهدى من القرآن الکریم، وبالتالی فتتمثل الأهداف العلیا للتربیة الإسلامیة فی أن یسیر الإنسان على الطریق الإسلامی الصحیح وأن یکون کائن اجتماعی إسلامی لدیه العدید من المهارات والقدرات التی تمکنه من الصمود أمام مختلف المواقف والخبرات الصعبة.

تعریف التربیة الإسلامیة:

إن الدین الإسلامی هو ذلک الدین الذی اهتم بأن یقوم بتربیة أبنائه بالشکل الصالح والسلیم حتى یصبحوا أفرادا نافعین لأنفسهم وللمجتمع الذی یعیشون به، وکان القرآن الکریم قد أوصانا على تلک التربیة الإسلامیة فی العدید من الآیات القرآنیة التی منها قول الله عز وجل:      }  یُوصِیکُمُ اللَّهُ فِی أَوْلَادِکُمْ ۖ{[7]. کما إن مفهوم التربیة الإسلامیة فی الدین الإسلامی یختلف عن غیره من المفاهیم وقام بوضعه العدید من المفکرین والأدباء والعلماء فی العدید من الکتب الإسلامیة فمن تعریفات التربیة الإسلامیة هو أنها ذلک التنظیم الاجتماعی والنفسی الذی من خلاله یمکن للإنسان أن یقوم باعتناق الإسلام والعمل على تطبیقه بشکل کبیر فی حیاته وبین جماعته، بالإضافة إلى أنه هو العملیة التی من خلالها یمکن تحقیق أهداف الإسلام.[8]

وهناک من عرفها أیضا بأنها تلک التنمیة التی تتم فی مختلف جوانب الشخصیة الإسلامیة والعاطفیة والجسدیة، بالإضافة إلى إنها العملیة التی من خلالها یتم تنظیم جمیع سلوکیات الإنسان بما یتناسب مع مبادئ الدین الإسلامی وتعالیمه وأغراضه المختلفة، ویکون الهدف منها هو تحقیق الأهداف الإسلامیة بمختلف مجالات الحیاة.[9]

بالإضافة إلى ذلک فإن التربیة الإسلامیة هی تلک التربیة التی من خلالها یمکننا أن نقوم بتنمیة الفکر الخاص بالإنسان، والعمل على تنظیم مختلف السلوکیات الإنسانیة، وبالتالی فإن التربیة الإسلامیة هی العملیة التی من خلالها تربیة القیم مما یساهم فی صلاح الحیاة البشریة، بالإضافة إلى أنه یساهم فی تحقیق حالة من التوازن وحالة من التکامل بین جمیع الاتجاهات الداخلیة للفرد، وبالتالی فإنها تتمثل فی طریقة من خلالها یتم الجمع بین الخلق والعلم والعمل والإیمان.

کما یمکن عرض مجموعة من التعریفات التی ذکرها التربویون لمفهوم التربیة الإسلامیة ومنها على سبیل المثال لا الحصر :

-تعریف علی (1976م) ،ص6) "التربیة الإسلامیة هی تلک المفاهیم التی یرتبط بعضها ببعض فی إطار فکری واحد یستند إلى المبادیء والقیم التی أتى بها الإسلام والتی ترسم عددا من الإجراءات والطرائق العملیة یؤدی تنفیذها إلى أن یسلک سالکها سلوکا یتفق وعقیدة الإسلام".

-تعریف یالجن (2007م ،ص22) "علم إعداد الإنسان المسلم إعدادا کاملا فی جمیع مراحل نموه للحیاة الدنیا والآخرة فی ضوء القیم الإسلامیة " .

لذلک وصفت حمیدة عبدالله (1989م،ص74) مفهوم التربیة الإسلامیة بأنه "یتمیز بوجود إطار فکری رصین یوجه الممارسات التربویة المختلفة،وبالشمولیة والواقعیة،وبالجمع بین الأصالة والمعاصرة،وارتباط الجانب النظری بالعملی أو بالجمع بین الدراسات الدینیة والدنیویة،کما تتسع التربیة الإسلامیة لتشمل طرائق وأسالیب عدیدة لدراستها".

کما أن الإسلام هو شریعة الله عز وجل للبشر، ومنها یحققوا عبادة الله فی الأرض، والعمل بتلک الشریعة یساهم فی تطویر الإنسان وتهذیبه بالإضافة إلى مراقبته والخضوع لله          عز وجل.[10]

المطلب الثانی (أهمیة وأهداف التربیة الإسلامیة)

إن الأهداف التربویة الإسلامیة هی مجموعة من الأغراض والغایات التی تسعی إلیها العملیة التربویة حتى تقوم بتحقیقها والوصول إلیها، وذلک سواء إن کانت غریبة أو بعیدة، وبالتالی فإن عملیة تحدید الأهداف قبل الشروع بالعملیة التربویة هی واحدة من الأعمال التربویة الهامة التی تساهم فی تحدید مجال الدراسة وأسالیبها من أجل تحقیق تلک الأهداف.

بالإضافة إلى ذلک فإن الأهداف والأهمیة بشکل عام دائما ماتکون هی المحرک والموجه للسلوک، وبالتالی فیجب على دارس التربیة الإسلامیة أن یقوم بتحدید الأهداف التی یسعى إلى تحقیقها من أجل السعی إلى هذا الهدف، فالإنسان بلا هدف هو إنسان بلا معنى، والإنسان بلا هدف لایمکنه أن یعرف طریقه فی الحیاة أو العمل أو الحماس، وبالتالی فتصبح حیاته ضائعة، وهنا یجب توضیح أهمیة التربیة الإسلامیة وأهدافها والتی تتمثل فی أربعة مستویات کما یلی:[11]

الهدف الأول: تحقیق العبودیة الخالصة لله عز وجل .

الهدف الثانی: ویتمثل فی الأهداف على مستوى الفرد، وذلک من أجل بناء تلک الشخصیة الإسلامیة التی تکون ذات مثل أعلى لله عز وجل.

الهدف الثالث: ویدور هذا الهدف فی بناء المجتمع على أن یکون مجتمع إسلامی کامل مؤمن وموحد لله عز وجل.

الهدف الرابع: ویجمع مجموعة الأهداف التی تسعى إلى تحقیق مختلف المنافع الدینیة والدنیویة.

ولکن یجب العلم أنه من أجل تحقیق تلک الأهداف یجب أن یکون هناک مصادر أساسیة لاشتقاق الأهداف فی التربیة الإسلامیة والتی تتمثل فی:

  • الوحی الإلهی: وهو القرآن الکریم فکتاب الله عز وجل، بالإضافة إلى سنة رسول الله علیه أفضل الصلاة والسلام.
  • المجتمع المسلم: وهو المجتمع الذی یجب أن یقوم بتحدید الاحتیاجات الخاصة به والظروف والمتطلبات من حوله.
  • الفرد المسلم: أیضا یجب أن یتعرف على طبیعته ومیوله ورغباته حتى یتم وضع الأهداف بما یناسب احتیاجاته.

بالإضافة إلى ذلک فیمکن أن یتم تقسیم أهداف التربیة الإسلامیة من خلال المصادر التی یتم اشتقاقها منها إلى مستویین ونوعین وهما الهدف العام للتربیة الإسلامیة والأهداف الفرعیة فی التربیة الإسلامیة.[12]

أولا: الهدف العام للتربیة الإسلامیة:

ویطلق على هذا الهدف أنه الهدف العام حیث یجب أن یتم من خلاله تحقیق معنى العبودیة لله وحده لا شریک له، وذلک حتى یتم تطبیق الآیة القرآنیة فی قول الله عز وجل:           }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ {[13].

وبالتالی فإن الهدف الأساسی لوجود الإنسان فی الکون بشکل عام هو أن یتم عبادة الله والخضوع لأوامره والبعد عن نواهیه، وذلک لأن الله عز وجل هو خالق الکون.

بالإضافة إلى ذلک فیجب العلم أن العبودیة لله وحده لا شریک له لا تتوقف فقط على کونها أداء للشعائر الدینیة أو أنها أداء للمناسک مثل الحج والصلاة والزکاة، بینما تتمثل العبادة فی مجموعة کبیرة من الأقوال والأفعال ومنها الأعمال الظاهرة والباطنة، وبالتالی فیقوم الإنسان بتحقیق معنى العبودیة من خلال الخضوع لأوامر الله عز وجل والبعد عن النواهی التی نهانا عنها، فالمسلم دائما یطبق ما أمر به الله عز وجل، کما أنه یتخذ تلک الأوامر من القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة.[14]

ثانیا: الأهداف الفرعیة للتربیة الإسلامیة:

کما سبق ذکرت الباحثة أن الهدف العام فی التربیة الإسلامیة هو أن یتم تحقیق العبودیة لله وحده لا شریک له، ولکن الأهداف الفرعیة تتمحور فی العدید من الأهداف الأخرى        والتی منها:[15]

  1. التنشئة الإسلامیة والعقدیة الصحیحة لجمیع المسلمین، وذلک من خلال إعدادا لمسلم الصالح الذی یقوم بعبادة الله وحده لا شریک له.
  2. أن یکون الإنسان فی المجتمع الإسلامی على قدر کبیرمن التمسک بالأخلاق الحمیدة، والتی تتمثل فی الأمانة والإخلاص والصدق، ویکون فی هذا الأمر مقتدیا برسول الله علیه أفضل الصلاة والسلام والصحابة من بعده. کما یکون هذا الأمر من خلال تهیئة الإنسان المسلم لأن یقوم بمهمة الدعوة لله وحده لا شریک له والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.[16]
  3. العمل على تنمیة الشعور الجماعی الخاص بالأفراد فی المجتمع الإسلامی، وذلک من أجل تنمیة وترسیخ مبادئ الانتماء للمجتمع، وذلک حتى یتم الارتباط بین الأخوان، فیکون هذا الأمر من خلال التکاتف والتعاون کما أمرنا الله عز وجل.
  4. العمل على تکوین الفرد على أن یکون متزنا نفسیا وعاطفیا، ویکون هذا الأمر من خلال التوجیه الجید والحوار العاقل مع الأطفال حتى یتم حل جمیع المشاکل النفسیة الخاصة بهم، وهذا الهدف مرتبط بوضوح فی إیجاد التوازن النفسی الدینی لدى الفرد المسلم،والبعد عن التطرف لفکرة معینة ضد فکرة مقابلة .
  5. الاهتمام بمواهب الأطفال الصغیرة والعمل على تنمیتها، فهذا الأمر یساهم فی تکوین الأفراد المبدعین والتمتع بمختلف الملکات والمواهب التی ربما تکون السبب فی یوما ما فی تقدم المجتمعات وحل المشاکل المختلفة فی المجتمع، والترکیز فی هذا الهدف على الطفل لأن التطرف ولید تربیة معینة للناشیء فی سلوکه الحیاتی ونحو مایعتنقه من قناعات وأفکار.
  6. الاهتمام بتکوین الأفراد الأصحاء عقدیا وجسدیا ونفسیا وفکریا، فهذا الأمر یساهم فی أن یقوم الإنسان بدوره فی الحیاة وهو عمارة الأرض واستثمار ما حوله، فی منطقیة وسطیة وفق التشریع الإسلامی دون التطرف الدینی أو التطرف المضاد له من الانحلال من عرى الدین وکلاهما حذرت منهما التربیة الإسلامیة من خلال مصادرها الربانیة.

المطلب الثالث (سمات وأسس التربیة الإسلامیة)

تمیزت التربیة الإسلامیة بالعدید من الخصائص التی جعلتها تمیل إلى حالة من التوازن والکمال والواقعیة، بالإضافة إلى أن منهجها کان یمیل إلى الشمول من مختلف الجوانب التی یحتاج الإنسان إلیها ، وکان هذا الأمر فیما یخص الفطرة الإنسانیة، فکانت تلک الخصائص والسمات الخاصة بالتربیة الإسلامیة خمس سمات تمثلت فی الآتی : (الربانیة، التکامل والشمول، التوازن، الواقعیة، الثبات والمرونة).[17]

أولا: الربانیة:

وتمثلت الربانیة فی تلک الأحکام الخاصة بالإسلام وتلک التوجیهات التی یکون مصدرها الله عز وجل، فلا تنبع تلک الأحکام من قبل البشر، وبالتالی فهذا الأمر کان یمیزها عن تلک النظریات الوضعیة التی یکون مصدرها الإنسان والهوى، بالإضافة إلى وجود العدید من الأفکار التی تقبل التعدیل والرد، مما یجعلها تتبدل فیما یخص الشهوات والأهواء.

بالإضافة إلى ذلک فإن تلک الربانیة تجعل الإنسان یتوجه فقط لله عز وجل وحده        لا شریک له، کما أنه یستمد الأوامر والنواهی فقط من الله عز وجل ولیس من العباد،            ویستمد السنة من الرسول علیه أفضل الصلاة والسلام، وذلک التزاما بقول الله عز وجل:            }قُلْ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُکِی وَمَحْیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ{ [18].

کما أن الربانیة تکون من خلال الغایة الهدف، وهی التی تعنی أن المسلم یجب أن تکون أفعاله وأقواله بأکملها فی سبیل الله عز وجل، وأن تکون موافقة لأقوال الله عز وجل، حیث أن جمیع أفعال الإنسان یجب أن تکون مستمدة من منهج الله عز وجل، وذلک من خلال قول الله فی کتابه الکریم: }وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِی مُسْتَقِیمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِکُمْ عَن سَبِیلِهِ ۚ ذَٰلِکُمْ وَصَّاکُم بِهِ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ{[19].

بالإضافة إلى ذلک فإن التربیة الإیمانیة دائما ما تربط المسلم بالله عز وجل، وذلک من خلال ربط أی عمل یقوم به الإنسان بالله عز وجل، وکان الهدف فی هذا الأمر هو نشر الدین الإسلامی فی کل مکان وبالتی هی أحسن، حیث قال رسول الله صلى الله علیه وسلم:          (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلکم على شیء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بینکم)[20].

ومفهوم السلام لایتحقق فی المجتمع إلا إذا تشرب قیم عقیدة الإسلام وفهمها فهما صحیحا،إذ هی قیم تنهى عن التطرف فی الدین لأنه یؤدی إلى تسفیه الناس وتکفیرهم وتفسیقهم والحکم العقلی الفردی -ولید الفکرة الدینیة المتطرفة-وتنهى هذه القیم أیضا عن التحلل والتسلخ من عقیدة الإسلامیة ومتطلبات تحقیقها کتطرف مضاد للتطرف الأول ،وکلاهما یخالف تماما ماجاءت به التربیة الإسلامیة.

وبالتالی فنجد أن جمیع أوامر الإسلام کان الهدف الأساسی منها هو نشر الحب بین الناس،والتزام قیمه النبیلة التی تحفظ توازن المجتمع وثباته وبقاءه قویا ،وتحفظ له استمراریته، ونشرالمحبة بین الإنسان وأهله وبین الناس جمیعا، وهذا التوجیه الربانی یکون الهدف الأساسی منه هو توجیه الإنسان إلى الأخلاق الحسنة والنبیلة، حتى یسود فی المجتمع من الأمانة والإخلاص والمروءة والبعد عن الکراهیة والبعد عن فواحش الأقوال والأفعال وجمیع مکارم الأخلاق المطلوبة، وهذا الأمر أیضا یساهم فی التطهیر من الرذائل التی تکون السبب فی هدم الفضائل وتساهم أیضا فی تفکک المجتمعات. وکان هذا الأمر واضح من خلال قول الله عز وجل: }قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ {[21].

ثانیا: الشمول والتکامل:

إن التربیة الإسلامیة تتسم بحالة من الشمول وحالة من التکامل، وذلک من خلال أنها تشمل کل ما یخص الإنسان بشکل موضوعی وإنسانی، وبناء علیه فلم یفصل الإسلام بین الدین والدنیا، بل أنه کان موضوعی حیث شمل جمیع شئون الحیاة وذلک فیما یخص الدنیا والآخرة، بالإضافة إلى أن هذا التشریع سیظل هو التشریع القائم إلى یوم الدین، وکان هذا التشریع الإسلامی الذی بناء علیه قامت التربیة الإسلامیة قد خاطب البشریة بشکل عام، کما أنه فطری قام بالتوفیق بین مطالب الجسد والروح، بالإضافة إلى ذلک فالدین الإسلامی أیضا شامل لکل زمان وکل مکان.[22]

وتلک الشمولیة أیضا قد ظهرت فی علاقة الإنسان بالله عز وجل، وعلاقة الإنسان بنفسه، بالإضافة إلى علاقة الإنسان بالأسرة والجیران والأصدقاء وجمیع أفراد المجتمع الذی یعیش بداخله، بالإضافة إلى أنها قد اشتملت على التوجیهات الإسلامیة المختلفة لجمیع البنات والأبناء والرجال والنساء، واشتملت أیضا على جمیع جوانب الأخلاق، بالإضافة إلى ذلک فقد جاءت آیات الله عز وجل لتدل على هذا الأمر من خلال قول الله عز وجل: }یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا یَحِلُّ لَکُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ کَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَیْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن یَأْتِینَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَیِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَکْرَهُوا شَیْئًا وَیَجْعَلَ اللَّهُ فِیهِ خَیْرًا کَثِیرًا{[23].

کما قال الله عز وجل فی کتابه الکریم: }یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لِیَسْتَأْذِنکُمُ الَّذِینَ مَلَکَتْ أَیْمَانُکُمْ وَالَّذِینَ لَمْ یَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنکُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِینَ تَضَعُونَ ثِیَابَکُم مِّنَ الظَّهِیرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّکُمْ ۚ لَیْسَ عَلَیْکُمْ وَلَا عَلَیْهِمْ           جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَیْکُم بَعْضُکُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ کَذَٰلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمُ الْآیَاتِ ۗ وَاللَّهُ    عَلِیمٌ حَکِیمٌ {[24]

المتأمل للآیتین السابقتین یلحظ التربیة الدقیقة على الأخلاق الفاضلة،والتحلی بالأدب الجم،فإذا کان الاستئذان داخل البیوت بین أفراد الأسرة الواحدة لحفظ السلوک القویم ،تنزلت به الآیات والوحی،فهو دلیل قاطع،على التأکید على التربیة الإیمانیة والأخلاقیة والقیمیة والتزام أوامر الله والابتعاد عن نواهیه فی السلوک والأخلاق،لأنها ستحمی المجتمع من أی تطرف دینی أو تطرف مضاد له.

فلم تترک التربیة الإسلامیة أی جانب من جوانب الحیاة إلا وقد تم تناوله فی التشریعات والأحکام، وذلک حتى یتم توضیح ما هو شر مما هو خیر، بالإضافة إلى توضیح الخبیث من الطاهر والصحیح من الفاسد.[25]

ثالثا: التوازن:

تمثل خاصیة التوازن واحدة من أهم خصائص الدین الإسلامی، وذلک حیث أنها دائما ما تلاءم الفطرة الإنسانیة، وکان هذا الأمر قد ظهر من خلال قول الله عز وجل فی کتابه الکریم:    }فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا ۚ لَا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَٰکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُونَ{[26].

وبالتالی فنجد أن التربیة الإسلامیة دائما ماتهتم بتربیة مختلف جوانب الإنسان الجسمیة والخلقیة والعقلیة،والسلوکیة جملة وتفصیلا، کما أنها تساهم فی تحقیق حالة من التوازن بین جمیع مطالب الإنسان، سواء کانت تلک المطالب جسدیة أو نفسیة، وبالتالی فلا تجد أبدا أن أحد الجوانب یطغى على الآخر، بل یقوم الفرد المسلم بتحقیق جمیع المطالب التی أمره بها الله عز وجل فی نفس الوقت. وشرع الله عزوجل للإنسان العدید من الطرق والسبل التی تساهم فی إقامة هذا التوازن، فعلى سبیل المثال قد أحل له التعدد فی الزوجات ولکنه حذره من إقامة الرذائل والوقوع فی الزنا.[27]

 ونظرا لحاجة الإنسان للمال فقد أحل الله عز وجل له التجارة، ولکنه حرم علیه الربا، کما أحل له الطعام والطیبات من الرزق المختلف، بینما حرم علیه الخبائث من الأشربة والأطعمة، وبالتالی فمن تلک الأمور یتضح أن الله عز وجل قد جعل الإنسان فی حالة         من التوازن بین سمات الإنسان المختلفة فی سلوکه وأفکاره وتوجهاته وحاجاته ورغباته، وهذا الأمر یجب أن یجعل الإنسان دائما متجه إلى المنطقة الوسطیة بعیدا عن أی تطرف دینی أو تطرف مضاد.

رابعا: الثبات والمرونة:

وکان الثبات والمرونة من أهم سمات التربیة الإسلامیة والدین الإسلامی، حیث هناک العدید من الثوابت التی یستحیل تبدیلها أو تغییرها، کما یوجد العدید من القواعد والمبادئ الکلیة العامة التی یستند التعامل على أساسها، وکان هذا الأمر مثل واجب أداء الأمانات إلى أصحابها، بالإضافة إلى ضرورة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، والعمل على رد المظالم إلى أصحابها، وتحریم السرقة والربا والغش، بالإضافة إلى حرمة بیع المسلم على بیعة أخیه.

کما تظهر المرونة أیضا فی القدرة على وضع الحلول المختلفة التی تظهر على الحیاة الإنسانیة والتی تتمثل فی صلاحیتها لکل زمان ولکل مکان، بالإضافة إلى ذلک فإن الدین الإسلامی قد جاء بالعدید من القواعد التی لا یمکن أن تتبدل ولا یمکن أن تتغیر.

خامسا: الواقعیة:

وتتمثل الواقعیة فی الدین الإسلامی بکونها تلک الظاهرة الواضحة من خلال مختلف الحقائق المتوافقة مع الفطرة البشریة، والتی تتوافق أیضا مع تلک القدرات الإنسانیة، کما کانت مختلف الآیات القرآنیة توضح أن الله عز وجل لا یکلف نفسا إلا وسعها، وبالتالی فمن خلال دائرة الأخلاق وجدنا أن الإنسان دائما ما یحب أن یکون له العدید من الصفات الأخلاقیة الفاضلة، وبالتالی فتراه دائما محب للصدق، وتراه متصف بمختلف المواصفات الخاصة بالأخلاق، والإنسان فی واقعة یفضل دائما من یحسن إلیه من البشر، کما یحب الإنسان العادل والأمانة والإسلام، ویأمر أیضا بهذا الأمر کما أن لإسلام یأمر بهذا أیضا.

وایضا تجد أن الإنسان فی طبعه یحب التواضع ولا یمیل إلى الکبریاء، وکان هذا الأمر قد قاله الله عز وجل فی کتابه الکریم حیث قال عز وجل: }وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{[28].

کما یمکننا أیضا أن نقول بأن التربیة الإسلامیة لها العدید من السمات التی تتمثل فیما یلی:[29]

  • تساهم التربیة الإسلامیة فی تنظیم حیاة الإنسان مع الله عز وجل، بالإضافة إلى أنها تعرف الإنسان أنه مجرد مخلوق مثل مخلوقات الله العدید ولکنه علیه أن یقوم بعبادة الله عز وجل والتوجه إلیه بشکل مستمر فی المحن والفرح.
  • تساهم التربیة الإسلامیة فی کونها تعمل على تحقیق السعادة للإنسان فی الحیاة الدنیا وفی الآخرة، بالإضافة إلى أنها تعمل على تعریف الإنسان ما هی قیمة الدنیا، ویوضح له أن التربیة الإسلامیة لا تقوم سوى على أساس أن الحیاة هی مزرعة للیوم الآخر، وبالتالی فما یقوم الإنسان به فی الحیاة فسوف یجده فی الآخرة، وذلک مثل قول الله عز وجل:           }وَابْتَغِ فِیمَا آتَاکَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِیبَکَ مِنَ الدُّنْیَا وَأَحْسِنْ کَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْکَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِی الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ{[30]
  • تساهم التربیة الإسلامیة فی العمل على تنظیم الحیاة الإسلامیة وحیاة المسلم، وبالتالی فتجعله یقوم بتقویة الروابط الخاصة به مع باقی المسلمین ویتم التضامن والتعاون فیما بینهم.
  • تهتم التربیة الإسلامیة بمختلف مقومات الإنسان العقلیة والنفسیة والوجدانیة والعقلیة، کما أنها تساهم فی تحقیق حالة من التوازن بین جمیع المقومات. فتجد أن الدین الإسلامی على الرغم من نصحه لنا بالعبادة إلا أنه لا یحث على الرهبنة ویرفض تحول البشر إلى العقول الخالیة من الروح.

 

المطلب الرابع (مفهوم منهج التربیة الإسلامیة وخصائصه)

مفهوم منهج التربیة الإسلامیة:

یعد منهج التربیة الإسلامیة هو ذلک المنهج الذی یمثل واحدا من أهم العلوم التربویة الذی یکون له أهداف مختلفة، ویعد الهدف الأساسی من منهج التربیة الإسلامیة کما سبق ذکره من قبل أن یتم تنظیم سلوکیات الأفراد وأن یتم إیجاد حلول مختلفة لمختلف المشاکل التی تعانی منها البشریة فی الفترات الحالیة، بالإضافة إلى مختلف المبادئ السامیة والقواعد الإسلامیة التی من المفترض أن تکون شرائع إسلامیة، فیتمحور منهج التربیة الإسلامیة فی القرآن الکریم والسنة النبویة، کما تتمیز خصائصه بالشمولیة والعمل على تربیة الأبناء على الأخلاق ومبادئ الإسلام، بالإضافة إلى ذلک فیتم تنمیة العقول وتحفیزها بشکل دائم على عملیات التفکیر العقلی السلیم، ویکون هذا الأمر من خلال الأحکام الشرعیة المختصة بجمیع الفرائض، بالإضافة إلى العبادات التی أمرنا بها الله عز وجل والتی منها الصوم والصلاة والزکاة والحج ومختلف الأمور الواجب التمسک بها.[31]

خصائص منهج التربیة الإسلامیة:

 لمنهج التربیة الإسلامیة العدید من الخصائص التی تمیزه عن أی منهج آخر والتی ترتبط بالإنسان بشکل کبیر ومن تلک الخصائص:[32]

  1. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج شامل ومتکامل، حیث یضمن جمیع الجوانب التی ترتبط بالإنسان وشخصیته
  2. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج به حالة من التوازن فی جمیع الأمور الدینیة والدنیویة، وذلک من خلال استخدام الإنسان لعقله وللتفکیر المتوازن،وهذا التوازن أساسی لمواجهة کل تطرف وتطرف مضاد فی الفکر والسلوک.
  3. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج واقعی یقوم على الواقعیة ولا یجعل الفرد یقوم بإصدار قرارات أو أحکام من خلال التخیلات والتصورات، ولکن هذا الأمر یقوم على إتباع قواعد الله عز وجل من خلال التفکیر بالشکل المتوازن من خلال التدبر  والوقوف على الحقائق.
  4. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج یهتم بالإیجابیة، حیث یبعد الناس عن التفکیر بالشکل السلبی، وبالتالی فیأمرنا بالتفکیر الإیجابی فی مختلف الأمور الضروریة التی یحتاج الإنسان إلیها.
  5. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج یقوم على الأساس العلمی السلیم، وذلک حیث أن الدین الإسلامی والتربیة الإسلامیة مستحیل أن یقوموا بتجاوز الأقوال، بل یسعوا إلى تطبیق کل ما جاء به الدین الإسلامی بالشکل الصحیح.
  6. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج مرن، حیث یقبل التغییر من خلال ما تتطلب الأمور الجاریة والمعارف المتجددة.
  7. یتصف منهج التربیة الإسلامیة بکونه منهج یعمل على توضیح نوع المعارف والمهارات بالإضافة إلى المواقف والاتجاهات.

ومعنى ذلک أن هذا المنهج ومن خلال هذه الخصائص یؤطر لمجموعة من القیم فی التربیة الإسلامیة ذات العلاقة بتوازن التفکیر عند الفرد المسلم التی تجعله یقف فی المنطقة الوسطیة تجاه مایعتقده ویؤمن به ،وماینبنی على هذا من نوعیة الأحکام التی یطلقها على سلوک نفسه،وسلوک الآخرین، وهو مما یجعله فی مساحة التفکیر المطمئن الآمن من التطرفات الدینیة والتطرفات المضادة.

المطلب الخامس (مصادر منهج التربیة الإسلامیة)

 إن أی أمر نقوم باتباعه یجب أن یکون له مصادر مستمدة منه، وکان منهج التربیة الإسلامیة کما أوضحنا قد اتصف بالعدید من الصفات الإیجابیة وهذا أمرقطعی کون هذا المنهج ربانی المصدر، وکان من أهم مصادر التربیة الإسلامیة ومنهجها المصادر الأصلیة حیث "القرآن الکریم والسنة النبویة -وهما المصدران الأساسیان المنبثق عنهما بقیة المصادر-والقیاس والإجماع"، وعلى الرغم من ذلک فکانت هناک العدید من المصادر الفرعیة الأخرى التی ستذکر الباحثة نبذة عنها فی نهایة المطلب.

المصادر الأصلیة:

أولا القرآن الکریم:

إن القرآن مصدر للفعل قرأ بمعنى تلا ونقل  "إِنَّ عَلَیْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ"[33]، کما أن القرآن الکریم هو کلام الله المنزل منه عز وجل على نبینا محمد علیه أفضل الصلاة والسلام من خلال جبریل علیه السلام، وکان الله عز وجل قد کتب للقرآن الکریم أن یحفظ وینتقل بشکل متواتر دون أی تبدیل أو تحریف، فقال الله عز وجل فی کتابه الکریم: "          إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"[34]

ویمثل القرآن الکریم المصدر التربوی الأول فی حیاتنا، ومنه یستمد المسلم مایوجه جمیع تصرفاته  وکل حیاته .

فالآیات القرآنیة العدیدة تهدف إلى تعزیز الإیمان فی نفوس المسلمین، کما أنها أساس فی التربیة الإسلامیة، وذلک من خلال جمیع الآیات والنصوص التی أوضحت السلوک الإنسانی والعمل على تنظیم العلاقة بین الإنسان وربه.

 

وبالتالی فالقرآن الکریم هو المصدر الأول فی التربیة الإسلامیة والشریعة الإسلامیة حیث من خلاله نستمد جمیع القواعد والأوامر والنواهی، فالقرآن الکریم هو الذی نقل الإنسان عندما آمن به من مجتمع الجاهلیة إلى النور والتطور.فالقرآن الکریم کله أخلاق ویهدف إلى سعادة الإنسان وإبعاده عن الرذائل.[35]

ثانیا: السنة النبویة:

إن السنة النبویة فی الدلالة اللغویة هی تلک الطریقة والسنة والسیرة سواء کانت تلک السیرة حمیدة أو ذمیمة، وبالتالی ففی الاصطلاح الشرعی تعد السنة النبویة هی کل ما صدر عن النبی علیه أفضل الصلاة والسلام غیر القرآن من أفعال وتقاریر وأقوال.[36]

بالإضافة إلى ذلک فقد جاءت جمیع التوجیهات القرآنیة لکی تأمر بطاعة الرسول علیه أفضل الصلاة والسلام واتباع الأوامر التی أمرنا بها واجتناب ما نهانا عنه الرسول علیه أفضل الصلاة والسلام، جاء هذا الأمر فی قول الله عز وجل }وَأَطِیعُوا اللَّهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ ۚ            فَإِن تَوَلَّیْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِینُ{[37]، بالإضافة إلى قوله تعالى: } وَمَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا{[38].

 کما أن نبینا محمد صلى الله علیه وسلم ما هو إلا أفضل قدوة للبشریة الإسلامیة بأکملها فی جمیع شؤون الحیاة، وکان قد اتصف بالعدید من الصفات الکریمة التی جعلته الهادی والمبشر والنذیر، بالإضافة إلى أنه قدم للبشریة مختلف الوسائل التربویة الفعالة لتقویم السلوک الإنسانی فی کل الأزمنة والأمکنة.[39]

ثالثا: الإجماع:

وهناک من یقول عن الإجماع إنه سیرة الصحابة، وهی تلک السیرة الحسنة والعطرة التی تمثل السیرة الأفضل على الإطلاق، فهؤلاء الصحابة هم من تربوا على یدی الرسول علیه أفضل الصلاة والسلام، واقتدوا به فی جمیع جوانب الحیاة، فقال صلی الله علیه وسلم : "فعلیکم بسنتی وسنة الخلفاء الراشدین المهدیین وعضوا علیه بالنواجذ)[40].

وبالتالی فعندما تأتی سیرة الصحابة رضوان الله علیهم أجمعین فی التربیة الإسلامیة فیجب أن نعلم أننا أمام واحد من أهم المصادر التربویة التی تمثل التطبیق العملی لجمیع توجیهات الرسول علیه أفضل الصلاة والسلام.[41]

رابعا: القیاس وجهود العلماء:

وهناک من یقول عن القیاس أنه جهود مجموعة من علماء المسلمین، فکان رسول الله علیه أفضل الصلاة والسلام قد أثنى على الجهد الذی یقوم به العالم ، وأنه سیکون له الفضل والثواب فیما یقوم بتقدیمه إلى الناس من علم نافع یساهم فی الخروج من الظلمات إلى النور، ویساهم فی الانتقال من الجهل إلى المعرفة، فقد قال رسول الله علیه أفضل الصلاة والسلام: (فضل العالم على العابد، کفضلی على أدناکم، ثم قال رسول الله صلى الله علیه وسلم إن الله وملائکته وأهل السموات والأرض حتى النملة فی جحرها وحتى الحوت یصلون على معلم  الناس الخیر)[42].

وقال علیه أفضل الصلاة والسلام فی السنة النبویة: (من سلک طریقا یطلب فیه علما سلک الله به طریقا إلى الجنة، إن الملائکة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم لیستغفر له من فی السموات ومن فی الأرض، والحیتان فی جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد کفضل القمر لیلة البدر على سائر الکواکب، وإن العلماء ورثة الأنبیاء، وإن الأنبیاء لم یورثوا دینارا ولا درهم ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)[43]

بالإضافة إلى ذلک فإن العلماء المسلمین کان لهم جهود کبیرة فی عملیات نشر العلم وفی عملیات التألیف، وهنا نجد أن المکتبات الإسلامیة تحتوی على العدید من کنوز المعرفة والعلم فی مختلف المیادین مثل التفسیر والحدیث والفقه والتربیة والأخلاق وغیرهم الکثیر.[44]

کما یجب الإشارة أن الباحثین المسلمین فی مجال التربیة کان لهم إسهامات عدیدة تمکننا من الاستفادة من التجارب الخاصة بهم ومن الکتابات المتعددة خاصة فی هذا العصر الذی من خلاله یتم الاعتماد على کل ما یکتب فی التربیة. بالإضافة إلى أن العلماء المسلمین کان لهم العدید من التجارب العظیمة وکان هذا الأمر من خلال الاستنباط لمختلف التوجیهات التربویة من خلال القرآن الکریم والسنة النبویة.

المصادر الفرعیة:

هذه المصادر الفرعیة یمکن التعبیر عنها بمصطلح آخر معروف فی الفکر التربوی الإسلامی،وفی الوقت المعاصر وهو "مؤسسات التربیة الإسلامیة " ویمکن الاقتصار على        ذکر الآتی :

أولا المسجد:

إن طلب العلم هو فریضة على کل مسلم ومسلمة، وبالتالی فهو أمر واجب علینا جمیعا وهو أساس نشر التربیة الإسلامیة الصحیحة، وکان المسجد فی بدایة الدین الإسلامی هو المکان الأساسی المعنی بتعلیم تعالیم وأحکام الدین الإسلامی، بالإضافة إلى أنه وجب على المسلم أن یقوم بتعلم کتاب الله وسنة رسوله، وکان النبی علیه أفضل الصلاة والسلام فی بدایة انتشار الدین الإسلامی قد حث المسلمین على تعلیم القرآن الکریم وتعلیمه فی المسجد، کما حثنا أیضا على تبلیغ العلم، فکان فی هذا الأمر قد قال علیه أفضل الصلاة والسلام: "خیرکم من تعلم القرآن وعلمه" (رواه البخاری).[45]

بالإضافة إلى ذلک فقد حثنا رسول الله علیه أفضل الصلاة والسلام فی أن نقوم بالتفقه فی الدین، وفی هذا الأمر قد قال عز وجل "من یرد الله به خیرا یفقه فی الدین"[46]. وکانت تلک الأمور قد بلغها لنا الصحابة رضوان الله علیهم أجمعین، فکانوا یجتمعون یومیا فی المسجد حول النبی علیه أفضل الصلاة والسلام من أجل التفقه من خلاله، وفی هذا إشارة وتأکید واضح من فعل النبی صلى الله علیه وسلم أن تکون المساجد هی المصادر الأساسیة للتعلیم والتعلم ونشر الدین الإسلامی. فقال رسول الله صلى الله علیه وسلم: "ما اجتمع قوم فی بیت من بیوت الله، یتلون کتاب الله، ویتدارسونه بینهم، إلا نزلت علیهم السکینة وغشیتهم الرحمة وحفتهم الملائکة وذکرهم الله فیمن عنده"[47].

وبالتالی فالمسجد کان ومازال حتى الیوم هو المکان الخاص بتعلم القرآن الکریم وفهم الآیات القرآنیة وأحکامها، بالإضافة إلى أنه کان معهدا من أجل دراسة الأحادیث النبویة والتفقه بها، وظل المسجد لفترات طویلة هو أساس التعلیم، وعلى الرغم من أن تلک الصورة قد تغیرت فی بعض جوانبها فی الوقت المعاصر، إلا أن المسلمین مازالوا یجتمعون فی المسجد یوم الجمعة لتلقی المعلومات الدینیة والخطب والمواعظ التربویة وغیرها فی شتى الموضوعات التی تخص حیاتهم على کل المستویات .

وهناک أیضا مؤسسات التربیة الأخرى التی تقف مع المسجد جنبا إلى جنب فی عملیة التربیة والتأثیر فی سلوک الأطفال الذین سیشکلون أفراد المجتمع فی المستقبل،کالأسرة والمدرسة والمؤسسات الإعلامیة المختلفة وغیرها .

والإشارة إلى مؤسسات التربیة الإسلامیة هنا وعلاقتها بموضوع هذا البحث علاقة قویة جدا، فالمؤسسات هی الأماکن التی تحتضن عملیة التربیة ،وبالتالی هی المجاضن التی توجه الاتجاهات والأفکار والمیول ومن ثم تحویلها إلى ممارسات وواقع من قبل الأفراد تجاه المجتمع والآخرین ،وبحسب عملیات التربیة التی تتم داخل هذه المؤسسات ونوعیتها تتحدد لدى الأفراد العقائد والأفکار والقناعات والاتجاهات والقیم التی بالتالی تحدد معاییر السلوک لدیهم .

وعندما تکون هذه کلها مستندة إلى مرجعیة حضاریة -کونها مستمدة من مصدری الوحی -فإنها تکون قد استندت إلى مرجعیة صلبة وقویة فی مصادرها ومقاصدها،وبالتالی تکون هذه الأفکار والقیم والاتجاهات أکثر ظهورا فی السلوک العام للمجتمعات ومن ثم تطبع الثقافة والحضارة بطابعها، ممایعنی أنه لایمکن لسالکها أن یرتکب سلوکا لایتفق وعقیدة الإسلام، سواء تطرفا دینیا أو تطرفا مضادا للدین الوسطی فی أصله،لکن من منطلق فهم المعنى المصطلحی الفعلی للوسطیة فی التربیة الإسلامیة.

المبحث الثانی (التطرف والمصطلحات المرتبطة به)

المطلب الأول (مفهوم الإرهاب والتطرف والتطرف المضاد)

ستجیب الباحثة من خلال هذا المبحث عن سؤال الدراسة : ماأرکان وبنود رؤیة 2030م ذات العلاقة بقیم الوسطیة والمنبثقة عن التربیة الإسلامیة لمواجهة التطرف المضاد ؟

یعد الحدیث عن قضیة التطرف واحد من أهم الأمور التی تخص عالم الإنسانیة بأکملها، حیث أن الإنسان بطبیعته لا ینفصل عن القیم الإنسانیة فهو مکمل لها وهی جزء منه، وبالتالی فإن التطرف هو تلک العملیة التی تسبب الخلل فی جمیع جوانب الحیاة الاقتصادیة والإنسانیة والاجتماعیة والنفسیة، وبالتالی ففی جمیع الأحوال یعد الإرهاب والتطرف من العوامل السلبیة التی ینتج عنها مشاکل وحروب بین الدول عندما یکون الداعی له التطرف الدینی،ویؤدی إلى انهیار وتفکک المجتمعات وسقوطها عندما یکون تطرفا مضادا للتطرف الدینی لکنه قد طال المبادیء والقیم الصحیحة ونبذها. وفی هذا المبحث ستتناول الباحثة مفهوم الإرهاب والتطرف والتطرف المضاد .

مفهوم الإرهاب والتطرف:

إن تعریف الإرهاب هو واحد من التعریفات الدولیة التی لا یوجد علیها أی اتفاق حتى یومنا هذا، حیث یوجد آراء مختلفة فی تحدید تعریف الإرهاب، وقد یکون هناک اتجاهین کما یلی:[48]

  • الاتجاه الأول ویمثل الباحثین الذین یفضلون عدم وضع تعریف للإرهاب، والسبب هو أن المرء یستطیع أن یحدد أی أمر عدائی یطلق علیه إرهاب، کبیر کان أم صغیر، أو کما وصفته الأمم المتحدة أنه أمر یستقر فی الأذهان، مما یسبب اعتناق هذا الرأی .
  • الاتجاه الثانی: وهو الاتجاه الذی قام بوضع تعریف للإرهاب على أنه مجموعة من الأفعال المادیة التی یتم إطلاق لفظ الإرهاب علیها بدون النظر إلى المرتکبین لها أو الدوافع التی جعلتهم یقوموا بها، فربما تکون الأسباب مشروعة، وبالتالی فإن الإرهاب لدیهم یمثل حالة من الاغتیال وخطف الطائرات ورهن الأشخاص.

ومن هنا نجد أن التعریف للإرهاب یتمثل فی تحقیق أمرین وهما:

  1. أن عملیات الإرهاب التی تتم بشکل مستمر ربما لا یمکن أن یکون لها تعریف محدد.
  2. العملیات الإرهابیة التی تتم من خلال الإرهاب بالاعتماد على النظریة المادیة وهی التی تکون من خلال تحقیق بعض من الأهداف السیاسیة، وفی تلک الحالة یمکننا التفرقة بین الجرائم العادیة والإرهاب والتی تتمثل فی السطو والقتل.

المفهوم السابق هو تعریف لأحد المصطلحات المرتبطة بمفهوم التطرف على وجه العموم ،وهو الإرهاب بمفهومه الشائع بین الدول .

أسباب الإرهاب والتطرف:

یعد الإرهاب هو تلک الظاهرة المرکبة التی لها العدید من الأسباب المترابطة والمتداخلة والتی ینتج عنها نتائج سلبیة فی جمیع الأحوال، وقد یکون السبب من العملیات الإرهابیة أمور سیاسیة وقد تکون أمور فکریة واجتماعیة، کما أنه منها ما هو نفسی وما هو اقتصادی وتربوی. وتتمثل تلک الأسباب التی من خلالها یقوم الإرهاب فیما یلی:[49]

أولا: الأسباب السیاسیة:

وتتمثل تلک الأسباب فی البعد الکامل عن الله عز وجل، مما یؤدی إلى الضلال والشقاء بین الناس، وهو واحد من الأمور التی یعانی منها العالم الإسلامی فی تلک الفترة، بالإضافة إلى العیشة الضیقة التی تتمثل فی الفقر.

بالإضافة أیضا إلى البعد الکامل والواضح عن الشریعة الإسلامیة وتطبیقها، وعدم فهم الجماعات الممارسة للإرهاب والتطرف للدین الإسلامی الفهم الصحیح وتأویل نصوص القرآن والسنة حسب الأهداف والأهواء الإرهابیة والمتطرفة.

ثانیا الأسباب الفکریة:

وقد تتمثل تلک الأسباب فی الجهل الکامل بأی من القواعد الإسلامیة والکلیات التی جاءت بها التربیة الإسلامیة ، والسلوکیات والآداب، بالإضافة إلى أن تلک العلامة هی واحدة من علامات الساعة والتی تعد من القضایا المصیریة التی تعنی أن الإنسان لا یرضى سوى بشهوته، وهذا الأمر یؤدی إلى وجود وحمل الأفکار المختلفة والغریبة التی یمکن من خلالها استغلال عواطف الشباب وتجعلهم بلا رادع وهذا الأمر یستدعی الرجوع إلى أهل العلم والعلماء من أجل توعیة الشباب بخطورة ما یدور بینهم.[50]

ثالثا: الأسباب النفسیة للإرهاب:

وقد تتمثل تلک الأسباب فی الرغبة الکاملة من قبل الأشخاص أن یقوموا بالظهور والشهرة وحب التمیز، وربما لا یکون الشخص مؤهل لهذا الأمر بالشکل الصحیح مما یجعله یقوم بالتدمیر والتخریب حتى یراه الجمیع ویرى ما یقوم به. بالإضافة إلى الإحباط الذی قد یکون فی بعض من الأحیان هو السبب الأساسی فی الخروج عن النظام، والخروج عن أی من العادات والتقالید الصحیحة، و شعور الإنسان بحالة من خیبة الأمل، وبالتالی فقد تصبح سلوکیات الفرد جزء من التکوین النفسی .

رابعا: الأسباب الاجتماعیة:

وقد تتمثل تلک الأسباب فی ظهور أفکار ضالة تتمیز فی التناقض وعدم الموافقة على حیاة الناس، فعلى سبیل المثال إنسان سلوک معین، فیقوم بقتل من لایطبقون ذلک السلوک، وهذا الأمر یکون نتیجة للتناقض داخل الإنسان، وانحصار فکرة الدین عنده فی أطر ضیقة ، أو العکس من ذلک تولد ردة فعل -أو تطرف مضاد- لأی فکرة مصدرها الدین سواء کانت صحیحة ، أو غیر صحیحة بسبب سوء فهم اتباعها للدین ،فینتج عن ذلک رفض لکل قیمة أو مبدأ أو سلوک مرتبط بالدین ،وهذا یعد من مزالق وأخطاء التفکیر وهو تعمیم الفکرة والسلوک الخاطی على فکرة وسلوک صحیح بحجة أنهما تنبثقان عن فکرة عامة واحدة أو مبدأ عام واحد .

المطلب الثانی (مخاطر الإرهاب والتطرف على الفرد والمجتمع) والعالم)

یعد الإرهاب کما سبق ذکره واحد من العملیات التی قد تهدم دولة وقد تهدم فردا وقد تهدم عالما، فکم من حروب قد قامت بسبب الإرهاب، وکم من أرواح قد زهقت نتیجة للإرهاب، وبناء علیه فإن الإرهاب له العدید من المخاطر على کل من الفرد والمجتمع والعالم، ولذلک یقول تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَمَنْ أَحْیَاهَا فَکَأَنَّمَا أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَیِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ کَثِیراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِکَ فِی الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ{[51]، وهنا نجد أن التربیة الإسلامیة قد أکدت على أهمیة احترام حقوق الإنسان المادیة والمعنویة، بالإضافة إلى عدم جواز التعدی على أی من حقوق الآخرین والتی من أهمها حق الإنسان فی الحیاة، وهو الحق الذی یقوم الإرهاب بتدمیره، وذلک من خلال التدمیر والقتل.[52]

مخاطر الإرهاب على الفرد:

 إن الإرهاب هو واحد من أفعال العنف والتهدید وذلک على اختلاف دوافعه أو أغراضه، بالإضافة إلى أنه یقع تنفیذه من خلال أحد المشاریع الإجرامیة التی قد یکون منها ما هو         فردی وما هو جماعی، ولکنه یتسبب فی ترویع الأفراد، مما یعرض حیاتهم وحیاة ذویهم إلى         الخطر، بالإضافة إلى أنه یسبب إلحاق الضرر بالبیئة و بالمرافق العامة والأملاک، مما یسبب احتلالها وفسادها.

فقتل الأبریاء هو واحد من العوامل السلبیة التی تضر الفرد کونه صورة من صور الإرهاب والتطرف الدینی حیث أنه فی حال تدمیر أی منشأة ینتهی الأمر بقتل الأبریاء من الأطفال والنساء والرجال، مما یؤدی أیضا إلى سفک الدماء، وهی واحدة من المحرمات التی أکدها الله عز وجل علینا وأنها أشد العقوبات یوما القیامة، حیث جعل أمن الأفراد وحفظ حیاتهم من ضروریات الدین.

مخاطر الإرهاب على المجتمع:

إن الأمن والأمان هم أساس الاستقرار فی أی دولة وفی أی مجتمع، وبالتالی فإن الإرهاب والتطرف الدینی هو تلک العملیة التی ینتج عنها مختلف الاغتیالات وعملیات السرقة وإهدار حقوق الأبریاء والآخرین لأجل الطائفیات والمذاهب الدینیة، وهو أمر منافی لعملیات الاستقرار التی سبق وذکرنا أنها أساس الأمن فی الدولة، وبالتالی فتجد أن معدلات الجرائم الإرهابیة تزداد یوما بعد الآخر، ویبدأ المجرمون فی الانتشار بجمیع أنحاء المجتمع، وهو الأمر الذی یسبب مختلف الأخطار على المجتمع الذی یصبح من الصعب علیه أن یواجه تلک العملیات المسلحة.

أضف إلى ذلک فإن بعض المجتمعات الیوم أصبحت تعانی من مشاکل الإرهاب والتطرف الدینی المتمثل فی الإرهاب الوطنی، وهو إرهاب یهدف إلى زعزعة أمن الأفراد           فی أوطانهم.

مخاطر الإرهاب على العالم:

إن الأمور التی تکون سببا فی تدمیر الفرد، هی نفسها تلک الأمور التی ینتج عنها تدمیر المجتمع، فالمجتمع ما هو إلا مجموعة من الأفراد متفقین مع بعضهم وتربطهم بعض الروابط الإیجابیة مثل اللغة والدین والعرق والأصل والعادات والتقالید، بالإضافة إلى ذلک فإن العالم ما هو إلا مجموعة من المجتمعات، وعلى الرغم من وجود اختلاف فی تلک الجماعات والمجتمعات فهناک منهم الأجنبی والعربی والخلیجی، ولکن ربما تربطهم صلات وعلاقات إیجابیة أیضا، ولذلک فنجد أن الإرهاب والتطرف الدینی دائما ما یسبب إشکالات کبرى بین تلک المجتمعات.

إن العالم الإسلامی الیوم والعالم بشکل عام أصبح یعانی من مختلف الانقسامات الفکریة الحادة التی تکون بین مختلف التیارات، حیث یکون کل جانب یرفض الجانب الآخر، مما یؤدی إلى المقاومة وینظر إلى الطرف الآخر نظرة بها ریب وشک، وبالتالی عدم النظر إلى المبادئ الأساسیة فی الدول، وهذا یؤکد على أن العملیات الإرهابیة والتطرف للأفکار التی تحدث فی الأیام الحالیة بجمیع الدول الإسلامیة والعربیة والأوروبیة ما هی إلا نتیجة طبیعیة للبعد عن التفکیر والعقل.[53] فقلة الفقه فی الدین وفهمه هو سبب من أسباب مختلف التوجهات التی تحدث الیوم من الغلو والعنف مما یؤدی إلى وقوع الناس بالجهل وضعف الفقه فی الدین.

وخلاصة القول إن ممارسة الإرهاب والتطرف الدینی بکل صوره من أهم الوسائل الخطیرة التی تهدد حیاة جمیع الناس، بالإضافة إلى أنها تهدد حیاة العدید من الأبریاء، وتسبب تدمیر لجمیع الممتلکات والثروات، وفقدان الشعور بالأمن والأمان.

فیما سبق کان النقاش عن الإرهاب والتطرف الدینی ،وتم البدء به مع أنه غیر مقصود بشکل مباشر فی الدراسة الحالیة،ولکن نظرا لارتباط المتغیر الأساسی المقصود بالدراسة به،وهو التطرف المضاد للتطرف الدینی ،والذی سبق إیضاح المقصود به فی مصطلحات الدراسة حیث یعنی مجموعة من السلوکیات المعاکسة فی أی مجتمع تتولد کرد فعل للتطرف الدینی ،وقد تشمل هذه الردود تناول قیم وأسس المجتمع الصحیحة  دون وعی، فیتشکل مجموعات من الأفراد فی المجتمع المسلم ترفض کل مایستند على منطلقات دینیة وقد یکون ذلک دون وعی وإنما کردود أفعال على وضع متطرف سابق برر أصحابه سلوکهم من خلال ربطه بالدین الإسلامی،وکلا الأمرین یشکل خطورة على أسس ومنطلقات ومصادر التربیة الإسلامیة ،إذ قد یفضی التطرف المضاد إلى التحلل والابتعاد عن قیم الدین الإسلامی وأسسه التی هی فی الأصل منبع الوسطیة والاعتدال .

المطلب الثالث (أرکان الرؤیة الوطنیة للملکة العربیة السعودیة 2030)

إن النجاح فی أی دولة عربیة کانت أو أجنبیة أصبح متوقف على القدرة بالتکیف مع جمیع المتغیرات والعمل على الاستفادة منها، وذلک من أجل تحقیق مختلف الأهداف الوطنیة، حیث أن الدول الناجحة الآن هی تلک الدول التی تسمح بالنمو السریع من خلال الاستفادة من مختلف الثروات والمقاومات الاقتصادیة، ویکون هذا الأمر من خلال الترکیز على المستوى الوطنی الخاص بتحدید تلک المبادئ.

بالإضافة إلى ذلک فإن وجود تلک الرؤیة الوطنیة یکون هو السبب الأساسی فی عملیة تطویر المجتمعات من الجانب الاقتصادی والسیاسی والاجتماعی، وبالتالی فنجد أن الدول تصبح ذات ثروة وطنیة علمیة فاخرة خاصة فی تلک العصور المتطورة التی نعیش بها والتی یطلق علیها عصور العولمة، وبالتالی فتصبح الدول على قدر کبیر من التقدم للأمام، والطریق الخاص بالتقدم هو الطریق بتلک الرؤیة الوطنیة والتی من خلالها یمکن أن یتم توحید الجهود فی أی دولة.

إن التجارب الأخیرة التی قامت بها العدید من الدول العربیة التی تبنت رؤیة وطنیة خاصة بها قد أوضحت الإمکانیة الکبیرة لتلک الدول فی التحولات المطلوبة، بالإضافة إلى فرض مختلف التغیرات اللازمة، سواء کانت بسیطة أو کبیرة، وذلک من خلال الخطة المرسومة والأهداف الموضوعة من أجل التکیف مع أی تغیرات تطرأ على تلک الدولة.

والمملکة العربیة السعودیة حددت إطارا عاما لمقاصد نظامها التربوی والمنبثق عن منطلقات التربیة الإسلامیة یتمثل هذا الإطار فی (فهم الإسلام فهما صحیحا متکاملا،وغرس العقیدة الإسلامیة ونشرها ).

وانطلاقا من هذا الإطارحددت مقاصد نظامها التربوی فی المجال "القیمی " الذی یعتبر الرکن الأساس فی تکوین الفکر الإسلامی المعتدل عن الجیل الناشیء ،وینبذ کل أنواع التطرفات الدینیة أوالتطرفات المضادة لها ، حیث حددت هذا الإطار فی الآتی :

-تنمیة روح الولاء لشریعة الإسلام،واستقامة الأعمال والتصرفات وفق أحکامها العامة الشاملة.

-النصیحة لکتاب الله وسنة رسوله بصیانتهما،ورعایة حفظهما،وتعهد علومهما،والعمل بما جاء فیهما.

-تزوید الفرد بالأفکار والمشاعر والقدرات اللازمة لحمل رسالة الإسلام.

-تحقیق الخلق القرآنی فی المسلم والتأکید على الضوابط الخلقیة لاستعمال المعرفة "إنما بعثت لأتمم مکارم الأخلاق".

-تربیة المواطن المؤمن لیکون لبنة صالحة فی بناء أمته،ویشعر بمسؤولیاته لخدمة بلاده  والدفاع عنها .

-بیان الانسجام التام بین العلم والدین فی شریعة الإسلام،فإن التربیة الإسلامی تربیة دین ودنیا،وتفی بمطالب الحیاة البشریة فی أرقى صورها فی کل عصر.

-تکوین الفکر الإسلامی المنهجی لدى الأفراد،لیصدروا عن تصور إسلامی موحد فیما یتعلق بالکون والإنسان والحیاة،ومایتفرع عنها من تفصیلات.

ویلاحظ فیما تم ذکره هنا مما هو مرتبط بالإطار القیمی الترکیز على بناء فرد مسلم واعی متزن فی حیاته وفی طریقة تفکیره وأحکامه التی یصدرها على الآخرین ، فهذا منهج إسلامی جاءت به التربیة الإسلامیة.

أرکان الرؤیة الوطنیة بالمملکة العربیة السعودیة 2030:

وکانت المملکة العربیة السعودیة هی واحدة من الدول العربیة لتی کان لها رؤیة واضحة، وتم تقسیم تلک الرؤیة من إلى ثلاثة محاور أساسیة وکانوا من خلال ما یلی:

  1. مجتمع حیوی: وتمثل فی الأساس بعملیة تحقیق الرؤیة، حیث أنه تمثل فی کونه قاعدة من خلالها یمکن تحقیق حالة من الازدهار الاقتصادی، بالإضافة إلى أنه من خلال هذا المحور یمکن أن نقوم ببناء المجتمع الحیوی، وهو المجتمع الذی یعیش جمیع الأفراد به من خلال المبادئ الأساسیة الإسلامیة الصحیحة، بالإضافة إلى العیش بجانب من الاعتدال والوسطیة، وذلک من خلال الاعتزاز بالهویة الإسلامیة والعربیة، والفخر بالتراث العربی، وهذا الأمر یساهم فی الحیاة الإیجابیة التی من خلالها نجد مقاومات الإنسان الناجح.

ویتفق هذا المحور مع مارکزت علیه الدراسة الحالیة من حیث بناء الفرد المسلم الوسطی،الذی لایقع فی الغلو والتطرف الدینی الذی حذر منه النبی صلى الله علیه وسلم،ولا فی التطرف المضاد للدین وقیمه وأسسه ومنطلقاته ،وهو أیضا تطرف حذرت منه التربیة الإسلامیة من خلال مصادرها .

  1. اقتصاد مزدهر: ویرکز هذا الاقتصاد المزدهر على أن یتم توفیر مختلف فرص العمل إلى جمیع أفراد المجتمع، ویکون هذا الأمر من خلال بناء المنظمات التعلیمیة المختلفة، ولکن تلک المنظمات التی من المفترض أن یتم بناؤها لا تتوقف فقط على التعلیم السردی بینما تقوم بربط التعلیم بسوق العمل وبمختلف الحاجات الاستثماریة، مما یساهم فی تنمیة مختلف الفرص التعلیمیة الخاصة برواد الأعمال والمنشآت الصغیرة، فتلک المنشآت الصغیرة قد تکون بعد فترة قصیرة من التنمیة شرکات کبیرة ووسائل للاستثمار على أوسع المجالات، حیث یتم هذا الأمر من خلال الترکیز فی الجهود على تخصیص الخدمات الحکومیة بالإضافة إلى تحسین بیئة الأعمال فی المملکة العربیة السعودیة، ویعود هذا الأمر بشکل أساسی على عملیة استغلال موقع الفرد فی العربیة السعودیة وتنمیته.
  2. وطن طموح: إن الوطن ما هو إلا مجموعة کبیرة من الأفراد، ومن المفترض أن نقوم بالاهتمام بهؤلاء الأفراد حتى یکون لدینا وطن ناجح ومتفوق، وبالتالی فالرؤیة تهتم بالترکیز على القطاع العام، ویکون هذا الأمر من أجل رسم مختلف ملامح الحکومة الفاعلة، والتی من خلالها یتم تعزیز الکفاءة ویتم تعزیز الشفافیة، کما یتم تشجیع ثقافة الأداء من أجل تمکین الموارد والطاقات البشریة فی المملکة العربیة السعودیة، بالإضافة إلى أنه یساهم فی تهیئة البیئة اللازمة لعملیة التطور الخاص بالمواطنین والقطاع الحکومی والقطاع الناجح.

وبالفعل قد قام خادم الحرمین الشریفین وبرعایة ومتابعة من ولی العهد صاحب السمو الملکی الأمیر محمد بن سلمان -حفظهما الله- بتکلیف مجلس الشئون الاقتصادیة والتنمیة فی الدولة على أن یقوم بوضع جمیع الآلیات والترتیبات اللازمة من أجل تنفیذ تلک الرؤیة والعمل على متابعتها، بالإضافة إلى أنه قد تم تکلیف جمیع الوزارات وجمیع الأجهزة الحکومیة المختلفة التی تهدف إلى اتخاذ جمیع الأمور المختصة لتنفیذ تلک الأمور.

وفی تلک المناسبة قد قام الملک سلمان بن عبد العزیز حفظه الله ورعاه خادم الحرمین الشریفین بتقدیم کلمة بتلک المناسبة إلى الأبناء والبنات والمواطنین والمواطنات من أجل تحقیق تلک الرؤیة، وأوصى المواطنین أیضا بأن یقوموا بقراءة الرؤیة للملکة 2030 بشکل تحلیلی من أجل النظر فی محاور الرؤیة والتعمق بها بالشکل الکامل. کما أوضح ضرورة المعرفة التفصیلیة للأمور الواجب إنجازها فی تلک الفترة.

والمبادیء الأساسیة الإسلامیة الصحیحة التی تضمنها المحور الأول من محاور رؤیة 2030من یبین أنها رؤیة تستند على مبدأ التوحید وأهمیته من حیث أنه یشکل

 إطارا لفهم الحیاة والکون ،ویرسی مبادیء العلاقات الإنسانیة والأسس التی ترتکز علیها ،وأن إخلال بهذا المبدأ والمفهوم له آثاره الخطیرة فی معنى الحیاة الإسلامیة ونوعیتها والغایة منها،وهذه الحقیقة تعنی وحدة خلق الکون،ووحدة الحیاة والإنسان،وغائیة الخلق والکون وتکامله لاتعارضه وقصد الخیر فی الخلق فلا مجال للاستعلاء أو الجور أوالاستبداد بین البشر ،وبذلک فإن مبدأ التوحید یحتم مبادیء العدل والشورى والمساواة فی الحقوق وفی الکرامة الإنسانیة،وفی حریة الإرادة والمسؤولیة الإنسانیة،وبذلک یقع على الإنسان واجب السعی الفردی والجماعی بالإصلاح فی الکون دون جور ولا استعلاء ولااستبداد ولا فساد ، وکل هذه الأمور المتعارضة مع مبدأ التوحید هذا قد تفرزها أفکار التطرف الدینی ،وکذلک التطرف المضاد للدین .

المطلب الرابع

منهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030

ستجیب الباحثة فی هذا المبحث عن سؤال : مامنهج التربیة الإسلامیة فی مواجهة التطرف المضاد وفق رؤیة 2030م ؟

إن التربیة الإسلامیة تؤصل للمبدأ الذی تم توضیحه عند تحلیل المحور الأول لرؤیة 2030م-کما سبق شرحه- فقد بدأ الإسلام أول مابدأ بالحدیث عن ضرورة حفظ الإنسان لحواس التواصل التی متعه الله تعالى بها ،قال تعالى "وَلَا تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ کُلُّ أُولَٰئِکَ کَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)  (سورة الإسراء ).

وحفظ هذه الحواس یکون بصیانتها عن کل مایعطل الهدف الأساسی الذی من أجله خلقه الله تعالى بها،فیصون عقله من کل تفکیر مغالٍ أو متطرف منحرف عن الصراط الوسطی،سواء تطرفا فی أمر الدین أو تطرفا ضد شرائع هذا الدین وأحکامه وأوامر الله تعالى ونواهیه،وکذا بقیة حواس الإنسان کل بحسب وظیفته،إلا أنها تابعة لطبیعة تفکیر الإنسان .

ثم رتب على ذلک حفظ أعراض الناس من القول السیء والباطل فقال تعالى "یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِن جَاءَکُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا أَن تُصِیبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِین (سورة الحجرات:6).  "ونهى عن الفواحش بکل أشکالها المسموعة والمرئیة :قال تعالى"إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَن تَشِیعَ الْفَاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ یَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)(سورة النور:19).

ثم بینت التربیة الإسلامیة أن الدعوة إلى الهدى والخیر مرتبطة بالثواب الذی لاینقطع قال الرسول صلى الله علیه وسلم "من دعا إلى هدى کان له من الأجرمثل أجور من تبعه لاینقص ذلک من أجورهم شیئا،ومن دعا إلى ضلالة کان علیه من الإثم مثل آثام من تبعه لاینقص ذلک من آثامهم شیئا " (رواه مسلم فی کتاب العلم ).

وجاء النهی فی التربیة الإسلامیة عن انتهاک الحرمات والأعراض لما یترتب على ذلک من أذى لایمکن جبره، ومن ذلک قوله صلى الله علیه وسلم :"لیس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذیء" (رواه الترمذی فی سننه فی کتاب البر والصلة،وقال حدیث حسن غریب).

وتشمل توجیهات التربیة الإسلامیة المؤسسات الإعلامیة التی لها دور کبیر فی نقل القیم والاتجاهات والقناعات،ومن ذلک تکون الأفکار المرتبطة بالتطرف المضاد لکل سلوک دینی أو مرتبط بالدین، لأنه انطلاقا من القواعد والأدلة الشرعیة السابقة یجب أن یلتزم الإعلام فی المجتمع المسلم بالقیم الإسلامیة المنبثقة عن سمات وخصائص ومصادر التربیة الإسلامیة التی تم التأسیس لها فی المبحث الأول، ویستهدف بناء الشخصیة الإنسانیة المتوازنة والمجتمع الإسلامی الفاضل المتمسک بالخیر والتسامح والعدل والإحسان والعفة والطهارة، وهذا ماتضمنته المحاور الأساسیة لرؤیة 2030م فی استهدافها لبناء مثل هؤلاء الأفراد فی المجتمع المسلم .

وقد وضح خادم الحرمین الشریفین-حفظه الله- ذلک وتحدث بشکل مفصل عن مختلف الأمور الخاصة برؤیة 2030 والتی من خلالها أشار إلى أهمیة تلک الرؤیة للنهوض بالمملکة العربیة السعودیة من مختلف الجوانب، بالإضافة إلى أنه قد أوضح أهمیتها فی مجال الإرهاب والتطرف بکل أنواعه ، وأوضح أیضا أن مواجهة الإرهاب والتطرف لا یمکن أن یتم سوى من خلال استخدام منهج التربیة الإسلامیة، وکان فی هذا الأمر قد أوضح أن سبب انتشار التطرف الدینی أو التطرف المضاد کان أساسه هو البعد عن الدین الإسلامی بجمیع القواعد الخاصة به، وبالتالی فأکد على ضرورة التمسک بمنهج التربیة الإسلامیة فی عملیات مواجهة الإرهاب والتطرف فی رؤیة المملکة العربیة السعودیة 2030.[54]

کان الخطاب الملکی الخاص بالمملکة العربیة السعودیة قد تحدث بشکل مفصل عن ذلک، وتحدث أیضا على التنظیمات الإرهابیة الدینیة بشکل عام وآثارها السلبی على کل من الفرد والمجتمع والعالم، وکانت بدایة الحدیث من أجل مکافحة التطرف، والتی قام بالتأکید علیها وعلى أهمیة السیاسة الداخلیة والخارجیة للملکة العربیة السعودیة، کما قد أکد الملک سلمان-حفظه الله- أیضا على الضرورة القصوى لمواجهة أی أعمال تطرف أو غلو، کما أکد ضرورة عدم التفریط فی الدین.

بالإضافة إلى ذلک فقد أکد على منهج التربیة الإسلامیة الذی یتضح من خلاله أن الدین الإسلامی هو دین التسامح والوسطیة وبالتالی فنسعى إلى أن نقوم بتطبیقه من خلال رؤیة 2030 لمواجهة التطرف والغلو والعنف والإرهاب الدینیة والتی ضد الدین.

فالمملکة العربیة السعودیة هی أطهر بقاع الأرض، فهی أرض النبی علیه أفضل الصلاة والسلام وأرض الکعبة والمسجد النبوی، وبالتالی فیجب أن لا یتم التساهل فی أی من العملیات الإرهابیة والتطرف الدینی أو التطرفات المضادة للدین.

وعلى الرغم من ذلک فقد کان رسالته تؤکد على أهمیة التسامح، وکان التسامح منهج من مناهج التربیة الإسلامیة والذی من خلالها یمکن أن یتم تجاوز مختلف التحدیات حیث یتم تعزیز عملیات التفاعل بین الشعوب، وهذا الأمر یساهم فی ترسیخ کلا من قیم التسامح، مما یسمح بحالة من التعایش المشترک بین الناس فی مختلف الدول بالإضافة إلى أنه أکد على مسؤولیة الشعب السعودی فی رؤیة 2030 وقدرتها على مواجهة التنظیمات الإرهابیة من خلال منهج التربیة الإسلامیة.

ثم انتقل أیضا الملک سلمان-حفظه الله- فی حدیثه لیوضح أهمیة المحور الأمنی فی تطبیق المنهج الإسلامی لمواجهة الإرهاب والتطرف فی رؤیة 2030، وأوضح سعیه إلى تشکیل تحالف إسلامی عسکری یهدف إلى مواجهة الإرهاب من خلال مبادرة المملکة العربیة السعودیة للقضاء على الإرهاب فی العالم العربی، وکانت تلک المرة هی الثانیة التی من خلالها یقوم الملک سلمان بالتشدید على خطورة الإرهاب والتطرف بجمیع أشکاله وصوره، کما أکد ضرورة التخلص من أی تنظیم إرهاب مسلح یساهم فی القتل والبغی فی الأراضی العربیة الشریفة والطاهرة.[55]

ویقوم منهج التربیة الإسلامیة فی ضوء مصادرها على عدد من القیم الإسلامیة التی تحمی الفرد والمجتمع من التطرف المضاد یمکن لمؤسسات المجتمع تضمینها فی خططها التربویة،یمکن تصنیفها فیما یلی :

-القیم الذاتیة : وهی القناعات الفردیة للشخص وهی التی تضبط علاقته بالله تعالى وعلاقته فیما حوله ومع الآخرین : کالإیمان والتقوى والإخلاص والخوف من الله تعالى والحیاء والطهر والعفة والوقار.

-القیم الاجتماعیة :وهی القیم التی تطبع سلوک الفرد فی علاقاته العامة ولایتصور وجودها إلا من خلال التفاعل مع الغیر وتنمى هذه القیم فی السیاق الجماعی والاحتکاک بالآخر،مثل الصبر والکرم والرحمة والعفو والحلم والإیثار والصدق والحب والرفق والأمانة والوفاء بالعهد والتعاون والتراحم والتواضع وغیرها .

-القیم الوطنیة :وهی قیم تتجاوز دائرتها العلاقات الاجتماعیة الناتجة عن الاحتکاک مع محیط محدود إلى الإحساس بالقواسم المعنویة المشترکة التی تجمع الجماعات المتباعدة وتتمثل هذه القواسم فی اللغة والدین والانتماء والرصید التاریخی والانتماء الجغرافی، ومن ذلک قیم حب الوطن والاعتزاز بالمقومات الحضاریة وحمایة الخصوصیات الدینیة والثقافیة، والغیرة على اللغة والدین، حیث تضمن هذه القیم استمرار کیان المجتمع ووجوده واستقلال هویته .

-القیم الإنسانیة :وهی التی تتجاوز العلاقات الاجتماعیة والخصوصیات الحضاریة لشعب من الشعوب أو مجتمع من المجتمعات لتنفتح على البعد الکونی وتصبح معاییر ومقاییس للتعامل مع الآخرین باعتباراتهم الإنسانیة التی یشترکون فیها بغض النظر عن انتماءاتهم العرقیة والدینیة والحضاریة کالعدل والحریة والمساواة فی الکرامة الإنسانیة  والإنصاف والتعارف والتسامح والسلم، ونبذ الظلم والاستبداد والاستعباد والقهر والعنصریات .

 

 

الخاتمة:

قال الله تعالى: }فَمَنْ کَانَ یَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا یُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا{[56]، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أفضل وأشرف خلق الله أما بعد ...

ففی خاتمة هذا البحث أذکرکم ونفسی بتقوى الله، وبالعمل الصالح لوجه الله تعالى، وأن یکون هذا البحث عملا خالصاً لله تعالى، وبهذا البحث تترک الباحثة الباب مفتوحا للباحثین لأن یکملوا الموضوعات البحثیة ذات العلاقة بالتطرف الدینی ، ویقدموا ما لدیهم من أفکار جدیدة، من أجل العمل على تطویر البحث العملی فی مجال التربیة الإسلامیة فی تناولها لتحدیات الواقع المعاصر، وستقوم الباحثة بسرد  النتائج التی قد تم التوصل إلیها بالإضافة إلى التوصیات التی ترى ضرورة تنفیذها للتخلص من أزمة التطرف الدینی أو التطرف المضاد بشکل أساس کونه محور هذا البحث من خلال منهج التربیة الإسلامیة.

أهم النتائج التی تم التوصل إلیها:

  • إن الإرهاب والتطرف الدینی والتطرف المضاد هو واحد من العوامل السلبیة المنتشرة فی عصرنا الحالی والتی لها العدید من التأثیرات السلبیة على کل من الفرد والمجتمع والعالم.
  • تشکل التربیة الإسلامیة بمنهجها ومصادرها وخصائصها ومؤسساتها إطارا مرجعیا کاملا وقویا ومتوازنا ورصینا فی حمایة المجتع المسلم من التطرف الدینی والتطرف المضاد.
  • یعود سبب انتشار الإرهاب بهذا الشکل إلى البعد الکامل من قبل العالم العربی عن الدین الإسلامی وعن منهج التربیة الإسلامیة الصحیح .
  • لحمایة المجتمع من التطرف المضاد لابد من الرجوع لمصادر التربیة الإسلامیة من القرآن والسنة ووضع الخطط والمناهج انطلاقا منهما والتمسک بهما .
  • تمثل رؤیة 2030 تلک الرؤیة التی تساهم فی تطور المملکة العربیة السعودیة ومختلف الدول العربیة وقد وضعت أهم الرکائز الأساسیة لمواجهة أنواع التطرف الدینی والتطرف المضاد فی استهدافها بناء الفرد المسلم الصالح المتوازن فی سلوکه وقیمه وأخلاقه.
  • تسعى المملکة العربیة السعودیة إلى التمسک من جدید بمکانتها کدولة إسلامیة عربیة لها دور کبیر فی الحیاة الإسلامیة.


التوصیات:

  1. ضرورة النظر فی خصائص التربیة الإسلامیة ومصادرها والرجوع إلیها عند رسم الاستراتیجیات والخطط التربویة لاشتمالها على المنهج المتکامل فی غرس قیم الوسطیة.
  2. یجب على العالم العربی والإسلامی أن التکاتف بشکل کامل من أجل مواجهة الإرهاب والتطرف الدینی أو التطرف المضاد.
  3. ضرورة تنفیذ وصایا الملک سلمان-حفظه الله- فی تکاتف الدول العربیة للقضاء على جمیع جذور الإرهاب والتطرف وعدم الاستسلام لها یجب اللجوء إلى المساجد من جدید وزیادة الندوات فی المدارس والجامعات من أجل التأکید على أهمیة القضاء على الإرهاب والتطرف ،والتزام منهج التربیة الإسلامیة .
  4. یجب التمسک بمنهج التربیة الإسلامیة من أجل مواجهة التطرف المضاد ووفق رؤیة 2030م.
  5. الاهتمام بتقدیم الأبحاث العلمیة التی تقدم الحلول لمشکلات المجتمع المعاصرة،خاصة التی قد تهدد أسس وقیم المجتمع المسلم .

 

 

قائمة المراجع والمصادر

  • سورة قریش، الآیة 4
  • سورة النور، الآیة 55
  • سورة البقرة، الآیة 112
  • سورة الأنعام، الآیة 14
  • سورة الذاریات، الآیة 56
  • النساء، الآیة 25
  • سورة النساء، الآیة 11
  • التربیة الإسلامیة من خلال القرآن الکریم والسنة النبویة، محمد الحاج علی، دار الطباعة الحربیة أورشلیم القدس، الطبعة الأولى 1988 ، ص 5
  • أصول التربیة الإسلامیة وأسالیبها فی البیت والمدرسة والمجتمع، عبد الرحمن النحلاوی، دار الفکر للنشر والتوزیع، 2010،  دمشق، ص 15
  • الخلاصة فی أصول التربیة الإسلامیة، علی بن نایف الشحود، الطبعة الأولى 2009،        ص 16
  • سورة الذاریات الآیة 56
  • أهداف التربیة الإسلامیة، الدکتور ماجد عرسان الکیلانی، مکتبة دار التراث العلمیة، المدینة المنورة، الطبعة الثانیة 1988، ص 16
  • أصول التربیة الإسلامیة، الدکتور خالد بن حامد الحازمی، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزیع، 1420 هــ، 2000، ص 45
  • سورة الأنعام، الآیة 162
  • سورة الأنعام، الآیة 153
  • سورة الأعراف، الآیة رقم 33
  • فتحی الدرینی، خصائص التشریع الإسلامی فی السیاسة والحکم، صفحة 263
  • سورة النساء، الآیة رقم 19
  • سورة النور، الآیتان رقم 58- 59
  • سورة الروم الآیة رقم 30
  • سمات التربیة الإسلامیة وطرقها، الدکتور عجیل جاسم النشمی، 1995، طبعة خاصة باللجنة الاستشاریة العلیا، ص 10
  • سورة لقمان، الآیة رقم 18
  • سورة القصص الآیة 77
  • أهداف التربیة الإسلامیة، د. ماجد عرسان الکیلانی الأردنی، الطبعة الأولى، 2015،        ص 6
  • سورة القیامة الآیة 17
  • سورة الحجر، الآیة 9
  • الشوکانی، إرشاد الفحول إلى تحقیق الحق فی علم الأصول، ص 33
  • سورة التغابن، الآیة رقم 12
  • سورة الحشر، الآیة رقم 7
  • ابن کثیر، شمائل الرسول صلى الله علیه وسلم، قسم التحقیق بشرکة الندى للتجهیزات الفنیة،  ص 137- 138
  • أبو داود (05/ 13- 14) برقم 4607
  • عبد الرحمن بن أبی بکر السیوطی، تاریخ الخلفاء، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامیة- قطر، الطبعة رقم 2 غیر مفهرس ص 80
  • ابن الأثیر، أسد الغابة، (3/ 483)
  • المسجد فی الإسلام، أحکامه وآدابه بدعة، تألیف خیر الدین وانلی، المکتبة الإسلامیة  الطبعةا لثالثة 1414 هجریا. ص 212- 213
  • ابن الحزم، الأخلاق والسیر، ص 8
  • مفهوم الإرهاب فی الشریعة الإسلامیة، الدکتور هیثم عبد السلام محمد، دار الکتب العلمیة، 2005، ص 24- 25
  • أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، دکتور صالح بن غانم السدلان، عام 2008، کتاب الکترونی ص 6: 19
  • سورة المائدة، الآیة 32
  • الإرهاب فی میزان الشریعة الإسلامیة، د. عادل العبد الجبار، کتاب فی القضایا المعاصرة، ص 20
  • الإرهاب مقدمة قصیرة جدا، تشارلز تاونزند، ترجمة محمد سعد طنطاوی، الطبعة الأولى 2014، مؤسسة هنداوی للتعلیم والثقافة، ص 116
  • أزمة الفکر العربی، شهادات الأدباء والکتاب من العالم العربی، إبراهیم سعفان، الطبعة الأولى 2000، اتحاد کتاب وأدباء الإمارات دار الحور للنشر والتوزیع، ص 12
  • رؤیة المملکة العربیة السعودیة 2030

 

 



[1] سورة قریش، الآیة 4

[2] سورة النور، الآیة 55

[3] سورة البقرة، الآیة 112

[4] سورة الأنعام، الآیة 14

[5] سورة الذاریات، الآیة 56

[6] النساء، الآیة 25

[7] سورة النساء، الآیة 11

[8] التربیة الإسلامیة من خلال القرآن الکریم والسنة النبویة، محمد الحاج علی، دار الطباعة الحربیة أورشلیم القدس، الطبعة الأولى 1988،ص 5

[9] المرجع السابق

[10] المرجع السابق ص 19

[11] الخلاصة فی أصول التربیة الإسلامیة، علی بن نایف الشحود، الطبعة الأولى 2009، ص 16

[12] المرجع السابق ص 17

[13] سورة الذاریات الآیة 56

[14] التربیة الإسلامیة من خلال القرآن الکریم والسنة النبویة، محمد الحاج علی، دار الطباعة الحربیة أورشلیم القدس، الطبعة الأولى 1988 ، ص 9

[15] أهداف التربیة الإسلامیة، الدکتور ماجد عرسان الکیلانی، مکتبة دار التراث العلمیة، المدینة المنورة، الطبعة الثانیة 1988، ص 16

[16] أصول التربیة الإسلامیة وأسالیبها فی البیت والمدرسة والمجتمع، عبد الرحمن النحلاوی، دار الفکر، دمشق، الطبعة الثالثة، 2004. ص 90

[17] أصول التربیة الإسلامیة، الدکتور خالد بن حامد الحازمی، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزیع، 1420 هــ، 2000، ص 45

[18] سورة الأنعام، الآیة 162

[19] سورة الأنعام، الآیة 153

[20] رواه الترمذی (4/ 573)، برقم (2510) وأحمد (1/ 165) واللفظ له.

[21] سورة الأعراف، الآیة رقم 33

[22] فتحی الدرینی، خصائص التشریع الإسلامی فی السیاسة والحکم، صفحة 263

[23] سورة النساء، الآیة رقم 19

[24] سورة النور، الآیتان رقم 58- 59

[25] أصول التربیة الإسلامیة، الدکتور خالد بن حامد الحازمی، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزیع، 1420 هــ، 2000، ص 48

[26] سورة الروم الآیة رقم 30

[27] سمات التربیة الإسلامیة وطرقها، الدکتور عجیل جاسم النشمی، 1995، طبعة خاصة باللجنة الاستشاریة العلیا، ص 10

[28] سورة لقمان، الآیة رقم 18

[29] الخلاصة فی أصول التربیة الإسلامیة، علی بن نایف الشحود، الطبعة الأولى 2009، ص 18

[30] سورة القصص الآیة 77

[31] أهداف التربیة الإسلامیة، د. ماجد عرسان الکیلانی الأردنی، الطبعة الأولى، 2015، ص 6

[32] المرجع السابق

[33] سورة القیامة الآیة 17

[34] سورة الحجر، الآیة 9

[35] أصول التربیة الإسلامیة، إعداد الدکتور خالد بن حامد الحازمی، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزیع، 1420 هجریا. 2000 میلادیا، ص 223

[36] الشوکانی، إرشاد الفحول إلى تحقیق الحق فی علم الأصول، ص 33

[37] سورة التغابن، الآیة رقم 12

[38] سورة الحشر، الآیة رقم 7

[39] ابن کثیر، شمائل الرسول صلى الله علیه وسلم، قسم التحقیق بشرکة الندى للتجهیزات الفنیة،  ص 137- 138

[40] أبو داود (05/ 13- 14) برقم 4607

[41] عبد الرحمن بن أبی بکر السیوطی، تاریخ الخلفاء، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامیة- قطر، الطبعة رقم 2 غیر مفهرس ص 80

[42] الترمذی (5/ 48- 49)

[43] أبو داود (4/ 57- 58) برقم (3641)

[44] أصول التربیة الإسلامیة، إعداد الدکتور خالد بن حامد الحازمی، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزیع، 1420 هجریا. 2000 میلادیا، ص 237

[45] المسجد فی الإسلام، أحکامه وآدابه بدعة، تألیف خیر الدین وانلی، المکتبة الإسلامیة  الطبعةا لثالثة 1414 هجریا. ص 212- 213

[46] متفق علیه

[47] رواه مسلم

[48] مفهوم الإرهاب فی الشریعة الإسلامیة، الدکتور هیثم عبد السلام محمد، دار الکتب العلمیة، 2005، ص 24- 25

[49] أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، دکتور صالح بن غانم السدلان، عام 2008، کتاب الکترونی ص 6: 19

[50] المرجع السابق

[51] سورة المائدة، الآیة 32

[52] الإرهاب فی میزان الشریعة الإسلامیة، د. عادل العبد الجبار، کتاب فی القضایا المعاصرة، ص 20

[53] المرجع السابق

[54] رؤیة المملکة العربیة السعودیة 2030

[55] رؤیة المملکة العربیة السعودیة 2030

[56] سورة الکهف، الآیة 10

  • قائمة المراجع والمصادر

    • سورة قریش، الآیة 4
    • سورة النور، الآیة 55
    • سورة البقرة، الآیة 112
    • سورة الأنعام، الآیة 14
    • سورة الذاریات، الآیة 56
    • النساء، الآیة 25
    • سورة النساء، الآیة 11
    • التربیة الإسلامیة من خلال القرآن الکریم والسنة النبویة، محمد الحاج علی، دار الطباعة الحربیة أورشلیم القدس، الطبعة الأولى 1988 ، ص 5
    • أصول التربیة الإسلامیة وأسالیبها فی البیت والمدرسة والمجتمع، عبد الرحمن النحلاوی، دار الفکر للنشر والتوزیع، 2010،  دمشق، ص 15
    • الخلاصة فی أصول التربیة الإسلامیة، علی بن نایف الشحود، الطبعة الأولى 2009،        ص 16
    • سورة الذاریات الآیة 56
    • أهداف التربیة الإسلامیة، الدکتور ماجد عرسان الکیلانی، مکتبة دار التراث العلمیة، المدینة المنورة، الطبعة الثانیة 1988، ص 16
    • أصول التربیة الإسلامیة، الدکتور خالد بن حامد الحازمی، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزیع، 1420 هــ، 2000، ص 45
    • سورة الأنعام، الآیة 162
    • سورة الأنعام، الآیة 153
    • سورة الأعراف، الآیة رقم 33
    • فتحی الدرینی، خصائص التشریع الإسلامی فی السیاسة والحکم، صفحة 263
    • سورة النساء، الآیة رقم 19
    • سورة النور، الآیتان رقم 58- 59
    • سورة الروم الآیة رقم 30
    • سمات التربیة الإسلامیة وطرقها، الدکتور عجیل جاسم النشمی، 1995، طبعة خاصة باللجنة الاستشاریة العلیا، ص 10
    • سورة لقمان، الآیة رقم 18
    • سورة القصص الآیة 77
    • أهداف التربیة الإسلامیة، د. ماجد عرسان الکیلانی الأردنی، الطبعة الأولى، 2015،        ص 6
    • سورة القیامة الآیة 17
    • سورة الحجر، الآیة 9
    • الشوکانی، إرشاد الفحول إلى تحقیق الحق فی علم الأصول، ص 33
    • سورة التغابن، الآیة رقم 12
    • سورة الحشر، الآیة رقم 7
    • ابن کثیر، شمائل الرسول صلى الله علیه وسلم، قسم التحقیق بشرکة الندى للتجهیزات الفنیة،  ص 137- 138
    • أبو داود (05/ 13- 14) برقم 4607
    • عبد الرحمن بن أبی بکر السیوطی، تاریخ الخلفاء، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامیة- قطر، الطبعة رقم 2 غیر مفهرس ص 80
    • ابن الأثیر، أسد الغابة، (3/ 483)
    • المسجد فی الإسلام، أحکامه وآدابه بدعة، تألیف خیر الدین وانلی، المکتبة الإسلامیة  الطبعةا لثالثة 1414 هجریا. ص 212- 213
    • ابن الحزم، الأخلاق والسیر، ص 8
    • مفهوم الإرهاب فی الشریعة الإسلامیة، الدکتور هیثم عبد السلام محمد، دار الکتب العلمیة، 2005، ص 24- 25
    • أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، دکتور صالح بن غانم السدلان، عام 2008، کتاب الکترونی ص 6: 19
    • سورة المائدة، الآیة 32
    • الإرهاب فی میزان الشریعة الإسلامیة، د. عادل العبد الجبار، کتاب فی القضایا المعاصرة، ص 20
    • الإرهاب مقدمة قصیرة جدا، تشارلز تاونزند، ترجمة محمد سعد طنطاوی، الطبعة الأولى 2014، مؤسسة هنداوی للتعلیم والثقافة، ص 116
    • أزمة الفکر العربی، شهادات الأدباء والکتاب من العالم العربی، إبراهیم سعفان، الطبعة الأولى 2000، اتحاد کتاب وأدباء الإمارات دار الحور للنشر والتوزیع، ص 12
    • رؤیة المملکة العربیة السعودیة 2030