الآثار التربوية للأصول العقدية للتربية الإسلامية الواردة في سورة النحل.

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية کلية التربية- قسم أصول التربية مسار التربية الإسلامية

المستخلص

هدفت الدراسة إلى الکشف عن الآثار التربوية للأصول العقدية للتربية الإسلامية الواردة في سورة النحل وذلک من خلال التعرف على الآثار التربوية لأرکان الإيمان الستة وهي: الإيمان بالله وبالملائکة وبالکتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر. ولتحقيق هذا الهدف تم استخدام المنهج الاستنباطي. وکان من أبرز نتائج الدراسة: اشتمال سورة النحل على الأصول العقدية الستة للتربية الإسلامية المتمثلة في أرکان الإيمان. ومن النتائج أيضا إن من الآثار التربوية للإيمان بالله تربية المؤمن على استعمال عقله بالتفکر في مخلوقات الله وأن يستشعر المؤمن لدوره في الحياة والغاية التي خلق لأجلها الخلق وهي عبادة الله سبحانه وحده لا شريک له. کذلک توصلت الدراسة إلى أن من الآثار التربوية للإيمان بالملائکة أن يؤمن المسلم بحقيقتهم وجوهرهم، وأن يقتدي بهم مع ضرورة الاجتهاد في البعد عما حرمه الله، خوفا من الله أولاً، ثم حياء من الملائکة الذين يسجلون الأعمال. کذلک من النتائج إن من الآثار التربوية للإيمان بالکتب شکر الله تعالى على لطفه بخلقه وعنايته بهم حيث أنزل إليهم الکتب المتضمنة إرشادهم لما فيه خيرهم وصلاحهم. مع ضرورة  رجوع  المؤمن إلى القرآن الکريم في کل أمور الدين والدنيا والتمسک به. ومن النتائج أيضا إن من الآثار التربوية للإيمان بالرسل تصديقهم جميعًا فيما جاءوا به، وموالاتهم جميعًا ومحبتهم.کذلک من الآثار التربوية أن سعادة المؤمن معلقة بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ومن النتائج أيضا إن من الآثار التربوية للإيمان باليوم الآخر ضبط الحياة الاجتماعية. ومن النتائج أيضا إن من الآثار التربوية للإيمان بالقضاء والقدر أنه من أکبر الدواعي التي تدعو إلى العمل والنشاط والسعي.
 

الموضوعات الرئيسية


 

                       کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

 

 

الآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة

 الواردة فی سورة النحل.

 

 

إعــــــــــداد

د/ أمل بنت راشد بن إبراهیم الخلیفة

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامیة

کلیة التربیة- قسم أصول التربیة

مسار التربیة الإسلامیة

 

 

}     المجلد الخامس والثلاثون– العدد السابع – یولیو 2019م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

ملخص البحث:

هدفت الدراسة إلى الکشف عن الآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل وذلک من خلال التعرف على الآثار التربویة لأرکان الإیمان الستة وهی: الإیمان بالله وبالملائکة وبالکتب والرسل والیوم الآخر والقضاء والقدر. ولتحقیق هذا الهدف تم استخدام المنهج الاستنباطی. وکان من أبرز نتائج الدراسة: اشتمال سورة النحل على الأصول العقدیة الستة للتربیة الإسلامیة المتمثلة فی أرکان الإیمان. ومن النتائج أیضا إن من الآثار التربویة للإیمان بالله تربیة المؤمن على استعمال عقله بالتفکر فی مخلوقات الله وأن یستشعر المؤمن لدوره فی الحیاة والغایة التی خلق لأجلها الخلق وهی عبادة الله سبحانه وحده لا شریک له. کذلک توصلت الدراسة إلى أن من الآثار التربویة للإیمان بالملائکة أن یؤمن المسلم بحقیقتهم وجوهرهم، وأن یقتدی بهم مع ضرورة الاجتهاد فی البعد عما حرمه الله، خوفا من الله أولاً، ثم حیاء من الملائکة الذین یسجلون الأعمال. کذلک من النتائج إن من الآثار التربویة للإیمان بالکتب شکر الله تعالى على لطفه بخلقه وعنایته بهم حیث أنزل إلیهم الکتب المتضمنة إرشادهم لما فیه خیرهم وصلاحهم. مع ضرورة  رجوع  المؤمن إلى القرآن الکریم فی کل أمور الدین والدنیا والتمسک به. ومن النتائج أیضا إن من الآثار التربویة للإیمان بالرسل تصدیقهم جمیعًا فیما جاءوا به، وموالاتهم جمیعًا ومحبتهم.کذلک من الآثار التربویة أن سعادة المؤمن معلقة بهدی النبی محمد صلى الله علیه وسلم. ومن النتائج أیضا إن من الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر ضبط الحیاة الاجتماعیة. ومن النتائج أیضا إن من الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر أنه من أکبر الدواعی التی تدعو إلى العمل والنشاط والسعی.


مشکلة الدراسة:

لقد اهتمت التربیة الإسلامیة بتقویة الإیمان بالله فی نفوس النشء المسلم عبر غرس کل العقائد والفضائل التی تدخل فی مفهوم الإیمان بالله, وهی بذلک تعتمد على مبدأ إمکانیة التغییر للاعتقاد والخلق والاتجاه. وتمتاز أصول التربیة الإسلامیة الإیمانیة العقدیة بارتباط الاعتقاد بالعمل, والقول بالفعل, حیث أن العمل لب الإیمان ودلیل رسوخه. وتشکل أصول التربیة الإسلامیة العقدیة حجر الأساس فی أصول التربیة الإسلامیة وذلک لأن العقیدة الإسلامیة هی أعظم الواجبات, وآکد ما فرضه الله على العباد, والعقیدة هی أساس بناء المجتمع المسلم فإن تطرق الشک إلیها أو أصابها الوهن فلن یکون للمجتمع أی وجود(الشیبانی,1988م,ص129).

إن المجتمع المسلم عندما یقیم بنائه على الإیمان والعقیدة الصحیحة ویعطیهما أهمیة کبرى, فإن لذلک فوائد وآثار إیجابیة بالنسبة للأفراد والجماعات.

ولقد تناول القرآن الکریم بشیء من التفصیل تلک الأصول العقدیة, وذلک فی عدة سور منه نظرا لأهمیة تلک الأصول الإیمانیة ,حیث انتظمت فی کتاب الله عز وجل فی ستة أصول, هی: الإیمان بالله ویتضمن إفراده سبحانه فی ربوبیته, وفی عبادته "ألوهیته", وفی أسمائه وصفاته, والإیمان بملائکته الکرام, والإیمان بالکتب السماویة المنزلة من عند الله تعالى, والإیمان بکافة رسله وأنبیائه, والإیمان بالیوم الآخر وما فیه من بعث وحساب وجزاء, والإیمان بالقدر خیره وشره, ولعل من تلک السور سورة النحل التی تمیزت بتناولها لجمیع هذه الأصول.

ولا شک بأنه یترتب على هذه الأصول العقدیة الإیمانیة الواردة فی سورة النحل العدید من الآثار التربویة التی تنعکس على حیاة الفرد والجماعة على اعتبار أن الإیمان بها یتطلب العمل بها, وتحویل ذلک الإیمان والاعتقاد إلى سلوکیات تظهر فی حیاة الفرد, ومن هنا جاءت          الدراسة الحالیة للکشف عن تلک الآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل. 

أسئلة الدراسة:

حاولت الدراسة الحالیة الإجابة عن السؤال الرئیس التالی: ما الآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل؟ وتطلبت الإجابة علیه الإجابة عن الأسئلة الفرعیة التالیة:

س1: ما الآثار التربویة للإیمان بالله الواردة فی سورة النحل؟

س2: ما الآثار التربویة للإیمان بالملائکة الواردة فی سورة النحل؟

س3: ما الآثار التربویة للإیمان بالکتب الواردة فی سورة النحل؟

س4: ما الآثار التربویة للإیمان بالرسل الواردة فی سورة النحل؟

س5: ما الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر الواردة فی سورة النحل؟

س6: ما الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر الواردة فی سورة النحل؟

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة الحالیة إلى الکشف عن الآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل وذلک من خلال التعرف على الآثار التربویة لأرکان الإیمان الستة وهی: الإیمان بالله وبالملائکة وبالکتب والرسل والیوم الآخر والقضاء والقدر.

أهمیة الدراسة:

-      تأتی أهمیة الدراسة الحالیة من أهمیة الأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة  المتمثلة فی أرکان الإیمان الستة حیث أنها تعمل على القضایا الکلیة  وتقود التغییر الاجتماعی وهی المرجعیة التربویة التی تساعد على قبول التغییر ومواکبته.

-      تأتی أهمیة الدراسة الحالیة من أهمیة موضوع سورة النحل التی تناولت العقیدة الإسلامیة کموضوع أساس لها(الکردی,2003م,ص192).

-      إن هذه الدراسة تتناول الآثار التربویة العملیة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة مما یسهل على المربین تدریب المتربین علیها.

-      تسهم الدراسة الحالیة فی إثراء المکتبة التربویة الإسلامیة حیث تفتقر المکتبة إلى الکتب والدراسات التی تتناول الأثر التربوی للإیمان بأرکان الإیمان الستة بالرغم من أهمیتها وتأثیرها فی سلوک الفرد والمجتمع.

حدود الدراسة :

اقتصرت الدراسة الحالیة على دراسةالآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل والمتمثلة فی أرکان الإیمان الستة.

مصطلحات الدراسة:

     الآثار التربویة: هی مجموعة من الانعکاسات التربویة التی یخلفها الإیمان بأرکان الإیمان الستة على الفرد والمجتمع.

أما الأصول العقدیة : فهی أرکان الإیمان الستة وهی: الإیمان بالله وبالملائکة وبالکتب والرسل والیوم الآخر والقضاء والقدر.

الدراسات السابقة:

       أجرت شهبة (2004م) دراسة بعنوان" الآثار التربویة لعقیدة المسلم" وهدفت الدراسة إلى بیان حاجة الإنسان إلى العقیدة الدینیة وبیان تأثیر العقیدة على السلوک الإنسانی, ثم بیان الآثار التربویة للعقیدة التی تنعکس على سلوک المسلم. ومن النتائج التی توصلت إلیها الدراسة أنه لا غنى للإنسان عن عقیدة یدین بها ویتشکل سلوکه وفقا لها. وأن عقیدة الإنسان تؤثر على فکره عامة وعلى فکره التربوی خاصة. کما توصلت الدراسة إلى أن من الآثار التربویة لعقیدة المسلم الإخلاص فی العمل والاطمئنان النفسی والاعتزاز بالنفس. وأجرى لولو(2001م) دراسة بعنوان" الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر" التی هدفت إلى إبراز الأثر الذی ترکته عقیدة القضاء والقدر على الفرد والمجتمع المسلم, ببیان التصور الصحیح لهذه العقیدة, وفق منهج أهل السنة من السلف الصالح, وأهم ما یجنیه الفرد والمجتمع عند الإیمان بهذه العقیدة بمفهومها الصحیح, وما یترتب عن عدم الأخذ بها من أضرار تربویة وآثار سلبیة عند فهمها على وجه غیر صحیح. وقد توصلت الدراسة إلى أن عقیدة القضاء والقدر تستمد من القرآن الکریم والسنة النبویة, وأن لها تأثیر کبیر على سلوک المؤمن بها من خلال علاقته بربه وتعامله مع أفراد مجتمعه وانعکاس ذلک على جوانب الحیاة المختلفة. وأجرى النمری(2000م) دراسة بعنوان "الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر فی الکتاب والسنة" وهدفت دراسته إلى بیان أثر الإیمان بالیوم الآخر على سلوک الفرد والأسرة والمجتمع وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج منها: أن الإیمان بالیوم الآخر هو أحد الأسس العقدیة التی جاءت بها جمیع الأدیان السماویة وأن الإیمان بالیوم الآخر یجعل المؤمن یسیطر على تصرفاته فلا یتبع الهوى, ویجعله یعیش حیاته بسکینة ورضا. وأنه ینمی عند الفرد الإحساس بالمسؤولیة.

      التعقیب على الدراسات السابقة: لقد استفادت الباحثة من تلک الدراسات من حیث توسیع قاعدة المعلومات, والتعرف على أبعاد الدراسة الحالیة وجوانبها المتعددة. ولقد اشترکت الدراسة الحالیة مع الدراسات السابقة فی مجال البحث وهو الآثار التربویة للأصول العقدیة إلا أن الدراسة الحالیة تختلف عنها فی الحد الموضوعی, فهی تنفرد فی البحث حول الکشف عن الآثار التربویة لجمیع الأصول العقدیة الستة الواردة فی سورة النحل, ولا تقتصر على تناول أصل عقدی دون غیره کما فی تلک الدراسات. ومن هنا فإن الدراسة الحالیة تکمل المحاور والجوانب التی لم تتعرض لها تلک الدراسات, مما یعزز الحاجة إلیها, خاصة فی الحدود الموضوعیة التی تناولتها, وما توصلت إلیه من نتائج وتوصیات. 

منهج الدراسة:

      اعتمدت  الباحثة فی هذه الدراسة على المنهج الاستنباطی من أجل استنباط الآثار التربویة  للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل. ویعرف الاستنباط فی میدان التربیة بأنه: "الطریقة التی یقوم فیها الباحث ببذل أقصى جهد عقلی ونفسی عند دراسة النصوص، بهدف استخراج مبادئ تربویة مدعمة بالأدلة الواضحة" (فوده وعبدالله, 1428هـ, ص 42). وعرفه یالجن (1419ه,ص22) بأنه: "طریقة من طرق البحث لاستنتاج أفکار ومعلومات من النصوص وغیرها وفق ضوابط وقواعد محددة ومتعارف علیها".

إجراءات الدراسة:

       قامت هذه الدراسة على عدة خطوات إجرائیة من أجل استنباط الآثار التربویة  للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل, وتمثلت هذه الخطوات فی ما یلی:

1- اعتمدت الباحثة على المعجم المفهرس للآیات القرآنیة, لجمع وتحدید الآیات ذات الصلة بموضوع الدراسة, حیث حددت الباحثة من خلال هذه الخطوة جملة من الآیات القرآنیة التی تناولت الأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل ذات الصلة.

2- تدبر آیات سورة النحل عند القراءة، ومراجعة ما له علاقة بموضوع الدراسة بالاعتماد على التفاسیر القرآنیة المعتمدة.

3- ثم بعد ذلک اختارت الباحثة تلک الآیات وتم تصنیفها وفقا للأصول العقدیة الستة للتربیة الإسلامیة التی تتعلق بها.

4- ترتیب الآیات الدالة على کل مبحث حسب ورودها فی السورة, وقد یتم ترتیبها حسب اتفاقها فی المعنى.

5-فهم وتحلیل دلالات هذه النصوص، وذلک یتطلب تفسیر هذه النصوص، وقد رکزت الباحثة على کتب التفسیر المعتمدة لفهم مراد الله –تعالى- من کل آیة، وکتب الحدیث الصحیحة, کذلک الرجوع لاجتهادات العلماء الذین کتبوا حول أرکان الإیمان الستة, ومن خلال الخطوات السابقة أجابت الباحثة على أسئلة الدراسة حول الآثار التربویة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة الواردة فی سورة النحل.

أما عن فصول الدراسة: فقد قسمت إلى ستة مباحث إضافة إلى المقدمة والنتائج. أما المقدمة فقد اشتملت على مشکلة الدراسة أسئلتها ووأهدافها وأهمیة الدراسة ثم حدودها ومصطلحاتها مع عرض للدراسات السابقة ومنهج الدراسة وإجراءاتها. وأما مباحث الدراسة الستة فکانت على النحو الآتی:

مباحث الدراسة:

تکونت الدراسة الحالیة من ستة مباحث وهی أرکان الإیمان الستة وذلک على النحو الآتی:

المبحث الأول: الآثار التربویة للإیمان بالله الواردة فی سورة النحل:

     وقد دلت السورة على أنواع التوحید الثلاثة فی کثیر من المواضع, فدلت على           توحید الربوبیة من خلال الإشارة إلى خلق السموات والأرض بالحق کما قال تعالى:        ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضَ بِٱلحَقِّ تَعَٰلَىٰ عَمَّا یُشرِکُونَ﴾3, ولعل التفکر والتأمل فی خلق السموات والأرض من ثمرته أن یدفع بالمؤمن إلى الإقرار بالله تعالى ووحدانیته. وذکرت السورة العباد بمرحلة التکوین فی الأرحام کما فی قوله تعالى:﴿خَلَقَ ٱلإِنسَٰنَ مِن نُّطفَة فَإِذَا هُوَ خَصِیم مُّبِین﴾ ودلالة الإنسان على خالقه جل شأنه من وجوه عدیدة ومن أبرزها: خلقه وتکوین أعضائه, وهذا ما دلت علیه الآیة(القاسمی,1984م,ص52), ولعل من آثار ذلک أن یستشعر المؤمن أن الله سبحانه خلقه من العدم إلى الوجود ثم أسبغ علیه نعمه الظاهرة والباطنة, فیعترف بحقه علیه وهو عبادته وحده لا شریک له, کذلک من الآثار التربویة أن یستشعر المؤمن أن الله لم یخلقه عبثا ویترکه سدى بعد کمال خلقه له(ابن القیم,د-ت,ص1596) وأنه لو فکر الإنسان بخلقه لزجره ما یعلم من عجائب خلقه عن الکفر والشرک.

 ومن دلائل ربوبیته تعالى أنه خلق الأنعام وما فیها من فائدة لبنی آدم کما فی قوله تعالى: ﴿ وَٱلأَنعَٰمَ خَلَقَهَا لَکُم فِیهَا دِفء وَمَنَٰفِعُ وَمِنهَا تَأکُلُونَ * وَلَکُم فِیهَا جَمَالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَحِینَ تَسرَحُونَ * وَتَحمِلُ أَثقَالَکُم إِلَىٰ بَلَد لَّم تَکُونُواْ بَٰلِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّکُم لَرَءُوف رَّحِیم * وَٱلخَیلَ وَٱلبِغَالَ وَٱلحَمِیرَ لِتَرکَبُوهَا وَزِینَة وَیَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ﴾ 5-8. ولعل التفکر والتأمل فی الأنعام ومنافعها یدفع الإنسان إلى شکر الله على تلک النعم العظیمة. وتضمنت السورة دلیلا ظاهرا على ربوبیة الخالق الشاملة وإحسانه لجمیع مخلوقاته حیث أنزل المطر وأنبت الزرع قال تعالى:﴿هُوَ ٱلَّذِی أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَاء لَّکُم مِّنهُ شَرَاب وَمِنهُ شَجَر فِیهِ تُسِیمُونَ * یُنبِتُ لَکُم بِهِ ٱلزَّرعَ وَٱلزَّیتُونَ وَٱلنَّخِیلَ وَٱلأَعنَٰبَ وَمِن کُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَأیَة لِّقَوم یَتَفَکَّرُونَ ﴾10- 11.

     ومن دلائل ربوبیته تعالى أنه سخر ما فی السموات من مخلوقات لبنی آدم کما فی قوله تعالى:﴿ وَسَخَّرَ لَکُمُ ٱلَّیلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمسَ وَٱلقَمَرَ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُ بِأَمرِهِۦٓۚ إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَأیَٰت لِّقَوم یَعقِلُونَ﴾12 , فهذا دلیل على أن للعالم خالقا حکیما, فکما سخر لهم الأرض بما فیها سخر لهم السماء وما فیها من مخلوقات کالشمس والقمر والنجوم وما ینتج عنها من ظواهر کونیة کاللیل والنهار. ولعل من آثار هذه الآیة على الإنسان أن هذه الآیات الکونیة تدعوه إلى استعمال عقله بموضوعیة وتفکر وتأمل لیدرک ما فیها من أدلة واضحة على عظمة خالقها وقدرته وحکمته ولطفه بعباده. وتضمنت سورة النحل أیضا آیة من آیات الله الکونیة الدالة على ربوبیته ووحدانیته وهی تسخیر البحر المتلاطم الامواج للعباد کما فی قوله تعالى:﴿ وَهُوَ ٱلَّذِی سَخَّرَ ٱلبَحرَ لِتَأکُلُواْ مِنهُ لَحما طَرِیّا وَتَستَخرِجُواْ مِنهُ حِلیَة تَلبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلفُلکَ مَوَاخِرَ فِیهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضلِهِۦ وَلَعَلَّکُم تَشکُرُونَ﴾14, فقد ذکر الله نعمة الغذاء ونعمة الحِلْیَة التی یستخرجها الانسان من البحر ونعمة الانتقال والسفر فی البحر, وهذه النعم تربی المؤمن على الشکر الدائم لله عز وجل.

ومن دلائل ربوبیته تعالى أنه خلق الجبال لتثبیت الأرض التی یسکن علیها الإنسان قال تعالى:﴿وَأَلقَىٰ فِی ٱلأَرضِ رَوَٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِکُم وَأَنهَٰرا وَسُبُلا لَّعَلَّکُم تَهتَدُونَ * وَعَلَٰمَٰت وَبِٱلنَّجمِ هُم یَهتَدُونَ﴾15-16,کذلک من منافعها ما یوجد فیها من المعادن على اختلاف أنواعها, وکونها ترد الریاح العاصفة وتکسر حدتها, وکونها أعلام یستدل بها فی الطرقات إلى غیر ذلک من المنافع التی لا یعلمها إلا فاطرها ومبدعها سبحانه, ومع هذا فهی تسبح بحمده سبحانه وتخشع له وتسجد وتشقق وتهبط من خشیته, وهی التی أشفقت من الأمانة التی عرضها الله علیها, ولعل هذا کله یدعو الإنسان إلى الخشیة من الله عز وجل إلى جانب حمد الله على هذه النعم. ومن دلائل ربوبیة الله عز وجل فی سورة النحل أن مد الظل للمخلوقات فی الأرض, وقد أشار إلى هذه الدلالة فی قوله تعالى:﴿ أَوَ لَم یَرَواْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَیء یَتَفَیَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلیَمِینِ وَٱلشَّمَائِلِ سُجَّدا لِّلَّهِ وَهُم دَٰخِرُونَ﴾ 48, فبینت هذه الآیة عظمة الخالق سبحانه وکماله وتمام إنعامه على خلقه, حیث جعل لکل مخلوق ظلا یتمدد ویتقلص, وهذه الظلال خاضعة ساجدة لله بکیفیة لا یعلمها إلا هو سبحانه. وهنا یستشعر المؤمن ما للظل من منافع عظیمة منها: حمایة الانسان والحیوان من شدة الحر والامطار, وأنه یعتبر علامة یهتدی بها المسلم فی تحدید بعض أوقات الصلاة, وکون الظل یستظل به العباد یوم القیامة حین تدنوا الشمس من رؤوس الخلائق. وأرشدت السورة إلى آیات الله فی النحل التی تدل على ربوبیة الخالق سبحانه قال تعالى:    ﴿وَأَوحَىٰ رَبُّکَ إِلَى ٱلنَّحلِ أَنِ ٱتَّخِذِی مِنَ ٱلجِبَالِ بُیُوتا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا یَعرِشُونَ * ثُمَّ کُلِی مِن کُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسلُکِی سُبُلَ رَبِّکِ ذُلُلا یَخرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَاب مُّختَلِفٌ أَلوَٰنُهُۥ فِیهِ شِفَاء لِّلنَّاسِ إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَأیَة لِّقَوم یَتَفَکَّرُونَ﴾68- ٦٩, وهنا یدرک المؤمن طاعة النحل وامتثالها لأمر ربها باتخاذها أولا البیوت قبل المرعى وذلک فی ثلاثة أماکن وهی الجبال والأشجار وبیوت الناس التی یبنونها لها, ثم أذن الله لها إذنا قدریا تسخیریا کما یؤکد ابن کثیر( 1999م, ص582 ) بأن تأکل من الثمرات وأن تسلک الطرق المذللة لها ثم تعود إلى بیوتها لا تحید عنها فتبنی الشمع وتقیء العسل من فیها ثم تذهب إلى مراعیها. فحری بالمؤمن الالتزام بطاعة الله عز وجل. کذلک من آثار هذه الآیة على المؤمن حین یتدبر أحوال النحل واجتماع شمله وانتظام أمره وحسن         تدبیر ملکه وتفویض کل عمل إلى واحد منه, أن یشجعه ذلک على الحرص على اجتماع          الکلمة والتعاون مع الآخرین والعمل المشترک المتقن. ودلت السورة على إمساک الله للطیر           فی الهواء وأنه تعالى هیأها على الصورة التی تمکنها من التحلیق فی الجو قال تعالى:             ﴿أَلَم یَرَواْ إِلَى ٱلطَّیرِ مُسَخَّرَٰت فِی جَوِّ ٱلسَّمَاءِ مَا یُمسِکُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُ إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَأیَٰت لِّقَوم یُؤمِنُونَ﴾ ٧٩,  وکل ذلک دلیل على کمال قدرته ومن ثم ربوبیته ووحدانیته تعالى.

  ودلت سورة النحل على النوع الثانی من أنواع التوحید وهو: توحید الألوهیة الذی یقتضی إفراد الله بالتعبد فی جمیع أنواع العبادات التی شرعها الله سبحانه لعباده. وهذا ما دلت علیه السورة فی بعض آیاتها منها قوله تعالى:﴿إِلَٰهُکُم إِلَٰه وَٰحِد فَٱلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنکِرَة وَهُم مُّستَکبِرُونَ﴾٢٢, وقوله:﴿ وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُواْ إِلَٰهَینِ ٱثنَینِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰه وَٰحِد فَإِیَّٰیَ فَٱرهَبُونِ * وَلَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ وَلَهُ ٱلدِّینُ وَاصِبًا أَفَغَیرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ﴾51-٥٢, ولعل الأثر التربوی العام لتوحید الألوهیة هو: استشعار المؤمن لدوره فی الحیاة والغایة التی خلق لأجلها الخلق وهی عبادة الله سبحانه وحده لا شریک له. ومن العبادات التی أشارت إلیها السورة عبودیة الخوف فی عدة مواضع منها ما ورد فی قوله تعالى:﴿ یُنَزِّلُ ٱلمَلَٰئِکَةَ بِٱلرُّوحِ مِن أَمرِهِۦ عَلَىٰ مَن یَشَاءُ مِن عِبَادِهِۦٓ أَن أَنذِرُواْ أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَٱتَّقُونِ﴾٢, والتقوى هنا بمعنى احذرونی بأداء فرائضی, وإفراد العبادة, وإخلاص الربوبیة لله(الطبری, 1994م,ص 501), وفی قوله تعالى:﴿أَو یَأخُذَهُم عَلَىٰ تَخَوُّف فَإِنَّ رَبَّکُم لَرَءُوف رَّحِیمٌ﴾47, ومن آثار ذلک: الخوف من عقاب الله تعالى وعذابه, وأن ذلک عبادة یتقرب بها المتقون منه جل شأنه. کذلک من آثار عبودیة الخوف تربیة المؤمن على ألا یخاف إلا الله لأن ثمرة ذلک أن الله یعطیه ما یرجو ویأمنه من مخاوف الدنیا والآخرة. ومن العبادات الواردة فی السورة عبودیة الصبر التی أشیر لها فی عدة مواضع منها: قوله تعالى:﴿ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُواْ فِی ٱللَّهِ مِن بَعدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُم فِی ٱلدُّنیَا حَسَنَة وَلَأَجرُ ٱلأخِرَةِ أَکبَرُ لَو کَانُواْ یَعلَمُونَ* ٱلَّذِینَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِم یَتَوَکَّلُونَ﴾41-42. وقوله تعالى:﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّکَ لِلَّذِینَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَٰهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّکَ مِن بَعدِهَا لَغَفُور رَّحِیم﴾110. أما الأثر التربوی للصبر فهو أن یتحلى المؤمن بالصبر على أقدار الله عز وجل لما یترتب علیه من الثواب العظیم والمغفرة للذنوب.

 ومن العبادات الواردة فی السورة أیضا عبودیة التوکل على الله تعالى قال تعالى:          ﴿ إِنَّهُۥ لَیسَ لَهُۥ سُلطَٰنٌ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِم یَتَوَکَّلُونَ*إِنَّمَا سُلطَٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یَتَوَلَّونَهُۥ وَٱلَّذِینَ هُم بِهِۦ مُشرِکُونَ﴾ 99-100, أما الأثر التربوی لهذه العبادة فهو دفع المؤمن للتوکل على الله والاعتماد الحقیقی علیه الذی من ثمرته أن یدفع الله عنه شر الشیطان بحیث لا یستطیع التسلط على المؤمن المتوکل. وأن یدرک المؤمن أن فعل التوکل على الله لا یعنی عدم الأخذ بالأسباب لأن الله جعل لکل شیء سببا. ومن العبادات الواردة فی السورة أیضا عبودیة الاستغاثة بالله قال تعالى:﴿ وَمَا بِکُم مِّن نِّعمَة فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّکُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَیهِ تَج‍َٔرُونَ * ثُمَّ إِذَا کَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنکُم إِذَا فَرِیق مِّنکُم بِرَبِّهِم یُشرِکُونَ﴾53-54, أما الأثر التربوی لهذه العبادة فهو علم المؤمن بأن الله هو الکاشف عنهم النقم والمسدی إلیهم بالنعم. ومن العبادات الواردة فی السورة أیضا عبودیة السجود قال تعالى:﴿وَلِلَّهِۤ یَسجُدُۤ مَا فِی ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِی ٱلأَرضِ مِن دَابَّة وَٱلمَلَٰئِکَةُ وَهُم لَا یَستَکبِرُونَ﴾49,  أما الأثر التربوی لهذه العبادة فهو استشعار المؤمن لمنزلة هذه العبادة وفضلها عند الله تعالى ففی الحدیث عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا یَکُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَکْثِرُوا الدُّعَاءَ»(مسلم,د-ت ,ص350,رقم الحدیث482), فالساجد لله یکون فی حالة ذل وخضوع وهذا من أشرف حالات العبادة. ومن العبادات الواردة فی السورة أیضا عبودیة الإحسان قال تعالى:﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَأمُرُ بِٱلعَدلِ وَٱلإِحسَٰنِ﴾90, وقوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِینَ هُم مُّحسِنُونَ﴾ 128, فدلت الآیتان على فضل الإحسان ومحبة الله له وفضل التعبد به. أما الأثر التربوی لهذه العبادة فهو استشعار العبد مراقبة الله تعالى فی جمیع أحواله والصبر على آداء فرائضه وطاعته, والإحسان إلى الخلق بنفعهم وکف أذاه عنهم.

     ودلت سورة النحل على النوع الثالث من أنواع التوحید وهو: توحید الاسماء والصفات من خلال الإشارة إلى مجموعة من أسماء الله وصفاته منها:

-      الله جل جلاله, وقد تکرر هذا الإسم الأعظم فی نحو ثلاثة وستون موضعا من السورة کقوله تعالى:﴿أَتَىٰ أَمرُ ٱللَّهِ فَلَا تَستَعجِلُوهُ سُبحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا یُشرِکُونَ﴾1, وقوله:﴿وَعَلَى ٱللَّهِ قَصدُ ٱلسَّبِیلِ وَمِنهَا جَائِر وَلَو شَاءَ لَهَدَىٰکُم أَجمَعِینَ﴾9, إلى غیر ذلک من الآیات.

-      الإله وهو المعبود وقد ورد فی قوله تعالى:﴿ إِلَٰهُکُم إِلَٰه وَٰحِد فَٱلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ         قُلُوبُهُم مُّنکِرَة وَهُم مُّستَکبِرُونَ﴾22, ومن آثاره إفراد الله بالمحبة والخوف والرجاء والتوکل وغیرها من العبادات.

-      الرب وقد ورد فی عدة مواضع منها: قوله تعالى:﴿ وَإِذَا قِیلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّکُم قَالُواْ أَسَٰطِیرُ ٱلأَوَّلِینَ﴾ 24, ومن آثاره إن العبد إذا آمن أن الله سبحانه رب العباد ومربیهم والمالک لکل شیء فإنه لا یطلب العون والمدد فی جمیع أحواله إلا منه جل شأنه, إذ لا رب معبود بحق إلا الله وحده لا شریک له(ابن منده, 2002م,ص 57).

-      الرؤف وقد ورد فی قوله تعالى:﴿ وَتَحمِلُ أَثقَالَکُم إِلَىٰ بَلَد لَّم تَکُونُواْ بَٰلِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّکُم لَرَءُوف رَّحِیم﴾ 7, فالله سبحانه ذو رأفة بکم ورحمة ومن رحمته أنه خلق لکم الأنعام لمنافعکم, وخلق السموات والأرض أدلة لکم  لتشکروه على نعمه فیزیدکم من فضله    (الطبری, 1994م,ص 503)

-        الغفور وقد ورد فی قوله:﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیکُمُ ٱلمَیتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحمَ ٱلخِنزِیرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَیرِ ٱللَّهِ بِهِۦۖ فَمَنِ ٱضطُرَّ غَیرَ بَاغ وَلَا عَاد فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُور رَّحِیم﴾ 115, ومن آثاره تشجیع العبد على التوبة والرجوع إلى الله وعدم القنوط من رحمة الله, فالله هو غافر الذنب وقابل التوب.

-      الرحیم وقد ورد فی عدة مواضع من السورة منها قوله:﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّکَ لِلَّذِینَ عَمِلُواْ ٱلسُّوءَ بِجَهَٰلَة ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعدِ ذَٰلِکَ وَأَصلَحُواْ إِنَّ رَبَّکَ مِن بَعدِهَا لَغَفُور رَّحِیمٌ﴾119, ومن آثاره أن العبد          إذا سأل الله ربه باسمه الرحیم ولإخوانه المؤمنین, فإنه یرق قلبه وتصبح الرحمة بالآخرین   من أخلاقه.

-       العزیز وقد ورد فی قوله تعالى:﴿ لِلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوءِ وَلِلَّهِ ٱلمَثَلُ ٱلأَعلَىٰ وَهُوَ ٱلعَزِیزُ ٱلحَکِیمُ﴾60, ومن آثاره أن یصبح المؤمن عزیزا وقویا لأنه یستمد عزته وقوته من الله تعالى.

-       الحکیم وقد ورد فی قوله تعالى:﴿ لِلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوءِ وَلِلَّهِ ٱلمَثَلُ ٱلأَعلَىٰ وَهُوَ ٱلعَزِیزُ ٱلحَکِیمُ﴾60, ومن آثاره إن المؤمن إذا عرف أن الله الحکیم الذی له الحکمة العلیا فی خلقه وأمره, أطاعه فی أوامره واجتنب نواهیه وقوی إیمانه به لما شاهده من آثار حکمته فی خلقه.

-       العلیم وقد ورد فی قوله تعالى:﴿ وَٱللَّهُ خَلَقَکُم ثُمَّ یَتَوَفَّىٰکُم وَمِنکُم مَّن یُرَدُّ إِلَىٰ أَرذَلِ ٱلعُمُرِ لِکَی لَا یَعلَمَ بَعدَ عِلم شَی‍ًٔا إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیم قَدِیر﴾70, ومن آثاره استشعار رقابة الله وعلمه الدائم بأحواله وهذا مما یحفزه على استقامة سلوکه لإحساسه بمراقبة العلیم له.

-      القدیر وقد ورد فی قوله تعالى:﴿وَلِلَّهِ غَیبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ وَمَا أَمرُ ٱلسَّاعَةِ إِلَّا کَلَمحِ ٱلبَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ کُلِّ شَیء قَدِیر77 , ومن آثاره إن العبد إذا آمن بأن الله لا یعجزه شیء فی الأرض ولا فی السماء وأنه قادر على کل شیء خاف الله وتجنب معصیته وتوکل علیه فی جمیع أموره ووثق بما عنده سبحانه وتعالى.

أما صفات الله الحسنى الواردة فی سورة النحل فمنها:

-      صفة العلو والفوقیة: وقد وردت فی عدة مواضع منها قوله:﴿وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَاء فَأَحیَا بِهِ ٱلأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَأیَة لِّقَوم یَسمَعُونَ﴾ 65, فدلت الآیة على علو الله تعالى على خلقه وأنه فی السماء. ومن آثار هذه الصفة: أن المؤمن إذا آمن بأن فوق العرش خاف منه وشعر بمراقبته له فی کل حین.

-      صفة العلم: وقد وردت فی أکثر من ثمانیة مواضع منها قوله تعالى:﴿ٱدعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّکَ بِٱلحِکمَةِ وَٱلمَوعِظَةِ ٱلحَسَنَةِ وَجَٰدِلهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعلَمُ بِٱلمُهتَدِینَ﴾ 125, وقد دلت هذه الآیة وغیرها من الآیات على علم الله الشامل الکامل, وأنه لم یتصف مخلوق بذلک, وهذه الصفة لها نفس الأثر الذی سبق الإشارة إلیه فی اسمه تعالى العلیم, کما له أثر فی أنه یدفع العلماء إلى التواضع لأنه مهما علموا إلا أن علمهم محدود.

-      صفة الملک وقد وردت فی قوله تعالى:﴿ وَلَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ وَلَهُ ٱلدِّینُ وَاصِبًا أَفَغَیرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ﴾52, ومن آثارها تقدیم المؤمن الطاعة المطلقة للملک الحق على طاعة من سواه لأن طاعته سبحانه أوجب من طاعة غیره. کذلک فإن العبد إذا اعتقد أن المالک الحقیقی هو الله وأنه مستخلف فیما آتاه الله من مال وسلطان أدى حق الله الذی فرضه          علیه فی هذا المال وحق عباده المستضعفین الذین لم یوسع لهم الله فی الرزق وتجنب          الظلم والجبروت.

-       صفة العزة وقد وردت فی قوله تعالى:﴿ لِلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوءِ وَلِلَّهِ ٱلمَثَلُ ٱلأَعلَىٰۚ وَهُوَ ٱلعَزِیزُ ٱلحَکِیمُ﴾60, وهذه الصفة لها نفس الأثر الذی سبق الإشارة إلیه فی اسمه تعالى العزیز.

-      صفة الحکمة وقد وردت فی قوله تعالى:﴿ لِلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوءِ وَلِلَّهِ ٱلمَثَلُ ٱلأَعلَىٰۚ وَهُوَ ٱلعَزِیزُ ٱلحَکِیمُ﴾60, والحکمة بمعنى وضع الأشیاء فی مواضعها وإیقاعها على أحسن الوجوه. (ابن القیم,2011م,ص235), وهذه الصفة لها نفس الأثر الذی سبق الإشارة إلیه فی اسمه تعالى الحکیم.

-      صفة القدرة وقد وردت فی قوله تعالى:﴿ وَٱللَّهُ خَلَقَکُم ثُمَّ یَتَوَفَّىٰکُم وَمِنکُم مَّن یُرَدُّ إِلَىٰ أَرذَلِ ٱلعُمُرِ لِکَی لَا یَعلَمَ بَعدَ عِلم شَی‍ًٔا إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیم قَدِیر﴾70, وفی الآیة بیان لقدرته التامة على تغییر حیاة عباده من حال إلى حال, وأن القادر على ذلک أقدر على إحیائهم بعد موتهم         ( القرطبی,2006م,ص375 ).

-      صفة المشیئة وقد وردت فی السورة أکثر من مرة کقوله تعالى: ﴿وَلَو شَاءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَکُم أُمَّة وَٰحِدَة وَلَٰکِن یُضِلُّ مَن یَشَاءُ وَیَهدِی مَن یَشَاءُ وَلَتُس‍َٔلُنَّ عَمَّا کُنتُم تَعمَلُونَ﴾93, ومن آثار هذه الصفة أن المؤمن إذا آمن بهذه الصفة أیقن تماما أن کل ما فی الوجود هو بمشیئة الله, وهذا هو حقیقة ربوبیته لکل شیء.

-      صفة المحبة وقد وردت فی قوله تعالى:﴿ لَا جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعلَمُ مَا یُسِرُّونَ وَمَا یُعلِنُونَ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلمُستَکبِرِینَ﴾ 23, ومن آثار هذه الصفة طاعة العبد لربه وامتثال أمره وأن الله سیجازیه على ذلک بالثواب والإحسان.

-      صفة الغضب وقد وردت فی قوله تعالى:﴿مَن کَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعدِ إِیمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَن أُکرِهَ وَقَلبُهُۥ مُطمَئِنُّ بِٱلإِیمَٰنِ وَلَٰکِن مَّن شَرَحَ بِٱلکُفرِ صَدرا فَعَلَیهِم غَضَب مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُم عَذَابٌ عَظِیم﴾106, وفی الآیة إشارة إلى غضب الله على المرتدین عن دین الله تعالى إلى الکفر(ابن کثیر,1999م ,ص605). وهذه الصفة تدفع المؤمن إلى امتثال أمر الله بالنظر فی آثار السابقین ممن حل بهم غضب الله تعالى بسبب مخالفتهم لأوامره.

-      صفة الخلق وقد وردت فی عدة مواضع منها قوله تعالى: ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضَ          بِٱلحَقِّ تَعَٰلَىٰ عَمَّا یُشرِکُونَ﴾3, وقد تضمنت السورة خلق الله لبعض مخلوقاته فی هذا الکون الفسیح. ومن آثار هذه الصفة حث المؤمن على التفکر والتأمل فی مخلوقات الله وبالتالی تنمیة ملکاته الفکریة, کما أن هذه الصفة تقوی إیمان العبد وصلته بالله فهو الخالق وحده المستحق للعبادة.

-      صفة الرأفة وقد وردت فی قوله تعالى:﴿ إِنَّ رَبَّکُم لَرَءُوف رَّحِیم﴾7, وهذه الصفة لها نفس الأثر الذی سبق الإشارة إلیه فی اسمه تعالى الرؤوف.

-      صفة الرحمة وقد وردت فی عدة مواضع منها قوله تعالى:﴿إِنَّ رَبَّکَ مِن بَعدِهَا لَغَفُور رَّحِیم﴾ 110, ومن آثار هذه الصفة التراحم بین الناس, فالله قد وضع الرحمة بین عباده لیتراحموا بها وکذلک بین سائر أنواع الحیوان, وهذا التراحم من آثار الرحمة التی هی صفته ونعمته.

-      صفة المعیة وقد وردت فی قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِینَ هُم مُّحسِنُونَ﴾ 128, ومن آثار هذه الصفة إدراک العبد لمعیة الله لعباده یورثه الخوف من الله المطلع علیه الرقیب الشهید. کذلک فإن ذلک یقوی توکل العبد على الله فی جمیع أموره لأنه یشعر بقرب الله منه وإحاطته بعلمه وإعانته ونصره وتأییده له إذا أخلص له.

المبحث الثانی: الآثار التربویة للإیمان بالملائکة الواردة فی سورة النحل:

الإیمان بالملائکة له أهمیة کبرى فی دین الله, اعتبارا لدورهم الفعال فی کثیر من الظواهر والأعمال ذات الصلة بالمسؤولیة الإنسانیة على الأرض(الأحمر,1981م,ص215)

والملائکة: فی أصل اللغة جمع ملأک وأصل ملأک: مألک بتقدیم الهمزة لأنه مشتق من الألوکة, والألوکة فی اللغة: الرسالة، ثم حذفت الهمزة تخفیفا فقیل: ملک فی المفرد, وملائکة فی الجمع(الجوهری , 1979م,ص264), (ابن منظور,2010م,ص386). أما تعریفهم فی الشرع: " فهی أجسام نورانیة لطیفة، أعطیت قدرة على التشکل بأشکال مختلفة، ومسکنها السموات " وعلى هذا جمهور العلماء(ابن حجر,د-ت,ص306).

والإیمان بالملائکة؛ هو الاعتقاد الجازم بوجودهم، وأنهم مخلوقون لله سبحانه، قال تعالى: ﴿ وَلَٰکِنَّ ٱلبِرَّ مَن ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلیَومِ ٱلأخِرِ وَٱلمَلَٰئِکَةِ وَٱلکِتَٰبِ وَٱلنَّبِیِّ‍نَ﴾ (البقرة:177).

والإیمان بالملائکة: رکن من أرکان الإیمان، فلا یصح إیمان العبد إلا به، وقد دلت على ذلک نصوص الکتاب والسنة وإجماع المسلمین، قال تعالى:﴿ ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَیهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلمُؤمِنُونَ کُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰئِکَتِهِۦ وَکُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ ﴾ (البقرة: 285). وفی حدیث أَبِی هُرَیْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «سَلُونِی»، فَهَابُوهُ أَنْ یَسْأَلُوهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَجَلَسَ عِنْدَ رُکْبَتَیْهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «لَا تُشْرِکُ بِاللهِ شَیْئًا، وَتُقِیمُ الصَّلَاةَ،               وَتُؤْتِی الزَّکَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِیمَانُ؟ قَالَ:            «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِکَتِهِ، وَکِتَابِهِ، وَلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ کُلِّهِ»           (مسلم,د-ت,ص40, رقم الحدیث10).

ومن الآثار التربویة للإیمان بالملائکة:

-       أن یؤمن العبد بحقیقتهم وجوهرهم، بمعنى أنهم ذواتٌ حقیقیّة ولیست معنویّة أو مجازیّة، وأنّهم خُلقوا من نور، کذلک یؤمن بما یتعلّق بأخبارهم وأعمالهم، کالتوکیل بالقطر، أو حراسة نار جهنم، أو النفخ فی الصور، وقد تضمنت سورة النحل ثلاث وظائف للملائکة وهی: تبلیغ الوحی کما فی قوله تعالى:﴿ یُنَزِّلُ ٱلمَلَٰئِکَةَ بِٱلرُّوحِ مِن أَمرِهِۦ عَلَىٰ مَن یَشَاءُ مِن عِبَادِهِۦٓ أَن أَنذِرُواْ أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَٱتَّقُونِ﴾ 2. وقبض الأرواح کما فی قوله تعالى:﴿ ٱلَّذِینَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلمَلَٰئِکَةُ ظَالِمِی أَنفُسِهِم فَأَلقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا کُنَّا نَعمَلُ مِن سُوءِ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُ بِمَا کُنتُم تَعمَلُونَ﴾ 28. وإلقاء التحیة على المؤمنین وتبشیرهم بالجنة کما فی قوله تعالى:                         ﴿ ٱلَّذِینَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلمَلَٰئِکَةُ طَیِّبِینَ یَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَیکُمُ ٱدخُلُواْ ٱلجَنَّةَ بِمَا کُنتُم تَعمَلُونَ﴾32. والإیمان بما أعطاهم من القدرة على التشکّل والتصوّر، وأنهم لا یأکلون ولا یشربون ولا یتزاوجون، یسبحون اللیل والنهار لا یفترون، وغیر ذلک من الأمور، وکذلک الإیمان بما ورد من أسمائهم، کجبریل ومیکائیل وإسرافیل، وملک الموت، ومالکُ خازن جهنم، علیهم جمیعاً صلوات الله وسلامه.

-       الاقتداء بالملائکة فی حسن الأدب مع الله تعالى فی مخاطبته والحدیث معه، وذلک موجود فی الحوارات الغیبیّة المبثوثة فی النصوص من مثل قوله تعالى:﴿ قَالُواْ سُبحَٰنَکَ لَا عِلمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمتَنَا إِنَّکَ أَنتَ ٱلعَلِیمُ ٱلحَکِیمُ﴾ (البقرة:32).

-       الاقتداء بالملائکة فهم لا یتقدمون ربّهم تبارک وتعالى بالقول، وهم بأمره یعملون، فلا یخالفونه قولا وفعلاً، قال تعالى: ﴿لَا یَسبِقُونَهُۥ بِٱلقَولِ وَهُم بِأَمرِهِۦ یَعمَلُونَ ﴾(الأنبیاء:27)، وهذا الأدب الرفیع قد أُمرنا بامتثاله کما ورد فی سورة الحجرات:﴿یَٰأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَینَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ (الحجرات:1).

-       والاقتداء بالملائکة فی کثرة  الصلاة على النبی صلى الله علیه وسلم، قال الله تعالى:          ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰئِکَتَهُۥ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّ یَٰأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَیهِ وَسَلِّمُواْ تَسلِیمًا﴾ (الأحزاب:56).

-       موالاة جمیع الملائکة ومحبّتهم قال تعالى: ﴿مَن کَانَ عَدُوّا لِّلَّهِ وَمَلَٰئِکَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبرِیلَ وَمِیکَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّ لِّلکَٰفِرِینَ﴾ (البقرة: 98)، وهذا دلیل على أن موالاة جمیع الملائکة ومحبّتهم هو من الحقوق الواجبة التی لا یسوغ التفریط فیها.

-       بذل العبد جهده فی طاعة ربه سبحانه، اقتداء بالملائکة الکرام، الذین یتفانون فی طاعته مع عصمتهم من الذنوب، وقربهم من ربهم جلا وعلا، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ عِندَ رَبِّکَ لَا یَستَکبِرُونَ عَن عِبَادَتِهِۦ وَیُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ یَسجُدُونَۤ﴾ (الأعراف:206).

-       دفع الغرور عن النفس، والافتخار بالعمل، فالملائکة على دوام طاعتهم خاضعین له سبحانه﴿ یُسَبِّحُونَ ٱلَّیلَ وَٱلنَّهَارَ لَا یَفتُرُونَ﴾ (الأنبیاء:20)، وهم مع ذلک یسألونه الصفح والمغفرة عن التقصیر فی العمل، کما ثبت ذلک فی الحدیث الذی رواه سَلْمَانَ عَنِ النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " یُوضَعُ الْمِیزَانُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَلَوْ وُزِنَ فِیهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ لَوَسِعَتْ ، فَتَقُولُ الْمَلَائِکَةُ : یَا رَبِّ لِمَنْ یَزِنُ هَذَا ؟ فَیَقُولُ اللهُ تَعَالَى : لِمَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِی ، فَتَقُولُ الْمَلَائِکَةُ : سُبْحَانَکَ مَا عَبَدْنَاکَ حَقَّ عِبَادَتِکَ ، وَیُوضَعُ الصِّرَاطُ مِثْلَ حَدِّ الْمُوسَى فَتَقُولُ الْمَلَائِکَةُ : مَنْ تُجِیزُ عَلَى هَذَا ؟ فَیَقُولُ : مَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِی ، فَیَقُولُونَ : سُبْحَانَکَ مَا عَبَدْنَاکَ حَقَّ عِبَادَتِکَ" (الطهمانی, 1990م, ص 629, رقم الحدیث8739), والمسلم مهما بلغ فی عبادته، فلن یبلغ مقدار عبادة الملائکة، فهو أولى بنبذ الکبر       والاغترار بالعمل.

-       الاجتهاد فی البعد عما حرمه الله، خوفا من الله أولاً، ثم حیاء من الملائکة الذین لا یفارقون بنی آدم، ویکتبون ویسجلون أعمالهم، ولا سیما أن الله وصفهم بأنهم کرام، کما قال تعالى:        ﴿ وَإِنَّ عَلَیکُم لَحَٰفِظِینَ* کِرَاما کَٰتِبِینَ * یَعلَمُونَ مَا تَفعَلُونَ﴾( الانفطار : 10-12)، فإن الإنسان قد تستولی علیه الشهوة، ویغفل عن مراقبة الله له، فإذا علم أن معه من لا یفارقه من الملائکة الکرام، کان ذلک باعثا له على الحیاء، والانکفاف عما هو مقدم علیه من معصیة الله تعالى .

-       الاقتداء بهم فی حسن نظامهم، وإتقان أعمالهم: فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ،  - رضی الله عنه - أن النبی - صلى الله علیه وسلم - قَالَ: «أَلَا تَصُفُّونَ کَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِکَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟» فَقُلْنَا یَا رَسُولَ اللهِ، وَکَیْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِکَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «یُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَیَتَرَاصُّونَ فِی الصَّفِّ»(مسلم,د-ت,ص 322,رقم الحدیث430) فحثّ النبی - صلى الله علیه وسلم-  الصحابة على الاصطفاف فی الصلاة، کما تصف الملائکة عند ربها، وذلک لحسن نظامهم، عند وقوفهم بین یدی ربهم .

-       إن الملائکة مع عظیم خلقهم، وشدة بأسهم، ما هم إلا خلق من خلق الله، وإن هذا الکون بإبداعه، وإبداع من فیه، لهو أعظم دلیل على وحدانیة الله تعالى، واستحقاقه مطلق العبادة.

المبحث الثالث: الآثار التربویة للإیمان بالکتب الواردة فی سورة النحل:

الإیمان بالکتب أصل من أصول العقیدة، ورکن من أرکان الإیمان، ولا یصح إیمان أحد إلا إذا آمن بالکتب التی أنزلها الله على رسله علیهم السلام, کذلک من أنکر شیئاً مما أنزل الله فهو کافر کما قال تعالى:﴿ وَمَنْ یَکْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْیَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِیداً﴾ (النساء:136).

ومعنى الإیمان بالکتب التصدیق الجازم بأن کلها منزل من عند الله عز وجل على رسله إلى عباده بالحق المبین والهدى المستبین، وأنها کلام الله عز وجل لا کلام غیره.

ودلت سورة النحل على وجوب الإیمان بالکتب السماویة جمیعها ومن بینها القرآن الکریم قال تعالى: ﴿بِٱلبَیِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنزَلنَا إِلَیکَ ٱلذِّکرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیهِم وَلَعَلَّهُم یَتَفَکَّرُونَ﴾44, وهنا أخبر الله نبیه بأنه أرسل من قبله رجالا أوحى إلیهم وأرسلهم بالآیات والحجج وبالکتب            (الطبری, 1994م,ص 523). کما دلت السورة على أن القرآن الکریم کلام الله المنزل على نبیه فی عدة آیات منها :قوله تعالى:﴿ قُل نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلقُدُسِ مِن رَّبِّکَ بِٱلحَقِّ﴾102. ومن خلال ما دلت علیه هذه الآیة من السورة وغیرها یمکن بیان کیفیة الإیمان بکتب الله وهی:

1 - التصدیق الجازم بأنها کلها منزلة من الله عز وجل، وأنها کلام الله تعالى لا کلام غیره، وأن الله تکلم بها حقیقة کما شاء وعلى الوجه الذی أراد سبحانه. قال تعالى:﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ نَزَّلَ عَلَیْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِیلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِیدٌ وَاللَّهُ عَزِیزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾       (آل عمران: 2- 4). فأخبر الله عز وجل أنه أنزل هذه الکتب المذکورة وهی: التوراة، والإنجیل، والقرآن من عنده وهذا یدل على أنه هو المتکلم بها وأنها منه بدأت لا من غیره، ولذا توعد فی نهایة السیاق من کفر بآیات الله بالعذاب الشدید.

2 - الإیمان بأنها دعت کلها إلى عبادة الله وحده وقد جاءت بالخیر والهدى والنور               والضیاء, قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِیهَا هُدًى وَنُورٌ﴾ (المائًدة: 44). وقال تعالى:            ﴿ وَآتَیْنَاهُ الْإِنْجِیلَ فِیهِ هُدًى وَنُورٌ﴾ (المائدة: 46). وقال تعالى:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَیِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾(البقرة: 185). إلى غیر ذلک من الآیات المتضمنة أن کتب الله تعالى قد جاءت بالهدى والنور من الله تعالى.

3 - الإیمان بأن کتب الله یصدق بعضها بعضًا فلا تناقض بینها ولا تعارض کما قال تعالى   فی القرآن: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَیْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتَابِ وَمُهَیْمِنًا عَلَیْهِ﴾ (المائدة: 48). وقال فی حق الإنجیل:﴿وَآتَیْنَاهُ الْإِنْجِیلَ فِیهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ (المائدة: 46).

4 - الإیمان بما سمى الله عز وجل من کتبه على وجه الخصوص، والتصدیق بها، وبإخبار الله ورسوله عنها. وهذه الکتب هی: التوراة:, الإنجیل, الزبور, صحف إبراهیم وموسى والقرآن العظیم, فیجب الإیمان بهذه الکتب على ما جاءت به النصوص، من ذکر أسمائها، ومن أنزلت فیهم، وکل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله علیه وسلم عنها، وما قُصَّ علینا من أخبار أهلها.

5 - الاعتقاد الجازم بنسخ جمیع الکتب والصحف التی أنزلها الله على رسله، بالقرآن الکریم، وأنه لا یسع أحدًا من الإنس أو الجن، لا من أصحاب الکتب السابقة، ولا من غیرهم،            أن یعبدوا الله بعد نزول القرآن بغیر ما جاء فیه أو یتحاکموا إلى غیره, قال تعالى:           ﴿ تَبَارَکَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِیَکُونَ لِلْعَالَمِینَ نَذِیرًا﴾(الفرقان: 1).

وللإیمان بالکتب آثاره العظیمة على المؤمن فمن ذلک: 

- شکر الله تعالى على لطفه بخلقه وعنایته بهم حیث أنزل إلیهم الکتب المتضمنة إرشادهم لما فیه خیرهم وصلاحهم فی الدنیا والآخرة( الحمد,2002م,ص282).

- استشعار المؤمن لعنایة الله؛ حیث أنزل لکل أمة کتاباً یهدیهم به.

- التحرر من ضلالات أفکار بعض البشر بهدی السماء المنزل من الله عز وجل.

- الرجوع إلى القرآن الکریم فی کل أمور الدین والدنیا والمعاش والمعاد, فالقرآن تبیان لکل شیء لقوله تعالى:﴿ وَنَزَّلنَا عَلَیکَ ٱلکِتَٰبَ تِبیَٰنا لِّکُلِّ شَیء وَهُدى وَرَحمَة وَبُشرَىٰ لِلمُسلِمِینَ﴾89.

- التمسک بالقرآن الکریم واتباعه ظاهرا وباطنا, والقیام بحقه من التلاوة والتدبر, وإحلال حلاله وتحریم حرامه, والاعتبار بأمثاله, والاتعاظ بقصصه, والعلم بمحکمه, والوقوف عند حدوده (الحکمی, 1426ه,ص829).

- هدایة القرآن العظیم للناس من الضلال ورحمة لمن صدق به وعمل به, فهو یهدیهم           إلى السیر على طریق مستقیمة واضحةٍ لا اضطراب فیها ولا اعوجاج, قال تعالى:          ﴿ وَمَا أَنزَلنَا عَلَیکَ ٱلکِتَٰبَ إِلَّا لِتُبَیِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِی ٱختَلَفُواْ فِیهِ وَهُدى وَرَحمَة لِّقَوم یُؤمِنُونَ﴾64.

- بشرى القرآن الکریم للمؤمن الذی التزم أوامره واجتنب نواهیه وصدق ما أنزله فی آی          کتابه فصار من أهل السعادة الذین لهم جزیل الثواب فی الآخرة, قال تعالى:                   ﴿ قُل نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلقُدُسِ مِن رَّبِّکَ بِٱلحَقِّ لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَهُدى وَبُشرَىٰ لِلمُسلِمِینَ﴾102             (الطبری, 1994م,ص 559).

- تثبیت القرآن للمؤمن وتقویة لإیمانه لما له تأثیر کبیر فی النفوس والقلوب قال تعالى:﴿قُل نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلقُدُسِ مِن رَّبِّکَ بِٱلحَقِّ لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَهُدى وَبُشرَىٰ لِلمُسلِمِینَ﴾102.

- تقویم القرآن الکریم للسان قارئه قال تعالى:﴿ وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم یَقُولُونَ إِنَّمَا یُعَلِّمُهُۥ بَشَر لِّسَانُ ٱلَّذِی یُلحِدُونَ إِلَیهِ أَعجَمِیّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِیّ مُّبِینٌ﴾ 103, فقد تمیز لفظ القرآن بالقوة والفصاحة والبلاغة وتمیزت معانیه بالبیان والوضوح والکثرة.

المبحث الرابع:الآثار التربویة للإیمان بالرسل الواردة فی سورة النحل:

الإیمان بالرسل هو الرکن الرابع من أرکان الإیمان، فلا یصح إیمان العبد إلا به. والأدلة الشرعیة متواترة على تأکید ذلک، فقد أمر سبحانه بالإیمان بهم، وقرن ذلک بالإیمان به فقال:        ﴿ فَ‍َٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ﴾  (النساء: 171) وجاء الإیمان بهم فی المرتبة الرابعة من التعریف النبوی للإیمان کما فی حدیث أَبِی هُرَیْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «سَلُونِی»، فَهَابُوهُ أَنْ یَسْأَلُوهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَجَلَسَ عِنْدَ رُکْبَتَیْهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «لَا تُشْرِکُ بِاللهِ شَیْئًا، وَتُقِیمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِی الزَّکَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِیمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِکَتِهِ، وَکِتَابِهِ، وَلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ کُلِّهِ»(مسلم,د-ت, ص40, رقم الحدیث10). وقد دلت سورة النحل على أنه لم تخل أمة من الأمم من رسول یدعو إلى توحید الله وعبادته وحده لا شریک له کما فی قوله تعالى:                 ﴿ تَٱللَّهِ لَقَد أَرسَلنَا إِلَىٰ أُمَم مِّن قَبلِکَ فَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیطَٰنُ أَعمَٰلَهُم فَهُوَ وَلِیُّهُمُ ٱلیَومَ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِیم﴾63. ودلت السورة أیضا على بعض دلائل النبوة التی تدل على صدقها, فدلت على ان القران الکریم من المعجزات العظمى التی أید الله بها سبحانه رسوله کما فی قوله تعالى:          ﴿ بِٱلبَیِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنزَلنَا إِلَیکَ ٱلذِّکرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیهِم وَلَعَلَّهُم یَتَفَکَّرُونَ﴾44. أما دلائل صدق نبوة الأنبیاء فقد دلت سورة النحل على الإشارة إلى أحوالهم وصفاتهم کما فی وصف إبراهیم علیه السلام: ﴿ إِنَّ إِبرَٰهِیمَ کَانَ أُمَّة قَانِتا لِّلَّهِ حَنِیفا وَلَم یَکُ مِنَ ٱلمُشرِکِینَ * شَاکِرا لِّأَنعُمِهِ ٱجتَبَىٰهُ وَهَدَىٰهُ إِلَىٰ صِرَٰط مُّستَقِیم﴾120-121. وأشارت السورة إلى تأیید الله لرسله ونصرهم والشواهد کثیرة فی قصص الأقوام السابقین.

ولعل من الآثار التربویة للإیمان بالرسل ما یلی (مجمع الملک فهد لطباعة المصحف الشریف, 1421ه, ص ص 163-166):

1 - تصدیقهم جمیعًا فیما جاءوا به، وأنهم مرسلون من ربهم، مبلغون عن الله ما أمرهم الله بتبلیغه لمن أرسلوا إلیهم وعدم التفریق بینهم فی ذلک. قال عز وجل:﴿إِنَّ الَّذِینَ یَکْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَیُرِیدُونَ أَنْ یُفَرِّقُوا بَیْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَیَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَکْفُرُ بِبَعْضٍ وَیُرِیدُونَ أَنْ یَتَّخِذُوا بَیْنَ ذَلِکَ سَبِیلًا أُولَئِکَ هُمُ الْکَافِرُونَ حَقًّا﴾(النساء: 150، 151). فیجب تصدیق الرسل فیما جاءوا به من الرسالات وهذا مقتضى الإیمان بهم. ومما یجب معرفته أنه لا یجوز لأحد من الثقلین متابعة أحدٍ من الرسل السابقین بعد مبعث محمد صلى الله علیه وسلم المبعوث للناس کافة، إذْ أن شریعته جاءت ناسخة لجمیع شرائع الأنبیاء قبله, فلا دین إلا ما بعثه الله به ولا متابعة إلا لهذا النبی الکریم, قال تعالى:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا کَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِیرًا وَنَذِیرًا وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُونَ﴾(سبأ: 28).

2 - موالاتهم جمیعًا ومحبتهم والحذر من بغضهم وعداوتهم, قال تعالى:﴿ وَمَنْ یَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِینَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (المائدة: 56). وقال تعالى:             ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیَاءُ بَعْضٍ﴾(التوبة: 71). فتضمنت الآیة وصف المؤمنین بموالاة بعضهم لبعض فدخل فی ذلک رسل الله الذین هم أکمل المؤمنین إیمانًا, وعلیه فإن موالاتهم ومحبتهم فی قلوب المؤمنین هی أعظم من موالاة غیرهم من الخلق لعلو مکانتهم فی الدین ورفعة درجاتهم فی الإیمان. ولذا حذر الله من معاداة رسله وعطفها فی الذکر على معاداة الله وملائکته, وقرن بینهما فی العقوبة والجزاء. فقال عز من قائل:         ﴿ مَنْ کَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِکَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِیلَ وَمِیکَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْکَافِرِینَ﴾(البقرة: 98).

3 - اعتقاد فضلهم على غیرهم من الناس، وأنه لا یبلغ منزلتهم أحد من الخلق مهما بلغ من الصلاح والتقوى, إذ الرسالة اصطفاء من الله یختص الله بها من یشاء من خلقه, ولا تنال بالاجتهاد والعمل. قال تعالى:﴿ وَتِلْکَ حُجَّتُنَا آتَیْنَاهَا إِبْرَاهِیمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾(الأنعام: 83), إلى أن قال بعد ذکر طائفة کبیرة من الأنبیاء والمرسلین:              ﴿وَکُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِینَ﴾(الأنعام: 86). کما دلت السنة أیضًا على أن منزلة الرسل لا یبلغها أحد من الخلق فعن ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا یَنْبَغِی لِعَبْدٍ أَنْ یَقُولَ: أَنَا خَیْرٌ مِنْ یُونُسَ بْنِ مَتَّى "(مسلم,د-ت,ص1846,رقم الحدیث2377).

4 - اعتقاد تفاضلهم فیما بینهم وأنهم لیسوا فی درجة واحدة بل فضل الله بعضهم على بعض. قال تعالى:﴿ تِلْکَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ کَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ (البقَرة: 253), والمعنى أن الله تعالى یقول: هؤلاء رسلی فضلت بعضهم على بعض، فکلمت بعضهم کموسى صلى الله علیه وسلم, ورفعت بعضهم درجات على بعض بالکرامة ورفعة المنزلة (الطبری,1994م,ص ص 121-122).

5 - الصلاة والسلام علیهم فقد أمر الله الناس بذلک وأخبر الله بإبقائه الثناء الحسن            على رسله وتسلیم الأمم علیهم من بعدهم. قال تعالى عن نوح:﴿ وَتَرَکْنَا عَلَیْهِ فِی الْآخِرِینَ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِی الْعَالَمِینَ﴾(الصافات: 78- 79). وقال عن إبراهیم:                       ﴿ وَتَرَکْنَا عَلَیْهِ فِی الْآخِرِینَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِیمَ﴾ (الصافات: 108-109). وقال تعالى:                ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِینَ﴾(الصافات: 181). وقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِی الْعَالَمِینَ﴾ مفسرًا لما أبقى علیه من الذکر الجمیل والثناء الحسن أنه یسلم علیه جمیع الطوائف           (ابن کثیر,1999م ,ص23).

6- سعادة المؤمن معلقة بهدی النبی محمد صلى الله علیه وسلم, ولذا من أحب نجاة نفسه وسعادتها فعلیه أن یعرف هدیه وسیرته وأن یتبعه.

7- الاقتداء بالرسل علیهم الصلاة والسلام فی صبرهم على دعوة أقوامهم إلى دین الله, وفی حرصهم على إیمان أقوامهم, وهذا یحفز المؤمن إلى إتباع منهجهم فی الدعوة إلى الله.

8- شکر الله على نعمة إرسال الرسل مع استشعار رحمة الله وعنایته بخلقه حیث أرسل لهم الرسل لهدایتهم وإرشادهم.

المبحث الخامس: الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر الواردة فی سورة النحل:

الإیمان بالیوم الآخر رکن من أرکان الإیمان وأصل من أصوله الذی لا یتم الإیمان إلا به, ولذلک اهتمت به سورة النحل, ومن ذلک ما ورد فی قوله تعالى:﴿ أَتَىٰ أَمرُ ٱللَّهِ فَلَا تَستَعجِلُوهُ سُبحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا یُشرِکُونَ﴾ 1, حیث ابتدأت السورة به لأهمیته.

وفی قوله تعالى:﴿ إِلَٰهُکُم إِلَٰه وَٰحِد فَٱلَّذِینَ لَا یُؤمِنُونَ بِٱلأخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنکِرَة وَهُم مُّستَکبِرُونَ﴾22, حیث تم ربط الإیمان بالله بالإیمان بالیوم الآخر. کذلک ما ورد فی السورة من تعدد أسمائه ولا یکون ذلک التعدد إلا لما عظم شأنه وکذلک یوم القیامة (القرطبی,1425ه,ص544). ومن أسماء یوم القیامة الواردة فی سورة النحل الآخرة, وقد وردت فی عدة مواضع منها قوله تعالى:﴿ وَلَدَارُ ٱلأخِرَةِ خَیر وَلَنِعمَ دَارُ ٱلمُتَّقِینَ﴾30, ویوم القیامة وورد فی قوله تعالى:﴿ وَلَیُبَیِّنَنَّ لَکُم یَومَ ٱلقِیَٰمَةِ مَا کُنتُم فِیهِ تَختَلِفُونَ﴾92, والساعة وورد فی قوله تعالى:﴿ وَمَا أَمرُ ٱلسَّاعَةِ إِلَّا کَلَمحِ ٱلبَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ﴾ 77. کما دلت السورة على وقوع یوم القیامة وقربه وخفائه عن البشر قال تعالى: ﴿هَل یَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأتِیَهُمُ ٱلمَلَٰئِکَةُ أَو یَأتِیَ أَمرُ رَبِّکَ کَذَٰلِکَ فَعَلَ ٱلَّذِینَ مِن قَبلِهِم وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰکِن کَانُواْ أَنفُسَهُم یَظلِمُونَ﴾ 33, حتى یبقى الناس على استعداد دائم لها, کما دلت السورة على الإیمان بالبعث بعد الموت کما فی قوله تعالى:﴿وَأَقسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهدَ أَیمَٰنِهِم لَا یَبعَثُ ٱللَّهُ مَن یَمُوتُ بَلَىٰ وَعدًا عَلَیهِ حَقّا وَلَٰکِنَّ أَکثَرَ           ٱلنَّاسِ لَا یَعلَمُونَ﴾38, ومحاسبة الناس على أعمالهم کما فی قوله تعالى:﴿ وَلَیُبَیِّنَنَّ لَکُم یَومَ ٱلقِیَٰمَةِ مَا کُنتُم فِیهِ تَختَلِفُونَ﴾92, ودلت أیضا السورة على نعیم الجنة کما فی قوله تعالى:          ﴿ جَنَّٰتُ عَدن یَدخُلُونَهَا تَجرِی مِن تَحتِهَا ٱلأَنهَٰرُ لَهُم فِیهَا مَا یَشَاءُونَ کَذَٰلِکَ یَجزِی ٱللَّهُ ٱلمُتَّقِینَ﴾31, وأبواب النار کما فی قوله تعالى: ﴿فَٱدخُلُواْ أَبوَٰبَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِینَ فِیهَا فَلَبِئسَ مَثوَى ٱلمُتَکَبِّرِینَ﴾29.

أما الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر فهی:

-       إشباع الرغبة الفطریة فی الإنسان التی تتطلع لاستکشاف ما غاب عنه، واستطلاع ما یحدث فی المستقبل من وقائع وکائنات، وإذا کان الإسلام سد طرق الدجالین الذین یدعون الاطلاع علیها؛ کالمنجمین، والعرّافین، والکهان، ونحوهم إلا أنه استجابة لأشواق الفطرة اطلع  الإنسان من خلال نافذة الوحی على کثیر من هذه الأحداث(ابن خلدون, 1988م,ص ص 587-588).

-       تعلم الکیفیة الصحیحة التی دل علیها رسول الله صلى الله علیه وسلم، کی یتم التعامل بها مع بعض الأحداث المقبلة التی قد یلتبس على المؤمن وجه الحق فیها. قال تعالى:        ﴿ لَقَدْ جَاءکُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ﴾ (التوبة: 128) لقد نصح رسول الله صلى الله علیه وسلم أصحابه الذین عاصروه           نصائح انتفعوا بها کثیراً: فقد بشر عثمان رضی الله عنه بالجنة على بلوى تصیبه     (البخاری, 1422ه,ص14,رقم الحدیث 3695).  ونهى المسلمین عن أخذ شیء من جبل الذهب الذی سوف ینحسر عنه الفرات (البخاری,1422ه,ص 58, رقم الحدیث 7119).

-       فتح باب الأمل، والاستبشار بحسن العاقبة لأهل الإیمان، إذا ادلهمت الخطوب، وضاقت الصدور، مما یعطی المسلمین طاقة یصارعون بها ما یسمیه المتخاذلون (الأمر الواقع), لیصبح عزهم ومجدهم هو الأمر الواقع؛ وذلک بناء على البشارات النبویة بالتمکین للدین، وظهوره على الدین کله, ولوکره الکافرون.

-       یجب على المؤمنین أن یخافوا ذلک الیوم، وأن یحملهم الخوف على مراقبة الله تعالى، فی أعمالهم؛ فیلتزموا فیها الحق، ویتحروا الخیر، ویتقوا الشرور والمعاصی.

-       تحقیق الکمالات الانسانیة, فالمؤمن بالیوم الآخر یتطلع إلى تحقیق الأهداف العظمى فی الحیاة, وهذا من شأنه أن یصقل شخصیته ویسمو بنفسه إلى أن یتصف بسعة الأفق           وبعد النظر ووضوح الرؤیة والمقصد وسمو الغایة والهدف, ولأجل ذلک فإنه لا یأبه بما یصیبه فی الدنیا لأنه على یقین بالآخرة التی هی منتهى ما یسعى إلى تحقیقه (الدغامین,1429ه,ص47).

-       المؤمن بالیوم الآخر یسعى إلى تحقیق العبودیة لله وعمارة الأرض على منهج الوحی وهدایته وأداء الأمانة التی کلف بحملها والقیام بالخلافة التی خلق من أجلها والشهادة على الناس کما أخبر الله:﴿ وَکَذَٰلِکَ جَعَلنَٰکُم أُمَّة وَسَطا لِّتَکُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾(البقرة:143).

-       الایمان بالآخرة له دور فی ضبط الحیاة الاجتماعیة, فعقیدة الآخرة هی أس الأساس          لحیاة الإنسان الاجتماعیة والفردیة, وأساس جمیع کمالاته ومثله وسعادته (النورسی,1419ه,ص104), بحیث تسود علاقات الفرد مع الآخرین الإخاء والإخوة والصداقة والوفاء بدلا عن الفساد فی الأرض وسفک الدماء والظلم والاعتداء على الاخرین ویرجع تفشی ذلک إلى ضعف الیقین بوجود حیاة أخرى فتجد المعتدی یقتنص کل لذة ممکنة مهما کان ثمنها حتى ولو أضر بالآخرین وانتهک محارمهم سلب اموالهم ظلما وعدوانا (الدغامین,1429هـ,ص49).

المبحث السادس:الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر الواردة فی سورة النحل:

     یقصد بالقضاء والقدر هو تقدیر الله تعالى الأشیاء فی القدم، وعلمه سبحانه أنها ستقع فی أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وکتابته سبحانه لذلک ومشیئته له، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها(ابن القیم,د-ت ,ص63).

     والإیمان بالقدر من أصول الإیمان التی لا یتم إیمان العبد إلا بها، ففی حدیث أَبِی هُرَیْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «سَلُونِی»، فَهَابُوهُ أَنْ یَسْأَلُوهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَجَلَسَ عِنْدَ رُکْبَتَیْهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «لَا تُشْرِکُ بِاللهِ شَیْئًا، وَتُقِیمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِی الزَّکَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِیمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِکَتِهِ، وَکِتَابِهِ، وَلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ کُلِّهِ»(مسلم,د-ت, ص40, رقم الحدیث10). وقد دلت سورة النحل على الإیمان بالقدر من خلال مراتبه الأربعة التی هی: العلم والکتابة والمشیئة والخلق التی لا یتم الإیمان بالقدر إلا بها(ابن القیم,د-ت,ص63).والأدلة على تلک المراتب فی سورة النحل کثیرة منها قوله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ یَعلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعلِنُونَ﴾ 19, وتدل الآیة على علم الله الشامل والمحیط بما کان وما سیکون ومالم یکن لو کان کیف یکون. وقوله تعالى:﴿ وَمِنهُم مَّن حَقَّت عَلَیهِ ٱلضَّلَٰلَةُ﴾ 36, أی ثبت علیه الخذلان فی القضاء السابق حتى مات على کفره(البغوی, 2002م, ص709). فدلت الآیة على مرتبة الکتابة. أما قوله تعالى:﴿ وَلَو شَاءَ لَهَدَىٰکُم أَجمَعِینَ﴾9, فدلت الآیة على مشیئة الله المتعلقة بهدایة الخلق وتوفیقهم او إضلالهم وخسرانهم. وأما قوله تعالى:﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضَ بِٱلحَقِّ تَعَٰلَىٰ عَمَّا یُشرِکُونَ﴾3, فدلت على خلق الله لکل الموجودات.

أما عن الآثار التربویة للإیمان بالقضاء القدر:

  1. الإیمان بالقدر من أکبر الدواعی التی تدعو إلى العمل والنشاط والسعی بما یرضی الله فی هذه الحیاة, والإیمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لکی یعمل ویقدم على عظائم الأمور بثبات وعزم ویقین(الخیاط,1972م,ص ص 35-36). لأن الکتاب والسنة مملوءان بالأوامر والتوجیهات للإنسان أن یعمل الصالحات, ویطلب الرزق, ویعمر الکون, وقد طبق هذه التوجیهات صحابة رسول الله صلى الله علیه وسلم, فعلموا وکدوا, وأتعبوا أنفسهم فی ابتغاء مرضاة الله, فجاهدوا, وصبروا, وفتحوا البلاد والعباد, وأقاموا حکم الله تعالى فی الأرض. فالمؤمنون مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوکل على الله تعالى, والإیمان بأن الأسباب لا تعطی النتائج إلا بإذن الله, لأن الله هو الذی خلق الأسباب, وهو الذی خلق النتائج.
  2. من آثار الإیمان بالقدر أن یعرف الإنسان قدر نفسه, فلا یتکبر ولا یبطر ولا یتعالى أبداً لأنه عاجز عن معرفة المقدور, ومستقبل ما هو حادث, ومن ثم یقر الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه تعالى دائماً، وهذا من أسرار خفاء المقدور (المحمود,1997م,ص ص451-452).
  3. الإیمان بالقدر یقضی على رذیلة الحسد، فالمؤمن لا یحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله، لأنه هو الذی رزقهم وقدر لهم ذلک، وهو یعلم أنه حین یحسد غیره إنما یعترض على المقدور، وهکذا فالمؤمن یسعى لعمل الخیر، ویحب للناس ما یحب لنفسه، فإن وصل إلى ما یصبوا إلیه حمد الله وشکره على نعمه، وإن لم یصل إلى شیء من ذلک صبر ولم یجزع، ولم یحقد على غیره ممن نال من الفضل مالم ینله, لأن الله هو الذی یقسم الأرزاق فیعطی ویمنع، وکل ذلک ابتلاء وامتحان منه سبحانه وتعالى لخلقه (المحمود,1997م, ص453).
  4. الإیمان بالقدر یغرس فی نفس المؤمن حقائق الإیمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، یعتمد على الله, ویتوکل علیه مع فعل الأسباب، وهو أیضاً دائم الافتقار إلى ربه تعالى، یستمد منه العون على الثبات، ویطلب منه المزید، وهو أیضاً کریم یحب الإحسان إلى الآخرین، فتجده یعطف علیهم. والإیمان بالقدر یغرس فی نفس المؤمن أیضاً الانکسار والاعتراف لله تعالى, حیث یقع منه الذنب, ومن ثم یطلب من الله العفو والمغفرة، ولا یحتج بالقدر على ذنوبه، وإن کانت مقدرة علیه؛ لأنه یعلم أن الاحتجاج باطل, ومنهی عنه, ومخالف لمقتضى الشرع. (المحمود,1997م,ص 457).
  5. من آثار الإیمان بالقدر أنه یمنح المؤمن الثقة بالله والتوکل علیه، والصبر على کل ما یحصل له فی سبیل إیمانه بالله, لأنه موقن أن الآجال بید الله وحده، وأن الأرزاق عنده وحده، وأن العبید لا یملکون من ذلک شیئاً مهما وجد لهم من قوة وأعوان. إن المؤمن الصادق لا یذل إلا لله، ولا یخضع إلا له، ولا یخاف إلا منه، وحین یکون کذلک تجده یسلک الطریق المستقیم.
  6.  الاستقامة على منهج سواء فی السراء والضراء. والإیمان بالقدر یجعل الإنسان یمضی فی حیاته على منهج سواء، لا تبطره النعمة، ولا تیئسه المصیبة، فهو یعلم أن کل ما أصابه من نعم وحسنات من الله، لا بذکائه وحسن تدبیره قال تعالى فی سورة النحل: ﴿ وَمَا بِکُم مِّن نِّعمَة فَمِنَ ٱللَّهِ﴾53. والإیمان یکسب قلب العبد المؤمن الرضا والطمأنینة﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَلا فِی أَنفُسِکُمْ إِلا فِی کِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیرٌ لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَکُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاکُمْ وَاللَّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾          (الحدید: 22-23)( الأشقر, 2005م, ص ص110-111).
  7.  مواجهة الصعاب والأخطار بقلب ثابت, فإذا آمن العبد بأنَّ کل ما یصیبه مکتوب، وآمن أن الأرزاق والآجال بید الله، فإنه یقتحم الصعاب والأهوال بقلب ثابت وهامة مرفوعة، فالإیمان بالقدر یبعث فی القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد، ویقوی فیها العزائم، ولقد کان رسول الله صلى الله علیه وسلم یعلم أصحابه ویربیهم على عقیدة القدر, لأنها هی العدة التی تجعل المؤمن شجاعاً لا یخاف إلا الله، وهی التی تجعله یلاقی المصائب والصعاب راضیاً مطمئناً، فعَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ رَکِبَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ یَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: " یَا غُلامُ، إِنِّی مُعَلِّمُکَ کَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ, یَحْفَظْکَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَکَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ یَنْفَعُوکَ، لَمْ یَنْفَعُوکَ إِلا بِشَیْءٍ قَدْ کَتَبَهُ اللهُ لَکَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ یَضُرُّوکَ، لَمْ یَضُرُّوکَ إِلا بِشَیْءٍ قَدْ کَتَبَهُ اللهُ عَلَیْکَ، رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ "(ابن حنبل,2001م,ص ص 409-410 , رقم الحدیث 2669) وهذا الحدیث یدل على أن الإیمان بالقدر یبعث على الشجاعة والاتجاه إلى الله وحده فی وقت الشدائد فیبقى المؤمن عزیزاً لا یذل إلا لله وحده.

النتائج والتوصیات:

فی ضوء ما سبق, توصلت الدراسة إلى العدید من النتائج وهی على النحو الآتی:

-       اشتمال سورة النحل على الأصول العقدیة الستة للتربیة الإسلامیة المتمثلة فی أرکان الإیمان وهی: الإیمان بالله والملائکة والکتب والرسل والیوم الآخر والقضاء والقدر.

-       إن من الآثار التربویة للإیمان بربوبیة الله تربیة المؤمن على استعمال عقله بالتفکر والتأمل فی مخلوقات الله وأن یستشعر المؤمن أن الله سبحانه خلقه من العدم إلى الوجود ثم أسبغ علیه نعمه الظاهرة والباطنة التی تستوجب الشکر الدائم لله, فیعترف بحقه علیه وهو عبادته وحده لا شریک له, کذلک من الآثار التربویة أن یستشعر المؤمن أن الله لم یخلقه عبثا ویترکه سدى بعد کمال خلقه له. ومن الآثار التربویة للإیمان بربوبیة الله وخلقه للمخلوقات کالنحل وطاعتها لأوامر الله أن یلتزم المؤمن بطاعة الله عز وجل. وحین یتدبر أحوال النحل واجتماع شمله وحسن تدبیر ملکه وتفویض کل عمل إلى واحد منه, أن یشجعه ذلک على الحرص على اجتماع الکلمة والتعاون مع الآخرین والعمل المشترک المتقن.

-       أن الأثر التربوی العام للإیمان بتوحید الألوهیة هو استشعار المؤمن لدوره فی الحیاة والغایة التی خلق لأجلها الخلق وهی عبادة الله سبحانه وحده لا شریک له. وأن هناک العدید من الآثار المترتبة على جملة من العبادات التی وردت فی السورة.

-       من الآثار التربویة للإیمان بأسماء الله وصفاته إفراد الله بالمحبة والخوف والرجاء والتوکل وغیرها من العبادات. کذلک فمن الآثار التربویة اعتزاز المؤمن بالله فهو العزیز واتصافه بالرحمة فالله هو الرحیم, مع تشجیع المؤمن على التوبة فالله هو الغفور.  کذلک من الآثار استشعار المؤمن لعلم الله وحکمته فهو العلیم الحکیم مما یحفز المؤمن على الاستقامة وحسن الخلق والتواضع.

-       إن من الآثار التربویة للإیمان بالملائکة أن یؤمن المسلم بحقیقتهم وجوهرهم، کذلک یؤمن بما یتعلّق بأخبارهم وأعمالهم، کتبلیغ الوحی وقبض الأرواح وإلقاء التحیة على المؤمنین وتبشیرهم بالجنة. والإیمان بما أعطاهم من القدرة على التشکّل والتصوّر، وأنهم لا یأکلون ولا یشربون ولا یتزاوجون، یسبحون اللیل والنهار لا یفترون، وغیر ذلک من الأمور، وکذلک الإیمان بما ورد من أسمائهم. ومن الآثار أیضا الاقتداء بالملائکة فی حسن الأدب مع الله تعالى فی مخاطبته, وفی کونهم لا یتقدمون ربّهم تبارک وتعالى بالقول، وهم بأمره یعملون, وفی حسن نظامهم، وإتقان أعمالهم. ومن آثار الإیمان بالملائکة موالاتهم جمیعا مع بذل العبد جهده فی طاعة ربه سبحانه، اقتداء بالملائکة الکرام. ومن آثار الإیمان بالملائکة أیضا دفع الغرور عن النفس، والافتخار بالعمل، فالملائکة على دوام طاعتهم خاضعین له سبحانه، وهم مع ذلک یسألونه الصفح والمغفرة عن التقصیر فی العمل, مع ضرورة الاجتهاد فی البعد عما حرمه الله، خوفا من الله أولاً، ثم حیاء من الملائکة الذین لا یفارقون بنی آدم، ویکتبون ویسجلون أعمالهم.

-       إن من الآثار التربویة للإیمان بالکتب شکر الله تعالى على لطفه بخلقه وعنایته بهم حیث أنزل إلیهم الکتب المتضمنة إرشادهم لما فیه خیرهم وصلاحهم مع استشعار المؤمن لعنایة الله؛ حیث أنزل لکل أمة کتاباً یهدیهم به. ومن الآثار أیضا التحرر من ضلالات أفکار بعض البشر بهدی السماء المنزل من الله عز وجل. مع ضرورة  رجوع  المؤمن إلى القرآن الکریم فی کل أمور الدین والدنیا والمعاش والمعاد والتمسک به واتباعه ظاهرا وباطنا. کذلک فإن للقرآن العظیم أثرا فی هدایة الناس من الضلال ورحمة لمن صدق به وعمل به, وبشرى للمؤمن الذی التزم أوامره واجتنب نواهیه فصار من أهل السعادة الذین لهم جزیل الثواب فی الآخرة, کما أن فی القرآن تثبیت  للمؤمن وتقویة لإیمانه لما له تأثیر کبیر فی النفوس والقلوب. وله أثر فی تقویم للسان قارئه, فقد تمیز لفظ القرآن بالقوة والفصاحة والبلاغة وتمیزت معانیه بالبیان والوضوح والکثرة.

-       إن من الآثار التربویة للإیمان بالرسل تصدیقهم جمیعًا فیما جاءوا به، وأنهم مرسلون من ربهم، وموالاتهم جمیعًا ومحبتهم, واعتقاد فضلهم على غیرهم من الناس، وأنه لا یبلغ منزلتهم أحد من الخلق مهما بلغ من الصلاح والتقوى, کذلک اعتقاد تفاضلهم فیما بینهم وأنهم لیسوا فی درجة واحدة بل فضل الله بعضهم على بعض. کذلک من الآثار التربویة للإیمان بالرسل الصلاة والسلام علیهم فقد أمر الله الناس بذلک. کذلک من الآثار التربویة أن سعادة المؤمن معلقة بهدی النبی محمد صلى الله علیه وسلم, ولذا من أحب نجاة نفسه وسعادتها فعلیه أن یعرف هدیه وسیرته وأن یتبعه. مع ضرورة الاقتداء بالرسل علیهم الصلاة والسلام فی صبرهم على دعوة أقوامهم إلى دین الله, وهذا یحفز المؤمن إلى إتباع منهجهم فی الدعوة إلى الله. ومن الآثار أیضا شکر الله على نعمة إرسال الرسل مع استشعار رحمة الله وعنایته بخلقه حیث أرسل لهم الرسل لهدایتهم وإرشادهم.

-       إن من الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر إشباع الرغبة الفطریة فی الإنسان التی تتطلع لاستکشاف ما غاب عنه, من خلال نافذة الوحی. کذلک فإن الإیمان بالآخرة له دور فی ضبط الحیاة الاجتماعیة , کما أن المؤمن بالیوم الآخر یسعى إلى تحقیق العبودیة لله وعمارة الأرض على منهج الوحی وهدایته وأداء الأمانة التی کلف بحملها, کما یسعى إلى تحقیق الکمالات الانسانیة. ومن آثاره أیضا التربیة على الخوف من ذلک الیوم، وأن یحمل الخوف على مراقبة الله تعالى، فی الأعمال مع تعلم الکیفیة الصحیحة التی دل علیها رسول الله صلى الله علیه وسلم، کی یتم التعامل بها مع بعض الأحداث المقبلة التی قد یلتبس على المؤمن وجه الحق فیها.

-       إن من الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر أنه من أکبر الدواعی التی تدعو إلى العمل والنشاط والسعی بما یرضی الله فی هذه الحیاة, وأنه یقضی على رذیلة الحسد، فالمؤمن لا یحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله، لأنه هو الذی رزقهم وقدر لهم ذلک, وأن الإیمان بالقضاء والقدر یغرس فی نفس المؤمن حقائق الإیمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، یعتمد على الله, ویتوکل علیه مع فعل الأسباب، وهو أیضاً دائم الافتقار إلى ربه تعالى، یستمد منه العون على الثبات، ویطلب منه المزید. ومن آثاره أیضا تربیة المسلم على الاستقامة على منهج سواء فی السراء والضراء, ومواجهة الصعاب والأخطار بقلب ثابت.

وفی ضوء ما سبق من نتائج فإن الباحثة توصی بالآتی:

  • أن یرکز فی المقررات الدراسیة الدینیة على الجوانب التطبیقیة للأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة وعدم الترکیز على الجوانب النظریة.
  • ألا یقتصر تدریس الأصول العقدیة للتربیة الإسلامیة على المقررات الدراسیة الدینیة فقط, بل یتم تضمینها فی جمیع المقررات الأخرى؛ حتى یکون لها تأثیر على حیاة الطلاب الطالبات.


المراجع:

الأحمر, عبدالسلام(1981م).الإیمان بوجود الملائکة والشیاطین وأثره فی تعزیز المراقبة الذاتیة. مجلة الإحیاء, المغرب,(19)215-227.

البخاری,محمد(1422ه). الجامع المسند الصحیح المختصر من أمور رسول الله صلى الله علیه وسلم وسننه وأیامه.(تحقیق: محمد الناصر), دار طوق النجاة: بیروت.

البغوی,الحسین(2002م).تفسیر البغوی (معالم التنزیل). دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزیع: بیروت.

الجوهری, إسماعیل(1979م).الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیة. (تحقیق: أحمد عبد الغفور).دار العلم للملایین: بیروت.

ابن حجر, أحمد( د-ت).فتح الباری شرح صحیح البخاری.(تحقیق: عبد العزیز بن باز - محمد فؤاد عبد الباقی - محب الدین الخطیب). المکتبة السلفیة: الریاض

الحکمی,حافظ(1426ه).معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول فی التوحید. (تحقیق: محمد صبحی).دار ابن الجوزی: السعودیة.

ابن حنبل, أحمد(2001م).مسند الإمام أحمد بن حنبل.(تحقیق: شعیب الأرنؤوط - عادل مرشد)، مؤسسة الرسالة: بیروت.

الحمد, محمد(2002م). رسائل فی العقیدة. دار ابن خزیمة: الریاض.

ابن خلدون, عبدالرحمن(1988م). العبر ودیوان المبتدأ والخبر فی تاریخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوی الشأن الأکبر.(تحقیق: خلیل شحادة).دار الفکر: بیروت.

الخیاط, عبدالعزیز(1972م). القضاء والقدر. مجلة کلیة الشریعة, الجامعة الأردنیة, 1(1), 9-36.

 الدغامین, زیاد(1429ه). الأبعاد المعرفیة والتربویة للإیمان بالآخرة قراءة فی رسائل النور. المجلة الأردنیة فی الدراسات الإسلامیة.4(4),33-53.

الأشقر, عمر(2005م). القضاء والقدر. دار النفائس للنشر والتوزیع: الأردن.

شهبة, فوقیة(2004م). الآثار التربویة لعقیدة المسلم. مجلة کلیة التربیة, جامعة طنطا,( 33), 340- 363.

الشیبانی, عمر(1988م). فلسفة التربیة الإسلامیة. لیبیا: الدار العربیة للکتاب.

الطبری, محمد(1994م). جامع البیان عن تأویل آی القرآن. (تحقیق: بشار عواد وعصام فارس). مؤسسة الرسالة: بیروت.

الطهمانی, الحاکم محمد (1990م). المستدرک على الصحیحین. (تحقیق مصطفى عبدالقادر), دار الکتب العلمیة: بیروت.

فودة, حلمی وعبدالله, عبدالرحمن(1428هـ). المرشد فی کتابة الأبحاث. مکة: دار الشروق.

القاسمی, محمد جمال الدین(1984م). دلائل التوحید. دار الکتب العلمیة: بیروت.

القرطبی, محمد(1425ه).التذکرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة. (تحقیق: الصادق بن محمد) مکتبة دار المنهاج للنشر والتوزیع: الریاض.

القرطبی, محمد(2006م). الجامع لأحکام القرآن.(تحقیق: عبد الله الترکی). مؤسسة الرسالة: بیروت.

القشیری, مسلم(د-ت).المسند الصحیح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم. (تحقیق: محمد فؤاد عبدالباقی), دار إحیاء التراث العربی: بیروت.

ابن القیم, محمد(د-ت). شفاء العلیل فی مسائل القضاء والقدر والحکمة والتعلیل. مکتبة دار التراث: القاهرة.

ابن القیم, محمد(د-ت). بدائع الفوائد.(تحقیق: علی العمران). مجمع الفقه الإسلامی: جدة.

 ابن القیم, محمد(2011م).مدارج السالکین بین منازل إیاک نعبد وإیاک نستعین.           (تحقیق: ناصر السعوی وآخرون).دار الصمیعی للنشر والتوزیع: الریاض.

ابن کثیر, إسماعیل(1999م). تفسیر القرآن العظیم.(تحقیق: سامی السلامة). دار طیبة: الریاض.

الکردی, محمد(2003م).الفوائد التربویة المستنبطة من سورة النحل. مجلة الدراسات الاجتماعیة,الیمن,8(15),187-230.

لولو, محمد(2001م).الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر. رسالة ماجستیر غیر منشورة, جامعة الیرموک, الأردن.

مجمع الملک فهد لطباعة المصحف الشریف(1421ه). أصول الایمان فی ضوء الکتاب والسنة. المدینة المنورة: مجمع الملک فهد لطباعة المصحف الشریف.

المحمود, عبدالرحمن(1997م). القضاء والقدر فی ضوء الکتاب والسنة ومذاهب الناس فیه. دار الوطن: الریاض.

ابن منظور, جمال الدین محمد(2010م). لسان العرب. وزارة الشؤون الإسلامیة والأوقاف والدعوة والإرشاد: الریاض.

ابن مندة, محمد(2002 م). التوحید ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته على الاتفاق والتفرد. (تحقیق: علی الفقیهی). مکتبة العلوم والحکم: المدینة المنورة، دار العلوم والحکم: سوریا.

النمری, محمد(2000م).الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر فی الکتاب والسنة. رسالة ماجستیر غیر منشورة جامعة أم القرى, مکة المکرمة.

النورسی, بدیع الزمان سعید(1419ه).الکلمات. ترجمة: إحسان الصالحی. سوزلر للنشر: مصر.

یالجن, مقداد(1419ه).مناهج البحث وتطبیقاتها فی التربیة الإسلامیة. الریاض: دار عالم الکتب.

 

المراجع:
الأحمر, عبدالسلام(1981م).الإیمان بوجود الملائکة والشیاطین وأثره فی تعزیز المراقبة الذاتیة. مجلة الإحیاء, المغرب,(19)215-227.
البخاری,محمد(1422ه). الجامع المسند الصحیح المختصر من أمور رسول الله صلى الله علیه وسلم وسننه وأیامه.(تحقیق: محمد الناصر), دار طوق النجاة: بیروت.
البغوی,الحسین(2002م).تفسیر البغوی (معالم التنزیل). دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزیع: بیروت.
الجوهری, إسماعیل(1979م).الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیة. (تحقیق: أحمد عبد الغفور).دار العلم للملایین: بیروت.
ابن حجر, أحمد( د-ت).فتح الباری شرح صحیح البخاری.(تحقیق: عبد العزیز بن باز - محمد فؤاد عبد الباقی - محب الدین الخطیب). المکتبة السلفیة: الریاض
الحکمی,حافظ(1426ه).معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول فی التوحید. (تحقیق: محمد صبحی).دار ابن الجوزی: السعودیة.
ابن حنبل, أحمد(2001م).مسند الإمام أحمد بن حنبل.(تحقیق: شعیب الأرنؤوط - عادل مرشد)، مؤسسة الرسالة: بیروت.
الحمد, محمد(2002م). رسائل فی العقیدة. دار ابن خزیمة: الریاض.
ابن خلدون, عبدالرحمن(1988م). العبر ودیوان المبتدأ والخبر فی تاریخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوی الشأن الأکبر.(تحقیق: خلیل شحادة).دار الفکر: بیروت.
الخیاط, عبدالعزیز(1972م). القضاء والقدر. مجلة کلیة الشریعة, الجامعة الأردنیة, 1(1), 9-36.
 الدغامین, زیاد(1429ه). الأبعاد المعرفیة والتربویة للإیمان بالآخرة قراءة فی رسائل النور. المجلة الأردنیة فی الدراسات الإسلامیة.4(4),33-53.
الأشقر, عمر(2005م). القضاء والقدر. دار النفائس للنشر والتوزیع: الأردن.
شهبة, فوقیة(2004م). الآثار التربویة لعقیدة المسلم. مجلة کلیة التربیة, جامعة طنطا,( 33), 340- 363.
الشیبانی, عمر(1988م). فلسفة التربیة الإسلامیة. لیبیا: الدار العربیة للکتاب.
الطبری, محمد(1994م). جامع البیان عن تأویل آی القرآن. (تحقیق: بشار عواد وعصام فارس). مؤسسة الرسالة: بیروت.
الطهمانی, الحاکم محمد (1990م). المستدرک على الصحیحین. (تحقیق مصطفى عبدالقادر), دار الکتب العلمیة: بیروت.
فودة, حلمی وعبدالله, عبدالرحمن(1428هـ). المرشد فی کتابة الأبحاث. مکة: دار الشروق.
القاسمی, محمد جمال الدین(1984م). دلائل التوحید. دار الکتب العلمیة: بیروت.
القرطبی, محمد(1425ه).التذکرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة. (تحقیق: الصادق بن محمد) مکتبة دار المنهاج للنشر والتوزیع: الریاض.
القرطبی, محمد(2006م). الجامع لأحکام القرآن.(تحقیق: عبد الله الترکی). مؤسسة الرسالة: بیروت.
القشیری, مسلم(د-ت).المسند الصحیح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله علیه وسلم. (تحقیق: محمد فؤاد عبدالباقی), دار إحیاء التراث العربی: بیروت.
ابن القیم, محمد(د-ت). شفاء العلیل فی مسائل القضاء والقدر والحکمة والتعلیل. مکتبة دار التراث: القاهرة.
ابن القیم, محمد(د-ت). بدائع الفوائد.(تحقیق: علی العمران). مجمع الفقه الإسلامی: جدة.
 ابن القیم, محمد(2011م).مدارج السالکین بین منازل إیاک نعبد وإیاک نستعین.           (تحقیق: ناصر السعوی وآخرون).دار الصمیعی للنشر والتوزیع: الریاض.
ابن کثیر, إسماعیل(1999م). تفسیر القرآن العظیم.(تحقیق: سامی السلامة). دار طیبة: الریاض.
الکردی, محمد(2003م).الفوائد التربویة المستنبطة من سورة النحل. مجلة الدراسات الاجتماعیة,الیمن,8(15),187-230.
لولو, محمد(2001م).الآثار التربویة للإیمان بالقضاء والقدر. رسالة ماجستیر غیر منشورة, جامعة الیرموک, الأردن.
مجمع الملک فهد لطباعة المصحف الشریف(1421ه). أصول الایمان فی ضوء الکتاب والسنة. المدینة المنورة: مجمع الملک فهد لطباعة المصحف الشریف.
المحمود, عبدالرحمن(1997م). القضاء والقدر فی ضوء الکتاب والسنة ومذاهب الناس فیه. دار الوطن: الریاض.
ابن منظور, جمال الدین محمد(2010م). لسان العرب. وزارة الشؤون الإسلامیة والأوقاف والدعوة والإرشاد: الریاض.
ابن مندة, محمد(2002 م). التوحید ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته على الاتفاق والتفرد. (تحقیق: علی الفقیهی). مکتبة العلوم والحکم: المدینة المنورة، دار العلوم والحکم: سوریا.
النمری, محمد(2000م).الآثار التربویة للإیمان بالیوم الآخر فی الکتاب والسنة. رسالة ماجستیر غیر منشورة جامعة أم القرى, مکة المکرمة.
النورسی, بدیع الزمان سعید(1419ه).الکلمات. ترجمة: إحسان الصالحی. سوزلر للنشر: مصر.
یالجن, مقداد(1419ه).مناهج البحث وتطبیقاتها فی التربیة الإسلامیة. الریاض: دار عالم الکتب.